الخميس، 16 يناير 2025

"فهم الإسلام في ظلال الأصول العشرين" للإمام الشهيد حسن البنا - الأصل الخامس عشر.

 

الأصل الخامس عشر

التوسل إلى الله بأحد من خلقه

"والدعاء إذا قرن بالتوسل إلى الله بأحد من خلقه خلاف فرعى في كيفية الدعاء وليس من مسائل العقيدة".

هذا الأصل يعالج:

1-الدعاء مخ العبادة.

2-التوسل والوسيلة المجمع عليها والمختلف فيها.

3-رأي العلماء في الدعاء إذا قرن بالتوسل بأحد من خلقه

نتكلم في هذا الأصل عن الدعاء ثم نتكلم عن التوسل، وإذا تكلمنا عن التوسل لابد أن نعرج على الاستغاثة؛ لكي نفرق بين التوسل والاستغاثة ثم نتكلم عن أنواع التوسل ما هو متفق عليه، وما هو مختلف فيه وهل هو من مسائل الاجتهاد التي فيها الصواب والخطأ أم من مسائل العقائد التي فيها الكفر والإيمان.

وقبل أن نجيب على هذه الأمور حرى بنا أن نؤكد على أمور ربما ذكرناها في بعض الأصول من قبل ولكن في هذا الأصل نحب أن نؤكد عليها مرة أخرى.

الأمر الأول: أن الخلاف في فروع الدين أمر طبيعي ولا يمكن أن يجتمع الناس في الفرعيات على رأى واحد وهذه سنة الله I وهناك فرق بين الأصول الثابتة القطعية التى يجتمع عليها جميع العلماء بل ويجتمع عليها المسلمون وفيها كفر وإيمان والمسائل الفرعية المجتهد فيها والتي يدلي فيها كل إمام برأيه حسب المدارس الفقهية وحسب ما عنده من دليل وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على سعة الدين ومرونته، فقد يكون الدليل النقلي واحد ويختلف العلماء في استنباط الحكم فيه بعيد عن الهوى المتبع؛ لأن هذا الخلاف في استنباط الحكم قد يكون راجعًا حسب فهم وإدراك كل منهم وبأدلته فمثلاً آية الوضوء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ) يقول العلماء استخرج منها الإمام الشافعي مائة مسألة كلها حسب اجتهاده.

الأمر الثاني: بعد أن أكدنا على وحدة الأصول ووحدة العقائد وهذا أمر قطعي لا خلاف فيه فإن وجد الخلاف المعتبر فإن العيب ليس في الخلاف ولكن العيب والإثم في التعصب للخلاف نفسه، والذي يأتي من تبني رأيٍ من الآراء ثم يكون التعصب له وعدم قبول الرأي الآخر أو الاعتراف به باعتباره رأياً فقهياً وطالما أن الأمر فيه سعة فلماذا لا يُقبل الرأى وضده طالما أنه استنباط عالم من العلماء وفقيه من الفقهاء اجتهد فيه هذا العالم أو ذاك.

وما قضية القنوت في الصلاة منا ببعيد، حيث يأخذ أحدهم رأيًّا واحدًا يتعصب له ويرفض بقية الآراء وينكر على الناس الأخذ بغيره، بينما يوجد ما يقرب من سبعة آراء في حكم القنوت في الصلاة كلها صحيحة.

الأمر الثالث: أن الجدل في المسائل الدينية- أي المسائل المختلف فيها- سبب كثيراً من النكبات للمسلمين وتمزيق الصف ولذلك كرَّهه الرسول r كراهة شديدة ونهى عنه نهياً مؤكداً.

عن أبى الدرداء وأبي أمامة ووائلة بن الأسقع وأنس بن مالك قالوا :"خرج علينا رسول الله r ونحن نتمارى في شيء من أمر الدين فغضب غضباً شديداً لم يغضب مثله ثم انتهرنا فقال "مهلاً يا أمة محمد إنما هلك من كان قبلكم بهذا، ذروا المراء لقلة خيره، ذروا المراء فإن المؤمن لا يمارى، ذروا المراء فإن المماري قد تمت خسارته، ذروا المراء فكفى إثماً أن لا تزال ممارياً، ذروا المراء فإن المماري لا أشفع له يوم القيامة، ذروا المراء فأنا زعيم بثلاثة أبيات في الجنة في رياضها ووسطها وأعلاها لمن ترك المراء وهو صادق ذروا المراء فإن أول ما نهاني عنه ربى بعد عبادة الأوثان المراء ".

فلو أن إنسان يماري ويجادل في المسائل الخلافية المطلوب منا أننا لا نجاريه نصمت لأننا سنصل للجدل الذي يوصل الإنسان إلى التعصب الذي نهى عنه الرسول r.

ومن هنا كان عدم الجري وراء مثل هذه الأمور والخوض فيها وهي التي يحرم علينا أن نضيع وقتًا في المراء فيها ولكن نتمسك بالثوابت والأصول وهي أمور واضحة عندنا وضوح الشمس في رابعة النهار لا شبهة فيها لا تهزها الريح يمينًا أو شمالاً عندما يتحدث إلينا إنسان بكلمة من هنا أو كلمة من هناك لا يهتز الفهم عندنا فليس أضر على الإنسان من أمراض ثلاثة: الجهل والتعصب والهوى، وهذه الثلاثة هي منبت الغلو الممجوج سواء كان قصوراً أو تقصيراً ليس عند الفرد فحسب بل بالنسبة للأمة فمن المصيبة أن تفترق الأمة وتتضارب وتفسد الصلات ويتقطع ذات البين بمثل هذه المسائل الخلافية، ولأن نجتمع على خلاف بين العلماء قالوه أيضًا كل يأخذ بر أي منهم أفضل بكثير من أن نفترق على أمور يتصور صاحبها أنها من أصول الاعتقاد التي لا خلاف فيها ويفاصل الناس عليها وهي ليست كذلك.

ولذا فإن علماءنا يقولون : لابد من رد أمور الخلاف إلى الفقهاء والعلماء (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ)، وبذلك ينتفي الغلو في الدين وهو مجاوزة الحد المشروع في أي أمر من الأمور بأن يزاد فيه أو ينقص عن الحالة التى شرع لها، و لا يدخل في الغلو طلب الكمال في العبادة إذا لم يتجاوز الحد فإنه يعتبر من الأمور المحمودة. ونحن لا نستطيع أبداً أن نجاري من يغلو في دينه لأن الله تعالى يقول: (لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ) وما قصة الثلاثة الذين جاءوا يسألون عن عبادته r فلما شُرحت لهم كأنهم تقالّوها فقال أحدهم أما أنا فأصوم الدهر كله وقال الثاني أما أنا فأقوم الليل كله وقال الثالث أما أنا فلا أتزوج النساء، ولما علم الرسول r أراد أن يعلمهم أنه لا غلو في الدين فقال لهم:"أما أنا فأصوم وأفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء وهذه سنتي، فمن رغب عن سنتي فليس منى".

وهذا غير الاجتهاد في العبادة –كما قلنا- فالإنسان عندما يأخذ نفسه بالعزيمة فإنه لا يأمر الناس بالأخذ بها ولكن يرحمهم ويعذرهم إن ترخصوا وأما هو فيجتهد في عبادته كما شاء "خير الصيام صيام داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً " هذا شأنه إن اقتدى بذلك وليس فيه مغالاة، إنما المغالاة أن يطلب من الناس أن يصوموا مثله وإلا أثموا فهذا عين المغالاة.

ولذلك فمن التطرف عدم الاعتداد بأقوال المخالفين طالما أنهم يستندون في اجتهاداتهم إلى دليل وطالما أنهم أهل للاجتهاد وأهل للفتيا،واسمع إلى مقولتهم فكان الواحد منهم يقول رأيىّ صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب، هذا في المسائل الخلافية ولا يمكن أبداً أن يتصور عقلاً أن الصواب في هذه الأمور هو الذي يقوله هو وأن الخطأ هو الذي يقوله غيره، يقولr :"هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون" والتنطع هو التجاوز في الحد والغلو في التعمق في الدين فيجب أن نزن الأعمال بميزان الشرع (أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ، وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ).

ومن هنا فبعد هذه المقدمة السريعة وهذه النقاط الحاكمة في هذا الموضوع نجد الذين رموا الإمام البنا حين قال "الدعاء إذا قرن بالتوسل إلى الله بأحد من خلقه خلاف فرعى في كيفية الدعاء وليس من مسائل العقيدة". وخطَّئوه فيما قال هم المخطئون، فليس هذا القول قول الإمام البنا وحده بل سبقه كثير من العلماء فإذا جاء من يقول هذا مخالف لإجماع العلماء، نقول له: هذا لون من ألوان الافتراء على العلماء أو جهل بأقوالهم؛ لأن العلماء لم يجمعوا في هذه المسألة مطلقاً بل هي الأمور المختلف فيها : أما اللجوء إلى الله فليس فيه مجال للاختلاف.

اللجوء إلى الله: اللجوء إلى الله أمر فطري في النفس ـ فالفطرة تستصرخ خالقها وبارئها توقن وتشعر بوحدانيته (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ)، فلا عجب إذًا أن يقول المسلم: الغوث الغوث، النجاء النجاء حين يحس بأي خطر من الأخطار أو ضرر من الأضرار لا يماري في ذلك أحداً (وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) فطرة الله I التي فطر الناس عليها لأنه هو I الذي أشهدهم على أنفسهم (أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا) فكان من الطبيعي أن يلجئوا إلى الله I.

ولذلك فإن المسلم دائماً يستشعر ضعفه الإنساني في مواقف الشدة ومن الطبيعي أن يبحث عمن يلجأ إليه ويرفع أكف الضراعة إليه كلما وقف بين يدي الله سبحانه وتعالى ويعترف بالإله القوي وهو يقول (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) فيستعينه ويستهديه فيحقق بذلك أسمى أنواع العبودية باستشعاره كمال الذل وكمال الحب وهما لا يجتمعا إلا لله رب العالمين فكأن الدعاء بذلك مخ العبادة بحق.

الاستعانة بالله لا تمنع الاستعانة بالمخلوق:

والاستعانة بالله I والدعاء له والابتهال إليه لا تمنع من الاستغاثة بالمخلوق الحي تناديه وتطلب غوثه وتحتمي به فالاستعانة –فيما يقدر عليه البشر- أمر طبيعي لأنه من الأمور التي في استطاعتهم ولا يجوز شرعًا اللجوء إلى الإنسان في الأمور المستحيلة التي يعجز عن الإتيان بها أو التي ليست في مقدورهم، هذه بديهية لا تحتاج إلى دليل أو برهان.

فقد تنشب النار أو يشتعل الحريق في بيت من البيوت فيستغيث صاحبه بالشرطة أو الجيران طلباً للإنقاذ أو يعتدي عليك لص آثم فتستنصر الناس ليخلصوك منه ويحمونك من اعتدائه فهذا أمر معتاد يحدث بين كل الناس لذلك فإن القرآن الكريم بين لنا أن هذا النوع من الاستنصار والاستعانة مألوف بين البشر ولقد حكى لنا القرآن طرفًا منه فتراه مثلاً في قصة موسى u حين استغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه (فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ) وكما قال سبحانه وتعالى (وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ...).

وأما الأمور التي لا يقدر عليها إلا الخالق القادر I فلا يصح أن يستغاث لها بالبشر ولكن يستغاث بمن بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه ككشف الضر، وتفريج الهم، والشفاء من السقم، ودفع الفقر، وغفران الذنب، والهداية إلى سواء السبيل، وغير ذلك من الأمور والأحوال التي يداولها المولى بين الناس فلا يلجأ فيها إلا إليه وحده (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) فإن استغاث الإنسان بمخلوق في مثل هذه الأمور فقد ضل ضلالاً مبيناً، وافترى إثماً عظيماً، وقال منكراً من القول وزورا، ووقع في المحظور وخالف الشرع الحكيم، واتبع الهوى المشين، وصاحب الشيطان الرجيم.

وفي هذه الحالة يجب علينا أن نوضح له هذا المنزلق إن كان جاهلاً ونحذره من الهاوية حتى لا تتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق ذلك لأن مولاه هو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير وهو وحده المسئول والمأمول وإليه وحده يرجع الأمر كله (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا، وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [الأعراف-18] (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [غافر:14] .

الدعاء مخ العبادة: من هنا كان الدعاء مخ العبادة وسمة المؤمنين والأنبياء والصالحين والرسل الكرام المبعوثين رحمة للعالمين ، فهم يلجئون إلى الله في صغير الأمر وكبيره فهذا آدم عليه السلام يقول (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) وهذا إبراهيم وإسماعيل وهما يرفعان القواعد من البيت يقولان: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) وهذا نوح يقول (أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ) وهذا أيوب يقول (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) وهذا يونس (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) وانتهى هذا الموكب الكريم بمحمد r وهو يتضرع إلى ربه "إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين" وكان حال المؤمنين به ودعاؤهم (إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) .

وهنا تظهر لنا قضية التوسل والوسيلة فما هي حقيقتها.

حري بنا أن نبين أولاً الفرق بين الاستغاثة والتوسل:

فما هو الفرق بين التوسل والاستغاثة؟

الاستغاثة: معناها اللغوي هي طلب العون وتفريج الكروب وتستغيث أي تطلب العون وهي يعتريها أحكام، فبعض العلماء جعل فيها الإباحة أو المندوب أو الممنوع.

فالاستغاثة المباحة: هي في طلب الحوائج من الأحياء فيما يقدرون عليه كما حدثنا القرآن في قصة سيدنا موسى u حينما اعتدى على صاحبه رجل من غير شيعته (فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ) فهذه استغاثة ولذلك أغاثه موسى (فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ) فهي استغاثة بإنسان يقدر على دفع الأذى بأمر يقدر عليه وهذا أمر مباح.

الاستغاثة المندوبة: هي الاستغاثة بالله I فهي أمر مطلوب (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ) (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ).

الاستغاثة الواجبة: هي الاستغاثة التي يترتب على تركها هلاك إنسان.

أما الاستغاثة الممنوعة: فهي التى تكون في الأمور المعنوية مثل تفريج الكروب وطلب الرزق هذا كله ممنوع ومنهي عنه بإجماع العلماء.

فما معنى التوسل والوسيلة؟ 

معنى التوسل: هي ما يُتقرب به إلى الرب I ، وفرق كبير بين الوسيلة التي نتقرب بها إلى الله I والاستغاثة التي هي طلب العون من الإنسان، فالفرق واضح بين النوعين وإذا اختلف النوع اختلف الحكم، فهذه وسيلة أتقرب بها إلى الله وأما الثانية فهي طلب العون الذي في قدرة الإنسان.

الوسيلة: هي المنزلة عند الملك، والدرجة القربى، ووسل فلان إلى الله وسيلة إذا عمل عملاً تقرب به إليه والواسل الراغب إلى الله وتوسل إليه وسيلة قرب إليه بعمل هكذا جاء في لسان العرب وقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ) أي يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله فيما أخبرهم ووعدهم من الثواب وأعد للمخالفين من العقاب (اتَّقُواْ اللّهَ) فيما أمركم ونهاكم من الطاعة له في ذلك، وحققوا إيمانكم وتصديقكم ربكم ونبيكم بالصالح من الأعمال (وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ) أي اطلبوا القربة إليه بما يرضيه[1]، والوسيلة كل ما يتقرب به إلى الله I من فعل الطاعات وترك المنهيات أو بطلب الدعاء من الغير أو الدعاء المُتقرب به إلى الله I بأسمائه وصفاته أو بأحد من خلقه كنبي أو رجل صالح وهذا الخلط يأتي لعدم اطلاع البعض على أقوال العلماء في الفرق بين الاستغاثة والتوسل فخلطوا بينهما ونقلوا الحكم من الصواب والخطأ إلى الكفر والإيمان لخلطهم بين الاستغاثة والوسيلة.

وعن قتادة: تقربوا إليه بطاعته (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) أى القربة، وكما قال الإمام النسفي: الوسيلة هي كل ما يتوسل به أي يتقرب من قرابة أو صنيعة أو غير ذلك واستعيرت لما يتوسل به إلى الله من فعل الطاعات وترك السيئات.

ولقد اتفق المعنى اللغوي مع المعنى الشرعي للوسيلة وإن كان الرسول r قد جعل لها معنى آخر هي منزلة الرسول r في الجنة وذلك في الحديث الذي رواه عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله r :"إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علىَّ ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه شفاعتي".

والوسائل للقربى إلى الله لا تعد ولا تحصى لأن كل طاعة وسيلة ابتداء من إماطة الأذى عن الطريق إلى الجهاد في سبيل الله فهذا ميدان فسيح أبوابه متعددة يلجه المؤمن من أي باب شاء، وهذا هو التوسل إلى الله بأعمال الخير مالاً ووقتاً ونفساً فكل هذه الطاعات وسيلة تقربنا إلى الله.

وهذه القضية: لم تأخذ شكل المشكلة إلا بعد أن تحولت الآراء الاجتهادية إلى تعصبات حزبية تفرق المسلمين وتحول العلماء إلى كسب الأنصار كل يحاول تدعيم آرائه التي يدعو إليها ورد كل ما يعارضها ولو كان الأصوب وأصبح لكل رأيه الذي يتعصب له ولا يرى صواباً في غيره ولا أدَلّ على ذلك من أن فريقاً من العلماء جعلها شركاً أو طريقاً إلى الشرك بالرغم من أنها من القضايا الخلافية التي تنازع فيها العلماء بين صواب وخطأ وليس بين كفر وإيمان ولذا نشبت المعارك العلمية بين من يجيز وبين من يمنع وزادت الفرقة والتعصب والشقاق ونود أن ننبه إلى أن التوسل الذي أشار إليه الإمام البنا في هذا الأصل لا دخل له بما يفعله عوام الناس والجهال من دعاء الموتى والتوجه إليهم بالسؤال وطلب قضاء الحاجات منهم والاستعانة بهم –وهذا ما بينه الإمام البنا في الأصل الرابع عشر – أنها كبائر يجب محاربتها.

أما هذا الأصل –الذي نحن بصدده - فهو يشير إلى من توجه إلى الله وحده بالدعاء سائلاً إياه وحده بجاه فلان أو ذاته الحي لا متوجهاً إلى فلان الميت يطلب منه ويسأله فهذا ليس توسلاً بل هي كبائر -كما قلنا- يجب التصدي لها بالطرق المشروعة وبحكمة الداعي على الله.

ولقد كثر الكلام –في هذا الأصل الذي نحن بصدده- وطال النزاع بين أئمة كرام كالإمام السبكي وشيخ الإسلام ابن تيمية –رحمهما الله – فلقد أتى كل منهما بأدلة أيد فيها رأيه ورد أدلة الآخر، فالأول يجيز والثاني يمنع بشدة ولكل من الشيخين الفقيهين أشياع وأنصار تتلاحى وتتشاتم حتى سارت باباً من أبواب الفتنة والتفريق بين جماعة المسلمين وما أحوجنا اليوم إلى الوفاق والوئام خاصة أن المسألة خلاف فرعي –كما سنوضح بمشيئة الله – وكما ذكر الإمام البنا ومن سبقه من علماء السلف الصالح.

موقف العلماء من القضية:

ما اتفق عليه العلماء: اتفق العلماء دون أدنى خلاف على أن  التوسل المشروع هو:

أولاً-التوسل باسم من أسماء الله تعالى الحسنى أو بصفة من صفاته العليا وهذا مجمع عليه عند العلماء لا يختلف فيه عالم، قال تعالى (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا، وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) فالآية صريحة في أمر العباد بأن يدعوه I بأسمائه الحسنى لأن الدعاء بأسمائه وصفاته هذا أول نوع من أنواع الوسيلة وأقرب إلى الإجابة وقد ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله r:"إن لله تسعاً وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة، وهو وتر يحب الوتر".

وفي الحديث الصحيح "اللهم إني أسألك بكل اسم  هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا...." إلى آخر الدعاء الماثور.

ثانياً- التوسل بالعمل الصالح كأن يكون قد قدم عملاً صالحاً موافقاً للكتاب والسنة، فإذا دعا يقول في دعائه: اللهم إني أسألك بعملي الفلاني أو يقول اللهم إني أسألك بحبي لنبيك أو بإيماني أو بتوحيدي ونحو ذلك، ويكون العمل خالصاً لله I وصالحاً (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) أي أن العمل لابد أن يكون موافقاً للكتاب والسنة، إذاً فالأول أسماء الله وصفاته، أما الثاني فهو عمل صالح يتقرب به، فالمؤمنون قالوا (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ) فقدموا التوسل وهو الإيمان على الدعاء رجاء الإجابة وكذلك قول ربنا (إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) فقدموا التوسل بالإيمان على طلب المغفرة والرحمة.

وكذلك توسل أصحاب الغار بأعمالهم الصالحة فتوسل أحدهم بعفته من الزنا، وتوسل الثاني ببره لوالديه، وتوسل الثالث بتنمية أجر أجيره وإعطائه الأجرة كاملة بعد مضي فترة طويلة من الشهور والسنين.

وعلى هذا يستحب للإنسان أن يدعو في حال كربه وفي دعاء الاستسقاء وغيره بصالح عمله ويتوسل إلى الله تعالى به لأن هؤلاء الثلاثة فعلوه فاستجيب لهم وفرج الله كربهم ورفع الصخرة التي أطبقت عليهم وذكره النبي r في معرض الثناء عليهم بجميل فضائلهم[2].

ثالثاً- التوسل بدعاء الرجل الصالح فإذا نابت المسلم نائبة أو وقع في قحط وجدب فمن المندوب أن يذهب إلى رجل صالح يدعو له لكي يفرج الله الشدة ويقول له ادع لي، وهذا لون من ألوان (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى) والرسول r  يقول :" الله في عون العبد ما دام العون في عون أخيه".

وفي الحديث الصحيح عن أنس بن مالك t أن رجلاً دخل يوم الجمعة من باب كان وِجاه المنبر ورسول الله r قائم يخطب فاستقبل رسول الله قائماً فقال : يا رسول الله هلكت المواشي وانقطعت السبل فادع الله أن يغيثنا قال فرفع رسول الله r يديه وقال "اللهم اسقنا" قال أنس ولا والله ما نرى في السماء من سحابة ولا قزعة[3] ولا شيئاً وما بيننا وبين سلع[4] من بيت ولا دار قال: فطلعت من وراءه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أُمطرت قال والله ما رأينا الشمس ستاً[5] ثم دخل رجل من ذاك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله r قائم يخطب فاستقبله قائماً فقال يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يمسكها فقال فرفع رسول الله r يديه ثم قال :" اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والجبال والآجام والظراب والأودية ومنابت الشجر" قال فانقطعت وخرجنا نمشى في الشمس فقد أقر رسول الله r هذا الأعرابي على التوسل به وسعى في تحقيق من توسل إليه –ولم يصدر عنه ما يشير – مجرد إشارة إلى أن الدعاء الصادر من الشخص لنفسه أولى من دعاء غيره له بناء على طلبه بل لقد دل بإقراره r واستجابته على أن طلب الدعاء من الغير أرجى للإجابة إذا كان المطلوب منه الدعاء من أهل التقوى والصلاح.

وإذا كان هذا عن التوسل بدعاء النبي r فإن التوسل بدعاء غيره r قد سنه لنا حينما استأذنه عمر t في العمرة فأذن له وقال: "لا تنسنا يا أخي من دعائك" وسنه لعمر بن الخطاب t ولغيره تبعاً له فيما رواه مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب t قال إني سمعت رسول الله r يقول :"إن خير التابعين رجل يقال له أويس وله وَلِدَة وكان به بياضاً فمروه فليستغفر لكم" وفى رواية "وله والدة هو بها بر لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعتم أن يستغفر لكم فافعلوا"، وقد طلب عمر أن يستغفر له، فدل ذلك على جواز التوسل بدعاء المسلمين حتى ولو كان الداعي أقل درجة من المدعو له.

ومما يدل على ذلك أيضًا حثه r لنا على سؤال الله له الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود وسؤالنا الله أن يصلي عليه وما إلى ذلك.

وقول الله تعالى (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا) يدل على مشروعية التوسل لما فيه من حث الأمة على المجيئ إليه r والاستغفار عنده واستغفاره لهم وليس ذلك خاصاً به  rلعدم دليل الخصوص.

وقد ورد الحث على دعاء المرء لأخيه عن ظهر غيب طلب منه أو لم يطلب ولا يتوقف على أفضليته من الطالب بل قد يطلب الفاضل من المفضول.

يقول ابن تيمية: ولفظ التوسل يراد به معنيان صحيحان باتفاق المسلمين:

أحدهما: هو أصل الإيمان والإسلام وهو التوسل إلى الله بالإيمان بالرسول r.

الثاني: التوسل بدعاء الرسول r وشفاعته فهذان جائزان بإجماع المسلمين.

التوسل المختلف فيه بين العلماء: ومنه المسألة التي أشار إليها الإمام البنا في هذا الأصل.

1-هو التوسل إلى الله I بأحد من خلقه في مطلب العبد من ربه أجازه بضعهم إذا كان بمعنى الشفاعة كما في صحيح البخاري: أن عمر بن الخطاب t استسقى العباس وقال "اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقنا وإنَّا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا" فيُسقون..

فلا يخفى أن توسلهم به هو استسقاؤهم بحيث يدعو ويدعون معه فهو شفيع لهم وسائل لا مسئول...,هذا رأي من لم يجز التوسل بذات المتوسل به وقال يتوسل بدعائه لا بذاته، والذي يقول بهذا الرأي هو الإمام ابن تيمية الذي يقول "ودعاء عمر في  الاستسقاء المشهور بين المهاجرين والأنصار وقوله كنا نتوسل إليك بنبينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا يدل على أن التوسل المشروع عندهم هو التوسل بدعائه وشفاعته لا السؤال بذاته إذ لو كان هذا مشروعًا لم يعدل عمر والمهاجرون والأنصار عن السؤال بالرسول r إلى السؤال بالعباس.

2-وأجازه بعض العلماء وإن لم يكن بمعنى الشفاعة بل بمعنى التوسل بجاه الوسيلة نحو القسم على الله بنبيه r.

إلا أن الشيخ عز الدين بن عبد السلام خصه به r، للحديث :"أن أعرابياً أتى النبى r فقال: يا رسول الله إنى أُصبت في بصري فادع الله لي فقال النبي :"توضأ وصل ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد r إني أستشفع به في رد بصري اللهم شفعه فيّ، وقال فإن كان لك حاجة فمثل ذلك فرد الله بصره " فعلم أن النبي r شفع له فسأل الله أن يشفعه فيه، من أجل هذا الحديث استثنى الشيخ العز بن عبد السلام التوسل بذاته r من المنع الذي أفتى به حيث قال ينبغي أن يكون مقصوراً على النبي r لأنه سيد ولد آدم وأن لا يقسم على الله غيره من الأنبياء والملائكة والأولياء لأنهم ليسوا في درجته وأن يكون هذا مما خص به لعلو درجته ومرتبته r[6].

3-وأجازه بعض العلماء على إطلاقه كالإمام السبكى وغيره وقالوا إن ما قاله الشيخ عز الدين بن عبد السلام بأنه خاص برسول الله r فيه نظر لأن الخصائص لا تثبت إلا بدليل ولا يكفي فيها الاحتمال لأنه خلاف الأصل، ويتضح لك بعد ذلك التثبث إلا بدليل ولا يكفى فيها الاحتمال مثل ما قلنا. فالذين يقولون أن هذا خصوصية للرسول r عليهم أن يأتونا بالدليل الذي يثبت الخصوصية؛ لأن الأصل أن الأمر يكون على الإطلاق فإذا قلنا أن الأمر فيه خصوصية فلابد أن يأتي بدليل يدل على التخصيص.

مثال: إن زوجات النبي r لا يتزوجن من بعده، بالرغم من أن العموم أن الزوجة إذا توفى عنها زوجها تتزوج بعد انقضاء العدة وهذا على إطلاقه لكل الزوجات إلا أننا بالنسبة لزوجات النبي r نجد دليلاً فيه خصوصية لهن (لستن كأحد من النساء)، هذه واحدة أما الثانية فالنص أن لا ينكح أحد أزواج النبي r من بعده أبداً فهذا هو الدليل بالخصوصية .

فأصبحت المسألة كما رأينا مسألة خلافية وليست مسألة مجمع عليها.فما الخطأ إذا اختار الإمام البنا وجهاً من الوجوه المختلف فيها واستحسنه وهو الفقيه.

كما يتضح لك أيضًا أن المستغيث بإنسان طالب منه سائل له بخلاف المتوسل به فليس مطلوباً منه و لا بمسئول وإنما يطلب به وأي إنسان يستطيع أن يفرق بين المدعو والمدعو به.

والجدير بالذكر أن الذين أجازوا هذا النوع من التوسل ردوا على الإمام ابن تيمية فقالوا: إن المتأمل في قول ابن تيمية يجده ينفي وقوع التوسل أو سؤال الله تعالى بمخلوق مطلقاً ولكنه لا يقدم لنا دليلاً على ذلك، بل إن الأدلة قد قامت على خلافه فقد روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الدار وكان خازن عمر قال : أصاب الناس قحط في زمان عمر فجاء إلى قبر النبي r فقال: يا رسول الله استسق الله لأمتك فإنهم قد هلكوا فأتى الرجل في المنام فقال له: أءت عمر فقل له: أنكم مستسقون فعليك الكفين، قال فبكى عمر وقال : يا رب ما ألو إلا ما عجزت عنه.

وروى الدارمي أن أهل المدينة لما قحطوا أشارت عليهم عائشة رضى الله عنها أن يحملوا من قبر النبي r كوا إلى السماء حتى لا يكون بينه وبينها سقف ففعلوا فمطروا حتى نبت العشب وسقت الإبل حتى تفتقت فسمى عام الفتق.

ويرى الشيخ زاهد الكوثري أن هذا الحديث –حديث عمر – نص على عمل الصحابة في الاستسقاء به r بعد وفاته حيث لم ينكر عليه أحد مع بلوغ الخبر إليهم وما يرفع إلى أمير المؤمنين يذيع ويشيع.

ثم إنه لا يلزم عن عدم شيوع هذا الحديث وانتشاره عدم الاستدلال به لأن أمير المؤمنين عمرt ما كان يقر على باطل أو يسكت على ضلال ...يقول ابن حجر يحتمل أن يكونوا طلبوا السقيا من الله مستسقين به r، ولم لا يكون التوسل بعم النبي r العباس أراد به عمر t أن يبين جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل .

ولما كان هذا الحديث – حديث الاستسقاء – لم يكن نصاً صريحاً في جواز التوسل بغيره من الصالحين فإن الأرجح في فهمه وما يوافق ظاهر لفظه هو دلالته على الجواز ذلك لأن بعضهم قال لكي يؤيد رأي عدم الجواز أن هناك مضافًا محذوفاً في قول عمر (وإنا نتوسل إليك بعم نبينا) أي بدعاء عم نبينا، فلا ندري لم لا يجرى على ظاهره.

حديث الأعمى: ولقد روى الطبرانى بسنده عن عثمان بن حُنيف أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته فلقى عثمان بن حُنيف فشكى ذلك إليه، فقال له عثمان أءت الميضأة فتوضأ ثم أءت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل (اللهم إنى أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد r نبى الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربى فيقضي لي حاجتي وتذكر حاجتك) فانطلق الرجل فصنع ما قال له ثم أتى باب عثمان فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفان، فأجلسه معه على الطنفسة وقال: ما حاجتك؟ فذكر حاجته فقضاها له ثم قال له: ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة، وقال : ما كانت لك من حاجة فأتنا ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حُنيف فقال له: جزاك الله خيراً ما كان ينظر في حاجتي ولا يقضيها لي حتى كلمته في فقال عثمان بن حُنيف والله ما كلمته، ولكن شهدت رسول الله أتاه رجلاً ضريراً فشكا إليه ذهاب بصره فقال له النبي أوتصبر؟ فقال له يا رسول الله ليس لي قائداً وقد شق عليّ ، فقال له النبي أءت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم أدع بهذه الكلمات. قال عثمان بن حنيف : فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل عليه الرجل كأنه لم يكن به ضر قط.

والنص واضح في التوسل بالرسول r بعد وفاته ولذلك صرفه بعضهم ومنهم الشيخ الكوثري والشيخ حسنين مخلوف على الجواز بالتوسل بغيره إذ أن دلالة الحديث على التوسل صراحة بذات الرسول r وليس بغيره فالتوسل بغيره الاختلاف فيه مجال والذي نرجحه هو الجواز حيث لم يرد دليل على المنع والله أعلم.

يقول الشيخ محمد حسنين مخلوف:"التوسل بذوات الأنبياء والصالحين بمعنى الاستشفاع بذواتهم وسيلة عند الله تعالى لنيل مآرب المتوسلين لما لهم عند الله تعالى من الزلفى والكرامة كأنه يقول اللهم إني أتوسل إليك بنبيك r أو بفلان الصالح أن تقضي حاجتي أو ترزقني أو تشفي مريضي بهذا ونحوه لا شيء فيه ولا وجه لمنعه"

ولقد قال معاوية : إنا نستسقي بخيرنا وأفضلنا إنا نستسقي بزيد بن الأسود فاستسقى معاوية بها الرجل الصالح، ومن أنواع التوسل الخلافية التوسل بجاه النبي r وحقه وحرمته فقد وافق العلامة الألوسي على جواز التوسل بجاهه وحرمته حياً أو ميتاً وصرف الجاه والحرمة إلى صفة من صفات الله تعالى أي أجعل محبتك له وسيلة في قضاء حاجتي وقال: نعم لم يعهد التوسل بالجاه والحرمة عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ولعل ذلك كان تحاشياً منهم عما يخشى أن يعلق منه شيء في أذهان الناس إذ ذاك وهم قريبوا عهد بالتوسل بالأصنام ثم اقتدى بهم من خلفهم من الأئمة الظاهرين وقد ترك رسول الله هدم الكعبة وتأسيسها على قواعد إبراهيم لكون القوم حديثي عهد بكفر كما ثبت ذلك في الصحيح.

فالمسألة بعد هذا التبيان نزاعية خلافية كما قال العلماء وليست من أمور العقيدة في شيء، وصدق الإمام البنا حين قال: "والدعاء إذا قرن بالتوسل إلى الله بأحد من خلقه خلاف فرعي في كيفية الدعاء وليس من مسائل العقيدة" فهي مقولة لا إنكار فيها.

فأنت تلاحظ أن الإمام البنا في هذه المقولة لم يرجح رأياً على رأي ولم يظهر أن رأيه هو الصواب وإنما قال وجهًا  فقهيًّا عند علماء السلف ليوضح أن المسألة تتعلق بالصواب والخطأ وليست متعلقة بكفر وإيمان.

يقول الإمام ابن تيمية: " نقل عن أحمد بن حنبل في مسند المرودي التوسل بالنبي ونهى عنه آخرون فإن كان مقصودهم التوسل بذاته فهو محل النزاع ، وما تنازعوا فيه يرد إلى الله والرسولr[7] " ويقول أيضًا بل غايته أن يكون ذلك مما يسوغ فيه الاجتهاد، ومما تنازعت فيه الأمة فيجب رده إلى الله والرسول" ويقول "وإن كان في العلماء من سوغه فقد ثبت عن غير واحد من العلماء أنه نهى عنه –فتكون مسألة نزاعية – وليس هذا من مسائل العقوبات بإجماع المسلمين بل المعاقب على ذلك معتد جاهل ظالم، فإن القائل بهذا قد قال ما قالت العلماء والمنكر عليه ليس معه نقل يجب اتباعه لا عن النبي r ولا عن الصحابة[8].

ويقول الشيخ ناصر الدين الألباني: بعد أن أشار إلى التوسل المشروع الذي أشرنا إليه – وغير المختلف فيه – قال وأما ما عدا هذه الأنواع من التوسلات ففيه خلاف والذي نعتقده وندين الله به غير جائز ولا مشروع لأنه لم يرد فيه دليل يقوم به الحجة وقد أنكره العلماء المحققون في العصور الإسلامية المتعاقبة مع أنه قال ببعضه بعض الأئمة فأجاز الإمام أحمد التوسل بالرسول r وأجاز غيره كالإمام الشوكاني التوسل به وبغيره من الأنبياء والصالحين[9].

ولقد أجاب فضيلة الشيخ ابن باز –رحمه الله - حين سئل عن هذا النوع من التوسل بأن من العلماء من أجازه ومنهم من منعه وليس بشرك.

ويقول فضيلة الشيخ محمد نجيب المطيعي – رحمه الله – أن هذه الأمور – الدعاء والتوسل- ليست من صميم العقائد عند السلف، و إنما هي أمور وُزعت وصُنفت عندهم في أبواب ليست من أبواب التوحيد، فالقبور وتجصيصها وما يتصل بها صُنفت في كتاب الجنائز أما الأدعية فتجدها في كتاب الأذكار ولا تجد شيئاً منها عند السلف في كتاب التوحيد ونحن نشير إليها هنا بعد أن احتدم الخلاف وأصبح هذا الأمر يُنظر إليه على أنه يخل بشيء من العقائد ولذلك يجب عرضها بطريقة لا تخرج مسلماً عن ملته فهم ذلك السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين"[10].

لقد تأكدنا أن التوسل بذات النبي وبغيره مسألة خلافية فإن الإمام أحمد بن حنبل وابن حجر العسقلاني صاحب فتح الباري في صحيح البخاري يجوز بالنسبة للنبي r كما أجازه العز بن عبد السلام وأما الإمام السبكي والشوكاني فيجوزه بالنسبة للنبي r وبغيره وكذلك العلامة الألوسي كما أجازه الشيخ زاهد الكوثري كما رأيت بالنسبة للأحياء والأموات بينما منع ذلك الإمام ابن تيمية والشيخ ناصر الدين الألباني وغيرهم فهل ينازع أحد بعد ذلك أنها مسألة خلافية.

فهي خلاف فقهي كما بين الإمام البنا –في كيفية الدعاء وليست من أمور العقيدة فلا تتصل بكفر وإيمان إنما تتصل بصواب وخطأ مما يسوغ فيه الاجتهاد– لا يجوز الخصام بسببها أو الهجر أو التدابر والتقاطع فضلاً عن العقوبة كما ذكر الإمام ابن تيمية رحمه الله .

فأصبح هناك نوع من التوسل لا خلاف فيه وهو:

أولاً - التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته.

ثانيًا-التوسل إلى الله بدعاء الرسول r حال حياته.

ثالثاً-التوسل بالأعمال الصالحة.

رابعاً-التوسل إلى الله بدعاء من تُرجى إجابته من أهل الصلاح والتُقى وأهل العلم بالكتاب والسنة .

أما خامساً- فهو التوسل بالنبى r بعد مماته.

فقد اختلف العلماء في مشروعية التوسل بالنبى r  بعد وفاته كقول القائل اللهم إني أسألك بنبيك أو بجاه نبيك أو بحق نبيك فإذا كان بمعنى بإيماني وحبي له فهو متفق عليه بعد مماته أما المختلف فيه بعد مماته هو قولهم بجاه النبي r وفيها ثلاثة أقوال:

الرأي الأول: لجمهور العلماء المالكية والشافعية والمتأخرة من الحنفية وعند الحنابلة هؤلاء قالوا بجواز هذا النوع من التوسل سواء في حياة النبي r أو بعد وفاته فقالوا جائز أن تقول بحق النبي أو بجاه النبيr، قال القسطلاني وقد روى أن مالكاً لما سأله أبو جعفر المنصور -ثاني خلفاء بني العباس- يا أبا عبد الله أأستقبل رسول الله r وأدعو أم أستقبل القبلة وأدعو عند زيارة قبر الرسول r؟

فقال له مالك ولِمَ تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله U يوم القيامة، بل استقبله واستشفع به فيشفع الله لك.

الرأي الثاني: قال الإمام النووي في بيان آداب زيارة قبر النبى r :"ثم يرجع الزائر إلى موقف قبالة وجه رسول الله r فيتوسل به ويستشفع به إلى ربه ومن أحسن ما يقول الزائر ما حكاه الماوردى والقاضى وأبو الطيب وسائر أصحابنا عن العظمى مستحسنين له قال كنت جالساً عند قبر النبي r فجاءه أعرابي فقال السلام عليك يا رسول الله سمعت الله تعالى يقول (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا) وقد جئتك مستغفراً من ذنبى ومستشفعاً بك إلى ربى ثم أنشأ يقول شعراً.

وقال الإمام السبكي ويحسن التوسل والاستغاثة والتشفع بالنبي r إلى ربه وفي إعانة طالبيه وقد جئتك مستغفراً من ذنبي مستشفعاً بك إلى ربي وهذه أيضًا من أقوال الشافعية وأيضًا المالكية أما الحنابلة فقال ابن قدامة في المغني بعد أن نقل قصة العظمى هذه مع الأعرابي وقال ويستحب لمن دخل المسجد أن يقدم رجله اليمنى ...إلى أن قال ثم تأتى القبر فتقول وقد جئتك مستغفراً من ذنبي ومستشفعاً بك إلى ربي وأما الحنفية فقد صرح متأخروهم أيضًا بجواز التوسل بالنبي r فقال الكمال ابن الهمام في فتح القدير ثم يقول في موقفه السلام عليك يا رسول الله ويسأل الله تعالى حاجته متوسلاً إلى الله بحضرة نبيه عليه الصلاة والسلام.

قال الشوكاني ويتوسل إلى الله بأنبيائه والصالحين وقد استدلوا لما ذهبوا إليه بما يأتي وساق الأدلة التي تؤكد ما قلناه.

واسمع إلى هذه القصة التي حدثت مع الإمام البنا نفسه فقد سأله أحد الإخوان عن التوسل بالنبي r والصالحين والاستغاثة فأجاب رضي الله عنه إجابة الفقيه العالم فقال: "بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، السلام عليكم ورحمة الله فأحب أن ألفتكم قبل الجواب على هذه الأسئلة إلى أمور مهمة أولها أرجو أن تلاحظوا أن الخلاف في أمور الدين أمر طبيعي ولا يمكن أن يجتمع الناس في الفرعيات والإخوان يعلمون ذلك تمام العلم بل إن الإخوان يعلمون أن الأئمة رضوان الله عليهم متعددون ولكلٍ رأيه في الدين مع وحدة الأصول ووحدة الاعتقاد، ثانياً أن الجدل في المسائل الدينية جاء على الأمة بنكبات كثيرة وكرهه النبي r -ثم انتقل إلى المسألة وقال- ونحن حين نفتى في هذه الشئون نبين ما هدانا الله إليه في هذه المسائل واعتقادنا فيها بحسب ما وضح لنا من الأدلة ولا نلزم أحداً اعتقاد عقيدتنا ولا نزكى أنفسنا بل ربما كنا مخطئين ونحن لا نشعر، فمرحباً بمن يدلنا على مكان النقص أو يرشدنا إلى مواطن الخطأ نقرر رأينا ونحترم رأى غيرنا ولا نجرح من خالفنا وتجمعنا دائرة الأخوة الإسلامية العامة ثم بين هذا الأمر كما ذكرنا.

والخلاصة:

وخلاصة ما نريد أن نقوله إن الشريعة الغراء جاءت فاصلة بين حدود الإيمان والشرك مبينة ما يجب اتباعه من آداب الألسن والجوارح والقلوب، وغاية من يؤخذ على بعض العوام من الناس الذين نعذرهم بجهلهم صدور بعض الألفاظ الموهمة التي يقولونها والحقيقة أنهم لم يريدوا منها أن النبي أو الولي ينفع ويضر بمعنى يخلق الضر والنفع فدعوه بها إذ هم يعتقدون أنه لا خالق إلا الله (لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) ولا يستحق العبادة إلا هو (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ) فيجب أن نعلمهم أن يجتنبوا كل ما فيه إيهام مشابهة للمشركين ويجب أن نسد هذا الباب سداً منيعاً - إن هم أتوا بأمور تنافي الشرع – وننهى كل من يدعو بمثل هذا الذي يوقع في الشرك والضلال – مما نراه في الأضرحة والقبور – علماً بأن الشرك الأكبر لا يقع من مسلم خالط قلبه شعب الإيمان، ولكن الشرك الخفي أنواعه كثيرة وكلها وإن كانت لا تخرج المؤمن عن ملة الإسلام فقد تجر إليه كما قيل إن المعاصي بريد الكفر، وقول بعض الناس إن هذا كفر صراح وشرك جلي – دون تبيان ذلك للجاهل وتعريفه بالإسلام – من الغلو في الدين - والله يقول (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ) ، وصدق الله القائل (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).

ومن ذلك يتضح :

1-أن التوسل بالأنبياء والصالحين بمعنى الإقسام بهم أو السؤال بهم خلاف فقهي يسوغ فيه الاجتهاد.

2-أنها تخضع للصواب والخطأ لا الكفر والإيمان لأن الكفر إنما يكون بإنكار ما علم من الدين بالضرورة أو إنكار الأحكام المتواترة والمجمع عليها ونحو ذلك.

3-ليس هناك دليل قاطع في الجواز أو المنع وعلى ذلك فالاختلاف فيها لا يترتب عليه فساد اعتقاد بل هو خلاف مشروع.

4-أجمع علماء المسلمين على أن المسألة لا يعاقب عليها.

5-الذي يُعَاقِب مخالفه – في مثل هذه المسألة – معتد ظالم جاهل كما قال ابن تيمية – أو كما قال العز بن عبد السلام – المكفر بمثل هذه الأمور يستحق من غليظ العقوبة والتعزير ما يستحقه أمثاله من المفترين على الدين .

فلنا بعد هذا الإيضاح أن نؤكد ما قاله الإمام البنا:

"والدعاء إذا قرن بالتوسل إلى الله بأحد من خلقه خلاف فرعى في كيفية الدعاء وليس من مسائل العقيدة".

 


 



[1] -الطب ج 10: ص 29

[2] الحديث رواه البخاري ومسلم.

[3] السحاب المتجمع الذي لم يمطر بعد.

[4] سلع (جبل بالمدينة)

 

[5] ستة أيام

[6] الإبداع في مضار الابتداع 210.

[7] حكم الإسلام في التوسل للشيخ محمد حسين مخلوف ص 36.

[8] الفتاوى ج1 ، ص 285

[9] التوسل وأنواعه وأحكامه للشيخ الألباني .

[10] منهج القرآن في عرض عقيدة الإسلام ص 45 للمؤلف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق