الخميس، 14 مارس 2024

حكم إخراج القيمة في الزكاة :

 حكم إخراج القيمة في الزكاة :


حكم إخراج القيمة في الزكاة :
كتب الدكتور حبيب الله حسن
الأصل في جميع الزكوات أن تخرج من جنسها ؛ فالمال يخرج مال؛ والبهائم تخرج منها ؛ …….وهكذا...ولكن أجاز جمع من الفقهاء العدول من الأصل إلى القيمة في كل الزكوات ومنها زكاة الفطر .
وممن أجاز إخراج القيمة في زكاة الفطر من الصحابة – رضي الله عنهم-: ” عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله بن عمر، وابن مسعود، وابن عباس، ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم جميعًا ” ( انظر: عمدة القاري).
وممن قال بذلك من التابعين والسلف – رضي الله عنهم-: طاووس بن كيسان ؛ والإمام سفيان الثوري ؛ وعمر بن عبد العزيز وغيرهم . ومن الفقهاء الإمام أبو حنيفة النعمان.
والقول بجواز إخراج القيمة في زكاة الفطر –وغيرها-، مذهب الإمام البخاري- يرحمه الله – قال ابن رشيد : ” وافق البخاري في هذه المسألة الحنفية مع كثرة مخالفته لهم ، لكن قاده إلى ذلك الدليل “. ( فتح الباري).
ومن أجل ذلك عقد الإمام البخاري -يرحمه الله- في صحيحه، في كتاب الزكاة باباً بعنوان: (باب العَرْض في الزكاة ) والعرض : أي القيمة . وذكر تحته أربعة أحاديث تدل على جواز إخراج القيمة في الزكاة مطلقًا، ثم قاس عليها زكاة الفطر. ومن أبرز هذه الأحاديث حديث معاذ بن جبل- رضي الله عنه-.
قال الإمام البخاري: قَالَ طَاوُسٌ قَالَ مُعَاذٌ، -رَضِيَ الله عَنْهُ-، لأَهْلِ الْيَمَنِ : ائْتُونِي بِعَرْضٍ ثِيَابٍ خَمِيصٍ، أَوْ لَبِيسٍ فِي الصَّدَقَةِ مَكَانَ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ ؛ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ وَخَيْرٌ لأَصْحَابِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – بِالْمَدِينَةِ”.
وهذا الحديث يدل على جواز إخراج القيمة في زكاة الزروع؛ لأن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- كان أعلم الناس بالحلال والحرام، وقد بين له النبي – صلى الله عليه وسلم – لما أرسله إلى اليمن ما يصنع، وقد طلب من أهل اليمن أن يدفعوا قيمة مقدار زكاة زروعهم من الشعير والذرة ثيابًا ؛ مراعيًا في ذلك مصلحة الأغنياء والفقراء معًا، ولو كان ذلك التصرف من معاذ خلاف الصواب وقاله برأيه لرده النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى الصواب. ويقاس على جواز إخراج القيمة في زكاة الزروع زكاة الفطر.
بل إن الإمام ابن تيمية نفسه – وهو المرجع الأصلي عند السلفيين – أجاز إخراج القيمة للمصلحة والحاجة... فقال في مجموع فتاويه: ” وأما إخراج القيمة للحاجة أو المصلحة أو العدل فلا بأس به “.
كذلك أجاز إخراج القيمة الأزهر الشريف ؛ ودار الإفتاء المصرية ؛ ومجمع البحوث الإسلامية .
ومما سبق يتبين لنا بجلاء جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر؛ وذلك لما يلي:
#أولًا: أنه عمل بعض الصحابة والتابعين، ومذهب الإمام أبي حنيفة النعمان، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد بن حنبل، ورأي ابن حبيب من المالكية، وشهاب الدين الرملي من الشافعية، والإمام ابن تيمية من الحنابلة، وهو مذهب الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-، واختيار الإمام أبي جعفر الطحاوي من الحنفية وغيرهم كما سبق.
#ثانيًا: أنه بإخراج القيمة في زكاة الفطر يتحقق الهدف من فرضيتها، وهو إغناء الفقير والمسكين وذوي الحاجة؛ فالإغناء يحصل بدفع القيمة كما يحصل بدفع الطعام.
#ثالثًا: مراعاة مصلحة الفقير، وذلك أن إخراج القيمة يمكّنه من قضاء متطلباته من غذاء ودواء ودفع إيجار مسكن، وغير ذلك من متطلبات أولاده.
#رابعًا: مراعاة التيسير على الناس الذين يدفعون الزكاة وخاصة الذين يسكنون في المدن الصناعية، أو أهل الحضر.
#خامسًا: أنه تطورت ظروف المعيشة والحياة المنزلية، فأصبح الناس الآن في المدن والقرى والكفور وغيرها لا يطحنون القمح ولا يخبزونه بعد انتشار الأفران الآلية.
#سادسًا: حماية الفقراء من استغلال بعض التجار؛ فقد تلاحظ في بعض الدول العربية التي تتمسك بإخراج الحبوب في زكاة الفطر، أن الفقراء يعرضون عليهم زكواتهم من الحبوب فيشترونها منهم أو يبدلونها لهم ببعض السلع الغذائية بسعر بخس، فيكون التاجر هو المستفيد من التقيد بإخراج الحبوب في زكاة الفطر، حيث يبيعها للمزكِّي بسعر ما، ويشتريها أو يستبدلها للفقير بسعر أقل. ( انظر : الشريعة الإسلامية وعلومها – أ.د / رضا عبد المجيد المتولي ) .
#والخلاصة : أن من أخرج حبوباً فقد أخذ بظاهر النص ؛ وأن من أخرج القيمة فقد راعى مصلحة الفقير ولا ننكر عليه !!
ا/ محمد نوفل....
وينبغي أم يعلم بأن القيمة أعم من أن تكون نقودا؛ ولهذا يغفل محرمو القيمة، ومجرمو العمل بها أنهم يعملون بها، ويفتون بها؛ إذ إنهم يخرجون الأرز والعدس، وغيرهما من الأطعمة التي لم يرد بها النص ، وليست من الأطعمة التي جاءت في النصوص.
- وبهذه الرؤية المعتدلة، المتزنة، المصحوبة بالدليل، والفقه بمقاصد الشريعة، والمعرفة بفقه الواقع أقول، وأفتي، وأدعو، ولا أحب أن أعطي الخلاف في هذه المسألة أكثر مما يستحق.
لا يتوفر وصف للصورة.
كل التفاعلات:
٧

كتب الدكتور حبيب الله حسن
الأصل في جميع الزكوات أن تخرج من جنسها ؛ فالمال يخرج مال؛ والبهائم تخرج منها ؛ …….وهكذا...ولكن أجاز جمع من الفقهاء العدول من الأصل إلى القيمة في كل الزكوات ومنها زكاة الفطر .
وممن أجاز إخراج القيمة في زكاة الفطر من الصحابة – رضي الله عنهم-: ” عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله بن عمر، وابن مسعود، وابن عباس، ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم جميعًا ” ( انظر: عمدة القاري).
وممن قال بذلك من التابعين والسلف – رضي الله عنهم-: طاووس بن كيسان ؛ والإمام سفيان الثوري ؛ وعمر بن عبد العزيز وغيرهم . ومن الفقهاء الإمام أبو حنيفة النعمان.
والقول بجواز إخراج القيمة في زكاة الفطر –وغيرها-، مذهب الإمام البخاري- يرحمه الله – قال ابن رشيد : ” وافق البخاري في هذه المسألة الحنفية مع كثرة مخالفته لهم ، لكن قاده إلى ذلك الدليل “. ( فتح الباري).
ومن أجل ذلك عقد الإمام البخاري -يرحمه الله- في صحيحه، في كتاب الزكاة باباً بعنوان: (باب العَرْض في الزكاة ) والعرض : أي القيمة . وذكر تحته أربعة أحاديث تدل على جواز إخراج القيمة في الزكاة مطلقًا، ثم قاس عليها زكاة الفطر. ومن أبرز هذه الأحاديث حديث معاذ بن جبل- رضي الله عنه-.
قال الإمام البخاري: قَالَ طَاوُسٌ قَالَ مُعَاذٌ، -رَضِيَ الله عَنْهُ-، لأَهْلِ الْيَمَنِ : ائْتُونِي بِعَرْضٍ ثِيَابٍ خَمِيصٍ، أَوْ لَبِيسٍ فِي الصَّدَقَةِ مَكَانَ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ ؛ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ وَخَيْرٌ لأَصْحَابِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – بِالْمَدِينَةِ”.
وهذا الحديث يدل على جواز إخراج القيمة في زكاة الزروع؛ لأن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- كان أعلم الناس بالحلال والحرام، وقد بين له النبي – صلى الله عليه وسلم – لما أرسله إلى اليمن ما يصنع، وقد طلب من أهل اليمن أن يدفعوا قيمة مقدار زكاة زروعهم من الشعير والذرة ثيابًا ؛ مراعيًا في ذلك مصلحة الأغنياء والفقراء معًا، ولو كان ذلك التصرف من معاذ خلاف الصواب وقاله برأيه لرده النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى الصواب. ويقاس على جواز إخراج القيمة في زكاة الزروع زكاة الفطر.
بل إن الإمام ابن تيمية نفسه – وهو المرجع الأصلي عند السلفيين – أجاز إخراج القيمة للمصلحة والحاجة... فقال في مجموع فتاويه: ” وأما إخراج القيمة للحاجة أو المصلحة أو العدل فلا بأس به “.
كذلك أجاز إخراج القيمة الأزهر الشريف ؛ ودار الإفتاء المصرية ؛ ومجمع البحوث الإسلامية .
ومما سبق يتبين لنا بجلاء جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر؛ وذلك لما يلي:
#أولًا: أنه عمل بعض الصحابة والتابعين، ومذهب الإمام أبي حنيفة النعمان، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد بن حنبل، ورأي ابن حبيب من المالكية، وشهاب الدين الرملي من الشافعية، والإمام ابن تيمية من الحنابلة، وهو مذهب الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-، واختيار الإمام أبي جعفر الطحاوي من الحنفية وغيرهم كما سبق.
#ثانيًا: أنه بإخراج القيمة في زكاة الفطر يتحقق الهدف من فرضيتها، وهو إغناء الفقير والمسكين وذوي الحاجة؛ فالإغناء يحصل بدفع القيمة كما يحصل بدفع الطعام.
#ثالثًا: مراعاة مصلحة الفقير، وذلك أن إخراج القيمة يمكّنه من قضاء متطلباته من غذاء ودواء ودفع إيجار مسكن، وغير ذلك من متطلبات أولاده.
#رابعًا: مراعاة التيسير على الناس الذين يدفعون الزكاة وخاصة الذين يسكنون في المدن الصناعية، أو أهل الحضر.
#خامسًا: أنه تطورت ظروف المعيشة والحياة المنزلية، فأصبح الناس الآن في المدن والقرى والكفور وغيرها لا يطحنون القمح ولا يخبزونه بعد انتشار الأفران الآلية.
#سادسًا: حماية الفقراء من استغلال بعض التجار؛ فقد تلاحظ في بعض الدول العربية التي تتمسك بإخراج الحبوب في زكاة الفطر، أن الفقراء يعرضون عليهم زكواتهم من الحبوب فيشترونها منهم أو يبدلونها لهم ببعض السلع الغذائية بسعر بخس، فيكون التاجر هو المستفيد من التقيد بإخراج الحبوب في زكاة الفطر، حيث يبيعها للمزكِّي بسعر ما، ويشتريها أو يستبدلها للفقير بسعر أقل. ( انظر : الشريعة الإسلامية وعلومها – أ.د / رضا عبد المجيد المتولي ) .
#والخلاصة : أن من أخرج حبوباً فقد أخذ بظاهر النص ؛ وأن من أخرج القيمة فقد راعى مصلحة الفقير ولا ننكر عليه !!
ا/ محمد نوفل....
وينبغي أم يعلم بأن القيمة أعم من أن تكون نقودا؛ ولهذا يغفل محرمو القيمة، ومجرمو العمل بها أنهم يعملون بها، ويفتون بها؛ إذ إنهم يخرجون الأرز والعدس، وغيرهما من الأطعمة التي لم يرد بها النص ، وليست من الأطعمة التي جاءت في النصوص.
- وبهذه الرؤية المعتدلة، المتزنة، المصحوبة بالدليل، والفقه بمقاصد الشريعة، والمعرفة بفقه الواقع أقول، وأفتي، وأدعو، ولا أحب أن أعطي الخلاف في هذه المسألة أكثر مما يستحق.
لا يتوفر وصف للصورة.
كل التفاعلات:
٧

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق