💥حكم صلاة من لم يجد فرجة في الصف
السؤال: شيخنا ما هو حكم صلاة المصلي منفردا خلف الصف إذا لم يجد فرجة؟ وهل له أن يسحب أحد المصلين في الصف الذي أمامه ؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب: الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
✍️فقد اختلف العلماء في صلاة المأموم إذا لم يجد فرجةً في الصف على قولين:
القول الأول: لا يجذب أحدا ، وعليه أن يصلي خلف الصف بحذاء الإمام؛ وبه قال الأوزاعي، وإسحق بن راهويه، والإمام أبو حنيفة النعمان، والإمام مالك، وقول للإمام أحمد، وقول القاضي أبي الطيب الطبري والبويطي من الشافعية.
وقالوا: لا يجذب إلى نفسه أحدا؛ لأنه لو جذب إلى نفسه واحدا، لفوت عليه فضيلة الصف الأول، ولأوقع الخلل في الصف.
👍وقد ذكر العلماء عدة محاذير تترتب على من جذب احد المصلين من الصف الذي أمامه ليقف معه منها:
اولا: فتح فرجة وخلل في الصف وهذا من قطع الصف، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (( من وصل صفا وصله الله ومن قطع صفاً قطعه الله)) سنن أبي داود وصححه الشيخ الألباني وغيره .
ثانيا: أن هذه الفرجة التي حدثت في الصف، تؤدي إلى قيام المصلين بالتقارب فيما بينهم لسد الخلل، وحينئذ يؤدي إلى حركة جميع الصف واضطرابه ،مما يؤدي إلى تشويش الصلاة .
ثالثا: أنه ينقل المصلي الذي جذبه من المكان الفاضل في الصف الأول إلى المكان المفضول، ويشوش عليه صلاته ، وفي هذا نوع اعتداء عليه.
⚡️القول الثاني: لا يصلي منفردا، ويستحب له أن يجذب أحدا يقف معه ؛ وبه قال عطاء، والنخعي، وهو قول للحنفية، والصحيح عند الشافعية، وقول للحنابلة، وقال الظاهرية: وجوب الجذب، وإلا بطلت صلاته .
قال الكاساني – رحمه الله تعالى - في بدائع الصنائع [1/218]:(ينبغي أن ينتظر من يدخل المسجد ليصطف معه خلف الصف، فإن لم يجد أحداً وخاف فوت الركعة جذب من الصف إلى نفسه من يعرف منه علماً وخلقاً، فإن لم يجد وقف خلف الصف بحذاء الإمام ولا كراهة حينئذ، لأن الحال حال العذر).
واستدلوا : بحديث مقاتل بن حيان رفعه قال: قال النبي صلى الله عليه و سلم :(( إن جاء رجل فلم يجد أحدا، فليختلج إليه رجلا من الصف فليقم معه، فما أعظم أجر المختَلَج)) المراسيل لأبي داود.
قوله:(( فليختلج إليه رجلا من الصف))،أمر يدل على الوجوب، فيجذب من الصف إلى نفسه من يعرف منه علما وحسن الخلق لكي لا يغضب عليه ،ومن أجابه فهو مأجور. ولكنه حديث مرسل، ومقاتل تابعي، والمرسل ضعيف عند أهل الحديث.
👈 المفتى به:
هو ما ذهب إليه جمهور العلماء أصحاب القول الأول، فمن أتى ولم يجد فسحة أو فرجة في الصف فانه يصلي خلف الصف بحذاء الإمام ،لأنه معذور ولا يجذب أحدا من المصلين، فلم يصح حديث مرفوع في الجذب، فلا يمكن حينئذ القول بمشروعية جذب الرجل من الصف ليقف معه, لأنه تشريع بدون نص صحيح وهذا لا يجوز, بل الواجب أن ينضم إلى الصف إذا أمكن، وإلاَ صلى وحده وصلاته صحيحة، لقوله تعالى: } لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا { [سورة البقرة من الآية 286 ].
وأما حديث وابصة بن معبد رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة ) رواه أبو داود والترمذي ، وحديث : ((لا صلاة لفرد خلف الصف)) رواه ابن ماجه وأحمد. فمحمول على ما إذا قصر المصلي في الواجب وهو الإنضمام في الصف وسد الفرج أو الخلل وقد حمّل الجمهور النهي هنا على عدم الكمال ، فصلاته صحيحة غير تامة الاجر .
🌙 وأما إذا لم يجد فرجة فليس بمقصر، فلا يُعقل أن يحكم على صلاته بالبطلان في هذه الحالة ، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - فقال في الفتاوى الكبرى [5/348]:(وتصح صلاة الفذ- المنفرد- لعذر) . والله تعالى أعلم.
د. ضياء الدين الصالح
السؤال: شيخنا ما هو حكم صلاة المصلي منفردا خلف الصف إذا لم يجد فرجة؟ وهل له أن يسحب أحد المصلين في الصف الذي أمامه ؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب: الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
✍️فقد اختلف العلماء في صلاة المأموم إذا لم يجد فرجةً في الصف على قولين:
القول الأول: لا يجذب أحدا ، وعليه أن يصلي خلف الصف بحذاء الإمام؛ وبه قال الأوزاعي، وإسحق بن راهويه، والإمام أبو حنيفة النعمان، والإمام مالك، وقول للإمام أحمد، وقول القاضي أبي الطيب الطبري والبويطي من الشافعية.
وقالوا: لا يجذب إلى نفسه أحدا؛ لأنه لو جذب إلى نفسه واحدا، لفوت عليه فضيلة الصف الأول، ولأوقع الخلل في الصف.
👍وقد ذكر العلماء عدة محاذير تترتب على من جذب احد المصلين من الصف الذي أمامه ليقف معه منها:
اولا: فتح فرجة وخلل في الصف وهذا من قطع الصف، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (( من وصل صفا وصله الله ومن قطع صفاً قطعه الله)) سنن أبي داود وصححه الشيخ الألباني وغيره .
ثانيا: أن هذه الفرجة التي حدثت في الصف، تؤدي إلى قيام المصلين بالتقارب فيما بينهم لسد الخلل، وحينئذ يؤدي إلى حركة جميع الصف واضطرابه ،مما يؤدي إلى تشويش الصلاة .
ثالثا: أنه ينقل المصلي الذي جذبه من المكان الفاضل في الصف الأول إلى المكان المفضول، ويشوش عليه صلاته ، وفي هذا نوع اعتداء عليه.
⚡️القول الثاني: لا يصلي منفردا، ويستحب له أن يجذب أحدا يقف معه ؛ وبه قال عطاء، والنخعي، وهو قول للحنفية، والصحيح عند الشافعية، وقول للحنابلة، وقال الظاهرية: وجوب الجذب، وإلا بطلت صلاته .
قال الكاساني – رحمه الله تعالى - في بدائع الصنائع [1/218]:(ينبغي أن ينتظر من يدخل المسجد ليصطف معه خلف الصف، فإن لم يجد أحداً وخاف فوت الركعة جذب من الصف إلى نفسه من يعرف منه علماً وخلقاً، فإن لم يجد وقف خلف الصف بحذاء الإمام ولا كراهة حينئذ، لأن الحال حال العذر).
واستدلوا : بحديث مقاتل بن حيان رفعه قال: قال النبي صلى الله عليه و سلم :(( إن جاء رجل فلم يجد أحدا، فليختلج إليه رجلا من الصف فليقم معه، فما أعظم أجر المختَلَج)) المراسيل لأبي داود.
قوله:(( فليختلج إليه رجلا من الصف))،أمر يدل على الوجوب، فيجذب من الصف إلى نفسه من يعرف منه علما وحسن الخلق لكي لا يغضب عليه ،ومن أجابه فهو مأجور. ولكنه حديث مرسل، ومقاتل تابعي، والمرسل ضعيف عند أهل الحديث.
👈 المفتى به:
هو ما ذهب إليه جمهور العلماء أصحاب القول الأول، فمن أتى ولم يجد فسحة أو فرجة في الصف فانه يصلي خلف الصف بحذاء الإمام ،لأنه معذور ولا يجذب أحدا من المصلين، فلم يصح حديث مرفوع في الجذب، فلا يمكن حينئذ القول بمشروعية جذب الرجل من الصف ليقف معه, لأنه تشريع بدون نص صحيح وهذا لا يجوز, بل الواجب أن ينضم إلى الصف إذا أمكن، وإلاَ صلى وحده وصلاته صحيحة، لقوله تعالى: } لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا { [سورة البقرة من الآية 286 ].
وأما حديث وابصة بن معبد رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة ) رواه أبو داود والترمذي ، وحديث : ((لا صلاة لفرد خلف الصف)) رواه ابن ماجه وأحمد. فمحمول على ما إذا قصر المصلي في الواجب وهو الإنضمام في الصف وسد الفرج أو الخلل وقد حمّل الجمهور النهي هنا على عدم الكمال ، فصلاته صحيحة غير تامة الاجر .
🌙 وأما إذا لم يجد فرجة فليس بمقصر، فلا يُعقل أن يحكم على صلاته بالبطلان في هذه الحالة ، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - فقال في الفتاوى الكبرى [5/348]:(وتصح صلاة الفذ- المنفرد- لعذر) . والله تعالى أعلم.
د. ضياء الدين الصالح