الثلاثاء، 23 مارس 2021

أعمال لم يعملها النبيّ صل الله عليه وسلم ولكن عملها السلف..!

 

 

جمع القرآن في خلافة أبي بكر الصدّيق

1 - عندما طلب عمر بن الخطاب t من أبي بكر الصدّيق t جمع القرآن في مصحف واحد قال له : كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؟

قال له عمر t : هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ ! فاقتنع الصدّيق بعد أن شرح الله صدره فوافق على رأي عمر t

ثم قال زيد بن ثابت t لهما : كَيْفَ تَفْعَلاَنِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ؟

فقال له أبو بكر t : هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ !

فهاهنا اجتمع ثلاثة من أكابر الصحابة ؛ إثنان منهم من الخلفاء الراشدين ؛ وهما أبو بكر الصدّيق ، وعمر بن الخطاب ، وثالثهم عالم من علماء الصحابة ، وأعلمهم بعلم الفرائض – الذي هو من أصعب العلوم – وهو زيد بن ثابت ، رضوان الله عليهم ، ثلاثتهم متفقون على أنهم يريدون أن يفعلوا شيئاً لم يفعله رسول الله r ، أي : يريدون أن يحدثوا بدعة ! !

هل هي بدعة لغوية ، لا بدعة شرعية ؟ نعم ، هي بدعة لغوية !

         فما هو تعريف البدعة اللغوية ؟ هي : الإختراع على غير مثال سابق ! وابتداء طريقة لم يُسبق إليها !

هناك مَن يتعالم على أولئك الأعلام ، من الصحابة رضوان الله عليهم ، ويحسب نفسه أنه أعلم منهم ، وأفقه ! فيزعم أنهم لم يأتوا بشيءٍ جديد ! !

         إذاً لماذا هذه الرهبة ، وهذا التردد من أبي بكر الصدّيق أولاً ، وهو أعلم الصحابة ، ثم من زيد بن ثابت ثانياً ، رضي الله عنهم ؟

         هل كانوا بهذه السذاجة ، والفقر من العلم – حاشاهم – بحيث لم يعلموا ما يعلمه صغار طلبة العلم ، بل أصغر من طلبة العلم بكثير ، من الأميين وأشباههم ؛ في أنهم لا يأتون بشيء جديد ؟ !

         حتى أقنع عمربن الخطاب أبا بكر الصدّيق ، بعد مراجعة كثيرة ، ثم أقنع الصدّيق زيداً   بالمسألة ؟

فاقتنعوا جميعاً أن هذا أمرٌ لابد منه ؛ لقد استجد أمرٌ ، لم يكن موجوداً في حياة النبيّ r ، فإن لم يتداركوا الأمر فسوف تتضرر الأمة جميعاً ، ولاسيما هو لا يتعارض مع كتاب الله ، ولا مع سنة رسوله r ، بل هو الخير ، الذي حثَّهم عليه كتاب الله تعالى ، حيث يقول الله سبحانه : ( يا أيُّها الّذين آمَنُوا اركعُوا واسجُدوا واعبُدوا ربّكم وافعلوا الخير لعلّكم تُفلحون ) .

         وهذا كان جواب عمر بن الخطاب لأبي بكر الصدّيق ، ثم جواب أبي بكر لزيد بن ثابت ، بعد انشراح صدورهم للأمر ، رضي الله عنهم :  ( هو والله خير )  ! .

وهذا يعني أنهم ما كانوا يرون أن كل مستحدث في الدين هو بدعة ضلالة ، وأنه إذا تحققت خيريته - من حيث التوافق مع الكتاب والسنة وتحقيق مقاصدهما - فإنه إذ ذاك يكون حسناً

2 - القرآن الكريم نزل على سبعة أحرف على رسول الله r ، كما قال هو r . أنزله جبريل عليه السلام ، بأمر الله تعالى .

         وقال r للمختلِفَين لكل منهما - عند قراءته خلافاً للآخر - : (( هكذا أنزلت )) ! وقال لغيرهما : (( كلاكما محسن )) .

         ويقول جبريل عليه السلام للنبيّ r : إن الله يأمرك أن تقرأ أُمّتُك القرآن على سبعة أحرف

وبقي الحال هكذا في زمن النبيّ r ، ثم زمن أبي بكر الصدّيق t ، ثم زمن عمر بن الخطاب t ، ثم فترة من خلافة عثمان بن عفان t .

         ثم اتفقوا على الإقتصار على قراءة القرآن على حرف واحد ، ومنع غيرها ، لأسبابه المعتبرة .

3 – سُئِلَ النبيّ r عَنْ ضَالَّةِ الإِبِلِ ؟ فَغَضِبَ وَاحْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ ، وَقَالَ : مَا لَكَ وَلَهَا ؟ دعها !

وبقي حكم ضالة الإبل هكذا في زمن النبيّ r ، وخلافة أبي بكر الصدّيق t ، وخلافة عمر بن الخطاب t ، إلى خلافة عثمان بن عفان t ، حيث أمر بأخذها ، وتعريفها ، ثم تباع ، فإذا جاء صاحبها أعطي ثمنها !

         وجعل عليّ بن أبي طالب t في خلافته حمىً لها ، يأخذها ، ويحبسها ، حتى يأتي صاحبها  فيأخذها !

فاخْتَلَفَتْ الْأَحْكَامُ فِي ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ. حيث كَانَ حُكْمُ ضَوَالِّ الْإِبِلِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - تركها لَمَّا كَانَ يُؤْمَنُ عَلَيْهَا، فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَلَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِا لَمَّا كَثُرَ فِي الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ لَمْ يَصْحَبْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَثُرَ تَعَدِّيهمْ عَلَيْهَا أَبَاحُوا أَخْذَهَا لِمَنْ الْتَقَطَهَا وَرَفَعَهَا إلَيْهِمْ وَلَمْ يَرَوْا رَدَّهَا إلَى مَوْضِعِهَا .