الأربعاء، 30 أغسطس 2023

هل صحيح اننا لسنا بحاجة لتقليد امام من الائمة المعتبرين!؟

 رسالة من محب الى الشباب الغيور على دينه

تردد على مسامعي ووقع نظري على عبارة في ظاهرها الحق وفي باطنها تكمن التفاصيل يرددها شباب متحمس وغيور على دينه ،ولعل بعض اطلاقات الدعاة غير المحسوبة هي من اوقعتهم في هذا الاشكال المنهجي، ومعنى هذه العبارة: لا حاجة لتقليد امام من الائمة المعتبرين سواء كان بعينه او غير ذلك، والتعامل ينبغي ان يكون مع الكتاب والسنة مباشرة ، وهذا الفهم المغلوط ولد قناعة لدى هؤلاء؛ بان من يقلد مذهبا من المذاهب المعتبرة يعد تاركا للدليل ، مما اربك الساحة، واصبح الولاء والبراء يتنزل هنا في هذه الدائرة...
لذا اقول ياشباب:
١. التعامل مع الكتاب والسنة والأدلة الشرعية الاخرى التبع باستنباط الاحكام الشرعية، من اختصاص المجتهد المطلق الذي أمتلك كل ادوات الاجتهاد التي ذكرت في كتب اصول الفقه،وله اصول واضحة يبني عليها الفروع، وهذا لا يتأتى لكل احد، وهم اهل الذكر الذين عناهم الله تعالى بقوله: (فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون )، واشهرهم: الائمة الاربعة المتبوعين ممن اكتملت مدارسهم، ودونت اصولهم، واشتهرت مذاهبهم ،ورضيت طريقتهم في الاخذ من كتاب الله تعالى ،وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وكل المدارس السنية اليوم بمختلف توجهاتها الفكرية والزهدية، وحتى العقدية ،ينتسبون في الفقة الى واحد من هؤلاء الائمة.
٢. قد يطلق المجتهد ويراد به : المجتهد في المذهب كالامام النووي والرافعي فهؤلاء مجتهدون داخل المذهب الشافعي وهكذاهناك مجتهدون داخل المذهب المالكي، والحنفي والحنبلي، أو يطلق ويراد به: المجتهد في الفتيا وهذا دون القسمين السابقين.
٣. من لم يكن مجتهدا مطلقا بالمعنى الاول لزمه التقليد ، فإن كان طالب علم ينبغي أن يقلد مذهبا من المذاهب المعتبرة بعينه، وهذا ما صححه الامام ابو زكريا الانصاري في غاية الوصول، اما اذا لم يكن من اهل الاختصاص فعليه ان يقلد من يثق به من اهل العلم والتقوى والورع.
٤. لا يوجد اليوم من الافراد من ادعى الاجتهاد المطلق ، أو سلم لعالم بذلك، فحتى من يدعو الى التحرر من المذاهب بطريقة أو اخرى، هو متذهب من حيث العموم على مذهب من المذاهب.
٥. ليس فيما ذكرنا دعوة للجمود والتحجر، او البعد عن الكتاب والسنة، ولكن بيان واقع من حيث مقام استنباط الاحكام، والا ينبغي أن يتعبد المرؤ بتلاوة وتدبر القران الكريم، وقراءة السنة والعمل يتوجيهاتها القيمية العامة، فلا تعارض بين الامرين البتة.
٦. لكل فن من الفنون اصحاب اختصاص، فلا ينبغي التطفل على ذلك، كما لا ينبغي التطفل على اهل الطب أو الهندسة أو القانون أو الاقتصاد، لا ينبغي التطفل على الاختصاصات الشرعية الدقيقة.
٧. مما يثير الريبة؛ان بعض دعاة التحرر من المذاهب المعتبرة، يدعو بلسان الحال الى تقليده وهذه لعمري قسمة ضيزى.
كتبه ادريس العيساوي