السبت، 24 ديسمبر 2022

مدة المسح على الخفين والجوربين

 

💥ابتداء مدة المسح على الخفين والجوربين
السؤال: شيخنا متى يبدأ حساب مدة المسح على الخفين والجوربين؟ افتونا مأجورين
الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
فيرخص للشخص المقيم في المسح يوم وليلة ، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليها لحديث سيدنا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، أن شريح بن هانئ سأله عن المسح على الخفين، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(( للمسافر ثلاثة أيام بلياليهن، وللمقيم يوم وليلة)) رواه مسلم وأحمد وأهل السنن. وفي رواية الامام احمد : ((يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثَلَاثَ لَيَالٍ وَالْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً)). وهذا مذهب الجمهور الا المالكية فعندهم عدم التوقيت فيمسح عليهما ما لم ينزعهما أو من جنابة.
وقد اختلف العلماء في تحديد بدء مدة المسح على الخفين وما يقوم مقامهما على أقوال أهمها:
القول الأول: يبدأ من حين أول مسح بعد الحدث ، وهو قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- والاوزاعي وأبي ثور والراوية الثانية عند الإمام احمد واختاره النووي وابن المنذر من الشافعية، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، وترجيح الشيخين ابن باز وابن عثيمين -رحمهما الله تعالى-.
واحتجوا بظاهر أحاديث التوقيت في المسح وهي أحاديث صحاح ، وفيها قوله عليه الصلاة والسلام ((يمسح المسافر ... ويمسح المقيم))، فظاهر الأحاديث يدل على أن ابتداء احتساب المدة من وقت المسح بعد الحدث فلا يصدق عليه انه ما مسح إلا بفعل المسح ولا يجوز العدول عن الظاهر بلا حجه، ولحديث عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- قال: (يمسح عليها مثل ساعته من يومه وليلته) رواه عبد الرزاق الصنعاني في المصنف إسناده صحيح على شرط الشيخين ؛ وصححه الشيخ الالباني.
وهو صريح في أن المسح يبدأ من ساعة إجرائه على الخف إلى مثلها من اليوم والليلة، وهو ظاهر جميع الآثار المروية عن الصحابة في مدة المسح؛ ولا شك أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - أعلم بمعنى قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ممن بعده، وهو أحد من روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- المسح على الخفين، وموضعه من الدين موضعه، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين بعدي)).
القول الثاني: أن المدة تحسب من أول حدث بعد لبس الخف سواء مسح ام لم يمسح، وهذا مذهب الثوري ومذهب الإمام أبي حنيفة والشافعي وظاهر مذهب احمد؛ لان ما بعد الحدث زمن يستباح فيه المسح فكان من وقته كبعد المسح، ولأنها عبادة مؤقتة فأعتبر أول وقتها من حين جواز فعلها كالصلاة .
القول الثالث: انه يمسح خمس صلوات للمقيم وخمس عشرة للمسافر ولا يمسح أكثر من ذلك ، وهو مذهب الشعبي واسحق وأبي ثور .
القول الرابع: من حين اللبس، وهو مذهب الحسن البصري .
المفتى به:
هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من ابتداء المدة من حين أول مسح بعد الحدث لظاهر قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث التوقيت بالمسح (يمسح) ولا يمكن أن يصدق عليه انه ماسح إلا بفعل المسح، ولا يجوز العدول عن هذا الظاهر بغير برهان.
وعلى هذا لو أن رجلاً توضأ عند صلاة الظهر ولبس خفيّه الساعة الثانية عشرة مثلاً وبقي على طهارة حتى الساعة الثالثة عصراً ثم أحدث ولم يتوضأ إلا الساعة الخامسة عصراً ومسح على خفيه فله أن يمسح عليها حتى الساعة الخامسة عصراً من اليوم التالي إن كان مقيماً ومن اليوم الرابع إذا كان مسافراً، والله تعالى اعلم.
✍️د. ضياء الدين عبدالله الصالح
١

أقوال العلماء في سفر المرأة بدون محرم

 


[أقوال العلماء في سفر المرأة بدون محرم]
هذه المسألة مسألة عظيمة جداً، ترددت فيها أربعة أحاديث، هي التي أنشأت خلاف الفقهاء.
الحديث الأول: حديث في الصحيح وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم) فهنا أناط النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بالسفر مع المحرم.
الحديث الثاني: قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم -وهو الذي يحتج به الأحناف-: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ثلاثة أيام بلياليهن إلا مع ذي محرم).
وعندنا حديث يرد على من يخالفنا، وهو حديث متفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم).
وهذا الحديث مطلق وليس بمقيد.
والحديث الرابع: هو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لتمرن الظعينة) والظعينة: المرأة التي على الهودج، (من حضرموت إلى مكة) يعني: تطوف بالبيت.
(لتطوفن بالبيت لا تخش إلا الله والذئب على الغنم).
فعندنا الآن أربعة أحاديث تتكلم عن سفر المرأة بدون محرم، نظر إليها العلماء نظرات ممحصة فاختلفت الأقوال كالآتي:
القول الأول: يحرم على المرأة تحريماً باتاً أن تسافر مع غير ذي محرم على العموم في مسافة القصر.
ومسافة القصر: هي أربعة برد على الراجح الصحيح، والأربعة برد تساوي: ثمانين كيلو، أو واحداً وثمانين كيلو، أو بضعاً وسبعين كيلو، ولنجعلها تجوزاً ثمانين كيلو، وقولي على العموم أي: يحرم على المرأة أن تسافر مسيرة يوم وليلة بدون محرم، سواء كان السفر بالطائرة، أو بالسيارة، أو بالجمل أو بالبعير أو بغير ذلك، وسواء سافرت للحج أو للدراسة، أو للطب أو للجراحة أو غير ذلك، وهذا قول الجمهور.
القول الثاني: يصح سفر المرأة مع صحبة آمنة في الحج دون غيره، وهذا قول المالكية والشافعية.
القول الثالث: إذا سافرت سفراً طويلاً أو قصيراً ولم يبلغ يوماً وليلة مع غير ذي محرم جاز، بمعنى: لو سافرت إلى باريس -والمسافة إلى باريس سبع ساعات بالطائرة- فلها أن تسافر وحدها؛ لأن المحرم سفر يوم وليلة بنص الحديث، وهذا قول نسبوه لشيخ الإسلام ابن تيمية، وهو ما يرجحه الشيخ ابن جبرين.
القول الرابع: مدار سفر المرأة على الأمان وهذا الذي رجحه القرضاوي، فإن أمنت على نفسها بالسفر إلى لندن صح أن تسافر، وهذا قال به أيضاً ابن كج من الشافعية.
سومبر : المكتبة الشاملة
----------------------------------
سفر المرأة بدون محرم هل يجوز للمرأة السفر بغير محرم:
الأصل المقرر في شريعة الإسلام ألا تسافر المرأة وحدها، بل يجب أن تكون في صحبة زوجها، أوذي محرم لها.
ومستند هذا الحكم ما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم “.
وعن أبي هريرة مرفوعًا: ” لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها محرم ” (رواه مالك والشيخان وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة).
وعن أبي سعيد عنه – صلى الله عليه وسلم -: ” لا تسافر امرأة مسيرة يومين ليس معها زوجها أو ذي محرم “. (رواه الشيخان في رواية لهما عن أبي سعيد).
وعن ابن عمر: ” لا تسافر ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم “. (متفق عليه من حديث ابن عمر).
والظاهر أن اختلاف الروايات لاختلاف السائلين وسؤالهم، غير أن أبا حنيفة رجح حديث ابن عمر الأخير، ورأى أن لا يعتبر المحرم إلا في مسافة القصر . وهو رواية عن أحمد.
هل كل سفر لإمرأة لابد له من محرم: مجموع الأحاديث تشمل كل سفر، سواء كان واجبًا كالسفر لزيارة أو تجارة أو طلب علم أو نحو ذلك. هل وجود المحرم مع المراة لسوء الظن بها: وليس أساس هذا الحكم سوء الظن بالمرأة وأخلاقها، كما يتوهم بعض الناس، ولكنه احتياط لسمعتها وكرامتها، وحماية لها من طمع الذين في قلوبهم مرض، ومن عدوان المعتدين من ذئاب الأعراض، وقطاع الطرقات، وخاصة في بيئة لا يخلو المسافر فيها من اجتياز صحار مهلكة، وفي زمن لم يسد فيه الأمان، ولم ينتشر العمران. حكم سفر المرأة مع عدم وجود المحرم: إذا لم تجد المرأة محرمًا يصحبها في سفر مشروع: واجب أو مستحب أو مباح ؟ وكان معها بعض الرجال المأمونين، أو النساء الثقات، أو كان الطريق آمنًا.
بحث الفقهاء هذا الموضوع عند تعرضهم لوجوب الحج على النساء . مع نهي الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن تسافر المرأة بغير محرم.
( أ ) فمنهم من تمسك بظاهر الأحاديث المذكورة، فمنع سفرها بغير المحرم، ولو كان لفريضة الحج، ولم يستثن من هذا الحكم صورة من الصور.
( ب ) ومنهم من استثنى المرأة العجوز التي لا تشتهي، كما نقل عن القاضي أبي الوليد الياجي، من المالكية، وهو تخصيص للعموم بالنظر إلى المعنى، كما قال ابن دقيق العيد، يعني مع مراعاة الأمر الأغلب فتح الباري ج 4 ص 447.
( ج ) ومنهم من استثنى من ذلك ما إذا كانت المرأة مع نسوة ثقات . بل اكتفى بعضهم بحرة مسلمة ثقة.
( د ) ومنهم من اكتفى بأمن الطريق . وهذا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية . ذكر ابن مفلح في (الفروع) عنه قال: تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم، وقال: إن هذا متوجه في كل سفر طاعة .. ونقله الكرابيسي عن الشافعي في حجة التطوع . وقال بعض أصحابه فيه وفي كل سفر غير واجب كزيارة وتجارة. (انظر: الفروع ج 3، ص 236، 237، ط.ثانية).
ونقل الأثرم عن الإمام أحمد: لا يشترط المحرم في الحج الواجب . وعلل ذلك بقوله: لأنها تخرج مع النساء، ومع كل من أمنته. بل قال ابن سيرين: مع مسلم لا بأس به.
*و قال الأوزاعي: مع قوم عدول.
*و قال مالك: مع جماعة من النساء.
*و قال الشافعي: مع حرة مسلمة ثقة .
وقال بعض أصحابه: وحدها مع الأمن. (الفروع ج 3، ص 235 – 236).
قال الحافظ ابن حجر: والمشهور عند الشافعية اشتراط الزوج أو المحرم أو النسوة الثقات . وفي قول: تكفي امرأة واحدة ثقة .
وفي قول نقله الكرابيسي وصححه في المهذب تسافر وحدها إذا كان الطريق آمنًا. وإذا كان هذا قد قيل في السفر للحج والعمرة، فينبغي أن يطرد الحكم في الأسفار كلها، كما صرح بذلك بعض العلماء (فتح الباري ج 4 ص 447، ط. مصطفى الحلبي) . لأن المقصود هو صيانة المرأة وحفظها وذلك متحقق بأمن الطريق، ووجود الثقات من النساء أو الرجال. دليل القائلين بجواز سفر المراة بدون محرم:
والدليل على جواز سفر المرأة من غير محرم عند الأمن ووجود الثقات :
أولأً: ما رواه البخاري في صحيحه أن عمر رضي الله عنه أذن لأزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – في آخر حجة حجها، فبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن، فقد اتفق عمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف ونساء النبي – صلى الله عليه وسلم – على ذلك، ولم ينكر غيرهم من الصحابة عليهن في ذلك . وهذا يعتبر إجماعًا. (المصدر السابق).
ثانيًا: ما رواه الشيخان من حديث عدي بن حاتم، فقد حدثه النبي – صلى الله عليه وسلم – عن مستقبل الإسلام وانتشاره، وارتفاع مناره في الأرض. فكان مما قال: ” يوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة (بالعراق) تؤم البيت لا زوج معها، لا تخاف إلا الله … إلخ ” وهذا الخبر لا يدل على وقوع ذلك فقط، بل يدل على جوازه أيضًا، لأنه سبق في معرض المدح بامتداد ظل الإسلام وأمنه. هذا ونود أن نضيف هنا قاعدتين جليلتين :
أولأً: أن الأصل في أحكام العادات والمعاملات هو الالتفات إلى المعاني والمقاصد بخلاف أحكام العبادات، فإن الأصل فيها هو التعبد والامتثال، دون الالتفات إلى المعاني والمقاصد . كما قرر ذلك الإمام الشاطبي ووضحه واستدل له.
الثانية: إن ما حرم لذاته لا يباح إلا للضرورة، أما ما حرم لسد الذريعة فيباح للحاجة . ولا ريب أن سفر المرأة بغير محرم مما حرم سدًا للذريعة. كما يجب أن نضيف أن السفر في عصرنا، لم يعد كالسفر في الأزمنة الماضية، محفوفًا بالمخاطر لما فيه من اجتياز الفلوات، والتعرض للصوص وقطاع الطرق وغيرهم. بل أصبح السفر بواسطة أدوات نقل تجمع العدد الكثير من الناس في العادة، كالبواخر والطائرات، والسيارات الكبيرة، أو الصغيرة التي تخرج في قوافل . وهذا يجعل الثقة موفورة، ويطرد من الأنفس الخوف على المرأة، لأنها لن تكون وحدها في موطن من المواطن.
سومبر : إسلام أون لاين
----------------------------------
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه،
أما بعـد:
فيجدر التنبيه إلى أن الغالبية العظمى من الذين أجازوا للمرأة السفر بلا محرم إنما قصروا ذلك على سفر الحج الواجب، والعمرة الواجبة عند من أوجب العمرة، ولم يجيزوا لها السفر مطلقا بلا محرم كما هو حادث اليوم وعمت به البلوى وانتشرت بسببه المخازي والمصائب التي لا ينكرها إلا مكابر، وشذ بعضهم فأجاز للمرأة السفر بلا محرم في كل الأسفار، قال الحافظ في "فتح الباري": قال البغوي: لم يختلفوا في أنه ليس للمرأة السفر في غير الفرض إلا مع زوج أو محرم، إلا كافرة أسلمت في دار الحرب، أو أسيرة تخلصت، وزاد غيره: أو امرأة انقطعت من الرفقة فوجدها رجل مأمون، فإنه يجوز له أن يصحبها حتى يبلغها الرفقة... وقد روى الدارقطني وصححه أبو عوانة حديث الباب من طريق ابن جريج عن عمرو بن دينار بلفظ لا تحجن امرأة إلا ومعها ذو محرم، فنص في نفس الحديث على منع الحج، فكيف يخص من بقية الأسفار، والمشهور عند الشافعية اشتراط الزوج أو المحرم أو النسوة الثقات، وفي قول: تكفي امرأة واحدة ثقة، وفي قول نقله الكرابيسي وصححه في المهذب: تسافر وحدها إذا كان الطريق آمنا، وهذا كله في الواجب من حج أو عمرة، وأغرب القفال فطرده في الأسفار كلها واستحسنه الروياني، قال: إلا أنه خلاف النص.
والذين أجازوا للمرأة سفر الحج الواجب والعمرة الواجبة استندوا إلى أدلة رأوا أنها تخصص الأحاديث الدالة على نهيها عن السفر بلا محرم.
فمن هذه الأدلة:
- أن الله تعالى قد أوجب الحج على الرجل والمرأة على السواء، ولم يقيد ذلك بوجود محرم، فقال عز من قائل: [وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ] (آل عمران: 97).
- ونوقش هذا الدليل بأن النصوص دلت على تحريم سفر المرأة بلا محرم، ولم يخصص سفرا دون سفر، مع أن سفر الحج من أشهرها وأكثرها، فلا يجوز أن يغفله ويهمله، بل قد جاءت نصوص تفيد منعها من سفر الحج بلا محرم، وقد سبقت الإشارة إلى الحديث الذي رواه الدار قطني وصححه أبو عوانة بلفظ: لا تحجن امرأة إلا ومعها ذو محرم. وذلك في كلام الحافظ الذي تقدم، ومن الأدلة أيضا: ما رواه البخاري عن عدي بن حاتم قال: بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا قطع السبيل، فقال يا عدي: هل رأيت الحيرة؟ قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها قال: فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله.
ونوقش هذا الدليل بأنه يدل على وجود السفر لا على جوازه، ولذا لم يذكر فيه وجود غيرها معها، والذي أجازوا لها السفر إلى الحج الواجب والعمرة الواجبة بلا محرم قد اشترطوا وجود غيرها معها.
ومن الأدلة أيضا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لزيد بن حارثة: ألا تنطلق فتأتي بزينب؟ قال: بلى، فانطلق فأتى بها. رواه الطحاوي في "مشكل الآثار" وزينب كانت بمكة وزيد كان بالمدينة، ونوقش هذا الدليل بما قاله الطحاوي: تأملنا ما كان من رسول الله عليه السلام في هذا الحديث من إطلاقه لزيد السفر بزينب فوجدنا زيدا قد كان حينئذ في تبني رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه حتى كان يقال له بذلك زيد بن محمد، ولم يزل بعد ذلك كذلك إلى أن نسخ الله ذلك، فأخرجه من بنوته ورده إلى أبيه في الحقيقة.. فوقفنا على أن ما كان أمر به عليه السلام زيدا قبل ذلك في زينب وفي إباحته لها وله السفر من كل واحد منهما مع صاحبه كان على الحكم الأول، وفي الحال التي كان زيد فيها أخا لزينب، فكان بذلك محرما لها جائزا له السفر بها، كما يجوز لأخ لو كان لها من النسب من السفر بها فهذا وجه هذا المعنى من هذا الحديث. والله أعلم.
ومن الأدلة أيضا: ما رواه البخاري من أن عمر أذن لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حجة حجها فبعث معهن عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف.
ونوقش هذا الدليل بأنه لا يدل على أنهن سافرن بلا محرم، فمثلا حفصة كان محرمها والدها عمر رضي الله عنهما، ولا يعدم أن يكون مع عائشة أخوها عبد الرحمن، ولا مع ميمونة ابن أختها ابن عباس، وهكذا.
كما أن من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من امتنعت من السفر، روى أحمد وأبو داود وصححه الحافظ في "الفتح" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنسائه في حجة الوداع: هذه ثم ظهور الحصر... فكن نساء النبي صلى الله عليه وسلم يحججن إلا سودة وزينب، فقالتا: لا تحركا دابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد تم سفر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في غاية الحيطة والتحفظ، ففي بعض طرق الأثر كما في "الفتح" أن عثمان كان ينادي ألا يدنو أحد منهن ولا ينظر إليهن وهن في الهوادج على الإبل، فإذا نزلن أنزلهن بصدر الشعب، فلم يصعد إليهن أحد، ونزل عبد الرحمن وعثمان بذنب الشعب، ومعلوم أن هذه صفة لا تتوفر لأي امرأة الآن.
سومبر : إسلام ويب