الخميس، 12 مايو 2022

معنى اتخاذ القبور مساجد :

 معنى اتخاذ القبور مساجد :


من المقرر لدى جمهور علماء الأمة أن محل النهي في أحاديث النهي عن اتخاذ القبور مساجد هو اتخاذ القبر نفسه وجعله مكانا للسجود تعظيما وعبادة لصاحب القبر أو جعل القبر قبلة دون القبلة المشروعة كما يفعل أهل الكتاب حيث يتوجهون بالصلاة إلى قبور احبارهم ورهبانهم .
وقرروا أيضا أن بناء المسجد على القبر غير اتخاذه مسجدا وغير دفن الميت في مسجد مبني .
أما اتصال المسجد بضريح نبي أو صالح فخارج عن هذا النزاع وغير داخل في هذا النهي اصلا .
أدلة القرآن الكريم: قوله تعالى: ﴿فقالوا ابنُوا عليهم بُنيانًا رَبُّهم أَعلَمُ بهم قال الذين غَلَبُوا على أَمرِهم لَنَتَّخِذَنَّ عليهم مَسجِدًا﴾[الكهف: 21]
وسياق الآية يدل على أن القول الأول هو قول المشركين، وأن القول الثاني هو قول الموحِّدين، وقد حكى الله تعالى القولين دون إنكار؛ فدل ذلك على إمضاء الشريعة لهما، بل إن سياق قول الموحدين يفيد المدح؛ بدليل المقابلة بينه وبين قول المشركين المحفوف بالتشكيك، بينما جاء قول الموحدين قاطعًا وأن مرادهم ليس مجرد البناء بل المطلوب إنما هو المسجد.
قال الإمام الرازي الشافعي في تفسير قوله تعالى: ﴿لَنَتَّخِذَنَّ عليهم مَسجِدًا﴾: [نعبد الله فيه، ونستبقي آثار أصحاب الكهف بسبب ذلك المسجد] اهـ. وقال العلامة الشهاب الخفاجي في "حاشيته على تفسير البيضاوي": [في هذه دليل على اتخاذ المساجد على قبور الصالحين] اهـ.
- ومن السُّنّة النبوية الشريفة: حديث أبي بصير رضي الله عنه، الذي رواه عبد الرزاق عن مَعمَر، وابن إسحاق في "السيرة"، وموسى بن عُقبة في "مغازيه" -وهي أصح المغازي كما يقول الإمام مالك والشافعي وأحمد رضي الله عنهم-: ثلاثتهم عن الزُّهرِي، عن عُروة بن الزُّبَير، عن المِسوَر بن مَخرَمة ومروان بن الحكم رضي الله عنهم: أن أبا جَندَلِ بن سُهَيل بن عمرو دفن أبا بَصِير رضي الله عنه لَمّا مات وبنى على قبره مسجدًا "بسِيف البحر"، وذلك بمحضر ثلاثمائة من الصحابة. وهذا إسناد صحيح؛ كله أئمة ثقات، ومثل هذا الفعل لا يخفى على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومع ذلك فلم يَرِد أنه صلى الله عليه وآله وسلم أمر بإخراج القبر من المسجد أو نبشه.
كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «في مسجد الخَيفِ قَبرُ سبعين نبيًّا». أخرجه البزار والطبراني في المعجم الكبير، وقال الحافظ ابن حجر في "مختصر زوائد البزار": هو إسناد صحيح.
وقد ثبت في الآثار أن سيدنا إسماعيل عليه السلام وأمه هاجر رضي الله عنها قد دُفِنا في الحِجر من البيت الحرام، وهذا هو الذي ذكره ثقات المؤرخين واعتمده علماء السِّيَر: كابن إسحاق في "السيرة"، وابن جرير الطبري في "تاريخه"، والسهيلي في "الروض الأنف"، وابن الجوزي في "المنتظم"، وابن الأثير في "الكامل"، والذهبي في "تاريخ الإسلام"، وابن كثير في "البداية والنهاية"، وغيرهم من مؤرخي الإسلام، وأقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك ولم يأمر بنبش هذه القبور وإخراجها من مسجد الخيف أو من المسجد الحرام.
- وأما فعل الصحابة: فقد حكاه الإمام مالك في "الموطأ" بلاغًا صحيحًا عندما ذكر اختلاف الصحابة في مكان دفن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: [فقال ناسٌ: يُدفَنُ عندَ المِنبَرِ، وقال آخَرُونَ: يُدفَنُ بالبَقِيعِ، فجاءَ أبو بَكرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه فقال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وآله وسلم يقولُ: «ما دُفِنَ نَبِيٌّ قَطُّ إلاّ في مَكانِه الذي تُوُفِّيَ فيه»، فحُفِرَ له فيه] اهـ، والمنبر من المسجد قطعًا، ولم ينكر أحد من الصحابة هذا الاقتراح، وإنما عدل عنه أبو بكر تطبيقًا لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يُدفَن حيث قُبِضَت روحه الشريفة صلى الله عليه وآله وسلم؛ فدُفِن في حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها المتصلة بالمسجد الذي يصلي فيه المسلمون، وهذا هو نفس وضع المساجد المتصلة بحجرات أضرحة الأولياء والصالحين في زماننا.
وأما دعوى الخصوصية في ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فهي غير صحيحة؛ لأنها دعوى لا دليل عليها، بل هي باطلة قطعًا بدَفنِ سيدنا أبي بكر وسيدنا عمر رضي الله عنهما في هذه الحجرة التي كانت السيدة عائشة رضي الله عنها تعيش فيها وتصلِّي فيها صلواتها المفروضة والمندوبة؛ فكان ذلك إجماعًا من الصحابة رضي الله عنهم على جوازه.
وقد دأب السلف الصالح رجالا ونساءً على زيارة قبور الصالحين والعناية بها وخدمتها وإصلاح شؤونها؛ كما كانت تفعل السيدة فاطمة رضي الله عنها وأرضاها: فروى ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (3/19، ط. دار صادر)، وابن شبة في "تاريخ المدينة" (ص: 132)، والبلاذري في "أنساب الأشراف" (4/294، ط. جمعية المستشرقين الألمانية)، والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (1/149، ط. دار النوادر)، عن أبي جعفر الباقر قال: «كَانَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها، بنتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، تَأْتِي قَبْرَ حَمْزَةَ رضي الله عنه، فتَرُمُّهُ وَتُصْلِحُهُ».
- ومن إجماع الأمة الفعلي وإقرار علمائها لذلك: صلاة المسلمين سلَفًا وخَلَفًا في مسجد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمساجد التي بها أضرحة من غير نكير، وإقرار العلماء من لدن الفقهاء السبعة بالمدينة المنورة الذين وافقوا على إدخال الحجرة النبوية الشريفة إلى المسجد النبوي سنة ثمان وثمانين للهجرة؛ وذلك بأمر الوليد بن عبد الملك لعامله على المدينة حينئذٍ عمر بن عبد العزيز رحمه الله، ولم يعترض منهم إلا سعيد بن المُسَيّب، لا لأنه يرى حرمة الصلاة في المساجد التي بها قبور، بل لأنه كان يريد أن تبقى حجرات النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما هي يطلع عليها المسلمون حتى يزهدوا في الدنيا ويعلموا كيف كان يعيش نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم.
وأما حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ والنَّصارى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنبِيائِهم مَساجِدَ» فالمساجد: جمع مَسجِد، والمسجد في اللغة: مصدر ميمي يصلح للدلالة على الزمان والمكان والحدث، ومعنى اتخاذ القبور مساجد: السجود لها على وجه تعظيمها وعبادتها كما يسجد المشركون للأصنام والأوثان -كما فسّرَته الرواية الصحيحة الأخرى للحديث عند ابن سعد في "الطبقات الكبرى" عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا بلفظ: «اللهم لا تجعل قبري وثنًا؛ لعن الله قومًا اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، فجملة «لعن الله قومًا..» بيانٌ لمعنى جَعل القبر وثنًا، والمعنى: اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُسجَدُ له ويُعبَد كما سجد قوم لقبور أنبيائهم.
نصوص شراح الصحيحين وكتب السنة :
قال الامام البخاري : (باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور ) واورد تحته حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي ﷺ قال في مرضه الذي مات فيه: (لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدا). قالت: ولولا ذلك لأبرزوا قبره، غير أني أخشى أن يتخذ مسجدا. فانظر بداية كيف ان البخاري نفسه الذي اخرج الحديث في صحيحه فهم ان اتخاذ المسجد على القبر مكروه .
قال الامام النووي في ( المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج ) (١٣/٥) : قال العلماء انما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ قبره وقبر غيره مسجدا خوفا من المبالغه في تعظيمه والافتتان به فربما ادى ذلك الى الكفر كما جري كثير من الامم الخالية .
ولما احتاجت الصحابة رضوان الله عليهم اجمعين والتابعون الى الزيادة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كثر المسلمون وامتدت الزيادة الى ان دخلت بيوت امهات المؤمنين فيه ومنها حجرة عائشه رضي الله عنها مدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ابي بكر وعمر رضي الله عنهما بنوا على القبر حيطانا مرتفعة مستديرة حوله لئلا يصلي يظهر في المسجد فيصلي اليه العوام ويؤدي الى المحذور ثم بنوا جدارين من ركني القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا حتى لا يتمكن احد من استقبال القبر ولهذا قال في الحديث ( ولولا ذلك لابرز قبره غير انه خشي ان يتخذ مسجدا ) والله تعالى اعلم بالصواب .
وهذا نص واضح في ان معنى اتخاذ القبر مسجدا هو السجود له .
قال الامام الكرماني في ( الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري )(٨٧/٤) : ( فان قلت ما وجه تعليله بهذا الحديث قلت : حيث خصص اللعنة باتخاذ قبور الانبياء مساجد علم جواز اتخاذ قبور الانبياء ومن في حكمهم كالصالحين من اممهم ).
قال الامام القسطلاني في كتابه ( ارشاد الساري لشرح صحيح البخاري ) : ( لان اتخاذها مساجد اخص من مجرد الصلاة فيها والنهي عن الاخص لا يستلزم النهي عن الاعم ) .
ونقل ايضا كلام الامام البيضاوي واقره .
قال أمير المؤمنين فى الحديث شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر
فى فتح الباري
(6/578) تعليقا على رواية الإمام البخاري سبحتي بمعنى
صلاتي – كما نقول سبحة الضحى أي صلاة الضحى – أنظر إلى
صلاة السيدة عائشة رضى الله عنها وأرضاها فى بيتها سبحة
الضحى فى مصنف ابن أبى شيبة (2/175)
أما الحديث الذي يستند إليه بعض الجهال و الذي
أخرجه البخاري ومسلم وجعلوه مُرجح لا يقبل التأويل في المسألة
وحسم بها المسألة وهو ما أخرجه الشيخان من حديث أم
المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: (( لعن اللهُ اليهود
والنّصارى اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد )) .
فإن هذا النّص النبوي الشريف لم يُحرم هذا الأمر
المتنازع وهو بناء مسجد حول قبر أو جعل قبر داخل مسجد
إنّما ما جاء في الحديث هو تحريم (( اتّخاذ عين )) القبر
أي نفس القبر مسجداً يُصلّى فوقه أو يقصد بالسّجود له
فقد جاء التّعبير فيه بـ(( اتخذوا قبور )) ، (واتّخذ)
فعلٌ يتعدّى لمفعول واحد كما في قولك اتّخذتُ سيّارةً أو
لمفعولين كما في قوله تعالى: (( واتّخذَ اللهُ إبراهيمَ خليلاً ))
فـ(قبور) و (مساجد) مفعولَي (( اتّخذ )) وقد اكتفى هذا الفعل بالمفعولين وتمّ
الكلام .
والمساجد جمع مسجد والمسجد اسم مكان فالحديث يتناول
مكاناً هو ( عين ) القبر مِن حيث السّجود عليه هو أوْ لَهُ .
فأهل الكتاب يتوجهون بالصلاة إلى قبور أحبارهم ورهبانهم
فتلك الصور هي التي فهمها علماء الأمة من النهي عن اتخاذ القبور مساجد.
حيث قال تعالى: { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ
وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ
مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً
وَاحِداً لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }
. فهذا هو معنى السجود الذي استوجب اللعن أو جعل القبر
قبلة دون القبلة المشروعة.
وعليه فالحديث لا يتناول أي مكانٍ آخر غير (عين) القبر
فلا يدخل فيه ما حول القبر أو ما جاوره....
قال الإمام البيضاوي رحمه الله تعالى:
فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر العسقلاني وغيره من شراح
السنن
حيث قال: « قال البيضاوي : لما كانت اليهود يسجدون لقبور الأنبياء؛ تعظيمًا لشأنهم، ويجعلونها قبلة، ويتوجهون في الصلاة
نحوها
فاتخذوها أوثانًا، لعنهم الله، ومنع المسلمين عن مثل ذلك،
ونهاهم عنه، أما من اتخذ مسجدًا بجوار صالح أو صلى في
مقبرته وقصد به الاستظهار بروحه، ووصول أثر من آثار عبادته
إليه، لا التعظيم له، والتوجه فلا حرج عليه، ألا ترى أن مدفن
إسماعيل في المسجد الحرام ثم الحطيم؟ ثم إن ذلك المسجد أفضل مكان يتحرى
المصلي بصلاته، والنهي عن الصلاة في المقابر مختص بالمنبوشة لما فيها من النجاسة انتهى »
فتح الباري، ج1 ص524، وشرح الزرقاني، ج4 ص290، وفيض
القدير، ج4 ص466
وقال العلاّمة الطِّيبي في (شرح
المشكاة) 2/235:
(( لمّا كان اليهود والنّصارى يسجدون لقبور
الأنبياء تعظيماً لشأنهم ، ويجعلونها قبلة ، ويتوجّهون في الصّلاة نحوها ،
فاتّخذوها أوثاناً ، لعنهم ،
ومنع المسلمين عن مثل ذلك ، ونهاهم عنه . أمّا مَن اتّخذ
مسجداً في جوار صالح ، أو صلّى في مقبرته ، وقصد به الاستظهار بروحه ، أو وصول أثرٍ مِن آثار عبادته إليه ، لا لتعظيم له والتّوجّه
نحوه ،
فلا حرج عليه )). انتهى
قال العلامة التُّوربُشْتي في
(المرعاة شرح المشكاة) 2/419:
(( هذا الحديث مُخرج على وجهين:
أحدهما: أنّهم كانوا يسجدون لقبور
الأنبياء
تعظيما لهم وقصد العبادة في ذلك .
وثانيهما: أنّهم كانوا يتحرّون الصّلاة في مدافن الأنبياء ، والتّوجُّه إلى
قبورهم
في حالة الصّلاة والعبادة نظراً منهم أنّ ذلك الصنيع أعظم
وقعاً عند الله
)).
وقال العلاّمة المُلاّ علي القاري
رحمه الله تعالى في (شرح المشكاة) 1/470:
(( "والمتخذين عليها المساجد" وقَـيدُ ( عليها )
يُفيد أنَّ اتّخاذ المساجد بجانبها - أي حولها يُحيط بها - لا بأس به ، ويدل عليه قوله
عليه السّلام:
" لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم
وصالحيهم مساجد " )). انتهى
وقال الإمام الحافظ ابن عبد البر
رحمه الله تعالى في (التّمهيد) 6/383:
(( في هذا الحديث إباحة الدّعاء على أهل الكُفر ، وتحريم السّجود ( على ) قبور الأنبياء ، وفي معنى هذا أنّه لا يحل
السّجود
لغير الله عزّ وجل ، ويحتمل الحديث أنْ لا تُجعل قبور
الأنبياء قِبلة يُصلّى ( إليها ) . ثم قال ابن عبد البر: وقد
زعـــم قــوم أنّ في هذا الحديث ما يدل على كراهيّة الصّلاة في المقبرة وإلى
المقبرة ، وليـــس في ذلك حُجة )). انتهى
وقال ابن عبد البر رحمه الله تعالى
أيضاً في نفس المرجع 5/45:
(( وقد احتجّ بعضُ مَن لا يَرى الصّلاة في المقبرة بهذا
الحديث ،
ولا حُجّة له فيه )).
وفي "شرح السجلماسي المالكي على العمل الفاسي" :[مما جرى به العمل لفاسٍ وغيره: تحلية قبور الصالحين بالبناء عليها تعظيمًا؛ كما أفتى به الإمام سيدي عبد القادر الفاسي والد الناظم، ثم ذكر فتواه السابقة، ثم قال: جواز البناء على القبور منقول عن ابن القصار، وإذا كان ذلك على مطلق القبور مع عدم قصد المباهاة كان البناء بقصد تعظيم من يعظم شرعًا أجوز؛ بل حيث كان القصد بالبناء التعظيم ينبغي أن يكون مشرفًا بالبناء على البيوت بالنقش والتزويق؛ لأن ذلك كله من كمال التعظيم] اهـ باختصار نقلا عن "إحياء المقبور" للحافظ السيد أحمد بن الصديق الغماري.
وقال قطب الإرشاد العلامة الحداد الشافعي في "مصباح الأنام وجلاء الظلام" (ص: 42-43، ط. المطبعة العامرة الشرفية): [وأما القول بكفر أهل البلد الذي فيها قبة، وأنها كالصنم، فهو تكفير للمتقدمين والمتأخرين من الأكابر والعلماء والصالحين وكافة المسلمين من أحقاب وسنين، مخالفًا للإجماع السكوتي على الأنبياء والصالحين من عصور ودهور صالحة.
قال تلميذ ابن تيمية الإمام ابن مفلح الحنبلي في الفصول: القبة والحظيرة في التربة إن كان في ملكه فعل ما يشاء، وإن كان في مسبلة كره التضييق بلا فائدة، ويكون استعمالا في المسبلة فيما لم توضع له. انتهى كلام ابن مفلح، قال ابن القيم الحنبلي: ما أعلم تحت أديم السماء أعلم في الفقه في مذهب أحمد من ابن مفلح. وقوله في المسبلة: بلا فائدة، إشارة إلى أن المقبور غير عالم وولي، وأما هما فيندب قصدهما للزيارة كالأنبياء عليهم السلام، وينتفع الزائر بذلك من الحر والبرد والمطر والريح والله أعلم؛ لأن للوسائل حكم المقاصد] اهـ بتصرف يسير. .
والله اعلى واعلم .
المصادر :
١- كتاب الصراط المستقيم - ٨١ .
٢ - اعلام الراكع الساجد بمعنى اتخاذ القبور مساجد .
٣ - بعض شروح كتب السنة .