الأحد، 14 نوفمبر 2021

حكم قراءة القرآن في الأضرحة والقبور?!

 




قراءة القرآن في الأضرحة والقبور
السؤال :
هل يجوز قراءة القرآن في الأضرحة والقبور؟
الجواب :
لم يثبت أن النبي ﷺ كان يقرأ شيئاً من القرآن إذا زار المقابر سوى ما ورد أنه ﷺ قال: ((يس قلب القرآن اقرؤوها على موتاكم)) (1) إذا حملنا لفظ الموتى على المعنى الحقيقي: وهو خروج الروح من الجسد؛ لأن حمله على حالة النزاع حمل اللفظ على معناه المجازي، والحمل على الحقيقة أولى، ومع هذا فلا مانع من قراءة القرآن في المقبرة؛ لعدم ورود المنع من ذلك؛ ولأن الأموات يسمعون القراءة فيستأنسون بها.
ولأن الإمام أحمد كان يرى ذلك؛ حيث قد نهى ضريراً يقرأ عند القبور، ثم أذن له بعد أن سمع أن ابن عمر رضي الله عنه أوصى أن يقرأ إذا دفن عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها، كما جاء في المغني لابن قدامة في مسألة زيارة القبور(2).
أما القول: بأن القراءة عند القبور #بدعة فغير مُسَلَّم؛ لأن البدعة هي التي لم يرد بها نص خاص، أو لم تدخل تحت القواعد العامة للإسلام، والقراءة مشروعة على الإطلاق في الإسلام بغض النظر عن مكان القراءة وزمانها ما لم يرد نهي عنها بوقت معين وزمان معين أو مكان معين.
_________________
(1) رواه أحمد برقم ٢٠٣١٦، وأبو داود برقم ٣١٢١، وابن ماجه برقم ١٤٤٨، والنسائي في عمل اليوم والليلة برقم ١٠٧٤، وغيرهم.
(2) المغني: ٢/ ٥٦٧.
نقله محمد حسين الشاويش
ص ١٧٦
📕 البدعة في المفهوم الإسلامي الدقيق
👤 الدكتور عبد الملك بن عبد الرحمن السعدي
٢٠١٦ م، ط دار النور.

حكم تكرار العمرة في السفرة الواحدة؟

 


💥حكم تكرار العمرة في السفرة الواحدة
السؤال:شيخنا بعض الزائرين إلى بيت الله الحرام في مكة يحرص على تكرار العمرة عن نفسه أو بعض أقاربه المتوفين او العاجزين ، فما حكم تكرار العمرة في السفرة الواحدة ؟ بارك الله فيكم.
الجواب: الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
فقد اتفق العلماء على أن العمرة من أفضل الأعمال وأجلها عند الله تعالى ، لما روي في الصحيحين قوله- صلى الله عليه وسلم-:((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما)). وذهب جمهور العلماء - إلا المشهور عند المالكية- إلى مشروعية تكرارها في السنة أكثر من مرة وبأسفار متعددة، وإلى أنها متأكدة في حق كل من يقدم على مكة سواء كان من أهلها أو من غيرهم.
👈لكنهم اختلفوا في مشروعية تكرار العمرة في السفرة الواحدة، على قولين:
✨القول الأول: جواز تكرار العمرة في سفرة واحدة, وأن يكرر العمرة بالإحرام بها من أدنى الحِل، وأقرب موضع لأقرب الحل هو التنعيم -مسجد السيدة عائشة-؛ لأنه هو ميقات الإحرام بالعمرة لمن هو من أهل مكة أو أقام بها أو قدم إليها لحج أو عمرة، وهو قول أكثر أهل العلم، واحتجوا بما يأتي:
1- لأنه لم يرد عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ما يمنع من ذلك، بل ورد ما يدل على جواز ذلك بإذنه لعائشة -رضي الله عنها- بأداء العمرة بعد الحج تطييباً لخاطرها، ففي الصحيحين قالت أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها): قلت: يا رسول الله، يرجع الناس بعمرة وحجة، وأرجع أنا بحجة، قال: ((وما طفت ليالي قدمنا مكة؟)) قلت: لا، قال: ((فاذهبي مع أخيك إلى التنعيم، فأهلي بعمرة, ثم موعدك كذا وكذا)) .
وفيه دلالة صريحة على جواز تكرار العمرة في سفرة واحدة، وانه إرشاد وإقرار من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وهو عام لجميع المسلمين، ففي الصحيحين قول أسيد بن حضير-رضي الله عنه- لعائشة -رضي الله عنها-: (جزاك الله خيرا، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه، إلا جعل الله ذلك لك وللمسلمين فيه خيرا) ، وفي لفظ له ولمسلم : (جزاك الله خيرا، فوالله ما نزل بك أمر قط، إلا جعل الله لك منه مخرجا وجعل للمسلمين فيه بركة (.
2- حث النبيّ -صلى الله عليه وسلم - في أكثر من حديث على العمرة، والندب يراد به الاستكثار من المندوب إليه، ففي الصحيحين عن أبي هريرة (رضي الله عنه): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما, والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)) .
قال الإمام ابن عبد البر القرطبي المالكي-رحمه الله تعالى- في الاستذكار[4/113]: (والجمهور على جواز الاستكثار منها في اليوم والليلة ، لأنه عمل بر وخير ، فلا يجب الامتناع منه إلا بدليل ، ولا دليل يمنع منه بل الدليل يدل عليه بقول الله :  وافعلوا الخير  وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة") .
وقال الإمام النووي-رحمه الله تعالى- في المجموع [7/147]: ( لا يكره عمرتان وثلاث ، وأكثر في السنة الواحدة ، ولا في اليوم الواحد ، بل يستحب الإكثار منها بلا خلاف عندنا).
وقال الإمام الصنعاني-رحمه الله تعالى- في سبل الإسلام [1/599]: (معلقاً على الحديث السابق في قوله:" العمرة إلى العمرة" دليل على تكرار العمرة، وأنه لا كراهة في ذلك، ولا تحديد بوقت).
وبعضهم من جوز تكرار العمرة بإمكانية الحلق ، كما قال الإمام أحمد: (إذا اعتمر فلا بد من أن يحلق أو يقصر، وفي عشرة أيام يمكن حلق الرأس).[المغني 3/220].
ومن فتاوى الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله تعالى-:(لا حرج في ذلك، والحمد لله، إذا قدم للعمرة أو للحج فحج عن نفسه أو اعتمر عن نفسه أو حج عن غيره أو اعتمر عن غيره وأحب أن يأخذ عمرة أخرى لنفسه أو لغيره فلا حرج في ذلك، لكن يأخذها من الحل، يخرج من مكة إلى الحل التنعيم أو الجعرانة أو غيرهما فيحرم من هناك ثم يدخل فيطوف ويسعى ويقصر، سواء عن نفسه أو عن ميت من أقاربه وأحبابه أو عن عاجز، شيخ كبير، أو عجوز كبيرة، عاجزين عن العمرة فلا بأس، وقد فعلت هذا عائشة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فإنها اعتمرت مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم استأذنت في ليلة الحصبة ليلة ثلاثة عشرة وليلة أربعة عشر استأذنت من ليلة ثلاثة عشر استأذنت في ليلة الحصبة وهي مساء اليوم الثالث ليلة أربعة عشر، استأذنت أن تعتمر فأذن لها عليه الصلاة والسلام، وأمر عبد الرحمن بن أبي بكر وهو أخوها أن يذهب معها إلى التنعيم فاعتمرت -رضي الله عنه- الله عنها، وهذه عمرة ثانية من داخل مكة، فالحاصل أنه لا حرج أن يؤدي الإنسان الحج عن نفسه أو العمرة عن نفسه ثم يعتمر لشخص آخر أو يعتمر عن غيره أو يحج عن غيره ثم يعتمر لنفسه، لا حرج في ذلك. (
✨القول الثاني: لا يشرع تكرار العمرة في السفرة الواحدة ، لا عن نفسه ، ولا عن غيره ، وان الاشتغال بالطواف حول البيت أفضل وأكثر أجرا.
وكره أكثر السلف من أهل العلم الاشتغال بالخروج للتنعيم للإحرام بقصد العمرة وترك الطواف حول البيت والتعبد فيه، لكن إن سافر من مكة إلى جدة أو غيرها من المدن لحاجة ، كزيارة قريب أو شراء شيء ونحو ذلك ، ثم رجع إلى مكة فيجوز له أن يحرم بعمرة حينئذ عن نفسه ، أو عمن لم يعتمر من أقربائه أو أهله.
وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- حيث قال في مجموع الفتاوى [26/270] :(مثل أن يعتمر من يكون منزله قريباً من الحرم كل يوم ، أو كل يومين ، أو يعتمر القريب من المواقيت التي بينها وبين مكة يومان ، في الشهر خمس عمَر ، أو ست عمَر ، ونحو ذلك ، أو يعتمر من يرى العمرة من مكة كل يوم عمرة أو عمرتين : فهذا مكروه باتفاق سلف الأمة ، لم يفعله أحدٌ من السلف ، بل اتفقوا على كراهيته ، وهو وإن كان استحبه طائفة من الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد : فليس معهم في ذلك حجةٌ أصلاً إلا مجرد القياس العام ، وهو أن هذا تكثيرٌ للعبادات أو التمسك بالعموميات في فضل العمرة ، ونحو ذلك ).
وقال أيضا في نفس المصدر: (وهذا الذي ذكرناه مما يدل على أن الطواف أفضل، فهو يدلّ على أن الاعتمار من مكة وترك الطواف ليس بمستحب، بل المستحب هو الطواف دون الاعتمار، بل الاعتمار حينئذ هو بدعة لم يفعله السلف، ولم يؤمر بها في الكتاب والسنة، ولا قام دليل شرعي على استحبابها، وما كان كذلك فهو من البدع المكروهة باتفاق العلماء).
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي-رحمه الله تعالى- في المغني [ 3/220]: ( فأما الإكثار من الاعتمار والموالاة بينهما فلا يستحب في ظاهر قول السلف الذي حكيناه وكذلك قال أحمد : إذا اعتمر فلا بد من أن يحلق أو يقصر وفي عشرة أيام يمكن حلق الرأس فظاهر هذا أنه لا يستحب أن يعتمر في أقل من عشرة أيام وقال في رواية الأثرم : إن شاء اعتمر في كل شهر، وقال بعض أصحابنا : يستحب الإكثار من الاعتمار، وأقوال السلف وأحوالهم تدل على ما قلناه ، ولأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لم ينقل عنهم الموالاة بينهما وإنما نقل عنهم إنكار ذلك والحق في إتباعهم، قال طاوس : الذين يعتمرون من التنعيم ما أدري يؤجرون عليها أو يعذبون قيل له : فلم يعذبون قال : لأنه يدع الطواف بالبيت ويخرج إلى أربعة أميال ويجيء وإلى أن يجيء من أربعة أميال قد طاف مائتي طواف وكلما طاف بالبيت كان أفضل من أن يمشي في غيره شيء، وقد اعتمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم- أربع سفرات لم يزد في كل سفرة على عمرة واحدة ولا أحد ممن معه ولم يبلغنا أن أحدا منهم جمع بين عمرتين في سفر واحد معه ،إلا عائشة حين حاضت فأعمرها في التنعيم لأنها اعتقدت أن عمرة قرانها بطلت ولهذا قالت : يا رسول الله يرجع الناس بحج وعمرة وأرجع أنا بحجة فأعمرها لذلك، ولو كان في هذا فضل لما اتفقوا على تركه ).
وأجاب أصحاب القول الأول عنهم بما يأتي:
وأما القول بأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لم يفعله مع القدرة عليه، فلا يصلح دليلاً لعدم المشروعية والجواز؛ لأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حثّ على الإكثار من العمرة وهي سنة قولية، فتكون أقوى من عدم الفعل, وقد ترك النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعض العبادات مع إجماعهم على استحبابها كإجماعهم على استحباب العمرة في رمضان مع أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يفعلها.
والقول بأنه لم يثبت عن السلف ينقضه ما ثبت عن السلف في ذلك، ومن تلك الآثار: قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي حسين عن بعض ولد أنس بن مالك قال: كنا مع أنس بن مالك بمكة فكان إذا حمم رأسه خرج فاعتمر (مسند الشافعي).
وقال ابن أبي شيبة في المصنف: (حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر أنه سئل عن العمرة بعد الحج أيام التشريق فلم ير بها بأساً، وقال: ليس فيها هدي، وعن حصين قال: سألت سعيد بن جبير عن العمرة بعد الحج بستة أيام فقال: اعتمر إن شئت ، وعن ليث عن طاووس أنه سئل عن العمرة فقال: إذا مضت أيام التشريق فاعتمر متى شئت إلى قابل ،وعن قتادة عن عكرمة قال: اعتمر ما أمكنك) .
👍المفتى به:
هو ما ذهب إليه أكثر أهل العلم أصحاب القول الأول؛ من جواز تكرار العمرة في السفرة الواحدة، ولا حرج في ذلك، وإن كان الاشتغال بالطواف والتعبد في الحرم أولى وأفضل .
ولكن ينبغي للحاج المتمتع أن لا يكثر من تكرار العمرة حتى لا يؤثر على قوته وصحته لأداء مناسك الحج التي تنتظره ، ويستحب أن يؤخرها إلى ما بعد الحج كما نُقل ذلك عن بعض السلف .والله تعالى اعلم
✍د. ضياء الدين عبدالله الصالح

حكم الأكل والشرب واقفًا؟!

 (حكم الأكل والشرب واقفًا)

السؤال:
هناك بعض الأحاديث النبوية المطهرة تنهى عن الأكل والشرب واقفًا، وهناك أيضًا بعض الأحاديث تسمح للإنسان بالأكل والشرب واقفًا، فهل معنى ذلك أننا لا نأكل ولا نشرب واقفين؟ أم نأكل ونشرب جالسين؟ وأي الأحاديث أجدر بالاتباع؟
الجواب:
الأحاديث الواردة في هذا صحيحة جاء عن النبي ﷺ النهي عن الشرب قائمًا والأكل مثل ذلك، وجاء عنه ﷺ أنه شرب قائمًا، فالأمر في هذا واسع وكلها صحيحة، والحمد لله، فالنهي عن ذلك للكراهة، فإذا احتاج الإنسان إلى الأكل واقفًا أو إلى الشرب واقفًا فلا حرج، وقد ثبت عن النبي ﷺ أنه شرب قاعدًا وقائمًا، فإذا احتاج الإنسان إلى ذلك فلا حرج أن يأكل قائمًا وأن يشرب قائمًا، وإن جلس فهو أفضل وأحسن، وثبت عنه ﷺ أنه شرب من زمزم واقفًا عليه الصلاة والسلام، وقد ثبت عنه ﷺ من حديث علي رضي الله عنه أنه شرب قائمًا وقاعدًا، والأمر في هذا واسع، والشرب قاعدًا والأكل قاعدًا أفضل وأهنأ، وإن شرب قائمًا فلا حرج، وهكذا إن أكل قائمًا فلا حرج[1].
مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (25/ 275).