الجمعة، 24 مايو 2019

افضل وقت لإخراج #زكاة_الفطر .. ؟!

يقول المانعون يجب ان نقيد بالنص ولا نخرج عنها ثم يغالطون انفسهم بإخراها قبل العيد بيوم او يومين !!
قال رسول الله صل الله عليه وسلم بوضوح ، وبصريح العبارة ، أن تؤدّى زكاة الفطر ، قبل خروج الناس إلى الصلاة !
فلمـاذا عدل الملتزمون بالنص عن ذلك ، ويؤدونها قبل ذلك ؟
قالوا : [ ولا مانـــع من إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين .
وبذلك يعلم أن أول وقت لإخراجها في أصح أقوال العلماء هو ليلة ثمان وعشرين ؛ لأن الشهر يكون تسعاً وعشرين ويكون ثلاثين ] .
وقالوا أيضاً : [ وقت وجوب إخراجها : تَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الفِطْرِ : هذا هو وقت الوجوب، أي الوقت الذي يوجه فيه الخطاب إلى الإنسان بإخراجها هو وقت غروب الشمس ليلة الفطر، والدليل حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ]
ثم أنظر إلى قولهم – وهم يدّعون الإلتزام بنصوص الكتاب والسنة – :
[ولا مانع من إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين ] . [ وَيَجُوزُ إِخْرَاجُهَا قَبْلَ العِيدِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ] .
علماً أن رسول الله r ، أمر بإخراجها قبل خروج الناس إلى الصلاة !
أتدرون لماذا ؟ لأن الصحابيّ الجليل عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما ، روى : أنهم كانوا يعطونها قبل الفطر بيوم أو يومين !
أي : أن الصحابة هم يفسرون ، ويشرحون ، ويبيّنون لنا مقصد رسول الله r ، وما أراد بأوامره ، وكيفيّتها !
والصحابة ، رضي الله عنهم ، لا يفعلون شيئاً من عند أنفسهم ، بل لابد أنّهم إذا عملوا عملاً فبعلم رسول الله r ، عملوه ، وأقرّهم على ذلك .
مع أن أمر النبيّ r ، هنا واضح صريح !
قالوا : [ وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرجونها قبل العيد بيوم أو يومين ] .
[ لما روى الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في " صحيحه " ح (1511) من حديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: وَكَانُوا يُعْطُونَها قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ] ([7]).
هذا هو سبب العدول عن أمر رسول الله r ، الواضح الصريح !
فالصحابة ، رضوان الله عليهم ، هم مَن يفسرون لنا أوامر رسول الله r ، ولا يعملون إلّا بعلم النبيّ r .
وهذا كلام جميل ، ومبدأ صحيح ، أليس نقول دائماً : الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح ؟
وهل هناك – من السلف الصالح – أفضل ، وأعلممن الصحابة ، رضوان الله عليهم ؟ !
ولا ندري – ولا المنجّم يدري – لماذا عدلوا عن هذا المبدأ الصحيح الجميل في مكان آخر ؟ !
والحافظ ابن تيمية ، رحمه الله ، قد قرر في كتابه (( منهاج السنة )) ، أنّ الدليل على بطلان المقابل، هو وجود التناقض في أقواله ومواقفه ؛ فتراه يقرر شيئاً في مكان ، ثم يقرر عكسه ، ويناقض ذلك القول في مكان آخر !

سلسلة رسائل الفقهية - كيف نتعامل مع السنة النبوية

سلسلة رسائل الفقهية
مخالفة الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه لنص صريح وصحيح عن رسول الله - صل الله عليه وسلم -!!
أمر النبيّ - صل الله عليه وسلم - وهديه في ضوال الإبل :
( عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : جَاءَ أَعْرَابِيٌّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَمَّا يَلْتَقِطُهُ فَقَالَ عَرِّفْهَا سَنَةً ثُمَّ احْفَظْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِهَا وَإِلاَّ فَاسْتَنْفِقْهَا قَالَ يَا رَسُولَ اللهِ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ لَكَ ، أَوْ لأَخِيكَ ، أَوْ لِلذِّئْبِ قَالَ ضَالَّةُ الإِبِلِ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ )(( )) .

أمر النبيّ - صل الله عليه وسلم - وهديه في ضوال الإبل :
( فَتَمَعَّرَ وَجْهُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا لَـكَ وَلَهَا ؟ ) . أي : أمر بتركها ، وعدم التعرض لها !
هذا كان أمر النبيّ  وهديه وسنته في موضوع ضالة الإبل .
غضب - صل الله عليه وسلم - حتى احمرتْ وجنتاه ! :
أخرج البخاري في صحيحه ، رحمه الله :
( . . . وَسُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الإِبِلِ ؟ فَغَضِبَ وَاحْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ ، وَقَالَ : مَا لَكَ وَلَهَا ؟ ) ( ) .
قال الإمام ابن بطال ، رحمه الله :
[ كذلك غضب حتى احمر وجهه حين سئل عن ضالة الإبل وقال: (ما لك ولها. . . ] ( ) .
لا يُتعرض لها ! :
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني ، رحمه الله :
[ وَفِيهِ أَنَّ ضَالَّةَ الْإِبِلِ لَا يُتَعَرَّضُ لَهَا لِاسْتِقْلَالِهَا بِأَمْرِ نَفْسِهَا ] ( ) .
النهي عن أخذ ضالة الإبل ! :
قال الإمام بدر الدين العيني ، رحمه الله ، :
[ فِيهِ نهي عَن أَخذهَا ] ( ) .
النهي عن التعرض لها ! :
وقال الإمام القسطلاني رحمه الله :
[ قال ابن دقيق العيد: لما كانت مستغنية عن الحافظ والمتعهد وعن النفقة عليها بما ركب في طبعها من الجلادة على العطش والحفاء عبّر عن ذلك بالحذاء والسقاء مجازًا،
وبالجملة فالمراد بهذا النهي عن التعرّض لها لأن الأخذ إنما هو للحفظ على صاحبها إما بحفظ العين أو بحفظ القيمة، وهذه لا تحتاج إلى حفظ لأنها محفوظة بما خلق الله فيها من القوّة والمنعة وما يسر لها من الأكل والشرب ] ( ).
ضالة الإبل في زمن عثمان وعليّ رضي الله عنهما !
وبقي حكم ضالة الإبل هكذا في زمن النبيّ  ، وخلافة أبي بكر الصدّيق  ، وخلافة عمر بن الخطاب  ، إلى خلافة عثمان بن عفان  ، حيث أمر بأخذها ، وتعريفها ، ثم تباع ، فإذا جاء صاحبها أعطي ثمنها !
وجعل عليّ بن أبي طالب  في خلافته حمىً لها ، يأخذها ، ويحبسها ، حتى يأتي صاحبها فيأخذها !
هل هذا منهما مخالف لأمره وهديه وسنته  ؟
وقاصر النظر ربما ينظر إلى هذا العمل ، فيرى أنه مخالف لأمر ، وسنة النبيّ - صل الله عليه وسلم - ، وبالتالي فإن الصحابة ، رضي الله عنهم ، والخليفتان الراشدان ، قد خالفوا النبيّ - صل الله عليه وسلم - .
وذلك لأن النبيّ  نهى عن التعرض لها ، وأمر بتركها ، ولكن أحد الخليفتين الراشِدَين تعرض لها وأخذها ، ومن ثـم بـاعها !
أما الآخر منهما ( الخليفتان الراشدان ) فقد تعرض لها أيضاً ، وأخذها ، ومن ثم حبسها !
ولكن الذي يدقق النظر يرى أنه تحقيق للغاية ، التي كان النبيّ  ينشدها بغضبه ذلك ، ونهيه عن إمساكها ، وهي : وصولها إلى صاحبها !
والصحابة ، وعلى رأسهم الخلفاء الراشدين ، رضوان الله عليهم ، كانوا فقهاء أئمة ؛ يفقهون الكلام ، ويفهمون مقاصده ، فعملوا بما يقتضيه تغيّر الحال ، والظروف ، وتغيير الوسائل ، للوصول إلى الغايات ، والمقاصد الثابتة .
إختلاف الأحكام باختلاف الأحوال !
قال الإمام أبو الوليد الباجي ،رحمه الله ، :
[ وَهَذَا كَانَ حُكْمُ ضَوَالِّ الْإِبِلِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَمَّا كَانَ يُؤْمَنُ عَلَيْهَا ،
فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَلَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِا لَمَّا كَثُرَ فِي الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ لَمْ يَصْحَبْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَثُرَ تَعَدِّيهمْ عَلَيْهَا أَبَاحُوا أَخْذَهَا لِمَنْ الْتَقَطَهَا وَرَفَعَهَا إلَيْهِمْ وَلَمْ يَرَوْا رَدَّهَا إلَى مَوْضِعِهَا ،
وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَمَرَ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ بِتَعْرِيفِهَا ثُمَّ أَبَاحَ لَهُ رَدَّهَا إلَى مَوْضِعِهَا ،
وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتْ الْأَحْكَامُ فِي ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ .
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ وَجَدَ بَعِيرًا فَلْيَأْتِ بِهِ الْإِمَامَ يَبِيعُهُ يَجْعَلُ ثَمَنَهُ فِي بَيْتِ الْمَال . . . وَهَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَحْدُثُ لِلنَّاسِ أَقْضِيَةٌ بِقَدْرِ مَا أَحْدَثُوا مِنْ الْفُجُور ] ( )
ضوال الإبل في زمن عثمان رضي الله عنه :
وقال الإمام ابن بطال ، رحمه الله :
[ وقد باع عثمان ضوال الإبل، وحبس أثمانها على أربابها ورأى أن ذلك أقرب إلى جمعهاعليهم لفساد الناس ] ( )
[ عن مالك انه سمع بن شِهَابٍ يَقُولُ كَانَتْ ضَوَالُّ الْإِبِلِ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِبِلًا مُؤَبَّلَةً تَنَاتَجُ لَا يَمَسُّهَا أَحَدٌ حَتَّى إِذَا كَانَ زَمَانُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَمَرَ بِتَعْرِيفِهَا ثُمَّ تُبَاعُ فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا أُعْطِيَ ثَمَنَهَا ] ( ) .
وقال الإمام الزرقاني ، رحمه الله :
[ (لَا يُمْسِكُهَا أَحَدٌ) لِلنَّهْيِ عَنِ الْتِقَاطِهَا (حَتَّى إِذَا كَانَ زَمَانُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَمَرَ بِتَعْرِيفِهَا) بَعْدَ الْتِقَاطِهَا خَوْفًا مِنَ الْخَوَنَةِ (ثُمَّ تُبَاعُ فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا أُعْطِيَ ثَمَنَهَا) لِأَنَّ هَذَا أَضْبَطُ لَه ] ( ).
لا شك أنّ هذا الإختلاف في الحكم ، كان نتيجة إختلاف الزمان ، ولم يمض على أمر النبيّ - صل الله عليه وسلم - ربع قرن تقريباً ، فكيف إذا مضت أربعة عشر قرن ، على أمرٍ ارتبط بذلك الزمان ؟ !
ومما مضى يتبين :
أ - أنه يجوز أن يختلف الأئمة في فهم النصوص ؛ في فهم آيات الكتــاب ( القرآن ) ، وفهــم أحاديث النبيّ - صل الله عليه وسلم - .
بعضهم يأخذ بظاهر ما يتبادر من النص ، والبعض الآخر يغوص في المعاني ، فيستنبط المراد من النص ، بعيداً عن الظاهر .
بل رأينا الأنبياء ، عليهم السلام ، يختلفون – فيما بينهم – في الإجتهاد .
ب - لا يؤثـم أحـدٌ منهم ، بل يؤجر ؛ إما أجرين ، أو أجرواحد ، بشرط أن يكون عالماً مجتهداً ، من أهل الإجتهاد .
ج - الذي يطعن فيهم ، ويجرحهم ، بادعاء أنهم مخالفون للنص ، هو إنسان لا يفهم في الشرع ، ومخالف لهدي النبيّ - صل الله عليه وسلم - !

كيف نتعامل مع السنة النبوية ؟!


فالحق هو : أن الواجب على الذين لا يفهمون من الكلام إلا ظاهره ، أن لا يتطاولوا ، فيزاحموا الأئمة الأعلام ، في فهم الدين ، فيساووا أنفسهم بالأئمة .
ليس هذا فحسب ، بل يعتبرون أنفسهم أفهم منهم وأعلم !
فالواجب عليهم أن يتواضعوا ، ولا يخرجوا عن طورهم ، وليكتفوا بتقليد دينهم لبعض مقلدة المذاهب !
وهذا لم يحدث في أي دين ، أو حزب ، أو فكر : أن يتطاول مَن لا يعرف إعراب جملة ، فيقوم بتخطئة الأئمة العظام ! ويجعل نفسه مجتهداً ، يتكلم في أمور العامة ، والأمور العظيمة !
فهذا الدين العظيم ، شأنه لا يقل عن شأن بقية مجالات العلوم الأخرى ، حيث لكل مجال متخصصون ، برعوا وامتازوا في ذلك ، فأصبحوا مصدراً ومرجعاً لبقية الناس في ذلك !
فلا يجوز أن يهجم عليه كل مَن هبّ ودبّ ، فيتحدّث عنه ، ويحلل ويحرّم ، ويحظر ويبيح ، ويسنّن ويبدّع !
قال الإمام الماوردي :
[  قال ابن عباس: " التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب بكلامها وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله عز وجل " وهذا صحيح.
أما الذي تعرفه العرب بكلامها، فهو حقائق اللغة وموضوع كلامهم.
وأما الذي لا يعذر أحد بجهالته ، فهو ما يلزم الكافة في القرآن من الشرائع وجملة دلائل التوحيد .
وأما الذي يعلمه العلماء، فهو وجوه تأويل المتشابه وفروع الأحكام.
وأما الذي لا يعلمه إلا الله عز وجل، فهو ما يجري مجرى الغيوب وقيام الساعة.
وهذا التقسيم الذي ذكره ابن عباس صحيح ] ([1]) .   
فالذي لا يفهم الكلام ، عليه أن يسأل ويتبع الأئـــمة والعلمــاء ، لا أن يعادي ما هو فوق مستواه !
وإن كان الإنسان عدواً لما يجهل ‍!  (  بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِه ) ([2]) .
وعليه – حينئذٍ – أن يكتفي بالتقليد ويصمت ، فوزاً بالسلامة لدينه وعرضه !
ولقد ذكر ابن الجوزي ، رحمه الله ، الذين لا يفهمون من الكلام إلّا ظاهره ، فقال :
[ وما هم إلا بمثابة قول الحجاج لكاتبه وقد مدحته ليلى الأخيلية فقالت :
      إذا هبط الحجاج أرضاً مريضة       تتبع أقصى دائها فشفاها
     شفاها من الداء العضال الذي بها     غلام اذا هز القناة سقاها
فلما أتمت القصيدة ، قال لكاتبه : إقطع لسانها ، فجاء ذاك الكاتب المغفل بالموسى .
فقالت له : ويلك إنما قال أجزل لها العطاء .
ثــم ذهبــت إلـــى الحجـــاج فقالـت : كاد والله يقطع مقولي  ] ([3])
فهناك أناس لا يفهمون من الكلام إلا ظاهره ، حالهم حال كاتب الحجاج !
حيث أراد أن يمثّل بتلك المرأة ، فيقطع لسانها حقيقة ، نتيجة فهمه الفاسد !
ومن رحمة الله تعالى ، أن كان الحجاج – صاحب الكلام – موجوداً ، فرجعوا إليه ، فبيّن لهم أنه يقصد بكلامه إجزال العطاء ، لا قطع لسانها حقيقة !
فماذا كان يحدث لو أن الحجاج غاب ، ولم يستطيعوا الوصول إليه ؟ !
ولماذا قال الحجاج : إقطع لسانها ، ولم يقل صراحة : أجزل لها العطاء ؟ !
لماذا قال كلاماً إلتبس على كاتبه المسكين ؟
الجواب : تجده عند بلاغة اللغة العربية ! لغة القرآن والسنة ، وعند مَن اتصف بالبلاغة والفصاحة !



([1]) تفسير الماوردي - النكت والعيون ( 1 / 36 ) .
([2]) سورة يونس ، آية : 39 .
([3]) صيد الخاطر لابن الجوزي . ص 91 .

لماذا تؤكد على إ‘خراج زكاة الفطر نقدا ..؟!

كلمة عن زكاة الفطر نقدا ..
النصوص الواردة فيما يخرج في زكاة الفطر هي دالة على اعتبار الطعام المعتاد كحال البلد، ثم ذكر أن الرجل كان يفرح في السابق بهذه الحنطة وهذه الحبوب فيحملها إلى أهله حتى يصنعون منها الخبز بعد طحنها وإصلاحها، 

وأن هذا الأمر لم يعد معمولاً به في الوقت الحاضر بل إن الفقراء يبيعون ما يحصلون عليه من زكاة الفطر كالأرز وغيره حتى يحصلوا على النقود إلى أن يقول: إنه -أي الفقير- يحتاج إلى كثير من الأشياء الضرورية التي ترهقه، 

ولا يستطيع تلبيتها من دون عون من الله ثم بما يقدمه له إخوانه المسلمون من زكاتهم المفروضة، إنه يفكر في سداد فاتورة الكهرباء التي لا يقوم بها أحد سواه، وكذلك سقيا الماء لأبنائه وعائلته، ولوازمهم المدرسية التي تكلفه الكثير الكثير من المال عدا الأشياء الضرورية التي لا يستطيع التخلي عنها.

 هذا هو الواقع الذي يعيشه الفقير إن انفصال المقصد الشرعي من هذه الفريضة والتجاهل للواقع انحراف عن مقاصد الشرع، وتنزيل للأحكام في غير موضعها، فقد تغيّرت حاجة الفقراء في عصر الصحابة رضوان الله عليهم فلجأوا إلى ما يحقق مقاصد الشريعة، ولم يكن ثمة اعتراض على ذلك وفي الوقت الحاضر تغيرت حاجة الفقراء،
 وأصبح ما هو مشروع أصلاً -إلى جانب أنه لا يسد حاجة الفقير- هدفًا للتحايل والتلاعب إنّ النظر الفقهي السليم هو الذي يؤاخي بين الأحكام الشرعية، وتأمل للواقع لتحقيق المقصد الشرعي.وقد رجح هذا القول وأفاض في ذلك الشيخ مصطفى الزرقا(29)،

 وفرق الشيخ أحمد الغماري بين البوادي والتي حالها مشابهُ لحال عصور الصحابة حيث لا أسواق لبيع الطعام المطبوخ مع وجود الآلات التي تمكنهم من الانتفاع بما عندهم من الحبوب، وبين الحواضر والتي المال فيها أحوج للفقير.


وهذا يتوافق مع أصل التشريع فإن الطعام كان إخراجه أيسر في عهد الصحابة ومن الطعام الذي كان موجودًا ومتعارفًا عليه عندهم ولذلك فإن الفقهاء -حتى القائلين بعدم إخراج زكاة الفطر نقدًا- لا يُلزمون بإخراجها من نفس الأصناف الواردة في أحاديث زكاة الفطر وإنما يعبرون عن ذلك بقولهم قوت البلد، وهذا يدل على مراعاة المصلحة والحاجة. فكان من أعظم المصالح وأبلغ الحكم العدول عن المال النادر العسر إخراجه في ذلك الوقت إلى الطعام المتيسر إخراجه لكل الناس آنذاك.
وأما الحال الآن فقد تغير فصارت النقود ميسرة والحاجة لها أكثر كما سبق بيانه(30)، وعندي -والله أعلم- أن الراجح هو جواز إخراجها نقدًا ولا يعني أن هذا هو الأفضل بل الأفضل إخراج ما يحتاجه من سيعطى الزكاة ولو أخرجها نقدا مع وجود الحاجة لها حبا فقد أدى فرضه ولا يؤمر بالإعادة، كما أن العكس صحيح، وعندما يوسّع الإنسان الدائرة وينظر إلى حال المسلمين في العالم وخاصة الدول الصناعية الأوروبية مثلا والتي يتعامل الناس فيها بالنقود غالبًا فإخراجها نقدا أفضل والحالة هذه والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


المرجحات الأربعة لدفع زكاة الفطر مالاً في عصرنا

1. الترجيح بالنص

المقصد هو أن يشعر الفقير بفرحة العيد مثل الغني، والفقير اليوم يحتاج أن يشتري لأولاده الملابس الجديدة وهدايا العيد، ولا يصح فيها اليوم غير المال، وقد رأينا عشرات المرات المساكين يبيعون الحبوب لنفس التجار الذين اشترى منهم الأغنياء
روى البخاري في صحيحه أن النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال للنساء يوم عيد الفطر: «تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ» قال البخاري:" فَلَمْ يَسْتَثْنِ صَدَقَةَ الفَرْضِ مِنْ غَيْرِهَا". قال ابن حجر في الفتح: وعلى غير عادة البخاري في مخالفته للأحناف أن اتفق معهم في إخراج صدقة الفطر نقوداً، وفي جواز إخراج العوض في الزكاة وبوب البخاري باباً سماه "باب العرْض".

2. الترجيح بكثرة القائلين بجواز إخراج القيمة

يُوهم من يتحدث في المسألة أن أبا حنيفة فقط هو من قال بجواز إخراج القيمة في زكاة الفطر، والحقيقة على خلاف ذلك. وهذه قائمة بالفقهاء الذين قالوا بالقيمة أحصاها فضيلة الشيخ الحبيب بن طاهر: *من الصحابة رضوان الله عليهم* عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله بن عمر، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عبّاس، ومعاذ بن جبل. قال أبو إسحاق السبيعي من الطبقة الوسطى من التابعين، قال: أدركتهم ـ يعني الصحابة ـ وهم يعطون في صدقة رمضان الدّراهم بقيمة الطّعام. (مصنف ابن أبي شيبة: 3/174، وعمدة القارئ: 9/8).

و*من أئمّة التابعين* عمر بن عبد العزيز، فعن قرّة قال: جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز في صدقة الفطر: نصف صاع عن كلّ إنسان أو قيمته نصف درهم. والحسن البصري، قال: لا بأس أن تعطى الدّراهم في صدقة الفطر، و طاووس بن كيسان، وسفيان الثوري. (مصنف ابن أبي شيبة: 3/174، وموسوعة فقه سفيان الثوري: 473، وفتح الباري: 4/280).

و*من فقهاء المذاهب* أبو عمرو الأوزاعي، وأبو حنيفة النعمان وفقهاء مذهبه، وأحمد بن حنبل في رواية عنه، والإمام البخاري، وشمس الدين الرملي من الشافعية، ومن المالكية: ابن حبيب وأصبغ وابن أبي حازم وابن وهب، وقال الشيخ الصاوي: "الأظهر الإجزاء لأنّه يسهل بالعين سدّ خلّته في ذلك اليوم". وقد أصدر المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث قرارا بجواز دفع القيمة قرار 4/23، (يونيو) 2013م.

3. الترجيح بالقياس
قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: (خذ الحَبَّ من الحَبِّ، والشاة من الغنم، والبعير من الإبل، والبقر من البقر) وهو صريح في دفع الأعيان، لكن معاذاً رضي الله عنه فهم قصد الزكاة، ولم يتعامل مع النص على أنه تعبدي غير معلل فقال لأهل اليمن: ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس {أنواع من الأقمشة} في الصدقة مكان الشعير والذرة؛ فإنه أهون عليكم وأنفع لمن بالمدينة، وقد أقرَّه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولئن جاز في الزكاة وهى الأعلى جاز من باب أولى في زكاة الفطر وهي الأدني.

4. الترجيح بالمقاصد

شُرعت زكاة الفطر لمقصد منصوص عليه في الحديث الصحيح وهو: طهرة للصائم من الرفث واللغو، وطعمة للفقراء والمساكين، وفي الحديث الضعيف على الأرجح: اغنوهم عن ذل السؤال في هذا اليوم. فالمقصد هو أن يشعر الفقير بفرحة العيد مثل الغني، والفقير اليوم يحتاج أن يشتري لأولاده الملابس الجديدة وهدايا العيد، ولا يصح فيها اليوم غير المال، وقد رأينا عشرات المرات المساكين يبيعون الحبوب لنفس التجار الذين اشترى منهم الأغنياء تلك الأصناف بثمن أقل، فهل شرعت زكاة الفطر لإغناء التجار على حساب الفقراء، وإضاعة وقت الفقير في عملية التبادل والمقايضة؟ وبوسع الفقير أن يشتري حبوبا بالمال دون خسارة، ولا يسعه أن يحصل على المال إن أخذ حبوبا إلا بالخسارة. إن القول بتعبدية الأصناف المذكورة في الحديث يوقعنا كمسلمين في حرج عدم مناسبة الإسلام لكل زمان ومكان. على أن الرافضين لدفع القيمة يلجؤون لتقصيد العبادة فلا يلتزمون بالأصناف الواردة في الحديث، ويقولون بإخراجها من غالب قوت البلد، وهو إقرار بالتعليل والتقصيد، وهو أساس ودليل دفع القيمة، غير أننا قلنا بالخروج عن الأصناف الواردة في الحديث إلى المال، وهم قالوا بالخروج عنها إلى غالب طعام أهل البلد.

https://fatawaeslam.blogspot.com/2019/05/blog-post_87.html

رفع الصوت بالذكر والجهر به ، بعد الصلوات المفروضة سنة ثابته عن رسول الله صل الله عليه وسلم واصحابه ولكن ادعياء السلفية ينكرون على من يفعله ..

رفع الصوت بالذكر والجهر به ، بعد الصلوات المفروضة سنة ثابته عن رسول الله صل الله عليه وسلم واصحابه ولكن ادعياء السلفية ينكرون على من يفعله ..
- فعن عبد الله ابن عباس - رضي الله عنهما - : ( إن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم ) 


ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نص‏‏
ويقول - رضي الله عنه - : ( كنت أعلم إذا انصرفوا في ذلك إذا سمعته ) رواه البخاري . ورواه الإمام أحمد وأبو داود .
وفي رواية للبخاري ( 806 ) ومسلم ( 583 ) عن ابن عباس قال : ( كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير ) .
فممن ذهب إلى رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة : الطبري وابن حزم وشيخ الإسلام وغيرهم .
أ - قال ابن حزم رحمه الله : " ورفع الصوت بالتكبير إثر كل صلاة حسن " انتهى من "المحلى" (3 /180)
ب - ونقل البهوتي في "كشاف القناع" (1/366) عن شيخ الإسلام ابن تيمية استحباب الجهر : " ( قال الشيخ [ أي : ابن تيمية ] : ويستحب الجهر بالتسبيح والتحميد والتكبير عقب كل صلاة " .
ج- قال الشيخ ابن باز : السنة رفع الصوت بالأذكار كلها بعد الصلوات، بعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر . . . فالمقصود أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يرفع الصوت بالذكر وهكذا الصحابة بعد السلام، ولهذا سمعه الصحابة ونقلوا ذكره -صلى الله عليه وسلم- سمعوه يقول إذا سلَّم:
( أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ) ، وسمعوه يقول:
لا إله إلا الله يعني إذا انصرف إلى الناس وأعطاهم وجهه يقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد).
أخبر الصحابة عن النبي بهذا -عليه الصلاة والسلام- ثوبان أخبر عن بعض هذا، وابن الزبير عن بعض هذا، والمغيرة ابن شعبة كذلك،
كلهم أخبروا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يسمعونه يأتي بهذه الأذكار،
وهكذا التسبيح يشرع بعد كل صلاة من الخمس أن يقول سبحان الله والحمد لله والله أكبر -ثلاثاً وثلاثين مرة- سبحان الله والحمد لله والله أكبر يكررها ثلاثاً وثلاثين مرة.
النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن من فعل ذلك وختمها بكلمة التوحيد يغفر له، فقال -صلى الله عليه وسلم-:
(من سبح الله ثلاثاً وثلاثين وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وكبر الله ثلاثاً وثلاثين وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)
هذا فضلٌ عظيم . . .
إذاً كونه بصوت عالٍ جماعة غير مشروع سماحة الشيخ؟
ج/ مشروع لكن وسط يسمعه من حولهم يسمعه من خارج المسجد أنهم سلموا ما فيه شيء متكلف، صوتاً عادياً مسموع . . . ) .
د - اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو، عضو، نائب الرئيس، الرئيس
عبدالله بن قعود، عبدالله بن غديان، عبدالرزاق عفيفي، عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
س1: ماحكم رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة
ج1: يشرع رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة المكتوبة، لما ثبت من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:
( إن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي عليه الصلاة والسلام)
وأنه قال أيضا (كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته)
ولو وجد أناس يقضون الصلاة سواء كانوا أفرادا أوجماعات وذلك في جميع الصلوات الخمس المفروضة ) .
هـ - صالح بن عبد الله الفوزان حفظه الله
ما قولك في الجهر بالدعاء والذكر مطلقًا، وبعد الصلاة خاصة‏؟‏ وهل يكون الدعاء والذكر جهرًا أم سرًّا أم بينهما‏؟‏ . . .
وأما الذكر بعد الصلاة؛ فإنه من السنة الجهر به، حسبما ورد في الأحاديث الصحيحة من أن الصحابة كانوا يجهرون بالذكر بعد الصلاة؛ بالتهليل والاستغفار بعد السلام ‏
(‏الاستغفار ثلاثًا‏)‏، ثم‏:‏ ‏(‏اللهم إنك أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام‏)‏، ‏(‏لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك وله الحمد‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلى آخر هذه الأذكار الواردة؛ يجهر بها ) .
وقد ردّ الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، رحمه الله ، على شبهات المعترضين ، شبهة شبهة ، فقد :
و - سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، رحمه الله ، عن حكم المسألة فأجاب :
" الجهر بالذكر بعد الصلوات المكتوبة سنة ، دل عليها ما رواه البخاري من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : ( وكنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته ) . ورواه الإمام أحمد وأبو داود .
وفي الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا قضى الصلاة : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ..) الحديث .
ولا يُسمع القول إلا إذا جهر به القائل .
وقد اختار الجهر بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وجماعة من السلف والخلف ، لحديثي ابن عباس ، والمغيرة رضي الله عنهم .
والجهر عام في كل ذكر مشروع بعد الصلاة سواء كان تهليلا ، أو تسبيحا ، أو تكبيرا ، أو تحميدا لعموم حديث ابن عباس ،
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم التفريق بين التهليل وغيره بل جاء في حديث ابن عباس أنهم يعرفون انقضاء صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالتكبير ،
وبهذا يُعرف الرد على من قال لا جهر في التسبيح والتحميد والتكبير .
وأما من قال : إن الجهر بذلك بدعة ، فقد أخطأ فكيف يكـون الشيء المعهـود في عهـد النبي صلى الله عليه وسلم بـدعة ؟! قال الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله :
( ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله وتقريره ،
وكان الصحابة يفعلون ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بعد تعليمهم إياه ، ويقرهم على ذلك فعلموه بتعليم الرسول صلى الله عليه وسلم إياهم ، وعملوا وأقرهم على ذلك العمل بعد العلم به ولم ينكره عليهم ) .
وأما احتجاج منكر الجهر بقوله تعالى : ( واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ) .
فنقول له : إن الذي أٌمِر أن يذكر ربه في نفسه تضرعا وخيفة هو الذي كان يجهر بالذكر خلف المكتوبة ،
فهل هذا المحتج أعلم بمراد الله من رسوله ،
أو يعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم المراد ولكن خالفه ،
ثم إن الآية في ذكر أول النهار وآخره ( بالغدو والآصال ) وليست في الذكر المشروع خلف الصلوات ،
وقد حمل ابن كثير في تفسيره الجهر على الجهر البليغ .
وأمــا احتجاج منكر الجهر أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم : ( أيها الناس أربعوا على أنفسكم ...) الحديث .
فإن الذي قال : ( أيها الناس أربعوا على أنفسكم ) هو الذي كان يجهر بالذكر خلف الصلوات المكتوبة ،
فهذا له محل ، وذاك له محل ، وتمام المتابعة أن تستعمل النصوص كل منها في محله .
ثم إن السياق في قوله : ( أربعوا على أنفسكم ) يدل على أنهم كانوا يرفعون رفعا بليغا يشق عليهم ويتكلفونه ،
ولهذا قال : ( أربعوا على أنفسكم ) . أي : ارفقوا بها ولا تجهدوها ،
وليس في الجهر بالذكر بعد الصلاة مشقة ولا إجهاد
أما من قال : إن في ذلك تشويشا .
فيقال له : إن أردت أنه يشوش على من لم يكن له عادة بذلك ، فإن المؤمن إذا تبين له أن هذا هو السنة زال عنه التشويش ،
وإن أردت أنه يشوش على المصلين ، فإن المصلين إن لم يكن فيهم مسبوق يقضي ما فاته فلن يشوش عليهم رفع الصوت كما هو الواقع ، لأنهم مشتركون فيه ،
وإن كان فيهم مسبوق يقضي ، فإن كان قريبا منك بحيث تشوش عليه فلا تجهر الجهر الذي يشوش عليه لئلا تلبس عليه صلاته ، وإن كان بعيدا منك فلن يحصل عليه تشوش بجهرك .
وبما ذكرنا يتبين أن السنة رفع الصوت بالذكر خلف الصلوات المكتوبة ، وأنه لا معارض لذلك لا بنص صحيح ولا بنظر صريح " انتهى .
وقال أيضا : " لأن الأصوات إذا اختلطت تداخل بعضها في بعض فارتفع التشويش ،
كما تشاهد الآن في يوم الجمعة الناس يقرأون كلهم القرآن يجهرون به ويأتي المصلي ويصلي ولا يحدث له تشويش ".
وقال رحمه الله : " فالمهم أن القول الراجح : أنه يسن الذكر أدبار الصلوات على الوجه المشروع ، وأنه يسن الجهر به أيضا - أعني رفع الصوت –
ولا يكون رفعا مزعجا فإن هذا لا ينبغي ، ولهذا لما رفع الناس أصواتهم بالذكر في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام في قفولهم من خيبر قال : ( أيها الناس ، أربعوا على أنفسكم ) ،
فالمقصود بالرفع ، الرفع الذي لا يكون فيه مشقة وإزعاج " انتهـــــــــــى من "مجمـــوع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (13/247، 261) ) .
وأخيراً قال الشيخ محمد بن صالح المنجد :
( قد تبين مما ذكرنا أن الأمر فيه سعة ، وأن الخلاف في المسألة قديم ، ولعل الراجح هو ما ذكره الشيخ ( يقصد الشيخ ابن عثيمين ) رحمه الله من رفع الصوت ، لكن يكون رفعا من غير إزعاج .
وأما من أشرت إليهم من العوام وكبار السن ، فإنه سيعتادون ذلك بعد مدة ، وقد يكون من المناسب قراءة كلام الشيخ عليهم ، ليعلموا السنة ، ويرغبوا في تطبيقها .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم ) .
إبن تيمية وابن حزم والطبري وابن باز والعثيمين وسليمان بن سحمان ومحمد بن صالح المنجد وعبدالله بن قعود وعبدالله بن غديان وعبدالرزاق عفيفي وصالح الفوزان . . . وغيرهم كلهم يقولون : رفع الصوت بالذكر بعد الصلوات المفروضة ( الصبح ، الظهر ، العصر ، المغرب ، العشاء ) : سنة !
فهل الذين يدّعون اتّباع الكتاب والسنة والسلف الصالح ، ويعتبرون هؤلاء العلماء ، هم علماء وأئمة السنة ، هل يأخذون بأقوالهم هذه التي نقلناها عنهم ؟ أم يقولون : عنزة ولو طارت ؟ !
فالقصد من كل هذا الكلام ، هو أن نبيّن بوضوح ، أنّ هناك مَن يتزايدون على المسلمين ، باسم الكتاب والسنة والسلف الصالح ، وهُم أبعد ما يكونون عن ذلك ! !
وعند المناقشة ، أو المحاورة ، أو الدعوة لجماعتهم ، يدّعون الإلتزام بالكتاب والسنة وطريق السلف الصالح !
وذلك زخرفة لأقوالهم ، ولجماعتهم ، وتجميلها ، والدعاية لها ، وتشويهاً لطريق مخالفيهم ، وتنفيراً لهم !
وعند الإختلاف مع المسلمين ، والإحتجاج عليهم ، إذا بهم يقولون : قال فلان ، وقال علان !
أي : يحتجون – عملياً – بأقوال الرجال ، واجتهاداتهم ! ! وينسون الكتاب والسنة والسلف الصالح ؟ !
وفي أحيان كثيرة ، لا يلتزمون حتى بأقوال علمائهم ، طالما كانت تلك الأقوال تحث على الأخوة والألفة بين المسلمين !
أما الأقوال التي تفرّق ، وتبعث على الخلاف والحقد ، والقطيعة بين المسلمين فيطيرون بها !