حمل من هنا كتب ومؤلفات عملاق الفكر الاسلامي الشهيد سيد قطب
فيديو
"في 1966.8.29 أعدم الشهيد سيد قطب ومازالت أعواد المشانق تستقبل رجالات الدعوة وحراس العقيدة الذين تشرفوا بحمل راية الإسلام وقدموا أنفسهم رخيصة لرب أثابهم جنة عرضها السموات والأرض..... رفع السيد على المشنقة فارتفع ذكره وبقي أثره وخاب وخسر من باء بذنبه فمات مهزوما وبقي مذموما"
صفحتنا على الفيس بوك بعنوان .. الرد على شبهات أدعياء السلفية وبيان حقيقتهم .. تابعونا من هناك ستجدون مايهمكم أكثر ..
*******
4000 مجلد من كتاب ظلال القرآن احرقهم زبانية جمال عبد الناصر في وسط القاهرة بعد اعدام سيد قطب ومن يقبض عليه باحد كتبه يعاقب من 10 سنوات للاعدام.
تقول اخته حميدة : التقاني حمزة البسيوني مندوب ابليس واراني وثيقة من رئاسة الجمهورية موقع عليها من عبد الناصر بإعدام سيد قطب ورفاقه يوسف هواش وعبد الفتاح اسماعيل .
تقول : فلم تحملني قدماي حين علمت الخبر.... فقد كان شقيقي سيد هو حب حياتي الوحيد وكان حبه وظله هو كل شيء لي في الدنيا.
وقال لها مندوب ابليس : اذا اعتذر سيد قطب للرئيس عبد الناصر على التليفزيون مباشرة سيلغى حكم الاعدام ويسجن 6 اشهر فقط !
وما يثبت لك تلاعب عبد الناصر بالقضاء هو.... كيف يعفى عن محكوم عليه بالاعدام بمجرد الاعتذار لجمال عبد الناصر ؟!
مع ان المفترض عند القضاء ان مشكلة سيد قطب هي بين سيد وبين الوطن ككل....... فهل عبد الناصر هو الوطن واعتذار سيد له يعتبر اعتذار للوطن ؟!
وهل اعتذار سيد قطب لعبد الناصر يمكن ان يترتب عليه حكم قضائي من الاعدام الى 6 اشهر دون حتى الرجوع للقاضي ؟! .
ذهبت حميدة للسيد في السجن وعرضت عليه رسالة ابليس فرفض وقال لشقيقته : عن
أي شيء اعتذر يا حميدة ؟!.... هل اعتذر عن العمل مع الله ؟!.
يقول الشيخ كشك رحمه الله : قالت المذيعة خبر اعدام سيد قطب
وتبعته بأغنية بسبس نو يا بسبس نو .... وتوالت الاذاعات في نشر الاغاني
وكأن قطيع عبد الناصر الاعلامي قد حرر الاقصى من يد الصهاينة !!! .
وقبل اعدامه بأيام قليلة كانت تذاع اغنية ‘‘ بكرة العيد ونعيد ونذبحك يا شيخ سيد ‘‘ ابتهاجا من عبد الناصر وعبيده بإعدام سيد قطب حتى قبل ان ينطق القاضي خبر اعدامه !
*************
كيف تقنع مزبلي خانز بأن سيد قطب رحمه الله قد تراجع عن كل أخطائه بدليل أن هذه الصحيفة نشرت عام 1972 قبل ثناء ربيع المزبلي عليه ثم تراجعه عن ثنائه و الطعن فيه
أفهم يا مزبلي أنت فقط بهيمة يقودها الغرب و حلفائهم من الخونة لطعن الأمة في ظهرها
فيديو ...
سيد قطب ومعجزته الفكرية "في ظلال القرآن"، لمحات من الكتاب مع د. وصفي أبو زيد
…
#شهيد_الظلال
إليك يا صاحب الظلال في ذكرى استشهادك:
سجانك مات..
ومعذبك اندثر..
وشانِقُك وشانِئُك أصبح من أهل العدم..
والطاغية الذي أمرهم بذلك هلك ولفظته اﻷرض حتى جرى به الماء النتن!!
وبقيت سيرتك..
وبقي ظلالك..
وبقيت فكرتك...
حياتك طالت، وحياتهم قصرت..
عطاؤك حفظه الله لك...وحربهم لله أجهزت عليهم!!
سلام عليك يا سيد...
وسلام على ألوف مثلك في السجون اﻵن...لم يؤلفوا ظلالاً كسيد...لكنهم يعيشون اﻵن في الظلال التي كتبها سيد!!
رحمك الله..
فيديو ..
في ذكرى استشهاد سيد قطب.. من هو سيد قطب وما هو منهجه؟
*************
فرية تـكـفـير سيد قطب للمـسـلـمـين
نسب إلى سيد رحمه الله تهمة تكفير المسلمين أو المجتمعات الإسلامية من خلال الفهم الخاطئ لكتابات سيد رحمه الله في الظلال وغيرها من كتبه . وهذه التهمة ناتجة من اطلاقاته مثل :
- الناس في جاهلية ، وهم عادوا إلى الجاهلية الأولى .
- عدم وجود المجتمع المسلم .
- المجتمعات تحب أَن تكون مسلمة وليست مسلمة .
- تسمية المساجد معابد الجاهلية .
المجموعة الأولى : مجموعة تكفر المسلمين وتزعم أنها متبنيـة لفكر سيد وأبرز أمثلتها " جماعة المسلمين " واشتهرت باسم " جماعة التكفير والهجرة " .
وهناك مجموعتان تخرجان بنتائج خاطئة من قراءة كلام سيد حول هذا الموضوع :
النماذج التي أوردها سيد قطب في الظلال وفهم منها البعض تكفيره لأفراد المجتمع
أولاً : يقول في تفسير قوله تعالى : "وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ" ... " ولكن المشقة الكبرى التي تواجه حركات الإسلام الحقيقية اليوم ليست في شيء من هذا .. إنها تتمثل في وجود أقوام من الناس من سلالات المسلمين ، في أوطان كانت في يوم من الأيام دارا للإسلام ، يسيطر عليها دين الله ، وتُحكم بشريعته .. ثم إذا هذه الأرض ، وإذا هذه الأقوام ، تهجر الإسلام حقيقة ، وتعلنه إسما وإذا هي تتنكر لعقيدة الإسلام اعتقادا وواقعا وإن ظنت أنها تدين بالإسلام اعتقادا فالإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن لا إله إلا الله تتمثل في الاعتقاد أن الله - وحده - هو خالق هذا الكون المتصرف فيه وأن الله وحده هو الذي يتقدم إليه العباد بالشعائر التعبدية ونشاط الحياة كله وأن الله - وحده - هو الذي يتلقى منه العباد الشرائع ويخضعون لحكمه في شأن حياتهم كله وأيما فرد لم يشهد أن لا إله إلا الله - بهذا المدلول - فإنه لم يشهد ولم يدخل في الإسلام بعد ، كائنا ما كان اسمه ولقبه ونسبه وأيما أرض لم تتحقق فيها شهادة أن لا إله إلا الله - بهذا المدلول - فهي أرض لم تدن بدين الله ولم تدخل في الإسلام بعد وفي الأرض اليوم أقوام من الناس أسماؤهم أسماء المسلمين وهم من سلالات المسلمين وفيها أوطان كانت في يوم من الأيام دارا للإسلام ولكن لا الأقوام اليوم تشهد أن لا إله إلا الله - بذلك المدلول - ولا الأوطان اليوم تدين لله بمقتضى هذا المدلول .
وهذا أشق ما تواجهه حركات الإسلام الحقيقية في هذه الأوطان مع هؤلاء الأقوام أشق ما تعانيه هذه الحركات هو عدم استبانة طريق المسلمين الصالحين وطريق المشركين المجرمين واختلاط الشـارات والعناوين والتباس الأسماء والصفات والتيه الذي لا تتحدد فيه مفارق الطريق .
ويعرف أعداء الحركات الإسلامية هذه الثغرة فيعكفون عليها توسيعا وتمييعا وتلبيسا وتخليطا حتى يصبح الجهر بكلمة الفصل " تهمة " يؤخذ عليها بالنواصي والأقدام تهمة تكفير " المسلمين " ويصبح الحكم في أمر الإسلام والكفر مسألة المرجع فيها لعرف الناس واصطلاحهم لا إلى قول الله ولا إلى قول رسول الله .
هذه هي المشقة الكبرى وهذه كذلك هي العقبة الأولى التي لا بد أن يجتازها أصحاب الدعوة إلى الله في كل جيل .
يجب أن تبدأ الدعوة إلى الله باستبانة سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين ويجب أن لا تأخذ أصحاب الدعوة إلى الله في كلمة الحق والفصل هوادة ولا مداهنة وألا تأخذهم فيها خشية ولا خوف وألا تقعدهم عنها لومة لائم ولا صيحة صائح انظروا إنهم يكفرون المسلمين .
إن الإسلام ليس بهذا التمييع الذي يظنه المخدوعون ، إن الإسلام بَيِّن والكفر بَيِّن ، الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله - بذلك المدلول - فمن لم يشهدها على هذا النحو ومن لم يقمها في الحياة على هذا النحو فحكم الله ورسوله فيه أنه من الكافرين الظالمين الفاسقين المجرمين .
ثالثاً : قال سيد : " لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلا الله فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان ونكصت عن لا إله إلا الله وإن ظل فريق منها يردد على المآذن : " لا إله إلا الله " دون أن يدرك مدلولها ودون أن يعني هذا المدلول وهو يرددها ودون أن يرفض شرعية " الحاكميـة " التي يدعيها العباد لأنفسهم - وهي مرادف الألوهية - سواء ادعوها كأفراد أو كتشكيلات تشريعية أو كشعوب فالأفراد كالتشكيلات كالشعوب ليست آلهة فليس لها إذن حق الحاكمية إلا أن البشرية عادت إلى الجاهلية وارتدت عن لا إله إلا الله فأعطت لهؤلاء العباد خصائص الألوهية ولم تعد توحد الله وتخلص له الولاء .
ثانيا : ما قيل من أنه جعل مساجد المسلمين كمعابد الجاهلية انطلاقا من تكفير مجتمعاتهم واعتبارها جاهليـة : قال سيد قطب في تفسير قولـه تعالى :"وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" ( يونس آية 87 ) " وتلك هي التعبئة الروحية إلى جوار التعبئة النظامية وهما معا ضروريتان للأفراد والجماعات وبخاصة قبيل المعارك والمشقات ولقد يستهين قوم بهذه التعبئة الروحية ولكن التجارب ما تزال إلى هذه اللحظة تنبئ بأن العقيدة هي السلاح الأَول في المعركة وأن الأداة الحربية في يد الجندي الخائر العقيدة لا تساوي شيئا كثيرا في ساعة الشدة .
وهذه التجربة التي يعرضها الله على العصبة المؤمنة ليكون لها فيها أسوة ليست خاصة ببني إسرائيل فهي تجربة إيمانية خالصة وقد يجد المؤمنين أنفسهم ذات يوم مطاردين في المجتمع الجاهلي وقد عمت الفتنة وتجبر الطاغوت وفسد الناس وأنتنت البيئة وكذلك كان الحال على عهد فرعون في هذه الفترة وهنا يرشدنا الله إلى أمور :
1 - اعتزال الجاهلية ، نتنها وفسادها وشرها ما أمكن في ذلك وتجمع العصبة المؤمنة الخيرة النظيفة على نفسها لتطهرها وتزكيها وتدربها وتنظمها حتى يأتي وعد الله لها .
2 - اعتزال معابد الجاهلية واتخاذ بيوت العصبة المؤمنة مساجد تحس فيها بانعزال عن المجتمع الجاهلي وتزاول عبادتها لربها على نهج صحيح وتزاول بالعبادة ذاتها نوعا من التنظيم في جو العبادة الطهور .
البشرية بجملتها بما فيهـا أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات : " لا إله إلا الله " بلا مدلول ولا واقع وهؤلاء أثقل إثما وأشد عذاباً يوم القيامة لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد - من بعد ما تبين لهم الهدى - ومن بعد أن كانوا في دين الله .
ثم ما أحوج العصبة المؤمنة - بعد أن تستيقن حقيقة مهمتها في الأرض اليوم ، وبعد أن تستوضح حقيقة العقيدة التي تدعو إليها ومقتضياتها من إفراد الله سبحانه بالولاء بكل مدلولاته ، وبعد أن تستصحب معها في مهمتها الشاقة تلك الحقائق والمشاعر .. ما أحوجها بعد ذلك كله إلى موقف الإشهاد والقطع والتبرؤ من الشرك الذي تزاوله الجاهلية البشرية اليوم كما كانت تزاولـه جاهلية البشرية الأولى . وأن تقول ما أَمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقوله ؛ وأن تقذف في وجه الجاهلية بما قذف به في وجههـا الرسول الكريم تنفيذا لأمر ربه العظيم
فما أحوج العصبة المسلمة اليوم أن تقف طويلا أمام هذه الآيات البينات ! ما أحوجها أن تقف أمام آيات الولاء :"قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ "
ذلك لتعلم أن اتخاذ غير الله وليا - بكل معاني " الولي " وهي الخضوع والطاعة والإستنصار والاستعانة يتعارض مع الإسلام لأنه هو الشرك الذي جاء الإسلام ليخرج منه الناس ولتعلم أن أول ما يتمثل فيه الولاء لغير الله هو تقبل حاكمية غير الله في الضمير أو في الحياة ، الأمر الذي تزاوله البشرية كلها بدون استثناء ولتعلم أنها تستهدف اليوم إخراج الناس جميعا من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، وأنها تواجه جاهلية كالتي واجهها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والجماعة المسلمة حين تلقي هذه الآيات .
وما أحوجها أن تستصحب في مواجهتها للجاهلية تلك الحقائق والمشاعر التي تسكبها في القلب المؤمن الآيات التالية " قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ، مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ، وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ " .
فما أحوج من يواجه الجاهلية بطاغوتها وجبروتها وبإعراضها وعنادها وبالتوائها وكيدها وبفسادها وانحلالها .. ما أحوج من يواجه هذا الشر كله أن يستصحب في قلبه هذه الحقائق وهذه المشاعر مخافة المعصية والولاء لغير الله ومخافة العذاب الرهيب الذي يترقب العصاة .. واليقين بأن الضار والنافع هو الله . وأن الله هو القاهر فوق عباده فلا معقب على حكمه ولا راد لما قضاه ، إن قلبا لا يستصحب هذه الحقائق وهذه المشاعر لن يقوى على تكاليف
" إنشاء " الإسلام من جديد في وجه الجاهلية الطاغية .. وهي تكاليف هائلة تنوء بها الجبال ! .
يقول الدكتور إبراهيم الكيلاني : إننا يجب أن نفهم كلام سيد قطب من خلال منهجه لا أن نفهمه من خلال كلمات مبعثرة هنا وهناك فسيد قطب رجل دعوة يسعى لإقامة حكم الله في الأرض وكان يرى كفرا بواحا منتشرا في المجتمعات الإسلامية كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إلا أن تروا كفرا بواحا )) فاستحلال الربا والخمر والزنا والقمار وتعطيل شريعة الله ماذا يسميها الفقيه المسلم ؟ أليس هذا كفرا بواحا ؟ بلى وباتفاق المسلمين هذه كفر بواح فعندما يقول إن المجتمع الذي يستحل حرمات الله مجتمع جاهلي كافر إنما يعني أن استباحـة حرمات الله تبارك وتعالى ولم يقل أن اللذين في هذا المجتمع كفار .
"قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ " .
بعد إيراد بعض النصوص لا بد من معرفة حقيقة موقف سيد من هذه القضية و الردود التي ذكرت في سياق الرد على هذه التهمة .
يقول الدكتور صلاح الخالدي بعد أن أورد النص الأول عند تفسير سيد لقوله تعالى"وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ" قال : في هذا النص لسيد - الذي آثرنا نقله كاملا على طوله لنعرف قصده من كلامه وحتى لا نقع في خطأ " الاجتراء " بنقل عبارات وقطعها من سياقها واستخراج أحكام منها لا تحتملها لأن معناها لا يفهم إلا في سياقها - في هذا النص يتجلى لنا أن سيد كان يهدف إلى بيان مضامين ومعنى لا إله إلا الله ويرسم نقطة البدء على هذا الأساس ويوضح طريق الدعوة وتعامل الدعاة على هذا الأساس ويكشف محاولة الأعداء في التلبيس والتخليط والتمييع حتى لا تبقى الجماهير مخدوعة في حقيقة ما هي عليه وحكم الله وشرعه ورسوله في واقعها هذا ما كان يريده سيد ولم يرد أن يكفر المسلمين كما لم يرد أن يعطي كلامه صفة الحكم القانوني المحدد والأمر القضائي النافذ إنما كلامه كلام داعية يرسم طريق الدعوة ويعبر عن هذا بالعاطفة الجياشة والانفعال الظاهر والتأثير البليغ ليستثير الهمم ويشحذ العزائم وما سوى ذلك ظلم لسيد ولرأيه وفكره وتقويل له ما لم يقله .
وحول هذا الموضوع يقول الأستاذ سالم البهنساوي " الألفاظ العامة للكتاب والشراح و أوصافهم للمجتمع أنه جاهلي أو على غير الإسلام أو معدود على الديانة الإسلامية لا تعطي حكما شرعيا لكل أفراده فهناك فرق بين الحكم الفقهي وبين الموعظة أو الزجر " .
وقد سألت عن هذه القضية الأستاذ محمد قطب فقال : " إن سيد لم يقل أن المسلم الفلاني كافر إلا أن يستحل حرمات الله كذلك المجتمع بصورة عامة عندما تستباح به المحرمات و يخرج عن دين الله فإذا كان سيد قد اجتهد ووصفه بهذا الوصف فله دليل من القرآن الكريم " .
نص الرسالة : " السلام عليكم و رحمة الله و بركاته و بعد : فإنك تعلم يا أخي ما دار من لغط في محيط الإخوان حول كتابات الشهيد سيد قطب وما قيل من كونها مخالفة لفكر الإخوان أو جديدة عليها وأحب في هذا المجال أن أثبت مجموعة من الحقائق أحس بأنني مطالب أمام الله بتوضيحها حتى لا يكون في الأمر شبهة .
أما عن القول بأن سيد يسمي المساجد معابد الجاهلية فهذا اتهام باطل ذلك أن كلام سيد في تفسير قوله تعالى"وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" على النحو التالي يقول : " وهذه التجربة التي يعرضها الله على العصبة المؤمنة ليكون لها فيها أسوة ليست خاصة ببني إسرائيل فهي تجربة إيمانية خالصة وقد يجد المؤمنين أنفسهم ذات يوم مطاردين في المجتمع الجاهلي وقد عمت الفتنة وتجبر الطاغوت وفسد الناس وأنتنت البيئة وكذلك كان الحال على عهد فرعون "
بهذا القيد المؤمنين مطاردين في مجتمع جاهلي وقد عمت الفتنة وتجبر الطاغوت ، هنا ذكر سيد اعتزال الجاهلية واعتزال معابد الجاهلية واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد .
ولنتأمل قول ابن كثير في هذه الآية يقول : " اختلف المفسرون في معنى قوله تعالى" وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً " عن ابن عباس قال" وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً " " قال : كانوا خائفين فأمروا أن يصلوا في بيوتهم وكذا قال مجاهد وأبو مالك والربيع بن أنس والضحاك وغيرهم يقول ابن كثير وكأن هذا والله أعلم لما اشتد بهم البلاء من قبل فرعون وقومه وضيقوا عليهم وقال مجاهد" وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً " " لما خاف بنو إسرائيل من فرعون أن يقتلوا في الكنائس الجامعة أمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد .
فسيد قطب قد جعل الأمر مقيدا بالخوف من الطواغيت أما المساجد التي أسست على تقوى من الله والتي أمر الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يقول عنها سيد عند قوله تعالى "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ" يقول تلك البيوت "أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ " وأذن الله هو أمر للنفاذ فهي مرفوعة قائمة وهي مطهرة رفيعة يتناسق مشهدها المرفوع مع النور المتألق في السماء والأرض وتتناسق طبيعتها الرفيعة مع طبيعة النور السني المضيء وتتهيا بالرفعة والارتفاع لأن يذكر فيها اسم الله " وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ...... الآية " ... إلخ " .
كتب الأستاذ محمد قطب رسالة موجهة إلى مجلة المجتمع حيث أن محمد قطب كان يتدارس الإسلام مع شقيقه وهو خير من يكتب في هذا الموضوع نظرا لمعرفته لأفكار أخيه .
وأخيرا فهذا أيضا نص صريح من سيد قطب بعدم تكفيره للمجتمعات : وهو ما جاء في اعتراف سيد قطب نفسه المسجل في محضر التحقيق الذي أجراه معه صلاح نصر ونقله بالحرف السيد سامي جوهر في كتابه " الموتى يتكلمون " :
إن كتابات سيد قطب قد تركزت حول موضوع معين هو بيان المعنى الحقيقي للا إله إلا الله شعورا منه بأن كثيرا من الناس لا يدركون هذا المعنى على حقيقته وبيان المواصفات الحقيقية للإيمان كما وردت في الكتاب والسنة شعوراً منه بأن كثيراً من هذه المواصفات قد أهمل أو غفل الناس عنها ولكنه مع ذلك حرص حرصا شديدا على أن يبين أن كلامه هذا ليس مقصودا به إصدار أحكام على الناس وإنما المقصود به تعريفهم بما غفلوا عنه من هذه الحقيقة ليتبينوا هم لأنفسهم إن كانوا مستقيمين على طريق الله كما ينبغي ، أم إنهم بعيدون عن هذا الطريق فينبغي عليهم أن يعودوا إليه .
ولقد سمعته بنفسي أكثر من مرة يقول " نحن دعاة لسنا قضاة " إن مهمتنا ليست إصدار الأحكام على الناس ولكن مهمتنا تعريفهم بحقيقة لا إله إلا الله لأن الناس لا يعرفون مقتضاها الحقيقي وهو التحاكم إلى شريعة الله كما سمعته أكثر من مرة يقول إن الحكم على الناس يستلزم وجود قرينة قاطعة لا تقبل الشك وهذا أمر ليس في أيدينا ولذلك فنحن لا نتعرض لقضية الحكم على الناس فضلا عن كوننا دعوة ولسنا دولة دعوة مهمتها بيان الحقائق للناس لا إصدار الأحكام عليهم ... إلخ " .
وفي مقابلة أجرتها مجلة المجتمع مع زينب الغزالي والتي سئلت فيها هل حقا أن الفكر الذي كان يتبناه سيد ويدرسه للإخوان هو تكفير أفراد المجتمع فأجابت بأنها قد سألت سيد رحمة الله عن ذلك فاستغرب هذا القول وبين أن هذا فهم خاطئ لما كتبه ، وبين أنه سيوضح هذا في الجزء الثاني للمعالم .. وقالت إن سيد لم يكن يكفر الأفراد بل كان يرى أن المجتمعات ابتعدت عن الإسلام إلى درجة جعلتها تفقد هذه الصفة .
وسئل الأستاذ عمر الأشقر في مجلة المجتمع عن سؤال : " هل كفر سيد قطب الأفراد والمجتمعات " ؟ ومما جاء في الجواب قوله : لم تحمل كتب الشهيد نصا واحدا يصرح فيه بتكفير المجتمعات أو الأفراد ولم يتفق الإخوان على أن سيد كان يصرح في لقاءاته وجلساته وأحاديثه بتكفير المجتمعات ولكن كثيرا من كتاباته قد يستنتج منها تكفير المجتمعات والأفراد وتلك الاستنتاجات أمر طبيعي لتفاوت الأفهام أحيانا ، ولتعمق المؤلف في معنى معين للتأكيد على فكرة ما وبين خطورة التحاكم لغير الله على كلمة الشهادة وصراحة الشرك في الرضى بتشريعات البشر الوضعية ووصل به التشديد درجة " قارب " معها اتهام المجتمعات والأفراد وليس أدل على ذلك مما كتبه في الظلال عندما توقف عند قوله تعالى"وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِين َ" من سورة الأنعام وتعمق سيد في هذا المعنى وتشديده على خطورة التحاكم لغير الله لم يؤد به إلى تكفير المجتمعات والأفراد رغم حماستـه لهذه الفكرة ذلك لأنه يعلم حدود فكرته ورأيه ولكن بعض تلامذتـه - وممن تلقوا الدعوة على يديـه - تجاوزوا فكرته ورأيـه ووصلوا إلى المحظور وقالوا بتكفير المجتمعات والأفراد .
أجاب قائلا : " الأمة المسلمة هي التي تحكم كل جانب من جوانب حياتها الفردية والعامة بشريعة الله وهي بهذا الوصف غير قائمة وإن كان هذا لا يمنع من وجود الأفراد المسلمين لأنه فيما يتعلق بالفرد الاحتكام إلى عقيدته وخلقه وفيما يتعلق بالأمة الاحتكام إلى نظام حياتها كله " انتهى باختصار .
س : هل ترى أن هناك فرقـا بين المسلم المنتمي لجماعـة الإخوان وغير المنتمي لتلك الجماعة ؟ .
ج : الذي يميز الإخوان أن لهم برنامجا محددا في تحقيق الإسلام فيكونون مقدمين في نظري على من ليس لهم برنامج محدد .
س : فلم التمييز إذن بين أفراد هذه الجماعة وبين المسلمين قاطبة وهم جميعا أصحاب عقيدة وأهداف وبرنامج ؟
ج : التمييز - في رأيي - ليس تمييز شخص على شخص ولكن فقط باعتبار أن الجماعة ذات برنامج وأن كل فرد فيها مرتبط بهذا البرنامج لتحقيق الإسلام عمليا وهذا وجه التمييز في رأيي .
س : هـل كنتم ترون أن وجود الأمة المسلمة قد انقطع منذ مدة طويلة ولا بد من إعادتها للوجود ؟
ج : لا بد من تفسير مدلول كلمة الأمة المسلمة التي أعنيها فالأمة المسلمة هي التي تحكم كل جانب من جوانب حياتها الفردية والعامة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية شريعة الله ومنهجه . وهي بهذا الوصف غير قائمة الآن في مصر ولا في أي مكان في الأرض وإن كان هذا لا يمنع من وجود الأفراد المسلمين لأنه فيما يتعلق بالفرد الاحتكام إلى عقيدته وخلقه وفيما يتعلق بالأمة الاحتكام إلى نظام حياتها كله .
وقال سيد : إننا لم نكفر الناس ، وهذا نقل مشوه إنما نحن نقول : إنهم صاروا من ناحية الجهل بحقيقة العقيدة ، وعدم تصور مدلولها الصحيح ، والبعد عن الحياة الإسلامية ، إلى حال المجتمعات الجاهلية ، وأنه من أجل هذا لا تكون نقطة البدء في الحركة هي قضية إقامة النظام الإسلامي ، ولكن تكون إعادة زرع العقيدة ، والتربية الأخلاقية الإسلامية فالمسألة تتعلق بمنهج الحركة الإسلامية أكثر ما تتعلق بالحكم على الناس .
وعلق الأستاذ عدنان عر عور على كلام سيد بقوله : وهذا من الأدلة الصريحة من سيد رحمه الله على عدم تكفير الناس جملة .
الخلاصة : أن سيد رحمه الله تعالى لم يكفر أحدا من الأعيان ولم يكفر المجتمعات أَو الأفراد . أَما الذين وصفهم سيد بأنهم ليسوا مسلمين أو بأنهم جاهليون أو غير ذلك من الأوصاف التي استنتج منها البعض تكفير سيد للمجتمعات والأفراد تلك الأوصاف يطلقها سيد ويوضح في كلامه من المقصود بتلك الأوصاف وهم من استحل المحرمات أو جحد شريعة الله ، أو حكم بغير ما أنزل الله أو رضي وقبل التحاكم إلى شريعة غير شريعة الله . ولا يوجد نصاً صريحاً في كتب سيد يقول فيه بكفر المجتمعات أو الأفراد بدون وجود الأسباب المذكورة .
وإن قيل يلزم من كلامه القول بكفر المجتمعات أو الأفراد قلنا إن منهج أهل السنة والجماعة أن لازم كلام غير المعصوم غير لازم حتى يصرح صاحبه بالتزام ذلك اللازم ، كيف وقد صرح سيد رحمه الله في التحقيق معه عندما سئل هل ترون أن وجود الأمة المسلمة قد انقطع ؟
ثم هنا فائدة مهمة ينبغي التنبيه لها وهي أن أهل السنة والجماعة يفرقون بين الكفر المطلق والكفر المعين فلا يرون بأساً أن نقول من فعل كذا فهو كافر أو القول بخلق القرآن كفر وما شابه ذلك لكن لا يكفرون المعين إلا إذا توفرت شروط وانتفت موانع انظر كلام شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ( 23/ 245 ) فالقول بتكفير المجتمعات أو الأنظمة أو الدول كفر مطلق لا يستلزم كفر الأعيان .
بجانب ما نقلناه عن أقران سيد قطب المقربين منه الذين نفوا عن سيد مثل ذلك القول وكذلك ما عرف من سيرته وتعايشه مع أفراد المجتمع وتعامله معهم معاملة المسلمين من محبته لهم وتوجيهه لهم والعمل والتعامل اليومي معهم على ذلك الأساس .
وكما قال عنه أخوه محمد قطب أن سيد أول من رفع شعار " نحن دعاة ولسنا قضاة " . فاتهامه بهذه التهمة ظلم له وتقول عليه بما لم يقله .
فيديو
حميدة قطب تروي اللحظات الأخيرة مع أخيها سيد قطب قبل فوزه بالشهادة..
كلمات الاخت الفاضلة حميدة كرصاصة قاتلة للانظمة الظالمة في اي وقت من اوقات الحياة و حديثها ينم على ثقتها الخالصة لوجه الله تعالى لا ترويض فيه و لا مساومة و لا تنازل و لا عاطفة .....ستبقى كلماتها شاهدة على عصر عصيب مر بالامة و هي لعنات على الظلم و الظالمين في كل زمان و مكان
إقرار سيد قطب عقيدة أهل السنة في ظلال القرآن
وتراجعه بالنص الذي لا يحتمل التأويل
________________________________________
يقول في تفسير قول الله تعالى في سورة الجن ":(وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا)الأية10.
"إن الطريق الأمثل في فهم القرآن وتفسيره وفي التصور الإسلامي وتكوينه ، أن ينفض الإنسان من ذهنه كل تصور سابق وأن يواجه القرآن بغير مقررات تصورية أو عقلية أو شعورية سابقة ، وأن يبني مقرراته كلها حسبما يصور القرآن والحديث حقائق هذا الوجود ، ومن ثم لا يحاكم القرآن والحديث لغير القرآن ولا ينفي شيئا يثبته القرآن ولا يؤوله ! ولا يثبت شيئا ينفيه القرآن أو يبطله ، وما عدا المثبت والمنفي في القرآن ، فله أن يقول فيه ما يهديه إليه عقله وتجربته ...
نقول هذا بطبيعة الحال للمؤمنين بالقرآن ... وهم مع ذلك يؤولون نصوصه هذه لتوائم مقررات سابقة في عقولهم ، وتصورات سابقة في أذهانهم لما ينبغي أن تكون عليه حقائق الوجود"
ثم يقول في هامش الصفحة 3731:
"وما أبرىء نفسي أنني فيما سبق من مؤلفاتي وفي الأجزاء الأولى من هذه الظلال قد انسقت إلى شيء من هذا .. وأرجو أن أتداركه في الطبعة التالية إذا وفق الله .. و ما أقرره هنا هو ما أعتقده الحق بهداية من الله ."
الكتب التي يعتمدها سيد قطب
يقول المستشار عبدالله العقيل في مجلة المجتمع العدد 112 تاريخ 8/8/1972 م :
(( إن سيد قد بعث لإخوانه في مصر والعالم العربي أنه لا يعتمد سوى ستة مؤلفات له وهي : هذا الدين , المستقبل لهذا الدين , الإسلام ومشكلات الحضارة , خصائص التصور الإسلامي , في ظلال القرآن , ومعالم في الطريق )) .
مع التأكيد أن شهادة المستشار عبد الله العقيل جاءت سنة 1972 أي قبل الضجة التي أثارها المداخلة حول كتابات الشيخ سيد قطب رحمه الله, حتى لا يقول قائل أن هذه الشهادت تهدف فقط إلى تبرئة الشيح رحمه الله, كما أنها جاءت في فترة كان الإقبال فيها على أشده على كتابات الشيخ رحمه الله (الصحوة الإسلامية)!
كما أن هذه الكتب التي تراجع عنها سيد قطب كانت قبل التزامه بالمنهج الحق و هي التي تحتوي على المغالطات في الصحابة وغيرها التي يتمسح بها المداخلة
فيديو ...عن
خطبة جمعة على ظهر سفينة كانت سببا في تحول مسار حياته
إنه الأستاذ #سيد_قطب
. لم تنفع اتصالات وتدخلات العديد من الزعماء (بمن فيهم الملك فيصل ملك السعودية، ورئيس العراق عبد السلام عارف) والمفكرين والشخصيات والهيئات العربية والإسلامية في إثناء الرئيس المصري عبد الناصر عن إعدامه، الذي نفذ في 29 أغسطس/آب 1966.
ربما مرَّ على شريط ذكريات كل من عبد الناصر وسيد قطب عند تنفيذ الإعدام ذلك اللقاء الذي تحول حفلا تكريميا، والذي أقامه ضباط ثورة 23 يوليو/تموز 1952 (التي أسقطت الحكم الملكي في مصر) لسيد قطب بحضور عبد الناصر نفسه وجمهور واسع من الضباط والدبلوماسيين والأدباء والمهتمين، في أغسطس/آب 1952 في نادي الضباط في منطقة الزمالك.
قال سيد في هذا اللقاء "إن الثورة قد بدأت حقا، وليس لنا أن نثني عليها، لأنها لم تعمل بعد شيئا يذكر، فخروج الملك ليس غاية الثورة، بل الغاية منها العودة بالبلاد إلى الإسلام..". ثم تابع سيد "لقد كنت في عهد الملكية، مهيئا نفسي للسجن في كل لحظة، وما آمن على نفسي في هذا العهد أيضا، فأنا في هذا العهد مهيئٌ نفسي للسجن أيضا، ولغير السجن، أكثر من ذي قبل"!!
وهنا وقف عبد الناصر وقال بصوته الجهوري "أخي الكبير سيد، والله لن يصلوا إليك إلا على أجسادنا، جثثا هامدة..". "إن طه حسين الذي كان يوما مسؤولا عن سيد قطب في وزارة المعارف قال في اللقاء التكريمي الذي أشرنا إليه أعلاه "إن في سيد خصلتين هما المثالية والعناد"، وبعد أن تحدث عن أثر سيد في ثورة يوليو 1952 ورجالها ختم كلمته بالقول "إن سيد قطب انتهى في الأدب إلى القمة والقيادة؛ وكذلك في خدمة مصر والعروبة والإسلام""
هذا الموقف كتبه شخص حضر الحفل، هو الأديب السعودي المعروف، مؤسس صحيفة عكاظ بعد ذلك، أحمد عبد الغفور عطار؛ ونشره في مجلة كلمة الحق، العدد الثاني، مايو/أيار 1967.
بعد 14 عاما صدقت توقعات سيد، وأُعدم بعد أن أمضى معظم ما تبقى من حياته في سجون "تلاميذه" من ضباط ثورة يوليو.*** اثنان وخمسون عاما مضت على استشهاد سيد.. ولكن لا يكاد يكون له بواكٍ.. ولا كلمات وفاء؛ فقد كثرت عليه السكاكين، وتناوشته سهام المتنطعين وأنصاف المثقفين، وعلماء السلاطين، وأتت على فكره ومواقفه غيوم سوداء، وحملات تحريض وشيطنة، حتى تمّ حصر صورته بشكل مُزوَّر في شخصية تكفيرية متطرفة منغلقة. إن معظم من كتب عن سيد قطب ناقدا أو متهما ركز في كثير من الأحيان على سيد وفكره من خلال مقاطع مجتزأة أو من خلال ما كتبه آخرون.. إن هؤلاء الذين ركزوا على بعض الجوانب "الملتبسة" في كتابات سيد، وغضوا النظر عن أدبياته الرائعة ونصوصه الإبداعية والتجديدية وروحه الثورية ومواقفه التي دفع حياته ثمنا لها.. هؤلاء ظلموا سيد، وشاركوا في وضع حاجز نفسي بين الناس وبين سيّد، ولم يخدموا بذلك سوى أنظمة الفساد والاستبداد وتيارات التغريب وأتباع "أذناب البقر". نعم، لسيد أخطاؤه كغيره من البشر، فلتتم معرفتها، وليتم نقد أفكاره وأدائه كغيره من المفكرين والمصلحين والسياسيين، فلا حرج ولا عيب.. فكفى المرء نبلا أن تعدُّ معايبه، أما أن يتم تشويه الشخص وشيطنته وإلغاء دوره.. فلا.***إن طه حسين الذي كان يوما مسؤولا عن سيد قطب في وزارة المعارف قال في اللقاء التكريمي الذي أشرنا إليه أعلاه "إن في سيد خصلتين هما المثالية والعناد"، وبعد أن تحدث عن أثر سيد في ثورة يوليو 1952 ورجالها ختم كلمته بالقول "إن سيد قطب انتهى في الأدب إلى القمة والقيادة؛ وكذلك في خدمة مصر والعروبة والإسلام". ربما كانت " المثالية والعناد" وصفا دقيقا لسيد، غير أنه مع التزامه الإسلامي، كان معدنه الأصيل يعكس صفات "التقوى والصبر والجرأة في الحق"؛ وهي أبرز صفات المصلحين وقادة الدعوات.
، فُتحت له أهم المجلات الأدبية في عصره، وأبرز جمال اللغة العربية، كما أبرز إعجاز القرآن وعظمة آياته. وله شعر جميل أخذ طابعا وطنيا وإسلاميا وإنسانيا ولامس هموم الناس والمجتمع؛ وكتب في الوصف والحنين والتأمل والرثاء والتمرد والثورة وفلسطين.. من ناحية ثانية، والمثقفين والعلماء الفاسدين والأنظمة الفاسدة والمستبدة. وأبرز الإسلام بروحه الحركية العملية التي ترفض الظلم وتنتصر للمظلوم وتنزع الشرعية عن الطغاة؛ ولذلك قدم بمقالاته "النارية" ورؤاه الفكرية بنية أساسية دافعة للثورة على الملكية في مصر، وغيرها من الثورات وحركات التغيير. وعدَّه ضباط ثورة يوليو ملهما لهم. وقبل الثورة بأربعة أيام (19/7/1952) كان عدد من ضباطها، بينهم عبد الناصر، يجتمعون في بيته لوضع ترتيباتها؛ وبعد نجاحها كان سيد هو الشخص المدني الوحيد الذي يحضر أحيانا اجتماعات مجلس قيادة الثورة. . وفي سنة 1954 حكم عليه نظام عبد الناصر بالسجن 15عاما (ضمن حملته ضدّ الإخوان المسلمين).. فازداد صلابة وإصرارا، بالرغم مما عاناه في السجن من أمراض وآلام.. وكتب قصيدته الشهيرة "أخي أنت حر وراء السدود"، كما كتب قصيدته "هبل.. هبل" التي رأى فيها كثيرون وصفا لعبد الناصر ونظامه."نقل كاتبو سيرة سيّد عنه عبارات عندما طُلب منه أن يسترحم عبد الناصر بعد صدور حكم الإعدام، فقال: "إن أصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية، ليرفض أن يخطَّ حرفا يقر به حكم طاغية"، وقوله "لماذا أسترحم، إن سُجنت بحق فأنا أرضى حكم الحقّ، وإن سجنت بباطل فأنا أكبر من أن أسترحم الباطل"!!"
و من خلال التركيز على مبدأ "الحاكمية" وردّ التشريع إلى الله والحكم بما أنزل الله. وعندما خرج من السجن سنة 1964 لم يتردد في قبول الإشراف والرعاية على تنظيم إخواني سري، كان يركز في تلك المرحلة على المعاني الإسلامية التربوية والحركية.
وعندما قُبض عليه في صيف 1965 بتهمة قيادة تنظيم عسكري سري إخواني بهدف زعزعة أمن البلاد واغتيال عبد الناصر والانقلاب على النظام، وحكم عليه بالإعدام بهذه التهم الملفقة، تلقى قرار الإعدام ببسمته الساخرة قائلا "الحمد لله، لقد عملت 15 عاما من أجل الحصول على الشهادة".
ونقل كاتبو سيرة سيّد عنه عبارات عندما طُلب منه أن يسترحم عبد الناصر بعد صدور حكم الإعدام، فقال: "إن أصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية، ليرفض أن يخطَّ حرفا يقر به حكم طاغية"، وقوله "لماذا أسترحم، إن سُجنت بحق فأنا أرضى حكم الحقّ، وإن سجنت بباطل فأنا أكبر من أن أسترحم الباطل"!!
، بل هو ما يعطي لهذه الكلمات قيمتها ومعانيها وتأثيرها، فهو يقول "إن كلماتنا تظل عرائس من الشمع، حتى إذا متنا في سبيلها دبت فيها الحياة".***
من ناحية ثالثة، وحريته واستعلاء إيمانه ولو اتسع المقام لأتينا بعشرات الشواهد على ذلك فـ"الظلال" مليء بهذه المعاني. ولعل مقالته في "العبيد" في كتابه دراسات إسلامية من أروع ما كتب في فضح السلوك البشري المنحرف عن معاني الحرية.من ناحية رابعة، ، وقدرته على الحكم وعلاج مشاكل الحضارة، وتحقيق التوازن بين متطلبات الروح والمادة. وكان في الوقت نفسه من أبرز الكتاب الذين نقدوا الحضارة الغربية، وكشفوا عوراتها، وفضحوا الاستعمار الغربي وأطماعه في المنطقة.. وقدم نقدا لاذعا للأنظمة الرأسمالية والشيوعية.. ولعل مقاله الشهير "إسلام أمريكاني" الذي نُشر في مجلة الرسالة سنة 1952 يفضح سياسة أميركا وعملاءها في المنطقة.. وفيه يقول "الإسلام الذي يريده الأميركان وحلفاؤهم في الشرق الأوسط، ليس هو الإسلام الذي يقاوم الاستعمار، وليس هو الإسلام الذي يقاوم الطغيان.. إنهم لا يريدون للإسلام أن يحكم، لأن الإسلام حين يحكم سينشئ الشعوب نشأة أخرى، وسيعلم الشعوب أن إعداد القوة فريضة، وأن طرد المستعمر فريضة، وأن الشيوعية كالاستعمار وباء.. فكلاهما عدو". وبالنسبة للأميركيين وعملائهم فالإسلام "يجوز أن يستفتى في منع الحمل، ويجوز أن يُستفتى في دخول المرأة البرلمان، ويجوز أن يستفتى في نواقض الوضوء، ولكنه لا يستفتى أبدا في أوضاعنا الاجتماعية أو الاقتصادية أو نظامنا المالي، ولا يستفتى أبدا في أوضاعنا السياسية والقومية.." أما الروح الإنسانية والتعبير العميق عن المعاني الإنسانية فهي من ناحية خامسة، من الجوانب التي أبدع فيها سيّد، ومن الجوانب التي طمسها خصومه (وربما بعض محبيه). ولعل كتيب "أفراح الروح" بالرغم من صفحاته المحدودة يرقى إلى مصاف الأدب الإنساني العالمي الذي لم يلق ما يستحق من رعاية واهتمام من الأدباء والباحثين.. وبالرغم من أنه عبارة عن خواطر كتبها وهو في السجن، فإنك تقرأ لمفكر يُحلق في أوسع آفاق الحرية والكرامة الإنسانية، ومعاني الحب والعطف واستيعاب الآخرين ومخالطتهم والانفتاح عليهم والصبر على أذاهم.** "ظُلم سيّد بسبب قيام محسوبين على بعض الاتجاهات السلفية بتكفيره، بناء على نصوص اجتزؤوها من كتاباته. وفي المقابل، عانى سيد أيضا من اتهامه بأنه يُكفِّر المجتمعات المسلمة، واستخدم متهموه وخصوصا من باحثين وكتاب علمانيين ويساريين ومن خصوم للتيار الإسلامي، نصوصا مجتزأة لإثبات ذلك"
من ناحية سادسة، فقد . وفي المقابل، عانى سيد أيضا من اتهامه بأنه يُكفِّر المجتمعات المسلمة، واستخدم متهموه وخصوصا من باحثين وكتاب علمانيين ويساريين ومن خصوم للتيار الإسلامي، نصوصا مجتزأة لإثبات ذلك. ولأن هذا المقال لا يتسع لمناقشة كل الاتهامات، فإننا نضع أبرز النقاط التي يجدر بيانها في هذا السياق:
1- يجب ملاحظة التطور التاريخي لالتزام سيد الإسلامي وفكره الذي أخذ شكله الناضج في السنوات الأخيرة من عمره، ومن الخطأ محاسبة سيد عن مرحلة تاب عنها أو عن أفكار تراجع عنها. وكما قال أخوه محمد قطب في رسالة بعثها إلى عبد الرحمن الهرفي، فإن سيد أوصى بقراءة بعض كتبه فقط قبيل وفاته، ومنها "في ظلال القرآن" وخصوصا الأجزاء الاثنا عشر الأولى التي تمكن من تنقيحها، وكتاب "معالم في الطريق"، و"هذا الدين"، و"المستقبل لهذا الدين"، و"خصائص التصور الإسلامي"، و"مقومات التصور الإسلامي"، و"الإسلام ومشكلات الحضارة".. وهو ما ينبغي محاسبته عليه، وليس ما تراجع عنه.
2- . وقد أراد أن ينافح عن الإسلام عقيدة وسلوكا ومنهج حياة. ودفع حياته ثمنا لذلك؛ وقد وفقه الله في آلاف المواضع والشروح والمعاني الرائعة واللفتات القيِّمة.. ولربما خانه تعبيره في بعض العبارات والاسترسالات.. لكن كثيرا منها يوضحها كلامه في مواضع أخرى.
3- .. ووقف بعضهم في وجه من كفَّر سيّد، كما فعل العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد رئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي، وعضو هيئة كبار العلماء بالسعودية، في رده على ربيع المدخلي؛ حيث طلب منه عدم نشر اتهاماته لسيد لكثرة ما فيها من التجنِّي عليه، مؤكدا أن الواجب "الدعاء له بالمغفرة، والاستفادة من علمه..".
وفي الدراسة التي نال بها ماجد شبالة درجة الدكتوراه من جامعة صنعاء حول "منهج سيد قطب في العقيدة"، توصل إلى أن سيد قطب كان موافقا لما عليه أهل السنة والجماعة في الفهم، وأن سيد اهتم بالعقيدة وخصائصها، ونواقضها، وأنه نقض منهج مخالفي السلف الصالح من المتكلمين والفلاسفة والمتصوفة.. وأن كلامه المتوهم خطؤه، يقابله كلام واضح قاطع يوافق الفهم الصحيح كما في قضايا خلق القرآن ووحدة الوجود.. وغيرها.
4- إن سيّد قد بيَّن نواقض الإيمان التي يقررها الكتاب والسنة، مع اهتمامه الشديد بـ"شرك الحاكمية" المرتبط بنبذ شرع الله، وتبني أيديولوجيات وتشريعات مناقضة للدين وتعاليمه، باعتباره أبرز أنواع الكفر في هذا العصر. وبالرغم من قوة عبارات سيد وحدَّتها في بعض المواضع، فإن من درس كتابات سيّد من العلماء المنصفين، ومنهم العلامة الشيخ عمر الأشقر (وهو ما سمعه كاتب هذه السطور منه) يذكرون أن كتابات سيد لم تَحوِ نصا واحدا يُصرِّح فيه بتكفير المجتمعات والأفراد.. كما أن العدد الأكبر ممن خالط سيد من رفاقه ينفون عن سيد تهمة التكفير.*
وأخيرا، فقد باعتباره أحد أبرز رواد الفكر الإسلامي والإصلاح والتجديد في القرن العشرين.. رحمه الله.
وللمستزيد عن سيّد أن يطلع على الدراسات المرجعية المتميزة للدكتور صلاح الخالدي في هذا المجال.
-
سيد قطب - والمدخلية !
● السلفي المبتدئ.. كثير من الشباب هداهم الله؛ ما إن يبدؤون في إعفاء اللحى والدخول في حزب ما تسمى سلفية (السلف الصالح براء منهم) ومن دون علم ولا بحث. لغرض إبراز أنهم سلفية ليرضى عنهم كبارهم؛ تكون أول أقوالهم مثلا : سيء قطب ضال .. سيء قطب سبّ الصحابة ... سيء قطب قال بخلق القرآن ...إلخ من الاتهامات الظالمة التي طالت سيد قطب البريء من كل ما اتهموه به وهذا ما سنبيّنه.
(سيء يقصدون بها إسمه "سيد") ولكم أن تتخيلوا أن هؤلاء صغارهم فما أدراك كبارهم في مجال الطعن.
● إنَّ الطعن في سيد ليس بسبب أخطائه، فلكل إنسان أخطاء ولا يوجد أحد معصوم من الخطأ، ولكن الطعن فيه ليس بسبب أخطائه، بل الخوف من فكره لذي يدعو إلى تحرير البشر من عبادة البشر ليعبدوا الله الواحد الأحد من أن ينتشر في شباب وشابات الأمة الإسلامية. وما سنجيب عنه في هذا المقال هو ردود فيها: كشف وفضح كذب وتدليس المداخلة عن سيد قطب. وهذا ليس نصرة للرجل وإنصافه وحسب؛ بل لإظهار الحق وزهق الباطل. لأنّ سيد كان من أهل السنة ولم يكن من أهل الضلال كما ادعوا ذلك عنه.
● بداية؛ يعلم الجميع القاصي والداني والعالم وحتى الجاهل؛ أنَّ سيد قطب رحمه وظف قلمه لشريعة الله وجلّ كتاباته تدعو لحاكمية الله في أرضه، ولكم أن تتخيلوا أن كبيرهم الذي علمهم السحر - ربيع المدخلي- قد كذب عليه وقال أن سيد يقول أنه يجوز للبشر أن يشرعوا القوانين!؟ فهل هناك إفتراء أكثر من هذا؟ وهل هناك كذب أكثر من هذا؟ شبهة مفضوحة مثل هذه تفقده مصداقيته كاملا ولكن القوم الذي يتبع جهلة.
●ثانيا: شبهة سبّ الصحابة؛ سيد قطب رحمه الله تطاول فعلا على معاوية وعثمان بن عفان وعمرو بن العاص-رضي الله عنهم- وقد قلنا دائما أن ذلك كان في أيام جاهليته، حين كان يحمل أفكار اسلامية ممزوجة بالعلمانية. ولا ينصح بتلك الكتب أصلا، وقد تراجع عنها كلها، ومن الأدلة على ذلك قول أخيه محمد قطب في كتاب: من الميلاد إلى الاستشهاد ( قال سيد لي في آخر حياته أنا بريء من كل كلمةٍ خططتها بقلمي تُخالف شريعة الإسلام ومنهج أهل السنة...كما أنّي بريء من كلِّ فهمٍ خاطئ وتأويل خبيث ساذج لكلماتي الأدبية).
وأيضا حين تصدى للرد عليه الأستاذ "محمود شاكر "رحمه الله وبيّن سيد قطب عام 1952 في تعليقه على مقالة "لمحمود شاكر" أنه لا يقصد الطعن في الصحابة رضوان الله عليهم وإنما غايته الدفاع عن الإسلام مما نسب إليه في كتب التاريخ والسير ..
-وهنا نلاحظ أن سيد باحث عن الحق، ولم تأخذه العزة بالإثم أبدا، ولم يتعصب لأخطائه، فقد نقح كتبه وحذف منها ما انتقده عليه الأستاذ الأديب"محمود شاكر" وعدل كثيرا من العبارات. وكل هذا لا يخبرونكم عنه أبدا ولن تجدوه عند صاحب اللسان البذيء "رسلان" مثلا، ولا عند أتباعهم. ولن تجد أبدًا إنصفاه للصحابة في كتاب معالم في الطريق حين خصّص جزء كبير تحت عنوان: "جيل قرآني فريد" ومما جاء فيه: 《 هنالك ظاهرة تاريخية ينبغي أن يقف أمامها أصحاب الدعوة الإسلامية في كل أرض وفي كل زمان . وأن يقفوا أمامها طويلاً . ذلك أنها ذات أثر حاسم في منهج الدعوة واتجاهها .
لقد خرَّجت هذه الدعوة جيلاً من الناس - جيل الصحابة رضوان الله عليهم - جيلاً مميزًا في تاريخ الإسلام كله وفى تاريخ البشرية جميعه . ثم لم تعد تخرج هذا الطراز مرة أخرى .. نعم وُجد أفراد من ذلك الطراز على مدار التاريخ . ولكن لم يحدث قط أن تجمَّع مثل ذلك العدد الضخم ، في مكان واحد ، كما وقع في الفترة الأولى من حياة هذه الدعوة . هذه ظاهرة واضحة واقعة ، ذات مدلول ينبغي الوقوف أمامـه طويلاً ، لعلنا نهتدي إلى سرِّه.》
- إن النبش في ماضِ رجل تائب من الذنب عمل دنيء وحقير. لأن نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - علمنا أنّ التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
● شبهة خلق القرآن التي تم فيه فهم كلماته الأدبية وتأويلها بطريقة خبيثة، فردها موجود في كتاب سيد قطب: خصائص التصور الإسلامي ومقوماته. وهو افتراء باطل.
●شبهة تكفير المجتمعات: وصف سيد قطب المجتمع البعيد عن منهج لا إله إلا الله بالمجتمع الجاهلي ووصف كل تصور بعيد عن لا إله إلا الله بالجاهلية. ولفظ الجاهلية ذكره الله تعالى حين قال:{ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}. لذلك فالمصطلح ذكره الله تعالى ولم يأتي به سيد قطب من بنات أفكاره وخياله.
● أما النقطة الأخيرة التي يدلس بها المداخلة على العوام وهي إحضار أقول العلماء التي تذم سيد قطب للطعن في عقيدته نأخذ مثال: قول الألباني أن سيد قطب جاهل بالإسلام.. لكنهم لم ولن يخبروكم بأن تاريخ كلامه كان قديم قبل أن يكتب سيد قطب كتاب: في ظلال القرآن ومعالم في الطريق. ولن يخبروكم بثناء الألباني عنه حين قال في الرد على أحد الطاعنين فيه:
(ولما ألّف كان محض أديب، وليس بعالم، لكن الحقيقة أنه في السجن تطوّر كثيراً، وكتب بعض الكتابات كأنها بقلم سلفي ليست منه..لكن أنا أعتقد أن السجن يُربّي بعض النفوس، ويُوقض بعض الضمائر، فكتب كلمات، يعني يكفي عنوانه الذي يقول: [لا إله إلا الله، منهج حياة] لا إله إلا الله منهج حياة).
- وما هذا إلى قطرة من بحر الافتراءات الكاذبة التي طالته.
لا حول ولا قوة إلا بالله، كان سنيا يدعو لمنهج لا إله إلا الله. فأكلوا لحمه ميتا وكفروه.
---
وأنا سأكون صريحاً جداً – هنا – لأنّني أقدّس ديني ، وأحترم نفسي والأذكياء ، ولست في مقام التعامل ، بل في مقام التقييم وبيان الحق والحقيقة ؛ ليحيى مَن حيّ عن بيّنة ، ويهلك مَن يهلك عن بيّنة .
فالمجاملة وعدم البوح بالحقيقة – خشية عدم جرح مشاعر الغافل ، والساهي ، والتائه ، والشارد – قد ضرّ ويضرّ كثيراً ، وأدّى إلى تضليل كثير من الناس وخداعهم ، فضلاً عن السكوت كثيراً عن الجرح والطعن في الأئمة الكبار ، والتطاول على مقاماتهم الرفيعة !
فالله سبحانه وتعالى ، قد علّمنا – في مجال التقييم – بالصراحة التامّة ، وعدم المجاملة والمواربة .
فيقول سبحانه – على سبيل المثال – حول الكافرين – في مقام التقييم :
( قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ . لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ . وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ . وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ . وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ . لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) .
فأنتم – أيها الكافرون – لكم دينكم الخاص ، وديني لا يشبه دينكم ، فلا أنتم تعبدون الله ربّ العالمين ؛ الذي أنا أوحّده وأعبده ، ولا أنا أعبد الأهواء والأصنام والطواغيت التي تعبدونها .
فطريقكم غير طريقي ؛ فأنتم في وادٍ ، وأنا في واد !
قال سيّد قطب ، رحمه الله تعالى :
[ لكم دينكم ولي دين . . أنا هنا وأنتم هناك ، ولا معبر ولا جسر ولا طريق ! ! !
مفاصلة كاملة شاملة ، وتميز واضح دقيق . .
ولقد كانت هذه المفاصلة ضرورية لإيضاح معالم الإختلاف الجوهري الكامل ، الذي يستحيل معه اللقاء على شيء في منتصف الطريق . الإختلاف في جوهر الاعتقاد ، وأصل التصور ، وحقيقة المنهج ، وطبيعة الطريق .
إن التوحيد منهج ، والشرك منهج آخر . . ولا يلتقيان . . التوحيد منهج يتجه بالإنسان - مع الوجود كله - إلى الله وحده لا شريك له .
ويحدد الجهة التي يتلقى منها الإنسان عقيدته وشريعته ، وقيمه وموازينه ، وآدابه وأخلاقه ، وتصوراته كلها عن الحياة وعن الوجود .
هذه الجهة التي يتلقى المؤمن عنها هي الله ، الله وحده بلا شريك . ومن ثم تقوم الحياة كلها على هذا الأساس . غير متلبسة بالشرك في أية صورة من صوره الظاهرة والخفية . . وهي تسير . .
وهذه المفاصلة بهذا الوضوح ضرورية للداعية . وضرورية للمدعوين . .
إن تصورات الجاهلية تتلبس بتصورات الإيمان ، وبخاصة في الجماعات التي عرفت العقيدة من قبل ثم انحرفت عنها .
وهذه الجماعات هي أعصى الجماعات على الإيمان في صورته المجردة من الغبش والالتواء والانحراف .
أعصى من الجماعات التي لا تعرف العقيدة أصلا . ذلك أنها تظن بنفسها الهدى في الوقت الذي تتعقد انحرافاتها وتتلوى !
واختلاط عقائدها وأعمالها وخلط الصالح بالفاسد فيها ، قد يغري الداعية نفسه بالأمل في اجتذابها إذا أقر الجانب الصالح وحاول تعديل الجانب الفاسد . . وهذا الإغراء في منتهى الخطورة !
إن الجاهلية جاهلية ، والإسلام إسلام . والفارق بينهما بعيد .
والسبيل هو الخروج عن الجاهلية بجملتها إلى الإسلام بجملته . هو الانسلاخ من الجاهلية بكل ما فيها والهجرة إلى الإسلام بكل ما فيه .
وأول خطوة في الطريق هي تميز الداعية وشعوره بالانعزال التام عن الجاهلية : تصورا ومنهجا وعملا . الانعزال الذي لا يسمح بالالتقاء في منتصف الطريق .
والانفصال الذي يستحيل معه التعاون إلا إذا انتقل أهل الجاهلية من جاهليتهم بكليتهم إلى الإسلام .
لا ترقيع . ولا أنصاف حلول . ولا التقاء في منتصف الطريق . . مهما تزيت الجاهلية بزي الإسلام ، أو ادعت هذا العنوان !
وتميز هذه الصورة في شعور الداعية هو حجر الأساس . شعوره بأنه شيء آخر غير هؤلاء . لهم دينهم وله دينه ، لهم طريقهم وله طريقه .
لا يملك أن يسايرهم خطوة واحدة في طريقهم . ووظيفته أن يسيرهم في طريقه هو ، بلا مداهنة ولا نزول عن قليل من دينه أو كثير !
وإلا فهي البراءة الكاملة ، والمفاصلة التامة ، والحسم الصريح . . لكم دينكم ولي دين . . ] .
ويقول تعالى : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ) .
فإنّ الذين يؤلّهون عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، ويعتبرونه هو الله تعالى ، لا شك أنّهم كفروا بهذا الإعتقاد السقيم ، وهم ليسوا بمؤمنين ، وليس دينهم هو ديني !
ويقول عزّ وجلّ : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) .
فالنصارى الذين يعتبرون الله ثالث ثلاثة – تعالى الله عمّا يقولون علوّاً كبيرا – لا ريب أنّهم كفروا بهذا الإيمان القبيح ، ولئن لم يتركوا هذا المعتقد السخيف ، فسوف يعذّبهم الله تعالى ، عذاباً موجعاً !
لتكملة الموضوع ادخل هنا ..
https://fatawaeslam.blogspot.com/2020/05/blog-post_15.html
----
ينقل ربيع المدخلي كلام سيد رحمه الله في تفسير قوله تعالى (
#الرحمن_على_العرش_استوى) سورة طه آية رقم 5 يقول سيد قطب رحمه الله : (والاستواء على العرش كناية عن غاية السيطرة والاستعلاء) .
ثم يعلق ربيع عليه بقوله :《إنه معطل لعدد من الصفات ، كالاستواء ، والنزول ، واليد ، ولا يستبعد أنه يجري على هذا المنوال في كل الصفات 》..
ولا أدري من أين أتى ربيع بأن سيد رحمه الله يعطل صفة الاستواء ، ومن أين أتى المداخلة بأن قطب يقول بالاستيلاء أو أن الله في كل مكان (تعالى الله عما يصفه الظالمون علوا كبيرا !)..
نعم لا ننكر أن قول(قطب) : [كناية عن الاستعلاء و السيطرة ]مجانب للصواب ولكن لا يمكننا أن نحمله على قول متأخري الأشاعرة أو الجهمية ولا نتحمل عهدة ذلك خصوصا وأنه يثبت علو الله على ما يليق بجلاله العظيم في مواطن اخرى ..
يقول سيد قطب رحمه الله في تفسيره آية الكرسي : [وهو العلي العظيم
وهذه خاتمة الصفات
في الآية تقرر حقيقة ، وتوحي للنفس بهذه الحقيقة وتفرد الله سبحانه
#بالعلو وتفرده سبحانه بالعظمة فالتعبير على هذا النحو يتضمن معنى القصر والحصر فلم يقل وهو علي عظيم ليثبت الصفة مجرد إثبات ولكنه قال
العلي العظيم ليقصرها عليه سبحانه بلا شريك إنه المتفرد بالعلو المتفرد بالعظمة .] ..
وقال أيضا رحمه الله في تفسير سورة الإسراء آية " : 44 - 42 [وذكر العرش هنا يوحي
#بالارتفاع والتسامي على هذه الخلائق التي يدعون أنها آلـهـة "
مع الله . وهي تحت عرشه
وليست معه ....كل دابة على الأرض وكل سابحة في الماء والهواء ومعها سكان السماء كلها تسبح
الله وتتوجه إليه في علاه] انتهى مختصرا .
وقال أيضاا في الظلال سورة فاطر الآية العاشرة عند قوله تعالى (إليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه )
[ القول الطيب الذي
#يصعد إلى الله في علاه ..
والعمل الصالح الذي يرفعه الله إليه ويكرمه بهذا الارتفاع ومن ثم يكرم صاحبه ويمنحه العزة والاستعالاء] انتهى
فلو قرأت كلام الأشاعرة عند تفسيرهم لهذه الاية لرأيت العجب العجاب من تأويل و تحريف فهل يساوي كلام الأشاعرة أو الجهمية القائلين بالاستيلاء بكلام سيد قطب رحمه الله ؟! مالكم كيف تحكمون ..
هذا والله أعلم وصلى الله على نبيه وسلم
---
فى ذكرى استشهاد . سيد قطب..
هل تعرف ماهى التهمة التى أعدم بسببها الشهيد سيد قطب ...؟؟
انها تهمة ((لاإله إلا الله))
هل تعرف انه عندما بلغ الستون من عمره كان مصابا وكان برئه واحده وألقى القبض عليه ودخل السجن الحربى ولم يمض على خروجه الا سنتين اثنين !
هل تعرف كيف كان ينتقم منه الطاغيه
#جمال_عبدالناصر وهو مسجون : كان فى زنزانه انفراديه وكانت الزنزانه من غير باب ووضع على بابها بطانيه حتى يموت من شدة البرد وكان باب الزنزانه مجمع للقمامه!
هل تعرف ان سيد طلب من القاضى (الدجوى) ان يسقيه ورفض القاضى من على منصه القضاء ان يسقيه شربة ماء ,وطلب من القاضى ان يجلس قليلا فقال له القاضى (( مثلك يحرم عليه الجلوس)) وهو مريض بالذبحه وبرئه واحده وحكم عليه بالاعدام(القضاء المصرى الشامخ)هل تعرف ان عبدالناصر طلب منه ان يكتب كلمه واحده ليخفف عنه حكم الاعدام (( يكتب اننى كنت عميلا لأمريكا)) وينشر هذا الكلام فى الصحف وبتوقيع
#سيد_قطب !
هل تعلم ان عبدالناصر ارسل اليه اخته
#حميده_قطب والتى حكم عليها بـ 10 سنين بعد ما جلدت 10000 جلده وهى فى السجن..ودخلت حميده على اخيها (سيد) بعد ما عرضت عليه ما قاله الهالك على لسان قائد السجن فقال سيد لاخته التى حبست وعذبت :وهل انتى تقبلين منى ان اكذب والله لو كنت عميلا لامريكا لكتبت ذلك ولكنى عميلا لواحد فقط هو الواحد الاحد !!
ثم قال سيد لاخته : يا حميده إن هذه الساعه ساعة دعوة الله فيها أن يقبضنى إليه شهيدا أبعد ما استجاب الله دعائى أتراجع عن الله !!
هل تعلم ان حكام المسلمين ارادوا ان يتدخلوا لتخفيف الحكم على الشهيد لانه رجل يحمل راس كلها فكر فى شريعة الله ولكن رأى الزعيم الملهم ان ينفذ حكم الاعدام قبل الفجر اى قبل قدوم اى وفد ليشفع له !!ونام سيد قطب وقبل الفجر بساعه طرق باب زنزانته السجان (عقيد) وقال له: قم لأن هناك تسكينا جديدا فقم وخذ متاعك لان التسكين الجديد سأنظمه الأن ((والتسكين معناه التغيير فى الزنازين)) وكان رد الشيخ سيد: قال له نعم هناك تسكين ولكن ليس فى السجن الحربى انما هو تسكين فى جنة الفردوس !!
فقال له السجان: مالذى أعلمك بهذا ؟؟
قال له: لقد كنت مع الرسول منذ لحظة فى المنام وكان
#الرسول يركب فرس أبيض ونزل عن فرسه ومد يده فصافحنى وشد على يدى وقال لى: هنيأ لك الشهادة يا سيد .وذهب بالامام الى سجن الاستئاف واحيط السجن بالمدافع والدبابات والرشاشات ورجال الخياله والقنابل ولغمة اسطح البيوت المجاوره للسجن بالقناصه..
هل تعرف انه قيل لعبدالناصر ان القانون لايسمح بإعدام من عنده 60 سنة إذا كانت التهمة سياسيه قال إلا هذا. !!
وجئ بالسجان ليضع الحبال فى يديه وقدميه فقال سيد قطب للسجان دع عنك الحبال سأقيد نفسى , أتخشى أن أفر من جنات ربى ووقف على طبلية المشنقه ووضع الحبل فى عنقه وبيديه وهو يقول (( رب إنى مغلوب فانتصر)) وصعدت روحه الى بارئها.
رحمة الله عليه
"
https://fatawaeslam.blogspot.com/.../08/blog-post_68.html...
---
طلب الطغاة من حميدة قطب شقيقة الشهيد سيد قطب الصغرى التي قال عنها الشهيد بإذن الله في كتابه " الأطياف الأربعة"
“تلك الصبية الناشئة “حميدة” إنها موفورة الحس أبدًا، متفزِّعة من شبحٍ مجهول..”.
تقول السيدة حميدة في كتاب زينب الغزالي ايام من حياتي رحمهما الله في صفحة 212-213 ما نصه.. :
في ليلة تنفيذ الحكم بالإعدام تقول حميدةَ قطب شقيقة سيد قطب :
استدعاني حمزة البسيوني إلى مكتبه واراني حكم الإعدام والتصديق عليه ثم قال لي إن الحكومة مستعدة أن تخفف هذا الحكم إذا كان شقيقي يجيبهم إلى ما يطلبونه !!
ثم أردف قائلا إن شقيقك خسارة لمصر كلها وليس لك وحدك !!
إننا نريد أن ننقذه من الإعدام بأي شكل وبأي وسيلة
إن بضع كلمات يقولها ستخلصه من حكم الإعدام ولا أحد يستطيع أن يؤثّر عليه إلا أنت . أنت وحدك مكلفة بأن تقولي له هذا !
نريد أن يقول إن هذه الحركة كانت على صلة بجهة ما.. وبعد ذلك تنتهي القضية بالنسبة لك. أما هو فسيفرج عنه بعفو صحي.!
قلت له ولكنك تعلم كما يعلم عبدالناصر أن هذه الحركة ليست على صلة بأي جهة من الجهات . قال حمزة البسيوني ׃
((أنا عارف وكلنا عارفون أنكم الجهة الوحيدة في مصر التي تعمل من اجل العقيدة، نحن عارفون أنكم احسن ناس في البلد ، ولكننا نريد أن نخلص سيد قطب من الإعدام ))
فقلت له إذا كان سيادتك عاوز تبلغه هذا فلا مانع.
وذهبت إلى سيد شقيقي وسلمت عليه وبلغته ما يريدون منه فنظر إلي ليرى اثر ذلك على وجهي وكأنه يقول׃
أأنت التي تطلبين أم هم ؟
واستطعت أن افهمه بالإشارة انهم هم الذين يقولون ذلك .
وهنا نظر إلي وقال ׃ والله لو كان هذا الكلام صحيحا لقلته ولما استطاعت قوة على وجه الأرض أن تمنعني من قوله. ولكنه لم يحدث وأنا لا أقول كذبا أبدا.
وأفهمت أخي بالحكاية من أولها وقلت له إن حمزة استدعاني واراني تنفيذ حكم الإعدام وطلب مني أن اطلب منك هذا الطلب.
سأل ׃ وهل ترضين ذلك ؟ قلت لا . قال انهم لا يستطيعون لأنفسهم ضررا ولا نفعا
إن الأعمار بيد الله وهم لا يستطيعون التحكم في حياتي ولا يستطيعون إطالة الأعمار ولا تقصيرها.. كل ذلك بيد الله والله من ورائهم محيط .
و تم تنفيذ حكم الإعدام بعد أن منع الصحفيون من دخول السجن وطلب منهم مغادرة المنطقة...فلم يوثق الحدث بصورة و لم يكن هناك شهود الحدث ليرووا ما جرى إلا محمد يوسف هواش وعبد الفتاح إسماعيل وقد أعدم كليهما عقب إعدام سيد قطب...!!!
---------
وتم تنفيذ الحكم الآثم فجر الاثنين الموافق 29 أغسطس 1966م...!!
=======
المراجع :
كتاب ايام من حياتي زينب الغزالي صفحة 212-213.
الاخوان ويكي الموسوعة الإخوانية.
---
#سلسلة_شبهات_المداخلة#الشبهة_الرابعة#شبهة_طعن_سيد_قطب_بعثمانرضي الله عنهيكثر ربيع و مريديه من ترديد مقولة ( أن سيدا #يسقط خلافة عثمان و يطعن به )فمثلا ينقل ربيع رد السيد رحمه الله على البيومي ثم يضع نقطة عند عدم ذكره لعثمان فيعلق عليها لماذا أسقطت خلافة عثمان ؟ فإذا تأملت سياق كلامه تجده يتكلم عن مسألة المال و سياسة الحكم لا شخص عثمان رضي الله عنه راجع مقدمة كتاب مطاعن سيد قطب في الصحابة لربيع المدخلي( وهذا الانتقاد خطأ نرده ولكن يقيننا أنه رجع عنه )فأسألكم الله هل هذا كلام رجل يسقط خلافة عثمان كما يزعم ربيع ؟قال سيد رحمه الله في كتابه معالم في الطريق ص 73 , :( ترى لو كان أبو بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - قد أمنوا عدوان الروم والفرس على الجزيرة أكانوا يقعدون إذن عن دفع المد الإسلامي إلى أطراف الأرض ؟ ) اه فهل نقول أن سيدًا أسقط خلافة علي لأنه لم يذكره ؟ثم ينقلون لك نقولًا من كتبه القديمة كالعدالة وكتب وشخصيات و يتركون الظلال الذي كتبه في آخر حياته و الذي سطر فيه أروع الكلمات في الثناء على عثمان و إليك ما سطره في حق عثمان رضي الله عنهقال سيد، رحمه الله، في كتابه في ظلال القرآن (7/ 63، بترقيم الشاملة آليا): " ويحدد الزمخشري في تفسيره « الكشاف » شخصه، أنه عثمان بن عفان، رضي الله عنه، ويذكر في ذلك قصة، لا يستند فيها إلى شيء، ولا يقبلها من يعرف عثمان، رضي الله عنه، وطبيعته وبذله الكثير الطويل في سبيل الله بلا توقف وبلا حساب كذلك".وقال :ثم إن رسول اللّه – صلى الله عليه وسلم – جد في سفره وأمر الناس بالجهاز والإسراع .وحض أهل الغنى على النفقة وحمل المجاهدين الذين لا يجدون ما يركبون ؛ فحمل رجال من أهل الغنى محتسبين عند اللّه .وكان في مقدمة المنفقين المحتسبين ، عثمان بن عفان – رضي اللّه عنه – فأنفق نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها . .قال ابن هشام:فحدثني من أثق به أن عثمان أنفق في جيش العسرة في غزوة تبوك ألف دينار ، فقال رسول اللّه – صلى الله عليه وسلم:-"اللهم ارض عن عثمان فإني عنه راض".( الظلال 1723 )ثم تابع اليهود كيدهم للإسلام وأهله منذ ذلك التاريخ . . كانوا عناصر أساسية في إثارة الفتنة الكبرى التي قتل فيها” الخليفة الراشد عثمان بن عفان ” –رضي اللّه عنه– وانتثر بعدها شمل التجمع الإسلامي إلى حد كبير .وكانوا رأس الفتنة فيما وقع بعد ذلك بين علي – رضي اللّه عنه – ومعاوية . . وقادوا حملة الوضع في الحديث والسيرة وروايات التفسير . .وكانوا من الممهدين لحملة التتار على بغداد وتقويض الخلافة الإسلامية . .(الظلال 1628)هذا وبالله التوفيق.
----
----
يكثر ربيع و مريديه من ترديد مقولة ( أن سيدا
#يسقط خلافة عثمان و يطعن به )
فمثلا ينقل ربيع رد قطب رحمه الله على البيومي ثم يضع نقطة عند عدم ذكره لعثمان فيعلق عليها لماذا أسقطت خلافة عثمان ؟ فإذا تأملت سياق كلامه تجده يتكلم عن مسألة المال و سياسة الحكم لا شخص عثمان رضي الله عنه ( راجع مقدمة كتاب مطاعن سيد قطب في الصحابة للمجرم ربيع المدخلي )
( وهذا الانتقاد من قطب رحمه الله خطأ نرده ولكن يقيننا أنه رجع عنه )
وسنعرض لكم كلام قطب ثم أسألكم الله
هل هذا كلام رجل يسقط خلافة عثمان كما يزعم
#المجرم_ربيع ؟
يقول سيد رحمه الله في كتابه معالم في الطريق ص 73 , :
( ترى لو كان أبو بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - قد أمنوا عدوان الروم والفرس على الجزيرة أكانوا يقعدون إذن عن دفع المد الإسلامي إلى أطراف الأرض ؟ ) اه فهل نقول أن سيدا أسقط خلافة علي لأنه لم يذكره ؟
ثم ينقلون لك نقولا من كتبه القديمة (كالعدالة الإجتماعية) (وكتب وشخصيات) و يتركون (الظلال) الذي كتبه في آخر حياته و الذي سطر فيه أروع الكلمات في
#الثناء_على_عثمان و إليك ما سطره في حق عثمان رضي الله عنه ..
قال سيد، رحمه الله، في كتابه في ظلال القرآن ( 7/ 63، بترقيم الشاملة آليا ):
" ويحدد الزمخشري في تفسيره « الكشاف » شخصه، أنه عثمان بن عفان، رضي الله عنه، ويذكر في ذلك قصة، لا يستند فيها إلى شيء، ولا يقبلها من يعرف عثمان، رضي الله عنه، وطبيعته وبذله الكثير الطويل في سبيل الله بلا توقف وبلا حساب كذلك".
وقال أيضا : 《ثم إن رسول اللّه – صلى الله عليه وسلم – جد في سفره وأمر الناس بالجهاز والإسراع .
وحض أهل الغنى على النفقة وحمل المجاهدين الذين لا يجدون ما يركبون ؛ فحمل رجال من أهل الغنى محتسبين عند اللّه .
وكان في مقدمة المنفقين المحتسبين ،
#عثمان بن عفان – رضي اللّه عنه – فأنفق نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها . .
قال ابن هشام: فحدثني من أثق به أن عثمان أنفق في جيش العسرة في غزوة تبوك ألف دينار ، فقال رسول اللّه – صلى الله عليه وسلم -:
( الظلال 1723 )
ثم تابع كلامه رحمه الله :
《 اليهود كيدهم للإسلام وأهله منذ ذلك التاريخ . . كانوا عناصر أساسية في إثارة الفتنة الكبرى التي قتل فيها
” الخليفة الراشد عثمان بن عفان ” – رضي اللّه عنه – وانتثر بعدها شمل التجمع الإسلامي إلى حد كبير .
وكانوا رأس الفتنة فيما وقع بعد ذلك بين علي – رضي اللّه عنه – ومعاوية . . وقادوا حملة الوضع في الحديث والسيرة وروايات التفسير . .
وكانوا من الممهدين لحملة التتار على بغداد وتقويض الخلافة الإسلامية . .》
----
سيد قطب أعظم من أن يطعن فيه القس السفيه المدخلي ...المدخلي طرطور ليس إلا فبعد ان امتدح سيد قطب في كتابه منهح الانبياء عاد وحذف كلامه في الطبعات اللاحقة لأن اسياده ومستخدميه طلبوا منه ذلك
بينما أنصفه بكر ابو زيد وهو شيخ وهابي شغل مناصب عدة في المملكة في خطابه للقس المدخلي الذي سماه الخطاب الذهبي
---
هذا كلام سيد قطب رحمه الله الصريح في كتابه القيم معالم علي الطريق يثني فيه علي كل الصحابة بما لا مزيد عليه
بعنوان(( جيل قرأني فريد ))
هنالك ظاهرة تاريخية ينبغي أن يقف أمامها أصحاب الدعوة الإسلامية في كل أرض وفي كل زمان. وأن يقفوا أمامها طويلاً. ذلك أنها ذات أثر حاسم في منهج الدعوة واتجاهها.
لقد خرَّجت هذه الدعوة جيلا من الناس -جيل الصحابة رضوان الله عليهم- جيلاً مميزًا في تاريخ الإسلام كله وفى تاريخ البشرية جميعه. ثم لم تعد تخرج هذا الطراز مرة أخرى. نعم وُجد أفراد من ذلك الطراز على مدار التاريخ. ولكن لم يحدث قط أن تجمَّع مثل ذلك العدد الضخم، في مكان واحد، كما وقع في الفترة الأولى من حياة هذه الدعوة.
هذه ظاهرة واضحة واقعة، ذات مدلول ينبغي الوقوف أمامه، طويلاً لعلنا نهتدي إلى سرِّه.
إن قرآن هذه الدعوة بين أيدينا، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه العملي، وسيرته الكريمة، كلها بين أبدينا كذلك، كما كانت بين أيدي ذلك الجبل الأول، الذي لم يتكرر في التاريخ.. ولم يغب إلا شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فهل هذا هو السر؟
لو كان وجود شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم حتميًّا لقيام هذه الدعوة، وإيتائها ثمراتها، ما جعلها الله دعوة للناس كافة، وما جعلها آخر رسالة، وما وكّل إليها أمر الناس في هذه الأرض، إلى آخر الزمان.
ولكن الله سبحانه تكفل بحفظ الذكر، وعلم أن هذه الدعوة يمكن أن تقوم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبمكن أن تؤتي ثمارها. فاختاره إلى جواره بعد ثلاثة وعشرين عامًا من الرسالة، وأبقى هذا الذين من بعده إلى آخر الزمان.. وإذن فإن غيبة شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفسر تلك الظاهرة ولا تعللها.
فلنبحث إذن وراء سبب آخر. لننظر في النبع الذي كان يستقي منه هذا الجيل الأول، فلعل شيئا قد تغير فيه. ولننظر في المنهج الذي تخرجوا عليه، فلعل شيئا قد تغير فيه كذلك.
كان النبع الأول الذي استقى منه ذلك الجيل هو القرآن. القرآن وحده. فما كان حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه إلا أثرًا من آثار ذلك النبع. فعندما سُئلت عائشة رضي الله عنها عن خُلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: «كان خُلقه القرآن» [أخرجه النسائي].
كان القرآن وحده إذن هو النبع الذي يستقون منه، ويتكيفون به، ويتخرجون عليه، ولم يكن ذلك كذلك لأنه لم يكن للبشرية يومها حضارة، ولا ثقافة، ولا علم، ولا مؤلفات، ولا دراسات.. كلا! فقد كانت هناك حضارة الرومان وثقافتها وكتبها وقانونها الذي ما تزال أوروبا تعيش عليه، أو على امتداده. وكانت هناك مخلفات الحضارة الإغريقية ومنطقها وفلسفتها وفنها، وهوما يزال ينبوع التفكير الغربي حتى اليوم. وكانت هناك حضارة الفرس وفنها وشعرها وأساطيرها وعقائدها ونظم حكمها كذلك. وحضارات أخرى قاصية ودانية: حضارة الهند وحضارة الصين إلخ. وكانت الحضارتان الرومانية والفارسية تحفان بالجزيرة العربية من شمالها ومن جنوبها، كما كانت اليهودية والنصرانية تعيشان في قلب الجزيرة.. فلم يكن إذن عن فقر في الحضارات العالمية والثقافات العالمية يقصر ذلك الجيل على كتاب الله وحده.. في فترة تكونه.. وإنما كان ذلك عن «تصميم» مرسوم، ونهج مقصود. يدل على هذا القصد غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى في يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيفة من التوراة. وقوله: «إنه والله لو كان موسى حيًّا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني» [رواه الحافظ أبو يعلى].
وإذن فقد كان هناك قصد من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقصر النبع الذي يستقي منه ذلك الجيل.. في فترة التكون الأولى.. على كتاب الله وحده، لتخلص نفوسهم له وحده. ويستقيم عودهم على منهجه وحده. ومن ثم غضب أن رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستقي من نبع آخر.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد صنع جيل خالص القلب. خالص العقل. خالص التصور. خالص الشعور. خالص التكوين من أي مؤثر آخر غير المنهج الإلهي، الذي يتضمنه القرآن الكريم.
ذلك الجيل استقى إذن من ذلك النبع وحده. فكان له في التاريخ ذلك الشأن الفريد.. ثم ما الذي حدث، اختلطت الينابيع.! صبت في النبع الذي استقت منه الأجيال التالية فلسفة الإغريق ومنطقهم، وأساطير الفرس وتصوراتهم. وإسرائيليات اليهود ولاهوت النصارى، وغير ذلك من رواسب الحضارات والثقافات. واختلط هذا كله بتفسير القرآن الكريم، وعلم الكلام، كما اختلط بالفقه والأصول أيضًا. وتخرج على ذلك النبع المشوب سائر الأجيال بعد ذلك الجيل، فلم يتكرر ذلك الجيل أبدًا.
وما من شك أن اختلاط النبع الأول كان عاملاً أساسيا من عوامل ذلك الاختلاف البيِّن بين الأجيال كلها وذلك الجيل المميز الفريد.
هناك عامل أساسي آخر غير اختلاف طبيعة النبع. ذلك هواختلاف منهج التلقي عما كان عليه في ذلك الجيل الفريد..
إنهم -في الجيل الأول- لم يكونوا يقرؤون القرآن بقصد الثقافة والاطلاع، ولا بقصد التشوق والمتاع. لم يكن أحدهم يتلقى القرآن ليستكثر به من زاد الثقافة لمجرد الثقافة، ولا ليضيف إلى حصيلته من القضايا العلمية والفقهية محصولاً يملأ به جعبته. إنما كان يتلقى القرآن ليتلقى أمر الله في خاصة شأنه وشأن الجماعة التي يعيش فيها، وشأن الحياة التي يحياها هو وجماعته، يتلقى ذلك الأمر ليعمل به فور سماعه، كما يتلقى الجندي في الميدان (الأمر اليومي) ليعمل به فور تلقيه! ومن ثم لم يكن أحدهم ليستكثر منه في الجلسة الواحدة، لأنه كان يحس أنه إنما يستكثر من واجبات وتكاليف يجعلها على عاتقه، فكان يكتفي بعشر آيات حتى يحفظها ويعمل بها كما جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
هذا الشعور.. شعور التلقي للتنفيذ.. كان يفتح لهم من القرآن آفاقًا من المتاع وآفاقًا من المعرفة، لم تكن لتفتح عليهم لو أنهم قصدوا إليه بشعور البحث والدراسة والاطلاع، وكان ييسر لهم العمل، ويخفف عنهم ثقل التكاليف، ويخلط القرآن بذواتهم، ويحوله في نفوسهم وفي حياتهم إلى منهج واقعي، وإلى ثقافة متحركة لا تبقى داخل الأذهان ولا في بطون الصحائف، إنّما تتحول آثارًا وأحداثًا تحوِّل خط سير الحياة.
إن هذا القرآن لا يمنح كنوزه إلا لمن بُقبل عليه بهذه الروح: روح المعرفة المنشئة للعمل. إنه لم يجئ ليكون كتاب متاع عقلي، ولا كتاب أدب وفن. ولا كتاب قصة وتاريخ -وإن كان هذا كله من محتوياته- إنما جاء ليكون منهاج حياة. منهاجًا إلهيًّا خالصًا. وكان الله سبحانه يأخذهم بهذا المنهج مفرقًا. يتلو بعضه بعضًا: «وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً» [الإسراء: 106]
لم ينزل هذا القرآن جملة، إنما نزل وفق الحاجات المتجددة، ووفق النمو المطَّرِد في الأفكار والتصورات، والنمو المُطَّرِد في المجتمع والحياة، ووفق المشكلات العملية التي تواجهها الجماعة المسلمة في حياتها الواقعية، وكانت الآية أو الآيات تنزل في الحالة الخاصة والحادثة المعينة تحدث الناس عما في نفوسهم، وتصور لهم ما هم فيه من الأمر، وترسم لهم منهج العمل في الموقف، وتصحح لهم أخطاء الشعور والسلوك، وتربطهم في هذا كله بالله ربهم، وتعرِّفُه لهم بصفاته المؤثرة في الكون، فيحسون حينئذ أنهم يعيشون مع الملأ الأعلى، تحت عين الله، في رحاب القدرة. ومن ثم يتكيفون في واقع حياتهم، وفق ذلك المنهج الإلهي القويم.
----
((( المراحل الثلاث لسيد قطب - رحمه الله - !! )))
..
---
هناك ( ثلاثة مراحل ) مرَّ بها ( سيد قطب رحمه الله ) في حياته العلمية :
( المرحلة الأولى ) : مرحلة ما قبل الالتزام حيث كان متأثراً– كأي طالب علم بأفكار أساتذته؛ مثل طه حسين، وأستاذه عباس محمود العقاد، فهذه المرحلة امتدت إلى سنة (1945) قبل الالتزام بالدعوة والعمل الإسلامي، تقلَّب منها الشهيد [ بإذن الله ] رحمه الله بين حزب الوفد، والسعديين، ومناصرة العقاد وأدبه وفكره؛ وفي هذه المرحلة كتب الشهيد عدة مقالات وأبحاث، يؤخذ عليه كثير مما كتب فيها .
وهذه المرحلة كان الشهيد نفسه يسميها بمرحلة الضياع، فكانت منه بعض الكلمات في حق الصحابيين الجليلين معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص رضي الله عنهما.
( المرحلة الثانية ) : وهي مرحلة التحول إلى العمل الإسلامي، فألف فيها كتابه الأول العدالة الاجتماعية، وذلك سنة (1948)، وفيه: يشعر القارئ أن الشهيد سيداً رحمه الله لا يزال متأثراً قليلاً بأفكار أستاذه العقاد وطه حسين، فصدرت منه كلمات في حق الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وفي هذه المرحلة تصدي للرد على سيدٍ رحمه الله الأستاذ محمود شاكر.
وبيّن سيد رحمه الله في رده على مقالة الأستاذ محمود أنه لا يقصد الطعن في الصحابة رضي الله عنهم، وإنما يريد الدفاع عن الإسلام مما نسب إليه في كتب التاريخ والسير.
( المرحلة الثالثة ) : مرحلة النضج الفكري، الذي انبثق منه الجهاد والبلاء. وهد المرحلة تعتبر الحاكمة على عقل وفكر ونتاج الشهيد رحمه الله وهي الناسخة لحياته السابقة، والتي بدأت أوائل الخمسينات وانتهت به شهيداً على مقصلة الظلم والعدوان. وهذه المرحلة الناسخة، صدر عن الشهيد رحمه الله كتب رائعة منقحة معدَّلة منها:
العدالة الاجتماعية، وهي الطبعة السادسة التي أصدرتها "دار إحياء الكتب العربية"، عام (١٩٦٤)، حذف- رحمه الله- منها ما انتقده عليه الأستاذ محمود شاكر، وعدَّل كثيراً من العبارات، وأضاف أموراً أخرى، اتجهت به إلى موقف عدل من الصحابة رضوان الله عنهم كما في الظلال .
أنقل منها: في سورة النساء الآية (153) قال رحمه الله:
ثم تابع اليهود كيدهم للإسلام وأهله منذ ذلك الزمن، كانوا عناصر أساسية في إثارة الفتنة الكبرى التي قُتل فيها الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، ....
وقال في سورة التوبة الآية (111): ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جد في سفره، وأمر الناس بالجهاز والإسراع، وحض أهل الغنى على النفقة، وحمل المجاهدين الذين لا يجدون ما يركبون، فحمل رجال من أهل الغنى محتسبين عند الله، وكان في مقدمة المنفقين المحتسبين عثمان بن عفان رضي الله عنه، فأنفق نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها.
ثم يدافع الشهيد رحمه الله عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، دفاع العارف لمقامهم، وعلو شأنهم، وبذلهم الخير، فيقول في تفسير قوله تعالى:( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى ) [النجم:33-34] الذي يعجب الله من أمره الغريب، تذكر بعض الروايات أنه فرد معيَّن مقصود، وأنفق قليلاً في سبيل الله، ثم انقطع عن البذل خوفاً من الفقر، ويحدد الزمخشري في تفسيره "الكشاف" شخصه، أنه عثمان بن عفان رضي الله عنه، ويذكر في ذلك قصة؛ لا يسند فيها إلى شيء، ولا يقبلها من يعرف عثمان رضي الله عنه وطبيعته وبذله الكثير الطويل في سبيل الله بلا توقف وبلا حساب كذلك، وعقيدته وتصوره لتبعة العمل وفرديته.
وفي كتابه " هذا الدين" أثنى ثناءً طيباً على معاوية رضي الله عنه، وعمرو بن العاص، وأبي سفيان رضي الله عنهم أجمعين، مما يدلك على أن المرحلة الثالثة هي التي يجب أن يصار إليها في حياة الشهيد الحي بإذن الله.
وأما قول قائلهم : إن ( سيداً ) ينتقص الصحابة، هو خبر منسوخ، إن كان هناك في الأصل التنقيص المزعوم!!
وقال رحمه الله في كتابه "معالم في الطريق ص14" حيث وصف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم (جيلٌ قرآني فريد) فقال:
لقد خرَّجت هذه الدعوة جيلاً من الناس- جيل الصحابة رضوان الله عليهم- جيلاً مميزاً في تاريخ الإسلام كلّه، وفي تاريخ البشرية جميعه، ثم لم تعد تخرج هذا الطراز مرة أخرى.
----
الرد على فرية سب سيد قطب للصحابة ..
رد شبهة المداخلة بسب الشيخ سيد رحمه الله لبعض الصحابة رضوان الله عليهم و سيدنا موسى عليه السلام:
أولا: الشيخ رحمه الله, كتب ما كتبه قبل نضجه و في بداية توجهه الإسلامي أو في جاهليته.
ثانيا: الشيخ رحمه الله حذف الكثير من العبارات التي آخذها عليه "محمود شاكر" في الطبعة السادسة مثل قوله أن خلافة عثمان كانت فجوة (و كان يقصد بها في سياسة المال و إلا فقد سماه الخليفة الراشد في غير ما موضع). و مع ذلك فشيخكم الكذاب كان ينقل من الطبعة الخامسة و يتجاهل تعديلات الطبعة السادسة.
ثالثا: الشيخ رحمه الله
لم يعد يعتمد تلك الكتب بشهادة المستشار العقيل سنة 1972 (أي قبل ما أثير حول كتب الشيخ سيد, و في وقت كان الإقبال على كتب الشيخ على أشده, فلا يأتي قائل ليقول أنه كذب لتبرئة الشيخ) وبشهادة شقيقه.
رابعا: لشيخكم ربيع المدخلي كلام في الصحابة و في سيدنا سليمان عليه السلام و في جبريل عليه السلام
بل و في حق سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ظاهره الإساءة.
خامسا: هذا كلام للإمام ابن تيمية, قال الشيخ سيد قطب رحمه الله نحوه فاتهمتموه بالإساءة إلى الصحابي الجليل و الخليفة عثمان رضي الله عنه:
وأما عثمان فإنه بنى على أمر قد استقر قلبه بسكينة وحلم ، وهدى ورحمة وكرم ولم يكن فيه قوة عمر ولا سياسته ، ولا فيه كمال عدله وزهده ، فطمع فيه بعض الطمع ، وتوسعوا في الدنيا ، وأدخل من أقاربه في الولاية والمال ، ودخلت بسبب أقاربه في الولايات والأموال أمور أنكرت عليه ، فتولد من رغبة بعض الناس في الدنيا ،وضعف خوفهم من الله ومنه ، ومن ضعفه هو ، وما حصل من أقاربه في الولاية والمال ما أوجب الفتنة ، حتى قتل مظلوماً شهيداً.
فهل كان الإمام ابن تيمية سابا للصحابة؟؟
و هذا كلام للإمام الذهبي في الصحابي الجليل "معاوية" رضي الله عنه:
ومعاوية من خيار الملوك الذين غلب عدلهم على ظلمهم،
وما هو ببريء من الهَنَات، والله يعفو عنه
فهل قصد الإساءة لسيدنا معاوية رضي الله عنه؟
و هذا كلام للإمام السيوطي في كتابه "الخلفاء" عن سيدنا معاوية (و مثل هذه الكتابات التي اعتمد عليها الشيخ سيد رحمه الله, و على أساسها بنى ظنه في سيدنا معاوية رضي الله عنه, و قد فاته حينها أنها ليست صحيحة!!):
وذكر ابن عبد البر في ( الاستيعاب ) : " وقال قتادة وأبو بكر ابن حفص : سم الحسن بن علي (رضي الله عنه) ، سمته امرأته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي ، وقالت طائفة : كان ذلك بتدسيس معاوية إليها وما بذل لها في ذلك ، والله أعلم " (2) .
و الشيخ رحمه الله, اعتمد على أمثال هذه الروايات المعلولة التي دسها الروافض, و التي لم يعلق عليها من أوردها مثل الإمام السيوطي.
رحم الله الشيخ "سيد قطب", و غفر الله له ما كان من وقوعه في بعض الصحابة, مما نحسبه تاب منه, كما ذكرتُ آنفا!
سادسا: تذكرون أنه أساء إلى نبي الله موسى, و هذا من الفجور في الخصومة, حيث اعتمدتم على كلام قديم له,
قبل توجهه الإسلامي, تناول فيه القرآن بطريقة أدبية و فيه ألفاظ قد يُفهم منها الإساءة لسيدنا موسى عليه السلام حين أخذه كنموذج للزعيم العصبي. و كلام الشيخ "سيد قطب" رحمه الله غير مقبول و لكن عذره أنه تراجع عن تلك الكتب.
كما أن الإمام ابن حجر رحمه الله كتب أيضا يصف سيدنا موسى بأنه يغلب على طبعه الغضب, فهل قصد رحمه الله الإساءة إلى سيدنا موسى؟
"و فيه أنه يُغتفر للشخص في بعض الأحوال ما لا يُغتفر في بعض, كحالة الغضب و خصوصا ممن طبع على حدة الخلق و شدة الغضب, فإن موسى عليه السلام
لما غلبت عليه حالة الإنكار في المناظرة خاطب والده باسمه مجردا و خاطبه بأشياء لم يكن ليُخاطبه بها في تلك الأحوال"
فلماذا تلتمسون الأعذار لهؤلاء الأئمة (و هم أهل لذلك) و تحملون كلامهم على أحسن المحامل, و لا تفعلون ذلك مع رجل شهد الله العديد من الناس أنه تراجع عن تلك الكتب (انظروا مثلا شهادة من سُجن معه كالأستاذ "أحمد عبد المجيد")!
و لكن كما قيل:
إذا أراد الله نشر فضيلة طويت .. أتاح لها لسان حسود
شهادة المستشار عبد الله العقيل عام 1972 بعدم اعتماد الشيخ "سيد قطب" إلا لستة كتب, و لو أن هذه الشهادة جاءت بعد الهجوم على الشيخ سيد رحمه الله, لقيل شهادة كاذبة قُصد بها تلميع الشيخ سيد, فكيف و قد جاءت هذه الشهادة في وقت كان الناس مقبلين على كتب الشيخ سيد قطب بلهفة و التي تزامنت مع فترة الصحوة الإسلامية و لم يكن وقتها أحد يثير هذه القضية بل كانت هناك هالة من القداسة حول كتاب الشيخ "سيد قطب" (معالم في الطريق), بسبب استماتته في مدافعة الباطل, فتكلم المستشار العقيل في تلك الفترة ليبين للناس الكتب التي اعتمدها الشيخ سيد قبل وفاته:
قال المستشار عبد الله العقيل في مجلة "المجتمع" سنة 1972: "إن سيد قد بعث لإخوانه في مصر والعالم العربي أنه لا يعتمد سوى ستة مؤلفات له وهي: هذا الدين، المستقبل لهذا الدين، الإسلام ومشكلات الحضارة، خصائص التصور الإسلامي، في ظلال القرآن، ومعالم في الطريق".
و هذه شهادة شقيقه "محمد قطب" بتراجع الشيخ رحمه الله عن تلك الكتب و وصيته بعدم قرائتها:
" الأخ الفاضل عبد الرحمن بن محمد الهرفي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سألتني عن كتاب " العدالة الاجتماعية " فأخبرك أن هذا أول كتاب ألفه بعد أن كانت اهتماماته في السابق متجهة إلى الأدب والنقد الأدبي وهذا الكتاب لا يمثل فكره بعد أن نضج تفكيره وصار بحول الله أرسخ قدماً في الإسلام . وهو لم يوصِ بقراءته إنما الكتب التي أوصى بقراءتها قبيل وفاته هي الظلال ( وبصفة خاصة الأجزاء الإثنا عشرة الأولى المعادة المنقحة وهي آخر ما كتب من الظلال على وجه التقريب وحرص على أن يودعها فكره كله ) معالم في الطريق ( ومعظمه مأخوذ من الظلال مع إضافة فصول جديدة ) و"هذا الدين" "والمستقبل" "لهذا الدين" ، "خصائص التصور الإسلامي" ، ومقومات التصور الإسلامي ( وهو الكتاب الذي نشر بعد وفاته ) "والإسلام ومشكلات الحضارة" ،
أما الكتب التي أوصى بعدم قراءتها فهي كل ما كتبه قبل الظلال ، ومن بينها " العدالة الاجتماعية ".
الشيخ الألباني رحمه الله يفضح كذب الدكتور رسلان و افترائه على الشيخ "سيد قطب" رحمه الله
يقول الدكتور رسلان في "قذائف الباطل" (التي سماها زورا "قذائف الحق"):
ثالثا : هل يمكن أحد أن يقول إن سيدا كتب الظلال قبل أن ينضج ؟! قبل أن يستوي على سوقه؟!
وإذا فقد كتب سيد ستة عشر جزءً في الفترة الواقعة بين أكتوبر 1952م وأول يناير سنة 1954م
وعليه فسنة 1954م كان في قمة نضجه والإهداء الذي كتبه مفتتح كتابه العدالة الاجتماعية أرخه هو بمارس 1954م وهو في قمة نضجه
سبحان الله يستميت ليُظهر للناس أنه بما أن الشيخ سيد رحمه الله, قد كتب 16 جزءا إلى حدود 1954 فهو قد كان في قمة نضجه و قد فاته أن الشيخ سيد بعد أن انتهى من كتاب الظلال (أي بعد أن أكمل 30 جزءا و ليس فقط ّ16 جزء), أعاد تنقيحها منذ البداية لما ظهر له فيها من تقصير و لما رزقه الله من إنارة في البصيرة جعلته يعيد التنقيح و تم إعدامه قبل تتمة التنقيح. و هذه الأجزاء 13 المنقحة هي التي أوصى بها الشيخ "سيد قطب" بالضبط من كتابه الظلال.
ثم إن الجميع يعلم أن النضج في فكر سيد قطب بدأ بعد سجنه (أي بعد 1954) التي يُحاول الدكتور رسلان في "قذائف الباطل" أن يجعلها تمام نضج الشيخ رحمه الله (زورا و بهتانا).
و هذا ما عبر عنه الشيخ الألباني حين قال:
ولما ألّف كان محض أديب، وليس بعالم، لكن الحقيقة أنه في السجن تطوّر كثيراً، وكتب بعض الكتابات كأنها بقلم سلفي ليست منه..لكن أنا أعتقد أن السجن يُربّي بعض النفوس، ويُوقض بعض الضمائر، فكتب كلمات، يعني يكفي عنوانه الذي يقول: (لا إله إلا الله، منهج حياة)، لا إله إلا الله منهج حياة
أهدي إليكم هذا العمل النادر الذي سيتفاجأ به الكثير ! كتاب اجتمع فيه قلم آل قطب (سيد و محمد وحميدة وأمينة قطب) رحمهم الله في عمل واحد !!
يقول [عبد الله العقيل] في مقدمة الكتاب :
* وفي العصر الحديث لم أعرف فيما وصلني أسرة واحدة وقد اشترك أبناؤها في وضع مؤلف واحد سوى آل قطب ! حينما اشتركوا في تأليف : (( الأطياف الأربعة )) .
كتاب صبوا فيه إبداع بيانهم عن .. الحياة .
*متمنيا منكم خير الدعوات
________
الرابط
قراءة ممتعة
الرد على شبهات وافتراءآت أدعياء السلفية - المدخلية - على سيد قطب رحمه الله
الشيخ ربيع كان ينتقد ويتهم سيد قطب بإنتقاصه للصحابة الكرام رضي الله عنهم وهاهو اصابه مما افترى على سيد قطب حسبنا الله ونعم الوكيل !
تلفظ الشيخ ربيع في حق الصحابة بألفاظ لا تليق بهم وفيها تنقص في حق الصحابة إن لم أقل فيها طعن ظاهر .
والألفاظ المسيئة التي استعملها الشيخ ربيع في حق الصحابة كثيرة ، ومنها:
قوله: (في أمور السياسة ما ينجحون) و (يقعون في فتنة) و (قضية الإفك طاح فيها كثير من الصحابة) و (ما يصلحون للسياسة) و (معاوية ما هو عالم) وقوله عن خالد بن الوليد (وأحياناً يلخبط) و (أساء الظن كل من معاوية وعليّ بخصمه) و (أن النبي صلى الله عليه وسلم ما أحسنَ الظنّ بهم – أي : الثلاثة الذين خلفوا) وغيرها .
والآن إليكم أقوال الشيخ ربيع في ذلك:
1- قوله في حق كثير من الصحابة : قال ربيع المدخلي وهو يذم الاشتغال بالسياسة : (والله كان صحابة فقهاء، [في أمور السياسة ما ينجحون، ما يستطيعون في الإذاعة، والإشاعة، يقعون في فتنة، قضية الإفك طاح فيها كثير من الصحابة]، فتنة، ليش ؟!!! ما هم مثل أبي بكر، مثل عمر، مثل علي [هؤلاء وقعوا] !!!) شريط مسجل له بعنوان (الشباب ومشكلاته ) وجه (ب).
وهذا القول ليس بصحيح بل قبيح ، فلم يقع فيها كثير من الصحابة رضي الله عنهم بل قليل جدا جدا وهم على عدد الأصابع، إذاً لا يجوز التعبير بكثرة وقوع الصحابة في قصة الإفك ..
2- قوله في عبد الله بن عمر ، وأبي بن كعب ، وزيد بن ثابت وابن مسعود ، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ، بأنهم لا يصلحون للسياسة ومعاوية ليس بعالم :قال ربيع المدخلي : ( كان عبد الله، وأُبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وابن مسعود، وغيرهم، [ وغيرهم من فقهاء الصحابة وعلمائهم ما يصلحون للسياسة ، معاوية ما هو عالم ] ، ويصلح أن يحكم الدنيا كلها، وأثبت جدارته وكفاءته ، [ المغيرة بن شعبة مستعد يلعب بالشعوب على إصبعه دهاء ]ً، ما يدخل في مأزق إلا ويخرج منه، عمرو بن العاص أدهى منه ) شريط مسجل له بعنوان (العلم والدفاع عن الشيخ جميل ) وجه (ب).
هكذا يعبر عن صحابة أجلاء نبلاء، فهل يجوز مثل هذا الكلام في صحابة النبي صلى الله عليه وسلم الكرام يا أتباع الشيخ ربيع ؟.
وهذه الألفاظ لو صدرت من غيره فالويل له ثم الويل له ، لعده هو وأتباعه من الزنادقة !!!.
3- قوله في خالد بن الوليد رضي الله عنه بأنه لا يصلح للسياسة:قال ربيع المدخلي – وهو يقلل من شأن العلم بالسياسة - : (خالد يصلح للقيادة، [ما يصلح للسياسة، وأحياناً يلخبط]) شريط مسجل له بعنوان (العلم والدفاع عن الشيخ حميل) وجه (ب).
هكذا يطعن في خالد بن الوليد رضي الله عنه بأنه لا يصلح للسياسة وأحيانا يلخبط ، وكيف يصلح للقيادة ولا يصلح للسياسة ؟!!.
فالقائد لا بد أن يعرف في السياسة، وإلا كيف يسوس الناس.
4- قوله في كتاب "التعصب الذميم وآثاره" ص(31) ط/دار السلف، وهو يصف ما جرى بين الغلام المهاجري والغلام الأنصاري -رضي الله عنهما- وقد استنجد كل منهما بقومه، فقال أحدهما: يا للمهاجرين، وقال الآخر: يا للأنصار، فقال ربيع المدخلي: (لفظ الأنصار؛ لفظ ممدوح، ولفظ المهاجرين كذلك، وأثنى الله على المهاجرين والأنصار لجميل صنعهم، وكمال أفعالهم، وقوة إيمانهم، [لكنها لما استغلت عصبية ] ؛ سماها «صلى الله عليه وسلم دعوة الجاهلية»، فقال: «إنها منتنة» فاللفظ الشريف النبيل إذا استُغل لغرض دنيء؛ يكون ذماً لقائله ، ويدخل هذا اللفظ الإسلامي في إطار آخر، هو إطار الجاهلية «أبدعوى الجاهلية»؟! ماذا قالوا؟ (يا للمهاجرين، يا للأنصار) ولكن ما هو الحافز الدافع إليها؟ [التعصب والعنصرية]، فالرسول سماها جاهلية، ووصفها بأنها منتنة، ودعا إلى الألفة والمحبة والتناصر على الحق) .
وهذا أيضًا موجود في شريط بهذا الاسم، وجه (أ)، ولعل الكتاب مفرغ منه، مع شيء من التعديل، إلا أن في الشريط زيادة، وهي: (لكن ما هو الحافز؟ كلمة حق، أُريد بها باطل، الدافع إليها التعصب ...). اﻫ
وفي شريط "مرحبًا يا طالب العلم" (ب) وقد أُلْحِقَ به كلام ربيع المدخلي ,حيث قال: (الرسول الكريم يحذر يا أخوتاه من التعصب إلى القبائل والعشائر، يا للأنصار وقال واحد: ويا للمهاجرين, الأنصار لفظ شريف، ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, والمهاجرين,كذلك, [لكن لما استغلت هاتين اللفظتين في الدعوة إلى الهوى والباطل] ؛ قال رسول الله :صلى الله عليه وسلم «أبدعوى الجاهلية».؟ اهـ
فتأمل يا طالب الحق، كيف أنه استعمل مع الصحابة الكرام، هذه الألفاظ : (لكنها لما استغلت عصبية)، ويقول: (فاللفظ الشريف إذا استغل لغرض دنيء)، ويقول: (ولكن ما هو الحافز الدافع إليها؟ التعصب والعنصرية)، ويقول:(لكن لما استغلت هاتين اللفظتين في الدعوة إلى الهوى والباطل)، وقال: (كلمة حق، أُريد بها باطل)، فهذه عدة عبارات سيئة في صحابة النبي (صلى الله عليه وسلم)، فأين الذين يزعمون الغيرة على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!!!
5- قوله في علي ومعاوية وأصحابهما : قال ربيع المدخلي في كتاب " أهل الحديث هم الطائفة المنصورة " ط / دار المنار / ص ( 133 ـ 134 ): ( [فإذا أساء الظن كل من معاوية وعليّ بخصمه]، فليس من هذا المنطلق ولا من هذا الاصطلاح، الذي لم يكن قد وجد في عهدهما ).اهـ.
وقال في كتاب (أهل الحديث هم الطائفة المصورة الناجية (ص134-) : ( الذي دلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وطائفة قبل أن يظهر فيهم الخوارج والشيعة وغلاتهم : أنهم أولى الطائفتين بالحق , ولا يزال علي والمخلصون على مرتبتهم وهو الذي يؤمن به أهل السنة والجماعة , وان معاوية وطائفته مجتهدون مخطئون وهو الذي عليه أهل السنة , وهذا الذي ندين الله به , غير أن الفتنة العظيمة وملابساتها جعلت كلا من الفريقين يعتقد أنه هو على حق وأن الفريق الذي يخاصمه على الباطل وبسبب هذا الإعتقاد جرت بينهم الحروب الدامية والقتال المهيل في صفين , [وانطلقت ألسنة الفريقين باللعن والتكفير] ,وقد تخلل الطائفتين أهل أغراض وأهواء زادت الفتن و المواقف اذكاء ). . اهـ.
فنريد من الشيخ وأتباعه أولاً إثبات لعن وتكفير الصحابة الكرام ، وثقات التابعين بَعْضم بعضاً لأن قوله : ((انطلقت ألسنة الفريقين باللعن والتكفير )) ، فالسياق يشير إلى أن اللعن والتكفير إنما وقعا من الصحابة الكرام، وثقات التابعين ، لا من المنافقين الذين يتخللون الصفوف، فإن هؤلاء يكيدون للجميع .
6- قوله في كعب بن مالك وصاحبيه: قال ربيع المدخلي عن كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم [ما أحسنَ الظنّ بهم] لأنهم متهمون في هذه الحالة ، وقد يكونون متهمين بالنفاق ) اهـ.
فهذا من أقبح أنواع السب والشتم لصحابة النبي صلى الله عليه وسلم الكرام.
والنبي صلى الله عليه وسلم قد أحسن الظنّ بهم بقوله عن كعب بن مالك رضي الله عنه كما أخرج البخاري في صحيحه: (( أما هذا فقد صدق )) .
ولم يكونوا متهمين بالنفاق ، ولذلك دافع عنهم معاذ بن جبل رضي الله عنه كما في صحيح البخاري، وأقره النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعلم الصحابة الكرام عنهم إلا خيراً، فأين عدم إحسان الظن بهم والاتهام بالنفاق وغير ذلك ؟!! .
وهذا الاتهام الشنيع وقع فيه أيضاً تلميذه (عبيد الجابري) حيث قال عن كعب بن مالك وصاحبيه: (لأنهم لو ماتوا على حالهم لماتوا مهجورين ضالين مضلين ) ؟!!
وقال: ( لو مات – يعني كعب – لمات مهجوراً ضالاً مضلاً) ؟!! من شريط مسجل بصوته بعنوان : ( اتحاف البشر بشرح حديث حذيفة ).
فهذه أقوال الشيخ ربيع ثابتة عنه وبصوته ، ومن كتبه.
ولنرى غيرة أتباعه على الصحابة الكرام وخاصة أن الشيخ ربيع بدع وضلل بعضا من السلفيين بحجة أنه طعن وسب وانتقص الصحابة رضي الله عنهم .
___
مقتل سيد قطب بين سوء أدب المداخلة وبين علماء الشريعة
قال طلعت زهران:
(تزوير الانتخابات يزورها -يقصد المخلوع مبارك- ماهو تزويرها صح، دا كلام جميل، دا كان يجب أن يزور الانتخابات.. واجب عليه.. واجب. دا ياخذ ثواب زي ماعبد الناصر أخذ ثواب لما ذبح سيد قطب) أهـ .
ويقول ربيع المدخلي:
( وبعدين سيد قطب حَطُّوه في قفص مثل الدجاجة، لمّا أرادوا أن يذبحوه راحوا ذبحوه، والله ما أخذ السيف مثل عليّ وخالد وراح يخوض المعارك، حطوه عشر سنوات مثل الدجاجة في قفص وراحوا ذبحوه، إيش سوّى، شفت، والله لا ليش ذبحوه، والله وجدوا عنده مخطط لنسف الجسور والإذاعات وقتل الشخصيات، مخطط إجرامي، ذبحوه، لكن الناس طلّعوه شهيد ) أهـ من شريط "مرحبا يا طالب العلم".
أما الشيخ بن باز فلما بلغه مقتل سيد قطب أرسل رسالة إلى جمال عبد الناصر يقول فيها:
(بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلي الرئيس جمال عبد الناصر
السلام علي من اتبع الهدي(1)
يقول الله عز وجل " ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم وغضب الله عليه ولعنه واعد له جهنم وساءت مصيرا " النساء: 93
والسلام) أهـ .
قال الكاتب فتى الأدغال في مقال "دمعة على طلل سيد قطب" : (حدثنا زهيرُ الشاويش قالَ : لم أرَ الشيخَ الألبانيَّ - رحمهُ اللهُ - باكياً بشدّةٍ واستغراق ٍ ، إلا مرتين ِ ، المرّة ُ الأولى عندما ماتَ فلانٌ - أحدُ إخوةِ الشيخ ِ الألبانيِّ - ، والثانية ُ عندما بلغهُ خبرُ وفاةِ سيّد قطب - رحمهُ اللهُ - ، قال : وقد كنّا على الغداءِ عندما وصلهُ الخبرُ ، فبكى بكاءً شديداً مرّاً ، وتركَ الغداءَ من شدّةِ البكاءِ ، ولم يقدرْ على إتمام ِ طعامهِ .
هكذا كانَ العلماءُ والهداة ُ يعرفونَ قدرَ سيّدٍ - رحمهُ اللهُ - .
لقدَ بكى عليهِ الملكُ فيصلٌ - رحمهُ اللهُ - وكانَ قد أرسلَ رسالة َ استشفاع ٍ فيهِ ، إلى الهالكِ الطاغيّةِ : جمال عبدالناصر - لا رحمَ اللهُ فيهِ مغرزَ إبرةٍ - ، ولكن أبتْ شقوة ُ الشقيِّ إلا أن ترديهُ في جهنّمَ ، فأعرضَ عن الشفاعةِ ، وأعدمهُ سحراً ، حتى لا يعلمَ النّاسُ بذلكَ ، فلمّا وصلَ الخبرُ إلى الملكِ فيصل ٍ - رحمهُ اللهُ - بكى ، وقالَ : لقد توسّلتُ لهم أن يطلقوهُ حيّاً ! وأن يطلبوا فيهِ ما شاءَوا ، ولكن أرادَ اللهُ أن يختارهُ شهيداً ، ولا بدّ لكلِّ أمّةٍ من شهداءَ ، هكذا قالَ الملكُ - رحمهُ اللهُ - .
وعندما أعدمَ سيّدٌ - رحمهُ اللهُ - سرى خبرهُ في الأمصارَ والأقطار ِ ، سيرَ الشمس ِ ، ومسيرَ الضوءَ ، وبكاهُ الصغيرُ والكبيرُ ، والطفلُ والكهلُ :
مضى طاهرَ الأثوابِ لم تبقَ روضة ٌ ********** غداة َ ثوى إلا اشتهتْ أنّها قبرُ
تردّى ثيابَ الموتِ حمراً فما دجى ********** لها الليلُ إلا وهي من سندس ٍ خضرُ
فتى كلّما فاضتْ عيونُ قبيلةٍ ********** دماً ضحكتْ عنهُ الأحاديثُ والذكرُ) أهـ .
مات سيد و مات ابن باز ومات الألباني وسيموت ربيع المدخلي, و عند الله تجتمع الخصوم. فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
__________________
(1) هذه الصيغة تقال لغير المسلمين، كما في قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام عندما كان يخاطب فرعون: قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى {طه: 47}.
وكما في رسائل النبي صلى الله عليه وسلم التي كان يبعث بها إلى الملوك .
___
الكتب التي يعتمدها سيد قطب
يقول المستشار عبدالله العقيل في مجلة المجتمع العدد 112 تاريخ 8/8/1972 م :
(( إن سيد قد بعث لإخوانه في مصر والعالم العربي أنه لا يعتمد سوى ستة مؤلفات له وهي : هذا الدين , المستقبل لهذا الدين , الإسلام ومشكلات الحضارة , خصائص التصور الإسلامي , في ظلال القرآن , ومعالم في الطريق )) .
مع التأكيد أن شهادة المستشار عبد الله العقيل جاءت سنة 1972 أي قبل الضجة التي أثارها المداخلة حول كتابات الشيخ سيد قطب رحمه الله, حتى لا يقول قائل أن هذه الشهادت تهدف فقط إلى تبرئة الشيح رحمه الله, كما أنها جاءت في فترة كان الإقبال فيها على أشده على كتابات الشيخ رحمه الله (الصحوة الإسلامية)!
كما أن هذه الكتب التي تراجع عنها سيد قطب كانت قبل التزامه بالمنهج الحق و هي التي تحتوي على المغالطات في الصحابة وغيرها التي يتمسح بها المداخلة
__
* تكفير المجتمعات الإسلامية.
* سب الصحابة.
* الثورة والإخوان.
تكفير المجتمعات الإسلامية
أثارت "السلفية الجامية المدخلية" حول فكر العلاّمة سيد قطب - رحمه الله - شبهة أنه يُكفر المجتمعات الإسلامية، واعتبرت بغض ولعن سيد منهجاً أصيلاً في دعوتهم.
فهل كان فعلاً سيد قطب يُكفر المجتمعات الإسلامية ؟
لسيد قطب حوالي 26 مؤلفاً في حوالي ستة آلاف صفحة، لم يذكر فيها مرة واحدة أن المجتمعات الإسلامية هي مجتمعات "كفر وردة" بل استخدم لفظ الجاهلية على الأوضاع التي تخالف التصور الإسلامي أو التي تناقض الشريعة الإسلامية.. ولفظ الجاهلية ورد في القرآن والسنة، ففي القرآن قوله تعالى: { حكم الجاهلية، حمية الجاهلية، ظن الجاهلية } وفي السنة عتاب النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: "إنك أمرؤ فيك جاهلية" وقال للمهاجرين والأنصار: "ما بال دعوى الجاهلية.. دعوها فإنها منتنة".
فالجاهلية وصف قرآني لحالة مضادة لما يُريده الإسلام، وقد تكون هذه الحالة كلها جاهلية، أو فيها بعض الجاهلية، أو فيها مظاهر يسيرة من الجاهلية.. وكان قطب - رحمه الله - يستخدم لغة (تشخيصية تحليلية)، وليس لغة (الإدانة والحكم)، فهو لم يقل مرة واحدة "يُستتاب، فإن تاب وإلا قُتل" التي يرددها البعض بعد كل رأي له ! ولم يتحدث أبداً عن أن المجتمعات الإسلامية تجري عليها أحكام أهل الردة..
بل لم يكن مشروع قطب هذا من الأساس، والحيثية والدافع التي جعلت قطب يخوض في مسألة "الجاهلية" هو أنه بعد فشل التجربة الإخوانية بعد 1954م، حاول قطب صياغة مشروعاً جديداً مستفيداً من تجربة الإخوان، ومن ظروف الشعب المصري خاصة، والشعوب الإسلامية عامة، ورأى أن البداية لا بد أن تكون من "العقيدة" والدعوة إلى "حاكمية الشرع" بعدما ضاع التصور عن هذا الشرع بفعل الهجمة العلمانية التي استمرت من الحملة الفرنسية حتى ثورة يوليو، وقد ضاع هذا المفهوم، وانحسر الإسلام في زوايا المسجد، كان مشروع قطب، هو إخراج هذا الإسلام من ساحة المسجد إلى ساحة الحياة، وقد سبقه لذلك الداعية الفذ حسن البنا رحمه الله، إلا أن قطب اتجه إلى التأصيل الفكري الذي كان البنا قد بدأ في صياغته في مقاله الأخير: "معركة المصحف.. أين حكم الله؟" رأى قطب أن البداية هي البداية الأولى للأمة المسلمة.. "القاعدة الصلبة" التي تربي المجتمع على أسس العقيدة الصحيحة بطريقة معاصرة ومواجهة للحياة وليس بطريقة تقليدية - جاهلة واقعها - ولا منعزلة، ولا متوافقة مع الأوضاع التي تخالف أو تحارب الشريعة؛ ومن هنا كانت دعوة قطب أو مشروعه التغيري الثوري.
فحتى جمال عبدالناصر الذي خان قطب وحكم عليه بالإعدام، وأفسد في مصر ما لا يعلم مداه إلا الله.. كان وصف قطب له بـ "الطاغية".. ووصف الأوضاع التي أنشأها بأنها "مخالفة لشرع الله". فحتى عبد الناصر لم يقل عنه قطب إنه كافر.
وقد فهم البعض لحداثة سنه، أو حمية وضغط وفحش نظام يوليو أن سيد قطب يُكفر المجتمعات لا سيما بعد موجة الإلحاد والانحلال الخلقي التي حصلت في مصر في تلك الفترة فقال قطب بكل وضوح: " إننا لم نُكفر الناس وهذا نقل مشوه إنما نحن نقول: إنهم صاروا من ناحية الجهل بحقيقة العقيدة، وعدم تصور مدلولها الصحيح، والبعد عن الحياة الإسلامية، إلى حال تشبه حال المجتمعات في الجاهلية، وإنه من أجل هذا لا تكون نقطة البدء في الحركة هي قضية إقامة النظام الإسلامي، ولكن تكون إعادة زرع العقيدة والتربية الأخلاقية الإسلامية.. فالمسألة تتعلق بمنهج الحركة الإسلامية أكثر مما تتعلق بالحكم على الناس!" [لماذا أعدموني] وكان دوماً يردد العقيدة والأخلاق قبل الشريعة والنظام، وكان يقول: "نحن دعاة لا قضاة".
فهل يمكن بعد كل ذلك أن نقول إن قطب يُكفر المجتمعات الإسلامية؟!!
صحيح إن من جاء بعد قطب ولم يفهم منهجية البحث عنده، ولم يفهم ما قاله.. اتخذ من ثورة قطب الفكرية والروحية وسيلة للغلو في التكفير لا سيما بعد إدخال بعض كتب التراث السلفية في هذا الأمر وخلط المنهج "التحليلي التشخيصي" عند قطب مع المنهج الفقهي الذي فيه "الإدانة والحكم" مما زاد من حدة التكفير عند بعض الشباب، مع ضغط السجن وموجة الإلحاد ومحاربة الحركة الإسلامية، وهذا بالطبع قطب ليس مسؤولاً عنه، بل مسؤولاً عنه من فهم على هواه، أو لم يفهم على الوجه الصحيح. [راجع مقال: منهجية البحث عن سيد قطب ]
***
عملت السلفية المدخلية على إشاعة هذه الافتراءات عن قطب، ومن الأهمية أن نقول هنا من الذي كفّر المجتمعات الإسلامية..
أول من كفّر جمال عبد الناصر هي الدولة السعودية لِما كان من خصومة سياسية بينهما، ونشرت جريدة عكاظ السعودية على صدر صفحتها الأولى وبالخط العريض "عبدالناصر كافر بالإجماع" !
وهذا نوع من أنواع "التكفير السياسي" مثل تكفير شيعة اليمن، والشهادة بإسلام شيعة المنطقة الشرقية ( فهم إخوة الوطن ) !!.
أما الذي كفّر المجتمعات الإسلامية واستحل دمائها وأموالها.. وخاض في تلك الدماء فهو الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله وغفر له - فقد كان ينعت علماء المسلمين حوله بقوله: "علماء المشركين"! ولا يفتأ أن يردد هذا القول، فيقول في كتابه الشهير "كشف الشبهات":
- "والعامي من الموحدين يغلب الألف من علماء هؤلاء المشركين".
- "وما ذكرت لي أيها المشرك [يقصد الشرك المُخرج من الملة] من القرآن أو كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - لا أعرف معناه، ولكن أقطع أن كلام الله لا يتناقض، وأن كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يخالف كلام الله. وهذا جواب جيد سديد، ولكن لا يفهمه إلا من وفقه الله".
- "أعداء الله لهم اعتراضات كثيرة على دين الرسل يصدون بها الناس عنه منها قولهم: نحن لا نشرك بالله بل نشهد أنه لا يخلق ولا يرزق ولا ينفع ولا يضر إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا - عليه السلام - لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضراً فضلاً عن عبد القادر أو غيره ولكن أنا مذنب، والصالحون لهم جاه عند الله وأطلب من الله فجاوبه ما تقدم وهو: إن الذين قاتلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقرون بما ذكرت، ومقرون أن أوثانهم لا تدبر شيئا، وإنما أرادوا الجاه والشفاعة".
- "وللمشركين شبهة أخرى يقولون: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنكر على أسامة قتل من قال: (لا إله إلا الله)... فيقال لهؤلاء المشركين الجهال".
- "فإن عرف التوحيد [يقصد ترك التوسل والتبرك والشفاعة] ولم يعمل به فهو كافر معاند كفرعون وإبليس وأمثالهما، وهذا يغلط فيه كثير من الناس، ويقولون هذا حق، ونحن نفهم هذا ونشهد أنه الحق، ولكنا لا نقدر أن نفعله، ولا يجوز عند أهل بلدنا إلا من وافقهم، أو غير ذلك ولم يدر المسكين أن غالب أئمة الكفر يعرفون الحق ولم يتركوه إلا لشيء من الأعذار".
وكتبه طافحة بالغلو في تكفير المسلمين، والحكم عليهم بالردة، ومحاربتهم محاربة أهل الردة..
وجاء أبناؤه من بعده - أئمة الدعوة النجدية - فكفّروا الدولة العثمانية، وكفروا أهل مصر، وكفروا من حولهم من القرى، وكفروا "إخوان من طاع الله" - وهم كانوا على منهج ابن عبدالوهاب وإخوة لهم - كفّروهم واستحلوا دمائهم لما خالفوا ابن سعود.
وليس هذا فحسب.. بل جعل الشيخ ابن عبدالوهاب التكفير منهج حياة، وأخرج قاعدة جعلها من نواقض الإسلام: "من لم يُكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم فهو كافر" ويقصد بالمشركين: المسلمين! وهذه القاعدة أنشأت سلسلة معقدة من التكفير، وأفسدت عقول الشباب بهوس التكفير.
وتم اختزال عقيدة التوحيد في "هدم القبور، والغلو في التكفير" !
ولا ننكر مظاهر الشرك التي كانت موجودة في عصر الشيخ ابن عبد الوهاب - ولا يخلو مجتمع من مظاهر الجاهلية عندما يمرض ويبتعد عن الإسلام - ودور حركته في القضاء عليها، والإصلاح الذي كان ينشده.. ولكن نحن نستنكر الطريقة التي تم بها علاج هذا المرض، ونستنكر قتاله أهل القبلة كقتال المرتدين.. ونستنكر أن تكون هناك نفعية سياسية من وراء الفتاوى والقتال.
على أن الشيخ ابن عبد الوهاب - رحمه الله - يستنكر التوقف في التكفير والقتال أيضاً !! وإن أقررنا بوجود مظاهر الشرك، وضرورة تعليم الناس صحيح الدين، فهو لا يقبل إلا "التكفير والقتال" فهذا مقتضى الإقرار بوجود الشرك؛ فيقول: "وسمعتم قول المشركين: الشرك عبادة الأصنام، وأما الصالحون فلا. وسمعتم قولهم: لا نريد إلا من الله، لكن نريد بجاههم. وسمعتم ما ذكر الله في جواب هذا كله.
وقد منّ الله عليكم بإقرار علماء المشركين بهذا كله، سمعتم إقرارهم أن هذا الذي يُفعل في الحرمين والبصرة والعراق واليمن، أن هذا شرك بالله... ولكنهم يجادلونكم اليوم بشبهة واحدة، فاصغوا لجوابها. وذلك أنهم يقولون: كل هذا حق. نشهد أنه دين الله ورسوله، إلا التكفير والقتال. والعجب ممن يخفى عليه جواب هذا! إذا أقروا أن هذا دين الله ورسوله، كيف لا يكفر من أنكره، وقتل من أمر به وحبسهم؟!... واعلموا أن الأدلة على تكفير المسلم الصالح إذا أشرك بالله، أو صار مع المشركين على الموحدين، ولو لم يشرك، أكثر من أن تحصر، من كلام الله وكلام رسوله، وكلام أهل العلم كلهم." [الرسائل الشخصية للشيخ]
ولو كان قتالهم على المُلك، أو قتال المسلمين كقتال أهل البغي، أو قتال من أجل توحيد الجزيرة... إلخ، لوسعنا السكوت على ذلك، فمعروف للجميع قضية الصراع على الملك، وتلك أمة قد خلت.. ولكن الإنكار عليهم جاء من أجل قضية جعلهم قتالهم كقتال النبي - صلى الله عليه وسلم - لكفار قريش، والخوف من تأثر الشباب بالغلو والتنظير الموجود في كتبهم في هذا الأمر، مما أفسد هذا الغلو كثير من تجارب وفرص تحرير الأمة، فلا نحمل تجاه الشيخ غلاً ولا بغضاء، إن ما يهمنا هو استقامة فكر الشباب المسلم في قضية خطيرة مثل هذه. [ راجع مقال: تكفير المتوقف في التكفير ]
ولما كانت شرعية الدولة السعودية قائمة على "الدعوة الوهابية" فقد أصبح لها الحصانة ضد النقد، وضد الإنكار.. رغم أن كتبهم طافحة بهذا التكفير، ولما جاء عصر البترول، وانتشرت السلفية السعودية بمصر وغيرها، جاءت وحولها هالة من التقديس؛ فكانت المحاباة وشهادة الزور على دين الله.
فحذّرت السلفية من كتب قطب التي تحمل مشروع التغيير والثورة، بزعهم أنها تدعو إلى تكفير المجتمعات الإسلامية، ودعت إلى كتب أئمة الدعوة النجدية الطافحة بالتكفير، والمتفاخرة بقتل المسلمين بزعم أنهم طوائف شرك وردة؛ فأي الفريقين أحق بالنكير إن كنتم صادقين؟!!
* * *
سب الصحابة
أثارت السلفية المدخلية - وغيرهم - فرية أن الأستاذ سيد قطب - رحمه الله - يطعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وللأسف صدّق كثير من المسلمين هذه الفرية، وفي كل مرة يُذكر فيها اسم الأستاذ سيد - عند البعض - يتساءلون: هل كان سيد قطب يسب الصحابة ؟! لِما لمكانة الصحابة عندنا أهل السنة من الرفعة والفضل.
فهل كان بالفعل سيد قطب يسب الصحابة؟!
ورد في كتاب "العدالة الاجتماعية"، وكتاب "كُتب وشخصيات" نقداً لاذعاً لمعاوية بن أبي سفيان - وكان الحديث في كتاب العدالة عن الاستبداد والملك العضوض وسياسة المال، والحديث في كتاب "كُتب وشخصيات" عن الانتصار لسياسة عمر وعلي رضي الله عنهما، في مقابل تخطئة معاوية وعمرو بن العاص، والمقارنة بين القيم الأخلاقية والسياسة النفعية - ومن هنا جاءت الفرية بأن قطب يسب الصحابة رضوان الله عليهم.
طريقة قطب في الكتابة:
كان قطب - رحمه الله - يستخدم "الأسلوب الفكري" في الكتابة، بمعنى أنه يقرأ مثلاً عن فترة معينة من التاريخ من مصادرنا السُنية المشهورة والمعلومة.. ثم بعد ذلك يستخلص منها رؤية معينة تُفيد في الموضوع الذي يتحدث عنه، مثل حديثه في كتاب العدالة عن فترة الخلافة الراشدة والملك العضوض، ومنها ما جاء ذكره عن معاوية.. ويمضي يستكمل باقي الفكرة التي يشرحها للقارئ، دون أن يُثقل عليه بكثرة النقولات عن كتب التاريخ، فهو لا يتبع "الأسلوب التحقيقي" في نقل كل كلمة يقرأها ويعزوها إلى مصادرها.. وهذا أمر يُريح القارئ الذي يبحث عن الفكرة والصواب، ولكنه من جانب آخر يجعل الطريق سهلاً لمن يريد الطعن في كلامه، دون كبير عناء، فيأتي الناس من بعد ذلك ويظنون أن قطب افترى كلامه هذا من رأسه، وتكلم بغير علم !.
موقف قطب من الصحابة:
عقد قطب - رحمه الله - في كتابه الشهير "معالم في الطريق" فصلاً كاملاً بعنوان: "جيل قرآني فريد" يقصد جيل الصحابة، فيعتبر هؤلاء الصحابة جيلاً متميزاً لأنه قد خلع كل تصورات الجاهلية، وتلقى تعليمات القرآن كمنهج للعمل والحياة، فكانت هذه هي النشأة الفريدة لهذا الجيل الذي حمل رسالة الإسلام، وفتح الله به القلوب والبلاد.
ولكن قطب ليس لديه النظرة المتطرفة في تقديس الرجال، وهو يُفرق بين كبار الصحابة المُتخرجون من المدرسة النبوية، وبين الطلقاء المؤلفة قلوبهم، وموقف قطب هذا ليس شاذاً عن رأي كبار علماء أهل السنة قديماً وحديثاً.
مفهوم الصحبة:
طبقاً لهذا الحديث الشريف: عَنْ أَنَسٍ بن مالك، قَالَ: كَانَ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ كَلَامٌ، فَقَالَ خَالِدٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: تَسْتَطِيلُونَ عَلَيْنَا بِأَيَّامٍ سَبَقْتُمُونَا بِهَا ! فَبَلَغَنَا أَنَّ ذَلِكَ ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " دَعُوا لِي أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنْفَقْتُمْ مِثْلَ أُحُدٍ أَوْ مِثْلَ الْجِبَالِ ذَهَبًا، مَا بَلَغْتُمْ أَعْمَالَهُمْ " [مسند أحمد/ 13400 | إسناده متصل ، رجاله ثقات ، رجاله رجال البخاري]
و"عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ }، قَالَ: قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى خَتَمَهَا، وَقَالَ: " النَّاسُ حَيْزُ، وَأَنَا وَأَصْحَابِي حَيْزُ " [ مسند أحمد/ 10783 | إسناده متصل ، رجاله ثقات ، رجاله رجال الشيخين، مصنف بن أبي شيبة/ 37926 ]
فيُفرق قطب - رحمه الله - بين أهل الصحبة الخاصة من المهاجرين والأنصار، وأهل بدر، وأهل بيعة الرضوان، وبين غيرهم ممن جاء بعد الحديبية، وغيرهم من طبقة الطلقاء والمؤلفة قلوبهم.
فليس كل من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - أو صحبه صحبة يسيرة هو أهل الصحبة الخاصة الواردة في الحديث، فهذا خالد بن الوليد - سيف الله المسلول - يقول له النبي صلى الله عليه وسلم "لا تسبوا أحداً من أصحابي" فما بالنا بمن هو دون خالد، وبمن جاء بعد خالد ؟
وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المنافقين والخونة :"حتى لا يتحدث الناس أن محمداً وضعه يده في أصحابه يقتلهم" فمعنى الصحبة يُستخدم بمعنى الصحبة الخاصة، ويستخدم بمعنى رجل من رعية الأمة، وليس هنا محل التحقيق والتتبع للكلمة كما وردت في الأحاديث المرفوعة.
الموقف من معاوية بن أبي سفيان:
يعتبر قطب - رحمه الله - وفق ما فهمه من الحديث، ووفق تفسيره للآية "والسابقون الأولون" - وما جاء في سياقها - أن معاوية ليس من أصحاب الصحبة الخاصة، وليس قطعاً ممن قال فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم - "دعوا لي أصحابي" ويتعمد البعض قطع هذا الحديث عن سياقه، وموضوعه.. حتى يظن الناس أن معنى الصحبة هنا عاماً، وليس خاصاً !.
لماذا اتخذ قطب هذا الموقف من معاوية؟
وفقاً لمصادرنا التاريخية والحديثية السُنية نجد الآتي:
إن معاوية من الطلقاء المؤلفة قلوبهم.. أسلم عام الفتح أي بعد حوالي إحدى وعشرين سنة من الهجرة، وكان أول من بدل سنة النبي صلى الله عليه وسلم في أمر السياسة والمال، وحوّل الخلافة الراشدة إلى الملك العضوض، وكان هو رأس الفئة الباغية التي قتلت عمار بن ياسر رضي الله عنه، وأول من سَن سب ولعن عليّ بن أبي طالب - كرّم الله وجهه ورضي عنه - على المنابر، رغم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي: "لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق" [رواه مسلم، وذكره أبو نعيم الأصفهاني في كتابه "صفة النفاق ونعت المنافقين"].
وقد تعجب البعض من كيف يصير معاوية خليفة على المسلمين.. فعَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: تَعْجَبِينَ لِرَجُلٍ مِنَ الطُّلَقَاءِ يُنَازِعُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ فِي الْخِلافَةِ ؟ قَالَتْ: "وَمَا يَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ، هُوَ سُلْطَانُ اللَّهِ جل جلاله يُؤْتِيهِ اللَّهُ الْبَرَّ وَالْفَاجِرَ، وَقَدْ مَلَكَ فِرْعَوْنُ أَهْلَ مِصْرَ أَرْبَعِ مِائَةِ سَنَةٍ " [ سير أعلام النبلاء للذهبي ج1، ص 365 ، ذكره ابن كثير 8 / 131 نقلا عن ابن عساكر بإسناده عن أبي داود الطيالسي بهذا الإسناد ]
وهذه جملة من الأحاديث الواردة في شأنه:
- "ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار" [ حديث متواتر مروي من إحدى وثلاثين طريقاً ].
- "أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية".
- "تنقض عرى الإسلام عروة عروة أولهن نقضاً الحكم".
- "أما معاوية فصعلوك". [رواه مسلم ]
- "لا أشبع الله بطنه" قالها النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما رد معاوية ابن عباس ثلاث مرات عندما أرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعاوية ليأتيه.
- وفي صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - " هَذَا ابْنُ عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ وَنَقْتُلَ أَنْفُسَنَا" [صحيح مسلم/1847، مسند أحمد/ 6467، صحيح ابن حبان/ 5961]
فكان قطب - رحمه الله - يكتب من هذه الخلفية التي يظن أن القارئ إما على إطلاع بها، أو إذا أراد التأكد من صحة موقف قطب.. فالطريق إلى كتب التاريخ والسنن معروف.
فهل بعد كل ذلك يمكن أن نقول إن قطب كان يسب الصحابة.. هكذا بإطلاق دون بيان حقيقة الأمر، وخلفيته، وتفصيلاته، وبيان المقصود بمن هم هؤلاء الصحابة؟! لا شك أن هذا افتراء كبير.
وبقي سؤال: هل موقف قطب هذا من معاوية موقفاً صحيحاً أم لا؟
في هذا المقال نحن فقط نرد فرية أن قطب كان يسب الصحابة، أما التحقيق في مسألة معاوية فهو طويل ومعقد ومتشعب لا يصلح الحديث عنه في هذا المقال، وقد أفردت له مبحثاً طويلاً في كتاب "أمراض الاستبداد" - تحت الإعداد - لأن الشبهات عنه فوق ما يتصور البعض، فقد جعلت البعض يرد الأحاديث المتواترة بضربة واحدة "لا يصح"!! وجعلت البعض يحذف اسم معاوية من الأحاديث ويسميه بـ "فلان"، وجعلت البعض يقطع ويحذف أجزاء من الأحاديث عن سياقها عمداً.. في خيانة علمية واضحة، وجعلت البعض يستدرك على حكم النبي صلى الله عليه وسلم، وجعلت البعض يُزور في طبعات كتب التاريخ، ليحذف ما لا يتوافق مع هواه !!.
والسلفية تستميت في الدفاع عن معاوية، وتطلق أحكام التشيع والرفض على كل من يمس جناب معاوية، وربما التكفير بالتبع !
والسلفية لديها هذه الحالة من الهوس مع معاوية وربما ذلك بسبب: (1) النكاية في الشيعة لأنهم يطربون لأي شيء يُدين معاوية. (2) ولأن معاوية إمام الملك العضوض، وبعض السلفية تعشق الشرعنة للاستبداد والظلم، وتُأصل له، وهذا أمر تحبه الملوك. (3) واعتقاد البعض أن الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم تجعل صاحبها من أهل العصمة والقداسة، وصاحبها لا يخطئ أبداً، ومهما أخطأ.. فله المثوبة في الآخرة !!.
***
إن قطب في كتابة العدالة الاجتماعية، كان يحاول الدفاع عن منهج الإسلام، وعدله، وأرى أنه قد أبدع في هذا الكتاب بما لم يسبق له أحد في عصره.. وفي كتابه "كتب وشخصيات" كان ينتصر لموقف عمر رضي الله عنه من قضية الشورى، وينتصر لموقف علي كرّم الله وجهه في معاركه ضد معاوية والملك العضوض.. ويقارن بين السياسة النظيفة، والسياسة الميكافيلية.
فتقبل الله عن سيد أحسن ما عمل، وجزاه الله خيراً عن الإسلام والمسلمين.
* * *
الثورة والإخوان
نشأ قطب - رحمه الله - نشأة دينية، فأتم حفظ القرآن الكريم وهو في الحادية عشر من عمره، وفي بداية مشواره الفكري تأثر بكتابات الأستاذ عباس العقاد - رحمه الله - وكان مدافعاً عنه وعن حزب الوفد، ويُنسب إلى سيد قطب بعض المقالات المثيرة للجدل في هذه الفترة، وقد اطلعت على بعضها، فإن كانت صحيحة النسبة إليه فهي باطل محض لا نرضى به، ولا نتابع عليه.. فهناك من يقول إنه تأثر - كغيره - بالتيارات الغربية السائدة في عصره، وإن كانت كذباً عليه لطبيعة نشأته الدينية.. فالأولى بنا إحسان الظن.
كانت كتابات قطب أدبية في البداية، ثم بدأ في التحول للفكر الإسلامي في الأربعينيات من القرن الماضي، ويبدو لي من كتابات تلك الفترة أن قطب كان يريد أن يكون الإسلام هو الفكر والحضارة البديلة عن الحضارة الرأسمالية، والحضارة الشيوعية الاشتراكية، فكَتب العدالة الاجتماعية في الإسلام في (1949 م)، والسلام العالمي والإسلام (1951م) وسبقهما بكتاب التصوير الفني في القرآن (1945م)، وكتاب مشاهد القيامة (1947م).
انتدب قطب لبعثة إلى أمريكا بعد كتابه العدالة الاجتماعية، ليطلع على المناهج التربوية هناك، وفي تلك الأثناء قُتل الداعية الفذ حسن البنا - رحمه الله - وتعجب قطب من فرحة الصحف الغربية بمقتله، وعرف أن وراءه شيئاً كبيراً، وقد قرر الاتصال بالإخوان عندما يعود.
في فترة الشيخ البنا كان مصر يتنازعها عدة تيارات، أخطرها التيار الشيوعي، فقد أُسس الحزب الشيوعي المصري سنة 1922م على يد اليهودي جوزيف زورنتال، وكتابات النصراني الملحد سلامة موسى، وكان مشروع الحزب: حقوق العمال والفلاحين، إنشاء النقابات العمالية، الإلحاد، الإباحية. والتيار الوطني ومشروعه: التحرر من الاستعمار، الاقتصاد الوطني، الحياة النيابية السليمة. ومشروع البنا: الحكومة الإسلامية، والدولة الإسلامية. والمشروع الملكي: الحفاظ على العرش، وإقامة التوازنات مع باقي القوى. ومشروع الاستعمار: إيجاد قوة بديلة تنوب عنه في إدارة شؤون المنطقة، والحفاظ على مصالح الاستعمار، وقهر الشعوب لتظل تابعة ذليلة، وضمان تبعية الجيش - والقوى السياسية المؤثرة - للاستعمار بعد رحيله.
ولما استفحل خطر الإخوان، انقلب القصر عليهم، وتم اغتيال البنا - رحمه الله - في وسط القاهرة ! كان حسن البنا يسير في اتجاهات عدة.. أولها: بناء القاعدة الشعبية بالدعوة من خلال اللقاءات والمؤتمرات والرسائل، وكانت هناك جوعة دينية وروحية لهذه الروح الجديدة للإسلام، بعد أن كان الإسلام محصوراً في الزوايا، وصرخات الدراويش، وزيارة الأضرحة. والاتجاه الثاني: الاستعداد للمواجهة مع النظام فكّون التنظيم الخاص، وكون كيانات موازية وموالية له في الجيش والشرطة، وكان يمضي في بناء هذا الكيان. والاتجاه الثالث: الموازنات السياسية مع القصر تارة، ومع الأحزاب تارة أخرى.
ولكن للأسف الشديد قُتل البنا في أخطر مرحلة كانت تمر بها جماعة الإخوان، وهي مرحلة النضج واكتمال الثمرة، وكان مقتله هدفاً لقوى الاستعمار المحلي والدولي لا سيما بعد النجاحات الخطيرة التي قدمها الإخوان في حرب فلسطين.
في هذه الفترة، كان يتم التحضير للثورة أو ( انقلاب يوليو 1952 ) وكان جمال عبد الناصر عضواً في جماعة الإخوان، ويبدو أنه كان هناك تنظيمين في الجيش؛ الأول: يتبع البنا، والثاني: تم إنشاءه بعد تردد الإخوان في الانقلاب على القصر والذي سُمي بالضباط الأحرار، وهذا التنظيم داخل الجيش كان لا بد أن يعتمد على شعبية وقوة الإخوان في نجاح الانقلاب، لأن هؤلاء الضباط لا ثقل سياسي لهم، ولا هم من أصحاب الرتب الرفيعة داخل الجيش.
شارك الإخوان في انقلاب يوليو، فعبد الناصر يعتبراً فرداً منهم، في هذه الأثناء كان كتاب العدالة الاجتماعية يعتبر هو المنهج الذي يفترض أن تسير عليه الثورة لأنها عدالة من المنظور الإسلامي، وليس من المنظور الشيوعي أو الرأسمالي، وكان للكتاب احترام كبير عند ضباط الثورة.
كان قطب مستشاراً لمجلس قيادة الثورة للشؤون الثقافية والعمالية، وكان يحضر اجتماعات مجلس قيادة الثورة، وبعد أن انفصل عبد الناصر عن الإخوان، وأنشأ "هيئة التحرير" كان قطب سكرتيراً عاماً مساعداً لهذه الهيئة التي سيطر عليها التوجه الشيوعي فيما بعد. [ الحزب الشيوعي تحول إلى الاشتراكية، ثم بعد ذلك أصبح ينادي بالعلمانية والدولة المدنية واليسارية والديمقراطية ]
كان قطب مفعماً بالثورة، مدافعاً عنها في بداية الأمر، وفي سنة 1953 م بدأ قطب يستشعر خطر احتواء الثورة عن طريق أمريكا، وبُعدها عن التوجه الإسلامي الوطني الذي كان يجب أن تسير فيه، وفي هذه الفترة أو بعدها بقليل تم بأمر من الاتحاد السوفيتي تحويل القيادات والكوادر الشيوعية للدخول في نظام يوليو، بعد أن كانوا في السجون. وهكذا تحولت الثورة من التوجه الإسلامي إلى التوجه الشيوعي. فهل كان عبد الناصر يضمر هذه النية من البداية؟ هل اضطر حفاظاً على عرشه أن يفعل ذلك؟ هل كان يخدع الجميع؟ لا ندري.. لكن المهم أن الثورة مضت في طريق إهلاك مصر.
التحق قطب بالإخوان سنة 1953م وكان المفكر الإسلامي صاحب المكانة الرفيعة سيما بعد سلسلة الكتب التي تحمل روح الثورة الإسلامية، والمفعمة بالحيوية والصدق والإيمان بقدرة الإسلام على أن يخلق حضارة جديدة لا شرقية ولا غربية.. بل إسلامية خالصة، فتقلد قطب - في جماعة الإخوان - منصب رئيس نشر الدعوة، وكان رئيساً لتحرير جريدة الإخوان المسلمين.
لو بقي قطب في هيئة التحرير الناصرية كان سيصبح وزيراً للمعارف أو رئيساً للإذاعة المصرية، ولكنه اختار الإخوان، بعد تحول الثورة عن توجهها الإسلامي.
كان عبد الناصر يُدرك قوة الإخوان جيداً، ويعرف قواعدها وكوادرها بصورة متكاملة، فقرر القضاء عليهم، وعلى كل القوى التي يمكن أن تشكل أي تهديد له.. فكان حادث المنشية سنة (1954م) والذي ضُرب فيه الإخوان ضربة قاتلة، وطعنة نافذة ! وقضى قطب في السجن عشر سنوات بسبب انضمامه للإخوان.
في هذه الفترة بدأ قطب في صياغة مشروعه، وتحليل أسباب الفشل، وما وصلت إليه الحركة الإسلامية من حالة، كان قطب يريد أن يسير على خط البنا الأصيل والواقعي في نفس الوقت، ولكن باستثناء "التوازنات السياسية" أو الدخول في اللعبة السياسية المحلية في هذا الوقت. كان يريد ترسيخ الاتجاه التربوي الصلب على أساس من العقيدة متين، وحماية هذه الدعوة بالقوة حتى لا يتم الاعتداء عليها كما حصل في 48، 54 م، وبدأ كتاباته المعروفة في ذلك، وحاول إنشاء حركة جديدة من ركام الإخوان المتناثر في السجون.
كان نسيج الإخوان التنظيمي ليس على تجانس واحد، فقد توجس البعض خوفاً من حركة قطب وكتاباته، وكانت القيادات لا سيما الأكاديمية منها تعشق لعبة "التوازنات السياسية، وعدم الصدام" وتجعل من محاولات البنا السير بسفينة الإخوان وسط حقول الألغام هذه، وما قاله للملك أو للأحزاب منهجاً للحركة والفكر.. الأمر الذي أدى إلى كوارث خطيرة فيما بعد.
كان قطب يُمثل الاتجاه الثوري داخل الجماعة، وكانت بعض قيادات الإخوان تمثل التيار المهادن المُسالم.. ويقولون: "هذا هو منهج البنا الذي لا نحيد عنه أبداً".
لم يكتمل مشروع قطب، ولم ينجح.. فقد تم القضاء عليه قبل أن يبدأ، وكانت المخابرات على علم بما يحدث، فكانت الضربة الثالثة للإخوان، وكان ما يُعرف بتنظيم (1965م) وتم إعدام قطب بتهمة محاولة قلب نظام الحكم.
بقي قطب يُمثل للإخوان معضلة.. فقد أصبح رمزاً إسلامياً، وشهيداً - بإذن الله - مات من أجل دعوته، ولكن مكتب الإرشاد يرفض منهج قطب في التغيير، فهم يريدون الحفاظ على اسم قطب، ويريدون البراءة من فكر قطب !.
وانفرط عقد الإخوان الفكري، فلم يحسم البنا القضية للإخوان من حيث المبدأ، ولم يكتمل مشروع قطب، فاتخذ الإخوان طريق المهادنة والمسالمة مع النظام، دون محاولة تقويضه أو إنشاء الكيانات التي تُحضر لثورة جديدة عليه، فصار الإخوان جزءاً من النظام، وأصبح أبرز ثمة للفكر الإخواني - بعد موت عبدالناصر وخروجهم من السجون - هو "التناقض والتردد" ثمة أصيلة نستطيع أن نراها في كل حركتهم، فهم مع الجماهير الثائرة ضد الظلم والفساد، ومع النظام الذي يُنشأ هذا الظلم والفساد، مع الأحزاب المعارضة، ومع الأحزاب الحاكمة، مع تثوير الجماهير، وضد الثورة !!.
فعمل الإخوان على تجميد مشروع قطب، وتحنيط اسمه ليكون رمزاً فقط، ومضى الإخوان في لعبة السياسة مع نظام السادات، ومبارك، والمجلس العسكري ثم انقلاب يوليو 2013 م الذي مثل أحد أخطر الضربات للإخوان، وللحركة الإسلامية. وحتى الآن هم لم يحسموا جواب الأسئلة المصيرية في حركتهم، فإن سألتهم ما الذي كان يجب عمله قبل ثورة يناير وبعدها، وما الذي يجب عمله قبل الانقلاب، وبعده، وقبل مجزرة رابعة وبعدها.. أعياك البحث أن تجد جواباً شافياً، وإن حصلت على جواب ما، خرج بيان ينقضه في اليوم التالي !!.
كان أخطر ما تربى عليه أبناء الحركة الإسلامية هو "الجمود والتقليد" سواء في فكر البنا أو فكر قطب - أو غيرهما - الجميع لديه حالة من الكسل الفكري، وهذا الأمر تشجعه جميع القيادات الإسلامية هي فقط تريد الطاعة العمياء، والتقليد.. لم تربِ أبناءها تربية قيادية تعيش روح شخصية البنا أو قطب ليهضموا هذه التجارب الفريدة والمعاصرة في ذات الوقت، ويحملوا شعلة الريادة دون الجمود على موقف هنا أو هناك كان في ظروف خاصة، ومرحلة معينة، محكومة قطعاً بالجو والحالة التي نشأت فيها.
***
وإنا نأمل في ميلاد جيل جديد للحركة الإسلامية، يستوعب دروس الماضي، ويواجه بكل شجاعة الأمراض والانحرافات التربوية التي حصلت، وقبل هذا وذاك يخلع عن عنقه سلاسل التعصب، ويقوم بالشهادة لله، والقيام بالقسط؛ فهذه هي الخطوة الأولى على الطريق الصحيح.
[راجع - لاحقاً إن شاء الله - كتيب: انحرافات تربوية في الحركة الإسلامية]
___
حاوره- عمرو محمود
المستشار جريشة ينقض اتهامات سيد قطب بالتكفير
المستشار الدكتور علي جريشة من أعلام الفكر الإسلامي وهو فقيه له مكانته، عاصر الفترة التي عاش فيها الشهيد سيد قطب، وكانت له وقفات أمام القضاء أثناء محاكمة جماعات التكفير، وكانت شهادته كفقيهٍ وقاضٍ ومحامٍ ذات أثرٍ كبيرٍ على النظرةِ على جماعات التكفير باعتبار أعضائها ضحايا وليسوا جناة.
والمستشار علي جريشة دارس بعمقٍ لقضايا التكفير، لذلك رأينا أنَّ الحديث معه يكون له طابع مميز إذا ناقشنا الاتهام الموجه إلى الشهيد سيد قطب وعلاقته بأفكار التكفير وهو ما دأب البعض على ترديده. فإلى هذا الحديث:
* في البداية سألناه عن الاتهام الذي دأبت أجهزة الأمن ومن سايرها على ترديده وهو أن الجماعات التي مارست العنف خرجت من عباءة الشهيد سيد قطب- رحمه الله- وأنَّ فكرة التكفير موجودة في كتبه؟
** قال المستشار علي جريشة: بالتحقيق العلمي الأستاذ سيد قطب- رحمه الله- ليس مسئولاً عن هذه الجماعات، أما الأخذ بالشواهد فإنه قد يجعله مسئولاً.
** التحقيق العلمي يثبت أن الأستاذ سيد قطب ليس مسئولاً؛ لأنَّ ما قاله من عبارات لا يؤخذ بها معنى التكفير، وقد أكد ذلك أخوه الأستاذ محمد قطب الذي نفى عنه تمامًا هذه التهمة، لكن القارئ العادي أو المغفل (ويدخل في ذلك رجال أمن الدولة طبعًا) قد يفهم أنَّ الأستاذ سيد قطب مسئول، وذلك بسبب عباراته الأدبية التي استخدمها والتي قصد بها أن يُثير الهمم ويحفِّز الأمة النائمة على النهوض من رقدتها لترفض الاستكانة للظلم، وفي سبيل ذلك استخدم ألفاظًا قوية.
فمثلاً- على ما أذكر- بعض عباراته تقول: "مَن فعل ذلك فقد انتفى عنه الإيمان" وهم يفسرون نفي الإيمان بأنه حكم بالتكفير لكن بالتحقيق العلمي نرى أن نفي الإيمان لا يعني التكفير وإنما يعني بقاء الإسلام والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ (الحجرات: من الآية 14) فهذا مثال لما ورد من مقولات الأستاذ سيد- رحمه الله- فالألفاظ القوية التي استخدمها كانت تهدف إلى حفز الهمم وإيقاظ المشاعر، ومن هنا فإن كتاباته لا يؤخذ منها معنى التكفير إلا من وجهة نظر السطحيين والمغفلين.
ويواصل المستشار الدكتور علي جريشة: وفي تفسيري للقرآن الكريم في الربع الرابع من سورة المائدة والربع الخامس من سورة آل عمران أخذت بالرأي الذي ذهب إليه الأستاذ سيد قطب رحمه الله- في أن الذي يمتنع عن تطبيق شرع الله عامدًا تتحقق فيه الصفات الثلاث وهي (الكافرون- الظالمون- الفاسقون)، ومثل ذلك تفسير الأستاذ سيد لقوله تعالى: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ (النساء: من الآية 56) فهنا نجد أن القرآن الكريم نفى الإيمان والبعض تصوَّر خطأً أن هذا يعني حكمًا بالتكفير وهذا غير صحيح لأنه ينفي الإيمان لكنه يُبقي الإسلام.
* في هذا الصدد أين تضع ما سجله العلامة الدكتور يوسف القرضاوي في مذكراته حول هذه القضية، وخاصةً أنَّ هناك مَن لا يوافق على استخدام الشهيد سيد قطب للفظة الجاهلية؟
** أنا قلت إنه يشتبه على القارئ العادي أما أن يشتبه على رجال العلم فهذا ما لا يمكن أن يفسَّر، وأنا أثبت بالتحقيق العلمي أن الأستاذ سيد -رحمه الله - لم يقصد التكفير.. إن مسألة التكفير في رأيي مسئول عنها جهاتٌ أخرى.
** هي ثلاث جهات تحديدًا، وهذا ما أعلنتُه في السبعينيات من القرن الماضي عندما ظهرت قضية التكفير الشهيرة، وهذا ما ذكرته كثيرًا في مناسبات عديدة أمام القضاء في المحاكمة وفي الندوات العامة أمام الجماهير وقلت: إن الجهة الأولى المسئولة عن التكفير هي العصابة التي حكمت مصر منذ انقلاب 23 يوليو 1952م.
وهؤلاء العصابة كانوا يعلمون أنَّ الحكم بالقرآن واجب، ومع ذلك لم يعملوا به، فإذا جاء مَن يتهمهم بالكفر فإنه يكون معذورًا لأنهم تنكَّروا لشرع الله ولا عذر لهم.
والجهة الثانية هي أجهزة الأمن التي مارست التعذيب بأبشع الوسائل، فهي التي اضطرت المعذَّبين إلى الإحساس الشديد بالظلم فقام مزيف منهم بتكفيرها لأنها مارست أعمالاً غير إنسانية على الإطلاق وامتهنت كرامة الإنسان المسلم وأهانت علماء الدين، فمثلاً جرى تعذيب سيدة فوق الستين في حضور رئيس الدولة، وقاموا بتعذيب الشيخ محمد عبد المقصود من الإسماعيلية وهو فوق الستين من عمره، وأحضروا أمامه ابنتيه وهما في سن 18، 19 سنة ونزعوا عنهما ملابسهما أمام والدهما الشيخ الكبير وهو يبكي من بشاعةِ الموقف.
كما قاموا بتعذيب طفل (6 سنوات) أمام أبيه عبد الحميد عفيفي (سائق أتوبيس النقل العام)، وجلدوا الطفل أمام أبيه والطفل يصرخ ويرجو أباه أن يعترف للزبانية ليرحمه هؤلاء المجرمون.
والجهة الثالثة هي أجهزة الإعلام التي تمارس فجورًا لا حدودَ له، وتعرض الأغاني والمسلسلات والأفلام الخليعة التي تناقض القيم الإسلامية، ولذلك فإنَّ هذه الجهات الثلاثة هي المسئولة عن نشأة التكفير في مصر.
وأنا أرى أنَّ الذين وقعوا في التكفير هم ضحايا وليسوا متهمين، ومطلوب محاكمة الجهات الثلاثة السابقة؛ وهي ضباط انقلاب يوليو وأجهزة الأمن وأجهزة الإعلام المختلفة.
* بالنسبة لاستخدام الشهيد سيد قطب للفظة الجاهلية ووصف المجتمع بها كيف تفسرون ذلك؟
** أنا بينت ذلك في كتابي (نحو نظرية في التربية الإسلامية)، وأرى أن الأستاذ سيد- رحمه الله- يمكن أن تقول عنه هنا أنه اجتهد فأخطأ، لكنَّ خطأه ليس فاحشًا لماذا؟ لأنه في الحقيقة تنقصه فقط الدقة العلمية في استخدام لفظ الجاهلية واستعمل بدلاً من ذلك لفظًا أدبيًّا.
والرسول- صلى الله عليه وسلم- قال لأحد الصحابة: "إنك امرؤ فيك جاهلية"، ولذلك كان على الأستاذ سيد قطب أن يقول "مجتمع فيه جاهلية"، لا "مجتمع جاهلي".. كان عليه أن يقول: "الأفراد فيهم جاهلية"؛ لأن كل مسلم من الممكن أن يكون فيه جاهلية رغم أنه يُصلِّي ويُزكِّي ويصوم ويؤدي الفرائض، والصحابي قال لأخيه: يا ابن السوداء فقال له النبي- صلى الله عليه وسلم:"إنك امرؤ فيك جاهلية".
ولذلك فإنَّ التعبير الذي استخدمه الأستاذ سيد- رحمه الله- تنقصه فقط الدقة العلمية.
* معنى ذلك أنه يجب التعامل مع تراث الشهيد سيد قطب بمراعاةِ الأسلوب الأدبي الذي استخدمه..؟
** نعم؛ لأن الأستاذ سيد- رحمه الله- كان يوقظ أمةً نائمةً، فكان لا بد له أن يصرخ فيها لتنهض.
* نأتي إلى كتاب (دعاة لا قضاة) للإمام الهضيبي.. هل كان هذا الكتاب ردًّا على أفكار الأستاذ سيد قطب؟!
** لقد عايشت هذه الفترة معايشةً تامةً، والذي حدث أن فكر التكفير نشأ في المعتقلات، وانتبه له الإخوان المسلمون وردُّوا عليه، والأستاذ الهضيبي- المرشد الثاني للإخوان- أصدر كتابه ردًّا على هؤلاء، وأخذ عليهم البيعة من جديد، وقام بفصل 12 من الإخوان ممن اعتنقوا فكرة التكفير وبدأوا بتكفير مَن يعذبونهم في السجون ثم الحاكم الذي يأمر هؤلاء بالتعذيب ثم المجتمع الساكت على هذا الحاكم، وبذلك كفَّروا المجتمع كله.
وإزاء ذلك كتب الإمام الهضيبي بمساعدة ابنه الأستاذ المأمون كتاب (دعاة لا قضاة)، والأستاذ المأمون هو كاتب معظم الكتاب بإقرار وموافقة والده فالاثنان هما اللذان ألَّفا الكتاب.
* لكن هل كان هذا ردًّا على الشهيد سيد قطب بشكلٍ غير مباشر؟
** لا.. وإنما كان ردًّا على أفكار الذين كفَّروا المجتمع وهم داخل المعتقلات.
* ما الذي يمنع أن يكون هؤلاء قد تأثروا بأفكار الشهيد سيد قطب وفهموها على نحوٍ معين؟
** ليس هناك ما يمنع طبعًا، ولكن يجب أن نلاحظ أنَّ هؤلاء قاموا بتكفير الإخوان المسلمين أيضًا ضمن تكفيرهم للمجتمع ككل.
* دارت معركة حول الأستاذ سيد قطب بين كل من المستشار سالم البهنساوي والأستاذ محمد قطب (شقيق الشهيد سيد قطب)، وكان محور الخلاف مَن الأولى بتفسير أفكار سيد قطب: جماعة الإخوان أم شقيقه؟ خاصةً أنَّ الأسلوب الأدبي للشهيد يحتمل أوجهًا عدة واحتمالات تطرح خلافات كثيرة في تفسيرها.. ما رأيكم في هذه القضية؟
** أنا أقول إنَّ كلا الطرفين على صواب، وأنا أعذر الحدَّة في التعبيرات التي استخدمها الأستاذ سيد قطب؛ لأنه كان يصرخ في الجماهير النائمة كما سبق أن قلت، حتى جماهير الإخوان كانت نائمةً في ذلك الوقت مثل باقي المجتمع، فاضطُّرَّ الأستاذ سيد إلى أن يصرخ في الجميع منبِّهًا وموقظًا.
قطب والمودودي
الإمام أبو الأعلى المودودي
* هناك من يردد أنَّ الشهيد سيد قطب نقل أفكاره عن الأستاذ أبي الأعلى المودودي الذي نشأ في مجتمع غير مسلم بكامله، وهو شبه القارة الهندية، مع أن الأمر مختلف في مصر؛ حيث المجتمع مسلم.. كيف ترون هذا الطرح؟
** الأستاذ المودودي- رحمه الله- عالم جليل، ونحن نعترف بفضله وجهاده وعلمه، لكنه رغم ذلك لم يكن- رحمه الله- فقيهًا، والحقيقة أنَّ أفكار الأستاذ المودودي قد لاقت تجاوبًا لدى الأستاذ سيد قطب الذي كان يبحث في نفس القضية، لكنَّ الحقيقة أيضًا أنَّ الأستاذ سيد قطب لم ينقل أفكار المودودي نقلاً حرفيًّا وإن كان قد تأثَّر به، وبالإضافة إلى ذلك فإنَّ الأستاذ سيد قطب كتب بأسلوب أدبي ولم يكتب أحكامًا فقهيةً ولم يستخدم لغة الفقهاء؛ ولذلك لا يكون الأستاذ سيد قطب مسئولاً عمَّا فهموه خطأً.
* القارئ لتراث الإمام الشهيد حسن البنا وتراث الشهيد سيد قطب يلاحظ ضعف الارتباط الفكري بين الشخصين.. ما مدى صدق هذه الرؤية؟
** كان الأستاذ سيد قطب يُجلُّ الإمام البنا ويعتبره أستاذه ويعتبر نفسه من تلاميذه، لكنَّ الإمام البنا عاش في فترة انتهت عام 1949م، أما الأستاذ سيد قطب فقد تجلَّت مكانته وزاد أثره الفكري في فترة الستينيات، ويصح هنا أن نقول إنَّ سيد قطب يمثل الجيل الثاني في الإخوان، ولم يعايش الإمام البنا مباشرةً وهو في ذلك مع الاعتذار للصحابة- رضي الله عنهم- يشبه التابعين الذين جاءوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك يكون طبيعيًّا أن يظهر سيد قطب كمفكرٍ مستقلٍ، لكنَّ هذا لا يعني تنكره للإمام البنا، وسقف الدعوة والفكر الإسلامي متسع جدًا.
* اليوم وبعد مرور أربعة عقود على استشهاد العلامة الأستاذ سيد قطب.. ما الذي بقي من مشروعه الدعوي والفكري؟
** كل ما كتبه ذخيرة لعصرٍ جديدٍ وللأجيال التالية.
* أخيرًا.. كيف تنظر إلى الفتاوى التي أصدرها بعض علماء الأزهر ضد الشهيد سيد قطب؟
** هؤلاء ينطبق عليهم وصف الشيخ الشعراوي- رحمه الله- أنهم علماء السلطان، وفتاوى أمثال هؤلاء تحتاج إلى تقويم علمي والرد عليها علميًّا، وهي مرفوضة تمامًا؛ لأنها صدرت بناءً على توجيهٍ سياسي.
___
الأستاذ سيد قطب
1 - فى عدد 16 جمادى الأولى 1386 هـ من مجلة ( العلم ) المغربية .. قال المفكر الإسلامى الكبير علال الفاسي زعيم حزب الاستقلال المراكشي فى استشهاد سيد قطب الكاتب والمفكر الإسلامى :
( وقد اتهم سيد قطب وصحبه بالتآمر على الدولة وعلى قتل رئيسها ، ونحن لا نعلم عن سيد قطب إلا الدعوة بالحسنى والصدق فى القول ، وعدم التستر فى شىء من أعماله .. فإن كان ثمة تآمر من معارضي النظام المصرى فلا شك فى أن سيد قطب برىء منه .. وأن الفئة التى يتزعمها لا تدين بغير النضال السلمى والدعوة بالحكمة والكتاب ) .
2 - وتقول : هل وجد سيد قطب - المريض والمعروف أنه خرج من السجن سنة 1964 فى عفو صحى , واعتقل فى [يونيو] 1965 - فرصة الوقت لتدبير انقلاب التخطيط لتدمير وترويع ؟! .
إن تدبير انقلاب في مصر , احتاج إلى إعداد من أوائل الأربعينيات حتى سنة 1952 وسط القوات المسلحة .. كما ذكر الذين تزعموا حركة 23 يوليو 1952 .
3 - وإذا كان هناك من يحاول الخروج من كلمات سيد قطب بمفاهيم دخيلة تؤدى إلى اعوجاج فى الخط .. أو انحراف فى السير .. فإنه يجب أن يذكر كلمته الخالدة : ( إننا دعاة ولسنا قضاة .. دعاة إلى الهدى ولسنا قضاة على من لا نعرف كيف سيختم الله حياتهم هنا أو هناك .. إن الذين يحسنون العمل يجب ألا يركنوا إلى ما يفعلون فالعبرة بالخواتيم ) .
4 - خرج من محكمة الدِجوى بعد أن أصدرروا حكمهم عليه .. وسأله أحدهم فى الخارج عن الحكم ، فأجابه ، هاشاً .. باشاً : إنها الشهادة ..
5 – وهذا طرف من أسرار العلاقة بين سيد قطب وعبد الناصر , والذى كان حليفًا قويًّا، ومُقَرَّبًا للثورة فى بدايتها ، بل أحد مفكريها والمروجين لها.
حيث كانت العلاقة بين سيد قطب وضباط 23 يوليو، علاقةً حميمةً قبل اندلاع الثورة وبعدها، بل كان يُعَدُّ الْمُنَظِّرَ الفكرى للثورة! فقد كانوا يتشاورون مع سيد قطب حول ترتيبات الثورة وأسس نجاحها، والذى يؤكّد ذلك أنه تم تعيينه من قِبَل قيادة الثورة مستشارًا لها فى الأمور الداخلية , وتغيير مناهج التعليم .
6 - وقد حاول سيد قطب التوفيق بين عبد الناصر والإخوان عندما اشتد الخلاف بينهما، ولكنه انحاز فى نهاية الأمر إلى الإخوان ، رافِضًا جميع المناصب التى عرضها عليه عبد الناصر، مثل وزير المعارف، ومدير سلطة الإذاعة.
وسرعان ما توجس سيد من تصرفات قيادات الثورة ، حتى إنه صارح بعض خلصائه قائلاً: لا أجد فى تطور الثورة ما يريح ، فهؤلاء الأمريكان يحاولون احتواءها بدلا من الإنجليز! .
ويروى الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار - الأديب الحجازى المعروف والصديق الأثير لسيد قطب - عن صلة سيد برجال الثورة بعد قيامها، فيقول: بَلَغَ من احترام الثورة لسيد قطب ، وعرفانها بجميله وفضله ، أن كل أعضاء مجلس قيادة الثورة كانوا مُلْتَفِّين حوله ، ويرجعون إليه فى كثير من الأمور، حتى إنه كان المدنى الوحيد الذى يحضر جلسات مجلس قيادة الثورة أحيانا، وكانوا يترَدَّدُون على منزله فى حلوان بل إنه أول من طرح كلمة "ثورة" بدلاً من انقلاب عسكرى لحركة 32 يوليو.
ويتابع عطار كلامه، كما ينقله لنا الدكتور صلاح الخالدى فى كتابه "سيد قطب: الأديب الناقد "- دار القلم- دمشق :
"قرر مجلس قيادة الثورة أن يسند إلى سيد قطب منصب وزير المعارف - ونشرت مجلة آخر ساعة القرار - ولكن سيد قطب اعتذر، ورجوه أن يتولى منصب المدير العام للإذاعة، فاعتذر!
7 - وأخيرا وافَقَ على أن يكون السكرتير العام لهيئة التحرير..( وهى وظيفة تعنى أنه تقريبًا الرجل الثانى فى الدولة ) ولَبِثَ سيد قطب فيها شهرًا واحدًا ، فسرعان ما بدأ الخلاف بين سيد قطب وبين عبد الناصر وزملائه ، مما اضطره إلى الاستقالة من هيئة التحرير.
وهذا يكشف جانباً مميزاً فى سيد قطب ، باعتباره أديبا مرموقاً رقيق المشاعر، فقد كانت طبيعته المعروفة عنه الصدق مع النفس ، والجرأة فى قول الحق وهذا ما أزعج رجال الثورة ، الذين لا يحبون هذا المسلك الأخلاقى فى إدارة الأمور! وعلى رأسهم عبد الناصر.
وقد ذكر هذه الرؤية الكاتب الإسلامى محمد سيد بركة ، صاحب كتاب "سيد قطب أوراق منسية".
8 - لَكِنَّ مما يثير شجونًا فى النفس ذلك السؤال الذي طرحه آنذاك المفكرون والكتاب : كيف هان سيد على عبد الناصر، وهو مُتَّهَمٌ فى قضية هو منها بريء، وهى تكوين تنظيم مسلح لاغتيال عبد الناصر؟! والقضية من أولها إلى آخرها من صنع المخابرات العسكرية !! , ومرة أخرى .. كيف هان لعبد الناصر أن يُعْدِمَ مفكراً كتب عنه أستاذه الدكتور مهدى علام ، فى تقديمه لرسالة (مهمة الشاعر فى الحياة) التى ألقاها سيد قطب كمحاضرة فى دار العلوم ، فقال عنه: ( لو لم يكن لى تلميذ سواه لكفانى ذلك سرورًا وقناعة ، ويعجبنى فيه جرأته الحازمة التى لم تَسْفَهْ فتصبح تهورًا ، ولم تَذِلّ فتغدو جبنًا ، وتعجبنى فيه عصبيته البصيرة ، وإننى أُعِدُّ سيد قطب مفخرةً من مفاخر دار العلوم "! .
فكان أول اعتقال لسيد قطب عام 1954م لمدة شهرين مع قيادات الإخوان المسلمين ، ثم أعيد اعتقاله مرة أخرى بعد (حادث مسرحية المنشية) ، وصدر ضده حُكْمٌ بالسجن 15 سنة، ثم تَوَسَّطَ له الرئيس العراقى عبد السلام عارف ، فأُفْرِجَ عنه بعفوٍ رئاسى.
9 - وفى عام 1965م أعاد عبد الناصر المواجهة مرة أخرى مع سيد قطب ، فأعلن من موسكو -وكان فى زيارة لها- عن اكتشاف مؤامرة(!) دبرها الإخوان المسلمين بقيادة سيد قطب لاغتياله ، وقلب نظام الحكم.
فاعتقل سيدٌ مرة ثالثة ، وذاق أصنافًاً وألواناً من العذاب على يد زبانية التعذيب فى العهد الناصرى! .
وألقى عبد الناصر ورقته الأخيرة إلى قطب ، لعله يلين إلى سلطان الجالس على الكرسى ، فأرسل إليه فى ليلة تنفيذ الحكم ، عارضًا عليه الاعتذار، أو أن يكتب سطرًا واحدًا يطلب فيه الرحمة من جمال عبد الناصر . . ولكن ما كان لمثل سيد فى جرأته وإيمانه بما يعتقد , أن يقبل بمثل هذا العرض .. فرفض العرض الأخير فى حياته كلها ، قائلاً كلماته الخالدة: " إنّ إصبع السبابة الذى يشهد لله بالوحدانية فى الصلاة ، يَأْبَى أن يكتب كلمة يتقرب بها لحاكم طاغية ، فإنْ كنتُ مسجونًا بالحق فأنا أرتضى حكم الحق ، وإن كنتُ مسجونًا بالباطل ، فأنا أكبرُ من أن أسترحم الباطل".
10- وفى يوم 28 من أغسطس 1966 تلقى عبد الناصر رسالةً من الملك السعودى فيصل بن عبد العزيز، يتوسط فيها للعفو عن سيد قطب الذى قضت المحكمة العسكرية بإعدامه ، وأوصل سامى شرف البرقية لجمال عبد الناصر فى ذلك المساء ، فقال جمال عبد الناصر لسامي شرف : ( أعدموه فى الفجر ... بكرة ، وأعرض علىّ الرسالة بعد الإعدام ) !! , ثم أرسل عبد الناصر برقية اعتذار للملك ، مُتَعَلِّلاً بأن رسالة الملك وصلته بعد تنفيذ الحكم !! .
11 – واليوم تأتي المحاولات لإلقاء نفس التهم القديمة البالية , التي عرف العالم حقيقتها , لتتفوه بها أقلام جانية ظالمة , تٌساق دون أن تدري لحتف الحق , وهو محال : ( وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ) , فأعادوا سيناريو التزييف القديم , بما يسمي ( القطبيون ) متناسين أن الحقائق أصبحت في عصرنا اليوم معلومة للقاصي والداني , فما زادوا أنفسهم إلا خيبة وجهالة , بعد أن أصبحوا مثار فكاهات في زمن قلت فيه الابتسامات , وإني لأعجب من كتاب أعماهم الهوي , فراحوا ينشرون الأكاذيب والضلالات , وهم ينشرونها لغير حسابهم , متوهمين بها السبق , فكان السبق في الضحك من فكاهاتهم , فما نالوا إلا أنهم سقطوا من أعين الشرفاء , فبعد نصف قرن قد نشرت فيه آلاف الوثائق والنشرات والمذكرات من المعنيين بالأمور , عن توقيعات على بياض في أتون التعذيب , لكلام هزيل من صناعة نظام استبدادي فاسد , والتي هى في الحقيقة إدانة لهم , واقرءوا إن شئتم مذكرات السادات ومحمد نجيب والبغدادي وصلاح نصر وكمال حسين وحسين حمودة وسامي شرف وصلاح شادي وعمر التلمساني وعشماوي ومصطفي أمين وأحمد أبو الفتح وسامي جوهر وأنيس منصور والحمامصي وشوكت التوني وعلي جريشة فإن كنتم قرأتموها فتلك مصيبة , وإن لم تكونوا قد قرأتموها فالمصيبة أعظم .
وإني لأبكي اليوم حال إعلامنا الذي تحول إلى وكالة إعلان مدفوعة الأجر , وأرثي أيضاً تحول البعض إلى مهرجين في سيرك الضلالات , فعلى العقلاء أن يبصروهم , وعليهم أن يعلموا الحقائق , فمصرنا الحبيبة في حاجة ماسة خاصة في يومنا هذا لخطوات الجادين وليس المهرجين .
12 – لقد كان لي الشرف في أن أبحر في محيطات الشهيد فكراً وإحساساً وحركة , حين قمت بإعداد كتاب ( الغزوات في ظلال القرآن ) وفيه ( غزوات مع اليهود ) وكأنها الحاضر اليوم , بما ربطه الشهيد بواقع الأمة اليوم , وقضية فلسطين , أما حين قمت بتحقيق كتابه النادر : ( أمريكا التي رأيت ) , وهو رسالة اليوم الواقعية , فأدركت لماذا سيد قطب هدفاً لأمريكا والكيان الصهيوني , كتب سيد قطب فى ( دراسات إسلامية ) ص 181 ـ 185 : ( إننا ننسى أن العالم الأوربى والعالم الأمريكى يقفان صفًا واحدًا بإزاء العالم الإسلامى ، والروح الصليبية القديمة هى هى ما تزال .. إننا ننسى هذا ، لأن فينا مغفلين كثيرين ومغرضين كثيرين يضللوننا ، وينشرون دعاية مغرضة عن رغبة أمريكا فى إنصاف الشعوب المستعبدة ومساعدة الشعوب المتأخرة ، مع أننا ذقنا الويل من أمريكا فى فلسطين ، إن جراحات العالم الإسلامى تنبض بالدم فى كل مكان ، وأمريكا واقفة تتفرج ، ومع هذا توجد صحف ويوجد ناس : يتحدثون عن تمثال الحرية فى ميناء نيويورك ...
وأخيراً : لهذه الحقائق أٌعدم سيد قطب , وسيصبح سيد قطب تهمة جاهزة , اسمها ( القطبيون ) , من صنع امريكا وإسرائيل , فلا نامت أعين البلهاء .
__
ماذا تعني كلمة : التحريض على العنف ؟؟؟ ... اي حكومة ديكتاتورية تتهم معارضيها بالإرهاب و التحريض على العنف!...
. الاحتلال الإنجليزي كان يتهم غاندي (صاحب شعار اللاعنف!) بالإرهاب و العنف !...
نيلسون مانديلا كانت حكومة التفرقة العنصرية في جنوب افريقيا تتهمه بالإرهاب و التحريض على العنف!
امريكا كانت و لا تزال تتهم اي حركة تحرر بالإرهاب و التحريض على العنف... مثل فيتنام و دول امريكا الجنوبية!
بل إن رئيس مصر السابق أنور السادات كان إرهابي! .. و تم الحكم عليه بالسجن في قضية اغتيال الوزير أمين عثمان في عهد الملك فاروق !
و يقول الكثير من الجهلاء أن افكار سيد قطب تحرض على العنف ! ... و هذا يدل على جهل شديد ... او مجرد نفاق و تزوير بكل بجاحة!
..١... كتاب : سيد قطب ضد العنف يثبت بما لا يدع مجال للشك عكس هذا ...
..٢... سيد قطب من العقول العبقرية أصحاب المؤلفات العظيمة و الأفكار المبدعة
..٣.. تعرض للتعذيب في السجن
..٤.. هذا التعذيب و الظلم جعله يخرج فكرة لا نتفق معها ...لكنها فكرة لا تحرض على العنف !
..٥.. فكرة اعتزال المجتمع ... لانه مجتمع جاهلي.. مجتمع تحكم الحكام في عقله و أفسدوا تفكيره و فطرته...و ابعدوه عن الدين
..٦.. هذه الفكرة تدعو إلى اعتزال مجتمع جاهل... و النظر بإستعلاء له ... والبعد عنه ... مثل اعتزال المؤمنين الأوائل للمجتمع الجاهلي ...او الهجرة
..٧... لكن كل الأفكار لم تحتوي على العنف ...بل كانت ضد العنف !!!
..٨.. طبعا كل أعداء الإخوان المسلمين يرددون غير ذلك ..إما بسبب الجهل أو سوء النية
..٩.. كلمة التحريض على العنف كلمة مضحكة مطاطة يستعملها كل صاحب مصلحة ! ....
و مبالغة اتباع الحكومة في النفاق و تشويه سيد قطب يجعلنا نبحث و نسأل ..و نشك فيما يقولون .. بل و ربما نتأكد! انهم على باطل ! و كذب ! .. كما كذبوا و يكذبون في كل شيء !!
____
ينقل ربيع المدخلي كلاما لسيد غفر الله له من كتابه ( التصوير الفني ) يتحدث فيه عن طبع موسى عليه السلام بأنه عصبي المزاج وذكر القصص التي جرت معه في القرآن التي يظهر منها ما فهمه سيد غفر الله له ثم يعلق عليه ربيع المدخلي فيقول : انظر كم سخرية سخر بها سيد قطب من هذا النبي الرسول الكريم الكليم الوجيه عند الله
وأقول: إن موسى رسول كريم من رسل الله الكرام أولي العزم عليهم الصلاة والسلام، وإن له عند الله وعند المؤمنين لمنزلة عظيمة ومكانة
رفيعة توجب على الناس حبه واحترامه وتوقيره كسائر أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام.) ثم ذكر أنه عرض هذا الكلام على بعض العلماء المعاصرين فكفروا من يقول بها
ولا أدري لماذا يخجل ربيع من تكفيره و خصوصا أنه استدل بفتوى لابن باز أن الطعن بنبي الله موسى ردة مستقلة !!
ثم هل جاء سيد قطب رحمه الله ببدع من القول أم قال بقوله هذا أحد ! وهل سينطبق هذا التحذير و التكفير المبطن على من وافقه أم أن البغاث بأرضنا يستنسر!؟
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله وغفر له في فتح الباري عند شرحه لحديث المحاججة بين آدم و موسى عليهما السلام: وفيه أنه يغتفر للشخص في بعض الأحوال ما لا يغتفر في بعض كحالة الغضب والأسف ، وخصوصا ممن
#طبع_على_حدة_الخلق_وشدة_الغضب ، فإن موسى عليه السلام لما غلبت عليه حالة الإنكار في المناظرة خاطب آدم مع كونه والده باسمه مجردا، وخاطبه بأشياء لم يكن ليخاطب بها في غير تلك الحالة، ومع ذلك فأقره على ذلك وعدل إلى معارضته فيما أبداه من الحجة في دفع شبهته.) انتهى
فهذا الحافظ غفر الله له يصف موسى بأنه طُبع على حدة الخلق و الغضب فهل سنبدعه أو نكفره؟
وكذلك للنووي رحمه الله كلاما يصف فيه المحاججة بعد موت آدم بأن فيها أذية و تخجيل له فهل نقول أن النووي يتهم موسى عليه السلام بأنه يريد أذية و تخجيل آدم عليه السلام ؟
وكذلك السعدي غفر الله له قال في تفسير سورة [الأعراف{سبحانك تبت إليك}:من جميع الذنوب وسوء الأدب معك ) انتهى
و الذي يهمنا أن ربيعا المدخلي استدل بكلام سيد الذي كتبه في كتابه التصوير الذي كتبه في بداية حياته وترك ما سطره في الثناء على نبي الله موسى في الظلال و غيره بعد النضوج العلمي حقدا و بغضا للرجل
ولا أود نقل ما كتبه في الظلال خشية الإطالة
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبيه نبي الرحمة و أخيه موسى تسليما كثيرا
عمير الهاشمي
-------
باقي الكتب تراجع عنها
يقول المستشار عبدالله العقيل في مجلة المجتمع العدد 112 تاريخ 8/8/1972 م :
"إن سيد قد بعث لإخوانه في مصر والعالم العربي أنه لا يعتمد سوى ستة مؤلفات له وهي : هذا الدين، المستقبل لهذا الدين، الإسلام ومشكلات الحضارة، خصائص التصور الإسلامي، في ظلال القرآن، ومعالم في الطريق".
مع التأكيد أن شهادة المستشار عبد الله العقيل جاءت سنة 1972 أي قبل الضجة التي أثارها المداخلة حول كتابات الشيخ سيد قطب رحمه الله, حتى لا يقول قائل أن هذه الشهادت
تهدف فقط إلى تبرئة الشيح رحمه الله, كما أنها جاءت في فترة كان الإقبال فيها على أشده على كتابات الشيخ رحمه الله (الصحوة الإسلامية)!
كما أن هذه الكتب التي تراجع عنها سيد قطب كانت قبل التزامه بالمنهج الحق و هي التي تحتوي على المغالطات في الصحابة وغيرها التي يتمسح بها المداخلة ..
---
ينقل المداخلة نصا من كتاب العشماوي الخائن ( التاريخ السري لجماعة الإخوان) يزعم فيه أنه التقى بسيد قطب رحمه الله في السجن فحضرت الصلاة فقال له العشماوي أن دعنا نصلي فقال له سيد قطب بما معناه ( أنا أرى أنه تسقط صلاة الجمعة فقهيا عند سقوط الخلافة)
أولا نسأل المخاذلة من هذا العشماوي وهل هو ثقة عندكم ؟ هل طبقتم أمر الله عز وجل حين قال ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) وفي قراءة فتثبتوا ؟
هل يقبل كلامه رغم أنه خصم لدود للإخوان ؟
لماذا لم ينقل هذا الكلام غيره ؟
أين نجد هذا الكلام في كتب سيد قطب مع أنه أمر مهم جدا ولا يخفى على محبيه
فهل سيد قطب الذي يسعى للتكفير بنظركم لا يأمر أتباعه بذلك ؟
ثانيا هل نترك كلام سيد قطب المدون في كتبه لنأخذ بكلام هذا العشماوي ؟
إليكم ما قال سيد قطب رحمه الله في كتابه العظيم ( الظلال ) حاكيا قصة أثرت به منذ 16 سنة حيث كان على ظهر السفينة فقال وخطر لنا يوم الجمعة أن نقيم صلاة الجماعة في المحيط على ظهر السفينة !
ثم أكمل فقال وقمت
#بخطبة_الجمعة و
#إمامة_الصلاة ، والركاب الأجانب معظمهم- متحلقون يرقبون صلاتنا، وبعد الصلاة جاءنا كثيرون منهم يهنئوننا ) انتهى مختصرا راجع الظلال 2، 1091
وهاكم كلامه عن صلاة الجمعة عند تفسيره لسورة الجمعة
قال رحمه الله وصلاة الجمعة هي الصلاة الجامعة، التي لا تصح إلا جماعة.. وهي صلاة أسبوعية يتحتم أن يتجمع فيها المسلمون ويلتقوا ويستمعوا إلى خطبة تذكرهم بالله. وهي عبادة تنظيمية على طريقة الإسلام في الإعداد للدنيا والآخرة في التنظيم الواحد وفي العبادة الواحدة; وكلاهما عبادة . وهي ذات دلالة خاصة على طبيعة العقيدة الإسلامية الجماعية التي تحدثنا عنها في ظلال سورة الصف. وقد وردت الأحاديث الكثيرة في فضل هذه الصلاة والحث عليها والاستعداد لها بالغسل والثياب والطيب.) فهل من المعقول أن يذكر الحث عليها و يرغب بها بنقله للأحاديث وهو يراها لا تصلح هذا الزمان ؟
ثالثا و أقول هذا تنزلا إن ثبت و استطاعت المداخلة أن يثبتوه ( مع جزمي بعدم إمكانية ذلك ) أقول أن المسألة فقهية فقد قال بعض أهل العلم من من الأحناف أن الجمعة لا تقام إلا بحضرة أمير أو وال نائب عنه ( خلافا لجماهير أهل العلم ) انظر الأوسط (4 / 113) لابن المنذر رحمه الله ولست بصدد تصوبة أو تخطئة القول إنما لأنقل أن المسألة فقهية وليست بتلك الصورة التي يتخيلها المداخلة فإن أردت التشنيع فشنعوا على من قال بها من أهل العلم
هذا والله أعلم
عمير الهاشمي
ألى الذين يعتبون علينا أننا ننشر لسيد قطب
وجهوا عتبكم إلى الشيخ الفوزان أولا"
الشيخ ابن باز يترحم على سيد قطب ويقول : ونرجوا ان يكون من الشهداء الابرار ويمدح كتابه في ضلال القران !
هل يجرِ المداخلة ان يضللوا ويبدعو الشيخ ابن باز ام تراهم يخافون ان تنكشف سوءاتهم لو طعنوا في الشيخ؟ لما مات العلامة نشط المداخلة بترويج منهجهم الجديد في تمزيغ الامة
لماذا يكره المداخلة (مرجئة العصر) سيد قطب ويشنعون عليه ؟؟
لما كانت حياة سيد قطب تتمحور حول الكفر بالطواغيت وهتك أستارهم ، بينما تمحورت حياة المداخلة الجامية حول تعظيم الحكام الطواغيت وتعبيد الناس لهم ، صار سيد قطب عدوهم الأول ، فوجهوا له السهامات ، وتصيدوا له الزلات ، وألصقوا به الاتهامات .
وأصبح هو همهم الشاغل ، يبحثون في كتبه عن أي خطأ ، فيعظمون له الهفوة ، ويفدحون له الخطأ ، ويخفون له الحسنة.
فتارة قطب يكفر المجتمعات ، وتارة يسب الصحابة والأنبياء ، واخرى يقول بخلق القرآن ..الى آخر ترهاتهم ،
وسيد قطب ليس معصوما فندافع عن أخطاءه أو نبررها ،انما هو كأي أحد يؤخذ منه ويرد ،
فلاتستمع الى ترهات القوم ، فان كسر قطب لأصنامهم من الطواغيت التي يعظمونها من دون الله قد أطار عقول القوم ، وأذهب أحلامهم ، فهم يهزون كالمجانين ، قد اسقط في أيديهم فلايدرون ماذا يفعلون ، وطواغيتهم يؤزونهم للغي ثم لايقصرون .
فلا تلتفت لهم أخي ، وامض في طريقك ، واحمد الله على العافية ، وخذ من قطب وغيره ما وافق الشرع ، واترك منه ومن غيره ماخالف ، فهذه هي دعوة الحق وان كره المرجئون ..
____
الإخوان في بعض الأوقات أبطال وأقرب الجماعات إلى الحق .. وأحيانا أخرى خوارج ومفسدون .. وكلا الفتوتين من نفس الجهة حتى تعلموا أن الفتوى بتكون حسب الطلب وحسب وجهة نظر ولي الأمر
سؤال لماذا كانت كتب سيد قطب و حسن البنا تدرس في مدارس السعودية!؟
من أعدم سيد قطب؟!
يد البطش أعدمت سيد قطب يوم 29 اغسطس سنة 1966....يومها تحرك العالم الإسلامي كله، حكومات و شعوب و علماء، و كان على رأسهم الشيخ ابن باز رحمه الله، الذي تولى صلاة الغائب عليه بالحرم المكي، و ترحم عليه و على من معه ، سائلا الله تعالى ان يتقبله في الشهداء..
اثنى عليه و على مؤلفاته و ذكر بأن كتاب الظلال من اهمها و انفعها....بعدها ذكر هذا الكلام في كتابه "تحفة الإخوان" ليبقى شاهدا لسيد قطب من طرف رئيس هيئة كبار العلماء آنذاك.
نذكر بأن ربيع المدخلي هو الآخر سجل شهادة له
في كتابه منهج الأنبياء طبعته الأولى ، بأن سيد قطب وصل إلى عين منهج الأنبياء ، و على الجماعات الاسلامية ان تتبع هذا المنهج و تسير عليه...(كلام ربيع).
كل هذا كان قبل اجتياح العراق للكويت 1990.
و نذكر بأن ربيع كان عضوا في جماعة الإخوان المسلمين.
فلما اجتاح العراق الكويت ، اجتمع مجلس الخليج و قرر بالاستنجاد بأمريكا...و انقسم العالم الاسلامي الى اثنين من اجل هذا القرار بين مؤيد و معارض، و تحركت الجمعيات و المنظمات، و من بينهم جماعة الإخوان التي عارضت هذا القرار، حتى الإخوان في السعودية عارضوا القرار...هنا انفجر الوضع، و بدأت الاعتقالات في صفوف الجماعة في السعودية، و تدخل الصها/ينة و اشعلوا نار الفتنة على مستوى الدول و الحكومات بأن الاخوان هم من وراء الاجتياح و الدليل انهم عارضوا القرار...
ربيع المدخلي...ماذا يفعل..و هو عضو في الجماعة؟
و هو يشهد و يشاهد الاعتقالات و التقلبات (؟!)
سارع لتبرأة وضعه بتأليف كتاب "صد عدوان الملحدين.." يؤيد فيه التدخل الامريكي و قرار بلاده....هنا ، أيادي خفية خرجت بخطة لتكليف ربيع بها، و إلا سيلقى نفس المصير : الإعتقال.
الخطة هي ضرب الإخوان في العالم باستعمال الدين من أجل كسب الناس و عواطفهم، و اتهام الإخوان بأنهم وراء كل فتنة في العالم و انهم ضد الحكام و ضد الدول و اصحاب دنيا و مطامع و انهم من الخوارج و الضالين و المبتدعين، و ليسوا من اهل السنة و الجماعة....الخ...
و بدأ ربيع في تنفيذ الخطة و نشرها... فبدأ بسيد قطب و حسن البنا، باتهام الاول بانه سب الصحابة، لا يصلي الجمعة ، سب الانبياء، بأنه ماسوني، بأنه يقول بوحدة الوجود...الخ...يعني غير مسلم.
و الثاني بانه صوفي...مبتدع...من اصول يهو/دي..
يبحث عن الكرسي...الخ...
كل هذا لابغاضهما لدى الناس...و بدأ العمل فعلا و انتشر لدى بعض الدول...من أجل محو جماعة الاخوان المسلمين نهائيا.
هذا ما يريده الصها/ينة، لانهم يعلمون و يدركون جيدا من هم الإخوان: وزنهم و جديتهم و عملهم و بأنهم لا يلعبون.
فدفعوا الحكام ليقوموا بهذه المهمة مقابلا الرفهية و الاستقرار في المناصب و المد بالمال...الخ...
تلك الحكومات استغلت ربيع لهذه المهمة القذرة و من معه هنا و هناك....الاعتقالات العشوائية الظالمة في السعودية لخير دليل....ما وقع في مصر لدليل آخر...و المضايقات هنا و هناك توحي بذلك.
* يكرهون سيد قطب، لأنه يخاطب الفكر، كلامه وعي، يوقظ الناس من النوم، ينبه الشعوب من السبات، يظهر الحقائق و يحرك الضمائر...
فاحسوا بأنه خطر عليهم و لا بد من تصفيته...
فاعدموه....و بعد 57 سنة لا زال يرعبهم و يخيفهم، هم يخافون من فكره و انتشاره....الا ان فكره تبناه العالم كله....كل المسلمين و الشعوب المضطهدة كلهم سيد قطب.
# باختصار هذا ما وقع و يقع، و هذه هي الحقيقة التي يعلمها المداخلة و يخفونها على الاتباع الذين يظنون انهم يحاربون الخوارج و المبتدعة باسم الدين...
غروا بشباب الأمة و تلاعبوا بهم و قالوا لهم نحن سلفيون، نحن اهل السنة و الجماعة ، نحن الفرقة الناجية....فاندفع الضعفاء و الجهلة بالعاطفة ظنا منهم انهم على حق.
*** هذه هي السلفية الكاذبة المكذوبة و هؤلاء هم المداخلة العملاء.
- و الحمد لله رب العالمين، و الله اكبر و لله الحمد.
___
الشهيد سيد قطب..شبهات السلفيين
يتناول هذا الجزء شبهات ساقها البعض من المشتغلين بعلوم العقيدة الإسلامية، معتبرين أن الأستاذ سيد قطب رحمه الله قد خالف منهج السلف الصالح في فهمه لبعض مسائل العقيدة ، ولعل مشكلة الاجتزاء واقتطاع الكلمات والحكم عليها والتقييم من خلالها يمثل أيضا مشكلة هذا الجزء كما كان مشكلة الجزء الأول، ولعل شبهة هؤلاء استندت بالأساس على عبارات وردت في سياق تفسيره لسورتي الإخلاص والحديد، فهموا منها أنه يعتقد وحدة الوجود كما اعتقدها من قبل أصحاب البدع والضلالات. ومن قرأ الظلال وغيره من مؤلفات الأستاذ رحمه الله يدرك تهافت هذه الشبهة أمام الصريح من عباراته التي توضح صفاء عقيدته ونقاءها. ما المقصود بوحدة الوجود؟
هي فهم خاطئ، يزعم معتقدوه أن الوجود كله وحدة واحدة، وجود الخالق ووجود المخلوق، وأن الخلق هو الصورة المنظورة للخالق مما يعني أن البشر والحجر والكائنات الأخرى هي الله، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. حتى إن أحدهم ليقول( ما في الجبة إلا الله) ، ويقول (سبحاني ما أعظم شأني) ويقولsad.gifخرجت من الله إلى الله، حتى صاح مني في، يا من أنا أنت)
وتحدث أبو يزيد البسطامي عن ما قال أنه حوار بينه وبين الله تعالى فقالsad.gifورفعني فأقامني بين يديه، وقال لي : يا أبا يزيد، إن خلقي يحبون أن يروك، فقلت: ربني بوحدانيتك، وألبسني أنانيتك، وارفعني إلى أحديتك، حتى إذا رآني خلقك قالوا: رأيناك لتكون أنت ذاك ، ولا أكون أنا هناك) وقال الحسين بن منصور الحلاج:
مزجت روحك في روحي كما تمزج الخمرة في الماء الزلال
فإذا مسك شيء مسني فإذا أنت أنا في كل حال
ويقول
أنا من أهوى ومن أهوى أنا نحن روحان حللنا بدنا
فإذا أبصرتني أبصرته وإذا أبصرته أبصرتنا
ويقول ابن عربي:
(فوجودنا وجوده، ونحن مفتقرون إليه من حيث وجودنا، وهو مفتقر إلينا من حيث ظهوره لنفسه: من يحمدني وأحمده، ويعبدني وأعبده)
العبد رب والرب عبد يا ليت شعري من المكلف
لا تراقب فليس في الكون إلا واحد لعين فهو عين الوجود
ويسمى في حالة بإله ويسمى في حالة بالعبيد
ويقول جلال الدين الرومي:
( يامن تبحثون عن الله، إنما أنتم الله، ليس الله خارجا عنكم، هو أنتم أنتم، اعتكفوا في الدار،ولا تدوروا هنا وهناك، لأنكم أنتم الدار، وأنتم رب الدار، وأنتم الذات، وأنتم الصفات، فالذي لم يلد ولم يولد هو منكم)
هذه بعض مقولات القائلين بوحدة الوجود، وغيرها كثيرة لا يسعها المقام ،فهل كان سيد قطب يؤمن بهذه الضلالات؟ وهل ما أورده في تفسيره لصدر سورة الحديد كان قطعيا لدرجة تكفي لأن يدرجه البعض في قائمة القائلين بوحدة الوجود؟
يقول رحمه الله في تفسير قول الله عز وجل"هو الأول والآخر والظاهر والباطن" في أول سورة الحديد[/u]sad.gifهذا الوجود الإلهي هو الوجود الحقيقي، الذي يستمد منه كل شيء وجوده، وهذه هي الحقيقة الأولى التي يستمد منها كل شيء حقيقته، وليس وراءها حقيقة ذاتية ولا وجود ذاتي لشيء في هذا الوجود) لاحظ هنا قوله( وجود ذاتي) ومعلوم أن وجود المخلوقات جميعا ليس ذاتيا، فهي لم تخلق نفسها، بل إن الذي خلقها هو الله عز وجل وله رحمه الله أقوال صريحة في رفض فكرة وحدة الوجود.
يقول في كتابه خصائص التصور الإسلامي في باب التوحيد
يقوم التصور الإسلامي على أساس أن هناك ألوهية وعبودية، ألوهية يتفرد بها الله سبحانه، وعبودية يشترك فيها كل من عداه، وكي ينفرد الله سبحانه بالألوهية، كذلك ينفرد -تبعا لهذا- بكل خصائص الألوهية، فهناك إذن وجودان متميزان، وجود الله، ووجود ماعداه من عبيد الله، والعلاقة بين الوجودين هي علاقة الخالق بالمخلوق والإله بالعبيد) وفي تفسيره لقول الله عز وجل"وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون" يقول رحمه الله:
(والنظرية الإسلامية أن الخلق غير الخالق، وأن الخالق ليس كمثله شيء، ومن هنا تنتفي من التصور الإسلامي فكرة وحدة الوجود، على ما يفهم غير المسلم من هذا الاصطلاح، أي بمعنى أن الوجود وخالقه وحدة واحدة، أو أن الوجود إشعاع ذاتي للخالق، أو أن الوجود هو الصورة المرئية لموجده، أو على أي نحو من أنحاء التصور على هذا الأساس) ( والوجود وحدة في نظر المسلم على معنى آخر، وحدة صدوره عن الإرادة الواحدة الخالقة، ووحدة ناموسه الذي يسير به) وفي تفسيره لسورة الإخلاص تلحظ أسلوبا أدبيا رفيعا، فيه خفاء في المعنى ، يتضمن تفريقا بين وجود الخالق ووجود المخلوق، يلحظه أولو النهى.(ومتى استقر هذا التصور الذي لا يرى في الوجود إلا حقيقة الله، تستصحبه رؤية هذه الحقيقة في كل وجود آخر انبثق عنها، وهذه درجة يرى فيها القلب يد الله في كل شيء يراه، وراءها الدرجة التي لا يرى فيها شيئا في الكون إلا الله،لأنه لا حقيقة هناك يراها إلا حقيقة الله) فهو هنا إذن يتحدث عن مجرد مشاعر ورؤية قلبية،ولا يجوز بحال الوقوف على ظاهر الألفاظ، إذ القلب لا يرى أصلا.
ولابن القيم رحمه الله تصنيف مهم يجدر ذكره هنا، فهو يرى أن الفناء اسم يطلق على ثلاث معان:
1-الفناء عن وجود السوى.(بمعنى أن لا شيء موجود سوى الله) وهو فناء الملاحدة القائلين بوحدة الوجود.
2-الفناء عن شهود السوى.(وليس المراد به فناء وجود ما سوى الله، إنما هو فناؤه عن شهودهم وحسهم، فحقيقته غيبة أحدهم عن سوى مشهوده وهو الله.
3-الفناء عن إرادة السوى. وهو فناء خواص الأولياء وأئمة المقربين،فأحدهم يستغني بمراد محبوبه منه عن مراده هو من محبوبه.
بل إن لابن القيم موقف ينبغي أن يتعلم منه العلماء في التعامل مع مثل هذه القضايا.
يقول الهروي -صاحب منازل السالكين- (الفناء: اضمحلال ما دون الحق علما،ثم جحدا، ثم حقا) فهو هنا ينفي الوجود عن ما سوى الله، وهذا ظاهر كلامه، لكن ابن القيم من أئمة السلف الذين يتذوقون أساليب البيان يقول وفرق بين إسقاط الشيء عن درجة الوجود العلمي الشهودي، وإسقاطه عن رتبة الوجود الخارجي العيني، فشيخ الإسلام الهروي ،بل مشايخ القوم المتكلمين بلسان الفناء هذا مرادهم ، وحاشا لشيخ الإسلام - يعني الهروي- من إلحاد أهل الإتحاد، وإن كانت عبارته موهمة بل مفهمة لذلك) فأين عبارات قطب من عبارات الهروي ومع ذلك قال فيه ابن القيم ما قال.
ثم انظر إلى ما قاله شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: (استغاثة المخلوق بالمخلوق..استغاثة العدم بالعدم، فالمستغيث عدم ،والمستغاث به عدم). فإذا أخذنا الكلام على ظاهره فإننا نقول أن المخلوقات لا وجود لها، ولكن المقصود أن الله عز وجل هو صاحب الإرادة والمشيئة الفعالة التي لا وجود لأي مشيئة أو إرادة إزاءها.
وحين روى ابن تيمية عن أبي يزيد البسطامي وهو من القائلين بوحدة الوجود ترحم عليه قائلاsad.gif عن أبي يزيد رحمه الله) والترحم لا يجوز إلا على المسلم.
وقد أنصف كثير من علماء العصر الثقات الأستاذ سيد قطب رحمه الله، وقالوا في حقه كلاما ينبغي الوقوف عنده.
يقول الشيخ عبد الله بن جبرين:
(إن سيد قطب وحسن البنا من علماء المسلمين، ومن أهل الدعوة ، وقد نفع الله بهما، وهدى بدعوتهما خلق كثير، ولهما جهود لا تنكر، لأجل ذلك شفع الشيخ عبد العزيز بن باز في سيد قطب عندما قرر عليه القتل، فلم يقبل شفاعته الرئيس جمال عبد الناصر، وإذا وقع منهما أخطاء يسيرة في التأويل ونحوه فلا يصل إلى حد التكفير، فإن العلماء الأولين لهم مثل ذلك كالنووي السيوطي وابن الجوزي وابن عطية والخطابي والقسطلاني وأمثالهم كثير ، وقد قرأت ما كتبه الشيخ ربيع المدخلي في الرد على سيد قطب ورأيته جعل العناوين لما ليس بحقيقة) إنتهى كلامه.
وقد سُئل الشيخ عبد الرحمن الدوسري بعد محاضرة ألقاها من أحد السائلين معترضا على الشيخ لاستشهاده بكلام لسيد قطب مع كونه حليق لا لحية له فقال:( إذا كان الشهيد سيد قطب بلا شعر في لحيته فهو صاحب إحساس وشعور، وإيمان عميق، وعزة وكرامة، وغيرة على الإسلام والمسلمين، قدم روحه فداء لدينه، واستشهد في سبيل الله طلبا لمرضاته، وطمعا في جنته، وقال قولته المشهورة حين ساوموه ليرجع عن موقفه "لماذا أسترحم؟ إن سجنت بحق فأنا أرضى حكم الحق، وإن سجنت بباطل فأنا أكبر من أن أسترحم الباطل، إن إصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية في الصلاة ليرفض أن يكتب حرفا يقر فيه حكم طاغية" هذا هو سيد قطب فأين أصحاب الشعر بلا شعور من مواقف الرجال) انتهى
ويقول الدكتور سلمان العودة:
(والذي أدين به أن الأستاذ سيد قطب من أئمة الهدى والدين، ومن دعاة الإصلاح، ومن رواد الفكر الإسلامي، سخر فكره وقلمه في الدفاع عن الإسلام وشرح معانيه، ورد شبهات أعدائه، وتقرير عقائده وأحكامه، على وجه قل من يباريه أو يجاريه في هذا الزمان، وكان حديثه حديث المعايش الذي لابس هم الإسلام قلبه، وملك عليه نفسه، قد شغله الحزنُ على الإسلام والغضب له حتى عن ذاته وهمومه الخاصة.
ومن ذلك أنه كتب فصولا موسعة في موضوع الدعوة ومنهجها، والموقف من المجتمعات المعاصرة، وكتب ذلك بعاطفة مشبوبة ولغة قوية، وغيرة على الدين وعلى المسلمين.. حمّلها بعضُ قارئيه مالا تحتمل من المعاني واللوازم، وتعاملوا معها على أنها نصوص تُقرأ بحروفها وألفاظها، وتحفظ وتتلى ويستشهد بها في مواطن النزاع ، ومضايق الجدل والمناظرة والخصام ، وبنى بعضُ هؤلاء على هذه القراءة الحرفية الضيقة تكفير الناس كافة، أو التوقف بشأنهم أو الهجرة من ديارهم، إلى أين؟؟ لا ادري.
وبنى آخرون عليها فكرة الانفصال عن المجتمعات وترك العمل فيها واعتزالها.وفهمت كلام سيد رحمه الله عن العزلة الشعورية بتكثيف قوى وترميز شديد،جعلها بؤرة العمل والانطلاق، والحق أن القراءة الحرفية الظاهرية لتراث كاتب ما ليست أمراً خاصا وقع مع سيد قطب رحمة الله وحده، لكنها مشكلة تراثية يعاد إنتاجها الآن مع عدد كبير من رموز العلم والفقه، والدعوة والاجتهاد علما بان الحري بالباحث إجمالا أن يفهم كلام الشيخ أو العالم بحسب ما تقتضيه نصوصه الأخرى، فيرد بعضها إلى بعض ويفسر بعضها ببعض، ولا يتمسك بكلمة يضع لها أقواسا ثم يعقد لها محكمة.
وليعلم الأخ الكريم الناصح لنفسه أن الوقيعة في آحاد الناس فضلا عن خاصتهم من أهل العلم والإصلاح والدعوة من شر ما يحتقب المرء لنفسه، ولا يغتر المرء بمن يفعل ذلك كائنا من كان لأن الحساب في القيامة بالمفرد لا بالقائمة) انتهى كلامه .
ويقول الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي :
( إن سيداً رحمه الله يعد في عصره علما من أعلام مقارعة الظالمين، ومن أفذاذ الدعاة إلى تعبيد الناس لربهم، والدعوة إلى توحيد التحاكم إلى الله، فلم يقضّ إلا مضاجع أعداء الله ورسوله، وما فرح احد بقتله كما فرح أولئك، ولقد ضاق أولئك الأذناب بهذا البطل ذرعا ،فلما ظنوا أنهم قد قتلوه، إذا بدمه يحيي منهجه، ويشعل كلماته حماسا، فزاد قبوله بين المسلمين، وزاد انتشار كتبه، لأنه دلل بصدقه وإقدامه على قوة منهجه، فسعوا إلى إعادة الطعن فيه رغبة منهم لقتل منهجه أيضا، وأنّى لهم ذلك) .
وختاما لا يسعني إلا أن اذكر أنني أحسب سيداً والله حسيبه يشمله قوله عليه الصلاة والسلام (سيد الشهداء حمزة ورجل من أمتي قام عند سلطان جائر فأمره ونهاه فقتله ) وأنقل كلمة له رحمه الله قبل إعدامه بقليل ،عندما أُعجب أحد الضباط بفرح سيد قطب وسعادته عند سماعه نبأ الحكم عليه، وتعجب لأنه لم يحزن ويكتئب وينهر ويحبط، فسأله : أنت تعتقد أنك ستكون شهيدا فما معنى شهيد عندك ؟ أجاب رحمه الله قائلا: الشهيد هو الذي يقدم شهادة من روحه ودمه أن دين الله أغلى عنده من حياته، ولذلك يبذل روحه وحياته فداء لدين الله . وله رحمه الله من المواقف والأقوال التي لا يشك عارف بالحق أنها صادرة عن قلب قد مُلئ بحب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم ، وحب التضحية لدينه، نسأل الله أن يرحمنا ويعفو عنا وإياه) هذا وقد استدل الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله بكلام الأستاذ سيد قطب في مقدمة كتابه (مختصر العلو) في أكثر من ثلاث صفحات متتاليات، بصيغة المدح والتأييد، وكان يصفه بالأستاذ الكبير ويترحم عليه.
هؤلاء العلماء الذين أنصفوا الأستاذ الكبير مع خلافهم معه في بعض المسائل، يدركون أن البشر يصيبون ويخطئون، ولقد كان لكثير من فحول الأمة وعلمائها مواقف في تأويل مسائل الصفات ، والاستدلال بأخبار الآحاد ، تخالف ما عليه أكثر أهل العلم، وذلك لم يمنع من إنصافهم والثناء عليهم فيما أصابوا فيه، والاستفادة من علومهم وكتبهم النافعة.
ولقد كان الأستاذ رحمه الله مجاهدا يصدع بالحق ،ولا يخشى في الله لومة لائم، ولا يخاف ظلم الطواغيت وجورهم، وتحمل في سبيل ذلك الكثير من الأذى والبلاء، ولا يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة، والحسنات يذهبن السيئات، والمرء يبتلى على قدر دينه، فمن كان في دينه صلابة زيد له في البلاء، وإن صبره على هذا البلاء ليذكّر بالرعيل الأول من المسلمين، حتى لقي الله عز وجل وقد نال ما تمنى ، نحسبه شهيدا والله حسيبه.
أيا كل القعود اليوم بعدا أتبغون المفازة في السبات
لكم درب الخنوع وإن دربي برغم الموت يمنحني حياتي
فهل يليق بعد هذا كله أن يوصف الظلال بالضلال أو بالظلام؟؟ أم أن ذلك يصب في مصلحة أعداء الإسلام الذين لا يريدون لثقافة المناعة الإسلامية أن تستقر في نفوس المسلمين. ختاما أرجو أن يكون هذا الجهد القليل إحقاقا للحق ، وردّا لبعض الجميل الذي أسداه الرجل إلى هذه الأمة، ودفعا عن بريء تكاثر عليه المشوهون والمشوشون، ودعوة للشباب لينهلوا من معين هذا الرجل وهم على بصيرة من صحيح فكره ودقيق قصده، سائلا الله عز وجل أن يجمعنا به في مستقر رحمته.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب
----
ربيع المدخلي
مازال يردد كذبته :
سيد قطب يرى بوحدة الوجود !!
.
إليك نص [ محكم ] لسيد قطب
ينفي فيه عقيدة وحدة الوجود
-----
رد شبهة : سيد قطب والقول بوحدة الوجود / عبد الله عزام
اطلعت في مجلة المجتمع [1] على مقابلة مع الشيخ الألباني يقول فيها: (إن قول سيد قطب في تفسير سورة الإخلاص وأول سورة الحديد: هو عين القائلين بوحدة الوجود.. كل ما تراه بعينك فهو الله، وهذه المخلوقات التي يسميها أهل الظاهر مخلوقات ليست شيئا غير الله.. وعلى هذا تأتي بعض الروايات التي تفصل هذه الضلالات الكبرى بما يرى من بعض الصوفيين القدماء من كان يقول " سبحاني ما أعظم شأني " والآخر الذي يقول " ما في الجبة إلا الله "... هذا الكلام كله في هذين الموطنين من التفسير) انتهى كلام الشيخ الألباني.
ولقد هزني من أعماقي أن تنشر المجتمع على صفحاتها هذا الكلام لقرائها في العالم، والمجتمع بالهيئة المشرفة عليها تدرك أن قراءها هم تلاميذ الأستاذ سيد قطب.
ولقد حز في النفوس أن ينسب هذا الكلام - القول بوحدة الوجود - إلى الأستاذ سيد الذي جلى حقيقة التوحيد من كل غبش، بل ركز معظم كتاباته على شرح معنى " لا إله إلا الله "، ونقل المعنى النظري للتوحيد إلى واقع حي متمثل في سلوك وحركات، ودماء وتضحيات، ولقد كانت حياته المليئة بصور الإعتزاز بالله، والتوكل عليه والإلتجاء إليه خير شاهد على أن توحيد الربوبية - التوحيد العملي والنظري في القلب والنفس، توحيد المعرفة والإثبات - قد جمع معه توحيد الألوهية - التوحيد العملي بالفعل - في واقع الحياة مشاعر وشعائر وكلمات ومواقف، حتى غدا المؤمن بهذا التوحيد كالشم الرواسي لا يزعزعه قوى الأرض، ولا يهزه جبروت الطغيان.
وحسبك منه تلك الكلمات التي كانت تنبثق من أعماقه معبرة عن استقرار التوحيد في طياته، تسمعه وهم يعرضون عليه الوزارة، وهو رهين القيود يقول: (إن إصبع السبابة التي تشهد لله بالوحدانية في الصلاة لترفض أن تكتب حرفا تقر به حكم طاغية).
تصغي إليه وهم يحاولونه أن يسترحم فيقول: (لماذا أسترحم؟! إن كنت محكوما بحق فأنا أرتضى حكم الحق، وإن كنت محكوما بباطل فأنا أكبر من أن أسترحم الباطل).
ولقد حدثت شقيقته حميدة أمامي فقالت: (يوم الأحد - 28 أغسطس1966م - جاء قرار الإعدام موقعا من رئيس الجمهورية - عبدالناصر - ولكنهم كما يبدو أوعزوا إلى مدير السجن الحربي حمزة البسيوني أن يحاوله الإعتذار حتى آخر لحظة).
قالت حميدة: (دعاني حمزة البسيوني وأطلعني على مصادقة عبد الناصر على قرار الإعدام فارتعشت أوصالي، لأني كنت احب سيدا حبا يملك علي نفسي، ثم قال حمزة: أمامنا فرصة أخيرة لإنقاذ هذا العلامة لأن إعدامه خسارة كبرى للعالم الإسلامي، فإذا اعتذر فإننا نخفف حكم الإعدام إلى السجن ثم يخرج بعفو صحي بعد ستة أشهر، فبادري إليه لعله يعتذر).
قالت حميدة: (فدخلت عليه وقلت له: إنهم يقولون: إن حكم الإعدام سيوقف فيما إذا اعتذرت. قال سيد: عن أي شيء أعتذر؟! عن العمل مع الله، والله لو عملت مع غير الله لاعتذرت، ولكنني لن أعتذر عن العمل مع الله، ثم قال: إطمئني يا حميدة، ان كان العمر قد انتهى سينفذ حكم الإعدام، وإن لم يكن العمر قد انتهى فلن ينفذ حكم الإعدام ولن يغني الإعتذار شيئا في تقديم الأجل أو تأخيره).
يا لله! حبل المشنقة يلوح أمام ناظريه، ولا تهتز أوصاله، ولا يضطرب موقفه، ولا يتراجع عن كلمته، إنها القمة السامقة التي أحله فيها التوحيد، إنها الطمأنينة التي سكبها الإيمان بالله في أعماقه، وهو كما يقول في مقدمة " في ظلال القرآن " [2]: (ومن ثم عشت في ظلال القرآن هادئ النفس، مطمئن السريرة، قرير الضمير، عشت أرى يد الله في كل حادث، وفي كل أمر، عشت في كنف الله وفي رعايته، عشت أستشعر إيجابية صفاته تعالى وفاعليتها … {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء} أي طمأنينة ينشئها هذا التصور؟ وأي سكينة يفيضها على القلب؟ وأي ثقة في الحق والخير والصلاح أو أي استعلاء على الواقع الصغير يسكبها في الضمير؟).
نحن لا ننزه سيدا من الخطأ، وحاشا لله أن ندعى له العصمة، إذ ما من إنسان إلا ويؤخذ منه ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم - كما كان يردد إمام المدينة وعالمها مالك - ونحن قد نجد في الظلال وغيره بعض الألفاظ التي قد تحتاج إلى دقة أكثر لتتفق مع المصطلحات الشرعية في العقيدة الإسلامية، وهذا لا بد أن يكون مادام بشرا يخطئ ويصيب.
أما أن يصل بنا الأمر أن ننسب إليه تلك العقيدة الفاسدة الضالة، وهي: القول بوحدة الوجود، هذه القولة التي تكاد تخر لها الجبال هدا، سبحانك يا رب هذا بهتان عظيم.
إن وحدة الوجود تعني أن الخالق والمخلوق شيء واحد، وأن الأثر هو المؤثر، وأن الصانع قد ظهر في المصنوع لا انفصال ولا تباين.
إن وحدة الوجود تعني أن الحجر هو الله، وأن الصحن هو الله، وأن الحيوانات هي الله، فلم يعد هنالك فرق بين من عبد الحجر والصنم والشمس وبين من يعبد الله، لأنها كلها صور لشيء واحد هو الذات الإلهية - تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا -
هل يصدق عاقل أن سيد قطب كان يعتقد أن عبد الناصر هو الله، وأن حمزة البسيوني وشرطته هم صور الله، وأن صفوت الروبي الجلاد هو الله، وأن لا فرق بين من يعبد ابن غوريون ودايان، وبين من يعبد الرحمن.
هل يصدق ذو لب أن سيد قطب كان يعتقد أن السجن الحربي هو الله.
أو يدخل في عقل عاقل أن سيد قطب كان يظن أن الشجر والحجر والقرد، و الخنزيز والكلب صور لله عزوجل - سبحانك يا رب! إنها لإحدى الكبر -
والآن لا بد أن نقف على بعض الأقوال لمن قالوا بوحدة الوجود، وقبل أن أدخل معك لأطلعك على أقوالهم، أحب أن أبين أن سيد قطب قد هاجم القول بوحدة الوجود بالنص.
يقول رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه، بل له مافي السموات والأرض كل له قانتون، بديع السموات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون} [البقرة:117]، يقول في تفسيرها [3]: (والنظرية الإسلامية أن الخلق غير الخالق، وأن الخالق ليس كمثله شيء.. ومن هنا تنتفي من التصور الإسلامي فكرة وحدة الوجود - على ما يفهمه غير المسلم من هذا الإصطلاح - أي بمعنى أن الوجود وخالقه وحدة واحدة، أو أن الوجود إشعاع ذاتي للخالق، أو أن الوجود هو الصورة المرئية لموجده، أو على أي نحو من أنحاء التصور على هذا الأساس. والوجود وحدة في نظر المسلم على معنى أخر: وحدة صدروه عن الإراد ة الواحدة الخالقة، ووحدة ناموسه الذي يسير به...).
والآن لنرجع إلى أقوال الذي قالوا بوحدة الوجود، هؤلاء قوم كانوا يرون أن المصنوعات كلها صور للصانع حتى بلغ الأمر ببعضهم أن لايبصق على الارض ولا يستنجي بالحجارة لأنها في نظره صور لله عزوجل وتعالى عما يقولون علوا كبيرا [4].
يقول أبو يزيد البسطامي - سنة 260هـ -: (خرجت من الله إلى الله، حتى صاح مني في يا من أنا أنت، سبحاني ما أعظم شأني) [5].
وتحدث البسطامي عن حوار بينه وبين الله تعالى فقال: (ورفعني فأقامني بين يديه وقال لي: يا أبا يزيد إن خلقي يحبون أن يروك، فقلت: ربني بوحدانيتك، وألبسني أنانيتك، وأرفعني إلى أحديتك، حتى إذا رآني خلقك قالوا: رأيناك لتكون أنت ذاك، ولا أكون أنا هناك) [6].
وقال الحسين بن منصور الحلاج سنة - 309 هـ -: (مزجت روحك في روحي كما تمزج الخمرة بالماء الزلال، فإذا مسك شيء مسني، فإذا أنت أنا في كل حال).
أنا من أهوى ومن أهوى أنا
نحن روحان حللنا بدنا
فإذا أبصرتني أبصرته وإذا أبصرته أبصرتنا [7]
هذا كلام البسطامي والحلاج في وحدة الوجود، والقول ظاهر لامجال فيه لتأويل متأول، ولا لتفسير مفسر، أن الخالق هو المخلوق ولم يعد هنالك انفصال ولا تمايز و لا تباين، بل الصور هي الله، والأشياء هي الله؛ فعبادة الأشياء هي عبادة لله.
أين هذا الكلام من عقيدة سيد قطب التي يصرح فيها مئات المرات في ظلال القرآن بالفرق بين الخالق والمخلوق، والتباين بين مقام الالوهية ومقام العبودية؟.
والآن تعال معي نقتبس بعض عباراته:
يقول في خصائص التصور الإسلامي [8]: (يقوم التصور الإسلامي على أساس أن هناك الوهية وعبودية... ألوهية يتفرد بها الله سبحانه، وعبودية يشترك فيها كل من عداه... وكما يتفرد الله سبحانه بالأولوهية، كذلك يتفرد تبعا لهذا بكل خصائص الألوهية، وكما يشترك كل حي وكل شيء بعد ذلك في العبودية، كذلك يتجرد كل حي وكل شيء من خصائص الأولوهية.. فهناك إذن وجودان متميزان. وجود الله، ووجود ما عداه من عبيد الله، والعلاقة بين الوجودين هي علاقة الخالق بالمخلوق وإلاله بالعبيد).
أرأيت إذن: إن عبارة نصه تقول: (فهناك إذن وجودان متميزان، وجود الله، ووجود ما عداه من عبيد الله، والعلاقة بين الوجودين هي علاقة الخالق بالمخلوق والإله بالعبد)، هل بقي قول لقائل أن يدعي بأن سيد قطب يخلط بين الله وبين عبيده، وأن الله قد تجلى في صور مخلوقاته، وأن الخالق والمخلوق شيء واحد لا فرق بينها ولا تمايز؟!.
ويقول سيد رحمة الله عليه في تفسير آية الإسراء {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى} [9]: (وتذكر صفة العبودية {أسرى بعبده} لتقريرها وتوكيدها في مقام الإسراء والعروج إلى الدرجات التي لم يبلغها بشر، وذلك كي لاننسى هذه الصفة، ولا يلتبس مقام العبودية، بمقام الألوهية كما التبسا في العقائد المسيحية بعد عيسى عليه السلام، بسبب مالابس مولده ووفاته، وبسبب الآيات التي أعطيت له فاتخذها بعضهم سببا للخلط بين مقام العبودية ومقام الأولوهية.. وبذلك تبقى للعقيدة الاسلامية بساطتها ونصاعتها وتنزيهها للذات الإلهية عن كل شبهة من شرك أو مشابهة، من قريب أو من بعيد).
ويقول رحمه الله عند آية: {لن يستنكف المسيح أن يكون عبد الله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا، فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله، وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما، ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا} [النساء:172]: (لقد عني الإسلام عناية بالغة بتقرير حقيقة وحدانية الله سبحانه، وحدانية لا تتلبس بشبهة شرك أو مشابهة في صورة من الصور، وعني بتقرير أن الله سبحانه ليس كمثله شيء، فلا يشترك معه شيء في ماهية ولاصفة ولاخاصيه، كما عني بتقرير حقيقة الصلة بين الله سبحانه وكل شيء - بما في ذلك كل حي - وهي أنه صلة الوهية وعبودية، الوهية الله وعبودية كل شيء.. والمتتبع للقرآن كله يجد العناية، فيه بالغة بتقرير هذه الحقائق - أو هذه الحقيقة الواحدة بجوانبها هذه - بحيث لاتدع في النفس ظلا من شك أو شبهة أو غموض، ولقد عني الإسلام كذلك بأن يقرر أن هذه هي الحقيقة التي جاء بها الرسل أجمعون، تقررها في سيرة كل رسول، وفي دعوة كل رسول، وجعلها محور الرسالة من عهد نوح عليه السلام إلى عهد محمد خاتم النبيين - عليه الصلاة والسلام - تتكرر الدعوة بها على لسان كل رسول: {يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} وكان من العجيب أن اتباع الديانات السماوية - وهي حاسمة وصارمة في تقرير هذه الحقيقة - يكون منهم من يحرف هذه الحقيقة وينسب لله - سبحانه - البنين والبنات، أو ينسب لله سبحانه الإمتزاج مع أحد من خلقه في صور الأقانيم، اقتباسا من الوثنيات التي عاشت في الجاهليات! ألوهية وعبودية... ولا شيء غير هذه الحقيقة، ولا قاعدة إلا هذه القاعده ولا صلة إلا صلة الألوهية بالعبودية وصلة العبودية بالالوهية ولا تستقيم تصورات الناس - كما لا يستقيم حياتهم - إلا بتمحيص هذه الحقيقة من كل غبش، ومن كل شبهة، ومن كل ظل، أجل لا تستقيم تصورات الناس ولا تستقر مشاعرهم إلا حين يستيقنون حقيقة الصلة بينهم وبين ربهم، هو إله لهم وهم عبيده، هو خالق لهم وهم مخاليق.. هو مالك لهم وهم مماليك.. وهم كلهم سواء في هذه الصلة لا بنوة لأحد، ولا امتزاج بأحد.. ومن ثم لا قربى لأحد الا بشئ يملكه كل أحد ويوجه إرادته إليه فيبلغه " التقوى والعمل الصالح ".. وهذا في مستطاع كل أحد أن يحاوله، إن المسيح عيسى بن مريم لن يتعالى عن أن يكون عبدا لله، لأنه - عليه السلام - وهو نبي الله ورسوله خير من يعرف حقيقة الألوهية وحقيقة العبوديه، وإنهما ماهيتان مختلفتان لا تمتزجان. وهو خير من يعرف أنه من خلق الله فلايكون خلق الله كالله أو بعضا من الله) [10].
والآن دعنا نرجع إلى بعض أقوال القائلين بوحدة الوجود، الذين خرجوا من دين الله بأقوالهم هذه، إذ أن عباراتهم واضحة جلية في الكفر الصراح البواح، وبمنطوقهم الصريح لا لبس فيه أنهم يعتبرون الخلق هم عين الخالق، والأشياء هي حقيقة الله تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا:
يقول ابن الفارض - سنة 632 هـ - في قصيدته التائية وهو يصف الله ويتكلم عنه كأنه يتكلم عن معشوقته ويتغزل بحبيبته:
لها صلواتي بالمقام أقيمها وأشهد فيها أنها لي صليت
كلانا مصل واحد ساجد إلى حقيقته بالجمع في كل سجدة
وما كان لي صلى سواي ولم تكن صلاتي لغيري في إدا كل ركعة
إنه ينطق بعبارة صريحة أنه يصلي لله والله يصلي له، فكلاهما مصل واحد وساجد واحد، فأبن الفارض صلى لنفسه ولم تكن صلاته لغيره، فهو وربه حقيقة واحدة، وشئ واحد، تعالى الله عما يقول الفارض.
ويقول ابن عربي - 638 هـ -: (فوجودنا وجوده، ونحن مفتقرون إليه من حيث وجودنا، وهو مفتقر إلينا من حيث ظهوره لنفسه: من يحمدني وأحمده ويعبدني واعبده) [11].
العبد رب والرب عبد يا ليت شعري من المكلف
ويقول [13]: (لا تراقب، فليس في الكون إلا واحد لعين، فهو عين الوجود، ويسمى في حالة باله، ويسمى في حالة بالعبيد).
وأما جلال الدين الرومي - سنة 672 هـ - فهو يقول [14]: (يا من تبحثون عن الله، إنما أنتم الله، ليس الله خارجا عنكم، هو أنتم أنتم، اعتكفوا في الدار، ولا تدوروا هنا وهناك لأنكم أنتم الدار، وأنتم رب الدار، أنتم الذات، وأنتم الصفات، فالذي لم يلد ولم يولد هو منكم، أنتم الأطهار والقيومون المنزهون البعيدون عن التغيير).
ويقول صدر الدين القونوي - سنة 673 هـ -: (فالإنسان هو الحق، وهو الذات، وهو الصفات، وهو العرش وهو الكرسي... وهو الموجود وما حواه... وهو الحق وهو الخلق، وهوالقديم وهو الحادث) [15].
هذه عبارات القائلين بوحدة الوجود، هي واضحة صريحة بمنطوقها ونصها أن الخالق هو المخلوق، وأن الإنسان هو الله - سبحان الله عما يشركون -
أهذه العبارات تشبه عبارة سيد قطب التي حملوها فوق ما تحتمل، وفسروها تفسيرا يفضي إلى الكفر، كما يقول الألباني: (نحن لانحابي في دين الله أحدا... نقول هذا الكلام كفر!!).
يقول الأستاذ سيد في تفسير آية الحديد: {هو الأول والأخر والظاهر والباطن}: (هذا الوجود الإلهي هو الوجود الحقيقي الذي يستمد منه كل شيء وجوده، وهذه هي الحقيقة الأولى التي يستمد منها كل شيء حقيقته، وليس وراءها حقيقة ذاتية ولا وجود ذاتي لشيء في هذا الوجود، إذن فهما وجودان: وجود الله، ووجود الأشياء الذي استمد وجوده من الله، وهما حقيقتان: حقيقة الله، وحقيقة الأشياء).
وهما وجودان متمايزان، كما يقول في خصائص التصور [16]: (ووجود ماعداه من عبيد الله والعلاقة بين الوجودين هي علاقة الخالق بالمخلوق والإله بالعبيد).
وما كان لكاتب المعالم والظلال، وخصائص التصور ومقوماته إلا أن تكون عقيدته صافية بهذا الشكل، فهو يقول في تفسير آية: {يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق...} [النساء: 171]: (والله سبحانه تعالى عن الشركة، وتعالى عن المشابهة، ومقتضى كونه خالقا يستتبع - بذاته - أن يكون غير الخلق، وما يملك ادراك أن يتصور إلا هذا التغاير بين الخالق والمخلوق، والمالك والملك) [17].
أرأيت هذه العبارة الأخيرة لعملاق الفكر الإسلامي: (وما يملك إدراك أن يتصور إلا هذا التغاير بين الخالق والمخلوق)، أي: لا يمكن لعاقل في رأسه ذرة من تفكير أو بقية من لب أن يتصور أن الشيء وخالقة واحد، ولا يمكن الإنسان سوي أن يمر بذهنه أو قلبه لحظة أن الحجر والشجر هو ذات الله - عز وجل - بل لقد كان المشركون الذي يعبدون الأصنام يقولون: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}، وكانوا يقولون: (لبيك اللهم لبيك لاشريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك).
ثم يقول الأستاذ رحمه الله في سورة الحديد: (ولقد أخذ المتصوفة بهذه الحقيقة الأساسية الكبرى، وهاموا بها وفيها، وسلكوا إليها مسالك شتى، بعضهم قال: أنه يرى الله في كل شيء في الوجود، وبعضهم قال: أنه رأى الله من وراء كل شيء في الوجود، وبعضهم قال: انه رأى الله فلم ير شيئا غيره في الوجود، وكلها أقوال تشير إلى الحقيقة، إذا تجاوزنا عن ظاهر الألفاظ القاصرة في هذا المجال) [18].
إن ذكر كلمة المتصوفة في هذا المجال هو الذي جعل المنتقدين بهذه العبارات ينتفضون، والمتصوفة يقولون بوحدة الوجود، اذا فسيد قطب يقول بوحدة الوجود!!
هذه عبارات أدبية خرجت مع قلم سيد قطب السيال بهذا النص، هو يريد أن يوضح القضية الكبرى التي تجعل الإنسان يعبر على مسيرة الحياة بالمبادئ الربانية والشريعة الإلهية، هذه القضية أن الله عزوجل هو الفعال لما يريد، وكل فعل ممن عداه لايستحق أن ينظر إليه، لانه صغير، حقير، وهو بجانب قدرة الله وفعله لايساوي شيئا، بل كأنه غير موجود، وكما يقول في مقدمة " في ظلال القرآن ": (ومن ثم عشت في ظلال القرآن، هادئ النفس، مطمئن السريرة، قرير الضمير، عشت أرى يد الله في كل حادث وفي كل أمر) [19].
ويقول في تفسير {قل هو الله أحد}: (ومتى استقر هذا التصور الذي لا يرى في الوجود إلا حقيقة الله، مستصحبه رؤية هذه الحقيقة في كل وجود آخر انبثق عنها، وهذه درجة يرى فيها القلب يد الله في كل شيء يراه، ووراءها الدرجة التي لا يرى فيها شيئا في الكون إلا الله، لأنه لاحقيقة هناك يراها الآ حقيقة الله) [20].
العبارات أدبية بأسلوب رائع رصين وفيها خفاء في المعنى وبعض الإبهام وهي تتضمن في ذاتها الفرق بين الخالق والمخلوق، فهو يقول: (مستصحبه رؤية هذه الحقيقة في كل وجود آخر انبثق عنها)، إذن فهما وجودان: وجود الله، ووجود كل شيء آخر انبثق من إرادة الله.
هذه واحدة، والشيء الآخر أن المسألة والقضية هي: مجرد مشاعر ورؤية قلبية فالعبارات تقول: (وهذه درجة يرى فيها القلب يد الله في كل شيء يراه)، وأما إذا أردنا الوقوف على ظاهر الألفاظ فهل يرى القلب يد الله؟
قال ابن القيم في مدارج السالكين [21]: (الفناء: هذا الإسم يطلق على ثلاث معان: أ - الفناء عن وجود السوى - غير الله -: فهذا فناء الملاحدة القائلين بوحدة الوجود ب - الفناء عن شهود السوى: فهو الفناء الذي يشير إليه أكثر الصوفية المتأخرين، وهو الذي بنى عليه أبو إسماعيل الأنصاري كتابه، وليس مرادهم فناء وجود ما سوى الله في الخارج، بل فناؤه عن شهودهم وحسهم، فحقيقته: غيبة أحدهم عن سوى مشهوده - الله - ج - الفناء عن إرادة السوى: وهو فناء خواص الأولياء وائمة المقربين، فيغنى بمراد محبوبه منه عن مراده هو من محبوبه).
ولابن القيم كلام قريب من هذا أن الأمر الذي يريد سيد قطب إقراره في القلب - هو: إرجاع الأمر كله إلى الله {قل إن الأمر كله لله} - ويريد أن يوهن أمر الأسباب حتى لا يعلق بها القلب البشري، فهي صغيرة، ضئيلة لا قيمة لها ولا وزن بجانب الإرادة الفعالة - ارادة الله - {فعال لما يريد}، فوجود هذه الأشياء والأسباب والقوى التي تستعلي في الأرض صغير أمام الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
إن سيد رأى تخاذل الناس أمام قوى الطغيان التي تستعبد الناس في الأرض، فأراد أن يغرس في النفوس أن هؤلاء بقواهم وعددهم لا ينظر إليهم إذا نظرنا إلى وجود الله وقوة الله، فكأنهم غير موجود، لأن القلب المرتبط بالله ينظر إلى القوة الحقيقية، ينظر إلى جبار السموات والأرض إلى الذي يمسك السموات أن تزولا، فما هذا الغثاء وما بال هذا الزبد يطفو وينتفش ويستعلي على عباد الله، وهو في حقيقته كأنه غير موجود.
ويصرح سيد بهذا المعنى الذي يريد إقراره في النفوس في تفسير سورة الإخلاص: (كذلك سيصحبه نفي فاعلية الأسباب، ورد كل شيء وكل حدث، وكل حركة إلى السبب الأول الذي منه صدرت، وبه تأثرت.. وهذه هي الحقيقة التي عني القرآن عناية كبيرة بتقريرها في التصور الإيماني، ومن ثم كان ينحي الأسباب الظاهرة دائما ويصل الأمور مباشرة بمشيئة الله {وما رميت إذا رميت ولكن الله رمى}، {وما النصر إلامن عندالله}، {وما تشاءون إلا أن يشاء الله} هذه هي مدارج الطريق التي حاد لها المتصوفة فجذبتهم إلى بعيد) [22].
وما أجمل لو أضاف سيد هنا وهو ينتقد الصوفية عبارة " فجذبتهم إلى بعيد بالقول بوحدة الوجود " ثم يضيف عبارته التي أوردها في سورة البقرة في تفسير {قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه}: (والنظرية الإسلامية: أن الخلق غير الخالق، وأن الخالق ليس كمثله شيء... ومن هنا تنتفي من التصور فكرة وحدة الوجود....أي بمعنى أن الوجود وخالقه وحدة واحدة، أو أن الوجود إشعاع ذاتي للخالق، أو أن الوجود هو الصورة المرئية لموجده، أو على أي نحو من أنحاء التصور على هذا الأساس) [23].
وما أجملها من عبارة له - رحمه الله - يقول فيها: (وعقيدة أن لله سبحانه ولدا عقيدة ساذجة، منشؤها قصور في التصور يعجز عن إدراك الفارق الهائل بين الطبيعة الإلهية الأزلية الباقية والطبيعة البشرية المخلوقة الفانية، والقصور كذلك عن إدراك حكمة السنة التي جرت بتوالد أبناء الفناء، وهي التكملة الطبيعة لما فيها من نقص وقصور لايكونان لله) [24].
ويقول: (الحقيقة الإعتقادية التي تنشأ في النفس من تقرير حقيقة الوحدانية.. حقيقة أن الوهية الخالق تتبعها عبودية الخلائق.. وأن هناك فقط الوهية وعبودية، الوهية واحدة وعبودية كل شيء، وكل أحد في هذا الوجود) [25].
هذه عبارة سيد قطب: يهاجم فيها بالنص " القول بوحدة الوجود " ويصرح فيها باللفظ مئات المرات، أن مقام الإلوهية غير مقام العبودية (وأن الخالق غير الخلق... فهناك إذن وجودان متمايزان.. وجود الله ووجود ما عداه من عبيد الله).
فهل هذه تلتبس وتشبه عبارات القائلين بوحدة الوجود مثل ابن عربي (ويسمى في حالة بإله ويسمى في حالة العبيد) [26].
أو تشبه عبارات سيد، عبارة جلال الدين الرومي!! (يا من تبحثون عن الله، إنما أنتم الله، ليس الله خارجا عنكم.. هو انتم أنتم) [27].
أو هناك تماثل بين عبارات سيد الناصعة، وبين قول فريد الدين العطار: (اندمج أنت فيه، فهذا هو الحلول.. فادخل الوحدة واجتنب الإثنية) [28].
أو هناك تقارب بين النصوص التي كتبها سيد وبين قول عبد الكريم الجبلي: (إن الحق تعالى من حيث ذاته يقتض إلا يظهر في شيء إلا ويعبد ذلك الشيء، وقد ظهر في ذرات الوجود) [29].
كان الأولى والأورع في دين الله، قبل أن نتهم سيد قطب بالقول بوحدة الوجود، أن نقرأ له أولا، ثم بعد ذلك: نقدم المنطوق الصريح له على المنطوق غير الصريح، ونقدم المفسر من قوله على القول المبهم له، ونقدم بالترجيح المنطوق على المفهوم، ونقدم عبارة النص على إشارة النص.
هذه من القواعد الأساسية في علم الأصول للخروج بأحكام، فإذا تعارضت النصوص لا بد من الجمع أولا ثم النسخ ثم الترجيح، فهل حاولنا أن نقرأ تفسير جزء واحد من ثلاثين جزء من ظلال القرآن حتى تحكم على الرجل.
إن سيد قطب لم يقل: إن كل ما تراه بعينك فهو الله، وهذه المخلوقات التي يسميها أهل الظاهر مخلوقات ليست شيئا غير الله. إن سيدا يقول: (ومتى استقر هذا التصور الذي لايرى في الوجود إلا حقيقة الله، فستصحبه رؤية هذه الحقيقة في كل وجود آخر انبثق عنها، وهذه درجة يرى القلب فيها يد الله في كل شيء يراه، ووراءها الدرجة التي لايرى فيها شيئا في الكون إلا الله، لأنه لا حقيقة هناك يراها إلا حقيقة الله).
إذن لم يقل - كما قال الشيخ الألباني - إن كل ما تراه بعينك فهو الله، بل قال: (يرى القلب فيها يد الله في كل شيء)، وشتان شتان بين رؤية القلب ورؤية العين.
وقال سيد: (ووراءها الدرجة التي لا يرى فيها شيئا في الكون إلا الله)، وفاعل " يرى " في هذه الجملة الثانية: ضمير مستتر تقديره " هو " يعود على القلب في الجملة الأولى، فعبارة الأستاذ سيد: تصور، رؤية القلب، إحساس داخلي.
وإن الإمام ابن القيم لا يعتبر هذا ولا أكثر منه صراحة من قبيل القول بوحدة الوجود، يقول ابن القيم في مدارج السالكين [30]: (وفرق بين إسقاط الشيء عن درجة الوجود العلمي الشهودي، وإسقاطه عن رتبة الوجود الخارجي العيني، فشيخ الإسلام - يعني الهروي صاحب منازل السائرين - بل مشايخ القوم المتكلمين بلسان الفناء هذا مرادهم)، هذه شهادة من إمام من أئمة السلف الذين يتذوقون أساليب البيان، وتذوقوا طعم الأنس بالله من خلال السير صعدا على مدارج السالكين.
يقول ابن القيم هذا الكلام السابق في تفسير عبارات الهروي صاحب المنازل، يقول الهروي صاحب منازل السائرين: (الفناء: هو اضمحلال ما دون الحق علما، ثم جحد، ثم حقا، وهو على ثلاث درجات).
قال ابن القيم في تفسيرها: (الفناء اضمحلال ما دون الحق جحدا، لا يريد به أن يعدم من الوجود بالكلية، وإنما يريد اضمحلاله في العلم فيعلم أن ما دونه باطل وأن وجوده بين عدمين، وأنه ليس له من ذاته إلا العدم فعدمه بالذات، ووجوده بإيجاد الحق له، فيفني في علمه، كما كان فانيا في حال عدمه، فإذا فني في علمه ارتقى إلى درجة أخرى فوق ذلك، وهي جحد السوى وإنكاره، وهذه أبلغ من الأولى لأنها غيبته عن السوى فقد يغيب عنه وهو غير جاحد له، وهذه الثانية جحده وإنكاره. ومن ههنا دخل الإتحادي وقال: المراد جحد السوى بالكلية، وإنه ما ثم غير بوجه ما. وحاشا لشيخ الإسلام من الحاد أهل الإتحاد، وإن كانت عبارته موهمة بل مفهمة ذلك، وإنما آراء بالجحد في الشهود لا في الوجود، أي يجحده أن يكون مشهودا فيجحد وجوده الشهودي العلمي، لا وجوده العيني الخارجي، فهو أولا يغيب عن وجوده الشهودي العلمي، ثم ينكر ثانيا وجوده في علمه وهو اضمحلاله جحدا، ثم يرتقي من هذه الدرجة إلى درجة أخرى أبلغ منها وحب اضمحلاله في الحقيقة، وأنه لا وجود له البتة، وإنما وجوده قائم بوجود الحق، فلو لا وجود الحق لم يكن هو موجودا، ففي الحقيقة: الموجود إنما هو الحق وحده، والكائنات من أثر وجوده، وهذا معنى قولهم: إنها لا وجود لها ولا أثر لها، وإنها معدومة وفانية ومضمحلة) [31].
أين عبارات سيد قطب من عبارات الهروي؟
كل الذي قاله سيد: عدم رؤية القلب للأشياء لأنه متعلق بالحق، بالوجود الحق، فهذه الأشياء والمخلوقات لا يعلق بها القلب لأنه مشغول بالله، فهي صغيرة حقيرة لا يراها القلب ولا يأبه لها فكأنها غير موجودة، فالقضية بأختصار: إحساس قلبي، ومشاعر نفسية ورؤية داخلية ببصيرته ببصره.
أما عبارات الهروي: (اضمحلال ما دون الحق علما، ثم جحدا، ثم حقا)، (فإذا فني في علمه ارتقى إلى درجة أخرى فوق ذلك وهي جحد السوى وإنكاره)، أي إنكار ما سوى الله وجحده، والعبارة واضحة في وحدة الوجود، ومع هذا فإن ابن القيم رحمه الله يقول: (وحاشا لشيخ الإسلام - الهروي - من إلحاد أهل الإتحاد، وإن كانت عبارته موهمه بل مفهمة ذلك، وإنما أراد بالجحود في الشهود لا في الوجود، أي يجحده أن يكون مشهودا، فيجحد وجوده الشهودي العلمي، لا وجوده العيني الخارجي).
ماذا نقول في سيد قطب لو قال بالدرجة الثالثة: (ثم يرتقي من هذه الدرجة إلى درجة أبلغ منها وهي: اضمحلاله في الحقيقة، وإنه لا وجود له البتة)، هذه عبارة ابن القيم في تفسير عبارة الهروي: (ثم اضمحلاله حقا) ويزيد ابن القيم في توضيح العبارة: (وإنه لا وجود له البتة، وإنما وجوده قائم بوجود الحق، فلولا وجود الحق لم يكن هو موجودا، ففي الحقيقة: الموجود إنما هو الحق وحده، والكائنات من أثر وجوده، هذا معنى قولهم: إنها لا وجود لها ولا أثر لها، وإنها معدومه وفانية ومضمحلة).
هل سمعت عبارة ابن القيم؟ (ففي الحقيقة: الموجود إنما هو الحق وحده والكائنات من أثر وجوده).
ولقد دافع ابن القيم عن عبارات وأبيات للهروي خطيرة جدا [32].
ما وحد الواحد من واحد إذ كل من وحده جاحد
توحيد من ينطق عن نعته عارية أبطلها الواحد
توحيده اياه توحيده ونعت من ينعته لأحد
قال ابن القيم: (ومعنى أبياته: ما وحد الله - عزوجل - أحد توحيده الخاص، الذي تفنى فيه الرسوم ويضمحل فيه كل حادث، ويتلاشى فيه كل مكون، فإنه لا يتصور منه التوحيد إلا ببقاء الرسم - وهو الموحد، وتوحيده القائم به - فإذا وحده شهد فعله الحادث ورسمه الحادث، وذلك جحود لحقيقة التوحيد، الذي تفنى فيه الرسوم، وتتلاشى فيه الأكوان).
ثم يقول ابن القيم: (رحمة الله على أبي إسماعيل، فتح للزنادقة باب الكفر والإلحاد فدخلوا منه. وأقسموا بالله جهد أيمانهم: إنه لمنهم وما هو منهم، وغره سراب الفناء... وحاشا شيخ الإسلام من إلحاد أهل الإتحاد).
هذا موقف إمام السلف - ابن القيم - من عبارات تكاد تكون صريحة في وحدة الوجود، فليتنا إذ لم نقف موقف ابن القيم وهو موقف الدفاع والتوضيح وإزالة الغبش والغموض، أقول: ليتنا وقفنا موقف المحايد من الأستاذ سيد قطب، لا الموقف الذي يحمل العبارات التي فيها شيء من الخفاء والإجمال على أسوأ تفسير وأخطر محمل فنقول: (نحن لا نحابي في دين الله أحدا، هذا الكلام كفر)، ولو تركنا هذه المسألة دون إثارة مافهم أحد من الناشئة أن هذا الكلام يشير إلى وحدة الوجود.
لقد رأيت عبارات لابن تيمية قريبة من كلام سيد قطب يقول في دقائق التفسير [33]: (ومن المأثورعن أبي يزيد رحمه الله أنه قال: استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة الغريق بالغريق، وعن الشيخ أبي عبد الله القرشي أنه قال: استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة السجين بالسجين، وهذا تقريب وإلا: فهو استغاثة العدم بالعدم). هذا كلام ابن تيمية: استغاثة المخلوق بالمخلوق، استغاثة العدم بالعدم، فالمستغيث عدم والمستغاث به عدم، إذا حملنا هذا الكلام على ظاهره فإنا نقول: إن المخلوقات لا وجود لها، ولكن المقصود أن الوجود الحقيقي هو لله عزوجل فهو صاحب الإرادة والمشيئة الفعالة التي لا وجود لأية مشيئة أو إرادة إزاءها.
وكثيرا ما يقول ابن تيمية - رحمه الله - الإنسان ليس له من نفسه إلا العدم، ولعلك لاحظت الأدب الجم في النقل - عن أبي يزيد - مع أنه يقول بوحدة الوجود.. (ومن المأثور عن أبي يزيد).
ولقد رأيت أن شيخ الإسلام - ابن تيمية - وابن القيم يتلمسون الأعذار لبعض من قالوا بوحدة الوجود فيعاملونهم معاملة المسلمين، لأنهم يعتبرون أن كلماتهم صدرت أثناء الغيبوبة، ولذا فإن عبارة شيخ الإسلام عن أبي يزيد البسطامي الذي صرح بوحدة الوجود صراحة لا تأويل فيها ولا مواربه، قال ابن تيمية عن أبي يزيد - رحمه الله -، والدعاء بالرحمة لا يجوز إلا للمسلم مع أن أبا يزيد صرح صراحة جلية بوحدة الوجود.
قال أبو يزيد: (خرجت من الله إلى الله حتى صاح مني في، يا من أنا أنت: سبحاني، ما أعظم شأني) [34]، (ما في الجبة الآ الله) [35]، لكن ابن تيمية ينقل عنه وبأدب رفيع جم فيقول: (ومن المأثور عن أبي يزيد رحمه الله).
ويقول ابن القيم في المدارج: (ولكن في حالة السكر والإصطلام والفناء قد يغيب عن هذا التميز، وفي هذه الحال قد يقول صاحبها: ما يحكى عن أبي يزيد أنه قال: سبحاني أو ما في الجبة إلا الله، ونحو ذلك من الكلمات التي لو صدرت عن قائلها وعقله معه لكان كافرا، ولكن مع سقوط التمييز والشعور قد يرتفع عنه قلم المؤاخذة).
وكثيرا ما كنت أقول بيني وبين نفسي: إن عبارات الكفر التي نقلت عن القائلين بوحدة الوجود لا يمكن أن تكون صادرة عن عاقل، لأنها تصطدم مع أبسط العقليات، وتناقض كل البديهيات، وهذا الأمر الذي كنت أقوله بيني وبين نفسي - والله أعلم - إن لم ينطبق على كثير منهم فهو ينطبق على بعضهم.
إن هذه الأقوال تصدر عنهم في حالات الغيبوبة أو كما يسميها إبن القيم في: (حالة السكر والإصطلام والفناء)، فلا عقل، لا تفكير ولا شعور ولا تمييز، لا يمكن لعاقل مهما كان عقله أن يعتقد أن الخالق هو المخلوق، وأن العابد هو المعبود، وأن الله هو الإنسان، فمن اعتقد هذا فهو إما مجنون أو زنديق كافر.
إن استنباط حكم في أية مسألة يقتضي جمع النصوص التي تتعلق بالمسألة وبعدها ننظر لنخرج بالحكم بعد الإحاطة - على قدر الإمكان - بما ورد فيها من النصوص.
فإذا سمعنا الحديث الذي رواه البخاري عن أم عطية رضي الله عنها قالت: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأ علينا {أن لا يشركن بالله شيئا} ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأة يدها...) [36]، لا يجوز أن نأخذ حكما بمفهوم المخالفة للحديث، فقبضت امرأة يدها أن غيرها صافح الرسول صلى الله عليه وسلم في البيعة، لأن هذا المفهوم يعارض المنطوق الصريح لحديث البخاري الآخر، قال عروة: قالت عائشة: (فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات، قال لها رسول الله صلى الل هليه وسلم: قد بايعتك كلاما، ولا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط في المبايعة، ما يبايعهن إلا بقوله: قد بايعتكن على ذلك). وبعد أن نطلع على الحديث الثاني نفهم الأول أن المراد من فقبضت امرأة يدها كناية عن تأخرها عن قبول شروط البيعة.
إن الحكم على منهاج رجل أو عقيدته أو اتجاهه أو مسلكه أو لغته لايتم من خلال قراءة عبارة مقطوعة مبتورة من احدى صفحات كتبه، ان الخروج على الناس بحكم على مفكر لا يجوز أن يتم قبل مطالعة كتبه، ومعرفة المتقدم والمتأخر منها.
ومن المعلوم كما بلغني من الثقات أن الشيخ الألباني كان يقول: (إن خير من كتب عن التوحيد في هذا العصر هو سيد قطب)، وكان ينصح بقراءة " معالم في الطريق " لأنه يرى أن الكتاب وضح التوحيد.
وسواء شهد لسيد قطب الناس أم لم يشهدوا، فالحقيقة أكبر من أن تغطى، لأن الشمس لا تغطى بغربال، إن سيدا نذر حياته لشرح حقيقة التوحيد وهذا لا يعصم الإنسان من الخطأ أحيانا، أو يمنع من أن يكون في بعض عباراته غموض، وهذه العبارات الغامضة أو المبهمة تحمل على السيل الجارف من النصوص الموضحة للتوحيد والتي تتجلى فيها العقيدة الصافية للسلف بلا غبش ولا غموض.
وكثيرا ما كان ابن تيمية رحمه الله يتمثل بهذا البيت الذي يحضرني في هذا المجال:
وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل
ما أجمل أن ننهي هذا المقال بهذه الصورة التي تلوح لسيد في مخيلتي وهم يسوقونه إلى خشبة المشنقة، يتقدم إليه شيخ من المشايخ الرسميين الذين يمثلون عادة، ليلقنوا الذي سيعدم كلمة الشهادتين، إذ أن هذا من مراسيم عملية الإعدام، تقدم الشيخ إلى سيد فقال له: (يا سيد! قل أشهد أن لا إله الآ الله)، فالتفت إليه الأستاذ سيد قائلا: (حتى أنت جئت تتم المسرحية، نحن نعدم لإننا نقول لا إله الآ الله، وأنتم تأكلون خبزا بلا إله الأ الله، إتق الله يا هذا، ولا تبق سيفا للظالمين).
فليس هذا إلا دفاعا عن الحق - والله يشهد - وليس تعصبا لسيد قطب، وإن كنت أعتبر سيدا أكثر مفكر في النصف الأخير من القرن العشرين أثر في البشرية وهز الجيل فانتفض بإسلامه، ورسم " معالم الطريق "، وأقام " الظلال " لتستريح الأجيال المسلمة من هجير الجاهلية ولفحها وتتقي حرها وصلاءها - نرجو الله أن يغفر لنا أجمعين - ووضح " خصائص التصور " وبين " المقومات "، حتى يكون لل " شخصية المسلمة " خصائصها ومقوماتها، وبشرنا أن " المستقبل لهذا الدين " بعد أن وضح لنا حقيقة " هذا الدين ".
لقد هال الأستاذ سيد الصمت الرهيب المطبق من قبل الجماهير المتفرجة على قمع الحركة الإسلامية واجتثات الإسلام من الجذور على يد الطواغيت المسمين بأسماء المسلمين، وفكر طويلا في سر موقف الجماهير غير عابئه ولا آبهة بما يجري للمسلمين من إبادة بين ظهرانيهم، فخرج بنتيجة: أن الجماهير لم تفهم " لا إله الآ الله "، ومن هنا نذر بقية حياته المباركة لتوضيح معنى لا إله إلا الله وتعميقها في النفوس حتى تؤتي ثمارها جنية مباركة في واقع الحياة.
فغير كثيرا في الطبعة الثانية من " الظلال "، وكتب " هذا الدين "، و " المستقبل لهذا الدين " و " خصائص التصور الإسلامي ومقوماته "، و " معالم في الطريق ".
كان الأولى بالأستاذ الألباني أن يحاول:
1) أن يجمع بين النصوص لسيد قطب: فيحمل المجمل على المبين، والمبهم على الواضح.
2) أو يلجأ إلى النسخ: فسورة البقرة التي كتبها سيد في الطبعة الثانية، بعد سورة الحديد والإخلاص، لأنه لم يصل إليها في الطبعة الثانية، بل وصل إلى الجزء الرابع عشر فقط في الطبعة الثانية.
3) أو يرجح بين النصوص المتعارضة لسيد، فيرجح عبارة النص في سورة البقرة على إشارة النص في السورتين الحديد والإخلاص، ويرجح المنطوق الصريح في مهاجمة وحدة الوجود على المنطوق غير الصريح في السورتين، ويرجح المنطوق الصريح في سورة البقرة والنساء: (أن مقام العبودية غير مقام الألوهية وإنهما متمايزان بلا امتزاج) على المفهوم الوارد في سورتي الحديد و الإخلاص.
4) أو يلجأ إلى إسقاط العبارتين فيسكت عما فيهما.
وكان الأولى كذلك أن لا تنشر " المجتمع " هذا الكلام، لأن فيه فتنة للشباب وبلبلة لهم، لأنه " لا يحدث أحد قوما بمقالة لا تبلغها عقولهم إلا كان فتنة لهم "، " حدثوا الناس بما يفهمون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله " هذه وصية السلف للخلف.
أرجو الله أن يجمع القلوب، وأن يجعل كلامنا كله خالصا لوجهه، وأن يجمعنا مع سيد قطب - إن شاء الله - مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا، وأن يغفر لنا وللشيخ الألباني وللسلف والخلف ولسيد قطب وللمسلمين أجمعين.
{ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم}
وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا اله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
[1] العدد ؛ 520 ، المؤرخ 11جمادي الأولى سنة 1041 هـ
[2] ص13 دار الشروق
[3] ص106/ج1/دار الشروق
[4] أنظر قاسم غني ص56، تاريخ التصوف في الإسلام
[5] أنظر كتاب الوكيل: هذه هي الصوفية ص 64، عن تذكرة الأولياء ص160
[6] هذه هي الصوفية للوكيل ص112، نقلا عن اللمع للسطوسي ص383
[7] هذه هي الصوفية للوكيل ص49 نقلا عن الطوسين للحلاج ص122-123، الصلة بين التصوف والتشيع / كامل الشيبي ص85
[8] خصائص التصور ص308 ط الإتحاد الإسلامي العالمي
[9] أنظر في ظلال القرآن ط/دار الشروق2211
[10] أنظر تفسير الآية{ لن يستنكف المسيح . . . } في طببعة دار الشروق، في ظلال القرآن/المجلد 2/ص881 - 820
[11] هذه هي الصوفية للوكيل ص43 ، نقلا عن فصوص الحكم لابن عربي 1/83
[12] هذه هي الصوفية للوكيل ص174 نقلا عن الفتوحات المكية لابن عربي الباب 129
[13] مدارج السالكين1/60
[14] قاسم غني ص153
[15] هذه هي الصوفية للوكيل
[16] خصائص التصور الإسلامي ص308 ط/الإتحاد الإسلامي العالمي
[17] في ظلال القرآن ص816 المجلد 2
[18] سورة الحديد في ظلال القرآن 6/3408 ط/الشروق
[19] مقدمة الظلال ص13
[20] في ظلال القرآن 6/4003 ط/دار الشروق
[21] 1/451
[22] تفسير سورة الإخلاص ، في ظلال القرآن 6/303
[23] في ظلال القرآن مجلد1 /106 ط/دار الشروق
[24] في ظلال القرآن مجلد 3/1805 ط/دار الشروق
[25] في ظلال القرآن مجلد2/818 ط/دار الشروق
[26] الفتوحات المكية لابن عربي الباب 129
[27] قاسم غني في كتابة تاريخ التصوف في الإسلام ص 153
[28] قاسم غني في كتابة تاريخ التصوف في الإ سلام ص75
[29] كتاب هذه هي الصوفية للوكيل ص38 نقلا عن الإنسان الكامل للجيلي2/83
[30] 1/152
[31] مدارج السالكين شرح منازل السائرين ح1/148 - 150
[32] مدارج السالكين لابن القيم 1/ 147
[33] دقائق التفسير لابن تيمية تحقيق محمد الجليند، دار الأنصار1/201
[34] هذه هي الصوفية للوكيل 64
[35] مدارج السالكين 1/154
-----
فيصل مولوى : هل كفر سيد قطب المؤذنون ولو قالوا (لا إله إلا الله )
السؤال: 1
هل قال الأستاذ الشهيد سيد قطب رحمه الله بما معناه (كفر المؤذنون ولو قالوا لا اله إلا الله) ؟ وهل تؤيده بذلك؟ وماذا يمكن أن يعني ذلك غير التكفير الصريح؟
الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...
لم أقرا هذا النص بحرفيته للاستاذ الشهيد سيد قطب رحمه الله. لكن كثيرا من النصوص التي قالها تشبه هذا النصّ وتثير إشكالا, ويمكن أن يساء فهمها, وقد وجد فعلا مجموعات من الشباب المتطرف الذي أساء فهم هذه النصوص,وبنى عليها فكر تكفير الناس والعزلة عن المجتمع والخروج عليه ومقاتلته. من هذه النصوص ما ورد (في ظلال القرآن) عند تفسيره للآيات 12-19 من سورة الانعام فهو يقول: (فقد ارتدت البشرية الى عبادة العباد, والى جور الاديان, ونكصت عن لا اله الا الله, وإن ظل فريق منها يردد على المآذن (لا اله إلا الله ) دون أن يدرك مدلولها, ودون أن يعني هذا المدلول وهو يرددها, ودون أن يرفض شرعية (الحاكمية) التي يدعيها العباد لأنفسهم ..... إلاّ أنّ البشرية عادت الى الجاهلية, وارتدت عن لا اله الا الله , فأعطت لهؤلاء العباد خصائص العبودية, ولم تعد توحد الله, وتخلص له الولاء .....البشرية بجملتها, وبما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن من مشارق الارض ومغاربها كلمات لا اله الا الله, بلا مدلول ولا دوافع , وهؤلاء أثقل إثما وأشد عذابا يوم القيامة لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد من بعد ما تبين لهم الهدى, ومن بعد أن كانوا في دين الله).
هذا الكلام اذا فهم على ظاهره فهو خطأ واضح لا يمكن أن يوافق عليه أحد من العلماء. لكننا نورد الى جانبه نصين آخرين من كلام الشهيد سيد قطب نفسه, يتبين منهما ماذا قصد سيد من كلامه:
النص الاول :في تفسير قوله تعالى في سورة الأنفال: (والذين آمنوا ولم يهاجروا، ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر، إلا على قوم بينهم وبينكم ميثاق). يقول سيد قطب: (فهؤلاء الأفراد ليسوا أعضاء في المجتمع المسلم, ومن ثم لا تكون بينهم وبينه ولاية, ولكن هناك رابطة العقيدة) فالسيد قطب لم يحكم على هؤلاء المسلمين بالردة مع أنهم يعيشون خارج المجتمع المسلم, واحتفظ لهم بصحة العقيدة, وذلك هو الموقف الصحيح لأن الله تعالى وصفهم بالايمان .
فقال: (والذين امنوا ولم يهاجروا) كما وصفهم بالدين فقال: (واذا استنصروكم في الدين ...)
النص الثاني: في تفسير قوله تعالى في سورة النساء: (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا...) يقول السيد رحمه الله: (يأمر الله المسلمين إذا خرجوا غزاة, ألا يبدأوا بقتال أحد أو قتله حتى يتبينوا, وأن يكتفوا بظاهر الإسلام في كلمة اللسان, إذ لا دليل يناقض كلمة اللسان) فالسيد يكتفي هنا بظاهر الإسلام في كلمة اللسان، ويعتبر الانسان بذلك مسلماً معصوم الدمّ، ولوقلنا أنّ سيد قطب يعتبر المؤذن مرتداً بمعنى الكفر واستباحة الدم، لكان هذا متناقضاً مع ما ورد في تفسير هذه الآية عند السيد قطب نفسه رحمه الله.
والفهم الصحيح المنسجم مع القواعد الشرعية, والمنسجم مع الشهيد سيد قطب نفسه في نصوص كثيرة, هو ما قال عنه أخوه الأستاذ محمد قطب حفظه الله قال: (إن كتابات سيد قطب تركزت حول موضوع معين, هو بيان المعنى الحقيقي للا اله إلا الله شعورا منه بأن كثيراً من الناس لا يدركون هذا المعنى على
حقيقته, وبيان المواصفات الحقيقية للإيمان كما وردت في الكتاب والسنة, ولكنه مع ذلك حرص حرصا شديدا على أن يبين أن كلامه هذا ليس مقصودا به إصدار الأحكام على الناس, إنما المقصود به تعريفهم بما غفلوا عنه من هذه الحقيقة, ليتبينوا هم لأنفسهم إن كانوا مستقيمين على طريق الله كما ينبغي, أم أنهم بعيدون عن هذا الطريق, فينبغي عليهم أن يعودوا اليه, ولقد سمعته بنفسي يقول أكثر من مرة (نحن دعاة ولسنا قضاة) كما سمعته أكثر من مرة يقول: (إن الحكم على الناس يستلزم وجود قرينة قاطعة لا تقبل الشك , وهذا أمر ليس في أيدينا, ولذلك فنحن لا نتعرض لقضية الحكم على الناس)
وبناء على ذلك نقول: ان الشهيد سيد قطب كان يتحدث عن ردة المجتمع عندما يرفض الاحتكام لشريعة الله, وليس عن الردة الفردية التي يتحدث عنها الفقهاء ووضعوا لها شروطا وبينوا حكمها. والاشارة الى المؤذنين إنما وردت لبيان أهمية كلمة لا اله الا الله وخطورتها ودعوتهم للالتزام بها قبل غيرهم, وليس المراد منها الحكم بردتهم. وعلى كل حال, فالعبارة خاطئة في اعتقادنا لأنها يمكن أن يساء فهمها. وإنما أردنا من هذه النّقول أن نؤكد أن سيد قطب رحمه الله لم يقصد هذا المعنى أصلا, ولم نقصد الى تبرير مثل هذه العبارات. وثبوت الخطأ على شهيد عظيم كسيد قطب رحمه الله لا يطعن في دينه, وإنما يؤكد بشريته, ونحن نعتقد أن لا عصمة إلا لرسول الله (صلَى الله عليه وسلَم).
مجلّة المجتمع الكويتيّة. العدد (271) في 21/10/1975م.
__
الرد على فرية سب سيد قطب للصحابة ..
رد شبهة المداخلة بسب الشيخ سيد رحمه الله لبعض الصحابة رضوان الله عليهم و سيدنا موسى عليه السلام:
أولا: الشيخ رحمه الله, كتب ما كتبه قبل نضجه و في بداية توجهه الإسلامي أو في جاهليته.
ثانيا: الشيخ رحمه الله حذف الكثير من العبارات التي آخذها عليه "محمود شاكر" في الطبعة السادسة مثل قوله أن خلافة عثمان كانت فجوة (و كان يقصد بها في سياسة المال و إلا فقد سماه الخليفة الراشد في غير ما موضع). و مع ذلك فشيخكم الكذاب كان ينقل من الطبعة الخامسة و يتجاهل تعديلات الطبعة السادسة.
ثالثا: الشيخ رحمه الله لم يعد يعتمد تلك الكتب بشهادة المستشار العقيل سنة 1972 (أي قبل ما أثير حول كتب الشيخ سيد, و في وقت كان الإقبال على كتب الشيخ على أشده, فلا يأتي قائل ليقول أنه كذب لتبرئة الشيخ) وبشهادة شقيقه.
رابعا: لشيخكم ربيع المدخلي كلام في الصحابة و في سيدنا سليمان عليه السلام و في جبريل عليه السلام بل و في حق سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ظاهره الإساءة.
خامسا: هذا كلام للإمام ابن تيمية, قال الشيخ سيد قطب رحمه الله نحوه فاتهمتموه بالإساءة إلى الصحابي الجليل و الخليفة عثمان رضي الله عنه:
وأما عثمان فإنه بنى على أمر قد استقر قلبه بسكينة وحلم ، وهدى ورحمة وكرم ولم يكن فيه قوة عمر ولا سياسته ، ولا فيه كمال عدله وزهده ، فطمع فيه بعض الطمع ، وتوسعوا في الدنيا ، وأدخل من أقاربه في الولاية والمال ، ودخلت بسبب أقاربه في الولايات والأموال أمور أنكرت عليه ، فتولد من رغبة بعض الناس في الدنيا ،وضعف خوفهم من الله ومنه ، ومن ضعفه هو ، وما حصل من أقاربه في الولاية والمال ما أوجب الفتنة ، حتى قتل مظلوماً شهيداً.
فهل كان الإمام ابن تيمية سابا للصحابة؟؟
و هذا كلام للإمام الذهبي في الصحابي الجليل "معاوية" رضي الله عنه:
ومعاوية من خيار الملوك الذين غلب عدلهم على ظلمهم، وما هو ببريء من الهَنَات، والله يعفو عنه
فهل قصد الإساءة لسيدنا معاوية رضي الله عنه؟
و هذا كلام للإمام السيوطي في كتابه "الخلفاء" عن سيدنا معاوية (و مثل هذه الكتابات التي اعتمد عليها الشيخ سيد رحمه الله, و على أساسها بنى ظنه في سيدنا معاوية رضي الله عنه, و قد فاته حينها أنها ليست صحيحة!!):
وذكر ابن عبد البر في ( الاستيعاب ) : " وقال قتادة وأبو بكر ابن حفص : سم الحسن بن علي (رضي الله عنه) ، سمته امرأته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي ، وقالت طائفة : كان ذلك بتدسيس معاوية إليها وما بذل لها في ذلك ، والله أعلم " (2) .
و الشيخ رحمه الله, اعتمد على أمثال هذه الروايات المعلولة التي دسها الروافض, و التي لم يعلق عليها من أوردها مثل الإمام السيوطي.
رحم الله الشيخ "سيد قطب", و غفر الله له ما كان من وقوعه في بعض الصحابة, مما نحسبه تاب منه, كما ذكرتُ آنفا!
سادسا: تذكرون أنه أساء إلى نبي الله موسى, و هذا من الفجور في الخصومة, حيث اعتمدتم على كلام قديم له, قبل توجهه الإسلامي, تناول فيه القرآن بطريقة أدبية و فيه ألفاظ قد يُفهم منها الإساءة لسيدنا موسى عليه السلام حين أخذه كنموذج للزعيم العصبي. و كلام الشيخ "سيد قطب" رحمه الله غير مقبول و لكن عذره أنه تراجع عن تلك الكتب.
كما أن الإمام ابن حجر رحمه الله كتب أيضا يصف سيدنا موسى بأنه يغلب على طبعه الغضب, فهل قصد رحمه الله الإساءة إلى سيدنا موسى؟
"و فيه أنه يُغتفر للشخص في بعض الأحوال ما لا يُغتفر في بعض, كحالة الغضب و خصوصا ممن طبع على حدة الخلق و شدة الغضب, فإن موسى عليه السلام لما غلبت عليه حالة الإنكار في المناظرة خاطب والده باسمه مجردا و خاطبه بأشياء لم يكن ليُخاطبه بها في تلك الأحوال"
فلماذا تلتمسون الأعذار لهؤلاء الأئمة (و هم أهل لذلك) و تحملون كلامهم على أحسن المحامل, و لا تفعلون ذلك مع رجل شهد الله العديد من الناس أنه تراجع عن تلك الكتب (انظروا مثلا شهادة من سُجن معه كالأستاذ "أحمد عبد المجيد")!
و لكن كما قيل:
إذا أراد الله نشر فضيلة طويت .. أتاح لها لسان حسود
شهادة المستشار عبد الله العقيل عام 1972 بعدم اعتماد الشيخ "سيد قطب" إلا لستة كتب, و لو أن هذه الشهادة جاءت بعد الهجوم على الشيخ سيد رحمه الله, لقيل شهادة كاذبة قُصد بها تلميع الشيخ سيد, فكيف و قد جاءت هذه الشهادة في وقت كان الناس مقبلين على كتب الشيخ سيد قطب بلهفة و التي تزامنت مع فترة الصحوة الإسلامية و لم يكن وقتها أحد يثير هذه القضية بل كانت هناك هالة من القداسة حول كتاب الشيخ "سيد قطب" (معالم في الطريق), بسبب استماتته في مدافعة الباطل, فتكلم المستشار العقيل في تلك الفترة ليبين للناس الكتب التي اعتمدها الشيخ سيد قبل وفاته:
قال المستشار عبد الله العقيل في مجلة "المجتمع" سنة 1972: "إن سيد قد بعث لإخوانه في مصر والعالم العربي أنه لا يعتمد سوى ستة مؤلفات له وهي: هذا الدين، المستقبل لهذا الدين، الإسلام ومشكلات الحضارة، خصائص التصور الإسلامي، في ظلال القرآن، ومعالم في الطريق".
و هذه شهادة شقيقه "محمد قطب" بتراجع الشيخ رحمه الله عن تلك الكتب و وصيته بعدم قرائتها:
" الأخ الفاضل عبد الرحمن بن محمد الهرفي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سألتني عن كتاب " العدالة الاجتماعية " فأخبرك أن هذا أول كتاب ألفه بعد أن كانت اهتماماته في السابق متجهة إلى الأدب والنقد الأدبي وهذا الكتاب لا يمثل فكره بعد أن نضج تفكيره وصار بحول الله أرسخ قدماً في الإسلام . وهو لم يوصِ بقراءته إنما الكتب التي أوصى بقراءتها قبيل وفاته هي الظلال ( وبصفة خاصة الأجزاء الإثنا عشرة الأولى المعادة المنقحة وهي آخر ما كتب من الظلال على وجه التقريب وحرص على أن يودعها فكره كله ) معالم في الطريق ( ومعظمه مأخوذ من الظلال مع إضافة فصول جديدة ) و"هذا الدين" "والمستقبل" "لهذا الدين" ، "خصائص التصور الإسلامي" ، ومقومات التصور الإسلامي ( وهو الكتاب الذي نشر بعد وفاته ) "والإسلام ومشكلات الحضارة" ، أما الكتب التي أوصى بعدم قراءتها فهي كل ما كتبه قبل الظلال ، ومن بينها " العدالة الاجتماعية ".
الشيخ الألباني رحمه الله يفضح كذب الدكتور رسلان و افترائه على الشيخ "سيد قطب" رحمه الله
يقول الدكتور رسلان في "قذائف الباطل" (التي سماها زورا "قذائف الحق"):
ثالثا : هل يمكن أحد أن يقول إن سيدا كتب الظلال قبل أن ينضج ؟! قبل أن يستوي على سوقه؟!
وإذا فقد كتب سيد ستة عشر جزءً في الفترة الواقعة بين أكتوبر 1952م وأول يناير سنة 1954م
وعليه فسنة 1954م كان في قمة نضجه والإهداء الذي كتبه مفتتح كتابه العدالة الاجتماعية أرخه هو بمارس 1954م وهو في قمة نضجه
سبحان الله يستميت ليُظهر للناس أنه بما أن الشيخ سيد رحمه الله, قد كتب 16 جزءا إلى حدود 1954 فهو قد كان في قمة نضجه و قد فاته أن الشيخ سيد بعد أن انتهى من كتاب الظلال (أي بعد أن أكمل 30 جزءا و ليس فقط ّ16 جزء), أعاد تنقيحها منذ البداية لما ظهر له فيها من تقصير و لما رزقه الله من إنارة في البصيرة جعلته يعيد التنقيح و تم إعدامه قبل تتمة التنقيح. و هذه الأجزاء 13 المنقحة هي التي أوصى بها الشيخ "سيد قطب" بالضبط من كتابه الظلال.
ثم إن الجميع يعلم أن النضج في فكر سيد قطب بدأ بعد سجنه (أي بعد 1954) التي يُحاول الدكتور رسلان في "قذائف الباطل" أن يجعلها تمام نضج الشيخ رحمه الله (زورا و بهتانا).
و هذا ما عبر عنه الشيخ الألباني حين قال:
ولما ألّف كان محض أديب، وليس بعالم، لكن الحقيقة أنه في السجن تطوّر كثيراً، وكتب بعض الكتابات كأنها بقلم سلفي ليست منه..لكن أنا أعتقد أن السجن يُربّي بعض النفوس، ويُوقض بعض الضمائر، فكتب كلمات، يعني يكفي عنوانه الذي يقول: (لا إله إلا الله، منهج حياة)، لا إله إلا الله منهج حياة
---
تحميل كتاب في ظلال القران سيد قطب pdf
رد قضيّة التكفير عند سيد قطب
قضية المفاصلة عند قطب هي المفاصل الشعورية التي لابد أن تنشأ تلقائياً في حس المسلم الملتزم تجاه من لا يلتزمون بأوامر الإسلام ولكنها ليست المفاصلة الحسية المادية
قطب وصف الأمة اليوم بالأمة الإسلامية رغم أنه يراها أمة تعيسة ولم تطبق أحكام الإسلام في واقعها فلم ينفِ عنها إسلامها
يرى أن مهمتنا ليست إصدار الأحكام على الناس ولكن تعريفهم بحقيقة: «لا إله إلا الله» لأن الناس لا يعرفون مقتضاها الحقيقي وهو التحاكم إلى شريعة الله
تطرقتُ في أكثر من مرة لقضية التكفير عند سيد قطب رحمه الله تعالى، وهذا الموضوع أُشبع نقاشاً في مؤلفات ومقالات كثيرة، وفي الإعادة إفادة، فقد اتفق الكثيرون من الأقرباء لسيد قطب وحتى بعض مخالفيه بأنه صاحب أسلوب أدبي رفيع، وموهم أحياناً بعباراته، وكذلك مصطلحات مجملة تحتاج إلى بيان.
سيد قطب بالاتفاق لم يقم بالتكفير عيناً لأشخاص أو مجتمعات أو دول، وهذا يحرر موطن النزاع أكثر بأن الخلاف لفظي وناتج عن فهم السياق والمواضع، الفهم الخاطئ للكلام المنزل أو البشري لا يستلزم حمل النصوص لجانب معين وينطبق هذا على سيد قطب؛ ففهم كلامه لنتيجة معينة لا يستلزم صحة الفهم، الآيات والأحاديث وأقوال السلف قد تفهم بطريقة خاطئة؛ فكيف بأقوال سيد قطب؟ حيث يتم استنتاج المعاني بالتحقيق والبحث العلمي الشامل، وأذكر أن الشيخ محمد أحمد الراشد قال لنا: إنهم تدارسوا كتب سيد قطب بالعراق مثلاً ولم يفهموا معاني تكفيرية، فلا يقاس فهم البعض على الحقيقة، وهنا أضع بعض الأقوال لعبارات أكثر وضوحاً لموقف سيد قطب من التكفير:
1- نقل المستشار عبدالله العقيل عن سيد قطب قوله: «إن مهمتنا ليست إصدار الأحكام على الناس، ولكن مهمتنا تعريفهم بحقيقة لا إله إلا الله؛ لأن الناس لا يعرفون مقتضاها الحقيقي وهو التحاكم إلى شريعة الله» (من كتاب «أعلام الحركة الإسلامية» لعبدالله العقيل، ص 652).
2- هنا يبين مبدأ استخدام القوة لفرض النظام الإسلامي في المكان الذي لا يطبقه، وها هو الشهيد يصف المجموعة التي تولى تربيتها عام 1965م، عندما تم اعتقاله تمهيداً لإعدامه: «لقد اتفقنا على مبدأ عدم استخدام القوة لقلب نظام الحكم وفرض النظام الإسلامي من أعلى؛ لأن المطالبة بإقامة النظام الإسلامي وتحكيم شريعة الإسلام ليست هي نقطة البدء، وإنما هي نقل المجتمعات ذاتها إلى المفهومات الإسلامية الصحيحة، وتكوين قاعدة إن لم تشمل المجتمع كله، فعلى الأقل تشمل عناصر وقطاعات تملك التوجيه والتأثير في اتجاه المجتمع كله إلى الرغبة والعمل في إقامة النظام الإسلامي» (كتاب «شبهات حول الفكر الإسلامي المعاصر» للمستشار سالم البهنساوي، ص 237، وكتاب «العبقري العملاق سيد قطب» ص 83 للأستاذ إبراهيم منير).
3- يكمل سيد قطب موضوع فرض النظام الإسلامي فيقول رحمه الله: «ولا بد إذاً أن تبدأ الحركات الإسلامية من القاعدة، وهي إحياء مدلول العقيدة الإسلامية في القلوب والعقول، وتربية مَن يقبل هذه الدعوة وهذه المفهومات الصحيحة تربية إسلامية صحيحة.. وعدم محاولة فرض النظام الإسلامي عن طريق الاستيلاء على الحكم قبل أن تكون القاعدة المسلمة في المجتمعات هي التي تطلب النظام الإسلامي؛ لأنها عرفته على حقيقته وتريد أن تحكم به...» (جريدة «المسلمون»، من مقالة بعنوان «لماذا أعدموني؟» ذكرت كلمات وكتابات له).
4- محمد قطب يتحدث عن أخيه ومفهومه للتكفير: «إن كتابات سيد قطب قد تركزت حول موضوع معين، هو: بيان المعنى الحقيقي لـ لا إله إلا الله، شعوراً منه بأن كثيراً من الناس لا يدركون هذا المعنى على حقيقته، وبيان المواصفات الحقيقية للإيمان، كما وردت في الكتاب والسُّنة، شعوراً منه بأن كثيراً من هذه المواصفات قد أُهمل، أو غفل الناس عنه! ولكنه مع ذلك حرص حرصاً شديداً على أن يبين أن كلامه هذا ليس مقصوداً إصدار أحكام على الناس، وإنما المقصود به تعريفهم بما غفلوا عنه من هذه الحقيقة، ليتبنوا هم لأنفسهم: إن كانوا مستقيمين على طريق الله كما ينبغي، أم أنهم بعيدون عن هذا الطريق، فينبغي إليهم أن يعودوا إليه».
ويضيف: ولقد سمعته بنفسي أكثر من مرة يقول: «نحن دعاة ولسنا قضاة»، إن مهمتنا ليست إصدار الأحكام على الناس، ولكن مهمتنا تعريفهم بحقيقة «لا إله إلا الله» لأن الناس لا يعرفون مقتضاها الحقيقي، وهو التحاكم إلى شريعة الله! كما سمعته أكثر من مرة يقول: «إن الحكم على الناس يستلزم وجود قرينة قاطعة لا تقبل الشك! وهذا أمر ليس في أيدينا، ولذلك نحن لا نتعرض لقضية الحكم على الناس، فضلاً عن كوننا دعوة ولسنا دولة، دعوة مهمتنا بيان الحقائق للناس، لا إصدار الأحكام عليهم.
أما بالنسبة لقضية المفاصلة، فقد بيَّن في كلامه أنها المفاصلة الشعورية، التي لا بد أن تنشأ تلقائياً في حس المسلم الملتزم، تجاه من لا يلتزمون بأوامر الإسلام، ولكنها ليست المفاصلة الحسية المادية؛ فنحن نعيش في هذا المجتمع، وندعوه إلى حقيقة الإسلام، ولا نعتزله! وإلا فكيف ندعوه؟
5- هنا يفرق سيد قطب بين العالم الإسلامي بشكل عام والمجتمع المطبق للشريعة ويقول: «وإن يوم الخلاص لقريب، وإن الفجر ليبعث خيوطه، وإن النور يتشقق به الأفق، ولن ينام هذا العالم الإسلامي بعد صحوته، ولن يموت هذا العالم الإسلامي بعد بعثه، ولن تموت العقيدة الحية التي قادته في كفاحه» («في ظلال القرآن» ج 2، ص 940)، فهل هذا كلام مَن يكفر الشعوب أم من يحرص عليها ويضع أمله فيها، ويعرف مواطن الضعف والقوة؟
6- سيد قطب يفرق بين الأمة المسلمة كديانة والأمة المطبقة للشريعة أيضاً: «وقد بهتت صورة الزكاة في حسِّنا وحسِّ الأجيال التعيسة من الأمة الإسلامية التي لم تشهد نظام الإسلام مطبقاً في عالم الواقع ولم تشهد هذا النظام يقوم على أساس التصور الإيماني والتربية الإيمانية» (الظلال في تفسير الآية 177 من سورة البقرة).
فالأستاذ سيد وصف الأمة اليوم بالأمة الإسلامية رغم أنه يراها أمة تعيسة ولم تطبق أحكام الإسلام في واقعها، فلم ينفِ عنها إسلامها.
7- هنا يبين سيد قطب بالتحقيق معه الفرق بين المسلم المنتمي للجماعة والمسلم العادي، ويؤكد أنه لا يكفِّر أحداً:
- س: فلم التمييز بين أفراد هذه الجماعة والمسلمين قاطبةً وهم جميعاً أصحاب عقيدة وأهداف وبرنامج؟
- أجاب: التمييز - في رأيي - ليس تمييز شخص على شخص، ولكن فقط باعتبار أن الجماعة ذات برنامج، وأن كل فردٍ مرتبط بهذا البرنامج لتحقيق الإسلام عملياً، وهذا هو وجه التمييز في رأيي (لماذا أعدموني؟).
8- الشيخ فيصل مولوي رحمه الله يذكر نصاً لسيد قطب يفرق بين الأمة والفرد وتطبيق الشريعة في تفسير قوله تعالى في سورة «الأنفال»: "وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ" (الأنفال:72)، يقول سيد قطب: «فهؤلاء الأفراد ليسوا أعضاء في المجتمع المسلم، ومن ثم لا تكون بينهم وبينه ولاية، ولكن هناك رابطة العقيدة»؛ فسيد قطب لم يحكم على هؤلاء المسلمين بالردة مع أنهم يعيشون خارج المجتمع المسلم، واحتفظ لهم بصحة العقيدة، وذلك هو الموقف الصحيح لأن الله تعالى وصفهم بالإيمان.
9- هنا يبين سيد قطب أن الأصل بالمسلم الإسلام بظاهره وهذا الكلام بسورة «النساء» وآخر سور فسرها قبل الإعدام رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: "وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً" (النساء:94)، يقول السيد رحمه الله: «يأمر الله المسلمين إذا خرجوا غزاة، ألا يبدؤوا بقتال أحد أو قتله حتى يتبينوا، وأن يكتفوا بظاهر الإسلام في كلمة اللسان، إذ لا دليل يناقض كلمة اللسان»؛ فيقول الشيخ فيصل مولوي: السيد يكتفي هنا بظاهر الإسلام في كلمة اللسان، ويعتبر الإنسان بذلك مسلماً معصوم الدمّ، ولو قلنا: إنّ سيد قطب يعتبر المؤذن مرتداً بمعنى الكفر واستباحة الدم، لكان هذا متناقضاً مع ما ورد في تفسير هذه الآية عند السيد قطب نفسه يرحمه الله.
"في ظلال القرآن"..عندما يتحول النص إلى واحة
في ظلال القرآن تفسير شاء صاحبه أن يفرَّ تواضعًا من أن يهبه هذه التسمية، مع أنه في الحقيقة تفسيرٌ من طراز فريد، تفسير يُدرك تلاحم النص الذي يقوم على رعايته والعناية به والحدب والحنو عليه، وهذا النص المتلاحم هو القرآن الكريم.
وهو تفسير يدرك أنه قام على بيانِ ما في القرآن الكريم من تصوراتٍ أراد الله سبحانه أن تقود خطوات البشرية الضالة نحو السعادة، فلقد تسلَّم الإسلامُ القيادة بهذا القرآن وبالتصور الجديد الذي جاء به القرآن، وبالشريعة المستمدة من هذا التصور فكان ذلك مولدًا جديدًا للإنسان أعظم في حقيقته من المولد الذي كانت به نشأته.
لقد أنشأ هذا القرآن للبشرية تصورًا جديدًا عن الوجود والحياة والقيم والنظم، كما حقق لها واقعًا اجتماعيًا مزيدًا كان يعز على خيالها تصوره قبل أن ينشئه لها القرآن إنشاءً.
وأهم سمة تميز كتاب سيد قطب أو تفسيره هي أنه تفسير حركي، وأرجو أن نقف مليًا أمام هذا اللفظ الذي من أجله قال في ختام مقدمته ما نصه: "هذه بعض الخواطر والانطباعات عن فترة الحياة (أي حياته هو) في ظلال القرآن".
وهذان اللفظان وردا في هذا السطر الواصف لعمله في التفسير لا يصح أن يفسر ذلك التفسير الشائع بين الناس، فالخاطر نحو الانطباع هنا ليس كلامًا خاليًا من المنهج، وإنما المرد بهما في تعبير سيد قطب هو إرادة الإفادة من معاني القرآن الكريم في خدمة الواقع، وبيان التصورات الجديدة للقرآن الكريم ومحاولة قياس واقع الحياة المعاصرة بها، لنرى مدى المفارقة القائمة في حياة الناس وواقعهم عندما خاصموا النص الكريم، وجافوه، وابتعدوا عنه.
ولستُ أنفي هذا الكلام من باب الإعجاب بتفسير سيد قطب، بل من باب الدرس الموضوعي العلمي لذلك التفسير الفريد، ومن باب المعرفة بطبيعة سيد قطب العلمية.
يقول الدكتور إبراهيم عوض في كتابه (من الطبري إلى سيد قطب دراسة في مناهج التفسير ومذاهبه) (ص 265) : "وليس التذوق الأدبي للنص القرآن عند سيد قطب مجرد نزعة انطباعية غامضة تعتمد على الوجدان الزائد وحده، كما يقول بعض الدارسين، بل يحكم هذا التذوق عنده عدة ضوابط".
وما يهمنا في التعقيب هو التقاط أنَّ ثمة ضوابط تحكم ما سمَّاه هو نفسه خواطر أو انطباعات.
وإذا كان الدكتور إبراهيم عوض جعل منهج سيد قطب في تفسيره قائمًا على منهج التذوق الأدبي، فلأنَّ الباحث الكريم التفت إلى عددٍ من الأمور تجلَّت في ثنايا التفسير كله وهي التاريخ الفكري والثقافي لسيد قطب، واشتهاره بممارسة النقد الأدبي تنظيرًا بكتابه الرائد (في أصول النقد الأدبي) من جانب وتطبيقًا بدراسته عن كثير من الآباء الذين أسهموا بكثير من أعمالهم الأدبية شعرًا أو رواية.. إلخ.
كما أنه شاعر كان قريبًا من الأصوات الوجدانية (الرومانسية) في تاريخ الحركة الشعرية في مصر، ومشايعته للعقاد، وانتصاره له أمر معروف متداول.
هذا كله بالإضافة إلى اللغة البيانية الرائعة التي كَتَبَ بها تفسيره، لدرجة يمكن القول معها: إنَّ تفسير قطب أو وقفاته وخواطره التي سمَّاها في ظلال القرآن يمكن أن تعد نصًّا أدبيًا له عناصر الشعرية أو الأدبية من مجاز وتصوير وخيال.
لكننا مع إقرارنا ببروز هذه السمة الأدبية الطاغية على التفسير إلا أننا نرى أن نصنفه تحت قسم جديد هو قسم "التفسير الحركي".
وتقصد بهذا المنهج قراءة النص الكريم، وبيان ما فيه، أو تفسيره في ضوء الهدف الذي أُنزل من أجله، وهذا في تصور سيد قطب ضغط حركة الكون والإنسان فيه، ورد البشرية الموغلة في شعب الضلال إلى حركة يحكمها تصور إرادة الله سبحانه.
وهذه الحركة أمرٌ ظاهر من أول سطور التفسير، يقول سيد قطب: "عشتُ أتملى في ظلال القرآن، ذلك التصور الكامل الشامل الرفيع النظيف للوجود لغاية الوجود كله، وعناية الوجود الإنساني، وأقيس إليه تصورات الجاهلية التي تعيش فيها البشرية في شرقٍ وغربٍ، وفي شمالٍ وجنوبٍ، وأسأل كيف تعيش البشرية في الدرك الهابط، وفي الظلام البهيم وعندها ذلك المرتع الزكي، وذلك المرتقى العالي، وذلك النور الوضيء"، وكل تلك الأوصاف إنما المقصود بها هو القرآن الكريم.
وسيد قطب دائم التذكير بعصابات المضللين وجماعات المخادعين الذين يعادون البشرية عندما يضعون تصورات مخالفة لمنهج الله ثم يقهرون هذه البشرية على السير في هذه الدروب المظلمة التي تنال من إنسانيتهم.
وهو يرى من منظور المنهج الحركي هذا ضرورةَ النظر إلى قضايا الوجود مرتبة وفق أولويات محددة أتى في قمتها ما سمَّاه التسمية الموفقة بقضية الوجود الكبرى، وهي توحيد الله سبحانه التي تكفَّل القرآنُ المكي وهو أكبر في تعداد سوره من القسم المدني، وأمر ذلك ميسور التفسير؛ لأنه بمثابة الأساس الذي يقوم عليه بيانُ الجماعة المؤمنة في ضبط حركتها في الحياة، ثم تأتي قضية إقامة شريعة الله سبحانه في الأرض.
فالاحتكام إلى منهج الله في كتابه ليس نافلةً ولا تطوعًا ولا موضعَ اختبار، إنما هو الإيمان والأمر، والأمر إذنْ جد، إنه أمر العقيدة من أساسها، ثم هو أمر سعادة البشرية أو شقائها، إنَّ هذه البشرية وهي من صنع الله لا تفتح فطرتها إلا بمفاتيح من صنع الله، ولا تعالج أمراضها وعللها إلا بالدواء الذي يخرج من يده سبحانه وتعالى، وقد جعل في منهجه وحده مفاتيح كل مغلق وشفاء كل داء ﴿وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ﴾ (الإسراء: من الآية 82).
من جانب ثانٍ فإنَّ آثار ثقافة سيد قطب الأدبية والنقدية تبدت في مجموعةٍ من الآليات والإجراءات حافظ عليها في طول تفسيره.
من أهم هذه الإجراءات النظر إلى السور من باب إن كل سورة تمثل كيانًا متكاملاً متناسقًا مترابطًا، أو ما يُسمَّى بلغة النقد الأدبي هناك وحدة موضوعية تفعل عملها في تلاحم أجزاء السورة كلها، ومن أجل ذلك حرص سيد قطب في مفتتح كل سورة، وقبل التعرض لبيان تفسير الآيات بشكلٍ تفصيلي أن يكتب كلمة افتتاحية تمثل الغرض أو الموضوع الذي تمثله السورة أو تحاول أن تُعالجه من وجهةِ نظره مدعومة بالأدلة من لغة السورة.
فهو يهتم في كل سورة قرآنية بالعثور على الخيط الذي يربط آياتها كلها بعضها ببعض، وهو يسميه "المحور" الذي تدور عليه آيات السورة وموضوعاتها ويجعل منها وحدة فكرية وموضوعية.
وفكرة المحور هذه فكرة تؤكد له ما سميناه بحركية التفسير، يقول في مفتتح سورة الدخان (44 مكية): "شبه إيقاع هذه السورة المكية بفواصلها القصيرة، وقافيتها المتقاربة، وصورها العتيقة، وظلالها الموحية.. شبه أن يكون إيقاعها مطارق على أوتارِ القلب البشري المشدود".
ويكاد يكون سياق السورة أن يكون كله وحدة متماسكة، ذات محور واحد، تشد إليه خيطها جميعًا، سواء في ذلك القضية، ومشهد القيامة ومصارع الغابرين والمشهد الكوني، والحديث المباشر عن قضية التوحيد والبعث والرسالة، فكلها وسائل ومؤثرات لإيقاظ القلب البشري واستجاشته لاستقبال حقيقة الإيمان حية نابضة كما يبثها هذا القرآن في القلوب".
ويبدو من هذا المفتتح الذي حرص في كل سورة على الوفاء به، وفاءً لبيان تلاحم النص- مدى ما احتشد به سيد قطب من معارف جعلت من تفسيره هذا تفسيرًا مؤسسًا على العلوم اللازمة لأي نشاط تفسيري للكتاب العزيز، فما ذكره من علاماتٍ في المفتتح من قصد الآيات... إلخ هي علامات رصدها علماء علوم القرآن، مما يذكرنا بنفي أن يكون هذا التفسير مجرَّد انطباعات بالمعنى المتداول بين الناس.
أضف إلى هذا إقامة الحياة وفق المفهوم القرآني، وتوظيف كافة الوسائل لإقامة هذه الحركة الإنسانية متناسقةً مع التصور الإيماني كما يريده القرآن الكريم.
على أنَّ الحرص على فكرة الوحدة المتماسكة، والمحور الواحد، ليست جديدة على النشاط التفسيري للنص الكريم، فعلماء علوم القرآن الكريم يعرفون علمًا هذا هدفه هو "علم التناسب"، أو تناسب الآيات والسور وهو علم يبحث في تعاقب الآيات والسور بهذا النسق في المصحف الشريف، وهو علم يقرر أولاً النص كله وحدة متلاحمة، وأن سورة بما فيها من آيات تربطها حكمة ترعى مبدأ التلاحم ومن أشهر من كتب في هذا المجال هو برهان الدين البقاعي (885هـ)، وقد وصل إلينا تفسيره نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، وقد طبع في اثنين وعشرين مجلدًا في حيدر أباد بالهند.
وما لاحظه الدكتور إبراهيم عوض من أنه كثير الذكر لأمور السياسة والحضارة يؤكد ما سميناه منهجًا حركيًا يسعى لضبط حركة الإنسان في الكون بتصور القرآن الكريم باعتباره مفتاح القفل الذي يمكنه التعامل مع الإنسان، الذي هو خلق الله.
على أني أُحب أن أقول إنَّ تفسير سيد قطب ينبغي أن يقرأ في ضوء أمرين أساسيين حتى لا يكون أداة لسوء الفهم، وسوء الاستنباط وهو ما حدث في مراحل تاريخية محددة، وهو بريء من آثارها، فلم يكن سيد قطب باعتباره الجناح الضخم بعد حسن البنا في التنظير للإخوان داعية عنف أو إرهاب.
الأمر الأول: أن تفسير سيد قطب باعتباره تفسيرًا حركيًا لا يصح أن يُقرأ إلا في استحضار مقولة (الدعوية) بمعنى أن كتاب سيد قطب ليس كتاب أحكام، وليس هو معنيًا بهذا لا في المقام الأول ولا حتى في المقام العاشر، وإنما هو كتاب (دعوة) ومنطق الدعوة قائم على استثارة العاطفة وإرادة رد الجماهير إلى طريق الله.
وغير خافٍ أنَّ الجماهير الذين استقبلوا هذا التفسير أو كتب لهم هم جماهير عصرٍ تألَّبت عليه جماعات من المضللين وفق أقوال سيد قطب، والذي رأى أنهم ابتعدوا كثيرًا من تصور الله المراد من كتابه العزيز ومن هنا فإنَّ كثيرًا من الألفاظ الاستبدادية والإنكارية ينبغي أن تفهم في ضوء مراد سيد قطب الدعوي الذي قد يكون فضفاضًا بعض الشيء من المنظور العلمي.
الأمر الثاني: أنه لا يصح قراءة هذا التفسير بمعزلٍ عن فكرة المحنة التي كان يعيش في أجوائها باعتبار موقعه التنظيمي من حركة الإخوان المسلمين، وهو الأمر الذي انتهى باستشهاده.
وأن آثار هذه المحنة جعلت عاطفته المتوقدة تشتعل عند كثير من صور عرض صور النار أو قصص الطغاة والمتجبرين في القرآن الكريم.
لكن يظل تفسير سيد قطب استنباطًا من عنوانه يرى في القرآن الكريم الماء النمير والهواء الرطب العليل والظل الوارف الظليل إن طبقت أوامره في حياة أشبه بالجحيم أو على حد تعبير أولفييه كاربيه في كتابه في ظلال القرآن رؤية استشراقية فرنسية: "إن كتاب الظلال يقدم بما لا شك فيه البرهان والفكر والصفاء للمعارضة الإسلامية ضد كل نظام سياسي مستبد".
وأساس هذا البرهان وهذا الفكر هو الرجوع إلى النص القرآني وتدبره، إلى محاولة استرجاع بيئة الواحة أو السعادة، ومن أجل ذلك كان الظلال!
الصحف السعودية بعد إعدام سيد قطب
---
روى الصحفي السعودي أحمد عبد الغفور عطار حادثة رآها من سيد قطب بعينه وعاشها بكيانه ، وهي أغرب من الخيال .
والأستاذ أحمد عالم لغوي شهير قدم له الأستاذ العقاد بعض كتبه وهو مؤسس صحيفة عكاظ السعودية عام 1379 هـ و كان رئيس تحريرها
قال : اتصل بي سيد قطب تليفونيا ذات يوم وطلب مني أن آتي إلى منزله سريعا
وطلب مني باستحياء أن أحضر معي بضعة عشر جنيها قرضا ، ليشتري بها دواء ، وهو مريض ولا يملك ثمن الدواء !! .
فذهبت إلى المنزل سريعا ومعي المبلغ المطلوب ..
ولما دخلت غرفة الإستقبال ، رأيت مشهدا عجيبا ،أقسم لقد دهشت مما رأيت !
كان يجلس في الغرفة، موظف دبلوماسي في سفارة دولة عربية بترولية ، وأمامه حقيبة مليئة بالأوراق المالية من مختلف الأرقام والفئات ، تبلغ في مجموعها عدة آلاف من الجنيهات تقريبا !! .
وهو يرجو سيد قطب بإلحاح ورجاء وحرارة أن يأخذ الحقيبة ، بما فيها من أموال ، فهي هدية من دولته له ، لأنها تعرف منزلته ومسؤولياته ، وتريد منه أن يستعين بها على أعباء حياته ، وتمويل مشروعاته الأدبية والفكرية ، وكان سيد وقتها بصدد إصدار مجلة أدبية وفكرية إصلاحية – لعلها العالم العربي أو الفكر الجديد .
فنظرت إلى سيد قطب الذي كان جالسا مريضا ، فإذا به حزين ..
ثم رد هدية الرجل بحزم وأدب ، وبدا عليه الغضب والحدة ، وهو يخاطبه قائلا :
إنني لا ابيع نفسي وفكري بأموال الدنيا ، فأعد أموالك إلى حقيبتك مشكورا !! .
ثم التفت سيد إلي وقال لي : هل أحضرت ما طلبته منك ؟
فقلت له : نعم ، وناولته المبلغ ، وأنا في غاية الدهشة والإستغراب والإنفعال !!!
ولما عرف الدبلوماسي قصة هذا المبلغ ، وان سيد يومها فقير لا يملك ثمن الدواء ، ومع ذلك استعلى على آلاف الجنيهات ورفضها وردها مع حاجته الماسة إلى بعضها ... خرج محتارا متعجبا !! .
يقول الاستاذ أحمد : هذه الحاثة أثبتها وأسوقها بدون تعليق .. وأقدمها هدية لمن يتناولون حياة سيد قطب وفكره وآراءه الحركية ومواقفه الجهادية ، بالتخطئة والنقد والاتهام والتجهيل ... وهم يعيشون في ترف ظاهر ، ويلهثون وراء المال ، ويرتبطون الارتباطات المشبوهة ، ويتصلون الإتصالات المريبة ، ويمدون أيديهم لهنا وهناك !!
واقول لهم : قليلا يا هؤلاء !
ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه فوقف عندها !!
واين أنتم من هذا الرجل الزاهد المتجرد الشهيد بإذن الله ؟!!!.
.
بقلم : محمد الفاتح .
المرجع : كتاب سيد قطب من الميلاد إلى الإستشهاد .
""""
الشيخ الألباني رحمه الله يفضح كذب الدكتور رسلان و افترائه على الشيخ "سيد قطب" رحمه الله
يقول الدكتور رسلان في "قذائف الباطل" (التي سماها زورا "قذائف الحق"):
ثالثا : هل يمكن أحد أن يقول إن سيدا كتب الظلال قبل أن ينضج ؟! قبل أن يستوي على سوقه؟!
وإذا فقد كتب سيد ستة عشر جزءً في الفترة الواقعة بين أكتوبر 1952م وأول يناير سنة 1954م
وعليه فسنة 1954م كان في قمة نضجه والإهداء الذي كتبه مفتتح كتابه العدالة الاجتماعية أرخه هو بمارس 1954م وهو في قمة نضجه
سبحان الله يستميت ليُظهر للناس أنه بما أن الشيخ سيد رحمه الله, قد كتب 16 جزءا إلى حدود 1954 فهو قد كان في قمة نضجه و قد فاته أن الشيخ سيد بعد أن انتهى من كتاب الظلال (أي بعد أن أكمل 30 جزءا و ليس فقط ّ16 جزء), أعاد تنقيحها منذ البداية لما ظهر له فيها من تقصير و لما رزقه الله من إنارة في البصيرة جعلته يعيد التنقيح و تم إعدامه قبل تتمة التنقيح. و هذه الأجزاء 13 المنقحة هي التي أوصى بها الشيخ "سيد قطب" بالضبط من كتابه الظلال.
ثم إن الجميع يعلم أن النضج في فكر سيد قطب بدأ بعد سجنه (أي بعد 1954) التي يُحاول الدكتور رسلان في "قذائف الباطل" أن يجعلها تمام نضج الشيخ رحمه الله (زورا و بهتانا).
و هذا ما عبر عنه الشيخ الألباني حين قال:
ولما ألّف كان محض أديب، وليس بعالم، لكن الحقيقة أنه في السجن تطوّر كثيراً، وكتب بعض الكتابات كأنها بقلم سلفي ليست منه..لكن أنا أعتقد أن السجن يُربّي بعض النفوس، ويُوقض بعض الضمائر، فكتب كلمات، يعني يكفي عنوانه الذي يقول: (لا إله إلا الله، منهج حياة)، لا إله إلا الله منهج حياة
ثانيا : سيد قطب و تـكـفـير المـسـلـمـين
نسب إلى سيد رحمه الله تهمة تكفير المسلمين أو المجتمعات الإسلامية من خلال الفهم الخاطئ لكتابات سيد رحمه الله في الظلال وغيرها من كتبه . وهذه التهمة ناتجة من اطلاقاته مثل :
- الناس في جاهلية ، وهم عادوا إلى الجاهلية الأولى .
- عدم وجود المجتمع المسلم .
- المجتمعات تحب أَن تكون مسلمة وليست مسلمة .
- تسمية المساجد معابد الجاهلية .
وهناك مجموعتان تخرجان بنتائج خاطئة من قراءة كلام سيد حول هذا الموضوع :
المجموعة الأولى : مجموعة تكفر المسلمين وتزعم أنها متبنيـة لفكر سيد وأبرز أمثلتها " جماعة المسلمين " واشتهرت باسم " جماعة التكفير والهجرة " .
النماذج التي أوردها سيد قطب في الظلال وفهم منها البعض تكفيره لأفراد المجتمع
أولاً : يقول في تفسير قوله تعالى : "وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ" ... " ولكن المشقة الكبرى التي تواجه حركات الإسلام الحقيقية اليوم ليست في شيء من هذا .. إنها تتمثل في وجود أقوام من الناس من سلالات المسلمين ، في أوطان كانت في يوم من الأيام دارا للإسلام ، يسيطر عليها دين الله ، وتُحكم بشريعته .. ثم إذا هذه الأرض ، وإذا هذه الأقوام ، تهجر الإسلام حقيقة ، وتعلنه إسما وإذا هي تتنكر لعقيدة الإسلام اعتقادا وواقعا وإن ظنت أنها تدين بالإسلام اعتقادا فالإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن لا إله إلا الله تتمثل في الاعتقاد أن الله - وحده - هو خالق هذا الكون المتصرف فيه وأن الله وحده هو الذي يتقدم إليه العباد بالشعائر التعبدية ونشاط الحياة كله وأن الله - وحده - هو الذي يتلقى منه العباد الشرائع ويخضعون لحكمه في شأن حياتهم كله وأيما فرد لم يشهد أن لا إله إلا الله - بهذا المدلول - فإنه لم يشهد ولم يدخل في الإسلام بعد ، كائنا ما كان اسمه ولقبه ونسبه وأيما أرض لم تتحقق فيها شهادة أن لا إله إلا الله - بهذا المدلول - فهي أرض لم تدن بدين الله ولم تدخل في الإسلام بعد وفي الأرض اليوم أقوام من الناس أسماؤهم أسماء المسلمين وهم من سلالات المسلمين وفيها أوطان كانت في يوم من الأيام دارا للإسلام ولكن لا الأقوام اليوم تشهد أن لا إله إلا الله - بذلك المدلول - ولا الأوطان اليوم تدين لله بمقتضى هذا المدلول .
وهذا أشق ما تواجهه حركات الإسلام الحقيقية في هذه الأوطان مع هؤلاء الأقوام أشق ما تعانيه هذه الحركات هو عدم استبانة طريق المسلمين الصالحين وطريق المشركين المجرمين واختلاط الشـارات والعناوين والتباس الأسماء والصفات والتيه الذي لا تتحدد فيه مفارق الطريق .
ويعرف أعداء الحركات الإسلامية هذه الثغرة فيعكفون عليها توسيعا وتمييعا وتلبيسا وتخليطا حتى يصبح الجهر بكلمة الفصل " تهمة " يؤخذ عليها بالنواصي والأقدام تهمة تكفير " المسلمين " ويصبح الحكم في أمر الإسلام والكفر مسألة المرجع فيها لعرف الناس واصطلاحهم لا إلى قول الله ولا إلى قول رسول الله .
هذه هي المشقة الكبرى وهذه كذلك هي العقبة الأولى التي لا بد أن يجتازها أصحاب الدعوة إلى الله في كل جيل .
يجب أن تبدأ الدعوة إلى الله باستبانة سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين ويجب أن لا تأخذ أصحاب الدعوة إلى الله في كلمة الحق والفصل هوادة ولا مداهنة وألا تأخذهم فيها خشية ولا خوف وألا تقعدهم عنها لومة لائم ولا صيحة صائح انظروا إنهم يكفرون المسلمين .
إن الإسلام ليس بهذا التمييع الذي يظنه المخدوعون ، إن الإسلام بَيِّن والكفر بَيِّن ، الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله - بذلك المدلول - فمن لم يشهدها على هذا النحو ومن لم يقمها في الحياة على هذا النحو فحكم الله ورسوله فيه أنه من الكافرين الظالمين الفاسقين المجرمين .
ثانيا : ما قيل من أنه جعل مساجد المسلمين كمعابد الجاهلية انطلاقا من تكفير مجتمعاتهم واعتبارها جاهليـة : قال سيد قطب في تفسير قولـه تعالى :"وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" ( يونس آية 87 ) " وتلك هي التعبئة الروحية إلى جوار التعبئة النظامية وهما معا ضروريتان للأفراد والجماعات وبخاصة قبيل المعارك والمشقات ولقد يستهين قوم بهذه التعبئة الروحية ولكن التجارب ما تزال إلى هذه اللحظة تنبئ بأن العقيدة هي السلاح الأَول في المعركة وأن الأداة الحربية في يد الجندي الخائر العقيدة لا تساوي شيئا كثيرا في ساعة الشدة .
وهذه التجربة التي يعرضها الله على العصبة المؤمنة ليكون لها فيها أسوة ليست خاصة ببني إسرائيل فهي تجربة إيمانية خالصة وقد يجد المؤمنين أنفسهم ذات يوم مطاردين في المجتمع الجاهلي وقد عمت الفتنة وتجبر الطاغوت وفسد الناس وأنتنت البيئة وكذلك كان الحال على عهد فرعون في هذه الفترة وهنا يرشدنا الله إلى أمور :
1 - اعتزال الجاهلية ، نتنها وفسادها وشرها ما أمكن في ذلك وتجمع العصبة المؤمنة الخيرة النظيفة على نفسها لتطهرها وتزكيها وتدربها وتنظمها حتى يأتي وعد الله لها .
2 - اعتزال معابد الجاهلية واتخاذ بيوت العصبة المؤمنة مساجد تحس فيها بانعزال عن المجتمع الجاهلي وتزاول عبادتها لربها على نهج صحيح وتزاول بالعبادة ذاتها نوعا من التنظيم في جو العبادة الطهور .
ثالثاً : قال سيد : " لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلا الله فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان ونكصت عن لا إله إلا الله وإن ظل فريق منها يردد على المآذن : " لا إله إلا الله " دون أن يدرك مدلولها ودون أن يعني هذا المدلول وهو يرددها ودون أن يرفض شرعية " الحاكميـة " التي يدعيها العباد لأنفسهم - وهي مرادف الألوهية - سواء ادعوها كأفراد أو كتشكيلات تشريعية أو كشعوب فالأفراد كالتشكيلات كالشعوب ليست آلهة فليس لها إذن حق الحاكمية إلا أن البشرية عادت إلى الجاهلية وارتدت عن لا إله إلا الله فأعطت لهؤلاء العباد خصائص الألوهية ولم تعد توحد الله وتخلص له الولاء .
البشرية بجملتها بما فيهـا أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات : " لا إله إلا الله " بلا مدلول ولا واقع وهؤلاء أثقل إثما وأشد عذاباً يوم القيامة لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد - من بعد ما تبين لهم الهدى - ومن بعد أن كانوا في دين الله .
فما أحوج العصبة المسلمة اليوم أن تقف طويلا أمام هذه الآيات البينات ! ما أحوجها أن تقف أمام آيات الولاء :"قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ "
ذلك لتعلم أن اتخاذ غير الله وليا - بكل معاني " الولي " وهي الخضوع والطاعة والإستنصار والاستعانة يتعارض مع الإسلام لأنه هو الشرك الذي جاء الإسلام ليخرج منه الناس ولتعلم أن أول ما يتمثل فيه الولاء لغير الله هو تقبل حاكمية غير الله في الضمير أو في الحياة ، الأمر الذي تزاوله البشرية كلها بدون استثناء ولتعلم أنها تستهدف اليوم إخراج الناس جميعا من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، وأنها تواجه جاهلية كالتي واجهها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والجماعة المسلمة حين تلقي هذه الآيات .
وما أحوجها أن تستصحب في مواجهتها للجاهلية تلك الحقائق والمشاعر التي تسكبها في القلب المؤمن الآيات التالية " قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ، مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ، وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ " .
فما أحوج من يواجه الجاهلية بطاغوتها وجبروتها وبإعراضها وعنادها وبالتوائها وكيدها وبفسادها وانحلالها .. ما أحوج من يواجه هذا الشر كله أن يستصحب في قلبه هذه الحقائق وهذه المشاعر مخافة المعصية والولاء لغير الله ومخافة العذاب الرهيب الذي يترقب العصاة .. واليقين بأن الضار والنافع هو الله . وأن الله هو القاهر فوق عباده فلا معقب على حكمه ولا راد لما قضاه ، إن قلبا لا يستصحب هذه الحقائق وهذه المشاعر لن يقوى على تكاليف
" إنشاء " الإسلام من جديد في وجه الجاهلية الطاغية .. وهي تكاليف هائلة تنوء بها الجبال ! .
ثم ما أحوج العصبة المؤمنة - بعد أن تستيقن حقيقة مهمتها في الأرض اليوم ، وبعد أن تستوضح حقيقة العقيدة التي تدعو إليها ومقتضياتها من إفراد الله سبحانه بالولاء بكل مدلولاته ، وبعد أن تستصحب معها في مهمتها الشاقة تلك الحقائق والمشاعر .. ما أحوجها بعد ذلك كله إلى موقف الإشهاد والقطع والتبرؤ من الشرك الذي تزاوله الجاهلية البشرية اليوم كما كانت تزاولـه جاهلية البشرية الأولى . وأن تقول ما أَمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقوله ؛ وأن تقذف في وجه الجاهلية بما قذف به في وجههـا الرسول الكريم تنفيذا لأمر ربه العظيم
"قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ " .
بعد إيراد بعض النصوص لا بد من معرفة حقيقة موقف سيد من هذه القضية و الردود التي ذكرت في سياق الرد على هذه التهمة .
يقول الدكتور صلاح الخالدي بعد أن أورد النص الأول عند تفسير سيد لقوله تعالى"وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ" قال : في هذا النص لسيد - الذي آثرنا نقله كاملا على طوله لنعرف قصده من كلامه وحتى لا نقع في خطأ " الاجتراء " بنقل عبارات وقطعها من سياقها واستخراج أحكام منها لا تحتملها لأن معناها لا يفهم إلا في سياقها - في هذا النص يتجلى لنا أن سيد كان يهدف إلى بيان مضامين ومعنى لا إله إلا الله ويرسم نقطة البدء على هذا الأساس ويوضح طريق الدعوة وتعامل الدعاة على هذا الأساس ويكشف محاولة الأعداء في التلبيس والتخليط والتمييع حتى لا تبقى الجماهير مخدوعة في حقيقة ما هي عليه وحكم الله وشرعه ورسوله في واقعها هذا ما كان يريده سيد ولم يرد أن يكفر المسلمين كما لم يرد أن يعطي كلامه صفة الحكم القانوني المحدد والأمر القضائي النافذ إنما كلامه كلام داعية يرسم طريق الدعوة ويعبر عن هذا بالعاطفة الجياشة والانفعال الظاهر والتأثير البليغ ليستثير الهمم ويشحذ العزائم وما سوى ذلك ظلم لسيد ولرأيه وفكره وتقويل له ما لم يقله .
وحول هذا الموضوع يقول الأستاذ سالم البهنساوي " الألفاظ العامة للكتاب والشراح و أوصافهم للمجتمع أنه جاهلي أو على غير الإسلام أو معدود على الديانة الإسلامية لا تعطي حكما شرعيا لكل أفراده فهناك فرق بين الحكم الفقهي وبين الموعظة أو الزجر " .
يقول الدكتور إبراهيم الكيلاني : إننا يجب أن نفهم كلام سيد قطب من خلال منهجه لا أن نفهمه من خلال كلمات مبعثرة هنا وهناك فسيد قطب رجل دعوة يسعى لإقامة حكم الله في الأرض وكان يرى كفرا بواحا منتشرا في المجتمعات الإسلامية كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إلا أن تروا كفرا بواحا )) فاستحلال الربا والخمر والزنا والقمار وتعطيل شريعة الله ماذا يسميها الفقيه المسلم ؟ أليس هذا كفرا بواحا ؟ بلى وباتفاق المسلمين هذه كفر بواح فعندما يقول إن المجتمع الذي يستحل حرمات الله مجتمع جاهلي كافر إنما يعني أن استباحـة حرمات الله تبارك وتعالى ولم يقل أن اللذين في هذا المجتمع كفار .
وقد سألت عن هذه القضية الأستاذ محمد قطب فقال : " إن سيد لم يقل أن المسلم الفلاني كافر إلا أن يستحل حرمات الله كذلك المجتمع بصورة عامة عندما تستباح به المحرمات و يخرج عن دين الله فإذا كان سيد قد اجتهد ووصفه بهذا الوصف فله دليل من القرآن الكريم " .
أما عن القول بأن سيد يسمي المساجد معابد الجاهلية فهذا اتهام باطل ذلك أن كلام سيد في تفسير قوله تعالى"وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" على النحو التالي يقول : " وهذه التجربة التي يعرضها الله على العصبة المؤمنة ليكون لها فيها أسوة ليست خاصة ببني إسرائيل فهي تجربة إيمانية خالصة وقد يجد المؤمنين أنفسهم ذات يوم مطاردين في المجتمع الجاهلي وقد عمت الفتنة وتجبر الطاغوت وفسد الناس وأنتنت البيئة وكذلك كان الحال على عهد فرعون "
بهذا القيد المؤمنين مطاردين في مجتمع جاهلي وقد عمت الفتنة وتجبر الطاغوت ، هنا ذكر سيد اعتزال الجاهلية واعتزال معابد الجاهلية واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد .
ولنتأمل قول ابن كثير في هذه الآية يقول : " اختلف المفسرون في معنى قوله تعالى" وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً " عن ابن عباس قال" وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً " " قال : كانوا خائفين فأمروا أن يصلوا في بيوتهم وكذا قال مجاهد وأبو مالك والربيع بن أنس والضحاك وغيرهم يقول ابن كثير وكأن هذا والله أعلم لما اشتد بهم البلاء من قبل فرعون وقومه وضيقوا عليهم وقال مجاهد" وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً " " لما خاف بنو إسرائيل من فرعون أن يقتلوا في الكنائس الجامعة أمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد .
فسيد قطب قد جعل الأمر مقيدا بالخوف من الطواغيت أما المساجد التي أسست على تقوى من الله والتي أمر الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يقول عنها سيد عند قوله تعالى "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ" يقول تلك البيوت "أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ " وأذن الله هو أمر للنفاذ فهي مرفوعة قائمة وهي مطهرة رفيعة يتناسق مشهدها المرفوع مع النور المتألق في السماء والأرض وتتناسق طبيعتها الرفيعة مع طبيعة النور السني المضيء وتتهيا بالرفعة والارتفاع لأن يذكر فيها اسم الله " وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ...... الآية " ... إلخ " .
كتب الأستاذ محمد قطب رسالة موجهة إلى مجلة المجتمع حيث أن محمد قطب كان يتدارس الإسلام مع شقيقه وهو خير من يكتب في هذا الموضوع نظرا لمعرفته لأفكار أخيه .
نص الرسالة : " السلام عليكم و رحمة الله و بركاته و بعد : فإنك تعلم يا أخي ما دار من لغط في محيط الإخوان حول كتابات الشهيد سيد قطب وما قيل من كونها مخالفة لفكر الإخوان أو جديدة عليها وأحب في هذا المجال أن أثبت مجموعة من الحقائق أحس بأنني مطالب أمام الله بتوضيحها حتى لا يكون في الأمر شبهة .
إن كتابات سيد قطب قد تركزت حول موضوع معين هو بيان المعنى الحقيقي للا إله إلا الله شعورا منه بأن كثيرا من الناس لا يدركون هذا المعنى على حقيقته وبيان المواصفات الحقيقية للإيمان كما وردت في الكتاب والسنة شعوراً منه بأن كثيراً من هذه المواصفات قد أهمل أو غفل الناس عنها ولكنه مع ذلك حرص حرصا شديدا على أن يبين أن كلامه هذا ليس مقصودا به إصدار أحكام على الناس وإنما المقصود به تعريفهم بما غفلوا عنه من هذه الحقيقة ليتبينوا هم لأنفسهم إن كانوا مستقيمين على طريق الله كما ينبغي ، أم إنهم بعيدون عن هذا الطريق فينبغي عليهم أن يعودوا إليه .
ولقد سمعته بنفسي أكثر من مرة يقول " نحن دعاة لسنا قضاة " إن مهمتنا ليست إصدار الأحكام على الناس ولكن مهمتنا تعريفهم بحقيقة لا إله إلا الله لأن الناس لا يعرفون مقتضاها الحقيقي وهو التحاكم إلى شريعة الله كما سمعته أكثر من مرة يقول إن الحكم على الناس يستلزم وجود قرينة قاطعة لا تقبل الشك وهذا أمر ليس في أيدينا ولذلك فنحن لا نتعرض لقضية الحكم على الناس فضلا عن كوننا دعوة ولسنا دولة دعوة مهمتها بيان الحقائق للناس لا إصدار الأحكام عليهم ... إلخ " .
وفي مقابلة أجرتها مجلة المجتمع مع زينب الغزالي والتي سئلت فيها هل حقا أن الفكر الذي كان يتبناه سيد ويدرسه للإخوان هو تكفير أفراد المجتمع فأجابت بأنها قد سألت سيد رحمة الله عن ذلك فاستغرب هذا القول وبين أن هذا فهم خاطئ لما كتبه ، وبين أنه سيوضح هذا في الجزء الثاني للمعالم .. وقالت إن سيد لم يكن يكفر الأفراد بل كان يرى أن المجتمعات ابتعدت عن الإسلام إلى درجة جعلتها تفقد هذه الصفة .
وسئل الأستاذ عمر الأشقر في مجلة المجتمع عن سؤال : " هل كفر سيد قطب الأفراد والمجتمعات " ؟ ومما جاء في الجواب قوله : لم تحمل كتب الشهيد نصا واحدا يصرح فيه بتكفير المجتمعات أو الأفراد ولم يتفق الإخوان على أن سيد كان يصرح في لقاءاته وجلساته وأحاديثه بتكفير المجتمعات ولكن كثيرا من كتاباته قد يستنتج منها تكفير المجتمعات والأفراد وتلك الاستنتاجات أمر طبيعي لتفاوت الأفهام أحيانا ، ولتعمق المؤلف في معنى معين للتأكيد على فكرة ما وبين خطورة التحاكم لغير الله على كلمة الشهادة وصراحة الشرك في الرضى بتشريعات البشر الوضعية ووصل به التشديد درجة " قارب " معها اتهام المجتمعات والأفراد وليس أدل على ذلك مما كتبه في الظلال عندما توقف عند قوله تعالى"وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِين َ" من سورة الأنعام وتعمق سيد في هذا المعنى وتشديده على خطورة التحاكم لغير الله لم يؤد به إلى تكفير المجتمعات والأفراد رغم حماستـه لهذه الفكرة ذلك لأنه يعلم حدود فكرته ورأيه ولكن بعض تلامذتـه - وممن تلقوا الدعوة على يديـه - تجاوزوا فكرته ورأيـه ووصلوا إلى المحظور وقالوا بتكفير المجتمعات والأفراد .
وأخيرا فهذا أيضا نص صريح من سيد قطب بعدم تكفيره للمجتمعات : وهو ما جاء في اعتراف سيد قطب نفسه المسجل في محضر التحقيق الذي أجراه معه صلاح نصر ونقله بالحرف السيد سامي جوهر في كتابه " الموتى يتكلمون " :
س : هل ترى أن هناك فرقـا بين المسلم المنتمي لجماعـة الإخوان وغير المنتمي لتلك الجماعة ؟ .
ج : الذي يميز الإخوان أن لهم برنامجا محددا في تحقيق الإسلام فيكونون مقدمين في نظري على من ليس لهم برنامج محدد .
س : فلم التمييز إذن بين أفراد هذه الجماعة وبين المسلمين قاطبة وهم جميعا أصحاب عقيدة وأهداف وبرنامج ؟
ج : التمييز - في رأيي - ليس تمييز شخص على شخص ولكن فقط باعتبار أن الجماعة ذات برنامج وأن كل فرد فيها مرتبط بهذا البرنامج لتحقيق الإسلام عمليا وهذا وجه التمييز في رأيي .
س : هـل كنتم ترون أن وجود الأمة المسلمة قد انقطع منذ مدة طويلة ولا بد من إعادتها للوجود ؟
ج : لا بد من تفسير مدلول كلمة الأمة المسلمة التي أعنيها فالأمة المسلمة هي التي تحكم كل جانب من جوانب حياتها الفردية والعامة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية شريعة الله ومنهجه . وهي بهذا الوصف غير قائمة الآن في مصر ولا في أي مكان في الأرض وإن كان هذا لا يمنع من وجود الأفراد المسلمين لأنه فيما يتعلق بالفرد الاحتكام إلى عقيدته وخلقه وفيما يتعلق بالأمة الاحتكام إلى نظام حياتها كله .
وقال سيد : إننا لم نكفر الناس ، وهذا نقل مشوه إنما نحن نقول : إنهم صاروا من ناحية الجهل بحقيقة العقيدة ، وعدم تصور مدلولها الصحيح ، والبعد عن الحياة الإسلامية ، إلى حال المجتمعات الجاهلية ، وأنه من أجل هذا لا تكون نقطة البدء في الحركة هي قضية إقامة النظام الإسلامي ، ولكن تكون إعادة زرع العقيدة ، والتربية الأخلاقية الإسلامية فالمسألة تتعلق بمنهج الحركة الإسلامية أكثر ما تتعلق بالحكم على الناس .
وعلق الأستاذ عدنان عر عور على كلام سيد بقوله : وهذا من الأدلة الصريحة من سيد رحمه الله على عدم تكفير الناس جملة .
الخلاصة : أن سيد رحمه الله تعالى لم يكفر أحدا من الأعيان ولم يكفر المجتمعات أَو الأفراد . أَما الذين وصفهم سيد بأنهم ليسوا مسلمين أو بأنهم جاهليون أو غير ذلك من الأوصاف التي استنتج منها البعض تكفير سيد للمجتمعات والأفراد تلك الأوصاف يطلقها سيد ويوضح في كلامه من المقصود بتلك الأوصاف وهم من استحل المحرمات أو جحد شريعة الله ، أو حكم بغير ما أنزل الله أو رضي وقبل التحاكم إلى شريعة غير شريعة الله . ولا يوجد نصاً صريحاً في كتب سيد يقول فيه بكفر المجتمعات أو الأفراد بدون وجود الأسباب المذكورة .
وإن قيل يلزم من كلامه القول بكفر المجتمعات أو الأفراد قلنا إن منهج أهل السنة والجماعة أن لازم كلام غير المعصوم غير لازم حتى يصرح صاحبه بالتزام ذلك اللازم ، كيف وقد صرح سيد رحمه الله في التحقيق معه عندما سئل هل ترون أن وجود الأمة المسلمة قد انقطع ؟
أجاب قائلا : " الأمة المسلمة هي التي تحكم كل جانب من جوانب حياتها الفردية والعامة بشريعة الله وهي بهذا الوصف غير قائمة وإن كان هذا لا يمنع من وجود الأفراد المسلمين لأنه فيما يتعلق بالفرد الاحتكام إلى عقيدته وخلقه وفيما يتعلق بالأمة الاحتكام إلى نظام حياتها كله " انتهى باختصار .
بجانب ما نقلناه عن أقران سيد قطب المقربين منه الذين نفوا عن سيد مثل ذلك القول وكذلك ما عرف من سيرته وتعايشه مع أفراد المجتمع وتعامله معهم معاملة المسلمين من محبته لهم وتوجيهه لهم والعمل والتعامل اليومي معهم على ذلك الأساس .
وكما قال عنه أخوه محمد قطب أن سيد أول من رفع شعار " نحن دعاة ولسنا قضاة " . فاتهامه بهذه التهمة ظلم له وتقول عليه بما لم يقله .
ثم هنا فائدة مهمة ينبغي التنبيه لها وهي أن أهل السنة والجماعة يفرقون بين الكفر المطلق والكفر المعين فلا يرون بأساً أن نقول من فعل كذا فهو كافر أو القول بخلق القرآن كفر وما شابه ذلك لكن لا يكفرون المعين إلا إذا توفرت شروط وانتفت موانع انظر كلام شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ( 23/ 245 ) فالقول بتكفير المجتمعات أو الأنظمة أو الدول كفر مطلق لا يستلزم كفر الأعيان .
https://fatawaeslam.blogspot.com/2018/08/blog-post_29.html
فرية تـكـفـير سيد قطب للمـسـلـمـين
نسب إلى سيد رحمه الله تهمة تكفير المسلمين أو المجتمعات الإسلامية من خلال الفهم الخاطئ لكتابات سيد رحمه الله في الظلال وغيرها من كتبه . وهذه التهمة ناتجة من اطلاقاته مثل :
- الناس في جاهلية ، وهم عادوا إلى الجاهلية الأولى .
- عدم وجود المجتمع المسلم .
- المجتمعات تحب أَن تكون مسلمة وليست مسلمة .
- تسمية المساجد معابد الجاهلية .
المجموعة الأولى : مجموعة تكفر المسلمين وتزعم أنها متبنيـة لفكر سيد وأبرز أمثلتها " جماعة المسلمين " واشتهرت باسم " جماعة التكفير والهجرة " .
وهناك مجموعتان تخرجان بنتائج خاطئة من قراءة كلام سيد حول هذا الموضوع :
النماذج التي أوردها سيد قطب في الظلال وفهم منها البعض تكفيره لأفراد المجتمع
أولاً : يقول في تفسير قوله تعالى : "وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ" ... " ولكن المشقة الكبرى التي تواجه حركات الإسلام الحقيقية اليوم ليست في شيء من هذا .. إنها تتمثل في وجود أقوام من الناس من سلالات المسلمين ، في أوطان كانت في يوم من الأيام دارا للإسلام ، يسيطر عليها دين الله ، وتُحكم بشريعته .. ثم إذا هذه الأرض ، وإذا هذه الأقوام ، تهجر الإسلام حقيقة ، وتعلنه إسما وإذا هي تتنكر لعقيدة الإسلام اعتقادا وواقعا وإن ظنت أنها تدين بالإسلام اعتقادا فالإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن لا إله إلا الله تتمثل في الاعتقاد أن الله - وحده - هو خالق هذا الكون المتصرف فيه وأن الله وحده هو الذي يتقدم إليه العباد بالشعائر التعبدية ونشاط الحياة كله وأن الله - وحده - هو الذي يتلقى منه العباد الشرائع ويخضعون لحكمه في شأن حياتهم كله وأيما فرد لم يشهد أن لا إله إلا الله - بهذا المدلول - فإنه لم يشهد ولم يدخل في الإسلام بعد ، كائنا ما كان اسمه ولقبه ونسبه وأيما أرض لم تتحقق فيها شهادة أن لا إله إلا الله - بهذا المدلول - فهي أرض لم تدن بدين الله ولم تدخل في الإسلام بعد وفي الأرض اليوم أقوام من الناس أسماؤهم أسماء المسلمين وهم من سلالات المسلمين وفيها أوطان كانت في يوم من الأيام دارا للإسلام ولكن لا الأقوام اليوم تشهد أن لا إله إلا الله - بذلك المدلول - ولا الأوطان اليوم تدين لله بمقتضى هذا المدلول .
وهذا أشق ما تواجهه حركات الإسلام الحقيقية في هذه الأوطان مع هؤلاء الأقوام أشق ما تعانيه هذه الحركات هو عدم استبانة طريق المسلمين الصالحين وطريق المشركين المجرمين واختلاط الشـارات والعناوين والتباس الأسماء والصفات والتيه الذي لا تتحدد فيه مفارق الطريق .
ويعرف أعداء الحركات الإسلامية هذه الثغرة فيعكفون عليها توسيعا وتمييعا وتلبيسا وتخليطا حتى يصبح الجهر بكلمة الفصل " تهمة " يؤخذ عليها بالنواصي والأقدام تهمة تكفير " المسلمين " ويصبح الحكم في أمر الإسلام والكفر مسألة المرجع فيها لعرف الناس واصطلاحهم لا إلى قول الله ولا إلى قول رسول الله .
هذه هي المشقة الكبرى وهذه كذلك هي العقبة الأولى التي لا بد أن يجتازها أصحاب الدعوة إلى الله في كل جيل .
يجب أن تبدأ الدعوة إلى الله باستبانة سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين ويجب أن لا تأخذ أصحاب الدعوة إلى الله في كلمة الحق والفصل هوادة ولا مداهنة وألا تأخذهم فيها خشية ولا خوف وألا تقعدهم عنها لومة لائم ولا صيحة صائح انظروا إنهم يكفرون المسلمين .
إن الإسلام ليس بهذا التمييع الذي يظنه المخدوعون ، إن الإسلام بَيِّن والكفر بَيِّن ، الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله - بذلك المدلول - فمن لم يشهدها على هذا النحو ومن لم يقمها في الحياة على هذا النحو فحكم الله ورسوله فيه أنه من الكافرين الظالمين الفاسقين المجرمين .
ثالثاً : قال سيد : " لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلا الله فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان ونكصت عن لا إله إلا الله وإن ظل فريق منها يردد على المآذن : " لا إله إلا الله " دون أن يدرك مدلولها ودون أن يعني هذا المدلول وهو يرددها ودون أن يرفض شرعية " الحاكميـة " التي يدعيها العباد لأنفسهم - وهي مرادف الألوهية - سواء ادعوها كأفراد أو كتشكيلات تشريعية أو كشعوب فالأفراد كالتشكيلات كالشعوب ليست آلهة فليس لها إذن حق الحاكمية إلا أن البشرية عادت إلى الجاهلية وارتدت عن لا إله إلا الله فأعطت لهؤلاء العباد خصائص الألوهية ولم تعد توحد الله وتخلص له الولاء .
ثانيا : ما قيل من أنه جعل مساجد المسلمين كمعابد الجاهلية انطلاقا من تكفير مجتمعاتهم واعتبارها جاهليـة : قال سيد قطب في تفسير قولـه تعالى :"وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" ( يونس آية 87 ) " وتلك هي التعبئة الروحية إلى جوار التعبئة النظامية وهما معا ضروريتان للأفراد والجماعات وبخاصة قبيل المعارك والمشقات ولقد يستهين قوم بهذه التعبئة الروحية ولكن التجارب ما تزال إلى هذه اللحظة تنبئ بأن العقيدة هي السلاح الأَول في المعركة وأن الأداة الحربية في يد الجندي الخائر العقيدة لا تساوي شيئا كثيرا في ساعة الشدة .
وهذه التجربة التي يعرضها الله على العصبة المؤمنة ليكون لها فيها أسوة ليست خاصة ببني إسرائيل فهي تجربة إيمانية خالصة وقد يجد المؤمنين أنفسهم ذات يوم مطاردين في المجتمع الجاهلي وقد عمت الفتنة وتجبر الطاغوت وفسد الناس وأنتنت البيئة وكذلك كان الحال على عهد فرعون في هذه الفترة وهنا يرشدنا الله إلى أمور :
1 - اعتزال الجاهلية ، نتنها وفسادها وشرها ما أمكن في ذلك وتجمع العصبة المؤمنة الخيرة النظيفة على نفسها لتطهرها وتزكيها وتدربها وتنظمها حتى يأتي وعد الله لها .
2 - اعتزال معابد الجاهلية واتخاذ بيوت العصبة المؤمنة مساجد تحس فيها بانعزال عن المجتمع الجاهلي وتزاول عبادتها لربها على نهج صحيح وتزاول بالعبادة ذاتها نوعا من التنظيم في جو العبادة الطهور .
البشرية بجملتها بما فيهـا أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات : " لا إله إلا الله " بلا مدلول ولا واقع وهؤلاء أثقل إثما وأشد عذاباً يوم القيامة لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد - من بعد ما تبين لهم الهدى - ومن بعد أن كانوا في دين الله .
ثم ما أحوج العصبة المؤمنة - بعد أن تستيقن حقيقة مهمتها في الأرض اليوم ، وبعد أن تستوضح حقيقة العقيدة التي تدعو إليها ومقتضياتها من إفراد الله سبحانه بالولاء بكل مدلولاته ، وبعد أن تستصحب معها في مهمتها الشاقة تلك الحقائق والمشاعر .. ما أحوجها بعد ذلك كله إلى موقف الإشهاد والقطع والتبرؤ من الشرك الذي تزاوله الجاهلية البشرية اليوم كما كانت تزاولـه جاهلية البشرية الأولى . وأن تقول ما أَمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقوله ؛ وأن تقذف في وجه الجاهلية بما قذف به في وجههـا الرسول الكريم تنفيذا لأمر ربه العظيم
فما أحوج العصبة المسلمة اليوم أن تقف طويلا أمام هذه الآيات البينات ! ما أحوجها أن تقف أمام آيات الولاء :"قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ "
ذلك لتعلم أن اتخاذ غير الله وليا - بكل معاني " الولي " وهي الخضوع والطاعة والإستنصار والاستعانة يتعارض مع الإسلام لأنه هو الشرك الذي جاء الإسلام ليخرج منه الناس ولتعلم أن أول ما يتمثل فيه الولاء لغير الله هو تقبل حاكمية غير الله في الضمير أو في الحياة ، الأمر الذي تزاوله البشرية كلها بدون استثناء ولتعلم أنها تستهدف اليوم إخراج الناس جميعا من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، وأنها تواجه جاهلية كالتي واجهها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والجماعة المسلمة حين تلقي هذه الآيات .
وما أحوجها أن تستصحب في مواجهتها للجاهلية تلك الحقائق والمشاعر التي تسكبها في القلب المؤمن الآيات التالية " قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ، مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ، وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ " .
فما أحوج من يواجه الجاهلية بطاغوتها وجبروتها وبإعراضها وعنادها وبالتوائها وكيدها وبفسادها وانحلالها .. ما أحوج من يواجه هذا الشر كله أن يستصحب في قلبه هذه الحقائق وهذه المشاعر مخافة المعصية والولاء لغير الله ومخافة العذاب الرهيب الذي يترقب العصاة .. واليقين بأن الضار والنافع هو الله . وأن الله هو القاهر فوق عباده فلا معقب على حكمه ولا راد لما قضاه ، إن قلبا لا يستصحب هذه الحقائق وهذه المشاعر لن يقوى على تكاليف
" إنشاء " الإسلام من جديد في وجه الجاهلية الطاغية .. وهي تكاليف هائلة تنوء بها الجبال ! .
يقول الدكتور إبراهيم الكيلاني : إننا يجب أن نفهم كلام سيد قطب من خلال منهجه لا أن نفهمه من خلال كلمات مبعثرة هنا وهناك فسيد قطب رجل دعوة يسعى لإقامة حكم الله في الأرض وكان يرى كفرا بواحا منتشرا في المجتمعات الإسلامية كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إلا أن تروا كفرا بواحا )) فاستحلال الربا والخمر والزنا والقمار وتعطيل شريعة الله ماذا يسميها الفقيه المسلم ؟ أليس هذا كفرا بواحا ؟ بلى وباتفاق المسلمين هذه كفر بواح فعندما يقول إن المجتمع الذي يستحل حرمات الله مجتمع جاهلي كافر إنما يعني أن استباحـة حرمات الله تبارك وتعالى ولم يقل أن اللذين في هذا المجتمع كفار .
"قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ " .
بعد إيراد بعض النصوص لا بد من معرفة حقيقة موقف سيد من هذه القضية و الردود التي ذكرت في سياق الرد على هذه التهمة .
يقول الدكتور صلاح الخالدي بعد أن أورد النص الأول عند تفسير سيد لقوله تعالى"وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ" قال : في هذا النص لسيد - الذي آثرنا نقله كاملا على طوله لنعرف قصده من كلامه وحتى لا نقع في خطأ " الاجتراء " بنقل عبارات وقطعها من سياقها واستخراج أحكام منها لا تحتملها لأن معناها لا يفهم إلا في سياقها - في هذا النص يتجلى لنا أن سيد كان يهدف إلى بيان مضامين ومعنى لا إله إلا الله ويرسم نقطة البدء على هذا الأساس ويوضح طريق الدعوة وتعامل الدعاة على هذا الأساس ويكشف محاولة الأعداء في التلبيس والتخليط والتمييع حتى لا تبقى الجماهير مخدوعة في حقيقة ما هي عليه وحكم الله وشرعه ورسوله في واقعها هذا ما كان يريده سيد ولم يرد أن يكفر المسلمين كما لم يرد أن يعطي كلامه صفة الحكم القانوني المحدد والأمر القضائي النافذ إنما كلامه كلام داعية يرسم طريق الدعوة ويعبر عن هذا بالعاطفة الجياشة والانفعال الظاهر والتأثير البليغ ليستثير الهمم ويشحذ العزائم وما سوى ذلك ظلم لسيد ولرأيه وفكره وتقويل له ما لم يقله .
وحول هذا الموضوع يقول الأستاذ سالم البهنساوي " الألفاظ العامة للكتاب والشراح و أوصافهم للمجتمع أنه جاهلي أو على غير الإسلام أو معدود على الديانة الإسلامية لا تعطي حكما شرعيا لكل أفراده فهناك فرق بين الحكم الفقهي وبين الموعظة أو الزجر " .
وقد سألت عن هذه القضية الأستاذ محمد قطب فقال : " إن سيد لم يقل أن المسلم الفلاني كافر إلا أن يستحل حرمات الله كذلك المجتمع بصورة عامة عندما تستباح به المحرمات و يخرج عن دين الله فإذا كان سيد قد اجتهد ووصفه بهذا الوصف فله دليل من القرآن الكريم " .
نص الرسالة : " السلام عليكم و رحمة الله و بركاته و بعد : فإنك تعلم يا أخي ما دار من لغط في محيط الإخوان حول كتابات الشهيد سيد قطب وما قيل من كونها مخالفة لفكر الإخوان أو جديدة عليها وأحب في هذا المجال أن أثبت مجموعة من الحقائق أحس بأنني مطالب أمام الله بتوضيحها حتى لا يكون في الأمر شبهة .
أما عن القول بأن سيد يسمي المساجد معابد الجاهلية فهذا اتهام باطل ذلك أن كلام سيد في تفسير قوله تعالى"وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" على النحو التالي يقول : " وهذه التجربة التي يعرضها الله على العصبة المؤمنة ليكون لها فيها أسوة ليست خاصة ببني إسرائيل فهي تجربة إيمانية خالصة وقد يجد المؤمنين أنفسهم ذات يوم مطاردين في المجتمع الجاهلي وقد عمت الفتنة وتجبر الطاغوت وفسد الناس وأنتنت البيئة وكذلك كان الحال على عهد فرعون "
بهذا القيد المؤمنين مطاردين في مجتمع جاهلي وقد عمت الفتنة وتجبر الطاغوت ، هنا ذكر سيد اعتزال الجاهلية واعتزال معابد الجاهلية واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد .
ولنتأمل قول ابن كثير في هذه الآية يقول : " اختلف المفسرون في معنى قوله تعالى" وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً " عن ابن عباس قال" وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً " " قال : كانوا خائفين فأمروا أن يصلوا في بيوتهم وكذا قال مجاهد وأبو مالك والربيع بن أنس والضحاك وغيرهم يقول ابن كثير وكأن هذا والله أعلم لما اشتد بهم البلاء من قبل فرعون وقومه وضيقوا عليهم وقال مجاهد" وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً " " لما خاف بنو إسرائيل من فرعون أن يقتلوا في الكنائس الجامعة أمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد .
فسيد قطب قد جعل الأمر مقيدا بالخوف من الطواغيت أما المساجد التي أسست على تقوى من الله والتي أمر الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يقول عنها سيد عند قوله تعالى "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ" يقول تلك البيوت "أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ " وأذن الله هو أمر للنفاذ فهي مرفوعة قائمة وهي مطهرة رفيعة يتناسق مشهدها المرفوع مع النور المتألق في السماء والأرض وتتناسق طبيعتها الرفيعة مع طبيعة النور السني المضيء وتتهيا بالرفعة والارتفاع لأن يذكر فيها اسم الله " وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ...... الآية " ... إلخ " .
كتب الأستاذ محمد قطب رسالة موجهة إلى مجلة المجتمع حيث أن محمد قطب كان يتدارس الإسلام مع شقيقه وهو خير من يكتب في هذا الموضوع نظرا لمعرفته لأفكار أخيه .
وأخيرا فهذا أيضا نص صريح من سيد قطب بعدم تكفيره للمجتمعات : وهو ما جاء في اعتراف سيد قطب نفسه المسجل في محضر التحقيق الذي أجراه معه صلاح نصر ونقله بالحرف السيد سامي جوهر في كتابه " الموتى يتكلمون " :
إن كتابات سيد قطب قد تركزت حول موضوع معين هو بيان المعنى الحقيقي للا إله إلا الله شعورا منه بأن كثيرا من الناس لا يدركون هذا المعنى على حقيقته وبيان المواصفات الحقيقية للإيمان كما وردت في الكتاب والسنة شعوراً منه بأن كثيراً من هذه المواصفات قد أهمل أو غفل الناس عنها ولكنه مع ذلك حرص حرصا شديدا على أن يبين أن كلامه هذا ليس مقصودا به إصدار أحكام على الناس وإنما المقصود به تعريفهم بما غفلوا عنه من هذه الحقيقة ليتبينوا هم لأنفسهم إن كانوا مستقيمين على طريق الله كما ينبغي ، أم إنهم بعيدون عن هذا الطريق فينبغي عليهم أن يعودوا إليه .
ولقد سمعته بنفسي أكثر من مرة يقول " نحن دعاة لسنا قضاة " إن مهمتنا ليست إصدار الأحكام على الناس ولكن مهمتنا تعريفهم بحقيقة لا إله إلا الله لأن الناس لا يعرفون مقتضاها الحقيقي وهو التحاكم إلى شريعة الله كما سمعته أكثر من مرة يقول إن الحكم على الناس يستلزم وجود قرينة قاطعة لا تقبل الشك وهذا أمر ليس في أيدينا ولذلك فنحن لا نتعرض لقضية الحكم على الناس فضلا عن كوننا دعوة ولسنا دولة دعوة مهمتها بيان الحقائق للناس لا إصدار الأحكام عليهم ... إلخ " .
وفي مقابلة أجرتها مجلة المجتمع مع زينب الغزالي والتي سئلت فيها هل حقا أن الفكر الذي كان يتبناه سيد ويدرسه للإخوان هو تكفير أفراد المجتمع فأجابت بأنها قد سألت سيد رحمة الله عن ذلك فاستغرب هذا القول وبين أن هذا فهم خاطئ لما كتبه ، وبين أنه سيوضح هذا في الجزء الثاني للمعالم .. وقالت إن سيد لم يكن يكفر الأفراد بل كان يرى أن المجتمعات ابتعدت عن الإسلام إلى درجة جعلتها تفقد هذه الصفة .
وسئل الأستاذ عمر الأشقر في مجلة المجتمع عن سؤال : " هل كفر سيد قطب الأفراد والمجتمعات " ؟ ومما جاء في الجواب قوله : لم تحمل كتب الشهيد نصا واحدا يصرح فيه بتكفير المجتمعات أو الأفراد ولم يتفق الإخوان على أن سيد كان يصرح في لقاءاته وجلساته وأحاديثه بتكفير المجتمعات ولكن كثيرا من كتاباته قد يستنتج منها تكفير المجتمعات والأفراد وتلك الاستنتاجات أمر طبيعي لتفاوت الأفهام أحيانا ، ولتعمق المؤلف في معنى معين للتأكيد على فكرة ما وبين خطورة التحاكم لغير الله على كلمة الشهادة وصراحة الشرك في الرضى بتشريعات البشر الوضعية ووصل به التشديد درجة " قارب " معها اتهام المجتمعات والأفراد وليس أدل على ذلك مما كتبه في الظلال عندما توقف عند قوله تعالى"وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِين َ" من سورة الأنعام وتعمق سيد في هذا المعنى وتشديده على خطورة التحاكم لغير الله لم يؤد به إلى تكفير المجتمعات والأفراد رغم حماستـه لهذه الفكرة ذلك لأنه يعلم حدود فكرته ورأيه ولكن بعض تلامذتـه - وممن تلقوا الدعوة على يديـه - تجاوزوا فكرته ورأيـه ووصلوا إلى المحظور وقالوا بتكفير المجتمعات والأفراد .
أجاب قائلا : " الأمة المسلمة هي التي تحكم كل جانب من جوانب حياتها الفردية والعامة بشريعة الله وهي بهذا الوصف غير قائمة وإن كان هذا لا يمنع من وجود الأفراد المسلمين لأنه فيما يتعلق بالفرد الاحتكام إلى عقيدته وخلقه وفيما يتعلق بالأمة الاحتكام إلى نظام حياتها كله " انتهى باختصار .
س : هل ترى أن هناك فرقـا بين المسلم المنتمي لجماعـة الإخوان وغير المنتمي لتلك الجماعة ؟ .
ج : الذي يميز الإخوان أن لهم برنامجا محددا في تحقيق الإسلام فيكونون مقدمين في نظري على من ليس لهم برنامج محدد .
س : فلم التمييز إذن بين أفراد هذه الجماعة وبين المسلمين قاطبة وهم جميعا أصحاب عقيدة وأهداف وبرنامج ؟
ج : التمييز - في رأيي - ليس تمييز شخص على شخص ولكن فقط باعتبار أن الجماعة ذات برنامج وأن كل فرد فيها مرتبط بهذا البرنامج لتحقيق الإسلام عمليا وهذا وجه التمييز في رأيي .
س : هـل كنتم ترون أن وجود الأمة المسلمة قد انقطع منذ مدة طويلة ولا بد من إعادتها للوجود ؟
ج : لا بد من تفسير مدلول كلمة الأمة المسلمة التي أعنيها فالأمة المسلمة هي التي تحكم كل جانب من جوانب حياتها الفردية والعامة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية شريعة الله ومنهجه . وهي بهذا الوصف غير قائمة الآن في مصر ولا في أي مكان في الأرض وإن كان هذا لا يمنع من وجود الأفراد المسلمين لأنه فيما يتعلق بالفرد الاحتكام إلى عقيدته وخلقه وفيما يتعلق بالأمة الاحتكام إلى نظام حياتها كله .
وقال سيد : إننا لم نكفر الناس ، وهذا نقل مشوه إنما نحن نقول : إنهم صاروا من ناحية الجهل بحقيقة العقيدة ، وعدم تصور مدلولها الصحيح ، والبعد عن الحياة الإسلامية ، إلى حال المجتمعات الجاهلية ، وأنه من أجل هذا لا تكون نقطة البدء في الحركة هي قضية إقامة النظام الإسلامي ، ولكن تكون إعادة زرع العقيدة ، والتربية الأخلاقية الإسلامية فالمسألة تتعلق بمنهج الحركة الإسلامية أكثر ما تتعلق بالحكم على الناس .
وعلق الأستاذ عدنان عر عور على كلام سيد بقوله : وهذا من الأدلة الصريحة من سيد رحمه الله على عدم تكفير الناس جملة .
الخلاصة : أن سيد رحمه الله تعالى لم يكفر أحدا من الأعيان ولم يكفر المجتمعات أَو الأفراد . أَما الذين وصفهم سيد بأنهم ليسوا مسلمين أو بأنهم جاهليون أو غير ذلك من الأوصاف التي استنتج منها البعض تكفير سيد للمجتمعات والأفراد تلك الأوصاف يطلقها سيد ويوضح في كلامه من المقصود بتلك الأوصاف وهم من استحل المحرمات أو جحد شريعة الله ، أو حكم بغير ما أنزل الله أو رضي وقبل التحاكم إلى شريعة غير شريعة الله . ولا يوجد نصاً صريحاً في كتب سيد يقول فيه بكفر المجتمعات أو الأفراد بدون وجود الأسباب المذكورة .
وإن قيل يلزم من كلامه القول بكفر المجتمعات أو الأفراد قلنا إن منهج أهل السنة والجماعة أن لازم كلام غير المعصوم غير لازم حتى يصرح صاحبه بالتزام ذلك اللازم ، كيف وقد صرح سيد رحمه الله في التحقيق معه عندما سئل هل ترون أن وجود الأمة المسلمة قد انقطع ؟
ثم هنا فائدة مهمة ينبغي التنبيه لها وهي أن أهل السنة والجماعة يفرقون بين الكفر المطلق والكفر المعين فلا يرون بأساً أن نقول من فعل كذا فهو كافر أو القول بخلق القرآن كفر وما شابه ذلك لكن لا يكفرون المعين إلا إذا توفرت شروط وانتفت موانع انظر كلام شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ( 23/ 245 ) فالقول بتكفير المجتمعات أو الأنظمة أو الدول كفر مطلق لا يستلزم كفر الأعيان .
بجانب ما نقلناه عن أقران سيد قطب المقربين منه الذين نفوا عن سيد مثل ذلك القول وكذلك ما عرف من سيرته وتعايشه مع أفراد المجتمع وتعامله معهم معاملة المسلمين من محبته لهم وتوجيهه لهم والعمل والتعامل اليومي معهم على ذلك الأساس .
وكما قال عنه أخوه محمد قطب أن سيد أول من رفع شعار " نحن دعاة ولسنا قضاة " . فاتهامه بهذه التهمة ظلم له وتقول عليه بما لم يقله .
فيديو
حميدة قطب تروي اللحظات الأخيرة مع أخيها سيد قطب قبل فوزه بالشهادة..
كلمات الاخت الفاضلة حميدة كرصاصة قاتلة للانظمة الظالمة في اي وقت من اوقات الحياة و حديثها ينم على ثقتها الخالصة لوجه الله تعالى لا ترويض فيه و لا مساومة و لا تنازل و لا عاطفة .....ستبقى كلماتها شاهدة على عصر عصيب مر بالامة و هي لعنات على الظلم و الظالمين في كل زمان و مكان
إقرار سيد قطب عقيدة أهل السنة في ظلال القرآن
وتراجعه بالنص الذي لا يحتمل التأويل
________________________________________
يقول في تفسير قول الله تعالى في سورة الجن ":(وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا)الأية10.
"إن الطريق الأمثل في فهم القرآن وتفسيره وفي التصور الإسلامي وتكوينه ، أن ينفض الإنسان من ذهنه كل تصور سابق وأن يواجه القرآن بغير مقررات تصورية أو عقلية أو شعورية سابقة ، وأن يبني مقرراته كلها حسبما يصور القرآن والحديث حقائق هذا الوجود ، ومن ثم لا يحاكم القرآن والحديث لغير القرآن ولا ينفي شيئا يثبته القرآن ولا يؤوله ! ولا يثبت شيئا ينفيه القرآن أو يبطله ، وما عدا المثبت والمنفي في القرآن ، فله أن يقول فيه ما يهديه إليه عقله وتجربته ...
نقول هذا بطبيعة الحال للمؤمنين بالقرآن ... وهم مع ذلك يؤولون نصوصه هذه لتوائم مقررات سابقة في عقولهم ، وتصورات سابقة في أذهانهم لما ينبغي أن تكون عليه حقائق الوجود"
ثم يقول في هامش الصفحة 3731:
"وما أبرىء نفسي أنني فيما سبق من مؤلفاتي وفي الأجزاء الأولى من هذه الظلال قد انسقت إلى شيء من هذا .. وأرجو أن أتداركه في الطبعة التالية إذا وفق الله .. و ما أقرره هنا هو ما أعتقده الحق بهداية من الله ."
الكتب التي يعتمدها سيد قطب
يقول المستشار عبدالله العقيل في مجلة المجتمع العدد 112 تاريخ 8/8/1972 م :
(( إن سيد قد بعث لإخوانه في مصر والعالم العربي أنه لا يعتمد سوى ستة مؤلفات له وهي : هذا الدين , المستقبل لهذا الدين , الإسلام ومشكلات الحضارة , خصائص التصور الإسلامي , في ظلال القرآن , ومعالم في الطريق )) .
مع التأكيد أن شهادة المستشار عبد الله العقيل جاءت سنة 1972 أي قبل الضجة التي أثارها المداخلة حول كتابات الشيخ سيد قطب رحمه الله, حتى لا يقول قائل أن هذه الشهادت تهدف فقط إلى تبرئة الشيح رحمه الله, كما أنها جاءت في فترة كان الإقبال فيها على أشده على كتابات الشيخ رحمه الله (الصحوة الإسلامية)!
كما أن هذه الكتب التي تراجع عنها سيد قطب كانت قبل التزامه بالمنهج الحق و هي التي تحتوي على المغالطات في الصحابة وغيرها التي يتمسح بها المداخلة
https://fatawaeslam.blogspot.com/2018/08/blog-post_68.html
__
هل كفر سيد قطب الناس .. وماهو موقفه من الصحابة ..
هل كفر سيد قطب الناس .. وماهو موقفه من الصحابة ..؟يقول الدكتور محمد قطب .. إن أخي سيد قطب: لم يقل فى حياته "إن فلانا كافر" وكتب حينما اشتد اللغط حول أخيه قائلاً: إن كتابات سيد قطب قد تركزت حول موضوع معين هو بيان المعنى الحقيقى لـ "لا إله إلا الله" شعوراً منه بأن كثيراً من الناس لا يدركون هذا المعنى على حقيقته وبيان المواصفات الحقيقية للإيمان
.....
دائما ما كان يقول سيد قطب رحمه الله "نحن دعاة ولسنا قضاة" وإن مهمتنا ليست إصدار الأحكام على الناس ولكن مهمتنا تعريفهم بحقيقة لا إله إلا الله..
هذا الكلام يدل على أن سيد رحمه الله لم يكن يكفر الناس بلن كان كل همه تعميق إيمانهم بالتوحيد وبمعاني لا إله إلا الله
.........
براءة الشهيد سيد قطب من الطعن في الصحابة
سيد قطب وعثمان بن عفان .. هل سّب سيد قطب الصحابة ؟
تقول الشبهة [ سيد قطب يسب الصحابة ، معاوية بن أبي سفيان ، و عثمان بن عفان و عمرو بن العاص ] رضوان الله عليهم
– وهذه التهمة يدلل عليها ببعض ما كتب في بكتابي : ” العدالة الاجتماعية ” و ” كتب وشخصيات “
وقد نقل هذه العبارات وغيرها الشيخ ربيع المدخلي في كتاب ( طعون سيد قطب في الصحابة ) ،
والكتاب موجود في موقع الشيخ لمن أراد أن يقرأه
– والحاصل أن هذه التهمة ليست كغيرها من التهم ، أي بلا دليل واضح ، فمعظم ما يتهم به الأستاذ سيد قطب رحمه الله ناتج عن سوء فهم لكلامه رحمه الله ، أو سوء نية في تتبع كلامه
وهذا الكلام الذي قاله سيد قطب لا يشك مسلم أنه غاية في السوء ، وأنه ينطبق على من يؤمن به عبارات أكثر من أن تحصى تناقلتها
الأمةبدأ برسولها محمد صلى الله عليه وسلم إلى كبار أهل العلم في وقتنا هذا .. فمن قائل أنه زنديق ، ومن قائل أنه منافق ،
ومن قائل أنه إذا تنقصهم كلهم فإنه كافر لتشكيكه في عدالة الجيل الذي نقل إلينا الإسلام .
ولكن : هل كان سيد قطب يؤمن بالكلام هذا حين موته ؟ أم أنه رجع عنه ؟ وما هو الرد على من قال بأن سيد قطب :
1- لا يحترم الصحابة
2- يطعن فيهم
3- رافضي !
4- يشابه الروافض والخوارج في سبهم للصحابة رضي الله عنهم
وما هي الأدلة على ردودنا عليهم ؟!
أولاً :- بخصوص كتابي العدالة الإجتماعية و كتب و شخصيات
كتاب ” العدالة الاجتماعية ” و كتاب ” كتب وشخصيات ” من الكتب القديمة لسيد قطب ، التي كتبها في جاهليته وقبل أن يتعرف على الإسلام ..
وكان دافعه لكتابة ” العدالة ” هو الرد على الاشتراكيين في وقته .. فمع أنه أراد الخير وأراد نصرة الإسلام إلا أنه أخطأ خطأ عظيما في حق
صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثانيا ً
هذا الكتاب والكتاب الآخر ” كتب وشخصيات ” ، يجمع العارفون بسيد قطب رحمه الله أنه تخلى عن ” الأفكار ” و ” التصورات ” التي فيه .. مع
اختلافهم في تخلي سيد قطب عن الكتب نفسها ..
وقد فصلت في هذا سابقا فلا حاجة للإعادة .. ولكن الذي يهمنا أن نقوله هو أن هذين الكتابين – وغيرهما من الكتب القديمة – لا تمثل فكر
سيد قطب حين موته ، وأنه تخلى عنها بشهادة أخيه الشيخ محمد قطب ، والمستشار العقيل حفظهما الله .
فكيف نحاسب سيد قطب على كلام تخلى عنه وأوصى بعدم طبعه ولا نشره بين المسلمين ؟ خصوصا وأن التراجع كان عبارة عن رسالة من
سيد رحمه الله إلى مجموعة من الإخوان في العالم .
ثالثا :
هناك الكثير من النماذج في ( الظلال ) والتي تبين احترام سيد قطب رحمه الله للصحابة ، وحبه لهم ، وترضيه عنهم ، ومدحه وثناءه عليهم ..
ولكن :
عين الرضا عن كل عيب كليلة *** كما أن عين السخط تبدي المساويا
وسنقف مع بعض المواضع من الظلال ، والتي تبين رأي سيد قطب رحمه الله عن الثلاثة الذين طعن فيهم في كتبه القديمة ،
ثم نبين رأيه رحمه الله في الصحابة بشكل عام .. وسنرى هل أصاب من يقول عنه رحمه الله أنه مثل الخوارج والروافض .. أم أنه مخطئ ؟
عثمان بن عفان رضي الله عنه في الظلال :
1-
ثم تابع اليهود كيدهم للإسلام وأهله منذ ذلك التاريخ . . كانوا عناصر أساسية في إثارة الفتنة الكبرى التي قتل فيها
” الخليفة الراشد عثمان بن عفان ” – رضي اللّه عنه – وانتثر بعدها شمل التجمع الإسلامي إلى حد كبير . . .
وكانوا رأس الفتنة فيما وقع بعد ذلك بين علي – رضي اللّه عنه – ومعاوية . . وقادوا حملة الوضع في الحديث والسيرة وروايات التفسير . .
وكانوا من الممهدين لحملة التتار على بغداد وتقويض الخلافة الإسلامية . .
(الظلال 1628)
2-
ثم إن رسول اللّه – صلى الله عليه وسلم – جد في سفره وأمر الناس بالجهاز والإسراع .
وحض أهل الغنى على النفقة وحمل المجاهدين الذين لا يجدون ما يركبون ؛ فحمل رجال من أهل الغنى محتسبين عند اللّه .
وكان في مقدمة المنفقين المحتسبين ، عثمان بن عفان – رضي اللّه عنه – فأنفق نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها . .
قال ابن هشام:فحدثني من أثق به أن عثمان أنفق في جيش العسرة في غزوة تبوك ألف دينار ، فقال رسول اللّه – صلى الله عليه وسلم -:
اللهم ارض عن عثمان فإني عنه راض .
( الظلال 1723 )
معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه في ( الظلال ) :
1-
وكثيرا ما تستجيش هذه الدعوة إلى السماحة والعفو ، وتعليق القلب بعفو الله ومغفرته .
نفوسا لا يغنيها العوض المالي ؛ ولا يسليها القصاص ذاته عمن فقدت أو عما فقدت . .
فماذا يعود على ولي المقتول من قتل القاتل ؟ أو ماذا يعوضه من مال عمن فقد ؟ .
إنه غاية ما يستطاع في الأرض لإقامة العدل ، وتأمين الجماعة . . ولكن تبقى في النفس بقية لا يمسح عليها إلا تعليق القلوب بالعوض الذي
يجيء من عند الله .
روى الإمام أحمد . قال:حدثنا وكيع ، حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبي السفر ، قال
” كسر رجل من قريش سن رجل من الأنصار . فاستعدى عليه معاوية . فقال معاوية : سنرضيه . . فألح الأنصاري . . فقال معاوية : شأنك
بصاحبك ! – وأبو الدرداء جالس-
فقال أبو الدرداء : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” ما من مسلم يصاب في جسده فيتصدق به إلا رفعه الله به درجة , أو حط
عنه به خطيئة ” .. فقال الأنصاري : فإني قد عفوت ..
( الظلال 899 – 900 )
عمرو بن العاص رضي الله عنه في الظلال
1-
ولقد ضربت أبشار بني إسرائيل في طاغوت الفرعونية حتى ذلوا . بل كان ضرب الأبشار هو أخف ما يتعرضون له من الأذى في فترات الرخاء !
ولقد ضربت أبشار المصريين كذلك حتى ذلوا هم الآخرون واستخفهم فرعون !
ضربت أبشارهم في عهود الطاغوت الفرعوني ؛ ثم ضربتأبشارهم في عهود الطاغوت الروماني . .
ولم يستنقذهم من هذا الذل إلا الإسلام ، يوم جاءهم بالحرية فأطلقهم من العبودية للبشر بالعبودية لرب البشر .
فلما أن ضرب ابن عمرو بن العاص – فاتح مصر وحاكمها المسلم – ظهر ابن قبطي من أهل مصر – لعل سياط الرومان كانت آثارها على ظهره
ما تزال – غضب القبطي لسوط واحد يصيب ابنه – من ابن فاتح مصر وحاكمها – .
وسافر شهراً على ظهر ناقة ، ليشكو إلى عمر بن الخطاب – الخليفة المسلم – هذا السوط الواحد الذي نال ابنه !
– وكان هو يصبر على السياط منذ سنوات قلائل في عهد الرومان – وكانت هذه هي
معجزة البعث الإسلامي .
( الظلال 1364 )
وبعد هذا العرض نقول :
أليس من العدل يا من تنتقدون الأستاذ الشهيد – إن شاء الله – أن ترجعوا لآخر ما كتبه في حياته ؟
حتى تتبينوا رأيه النهائي في الصحابة ؟!
هل من العدل أن نحاسب الناس على ما فعلوه في جاهلياتهم ؟!
ونكرر : من أراد أن يعرف رأي سيد قطب في الصحابة فليرجع لكتب سيد قطب وسيرى أن التهويل والتهويش سمة شبه سائدة في من ينتقد
كتب سيد رحمه الله من الشباب هذه الأيام .
..
موقف سيد قطب من الصحابة
خلاصة موقف سيد قطب من الصحابة
مر سيد قطب في موقفه من بعض الصحابة رضوان الله عليهم بثلاث مراحل:
الأولى: مرحلة ما قبل التوجه "الإسلامي"، حيث كان سيد قطب متأثراً بأفكار كل من طه حسين وعباس محمود العقاد، وكلاهما -خاصة طه حسين- كانت له مواقف سلبية تجاه الصحابة، وصلت حد السب والشتم والطعن، فوقع من سيد في هذه المرحلة كلمات قاسية في حق كل من معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهما، وذلك في كتابه "كتب وشخصيات"، وهو عبارة عن مقالات أدبية نقدية، نشرها الشهيد في عدة مجلات ما بين عامي 1942 و1946م (انظر "سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد" ص531 للدكتور صلاح الخالدي).
الثانية: مرحلة بداية توجهه "الإسلامي"، وفي هذه المرحلة ألّف أول كتاب له في الفكر الإسلامي، وهو "العدالة الاجتماعية في الإسلام"، وذلك في عام 1948م، وفي هذا الكتاب يظهر أن سيداً ما زال متأثراً -شيئاً ما- بأفكار طه حسين والعقاد، لذا فقد صدرت منه عبارات شديدة في حق عدد من الصحابة، منهم عثمان بن عفان رضي الله عنه، وتصدى للرد عليه الأستاذ محمود شاكر رحمه الله، وبيّن سيد قطب -عام 1952- في تعليقه على مقالة لشاكر؛ أنه لا يقصد الطعن في الصحابة رضوان الله عليهم، وإنما غايته الدفاع عن الإسلام مما نُسب إليه في كتب التاريخ والسير.
الثالثة: مرحلة استقلاله في دراسة التاريخ، وفي هذه المرحلة أصدر طبعة منقحة من كتاب "العدالة الاجتماعية" وهي الطبعة السادسة التي أصدرتها دار "إحياء الكتب العربية" عام 1964م، وحذف منها الشهيد ما انتقده عليه الأستاذ محمود شاكر، وعدّل كثيراً من العبارات، وأضاف أموراً أخرى، تبين استقرار موقفه من الصحابة على جادة العدل والإنصاف، وظهر ذلك جلياً في "الظلال" و"هذا الدين"، حيث أثنى ثناءً طيباً على عثمان ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم، وكذا كال المديح لأصحاب رسول الله في الجملة، وفعل ذلك في كتابه "معالم في الطريق"، حيث وصف الصحابة رضوان الله عليهم بأنهم "جيل قرآني فريد"، وقال تحت هذا العنوان (ص14):
"لقد خرّجت هذه الدعوة جيلاً من الناس - جيل الصحابة رضوان الله عليهم -، جيلاً مميزاً في تاريخ الإسلام كله، وفي تاريخ البشرية جميعه، ثم لم تعُد تخرج هذا الطراز مرةً أخرى".
مما سبق؛ نتيقن أن الذي خلص إليه الشهيد سيد قطب رحمه الله؛ هو الثناء على الصحابة رضي الله عنهم
الخطاب الذهبي الذي رد به العلامة بكر ابو زيد علي ربيع المدخلي بعدعرض ربيع كتابه عليه
فضيلة الأخ الشيخ / ربيع بن هادي المدخلي .. الموقر
السلام عيكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد
فأشير إلى رغبتكم قراءة الكتاب المرفق "أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره".. هل من ملاحظات عليه ثم هذه الملاحظات هل تقضي على هذا المشروع فيطوى ولا يروى، أم هي مما يمكن تعديلها فيترشح الكتاب بعد الطبع والنشر ويكون ذخيرة لكم في الأخرى، بصيرة لمن شاء الله من عباده في الدنيا، لهذا أبدي ما يلي..
1 - نظرت في أول صفحة من فهرس الموضوعات فوجدتها عناوين قد جمعت في سيد قطب رحمه الله، أصول الكفر والإلحاد والزندقة، القول بوحدة الوجود، القول بخلق القرآن، يجوز لغير الله أن يشرع، غلوه في تعظيم صفات الله تعالى، لا يقبل الأحاديث المتواترة، يشكك في أمور العقيدة التي يجب الجزم بها، يكفر المجتمعات ..إلى أخر تلك العناوين التي تقشعر منها جلود المؤمنين.. وأسفت على أحوال علماء المسلمين في الأقطار الذين لم ينبهوا على هذه الموبقات.. وكيف الجمع بين هذا وبين انتشار كتبه في الآفاق انتشار الشمس، وعامتهم يستفيدون منها، حتى أنت في بعض ما كتبت، عند هذا أخذت بالمطابقة بين العنوان والموضوع، فوجدت الخبر يكذبه الخبر، ونهايتها بالجملة عناوين استفزازية تجذب القارئ العادي، إلى الوقيعة في سيد رحمه الله، وإني أكره لي ولكم ولكل مسلم مواطن الإثم والجناح، وإن من الغبن الفاحش إهداء الإنسان حسناته إلى من يعتقد بغضه وعداوته.
2 - نظرت فوجدت هذا الكتاب يـفـتـقـد:
أصـول البحث العلمي، الحيـدة العلمية، منهـج النقد، أمانـة النقل والعلم، عـدم هضم الحق.
أما أدب الحوار وسمو الأسلوب ورصانة العرض فلا تمت إلى الكتاب بهاجس.. وإليك الدليل…
أولاً: رأيت الاعتماد في النقل من كتب سيد رحمه الله تعالى من طبعات سابقة مثل الظلال والعدالة الاجتماعية مع علمكم كما في حاشية ص 29 وغيرها، أن لها طبعات معدلة لاحقة، والواجب حسب أصول النقد والأمانة العلمية، تسليط النقد إن كان على النص من الطبعة الأخيرة لكل كتاب، لأن ما فيها من تعديل ينسخ ما في سابقتها وهذا غير خاف إن شاء الله تعالى على معلوماتكم الأولية، لكن لعلها غلطة طالب حضر لكم المعلومات ولما يعرف هذا ؟؟، وغير خاف لما لهذا من نظائر لدى أهل اعلم، فمثلاً كتاب الروح لابن القيم لما رأى بعضهم فيما رأى قال: لعله في أول حياته وهكذا في مواطن لغيره، وكتاب العدالة الاجتماعية هو أول ما ألفه في الإسلاميات والله المستعان.
ثانيًا: لقد اقشعر جلدي حينما قرأت في فهرس هذا الكتاب قولكم (سيد قطب يجوز لغير الله أن يشرع)، فهرعت إليها قبل كل شيء فرأيت الكلام بمجموعه نقلاً واحدًا لسطور عديدة من كتابه العدالة الاجتماعية) وكلامه لا يفيد هذا العنوان الاستفزازي، ولنفرض أن فيه عبارة موهمة أو مطلقة، فكيف نحولها إلى مؤاخذة مكفرة، تنسف ما بنى عليه سيد رحمه الله حياته ووظف له قلمه من الدعوة إلى توحيد الله تعالى (في الحكم والتشريع) ورفض سن القوانين الوضعية والوقوف في وجوه الفعلة لذلك، إن الله يحب العدل والإنصاف في كل شيء ولا أراك إن شاء الله تعالى إلا في أوبة إلى العدل والإنصاف.
ثالثًا: ومن العناوين الاستـفـزازيـــة قولكم (قول سيد قطب بوحدة الوجود).
إن سيدًا رحمه الله قال كلامًا متشابهًا حلق فيه بالأسلوب في تفسير سورتي الحديد والإخلاص وقد اعتمد عليه بنسبة القول بوحدة الوجود إليه، وأحسنتم حينما نقلتم قوله في تفسير سورة البقرة من رده الواضح الصريح لفكرة وحدة الوجود، ومنه قوله: (( ومن هنا تنتفي من التفكير الإسلامي الصحيح فكرة وحدة الوجود)) وأزيدكم أن في كتابه (مقومات التصور الإسلامي) ردًا شافيًا على القائلين بوحدة الوجود، لهذا فنحن نقول غفر الله لسيد كلامه المتشابه الذي جنح فيه بأسلوب وسع فيه العبارة.. والمتشابه لا يقاوم النص الصريح القاطع من كلامه، لهذا أرجو المبادرة إلى شطب هذا التكفير الضمني لسيد رحمه الله تعالى وإني مشفق عليكم.
رابعًا: وهنا أقول لجنابكم الكريم بكل وضوح إنك تحت هذه العناوين (مخالفته في تفسير لا إله إلا الله للعلماء وأهل اللغة وعدم وضوح الربوبية والألوهية عند سيد) .
أقول أيها المحب الحبيب، لقد نسفت بلا تثبت جميع ما قرره سيد رحمه الله تعالى من معالم التوحيد ومقتضياته، ولوازمه التي تحتل السمة البارزة في حياته الطويلة فجميع ما ذكرته يلغيه كلمة واحدة، وهي أن توحيد الله في الحكم والتشريع من مقتضيات كلمة التوحيد، وسيد رحمه الله تعالى ركز على هذا كثيرًا لما رأى من هذه الجرأة الفاجرة على إلغاء تحكيم شرع الله من القضاء وغيره وحلال القوانين الوضعية بدلاً عنها ولا شك أن هذه جرأة عظيمة ما عاهدتها الأمة الإسلامية في مشوارها الطويل قبل عام (1342هـ ).
خامسًا: ومن عناوين الفهرس (قول سيد بخلق القرآن وأن كلام الله عبارة عن الإرادة).. لما رجعت إلى الصفحات المذكورة لم أجد حرفًا واحدًا يصرح فيه سيد رحمه الله تعالى بهذا اللفظ (القرآن مخلوق) كيف يكون هذا الاستسهال للرمي بهذه المكفرات، إن نهاية ما رأيت له تمدد في الأسلوب كقوله (ولكنهم لا يملكون أن يؤلفوا منها ـ أي الحروف المقطعة ـ مثل هذا الكتاب لأنه من صنع الله لا من صنع الناس) ..وهي عبارة لا شك في خطأها ولكن هل نحكم من خلالها أن سيدًا يقول بهذه المقولة الكفرية (خلق القرآن) اللهم إني لا أستطيع تحمل عهدة ذلك.. لقد ذكرني هذا بقول نحوه للشيخ محمد عبد الخالق عظيمة رحمه الله في مقدمة كتابه دراسات في أسلوب القرآن الكريم والذي طبعته مشكورة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فهل نرمي الجميع بالقول بخلق القرآن اللهم لا، واكتفي بهذا من الناحية الموضوعية وهي المهمة.
ومن جهات أخرى أبدي ما يلي:
1 - مسودة هذا الكتاب تقع في 161 صفحة بقلم اليد، وهي خطوط مختلفة، ولا أعرف منه صفحة واحدة بقلمكم حسب المعتاد، إلا أن يكون اختلف خطكم، أو اختلط علي، أم أنه عُهد بكتب سيد قطب رحمه الله لعدد من الطلاب فاستخرج كل طالب ما بدا له تحت إشرافكم، أو بإملائكم. لهذا فلا أتحقق من نسبته إليكم إلا ما كتبته على طرته أنه من تأليفكم، وهذا عندي كاف في التوثيق بالنسبة لشخصكم الكريم.
2 - مع اختلاف الخطوط إلا أن الكتاب من أوله إلى أخره يجري على وتيرة واحدة وهي: أنه بنفس متوترة وتهيج مستمر، ووثبة تضغط على النص حتى يتولد منه الأخطاء الكبار، وتجعل محل الاحتمال ومشتبه الكلام محل قطع لا يقبل الجدال…وهذا نكث لمنهج النقد: الحيدة العلمية .
3 - من حيث الصيغة إذا كان قارنًا بينه وبين أسلوب سيد رحمه الله، فهو في نزول، سيد قد سَمَا، وإن اعتبرناه من جانبكم الكريم فهو أسلوب "إعدادي" لا يناسب إبرازه من طالب علم حاز على العالمية العالية، لا بد من تكافؤ القدرات في الذوق الأدبي، والقدرة على البلاغة والبيان، وحسن العرض، وإلا فليكسر القلم.
4 - لقد طغى أسلوب التهيج والفزع على المنهج العلمي النقدي…. ولهذا افتقد الرد أدب الحوار.
5 - في الكتاب من أوله إلى آخره تهجم وضيق عطن وتشنج في العبارات فلماذا هذا…؟
6 - هذا الكتاب ينشط الحزبية الجديدة التي أنشئت في نفوس الشبيبة جنوح الفكر بالتحريم تارة، والنقض تارة وأن هذا بدعة وذاك مبتدع، وهذا ضلال وذاك ضال.. ولا بينة كافية للإثبات، وولدت غرور التدين والاستعلاء حتى كأنما الواحد عند فعلته هذه يلقي حملاً عن ظهره قد استراح من عناء حمله، وأنه يأخذ بحجز الأمة عن الهاوية، وأنه في اعتبار الآخرين قد حلق في الورع والغيرة على حرمات الشرع المطهر، وهذا من غير تحقيق هو في الحقيقة هدم، وإن اعتبر بناء عالي الشرفات، فهو إلى التساقط، ثم التبرد في أدراج الرياح العاتية .
هذه سمات ست تمتع بها هذا الكتاب فآل غـيـر مـمـتـع، هذا ما بدا إلي حسب رغبتكم، وأعتذر عن تأخر الجواب، لأنني من قبل ليس لي عناية بقراءة كتب هذا الرجل وإن تداولها الناس، لكن هول ما ذكرتم دفعني إلى قراءات متعددة في عامة كتبه، فوجدت في كتبه خيرًا كثيرًا وإيمانًا مشرفًا وحقًا أبلج، وتشريحًا فاضحًا لمخططات العداء للإسلام، على عثرات في سياقاته واسترسال بعبرات ليته لم يفه بها، وكثير منها ينقضها قوله الحق في مكان أخر والكمال عزيز، والرجل كان أديبًا نقادة، ثم اتجه إلى خدمة الإسلام من خلال القرآن العظيم والسنة المشرفة، والسيرة النبوية العطرة، فكان ما كان من مواقف في قضايا عصره، وأصر على موقفه في سبيل الله تعالى، وكشف عن سالفته، وطلب منه أن يسطر بقلمه كلمات اعتذار وقال كلمته الإيمانية المشهورة، إن أصبعًا أرفعه للشهادة لن أكتب به كلمة تضارها... أو كلمة نحو ذلك، فالواجب على الجميع … الدعاء له بالمغفرة … والاستفادة من علمه، وبيان ما تحققنا خطأه فيه، وأن خطأه لا يوجب حرماننا من علمه ولا هجر كتبه.. اعتبر رعاك الله حاله بحال أسلاف مضوا أمثال أبي إسماعيل الهروي والجيلاني كيف دافع عنهما شيخ الإسلام ابن تيمية مع ما لديهما من الطوا م لأن الأصل في مسلكهما نصرة الإسلام والسنة، وانظر منازل السائرين للهروي رحمه الله تعالى، ترى عجائب لا يمكن قبولها ومع ذلك فابن القيم رحمه الله يعتذر عنه أشد الاعتذار ولا يجرمه فيها، وذلك في شرحه مدارج السالكين، وقد بسطت في كتاب "تصنيف الناس بين الظن واليقين" ما تيسر لي من قواعد ضابطة في ذلك .
وفي الختام فأني أنصح فضيلة الأخ في الله بالعدول عن طبع هذا الكتاب "أضواء إسلامية" وأنه لا يجوز نشره ولا طبعه لما فيه من التحامل الشديد والتدريب القوي لشباب الأمة على الوقيعة في العلماء، وتشذيبهم، والحط من أقدارهم والانصراف عن فضائلهم..
واسمح لي بارك الله فيك إن كنت قسوت في العبارة، فإنه بسبب ما رأيته من تحاملكم الشديد وشفقتي عليكم ورغبتكم الملحة بمعرفة ما لدي نحوه… جرى القلم بما تقدم سدد الله خطى الجميع..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
----===-===-===-=
ليس دفاعاً عن الشهيد سيد قطب
هذه السطور ليست دفاعاً عن الشهيد سيد قطب نحسبه كذلك ولا نزكى على الله أحداً وإنما توضيح وتأكيد على حقائق نعلمها جيداً يجب أن نذكرها ولا نسكت عنها.
إننا نتسائل لماذا هذه الهجمة الشديدة على الشهيد وكتاباته؟ وهى تهدا لفترة ثم لا تلبث أن تنشط وينضم لها كل حين بعض الكتاب أو الأفراد ممن يتحركون فى مجال الدعوة الإسلامية، وهم لم يظهروا نصف هذا الغضب على المشروع الصهيونى والمؤامرات والقيم الغربية التى تستهدف أمتنا.
ولمصلحة من يتم ذلك؟ ولماذا تلتقى هذه المواقف مع مواقف أعداء الإسلام من صهاينة وأمريكان؟
ولماذا فى هذا الوقت الذى نحتاج فيه إلى إيقاظ الأمة وحشدها لمقاومة ومواجهة العدوان عليها؟
ويا ليت الحملة كانت تستهدف النقد الموضوعى، وأن تطرح النقاط والمواضيع التى تكلم فيها الشهيد، وتعرض التصور الصحيح المستند للأدلة الشرعية فى تلك الأمور، لكنها استخدمت الأسلوب الإعلامى، وإطلاق الأحكام وإلصاق الصفات بكتابات الشهيد دون تمحيص علمى.
ينبغى على من يحكم على كتابات الشهيد سيد قطب أن يستخدم الأسلوب العلمى المحايد، وأن يتجرد من أى انحياز نفسى يكون متأثراً بموقفه من التيار الذى ينتمى إليه، أو متحاملاً على شخصه وذاته، أو شاعراً بالغيرة منه.
(1/1)
إن أى كاتب إذا أردنا أن نحكم على آرائه أو نستوضحها لا يكتفى بمجرد قراءتنا وفهمنا لبعض ما كتب وإنما يكون هذا من خلال أسلوب علمى محدد يحقق مبدأ " التثبت والتبين".
1. إما ان يكون بمناقشته فيما كتب واستيضاح ما يقصد.
2. وإذا كان غير موجود، فننظر إلى سلوكه وآرائه العملية، لنفهم فى ضوئها مقاصده ومعتقداته.
3. وكذلك أن ننظر فى كلماته كلها ولا نجتزأ منها سطوراً.
4. وإذا كان الكاتب قد سطر آراء ثم رجع عنها بعد ذلك وأعلن عدم رضائه، فلا ينبغى أن نحاسبه عليها بعد ذلك.
مثلما فعل الشهيد عندما أعلن عن عدم رضائه عن كتابه "العدالة الاجتماعية فى الإسلام" وأن به بعض الأخطاء وسيحاول إعادة كتابته وكان هذا الكتاب فى بداية توجهه الإسلامى وقبل التزامه بجماعة الإخوان المسلمين.
5. كذلك علينا ألا نحاسبه فيما فهمه بعض الناس عندما طالعوا كتاباته وإنما ماذا كان يقصد وما هو فهمه؟
إن الشهيد سيد قطب – رحمه الله – من مواليد (9/ 10/ 1906) أى يسبق مولد الإمام الشهيد حسن البنا بأيام قليلة (أقل من شهر) وكان رحمه الله أديباً بليغاً، وناقداً أدبياً متميزاً شهد له بذلك من عاصروه، وقد تميز فى عصر كثر فيه الفطاحل من الأدباء والشعراء.
وقد التزم بجماعة الإخوان المسلمين أواخر عام 1951 واستشهد يوم الاثنين 29/ 8/1966 قبل بزوغ الفجر (صدر الحكم عليه 21/ 8/1966م) ونفذ بعد أسبوع) أى قارب على الخمسة عشر عاماً داخل صفوف الإخوان، قضى منها داخل السجون أكثر من أحد عشر عاماً وتولى بعد عام 1951 مسئولية قسم نشر الدعوة، وهو أحد أهم أقسام الجماعة التى تتعامل مع المجتمع.
فهل كان الشهيد يكفر الناس حكاماً ومحكومين؟ وهل كان يصف هذه المجتمعات بالجاهلية، أى بالكفر والخروج عن الدين؟ وهل كان ينتهج منهج العنف والانعزال؟
إننا إذا طبقنا المنهج العلمى فى الدراسة والتقييم لوصلنا إلى نتيجة قطعية بالنفى لهذه الاتهامات.
(1/2)
لقد كان الخطأ فى حقيقته عند هؤلاء الذين أرادوا أن يفهموا فهماً معيناً ويحملوا باقى كلامه على هذا الفهم رغم أن حياته العملية وأقواله وكتاباته ومن عاشوا بالقرب منه تقطع بابتعاده عن هذه المفاهيم.
أو نجد البعض يقفون عند بعض الألفاظ ذات الدلالة الأدبية ويجردونها عن سياقها ولا ينظرون أن الكاتب كان أديباً ولا يقصد المعنى الذى ذهبوا إله مطلقاً.
ولا يعنينا هنا أن فلاناً من العلماء أو المشاهير أصدر هذه الأحكام والصفات على ما كتبه الشهيد، فالبحث العلمى يقوم على الأدلة والبراهين وعلى القواعد العلمية للتثبت والحكم.
وبالنسبة لما سطره الشهيد من كتابات فإن طبيعته الأدبية وبلاغته كانت ملازمة له.
وهو نفسه عندما كتب الظلال، قال فى مقدمته أنه لا يكتب تفسيراً للقرآن، فهذا له قواعده وأسلوبه ولكن خواطر ومعانى يستشعرها عند معايشته وتلاوته لآيات الذكر الحكيم.
ومن المعروف عن الشهيد أنه كان رجّاعاً، إذا راجعه أحد وناقشه، وكان يعرض ما يكتب قبل طباعته على الكثير من إخوانه ويستمع إلى نصائحهم.
ولكى نفهم ما كتب، نرى أنه لم يخرج عما كتبه من كان قبله من علماء الإسلام فى الأمة، فهذه كتابات ابن القيم وابن تيمية وغيرها كان فيها لفظ الجاهلية والحملة الشديدة عمن انحرفوا عن أحكام الإسلام.
كان مقصده بكلمات الجاهلية: القيم والمفاهيم، وليس الأشخاص أو الناس فى المجتمع، لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى ذر رضى الله عنه عندما أخطأ مرة " إنك امرؤٌ فيك جاهلية".
وما ذكره هو من لفظ الحاكمية وضحه فى أماكن أخرى، حيث يقصد بها التأكيد على المرجعية لشرع الله وضرورة تطبيقه، وما ذكره عن انتساب الناس للإسلام بحكم شهادة الميلاد هو كلام عام ذكره غيره من العلماء الذين سبقوه ولم يتهمهم أحد بإدعاء التكفير.
(1/3)
كان رحمه الله يستخدم الكلمات البليغة الأدبية لتوضيح رأيه ولدفاع عن الإسلام، ولم يكن بصدد إصدار أحكام، فهذه لها أصول ولها أهلها من علماء الشريعة، ولم يدع هو ذلك فى يوم من الأيام.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "ليس منا من بات شبعان وجاره جائع" أو كما قال صلى الله عليه وسلم. فهل يجوز أن يفهم منها أحد أن هذا الشخص ليس من المسلمين وأصبح كافرا.
ومثل هذا ورد فى أحاديث أخرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، منها حديث "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم "
وبالمثل هل يجوز لأحد أن ينقل سطرا من كلام الشهيد ليخرج منه بحكم التكفير دون الالتفات إلى مقصده، وهل يعنى به حكما شرعيا أم معانى عامة للتوضيح والتحفيز.
كما أن الإمام الشهيد استخدم كلمات مما استخدمها بعده الشهيد سيد قطب، ولم يقل أحد أن الإمام البنا يكفر الناس، لأن مقصده ومنهجه لا يشير إلى ذلك.
ففى رسالة إلى الشباب بعد أن تكلم الإمام البنا عن الأهداف الإسلامية العامة من تكوين الفرد المسلم حتى إقامة الخلافة وأستاذية العالم، تجده يقول " .. إنما نعلن فى وضوح وصراحة أن كل مسلم لا يؤمن بهذا المنهاج ولا يعمل لتحقيقه لا حظ له فى الإسلام، فليبحث له عن فكرة أخرى يدين بها ويعمل لها " (رسالة إلى الشباب صـ178)
ويقول رحمه الله فى افتتاحية العدد الأول من مجلة النذير عام 1938: " .. فنحن حرب على كل زعيم أو رئيس حزب أو هيئة لا تعمل على نصرة الإسلام ولا تسير فى الطريق لاستعادة حكم الإسلام ومجد الإسلام، سنعلنها خصومة لا سلم فيها ولا هوادة معها حتى يفتح الله بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين" (راجع مذكرات الدعوة والداعية صـ164)
وفى أماكن أخرى أوضح الإمام مفهوم الحرب " وسنقاتلهم بالكلمة .. " ويقول أيضاً فى مؤتمر طلبة الإخوان المسلمين المحرم 1357 هـ:
(1/4)
" إذا كان الإسلام شيئاً غير السياسة وغير الاجتماع وغير الاقتصاد وغير الثقافة فما هو إذن؟ أهو هذه الركعات الخالية من القلب الحاضر أم هذه الألفاظ التى هى كما تقول رابعة العدوية: (استغفار يحتاج إلى استغفار) ألهذا أيها الإخوان نزل القرآن نظاماً كاملاً محكماً مفصلاً (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: 89]. هذا المعنى المتضائل لفكرة الإسلام وهذه الحدود الضيقة التى حدد بها معنى الإسلام، هى التى حاول خصوم الإسلام أن يحصروا فيها المسلمين وأن يضحكوا عليهم بأن يقولوا لهم لقد تركنا لكم حرية الدين، وأن الدستور ينص على أن دين الدولة الرسمى هو الإسلام " (صـ159 من رسالة فى مؤتمر طلبة الإخوان)
وحول حديثه عن الجهاد، لم يخرج عن قول علماء الأمة عن شرح نوعى الجهاد: " جهاد الدفع" و "جهاد الطلب" أى الغزو فى سبيل الله ولم يدع أنه سيتكلم عن الأحكام الفقهية والشروط الشرعية المتعقلة بذلك وإنما كان يتحدث عن المبدأ والمفهوم.
المناخ والمرحلة التى واجهها الشهيد
كان رحمه الله فى مرحلة من تاريخ الأمة تواجه فيها ضغوطاً كبيرة وهجوماً حاداً شديداً حول القيم الإسلامية – وخاصة فى مجال المرأة – مع غياب لتطبيق الشريعة الإسلامية، وزحف للقيم الغربية على المجتمعات الإسلامية، مما أثر على التصورات والمفاهيم، وكانت قيم الإسلام فى المجتمع تتعرض وقتها للسخرية والاستهزاء من وسائل الإعلام ومن بعض التيارات المختلفة.
فكان يرد على كل ذلك وهو يركز على البناءالنفسى لكى يحدث التوازن فيه، ويرسخ فيه الثبات على هذه القيم الإسلامية مهما كان الواقع من حوله، ولهذا كان حديثه القوى عن الاستعلاء والعزلة الشعورية وعن جاهلية القيم والمفاهيم المنحرفة عن منهج الله، ولم يقصد أن يتكلم عن قضية التكفير وأحكامها الشرعية.
(1/5)
كان كما وصفه المستشار طارق البشرى، كالمدفعية الثقيلة التى ترد على تلك الهجمة من خندق الدفاع والثبات.
كان رحمه الله يواجه محاولة تمييع القيم والمفاهيم الإسلامية واستدراج ا لناس إلى مسميات مضمونها فارغ من قيم الإسلام أو حتى تعارضه فكان يريد أن ينبه الأمة لكى تفطن إلى ذلك ولا تنخدع ولا تضفى الشرعية الإسلامية على مثل تلك الأطروحات.
توضيح بعض كلماته وآرائه
نشير هنا إلى نماذج من بعض آرائه وكتاباته التى إذا وضعناها بجوار الكتابات الأخرى يتضح لنا حقيقة ما يقصد:
أ) ففى كتاب "معالم" الذى اشتهر بأن فيه تلك الرؤية التكفيرية الانعزالية نجده فى آخر صفحات الكتاب يتكلم عن الجاهلية والتعامل معها: " ليس لنا أن نجارى الجاهلية فى شيء من تصوراتها، ولا فى شيء من أوضاعها ولا فى شيء من تقاليدها مهما يشتد ضغطها علينا إن وظيفتنا الأولى هى إحلال التصورات الإسلامية والتقاليد الإسلامية فى مكان هذه الجاهلية ..
إن ضغط التصورات الاجتماعية السائدة، والتقاليد الاجتماعية الشائعة ضغط ساحق عنيف .. لابد أن نثبت أولاً، ولابد أن نستعلى ثانياً، ولابد أن نرى الجاهلية حقيقة الدرك الذى هى فيه بالقياس إلى الآفاق العليا المشرقة للحياة الإسلامية التى نريدها.
ولن يكون هذا بأن نجارى الجاهلية فى بعض الخطوات، كما أنه لن يكون بأن نقاطعها الآن وننزوى عنها وننعزل، كلا .. إنما هى المخالطة مع التميز، والأخذ والعطاء مع الترفع، والصدع بالحق فى مودة والاستعلاء بالإيمان فى تواضع .. " (كتاب معالم فى الطريق صـ 176)
ب) ومن أقواله التى نقلت عنه:
" إن مهمتنا ليست إصدار الأحكام على الناس ولكن مهمتنا تعريفهم بحقيقة لا إله إلا الله، لأن الناس لا يعرفون مقتضاها الحقيقى وهو التحاكم إلى شريعة الله" (من كتاب أعلام الحركة الإسلامية لعبد الله العقيل صـ 652).
(1/6)
جـ) كان الشهيد يرفض فرض الإسلام من أعلى على الناس، أو يستخدم العنف والقوة داخل المجتمع، وإنما السبيل للالتزام بالإسلام وإقامة الحكم الإسلامى، هو إيقاظ القلوب وتفهيم الناس وبناء القناعات الصحيحة لديهم.
فيقول رحمه الله .. " ولابد إذن أن تبدأ الحركات الإسلامية من القاعدة، وهى إحياء مدلول العقيدة الإسلامية فى القلوب والعقول، وتربية من يقبل هذه الدعوة وهذه المفهومات الصحيحة تربية إسلامية صحيحة .. وعدم محاولة فرض النظام الإسلامى عن طريق الاستيلاء على الحكم قبل أن تكون القاعدة المسلمة فى المجتمعات هى التى تطلب النظام الإسلامى لأنها عرفته على حقيقته وتريد أن تحكم به .. " (جريدة المسلمون، من مقالة بعنوان لماذا أعدمونى؟ ذكرت كلمات وكتابات له.)
د) وها هو الشهيد يصف المجموعة التى تولى تربيتها عام 65، عندما تم اعتقاله تمهيداً لإعدامه: " لقد اتفقنا على مبدأ عدم استخدام القوة لقلب نظام الحكم وفرض النظام الإسلامى من أعلى، لأن المطالبة بإقامة النظام الإسلامى وتحكيم شريعة الإسلام ليست هى نقطة البدء، وإنما هى نقل المجتمعات ذاتها إلى المفهومات الإسلامية الصحيحة، وتكوين قاعدة إن لم تشمل المجتمع كله، فعلى الأقل تشمل عناصر وقطاعات تملك التوجيه والتأثير فى اتجاه المجتمع كله إلى الرغبة والعمل فى إقامة النظام الإسلامى ". (كتاب شبهات حول الفكر الإسلامى المعاصر – المستشار سالم البهنساوى صـ 237، وكتاب العبقرى العملاق سيد قطب صـ83 للأستاذ إبراهيم منير)
هـ) وعندما سُئل فى التحقيق – وكانت إجاباته من منطلق أنها شهادة للتاريخ حيث كان متأكداً أنه سيصدر عليه الحكم بالإعدام، سأله المحقق: هل ترى أن هناك فرقاً بين المسلم المنتمى لجماعة الإخوان وغير المنتمى لتلك الجماعة؟
كانت إجابته المدونة فى الأوراق:
(1/7)
" الذى يميز الإخوان أن لهم برنامجاً محدداً فى تحقيق الإسلام فيكونون مقدمين فى نظرى على من ليس لهم برنامج محدد .. "
ثم سأله المحقق:
س: فلم التمييز بين أفراد هذه الجماعة وبين المسلمين قاطبة وهم جميعاً أصحاب عقيدة وأهداف وبرنامج؟
أجاب: التمييز – فى رأى – ليس تمييز شخص على شخص، ولكن فقط باعتبار أن الجماعة ذات برنامج وأن كل فرد مرتبط بهذا البرنامج لتحقيق الإسلام عملياً، وهذا هو وجه التمييز فى رأى ".
فلم يكن رحمه الله حتى آخر يوم فى حياته يعتقد أو يظن أن المسلمين أصبحوا داخلين فى نطاق الكفر بل يثبت لهم الإسلام ..
وأيضا يتضح أن الشهيد لم يذهب مطلقا فى رؤيته أن ينتقى مجموعة من الأفراد ينعزل بهم عن المجتمع بحجة أنه جاهلى ليقوم بتربيتهم ثم القفز بهم على السلطة، فها هو يقرر بوضوح أن الطريق هو تربية أفراد المجتمع وتفهيمهم وإقناعهم القيم والتصورات الإسلامية وكيفية الالتزام الصحيح بها، وأن يشمل ذلك جيلا بأكمله، فإن لم يكن المجتمع كله فعلى الأقل نسبة كبيرة فيه تصبح هى الغالبية وتملك التأثير فيه.
وقد كانت رؤيته لمجموعة الشباب فى 65، إنهم خطوة على الطريق ضمن البداية التى يجب أن تستمر وتتسع لتشمل جيلا بأكمله.
س) وفى تعريفه الجاهلية، وكما ذكر بالمعالم: "المجتمع الجاهلى: هو المجتمع الذى لا يُطبق فيه الإسلام ولا تحكمه عقيدته وتصوراته، وقيمه وموازينه وسلوكه ونظامه وشرائعه .. "فى ظلال القرآن جـ 2 صـ37.
وفى موضع أخر يحدد قصده منها: " إنها تعلن العلمانية كمنهج فى التشريع، وحتى الحياة كلها، وبعضها وضع القوانين من عند نفسه تخالف شرع الله، وقال عنها: هذا شرع الله." إ. هـ
فهو هنا يشير إلى حكم عام وليس حكماً على أشخاص أو مجتمع معين، كما أنه يقصد بكلامه من يقول للناس أن هذا شرع الله، وهو متأكد أنه ليس كذلك بل من عند نفسه.
وما ذهب إليه الشهيد هنا، يتطابق مع ما قرره علماء المسلمين.
(1/8)
ص) ويظهر بوضوح أن أقوال الشهيد سيد قطب، عن الجاهلية، وعن الكفر لا تعنى الأفراد، بل تتعلق بجاهلية السلوك والمناهج والقيم والتصورات، وبكفر التشريعات والأحكام المناقضة للإسلام. بل إنه فى المسألة إثبات الإسلام يرى أن النطق باللسان بالشهادتين كافٍ لذلك.
يقول فى الظلال فى تفسير آية {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً} (النساء: الآية94): "يكتفى الإسلام هنا النطق بكلمة اللسان، فلا دليل يناقضها. " إ. هـ أى أنه يقول بإسلام من نطق بالشهادتين دون انتظار لامتحانه.
كما أنه فى حديثه أحياناً يتكلم عن جاهلية العقائد، وفى موضع آخر عن جاهلية السلوك، وهناك فرق كبير بينهما.
ومن أقواله: " أنه فيما يختص بالفرد يكون الاحتكام إلى عقيدته وخلقه، وفيما يختص بالأمة الاحتكام إلى نظام حياتها كلها." إ. هـ.
والشهيد يقر ويعترف بإسلامية الأفراد فى داخل مجتمعاتنا، أما الأنظمة التى توجه حياة الناس والعادات والسلوكيات والمفاهيم والأخلاق فى المجتمع، فهى محل كلامه، وهى التى وردت النصوص الشرعية بوصفها بالجاهلية وبالنفاق وبنفى الإيمان الكامل أحياناً عنها. ... " كتاب العبقرى العملاق سيد قطب صـ 78 للأستاذ إبراهيم منير")
ع) كان يرفض فكرة تجزئة القبول بالاحتكام للإسلام فى جزئية، ورفضهم الاحتكام إليه فى أجزاء أخرى من قضايا المجتمع. وهناك فرق فقهى واضح بين رفض مبدأ القبول بالاحتكام إليه وبين الضعف فى التنفيذ مع وجود القبول والرضى.
كان رحمه الله ينادى بالرؤية الشمولية. ومن أقواله فى ذلك: " والذين يصرخون اليوم طالبين منع المرأة من الانتخاب باسم الإسلام أو منعها من العمل باسم الاسلام، أو إطالة أكمامها وذيلها باسم الإسلام، ليسمحوا لى مع تقديرى لبواعثهم النبيلة أن أقول لهم: إنهم يحيلون الإسلام هزأة وسخرية لأنهم يحصرون المشكلة كلها فى مثل هذه الجزئيات.
(1/9)
إن طاقتهم كلها يجب أن تنصرف إلى تطبيق النظام الإسلامى والشريعة الإسلامية بأن يسيطر على نظام المجتمع وقوانين الدولة، وللتربية الإسلامية بأن تسيطر على المدرسة والبيت والحياة، يجب أن يأخذوا الإسلام جملة وأن يدعوه يؤدى عمله فى الحياة جملة، فهذا هو الأليق لكرامة الإسلام، وكرامة دعاة الإسلام" ... (راجع كتاب العبقرى العملاق صـ 67، للأستاذ إبراهيم منير)
ل) لقد كان الشهيد يواجه مؤامرات شديدة للقضاء على التصور والفهم الإسلامى الصحيح، فكان عليه أن يواجه ذلك وأن يكشف زيغه مهما تستر فى شعارات:
" .. ومن ثم استداروا فى التجارب الجديدة يستفيدون من تجربة أتاتورك: ألا يرفعوا على التجارب الرائدة راية الإلحاد، وإنما يرفعون عليها راية الإسلام، كى لا تصطدم الفطرة كما صدمتها تجربة أتاتورك ثم يجعلون تحت هذه الراية ما يريدون من المستنقعات والقاذورات والإنحلال الخلقى ومن أجهزة التدمير للخامة البشرية بجملتها فى الرقعة الإسلامية. " إ. هـ. الظلال جـ2 صـ211 عن الآية 49 من سورة الأنعام.
فهو هنا يتحدث عن نموذج به الإلحاد والانحراف الكامل عن الإسلام ويزعمون فيه أن هذا هو الإسلام. لهذا لابد أن نفهم عباراته القوية من خلال هذه الرؤية التى أشار إليه ولا نعمم هذا على كل صور الخلل والضعف أو نستنتج مفهوماً لم يقصده أو يذهب إليه.
م) ومن كلماته التى وردت فى مقالاته وكتبه وهو يتحدث عن الخضوع للاستعمار، وغفلة الحكام والسياسيين: " .. ولكن من الحق ألا نصم الشعوب العربية بهذه الوصمة. إن هذه الشعوب لأذكى وأشد حمية من أن ترضى لنفسها بالهوان، ولكنها تلك الحفنة من ساسة الجيل الماضى فى مصر وبعض البلاد العربية تلك الحفنة الرخوة المسنة الضعيفة المتهالكة، المهدورة الأعصاب لا تقدر على الكفاح، ولا تدع الشعوب تكافح، لأن أنانيتها الآثرة تمسكها عن الانسحاب من الميدان وتركه للقادرين". (صـ155 من كتاب العبقرى العملاق).
(1/10)
ويقول أيضاً: " .. لو كان مقدراً لهذا العالم الإسلامى أن يمون لمات فى خلال فترة الاسترخاء والإعياء، وفى إبّان فتوة الاستعمار وقوته، ولكنه لم يمت بل انتفض حياً كالمارد الجبار، يحطم أغلاله وينقض أثقاله ويتحدى الاستعمار الذى شاخ .. " إ. هـ. (فى ظلال القرآن جـ2 صـ940).ويقول: " .. وإن يوم الخلاص لقريب وإن الفجر ليبعث خيوطه، وإن النور يتشقق به الأفق، ولن ينام هذا العالم الإسلامى بعد صحوته ولن يموت هذا العالم الإسلامى بعد بعثه. ولن تموت العقيدة الحية التى قادته فى كفاحه. " إ. هـ (فى ظلال القرآن جـ2 صـ940) فهل هذا كلام من يكفر الشعوب أم من يحرص عليها ويضع أمله فيها، ويعرف مواطن الضعف والقوة.
ن) ومن كلماته عندما تحدث عن الزكاة فى واقع الأمة:
" وقد بهتت صورة الزكاة فى حسِّنا وحسِّ الأجيال التعيسة من الأمة الإسلامية التى لم تشهد نظام الإسلام مطبقاً فى عالم الواقع ولم تشهد هذا النظام يقوم على أساس التصور الإيمانى والتربية الإيمانية. " إ. هـ (الظلال سورة البقرة الآية 177)
فالأستاذ سيد وصف الأمة اليوم بالأمة الإسلامية رغم أنه يراها أمة تعيسة ولم تطبق أحكام الإسلام فى واقعها، فلم ينف عنها إسلامها.
ط) أشاع البعض لسوء فهمه أن الشهيد يدعو إلى مقاطعة واعتزال المساجد الحكومية لأنها مساجد جاهلية. .وهذا خطأ والذى يرجع لكتاباته يجد حديثاً لا يؤدى لهذا فهو فى تفسيره للآيات التى تحدثت عن نبى الله موسى (عليه السلام) وما لاقاه بنى إسرائيل من تعذيب ومطاردة لجأوا فيها إلى اتخاذ بيوتهم قبلة، فيقول فى وصف هذه الحالة: " .. وقد يجد المسلمون أنفسهم ذات يوم مطاردين فى المجتمع الجاهلى وقد عمّت الفتنة وتجبّر الطاغوت وفسد الناس، وانتنت البيئة، وهنا يرشدهم الله إلى أمور، منها اعتزال معابد الجاهلية "إ. هـ
(1/11)
فلم يقل رحمه الله أن المساجد الموجودة حالياً بالمجتمع هى معابد جاهلية وأن المسلمين يواجهون فتنة ومطاردة مثل التى واجهها بنى إسرائيل على يد فرعون، فلماذا يلجأ البعض إلى الاستنتاج الخاطئ وإلى التعميم الذى ليس عليه دليل إلا تفسيراً واحداً أن هذا هو رأيهم وقناعتهم الداخلية، وأى عبارات بعد ذلك ستكون الشماعة التى يتسترون وراءها، سواء قالها الشهيد أم قالها غيره.
ظ) كتب فى مقال له بجريدة الإخوان المسلمين عن الدعوة والأمة الإسلامية عام 1953: " .. لقد صحت الأمة الإسلامية بعد طول سبات، ولو كانت إلى فناء وموت ما استيقظت من سبات، ولقد صحت بعد نوم طويل، فليس من سنة الحياة أن تنام من جديد، لقد صحت لتحيا وصحت لتنمو وصحت لتنتفض عنها الأوشاب والأخلاط، وإذا كانت الأمة الإسلامية ما تزال تتعثر، وما تزال تكبو وما تزال تضطرب فتلك هى اختلاجة الحياة الجديدة، لا سكرات الموت ولا صراعات الداء. تلك هى علائم الصحو واليقظة بعد نوم طويل وهمود، والمستقبل لها، والدلائل كلها تشير إلى هذا المستقبل ". إ. هـ (صـ 58 من كتاب العبقرى العملاق).
ى) وعن سلوك الداعية مع المجتمع يقول الشهيد سيد قطب فى الظلال: " ... فالناس فى حاجة إلى كنف رحيم وإلى رعاية فائقة وإلى بشاشة سمحة وإلى ود يسعهم وحلم لا يضيق بجهلهم وضعفهم ونقصهم، فى حاجة إلى قلب كبير يعطيهم ولا يحتاج منهم إلى عطاء – ويحمل همومهم ولا يعنيهم بهمه، ويجدون عنده دائما الاهتمام والرعاية والعطف والسماحة والودّ والرضا ... وهكذا كان قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم" أ. هـ.
شهادات من عاشوا معه والتقوا به
ملف: سيد قطب 5. jpg
الأستاذ سيد قطب
(الشهادات التى وردت كانت من هؤلاء الأساتذة الكرام الذين عايشوه ولم تكن فردية بل تواترت عبر العديد من الأفراد، ولكن نذكر فقط أسماء من سمعنا منهم مباشرة):
(1/12)
أ) لقد حدثت مناقشات وأسئلة له من كثير من إخوانه عندما أشاع البعض أنه يكفر المجتمع ويصفه بالجاهلية.
حدث هذا ممن كانوا معه فى قفص المحكمة أثناء التحقيقات، وفيمن التقى به داخل مستشفى السجن، بل إن قيادة الإخوان كلفت الأستاذ عمر التلمسانى عندما كان سيلتقى به لسؤاله المباشر عن ذلك وعاد وهو يحمل إجابة واضحة منه، بنفى الشهيد أنه يكفر أحداً أو يقصد بجاهلية المجتمع تكفير الناس ... (شهادة أ. جمعة أمين)
ب) إن كتاباته قبل طباعتها كان يقرأها كبار الإخوان ومنهم الأستاذ الهضيبى وأقروا ما فيها ولم يجدوا فيها ما فهمه البعض واتهمه به ... (شهادة أ. جمعة أمين و د. محمود عزت)
جـ) لقد تواترت عشرات الشهادات ممن عاصروه وسألوه مباشرة، فأكد على رأيه الواضح وأنه لا يكفر أحداً، بل وصف من فهموا ذلك - أى ما فهموه من تكفير المجتمعات – أنهم لم يفهموا وأساءوا الاستخدام فقال: لقد حملت كتبى وآرائى على حمار أعرج ... " (شهادة د. محمد بديع، ود. محمود عزت).
هـ) شهادة الداعية زينب الغزالى، عندما سألته مباشرة عام 1964 عندما زارها فى منزلها عن إشاعة أنه يكفر الناس لأنهم لم يفهموا الإسلام، فاستغرب هذا القول، وبيّن أن فهمهم هذا خاطئ لما كتبه وأنه سيوضح هذا ويرد عليه فى الجزء الثانى من "المعالم" ... (حوار مجلة المجتمع الكويتية 1982م، صـ 85 كتاب العبقرى العملاق)
والأستاذ الهضيبى كان رأيه فى مسألة التكفير واضحاً حاسماً وقد فاصل الإخوان الذين انتهجوا هذا الفكر ورفض بقاءهم فى الجماعة ولم يتهاون فى ذلك قط.
فهذا دليل واضح أن الشهيد كان موقفه واضحاً من مسألة التكفير وأن من اعتنقوا ذلك بحجة ما فهموه من آراء، هم الذين أساءوا الفهم، وأن أصل الفكرة كانت عندهم مسبقاً وكان ذلك فى ظروف يتعرضون فيها للسجن والتعذيب.
و) وكان فضيلة الأستاذ الهضيبى يعتز دائماً بسيد قطب وكان يذكر أنه شهيد الإخوان (شهادة أ. محمد مهدي عاكف و أ. جمعة أمين)
(1/13)
فقد قرأ غيرهم من آلاف الإخوان .. هذه الكتابات ولم يفهموا منها هذا الفهم، فى حين أن عدد الآخرين الذين أشاعوا ذلك على أصابع اليد من الإخوان .. وبالمثل نذكر، وما ذنب الإمام على وابنيه الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة (رضى الله عنهم) فى نشأة المذاهب المنحرفة والتى نسبت نفسها إليهم بعد ذلك)
ش) أرسل بعض الإخوان فى سجن طره الأخ عبد الرءوف أبوالوفا عندما تناقل بعض الأفراد موضوع التكفير، يخبره بذلك ويستوضحه، فانزعج الأستاذ سيد لهذا الكلام ورد عليه:
" .. إننا لم نكفر الناس، وهذا نقل مشوه، إنما نحن نقول إنهم صاروا من ناحية الجهل بحقيقة العقيدة، وعدم تصور مدلولها الصحيح والبعد عن الحياة الإسلامية إلى حال تشبه حال المجتمعات فى الجاهلية، وإنه من أجل هذا لا تكون نقطة البدء فى الحركة هى قضية إقامة النظام الإسلامى، ولكن تكون إعادة زرع العقيدة والتربية الأخلاقية الإسلامية، فالمسألة تتعلق بمنهج الحركة الإسلامية أكثر مما تتعلق بالحكم على الناس" إ. هـ. (من كتاب لماذا أعدمونى؟ وهو عبارة عن تجميع لإفادات الأستاذ سيد عند التحقيق معه قبل الحكم بإعدامه، ومعها بعض الشهادات من إخوانه).
ص) وعندما نقل الأستاذ عبد العزيز عطية والأستاذ عمر التلمسانى إلى مستشفى طره، وهما من أعضاء مكتب الإرشاد وقتها، التقيا بالشهيد للاستفسار عما يشيعه البعض عنه، فنفى ذلك وشرح لهما ما يقصده فاستراحا لذلك وأقراه عليه وأبلغا الإخوان بذلك. .. (صـ79 من كتاب العبقرى العملاق للأستاذ إبراهيم منير)
ض) شهادة أ. عمر التلمساني فى كتابه ذكريات لا مذكرات:
" .. وما أراد الشهيد الأستاذ سيد قطب فى يوم من الأيام أن يكفّر مسلماً. " " .. إن كثرة ترداده "للمتجتمع الجاهلى" لم يقصد بها تكفير المجتمع ولكن تشديد النكير على الظلمة والطغاة والمستغلين والمشككين، وهو أسلوب تعرفه اللغة العربية .. "
(1/14)
" والذين يعرفون الشهيد سيد قطب ودماثه خلقه وجمّ أدبه، وتواضعه ورقة مشاعره، يعرفون أنه لا يكفر أحداً .. "
" .. هذا موجز مقتضب للمبادئ التى قام عليها كتاب معالم فى الطريق وقد كان لى شرف الإطلاع عليه قبل طبعه ونحن فى مستشفى ليمان طرة " إ. هـ (وراجع أيضاً كتاب العبقرى العملاق)
ط) شهادة الأستاذ سيد نزيلي (من قيادات الإخوان فى 65):
" أنه – يقصد الشهيد سيد قطب – لم يتهم عامة المسلمين بالكفر وكان يصلى خلف الإمام العادى، وكان يأكل ذبائح المسلمين، ويؤثر عنه فى سجنه أن سُئل: " هل أنت تكفر عامة المسلمين؟ " فقال: كيف أكفر عامة المسلمين وهم يشهدون أن لا إله إلا الله، وحب الدين متغلغل فى وجدانهم وقلوبهم .. " ثم نادى على سجين من أرباب الإجرام والمعروفين بالشراسة وسوء الخلق، وقال له: يا فلان إذا قابلك رجل ولعن دينك ماذا يكون موقفك؟ فقال هذا السجين: أقتله، فاستشهد سيد قطب بذلك فى أن للإسلام قدسية واحترام فى نفوس حتى الذين يُخيل إلينا أنهم أبعد ما يكونون عن الإسلام بأعمالهم .. " أ. هـ.
ويقول أيضاً الأستاذ سيد نزيلى: " .. نحن الجيل الذى تربى على فكر سيد قطب لم نلحظ هذه الدعاوى التى تتهمه بالتكفير، وهو لم يطلب منا ذلك فى الكتابات التى كان يرسل بها إلينا ويربينا عليها نحن جيل 65، نحن كنا نعيش بإسلامنا بين أهلينا ومجتمعنا ولم يخطر على بالنا أننا متميزون بأى شيء عن غيرنا من المسلمين ".
ويقول: " وسيد قطب لم تكن كتاباته لا نعزال هذه الفئة، بل كان يطلب من الشباب أن يندمجوا مع المجتمع حتى يغيروا هذا المجتمع". إ. هـ.
" .. وقد انتهيت بعد لقائى بإخوانى واستجلاء حقائق الأمور إلى: أننا لم نكفر مسلماً ولم نعلم من الأستاذ سيد قطب أنه يأمرنا بالتكفير أو الانعزال عن المجتمع أو المفاصلة الشعورية التى يفهمها البعض خطأ بمعنى الانعزال ". إ. هـ (صـ78، 88، 89 من كتاب البعقرى العملاق)
(1/15)
ظ) شهادة العالم الجليل الشيخ محمد عبد الله الخطيب، حيث ذكر أنه زار الأستاذ سيداً فى الفترة القصيرة التى خرج فيها من السجن عام 64، وأنه زاره فى بيته يوم جمعة، فوجده عائداً من صلاة الجمعة مصلياً وراء إمام المسجد، وحكى لى أحد الإخوان أنه رأى الأستاذ سيداً يصلى خلف أحد المسجونين الجنائيين فى فترة محبسه. " إ. هـ
فهل يعقل أن الأستاذ يحكم بالكفر على عموم الأفراد والمجتمعات ثم يصلى وراءهم؟. (صـ 94 من كتاب العبقرى العملاق).
ك) شهادة الأستاذ إبراهيم منير، والأستاذ أحمد كنزى (من شعبة عابدين بالقاهرة) حيث أنهما وهما فى السجن عام 1963، وصل إليهم من بعض الإخوان أن الأستاذ سيد يقوم بوضع كتاب عليه اتفاق من الجماعة هو معالم فى الطريق وأن على الإخوان جميعاً خارج السجون قراءته .. وعندما اشتد المرض على الشهيد سيد قطب تم نقله إلى مستشفى القصر العينى، فتحايلنا على زيارته كل يوم جمعة أسبوعياً تقريباً لنسمع منه ونستفسر، ولم نسمع منه على الإطلاق انه يعنى بالجاهلية تكفير الناس، ولم نسمع منه قولاً بكفر الحكام، ولم نسمع منه أن العزلة الشعورية عن الناس تعنى مقاطعتهم والعيش فى الكهوف والجبال وتجنب العمل فى وظائف المجتمع ولكنه كان يركز على إحياء معانى الإيمان فى قلوب الأمة، ويعنى بالجاهلية جاهلية السلوك وليست جاهلية الاعتقاد .. وهذه شهادة بما علمت القى بها الله عز وجل: أنى لم أسمع منه خلاف ما قلت. " أ. هـ (صـ7 كتاب العبقرى العملاق للأستاذ إبراهيم منير)
ويقول أيضاً الأستاذ إبراهيم منير:
" صرح الشهيد أكثر من مرة وفى أكثر من موضع أن من رغب فى معرفة " .. إننا دعوة مهمتها بيان الحقائق للناس لا إصدار الأحكام عليهم. " (صـ 81 العبقرى العملاق)
(1/16)
ع) بل إن شقيقه الأستاذ محمد قطب يؤكد أنه سمعه اكثر من مرة يقول: " .. نحن لا نتعرض لقضية الحكم على الناس فضلاً عن كوننا دعوة ولسنا دولة، دعوة مهمتها بيان الحقائق للناس لا إصدار الأحكام عليهم.) صـ 80 كتاب العبقرى العملاق)
ل) أشاعوا عنه أنه يدعو إلى المرحلية فى الأخذ بالأحكام الشرعية، وأننا فى المرحلة المكية فنأخذ حكمها الشرعى من حيث وجوب الهجرة وعدم إلزامية الأحكام التى وردت بعد ذلك .. الخ وهذا لم يذهب إليه الشهيد من قريب أو بعيد، فهو لم يكن يتكلم عن المرحلية فى الأحكام الشرعية، وعندما سُئل هل نحن فى المجتمع المكى أم المجتمع المدنى، أجاب: " نحن فى سنة كذا وقد كمل الإسلام ولن ينقص." أ. هـ
وأما حديثه عن المرحلية فكان متعلقاً بالحركة الجهادية ووسائل الدعوة (من شهادة أ. صبرى عرفة - أحد قيادات 65)
مقالة الشيخ د. جاسم مهلهل الياسين
وهذه مقتطفات من مقالة الشيخ جاسم، يوضح فيها أن كلام الشهيد سيد قطب عن الجاهلية أحياناً يقصد به جاهلية السلوك والعمل، وأحياناً جاهلية الاعتقاد.
لقد عرّف الشهيد سيد قطب بوضوح أن المجتمعات الجاهلية، هى المجتمعات الغربية أو العلمانية التى تعتنقها كمبدأ أو تقوم على العقيدة الغربية غير الإسلامية فى المعتقد والتصور فضلاً عن السلوك والعمل، ثم تقدمها لنا كنموذج للعمل به كعقيدة، ولا مانع لديها من لصق بعض الأسماء والعناوين أو جزئية من السلوكيات الإسلامية عليها.
لكنه بالنسبة للأفراد فى هذه المجتمعات التى وصفها بالجاهلية لم يقصد الحكم عليهم بالجاهلية أو أنهم أصبحوا كافرين فكلٌ حسب ما يدين به ويعتقده.
كما ان مقصده فى الحاكمية هو ردّ أصل التشريع والمرجعية لله وأحكامه وليس منع الاجتهاد البشرى فى استنباط الأحكام واستخراج القوانين وممارسة السلطة ومواجهة المستجدات.
(1/17)
يقول الشيخ جاسم: " الأستاذ سيد قطب – يرحمه الله – رجل أديب له من أساليب البلاغة أطناب وتصوير قد يتسبب فى إيقاع ما ليس مقصوداً فى قلب القارئ، فيستدل بعبارته على غير وجهه، ولكن يجب أن يرد كلام الرجل بعضه إلى بعض حتى تتضح الصورة "
ويقول العالم الجليل الأستاذ أبو الحسن الندوى حينما سمع إعدام سيد قطب، وهى شهادة لها وزنها لأنها صادرة من عالم الهند الشهير: " إنها خسارة فادحة للدعوة الإسلامية، والعلم والأدب، والنقد ومأساة علمية ضخمة إن سيداً من أولئك الأفذاذ الذين يسعد بهم العالم الإسلامى، وهو فى الطراز الأول من صفوة الدعاة ورجال الفكر والأدب الذين تحظى بهم الأمم بعد فترات طويلة".
للشيخ سيد قطب منهج فكرى متميز فى الدفاع عن الإسلام، حيث تطور فكره من الدفاع إلى:
1 - بيان حقائق الإسلام،
2 - دراسة أحوال الأمة ومحاولة النهوض بها،
3 - كسر الانبهار بالحضارة الغربية،
4 - وبيان عوارها فى جميع المجالات،
5 - والتصدى للغزو الفكرى والتيارات المعاصرة.
وفى رد فضيلة الشيخ على بعض الشبهات يقول: " اقتطع من طعن فى سيد قطب جزءاً من كلامه فى الظلال فى عدة مواضع ومنها قوله: " إن الذين يفكرون فى النظام الإسلامى اليوم وتشكيلاته – أو يكتبون – يدخلون فى متاهة، ذلك أنهم يحاولون تطبيق قواعد النظام الإسلامى وأحكامه الفقهية المدونة، فى فراغ .. يحاولون تطبيقها فى هذا المجتمع الجاهلى القائم بتركيبته المنحرفة، وهذا المجتمع الجاهلى الحاضر يعتبر بالقياس إلى النظام الإسلامى وأحكامه الفقهية فراغاً لا يمكن أن يقوم فيه هذا النظام ولا ان تطبق فيه هذه الأحكام. إن تركيبه العضوى مناقض للمجتمع المسلم " أ. هـ من الظلال.
وللرد على ذلك نقول مستعينين بالله تعالى: للجاهلية أكثر من معنى وأكثر من مجال فى اللغة والشرع، ففى اللغة جاءت مادة جهل على ثلاثة معان:
الأول: وهو خلو النفس من العلم.
الثانى: اعتقاد الشيء بخلاف ماهو عليه.
(1/18)
والثالث: فعل الشيء بخلاف ما حقه أن يفعل، سواء اعتقد فيه اعتقاداً صحيحاً أو فاسداً.
أما الجاهلية فى الشرع، فيقصد بها:
أ - الجاهلية فى جانب العقيدة والوحدانية، ويدخل فى هذا النوع من اعتمد منهجاً فى الحكم مقابل إنكاره منهج الله تعالى وهو عالم بالتحريم، وهذا الفهم حدده الله تعالى فى قوله {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50]
ب - جاهلية ممارسة الحياة اليومية: كما ورد فى القرآن عن نهى نساء النبى صلى الله عليه وسلم عن أعمال الجاهلية: قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب 33]، فلم يزعم أحد ان من فعلت ذلك تُعدّ كافرة لأن الجاهلية المنهى عنها هنا جاهلية العمل – الممارسة – وليست جاهلية الاعتقاد.
ت - جاهلية المعصية: كقول النبى صلى الله عليه وسلم لأبى ذر " إنك إمرؤ فيك جاهلية"
ولم يقل أحد: إن أبا ذر رضى الله عنه قد كفر بهذا. فلو كانت الجاهلية هنا هى الكفر لحكم بردّته وطلب أستتابته رضى الله عنه.
وهذان الأخيران لا يكفر أصحابهما، فالجاهلية بالمعنيين الأخيرين ليس بكافر، وإنما هو عاص لأوامر إلهية محددة، بكلمة أخرى: مسلم عاص.
(1/19)
والحق أن لفظ "الجاهلية" ولفظ "جهل" ومشتقاته قد ورد فى القرآن الكريم فى مواضع كثيرة واختلفت معانيهما من موضع لآخر، وقد وردتا على لسان النبى صلى الله عليه وسلم ولم يقصد بهما الخروج من الملة أو الكفر الأكبر، وإنما قصد بهما كفر النعمة لقوله صلى الله عليه وسلم " إنى رأيت الجنة – أو أريت الجنة – فتناولت عنقوداً ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت النار فلم أر كاليوم منظراً أفظع، ورأيت أكثر أهلها النساء" قالوا: لم يا رسول الله؟ قال: "بكفرهن" قيل: يكفرن بالله؟ قال: "يكفرن العشير و يكفرن الإحسان، ولو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط"
ولا يمكن لعاقل أن يقول: إن النبى صلى الله عليه وسلم قال بتكفير النساء إن غضبن من أزواجهن او انكرن حسن العشرة.
إذن فلماذا حُمل كلام سيد قطب على الكفر الصريح مع أنه قول محتمل، وإن ظهر فيه تكفير فكان بضوابطه الشرعية؟.
وبعد هذا التوضيح لمصطلح الجاهلية، لنعد إلى الشيخ سيد قطب واستعمالاته لهذا المصطلح ومقصوده منه، يقول رحمه الله – فى كتابه "معالم فى الطريق" مانصه: " إن العالم يعيش اليوم كله فى جاهلية من ناحية الأصل الذى تنبثق منه مقومات الحياة وأنظمتها، جاهلية لا تخفف منها شيئاً هذه التيسيرات المادية الهائلة، وهذا الإبداع المادى الفائق.
هذه الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله فى الأرض وعلى أخص خصائص الألوهية .. وهى الحاكمية .. إنها تسند الحاكمية إلى البشر فتجعل بعضهم لبعض أرباباً ".
(1/20)
وهذه التعبيرات واضحة فى انه لا يقصد بها أفراد المسلمين، بل يقصد المصدر الذى يقنن للحياة. وفى موضع آخر يعرّف الشيخ سيد قطب المجتمع الجاهلى ويبين مقصوده منه – وهذا التعريف يندرج تحته كل ذكر لهذا المصطلح يأتى فى كتاباته، فيقول:" إن المجتمع الجاهلى هوكل مجتمع غير المجتمع المسلم، وإذا أردنا التحديد الموضوعى قلنا: إنه هو كل مجتمع لا يخلص عبوديته لله وحده، متمثلة هذه العبودية فى التصور الاعتقادى، وفى الشعائر التعبدية، وفى الشرائع القانونية.
وبهذا التعريف الموضوعى تدخل فى إطار "المجتمع الجاهلى" جميع المجتمعات القائمة اليوم فى الأرض فعلاً، تدخل فيه المجتمعات الشيوعية فى المجتمعات الوثنية، والمجتمعات اليهودية والنصرانية فى أرجاء الأرض جميعاً، وأخيراً يدخل فى إطار المجتمع الجاهلى تلك المجتمعات التى تزعم لنفسها أنها "مسلمة" أ. هـ. ثم يبين مقصوده من هذه المجتمعات فيقول: " وهذه المجتمعات بعضها يعلن صراحة "علمانيته" وعدم علاقته بالدين أصلاً. وبعضها يعلن أنه "يحترم الدين" ولكنه يخرج الدين من نظامه الاجتماعى أصلاً ".فهذا النص من كلام الشيخ سيد يؤيد أنه لا يصف بالكفر إلا المجتمعات التى يتبنى نظام الحكم فيها المناهج اللادينية المناهضة للإسلام، ويحمل الشعب على هذه العقيدة الفاسدة، ولهذا فالحكم على المجتمع إنما يراد به الحكم على هذه المناهج وعلى الأنظمة التى تفرضها، وليس حكماً على الشعب".وخلاصة القول: إن الشيخ سيد – يرحمه الله – قد حدد مقصده من الجاهلية بقوله " إنها تعنى العلمانية كمنهج فى التشريع وفى الحياة كلها، وتعنى كذلك كل ما وضعه البعض من قوانين من عند نفسه تخالف شرع الله وقال هذا شرع الله " أ. هـ.
(1/21)
كما نضيف لما ذكره الشيخ الدكتور جاسم، ما قاله الأستاذ سيد فى شرحه لآية سورة البقرة {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ {(276)}} [البقرة 276]
يعلق على ختام الآية {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ}: " وهذا التعقيب هنا قاطع فى اعتبار من يصرون على التعامل الربوى – بعد تحريمه – من الكفار الآثمين الذين لا يحبهم الله. وما من شك أن الذين يحلون ما حرم الله ينطبق عليهم وصف الكفر والإثم، ولو قالوا بألسنتهم ألف مرة: لا إله إلا الله محمد رسول الله ".
" فالإسلام ليس كلمة باللسان، إنما هو نظام حياة ومنهج عمل، وإنكار جزء منه كإنكار الكل .. وليس فى حرمة الربا شبهة وليس فى اعتباره حلالاً وإقامة الحياة على أساسه إلا الكفر والإثم والعياذ بالله" الظلال ج1 ـ 328
فالأستاذ سيد يتكلم هنا عمن يتعامل بالربا وهو يستحله فيتكلم عن الاستحلال والإصرار عليه، نرى ذلك فى كلماته " الذين يحلون ما حرم الله "، " يصرون على التعامل الربوى " ..
كما يتحدث عن الإنكار الكلى إو الإنكار الجزئى لشريعة الله سبحانه وتعالى، ومن ثم يطلق الأستاذ سيد الحكم الوارد فى الآية على أمثال هؤلاء.
وهو هنا موافق لرأى العلماء من أهل السنة، لأن إنكار معلوم من الدين بالضرورة أو استحلال ما حرم الله وإنكار حرمته يكون صاحبه كافراً.
وقد بين الإمام الطحاوى عدم التكفير بالذنب إلا بالاستحلال، فيقول " ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله، ولا نقول: لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله" شرح العقيدة الطحاوية صـ 316.
وبهذا يتضح من خلال كلمات الأستاذ سيد عندما يتكلم عن مثل ذلك فى كتاباته أنه يقصد الجحود والإنكار أو الاستحلال مع العلم بالحرمة والإصرار على ذلك.
(1/22)
كما أنه فى منهجه يتكلم عن الحكم العام دون تعين الفاعل أو تحديده أو إسقاط الحكم على شخص بعينه يشير إليه، وقد قال رحمه الله صراحة: " إن مهمتنا ليست إصدار الأحكام على الناس ولكن مهمتنا تعريفهم بحقيقة التحاكم إلى شريعة الله " (من أعلام الحركة الإسلامية لعبد اله العقيل ص، 652) وقد أجمل علماء الأزهر الأشياء التى تكون سبباً فى الكفر، وهو يتفق مع ما ذهب إليه الأستاذ سيد: وذلك فى "بيان للناس من الأزهر الشريف" الذى صدر عنهم .. ومما ذكروه فى هذا البيان: "الجحود والإنكار لعقائد الإسلام أو لما هو معلوم من الدين بالضرورة كوجوب الصلاة وحرمة القتل، ومثل استباحة محرم مجمع على تحريمه كالزنا والربا، وتحريم حلال أجمع على حله كتناول الطيبات .. كمشركى العرب الذين حرموا وحللوا ما لم ينزل الله به سلطاناً .. ثم ذكر العلماء أن الجحود أمر باطنى، ولذا فنحن لا نعرفه إلا بما يدل عليه ومن ذلك الإقرار باللسان أو الكتابة أو الإشارة الواضحة" (أنظر: بيان للناس من الأزهر الشريف 1/ 144 – 145)، (وراجع كتاب عقيدة سيد قطب للدكتور السيد عبد المقصود العاصى صـ 361 – 367)
سلوكه العملى مع المجتمع
قد تواترت عشرات الشهادات من الإخوان الذين عايشوه، ومن غيرهم، بشأن سلوكه العملى مع المجتمع الذى ادعى البعض أنه يكفره كان الشهيد يعيش مع الناس بصدر رحب وسماحة فائقة ومودة وحب يشع من كلماته وقلبه.
فى السجن كان هذا أسلوبه حيث مع ضغوطه وطول سنواته يسقط أى قناع أو تمثيل.
تؤكد الشهادات على أسلوبه مع المساجين الجنائيين وكيف كانوا يلجئون إليه فى حل مشاكلهم حتى أن مأمور السجن الذى كان فيه كان يلجأ إليه فى ذلك أو يحيلهم عليه .. (شهادة أ. طلعت الشناوي)
وحتى مع سجانيه الذين آذوه، كان رقيقاً مهذباً معهم، فهذا يطلب منه المساعدة المالية، وذاك يسأله النصيحة.
(1/23)
وحتى مع الذين اقتادوه لتنفيذ حكم الإعدام، لم يؤثر عنه كلمة نابية لأحد منهم أو معاملة فظة أو مقاطعة واستعلاء عليهم بل قابلهم بابتسامة هادئة ونفس مطمئنة.
كان رحمه الله يصلى الصلوات والجمعة فى مسجد السجن خلف الشيخ الأزهرى المعين من قبل الحكومة ولا يجد غضاضة فى ذلك، وكان الشيخ يدعو للحاكم بالبقاء (شهادة د. محمد بديع –ر اجع كتاب العبقرى العملاق للأستاذ إبراهيم منير)
فكيف يستقيم هذا مع إدعاء أنه يكفر:
يحكى أحد الإخوان أنه زاره فى بيته عام 1964 فوجد عنده زوج وزوجة وكانت الزوجة تلبس لباساً عادياً ليس مطابقاً للحجاب وكان يصلح بينهما ويساعد فى حل مشكلتهما حتى لا يحدث طلاق.
وعندما سأله أحد الإخوان عن فتاة يتزوجها، لم يقل له لا تتزوج من هذا المجتمع الجاهلى.
وعندما تكلم معه بعض الإخوان عن التوتر الطائفى فى صعيد مصر (والشهيد من مواليد إحدى قرى محافظة أسيوط) بين المسلمين والمسيحيين كان رحمه الله رافضاً لهذا التوتر داعيا ومؤكدا لوجوب حسن العلاقة معهم رافضا لأى إيذاء لهم (من شهادة د. محمد بديع)
ولم يقتصر وفاء ورقة مشاعر الشهيد على صلته بالبشر، بل تعداه إلى علاقته بكل ما حوله حتى الحيوانات، فلقد ألف نزلاء ليمان طرة، قطاً أعور تتقزز الأبدان لرؤيته، كان يأوى بالقرب من الأستاذ سيد قطب، يخصص له قسماً من طعامه، وكان يقول: " ليس من الوفاء أن نجافيه ونضيعه فى هرمه بعد طول صحبته لنا" (صـ 55 العبقرى العملاق)
فهذه الشهادات واضحة تماماً فى تأكيد رفضه للانعزال أو الإحساس بالكبر واحتقار الآخرين مهما كان فسادهم.
صموده وثباته على دعوته
ملف: Qutb3.jpg
الأستاذ سيد قطب
ومما تميز به رحمه الله، الثبات الشديد على دعوته والوفاء ببيعته وقد تعرض لصنوف التعذيب والضغط ومحاولات الاستدراج والإغواء، فرفض كل ذلك.
(1/24)
لقد عُرض عليه أكثر من مرة – وهو فى السجن – أن يكتب ورقة اعتذار لجمال عبد الناصر ليتم الإفراج عنه فرفض ذلك، واستخدموا أخته للضغط عليه بعد صدور حكم الإعدام لكى يفعل ذلك مقابل حياته، فرفض، بل وعند تنفيذ الحكم عُرض عليه ذلك فأبى، واعتبر رحمه الله أن تضحيته بنفسه هذه، أصغر وأقل مما يجب عليه تجاه دعوته.
عُرض عليه فى عام 1964 بعد الإفراج الصحى – نتيجة وساطة الرئيس العراقى عبد السلام عارف – أن يعمل فى العراق مستشاراً لوزارة التربية، فرفض مفضلاً البقاء فى مصر حاملاً للدعوة وهو يعرف ما سيناله أو يتعرض له.
ذهبوا إليه لكى يكتب مقالات فى إحدى الصحف الرسمية، مقابل المال، وبحجة الرد على الشيوعيين فرفض أن يستخدم من قبلهم لتحقيق أهداف لهم ... (راجع كتاب العبقرى العملاق للأستاذ إبراهيم منير)
وبعد قيام الثورة عام 1952، حاولوا استمالته تارة بالإغراء وتارة بالتهديد، لينحاز إليهم ضد قيادة الإخوان، فرفض ذلك بوضوح، ضارباً المثل فى الثبات والالتزام بالدعوة، رغم أن بعض الإخوان ممن كانوا أسبق منه استدرجوا وسقطوا فى هذه الزحلوقة.
كان قد بلغ به التعذيب إلى حد لم يعد قادرًا معه على النهوض فكانوا يحملونه إلى المحكمة العسكرية التى تنظر فى قضيته، وقد كشف عن صدره وظهره أمام المحكمة فظهر آثار الضرب الشديد بالسياط ونزفت رئتيه الكثير من الدماء، وربطوه فى كرسى لمدة 4 أيام دون طعام ودون السماح له بالنوم حتى يكون فى المحكمة فاقداً للتركيز وقتلوا ابن أخته (نفيسة قطب) وهو – رفعت بكر – أمامه وهم يعذبونه ... (راجع كتاب العبقرى العملاق صـ 44).
رغم مرضه الشديد فى السجن وما حدث له من تعذيب حتى أوشك على الموت كان الشهيد يقول لإخوانه .. " إذا حورب الدين فليس لأحد رخصة، وإذا حوربت الشريعة فلا يجوز لأحد أن يترخص، ثم العلماء أيضاً لا يجوز لهم أن يترخصوا بحال من الأحوال. " ... (صـ 30 كتاب العبقرى العملاق).
(1/25)
رجاه بعض إخوانه فى السجن ألا يطبع كتاب المعالم، حفاظاً على حياته حيث سيتربص به الشيوعيون، فرفض بإباء قائلاً: لابد أن يتم البلاغ وقد سأله إخوانه لماذا كنت صريحاً كل الصراحة فى المحكمة التى تملك عنقك؟ فقال: لأن التورية لا تجوز فى العقيدة ولأنه ليس للقائد ان يأخذ الرخص ... " صـ 5 كتاب العبقرى العملاق)
عندما كان فى زيارة للأردن عام 1953، طلب أن يتصل بالقاهرة وذلك لشوقه لسماع صوت الوالد المرشد، كما قال هو.
وقبل إعدامه بيوم أوصى أخته حميدة قطب فى الزيارة: " إن رأيت الوالد المرشد فبلغيه عنى السلام وقولى له: لقد تحمل سيد أقصى ما يستطيع حتى لا يصل فضيلتك أدنى سوء " أ. هـ.
حيث كان الجلادون يشتدون فى تعذيبه ليتكلم بأى شيء يدين الأستاذ الهضيبى ... (صـ 55 من كتاب العبقرى العملاق)
عرض عليه مجلس قيادة الثورة منصب وزير المعارف، ولكنه اعتذر، ورجوه أن يتولى منصب المدير العام للإذاعة فاعتذر.
ساوموه على أقل من مجرد الاعتذار، ولو بالمداهنة، بكتابة ولو برقية تهنئة لعبد الناصر فى أى مناسبة من المناسبات الكثيرة، فرفض فى إباء وشمم ... (ص 33 من كتاب العبقرى العملاق).
بعد خروجه من السجن طالبته الضرائب بمبلغ أربعون ألف جنيه، كضرائب مستحقة نظير كتبه، ثم بعدها ذهب إليه أحد كبار رجال المباحث وعرض عليه العمل كوكيل وزارة مع إعفائه من الضرائب المستحقة عليه، فاعتذر له من عدم قبول ذلك.
وعرضوا عليه إنشاء مجلة إسلامية يتولى رئاسة تحريرها، تابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامى التى كان يرأسها فى حينها أنور السادات، وكانوا يقصدون جره للعمل ومشاركتهم فيه والعمل تحت رايتهم فرفض كل ذلك لأنه كان يعرف مقصدهم ويقرأ ما وراء السطور ... (راجع كتاب العبقرى العملاق، ص ـ 33).
(1/26)
عندما علمت أخواته البنات بأن فضيلة المرشد كلفه بقيادة مجموعة الشباب عام 1964، أشفقوا عليه من الاعتقال مجدداً وهو فى مثل حالته الصحية، فرجاه بعضهن أن يعتذر للأستاذ المرشد، فكان رده حاسماً لهن: " لم أكن لأراجع الأستاذ المرشد فى تكليف كلفنى إياه ... " (صـ 36 من كتاب العبقرى العملاق)
وعندما أرسلوا أخته لتطالبه بالاعتذار نظير منع تنفيذ حكم الإعدام، كان رده عليها وعلى غيرها: عن أى شيء أعتذر؟ عن العمل مع الله؟ وقال للضابط الذى رجاه ذلك أيضاً: إن أصبع السبابة الذى يشهد لله بالوحدانية فى الصلاة ليرفض أن يكتب حرفاً يقر به حكم طاغية".
" لماذا استرحم؟ إن سجنت بحق فأنا أقبل حكم الحق، وإن سجنت بباطل فأنا أكبر من أن أسترحم الباطل " ... (صـ 41 العبقرالعملاق).
انتمى الأستاذ سيد لدعوة الإخوان المسلمين سنة 1951، وكان يعبر عن هذا بأعمق تعبير قائلاً: " ولدت سنة 1951 م) ... (صـ14 كتاب العبقرى العملاق).
نقرأ كلماته فى محاضر التحقيق فى 1965، فنجد النفسية القوية والهدوء الواثق وكيف يحول صفحات التحقيق إلى توضيح لدعوته وتوجيه للأمة ولمن يعملون للإسلام، ويواجه الحكم عليه بابتسامة هادئة وبشهادة فى سبيل الله تمنى أن ينالها.
كان الشهيد رحمه الله شديد الالتزام بمنهج الإخوان منبهراً بالإمام الشهيد، رغم أنه لم يلتق به، وكتب فيه مقالة عن عبقرية البناء. وكان شديد الاعتزاز والاحترام لقيادة الإخوان متمثلة فى مرشدهم الأستاذ الهضيبى يخاطبه ويذكره دائماً بالأستاذ الوالد.
وقد استأذنه فى توليه قيادة وتربية مجموعة الشباب عام 1965، وغياب هذه المعلومة عن بعض الإخوان، (وقد أكدها فضيلة الأستاذ الهضيبى نفسه وغيره من الثقات من الإخوان) جعلت هذا البعض يظن غير ذلك.
(1/27)
وقبل أن يساق الشهيد لتنفيذ حكم الإعدام فيه – وقد فهم ذلك – حتى طرق باب أحد الزنازين وأبلغ الأخ فيها أن يبلغ الأستاذ الوالد أنه على العهد باق وأنه يجدد بيعته وأنه لم يكفر أحداً (وكان هذا الأخ هو الأستاذ مأمون الهضيبى) (راجع كتاب العبقرى العملاق – وشهادة أ. جمعة أمين)
كان يقول لإخوانه داخل السجن، لقد اختط الإمام الشهيد حسن البنا نهراً واسعاً وطريقاً واضحة للحركة والدعوة الإسلامية وعلى كل من يأتى بعده أن يصب فى ذلك النهر وأن يدعمه، لا أن يشتق أو يختط له مساراً آخر (شهادة أ. طلعت الشناوى وقد التقى بالشهيد وحاوره داخل السجن)
رؤيته بالنسبة للإصلاح الجزئى
على المستوى الفردى كان رحمه الله، يقوم بذلك من حل للمشاكل وإعانة للآخرين فى المجتمع، بل ويشجع على ذلك.
أما بالنسبة للجماعة فكان يرى ألا تشغل نفسها بتقديم برامج الإصلاح للمجتمع وتفاصيلها فى رؤية الإسلام أو ننشغل بالرد على من يسأل عن رأى الإسلام وكيف يحل هذه المشاكل، لأنهم من وجهة نظره يسألون ليس للتطبيق وإنما للمجادلة، وحتى لا تضيع الجماعة وقتها لأن الأولوية عندها فى تفهيم الناس وتربيتهم على أصل العقيدة ولأن المجتمع غير جاهز لتطبيق ما سيعرض عليه، وكان هذا الفهم عنده متأثراً بأن أغلب الجماعة داخل السجن لسنوات طويلة ولا منفذ لديها بالمجتمع والذى تحاول فيه الدولة إقصاؤهم عنه.
وتعتبر هذه النقطة الفرعية فى كلمات الشهيد هى التى اختلف فيها مع منهج الإمام البنا، ولو تغيرت الظروف التى أحاطت به أو راجعه أحد فيها لذهب إلى غير ذلك، حيث أن دعوة الإخوان تجمع بين رؤية الإصلاح الكلى الشامل، وبين منهجية الإصلاح الجزئى، وأنه رغم أن الحكومة لا تستجيب لمطالب الإصلاح وبرامجه المقدمة من الجماعة إلا أنها ستواصل ذلك توضيحاً للإسلام وإبلاغاً للدعوة وإقامة للحجة وتفاعلاً مع الأحداث والمواقف.
(1/28)
وأما بشأن ترقيع المجتمع الجاهلى بما فيه من أفكار وقيم جاهلية منحرفة عن قيم الإسلام، فهذا كان الشهيد سيد قطب يرفضه بوضوح، وكان يقصد بهذا أن نأتي إلى القيم المنحرفة عن الإسلام فنضيف إليها جزئية من قيم الإسلام، ثم نقبل بها بعد هذا الترقيع كحلٍّ وسط؛ لكي نلتقي معها في منتصف الطريق، وما ذهب إليه الشهيد بهذا المعنى هو من بديهيات الإسلام.
وما حدث من لبس عند البعض في هذا الشأن كان بخصوص كلمة "المجتمع" وعدم التبيُّن في أنه هل يقصد بها الناس وأحوالهم أم القيم والأفكار والمبادئ؟
ولم يمنع الشهيد الاستفادة الفعلية من شتى العلوم والحكمة من أي جهة؛ ما دامت ستوظَّف لصالح الأمة وتصطبغ بصبغتها الإسلامية وتكون داعمةً لها.
شهادات لبعض العلماء (وهى نماذج كعينة فقط)
1) من أقوال الأستاذ حسن الهضيبي عن الشهيد سيد قطب عندما انضم إلى الإخوان: " إن سيد قطب هو الأمل المرتجى لهذه الدعوة إن شاء الله " (صـ149 كتاب العبقرى العملاق)
2) شهادة عبد الله بن جبرين عن حسن البنا وسيد قطب (فى 26/ 2/1417 هـ)
" إن سيد قطب وحسن البنا من علماء المسلمين ومن أهل الدعوة وقد نفع الله بهما وهدى بدعوتهما خلقاً كثيراً ولهما جهود لا تنكر ولأجل ذلك شفع الشيخ عبد العزيز بن باز فى سيد قطب عندما قُرر عليه القتل، وتلطف فى الشفاعة فلم يقبل شفاعته الرئيس جمال عليه من الله ما يستحقه .. ولما قتل كل منهما أطلق على كل واحد أنه شهيد لأنه قتل ظلماً. وشهد بذلك الخاص والعام ونشر ذلك فى الصحف والكتب بدون إنكار ثم تلقى العلماء كتبهما ونفع الله فيها " (صـ 115كتاب العبقرى العملاق) 3) ردّ فضيلة العالم المحقق بكر أبو زيد على الاتهامات (أو الافتراءات) التى ساقها الشيخ ربيع بن هادى مدخلى بإدعائه أن الأستاذ سيد قطب يذهب إلى فكرة وحدة الوجود، وينادى بخلق القرآن، ويرى أن للبشر حقاً فى التشريع مع الله، وهى اتهامات لا أصل لها.
(1/29)
ففى الظلال فى تفسير سورة البقرة آية 116، 117، يقول الأستاذ سيد:" ومن هنا تنتفى من التفكير الإسلامى الصحيح فكرة وحدة الوجود. " إ. هـ. وفى كتابه مقومات التصور الإسلامى رداً شافياً على القائلين بوحدة الوجود.
ويقول فضيلة العالم بكر أبو زيد فى شهادته عندما طالع كتب الأستاذ سيد: " فوجدت فى كتبه خيراً كثيراً وإيماناً مشرقاً وحقاً أبلجاً وتشريحاً فاضحاً لمخططات العداء للإسلام". أ. هـ.4) نذكر هنا ما قاله الشيخ الألبانى فى حق الأستاذ سيد قطب: " إن كتابات قطب عليها نور وعلم ويكفى أنه قتله أعداء الإسلام. " إ. هـ
أما بعد: هل الدفاع عن العلماء المجاهدين وإنزالهم منازلهم أمر منكر خارج عن الدين أم هو من هدى الإسلام وأدبه.
وأين هى مظاهر التقديس المزعومة؟ لو سألت أحداً من الإخوان أين قبر الإمام الشهيد أو الشهيد سيد قطب لما أجابك غالبيتهم، وكم منهم يزوروه، لما وجد إجابة من أحد، وأين هذه العصمة ونحن نقول كل إنسان يؤخذ من كلامه ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأين هذه الموالد والطقوس التى يقيمونها فى ذكراهم او حتى الهتاف بأسمائهم مثلما يفعل غيرهم.
أما إذا دافع الإخوان عن علماء الإسلام وشهداءهم، وإذا ذكّروا الناس بمواقف الدعوة والتضحية وبكلمات الخير والنور، يكون ذلك تقديساً منهم؟ أم انه التحامل والافتراء؟
- وقد يسأل البعض هل نحن بحاجة إلى مثل كتابات الشهيد سيد قطب فى هذه المرحلة الآن؟ الإجابة القاطعة تكون بنعم حيث ما زالت الأئمة تواجه حملة شرسة ضد قيم الإسلام، وتواجه محاولات من قوى عالمية للسيطرة عليها واحتوائها، وفى ظل عولمة الإعلام ووصوله بكل الأفكار والشبهات إلى الجميع تقريباً يصبح التحصين ضدها والقوة فى الدفاع عن قيم وأحكام الإسلام والتميز بها أمراً لازماً وهو ما تقدمه كتابات الشهيد وغيره من العلماء المجاهدين وبالتالى يجب الاستفادة من كتابات الشهيد فى ظل الضوابط التى أشرنا إليها.
(1/30)
بشأن توليه القيادة وتوجيه مجموعة 65
هل كان قيامه رحمه الله بالإشراف على تربية وتنظيم وتوجيه شباب الدعوة فى 65، يعتبر خطأ حركياً وخارج عن سياسة الجماعة، أو سبب لها ضرراً وانتكاسة؟
إن من يقول هذا الكلام لم يفهم دعوة الإخوان، ولم يعرف قواعد الإسلام ومبادئه فمقياس الخطأ والصواب أو الضرر والفائدة لا يكون بالهوى الشخصى وإنما بالرجوع لأحكام الشرع ومبادئ الدعوة إلى الله. إن العمل والدعوة للإسلام فى مناخ مناوئ له فريضة لازمة، وسيكون له تضحيات كالقابض على الجمر، وأن هذا هو واجب الدعاة وورثة الأنبياء مهما لاقوا من أذى.
فما قام به الشهيد ومن معه من شباب هو أداءٌ لواجب الدعوة وللأهداف التى آمنوا بها وبايعوا عليها. إن قبوله قيادة الشباب فى هذه الفترة، وهو حديث الخروج من السجن يعانى من الحالة الصحية وضيق المورد المالى، وذلك كى يربيهم على الإسلام ويبعد بهم عن طريق العنف والانتقام – وقد أفادوا جميعاً بذلك كان هذا يمثل قمة فى الثبات والتضحية وكسرًا لحاجز الخوف.
كما أن حركتهم هذه - وإن لم تشمل جميع الإخوان- حيث كانت فى بدايتها إلا أنها كانت فى إطار المؤسسية وتحت علم قيادة الجماعة وموافقتها وما شهادة بعض أفراد الجماعة بعكس ذلك، إما لعدم علمه أو لخلطه فى الأمر بين منع القيادة أى تجمعات للشباب تنتهج منهج العنف أوتسعى لرفع السلاح، وبين تأييدها للقيام بالتربية وحمل الدعوة.
كما أن قيام هذه الفئة المؤمنة وإقدامها على الحركة بالدعوة والتجميع والتربية، وأمامهم مناخ السجون والاعتقالات والتعذيب من نظام طاغٍ لا يعرف قانوناً، كان فى ذاته يشكل انتصاراً معنوياً للإيمان والعقيدة التى ارتفعت وتسامت فوق كل ذلك وتجاوزت الخوف مما سيحدث لها من بطش.
(1/31)
كما أن هذه الحركة المباركة لشباب 65، كانت رداً عملياً على بطش النظام وأنه لم يستطع أن يخضع الجماعة أو يرعب أبناءها أو يوقف مسار دعوتها، وكانت صوتاً معارضاً قوياً لهذا النظام فى حين سكت الجميع وخضعوا له مما أحرق كبد النظام غيظاً، فكان بحق مفخرة فى تاريخ دعوة الإخوان المسلمين – ونذكر عندما ذهب أحد الإخوان للأستاذ الهضيبى وقتها – يشتكى من حركة هذا الشباب بالدعوة والتجمع قال له أوليس قعودك عن الدعوة والعمل لها إضراراً لها (من شهادة الدكتور محمد بديع)
هل الشهيد يمثل مشروعا مستقلا أو موازياً؟
لم يقصد الأستاذ سيد قطب بكتاباته أن يقدم مشروعا مستقلا أو موازيا، وإنما كان ملتزما بالمشروع الإسلامى، والمنهج الدعوى الذى أرسى معالمه الإمام البنا، فقد ركز بأسلوبه على بعض المحاور خاصة فى مجال تميز القيم والمفاهيم الإسلامية فى مواجهة القيم الغربية، مما كان يناسب الظروف الضاغطة التى أحاطت بالدعوة فى تلك الفترة ومازالت، فكان كما قال يصب بجهده وفكره فى دعم هذا المشروع.
لم يكن الشهيد صاحب رؤية خاصة به أو تيار فكرى مخالف لمنهج الإمام الشهيد العملى والفكرى، بل كان ملتزماً حريصاً على ذلك الانتماء وتلك البيعة، وبالتالى فإن إطلاق اسمه ونسبته لمجموعة من الأفكار والأطروحات تدور حول التكفير والانعزال والتشدد والعنف لهو مخالف للحقيقة مجانب للصواب، واعتداء على فكر الشهيد رحمه الله لم يكن ليرضى به حياً أو ميتاً.
وإن ظهور لفظ "القطبيين" كان ضمن الحملة ضد التيار الإسلامى لتشويه صورته ووراءه دوافع أمنية تحاول أن تزرع الخلل فى صفوف الدعوة.
(1/32)
إن من يدعون ذلك لا يستندون إلى أى أصل أو دليل إلا التوهم والظن لفكرة نشأت فى عقولهم هم. فهذه أقواله وكلماته منذ التزم بالدعوة حتى آخر يوم فى حياته تعلن الالتزام بدعوة الإخوان والتمسك ببيعته، ولم يكتب حرفا أو يصرح بكلمة أنه صاحب مشروع آخر مستقل .. وهذه شهادات من عاشوا معه واختلطوا به تقطع بغير ذلك التوهم.
بل إن التحليل العلمى لكتاباته تشير إلى أنها ليست مشروعا وإنما توضيح وتأصيل لقيم ومناهج ومواقف تخدم القضية الإسلامية وتعمق المشروع الإسلامى الأساسى.
إن أى مشروع لابد أن يحدد فيه بوضوح منطلقاته وأهدافه ومراحله ووسائله الأساسية، وذلك حتى نستطيع أن نقول ونشير إليه كمشروع مثلما فعل الإمام الشهيد وكتب ووضح، فهل هذا موجود فيما كتبه الشهيد سيد قطب، وهل فيما كتب استقلالا فى الرؤية، أو مخالفة فى التصور عما دعا إليه الإمام الشهيد، حتى نقول وندعى أن له مشروعا مستقلا.
خاتمة
نعيد الإشارة أن دعوة الإخوان ومنهجها وكذلك الشهيد سيد قطب وعطاءه وفكره، ليست بحاجة إلى رد أو دفاع ولكنها تذكرة ووقفة مع معانى الحق، ونحن لا نرفع أحداً إلى مرتبة القداسة، وكل إنسان يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم وميزان الأمر هو أحكام الشرع وقواعده.
لقد شهدت كتابت الشهيد انتشاراً واسعاً وتأثر بها كثير من أفراد وحركات التيار الإسلامى وحركات المقاومة ضد الاستعمار.
لهذا كان أعداء الإسلام حريصين أن يحدثوا الهزيمة النفسية وترسيخ قيمهم الغربية داخل الشخصية المسلمة، ليتمكنوا من السيطرة عليها من داخلها ثم السيطرة على أرض الواقع وميدان المعركة.
(1/33)
لقد وجدوا أن كتابات الشهيد تتميز بالرفض الشديد لهذه القيم التى يحملها المشروع الغربى والمفاصلة الكاملة معه كما أن محاولتهم للقضاء على الإسلام المقاوم الذى يتصدى لهيمنتهم شملت أن يضربوا جذور هذا الفكر وأن يضربوا معنى الجهاد، ويغيروا مدلوله لتضعف المقاومة وتخضع الشعوب لسلطانهم وسيطرتهم، إننا جميعا يوم القيامة سنقف بين يدى الله الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، لتظهر الحقائق ويحاسب كل فرد على موقفه وكلماته وعمله.
والله يهدى إلى سواء السبيل؛
تنبيه الطيبين الاخيار الى ان ما نسب لسيد قطب فيه ماهو تقويل للرجل ما لم يقل ولم يخطر بباله بل مجرد زور وبهتان
على بركة الله نبدا في ايراد الشبهة ونرد عليها بعيدا عن اسلوب التجريح و القدح مع التنبيه اني لا استعمل اسلوب النسخ و اللصق انما انقل الكلام من المصدر :
اخواني الكرام :
التهمة الاولى :
تهمة وحدة الوجود الكفرية والرد عليها:
ما المقصود بعقيدة وحدة الوجود الكفرية:
يقول إبن القيم :قول أهل اللحاد القائلين بوحدة الوجود أنه ما ثم وجود قديم ووجود حادث مخلوق بل وجود هدا العالم هو عين وجود الله و هو حقيقة وجود هذا العالم ،فليس عند القوم رب و عبد و لا ملك و مملوك و لا راحم و لا مرحوم ولا عابد ولامعبود بل الرب هو نفس العبد و حقيقته و الملك هو عين المملوك و الراحم هو عين المرحوم و العابد هو نفس المعبود و إنما التغاير أمر إعتباري بحسب مظاهر الذات و تجلياتها...مدارج السالكين 1-60_61.
فهل يعقل ان يقول سيد قطب بهذه العقيدة الباطلة :
الرد الصريح الذي لا يقبل لا جدال ولا تاويل ولا مماحكة :
يقول سيد قطب :
و هذه صفة أخرى من صفات الله توضح مقام الأولوهية و مقام العبودية فالعبيد جميعا في حضرة الألوهية يقفون موقف العبودية و لا يتعدونه و لا يتجاوزونه في ظل هذه الحقيقة تبدوا سائر التصورات المنحرفة للذين جاؤوا من بعد الرسل فخلطوا بين حقيقة الأولوهية و حقيقة العبودية فزعموا الله خليطا يمازجه أو . يشاركه بالبنوة أو بغيرها في أي شكل و في اي تصور . . و هذه هي النصاعة التي يتميز بها التصور الإسلامي فلا تدع مجالا لتلبيس أو إهتزاز في الرؤية الأولوهية أولوهية و العبودية عبودية و لا مجال لإلتقاء طبيعتيهما أدنى إلتقاء و الرب رب و العبد عبد و لا مجال لمشاركة في طبيعتيهما و لا إلتقاء
1/288 الظلال.
وقال ايضا :
يقوم التصور على الأساس أن هناك ألوهية و عبودية ،ألوهية يتفرد بها الله سبحانه و عبودية يشترك فيها كل ما عداه و كما يتفرد الله سبحانه بالألوهية يتفرد و كذلك يتفرد تبعا لذلك بكل خصائص الألولهية كما يشترك كل حي و كل شئ بعد ذلك في العبودية كذلك يتجرد كل حي و كل شئ من خصائص الألوهية فهناك إذن وجودان متميزان ،وجود الله ووجود كل ما عداه من عبيد الله و العلاقة بين الوجودين هي علاقة الخالق بالمخلوق.
كتابه خصائص التصور الإسلامي الإسلامي155 و أنظر كذلك ص ص215
و قال أيضا . . . الوهية و عبودية . . و لا شئ غير هذه الحقيقة و لا قاعدة إلا هذه القاعدة و لاصلة إلا صلة الألوهية بالعبودية و صلة العبودية بالآلوهية و لا تستقيم تصورات الناس كما لاتستقيم حياتهم إلا بتمحيض هذه الحقيقة من كل غبش و من كل شبهة و من كل ظل أجل لا تستقيم تصورات الناس و لا تستقر مشاعرهم إلا حين يستيقضون حقيقة الصلة بينهم و بين ربهم هو إله وهم عبيده هو خالق و هم مخاليق هو مالك و هم مماليك و هم كلهم سواء في هذه الصلة لا بنوة لأحد و لا إمتزاج بأحد .
في ظلال القرآن 2/818- 819
و يقول أيضا و النظرية الإسلامية أن الخلق غير الخالق و أن الخالق ليس كمثله شئ و من هنا تتنتفي من التصور الإسلامي فكرة وحدة الوجود على ما يفهمه غير المسلم من هذا الإصطلاح أي بمعنى أن الوجود و خالقه وحدة واحدة أو أن الوجود هو إشعاع ذاتي من الخالق أو أن هذا الوجود هو الصورة المرئية لموجده.
1/106 الظلال
الخاتمة:
كلام الصريح في نقض وحدة الوجود من الطبعة المنقحة و ليس من الطبعة الأولى بمعنى بعد تفسيبر سيد لسورة الحديد و الإخلاص التي كثيرا ما فهم منها ان سيد يقول بوحدة الوجود فها نحن اتينا بكلام صريح.
الرد على الشبهة الثانية :
وهي اتهام سيد بالقول بعقيدة خلق القران المنحرفة:
يقول سيد رحمه الله ردا على المعتزلة : فالقران وحي الله وكلامه .
يبين سيد قطب الاسباب التي جعلت المعتزلة يصلون الى تعطيل صفات الله فيقول "انما تابع المعتزلة منطق ارسطو الذهني وتجريدات افلوطين الموهمة ولم يتابعوا المنهج القراني وهو المنهج الاصيل". ا " ثم يعاتب المعتزلة لقولهم بخلق القران قائلا "وكذالك فعلوا فيما عرف في التاريخ الاسلامي بعنوان"فتنة خلق القران"لئلا يكون القران قديما فيتعدد القدماء والبحث على هذا النحو بجملته غريب على الفكر الاسلامي فالقران وحي الله وكلامه . ثم يقرر سيد قطب عقيدة اهل السنة والجماعة قائلا "ان لله-سبحانه-صفاته او اسماءه الحسنى ولكن البشر لا يملكون ادراك "كيفية هذه الصفات" فهو سبحانه سميع يسمع بصير يرى عليم يعلم ..لكن البشر لا يدركون كيفية شىء من ذلك بالقياس اليه سبحانه .فالله ليس كمثله شىء فلا يدرك البشر اذن صفاته ولا كيفيات افعاله .........."
هذا كلام سيد منقول من كتابه مقومات التصور الاسلامي -طبعة دار الشروق الطبعة الخامسة ص278 -279 وانظر كذالك ص46 وما بعدها.
الخلاصة فهل بعد هذا الكلام كلام ايها الاخوة الكرام .
كيف فسر سيد ايات الاستواء :
تفسير سيد للاستواء من الطبعة المنقحة.
اما الاستواء فقد ذهب في الطبعة الاولى من الظلال على انه كناية عن الهيمنة والاستعلاء وليس الاستيلاء لكنه في الطبعة المنقحة رجع سيد قطب الى تقرير مذهب اهل السنة والجماعة .
تامل اخي القارىء تفسير سيد لاول اية تتحدث عن الاستواء وهي الاية الوارد ة في سورة الاعراف يقول رحمه الله بعد ذكر هذه الاية "إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام , ثم استوى على العرش , يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً , والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره . ألا له الخلق والأمر . تبارك الله رب العالمين). .
إن عقيدة التوحيد الإسلامية , لا تدع مجالاً لأي تصور بشري عن ذات الله سبحانه ; ولا عن كيفيات أفعاله . . فالله سبحانه ليس كمثله شيء . . ومن ثم لا مجال للتصور البشري لينشىء صورة عن ذات الله . فكل التصورات البشرية إنما تنشأ في حدود المحيط الذي يستخلصه العقل البشري مما حوله من أشياء . فإذا كان الله - سبحانه - ليس كمثله شيء , توقف التصور البشري إطلاقاً عن إنشاء صورة معينة لذاته تعالى . ومتى توقف عن إنشاء صورة معينة لذاته العلية فإنه يتوقف تبعاً لذلك عن تصور كيفيات أفعاله جميعاً . ولم يبق أمامه إلا مجال تدبر آثار هذه الأفعال في الوجود من حوله . . وهذا هو مجاله . .
ومن ثم تصبح أسئلة كهذه:كيف خلق الله السماوات والأرض ? كيف استوى على العرش ? كيف هذا العرش الذي استوى عليه الله سبحانه ?! . . . تصبح هذه الأسئلة وأمثالها لغوا يخالف توجيهها قاعدة الاعتقاد الإسلامي . أما الإجابة عليها فهي اللغو الأشد الذي لا يزاوله من يدرك تلك القاعدة ابتداء ! ولقد خاضت الطوائف - مع الأسف - في هذه المسائل خوضاً شديداً في تاريخ الفكر الإسلامي , بالعدوى الوافدة على هذا الفكر من الفلسفة الإغريقية "
الظلال 3/1296
الظلال الطبعة المنقحة. هذا كلام سيد والبعض يريد اخفاءه ويذهبون الي الطبعة الاولي ويدلسون على الشباب للاسف .
يقول الشيخ المدخلي ان سيد ينكر نزول عيسى عليه السلام:
الرد :
احاديث نزول عيسى عليه السلام
فتفضل اخي المسلم هذه الاحاديث من الظلال ."يقول سيد قطب "وقد وردت احاديث شتى عن نزول عيسى عليه السلام فبل الساعة ........ثم يذكر رحمه الله بعض تللك الاحاديث منها هذا الحديث "عن ابي هريرة رضي اله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده ليوشكن ان ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله احد حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها " اخرجه البخارى ومسلم .ويذكر احاديث اخرى كلها صحيحة تشير كلها الى نزول عيسى عليه السلام .
انظر الصفحة3198-3199 المجلد الخامس.من الظلال.
بدون تعليق اخي ولك الحكم .
تهمة تكفير المسلمين المبنية اصلا على مسالة عدم العذر بالجهل التي هي من عقيدة اهل السنة و الجماعة :
مذهب أهل السنة وسط بين من يقول: لا نكفر من أهل القبلة أحداً، وبين من يكفر المسلم بكل ذنب دون النظر إلى توفر شروط التكفير وانتفاء موانعه، ويتلخص مذهب أهل السنة في أنهم يطلقون التكفير على العموم مثل قولهم: من استحل ما هو معلوم من الدين بالضرورة كفر، او فعل كذا كفر /طبعا من الاعمال الكفرية/ ... ولكن تحقق التكفير على المعين لابد له من توفر شروط، وانتفاء موانع، فلا يكون جاهلاً ولا متأولاً ولا مكرهاً.. الخ.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه – رحمه الله -: " فقد يكون الفعل أو المقالة كفراً، ويطلق القول بتكفير من قال تلك المقالة، أو فعل ذلك الفعل، ويقال: من قال كذا، فهو كافر، أو من فعل ذلك، فهو كافر. لكن الشخص المعين الذي قال ذلك القول أو فعل ذلك الفعل لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها. وهذا الأمر مطرد في نصوص الوعيد عند أهل السنة والجماعة، فلا يشهد على معين من أهل القبلة بأنه من أهل النار، لجواز أن لا يلحقه، لفوات شرط أو لثبوت مانع":مجموع الفتاوي 35/165
اقوال ثابتة لسيد قطب في مسالة العذر بالجهل :
فتامل يرحمك الله :
قال تعالى :
«وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ» ..
فكل من بلغه هذا القرآن من الناس، بلغة يفهمها، ويحصل منها محتواه، فقد قامت عليه الحجة به، وبلغه الإنذار، وحق عليه العذاب، إن كذب بعد البلاغ.. (فأما من يحول عدم فهمه للغة القرآن دون فهمه لفحواه، فلا تقوم عليه الحجة به ويبقى إثمه على أهل هذا الدين الذين لم يبلغوه بلغته التي يفهم بها مضمون هذه الشهادة.. هذا إذا كان مضمون القرآن لم يترجم إلى لغته) ..
فالعقل قد يضل تحت ضغط الشهوات- وعلى الرغم مما في كتاب الكون المفتوح من آيات- فقد تتعطل أجهزة الاستقبال كلها في الكيان البشري.
لقد ناط بالرسل والرسالات مهمة استنقاذ الفطرة من الركام، واستنقاذ العقل من الانحراف، واستنقاذ البصائر والحواس من الانطماس. وجعل العذاب مرهونا بالتكذيب والكفر بعد البلاغ والإنذار.
وهذه الحقيقة كما أنها تصور رحمة الله بهذا الإنسان وفضله، كذلك تصور قيمة المدارك البشرية من فطرة وعقل وتقرر أنها- وحدها- لا تعصم من الضلال، ولا تهدي إلى يقين، ولا تصبر على ضغط الشهوات..
ما لم تسا ندها العقيدة وما لم يضبطها الدين .
يراجع بتوسع تفسير قوله تعالى: «رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ» في الجزء السادس من الظلال:ص 806- 812.
وقال ايضا :
فلم يكتب عليه عقاباً إلا بعد الرسالة والبيان.. الظلال2/811
وقال ايضا:
لما علم الله- سبحانه- هذا شاءت حكمته وشاءت رحمته أن يبعث للناس بالرسل، وألا يؤاخذ الناس إلا بعد الرسالة والتبليغ: «وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا» .. وهذه تكاد تكون إحدى البديهيات التي تبرز من هذا النص القرآني.. فإن لم تكن بديهية فهي إحدى المقتضيات الحتمية..
إذن.. ما هي وظيفة هذا العقل البشري وما هو دوره في قضية الإيمان والهدى وفي قضية منهج الحياة ونظامها؟
إن دور هذا العقل أن يتلقى عن الرسالة ووظيفته أن يفهم ما يتلقاه عن الرسول. ومهمة الرسول أن يبلغ، ويبين، ويستنقذ الفطرة الإنسانية مما يرين عليها من الركام. وينبه العقل الإنساني إلى تدبر دلائل الهدى وموحيات الإيمان في الأنفس والآفاق وأن يرسم له منهج التلقي الصحيح: الظلال2/806.
وقال ايضا :
وصاحب الدعوة لا يكون قد بلغ عن الله ولا يكون قد أقام الحجة لله على الناس، إلا إذا أبلغهم حقيقة الدعوة كاملة ووصف لهم ما هم عليه كما هو في حقيقته، بلا مجاملة ولا مداهنة. .الظلال
وقد شاءت رحمة الله ألا يأخذ الإنسان بالآيات الكونية المبثوثة في صفحات الوجود، وألا يأخذه بعهد الفطرة الذي أخذه على بني آدم في ظهور آبائهم «1» ، إنما يرسل إليهم الرسل منذرين ومذكرين: «وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا» وهي رحمة من الله أن يعذر إلى العباد قبل أن يأخذهم بالعذاب. الظلال 2217/4 فإن الله لا يعذب أحدا حتى تبلغه الرسالة ثم يكفر عن بينة ويهلك بلا حجة ولا معذرة! الظلال 2975/5.
اتهم سيد بانه يطعن في الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه :
تامل اخي رد سيد على المفسر الزمخشري ودفاعه عن عثمان رضي الله عنه :
«الَّذِي تَوَلَّى، وَأَعْطى قَلِيلًا وَأَكْدى» .. الذي يعجّب الله من أمره الغريب، تذكر بعض الروايات أنه فرد معين مقصود، أنفق قليلا في سبيل الله، ثم انقطع عن البذل خوفا من الفقر. ويحدد الزمخشري في تفسيره «الكشاف» شخصه، أنه عثمان بن عفان- رضي الله عنه- ويذكر في ذلك قصة، لا يستند فيها إلى شيء، ولا يقبلها من يعرف عثمان- رضي الله عنه- وطبيعته وبذله الكثير الطويل في سبيل الله بلا توقف وبلا حساب كذلك وعقيدته في الله وتصوره لتبعة العمل وفرديته...
.....وهي رواية ظاهرة البطلان فما هكذا يتصور عثمان!
الظلال :3414/6
و تامل :
مدح سيد لعثمان رضي الله عنه :
وكان في مقدمة المنفقين المحتسبين، عثمان بن عفان- رضي الله عنه- فأنفق نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها.. قال ابن هشام: فحدثني من أثق به أن عثمان أنفق في جيش العسرة في غزوة تبوك ألف دينار، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «اللهم ارض عن عثمان فإني عنه راض» .3/1723
وللمزيد ارجع لكتاب معالم في الطريق فصل جيل قراني فريد .
توضيح لراي سيد قطب حول مسالة الجاهلية وبيان ان الاستدلال بكلامه كان مبتورا او في غير محله او تنقصه الامانة العلمية في النقل:
تحدث سيد كثيرا عن الجاهلية حتى انه اتهم بانه يكفر المسلمين قاطبة على مر الدهور والعصور ونشروا ذلك على الناس و من هنا لا يجلسون مجلس الا ويحذرون من كتبه .
ان سيد استعمل كثيرا مصطلح الجاهلية في الظلال ومعالم في الطريق فما معنى الجاهلية / قال الحافظ : والجاهلية كضلال والعصيان والفسوق والظلم استعملت في القران والاحاديث الصحيحة وتعني الخروج عن احكام الدين ذلك الخروج الذي لايبلغ حد الخروج عن الملة واحيانا يبلغ حد الجروج عن والردة عن الاسلام قال عليه الصلاة والسلام لاابي ذر الغفاري رضي الله عنه *انك امرؤ فيك جاهلية * ويعلق البخاري الذي اورد هذا الحديث يقول : المعاصي من امر الجاهلية و لايكفر صاحبها الا بالشرك فتح الباري /3 /73 فالجاهلية اذن حالة ووضع قد تبلغ حد الكفر والردة واحيانا لاتبلغ حد الخروج عن الدين.
في الاخير نحن لا ندعي له العصمة من الخطأ، بل نقول إن له أخطاء ليس هذا مجال تفصيلها، ولكنها لا تخل بأصل دعوته ومنهجه، كما أن عند غيره من الأخطاء التي لم تقدح في منـزلتهم وعلى سبيل المثال ابن حجر والنووي وابن الجوزي وابن حزم، فهؤلاء لهم أخطاء في العقيدة إلا أن أخطاءهم لم تجعل أحدا من أبناء الأمة ولا أعلامها يمتـنع من الاستفادة منهم أو يهضمهم حقهم وينكر فضائلهم ، فهم أئمة إلا فيما أخطئوا فيه، وهذا الحال مع سيد رحمه الله فأخطاؤه لم تقدح في أصل منهجه ودعوته لتوحيد الحاكمية وتعبيد الناس لربهم.
وختاما لا يسعني إلا أن اذكر أنني أحسب سيدا والله حسيبه يشمله قوله عليه الصلاة والسلام ( سيد الشهداء حمزة، ورجل قام عند سلطان جائر فأمره ونهاه فقتله ) فنحسب أن سيدا رحمه الله قد حقق ذلك الشرط حيث قال كلمة حق عند سلطان جائر فقتله .
نسال الله ان يهدينا الى الحق وان نتقى الله في اعراض المسلمين وليس معنى هذا عدم التنيه عن الاخطاء فهذا يعتبر غش لدين الله .
و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.
-----
"تنبيه الطيبين الاخيار الى ان ما نسب لسيد قطب فيه ماهو تقويل للرجل ما لم يقل ولم يخطر بباله بل مجرد زور وبهتانعلى بركة الله نبدا في ايراد الشبهة ونرد عليها بعيدا عن اسلوب التجريح و القدح مع التنبيه اني لا استعمل اسلوب النسخ و اللصق انما انقل الكلام من المصدر :
اخواني الكرام :
التهمة الاولى :
تهمة وحدة الوجود الكفرية والرد عليها:
ما المقصود بعقيدة وحدة الوجود الكفرية:
يقول إبن القيم :قول أهل اللحاد القائلين بوحدة الوجود أنه ما ثم وجود قديم ووجود حادث مخلوق بل وجود هدا العالم هو عين وجود الله و هو حقيقة وجود هذا العالم ،فليس عند القوم رب و عبد و لا ملك و مملوك و لا راحم و لا مرحوم ولا عابد ولامعبود بل الرب هو نفس العبد و حقيقته و الملك هو عين المملوك و الراحم هو عين المرحوم و العابد هو نفس المعبود و إنما التغاير أمر إعتباري بحسب مظاهر الذات و تجلياتها...مدارج السالكين 1-60_61.
فهل يعقل ان يقول سيد قطب بهذه العقيدة الباطلة :
الرد الصريح الذي لا يقبل لا جدال ولا تاويل ولا مماحكة :
يقول سيد قطب :
و هذه صفة أخرى من صفات الله توضح مقام الأولوهية و مقام العبودية فالعبيد جميعا في حضرة الألوهية يقفون موقف العبودية و لا يتعدونه و لا يتجاوزونه في ظل هذه الحقيقة تبدوا سائر التصورات المنحرفة للذين جاؤوا من بعد الرسل فخلطوا بين حقيقة الأولوهية و حقيقة العبودية فزعموا الله خليطا يمازجه أو . يشاركه بالبنوة أو بغيرها في أي شكل و في اي تصور . . و هذه هي النصاعة التي يتميز بها التصور الإسلامي فلا تدع مجالا لتلبيس أو إهتزاز في الرؤية الأولوهية أولوهية و العبودية عبودية و لا مجال لإلتقاء طبيعتيهما أدنى إلتقاء و الرب رب و العبد عبد و لا مجال لمشاركة في طبيعتيهما و لا إلتقاء
1/288 الظلال.
وقال ايضا :
يقوم التصور على الأساس أن هناك ألوهية و عبودية ،ألوهية يتفرد بها الله سبحانه و عبودية يشترك فيها كل ما عداه و كما يتفرد الله سبحانه بالألوهية يتفرد و كذلك يتفرد تبعا لذلك بكل خصائص الألولهية كما يشترك كل حي و كل شئ بعد ذلك في العبودية كذلك يتجرد كل حي و كل شئ من خصائص الألوهية فهناك إذن وجودان متميزان ،وجود الله ووجود كل ما عداه من عبيد الله و العلاقة بين الوجودين هي علاقة الخالق بالمخلوق.
كتابه خصائص التصور الإسلامي الإسلامي155 و أنظر كذلك ص ص215
و قال أيضا . . . الوهية و عبودية . . و لا شئ غير هذه الحقيقة و لا قاعدة إلا هذه القاعدة و لاصلة إلا صلة الألوهية بالعبودية و صلة العبودية بالآلوهية و لا تستقيم تصورات الناس كما لاتستقيم حياتهم إلا بتمحيض هذه الحقيقة من كل غبش و من كل شبهة و من كل ظل أجل لا تستقيم تصورات الناس و لا تستقر مشاعرهم إلا حين يستيقضون حقيقة الصلة بينهم و بين ربهم هو إله وهم عبيده هو خالق و هم مخاليق هو مالك و هم مماليك و هم كلهم سواء في هذه الصلة لا بنوة لأحد و لا إمتزاج بأحد .
في ظلال القرآن 2/818- 819
و يقول أيضا و النظرية الإسلامية أن الخلق غير الخالق و أن الخالق ليس كمثله شئ و من هنا تتنتفي من التصور الإسلامي فكرة وحدة الوجود على ما يفهمه غير المسلم من هذا الإصطلاح أي بمعنى أن الوجود و خالقه وحدة واحدة أو أن الوجود هو إشعاع ذاتي من الخالق أو أن هذا الوجود هو الصورة المرئية لموجده.
1/106 الظلال
الخاتمة:
كلام الصريح في نقض وحدة الوجود من الطبعة المنقحة و ليس من الطبعة الأولى بمعنى بعد تفسيبر سيد لسورة الحديد و الإخلاص التي كثيرا ما فهم منها ان سيد يقول بوحدة الوجود فها نحن اتينا بكلام صريح.
الرد على الشبهة الثانية :
وهي اتهام سيد بالقول بعقيدة خلق القران المنحرفة:
يقول سيد رحمه الله ردا على المعتزلة : فالقران وحي الله وكلامه .
يبين سيد قطب الاسباب التي جعلت المعتزلة يصلون الى تعطيل صفات الله فيقول "انما تابع المعتزلة منطق ارسطو الذهني وتجريدات افلوطين الموهمة ولم يتابعوا المنهج القراني وهو المنهج الاصيل". ا " ثم يعاتب المعتزلة لقولهم بخلق القران قائلا "وكذالك فعلوا فيما عرف في التاريخ الاسلامي بعنوان"فتنة خلق القران"لئلا يكون القران قديما فيتعدد القدماء والبحث على هذا النحو بجملته غريب على الفكر الاسلامي فالقران وحي الله وكلامه . ثم يقرر سيد قطب عقيدة اهل السنة والجماعة قائلا "ان لله-سبحانه-صفاته او اسماءه الحسنى ولكن البشر لا يملكون ادراك "كيفية هذه الصفات" فهو سبحانه سميع يسمع بصير يرى عليم يعلم ..لكن البشر لا يدركون كيفية شىء من ذلك بالقياس اليه سبحانه .فالله ليس كمثله شىء فلا يدرك البشر اذن صفاته ولا كيفيات افعاله .........."
هذا كلام سيد منقول من كتابه مقومات التصور الاسلامي -طبعة دار الشروق الطبعة الخامسة ص278 -279 وانظر كذالك ص46 وما بعدها.
الخلاصة فهل بعد هذا الكلام كلام ايها الاخوة الكرام .
كيف فسر سيد ايات الاستواء :
تفسير سيد للاستواء من الطبعة المنقحة.
اما الاستواء فقد ذهب في الطبعة الاولى من الظلال على انه كناية عن الهيمنة والاستعلاء وليس الاستيلاء لكنه في الطبعة المنقحة رجع سيد قطب الى تقرير مذهب اهل السنة والجماعة .
تامل اخي القارىء تفسير سيد لاول اية تتحدث عن الاستواء وهي الاية الوارد ة في سورة الاعراف يقول رحمه الله بعد ذكر هذه الاية "إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام , ثم استوى على العرش , يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً , والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره . ألا له الخلق والأمر . تبارك الله رب العالمين). .
إن عقيدة التوحيد الإسلامية , لا تدع مجالاً لأي تصور بشري عن ذات الله سبحانه ; ولا عن كيفيات أفعاله . . فالله سبحانه ليس كمثله شيء . . ومن ثم لا مجال للتصور البشري لينشىء صورة عن ذات الله . فكل التصورات البشرية إنما تنشأ في حدود المحيط الذي يستخلصه العقل البشري مما حوله من أشياء . فإذا كان الله - سبحانه - ليس كمثله شيء , توقف التصور البشري إطلاقاً عن إنشاء صورة معينة لذاته تعالى . ومتى توقف عن إنشاء صورة معينة لذاته العلية فإنه يتوقف تبعاً لذلك عن تصور كيفيات أفعاله جميعاً . ولم يبق أمامه إلا مجال تدبر آثار هذه الأفعال في الوجود من حوله . . وهذا هو مجاله . .
ومن ثم تصبح أسئلة كهذه:كيف خلق الله السماوات والأرض ? كيف استوى على العرش ? كيف هذا العرش الذي استوى عليه الله سبحانه ?! . . . تصبح هذه الأسئلة وأمثالها لغوا يخالف توجيهها قاعدة الاعتقاد الإسلامي . أما الإجابة عليها فهي اللغو الأشد الذي لا يزاوله من يدرك تلك القاعدة ابتداء ! ولقد خاضت الطوائف - مع الأسف - في هذه المسائل خوضاً شديداً في تاريخ الفكر الإسلامي , بالعدوى الوافدة على هذا الفكر من الفلسفة الإغريقية "
الظلال 3/1296
الظلال الطبعة المنقحة. هذا كلام سيد والبعض يريد اخفاءه ويذهبون الي الطبعة الاولي ويدلسون على الشباب للاسف .
يقول الشيخ المدخلي ان سيد ينكر نزول عيسى عليه السلام:
الرد :
احاديث نزول عيسى عليه السلام
فتفضل اخي المسلم هذه الاحاديث من الظلال ."يقول سيد قطب "وقد وردت احاديث شتى عن نزول عيسى عليه السلام فبل الساعة ........ثم يذكر رحمه الله بعض تللك الاحاديث منها هذا الحديث "عن ابي هريرة رضي اله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده ليوشكن ان ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله احد حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها " اخرجه البخارى ومسلم .ويذكر احاديث اخرى كلها صحيحة تشير كلها الى نزول عيسى عليه السلام .
انظر الصفحة3198-3199 المجلد الخامس.من الظلال.
بدون تعليق اخي ولك الحكم .
تهمة تكفير المسلمين المبنية اصلا على مسالة عدم العذر بالجهل التي هي من عقيدة اهل السنة و الجماعة :
مذهب أهل السنة وسط بين من يقول: لا نكفر من أهل القبلة أحداً، وبين من يكفر المسلم بكل ذنب دون النظر إلى توفر شروط التكفير وانتفاء موانعه، ويتلخص مذهب أهل السنة في أنهم يطلقون التكفير على العموم مثل قولهم: من استحل ما هو معلوم من الدين بالضرورة كفر، او فعل كذا كفر /طبعا من الاعمال الكفرية/ ... ولكن تحقق التكفير على المعين لابد له من توفر شروط، وانتفاء موانع، فلا يكون جاهلاً ولا متأولاً ولا مكرهاً.. الخ.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه – رحمه الله -: " فقد يكون الفعل أو المقالة كفراً، ويطلق القول بتكفير من قال تلك المقالة، أو فعل ذلك الفعل، ويقال: من قال كذا، فهو كافر، أو من فعل ذلك، فهو كافر. لكن الشخص المعين الذي قال ذلك القول أو فعل ذلك الفعل لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها. وهذا الأمر مطرد في نصوص الوعيد عند أهل السنة والجماعة، فلا يشهد على معين من أهل القبلة بأنه من أهل النار، لجواز أن لا يلحقه، لفوات شرط أو لثبوت مانع":مجموع الفتاوي 35/165
اقوال ثابتة لسيد قطب في مسالة العذر بالجهل :
فتامل يرحمك الله :
قال تعالى :
«وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ» ..
فكل من بلغه هذا القرآن من الناس، بلغة يفهمها، ويحصل منها محتواه، فقد قامت عليه الحجة به، وبلغه الإنذار، وحق عليه العذاب، إن كذب بعد البلاغ.. (فأما من يحول عدم فهمه للغة القرآن دون فهمه لفحواه، فلا تقوم عليه الحجة به ويبقى إثمه على أهل هذا الدين الذين لم يبلغوه بلغته التي يفهم بها مضمون هذه الشهادة.. هذا إذا كان مضمون القرآن لم يترجم إلى لغته) ..
فالعقل قد يضل تحت ضغط الشهوات- وعلى الرغم مما في كتاب الكون المفتوح من آيات- فقد تتعطل أجهزة الاستقبال كلها في الكيان البشري.
لقد ناط بالرسل والرسالات مهمة استنقاذ الفطرة من الركام، واستنقاذ العقل من الانحراف، واستنقاذ البصائر والحواس من الانطماس. وجعل العذاب مرهونا بالتكذيب والكفر بعد البلاغ والإنذار.
وهذه الحقيقة كما أنها تصور رحمة الله بهذا الإنسان وفضله، كذلك تصور قيمة المدارك البشرية من فطرة وعقل وتقرر أنها- وحدها- لا تعصم من الضلال، ولا تهدي إلى يقين، ولا تصبر على ضغط الشهوات..
ما لم تسا ندها العقيدة وما لم يضبطها الدين .
يراجع بتوسع تفسير قوله تعالى: «رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ» في الجزء السادس من الظلال:ص 806- 812.
وقال ايضا :
فلم يكتب عليه عقاباً إلا بعد الرسالة والبيان.. الظلال2/811
وقال ايضا:
لما علم الله- سبحانه- هذا شاءت حكمته وشاءت رحمته أن يبعث للناس بالرسل، وألا يؤاخذ الناس إلا بعد الرسالة والتبليغ: «وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا» .. وهذه تكاد تكون إحدى البديهيات التي تبرز من هذا النص القرآني.. فإن لم تكن بديهية فهي إحدى المقتضيات الحتمية..
إذن.. ما هي وظيفة هذا العقل البشري وما هو دوره في قضية الإيمان والهدى وفي قضية منهج الحياة ونظامها؟
إن دور هذا العقل أن يتلقى عن الرسالة ووظيفته أن يفهم ما يتلقاه عن الرسول. ومهمة الرسول أن يبلغ، ويبين، ويستنقذ الفطرة الإنسانية مما يرين عليها من الركام. وينبه العقل الإنساني إلى تدبر دلائل الهدى وموحيات الإيمان في الأنفس والآفاق وأن يرسم له منهج التلقي الصحيح: الظلال2/806.
وقال ايضا :
وصاحب الدعوة لا يكون قد بلغ عن الله ولا يكون قد أقام الحجة لله على الناس، إلا إذا أبلغهم حقيقة الدعوة كاملة ووصف لهم ما هم عليه كما هو في حقيقته، بلا مجاملة ولا مداهنة. .الظلال
وقد شاءت رحمة الله ألا يأخذ الإنسان بالآيات الكونية المبثوثة في صفحات الوجود، وألا يأخذه بعهد الفطرة الذي أخذه على بني آدم في ظهور آبائهم «1» ، إنما يرسل إليهم الرسل منذرين ومذكرين: «وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا» وهي رحمة من الله أن يعذر إلى العباد قبل أن يأخذهم بالعذاب. الظلال 2217/4 فإن الله لا يعذب أحدا حتى تبلغه الرسالة ثم يكفر عن بينة ويهلك بلا حجة ولا معذرة! الظلال 2975/5.
اتهم سيد بانه يطعن في الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه :
تامل اخي رد سيد على المفسر الزمخشري ودفاعه عن عثمان رضي الله عنه :
«الَّذِي تَوَلَّى، وَأَعْطى قَلِيلًا وَأَكْدى» .. الذي يعجّب الله من أمره الغريب، تذكر بعض الروايات أنه فرد معين مقصود، أنفق قليلا في سبيل الله، ثم انقطع عن البذل خوفا من الفقر. ويحدد الزمخشري في تفسيره «الكشاف» شخصه، أنه عثمان بن عفان- رضي الله عنه- ويذكر في ذلك قصة، لا يستند فيها إلى شيء، ولا يقبلها من يعرف عثمان- رضي الله عنه- وطبيعته وبذله الكثير الطويل في سبيل الله بلا توقف وبلا حساب كذلك وعقيدته في الله وتصوره لتبعة العمل وفرديته...
.....وهي رواية ظاهرة البطلان فما هكذا يتصور عثمان!
الظلال :3414/6
و تامل :
مدح سيد لعثمان رضي الله عنه :
وكان في مقدمة المنفقين المحتسبين، عثمان بن عفان- رضي الله عنه- فأنفق نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها.. قال ابن هشام: فحدثني من أثق به أن عثمان أنفق في جيش العسرة في غزوة تبوك ألف دينار، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «اللهم ارض عن عثمان فإني عنه راض» .3/1723
وللمزيد ارجع لكتاب معالم في الطريق فصل جيل قراني فريد .
توضيح لراي سيد قطب حول مسالة الجاهلية وبيان ان الاستدلال بكلامه كان مبتورا او في غير محله او تنقصه الامانة العلمية في النقل:
تحدث سيد كثيرا عن الجاهلية حتى انه اتهم بانه يكفر المسلمين قاطبة على مر الدهور والعصور ونشروا ذلك على الناس و من هنا لا يجلسون مجلس الا ويحذرون من كتبه .
ان سيد استعمل كثيرا مصطلح الجاهلية في الظلال ومعالم في الطريق فما معنى الجاهلية / قال الحافظ : والجاهلية كضلال والعصيان والفسوق والظلم استعملت في القران والاحاديث الصحيحة وتعني الخروج عن احكام الدين ذلك الخروج الذي لايبلغ حد الخروج عن الملة واحيانا يبلغ حد الجروج عن والردة عن الاسلام قال عليه الصلاة والسلام لاابي ذر الغفاري رضي الله عنه *انك امرؤ فيك جاهلية * ويعلق البخاري الذي اورد هذا الحديث يقول : المعاصي من امر الجاهلية و لايكفر صاحبها الا بالشرك فتح الباري /3 /73 فالجاهلية اذن حالة ووضع قد تبلغ حد الكفر والردة واحيانا لاتبلغ حد الخروج عن الدين.
في الاخير نحن لا ندعي له العصمة من الخطأ، بل نقول إن له أخطاء ليس هذا مجال تفصيلها، ولكنها لا تخل بأصل دعوته ومنهجه، كما أن عند غيره من الأخطاء التي لم تقدح في منـزلتهم وعلى سبيل المثال ابن حجر والنووي وابن الجوزي وابن حزم، فهؤلاء لهم أخطاء في العقيدة إلا أن أخطاءهم لم تجعل أحدا من أبناء الأمة ولا أعلامها يمتـنع من الاستفادة منهم أو يهضمهم حقهم وينكر فضائلهم ، فهم أئمة إلا فيما أخطئوا فيه، وهذا الحال مع سيد رحمه الله فأخطاؤه لم تقدح في أصل منهجه ودعوته لتوحيد الحاكمية وتعبيد الناس لربهم.
وختاما لا يسعني إلا أن اذكر أنني أحسب سيدا والله حسيبه يشمله قوله عليه الصلاة والسلام ( سيد الشهداء حمزة، ورجل قام عند سلطان جائر فأمره ونهاه فقتله ) فنحسب أن سيدا رحمه الله قد حقق ذلك الشرط حيث قال كلمة حق عند سلطان جائر فقتله .
نسال الله ان يهدينا الى الحق وان نتقى الله في اعراض المسلمين وليس معنى هذا عدم التنيه عن الاخطاء فهذا يعتبر غش لدين الله .
و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.
اخوكم في الله محمد اسلام.
"
آراء العلماء في سيد قطب الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله
الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله
الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حفظه الله
الشيخ العلامة عبد الله بن حسن القعود رحمه الله
الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد حفظه الله
الشيخ محمد حسان حفظه الله
شاهد ماذا قال الشيخ #الشعراوي رحمه الله عن سيد قطب وكتابه في ظلال القرآن 👇
ما قرأت تفسير سيد قطب (في ظلال القرآن)
لكن قرأت شيئا منه ، والتفسير عظيم ومفيد
لكن لا يخلو من أخطاء
الشيخ عبد العزيز بن باز
السؤال: يا شيخ أنا طالب علم، وأريد قولاً من سماحتكم في تفسير سيد قطب من ناحية العقيدة ، وخاصة سورة الإخلاص، وسورة المجادلة، وآية قوله تعالى: ( ما يكون من نــجوى ثلاثة...) ، إلى آخره ..؟
فأجاب : سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
ما قرأت تفسير سيد قطب، بينما قرأت شيئاً منه .
والتفسير عظيم ومفيد ، ولكنه لا يخلو من أخطاء ومن أغلاط ، ولكني لا أذكر الآن شيئاً يتعلق بما سألتَ عنه..
يـحتاج إلى مراجعة..
فالسائل راجعني- إن شاء الله- بعد يومين أو ثلاثة حتى نفيدك
الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله
كتب سيد قطب والمودودي والندوي مفيدة فيها خير كثير ولا تخلو من بعض الأغلاط ، وهم قد اجتهدوا في الخير ودعوا إلى الخير وصبروا على المشقة
الشيخ عبد العزيز بن باز
سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله هذا السؤال ببرنامج فتاوى نور على الدرب
السؤال : أرجو من سماحتكم أن تتفضلوا بإبداء رأيكم حول مؤلفات أبي الأعلى المودودي وأبي الحسن الندوي وسيد قطب ؟
الجواب : كلها كتب مفيدة ، كتب هؤلاء الثلاث رحمهم الله كلها كتب مفيدة فيها خير كثير ولا تـخلو من بعض الأغلاط كل إنسان يؤخذ من قوله ويترك ، ليسوا معصومين، وطالب العلم إذا تأملها عرف ما فيها من الأخطاءء وما فيها من الحق ، وهم رحمهم الله قد اجتهدوا في الخير ودعوا إلى الخير وصبروا على المشقة في ذلك وأبو الحسن موجود بحمد الله فيه خير كثير ولكن ليس معصوماً ولا غيره من العلماء ، بالنسبة للرسل عليهم الصلاةة والسلام فيما يبلغون عن الله والرسل عصمهم الله فيما يبلغون عن الله وهكذا الأنبياء ، أما العلماء كل عالم يخطئ ويصيب ، لكن بحمد الله صوابهم أكثر ، فقد أفادوا وأجادوا ونفعوا الناس ، يقول مالك -رحمه الله- ابنن أنس إمام دار الهجرة في زمانه : ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر وهو الرسول عليه الصلاةة والسلام ، فالمؤمن يطلب العلم وهكذا المؤمنة تطلب العلم ، وكل واحد يتفقه في الدين ويتبصر ويسأل عما أشكل عليه يقرأ القرآن يقرأ السنة يعتني حتى يعرف الحق بأدلته وحتى يعرف الغلط إذا غلط العالم ، ولا يـجوز أن يقال هذا فلان العالم الجليل يؤخذ قوله كله دون نظر ، بل لابد من النظر والعناية وعرضها على الأدلة الشرعية ، فمن وافقها قبل ، ومن خالف الأدلة الشرعية ترك ، وإن كان عظيماً ، وإن كان له ( غير واضح ) عظيم ، وإن كان ( غير واضح ) في الخير ، وإن كان مشهوراً .
المرجع : فتاوى برنامج نور على الدرب
سيد قطب رحمة الله لم يكفر المجتمع ...... كما يدعي أدعياء السلفية !!
قال سيد – رحمه الله – في كتابه ( لماذا أعدموني ) صفحة 38 : " إننا لم نكفر الناس , وهذا نقل مشوه , إنما نحن نقول : انهم صاروا من ناحية الجهل بحقيقة العقيدة , وعدم تصور مدلولها الصحيح , والبعد عن الحياة الإسلامية , الى حال تشبه حال المجتمعات الجاهلية , وانه من اجل هذا لا تكون نقطة البدء في الحركة هي قضية إقامة النظام الإسلامي , ولكن... تكون إعادة زرع العقيدة , والتربية الأخلاقية الإسلامية فالمسألة تتعلق بمنهج الحركة الإسلامية , أكثر ما تتعلق بالحكم على الناس " اه .
بالله عليك أليس هذا تصريح منه انه لا يكفر المجتمعات , وان العبارات الموهمة التي خرجت منه ترد الى هذا المبين , فإننا بعد هذا الكلام الواضح إذا اتهمناه انه يكفر المجتمعات سنتعرض للمسائلة أمام الله على ظلمنا لهذا الرجل على الأقل في هذه المسألة , مع اعتقادنا انه اخطأ في مسائل كثيرة في العقيدة فهذا لا يسوغ لنا ان نقوله ما لم يقل في الوقت الذي قال وصرح بخلاف ما نرميه به .
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D9%8A%D8%AF_%D9%82%D8%B7%D8%A8
ar.wikipedia.org
سيد قطب - ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
ما رأيكم في كتاب سيد قطب ( في ظلال القرآن ) ؟!
الشيخ محمد بن عثيمين
يسأل المستفتي: ما رأيكم في كتاب سيد قطب في ظلال القرآن مع أن العلم أن في هذا الكتاب عقيدة وحدة الوجود ؟!
أجاب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
هذه دعوى أن في الكتاب عقيدة وحدة الوجود ، لأن هذا لو ثبت لكان من أعظم الكفر، لكن نقول لهذا القائل المدعي : هات البينة .. هات البينة على ما قلت أن هذا الكتاب فيه القول بوحدة الوجود أو تقرير وحدة الوجود .
الكتاب على كل حال أنا لم أقرأه ، لكن قرأت بعض المؤاخذات عليه من بعض علمائنا الأفاضل، وهو في بعض المباحث له مباحث جيدة حسب ما نسمع من بعض الإخوان ، وفي بعض الأشياء له أخطاء .
وقد قال – ابن رجب رحمه الله – وهو من علماء الحنابلة من تلاميذ ابن القيم قال في كتابه القواعد الفقهية ( يأبى الله العصمة لكتاب غير كتابه ، والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه ) هذا المنصف .
من يسلم من الخطأ ؟! كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون الرجّاعون إلى الحق ، فالكتاب فيه أخطاء ، وفيه صواب ، فنقبل الخطأ ونـرد.. [ يصحح الشيخ ] فنقبل الصواب ونرد الخطأ.
يسأل المستفتي : [ غير واضح كلام السائل ، يبدوا أنه عن تفسيره سورة ( قل هو الله أحد ) ]
الشيخ ابن عثيمين : تفسيره سورة ( قل هو الله أحد ) أنا قلت أنا ما قرأت الكتاب ، لكن أعطنا إياه الآن ننظر ..
يقاطع المستفتي : بكلام غير واضح
الشيخ ابن عثيمين : هاه ؟! كيف ؟! السائل مستمر بالمقاطعة بكلام غير واضح...
الشيخ ابن عثيمين : على كل حال ما نقول شيء ، لا نقول شيئاً حتى نشهد بأعيننا لأن المسألة خطيرة جداً، وأنا أقول لكم إذا صدر من عالم معروف بالنصح للأمة ، إذا صدر منه ما يوهم الحق وما يوهم الباطل ، فاحمله على أحسن المحملين...
يقاطع المستفتي : ..عقيدة يا شيخ !!...
الشيخ ابن عثيمين : عقيدة أو غير عقيدة!! ، إذا ما عرف بالنصح للأمة ؛ وكلامه محتمل مهوب صريـح ، احمله على أحسن المحملين ، اعتباراً بحال الرجل ؛ اعتباراً بحال الرجل.
وأنا أقول لكم بالمناسبة: يوجد الآن أناس نسأل الله لنا ولهم الهداية ، يتتبعون السيئات من العلماء ؛ ثم يبرزونها ويسكتون عن الحسنات التي هي أضعاف أضعاف هذه السيئات...
يقاطع المستفتي: ... عقيدة يا شيخ!!!
يستمر الشيخ ابن عثيمين : هذا خطأ .. هذا خطأ ، العقيدة – بارك الله فيك – كغيرها ، من حيث أنه قد يقع فيها الخطأ ،
ألم تعلم أن العلماء اختلفوا في أبَدِيَّة النار؟!! هل هي أبدية.. هل هي مؤبدة أو غير مؤبدة؟! من السلف و الخلف وهذه عقيدة أو غير عقيدة ؟!! أسألك !! عقيدة و اختلفوا فيها.
[يستمر الشيخ ابن عثيمين] : الصراط الذي يوضع على جهنم هل هو صراط طريق؟ كغيره من الطرق؟! أو أدق من الشعره وأحد من السيف؟! فيه خلاف.
يقاطع المستفتي : !!!!
يستمر الشيخ ابن عثيمين : اسمع ، الذي يوزن يوم القيامة هل هو الأعمال أو صاحب العـمل أو صحائف الأعمال ؟
يقاطع السائل : بكلام غير واضح
يـجيب الشيخ ابن عثيمين : أنا أحكي لكم الخلاف ، هل رأى الرسول ربه أم لم يره؟! هل تعاد الروح إلى البدن في القبر ويكون عذابها على البدن والروح أو على الروح وحدها ؟! كل هذي مسائل عقيدة .
يسأل المستفتي: بكلام غير واضح.
يـجيب الشيخ ابن عثيمين : طيب . أنا أريد أن أعطيكم قاعدة في مسألة نفي الاستواء وغيرها من الصفات. من نفى الصفات نفي إنكار فهو مكذب للقرآن ، ومن نفاها نفي تأويل ؛ فينظر في تأويله.
يسأل الشيخ السائل : عرفت؟! يعني مثلاً إذا قال قائل: إن الله لم يستو على العرش!
يسأل الشيخ ابن عثيمين: هذا نفي إيش؟!
إنكار أو تأويل؟!
يـجيب المستفتي: إنكار .
يصحح إجابته الشيخ ابن عثيمين : إنكار ، هذا كافر لأنه كذب القرآن ، ومن قال إن الله استوى على العرش لكن استوى بمعنى استولى يسأل الشيخ: هذا نفي..؟!
يـجيب أحدهم : تأويل.
يصححه الشيخ ابن عثيمين : تأويل ، فينظر هل يوجب تأويله هذا الكفر أو الفسوق أو يعذر فيه ، ينظر ، إي نعم.
( كلام غير واضح)
يسأل المستفتي : هل يـجوز الترحم عليه ؟! ... على سيد.
يـجيب الشيخ ابن عثيمين : أقول : بالنسبة للتسرع في التبديع والتفسيق والتكفير حرام لا يـجوز، كما أن التسرع في التـحليل والتـحريم حرام. احذر أن تقول على الله ما لا تعلم ، فإن الله حرم ذلك ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ).
والحكم بالتكفير ، تكفير الشخص ، يتعلق به أمران لا بد منهما :
الأمر الأول: أن نعرف أن الأدلة دلت على أن هذا الذي كفرناه من أجله كفر ، وكم من أشياء يظن الإنسان أنها كفر وليست بكفر ، فلا بد أن نعلم أن الأدلة دلت على أن هذا الفعل أو هذا القول كفر.
الشيء الثاني: أن نعلم أن هذا القائل لهذا المقالة أو الفاعل لهذا الفعل لا يعذر بقوله ، ولا بفعله ، لأنه قد يقول الإنسان مقالة الكفر فيكون معذوراً إما بجهل أو تأويل أو حال طرأت عليه، كغضب شديد أو فرح شديد أو ما أشبه ذلك ، ولاتكون الكلمة بحقه كفراً ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : لله أشد فرحاً ... ( ينتهي التسجيل )
المرجع للاستماع: http://www.IslamGold.com
🎯 سؤال: لماذا تحبون #سيد_قطب وتمدحونه مع كونه حليقا متبنطلا؛وتبغضون كثيرا من المشايخ السلفيين الملتحين المقصرين لثيابهم المتبعين للسنة ❗️
وما هو الميزان الذي تزنون به في مثل هذه الأمور⁉️
👈الجواب: هذا الأمر متعلق بتعظيمنا #للتوحيد وعراه الوثقى وبجعل #التوحيد ميزاننا أولا ودائما وبفقهنا أن أعظم ما في سنة نبيناﷺ وسنة جميع النبيين هو #التوحيد ؛فمن جاء به فهو أقرب إلينا بأضعاف ممن جاء بسنة اللحية وتقصير الثياب ونحوها وهو مفرط #بالتوحيد أو مميع لعراه الوثقى
فقد جعل الله #التوحيد لنا ميزاناً دقيقاً نَزِنُ به الأشخاص والجماعات؛وبمقدار تحقيق الإنسان #للتوحيد وعراه الوثقى وكفره بالطواغيت؛ووضوح هذا الأمر العظيم عنده يَقْرُب إلينا ويُحبّ في الله؛وكُلّما ابتعد عن #التوحيد ابتعد عنا؛
فحين ترانا نُقَدّم شخصاً حليقاً على شخصٍ ملتحي؛ فاعلم أنّ الذي قَدّمه تحقيق الحليق #للتوحيد وعراه؛ وتفريط الملتحي بذلك❗️
وأيضا فحين نَترحّم على مبتدع ولا نفعل مع آخر؛فاعلم أن بدعة الأول لم تناقض #التوحيد عندنا؛وبدعة الثاني قد ناقضته❗️
فهذا هو ميزاننا الدقيق:#التوحيد؛تَحِلّ به عُقَد ما استشكل عليك من كلامنا؛ولن تجد فيه إن شاء الله تناقضاً مادمتَ تربطه #بالتوحيد وتعرضه عليه.
👈وميزاننا هذا أخذناه من أعظم عُرى الإسلام التي فيها نُحِب ونُبغض؛وعليها نُعادي ونُوالي ؛ومِنْ أجلها نَمْنَع ونُعطي؛ونَرفَع ونَخفض؛ونقرب ونبعد.
وفي الحديث الذي يرويه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله ﷺ : (يُصَاح برجلٍ من أمتي يوم القيامة على رؤوس الخلائق. فيُنشر له تسعة وتسعون سجلاً، كل سجل مَدّ البصر.
ثم يقول الله عز وجل: هل تُنكر من هذا شيئاً؟
فيقول:لا يا رب،
فيقول:أظَلَمَك كتَبتي الحافظون؟
فيقول: لا يا رب.
فيقول:أفَلَك عُذر؟
فيقول: لا يا رب.
فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة؛فإنه لا ظُلْم عليك اليوم؛فتُخرج له بطاقة فيها:(أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله)
قال، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟
فيقول: إنك لا تُظلم.
فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة. فطاشت السجلات؛👈وثقلت البطاقة).
فهكذا ميزاننا أهل #التوحيد وأنصاره؛ وبهذا نَزِن الأقوال والأعمال؛وأنواع القتال؛ وبه نَزِن الكتابات والكُتّاب؛والعلماء والجماعات؛ والفصائل والناس أجمعين.. فلا نُقَدِّم على تحقيق كلمة #التوحيد واجتناب الشرك والتنديد شيئاً من الأشياء..
فمَنْ حَقَّق ذلك وقام به؛عظم عندنا وثقل ؛وقرب منا ونال الزلفى عندنا، وله العذر كما هي طريقة أهل السنة فيما أخطأ فيه أو تأوّله فيما هو دون ذلك، ولا يمنع هذا من بيان أخطائه أو التنبيه على زلاته؛ نُصحاً لله ولدينه وللمسلمين.
ومَنْ ثَلمَ هذا الأصل الأصيل أو مَيَّع شيئاً من عُراه الوثقى؛ابتعد عَنّا بقدر ما مَيّع منها؛ومَنْ هَدَمها فهو المُبْعد عندنا والمؤخَّر؛وإن عَظّمه الناس وقَدّموه، ولا يمنعنا من التحذير من ضلاله وبيان خطله وزيغانه؛تَعدّد ألقابه وشهرته أو عِظَم عمائمه وشهاداتة؛أو مَحبّة الناس له وثناؤهم عليه❗️
هذا هو ميزاننا العادل الُمنزل من عند الله؛ وليس ما سواه من الموازين وإن عَظّمها وقدّمها وضخّمها مَنْ ضخّمها!!
وإن شئت أن تعرف عِظَم شأن هذا الميزان؛ فتأمل منهاجنا الذي هو ثمرة ميزاننا.. ثم تأمل مناهجهم فإنها ثمرة موازينهم؛ونحن وإياهم بين منهجين.
فإذا عرفت الحق بأدلّته؛وأنَارَ الله به بصيرتَك؛فالزمه ولا تُعَكِّره بكلام مُتفلسفٍ؛أو تُقدم عليه كلاماً عاطفياً؛أو تُهْمِله تَضرّرا بالمخالفين ؛فتَزلّ وتَشقى.
#فالتوحيد_أولا_ودائما
كلمة حق وإنصاف في سيد قطب رحمه الله
العلامة المحدث الألباني
السؤال الأول- وكلا السؤالين واردة من كتاب ( في ظلال القرآن )- ذكر صاحب كتاب ( في ظلال القرآن) ، في أول سورة (طه)، بأن القرآن ظاهرة كونية كظاهرة السماوات والأرض..
فما رأيكم في هذا الكلام ، مع أنه صادر بكاف التشبيه يا شيخ؟؟
فأجاب الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله :
نـحن - يا أخي- قلنا أكثر من مرة أن سيد قطب - رحمه الله- ليس عالماً، وإنما هو رجل أديب، كاتب، وهو لا يـحسن التعبير عن العقائد الشرعية الإسلامية، وبخاصة منها العقائد السلفية، ولذلك فلا ينبغي أن ندندن حول كلماته كثيراً ، لأنه لم يكن عالماً، بالمعنى الذي نـحن نريده ؛ عالماً بالكتاب والسنة، وعلى منهج السلف الصالح .
فهو في كثير من تعابيره ، يعني تعابير إنشائية..بلاغية.. وليست تعابير علمية، وبخاصة تعابير سلفية..ليست من هذا الباب إطلاقاً..
فنـحن لا نتردد باستنكار مثل هذا التعبير ، وهذا التشبيه، أقل ما يُقال فيه: أنه لا يعني أنه كلام الله حقيقة - كما هو عقيدة أهل السنة والجماعة..أو أنه كلام الله مجازا ً- كما هو عقيدة المعتزلة
كلام خطابي شعري..
لكن أنا لا أرى أن نقف كثيراً عند مثل هذا الكلام، إلا أن نُبيِّن أنه كلام غير سائغ شرعاً، وغير معبِّر عن عقيدة الكاتب للقرآن الكريم، هل هو كلام الله حقيقة أم لا ؟ هذا الذي أعتقده ، وهذا هو الجواب عن السؤال الأول.
قال السائل : السؤال الثاني- وهو في نفس الكتاب- وذلك في بداية سورة ( النبأ )، أو بالأصح: مقدمة سورة (النبأ) قال عن القرآن، وكلمة في القرآن، أنه ( تموجات موسيقية )؟؟
فقال الشيخ الألباني-رحمه الله-: نفس الجواب.
فقال السائل: هذا يقودنا يا شيخ إلى بعض التساؤل: نرى في كثير من كتابات بعض الكتّاب، أو من المنتسبين للعلم..
فقال الألباني-رحمه الله-: عفواً قبل ماتكمّل، ماذا فهمتَ أنت من قوله : تموجات؟؟
هل هو يعني الكلام الصادر من رب العالمين ، أم هو من جبريل-عليه السلام-، أم من نبينا الكريم؟؟
ما تفهم لا هذا ولا هذا ولا هذا !!..
ولذلك أنا بقول: كلام خطابي شعري، لا يُنبي عن رأي الكاتب وماذا يعنيه.. هكذا الحقيقة أكثر الكتّاب عندما يكتبون، يكتبون عبارات إنشائية خطابية، لا تعطي حقائق كونية واقعية.. طيّب كمّل.
فقال السائل: مع قولكم هذا يا شيخ- بارك الله فيكم- نرى كثير من الكتّاب، أو من طلاب العلم الذين تأثروا حتى بمنهج المحدثين، أو لهم مثلاً في علم الحديث، أو في علم بعض الأمور تأثروا بمنهجه..
فقال الشيخ الألباني-رحمه الله-: وما هو منهجه ؟ وهل له منهج ؟!
فقال السائل: نعم، وهو التأثر بكتابات أبو الأعلى المودودي، في كلماته ، كثير من الكلمات ، مثل كتابه : (العدالة الاجتماعية)، وكتابه ( التصوير الفني في القرآن )
فقال الشيخ الألباني-رحمه الله-: هذا أسلوب أدبي، ليس أسلوباً علمياً.
فقال السائل: لا، هناك منهج خاصة في التكفير؛ كتجهيل الأمة، وتكفيرها، وخاصة في كتاب ( العدالةالاجتماعية ) ، وذكر عنه أيضاً صاحب كتاب:( الأعلام ) للزركلي، ذكر عنه هذا وأنه كان – يعني – اتخذ هذا المنهج وهو تجهيل الأمة بكاملها، تجهيل كل مَن حواليه، فتأثر بهذا المنهج كثير من الشباب الآن فأصبحوا يدعون لكتبه، ويدعون لآرائه، ولجميع ما كتبه، فما رأيكم يا شيخ في هذا؟؟
فقال الشيخ الألباني- رحمه الله - : رأينا أنه رجل غير عالم وانتهى الأمر!! ماذا تريد - يعني- أكثر من هذا ؟!! إن كنتَ تطمع أن نكفِّره، فلستُ من المكفّرين، ولا حتى أنتَ أيضاً من المكفّرين .. ، أنا بقول لك ، أنا بشهد معك ، لكن ماذا تريد إذاً ؟؟!!
يكفي المسلم المنصف المتجرِّد أن يُعطي كل ذي حق حقه، وكما قال تعالى: ( ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) .
الرجل كاتب ، ومتـحمس للإسلام الذي يفهمه، لكن الرجل أولاً ليس بعالم، وكتاباته (العدالة الاجتماعية) هي من أوائل تآليفه، ولما ألّف كان محض أديب، وليس بعالم .
لكن الحقيقة أنه في السجن تطوّر كثيراً، وكتب بعض الكتابات كأنها بقلم سلفي ليست منه .. لكن أنا أعتقد أن السجن يُربّي بعض النفوس، ويُوقظ بعـض الضمـائر فكتب كلمات، يعني يكـفي عنوانه الـذي
يقول: (لا إله إلا الله، منهج حياة)، لا إله إلا الله منهج حياة.
لكن إذا كان هو لا يفرِّق بين توحيد الألوهية، وبين توحيد الربوبية، هذا لا يعني أنه لا يفهم توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، وأنه يـجعلهما شيئاً واحداً .. لكن يعني أنه ليس فقيهاً، وليس عالماً، وأنه لا يستطيع أن يُعبّر عن المعاني الشرعية التي جاءت في الكتاب وفي السنة، لأنه لم يكن عالماً .
فقال السائل: ألا ترى – يعني- مع هذا التأثر وهذه الأمور التي كتبها ، أن يُرد عليه مثلاً ؟
فقال الألباني- رحمه الله-: نعم يُرد عليه، ولكن بهدوء وليس بحماس..يُرد عليه، وهذا واجب.. ليس الرد على المخطئ محصوراً بشخص أو أشخاص.. كل من أخطأ في توجيه الإسلام بمفاهيم مبتدَعة، وحديثة ولا أصول لها في الكتاب ولا في السنة، ولا في سلفنا الصالح، والأئمة الأربعة المتبَعين؛ فهذا ينبغي أن يُرد عليه..
لكن هذا لا يعني أن نعاديه.. وأن ننسى أن له شيئاً من الحسنات !!
يكفي أنه رجل مسلم، ورجل كاتب إسلامي- على حسب مفهومه للإسلام كما قلتُ أولاً-، وأنه قُتل في سبيل دعوته للإسلام، والذين قتلوه هم أعداء الإسلام..
أما أنه كان منـحرفاً في كثير أو قليل عن الإسلام ، فأنا في اعتقادي قبل ما تثور هذه الثورة ضده، أنا الذي قوطعت من جماعة الإخوان المسلمين هنا بزعم أنني كفّرت سيد قطب، وأنا الذي دللت بعض الناس على أنه يقول بوحدة الوجود، في بعض كتاباته في نفس التفسير.. لكن في الوقت نفسه أنا لا أُنكر عليه أنه كان مسلماً، وأنه كان غيوراً على الإسلام ، وعلى الشباب المسلم، وأنه يريد إقامة الإسلام ، ودولة الإسلام ، لكن الحقيقة:
أوردها سعد وسعد مشتمل * ما هكذا يا سعد تورد الإبل
فقال السائل: هل يـحذَّر من كتبه؟
فقال الشيخ الألباني- رحمه الله- : يـحذَّر من كتبه من الذين لا ثقافة إسلامية صحيـحة عندهم ..
المرجع للاستماع :
حوار حول سيد قطب
الشيخ الألباني
وفي شريط ( الاعتدال ) للشيخ الألباني رحمه الله ذكر أحدهم كلاماً لأحد الذين ردوا على سيد رحمه الله فأنكر الألباني هذا الرد ، وقرر أن فيه إلزام لما لا يلزم ، ودافع عن سيد ، ثم هاهو أحد الطلبة يـحاول إثبات صحة هذه التهم الموجهة لسيد ، وتصحيـح ما كتبه الراد عليه ، فدار الحوار التالي :
السائل : يا شيخ لعل الرجل ذكر هنا في المقال ، لما قال : يريد أن يوسع دائرة التكفير ، لعله أراد بهذا أن سيد قطب قال في الأمة الإسلامية الآن في هذا العصر إنها تعيش في جاهلية ما تعيشها الجاهلية الأولى ، وقال: إن هذه مساجدها معابد للجاهلية وإن الإسلام يرفض أسلمة هذه المجتمعات، هذا قرأته بعيني يا شيخ.
الألباني : هل ذهبتَ إلى مصر ؟ السائل : لا ، ما ذهبتُ .
الألباني : هو مصري ، هو يـحكي ما يشاهده في مساجد آنسة زينب ، والبدوي ، و..و..و.. إلخ .
السائل : فتكون كل المساجد في مصر هكذا ؟!!
الألباني : أنا ما أقول بالكلية ، ولا هو يقول بالكلية ، لكن هو يتكلم بصورة عامة .
السائل : بس هو عمَّ المجتمعات يا شيخ !
الألباني : على كل حال ، الرجل مات ، وانتقل إلى رحمة الله ، وإلى فضله ، ونـحن كما نصحتك آنفاً لا تبحثوا في الأشخاص ، خاصة إذا كانوا انتقلوا إلى رحمة الله .
[ ثم سأل الألباني السائل ] :
الألباني : أنت أبو إيش [ كلمة غير واضحة ] ؟
السائل : أبو طلحة .
الألباني : شوف يا أبو طلحة ، يقول الرسول عليه السلام – ولو في غير هذه المناسبة – : ( إنما الأعمال بالخواتيم ) ، شو خاتمة البحث في كلام السيد قطب أو غيره إنو قصد هيك ولاَّ قصد هيك ؟
السائل : الشاهد أنه يا شيخ ذكر أحسن ...
الألباني مقاطعاً : لا تـحد عن الجواب ، لا تـحد عن الجواب .
السائل : طيب ، ما قصدت الحيدة يا شيخ(1) ، قصدت أن هذا ...
الألباني مقاطعاً : أنا ما أتكلم قصدتَ أم لم تقصد ، وإنما أذكرك ، أقول : لا تـحد عن الجواب ، قل ما هي ثمرة البحث في إنو سيد قطب أو غيره قال كذا وكذا وكذا ؟ فما هو المقصود من حكايتنا لكلامه ؟
السائل : نـحن الآن نريد تـحذيراً للناس ، لأن الـناس يعلو مؤلفات هذا الرجل – يعني– حتى فاقت في طباعتها وانتشارها مؤلفات الأئـمة ، فـيا شيخ هو – يعني – عنده أخطاء عقائدية كثيرة ، ويتكلم في عثمان ، ويخرِّج ...
الألباني : هذا هو الجواب ؟!!!
السائل : لا ، أقصد أنه هو لهذا يا شيخ ..
فقال متدخل كلمة غير واضحة
قال الألباني : يالله تفضلوا ..
فقال المتدخل:
فكنت أتمنى سؤال واحد فقط ، هل قلتم مرة أن ( معالم في الطريق ) هو توحيد كُتب بأسلوب عصري؟
فقال فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني- رحمه الله :
أنا أقول إنه في هذا الكتاب فصل قيّم جداً، أظن عنوانه: ( لا إله إلا الله، منهج حياة ) هذا الذي أقوله..
وأنا قلتُ آنفاً، ومثل ما يقولوا عندنا بالشام [غير واضح] الرجل ليس عالماً، لكن له كلمات عليها نور، عليها علم.. مثل : منهج حياة..
أنا أعتقد إن العنوان هذا كثير من إخوانا السلفيين ما تبنوا معناه، أنه ( لا إله إلا الله منهج حياة ) .
المرجع : شريط ( الاعتدال ) للشيخ الألباني ، الجزء الأول
العلامة الألباني : سيد قطب جدد دعوة الإسلام
في قلوب الشباب
سئل عن كتاب سيد قطب : ( جاهلية القرن العشرين ) فأنكر الشيخ أن يوصف القرن العشرين بالجاهلية ثم قال : ( ثم إن في كلام سيد قطب رحمه الله وفي بعض تصانيفه مما يشعر الباحث أنه كان قد أصابه شيء من التـحمس الزائد للإسلام في سبيل توضيـحه للناس ، ولعل عذره في ذلك أنه كان يكتب بلغة أدبية ، ففي بعض المسائل الفقهية كحديثه عن حق العمال في كتابه : ( العدالة الاجتماعية ) أخذ يكتب بالتوحيد وبعبارات قوية تـحيي في نفوس المؤمنين الثقة بدينهم وإيمانهم ، فهو من هذه الخلفية في الواقع قد جدد دعوة الإسلام في قلوب الشباب وإن كنا نلمس أحياناً أن له بعض الكلمات تدل على أنه لم يساعده وقته على أن يـحرر فكره من بعض المسائل التي كان يكتب حولها أو يتـحدث فيها ) ا.هـ
المرجع: كتاب (حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه) تصنيف محمد بن إبراهيم الشيباني ، الجزء الأول
** سئل الشيخ الألباني عن بعض من خالف السلف مثل النووي وابن حجر وابن الجوزي وسيد قطب وحسن البنا .
فقال الألباني : ( من مثل النووي والحافظ ابن حجر ؟ أعطيني اليوم في العالم الإسلامي كله مثل هذين الرجلين ، ودعك وسيد قطب ، هذا رجل نــجله على جهاده ، ولكنه لا يزيد على كونه كان كاتباً ، وكان أديباً، ولكنه لم يكن عالماً ، فلا غرابة أن يصدر منه أشياء وأشياء تخالف المنهج الصحيـح ) . والنقلان السابقان من شريط : ( إلى غلاة التجريـح ) للشيخ محمد حسان حفظه الله .
جواب الألباني على أحدهم وهو يقدم له كتابين ألفا على سيد قطب رحمه الله
قال أحد الحاضرين : الكتابين هذين أحدهم بعنوان (مطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله) (1) ، واعتمد فيه على الطبعة السادسة عام64 قبل أن يموت سيد قطب في سَنَة ...
فقال الألباني: الله يهديه، يا أخي شو بيفيد الكتاب هذا؟
الشيخ المحدث محمد بن ناصر الدين الألباني
الألباني يثنـي على حسن البنا ويذكر فضله
على الشباب المسلم
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
وكانت لي بعض [ كلمة غير واضحة ] الكتابية التـحريرية ، مع الأستاذ الشيخ حسن البنا ([1]) رحمه الله ولعل بعضكم - بعض الحاضرين منكم - يذكر أنه حينما كانت مجلة ( الإخوان المسلمون ) تصدر في القاهرة، وهي التي تصدر طبعاً عن جماعة الإخوان المسلمين، كان الأستاذ سيد سابق بدأ ينشر مقالات له في فقه السنّة، هذه المقالات التي أصبحت بعد ذلك كتاباً ينتفع فيه المسلمون الذين يتبنون نهجنا من السير في الفقه الإسلامي على الكتاب والسنة .
هذه المقالات التي صارت فيما بعد كتاب ( فقه السنة ) لسيد سابق، كنتُ بدأت في الاطلاع عليها، وهي لمّا تُجمع في الكتاب، وبدت لي بعض الملاحظات، فكتبتُ إلى المجلة هذه الملاحظات، وطلبتُ منهم أن ينشروها فتفضلوا، وليس هذا فقط ؛ بل جاءني كتاب تشجيع من الشيخ حسن البنا رحمه الله ، وكم أنا آسَف أن هذا الـكتاب ضاع مني ولا أدري أين بقي..
ثم نـحن دائماً نتـحدث بالنسبة لحسن البنا - رحمه الله - فأقول أمام إخواني ، إخوانا السلفيين، وأمام جميع المسلمين ، أقول: لو لم يكن للشيخ حسن البنا - رحمه الله - من الفضل على الشباب المسلم سوى أنه أخرجهم من دور الملاهي في السينمات ونـحو ذلك والمقاهي، وكتّلهم وجمعهم على دعوة واحدة، ألا وهي دعوة الإسلام ، لو لم يكن له من الفضل إلا هذا لكفاه فضلاً وشرفاً..هذا نقوله معتقدين ، لا مرائين، ولا مداهنين.
فيديو ...
عبدالناصر أراد أن يستميل الشيخ سيد قطب ويجعل منه منظرا للثورة لكن الشيخ كان مدركا للأمور ولم يعطه ما أراد ||
الخطاب الذهبي
عن سيد قطب رحمه الله
من فضيلة الشيخ العلامة: بكر بن عبد الله أبو زيد حفظه الله
إلى فضيلة الشيخ : ربيع بن هادي المدخلي
فضيلة الأخ الشيخ / ربيع بن هادي المدخلي .. الموقر
السلام عيكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد
فأشير إلى رغبتكم قراءة الكتاب المرفق ( أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره ) هل من ملاحظات عليه ؟ ثم هذه الملاحظات هل تقضي على هذا المشروع فيطوى ولا يروى، أم هي مما يمكن تعديلها فيترشح الكتاب بعدُ للطبع والنشر ويكون ذخيرة لكم في الأخرى، بصيرة لمن شاء الله من عباده في الدنيا ، لهذا أبدي ما يلي :
(1) نظرت في أول صفحة منه ( فهرس الموضوعات ) فوجدتها عناوين قد جمعت في سيد قطب رحمه الله أصول الكفر والإلحاد والزندقة : القول بوحدة الوجود، القول بخلق القرآن، يـجوز لغير الله أن يشرع، غلوه في تعظيم صفات الله تعالى، لا يقبل الأحاديث المتواترة، يشكك في أمور العقيدة التي يـجب الجزم بها، يكفر المجتمعات .. إلى أخر تلك العناوين التي تقشعر منها جلود المؤمنين .. وأسفت على أحوال علماء المسلمين في الأقطار الذين لم ينبهوا على هذه الموبقات.. وكيف الجمع بين هذا وبين انتشار كتبه في الآفاق انتشار الشمس، وعامتهم يستفيدون منها، حتى أنت في بعض ما كتبت، عند هذا أخذتُ بالمطابقة بين العنوان والموضوع ،، فوجدت الخبر يكذبه الخبر ، ونهايتها بالجملة عناوين استفزازية تجذب القارئ العادي إلى الوقيعة في سيد رحمه الله ، وإني أكره لي ولكم ولكل مسلم مواطن الإثم والجناح، وإن من الغبن الفاحش إهداء الإنسان حسناته إلى من يعتقد بغضه وعداوته.
(2) نظرت فوجدت هذا الكتاب يفتقد :
* أصـول البحث العلمي
* الحيـدة العلمية
* منهـج النقد
* أمانـة النقل والعلم
* عـدم هضم الحق.
* أما أدب الحوار وسمو الأسلوب ورصانة العرض فلا تمت إلى الكتاب بهاجس .. وإليك الدليل :
أولاً : رأيت الاعتماد في النقل من كتب سيد رحمه الله تعالى من طبعات سابقة مثل (الظلال)
و(العدالة الاجتماعية) مع علمكم كما في حاشية ص 29 وغيرها أن لها طبعات معدلة لاحقة،
والواجب حسب أصول النقد والأمانة العلمية تسليط النقد إن كان على النص من الطبعة الأخيرة لكل كتاب، لأن ما فيها من تعديل ينسخ ما في سابقتها وهذا غير خاف إن شاء الله تعالى على معلوماتكم الأولية، لكن لعلها غلطة طالب حضر لكم المعلومات ولمَّـا يعرف هذا ؟؟! وغير خاف ما لهذا من نظائر لدى أهل العلم ، فمثلاً كتاب الروح لابن القيم لما رأى بعضهم فيما رأى قال: لعله في أول حياته ، وهكذا في مواطن لغيره، وكتاب ( العدالة الاجتماعية ) هو أول ما ألفه في الإسلاميات والله المستعان.
ثانياً : لقد اقشعر جلدي حينما قرأت في فهرس هذا الكتاب قولكم (سيد قطب يـجوز لغير الله أن يشرع ) فهرعت إليها قبل كل شيء فرأيت الكلام بمجموعه نقلاً واحدًا لسطور عديدة من كتابه : (العدالة الاجتماعية) وكلامه لاا يفيد هذا العنوان الاستفزازي، ولنفرض أن فيه عبارة موهمة أو مطلقة، فكيف نـحولها إلى مؤاخذة مكفرة، تنسف ما بنى عليه سيد رحمه الله حياته ووظف له قلمه من الدعوة إلى توحيد الله تعالى (في الحكم والتشريع) ورفض سن القوانين الوضعية والوقوف في وجوه الفعلة لذلك ؟! إن الله يـحب العدل والإنصاف في كل شيء ولا أراك إن شاء الله تعالى إلا في أوبة إلى العدل والإنصاف.
ثالثاً: ومن العناوين الاستـفـزازيـــة قولكم : ( قول سيد قطب بوحدة الوجود ) .
إن سيدًا رحمه الله قال كلامًا متشابهًا حلَّق فيه بالأسلوب في تفسير سورتي الحديد والإخلاص وقد اعتمد عليه بنسبة القول بوحدة الوجود إليه، وأحسنتم حينما نقلتم قوله في تفسير سورة البقرة من رده الواضح الصريـح لفكرة وحدة الوجود، ومنه قوله: (( ومن هنا تنتفي من التفكير الإسلامي الصحيـح فكرة وحدة الوجود )) وأزيدكم أن في كتابه (مقومات التصور الإسلامي) ردًا شافيًا على القائلين بوحدة الوجود، لهذا فنـحن نقول غفر الله لسيد كلامه المتشابه الذي جنـح فيه بأسلوب وسع فيه العبارة .. والمتشابه لا يقاوم النص الصريـح القاطع من كلامه، لهذا أرجو المبادرة إلى شطب هذا التكفير الضمني لسيد رحمه الله تعالى وإني مشفق عليكم.
رابعاً : وهنا أقول لجنابكم الكريم بكل وضوح إنك تـحت هذه العناوين : (مخالفته في تفسير لا إله إلا الله للعلماء وأهل اللغة ، وعدم وضوح الربوبية والألوهية عند سيد ) .
أقول أيها المحب الحبيب، لقد نسفت بلا تثبت جميع ما قرره سيد رحمه الله تعالى من معالم التوحيد ومقتضياته، ولوازمه التي تـحتل السمة البارزة في حياته الطويلة فجميع ما ذكرته يلغيه كلمة واحدة ، وهي أن توحيد الله في الحكم والتشريع من مقتضيات كلمة التوحيد، وسيد رحمه الله تعالى ركز على هذا كثيرًا لما رأى من هذه الجرأة الفاجرة على إلغاء تـحكيم شرع الله من القضاء وغيره وحـلال الـقـوانـين الـوضعية بدلاً عنهـا ولا شك أن هـذه جرأة عظيمة
ما عهدتها الأمة الإسلامية في مشوارها الطويل قبل عام (1342هـ ) .
خامساً: ومن عناوين الفهرس ( قول سيد بخلق القرآن وأن كلام الله عبارة عن الإرادة ) .
لما رجعـت إلى الصفحات المذكورة لم أجد حرفًا واحدًا يصرح فيه سيد رحمه الله تعالى بهذا اللفظ : (القرآن مخلوق) كيف يكون هذا الاستسهال للرمي بهذه المكفرات ؟!!
إن نهاية ما رأيت له تمدد في الأسلوب كقوله (ولكنهم لا يملكون أن يؤلفوا منها ـ أي الحروف المقطعة ـ مثل هذا الكتاب لأنه من صنع الله لا من صنع الناس) ..وهي عبارة لا شك في خطإها ولكن هل نـحكم من خلالها أن سيدًا يقول بهذه المقولة الكفرية (خلق القرآن) ؟! اللهم إني لا أستطيع تـحمل عهدة ذلك..
لقد ذكرني هذا بقول نـحوه للشيخ محمد عبد الخالق عظيمة رحمه الله في مقدمة كتابه (دراسات في أسلوب القرآن الكريم) والذي طبعته مشكورة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فهل نرمي الجميع بالقول بخلق القرآن ؟!! اللهم لا .
وأكتفي بهذا من الناحية الموضوعية وهي المهمة.
ومن جهات أخرى أبدي ما يلي:
1) مسودة هذا الكتاب تقع في 161 صفحة بقلم اليد، وهي خطوط مختلفة ! ولا أعرف منه صفحة واحدة بقلمكم حسب المعتاد !! إلا أن يكون اختلف خطكم، أو اختلط علي، أم أنه عُهد بكتب سيد قطب رحمه الله لعدد من الطلاب فاستخرج كل طالب ما بدا له تـحت إشرافكم، أو بإملائكم ؟!! لهذا فلا أتـحقق من نسبته إليكم إلا ما كتبته على طرته أنه من تأليفكم، وهذا عندي كافٍ في التوثيق بالنسبة لشخصكم الكريم!
2) مع اختلاف الخطوط إلا أن الكتاب من أوله إلى أخره يـجري على وتيرة واحدة وهي: أنه بنفسٍ متوترة وتهيـج مستمر، ووثبةٍ تضغط على النص حتى يتولد منه الأخطاء الكبار، وتجعل محل الاحتمال ومشتبه الكلام محل قطع لا يقبل الجدال .. وهذا نكث لمنهج النقد : ( الحيدة العلمية ) .
3) من حيث الصيغة إذا كان قارنًا بينه وبين أسلوب سيد رحمه الله ، فهو في نزول، سيد قد سَمَا، وإن اعتبرناه من جانبكم الكريم فهو أسلوب (إعدادي) لا يناسب إبرازه من طالب علم حاز على العالمية العالية !! لا بد من تكافؤ القدرات في الذوق الأدبي، والقدرة على البلاغة والبيان، وحسن العرض، وإلا فليكسر القلم.
4) لقد طغى أسلوب التهيـج والفزع على المنهج العلمي النقدي .. ولهذا افتقد الرد أدب الحوار.
5) في الكتاب من أوله إلى آخره تهجم وضيق عطن وتشنــج في العبارات فلماذا هذا…؟!!
6) هذا الكتاب ينشط الحزبية الجديدة التي أنشأت في نفوس الشبيبة جنوح الفكر بالتـحريم تارة، والنقض تارة وأن هذا بدعة وذاك مبتدع، وهذا ضلال وذاك ضال .. ولا بينة كافية للإثبات، وولدت غرور التدين والاستعلاء حتى كأنما الواحد عند فعلته هذه يلقي حملاً عن ظهره قد استراح من عناء حمله، وأنه يأخذ بحجز الأمة عن الهاوية، وأنه في اعتبار الآخرين قد حلق في الورع والغيرة على حرمات الشرع المطهر، وهذا من غير تـحقيق هو في الحقيقة هدم ، وإن اعتبر بناء عالي الشرفات، فهو إلى التساقط، ثم التبرد في أدراج الرياح العاتية
هذه سمات ست تمتع بها هذا الكتاب فآل غـيـر مـمـتـع، هذا ما بدا إلي حسب رغبتكم.
وأعتذر عن تأخر الجواب، لأنني من قبل ليس لي عناية بقراءة كتب هذا الرجل وإن تداولها الناس ، لكن هول ما ذكرتم دفعني إلى قراءات متعددة في عامة كتبه، فوجدت في كتبه خيرًا كثيرًا وإيماناً مشرفًا وحقًا أبلج ، وتشريـحا فاضحًا لمخططات العداء للإسلام، على عثرات في سياقاته واسترسال بعبارات ليته لم يفه بها ، وكثير منها ينقضها قوله الحق في مكان آخر والكمال عزيز .
والرجل كان أديبًا نقادة، ثم اتجه إلى خدمة الإسلام من خلال القرآن العظيم والسنة المشرفة، والسيرة النبوية العطرة، فكان ما كان من مواقف في قضايا عصره، وأصر على موقفه في سبيل الله تعالى، وكشف عن سالفته.
وطُـلِب منه أن يسطر بقلمه كلمات اعتذار وقال كلمته الإيمانية المشهورة: إن إصبعاً أرفعه للشهادة لن أكتب به كلمة تضادها... أو كلمة نـحو ذلك.
فالواجب على الجميع : الدعاء له بالمغفرة ، والاستفادة من علمه، وبيان ما تـحققنا خطأه فيه، وأن خطأه لا يوجب حرماننا من علمه ولا هجر كتبه..
اعتبر رعاك الله حاله بحال أسلاف مضوا أمثال أبي إسماعيل الهروي والجيلاني كيف دافع عنهما شيخ الإسلام ابن تيمية مع ما لديهما من الطوام لأن الأصل في مسلكهما نصرة الإسلام والسنة، وانظر منازل السائرين للهروي رحمه الله تعالى، ترى عجائب لا يمكن قبولها ومع ذلك فابن القيم رحمه الله يعتذر عنه أشد الاعتذار ولا يـجرمه فيها، وذلك في شرحه مدارج السالكين، وقد بسطت في كتاب "تصنيف الناس بين الظن واليقين" ما تيسر لي من قواعد ضابطة في ذلك .
وفي الختام فإني أنصح فضيلة الأخ في الله بالعدول عن طبع هذا الكتاب ( أضواء إسلامية ) وأنه لا يـجوز نشره ولا طبعه لما فيه من التـحامل الشديد والتدريب القوي لشباب الأمة على الوقيعة في العلماء، وتشذيبهم ، والحط من أقدارهم والانصراف عن فضائلهم..
واسمح لي بارك الله فيك إن كنت قسوت في العبارة، فإنه بسبب ما رأيته من تـحاملكم الشديد وشفقتي عليكم ورغبتكم الملحة بمعرفة ما لدي نـحوه جرى القلم بما تقدم ، سدد الله خطى الجميع..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخوكم بكر عبد الله أبو زيد
20 / 1 / 1414هـ
فيديو ...
د صلاح عبد الحق يروي كيف طلب الرئيس العراقي عبد السلام عارف من عبد الناصر أن يفرج عن الأستاذ #سيد_قطب . وكيف قبل عبد الناصر الأمر... وكيف كان رد الشهيد سيد قطب على طلب الرئيس العراقي بأن يرافقه في طائرته إلى #العراق
#قناة_دعوة
رأي فضيلة الشيخ محمد حسان
في سيد قطب
السؤال : ما رأيكم في مقالات الشهيد - بإذن الله - سيد قطب لماذا أعدموني؟
الجواب :
هو قيد بكلمة : ( بإذن الله ) والتقييد دقيق لأننا ذكرنا قبل ذلك بأنه لا ينبغي أن نـحكم في الدنيا بالشهادة لأحد أبداً ولو مات بين أيدينا في ميدان القتال ، وإنما نقول : نرجو الله -عز وجل- أن يكون من الشهداء وبإذن الله نرجوه أن يكون عنده من الشهداء ، هذا كلام مهم جداً ؛ لأن كلكم يعلم قصة الرجل في الصحيـحين الذي مات في ميدان القتال وكان قائد الميدان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأثنى الصحابة على بلائه ثم قال عليه الصلاة والسلام : ( هو في النار ) إلى آخر الحديث المشهور المعروف.
فنسأل الله -عز وجل- أن يـجعل الشيخ سيد قطب - رحمه الله - عنده من الشهداء فهو الرجل الذي قدّم دمه وفكره وعقله لدين الله عز وجل نسأل الله أن يتجاوز عنه بمنه وكرمه، وأن يغفر لنا وله وأن يتقبل منا ومنه صالح الأعمال، وأنا أُشهد الله أني أحب هذا الرجل في الله مع علمي يقيناً أن له أخطاء وأنا أقول : لو عاملتم يا شباب شيوخ أهل الأرض بما تريدون أن تعاملوا به الشيخ سيد قطب فلن تجدوا لكم شيخاً على ظهر الأرض لتتلقوا العلم على يديه لأن زمن العصمة قد انتهى بموت المعصوم محمد بن عبد الله وكل كتاب بعد القرآن معرض للخلل {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً}
لذا فأنا أحب هذا الرجل مع علمي ببعض أخطائه وأقول ومَن مِن البشر لم يخطئ ؟ ( فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون )
وأذكر يوم أن كنت أدَرِّس طلاب كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود في القصيم ويوماً استشهدت بفقرة للشيخ سيد قطب رحمه الله فردّ عليّ طالب من طلابنا فقال: يا شيخ ، قلت: نعم ، قال: أراك تكثر الاستشهاد بأقوال سيد قطب ، قلت : وهل تنقم عليّ في ذلك؟ قال: نعم، قلت: ولم؟ قال: لأنه كان فاسقاً. قلت: ولم؟ قال: لقد كان حليقاً، فقلت: يا أخي إن الإسلام في حاجة إلى شعور حي لا إلى شعر بغير شعور، مع أنني ما كنت ولن أكون أبداً ممن يقللون من قدر اللحية بل أنا الذي أقول إن إعفاء اللحية واجب لأن الأمر في السنة للوجوب ما لم تأت قرينة تصرف الأمر من الوجوب إلى الندب (اعفوا اللحى) (وفروا) (أرخوا) الأمر للوجوب إذا لم تأت قرينة تصرف الأمر من الوجوب إلى الندب لكن أقول: لا ينبغي أن نزن بهذه القسمة الضيزى رجلاً .
وأسعد قلبي سعادة غامرة أخ حبيب من إخواني الدعاة الكبار ، وقال لي: بأن عنده صورة للشيخ سيد قطب وهو بلحية كثة ولكنه حلق مع هذا البلاء الذي صبّ على رأسه في السجن والمعتقل فلا ينبغي على الإطلاق أن نزن الناس والمناهج بهذا الظلم .
رجل زلّ أخطأ في الظلال أو في بعض كتبه لا ننكر ذلك لكن لا ينبغي الإطلاق، أن ننسف جهد الرجل وأن نتهمه والعياذ بالله بالضلال يعني ( ما نيش حسمي كتب ) لن أسمي كتاباً الآن لكن هناك كتب تزيد عن المائتين صفحة تنقد سيد قطب وهذا أمر عادي جداً ما فيش فيه أي حرج لكن الكاتب لم يترحم على سيد قطب مرة واحدة ثم قال بالحرف : [سيد قطب ضال مضل] هذا ظلم ظلم ظلم بشع .
وبعدين كاد قلبي يخرج من صدري وأنا أقرأ في الفهارس لهذا الكتاب عنواناً جانبياً في الفهرس يقول: ( سيد قطب - يعني عنوان خطير جداً جداً- سيد قطب يدعو إلى شرك الحاكمية !! ) قلت: دا الرجل ما ماتش إلا عشان القضية دي ، دا لم يعدم سيد قطب إلا من أجل قضية الحاكمية فهذا ظلم - يعني مجرد العنوان نفسه ظلم قمة في الظلم .
رجل زل في مبحث الأسماء والصفات آه نعم زل زل سيد قطب في مبحث الأسماء والصفات وزل غيره من أئمتنا الكبار النووي -رحمه الله- الحافظ ابن حجر -رحمه الله- الزركشي قصدي ابن الأثير زل في مبحث الأسماء والصفات نكفر ونضلل ونفسق ونبدع هذا منهج منـحرف.
الكلام دا كله مع من يشار إليهم بأنهم أصحاب المنهج الحق الصحيـح إنما إوْعَ تسحب الكلام دا على المبتدعين أصلا. لا .
رجل مبتدع آه نـحذر منه ونوبخه ونبكته ونبين ضلاله ونبيـن فسقه ونبين بدعته دونما الحاجة إلى أن نبين محاسنه لا ما نبينش محاسن هو مبتدع أصلاً وضال ، محاسن إيه اللي نبينها خلّ بالك من الكلام دا، الميزان دا في غاية الدقّة عشان ما تخلطش بين الأمرين إنما رجل الأصل فيه أنه على منهج أهل السنة فلا.
أن أظهر المحاسن وأن أبين أخطاءه برفق وأدب، بنية إظهار الحق وإبطال الباطل.
إنما رجل مبتدع رجل والعياذ بالله على بدع شركية أقوم يـجي واحد يقول لي يا شيخ من الظلم أنك ما تبينش محاسنه لا دا من العدل ألا أبين محاسنه لو كانت له محاسن بل ينبغي أن أبين خطره وأن أحذر منه دونما التدليس على الناس بأن لهذا الرجل محاسن.
واضح الفرق ، يا أخوانا بين دي ودي هذه مهمة جدا عشان ما تخلطش وتتلخبط تطلع برى وتقول الشيخ قال كذا وكذا كلام واضح جدا بيّن ، فرق بين هذين الصنفين والنوعين .
هناك قوم اشتغلوا ببعض الأموات مثل سيد قطب وحسن البنا والواجب أن تلخص أخطاؤهم ويستفاد من بقية علمهم
الشيخ عبد الله الـجـبرين
قال الشيخ ابن جبرين حفظه الله :
( هناك قوم اشتغلوا ببعض الأموات، مثل: سيد قطب، وحسن البنا.
الواجب أنهم يُلخّصون أخطاءهم ويـحذِّرون منها، وأما حسناتهم فلا يدفنوها، ولا يَقدح فيهم لأجل تلك الأخطاء أو تلك الزلات، لأن لهم حسنات..
إذا كانوا يذكرون السيئات، وينسون الحسنات؛ صدق عليهم قول الشاعر:
ينسى من المعروف طوداً شامخاً.... وليس ينسى ذرة ممن أساء
فيـجب أ ن تُلخَّص الأخطاء، وأن يـحذَّر منها، وبقية علومهم يُستفاد منهم )
سماحة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
فتوى سماحة الشيخ عبد الله بن جبرين
عن سيد قطب وحسن البنا
السؤال : بعض الشباب يبدعون الشيخ سيد قطب وينهون عن قراءة كتبه ويقولون أيضا نفس القول عن حسن البنا ويقولون عن بعض العلماء أنهم خوارج وحجتهم تبيين الأخطاء للناس ، وهم طلبة حتى الآن , أرجو الإجابة حتى إزالة الريب لنا ولغيرنا حتى لا يعم هذا الشيء .
الجواب :
الحمد لله وحده ... وبعد
لا يـجوز التبديع والتفسيق للمسلمين لقول النبي صلي الله عليه وسلم : (من قال لأخيه يا عدو الله وليس كذلك حار عليه) ، وفي الحديث : (أن من كفر مسلما فقد باء بها أحدهما) ، وفي الحديث: (أن رجلا مر برجل وهو يعمل ذنبا فقال والله لا يغفر الله لك . فقال من ذا الذي يتألي علي أني لا أغفر لفلان ، إني غفرت له وأحبطت عملك )
ثم أقول إن سيد قطب وحسن البنا من علماء المسلمين ومن أهل الدعوة وقد نصر الله بهما وهدى بدعوتهما خلقا كثيراً ولهما جهود لا تنكر ولأجل ذلك شفع الشيخ عبد العزيز بن باز في سيد قطب عندما قرر عليه القتل وتلطف في الشفاعة فلم يقبل شفاعته الرئيس جمال ـ عليه من الله ما يستـحق ـ ولما قتل كل منهما أطلق على كل واحد أنه شهيد لأنه قتل ظلما ، وشهد بذلك الخاص والعام ونشر ذلك في الصحف والكتب بدون إنكار ثم تلقى العلماء كتبهما ، ونفع الله بهما ولم يطعن أحد فيهما منذ أكثر من عشرين عاما والذين وقع لهم مثل ذلك كالنووي والسيوطي ، وابن الجوزي وابن عطية والخطابي والقسطلاني ، وأمثالهم كثير .
وقد قرأتُ ما كتبه الشيخ ربيع المدخلي في الرد على سيد قطب ورأيته جعل العناوين لما ليس بحقيقة ، فرد عليه الشيخ بكر أبو زيد ـ حفظه الله ـ (1) وكذلك محامل على الشيخ عبد الرحمن وجعل في كلامه أخطاءء مضللة مع طول صحبته له من غير نكير !!
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ..... ولكن عين السخط تبدي المساويا
قاله وأملاه : عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين
والفتوى موجودة في موقع الشيخ على الانترنت
رأي العلامة ابن قعود رحمه الله
في حسن البنا
قال العلامة عبد الله بن قعود رحمه الله :
وأنا عندي أن البنا رحمه الله تعالى قام بدور أرجو الله أن يغفر له وأن يضاعف أجره ، والحقيقة أنه حرَّك الدعوة في مصر وانتشرت منه إلى غير مصر على ما له فيه من نقص لكن له السبق ، له السبق في تربية الشباب وفي تـحريك الشباب .
والناس إذا ربنا أكرمهم أكثر مما كانوا فالشباب الآن أصبحوا شباب سنة أكثر من ذي قبل وشباب التزام أكثر من ذي قبل والخير فيهم أكثر مما كان في بدايات ( الإخوان ) بلا شك لكن هناك بدؤوا في وقت تكاد تكون لا شيء ، فلا ينسى للناس فضلهم .
المرجع : شريط ( وصايا للدعاة – الجزء الثاني ) للشيخ العلامة عبد الله بن حسن ابن قعود رحمه الله
فتوى سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي المملكة العربية السعودية عن سيد قطب رحمه الله وكتابه في ظلال القرآن
تاريخ الفتوى 2- 8 - 2005م
السائل: أحسن الله إليكم يقول سماحة الشيخ ما الفرق بين أحدية الوجود في تفسير الظلال وفكرة وحدة الوجود الضالة ؟
المفتي : كيف ؟ كيف ؟ ما الفرق بين ؟
السائل : ما الفرق بين أحدية الوجود في تفسير الظلال وفكرة وحدة الوجود الضالة ؟
المفتي : يا إخواني تفسير سيد قطب في ظلال القرآن هو كتاب ليس تفسير لكنه قال تـحت ظلال القرآن يعني كأنه يقول للمسلمين هذا القرآن نظام الأمة فعيشوا في ظلاله و استقوا من آدابه وانهلوا من معينه الصافي وأقبلوا بقلوبكم على القرآن لتجدوا فيه علاج مشاكلكم و حل قضاياكم وتفريـج همومكم إلى آخره .
والكتاب له أسلوب عالٍ في السياق ، أسلوب عال ، هذا الأسلوب الذي كتب به السيد كتابه قد يظن بعض الناس بادئ بدء من بعض العبارات أن فيها شركاً أو أن فيها قدحاً في الأنبياء أو أن وأن ..، ولو أعاد النظر في العبارة لوجدها أسلوبا أدبيا راقيا عاليا لكن لا يفهم هذا الأسلوب إلا من تمرس في قراءة كتابه ، والكتاب [كلمة غير واضحة] لا يخلو من ملاحظات كغيره لا يخلو من ملاحظات و لا يخلو من أخطاء لكن في الجملة أن الكاتب كتبه منطلق غيرة وحمية للإسلام ، والرجل هو صاحب تربية وعلوم ثقافية عامة وما حصل منه من هذا التفسير يعتبر شيئا كثير فيؤخذ منه بعض المقاطع النافعة والمواقف الجيدة والأشياء التي أخطأ فيها يعلى [كلمة غير واضحة] عذره قلة العلم وأنه ليس من أهل التفسير لكنه صاحب ثقافة عامة وعباراته أحياناً يفهم منها البعض خطأ لأن أسلوبه فوق أسلوب من يقرأه ، فلو أعاد النظر مراراً لم يـجد هذه الاحتمالات الموجود وإنما هو أسلوب من الأساليب العالية التي يتقاصر عنه فهم بعض الناس فربما أساء الظن ، والمسلم لا ينبغي له أن يـحرص على وجود المعايب، فليأخذ الحق ممن جاء به ، ويعلم أن البشر جميعا محل التقصير والخطأ ، والعصمة لكتاب الله و لقول محمد صلى الله عليه وسلم ، ما سوى الكتاب والسنة فالخطأ محتمل فيه لا سيما من إنسان عاش في مجتمعات لها مالها وسافر للغرب سنين وإلى آخره ، لكن كفانا منه ما وجد في هذا السفر من بعض المقاطع والكلمات النافعة التي لو قرأها الإنسان مرارا لرأى فيها خيراً كثير .. نعم . ا.هـ
المحاضرة كاملة من موقع الدعوة الخيرية - كتاب التوحيد-الدرس السادس ، للاستماع إليها :
http://www.al-daawah.net/suond/saif1426/almufti/tawheed/6th.rmتاريخ المحاضرة 24 / 6 / 1426 هـ الموافق 2 / 8 / 2005 م
رد سماحة المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ على من عقب على كلامه السابق عن سيد قطب وكتابه (في ظلال القرآن)
السائل :
أحسن الله إليكم هذا يعقب على كلامكم قبل قليل عن تفسير سيد قطب وهل معناه الدعوة إلى قراءته من قبل المبتدئين في طلب العلم ؟
المفتي :
والله أنا أقول طالب العلم إن قرأ به يستفيد ..
الطالب يميز ، طالب العلم إذا قرأ في بعض المواضع حقيقة بعض المواضع فيها كتابا جيدا ، حدث أخطاء ، ما أقول ما يسلم من الخطأ ، لكن ينبغي الإنصاف والاعتدال وأن لا نـحمل ألفاظه فوق ما يـحتمله ، ما نـحمل الألفاظ فوق ما تـحتمله ، ولا نسيئ الظن .
والرجل له – يعني – جهاد تعلمون أنه استشهد أو قتل شهيداً رحمه الله ، وله كتب كان فيها أخطاء فتراجع عنها ، لأن القرآن ربما أن كتابة تفسير القرآن عدلت منهجه السابق ، والقرآن لاشك أن من اعتنى به وأكثر من قراءته ينقله من حال إلى حال .. نعم . ا.هـ
المحاضرة كاملة من موقع الدعوة الخيرية - كتاب التوحيد-الدرس السادس ، للاستماع إليها :
تاريخ المحاضرة 24 / 6 / 1426 هـ الموافق 2 / 8 / 2005 م
نصيـحة العلامة ابن قعود رحمه الله لمن تـحامل على سيد قطب رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم ومحبي الفاضل الشيخ .......................... حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فانطلاقاً من نصحي لك ومحبتي لك التي لم تهتز – والله وبالله – حتى مع بواعث هذه الكتابة، وأرجو أن تظل تزداد قوة إلى أن نلقى الله محققاً فينا قول رسوله عليه الصلاة والسلام: "... تـحابا في الله.. الخ" (1) أذكرك بأمور:
أولاً: إنك – كما تعرف – لا تزال في مستقبل العمر الذي أرجو الله أن يـحفظه لك ويطيله في طاعة وعافية، وفي مستقبل التعلم ومستقبل التجارب والنضج، فرويداً – أخي – وطبخاً لما يصدر عنك تجاه من هم في ذمة الله خاصة الدعاة إلى الله (2) أحياءً أو أمواتاً عسى ألا تـحتاج في موقف حياة أو ممات للاعتذار عنه.
ثانياً: وعظتك شفوياً قبل أشهر بألا تكتب أو تقول شيئاً لـه مساس بأحد الدعاة وأنت غضبان أو [زعلان] عليه، وذكّرتك بما تعرفه من قول رسول الله (لا يـحكم أحد بين اثنين وهو غضبان)(3)، ونغمة الصوت في الشريط الذي سأذكره تنبئ –مع الأسف– عن ذلك فضلاً عن المضمون فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ثالثاً: نقل لي غير واحد قولك في اجتماع أخيار نـحسبهم كذلك قولك في كتاب: "معالم في الطريق": هذا كتاب ملعون.
سبحان الله!! كتاب أخذ صاحبه ثمنه قتلاً نـحسبه في سبيل الله بدافع من الروس الشيوعيين لجمال كما يعرف ذلك المعاصرون للقضية، وقامت بتوزيع هذا الكتاب جهات عديدة في المملكة، وخلال سنوات عديدة، وأهل هذه الجهات أهل علم ودعوة إلى الله، وكثير منهم مشايخ لمشايخك، وما سمعنا حوله منهم ما يستوجب ما قلت،
لكنك – والله أعلم- لم تمعن النظر فيه قبل أن تغضب، وخاصة الموضوعات: جيل قرآني فريد، الجهاد، لا إله إلا الله منهج حياة، جنسية المسلم عقيدته، استعلاء الإيمان، هذا هو الطريق.. وغيرها مما تلتقي معانيه في الجملة مع ما تدين الله به، فكيف بك إذا وقفت بين يدي الله وحاجك هذا الشخص الذي وصفته الإذاعة السعودية خلال سنوات متوالية بشهيد الإسلام، أو قال لك أحد تلامذتك أو زملائك هذه الجملة (ملعون إما إخبارية أو دُعائية) فكيف تجيب من حملها على الإخبارية عن علم الغيب؟!
رابعاً: استمعت للشريط: حتى لا … وفي فهمي المحدود أن أغلب من ذكرت فيه ووصف العاملين به أو القائلين به أو المفتين به بالفسق والابتداع وخيانة الأمة أمور اجتهادية دائرة بين راجح في نظر من وصفتهم بذلك وبين مرجوح في نظرك أو – تنزيلاً – خطأ، وأنت تعرف قول السلف في الخطأ.. قال الله: قد فعلت (4) .
ثم الكثير ممن أومأت إليهم في كلامك عن المراكز الصيفية والرحلات الدعوية أو العلمية من عدود (5) الأناشيد وأسلوب الدعوة و.. و.. على جانب من الخير والفضل والقيام بالدعوة إلى الله – وكنت حفظ الله لك عملك ذلك – من بينهم، وفي مقدمة المذكورين سماحة والدنا الشيخ عبد العزيز بن باز الذي يفتي بأن أسلوب الدعوة ليس توقيفياً.
وقلت في ردِّك على من يقول بذلك : (وهناك .. تقطع لسان القائل أن أسلوب الدعوة ليس توقيفياً ) ولم تورد ما يتلاءم مع قولك من نص قرآني أو نبوي وغير ذلك مما أحسبه يختلف مع منهج السلف في الدعوة إلى الله الذي نرجو الله أن يبصرنا به ويـحيينا جميعاً ويميتنا عليه إنه سميع مجيب.
ومعذرة فأظني لو رأيتك قبل تسجيل هذا الكلام لسبقتني عبرة الإشفاق عليك التي كادت في أثناء صلاةٍ أن تأخذ بي لمّا عَرَضْتَ لي فيها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوك
عبد الله بن حسن القعود
---------------------------- (1)البخاري (2/119، 124)، ومسلم (ح1031)
(2)روى البخاري في صحيـحه عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله: من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيـحتنا، فذلك المسلم الذي لـه ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته". كتاب الصلاة . فتـح 1/496ح391
(3) متفق عليه، البخاري كتاب الأحكام (ح7158)، ومسلم في الأقضية ح1717
(4) رواه مسلم كتاب الإيمان، باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق (1/115 ح125، 26)
(5) كلمة لم تتبين لي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق