السبت، 23 ديسمبر 2023

صفــة العمرة و آداب السـفر

 

بسم الله الرحمن الرحيم

                                  

 


بقلم

سليمان بن محمد اللهيميد

السعودية / رفحاء 


بسم الله الرحمن الرحيم

 

مقدمة

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده         أما بعد :

فهذه مذكرة جمعت فيها ( صفة العمرة ) مستدلاً لذلك بالكتاب والسنة .

وحيث أن من يريد العمرة لا بد أن يسافر إلى مكة ، فقد ذكرت في نهايتها بعض آداب السفر لكي يتأدب بها المسافر ويكون سفرة من حيث خروجه إلى عودته على نهج النبي e .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد

 

بقلم

سليمان بن محمد اللهيميد

الموقع على الإنترنت

www.almotaqeen.net

 

 

 

 


بســم الله الرحمن الرحيم

 

صفة العمــرة

فضــل العمرة 

العمرة تمحق الذنوب .

عن أبي هريرة t قال : قال رسول الله e : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ) . رواه مسلم

 

قال النووي  :

[ هذا ظاهر في فضيلة العمرة وأنها مكفرة للخطايا الواقعة بين العمرتين ] .

وعن ابن عباس t قال : قال رسول الله e : ( تابعوا بين الحج والعمرة ، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد ) . رواه الترمذي

 

قال المباركفوري  :

( قوله : " فإنهما ينفيان الفقر " أي يزيلانه وهو يحتمل الفقر الظاهر بحصول غنى اليد ، والفقر الباطن بحصول غنى القلب .

قوله : " كما ينفي الكير " وهو ما ينفخ فيه الحداد لإشعال النار للتصفية .

قوله : " خبث الحديد والذهب والفضة " أي وسخهما ) .

 

قوله : ( تابعوا . . . )

قال ابن القيم  :

( ولم يكن في عمره e عمرة واحدة خارجاً من مكة كما يفعل كثير من الناس اليوم ، وإنما كانت عمره كلها داخلاً إلى مكة ) .

 

عمرة في رمضان تعدل حجة مع النبي e .

عن ابن عباس t قال : قال رسول الله e : ( عمرة في رمضان تعدل حجة ) وفي رواية : ( حجة معي )   متفق عليه

قال النووي :

( أي تقوم مقامها في الثواب لا أنها تعدلها في كل شيء ، فإنه لو كان عليه حجة فاعتمر في رمضان لا تجزئه عن الحجة ) .

 

قال الحافظ ابن حجر :

( قال ابن العربي : حديث العمرة هذا صحيح ، وهو فضل من الله ونعمة ) .

 

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

( وهذا يشمل أول رمضان وآخره ، وأما تخصيص ليلة سبع وعشرين من رمضان بعمرة فهذا من البدع ) .

 

وقال رحمه الله تعالى :

( فالعمرة في رمضان تعدل حجة كما جاء به الحديث ، ولكن ليس معنى ذلك أنها تجزئ عن الحجة بحيث لو اعتمر الإنسان في رمضان وهو لم يؤد الحج سقطت عنه الفريضة ، لأنه لا يلزم من معادلة الشيء للشيء أن يكون مجزئاً عنه ) .

 

العمرة واجبة مرة واحدة في العمر .

عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : قلت يا رسول الله ، أعلى النساء جهاد ؟ قال : ( نعم ، عليهن جهاد لا قتال فيه : الحج والعمرة ) . رواه أحمد وابن ماجه ، قال ابن حجر : إسناده صحيح

 

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

( فقوله [ عليهن ] ظاهرة في الوجوب ، لأن [ على ] من صيغ الوجوب كما ذكر ذلك أهل أصول الفقه ) .

 

سنن الإحـرام

 

الاغتســال .

عن زيد بن ثابت : ( أن النبي e تجرد لإهلاله واغتسل ) . رواه الترمذي

والغسل لكل مريد الإحرام ، الذكور والإناث ، الجنب وغير الجنب ، الحائض والنفساء .

 

الطيب في البدن .

عن عائشة t قالت : ( كنت أطيب رسول الله e لإحرامه قبل أن يحرم ، ولحله قبل أن يطوف بالبيت ) . متفق عليه

الإحرام عقب صلاة فرض .

عن ابن عمر t : ( أن النبي e أهل دبر صلاة ) . رواه مسلم

 

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

( ثم يصلي الفريضة إن كان وقت فريضة ليحرم بعدها ، فإن لم يكن وقت فريضة صلى ركعتين بنية سنة الوضوء لا بنية سنة الإحرام ، لأنه لم يثبت عن النبي e أن للإحرام سنة ) .

 

 التجرد من الملابس المخيطة ولبس ملابس الإحرام .

وهي للرجال رداء يلف به النصف الأعلى من البدن دون الرأس ، وإزار يلف به النصف الأسفل منه .

عن ابن عباس t قال : ( انطلق رسول الله e من بعد ما ارتحل ، وادهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه ) . رواه البخاري

وقال e : ( ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين ) .

 

الحكمة في تحريم اللباس المذكور على المحرم ولباسه الإزار والرداء :

1.  أن يبعد عن الترفه .

2.  أن يتصف بصفة الخاشع الذليل .

3.  أن يتذكر به الموت ولباس الأكفان .

4.  أن يتذكر البعث يوم القيامة والناس حفاة عراة .

 

أما المرأة فتلبس ما شاءت من الثياب غير أن لا تتبرج بزينة .

 

والأفضل أن يكونا أبيضين نظيفين .

لحديث ابن عباس t قال : قال رسول الله e : ( البسوا من ثيابكم البياض وكفنوها موتاكم فإنها من خير ثيابكم ) . رواه الترمذي

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

§     السنة أن يتطيب في بدنه ، أما ملابس الإحرام فلا يطيبها ، وإذا طيبها لم يلبسها حتى يغسلها أو يغيرها .

§       ليس للإحرام ثياب تخصه بالنسبة للمرأة ، بل تلبس ما شاءت إلا أنها لا تلبس النقاب ولا تلبس القفازين   .

§     يجوز للمرأة أن تغير ثيابها إلى ثياب أخرى ، سواء كان ذلك لحاجة أم لغير حاجة .

§     لا بأس بغسل ملابس الإحرام ، ولا بأس أن يغيرها ويستعمل غيرها بملابس جديدة أو مغسولة .

§     من أخطاء بعض الناس عند الإحرام الاضطباع ( وهو إخراج الكتف الأيمن وجعل طرفي الرداء تحت ابط اليد اليسرى ) وهذا خطأ فالاضطباع خاص بالطواف وليس أي طواف بل في طواف القدوم خاصة وطواف العمرة . 

 

المواقيـت

 

الميقات : هو المكان الذي يحرم منه الحجاج .

 

­والمواقيت هي :

[ ذو الحليفة : لأهل المدينـة ] ، [ الجحفة : لأهل الشـام ] ، [ قـرن المنازل : لأهل نجد ]   [ يلملم : لأهل اليمن ] ، [ ذات عرق : لأهل العراق ] .

عن ابن عباس t أن رسول الله e : ( وقت لأهل المدينة ذو الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ) . متفق عليه

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي e : ( وقت لأهل العراق ذات عرق ) . رواه أبو داود

 

­هذه المواقيت لأهلها ولمن مرّ عليها من غير أهلها .

لقوله e : ( هنّ لهنّ ولمن مرّ عليهن من غير أهلهنّ ، لمن كان يريد الحج والعمرة ) . متفق عليه

 

­من كان منزله دون الميقات فميقاته من منزله .

لقوله e : ( ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ ) .

( وأما من كان في مكة وأراد العمرة فميقاته من الحل ، لأن النبي e أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بعائشة إلى الحل لتحرم منه ) . متفق عليه

 

­يجب الإحرام من هذه المواقيت لمن يريد الحج والعمرة .

لقوله e : ( هنّ لهنّ ولمن مرّ عليهن من غير أهلهنّ ، لمن كان يريد الحج والعمرة ) . متفق عليه 

( أن من جاوز الميقات وهو يريد الإحرام : فإنه يجب عليه أن يرجع ويحرم من الميقات ولا شيء عليه ، فإن لم يرجع إلى الميقات فإنه يحرم من مكانه ويذبح فدية في مكة يوزعها على فقراء مكة ) .

 

­من كان بمكة فميقاته للعمرة من الحل .

عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله e دعا بعبد الرحمن بن أبي بكر فقال : ( أخرج باختك من الحرم فلتهل بعمرة ) . متفق عليه

 

قال النووي :

( إنه دليل لما قاله العلماء أن من كان بمكة وأراد العمرة فميقاته لها أدنى الحل ولا يجوز أن يحرم بها من الحرم . . . قال العلماء : وإنما وجب الخروج إلى الحل ليجمع في نسكه بين الحل والحرم كما أن الحاج يجمع بينهما فإنه يقف بعرفات وهي في الحل ثم يدخل مكة للطواف وغيره ) .

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

 

§   العمرة ليس لها ميقات زمني ، تفعل في أي يوم من أيام السنة ، لكنها في رمضان تعدل حجة .

§   من جاء عن طريق الجو فإنه يحرم إذا حاذى الميقات .

§   في تقدير النبي e هذه المواقيت وتحديدها معجزة من معجزاته الدالة على صدق نبوته ، فقد حددها ووقتها وأهلها لم يسلموا ، إشعاراً منه بأن أهل هذه الجهات سيسلمون ويحجون ويحرمون منها وقد كان ولله الحمد .

 

 

 


محظــورات الإحــرام

وهي ما يحرم على المحرم فعله .

 

أولاً : ما يختص بالذكر :

­لبس المخيط : وهو كل ما خيط على قدر البدن أو على جزء منه أو على عضو منه .

عن ابن عمر t قال : قال رسـول الله e : ( لا يلبس المحـرم القميص ولا البرانس ، ولا السراويل ) . متفق عليه

[ القميص ] جمع قميص ، وهو ما يفصل على هيئة البدن مخيطاً أو غير مخيطاً .

[ البرانس ] جمع برنس ، وهو ثوب رأسه منه ملصق به ، يلبسه الآن المغاربة .

 

­تغطية الرأس بملاصق :

لحديث ابن عمر السابق قال : قال رسول الله e : ( لا يلبس المحرم العمائم . . . ) . متفق عليه

قوله ( بملاصق ) يشمل الطاقية والغترة .

أما غير الملاصق كالخيمة والشجرة والشمسية فلا بأس .

 

ثانياً : ما يحرم على الذكر والأنثى :

­إزالة شعر الرأس : ( وألحق العلماء به بقية شعر البدن ) .

قال تعالى : ﴿ ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ﴾ .

( وألحق العلماء به إزالة الظفر من اليدين أو الرجلين ) .

 

­استعمال الطيب في بدنه أو ثوبه :

عن بن عباس t قال : ( وقصت رجل محرم ناقته فقتلته ، فأتي به رسول الله e فقال : اغسلوه بماء وسدر ولا تغطوا رأسه ولا تمسوه بطيب ) . متفق عليه

 

قال النووي :

( وسبب تحريم الطيب أنه داعية إلى الجماع ، ولأنه ينافي تذلل الحاج ، فإن الحاج أشعث أغبر ، وسواء في تحريم الطيب الرجل والمرأة ) .

 

­لبس القفازين : ( وهما شراب اليدين ) .

قال رسول الله e في المرأة المحرمة : ( ولا تلبس القفازين ) . رواه البخاري

 

­فدية هذه المحظورات على التخيير بين :

صيام ثلاثة أيام ، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ، أو ذبح شاة .

عن كعب بن عجرة قال : ( حملت إلى رسول الله e والقمل يتناثر على وجهي فقال : ما كنت أرى أن الوجع بلغ بك ما أرى ، فقال : احلق رأسك ، وصم ثلاثة أيام ، أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ، أو اذبح شاة ) . متفق عليه

 

ثالثاً : ما يحرم على الأنثى :

النقاب : ( وهو ستر الوجه مع وضع فتحة لعينها تنظر منها ) .

عن ابن عمر t قال : قال رسول الله e : ( ولا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين ) . متفق عليه

 

ومن محظورات الإحرام :

­عقد النكاح . ( وليس فيه فدية ) .

عن عثمان بن عفان t قال : قال رسول الله e : ( لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب ) . متفق عليه

­الجماع في الفرج .

إذا وقع الجماع قبل الطواف تفسد العمرة باتفاق أهل العلم ، نص على ذلك ابن رشد وابن عبد البر والشنقيطي .

 

­قتل الصيد :

والصيد : كل حيوان بري حلال متوحش طبعاً كالضباع والأرانب والحمام .

لقوله تعالى : ﴿ وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً ﴾ .

وقوله تعالى : ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ﴾ .

 

­فاعل المحظورات لا يخلو من ثلاث حالات :

1.   أن يفعل المحظور بلا حاجة ولا عذر : فهذا عليه الإثم والفدية .

2.   أن يفعله لحاجة : فهذا ليس عليه إثم وعليه فدية .

3.   أن يفعله وهو معذور بجهل أو نسيان : فهذا لا إثم عليه ولا فدية .

لقوله تعالى : ﴿ ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ﴾ .

       وقال رسول الله e : ( إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) .

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

 

§   لا بأس للمحرم أن يلبس الخاتم ، والساعة ، ونظارة العين ، وسماعة الأذن وغيرها .

§   ثم يقول : لبيك عمرة ، لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك . . .

التـلبيــة

 

­صفتها :

عن ابن عمر أن تلبية رسول الله e : ( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك ) . متفق عليه

 

­وهذه التلبية عظيمة جداً .

أطلق عليها جابر بن عبد الله التوحيد في قوله في صفة حج النبي e : ( حتى إذا استوت به ناقته على البيداء أهل بالتوحيد ) . رواه مسلم

 

­يلبي إذا استوت به راحلته .

عن ابن عمر أن النبي e : ( كان إذا استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهل فقال : لبيك اللهم لبيك . . . ) . متفق عليه

 

­يستحب رفع الصوت بالتلبية .

عن السائب بن خلاد t قال : قال رسول الله e : ( أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية ) . رواه أبو داود

وعن ابن عمر t : ( أن النبي e سئل أي الحج أفضل فقال : العج والثج ) . رواه ابن ماجه

ولأن رفع الصوت بها إظهار لشعائر الله وإعلان بالتوحيد .

العج : رفع الصوت بالتلبية .        الثج : نحر الهدي .

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

 

§   والمرأة تلبي سراً بقدر ما تسمع رفيقتها [ قاله الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ] .

§   ويستمر في التلبية من الإحرام إلى أن يشرع في الطواف .

§   من الأخطاء في التلبية أن تكون جماعية بصوت واحد ، وهذا لم يرد في الشرع .

§   ومن أخطاء بعض المعتمرين عدم الاهتمام في التلبية إما كسلاً أو جهلاً بفضلها .

§   لا يجوز أن يقول عند النية : اللهم إني أريد العمرة ، فلا يجـوز التلفظ بالنية ، لأن هذا لم يرد عن النبي e .

 

 

 

 

 

دخول المسجد الحرام والطواف

 

­يسن أن يقدم رجله اليمنى عند الدخول .

عن أنس بن مالك t قال : ( من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى ، وإذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى ) . رواه الحاكم

 

­وأن يقول الدعاء الوارد عند دخول المسجد .

عن أبي أسيد بن حضير قال : قال رسول الله e : ( إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي e ثم ليقل : اللهم افتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج فليقل : اللهم إني أسألك من فضلك ) . رواه أبو داود

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص t عن النبي e أنه كان إذا دخل المسجد قال : ( أعوذ بالله العظيم ، وبوجهه الكريم ، وسـلطانه القديم من الشـيطان الرجيم ، قال : فإذا قال ذلك قال الشيطان : حفظ مني سائر اليوم ) . رواه أبو داود

 

­ثم يبدأ بالطواف ويكون على وضوء .

عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ ( أن النبي e أول شيء بدأ به حين قدم مكة أنه توضأ ثم طاف بالبيت ) . متفق عليه

قال النووي :

( فيه دليل لإثبات الوضوء للطواف ، لأن النبي e فعله ثم قال e : " لتأخذوا عني مناسككم " ، وقد أجمعت الأئمة على أنه يشرع الوضوء للطواف ، ولكن اختلفوا في أنه واجب وشرط لصحته أم لا ، فقال مالك والشـافعي وأحمد والجمهور : هو شـرط لصحة الطواف واحتجوا بهـذا الحديث مع حديث " خذوا عني مناسككم " يقتضيان أن الوضوء واجب ، لأن كل ما فعله هو داخل في المناسـك ، فقد أمـرنا بأخـذ المناسـك ... ) .

 

­ثم يقصد الحجر الأسود .

[ فيستلمه ويقبله ] ، فإن لم يتمكن [ يستلمه بيده ويقبل يده ] فإن لم يتمكن [ يشير إليه ولا يقبل يده ]

عن جابر بن عبد الله في صفة حج النبي e قال : ( حتى إذا أتينا البيت استلم الركن اليماني ) . رواه مسلم

وعن أبي الطفيل قال : ( رأيت رسول الله e يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجنٍ معه ، ويقبل المحجن ) . رواه مسلم

وعن عمر t أنه قبل الحجر الأسود فقال : ( إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله e يقبلك ما قبلتك ) . متفق عليه

( في هذه فائدة : وهي أن مشروعية تقبيل الحجر الأسود واستلامه تعظيماً لله واتباعاً للرسول e لا لكونه حجراً )

 

­يقول عند الحجر الأسود الوارد .

عن نافع t قال : كان ابن عمر إذا استلم الحجر قال : ( بسم الله ، والله أكبر ، اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ، ووفاءً بعهدك ، واتباعاً لسنة نبيك محمد ) . رواه الطبراني  

( أما بقية الأشواط فإنه يكبر كلما حاذى الحجر اقتداءً بالنبي e ) .

 

­يبدأ بالطواف جاعلاً البيت عن يساره ( سبع مرات ) .

لحديث جابر في صفة حج النبي e : ( أن رسول الله e لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه ثم مشى على يساره ) . رواه مسلم

 

­يستلم الحجر والركن اليماني في كل شوط .

§   عند استلام الركن اليماني لا يقل شيئاً ، لا تكبير ولا غيره ، لأن ذلك لم يرد .

§   ليس للطواف ذكر خاص ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

(وليس فيه ذكر محدد عن النبي e لا بأمره ولا بقوله، بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية ).

 

­إلا ما بين الركن اليماني والحجر الأسود يقول الوارد .

عن عبد الله بن السائب t قال : سمعت رسول الله e يقول ما بين الركنين :

( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) . رواه أبو داود

 

­يسن في الطواف الاضطباع .

وهو أن يجعل وسط الرداء تحت إبطه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر .

عن ابن عباس t : ( أن رسول الله e وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت وجعلوا أرديتهم تحت أباطهم قد قذفوها على عواتقهم اليسرى ) . رواه أبو داود

 

­ويسن في الطواف الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى .

عن جابر في صفة حج النبي e قال :( أن رسول الله e لما قدم مكة أتى الحجر فاسـتلمه ثم مشـى على يمينه فرمل ثلاثاً ومشـى أربعاً ) . رواه مسلم

 

­ويكون من الحجر إلى الحجر .

عن ابن عمر t : ( أن رسول الله e رمل من الحجر إلى الحجر ) . رواه مسلم

­يحرم أن يطوف عريان .

عن أبي هريرة t قال : قال رسول الله e : ( لا يطوف بالبيت عريان ) . متفق عليه

 

قال النووي :

( هذا إبطال لما كانت الجاهلية عليه من الطواف بالبيت عراة ) .

 

­يحرم على الحائض أن تطوف بالبيت .

لقوله e لعائشة لما حاضت : ( افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري ) . متفق عليه

 ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

 

§   إذا أقيمت الصلاة والإنسان يطوف سواء طواف عمرة ، أو طواف حج ، أو طواف تطوع فإنه ينصرف من طوافه ويصلي ، ثم يرجع ويكمل الطواف ، ولا يستأنفه من جديد ، ويكمل الطواف من الموضع الذي انتهى إليه من قبل ، ولا حاجة إلى إعادة الشوط من جديد ، لأن ما سبق بني على أساس صحيح وبمقتضى إذن شرعي فلا يمكن أن يكون باطلاً إلا بدليل شرعي [ قاله الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ] .

§   من أخطاء بعض المعتمرين الحرص على تقبيل الحجر الأسود لا بقصد التأسي برسول الله e ولكن لاعتقاد أنه ينفع أو يضر ، وهذا شرك .

§   ومن الأخطاء في الطواف تخصيص كل شوط بدعاء معين وهذا لا أصل له .

§   ومن الأخطاء مزاحمة الناس لأجل الوصول إلى الحجر لتقبيله مما يؤدي إلى الأذية والسب والشتم   وذهاب الخشوع .

 

الصلاة خلف مقام إبراهيم

 

­بعد الانتهاء من الشوط السابع يصلي ركعتين خلف المقام .

قال جابر في صفة حج النبي e : ( . . .  ثم أتى مقام إبراهيم فصلى . . . ) . رواه مسلم

 

­ثم يقرأ في الأولى بالكافرين والثانية بالإخلاص .

قال جابر في صفة حج النبي e : ( . . . ثم نفذ إلى مقام إبراهيم u فقرأ : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ، فجعل المقام بينه وبين البيت وقرأ في الركعتين : قل هو الله أحد ، وقل يا أيها الكافرون ) . رواه مسلم

­ثم يرجع إلى الركن فيستلمه إن تيسر له ذلك .

قال جابر في صفة حج النبي e : ( ثم رجع إلى الركن فاستلمه ) . رواه مسلم

 

­ثم إذا فرغ من الصلاة ذهب إلى زمزم فشرب منه .

عن جابر t : ( أن النبي e رمل ثلاثة أشواط من الحجر إلى الحجر ، وصلى ركعتين ثم عاد إلى الحجر ثم ذهب إلى زمزم فشرب منها وصب على رأسه ) . رواه أحمد

وقد قال e في ماء زمزم :

( ماء زمزم لما شرب له ) . رواه أحمد

وقال أيضاً :

( إنها مباركة وهي طعام طعم ) . رواه مسلم

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

 

§   من أخطاء بعض المعتمرين اعتقاد أن ركعتي الطواف لا تصح إلا خلف مقام إبراهيم فيتزاحمون لأجل أدائها في هذا الموضع .

§   ومن الأخطاء التمسح بمقام إبراهيم بعد أداء ركعتي الطواف .

الســعي

 

­ثم بعد ذلك يعود أدراجه ليسعى بين الصفا والمروة ويبدأ من الصفا .

قال جابر في صفة حج النبي e : ( . . . ثم خرج إلى الصفا ، فلما دنا من الصفا قرأ : إن الصفا والمروة من شعائر الله ، أبدأ بما بدأ الله به ، فبدأ بالصفا ، فرقى عليه حتى رأى البيت ، فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره ، وقال : لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ثم دعا بين ذلك ، قال مثل هذا ثلاث مرات ) . رواه مسلم

 

­ثم ينزل ليسعى .

قال e : ( اسعوا ، فإن الله كتب عليكم السعي ) . رواه أحمد

فإذا بلغ العلم الأول سعى سعياً شديداً إلى العلم الآخر الذي بعده ، ثم بعد العلم الثاني يمشي مشياً عادياً حتى يأتي المروة .

فإذا أتى المروة صـعد عليها ويصـنع فيها ما صـنع على الصـفا من اسـتقبال القبلة والتكبير والتوحيد والدعاء ـ وهذا شوط .

ثم بعد ذلك يعود حتى يرقى على الصفا ـ وهذا شوط ثاني ، ثم يعود إلى المروة ، حتى يتم له سبعة أشواط نهاية آخرها على المروة .

­ويدعو أثناء السعي بما يريد . 

لقوله e : ( إنما جعل رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله ) . رواه الترمذي

وإن دعا بقوله :

( ربِّ اغفر وارحم ، إنك أنت الأعز الأكرم ) فلا بأس .

 

­يشترط أن يبدأ بالصفا .

فإن بدأ بالمروة لم يعتد بذلك الشوط .

لأن النبي e بدأ بالصفا وقال : ( نبدأ بما بدأ الله به ) . رواه مسلم

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

 

§   لا تشترط الطهارة للسعي   .

§   من أخطاء بعض المعتمرين الاضطباع حال السعي ، وهذا خطأ ، فالاضطباع خاص بالطواف .

§   ومن الأخطاء الاستمرار في السعي حتى ولو أقيمت الصلاة ، وهذا خطأ ، فالواجب أداء الصلاة مع الجماعة والوقوف عن السعي وإكماله بعد الصلاة .

 

 

الحلق أو التقصير

 

 

­فإذا أتم الإنسان سعيه فإنه يحلق رأسه أو يقصر .

 

­والحلق أفضل من التقصير .

لحديث أبي هريرة t قال : قال رسول الله e : ( اللهم اغفر للمحلقين ، قالوا : والمقصرين ، قال : اللهم اغفر للمحلقين ، قالوا : والمقصرين ، قال : اللهم اغفر للمحلقين ، قالوا : والمقصرين ، قال : وللمقصرين ) متفق عليه

ولأن الله بدأ به في قوله تعالى : ﴿ محلقين رؤوسكم ومقصرين ﴾ .

 قال النووي :

( ووجه فضيلة الحلق على التقصير أنه أبلغ لله تعالى ، ولأن المقصر مبق على نفسه الشعر الذي هو زينة ، والحاج مأمور بترك الزينة ، بل هو أشعث أغبر ) .

 

­والتقصير لا بد أن يعم جميع شعر الرأس .

لقوله تعالى : ﴿ محلقين رؤوسكم ومقصرين ﴾ .

ومن المعلوم أن الإنسان إذا قصر ثلاث شعرات من جانب الرأس لم يعد مقصراً ، ولأن حلق بعض الرأس دون بعض منهي عنه شرعاً [ قاله الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ] .

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

 

§   وأما المرأة فتقصر من شعر رأسها بقدر أنملة فقط .

§     من نسي الحلق أو التقصير في العمرة فطاف وسعى ، ثم لبس قبل أن يحلق أو يقصر ، فإنه ينزع ثيابه إذا ذكر ويحلق أو يقصر ثم يعيد لبسهما .

 

طواف الوداع

 

يسن أن يطوف طواف الوداع عند خروجه .

عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : ( أمر الناس أن يكون |آخر عهدهم بالبيت ، إلا أنه خفف عن الحائض ) . متفق عليه

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

( . . . من أراد السفر إلى أهله أو غير أهله شرع له الوداع ، ولا يجب عليه لعدم الدليل ، وقد خرج الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم الذين حلوا من عمرتهم إلى منى وعرفات وإلى أبعد من عرفات لرعي إبلهم ولم يؤمروا بطواف الوداع ) .

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

§   أن الحائض ليس عليها طواف وداع .

§   أن طواف الوداع آخر شؤون المسافر ، لأن هذا معنى الوداع .

§   شراء بعض الأشياء اليسيرة في طريقه ، أو انتظار الرفقة ، أو نحو ذلك من التأخر ، اليسير لا يضر .

أركان العمرة

 

1. الإحرام : نية الدخول في النسك .         2. الطواف .           3. السعي .

واجبات العمرة

 

1. الإحرام من الميقات المعتبر له .      2. الحلق أو التقصير .

 


بعض الأدعية الواردة في الكتاب والسنة

﴿ ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ﴾

﴿ ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ﴾

﴿ ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك لا تخلف الميعاد . ربنا إنك جامع الناس
   ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد ﴾

﴿ ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ﴾

﴿ ربِّ هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء ﴾

﴿ ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ﴾

﴿ ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننَّ من الخاسرين ﴾

﴿ ربِّ أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين ﴾

﴿ ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً ﴾

﴿ ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم ﴾

﴿ ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير ﴾   

( اللهم إني أســألك الهـدى ، والتقى ، والعفاف ، والغنى )

( اللهم اغفر لي ، وارحمني ، واهدني ، وعافني ، وارزقني ) .

( اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك ) .

( اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي ، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي ، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير ، واجعل الموت راحة لي من كل شر ) .

( اللهم إني أعوذ بك من العجز ، والكسل ، والجبن ، والهرم ، والبخل ، وأعوذ بك من عذاب القبر ، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ) .

( اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني ، إنك أنت الغفور الرحيم ) .

( اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل ) .

( اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل ، والبخل والهرم ، وعذاب القبر ، اللهم آتي نفسي تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها ، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن دعوة لا يستجاب لها ) .

( اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق ، والأعمال ، والأهواء ) .

( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ) .


آداب الســفر

مقدمة :

سمي السفر سفراً لأمرين :

§     لأنه يسفر عن أخلاق الرجال ، أي يظهر أحوالهم .

§     وقيل : سمي سفراً من البروز والظهور ، ومنه أسفر الصباح إذا لمع .

 

1 ـ استحباب قول دعاء السفر .

عن ابن عمر t : أن رسول الله e كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى السفر ، كبر ثلاثاً ثم قال :        ( سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى ، اللهم هون علينا سفرنا ، واطو عنّا بعده ، اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنظر ، وسوء المنقلب في المال والأهل ) 

 

[ مقرنين ] : مطيقين أي ما كنا نطيق قهره واستعماله لولا تسخير الله تعالى إياه لنا .

[ وعثاء السفر ] شدته ومشقته .

[ الكآبة ] تغير النفس والانكسار من الحزن والهم .

[ المنقلب ] المرجع ، ومعناه : أن يرجع من سفره فيجد أهله أصيبوا بمصيبة .

 وفي هذا الحديث استحباب هذا الذكر عند ابتداء الأسفار كلها  .

 

2 ـ استحباب التبكير في السفر

عن صخر الغامدي عن النبي e قال : ( اللهم بارك لأمتي في بكورها ) وكان إذا بعث سرية أو جيشاً بعثهم من أول النهار ، وكان صخر تاجراً ، وكان يبعث تجارته أول النهار فأثرى وكثر ماله ) رواه أبوداود .

 

 [ في بكورها ] : أي صباحها وأول نهارها .

 [ وكان يبعث تجارته ] : أي ماله .

 [ فأثرى ] : أي صار ذا ثروة ، أي مال كثير .

 

3 ـ استحباب التأمير في السفر

 

عن أبي سعيد الخدري t قال : قال رسول الله e : ( إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ) رواه أبو داود

 

ويجب عليهم أن يطيعوا الأمير :

لقوله e : ( من يطع الأمير فقد أطاعني ، ومن يعص الأمير فقد عصاني ) .

 

إلا في معصية الله فلا يطيعوه :

لقوله e : ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، إنما الطاعة في المعروف ) .

 

[ فليؤمروا أحدهم ] إنما أمر بذلك ليكون أمرهم جميعاً ولا يتفرق بهم الرأي ، ولا يقع بينهم الاختلاف .

 

4 ـ يشرع للمسافر التنفل بأنواع النوافل

 

عن ابن عمر ( أنه كان يصلي في السفر على راحلته أينما توجهت ، وذكر أن النبي كان يفعله ) . متفق عليه

وعنه قال : ( كان النبي e يوتر على بعيره ) . أي في السفر

وعن أم هانئ : ( أن النبي e صلى ثمان ركعات ضحىً عام الفتح ) . متفق عليه

يستثنى من ذلك : سنة الظهر ، والمغرب ، والعشاء ، فإنه لا يشرع للمسافر أن يصليها .

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : ” والمسافر يصلي من النوافل ما شاء ، إلا سنة الظهر والمغرب والعشاء “ .

 

5 ـ استحباب طلب الرفقة في السفر

 

عن ابن عمر t عن النبي e قال : ( لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده ) . رواه البخاري

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله e : ( الراكب شيطان ، والراكبان شيطانان ، والثلاثة ركب ) . رواه أبو داود

 [ ما أعلم ] أي الذي أعلمه من الآفات التي تحصل بذلك  .

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

( وهذا في الأسفار التي تتحقق فيها الوحدة ، وأما ما يكون في الخطوط العامرة التي لا تكاد تمر فيها دقيقة واحدة إلا وتمر بك سيارة ، فهذا وإن كان الإنسان في سيارة وحده ، فليس من هذا الباب ، يعني ليس من السفر وحده ) .

 

6 ـ التكبير عند الصعود والتسبيح عند الهبوط

 

عن جابر t قال : ( كنا إذا صعدنا كبرنا ، وإذا نزلنا سبحنا ) . رواه البخاري

تكبيره e عند الارتفاع استشعار لكبرياء الله عز وجل ، لأن الإنسان إذا علا يرى نفسه في مكان عال فقد يستعظم نفسه ، فناسب أن يقول الله أكبر ، فيرد نفسه إلى الاستصغار .

وأما تسبيح الله تعالى عند النزول ، لأن التسبيح هو التنزيه فناسب تنزيه الله عن السفول والنزول ، لأنه سبحانه وتعالى فوق كل شيء . 

 

 

7 ـ استحباب مراعاة مصلحة الدواب في السير

 

عن أبي هريرة t قال : قال رسول الله e : ( إذا سافرتم في الخصيب فأعطوا الإبل حقها من الأرض ، وإذا سافرتم في الجدب فأسرعوا عليها السير ، وبادروا بها نقيها ، وإذا عرستم فاجتنبوا الطريق ، فإنها طرق الدواب ومأوى الهوام بالليل ) . رواه مسلم

 

  [ أعطوا الإبل حقها من الأرض ] أي ارفقوا بها السير لترعى في حال سيرها .

[الخصيب ] أي زمان كثرة العلف والنبات .

 

8 ـ استحباب التجمع عند النزول للراحة

 

عن أبي ثعلبة الخشني t قال : ( كان الناس إذا نزلوا منزلاً تفرقوا في الشـعاب والأودية ، فقال رســول الله e : إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان ) . رواه أبو داود

[ إنما ذلكم من الشيطان ] أي تفرقكم .

 

9 ـ استحباب السفر ليلاً

 

عن أنس بن مالك t قال : قال رسول الله e : ( عليكم بالدلجة ، فإن الأرض تطوى بالليل ) . رواه أبو داود

[ عليكم بالدلجة ] بضم فسكون اسم من أدلج القوم إذا ساروا أول الليل ، ومنهم من جعل الإدلاج سير الليل كله ، وكأنه المعنى به في الحديث لأنه عقّبه بقوله : " فإن الأرض تطوى بالليل ، بصيغة أي تقطع بالسير في الليل ) .

 

 

10 ـ عدم المرور بأرض المعذبين إلا أن يكون باكياً

 

عن ابن عمر t أن رسول الله e قال لأصحابه ـ يعني لما وصلوا الحجر ديار ثمود ـ : ( لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم ) . متفق عليه

 

فيه الحث على المراقبة عند المرور بديار الظالمين ومواضع العذاب ، ومثله الإسراع في وادي محسر لأن أصحاب الفيل هلكوا هناك ، فينبغي للمار في مثل هذه المواضع المراقبة والخوف والبكاء والاعتبار بهم وبمصارعهم ، وأن يستعيذ بالله من ذلك .

 

11 ـ يستحب أن يقول الدعاء الوارد إذا نزل منزلاً

 

عن خولة بنت حكيم قالت : قال رسول الله e : ( من نزل منزلاً ثم قال : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك ) . رواه مسلم

 

12 ـ استحباب قول دعاء القرية عند دخولها

 

عن صهيب أن محمداً e لم يكن يرى قرية يريد دخولها إلا قال حين يراها :

( اللهم ربّ السموات السبع وما أضللن ، وربّ الأرضين السبع وما أقللن ، وربّ الشياطين وما أضللن ، وربّ الرياح وما ذرين ، فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها ، ونعوذ بك من شرها وشر أهلها ) . رواه النسائي

 

13 ـ قول بسم الله إذا عثرت دابته

 

عن أبي المليح عن رجل قال : ( كنت رديف النبي e فعثرت ناقته فقلت : تعس الشيطان ، فقال : لا تقل تعس الشيطان فإنك إذا قلت ذلك تعاظم حتى يكون مثل البيت ويقول بقوتي ، ولكن قل : بسم الله ، فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يكون مثل الذباب ) . رواه أبو داود

 

14 ـ استحباب الدعاء في السفر

 

عن أبي هريرة t قال : قال رسول الله e : ( ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن : دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ، ودعوة الوالد على ولده ) . رواه أبو داود

ينبغي للمسلم أن يغتنم فرصة الدعاء في السفر ، وإذا كان السفر سفر طاعة كعمرة وحج ، فإنه يزداد ذلك قوة في إجابة الدعاء .  

 

15 ـ بيان ما يقوله إذا خاف قوماً

 

عن أبي موسى الأشعري t أن رسول الله e كان إذا خاف قوماً قال : ( اللهم إنا نجعلك في نحورهم ، ونعوذ بك من شرورهم ) . رواه أبو داود

 

16 ـ استحباب تعجيل الرجوع من السفر

 

عن أبي هريرة t قال : قال رسول الله e : ( السـفر قطعة من العـذاب ، يمنع أحـدكم نومه وطعامه وشرابه ، فإذا قضى أحدكم نهمته من وجهه فليعجل إلى أهله ) . متفق عليه

[ نهمته ] أي الحاجة .

 

والمقصـود في هذا الحديث اسـتحباب تعجيل الرجوع إلى الأهل بعد قضاء شـغله ولا يتأخر بما ليس له بمهم .

 

17 ـ النهي عن الطروق ليلاً

 

عن أنس t قال : ( كان النبي e لا يطرق أهله ، وكان يأتيهم غدوة أو عشية ) . متفق عليه

وعن جابر t قال : قال رسول الله e : ( إذا أطال أحدكم المغيبة فلا يطرق أهله ليلاً ) . متفق عليه

وقد بين النبي e السبب في ذلك :

فقال e : ( لكي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة ) .

[ الطروق ] هو الإتيان في الليل ، وكل آت في الليل فهو طارق .

[ تستحد المغيبة ] أي تزيل شعر عانتها ، والمغيبة : التي غاب زوجها .

 

 ومعنى هذه الروايات أنه يكره لمن طال سفره أن يقدم على امرأته ليلاً بغتة ، فأما من كان سفره قريباً تتوقع امرأته إتيانه ليلاً فلا بأس كما قال في إحدى الروايات : " إذا أطال الرجل الغيبة " .

فعلى هذا من أعلم أهله بوصوله وأنه يقدم في وقت كذا مثلاً ، لا يتناوله هذا النهي .

 

18 ـ استحباب ابتداء القادم من السفر بالمسجد

 

عن كعب بن مالك t : ( أن رسول الله e كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ) . متفق عليه

 

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : ( وما أظن أحداً من الناس إلا قليلاً يستعمل هذه السنة ، وهذا لجهل الناس بهذا ، وإلا فهذا سهل والحمد لله ، وسواء صليت في مسجدك الذي كنت تصلي فيه القريب من بيتك ، أو صليت في أدنى مسجد من مساجد البلد الذي أنت فيه ) .

 

19 ـ المعانقة عند الرجوع من السفر

 

عن أنس t قال : ( كان أصـحاب النبي e إذا تلاقوا تصـافحوا ، وإذا قـدموا من سـفر تعانقـوا ) . رواه الطبراني في الأوسط  

 

20 ـ تحريم سفر المرأة من غير محرم

 

عن أبي هريرة t قال : قال رسول الله e : ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها ) . متفق عليه

وعن ابن عباس t أنه سمع النبي e يقول : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، فقال له رجل : يا رسول الله ، إن امرأتي خرجت حاجة ، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا ؟ قال : انطلق فحج مع امرأتك ) . متفق عليه

 

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

( لا يجوز للمرأة أن تسافر بدون محرم ، سواء كان السفر بعيداً أو قريباً ، وسواء كان للحج أو لغيره ، وسواء كانت شابة جميلة أم عجوزاً شوهاء ، وسواء أغلب الظن سلامتها أم لا ، وسواء كان ذلك في طهارة أم غيره ) .

 

21 ـ دعاء ما يقوله إذا رجع ورأى بلدته

 

عن أنس t قال : ( أقبلنا مع النبي e حتى إذا كنا بظهر المدينة قال : " آيبـون تائبـون عابـدون لربنا حامدون ، فلم يزل يقول ذلك حتى قدمنا المدينة ) . رواه مسلم

 

فوائـــد الســفر :

أشار إليه الشافعي فيما روي عنه من قوله :

تغرب عن الأوطان تكتسب العلى     وسافر ففي الأسفار خمس فوائد

تفرُجُ همٍّ ، واكتسـابُ معيشـةٍ      وعلمٌ ، وآدابٌ ، وصـحبةُ ماجدِ

الأولى / انفراج هم :

إن الله أجرى العادة أن الملازم لمكان واحد وطعام واحد يسأم منه لا سيما إذا كان في هم كثير ، فانتقل عن تلك الحالة أو تشاغل عن غيرها ، تصرف عنه الهم على التدريج .

الثانية : اكتساب المعيشة :

فإنها لا تكون إلا بالتحرك ، وقد قالت العرب : البركات مع الحركات .

الثالثة : حصول العلم والأدب :

فقد كان السلف يرحلون في طلب الحديث ، فقد رحل جابر بن عبد الله في طلب حديث واحد .

الرابعة : وهي الآداب :

وذلك لما يرى من الأدباء ولقاء العلماء العقلاء الذين لا يريدون قطره ، فيكتسب من أخلاقهخم ويتحلى بفوائدهم ، كما قيل :

إذا أعجبتك خلال امرئ             فكنه ، يكن فيك ما تعجب

فليس على المجد والمكرمات        إذا رمتها حاجب يحجب

الخامسة : صحبة الأمجاد :

فإن صحبة الأمجاد ترفع المنقوص ، وترقيه إلى رتبة أهل الخصوص ، وتدخله في زمرتهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق