الجمعة، 27 مارس 2020

*** الرد شامل على كل أدلة تحريم حلق اللحية ***

*** الرد شامل على كل أدلة تحريم حلق اللحية ***

‏١٠ أكتوبر ٢٠١٢‏، الساعة ‏٩:٣٣ م‏
الدليل الأول 
قالوا الأصل في الأوامر الوجوب إلا إن وجد صارف وقد أمر رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  بإعفاء اللحية (تركها تنمو) مخالفة للمشركين قلنا إن الأمر بإعفاء اللحية جاء مرتبط دائما بمخالفة المشركين ...
....
فيقول رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  خالفوا النصارى وأعفوا اللحى وقد وجدنا إن الأمر بمخالفة المشركين مستحب وليس واجب ووجدنا قرائن تصرفه عن الوجوب وهناك أمثلة كثيرة على ذلك تصرف الأمر عن الوجوب إلى الاستحباب في مخالفة المشركين ذلك منها  ...
ما جاء بالأمر بخضاب الشيب لمخالفة اليهود والنصارى، ولم يفعله عدد من الصحابة.
وفي الحديث آخر يقول رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم رواه البخارى في صحيحه ولم يفعله كل الصحابة واجمعوا على أن الصبغة مستحبه ...
ومن ذلك ايضا امر رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  باحفاء الشوارب مخالفة للكفار رواه البخارى فى صحيحة ومع ذلك كان عمر بن الخطاب يترك شاربه لدرجة انه كان يفتله إذا غضب ....
ومن ذلك ايضا قول رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  صلوا فى نعالكم ولا تشبهوا باليهود رواه في المعجم الكبير وقد اجمع الفقهاء على إباحة الصلاة بدون نعال ....
ومن ذلك أيضا نهى الرسول عن سدل الرجل ثوبه في الصلاة كفعل اليهود وقد اجمعوا إن ذلك مكروه ...
ومن ذلك أيضا قول رسول الله ( صل الله عليه وسلم ) اللحد لنا والشق لأهل الكتاب والصحابة لا تقول بتحريم الشق ولهذا لما توفى رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  اختلفوا هل يلحون له ام يشقون ؟ وأرسلوا إلى من يلحد ويشق فقالوا أن من أتى أولا هو صاحب الأمر فجاء الذي يلحد أولا فألحدوا لرسول الله ( صل الله عليه وسلم )  فلو كان النهى للتحريم لما اختلفوا فيما يفعلون برسول الله ولجزموا من أول مرة باللحد ولو لم يكن هناك دليل على أن الأمر المرتبط بعلة مخالفة الكفار يحمل على الاستحباب إلا هذه الواقعة لكفى دليل على ذلك لأنها إجماع من الصحابة على جواز اللحد والشق الذي اخبر الرسول انه من فعل أهل الكتاب  
 ... 
ومن ذلك أيضا نهى الرسول عن اتخاذ المحاريب في المساجد كما يفعل النصارى في كنائسهم ولم يقل احد بكراهة ذلك ولا بحرمته بل وقع الإجماع في مشارق الأرض ومغاربها على إباحة ذلك
ومن ذلك أيضا نهى رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  عن تشييد المساجد وزخرفتها كما يفعل اليهود والنصارى في كنائسهم ومع ذلك نجد أن الفقهاء اجمعوا على استحباب ذلك وصرح الإمام السبكى بجواز الزخرفة بالذهب والفضة في كتابه قناديل المدينة ...
ومن ذلك أيضا نهى رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  عن الصلاة وقت غروب الشمس ووقت طلوعها لان الكفار يصلون في هذا الوقت ومع ذلك نجد أن الفقهاء اجمعوا على كراهة ذلك وليس تحريمه
..  ومن ذلك أيضا ونهى عن التمايل في الصلاة لأنه من فعل اليهود ولم يقل احد بتحريم ذلك
 .. 
ومن ذلك أيضا نهى رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  عن حلق القفا لأنه من فعل المجوس واجمعوا انه مكروه بل يفعله اليوم من يلعن ويحرم حلق اللحية
 ..
نهى رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  عن تأخير المغرب إلى طلوع النجم مضاهاة لليهود وتأخير الفجر إلى محاق النجوم مضاهاة للنصرانية والفقهاء يقولون باستحباب ذلك ولا يقولون بوجوبه
نهى رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  عن تغميض العين في الصلاة لأنه من فعل اليهود والفقهاء يقولون انه مكروه
ونهى رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  عن اتخاذ المحاريب في المساجد كما يفعل النصارى في كنائسهم ولم يقل احد بحرمة ذلك
ونهى رسول الله ( صل الله عليه وسلم ) عن تشييد المساجد وزخرفتها كما يفعل اليهود والنصارى فى كنائسهم والفقهاء لا يقولون بالتحريم بل يقولون بالاستحباب
نهى رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  عن تغطية الفم في الصلاة لأنه من فعل المجوس والفقهاء يقولون بالكراهة
نهى رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  عن الصلاة وقت غروب الشمس ووقت طلوعها لان الكفار يصلون فى ذلك الوقت والفقهاء على كراهية ذلك لا غير
نهى رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  عن التمايل في الصلاة لأنه من فعل اليهود والفقهاء يقولون بالكراهة
ويقول رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  انا امة أمية لا تكتب ولا تحسب الشهر هكذا إلى آخر الحديث فجعل علامة هذه الأمة أنها لا ترجع إلى أوقات عبادتها بالحساب ومع ذلك لم ينكر احد رجوع المسلمين لأهل التوقيت وحساباتهم
وكان رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  إذا اتبع جنازة لا يقعد حتى توضع في اللحد فقال له حبر هكذا نفعل يا محمد فقال له خالفوهم ولم يقول بوجوب ذلك احد
ويقول الرسول فصل مابين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر والفقهاء لا يقولون بوجوب السحور بل الإجماع وقع على انه مندوب
وأمر الرسول بتعجيل الفطر لان اليهود والنصارى يؤخرونه والفقهاء لا يقولون بوجوب التعجيل
نهى رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  عن قطع الخبز واللحم بالسكين كما تفعل الأعاجم والفقهاء لا يقولون بتحريم ذلك قال ..  اليهود لعنهم الله لا يأكلون الشحم ولم يقول احد بوجوب أكل الشحم قال الرسول أن أهل الكتاب يتسرولون ولا ياتزرون فقال خالفوا أهل الكتاب تسرولوا وخالفوا أهل الكتاب ولم يقل احد بوجوب شىء من هذا
ونهى رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  عن القزع لانه من فعل اليهود ولم يقول احد بتحريمه بل قال الفقهاء مكروه
كما أن رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  نهى عن السياحة والجولان في الأرض من غير قصد لأنه من فعل الرهبانية وقال سياحة امتى الجهاد والفقهاء لا يقولون بتحريم السياحة بل ولا حتى بكراهتها
قال رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  إن العجم إذا كتبوا بدأوا بكبائرهم فإذا كتب أحدكم فليبدءا بنفسه والفقهاء لا يقولون بوجوب ذلك
 ... 
الدليل الثاني :
 قالوا إنه تشبه بالنساء، و مُثلة، وتغيير لخلق الله، وداخل بالنمص المحرم، وهو من الكبائر قلنا
 ..
وهذا تغافل منهم عن قاعدة أن الحُكم الواحد لا يجوز أن يُعَلّل بعِلّتين عن جمهور الأصوليين الذي اشترطوا في العلة الانعكاس. كما أن الخلاف في "جوز التعليل بعلتين" محله "العلل المستنبَطة" لا "العلل المنصوصة للشارع". فالعلة الوحيدة التي ذكرها النبي ( صل الله عليه وسلم ) هي التشبه بالمجوس.
 فلا يجوز أن نزيد على ذلك من كَيسنا. أما أنه تغييرٌ لخلق الله، فماذا عن الصبغ وحلق الرأس ونتف الإبط وقص الأظافر وأمثال ذلك؟
 أما أنه تشبه بالنساء، فلا يلزم إن لم يحلق الشوارب.
 أما الادعاء على أنها من الكبائر قياساً على النمص، فهذا تغافلٌ عما تقرر في كتب الأصول أن القياس يكون في الأحكام لا في العقوبات المعنوية كاللعن وغضب الله وعدم دخول الجنة. وذلك أن الله وحده هو الذي يعلم من يستحق تلك العقوبة، ولا يجوز تعميمها بقياس.
ردود اخرى على الدليل الثاني ...
أما قولهم أن حلق اللحية تشبه بالنساء يرد عليه من ست وجوه .. :
 الأول :  انه ليس فيه تشبه بالنساء لان المشابهة بين شيئين تقتضى لغة وعرفا ان يكون بينهما وجه اتفاق ونحن ندرك بالحس والمشاهدة أن المرأة لا لحية لها تحلقها حتى يقال أن الرجل إذا حلقها تشبه بها بل اننا ندرك الفرق بين وجه المرأة ووجه الرجل المحلوق..  فالأول أملس لا شعر فيه أصلا  والثاني عكس ذلك واثر الشعر فيه ظاهر ولو بالغ في الحلق ما بالغ وحيث ثبت الفرق بينهما سقط القياس .
 الثاني... انه لا يصح لغة وعرفا ان يطلق على وجه المرأة محلوق بخلاف وجه الرجل فكيف يجوز قياسهما على بعض..
 الثالث إن الاحتجاج بحديث التشبه بالنساء في هذا المقام لا يجوز حتى على فرض جواز تعليل الحكم بعلتين وذلك لأنه يجب تخصيص حديث تحريم التشبه بالنساء بحديث اللحية الذي يدل على أن علة النهى عن الحلق هي مخالفة المشركين وليس التشبه بالنساء لان حمل العلم على الخاص واجب كما هو مقرر في علم اصول الفقه .
الرابع انه يلزم من قولهم أن حلق اللحية تشبه بالنساء أن يكون حلق الرأس واجب لان المرأة تترك شعر رأسها وهذا لا يقول به احد ..
الخامس ان النهى عن التشبه بالنساء إنما ورد في الملبس لقول رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  لعن المرأة تلبس لبسة الرجل والرجل يلبس لبسة المرأة فهذا الحديث يخصص عموم حديث تحريم التشبه بالنساء.
السادس إننا لو سلمنا شمول حديث التشبه بالنساء للحالق لحيته لوجب تخصيصه بالأحاديث التي امرة باعفاء اللحية والتي دلت على أن العلة في النهى عن الحلق هي مخالفة المشركين لا التشبه بالنساء بمعنى ان حالق اللحية يستثنى من عموم النهى عن التشبه بالنساء..
.. 
أما قولهم إن حلق اللحية حرام لأنه تنميص (يقصدون بالتنميص الاخذ من شعر الحواجب عند المرأة وقد جاء النص يحرمه فى قوله لعن الله النامصة )وهذا يرد عليه باربع وجوه
الأول:  إن الحلق والتنميص حقيقتان متغايرتان في اللغة فالحلق هو إزالة الشعر الظاهر على البشرة بالموسى مع بقاء بصيلاته التي هي أصوله أما النمص فهو اقتلاع الشعر بأصوله بالملقاط بحيث لا ينبت إلا لو تخلقت بصيلة جديدة فكيف يقاس كلاهما على بعض وهما حقيقتان متغايرتان؟؟؟؟؟
الثاني :  انه لا يجوز قياس اللحية على التنمص لان من شروط القياس ان يكون الفرع مسكوت عنه واللحية منصوص عليها فكيف يقاس منصوص على منصوص؟؟؟؟؟
الثالث : انه تقرر في الأصول أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز وقد ثبت في الصحيح في حديث النامصة انه كان إجابة لسؤال امرأة عن وصل الشعر فبين لها حكم الوصل وما يشبهه الوصل ولم يذكر حلق اللحية فدل ذلك على عدم دخول الحلق اللحية في التنمص وإلا كان ذكره هنا ..
..
الرابع :  تقرر في الأصول إن القياس يكون في الأحكام كقياس النبيذ على الخمر في الحرمة أما العقوبات المعنوية كاللعن والغضب وعدم دخول الجنة فلا يجوز القياس فيها بل يوقف فيها على الوارد لان الشارع وحده يعلم من يستحق ذلك ولا نجرؤ أن نعممها بالقياس لأننا وجدنا المشرع لعن النامصة ولم يلعن الزانية مع إن الزنا أقبح واشد ولعن قاطع الرحم ولم يلعن قاطع الطريق فيكون قياس حالق اللحية على التنمص فى اللعن قياس مردود باتفاق الاصوليين (حيث ان التنمص قد لعن الله فاعله فدخل فيه عقوبة معنوية وهى اللعن ) ..
أما قولهم أن حلق اللحية تغيير لخلق الله فيرد عليه بأنه قد تقرر في الاصول أن السكوت في مقام البيان يفيد الحصر والنبي بين في الحديث من يوصف بتغيير خلق الله وحكم بلعنه وهى النامصة والمتنمصة والواصلة والمستوصلة إلى آخر الحديث حتى قال لعن الله مغيرات خلق الله ولم يذكر فى الحديث حلق اللحية فجزمنا بان حلق اللحية ليس من هذا القبيل أصلا وهو تغيير خلق الله
 ... 
الدليل الثالث

الرد على دعوى الإجماع على تحريم حلق اللحية
إن ابن حزم نقل الإجماع على تحريم قصها
الرد على هذا القول هو أنه  لم ينقل هذا الاتفاق أحدٌ قبله، وعنه نقل البعض كابن القطان، مع قصور شديد في النصوص عن السلف. قال ابن حزم في مراتب الإجماع (ص182): «واتفقوا أن حلق جميع اللحية مُثلة لا تجوز»...  
والجواب: إن كان لا يجوز حلق اللحية فهي إما مكروهة وإما محرمة. فليس هذا نصاً. ومن الصواب أن المثلة لا تجوز، لكن تسليم أن يكون حلق اللحية مُثْلة موضع نظر. وقد نص ابن حزم أن علة التحريم في الحلق كونها "مثلة" باتفاق من ذهب إلى عدم الجواز.
 والمثلة تختلف باختلاف الأزمان والأماكن. فمثلاً كان عمر كان يرى حلق الرأس مثلة. كما أن التعليل بأن عدم جواز حلق اللحية لأجل المُثلَة غير مُسلّم أيضاً.
 لأن رسول الله ( صل الله عليه وسلم )  نص على علة النهي عن ذلك، وهي مخالفة المشركين. فلا يجوز القول في ذلك بغير ما ورد به النص، كما هو معلوم. ولأجل ذلك تجِد القول بأن العلة هي المُثلة لا يستقيم مع هذا الوقت. لأن عدم الحلق صار هو المثلة! فلو عملنا ومشينا على القول بهذه العلة، لما كان في الحلق تحريمٌ مطلقاً أبداً.
 .. 
ومما يوهّن دعوى الإجماع أن المعتمد في المذهب الشافعي هو الكراهية لا التحريم. وليس للإمام الشافعي نص في المسألة ولا أحد من أصحابه، لكن هذا ما حرره المتأخرون بناءً على أصول المذهب. أما ادعاء ابن الرفعة (معاصر لابن تيمية) بأن الشافعي نص في كتاب "الأم" على التحريم، فهو غلطٌ منه في الفهم. فكلام الشافعي (6|88) في "جراح العمد" عن الحلق: «وهو وإن كان في اللحية لا يجوز...». وكلمة لا يجوز قد تعني الكراهة كذلك، فلذلك لم يره محققوا الشافعية نصاً في التحريم. والحليمي (ت403) الذي ربما يكون أول من قال بالتحريم من الشافعية، قد سبقه الخطابي (ت388) وقد قال بكراهة الحلق وندب التوفير في "معالم السنن". والفتوى عند الشافعية المتأخرين تكون على ما قرره الرافعي والنووي، وابن حجر والرملي. وقد ذكر الغزالي (505هـ) في "إحياء علوم الدين" (1|142) خصال مكروهة في اللحية منها: «نتفها أو بعضها بحُكم العَبَث والهوس، وذلك مكروه»، والنتف أشد من الحق. كما نقل الإمام النووي (676هـ) في شرح مسلم (3|149) عن العلماء، حيث ذكر اثنا عشر خصلة مكروهة في اللحية، منها: «حلقها». ونص صراحة على الكراهية في كتابه "التحقيق" الذي كتبه بعد المجموع والروضة، كما في مقدمته. وكذلك فهم المتأخرون من الشافعية كلامه على الكراهة. ويكفي في ذلك الفقيه ابن حجر الهيتمي إذ هو عمدة المتأخرين، فانظر كلامه في "تحفة المحتاج " والحواشي عليه (9|376)، وفي الحاشية النص على أن الرافعي والنووي يريان الكراهة. وقال الرملي الشافعي في فتاواه (4|69): «حلق لحية الرجل ونتفها مكروه لا حرام. وقول الحليمي في منهاجه: "لا يحل لأحد أن يحلق لحيته ولا حاجبيه"، ضعيف». وفي حاشية البجيرمي على الخطيب (كتاب الشهادات)، الكراهية كذلك. وقال زكريا في أسنى المطالب: «قوله "ويكره نتفها" أي اللحية إلخ، ومثله حلقها.
..  فقول الحليمي في منهاجه "لا يحل لأحد أن يحلق لحيته ولا حاجبيه" ضعيف». وكذلك قال الدمياطي في "إعانة الطالبين" (2|240) عند قول الشارح "ويحرم حلق اللحية" ما نصه: «المعتمد عند الغزالي، وشيخ الإسلام (زكريا الأنصاري) وابن حجر في "التحفة"، والرملي، والخطيب (الشربيني)، وغيرهم: الكراهة»،
 ثم ضعّف قول الشارح مبينا أن المعتمد هو الكراهة.

وكذلك ليس هناك نص عن مالك ولا وأصحابه، لكن الذي قرره أكثر المتأخرين هو التحريم، وبعضهم قال بالكراهة. قال القاضي المالكي عياض (ت544هـ) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (والنقل من غيره) (2|63) عن أحكام اللحية: «يكره حلقها وقصُّها وتحذيفها. وأما الأخذ من طولها وعرضها فحسن. وتكره الشهرة في تعظيمها وتحليتها، كما تكره في قصها وجزها. وقد اختلف السلف: هل في ذلك حد؟ فمنهم من لم يحدد إلا أنه لم يتركها لحد الشهرة، ويأخذ منها، وكره مالك طولها جداً. ومنهم من حدد بما زاد على القبضة فيزال. ومنهم من كره الأخذ منها إلا في حج أو عمرة». والكراهة هنا تنزيهية كما هو واضح، لأن كل الأمور التي كرهها هي غير محرمة.
 .. 
والكراهة هي الرواية عن أحمد. إذ سأله مُهنّا (كما في المغني 1|66) عن حف الوجه، فقال: «ليس به بأس للنساء، وأكرهه للرجال». والحف هو أخذ الشعر من الوجه، والكراهة التنزيهية هي الأصل كما قرره الشيخ بكر في "المدخل". وقال المروذي: قيل لأبي عبد الله: تكره للرجل أن يحلق قفاه أو وجهه؟ فقال: «أما أنا فلا أحلق قفاي». وقال صالح بن أحمد في "المسائل": وسألته عن رجل قد بُلِيَ بنتف لحيته، وقطع ظفره بيده، ليس يصبر عنهما؟ قال: «إن صبر على ذلك، فهو أحب إلي». وأول من صرح بالتحريم من الحنابلة هو ابن تيمية (ت728هـ) ثم تلامذته. بينما الذي كان قبل ذلك هو التنصيص على الندب والاستحباب والسُنّية.
 ..
فمثلاً قال الشمس (وهو ممن لا يخرج عن أقوال أحمد، ت682هـ) في الشرح الكبير (1|255): «ويستحب إعفاء اللحية». وقال ابن تميم الحراني (ت675هـ) في مختصره (1|132): «ويستحب توفير اللحية». وقال ابن عمر الضرير (ت 684هـ) في الحاوي الصغير (ص26): «ويسن أن يكتحل وترا بإثمد، ويدهن غبا، ويغسل شعره ويسرحه ويفرقه، ويقص شاربه، ويعفي لحيته».
 وقال ابن عبد القوي (ت699هـ) في "منظومة الآداب" (ص40): «وإعفاء اللحى ندب». ولا يضر إيجاب الدية في حلق اللحية إذا كانت لا تعود، لأن الأمر كذلك في حلق الرأس، ومعلومٌ أنه لا يحرم حلق الرأس في المذهب.