قراءة الفاتحة أو أي شيء من القرآن الكريم عند القبر :
اختلف الفقهاء في حكم قراءة القرآن عند القبر ، فذهب إلى استحبابها الامامان الشافعي ومحمد بن الحسن الشيباني تلميذ ابي حنيفة ، لتحصل بركة المجاورة ووافقهما القاضي عياض والقرافي من المالكية .
ويرى الامام أحمد أنه لا يقرأ عند القبر شيء وهو آخر قوليه كما في مسائل أبي داود ص 158
وكرهها مالك وأبو حنيفة لأنها لم ترد بها السنة ويستغنى عن هذا بالاستغفار والدعاء لثبوته ولوروده عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وكرهها مالك وأبو حنيفة لأنها لم ترد بها السنة ويستغنى عن هذا بالاستغفار والدعاء لثبوته ولوروده عن النبي صلى الله عليه وسلم .
فالمسألة خلافية وفيها متسع
قال الامام ابن تيمية رحمه الله تعالى حينما سئل (عن الختمة التى تعمل على الميت ) فأجاب :
(من قرأ القرآن محتسبا وأهداه إلى الميت نفعه ذلك والله أعلم )
(من قرأ القرآن محتسبا وأهداه إلى الميت نفعه ذلك والله أعلم )
مجموع فتاوى ابن تيميةج 24 / ص299
وثبت في الصحيحين كما في البخاري (458) ومسلم (956) أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى على امرأة في قبرها ، كانت تنظف المسجد ، وكان الصحابة قد دفنوها من غير أن يخبروا الرسول صلى الله عليه وسلم بموتها .
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَبْرٍ قَدْ دُفِنَ لَيْلا ، فَقَالَ : مَتَى دُفِنَ هَذَا ؟ قَالُوا : الْبَارِحَةَ . قَالَ : أَفَلا آذَنْتُمُونِي !؟ قَالُوا : دَفَنَّاهُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ . فَقَامَ فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنَا فِيهِمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ ) رواه البخاري (1321) . ومعلوم ان في صلاة الجنازة قراءة سورة الفاتحة ضمنها فجاز اذن قراءة الفاتحة على القبر داخل الصلاة بالنص وخارج الصلاة بالقياس
حكم قراءة القرآن وإهداؤها للميت تطوعا وهل يصل ثواب القراءة
(أ م لم ينبأ بما في
صحف موسى *وا إبراهيم الذي وفى *ألاتزر وازرة وزر أخرى
وان ليس للإنسان إلاما سعى ) سورة
النجم 39
اخي المسلم ....
قد جاء في تفسير هذه الاية (وان ليس للا
نسان الا ما سعى ) أي ا م لم ينبا بما في صحف موسى وإبراهيم أن ليس للإنسان الا سعيه !؟فلا يثاب بعمل غيره
. كما لا يواخذ بذنب غيره . اما في شريعتنا فقد ثبت بالكتاب والسنة والاجماع
انتفاع انسان بعمل غيره . ونقل العلامة الجمل في حاشيته على الجلالين بثا نفيسا
لشخ الاسلام ابن تيمية ننقل خلاصته لمزيد فائدته ، قال (( من اعتقد ان الإنسان لا
ينتفع الا بعمله فقد خرف الاجماع . وذلك باطل من وجوه :
إحداها : أن الإنسان ينتفع بعمل .
ودعاء النبي للاموات فعلا وتعليما ودعاء
الصحابة والتابعين والمسلين عصرا بعد عصر اكثر من ان يذكر واشهر من ان ينكر وقد
جاء ان الله يرفع درجة العبج في الجنة أنى لي هذا فيقال بدعاء ولدك لك .
ثانيهما : أن النبي (صلى الله
عليه وسلم ) يشفع لأهل الموقف في الحساب ثم لأهل الجنة في دخولها .
ِ
ثالثهما : يشفع لأهل الكبائر في الخروج من النار . وهذا انتفاع بسعي الغير .
رابعها ان الملائكة يدعون ويستغفرون لمن في الأرض ، وذلك منفعة بعمل الغير .
خامسها ن الله تعالى يخرج من النار من لم يعمل خيرا قط ( أي من المؤمنين )
بمحض رحمته ، وهذا انتفاع بغير عملهم .
سادسها : أن أولاد المؤمنين
يدخلون الجنة بعمل آبائهم . وذلك انتفاع
بحض عمل الغير .
سابعها : قال تعالى في قصة
الغلامين اليتيمين ( وكان أبوهما صالحاً ) فانتفع بصلاح ابيهما وليس من سعيهما .
ثامنها أن الميت ينتفع بصدقة عنه بنص السنة والإجماع وهو من عمل الغير . ( وفي
صحيح مسلم ) عن أبي هريرة قال النبي (صلى الله عليه وسلم ) أن أبي مات وترك مالا ولم يوصي فهل يكفي أن أتصدق عنه ؟ قال نعم .
تاسعها أن الحج المفروض يسقط عن الميت بحج وليه بنص السنة
وهو انتفاع بعمل الغير . ( ففي صحيح البخاري عن ابن عباس ( رضي الله عنه ) ان امراةمن جهينة جاءت إلى
النبي (صلى الله عليه وسلم ) أن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفاحج عنها ؟
قال : حجي عنها ، ارايت لو على أمك دين أكنت قاضيته ؟ اقضوا الله فالله أحق بالقضاء
.
عاشرها: ان الحج المنذور او الصوم المنذور يسقط
عن الميت بعمل غيره بنص السنة.
حادي عشر : الدين قد امتنع (صلى الله عليه
وسلم ) من الصلاة عليه حتى قضى دينه أبو قتادة وقضى دين الأخر علي بن أبي طالب ،
((وهذا دليل على ان الإنسان ينتفع بعمل الغير وان لم يكن ولده )) .
ثاني عشرها : إن النبي (صلى الله عليه وسلم ) قال لمن صلى
وحده : ( إلا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه ) فقد حصل معه فضل الجماعة بفعل الغير .
ثالث عشرها : إن من عليه تبعات ومظالم إذا حلل منها
سقط عنه ن وهذا ابتاع بعمل الغير .
رابع عشها : إن الجار الصالح ينتفع في المحيا
والممات ( كما جاء في الأثر ) . وهذا انتفاع بعمل الغير .
خا مس عشرها : ان جليس اهل الذكر يرحم بهم
وهو لم يكن منهم يجلس لذلك بل لحاجة عرضت له ، فقد انتفع بعمل الغير .
سادس عشرها : الصلاة على الميت والدعاء له في
الصلاة انتفاع للميت بصلاة الحي عليه ، وهو عمل غيره .
أخي
المسلم ....
من تأمل وجد من انتفاع الإنسان
بما لم يعمله ما لا يكاد يحصى . فكيف يجوز أن نتأول الآية الكريمة على خلاف صريح
الكتاب ولسنة وإجماع الأمة !! )) .
ويقول الحافظ ابن القيم :
وأما قراءة القرآن وإهداؤها له تطوعا بغير أجرة
فهذا يصل اليه كما يصل ثواب الصوم والحج . فإن قيل فهذا لم يكن معروفا في السلف ولا
يمكن نقله عن احد منهم مع شدة حرصهم على الخير ولا أرشدهم النبي (صلى الله عليه
وسلم ) وقد أرشدهم إلى الدعاء والاستغفار والصدقة والحج والصيام ولو كان ثواب
القراءة يصل لأرشدهم إليه ولكانوا يفعلونه. فالجواب إن مورد هذا السؤال إن كان
معترفا بوصول ثواب الحج والصيام والدعاء والاستغفار. قيل ما هذا الخاصية التي منعت
وصل ثواب القران واقتضت وصول ثواب هذا الأعمال وهل هذا إلا تفريق بين المتماثلات، وان
لم يعترف بوصول تلك الأشياء إلى الميت فهو محجوج بالكتاب والسنة والإجماع وقواعد الشرع.
وأما السبب الذي لأجله لم يظر ذلك في السلف فهو إنهم لم يكن لهم أوقات على من يقرأ
ويهدي إلى الموتى ولا كانوا يعرفون ذلك البتة ولا كانوا ولا كانوا يقصدون القبر
للقراءة عنده كما يفعله الناس اليوم ولا كان احدهم يشهد من الناس على ان ثواب هذه
القراءة لفلان الميت بل ولا هذه الصدقة والصوم . ثم يقال لهذا القائل لو كلفت ان
تنقل عن واحد من السلف انه قال اللهم ثواب هذا الصوم لفلان لعجزت ، فإن القوم
كانوا احرص شيء على كتمان أعمال البر فلم يكونوا ليشهدوا على الله بإيصال ثوابها إلى
أمواتهم .
فإن قبل فرسول الله (صلى الله عليه وسلم ) أرشدهم على الصوم والصدقة
والحج دون القراءة . قيل هو (صلى الله عليه وسلم ) لم يبدتهم بذلك بل خرج ذلك منه
مخرج الجواب لهم فهذا سأله عن الحج عن ميتة فغذن له ، وهذا سأله عن الصيام عنه فأذن
له ، وهذا سأله عن الصدقة فأذن له ، ولم يمنعهم مما دون ذلك .
- وأي فرق بين وصول ثواب الصوم الذي هو مجرد نية وإمساك وبين وصول
ثواب القراءة والذكر . وأما استدلالكم بقوله (صلى الله عليه وسلم ) إذا مات
العبد انقطع عمله فاستدلال ساقط فعنه (صلى الله عليه وسلم ) لم يقل انقطع
انتفاعه وإنما اخبر عن انقطاع عمله وأما عمل غيره فهو لعامله فمن وهبه له وصل
عليه ثواب عمل العامل لا ثواب عمله هو فالمنقطع شيء والواصل إليه شيء أخر
وكذلك الحديث الأخر وهو قوله عن مما يلحق الميت من حسناته وعمله فلا ينفي أن
يلحقه غير ذلك من عمل غيره وحسناته . والقائل إن أحدا من السلف لم يفعل ذلك
قلئل ما لا علم له به فغن هذه شهادة على نفي ما لم يعمله فما يدريه إن السلف
كانوا يفعلون ذلك ولا يشهدون من حضرهم عليه ، بل يكفي إطلاع علام الغيوب على
نياتهم ومقاصدهم لا سيما والتلفظ بنية الإهداء لا يشترط كما تقدم . وسر
المسالة إن الثواب ملك العامل فإذا تبرع به وأهداه إلى أخيه المسلم أوصله
الله إليه ن فما الذي خص من هذا ثواب قراءة القرآن وحجر على البد ان يوصله إلى
أخيه ن وهذا عمل سائر الناس حتى المنكرين في سائر الإعصار والأمصار من غير
نكير من العلماء . وبالجملة فأفضل ما يهدي إلى الميت العتق والصدقة
والاستغفار له والدعاء له والحج عنه . ولا مانعة من قراءة القرآن للأموات
وإهداء ثوابها إليهم فإن إهداء ثواب قراءة القرآن بصورة عامة مشروع ويصل الى
الميت . ولا مانع من قراءة الفاتحة بخصوصها لأنها تقرأ في الصلاة على الميت ن
ولإنها ام التاب والسبع المثاني ن واعتبرها النبي (صلى الله عليه وسلم ) رقية
، ولها فضائل عديدة أخرى على انه قد نقل الشيخ محمد عبدا لوهاب النجدي في
كتابه أحكام عن الموت ضمن مجموعة مؤلفاته القسم الثاني (الفقه ) نقل حديثاً
عن أبو هريرة مرفوعا (( من دخل المقابر ثم قرا فاتحة الكتاب وقل هو الله احد وألهاكم
التكاثر ن ثم قال ك جعلت ثواب ما قرأت من كلامك لأهل المقابر من المؤمنين
والمؤمنات كانوا له شفعاء )) وعلى فرض عدم ورود اثر في ذلك فان قراءتها ليست
بدعة لان البدعة هو كل عمل لم يرد به نص من كتاب او سنة او احماع او قياس او
ام يدخل تحت قاعدة من قواعد الإسلام .
ولكن حكم قراءة القرآن في مجالس التعزية بالشكل الذي
اعتاده الناس اليوم محرمة او مكروهة لما يأتي :
قراءة القرآن فيها باجر
واتخذ القران وسيلة إعلام تدل الناس على مجلس الفاتحة كما اتخذ شعارا للعزاء المآتم
وكأن الله انزله ليقرأ في هذه المجالس وللاموات فقط ثم انه يهان بعدم احترامه من
قبل السامعين بالتدخين ، واللغط ، وعدم الاستماع له قد يكون اشد حرصا على نصب
مكبرات الصوت لرفع القرآن في هذا المجالس من لم يعبأ بالقرآن وبأحكامه أو من هز
تارك للصلاة ، فيحرص على الفاتحة وهو لا يقرا في المكان المشروعة فيه وهي الصلاة .
أقول
ذلك حتى لا نخطيء فهم القرآن
وصلى
الله تعالى على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
زيارة النساء للقبور
لا بأس بزيارة النساء للقبور للاتعاظ ولتذكر الآخرة وللعبرة وللدعاء للموتى ولكن دون الإكثار من الزيارة والتردد على القبور .
وقد كانت تفعل ذلك أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها ووجد النبي صلى الله عليه وسلم امرأة تبكي عند قبر صبي فقال لها : (( اتقي الله واصبري )) رواه البخاري ( 3/115 ) ومسلم (3 / 40 ) . ولم ينهها عن زيارة القبر حينما رآها أو حينما ذهبت لتعتذر إليه صلى الله عليه وسلم عما بدر منها .
لا بأس بزيارة النساء للقبور للاتعاظ ولتذكر الآخرة وللعبرة وللدعاء للموتى ولكن دون الإكثار من الزيارة والتردد على القبور .
وقد كانت تفعل ذلك أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها ووجد النبي صلى الله عليه وسلم امرأة تبكي عند قبر صبي فقال لها : (( اتقي الله واصبري )) رواه البخاري ( 3/115 ) ومسلم (3 / 40 ) . ولم ينهها عن زيارة القبر حينما رآها أو حينما ذهبت لتعتذر إليه صلى الله عليه وسلم عما بدر منها .
وكره بعض العلماء الزيارة للنساء لقلة صبرهن وكثرة جزعهن ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( لعن الله زوارات القبور )) رواه أحمد ( 2/337 ) وهو صحيح .
لكن قال القرطبي : اللعن المذكور إنما هو للمكثرات من الزيارة لصيغة المبالغة ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرج ، وما ينشأ من الصياح ، ونحو ذلك وقد يقال إذا أمن جميع ذلك فلا مانع من الإذن لهن ، لأن تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء )) ووافقه الشوكاني في ذلك . انظر نيل الأوطار ( 4/95 )