السبت، 6 ديسمبر 2025

حكم إجهاض الجنين المشوه ؟

 


💥حكم إجهاض الجنين المشوه

السؤال: شيخنا زوجتي حامل بالشهر الخامس، والأطباء أكدوا بعد فحص دقيق أن الجنين عنده تشوه خلقي خطير جدًا في القلب، وإنه حتى لو عاش بعد الولادة لن يعيش حياة طبيعية، وسيحتاج رعاية طبية وعمليات متعددة، ولن يكون طفلا سليما يمارس حياته مثل بقية الأطفال ، فهل يجوز إجهاض هذا الجنين. جزاكم الله خيرا
الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى اله وصحبه أجمعين وبعد :
👈فقد اتفق الفقهاء على حرمة الإجهاض ، لأنه اعتداء على نفس معصومة بغير حق شرعي، فلا يجوز فعله إلّا إذا تحقق موت الجنين في بطن أمه أو أن يقرر الأطباء الحذاق الثقات أن الحمل فيه خطر محقق، أو بظن غالب على حياة الأم، فيجوز عند ذلك إجهاضه.
👈ولهذا ننصح الاخ السائل وزوجته بالرضى بما قدره الله تعالى والتوكل على الله تعالى، فإن المؤمن الكامل الإيمان هو الذي يجزم بأن الله سبحانه وتعالى لا يُقّدر إلّا ما فيه خير، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. (
ولعلك إذا أحسنت التوكل على الله تعالى أمّنكم مما تخشون منه، فيجعل هذا الحمل ولداً صالحاً سالماً من العيوب ، وعلى افتراض أنه سيولد معاقاً فذلك أمرٌ بيد الله تعالى ومن قضاء الله تعالى وقدره، ولا يجوز دفعه بما حرم الله تعالى .
👈وقد يظن الأطباء الظنون الكثيرة ويبطل الله تعالى ظنهم ويأتي الولد سليما، والله تعالى يبتلي عباده بالسرّاء والضرّاء، ولا يجوز إسقاطه من أجل أن الطبيب ظهر له أن فيه تشوها، بل يجب الإبقاء عليه.
👈واذكر لكم حادثةً وقعت لنا في المجمع الفقهي العراقي قبل سنوات وبالتحديد مع الشيخ الدكتور عبد الستار عبد الجبار وفقه الله ، حيث جاء إلى لجنة الفتوى زوج ومعه زوجته مع تقارير السونار وتقرير طبي أن الجنين معوق ولكن ليس هناك خطر على حياة الأم ، فذكرنا لها ما ذكرت هنا في الفتوى واحتمال أن هناك خطأ في التشخيص وسبحان الله بعد فترة من الزمن جاءت هذه الزوجة وهي تحمل طفلة سوية جميلة فقالت للشيخ هل تذكروني ؟ أنا من أتيتكم قبل أشهر لأخذ فتوى لإسقاط هذا الجنين ونصحتوني بالإبقاء عليه ، فولدت هذه الطفلة الجميلة واشكركم على رفضكم إعطاء فتوى باسقاطها !.
👍وعليه فقد ذهب اكثر أهل العلم إلى عدم جواز إسقاط الجنين المشوه أو المعاق بعد أن عبر 120 يوما ، وإسقاطه - والحالة هذه - إزهاقٌ لنفس لم يأذن الله بإزهاقها؛ إلا إذا تحقق وجود ضرر على الأم ولو بغلبة الظن؛ فإن رأى الطبيب الحاذق الاختصاص أن بقاء الحمل ضارٌّ بالأم وفيه خطر على الام ؛ فإنه في هذه الحال يُباح الإجهاض؛ وحياة الام قطعية مقدمة على حياة الجنين الظنية وإعمالاً لقاعدة: (أخف الضررين وأهون الشرين) ويعبر عنها أيضا : (دفع الضرر الأشد بالضرر الأخف)، وغيرها من قواعد رفع الضرر ، وإن لم يكن هناك ضرر محقق على الأم، فلا يباح الإجهاض ، والله تعالى اعلم
د. ضياء الدين عبدالله الصالح

💥حكم الاستحلاف بالله أو التهديد في ارسال الرسائل النصية ؟!

 



💥حكم الاستحلاف بالله أو التهديد في ارسال الرسائل النصية
السؤال: شيخنا: ما حكم الاستحلاف بالله أو التهديد في ارسال الرسائل النصية في وسائل التواصل الاجتماعي؟ ، حيث يطلب فيها المرسل إرسالها إلى عدد معين من الأشخاص، جزاكم الله خيرا.
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعـد:
👈فان إرسال الرسائل التي تحث على ذكر الله تعالى والدعاء ، واحاديث النبي -عليه الصلاة والسلام- من عمل اليوم والليلة وغيرها، ومن المواعظ والحِكم والقصص والمرويات الهادفة أمر مشروع ومحمود، وهو من باب التعاون على البر والتقوى سواء كانت عبر الهاتف النقال أو غيره من وسائل التواصل الاجتماعي ، بشرط التحقق من صحة هذه المرويات ، وأن يقتصر فيه على ما ورد عن الشارع الحكيم ،لان الاصل في العبادات أن تكون توقيفية لا كيفية وذوقية، وأن لا يلزم الناس بما لم يلزمهم به الشارع الحكيم ، فلا يرتب الاجر ولا الاثم شرعا الا بالدليل ، فمن ادعى اجرا او إثما فانه مطالب بالدليل ، والا يكون قد نصّب نفسه مشّرعا مع الله تعالى والعياذ بالله تعالى.
👈واما قولهم :أستحْلِفُك بالله أن ترسلها ،أو أمانة في عُنُقك ، أو قولهم :اذا لم ترسلها سيحدث لك مكروه ونحو ذلك ، كلّ هذا مُحرّم ولا يَجوز شرعا ، لِما فيه مِن إلْزَام الناس بما ليس بِلازِم لهم ، فلا يجوز إكراه الناس واجبارهم والتضيق عليهم بمثل هذه الطرق ، فالإسلام دين يسر ورحمة وسعة، وقد قرر العلماء- جزاهم الله خيرا- أن مجرّد قراءة الإنسان الحلفَ أو اليمين لا ينعقد يمينه ؛ لأن اليمين التي تنعقد هي ما عُقِد عليها القلب ، وقالها اللسان ، لقوله تعالى : { لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ } .[المائدة:89].
👈وقد كره العلماء الزام الناس بقول أسألك بالله عز وجل، الا في موطن الحاجة ورفع الظلم ونحوه ، لِما فيه من حرج ومشقة، إذ قد لا يتسنى له فعل ما طُلب منه، قال الشيخ العلامة ابن عثيمين- رحمه الله تعالى-: (لا ينبغي للإنسان أن يلجئ أخاه ويحرجه في قوله: أسألك بالله، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((من سألكم بالله فأجيبوه))، فإذا قلت للشخص: أسألك بالله أحرجته، لأنه يبقى متردداً هل يجيبك أو لا يجيبك؟ وقد يكون في إجابته لك ضرر عليه، فلا ينبغي للإنسان أن يسأل أخاه هذا السؤال، ولذلك أنا أنصح جميع إخواني المسلمين ألا يقولوا لإخوانهم: أسألك بالله).
👍وعليه فلا يجب على من وصلته مثل هذه الرسائل إرسالها، وإن اراد ذلك فلا يرسلها الا بعد التأكد من صحة محتواها، فقد انتشرت في الآونة الاخيرة في وسائل التواصل الاجتماعي الكثير من الأحاديث الموضوعة والاثار المكذوبة او الشديدة الضعف ، فمن وصلته رسالة منها فيجب عليه أن يبين للمرسل الحكم والصواب، لان هذا من باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومن باب النصيحة للمسلمين، فقد قال عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم : ((الدين النصيحة...)).
👍وأن لا يخاف من التهديد الذي تحويه ، وليوقن بانه لا يضره ، فقد قال عليه الصلاة والسلام في وصيته لابن عباس – رضي الله عنهما- في الحديث الذي رواه الترمذي وقال حسن صحيح: ((واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف)). والله تعالى أعلم
د. ضياء الدين عبدالله الصالح