هل قال أحد من علماء السلف بجواز إخراج زكاة الفطر نقدا ؟!
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فإنه لا إشكال في إخراج زكاة الفطر طعاما ، وإنما الإشكال في إخراجها نقدا
ونظرا لهذا الإشكال جمعتُ كلام السلف الوارد في جواز إخراج زكاة الفطر نقدا ، لكي تُعامَل هذا المسألة معاملة سليمة ؛ بعيدا عن الشدة التي غلبت على البعض اليوم ،
فالإمام أحمد أشهر من قال بإخراجها طعاما لا نقدا ، ومع هذا لم يجزم بأن النقد لا يجزئ ، بل قال بالحرف الواحد : أخاف ألا يجزئه.
تأمل كلامه ، فلم يجزم بعدم الإجزاء ، فكيف وهذا القول هو مذهب جماعة من كبار السلف ؟ ، وإليك أقوالهم.
مذهب جمع من السلف الصالح ممن قالوا بجواز إعطاء القيمة في زكاة الفطر
1) عموم الناس من العلماء والعامة الذين أدركهم التابعي الكبير أبو إسحاق السبيعي.
وهو المولود في خلافة عثمان بن عفان ، والذي أدرك المئات من الصحابة ، فقد حكى السبيعي إعطاءَ الدراهم في زكاة الفطر عمن سبقوه من العلماء والعامة ممن لحق بهم وأدركهم.
وروايته بإسناد صحيح عند ابن أبي شيبة.
2) عمر بن عبد العزيز وعموم أهل الديوان (الموظفين) أيامه في البصرة وغيرها ، ومكاتبته لعموم الرعية بجواز ذلك وتخييرهم بين الطعام والدراهم وقد صح عنه هذا من طريقين عند ابن أبي شيبة، وله طريق ثالث عند عبد الرزاق.
3) التابعي المعروف الإمام الحسن البصري فقد صح عنه أنه أجاز إعطاءها دراهم دون قيد ؛ وهو من هو في العلم والزهد.
وروايته عند ابن أبي شيبة بإسناد صحيح.
4) التابعي عطاء بن أبي رباح فقد حكى بعض أهل العلم عنه الجواز ورويت عنه كراهتها.
5) سفيان الثوري فقد نقل الإمام ابن قدامة عنه في المغني الجواز دون أي قيد ، ونقله عنه جماعة غير ابن قدامة.
6) القاضي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الإمام الذي شهد له أحمد بن حنبل بالسنة ، وكتب الأحناف ممتلئة بالنقل عنه للقول بالجواز.
7) أبو حنيفة النعمان بن ثابت إمام المذهب وأحد أئمة المذاهب الأربعة وكلامه منتشر في كتب الأحناف.
رواية عن مالك بن أنس كما ذكرها ابن عبد البر في كتابه "الكافي في فقه أهل المدينة".
9) محمد بن الحسن الشيباني ، شيخ الشافعي وصاحب أبي حنيفة ، فقد نقلت كتب الأحناف عنه القول بجواز القيمة.
10) رواية عن الإمام أحمد بن حنبل كما ذكر المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" وفيها القول بالقيمة في زكاة الفطر دون قيد أو شرط.
مع ذكر أئمة الحنابلة أن له رواية أخرى في جواز القيمة في زكاة الفطر إذا كانت المصلحة والحاجة تدعو إليها ، وأيضا رواية ثالثة في صور الزكاة عموما غير الفطر وأنه تجوز فيها القيمة نقلها ابن قدامة في المغني.
11) الإمام إسحاق بن راهويه ، فقد جوز إعطاء زكاة الفطر قيمة "إذا كان على وجه النظر للمساكين" كما هي عبارته في "مسائله عن أحمد" ويعني إذا كانت الأنفع للفقير.
12) الإمام محمد بن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح فقد صرح في صحيحه بجواز القيمة في كل صور الزكاة (الفرض وغير الفرض) ونقل الحافظ ابن حجر وابن رشيد وغيرهما عنه القول بالقيمة في زكاة الفطر.
13) الإمام أبو جعفر الطحاوي صاحب العقيدة السلفية ، فقد كان يفضل إعطاء القيمة كما في المبسوط من كتب الحنفية ونقله عنه غير واحد من الأحناف.
14) طائفة من أصحاب الإمام مالك قالوا بجواز القيمة في زكاة الفطر ، كما نقله الإمام ابن عبد البر في كتابه الكافي في فقه أهل المدينة.
15 ) عامة فقهاء الأحناف قالوا بجواز القيمة في زكاة الفطر وهو معروف مشهور.
16) شيخ الإسلام ومجدد مذهب السلف في القرون المتأخرة الإمام ابن تيمية رحمه الله ، فقد صرح في فتاواه بجواز القيمة للمصلحة في باب الزكاة عموما ، ونص في الاختيارات على جواز القيمة في زكاة الفطر بالخصوص إذا كان هو الأنفع للفقير.
وغيرهم كثير ممن لم أَتَقصهم من العلماء.
وحكى بعضهم جواز القيمة أيضا عن النخعي وطاوس ولم أتحقق من صحة النقل عنهما.
وقد صح عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه أجاز القيمة في زكاة المال عموما بدلا من المنصوص عليه ، كما في رواية طاوس عنه ، وهي رواية صحيحة ولها حكم الاتصال ؛ كما نبه على هذا الإمام الشافعي في الأم ، ودل عليه أيضا تخريج البخاري لروايته في الصحيح بصيغة الجزم.
وهو المروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؛ من رواية عطاء بن أبي رباح عنه ؛ فقد روي عنه القول بجواز إعطاء القيمة من العروض عن أصناف الزكاة المنصوصة.
حتى ادعى ابن الملقن في شرحه على البخاري ؛ اتفاق الصحابة على جواز القيمة في زكاة المال.
وإذا جاز إعطاء القيمة في زكاة المال بدلا عن المنصوص عليه وهو أوجب من زكاة الفطر فجوازها في زكاة الفطر أولى.
هذا مذهب من قال بجواز القيمة من السلف ، ولا يشك الناظر في كلامهم أن قولهم اجتهاد معتبر لا يجوز الإنكار عليهم فيه ولا على من قال بقولهم ، والله الموفق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق