السبت، 18 نوفمبر 2017

الرد على شبهات المشككين :حول ذكرى الاحتفال بالمولد النبوي !

الرد على شبهات المشككين :
أدعياء السلفية يقولون : المولد ما فعله رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) – ما فعله الصحابة – ما فعله التابعون. ولو كان خيراً لسبقونا إليه:
الجواب :
قال ابن تيمية في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم" :
"إن ما تركه الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) مع قيام المقتضى له لا يجوز إحداثه لأن إحداثه من البدع .
قال: وأما ما رآه المسلمون من مصلحة إن كان لسبب أمر أحدث بعد النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فهاهنا يجوز إحداث ما تدع الحاجة إليه" اهـ .
ونحن نقول وبالله التوفيق:
إن ذكرى المولد لم يكن سبب يقتضي إقامتها في عهده ( صلى الله عليه وسلم )، أو في عهد القرون الثلاثة، حتى ولا التفكير في إقامتها، وإنما حدث الموجب لإقامتها بعد ذلك حين انصرفت النفوس عن الخير .
وقد سبق القول بأن إحياء الذكرى ذات هدف نبيل، وأسلوب غير مباشر للتذكر بما تم على يده ( صلى الله عليه وسلم ) من صنوف الخير، وسبب من أسباب استمالة القلوب واجتذاب النفوس إلى الخير والصلاح .
وفي عهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وعهد أصحابه كانت المشخصات تغني عن الذكريات، فكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يعيش بين ظهراني أصحابه يتفقدهم بشخصه، ولا تلم بأحدهم شبهة إلا كشفها، ولا تنزل به غاشية إلا جلاها، ولا يحتك في صدر أي منهم نزعة أو يطرقه وسواس إلا كان عند الرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) دواؤه وشفاؤه، وكان يدخل في أنفسهم، وفي مسرى مشاعرهم، ومشارب تفكيرهم، فتعمر قلوبهم بالإيمان، ونفوسهم بالسكينة، وكانوا وهم بهذا الشعور يقطعون المسافات الطويلة بقلب مطمئن ، ونفس ساكنة .
وإنه بعد لحاقه ( صلى الله عليه وسلم ) بالرفيق الأعلى ظلت أفواههم رطبة ندية بسيرته العطرة، يتنسمون منها أرواح الهدى، ويتزودون بخير الزاد .
قلوبهم عامرة مشخصة لذكره ( صلى الله عليه وسلم ) وما تم على يده مما شاهدوه بأعينهم، فكان ( صلى الله عليه وسلم ) مقياساً فصلاً في خواطرهم وآرائهم وأهوائهم ورغباتهم وخلجات نفسهم لا مكان في قلوبهم لهوى نفس .
وأنه لا سبيل بعد هذا كله أن يقال عن إقامة الذكرى: "ما فعلها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) – ما فعلها الصحابة – لو كانت خيراً لسبقونا إليه " ، اللهم إلا أن يقول ذلك من لا يعقل أن الذكريات التي تقام من أجل تحقيق تلك النتائج أو بعضها لا يفكر فيها إلا عندما تفقد المشخصات المبصرة بالعيون، أو عندما يضعف أثرها في القلوب حين يبعد العهد بها .
وكان يغني التابعين وتابعيهم عن التفكير في هذه الذكريات والحاجة إليها ما امتلأت به صدورهم من تلك السيرة العطرة ونتائجها مما شاهدوه من هدي الصحابة ومن بعدهم وما تلقوه منهم. فطبع جلهم على الصلاح لا يفارقون العلم وحلقاته، ويتنافسون في صقل نفوسهم وتزويدها بما ازدهر في عصرهم من علوم القرآن والحديث والسيرة والفقه والأخلاق .
فأنى لمثل هذه النفوس أن تفكر في إقامة الذكرى، بينما القلوب مشحونة بالاتباع، مشخصة فيها السيرة العطرة، وكأن أحداثها مبصرة بأعينهم .
وهذا بالإضافة إلى أن جو الصعيد الرسمي في العهد الأموي الذي كان يلعن فيه علي بن أبي طالب زوج فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ويطارد أولادها ويقتلون: لم يكن يوحى للاحتفاء بذكرى تذكر الناس بما لهؤلاء من شأن .
وكذلك الحال في أوائل عهد الدولة العباسية يوم بدأت مطاردة أهل البيت العلوي، والجدل حول من هو أحق بميراث النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في الخلافة، هل هم بنو عمه أم بنو بنته فاطمة "وما كان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ممن يورث ولكنه التبرير لشهوة السلطان بأي سبيل" .
ونتيجةً لتأثر المجتمع الإسلامي مما فيه من أصناف الجماعات، وما دخل عليهم من الفتن ، وإطلال الأطماع والشهوات، وتنافس الناس على شؤون الدنيا والانشغال بها: قل من تسعدهم الأوقات بدراسة القرآن الكريم، ومد أيديهم إلى الكتب للاستبصار بسيرة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) والاستئناس بسيرة السلف الصالح .
وكلما تباعد الزمان ساءت الأمور ودعت الحاجة إلى ابتكار أسلوب يذكر الأمة بما هو عليه ( صلى الله عليه وسلم ) من صفات وشمائل، وما أفاض الله به من أنواع الخير كسبب للوقاية من الدعايات والمغريات التي يحارب بها أعداء الإسلام أمة الإسلام .
ولما كان أسلوب التوجيه المباشر هو أسلوب لا يقترب من النفس البشرية. لذا فاللجوء إلى الأساليب غير المباشرة أسلوب ناجح في الوصول إلى صدور الناس واستمالتهم إلى الخير والصلاح .
وانبثق عن هذا فكرة الاحتفاء بذكرى مولد الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) للوصول إلى تلك النتائج إذ لا أسهل من الاجتماع في مناسبة على مجلس فيه ذكر وفيه تذكير لإيصال ما يراد إيصاله إلى أهله. وعلى هذا فلا سبيل إلى اعتراض المعترضين على الاحتفاء بهذه الذكرى .
وتنبهت الأمم الإسلامية في المشرق والمغرب إلى ما لهذا الأسلوب من آثار في الوصول إلى صدور الناس وإثارة للعواطف الكريمة التي تثيرها تلك الذكرى وما تحمله من شكر المولى عز وجل على ما من به من إيجاده ( صلى الله عليه وسلم )، وما تنميه في قلوب الأمة من تعظيم لقدر هذا النبي ( صلى الله عليه وسلم )، وإظهار الفرح والسرور بمولده والعرفان لما فاض من طلعته الميمونة في إنارة الطريق وشحن القلوب بجلاله ومحبته وتعظيمه ( صلى الله عليه وسلم )، كلما تجددت تلك الذكرى، فكان فيها جلاء لصدأ القلوب، وجلوس لمجلس خير، يتحقق فيه مبرات وصلات وذكر وقراءة قرآن وإشاعة لسيرته ( صلى الله عليه وسلم )، وكثرة صلاة وتسليم عليه، ومدحه وغرس لحبه الذي لا يتحقق الإيمان إلا به .
وحسب هذا المجلس بركة ما يشاهد فيه من امتلاء القلوب بالخشية، وتذلل الوجه بالضراعة، ورفع الأيدي بالرجاء، واشتغال الألسن بالدعاء، وانكسار النفوس بالتذلل، وصدق الآمال في أرحم الراحمين، وليس في استدرار الرحمة مثل اجتماع الهمم وتعاون القلوب في وقت واحد وصعيد واحد، فلا بدع أن عم الجمع الرحمة ونال بعضهم بركة بعض، ووهب الله مسيئهم لمحسنهم، وطالحهم لصالحهم كما هو الحال في كل اجتماع شرعه الله كالوقوف بعرفات والجماعات والجمع والعيدين وغيرها، وكما هو الحال يوم المحشر الذي تزدحم فيه الخلائق فينال المؤمنين فيه بركات الرسل والأنبياء وعباد الله الصالحين .
فنهج ملوك الدول السلامية وشعوبها على المواظبة على الاحتفال بهذه الذكرى لهذه الغايات .
وكان أكثر الأمم احتفالاً بها بعد مصر : الشام الجزيرة والموصل واليمن وإفريقيا والمغرب والأندلس .
وحتى بعد قضاء صلاح الدين في سنة 567 على الدلة الفاطمية
وانصرافه إلى الاستعداد المستمر لرد غارات الصليبيين لم يحل ذلك دون مواصلة الشعب للاحتفاء بهذه الذكرى حتى إن الملك المظفر أبو سعيد ملك إربل المتوفي سنة 630 وهو أمير تابع لصلاح الدين، وصهره زوج أخته حافظ على الاحتفاء بهذه الذكرى وألف له الحافظ ابن دحية المتوفى سنة 633 حين مر على إربل سنة 604 كتاباً في المولد سماه: "التنوير في مولد البشير النذير" حسن فيه الاحتفال وأقام على ذلك وجوه الاستدلال .
واستمر عمل المولد في سائر أقطار الإسلام على مستوى الحكومات والشعوب منذ نشأت في سنة 362إلى اليوم وتطورت مظاهر الاحتفال بذكراه حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن مما سبق ذكره.
قال السخاوي: ولا يزال أهل الإسلام يحتفلون بشهر مولده ويعملون الولائم ويتصدقون في ليلته بأنواع من الصدقات .
وليس المهم من فعله من الحكام أو الشعوب، وإنما من طالع الوفيات وكتب الطبقات والتاريخ يعلم أن القرن الرابع والخامس والسادس والسابع كان زاهراً بالعلماء، ومع ذلك لم ينقل عن أحد منهم إنكاراً على إقامته حتى جاء ابن تيمية المتوفى أوائل القرن الثامن سنة 728 فأنكر فعله شاذاً عن الجمهور .
وإن المرء يستغرب عده المولد من المحدثات الممنوعة مع ما نقلناه عنه أن للمسلمين إحداث ما تقضي به المصلحة وتدعو إليه الحاجة من الأمور التي لم يكن المقتضي لها قائماً في عهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ولا في عهد أصحابه .
فهل كان الصحابة في عهده ( صلى الله عليه وسلم ) وبعد عهده في حاجة إلى إقامة ذكريات تشحذ عزائمهم إلى الاتباع والتعظيم والمحبة وعندهم المشخصات التي شاهدوها بأعينهم، وبقيت حيةً في قلوبهم بعد وفاته ( صلى الله عليه وسلم )، تلقنها التابعون مشافهةً عملاً وعلماً .
ولم يقل بقول ابن تيمية في بدعة المولد إلا فئة تأثرت بأقواله من معاصريه وبعدهم ، كابن الحاج المتوفي سنة 733، والفاكهاني المتوفى سنة 734، والشاطبي المتوفى سنة 790 لما شبه لهم أنه عبادة وإحداث في الدين وزيادة فيه، وفاتهم أن المولد هو أسلوب اجتماعي لتحقيق أغراض دينية مشروعة، فخلطوا بين الأسلوب وبين ما قصد به من تحقيق غايات دينية مشروعة .
ولم يلتفت جماهير العلماء إلى إنكارهم بل المنقول عن جل العلماء وسوادهم الأعظم تحبيذه والتأليف فيه وحضور مجالسه .
قال أبو شامة في كتابه "الباعث على إنكار البدع والحواد" مادحاً لهذا العمل: "وإنه يحسن ويندب إليه ويشكر فاعله ويثني عليه"اهـ .
والمهم بيانه: إن المقتضي لإقامة الاجتماع لذكرى المولد لم يكن قائماً في عهده ( صلى الله عليه وسلم ) ولا عهد أصحابه كما ذكرناه عن الصحابة ثم التابعين، من عمران القلوب بهديه ( صلى الله عليه وسلم )، حيث أغنت المشخصات عن إقامة الذكريات .
أما حين بَعُدَ العهد وانشغل الناس بالدنيا عن الدراسة والاستبصار بسيرة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وصدأت القلوب، فلا حرج على من اتخذ أسلوباً للوصول إلى صدور الناس في جلاء الصدأ، وليس أنسب من اختيار يوم ميلاده لتشخيص ذكراه في القلوب، واستعراض بعض ما جاء به ترقيقاً للقلوب بأسلوب غير مباشر ، يقرب من النفس البشرية .
فلا سبيل إلى الاعتراض على الاحتفاء بهذه الذكرى لما تحققه من غاية نبيلة سبق ذكرها ... والله الهادي إلى سواء السبيل .

ليس كل جديد بدعة وليس كل شيء لم يفعله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فهو بدعة ضلالة .


ليس كل جديد بدعة

البدعة بمعناها الاصطلاحي الشرعي، ضلالة يجب الابتعاد عنها، ينبغي التحذير من الوقوع فيها. ما في ذلك ريب ولا خلاف .
وأصل ذلك قول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فيما اتفق عليه الشيخان: "من أحدث في أمرنا ماليس منه فهو رد". وقوله فيما رواه مسلم :        "إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة".
ولكن ما هو المعنى المراد من كلمة (بدعة) هذه ؟
هل المراد بها معناها اللغوي الذي تعارف عليه الناس، فيكون المقصود بها إذن، كل جديد طارئ على حياة المسلم مما لم يفعله رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ولا أحد من أصحابه ولم يكن معروفاً لديهم؟.. وإذن،
" .

=-=-=-=-=-=

فالمسلمون كلهم، من أقصى عالمهم المعمور إلى أقصاه، يعانون اليوم  من ضلالة لا مفر لهم منها، إذ أنهم غارقون في بحار من البدع كيفما تقلبوا وأينما اتجهوا أو تحركوا: أبنية بيوتهم بدعة، والأثاث الذي فيها بدعة، وموائدهم بدعة، طراز ثيابهم بدعة، والأساليب التي تنهض عليها أنشطتهم الثقافية والعملية والاجتماعية، كلها من ظلمات من البدع المتراكمة!... وهي ليست مصيبة حاقت بهذا الجيل وحده، بل إنها الضلالة التي انحرفت فيها أجيال المسلمين من بعد عصر الصحابة إلى يومنا هذا، ثم إلى أن تقوم الساعة. ذلك لأن الحياة _ منذ بعثة  المصطفى ( صلى الله عليه وسلم )_ ما تزال تتحول بأصحابها من حال إلى حال، وتنقلهم من طور إلى آخر. ولا مطمع في إمكان التغلب على قانونها هذا وربطها بمسمار من الثبات والجمود على حالة واحدة على مر الأزمنة والعصور. وحتى الفترة القصيرة التي عاشها النبي ( صلى الله عليه وسلم ) مع أصحابه، لم تجمد الحياة خلالها على نسق مطرد ثابت، بل استقبل النبي وأصحابه منها أطواراً إثر أطوار. ولكن (لحسن حظ ذلك الرعيل الأول) كان المصطفى ( صلى الله عليه وسلم ) بين ظهرانيهم، وكان يرحب بسنة الكون هذه دون أي مقاومة لها أو ثورة عليها. فكم من عرف جديد أيده، وكم من كشف طارئ على حياة الصحابة والعرب رحب به ودعا إليه، بعد أن تأمل فرآه لا يخالف من أصول الدين وأحكامه شيئاً، بل ربما يسر سبيل إحيائه والأخذ به على خير وجه؛ حتى استظهر من ذلك علماء الشريعة الإسلامية القاعدة القائلة:"الأصل في الأشياء الإباحة"، واستنبط من ذلك علماء الحنفية وآخرون أن العرف_بقيود معينة مصدر لا يستهان به من مصادر الشريعة وأحكامها.
       إذن فلا يعقل أن يكون المقصود بالبدعة هذا المعنى اللغوي          العام. بل ما رأينا واحداً من علماء المسلمين وفقهائهم ذهب في تفسير البدعة وتعريفها هذا المذهب العجيب. وإنما تنطوي الكلمة على معنى اصطلاحي خاص، فما هو؟
*   *   *
أمامي تعريفات كثيرة للبدعة، كلها يدور في فلك معنى اصطلاحي واحد، وإن تخالفت من حيث الصياغة والأسلوب. ولكني أختار منها تعريفين عرفها بهما الإمام الشاطبي في كتاب (الاعتصام). وذلك لسببين:
أحدهما: أن الشاطبي يعد في مقدمة من خدم هذا البحث وتناوله بالشرح والتحليل من جوانبه .
ثانيهما: أنه يعد من أكثر العلماء المتقدمين محاربة للبدعة  وتشدداً في الابتعاد عنها .
التعريف الأول أنها: "طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشريعة، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله عز وجل".
والتعريف الثاني أنها: "طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشريعة، يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية".
وإنما رددها الشاطبي رحمه الله بين هذين التعريفين، نظرأ لرأي من حصر البدعة في العبادات ، ولرأي من عممها في سائر أنواع السلوك والتصرفات. على أنه مال فيما بعد إلى أن البدعة إنما تختص بالعبادات سواء منها القلبية وهي العقائد أوالسلوكية وهي سائر أنواع العبادات الأخرى .
ولا يعنينا الآن أن نقف عند هذا الترديد بأي نظر أو تمحيص. إنما الذي يعنينا أن نلاحظ قولهم في التعريف: "طريقة في الدين   مخترعة .." .
إذن، فلكي يأخذ السلوك معنى البدعة وحكمها، يجب أن  يمارسه صاحبه على أنه داخل في بنية الدين وأنه جزء لا يتجزأ منه ، مع أنه في واقع الأمر على خلاف ذلك.. وتلك هي روح البدعة وسر تحذير الشارع منها. وذلك هو الملاحظ في تسميتها: (بدعة) .
والمستند الذي يشكل الدليل القطعي على ذلك قوله ( صلى الله عليه وسلم ): "من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه ..." إذ المقصود بـ "أمرنا هذا" ، الدين، كما هو واضح؛ وقوله( صلى الله عليه وسلم ) فيما أخرجه الطحاوي:"ستة ألعنهم لعنهم الله وكل نبي مجاب: الزائد في دين الله، والمكذب بقدر الله ، والمتسلط بالجبروت يذل من أعز الله ويعز به من أذل الله، والتارك لسنتي، والمستحل لحرم الله،  والمستحل من عترتي ما حرم الله" .
ويتضح من ذلك أن مناط إنكار البدعة وردها على صاحبها، أن المبتدع يقحم في بنية الدين وجوهره ما ليس منه. ولما كان المشرع هو الله عز وجل ، لم يبق مجال لأي تزيد أو تغيير على شرعه .
والأمثلة على ذلك كثيرة، نذكر منها: اختراع صلاة زائدة على ما ثبت في الشرع من المكتوبات والنوافل، واختراع صيام يوم لفضيلة لم يرد بشرعه في قرآن أو سنة ثابتة، وإيجاب الاقتصار على لون واحد    من الطعام على المائدة تزهداً، واختراع التقرب إلى الله بتحميل الجسم من المشاق مالم يرد به دليل من الشرع، ورفع الصوت بالأذكار والقصائد أمام الجنائز، والأذان عند إدخال الميت قبره .
ونذكر منها في أمور العقائد كل ما تزيدته الفرق المبتدعة على الدين من عقائد وأفكار باطلة .
أم سائر الأفعال والتصرفات الأخرى، التي قد تصدر من  الإنسان، دون أن يتصور أنها جزء من جوهر الدين أو واحد من أحكامه، وإنما يندفع إليها ابتغاء تحقيق هدف أو مصلحة له، دينية كانت أو دنيوية: فهي أبعد ما تكون عن احتمال تسميتها بدعة، وإن كانت مستحدثة في حياة المسلمين غير معروفة لهم من قبل. بل مآلها أن تصنف إما تحت ما سماه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): (سنة حسنة) أو تحت ما سماه: (سنة سيئة) .
وأنت تعلم أنه ( صلى الله عليه وسلم ) قال فيما رواه مسلم وغيره: "من سن في

الإسلام سنة حسنة(1)فله أجرها وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء. ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء".
وأمثلة هذا السنة الحسنة كثيرة لا تكاد تحصى. نذكر منها دراسة كل ما جد من المعارف والعلوم التي تحقق مصلحة من مصالح الدين أو الحياة أو المصالح الأخرى، وإقامة المؤسسات والمجامع التي تخدم الهدف ذاته ، وإقامة أجهزة إعلام ووسائل نشر ، وإنشاء مجلات وصحف تخدم المصالح الإسلامية أو واحدة منها، طبق الترتيب الذي صنفها الشارع على أساسه . وتنظيم اللقاءات والمؤتمرات والندوات التي تدعو إليها الضرورة أو الحاجة لإنجاز شيء من تلك المصالح أو رعايتها .
وإننا لنرى أن من أمثلة هذه السنة الحسنة: تلك الاحتفالات التي يقوم بها المسلمون عند مناسبات معينة، كبدء العام الهجري ، ومولد المصطفى ( صلى الله عليه وسلم )، وعند ذكرى الإسراء والمعراج، وذكر فتح مكة وغزوة بدر ، ونحوها ، مما يتوخى منه تحقيق خير يعود إلى مصلحة الدين سواء على مستوى الضرورات أو الحاجيات أو التحسينيات .
ومن المفروغ منه أن ذلك كله مشروط بأن لا تستتبع هذه الأعمال آثاراً ضارة تودي بجدوى ما حققته من المصالح أو تلحق الضرر بمصلحة مقدمة عليها .
*    *    * 

(1)               ليس المقصود بالسنة الحسنة هنا، ما توهمه بعضهم من إحياء سنة مندثرة للنبي ( صلى الله عليه وسلم ). إذ لو كان المعنى كذلك لاستلزم أن تكون للنبي سنة سيئة أيضاً، نظراً إلى ما تقتضيه تتمة الحديث . وإنما المقصود استحداث أمر لم يكن من قبل، فيه خير للمسلمين .


=-=-=--=-=-=-

إن احتفالات المسلمين بذكرى مولده ( صلى الله عليه وسلم ) والمناسبات المتشابهة، لا تسمى بدعة قبل كل شيء . لأن أحداً من القائمين على أمرها لا يعتقد أنها جزء من جوهر الدين وأنها داخلة في قوامه وصلبه، بحيث   إذا أهملت ارتكب المهملون على ذلك وزراً . وإنما هي نشاطات اجتماعية يتوخى منها تحقيق خير ديني. فإن هم توهموا ذلك كانت بسبب ذلك بدعة .
ثم إنها لا تدخل تحت ما يسيء إلى نتائجها، فإن التنبيه يجب أن يتجه إلى هذا الخلط، لا إلى جوهر العمل بحد ذاته. وإلا فكم من عبارة صحيحة مشروعة يؤديها أناس على غير وجهها، فتؤدي إلى نقيض الثمرة المرجوة منها. أفيكون ذلك مبرراً للتحذير من أدائها والقيام بها .
نعم، إن اجتماع الناس على سماع قصة المولد النبي الشريف، أمر استحدث بعد عصر النبوة، بل ما ظهر إلا في أوائل القرن السادس الهجري . ولكن أفيكون ذلك وحده كافياً لتسميته بدعة، وإلحاقه بما قال عنه المصطفى ( صلى الله عليه وسلم ): "كل من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد"؟. إذن فليجردوا حياتهم من كل ما استحدث بعد عهده ( صلى الله عليه وسلم )، إن كانوا يستطيعون. فإن كل ذلك من البدع!.
وإني لأعجب لأناس، ينتقلون من مؤتمر إسلامي إلى آخر ، ويتصدرون فيه باحثين وأعضاء عاملين، دون أن يتذكروا أنه هو الآخر بدعة (بالمعنى الذي يتوهمون) لا فرق بينه بين احتفالات المسلمين  بالمولد ونحوه شروى نقير، اللهم إلا أن تكون تلك المؤتمرات يبذل عليها من الأموال الطائلة ما لا يعطي ثمرة ولا نتيجة، وقد تشيع فيها أمور لا ترضي الله عز وجل، على حين لا يكلف اجتماع طائفة  من 


 المسلمين في أحد البيوت أو المساجد للاحتفال بذكرى المولد أو الهجرة شيئاً من ذلك . ولكنهم ما إن يوضعون أمام الحديث عن المولد ونحوه، إلا وتجدهم ثاروا وهاجوا ونعتوا الاجتماع عليه بأنه ضلال وبدعة .
ترى لو وضعت هذا الاحتفالات ضمن إطار مؤتمرات ، دعي إليها الناس من الأقطار، وأنفق عليه المال الطائل، أتتحول بفضل ذلك من بدعة باطلة إلى عمل مبرر؟
وغني عن البيان أنني لا أنكر شيئاً من هذه المستجدات على اختلافها، بل إنني لا أدعو إليها أيضاً لذاتها..إذ هي أمور تقبل أو ترفض على ضوء النتائج الآتية من ورائها، فهي كالماء الذي يأخذ لون الإناء الذي يتجمع فيه، وما تنسحب أحكام الشريعة الإسلامية على سائر ما يستجده الناس من شؤون وعادات، إلا بناء على هذه القاعدة التي لا مجال لأي ارتياب فيها .
وإنني لأذكر مولداً حضرته في أحد المساجد، كانت ثمرته العاجلة أن أعلن كثير من الحاضرين توبتهم عن موبقات كانوا يرتكبونها، وأعلن آخرون بدء التزامهم بعبادات كانوا معرضين عنها أو متساهلين بشأنها، والتزم آخرون بالعكوف على دراسة القرآن، وآخرون برد ما عليهم من مظالم والتزامات لإخوان لهم. ولم يخرجوا من المسجد حتى تعاهدوا وتواثقوا على ذلك .. فبأي ميزان من موازين الشريعة الإسلامية أعد مثل هذا الاحتفال ضلالة تجب محاربتها، لمجرد أن عصر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لم يشهدها ومن ثم فلم يتح له أن يؤيدها ؟!! …
أجل، من الضروري الدعوة إلى تنقية مثل هذه الحفلات، وسائر الشؤون المستجدة الأخرى، من الشوائب، والتحذير مما قد يتسلل إليها من المنكرات .. لكن حتى لو ظهر في هذه المستجدات قليل     من الشر، فإننا نقبلها ونحافظ عليها تمسكاً بما قد تنتجه من الخير الكثير، على أن نحافظ على تطبيق القاعدة القائلة: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ).
*   *   *
أقول بعد هذا كله: فلنفرض أننا مخطئوون في فهم (البدعة) على هذا النحو، وأن الصواب ما يقوله الآخرون من أن كل ما استحدثه الناس، حتى مما لا يدخلونه في جوهر الدين وأحكامه، بدعة محرمة _ فإن المسألة تغدو عندئذ من المسائل المختلف في شأنها والخاضعة للاجتهاد .
ومما هو معروف في آداب الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أن القائم بهذا الشأن ينبغي (كلما وقف في موقف عام) أن ينهى عن المنكرات المجمع على أنها كذلك، ولا ينصرف  عنها إلى النهي عما اختلف فيه المسلمون من المسائل الاجتهادية التي       لا يكلف المجتهدون فيها بأكثر من الوقوف عند ما قضت به    اجتهاداتهم وفهومهم . إذ الإمعان في النهي عن هذه المسائل لا يمكن أن ينتهي إلا إلى إثارة أسباب الشقاق وتصديع وحدة المسلمين وبث عوامل البغضاء فيما بينهم  .
       وإن في حياتنا ومن حولنا من المنكرات الشنيعة والمفاسد الخطيرة التي لا خلاف في مدى جسامتها وسوء آثارها، ما يكفي لأن نمضي العمر كله في معالجتها والسعي إلى جمع الكلمة وتوحيد الصف للقضاء عليها. فلماذا نتشاغل عن هذا الذي أجمعت الأمة على أنه من المنكر الذي لا عذر في السكوت عليه، ثم نشتغل بالانتصارلاجتهاداتنا الشخصية وحرب ما يقابلها ويكافئها من الاجتهادات الأخرى؟ .
ألا إن أعظم مصيبة رانت على حياتنا، إنما هي مصيبة هذا

التدابر والشقاق الذي مني به العالم العربي والإسلامي على عرضه وطوله، ومن ثم فإنها لأعظم منكر يشيع في أرجاء عالمنا الإسلامي .
فمن كان يريد أن ينهض بواجب النهي عن المنكر، فليبدأ من هنا .. على أن يتخذ لنفسه عدة واحدة في مسعاه هذا، ألا وهو الإخلاص . الإخلاص، ذلك السر الأقدس الذي يسحق الأنانية والعصبية، ويفرق بين أدق ما يلتبس على كثير من الدعاة والربانيين، في مجال السلوك والتطبيق: الانتصار للنفس .. والانتصار لله" . انتهى .
وقال الدكتور سعيد رمضان البوطي في ترجمة والده العلامة الصالح البركة الشيخ ملا رمضان في كتابه "هذا والدي"(1)ما أنقله هنا إتماماً للفائدة:
موقف من المولد:
كان يحضر مجالس المولد النبوي الشريف، إن لم يكن فيها منكر أو بدعة عملية أو قولية، وكان يعدها_ إن خلت من البدع والمنكرات_ من مجالس الذكر التي كان يندب إليها سيدنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وكان يراها داخلة في معنى قوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم في صحيحه: "لا يقعد قوم يذكرون الله تعالى إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله تعالى فيمن عنده"، فالحديث دليل على فضل الاجتماع على ذكر الله عز وجل، لا شك أن الاجتماع على الصلاة على رسول الله ومدحه والثناء عليه من أفضل أنواع ذكر الله عز وجل .
ولكن إذا شاب هذه المجالس منكر، كاختلاط الرجال بالنساء، أو كإنشاد أبيات تخالف هدي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ). فإن الحكم يتبع ما تقتضيه المفسدة لا المصلحة، تطبيقاً للقاعدة الشرعية القائلة: "درء
      المفاسد مقدم على جلب المصالح"(1) .
أما القيام عند ذكر ولادته ( صلى الله عليه وسلم )، فالذي أذكره أنه في السنوات الأولى من إقامته في دمشق، كان لا يشترك مع الناس في القيام عنده، إذ كان يراه بدعة دخيلة على مجلس الذكر الذي هو الإصغاء إلى سيرة سيدنا رسول الله.. ولعله كان يتبع في ذلك ما ذكره ابن حجر الهيتهي في فتاواه الحديثية من أن القيام بحد ذاته بدعة. ولكن اجتهاده في  ذلك اختلف فيما بعد، فكان يشترك مع الناس في القيام . وأظن أنه إنما عدل عن رأيه الأول، ترجيحاً لما قد لاحظه من القصد إلى تعظيم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالقيام .. فالتعظيم مشروع بل مطلب، وأداة التعظيم عي اللغة وما اجتمع عليه عرف الناس مما لا يصادم نصاً ولا يخالف حكما شرعياً ثابتاً(2) .
وكان يعجبه الإنشاد الذي يتضمن الثناء على الله عز وجل، أو يتضمن مدح سيدنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بالنهج المشروع، ويؤثر أن يكون المنشدون والسامعون على حالة من التأدب مع الله عز وجل، والأدب
 (1)    أقول: لو أن أرباب النحلة أدعياء السلفية  فصلوا هذا التفصيل في بيان حكم المولد والتداعي إليه، لأيدناهم في ذلك. ولكن العجب أنهم ينكرون أصل التلاقي على تلاوة سيرة رسول الله والصلاة عليه والمدح له، مهما كان المجلس خالياً من المنكرات، ومهما شاع فيه معنى ذكر الله عز وجل .. والغريب أنهم لا يرون في التداعي إلى دراسة سيرة محمد بن عبد الوهاب بمناسبة مرور كذا عام على ولادته أو وفاته في ظل ندوات ومؤتمرات ينفق عليها المال الوفير، بدعة محرمة .. فإذا تحول العمل ذاته إلى دراسة حياة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) والثناء عليه والصلاة عليه ،  تحول العمل كله عندئذ إلى بدعة محرمة، واتجه الهجوم عليه من كل صوب .. ترى لماذا تصبح البدعة عملا مشروعاً عندما تكون لصالح محمد بن عبد الهاب، وتبقى بدعة محرمة عندما تكون لصالح سيدنا محمد رسول الله ؟!!..
(2)     وللعلامة الكبير الشيخ محمد العطار رسالة قيمة بعنوان "استحباب القيام عند ذكر مولده عليه الصلاة والسلام" قمنا بنشرها مع عدد من رسائل علماء دمشق في هذا  الموضوع . (الناشر).




=-=-=-=-==-=--=-==-=-=

مع رسوله، لا أن يهتاجوا هياج من يبحثون عن الطرب بالأنغام والألحان .
وربما رأى فيهم من يصفق بيديه، لطرب استخفه، فينكر بشدة، وربما أخذه الغضب. إذ المجلس مجلس ذكر وثناء على الله وصلاة   على رسوله، والتصفيق رعونة أنكرها جمهور الفقهاء، فما ينبغي أن يشوب المجلس المبرور والمبارك شيء يخالف الشرع أو لا يتفق مع  آدابه .
وبعد هذا البيان الشافي و النقول المفيدة، والأقوال المجموعة المحررة نقدم كتاب الشيخ _ أبي الحسنين _ رحمه الله تعالى، وهو من أجلة علماء مكة المكرمة، ولعل مناسبة تأتي لترجمته بعون الله تعالى .
ولا ندعي له العصمة ولا الإحاطة ولا الصواب المطلق، ومن ادعى احتكار الصواب لنفسه أو لشيخه فهو أجل الخاطئين وأكذبهم أجمعين .
كما أننا نعلن أن هذا الكتاب ليس محاجة لخصوم الاحتفال بالمولد، لأنهم _ وقد اغتروا بأنفسهم واحتكروا الصواب لآرائهم _لن يقتنعوا، ولن يغيروا من مواقفهم لأن الاختلاف ليس طلباً للحق وإنما هو انتصار للعصبية والذات .
وليس المراد أن نلزمهم باجتهادنا، ولا نطلب منهم أن يتخلوا عما اختاروه لأنفسهم، فاللدد في الخصومة، والجدل خصيصتهم ووظيفتهم وتجارتهم، وطريق شهرتهم، وتحقيق شهوتهم .
ولكن المراد هو تحصين من لم يصب بداء التعصب والتقليد الأعمى، وتعريف من اغتر بأقوالهم وشبههم .
على أننا نذكر _ من باب الإنصاف والعدل في الحكم _أن هذا الكتاب والذي سبقه لا نقصد فيه الإساءة إلى أشخاص بأعينهم، ولا نعمم الحكم على كل من تمذهب بمذهب (السلفية) ففيهم من هو بريء من التعصب والهوى، طالب للحقيقة، وناشدٌ للصواب .
فنسأل الله سبحانه أن يؤلف بين قلوب المؤمنين، ويجمع  كلمتهم، ويرزقهم الحب والتعاون والإلفة ووحدة الكلمة، وسلامة المنهج، وأن يهدينا جميعاً لما اختلف فيه من الحق بإذنه، إنه يهدي     من يشاء إلى صراط مستقيم .
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين .

ليس كل شيء لم يفعله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فهو بدعة ضلالة . 

قصة وعبرة ...حدث في مثل هذا العصر !!!
أحد إخواننا المصريين كان يعيش في أفغانستان فقال : دعوت إثنين من إخواننا إلى وجبة غداء . 
قال : فجاءا على دراجتيهما الهوائية فوضعا الدراجتين وصعدا إلى غرفة الضيوف ولما جاء وقت الغداء ذهبت وأحضرت مائدة الطعام ( وهي مائدة مدورة من الخشب يستخدمها إخواننا وأخواتنا المصريين ) فوضعتها ثم ذهبت لآتي
بالطعام فلما رجعت ذهلت لما رأيت المائدة محطمة وكل جزء في مكان !!!
... فقلت : ما هذا ؟
قالا : ما أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما على خوان قط . فقال : فأحرجت ماذا أقول لزوجتي ؟إ
يقول : فلما أنهيا أكلهما قمت بدون علمهم فأخذت حديدة ( جاكوج ) ونزلت فحطمت دراجتيهما !!!
فلما نزلا للمغادرة ورأيا دراجتيهما محطمة قالا : ما هذا ؟
قلت : ما ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم دراجة قط . إ إ إ
الفائدة : ليس كل شيء لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو بدعة ضلالة .


؛؛؛؛ هـــــــــــو والله خيــــــــــــــــــــــــــــــر !!!!! قصة وعبرة.
جاء عمر ابن الخطاب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بعدما إستشهد كثير من قراء الصحابة رضوان الله عليهم في حرب اليمامة ضد مسيلمة الكذاب فأشار عليه بجمع القرآن في مصحف واحد .
... أتدرون إخواني الكرام بماذا أجابه أبو بكر الصديق رضي الله عنهما ؟ قال له :
...... كيف نفعل ش...يئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ إ
وتدرون بماذا أجابه عمر ابن الخطاب ؟ لم يأتي له بآية من الكتاب ولا حديث من السنة ولم يقل له : أنت من الخلفاء الراشدين المهديين ولك أن تفعل ما تراه .
لا لا أبدا إ بل قال : هـــــــــــو والله خيــــــــــــــــــــــــــــــــــــر إ إ إ
فاقتنع أبوبكر الصديق برأي عمر بن الخطاب رضي الله عنهما بعد إلحاح ومجادلة ثم استدعوا زيد بن ثابت أعلم الصحابة بالفرائض رضي الله عنه وأخبروه بالمسألة .
أتدرون إخواني الكرام بماذا أجابهما زيد رضي الله عنهم ؟ قال لهما : كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ إ
الثلاثة يعلمون أنهم يريدون أن يفعلوا شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم . وتدرون بماذا أجابه أبو بكر الصديق ؟
لم يستدل بآية من الكتاب ولا بحديث من السنة ولا قال : أنا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسم . ولا قال عمر بن الخطاب : إن أبابكر من الخلفاء الراشدين ونحن السلف الصالح لنا أن نفعل ما نشاء إ إ إ .
لا لا أبدا بل قال أبو بكر الصديق له : والله هو خير إ إ إ حتى إقتنع زيد وكان يقول : والله لو كلفوني بنقل جبل لكان أهون علي من ذلك إ
ولهذا إعتبر العلماء جمع القرآن في مصحف واحد من البدع الحسنة إ
الثلاثة يعترفون بأنهم يفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولم يستدلوا بآية من القرآن الكريم ولا بحديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يستدلوا بأنهم السلف الصالح لهم أن يسنوا ما يشاءون .
فجاء من بعدهم بقرون وقرون ليقولوا : إنهم لم يفعلوا شيئا جديدا يسمى بدعة حسنة ولم يكن عملهم بدعة . فلماذا إذن كانوا يهابون ذلك العمل ولاسيما أبوبكر وزيد ؟
فهل نحن أعلم منهم وأفهم وأفقه من السلف الصالح ؟ إ
ومن كلام عمر بن الخطاب ثم أبي بكر الصديق ( هو والله خير ) نفهم أن كل شيء كان خيرا ومصلحة حقيقية لا تعارض النصوص أي الكتاب والسنة ولا يخالفهما فهو جائز فعله بل مندوب ومستحب وأحيانا يكون واجبا . وللكلام بقية .

أقوال أهل السنة في جواز عمل المولد النبوي الشريف


#_لمحمد_ﷺ_أنتمي 
أقوال أهل السنة في جواز عمل المولد النبوي الشريف
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمدلله رب العالمين و الصلاة و السلام على اشرف المرسلين
بعدَ أن كثرت الفتاوى بتحريم فعل المولد و الاحتفال بذكرى النبي المصطفى عليه الصلاة و السلام و قولهم أنه بدعة منكرة محرمة، مع أن هذا الحكم الذي يفتون به و الله المستعان ما سبقهم اليه احد من أئمة العلم من الحفاظ والمحدثين والفقهاء ممن تقدّم، كما سيأتي إن شاء الله. وما يُقام ولله الحمد من الاحتفال بذكرى مولد خير البرية في شتى بقاع الارض خير دليل على أن المسلمين لا يلتفتون الى مثل هذه الفتاوى بل ينبذونها و يمقتونها
فعمل المولد هو من الفرح بيوم ولادة سيد المرسلين الذي جاء بالتوحيد و نبذ الشرك و عبادة غير الواحد الاحد فهو الـمـاحي كما ورد في الاثر، و حقيقة المولد المُتكلّم عنه ليس إلا:
1. الاجتماع على ذكر لله،
2. مدح وثناءٍ وصلاةٍ وسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم،
3. قراءةٌ لقصة مولده الشريف
4. إطعام الطعام
5. إظهار البهجة و السرور.
وكل من هذه المذكورات يندرج تحت أصول عامة في الشريعة:
من طلب الإكثار من ذكر الله، والحث على الصلاة والتسليم على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم،
والحض على العلم الذي يندرج تحته قراءة قصة مولده الشريف،
وأما مدحه والثناء عليه فمما أقره رسول الله صلى الله عليه وسلم من المادحين له من الشعراء وغيرهم في عهده صلى الله عليه وسلم كما لا يخفى على أحد..
فنسرد بعون الله ما قاله العلماء المعتـبَرين في تعريف البدعة أولا و من قال منهم أن منها الحسن و المذموم، ثم أمثلة لبعض ما أحدث من امور حسنة، وبعده ذكــر من استحسن فعل المولد الشريف...

تعريف البدعة لغة
قال ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم و الحكم ما نصه:
والمراد بالبدعة ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه وأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعا وإن كان بدعة لغة
قال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري بشرح البخاري ما نصه:
المحدثات بفتح الدال جمع محدثة والمراد بها ما أحدث، وليس له أصل في الشرع ويسمى في عرف الشرع بدعة وما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة، فالبدعة في عرف الشرع مذمومة بخلاف اللغة فإن كل شيء أحدث على غير مثال يسمى بدعة سواء كان محمودا أو مذموما
قال الراغب الاصبهاني في مفردات القرءان ما نصه:
الإبداع : إنشاء صنعة بلا احتذاء واقتداء، وإذا استعمل في حق الله تعالى فهو: إيجاد الشيء بغير آلة ولا مادة ولا زمان ولا مكان وليس ذلك إلا لله. اهـ أي هي ابتداع شيء على غير سابق مثال
قال الإمام أبو شامة عبدالرحمن بن إسماعيل المقدسي وهو من شيوخ الامام النووي في كتابه الباعث على إنكار البدع ما نصه:
أصل هذه الكلمة من الاختراع وهو الشيء يَحدث من غير أصل سبق،ولا مثال احتذى، ولا أُلّف مثله
قال ابن العربي المالكي:
ليست البدعة و المُحدث مذمومين للفظ بدعة و مُحدث و لا معنييهما، وإنّما يُذم من المُحدثاث ما دعا الى الضلالة
أقسام البدعة شرعا
روى الامام البيهقي بإسناده في: مناقب الشافعي ج1 ص469، عن الامام الشافعي رضي الله عنه قال:
المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما: ما أحدث مما يخالف كتابًا أو سنة أو أثرًا أو إجماعًا، فهذه البدعة الضلالة، والثانية: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من العلماء، وهذه محدثة غير مذمومة
وقال أمير المؤمنين في الحديث ابن حجر العسقلاني في: فتح الباري ج13ص253 ما نصه:
قال الشافعي: البدعة بدعتان محمودة ومذمومة , فما وافق السنة فهو محمود وما خالفها فهو مذموم، أخرجه أبو نعيم بمعناه من طريق إبراهيم بن الجنيد عن الشافعي، وجاء عن الشافعي أيضا ما أخرجه البيهقي في مناقبه قال: المحدثات ضربان ما أحدث يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا فهذه بدعة الضلال، وما أحدث من الخير لا يخالف شيئا من ذلك فهذه محدثة غير مذمومة. انتهى
وقال ابن حجر ايضا في الفتح: والبدعة أصلها ما أحدث على غير مثال سابق , وتطلق في الشرع في مقابل السنة فتكون مذمومة , والتحقيق أنها إن كانت مما تندرج تحت مستحسن في الشرع فهي حسنة وإن كان مما تندرج تحت مستقبح في الشرع فهي مستقبحة وإلا فهي من قسم المباح وقد تنقسم إلى الأحكام الخمسة
قال الامام النووي في: تهذيب الاسماء و اللغات ج3 ص22:
بدع: البِدعة بكسر الباء في الشرع هي إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي منقسمة إلى: حسنة وقبيحة
وقال الامام النووي أيضا:
قال الشيخ الإمام المُجمع على إمامته وجلالته وتمكنه في أنواع العلوم وبراعته أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام رحمه الله ورضي عنه في آخر كتاب: القواعد: البدعة منقسمة إلى: واجبة، ومحرمة، ومندوبة، ومكروهة، ومباحة. قال: والطريق في ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة، فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، أو في قواعد التحريم فمحرمة، أو الندب فمندوبة، أو المكروه فمكروهة، أو المباح فمباحة. اهـ كلام النووي
قال الإمام أبو شامة عبدالرحمن بن إسماعيل المقدسي في الباعث على إنكار البدع:
ثم الحوادث منقسمة الى بدع مستحسنة والى بدع مستقبحة قال حرملة ابن يحيى سمعت الشافعي رحمه الله تعالى يقول البدعة بدعتان بدعة محمودة وبدعة مذمومة فما وافق السنة فهو محمود وما خالف السنة فهو مذموم
قال الكرماني في شرحه على صحيح البخاري:
البدعة كل شيء عُمل على غير مثال سابق، وهي خمسة أقسام: واجبة ومندوبة ومحرمة ومكروهة ومباحة. وحديث:كل بدعة ضلالة، من العام المخصوص
قال الإمام الغزالي في كلامه عن تنقيط القرآن وتجزيئه :
ولا يمنع من ذلك كونه مُحدثاً، فكم من محدَث حسن. كما قيل في إقامة الجماعات في التراويح: إنها من محدثات عمر رضي الله عنه، وإنها بدعة حسنة. إنما البدعة المذمومة ما يصادم السنة القديمة أو يكاد يفضي إلى تغييرها
قال الحافظ ابن العربي المالكي في: شرحه على سنن الترمذي:
اعلموا علمكم الله أن المحدثات على قسمين: مُحدث ليس له أصل إلا الشهوة والعمل بمقتضى الإرادة، فهذا باطل قطعاً. ومُحدث بحمل النظير على النظير، فهذه سنة الخلفاء، والأئمة الفضلاء. وليس المحدث والبدعة مذموماً للفظ محدث وبدعة ولا لمعناها، فقد قال تعالى: ما يأتيهم من ذِكـر مِن ربهم مُحدَثٍ، وقال عمر:نعمت البدعة هذه، وإنما يُذم من البدعة ما خالف السنة، ويذم من المحدثات ما دعا إلى ضلالة
قال العلامة ابن الأثير الجزري في كتابه: النهاية في غريب الحديث:
البدعة بدعتان: بدعة هدى، وبدعة ضلالة، فما كان في خلاف ما أمر اللـه به ورسـوله صلى الله عليه وسلم فهو في حيز الذم والإنكار، وما كان واقعاً تحت عموم ما ندب الله إليه وحض الله عليه أو رسوله فهو في حيز المدح. وما لم يكن له مثال موجود كنوع من السخاء والجود وفعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل له في ذلك ثواباً فقال: من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها، وقال ضده: من سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها، وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم.
إلى أن قال ابن الاثير: وعلى هذا التأويل يحمل الحديث الآخر:وكل محدثة بدعة، يريد ما خالف أصول الشريعة ولم يوافق السنة
قال الإمام الزرقاني في شرحه على موطأ الإمام مالك عند قول عمر:نعمت البدعة هذه،
وصفها بـ: نعمت، لأن أصل ما فعله سنة، وإنما البدعة الممنوعة خلاف السنة
وقال ابن عمر في صلاة الضحى: نعمت البدعة
وقال تعالى: ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله
وأما ابتداع الأشياء في عمل الدنيا فمباح
قـال السبكي:
البدعة فـي الشرع إنما يراد بها الأمر الحادث الذي لا أصل له في الشرع، وقد يطلق مقيداً، فيقال: بدعة هدى، وبدعة ضلالة. انتهى
قال ابن عابدين الفقيه الحنفي في رد المحتار على الدّر المختار ج1 ص376 ما نصه:
فقد تكون البدعة:
واجبة كنصب الادلة للرد على اهل الفرق الضالة و تعلم النحو المُفهم للكتاب والسنة،
ومندوبة كإحداث نحو رباط و مدرسة و كل إحسان لم يكن في الصدر الاول
ومكروهة كزخرفة المساجد
ومباحة كالتوسع بلذيذ المآكل والمشارب والثياب

شرح بعض الاحاديث
روى الامام مسلم في الصحيح كتاب الجمعة حديثا للنبي صلى الله عليه و سلم قال فيه:
أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة
قال الامام النووي في شرحه للحديث:
قوله صلى الله عليه وسلم : وكل بدعة ضلالة هذا عام مخصوص، والمراد غالب البدع
قال أهل اللغة: هي كل شيء عُمل على غير مثال سابق.
قال العلماء: البدعة خمسة أقسام: واجبة، ومندوبة، ومحرمة، ومكروهة، ومباحة. فمن الواجبة: نظم أدلة المتكلمين للرد على الملاحدة والمبتدعين وشبه ذلك. ومن المندوبة: تصنيف كتب العلم وبناء المدارس والربط وغير ذلك. ومن المباح: التبسط في ألوان الأطعمة وغير ذلك. والحرام والمكروه ظاهران. وقد أوضحت المسألة بأدلتها المبسوطة في تهذيب الأسماء واللغات.
فإذا عُرف ما ذكرته عُلم أن الحديث من العام المخصوص، وكذا ما أشبهه من الأحاديث الواردة، ويؤيد ما قلناه قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في التراويح: نعمت البدعة.
ولا يمنع من كون الحديث عاما مخصوصا قوله: كل بدعة، مؤكدا: بكل، بل يدخله التخصيص مع ذلك، كقوله تعالى: تدمر كل شيء. اهـ
وروى مسلم أيضا في الصحيح، كتاب الزكاة حديثا طويلا عن رسول الله وفيه
من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سنّ في الإسلام سنّة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء
قال النووي في شرحه للحديث ما نصه:
وفي هذا الحديث تخصيص قوله صلى الله عليه وسلم : كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة
وأن المراد به: المحدثات الباطلة والبدع المذمومة، وقد سبق بيان هذا في كتاب صلاة الجمعة، وذكرنا هناك أن البدع خمسة أقسام: واجبة ومندوبة ومحرمة ومكروهة ومباحة

بعض ما أ ُحدث من الامور في زمن النبي وبعد وفاته صلى الله عليه و سلم
زيادة الامام عثمان بن عفان رضي الله عنه أذانا ثانيا يوم الجماعة
أخرج البخاري وابن ماجه والترمذي عن السائب بن يزيد قال: كان النداء يوم الجمعة أولـُه إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمررضي الله عنهما، فلما كان عثمان رضي الله عنه وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزّوراء. (والزوراء مكان بالمدينة) قال الإمام النووي: إنما جُعل ثالثاً لأن الإقامة أيضاً تسمى أذاناً. انتهى

زيادة الصحابي قول ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه بعد قول سمع الله لمن حمده
روى البخاري في الصحيح، كتاب الاذان من رواية رفاعة بن رافع الزُّرَقي قال:كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال سمع الله لمن حمده قال رجل وراءه ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف قال من المتكلم قال أنا قال رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول
قال ابن حجر في شرحه للحديث: واستـُدِل به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور

سن الصحابي خبيب ركتين عند القتل
روى البخاري في الصحيح، كتاب المغازي، باب غزوة الرجيع و رعل و ذكوان، من رواية أبي هريرة رضي الله عنه حديثا طويلا و فيه: فخرجوا به (أي خبيب رضي الله عنه) من الحرم ليقتلوه، فقال: دعوني أصلي ركعتين ثم انصرف إليهم فقال لولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت لزدت، فكان أول من سنّ الركعتين عند القتل هو (أي خبيب) ثم قال: اللهم أحصهم عددا

سبب زيادة عبارة: الصلاة خير من النوم في آذان الصبح
روى ابن ماجة في سننه بإسنادٍ رجاله ثقات عن سعيد بن المسيب أن بلالاً أتى النبي صلى الله عليه وءاله وسلم يؤذنه بصلاة الفجر، فقيل: هو نائم، فقال الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. فأقرت في تأذين الفجر، فثبت الأمر على ذلك.ورواه الطبراني في الأوسط عن عائشة، والبيهقي عن حفص بن عمر بن سعد المؤذن مرسلاً، بإسناد حسن. ولا شك أن الذي أقر بلالاً هو النبي صلى الله عليه وءاله وسلم. بل روى الطبراني في الكبير عن حفص بن عمر عن بلال أنه أتى النبي صلى الله عليه وءاله وسلم يؤذنه بالصبح، فوجده راقدًا فقال: الصلاة خير من النوم، مرتين فقال النبي صلى الله عليه وءاله وسلم: ما أحسن هذا اجعله في أذانك

سنّ معاذ بن جبل قضاء ما فات المأموم بعد فراغ الامام من الصلاة
قال الطبراني ثنا أبو زرعة المشقي ثنا يحيى بن صالح الوحاظي ثنا فليح بن سليمان عن زيد بن أبي سليمان عن زيد بن أبي أنيسة عن عمرو بن مرة الجملي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال: كنا نأتي الصلاة، إذا جاء رجل وقد سبق بشيء من الصلاة أشار إليه الذي يليه: قد سبقت بكذا وكذا فيقضي قال: فكنا بين راكع وساجد وقائم وقاعد فجئت وقد سبقت ببعض الصلاة، وأشير اليّ بالذي سبقت به، فكنت لا أجده على حال إلا كنت عليها فكنت بحالهم التي وجدتهم عليها، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم قمت فصليت، واستقبل رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم الناس وقال: من القائل كذا وكذا؟ قالوا معاذ بن جبل، فقال: قد سنّ لكم معاذ فاقتدوا به إذا جاء أحدكم وقد سبق بشيء من الصلاة فليصلّ مع الإمام بصلاته، فإذا فرغ الإمام فليقض ما سبقه به. إسناد صحيح، وهو يدل على جواز إحداث أمر في العبادة صلاة أو غيرها إذا كان موافقًا لأدلة الشرع، وأنّ النبي صلى الله عليه وءاله وسلم لم يعنّف معاذا ولا قال له: لم أقدمت على أمر في الصلاة قبل أن تسألني عنه. بل أقره وقال: "سنّ لكم معاذ فاصنعوا كما صنع" لأن ما صنعه يوافق قاعدة الإتمام، واتباع المأموم لإمامه، بحيث لا يقضي ما فاته حتى يتم الإمام صلاته

تنقيط يحيى بن يعمر المصاحف
روى ابن ابي داود السجستاني في كتاب المصاحف ص158 عن هارون بن موسى قال: أول من نقّط المصاحف يحيى بن يعمر

آية فيها مدح الرهبانية التي ابتدعها أتباع النبي عيسى عليه السلام من المسلمين
روى الطبراني في الأوسط عن أبي امامة رضي الله عنه قال: إنّ الله فرض عليكم صوم رمضان، ولم يفرض عليكم قيامه، وإنما قيامه شيء أحدثتموه، فدوموا عليه، فإن أناسًا من بني إسرائيل ابتدعوا بدعا فعابهم الله بتركها فقال:ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حقّ رعايتها.. سورة الحديد

تعدد صلاة الجمعة في المدينة الواحدة
ذكر الحافظ الخطيب في تاريخ بغداد: أن أول جمعة أحدثت في الإسلام في بلد، مع قيام الجمعة القديمة، في أيام المعتضد في دار الخلافة. يعني بغداد، من غير بناء مسجد لإقامة الجمعة، وسبب ذلك، خشية الخلفاء على أنفسهم. وذلك في سنة ثمانين ومائتين، ثم بني في أيام المكتفي، مسجد فجمعوا فيه

قراءة القرءان جماعة في المسجد
قال الحافظ حرب الكـرماني تلميذ الإمام أحمد: رأيت أهل دمشق وأهل حمص وأهل مكة وأهل البصرة يجتمعون على القرءان بعد صلاة الصبح ولكن أهل الشام يقرأون القرءان كلهم جماعة من سورة واحدة بأصوات عالية، وأهل البصرة وأهل مكة يجتمعون فيقرأ أحدهم عشر ءايات، والناس ينصتون، ثم يقرأ ءاخر عشر ءايات حتى فرغوا،قال حرب: وكل ذلك حسن جميل
أما ما قيل في عمل المولد الشريف
ففي الباعث على إنكار البدع للعلامة ابي شامة المقدسي أحد شيوخ النووي ج1 صفحة 23
ومن أحسن ما ابتُدع في زماننا من هذا القبيل ما كان يُفعل بمدينة اربل جبرها الله تعالى كل عام في اليوم الموافق ليوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم من الصدقات والمعروف واظهار الزينة والسرور فان ذلك مع ما فيه من الاحسان الى الفقراء مُشعر بمحبة النبي صلى الله عليه و سلم وتعظيمه وجلالته في قلب فاعله وشكرا لله تعالى على ما منّ به من ايجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين صلى الله عليه و سلم وعلى جميع المرسلين وكان أول من فعل ذلك بالموصل الشيخ عمر بن محمد الملا أحد الصالحين المشهورين

كتاب البداية والنهاية لابن كثير الجزء 13 صفحة 136
ترجمة الملك المظفر أبو سعيد كُوكَبري
ابن زين الدين علي بن تبكتكين أحد الاجواد والسادات الكبراء والملوك الامجاد له آثار حسنة وقد عمر الجامع المظفري بسفح قاسيون وكان قدهم بسياقه الماء إليه من ماء بذيرة فمنعه المعظم من ذلك واعتل بأنه قد يمر على مقابر المسلمين بالسفوح وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الاول ويحتفل به احتفالا هائلا وكان مع ذلك شهما شجاعا فاتكا بطلا عاقلا عالما عادلا رحمه الله وأكرم مثواه وقد صنف الشيخ أبو الخطاب ابن دُحية له مجلدا في المولد النبوي سماه التنوير في مولد البشير النذير فأجازه على ذلك بألف دينار وقد طالت مدته في الملك في زمان الدولة الصلاحية وقد كان محاصر عكا وإلى هذه السنة محمود السيرة والسريرة قال السبط حكى بعض من حضر سماط المظفر في بعض الموالد كان يمد في ذلك السماط خمسة آلاف راس مشوى وعشرة آلاف دجاجة ومائة ألف زبدية وثلاثين ألف صحن حلوى

كتاب البداية والنهاية الجزء 13 صفحة 144
في ترجمة الحافظ شيخ الديار المصرية في الحديث ابن دحية الكلبي
قال ابن خلكان: وكان من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء متقنا لعلم الحديث وما يتعلق به عارفا بالنحو واللغة وأيام العرب واشعارها، اشتغل ببلاد المغرب ثم رحل إلى الشام ثم إلى العراق، واجتاز بإربل سنة أربع وستمائة فوجد ملكها المعظم مُظفر الدين بن زين الدين يعتني بالمولد النبوي، فعمل له كتاب: التنوير في مولد السراج المنير، وقرأه عليه بنفسه فأجازه بألف دينار،قال وقد سمعناه على الملك المعظم في ستة مجالس في سنة ست وعشرين وستمائة قلت وقد وقفت على هذا الكتاب وكتبت منه أشياء حسنة مفيدة ...الخ
قال الحافظ السيوطي في: حسن المقصد في عمل المولد:
فقد وقع السؤال عن عمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول ما حكمه من حيث الشرع؟ وهل هو محمود أو مذموم؟ وهل يثاب فاعله أو لا؟
والجواب عندي: أن أصل عمل المولد الذي هو: اجتماع الناس، وقراءة ما تيسر من القرءان، ورواية الأخبار الواردة في مبدإ أمر النبي صلى الله عليه وسلم وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف
وأول من أحدث فعل ذلك صاحب إربل الملك المظفر أبو سعيد كوكبري بن زين الدّين علي بن بكتكين أحد الملوك الأمجاد والكبراء الأجواد، وكان له ءاثار حسنة، وهو الذي عمَّر الجامع المظفري بسفح قاسيون
وقال الحافظ السيوطي ايضا: وقد استخرج له إمام الحفاظ أبو الفضل أحمد بن حجر أصلاً من السنة، واستخرجت له أنا أصلاً ثانيًا
وأجاب الحافظ السخاوي في فتاويه في الاجوبة المرضية ج3 ص 1116 عن عمل المولد فقال
لم ينقل عن احد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة، وإنما حدث بعد، ثم ما زال أهل الإسلام من سائر الأقطار و المدن العظام يحتفلون في شهر مولده صلى الله عليه و سلم و شرف و كرم يعملون الولائم البديعة المشتملة على الامور البهجة الرفيعة، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور، و يزيدون في المبرات بل يعتنون بقراءة مولده الكريم، وتظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم بحيث كان مما جُرب قاله الامام شمس الدين ابن الجزري
وقال الحافظ:وكان للملك المظفر صاحب إربل كذلك فيها اتم عناية و اهتماما بشأنه جاوز الغاية، اثنى عليه به العلامة أبو شامة أحد شيوخ النووي الفائق في الاستقامة في كتاب الباعث على إنكار البدع و الحوادث وقال: مثل هذا الحسن يتقرّب إليه و يُشكر فاعله و يُثنى عليه
ثم قال الحافظ: قلت: بل خرّج شيخنا شيخ مشايخ الاسلام خاتمة الائمة الاعلام فِعله على أصل ثابت و هو ما ثبت في الصحيحين من انه صلى الله عليه و سلم دخل المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسألهم فقالوا: هو يوم اغرق الله سبحانه و تعالى فيه فرعون و نجّى موسى عليه السلام، فنحن نصومه شكرا لله عز وجل، فقال صلى الله عليه و سلم: فأنا أحق بموسى عليه السلام منكم، فصامه و امر بصيامه، وقال: إن عشت إلى قابل.... الحديث. قال شيخنا: فيُستفاد منه فعل الشكر لله تعالى على ما مَنّ به في يوم معيّن من إسداء نعمة أو دفع نقمة، و يُعاذ ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة. والشكر لله تعالى يحصل بأنواع العبادة: كالسجود و الصيام و التلاوة، وأيّ نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي صلى الله عليه و سلم في ذلك اليوم. وعلى هذا ينبغي ان يُقتصر فيه على ما يُفهم الشكر لله تعالى من نحو ما ذُكر. أمّا ما يتبعه من السماع و اللهو وغيرهما فينبغي أن يقال: ما كان من ذلك مباحا بحيث يُعين السرور بذلك اليوم فلا بأس بإلحاقه و مهما كان حراما او مكروها فيُمنع و كذا ما كان خلاف الاولى. اهـ
وقال أيضا: ولمّا كان الزاهد القدوة المعمر أبو اسحاق إبراهيم بن عبدالرحمن ابن إبراهيم بن جماعة بالمدينة المنورة، كان يعمل طعاما في المولد النبويّ ويُطعم الناس و يقول: لو تمكنت عملت بطول الشهر كل يوم مولدا. اهـ
الخــلاصــــة
فعمل المولد من البدع الحسنة، وما يقام فيه ليس مخالفا لكتاب اللع ولا سنة رسوله بلا شك ولا ريب، و ليس مُنكرا مُحرما يستحق فاعله النار كما يزعم بعضهم اليوم، واما قولهم بإدخال بعضهم فيه منكرات، فهذه المنكرات هي المذمومة بنص الشرع لكن لا تقدح في هذا العمل المبارك، ولم يقل أحد بهدم المساجد ومنع الناس من دخولها بدعوى ان بعض القوم يفعلون افعالا شنيعة في بيوت الله.

والله اعلم و أحكم

عن الجدل الفقهي حول حكم الاحتفال بالمولد النبوي ..شروط جواز الاحتفال

عن الجدل الفقهي حول حكم الاحتفال بالمولد النبوي ..
#_لمحمد_ﷺ_أنتمي 
أولا: مذهب المنع: ويقول بمنع الاحتفال بالمولد النبوي استنادا إلى العديد من الادله أهمها:
أولاً: أن الاحتفال بالمولد النبوي حادث بعد القرون الثلاثة، حيث أحدثه الشيعة الفاطميون، فهو ليس من سنة الرسول (صلى الله عليه وسلم) ولا من سنة خلفائه الراشدين(رضي الله عنهم)، فهو بدعه ينطبق عليها قوله صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ) (أخرجه أحمد 4/126 ، والترمذي برقم 2676) .
ثانياً : ان في الاحتفال بذكرى المولد تشبه بالنصارى فى احتفالهم بذكرى مولد المسيح (عليه السلام)، وقد أشارت النصوص إلى تحريم التشبه بهم والأمر بمخالفتهم قال صلى الله عليه وسلم : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) (أخرجه أحمد 2/50 )، وقال ( خالفوا المشركين ) (أخرجه مسلم 1/222 رقم 259 ).
ثالثا: إن الاحتفال بالمولد النبوى يشتمل على أمور محرّمة في الغالب ( ابن الحاج ، المدخل 2:2).
ثانيا:مذهب الاباحه: ويقول بجواز الاحتفال بالمولد النبوي،وهذا المذهب له قسم نافى يتضمن الرد على أدله مذهب المنع، وقسم مثبت يتضمن أدلته على جواز الاحتفال بالمولد النبوي:
اولا: النفي:
الرد على الدليل الاول: :أن الاحتفال بالمولد النبوي حادث ، فهو بدعة ولكنها بدعه حسنه ، فهذا المذهب يميز بين البدعة السيئة والبدعة الحسنه ،وهو التمييز الذى قرره العديد من السلف والائمه والعلماء حيث قال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) عن صلاه التراويح جماعه(نعم البدعة هي)، ويقول الشافعي ( البدعة بدعتان : بدعة محمودة وبدعة مذمومة فما وافق السنة فهو محمود ، وما خالف السنة فهو مذموم )، ويقول ابن حجر العسقلاني ( وكل ما لم يكن في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم يسمى بدعة ، لكن منها ما يكون حسناً ومنها ما يكون خلاف ذلك ) ويوردون أمثله على البدعة الحسنه مثل النداء في الحرم الشريف قبل الصلاة للقيام،وصلاح التراويح جماعه،وقراءه ختم القران جماعه في صلاه التراويح والتهجد. لكن أنصار المذهب الاول يفسرون قول عمر (رضي الله عنه) ( نعمت البدعة هي ) انه يريد بالبدعة البدعة بمعناها اللغوي: اى ما كان له أصل في الشرع ، وليس البدعة بمعناها
الشرعي: اى ما ليس له أصل في الشرع يرجع إليه،وبالتالي فان البدعة بمعناها الشرعي هي بدعه سيئة دائما ، ولا توجد هنا بدعه حسنه.وهنا يجب الاشاره إلى ان هناك من أنصار المذهب الثاني( الاباحه) من يتفق مع المذهب الاول فى رفض ما يسمى بالبدعة الحسنه، ولكنه يرى ان الاحتفال بالمولد النبوي هو سنه حسنه(الشيخ محمد سعيد رمضان البوطى).
الرد على الدليل الثاني:ان الاحتفال بمولد الرسول لا يشترط ان يكون من باب التشبه بالنصارى،فقد يكون من باب محبه الرسول وتعظيمه. يقول ابن تيمية(قَدْ يُثاب بعض الناس على فعل المولد، وكذلك مَا يُحْدِثُهُ بَعضُ النَّاس إمَّا مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام وإما مَحبَّةً للنبي صلّى الله عليه وسلّم وتعظيمًا له، والله قد يُثيبهم على هذه المحبَّة والاجتهاد، لاَ عَلَى البِدَعِ) ( اقتضاء الصراط المستقيم في ص
297 ):
الرد على الدليل الثالث: إذا اشتمل الاحتفال بالمولد على أمور محرمه فيجب تحريمها، لكن التحريم هنا عرضي وليس ذاتيً، اى انه متعلق بتلك الأمور لا بأصل الاحتفال بالمولد .
ثانيا: الاثبات:
أولا: ان الاحتفال بالمولد النبوي هو إظهار لمحبه الرسول صلى الله عليه وسلم وتوقيره،وهما الأمران اللذان أشارت لهم كثير من النصوص .
ثانيا: ان الرسول( صلى الله عليه وسلم ) كان يعظم يوم مولده كما جاء في حديث أبي قتادة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين ؟ فقال ( فيه ولدت ، وفيه أُنزل عليَّ )( رواه الإمام مسلم في الصحيح في كتاب الصيام) ..
ثالثا: أن المولد أمر استحسنه العلماء والمسلمون في جميع البلاد ، وجرى به العمل في كل صقع، فهو من العرف الذى يعتبر احد مصادر الشريعة التبعية لحديث ابن مسعود الموقوف : ( ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن وما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح ) (أخرجه أحمد)،يقول السخاوي( لم يفعله أحد من السلف في القرون الثلاثة، وإنما حدث بعد، ثم لا زال أهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن الكبار يعملون المولد، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات،ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم).
ثالثا:مذهب التفصيل:
أولا: التمييز بين الكيفيات: أما المذهب الثالث فهو مذهب التفصيل، وهو المذهب الذى لا يصدر حكما كليا(سواء بالمنع بدرجاته من كراهة وتحريم او الإيجاب بدرجاته من اباحه وندب ووجوب) ينطبق على جميع كيفيات الاحتفال بالمولد النبوي، بل يميز بين هذه الكيفيات وبالتالي بين الحكم عليها،وهو هنا يميز بين كيفيتين أساسيتين للاحتفال بالمولد النبوي:
الكيفية الأولى(البدعه ( تقوم على المستوى الاعتقادى على اعتبار ان الاحتفال بالمولد النبوي هو من اصول الدين، وان الاحتفال بالمولد النبوي على سبيل الخصوص،كما تقوم على المستوى السلوكي على كثير من الأفعال التي وردت النصوص بمنعها كراهة او تحريما.وهذه الكيفية طبقا لمستوها الاعتقادى هي بدعه لان البدعة اصطلاحا: هي الاضافه إلى الدين، والمقصود بالدين أصوله لا فروعه، دون الاستناد إلى نص يقيني الورود قطعي الدلالة:يقول ابن حجر العسقلاني: (أصلها ما أُحدِثَ على غير مثال سابق ، وتطلق في الشرع في مقابل السُنّة فتكون مذمومة...) ( فتح الباري ، لابن حجر العسقلاني 5 :
156)ويقول الشاطبي : (البدعة طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يُقصد بالسلوك عليها ما يُقصد بالطريقة الشرعية ـ وقال في مكان آخر ـ يُقصد بالسلوك عليها : المبالغة في التعبّد لله تعالى)( الاعتصام ، للشاطبي 1 :
37.5).ولان الأمر بمحبه الرسول صلى الله عليه وسلم وتوقيره عام وغير مخصوص بزمان او مكان معينين.كما هذه الكيفية طبقا لمستواها السلوكي تتضمن ما هو محرم او مكروه.
الكيفية الثانية (العرف: (تقوم على المستوى الاعتقادى على اعتبار ان الاحتفال بالمولد النبوي ليس من الدين وأصوله رغم ان موضوعه ديني، فهو بتعبير البعض عاده وليس عباده، فهو من العرف الذى يمكن ان يعتبر مصدرا من مصادر الشريعة التبعية فى حال تقيده بالقواعد الامره الناهية التي مصدرها النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة. وان الاحتفال بالمولد النبوي على سبيل التذكير لا الخصوص،كما تقوم على المستوى السلوكي على رفض الأفعال التي وردت النصوص بمنعها كراهة او تحريما.وهذه الكيفية طبقا لمستوها الاعتقادى ليست بدعه. كما ان هذه الكيفية طبقا لمستواها السلوكي لا تتضمن ما هو محرم او مكروه.
ثانيا: التمييز بين الحكم الشرعي والحكم على مخالفه: كما ان هذا المذهب يقوم على التمييز بين الحكم الشرعي فى الواقعة المعينة، والحكم على مخالف هذا الحكم الشرعي،فقد يكون الحكم الشرعي فى واقعه معينه هو التحريم القاطع، أما الحكم على مخالف هذا الحكم الشرعي فيختلف من حيث علم المخالف بحرمه هذا الحكم او عدم علمه،وهنا وضع العلماء قاعدة العذر بالجهل يقول ابن تيميه( فمن كان قد آمن بالله ورسوله ولم يعلم بعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يؤمن به تفصيلاً إما لأنه لم يسمعه أو سمعه من طريق لا يجب التصديق بها، أو اعتقد معنىً آخر لنوع من التأويل الذي يعذر به، فهذا قد جعل فيه من الإيمان بالله ورسوله ما يوجب أن يثيبه الله عليه، وما لم يؤمن به فلم تقم عليه به الحجة التي يكفر مخالفها)( مجموع الفتاوى 12/494 )، كما ان الحكم على المخالف متوقف على مقصده ونيته ، وهذا التمييز نجده فى موقف الإمام ابن تيميه من الاحتفال بالمولد النبوي:
فعلى مستوى الحكم الشرعي يقول ابن تيميه ببدعية الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم (دون تمييز بين كيفياته المتعدده)، حيث يقول (ما يحدثه بعض الناس من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدًا إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا بدعة لأنّ هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضى له،
وعدم المانع منه، ولو كان هذا خيرًا محضًا، أو راجحًا، لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منّا فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم له منا وهم على الخير أحرص) [ اقتضاء الصراط المستقيم: ص (254-295).]. ويقول أيضا ( وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال إنها ليلة المولد، أو بعض ليالي رجب، أو ثامن عشر ذي الحجة، أو أول جمعة من رجب، أو ثامن شوال الذي يسميه الجهال عيد الأبرار، فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها. )( مجموع الفتاوى 25/298). أما على مستوى الحكم على مخالف هذا الحكم الشرعي (المنع باعتباره بدعه)، فان ابن تيميه يرى انه قد يثاب بعض الناس على فعل المولد لحسن نيتهم وقصدهم، حيث يقول (قَدْ يُثاب بعض الناس على فعل المولد، وكذلك مَا يُحْدِثُهُ بَعضُ النَّاس إمَّا مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام وإما مَحبَّةً للنبي صلّى الله عليه وسلّم وتعظيمًا له، والله قد يُثيبهم على هذه المحبَّة والاجتهاد، لاَ عَلَى البِدَعِ... واعلم أنَّ منَ الأعمَال مَا يَكونُ فيه خيرٌ لاشتماله على أنواعٍ من المََشرُوعِ، وفيه أيضاً شرٌّ من بدعة وَغيرها فَيكون ذلك العملُ شراً بالنسبة إلى الإعراض عن الدين بالكُليَّةِ كَحَالِ المنافقين والفاسقين... فتَعظيم المولد واتخاذه موسماً قد يفعله بعضُ الناس وَيكون له فيه أجرٌ عظيمٌ لحسنِ قَصدهِ وَتَعْظِيمِهِ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليه وسلّم كما قدمته لك أنه يحسن من بعض الناس ما يستقبح من المؤمن المسدد، ولهذا قيل للإمام أحمد عن بعض الأمراء إنه أَنفقَ على مصحف ألف دينار ونحو ذلك
فقال:
دعه فهذا أفضل ما أنفق فيه الذهب، أو كما قال، مع أنَّ مذهبَه أنَّ زَخرفةَ المصاحف مكروهةٌ، وَقد تأوَّلَ بعضُ الأصحاب أنَّه أنفقها في تجديد الورق والخط، وليس مقصود الإمام أحمد هذا وإنما قصده أنَّ هذا العمل فيه مصلحة وفيه أيضاً مَفسدَةٌ كُرهَ لأجلها) ( اقتضاء الصراط المستقيم في ص 297 ) .وبناء على ما سبق فان هذا المذهب يميز بين الحكم الشرعي على الكيفية الأولى للاحتفال بالمولد النبوي(باعتبارها بدعه)،وبين الحكم على مخالف هذا الحكم (اى النهى عن هذه الكيفية فى الاحتفال باعتبارها بدعه)، فلا يكفر المخالف او يبيح دمه استنادا إلى قاعدة العذر بالجهل ودليلها في السنة قوله(صلى الله عليه وسلم)(اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون). نقل الذهبي في الموقظة عن ابن تيمية (كنت أقول للجهنمية من الحلولية والنفاه الذين نفوا أن الله فوق العرش لما وقعت محنتهم، أنا لو وافقتكم كنت كافراً لأني أعلم أن قولكم كفر، وأنتم عندي لا تكفرون لأنكم
جهال) وكان هذا خطاباً لعلمائهم وقضاتهم وشيوخهم وأمرائهم.ويقول ابن القيم ( أما أهل البدع الموافقون لأهل الإسلام، ولكنهم مخالفون في بعض الأصول كالرافضة والقدرية ونحوهم فهؤلاء أقسام: أحدهما الجاهل المقلد الذي لا بصيرة له فهذا يكفر ولا يفسق ولا ترد شهادته إذا لم يكن قادراً على تعلم الهدى وحكمه حكم المستضعفين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً فأولئك عسى الله أن يغفر عنهم)( ابن القيم، الطرق الحكمية، ص174).
- للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة العنوان


محمّد كل ما فيك عظيم
سبب لاحتفال الملايين بمولد النبيّ ﷺ
المولِد سنةٌ حسنةٌ ولا نحرِمه بِسببِ ما يفعله بعض الجهلةِ فيهِ:
فمعلومٌ أن الحجّ في أيامِنا هذِهِ ومِن قبل يحصل فيهِ منكراتٌ مِن بعضِ الجهلةِ حتى إِنه ومنذ زمنٍ قال بعض العلماءِ: "ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج" ، كلّ هذا لم يكن سببًا لِتحرِيمِ الحجِ أو منعِ الناسِ مِنه ، كذلِك سائِر العِباداتِ ، كذلِك المولِد إن حصل فيهِ منكراتٌ مِن بعضِ الجهلةِ فلا نحرِمه على الإطلاقِ بل نحرِم ما يفعله الجهلة فيهِ مِما يخالِف دين الله. ثم إِن حصل فسادٌ في مسجِدٍ أيغلق المسجِد أم ينهى عنِ الفسادِ الذي فعِل فيهِ؟
الاراء الاخرى / الاجتهادية
1- تخصيص يو الاثنين بفضيلة الصوم لانهُ ولد فيه
2- صوم يوم عاشوراء يدل على فرح واظهار شكر والشكرلا يكون حصراً بالصيام وهذا دليل على جواز الاحتفال 
3- تخصيهُ () الآوقات الفاضلة لمزيد من العناية والاحتفال لايعني فقط يذكر في حين الاحتفال حصراً لا بل الاحتفال مزيدٌ من العناية كزيادة الجود في شهر رمضان
4- في يوم الجمعة خلق الله آدم اي أن احدى فضائل يوم الجمعة فيه خلق آدم فلذا ولادة النبي () احق أن يفضل
5- ان المولد امر استحسنهُ غالب العلماء كما ذكرنا لكم وعن ابن سعودٍ () (( مارآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن ))(1)
6- من فضائل الاحتفال بمولده () كثرة الصلاة عليه والصلاة عليه مذكورةٌ في القرآن
7- الاحتفال بمولد الرسول () وذكرمناقبة وفضائله يثبت الفؤاد قال تعالى (( وكلا نقص عليك من انباء الرسول ما نثبت به فؤادك ))
8- يقولون :- أن الاحتفال بالمولد هو كالأحتفال بعيد الميلاد
نقول :-
أ-حُرم عيد اليهود والنصارى لجعل انبائهم ارباباً من دون الله وهو داخل في الحديث (لا تطرؤني)
ب- كما ذكر الشيخ السعدي :- بعدم جوازتسمية اي مناسبة عيداً سوى ( الاضحى والفطر ) ونحن نقول بأن المولد آحياء ذكرى وليس بعيد

شروط جواز الاحتفال

بمولد النبي ()
1- عدم مخالطة الرجال بالنساء / لما فيه ضرر على الذكور والايناث واشتعال الشهوة وطمع الذي في قلبه زيغ
2- عدم الغلو في شأن الحبيب () فقد قال رسول الله () ( لا تطروني كما اطرت النصارى ابن مريم انما أنا عبد فقولوا عبدالله ورسوله ) (1)
وكذلك عدم الاشراك بالله بالدعاء وطلب الحاجات من رسول الله () فأن الشرك لظلم عظيم ومن اشرك بالله حبط عمله وأن الله لا يغفر لمن أشرك به ومات على شركه
3- عدم الاعتقاد في المولد انها عبادة فالعبادات توقيفيه مثل الصلاة والصيام والحج وانما نعتبره من العادات الداخلة في باب المباحات التي قد يؤجر المرء على اتيانه بنيته ومراد عمله مثل الذهاب الى السوق مباح اما الذهاب الى السوق لقراءة دعاء السوق والتسليم على الناس فيه اجر وثواب وقس سائر المباحات على ذلك علماً ان المباح هو ما كان فعله وتركه سواء اي ما لا يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه
4- وعلماً بأن تاركه لا يعاقب اذا ما تركه باعتقاده بأنها بدعة ولكن يثاب فاعله بفرحه بمولد رسوله () هذا والله تعالى اعلم .

ليس كل ما أحدث بعد رسول الله أو في حياته مما لم ينصّ عليه بدعة ضلالة كما يفهمه البعض .. والدليل إقرأ..

 


اليكم بعض أفعال وأقوال الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم والذين فهموا معنى البدعة المُشار إليها في الحديث لاسيما أنها بعد وفاته صلي الله عليه وسلم ولم يفعلها في حياتهِ, وهي في العبادات فهل تُوصف افعالهم بالبدعة و الضلالة أم ماذا ؟؟! فإليكم بعض أفعالهم رضي الله عنهم.

 أولاً :- جمع القرآن :-
فلقد جاء في حديث زيد بن ثابت رضي الله عنهُ أنهُ قال: (( قبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يكن القرآن جُمع في شيء)). فنقول عمر بن الخطاب رضي الله عنهُ هو الذي أشار على أبي بكر رضي الله عنهُ بجمع القرآن في مصحف عندما كثر القتل بين الصحابة في واقعة اليمامة، فتوقف أبو بكر وقال : كيف نفعل شيئاً لم يفعلهُ رسول الله r؟ قال عمر: هو والله خير ونقول للمعارض أنظر إلى قول عمر لسيدنا الصديق ( هو والله خير)، فلم يزل عمر يراجع أبا بكر حتى شرح الله صدر أبا بكر لهُ، وبعث أبابكر إلى زيد بن ثابت فكلفهُ بتتبع القرآن وجمعهِ، قال زيد: فو الله لو كلفوني نقل جبل من الجبال، ما كان أثقل عليّ مما كلفني بهِ أبابكر من جمع القرآن ثم قال زيد بن ثابت: كيف تفعلون شيئا لم يفعلهُ رسول الله r؟ قال الصديق ( هو خير ) فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري. وليراجع المعارضون والقراء هذه القصة فهي مبسوطة في صحيح البخاري .

ثانيا :- فصل مقام إبراهيم عن البيت
 فلقد أخرج البيهقي بسند قوي عن عائشة قالت: إن المقام كان في زمن النبي r وفي زمن أبي بكر ملتصقا بالبيت، ثم أخره عمر بن الخطاب رضي الله عنهُ .
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في الفتح: ولم ينكر الصحابة فعلُ عمر، ولا من جاء بعدهم فصار إجماعاً، وكذلك هو أي سيدنا عمر أول من عمل عليهِ المقصورة التي تشابه المقصورة الموجودة الآن .

ثالثاً :- زيادة ابن مسعود
 ما زآده عبد الله أبن مسعود رضي الله عنه في التشهد الأخير بعد ( ورحمة الله وبركاته ) كان يقول ( السلام علينا من ربنا) وقد روى ذلك الطبراني في معجمه الكبير ورجاله رجال الصحيح كما في معجم الزوائد. فكيف بالله عليك, يأمر أبن مسعود رضي الله عنه بالإتباع وينهى عن الابتداع ثم يبتدع قولاً لم ينزل به الوحي ولم يرد على لسان النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ولو تمعن هؤلاء القوم ! وأمعنوا النظر فيما سبق إيراده من أقوال أهل العلم من المحدثين, لعلموا أن المراد من قوال أبن مسعود (أتبعوا) أي اتبعوا ما جاء به الشارع أو كل ما له أصل في الشرع. ( ولا تبدعوا) أي كل شيء يخالف الشرع أو ليس له أصل في الشرع .

رابعاً:- صلاة سيدنا علي كرم الله وجهه

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم التي أنشأها سيدنا علي كرم الله وجهه. وقد كان رضي الله عنه يُعلمها للناس. أوردها أبن جرير وسعيد بن منصور في تهذيب الآثار, وأبن ابي عاصم ويعقوب أبن شيبه في أخبار علي كرم الله وجهه والهيثمي في مجمع الزوائد والطبراني في الأوسط وهي ( اللهم يا داحي المدحوات ....) وله رضي الله عنه دعاء آخر أورده الحافظ في الفتح في كتاب التفسير وقال رواه الطبراني من طريق فاطمة بنت علي عليهم السلام. قالت كان أبي يقول : ( يا كهيعص أغفر لي ), ومن علي أبن طلحه عن أبن عباس قال ( كهيعص قسم أقسم الله به وهو من أسمائه) فلعله أخذ ذلك عن علي رضي الله عنه, وغيرهم عن سلامة الكندي .

خامساً :- زيادة الأذان الأول يوم الجمعة
 : ففي صحيح البخاري عن السائب بن زيد قال : ( كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر .... على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهم, فلما كان عثمان زاد النداء الثالث), باعتبار إضافته الى الأذان الأول والإقامة, ويقال له أول لاعتبار سبقه في الزمان على أذان الجمعة. وروى ذلك أبن ابي شيبه عن ابن عمر قال : الأذان الأول بدعه, قال الحافظ ابن حجر في الفتح: [ فيحتمل أن يكون قال ذلك على سبيل الانكار, ويحتمل ان يريد : أنه لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم, وكل ما لم يكن في زمنه يسمى بدعه, لكن منها ما يكون حسناً ومنها ما يكون بخلاف ذلك ] .

سادساً:- إفراد النساء بإمام
 وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن عروه ان عمر جمع الناس على أُبي بن كعب مكان يصلي بالرجال, وكان تميم الداري يصلي بالنساء. وإفراد النساء بإمام لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم بل كن يصلين مع الرجال في عهده صلى الله عليه وسلم, فهل هذا العمل من عمر الا اجتهاد منه في إطار المشروع . فالنساء مطالبات بقيام رمضان كالرجال وكثرة المصلين قد تمنع سماع النساء لقرآه الإمام فأفردهن بإمام جارً على قواعد الشريعة, أو انه رضي الله عنه استند الى عمل أُبي في صلاته بأهله في قيام رمضان كما رواه أبن حيان. وهو من الخلفاء الراشدين والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ) .
وكذلك روى عبد الرزاق في المصنف عن الثوري عن هشام بن عروه أن عمر ابن الخطاب أمر سليمان ابن جثمه أن يؤم النساء في المسجد في شهر رمضان .
ومعلوم وثابت ان النبي صلى الله عليه وسلم بعد ان صلى بالناس في المسجد جماعة في قيام رمضان ثلاثاً أو اقل لم يخرج إليهم حين غُص المسجد بأهله وخرج إليهم الفجر وقال (أنه لم يحق عليه مقامكم ولكني خشيت ان تفرض عليكم, فصلوا ايها الناس في بيوتكم) ومع ذلك فكان بعض الصحابة يصلون في المسجد كما وجدهم عمر اوزاعاً متفرقين يصلي الرجل لنفسه, ويصلي الرجل ومعه الرهط, فهل كان هؤلاء المصلون المبتدعين مخالفين لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم لهم بقوله (ألا صلوا في بيوتكم) , وهل كان عمر رضي الله عنه كذلك عند ما جمعهم على إمام وأحد؟!.

سابعاً:- زيادة عبدالله بن عمر البسملة
 زيادة إمام السنة والجماعة, عبدالله بن عمر البسملة في أول التشهد, وكذلك ما زاده في التلبية بقوله ( لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء إليك والعمل ....) وهذا مبسوط في صحيح البخاري ومسلم , وروي عن ابن ابي شيبه بسند صحيح أن عمر رضي الله عنه كان يزيد في التلبية ( لبيك مرغوب إليك ذا النعماء والفضل الحسن) فلماذا زاد على التلبية الواردة؟

ثامناً :- استلام ابن عباس رضى الله عنهُ أركان الكعبة الأربعة

فقد أخرج البخاري والترمذي والطبراني في الكبير والهيثمي في مُجمع الزوائد أن أبي الطفيل قال قدم معاوية وابن عباس الكعبة فاستلم ابن عباس الأركان كُلها فقال لهُ معاوية إنما استلم رسول الله r الركنين اليمانيين ! قال ابن عباس :- ( ليس شيء من البيت مهجوراً ) . والذي ثبت عن سيدنا رسول الله فيما رواه عنهُ البخاري ومسلم وغيرهما أنه كان يستلم الركنيين اليمانيين من الكعبة المشرفة , ولم يستلم غيرهما .

تاسعاً :- قراءة سورة العصر قبل التفرق
أخرج الطبراني في الأوسط عن أبي مدينة الدارمي وكانت لهُ صُحبة قال :- ( كان الرجلان من أصحاب النبي إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة { والعصر إن الإنسان لفي خسر ... } )

عاشراً :- تقبيل القبر الشريف
 فعن داود بن أبي صالح قال :- أقبل مروان يوماً فوجد رجلاً واضعاً وجههُ على القبر النبوي , فقال لهُ مروان أتدري ما تصنع ؟ فإذا هو أبو أيوب الأنصاري , فقال أبو أيوب : نعم جئتُ رسول الله صلى الله عليهِ وسلم ولم آتِ الحجر .

الحادي عشر :- أن يُصلي المسافر الرباعية أربعة ركعات 
فلقد أخرج البخاري في صحيحة برقم (1107 ) ومسلم (704 ) أن الني r كان يلازم في أسفاره كُلها القصر فيصلي الظهر والعصر والعشاء ركعتين ركعتين , ولم يثبت قط أنهُ صلى الرباعية أربعاً في السفر , ومع ذلك فقد صلى عثمان بن عفان رضي الله عنهُ في منى أربعاً وأنكر عليهِ ابن مسعود ثم صلاها( أي ابن مسعود ) معهُ أربعاً , فلما قيل لهُ , قال إني أكره الخلاف ........... الخ من زيادة الصحابة وعلماء وفضلاء الأمة .

فكل هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم أحدثوا أشياء رأوها حسنة لم تكن في عهد المصطفى r ولم يفعلها في حياتهِ وهي في العبادات، فما قول المعارضين فيهم رضوان الله عليهم؟ وهل هم من أهل الضلال والبدع المنكرة أم ماذا؟ وهل هم ممن يظنون النبي r لم يبلغ ما ينبغي للأمة أن تعمل بهِ (( نبئونا بعلم إن كنتم صادقين)) .

وبعد هذا التبيان الجليّ من أقوال علماء الأمة وأفعالهم , لم يبقى للمخالفين سوى حجةٌ واحدة هي والله أوهى من خيوط العنكبوت وياليتهُم سكتوا ولم يتفوهوا بها , ألا وهي قولهُم [ لو كانت الأمور المُحدثة في الدين من الدين لبينها الرسول للأمة أو فَعلها في حياتهِ أو فعلها أصحابه رضي الله عنهم، ولا يقول قائل أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تركها تواضعاً منه فإن هذا طعن فيهِ عليه الصلاة والسلام ] .

فالجواب على ذلك هو :- 
أن ترك النبي عليهِ الصلاة والسلام لكثيرً من الأشياء لا يعني تحريمها .
فقد يكون تركهُ لها مخافة أن تفرض كصلاة التراويح .
وإما أن يكون تركهُ لعدم تفكيره فيهِ مثل اتخاذ منبراً له ُ
وإما أن يكون تركهُ لدخولهِ في عموميات أو أحاديث ، كتركهِ لكثير من المندوبات لأنها مشمولة في قولهِ تعالى : ) وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ( .
وإما أن يكون تركهُ خشية تغيير قلوب بعض الصحابة , كما قال لعائشة رضي الله عنها ( لولا ان قومكِ حديثو عهداً بجاهلية لأمرتُ بالبيت فهدم فأدخلتُ فيهِ ما أُخرج منهُ وألزمتهُ بالأرض وجعلتُ لهُ بابين باباً شرقياً وباباً غربياً فبلغتُ به أساس إبراهيم عليهِ السلام ) .
والترك وحدهُ إن لم يصحبهُ نصٌ على أن المتروك محظور لا يكون حُجةً في التحريم , بل غاية أمره أن يفيد أن ترك ذلك الفعل مشروع .
فإن كل ما لم يفعلهُ الرسول صلى الله عليه وسلم أو الصحابة من بعده لا يُعتبر تركهم لهُ تحريماً ، حسب ما تقتضيهِ القاعدة الأصولية والتي أولها أن يكون: كالنهي المُطلق نحو قولهُ تعالى  ولا تقربوا الزنا ( . وقولهِ) ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل( .
أو كلفظ التحريم نحو ) حُرمت عليكم الميتة ( .
أو كذم الفعل والتوعد عليهِ بالعقاب نحو ) من غشنا فليس منا (.
والترك هُنا ليس واحداً من هذه الثلاثة فلا يقتضي التحريم فافهم

ثانيها :-
إن الله تعالى قال ) وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنهُ فانتهوا( .
ولم يقل وما تركهُ فانتهوا عنهُ , فإذاً الترك لا يفيد التحريم

ثالثها :-
قال النبي صلى الله عليه وسلم [ ما أمرتكم بهِ فأتوا منهُ ما استطعتم وما نهيتكم عنهُ فاجتنبوه ]
ولم يقل ما تركتهُ فاجتنبوه , فكيف يدلُ الترك على التحريم ؟؟؟؟

رابعها :-
أن الأصوليين عرفوا السنة بأنها قول النبي r وفعلهُ وتقريرهُ ولم يقولوا قط وتركهُ , لأنهُ ليس بدليل .
خامسها :-
تقدم أن الترك يحتمل أنواعاً غير التحريم , والقاعدة الأصولية هي ( أن ما طرأ عليهِ الاحتمال سقط به الاستدلال )

سادسها :-
أن الترك أصل , ولأنهُ عدم فعل , والعدم هو الأصل والفعل طارئ , والأصل لا يدلُ على شيء لغةً ولا شرعاً , فلا يقتضي الترك التحريم , ولذلك عُلم أن النبي لم يفعل جميع المندوبات المباحات ’ لأنها كثيرة لا يستطيع بشراً أن يستوعبها , ولاشتغاله عليهِ الصلاة والسلام بمهام أعظم استغرق معظم وقتهُ من تبليغ الدعوة ومحاربة المشركين , ونقاش مع المخالفين مما هو مهم لتأسيس الدولة الإسلامية . بل أنهُ ترك بعض المندوبات عمداً مخافة أن تُفرض على أمتهُ أو يشق عليهم إذا هو فعلها , فلقد روى البخاري (1177) عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت ( إن الرسول rيترك العمل وفعلهُ أحبُ إليهِ خشية أن يستسن الناس بهِ فيُفرض عليهم , وكان يحب ما خفف عليهم )

ثم إن الرسول صلي الله عليه وسلم قال موضحاً لنا هذا الإشكال بقولهِ كما في مُجمع الزوائد وعند الحاكم و البزار والدار قطني ( ما أحل الله في كتابه فهو حلال , وما حرم الله فهو حرام , وما سكت عنهُ فهو عفو , فاقبلوا من الله عافيته , فإن الله لم يكن لينسى شيئاً ثم تلا ) وما كان ربك نسيا ( ) .

- والذي نعلمهُ أنه لم يأت في حديث واحد ولا أثر في التصريح بأن النبي إذا ترك شيئا كان ذلك الشيء المتروك حراماً أو مكروها .
وما أجمل ما قالهُ الإمام الشافعي رضي الله عنه وأرضاه لدحض هذا الفهم لدى المعارض، وحقيقة فهمهِ رحمه الله لقول النبي ( من سن في الإسلام سنة حسنة ) عندما قال ( أي الشافعي ) { كُل ما لهُ مستند من الشرع فليس ببدعة ولو لم يعمل به السلف, لأن تركهم للعمل به قد يكون لعذر قام لهم في الوقت, أو لما هو أفضل منه، أو لعلة لم يبلغ جميعهم علم بهِ} انتهى كلام الشافعيُ .
فإذاً ليس كل مالم يفعلهُ الرسول rخارجاً عن السنة طالما أنَ لهُ أصلٌ في الشرع ، بل إن الحوافز القولية الكثيرة لعمل الخيرات ، والترغيبات الكثيرة القولية بالفضائل العامة والخاصة هي أيضاً من السنن , كما أن التقريرات الصادرة عن رسول الله r فيما يحدث من الخير مما لا يخالف المشروع هي أيضاً من السنة , بل هي طريقة الرسول وسنتهُ التي حث على أتباعها والتمسك بها .
ونقول أن من زعم تحريم شي بدعوى أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يفعلهُ فقد ادعى ما ليس لهُ دليل، وكانت دعواهُ مردودة . فكيف وإن فعلها عليهِ الصلاة والسلام وإن اختلفت الصورة والكيفية ؟

أما شبهة من يتشدق بعدم فعل الصحابة ويقول هل فعل الصحابة كذا وكذا من بعده ؟ فإننا نترك الإمام الحافظ الذهبي يجيبه على ذلك كما جاء في معجم الشيوخ (1/73 و74 ) حيثُ قال :

(( فإن قيل : فهلا ّ فعل ذلك الصحابة قيل : لأنهم عاينوهُ حياً , وتملوا بهِ , وقبّلوا يده , وكادوا يقتتلون على وضوئهِ , واقتسموا شعرهُ المطهر يوم الحج الأكبر , وكان إذا تنخم لا تكاد نخامته تقع إلا في يد رجل فيدلك بها وجههُ , ونحنُ فلما لم يصح لنا مثل هذا النصيب الأوفر , ترامينا على قبرهِ بالالتزام والتبجيل والاستلام والتقبيل , ألا ترى كيف فعل ثابت ألبناني , كان يقبل يدّ أنس بن مالك ويضعها على وجههِ ويقول : يدٌ مست يدّ رسول الله r, وهذه الأمور لا يُحركها من المسلم إلا فرط حبّه للنبي , إذ هو مأمور بأن يحب الله ورسوله أ شد من حبهِ لنفسه , وولده , والناس أجمعين , ومن أموالهِ ومن الجنة وحورها , بل خلق من المؤمنين يحبون أبابكر وعمر أكثر من حب أنفسهم )) انتهى كلام الذهبي رحمه الله .
ومن هذا المنطلق فعل كثير من الصحابة باجتهاداتهم كما ذكرنا وبيّنا سابقاً أموراً كثيرة لم يفعلها النبي عليهِ الصلاة والسلام ولكن لها أصلٌ , فكانت سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وطريقة قبول ما كان من العبادة والخير ويتفق مع المشروع ولا يخالفهُ , ورد ما كان مخالفاً لذلك , فهذهِ سنتهُ وطريقتهُ التى سار عليها خلفاؤهُ وصحابتهِ واقتبس منها العلماء رضوان الله عليهم قولهم :- [ إن ما يُحدث يجب أن يُعرض على قواعد الشريعة ونصوصها فما شهدت لهُ الشريعة بالحُسنِ فهو حسن مقبول , وما شهدت لهُ الشريعة بالمخالفة والقبح فهو مردود وهو البدعة المذمومة , وقد يسمون الأول بدعة حسنة من حيث اللغة باعتبارهِ مُحدثاً وإلا فهو في الواقع ليس ببدعة شرعية بل هو سنة مستنبطة ما دامت شواهد الشريعة تشهد لهُ بالقبول ] كما بينهُ سلطان العلماء العز بن عبد السلام رحمهُ الله في كتابه القواعد.
وعلى كل حال أنا أقول لأخواني المُبدعين هداهم الله وأرشدهم للحق، إن كنتم مُصرين على رأيكم ولم تُقيموا وزناً ولا اعتباراً لأقوال العُمد من الأئمة الأعلام فأقول لكم بناء على القاعدة التي أصلتموها بأنفسكم . و التي تقول

[ إن من أحدث امراً لم يفعلهُ رسول اللهصلي الله عليه وسلم أو صحابتهِِ فقد ابتدع في الدين ، و يُفهم منهُ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يُكمل الدين لهذهِ الأمة , وأن الرسولصلي الله عليه وسلم لم يبّلغ ما ينبغي للأمة أن تعمل بهِ ].

فأقول لكم كما قال القائل :- (( من فمك نُدينك ))
فقد أحدثتم في العبادات وفروعها مسائل كثيرة لم يفعلها النبي صلي الله عليه وسلم ولا الصحابةِ ولا التابعون ولا حتى تابعي التابعين

فعلى سبيل المثال لا الحصر:
1- جمع الناس على إمام واحد لأداء صلاة التهجد بعد صلاة التراويح في الحرمين الشريفين وغيرهما من المساجد.
2- قراءة دعاء ختم القرآن في صلاة التراويح وكذلك في صلاة التهجد .
3- تخصيص ليلة (29) أو ليلة (27) من شهر رمضان لختم القرآن في الحرمين وغيرهما من المساجد .
4- قول المنادي بعد صلاة التراويح: (صلاة القيام أثابكم الله) .
5- إقامة أسبوع خاص بالمساجد في كل عام .
6- إقراركم لمن يقوم بتطويف الحاج والمعتمر حول الكعبة وبين الصفا والمروة .
7- القول: بأن التوحيد ينقسم إلى ثلاثة أقسام: توحيد ألإلوهية، وتوحيد ربوبية، وتوحيد أسماء وصفات. فهل هذا التقسيم جاء في حديث شريف، أم هو قول أحد من الصحابة أو التابعين أو تابع التابعين أو أحد الأئمة الأربعة؟!!

إلى غير ذلك مما لا يتسع المجال لذكرهِ من تخصيص هيئات للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجامعات إسلامية، وجمعيات لتحفيظ القرآن، ومسابقات تحفيظ القرآن ,واختتام الدورة الفولانية في تحفيظ القرآن وتوزيع الجوائز ومكاتب دعوة وإرشاد، وأسابيع احتفال بالمشايخ . ومع ذلك فنحنُ لا نُنكر هذهِ الأشياء إلا أنها من البدع الحسنة التي يُنكر هؤلاء القوم على من يفعل أمثالها ثم يفعلونها .

ولله درُ القائل :-
وعين الرضا عن كلِ عيب كليلةٌ : وعين السُخطِ تبدي المساوئ
ففعلكم لهذه المُبتدعات التشريعية التي لم يفعلها الرسول rفيهِ تعارض واضح مع قاعدة من يقول: أن العبادات توقيفية وإن كل ما لم يفعلهُ الرسول r وأصحابه فهو بدعة (سيئة) فلربما يكون المخالف ممن أذن لنفسهِ بالتشريع من دون الناس !!
وهنا يجب أن أقف وقفةً بسيطة حول ما يُشيعهُ المخالفين بين طلبة العلمِ والعوام من الناس وهي قولهم : ( إن العبادات توقيفية وأن كُل من يُحدثُ أمراً لم يُفعلهُ النبي صلي الله عليه وسلم ويبتغي بهِ الأجر والثواب يُعتبر من العبادات التي يُتوقف فيها )

فأقول إن كانت العبادات على هذا المفهوم أي ( توقيفية على إطلاقها ) فلماذا أحدثتم تلك الأمور التي نقلتها عنكم قبل أسطر؟ وهل ابتداعكم لها عبثاً ؟؟ أم أنكم تبتغون بهِ الأجر والثواب ؟؟؟

فاعلم أخي المسلم بورك فيك إن لله شعائر يجب تعظيمها، قال تعالى ] ومن يُعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب[
فالشعائر جمعُ شعيرة وهي تُطلق على مناسك الحج كالطواف والسعي. وتُطلق أيضاً على الأماكن التي تكون عندها العبادة كالمشعر الحرام .

فالعبادة في الأسلام : هي مطلق الطاعة والخضوع لله تعالى في تنفيذ ما شرع فرضاً كان أو نفلاً أو مباحاً بنية القربة ضمن الأصول والقيود الشرعية المتقدمة .
وتطلق الشعيرة أيضاً على كل معلم من معالم الإسلام ، عبادة كانت أو مكاناً او شخصاً أو حتى بهيمةً من البهائم يقول تعالى ] والبُدنَ جعلناها لكم من شعائر الله . [ .
فكل معلم من معالم الإسلام شعيرة ، ومن هنا يتضح الفرق بين الشعيرة والعبادة .
فالشعيرة أعم والعبادة أخص ، فكل عبادة شعيرة وليس كل شعيرة عبادة فافهم .
فالشارع أمرنا بتعظيم البيت الحرام وبناء المساجد وتعظيم النبي r وتوقيرهُ ولم يأمرنا بعبادة الكعبة ولا بعبادة الرسول ولا بعبادة المساجد ولا بعبادة الصحابة والصالحين من عباد الله مع أن توقيرهم واجب واحتقارهم كُفر لأنهم يمثلون الدين .
فليس في الشريعة ما يمنع من الاستفادة من التعريف والبيان المستجدة في كل عصر ومصر بحيث لا يصطدم بحكم أو نص شرعي مُقرر وقد جاءت القاعدة الأصولية في هذا البيان أن ( الوسائل لها حُكم المقاصد ) فإذا كان المقصد شرعياً ، فلا مدخل للابتداع في مثل ذلك ، كما يثيره المُخالف .
فمن هذا المنطلق يتضح لنا أن أصل العبادات توقيفية ، فلا يصح من أي إنسان أن يُصلي الفجر مثلاً أربع ركعات أو العصر ستة ركعات , ولكن فروع العبادات المستمدة مشروعيتها من الأصول فللاجتهاد نصيب فيها ضمن القواعد الأصولية . فعلى سبيل المثال ما ذكرهُ الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء( 11/ 212) قال : ( قال عبد الله ابن الإمام احمد بن حنبل : كان أبي يُصلي في كل يوم ثلاث مئة ركعة ، فلما مرض من تلك الأوساط أضعفتهُ فكان يصلي كل يوم وليلة مئة وخمسين ركعة .
وكذلك ما رواهُ أبو نُعيم في الحلية (1/383 ) : { وكان لأبي هريرة رضي الله عنهُ خيط فيه ألف عُقدة ، لا ينام حتى يُسبح بهِ } . ومما ثبت بأسانيد صحيحة وكثيرة أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهُ خصص عشية يوم الخميس ليُحدّث عن رسول الله r . رواهُ ابن أبي شيبة في المصنف ( 8/565) ، والحاكم في المستدرك (1/111 و3/314 ) والطبراني في المعجم الكبير (9/123) وغيرهم بأسانيد متعددة .
وفي الختام ارجو من كُل منصف باحث عن الحق ان يعمل بقول الله ( وإذا قلتم فأعدلوا ) وان يطرح هذهِ القضية من جميع جوانبها ويضع امام الناس وبكل امانة اقوال من خالفهُ في رايهِ من اهل العلم المعتبرين المذكورين آنفاً والذين خالفوا القول الذي يقول بهِ كما فعلنا عندما ذكرنا قول الشاطبي المخالف للسواد الأعظم من العلماء سابقاً ومن ثمّ يترك حرية الإختيار للقارئ العزيز أن يأخذ بقول من أراد من أقوال الأئمة العلماء المحدّثين السابقين أو بقول المتأخرين.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آلهِ وصحبهِ وسلم

نُقل هذا البحث ببعض التصرف والإضافة والتهذيب من كتاب ( خُلاصة الكلام ) للشيخ / عبدالله ابن الشيخ أبو بكر بن سالم الشافعي