بسم الله الرحمن
الرحيم
بقلم
سليمان بن محمد
اللهيميد
السعودية / رفحاء
بسم الله الرحمن
الرحيم
مقدمة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد :
فهذه مذكرة جمعت فيها ( صفة العمرة ) مستدلاً لذلك بالكتاب
والسنة .
وحيث أن من يريد العمرة لا بد أن يسافر إلى مكة ، فقد ذكرت في
نهايتها بعض آداب السفر لكي يتأدب بها المسافر ويكون سفرة من حيث خروجه إلى عودته
على نهج النبي e .
وصلى الله وسلم على
نبينا محمد
بقلم
سليمان بن محمد
اللهيميد
الموقع على الإنترنت
www.almotaqeen.net
بســم الله الرحمن الرحيم
صفة العمــرة
فضــل
العمرة
العمرة تمحق الذنوب .
عن أبي هريرة t
قال : قال رسول الله e : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ) .
رواه مسلم
قال النووي :
[ هذا ظاهر في فضيلة
العمرة وأنها مكفرة للخطايا الواقعة بين العمرتين ] .
وعن ابن عباس t
قال : قال رسول الله e : ( تابعوا بين الحج والعمرة ، فإنهما
ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد ) . رواه الترمذي
قال المباركفوري :
( قوله : "
فإنهما ينفيان الفقر " أي يزيلانه وهو يحتمل الفقر الظاهر بحصول غنى اليد ،
والفقر الباطن بحصول غنى القلب .
قوله : " كما
ينفي الكير " وهو ما ينفخ فيه الحداد لإشعال النار للتصفية .
قوله : " خبث
الحديد والذهب والفضة " أي وسخهما ) .
قوله : ( تابعوا . .
. )
قال ابن القيم :
( ولم يكن في عمره e
عمرة واحدة خارجاً من مكة كما يفعل كثير من الناس اليوم ، وإنما كانت عمره كلها
داخلاً إلى مكة ) .
عمرة في رمضان تعدل
حجة مع النبي e .
عن ابن عباس t
قال : قال رسول الله e : ( عمرة في رمضان تعدل حجة ) وفي رواية : (
حجة معي ) متفق عليه
قال النووي :
( أي تقوم مقامها في
الثواب لا أنها تعدلها في كل شيء ، فإنه لو كان عليه حجة فاعتمر في رمضان لا تجزئه
عن الحجة ) .
قال الحافظ ابن حجر :
( قال ابن العربي :
حديث العمرة هذا صحيح ، وهو فضل من الله ونعمة ) .
قال الشيخ محمد بن
عثيمين رحمه الله :
( وهذا يشمل أول
رمضان وآخره ، وأما تخصيص ليلة سبع وعشرين من رمضان بعمرة فهذا من البدع ) .
وقال رحمه الله تعالى
:
( فالعمرة في رمضان
تعدل حجة كما جاء به الحديث ، ولكن ليس معنى ذلك أنها تجزئ عن الحجة بحيث لو اعتمر
الإنسان في رمضان وهو لم يؤد الحج سقطت عنه الفريضة ، لأنه لا يلزم من معادلة
الشيء للشيء أن يكون مجزئاً عنه ) .
العمرة واجبة مرة
واحدة في العمر .
عن عائشة ـ رضي الله
عنها ـ قالت : قلت يا رسول الله ، أعلى النساء جهاد ؟ قال : ( نعم ، عليهن جهاد لا
قتال فيه : الحج والعمرة ) . رواه أحمد وابن ماجه ، قال ابن حجر : إسناده صحيح
قال الشيخ محمد بن
عثيمين رحمه الله :
( فقوله [ عليهن ]
ظاهرة في الوجوب ، لأن [ على ] من صيغ الوجوب كما ذكر ذلك أهل أصول الفقه ) .
سنن الإحـرام
الاغتســال .
عن زيد بن ثابت : (
أن النبي e
تجرد لإهلاله واغتسل ) . رواه الترمذي
والغسل لكل مريد
الإحرام ، الذكور والإناث ، الجنب وغير الجنب ، الحائض والنفساء .
الطيب في البدن .
عن عائشة t
قالت : ( كنت أطيب رسول الله e لإحرامه قبل أن يحرم ، ولحله قبل أن يطوف
بالبيت ) . متفق عليه
الإحرام عقب صلاة فرض
.
عن ابن عمر t
: ( أن النبي e
أهل دبر صلاة ) . رواه مسلم
قال الشيخ محمد بن
عثيمين رحمه الله :
( ثم يصلي الفريضة إن
كان وقت فريضة ليحرم بعدها ، فإن لم يكن وقت فريضة صلى ركعتين بنية سنة الوضوء لا
بنية سنة الإحرام ، لأنه لم يثبت عن النبي e
أن للإحرام سنة ) .
التجرد من الملابس المخيطة ولبس ملابس الإحرام
.
وهي للرجال رداء يلف
به النصف الأعلى من البدن دون الرأس ، وإزار يلف به النصف الأسفل منه .
عن ابن عباس t
قال : ( انطلق رسول الله e من بعد ما ارتحل ، وادهن ولبس إزاره ورداءه
هو وأصحابه ) . رواه البخاري
وقال e
: ( ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين ) .
الحكمة في تحريم
اللباس المذكور على المحرم ولباسه الإزار والرداء :
1. أن
يبعد عن الترفه .
2. أن
يتصف بصفة الخاشع الذليل .
3. أن
يتذكر به الموت ولباس الأكفان .
4. أن
يتذكر البعث يوم القيامة والناس حفاة عراة .
أما المرأة فتلبس ما
شاءت من الثياب غير أن لا تتبرج بزينة .
والأفضل أن يكونا
أبيضين نظيفين .
لحديث ابن عباس t
قال : قال رسول الله e : ( البسوا من ثيابكم البياض وكفنوها موتاكم
فإنها من خير ثيابكم ) . رواه الترمذي
ـ
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
§
السنة أن يتطيب في
بدنه ، أما ملابس الإحرام فلا يطيبها ، وإذا طيبها لم يلبسها حتى يغسلها أو يغيرها
.
§
ليس للإحرام ثياب تخصه بالنسبة للمرأة ، بل
تلبس ما شاءت إلا أنها لا تلبس النقاب ولا تلبس القفازين .
§
يجوز للمرأة أن تغير
ثيابها إلى ثياب أخرى ، سواء كان ذلك لحاجة أم لغير حاجة .
§
لا بأس بغسل ملابس
الإحرام ، ولا بأس أن يغيرها ويستعمل غيرها بملابس جديدة أو مغسولة .
§
من أخطاء بعض الناس
عند الإحرام الاضطباع ( وهو إخراج الكتف الأيمن وجعل طرفي الرداء تحت ابط اليد
اليسرى ) وهذا خطأ فالاضطباع خاص بالطواف وليس أي طواف بل في طواف القدوم خاصة
وطواف العمرة .
المواقيـت
الميقات : هو
المكان الذي يحرم منه الحجاج .
والمواقيت
هي :
[ ذو الحليفة : لأهل
المدينـة ] ، [ الجحفة : لأهل الشـام ] ، [ قـرن المنازل : لأهل نجد ] [ يلملم : لأهل اليمن ] ، [ ذات عرق : لأهل
العراق ] .
عن ابن عباس t
أن رسول الله e
: ( وقت لأهل المدينة ذو الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ،
ولأهل اليمن يلملم ) . متفق عليه
وعن عائشة ـ رضي الله
عنها ـ أن النبي e
: ( وقت لأهل العراق ذات عرق ) . رواه أبو داود
هذه
المواقيت لأهلها ولمن مرّ عليها من غير أهلها .
لقوله e
: ( هنّ لهنّ ولمن مرّ عليهن من غير أهلهنّ ، لمن كان يريد الحج والعمرة ) . متفق
عليه
من
كان منزله دون الميقات فميقاته من منزله .
لقوله e
: ( ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ ) .
( وأما من كان في مكة
وأراد العمرة فميقاته من الحل ، لأن النبي e
أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بعائشة إلى الحل لتحرم منه ) . متفق عليه
يجب
الإحرام من هذه المواقيت لمن يريد الحج والعمرة .
لقوله e
: ( هنّ لهنّ ولمن مرّ عليهن من غير أهلهنّ ، لمن كان يريد الحج والعمرة ) . متفق
عليه
( أن من جاوز الميقات
وهو يريد الإحرام : فإنه يجب عليه أن يرجع ويحرم من الميقات ولا شيء عليه ، فإن لم
يرجع إلى الميقات فإنه يحرم من مكانه ويذبح فدية في مكة يوزعها على فقراء مكة ) .
من
كان بمكة فميقاته للعمرة من الحل .
عن عائشة ـ رضي الله
عنها ـ أن رسول الله e دعا بعبد الرحمن بن أبي بكر فقال : ( أخرج
باختك من الحرم فلتهل بعمرة ) . متفق عليه
قال النووي :
( إنه دليل لما قاله
العلماء أن من كان بمكة وأراد العمرة فميقاته لها أدنى الحل ولا يجوز أن يحرم بها
من الحرم . . . قال العلماء : وإنما وجب الخروج إلى الحل ليجمع في نسكه بين الحل
والحرم كما أن الحاج يجمع بينهما فإنه يقف بعرفات وهي في الحل ثم يدخل مكة للطواف
وغيره ) .
ـ
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
§
العمرة ليس لها ميقات
زمني ، تفعل في أي يوم من أيام السنة ، لكنها في رمضان تعدل حجة .
§
من جاء عن طريق الجو
فإنه يحرم إذا حاذى الميقات .
§
في تقدير النبي e
هذه المواقيت وتحديدها معجزة من معجزاته الدالة على صدق نبوته ، فقد حددها ووقتها
وأهلها لم يسلموا ، إشعاراً منه بأن أهل هذه الجهات سيسلمون ويحجون ويحرمون منها
وقد كان ولله الحمد .
محظــورات
الإحــرام
وهي ما يحرم على
المحرم فعله .
أولاً : ما يختص
بالذكر :
لبس
المخيط : وهو
كل ما خيط على قدر البدن أو على جزء منه أو على عضو منه .
عن ابن عمر t
قال : قال رسـول الله e : ( لا يلبس المحـرم القميص ولا البرانس ،
ولا السراويل ) . متفق عليه
[ القميص ] جمع قميص
، وهو ما يفصل على هيئة البدن مخيطاً أو غير مخيطاً .
[ البرانس ] جمع برنس
، وهو ثوب رأسه منه ملصق به ، يلبسه الآن المغاربة .
تغطية
الرأس بملاصق :
لحديث ابن عمر السابق
قال : قال رسول الله e : ( لا يلبس المحرم العمائم . . . ) . متفق
عليه
قوله ( بملاصق ) يشمل
الطاقية والغترة .
أما غير الملاصق
كالخيمة والشجرة والشمسية فلا بأس .
ثانياً : ما يحرم على
الذكر والأنثى :
إزالة
شعر الرأس : ( وألحق العلماء به بقية شعر البدن ) .
قال تعالى : ﴿ ولا
تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ﴾ .
( وألحق العلماء به
إزالة الظفر من اليدين أو الرجلين ) .
استعمال
الطيب في بدنه أو ثوبه :
عن بن عباس t
قال : (
وقصت رجل محرم ناقته فقتلته ، فأتي به رسول الله e
فقال : اغسلوه بماء وسدر ولا تغطوا رأسه ولا تمسوه بطيب ) . متفق عليه
قال النووي :
( وسبب تحريم الطيب
أنه داعية إلى الجماع ، ولأنه ينافي تذلل الحاج ، فإن الحاج أشعث أغبر ، وسواء في
تحريم الطيب الرجل والمرأة ) .
لبس
القفازين : ( وهما شراب اليدين ) .
قال رسول الله e
في المرأة المحرمة : ( ولا تلبس القفازين ) . رواه البخاري
فدية
هذه المحظورات على التخيير بين :
صيام ثلاثة أيام ، أو
إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ، أو ذبح شاة .
عن كعب بن عجرة قال :
( حملت إلى رسول الله e والقمل يتناثر على وجهي فقال : ما كنت أرى
أن الوجع بلغ بك ما أرى ، فقال : احلق رأسك ، وصم ثلاثة أيام ، أو أطعم ستة مساكين
لكل مسكين نصف صاع ، أو اذبح شاة ) . متفق عليه
ثالثاً : ما يحرم على
الأنثى :
النقاب : ( وهو ستر
الوجه مع وضع فتحة لعينها تنظر منها ) .
عن ابن عمر t
قال : قال رسول الله e : ( ولا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين )
. متفق عليه
ومن محظورات الإحرام
:
عقد
النكاح . ( وليس فيه فدية ) .
عن عثمان بن عفان t
قال : قال رسول الله e : ( لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب ) .
متفق عليه
الجماع
في الفرج .
إذا وقع الجماع قبل
الطواف تفسد العمرة باتفاق أهل العلم ، نص على ذلك ابن رشد وابن عبد البر
والشنقيطي .
قتل
الصيد :
والصيد : كل حيوان
بري حلال متوحش طبعاً كالضباع والأرانب والحمام .
لقوله تعالى : ﴿ وحرم
عليكم صيد البر ما دمتم حرماً ﴾ .
وقوله تعالى : ﴿ يا
أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ﴾ .
فاعل
المحظورات لا يخلو من ثلاث حالات :
1.
أن يفعل المحظور بلا
حاجة ولا عذر : فهذا عليه الإثم والفدية .
2.
أن يفعله لحاجة :
فهذا ليس عليه إثم وعليه فدية .
3.
أن يفعله وهو معذور
بجهل أو نسيان : فهذا لا إثم عليه ولا فدية .
لقوله
تعالى : ﴿ ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ﴾ .
وقال رسول الله e
: ( إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) .
ـ
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
§
لا بأس للمحرم أن
يلبس الخاتم ، والساعة ، ونظارة العين ، وسماعة الأذن وغيرها .
§
ثم يقول : لبيك عمرة
، لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك . . .
التـلبيــة
صفتها
:
عن ابن عمر أن تلبية
رسول الله e
: ( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا
شريك لك ) . متفق عليه
وهذه
التلبية عظيمة جداً .
أطلق عليها جابر بن
عبد الله التوحيد في قوله في صفة حج النبي e
: ( حتى إذا استوت به ناقته على البيداء أهل بالتوحيد ) . رواه مسلم
يلبي
إذا استوت به راحلته .
عن ابن عمر أن النبي e
: ( كان إذا استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهل فقال : لبيك اللهم
لبيك . . . ) . متفق عليه
يستحب
رفع الصوت بالتلبية .
عن السائب بن خلاد t
قال : قال رسول الله e : ( أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن
يرفعوا أصواتهم بالتلبية ) . رواه أبو داود
وعن ابن عمر t
: ( أن النبي e
سئل أي الحج أفضل فقال : العج والثج ) . رواه ابن ماجه
ولأن رفع الصوت بها
إظهار لشعائر الله وإعلان بالتوحيد .
العج : رفع الصوت
بالتلبية . الثج : نحر الهدي .
ـ
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
§
والمرأة تلبي سراً
بقدر ما تسمع رفيقتها [ قاله الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ] .
§
ويستمر في التلبية من
الإحرام إلى أن يشرع في الطواف .
§
من الأخطاء في
التلبية أن تكون جماعية بصوت واحد ، وهذا لم يرد في الشرع .
§
ومن أخطاء بعض
المعتمرين عدم الاهتمام في التلبية إما كسلاً أو جهلاً بفضلها .
§
لا يجوز أن يقول عند
النية : اللهم إني أريد العمرة ، فلا يجـوز التلفظ بالنية ، لأن هذا لم يرد عن
النبي e
.
دخول المسجد الحرام والطواف
يسن
أن يقدم رجله اليمنى عند الدخول .
عن أنس بن مالك t
قال : ( من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى ، وإذا خرجت أن تبدأ برجلك
اليسرى ) . رواه الحاكم
وأن
يقول الدعاء الوارد عند دخول المسجد .
عن أبي أسيد بن حضير
قال : قال رسول الله e : ( إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي e
ثم ليقل : اللهم افتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج فليقل : اللهم إني أسألك من فضلك
) . رواه أبو داود
وعن عبد الله بن عمرو
بن العاص t
عن النبي e
أنه كان إذا دخل المسجد قال : ( أعوذ بالله العظيم ، وبوجهه الكريم ، وسـلطانه
القديم من الشـيطان الرجيم ، قال : فإذا قال ذلك قال الشيطان : حفظ مني سائر اليوم
) . رواه أبو داود
ثم
يبدأ بالطواف ويكون على وضوء .
عن عائشة ـ رضي الله
عنها ـ ( أن النبي e أول شيء بدأ به حين قدم مكة أنه توضأ ثم طاف
بالبيت ) . متفق عليه
قال النووي :
( فيه دليل لإثبات
الوضوء للطواف ، لأن النبي e فعله ثم قال e
: " لتأخذوا عني مناسككم " ، وقد أجمعت الأئمة على أنه يشرع الوضوء
للطواف ، ولكن اختلفوا في أنه واجب وشرط لصحته أم لا ، فقال مالك والشـافعي وأحمد
والجمهور : هو شـرط لصحة الطواف واحتجوا بهـذا الحديث مع حديث " خذوا عني
مناسككم " يقتضيان أن الوضوء واجب ، لأن كل ما فعله هو داخل في المناسـك ،
فقد أمـرنا بأخـذ المناسـك ... ) .
ثم
يقصد الحجر الأسود .
[ فيستلمه ويقبله ] ،
فإن لم يتمكن [ يستلمه بيده ويقبل يده ] فإن لم يتمكن [ يشير إليه ولا يقبل يده ]
عن جابر بن عبد الله
في صفة حج النبي e
قال : ( حتى إذا أتينا البيت استلم الركن اليماني ) . رواه مسلم
وعن أبي الطفيل قال :
( رأيت رسول الله e يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجنٍ معه ،
ويقبل المحجن ) . رواه مسلم
وعن عمر t
أنه قبل الحجر الأسود فقال : ( إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني
رأيت رسول الله e
يقبلك ما قبلتك ) . متفق عليه
( في هذه فائدة : وهي
أن مشروعية تقبيل الحجر الأسود واستلامه تعظيماً لله واتباعاً للرسول e
لا لكونه حجراً )
يقول
عند الحجر الأسود الوارد .
عن نافع t
قال : كان ابن عمر إذا استلم الحجر قال : ( بسم الله ، والله أكبر ، اللهم إيماناً
بك وتصديقاً بكتابك ، ووفاءً بعهدك ، واتباعاً لسنة نبيك محمد ) . رواه
الطبراني
( أما بقية الأشواط
فإنه يكبر كلما حاذى الحجر اقتداءً بالنبي e
) .
يبدأ
بالطواف جاعلاً البيت عن يساره ( سبع مرات ) .
لحديث جابر في صفة حج
النبي e
: ( أن رسول الله e لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه ثم مشى على
يساره ) . رواه مسلم
يستلم
الحجر والركن اليماني في كل شوط .
§
عند استلام الركن
اليماني لا يقل شيئاً ، لا تكبير ولا غيره ، لأن ذلك لم يرد .
§
ليس للطواف ذكر خاص ،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
(وليس فيه ذكر محدد
عن النبي e
لا بأمره ولا بقوله، بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية ).
إلا
ما بين الركن اليماني والحجر الأسود يقول الوارد .
عن عبد الله بن
السائب t
قال : سمعت رسول الله e يقول ما بين الركنين :
( ربنا آتنا في
الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) . رواه أبو داود
يسن
في الطواف الاضطباع .
وهو أن يجعل وسط
الرداء تحت إبطه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر .
عن ابن عباس t
: ( أن رسول الله e وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت
وجعلوا أرديتهم تحت أباطهم قد قذفوها على عواتقهم اليسرى ) . رواه أبو داود
ويسن
في الطواف الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى .
عن جابر في صفة حج
النبي e
قال :( أن رسول الله e لما قدم مكة أتى الحجر فاسـتلمه ثم مشـى على
يمينه فرمل ثلاثاً ومشـى أربعاً ) . رواه مسلم
ويكون
من الحجر إلى الحجر .
عن ابن عمر t
: ( أن رسول الله e رمل من الحجر إلى الحجر ) . رواه مسلم
يحرم
أن يطوف عريان .
عن أبي هريرة t
قال : قال رسول الله e : ( لا يطوف بالبيت عريان ) . متفق عليه
قال النووي :
( هذا إبطال لما كانت
الجاهلية عليه من الطواف بالبيت عراة ) .
يحرم
على الحائض أن تطوف بالبيت .
لقوله e
لعائشة لما حاضت : ( افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري ) . متفق
عليه
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
§
إذا أقيمت الصلاة
والإنسان يطوف سواء طواف عمرة ، أو طواف حج ، أو طواف تطوع فإنه ينصرف من طوافه
ويصلي ، ثم يرجع ويكمل الطواف ، ولا يستأنفه من جديد ، ويكمل الطواف من الموضع
الذي انتهى إليه من قبل ، ولا حاجة إلى إعادة الشوط من جديد ، لأن ما سبق بني على
أساس صحيح وبمقتضى إذن شرعي فلا يمكن أن يكون باطلاً إلا بدليل شرعي [ قاله الشيخ
محمد بن عثيمين رحمه الله ] .
§
من أخطاء بعض
المعتمرين الحرص على تقبيل الحجر الأسود لا بقصد التأسي برسول الله e
ولكن لاعتقاد أنه ينفع أو يضر ، وهذا شرك .
§
ومن الأخطاء في
الطواف تخصيص كل شوط بدعاء معين وهذا لا أصل له .
§
ومن الأخطاء مزاحمة
الناس لأجل الوصول إلى الحجر لتقبيله مما يؤدي إلى الأذية والسب والشتم وذهاب الخشوع .
الصلاة خلف مقام إبراهيم
بعد
الانتهاء من الشوط السابع يصلي ركعتين خلف المقام .
قال جابر في صفة حج
النبي e
: ( . . . ثم أتى مقام إبراهيم فصلى . . .
) . رواه مسلم
ثم
يقرأ في الأولى بالكافرين والثانية بالإخلاص .
قال جابر في صفة حج
النبي e
: ( . . . ثم نفذ إلى مقام إبراهيم u فقرأ : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ، فجعل
المقام بينه وبين البيت وقرأ في الركعتين : قل هو الله أحد ، وقل يا أيها الكافرون
) . رواه مسلم
ثم
يرجع إلى الركن فيستلمه إن تيسر له ذلك .
قال جابر في صفة حج
النبي e
: ( ثم رجع إلى الركن فاستلمه ) . رواه مسلم
ثم
إذا فرغ من الصلاة ذهب إلى زمزم فشرب منه .
عن جابر t
: ( أن النبي e
رمل ثلاثة أشواط من الحجر إلى الحجر ، وصلى ركعتين ثم عاد إلى الحجر ثم ذهب إلى
زمزم فشرب منها وصب على رأسه ) . رواه أحمد
وقد قال e
في ماء زمزم :
( ماء زمزم لما شرب
له ) . رواه أحمد
وقال أيضاً :
( إنها مباركة وهي
طعام طعم ) . رواه مسلم
ـ
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
§
من أخطاء بعض
المعتمرين اعتقاد أن ركعتي الطواف لا تصح إلا خلف مقام إبراهيم فيتزاحمون لأجل
أدائها في هذا الموضع .
§
ومن الأخطاء التمسح
بمقام إبراهيم بعد أداء ركعتي الطواف .
الســعي
ثم
بعد ذلك يعود أدراجه ليسعى بين الصفا والمروة ويبدأ من الصفا .
قال جابر في صفة حج
النبي e
: ( . . . ثم خرج إلى الصفا ، فلما دنا من الصفا قرأ : إن الصفا والمروة من شعائر
الله ، أبدأ بما بدأ الله به ، فبدأ بالصفا ، فرقى عليه حتى رأى البيت ، فاستقبل
القبلة فوحد الله وكبره ، وقال : لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ،
وهزم الأحزاب وحده ، ثم دعا بين ذلك ، قال مثل هذا ثلاث مرات ) . رواه مسلم
ثم
ينزل ليسعى .
قال e
: ( اسعوا ، فإن الله كتب عليكم السعي ) . رواه أحمد
فإذا بلغ العلم الأول
سعى سعياً شديداً إلى العلم الآخر الذي بعده ، ثم بعد العلم الثاني يمشي مشياً
عادياً حتى يأتي المروة .
فإذا أتى المروة صـعد
عليها ويصـنع فيها ما صـنع على الصـفا من اسـتقبال القبلة والتكبير والتوحيد
والدعاء ـ وهذا شوط .
ثم بعد ذلك يعود حتى
يرقى على الصفا ـ وهذا شوط ثاني ، ثم يعود إلى المروة ، حتى يتم له سبعة أشواط
نهاية آخرها على المروة .
ويدعو
أثناء السعي بما يريد .
لقوله e
: ( إنما جعل رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله ) . رواه
الترمذي
وإن دعا بقوله :
( ربِّ اغفر وارحم ،
إنك أنت الأعز الأكرم ) فلا بأس .
يشترط
أن يبدأ بالصفا .
فإن بدأ بالمروة لم
يعتد بذلك الشوط .
لأن النبي e
بدأ بالصفا وقال : ( نبدأ بما بدأ الله به ) . رواه مسلم
ـ
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
§
لا تشترط الطهارة
للسعي .
§
من أخطاء بعض
المعتمرين الاضطباع حال السعي ، وهذا خطأ ، فالاضطباع خاص بالطواف .
§
ومن الأخطاء
الاستمرار في السعي حتى ولو أقيمت الصلاة ، وهذا خطأ ، فالواجب أداء الصلاة مع
الجماعة والوقوف عن السعي وإكماله بعد الصلاة .
الحلق أو التقصير
فإذا
أتم الإنسان سعيه فإنه يحلق رأسه أو يقصر .
والحلق
أفضل من التقصير .
لحديث أبي هريرة t
قال : قال رسول الله e : ( اللهم اغفر للمحلقين ، قالوا :
والمقصرين ، قال : اللهم اغفر للمحلقين ، قالوا : والمقصرين ، قال : اللهم اغفر
للمحلقين ، قالوا : والمقصرين ، قال : وللمقصرين ) متفق عليه
ولأن الله بدأ به في
قوله تعالى : ﴿ محلقين رؤوسكم ومقصرين ﴾ .
قال النووي :
( ووجه فضيلة الحلق
على التقصير أنه أبلغ لله تعالى ، ولأن المقصر مبق على نفسه الشعر الذي هو زينة ،
والحاج مأمور بترك الزينة ، بل هو أشعث أغبر ) .
والتقصير
لا بد أن يعم جميع شعر الرأس .
لقوله تعالى : ﴿ محلقين
رؤوسكم ومقصرين ﴾ .
ومن المعلوم أن
الإنسان إذا قصر ثلاث شعرات من جانب الرأس لم يعد مقصراً ، ولأن حلق بعض الرأس دون
بعض منهي عنه شرعاً [ قاله الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ] .
ـ
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
§
وأما المرأة فتقصر من
شعر رأسها بقدر أنملة فقط .
§
من نسي الحلق أو
التقصير في العمرة فطاف وسعى ، ثم لبس قبل أن يحلق أو يقصر ، فإنه ينزع ثيابه إذا
ذكر ويحلق أو يقصر ثم يعيد لبسهما .
طواف الوداع
يسن أن يطوف طواف
الوداع عند خروجه .
عن ابن عباس ـ رضي
الله عنهما ـ قال : ( أمر الناس أن يكون |آخر عهدهم بالبيت ، إلا أنه خفف عن
الحائض ) . متفق عليه
قال الشيخ ابن باز
رحمه الله :
( . . . من أراد
السفر إلى أهله أو غير أهله شرع له الوداع ، ولا يجب عليه لعدم الدليل ، وقد خرج
الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم الذين حلوا من عمرتهم إلى منى وعرفات وإلى أبعد من
عرفات لرعي إبلهم ولم يؤمروا بطواف الوداع ) .
ـ
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
§
أن الحائض ليس عليها
طواف وداع .
§
أن طواف الوداع آخر
شؤون المسافر ، لأن هذا معنى الوداع .
§
شراء بعض الأشياء
اليسيرة في طريقه ، أو انتظار الرفقة ، أو نحو ذلك من التأخر ، اليسير لا يضر .
أركان
العمرة
1. الإحرام : نية
الدخول في النسك . 2. الطواف
. 3. السعي .
واجبات
العمرة
1. الإحرام من
الميقات المعتبر له . 2. الحلق أو
التقصير .
بعض الأدعية الواردة في الكتاب والسنة
﴿ ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة
حسنة وقنا عذاب النار ﴾
﴿ ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا
وانصرنا على القوم الكافرين ﴾
﴿ ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب
لنا من لدنك رحمة إنك لا تخلف الميعاد . ربنا إنك جامع الناس
ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف
الميعاد ﴾
﴿ ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول
فاكتبنا مع الشاهدين ﴾
﴿ ربِّ هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك
سميع الدعاء ﴾
﴿ ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في
أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ﴾
﴿ ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا
وترحمنا لنكوننَّ من الخاسرين ﴾
﴿ ربِّ أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير
المنزلين ﴾
﴿ ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة
أعين واجعلنا للمتقين إماماً ﴾
﴿ ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا
واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم ﴾
﴿ ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك
على كل شيء قدير ﴾
( اللهم إني أســألك الهـدى ، والتقى ،
والعفاف ، والغنى )
( اللهم اغفر لي ، وارحمني ، واهدني ،
وعافني ، وارزقني ) .
( اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على
طاعتك ) .
( اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري
، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي ، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي ، واجعل الحياة
زيادة لي في كل خير ، واجعل الموت راحة لي من كل شر ) .
( اللهم إني أعوذ بك من العجز ، والكسل
، والجبن ، والهرم ، والبخل ، وأعوذ بك من عذاب القبر ، وأعوذ بك من فتنة المحيا
والممات ) .
( اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ،
ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني ، إنك أنت الغفور
الرحيم ) .
( اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن
شر ما لم أعمل ) .
( اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل ،
والبخل والهرم ، وعذاب القبر ، اللهم آتي نفسي تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ،
أنت وليها ومولاها ، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن
نفس لا تشبع ، ومن دعوة لا يستجاب لها ) .
( اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق
، والأعمال ، والأهواء ) .
( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ) .
آداب الســفر
مقدمة :
سمي السفر سفراً
لأمرين :
§
لأنه يسفر عن أخلاق
الرجال ، أي يظهر أحوالهم .
§
وقيل : سمي سفراً من
البروز والظهور ، ومنه أسفر الصباح إذا لمع .
1 ـ استحباب قول دعاء
السفر .
عن ابن عمر t
: أن رسول الله e
كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى السفر ، كبر ثلاثاً ثم قال : ( سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له
مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن
العمل ما ترضى ، اللهم هون علينا سفرنا ، واطو عنّا بعده ، اللهم أنت الصاحب في
السفر ، والخليفة في الأهل ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنظر ،
وسوء المنقلب في المال والأهل )
[ مقرنين ]
: مطيقين أي ما كنا نطيق قهره واستعماله لولا تسخير الله تعالى إياه لنا .
[ وعثاء السفر ] شدته
ومشقته .
[ الكآبة ] تغير
النفس والانكسار من الحزن والهم .
[ المنقلب ] المرجع
، ومعناه : أن يرجع من سفره فيجد أهله أصيبوا بمصيبة .
وفي هذا الحديث استحباب هذا الذكر عند ابتداء
الأسفار كلها .
2
ـ استحباب التبكير في السفر
عن صخر الغامدي عن
النبي e
قال : ( اللهم بارك لأمتي في بكورها ) وكان إذا بعث سرية أو جيشاً بعثهم من أول
النهار ، وكان صخر تاجراً ، وكان يبعث تجارته أول النهار فأثرى وكثر ماله ) رواه
أبوداود .
[ في بكورها ] : أي صباحها وأول نهارها .
[ وكان يبعث تجارته ] : أي ماله .
[ فأثرى ] : أي صار ذا ثروة ، أي
مال كثير .
3
ـ استحباب التأمير في السفر
عن أبي سعيد الخدري t
قال : قال رسول الله e : ( إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم )
رواه أبو داود
ويجب عليهم أن يطيعوا
الأمير :
لقوله e
: ( من يطع الأمير فقد أطاعني ، ومن يعص الأمير فقد عصاني ) .
إلا في معصية الله
فلا يطيعوه :
لقوله e
: ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، إنما الطاعة في المعروف ) .
[ فليؤمروا أحدهم ] إنما
أمر بذلك ليكون أمرهم جميعاً ولا يتفرق بهم الرأي ، ولا يقع بينهم الاختلاف .
4
ـ يشرع للمسافر التنفل بأنواع النوافل
عن ابن عمر ( أنه كان
يصلي في السفر على راحلته أينما توجهت ، وذكر أن النبي كان يفعله ) . متفق عليه
وعنه قال : ( كان
النبي e
يوتر على بعيره ) . أي في السفر
وعن أم هانئ : ( أن
النبي e
صلى ثمان ركعات ضحىً عام الفتح ) . متفق عليه
يستثنى من ذلك : سنة
الظهر ، والمغرب ، والعشاء ، فإنه لا يشرع للمسافر أن يصليها .
قال الشيخ محمد بن
عثيمين رحمه الله : ” والمسافر يصلي من النوافل ما شاء ، إلا سنة الظهر والمغرب والعشاء
“ .
5
ـ استحباب طلب الرفقة في السفر
عن ابن عمر t
عن النبي e
قال : ( لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده ) . رواه
البخاري
وعن عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده قال : قال رسول الله e : ( الراكب شيطان ، والراكبان شيطانان ،
والثلاثة ركب ) . رواه أبو داود
[ ما أعلم ] أي الذي أعلمه من الآفات
التي تحصل بذلك .
قال الشيخ محمد بن
عثيمين رحمه الله :
( وهذا في الأسفار
التي تتحقق فيها الوحدة ، وأما ما يكون في الخطوط العامرة التي لا تكاد تمر فيها
دقيقة واحدة إلا وتمر بك سيارة ، فهذا وإن كان الإنسان في سيارة وحده ، فليس من
هذا الباب ، يعني ليس من السفر وحده ) .
6
ـ التكبير عند الصعود والتسبيح عند الهبوط
عن جابر t
قال : ( كنا إذا صعدنا كبرنا ، وإذا نزلنا سبحنا ) . رواه البخاري
تكبيره e
عند الارتفاع استشعار لكبرياء الله عز وجل ، لأن الإنسان إذا علا يرى نفسه في مكان
عال فقد يستعظم نفسه ، فناسب أن يقول الله أكبر ، فيرد نفسه إلى الاستصغار .
وأما تسبيح الله
تعالى عند النزول ، لأن التسبيح هو التنزيه فناسب تنزيه الله عن السفول والنزول ،
لأنه سبحانه وتعالى فوق كل شيء .
7
ـ استحباب مراعاة مصلحة الدواب في السير
عن أبي هريرة t
قال : قال رسول الله e : ( إذا سافرتم في الخصيب فأعطوا الإبل حقها
من الأرض ، وإذا سافرتم في الجدب فأسرعوا عليها السير ، وبادروا بها نقيها ، وإذا
عرستم فاجتنبوا الطريق ، فإنها طرق الدواب ومأوى الهوام بالليل ) . رواه مسلم
[ أعطوا الإبل حقها من الأرض ]
أي ارفقوا بها السير لترعى في حال سيرها .
[الخصيب ]
أي زمان كثرة العلف والنبات .
8
ـ استحباب التجمع عند النزول للراحة
عن أبي ثعلبة الخشني t
قال : ( كان الناس إذا نزلوا منزلاً تفرقوا في الشـعاب والأودية ، فقال رســول
الله e
: إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان ) . رواه أبو داود
[ إنما ذلكم من
الشيطان ] أي
تفرقكم .
9
ـ استحباب السفر ليلاً
عن أنس بن مالك t
قال : قال رسول الله e : ( عليكم بالدلجة ، فإن الأرض تطوى بالليل
) . رواه أبو داود
[ عليكم بالدلجة ]
بضم فسكون اسم من أدلج القوم إذا ساروا أول الليل ، ومنهم من جعل الإدلاج سير
الليل كله ، وكأنه المعنى به في الحديث لأنه عقّبه بقوله : " فإن الأرض تطوى
بالليل ، بصيغة أي تقطع بالسير في الليل ) .
10
ـ عدم المرور بأرض المعذبين إلا أن يكون باكياً
عن ابن عمر t
أن رسول الله e
قال لأصحابه ـ يعني لما وصلوا الحجر ديار ثمود ـ : ( لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين
إلا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم
) . متفق عليه
فيه الحث على
المراقبة عند المرور بديار الظالمين ومواضع العذاب ، ومثله الإسراع في وادي محسر
لأن أصحاب الفيل هلكوا هناك ، فينبغي للمار في مثل هذه المواضع المراقبة والخوف
والبكاء والاعتبار بهم وبمصارعهم ، وأن يستعيذ بالله من ذلك .
11
ـ يستحب أن يقول الدعاء الوارد إذا نزل منزلاً
عن خولة بنت حكيم
قالت : قال رسول الله e : ( من نزل منزلاً ثم قال : أعوذ بكلمات
الله التامات من شر ما خلق ، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك ) . رواه مسلم
12
ـ استحباب قول دعاء القرية عند دخولها
عن صهيب أن محمداً e
لم يكن يرى قرية يريد دخولها إلا قال حين يراها :
( اللهم ربّ السموات
السبع وما أضللن ، وربّ الأرضين السبع وما أقللن ، وربّ الشياطين وما أضللن ، وربّ
الرياح وما ذرين ، فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها ، ونعوذ بك من شرها وشر
أهلها ) . رواه النسائي
13
ـ قول بسم الله إذا عثرت دابته
عن أبي المليح عن رجل
قال : ( كنت رديف النبي e فعثرت ناقته فقلت : تعس الشيطان ، فقال : لا
تقل تعس الشيطان فإنك إذا قلت ذلك تعاظم حتى يكون مثل البيت ويقول بقوتي ، ولكن قل
: بسم الله ، فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يكون مثل الذباب ) . رواه أبو داود
14
ـ استحباب الدعاء في السفر
عن أبي هريرة t
قال : قال رسول الله e : ( ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن : دعوة
المظلوم ، ودعوة المسافر ، ودعوة الوالد على ولده ) . رواه أبو داود
ينبغي للمسلم أن
يغتنم فرصة الدعاء في السفر ، وإذا كان السفر سفر طاعة كعمرة وحج ، فإنه يزداد ذلك
قوة في إجابة الدعاء .
15
ـ بيان ما يقوله إذا خاف قوماً
عن أبي موسى الأشعري t
أن رسول الله e
كان إذا خاف قوماً قال : ( اللهم إنا نجعلك في نحورهم ، ونعوذ بك من شرورهم ) .
رواه أبو داود
16 ـ استحباب تعجيل الرجوع من السفر
عن أبي هريرة t
قال : قال رسول الله e : ( السـفر قطعة من العـذاب ، يمنع أحـدكم
نومه وطعامه وشرابه ، فإذا قضى أحدكم نهمته من وجهه فليعجل إلى أهله ) . متفق عليه
[ نهمته ] أي الحاجة .
والمقصـود في هذا
الحديث اسـتحباب تعجيل الرجوع إلى الأهل بعد قضاء شـغله ولا يتأخر بما ليس له بمهم
.
17 ـ النهي عن الطروق ليلاً
عن
أنس t
قال : ( كان النبي e لا يطرق أهله ، وكان يأتيهم غدوة أو عشية )
. متفق عليه
وعن
جابر t
قال : قال رسول الله e : ( إذا أطال أحدكم المغيبة فلا يطرق أهله
ليلاً ) . متفق عليه
وقد
بين النبي e السبب في ذلك :
فقال
e
: ( لكي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة ) .
[
الطروق ]
هو الإتيان في الليل ، وكل آت في الليل فهو طارق .
[
تستحد المغيبة ] أي تزيل شعر عانتها ، والمغيبة : التي
غاب زوجها .
ومعنى هذه الروايات أنه يكره لمن طال سفره أن
يقدم على امرأته ليلاً بغتة ، فأما من كان سفره قريباً تتوقع امرأته إتيانه ليلاً
فلا بأس كما قال في إحدى الروايات : " إذا أطال الرجل الغيبة " .
فعلى
هذا من أعلم أهله بوصوله وأنه يقدم في وقت كذا مثلاً ، لا يتناوله هذا النهي .
18
ـ استحباب ابتداء القادم من السفر بالمسجد
عن
كعب بن مالك t
: ( أن رسول الله e كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه
ركعتين ) . متفق عليه
قال
الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : ( وما أظن أحداً من الناس إلا قليلاً
يستعمل هذه السنة ، وهذا لجهل الناس بهذا ، وإلا فهذا سهل والحمد لله ، وسواء صليت
في مسجدك الذي كنت تصلي فيه القريب من بيتك ، أو صليت في أدنى مسجد من مساجد البلد
الذي أنت فيه ) .
19
ـ المعانقة عند الرجوع من السفر
عن
أنس t
قال : ( كان أصـحاب النبي e إذا تلاقوا تصـافحوا ، وإذا قـدموا من سـفر
تعانقـوا ) . رواه الطبراني في الأوسط
20
ـ تحريم سفر المرأة من غير محرم
عن
أبي هريرة t
قال : قال رسول الله e : ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر
أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها ) . متفق عليه
وعن
ابن عباس t
أنه سمع النبي e
يقول : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي
محرم ، فقال له رجل : يا رسول الله ، إن امرأتي خرجت حاجة ، وإني اكتتبت في غزوة كذا
وكذا ؟ قال : انطلق فحج مع امرأتك ) . متفق عليه
قال
الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
(
لا يجوز للمرأة أن تسافر بدون محرم ، سواء كان السفر بعيداً أو قريباً ، وسواء كان
للحج أو لغيره ، وسواء كانت شابة جميلة أم عجوزاً شوهاء ، وسواء أغلب الظن سلامتها
أم لا ، وسواء كان ذلك في طهارة أم غيره ) .
21
ـ دعاء ما يقوله إذا رجع ورأى بلدته
عن
أنس t
قال : ( أقبلنا مع النبي e حتى إذا كنا بظهر المدينة قال : "
آيبـون تائبـون عابـدون لربنا حامدون ، فلم يزل يقول ذلك حتى قدمنا المدينة ) .
رواه مسلم
فوائـــد
الســفر :
أشار
إليه الشافعي فيما روي عنه من قوله :
تغرب
عن الأوطان تكتسب العلى وسافر ففي
الأسفار خمس فوائد
تفرُجُ
همٍّ ، واكتسـابُ معيشـةٍ وعلمٌ ،
وآدابٌ ، وصـحبةُ ماجدِ
الأولى
/ انفراج
هم :
إن
الله أجرى العادة أن الملازم لمكان واحد وطعام واحد يسأم منه لا سيما إذا كان في
هم كثير ، فانتقل عن تلك الحالة أو تشاغل عن غيرها ، تصرف عنه الهم على التدريج .
الثانية
: اكتساب المعيشة :
فإنها
لا تكون إلا بالتحرك ، وقد قالت العرب : البركات مع الحركات .
الثالثة
: حصول العلم والأدب :
فقد
كان السلف يرحلون في طلب الحديث ، فقد رحل جابر بن عبد الله في طلب حديث واحد .
الرابعة
: وهي الآداب :
وذلك
لما يرى من الأدباء ولقاء العلماء العقلاء الذين لا يريدون قطره ، فيكتسب من
أخلاقهخم ويتحلى بفوائدهم ، كما قيل :
إذا
أعجبتك خلال امرئ فكنه ، يكن
فيك ما تعجب
فليس
على المجد والمكرمات إذا رمتها حاجب
يحجب
الخامسة
: صحبة الأمجاد :
فإن
صحبة الأمجاد ترفع المنقوص ، وترقيه إلى رتبة أهل الخصوص ، وتدخله في زمرتهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق