شرح وتوضيح ...
إذا مات ابن آدم أصبح جميعُ ما كان يملكه عند وفاته من أموال تركةً ، سواء أكان هذا المال :
[منقولاً كالنقد والأثاث وغيرهما ، أم غير منقول كالأراضي والعقارات، أو كان دية ، أو كان وديعة قد أودعها عند أحد] .
ويتعلق بهذه التركة حقوق أربعة ، وهي مرتبة على النحو الآتي :
أي غسله وتكفينه ودفنه بما يليق بأمثاله من غير إسراف ولا تقتير ، وبما يليق بحاله عسراً ويسراً .
٢- قضاء الديون :
وهي على قسمين :
أ: ديون الله تعالى : كالنذر أو الكفارة أو حج الفريضة... إلخ .
ب : ديون العباد : وهي الديون المعروفة بين الناس، والناشئة عن قرض أو دين معاملة .
ومنها : (مهر الزوجة المؤجل) فإنه من جملة الديون التي يجب قضاؤها ، وقد يغفل عن ذلك كثير من الناس ما لم يتم التنازل عنه .
٣- تنفيذ الوصايا :
إذا أوصى الميت بشيء وجب تنفيذ وصيته ، لكن في حدود ثلث المال الباقي ، ولا يجوز أن يتجاوز في تنفيذ الوصية حدود هذا الثلث إلا إذا أجاز ذلك الورثة البالغون العاقلون، وتكون إجازتهم تبرعاً منهم بحق ثبت لهم .
٤- الميراث :
بعد الحقوق الثلاثة الماضية بضوابطها يكون المال المتبقي ميراثاً ، يوزع بين الورثة بمقدار حصصهم الشرعية .
وهنا لا بد من التنبيه على خمسة أمور :
الأول : إن حق الورثة بالتركة لا يستقر إلا بعد أن تُخرَج الحقوق السابقة .
فإن أخذ أحد الورثة من التركة قبل ذلك شيئاً ولو قليلاً (كعصا كان يتوكأ عليها الميت) إنما يأخذه ظلماً وعدواناً ؛ لأنه آخذ لحق ليس له .
الثاني : جميع ما يتركه الميت هو تركة ، ما قلَّ منه أو كثر، وسواء منه الثمين والحقير .
فلا يجوز أن يأخذ أحد الورثة شيئاً من التركة دون علم الآخرين ورضاهم ، وأما إن كان في الورثة أطفال صغار فلا يجوز له ذلك بحال .
الثالث : إن من الأموال التي يُظن أنها ميراث ما هو حق للزوجة : [كالأثاث الذي أحضره الزوج لها وكان من جهازها، أو اتفقوا على أن يكون المهر أو جزء منه أثاثاً ، أو ما أهداه أهل الزوجة للزوجة] فهذا ليس من الميراث ، بل هو ملك للزوجة أباحت هي استعماله لزوجها ولأولادها .
الرابع : إن الودائع التي يضعها الميت عند أحد أبنائه لا يجوز له التصرف بها ؛ لأنها ميراث وحق لجميع الورثة .
الخامس (وهو الأهم) : لا يجوز الإنفاق على مراسيم العزاء من أموال التركة ؛ لأن أموال الميت قد أصبحت من حق الورثة بعد إخراج الحقوق الأخرى ، فلا يتصرف فيها إلا بإذنهم ورضاهم، وإذا كان للميت ورثة قاصرون حرم الإنفاق من أموالهم ، ولا عبرة بإذنهم ؛ لأنهم لا يملكون الإذن أصلاًً .
فليتقِ الله عز وجل من يسرف في مراسيم الجنازة أو العزاء من أموال الميت ؛ لأن هذه المراسيم ليست من تجهيز الميت في شيء ، فالتجهيز كما سبق بيانه هو تغسيل الميت وتكفينه ودفنه فقط ، بل إن غالب هذه المراسيم يُبالغ فيها ويدخلها في بعض الأحيان الكثير من الرياء والسمعة .
والصحيح : أن يتبرع بها أحد الورثة الذين هم من أهل التبرع من ماله الخاص ، فلا بأس فيها حينئذ إن كانت في حدود المشروع ... والله تعالى أعلم ...
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...
(منقول من موقع الإفتاء العام للمملكة الأردنية الهاشمية مع تصرف كثير وإضافات) .
د. فتحي مولان عبد الواحد
الاثنين : ١٨/ جمادى الأولى/ ١٤٤٤ الموافق ١٢/ ١٢/ ٢٠٢٢