الجمعة، 20 سبتمبر 2019

من افضل مواقع دعوية إسلامية مخصصة لغير المسلمين والمسلمين الجدد بعدة لغات

مواقع دعوية إسلامية مخصصة لغير المسلمين والمسلمين الجدد بعدة لغات






موقع دين الإسلام


www.islamreligion.com
وهو أفضل موقع في العالم حاليا للدعوة الى الإسلام وهذا الموقع تابع لمكتب جاليات الروضة بالرياض وفيه 17 لغة وقائم عليه نخبة من الدعاة من جميع أنحاء العالم بحيث يمكنك دعوة صديقك للدخول في الإسلام بأي لغة من لغات العالم وذلك بحوار مباشر لتجد أحد المختصين في الحوار مستعداً لمحاورته أو بترك رسالة للموظف المختص للرد عليه لاحقاً وتحديد موعد معه


موقع إسلام هاوس ( بيت الإسلام )

مقولات في فقه الموقف - فضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودة




نتيجة بحث الصور عن سلمان العودة

مقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. 
 أما بعد :
 فإن هذه الشريعة الخاتمة التي بُعث بها محمد – صلى الله عليه وسلم - مبنيةٌ على قاعدة تحقيق المصالح ودرء المفاسد، وهذا أصلُ مقاصدِها وقواعدِها عند سائر أئمة العلم والدين , بل هذا أصل مقاصد الشرائع والرسالات السماوية جميعاً. 
وخير المصالح وأجلها تحقيق التوحيد، وشر المفاسد وأعظمها الشرك والكفر بالله. 
وهذه الشريعة الخاتمة هي أقوم الشرائع في تحقيق هذا الاعتبار؛ لذا فإن سائر أحكامها الخاصـة والعامة، اللازمـة والمتعديـة في العبادات، والمعامـلات، والعقود، والعهود، جاءت على هذا النَّسَق. 
من هنا كان التفقّه في الدين من أهم أبواب الخير، وأشرف مقامات الاتباع لهدي المرسلين - عليهم الصلاة والسلام -.
ولابدّ للأمة من قائمين بهذا الأصل الذي هو معرفة أحكام الشريعة ومقاصدها ؛ لتحقيق العبودية لله بما شرع , وليقوم الناسُ بالقسط، فالالتفات إلى تحقيق مناط الأحكام والتصورات التي يعتبرها القائمون في هذه الأمة بتقرير مسائل الشريعة، واستعمال الفقه في النوازل والحوادث التي تتعلق بحقوق الأمة كافةً هو من حفظ مقام الديانة، وحفظ الدماء والأعراض والأموال، ومنع الفساد في الأرض.  
واستعمالُ الفقه في هذا الباب له اختصاص بمقام العلم، والقولُ فيه بلا علم هو من موجبات الفساد, وأسباب ظهور البغي والعدوان. 
وهذا حديث موجز في فقه الموقف من الأحداث والنوازل الكبار للأمة؛ نعرضه من خلال هذه المقولات بشيء من الإجمال من خلال الصفحات التالية.
سلمان بن فهد العودة

المقولة الأولى

مفهوم الفقه وغرض الفقيه

 يُستعمل لفظ الفقه في دوائر التخصص بمعنى:  فِقهُ أحكَامِ المسائلِ التَّفْصِيليَّة من العِبَادَاتِ أَو المعَامَلاتِ. وهي المسائل التي تكلّم الفقهاء في أحكامها وأدلتها , سواء كانت من مَعَاقِدِ الاتفاق وموارد الإجماع، أو كانت من مسائل الخلاف بين الأئمة والفقهاء، وهذا لاشك أنه من الفقه في الشريعة , ولكنه ليس كلَّ الشريعة ولا كلَّ الفقه. 
ولا جدال في وصف هذا اللون من الفقه ولا في فضله، بل الشأن في قصر قاعدة الفقه ونظامه عليه.
فحين يكون النظرُ في مسألة خاصة من آحاد مسائل الفروع، وربما كانت عند التحقيق مما وسّع الشارع فيه، وقد لا يكون فيها سنة، وقد تكون دائرةً في باب الندبِ، أو مترددةً بين الندب والإباحة، أو بين الإباحة والكراهةِ، أو حتى بين الكراهة والتحريمِ، أو الصحة والفساد فإن هذه المسائلَ تظلُّ مقصورةً على محلها , ولا يتعدى حكمها إلى التعلق بما هو من ثوابت الشريعة وقواعدها، وحقوق الأمةِ العامة ومصالحها. 
ومع هذا ترى في مثل هذه المسائل عنايةً لدى الناظرين من الشيوخ والطلبـة المتفقهين، وتجد سبر الأدلة وتحقيقها , وجمع الأقوال , وتحصيل الراجح , وإطالة النظر في اعتبار الحكم وتحقيق مناطه، وترى من ليس من أهل الاختصاص بهذا العلم يقع له هيبةٌ وإحجام عن القول فيها ؛ لما يوجبه ذلك من الافتيات على الشريعة. 
وهذه لاشك حال حسنة، وإذا تحقق باعتدال وقصد فهو من تعظيم مقام الشريعة ؛ ولهذا يُذمُّ من قصر فيه من أهل الطلب ممن يستعجل القول في الأحكام والفصل في الخلاف. 
لكن ما هو أولى بالذم من هذا ما يعرض لبعض الناظرين والطالبين ممن يَتَخَوَّضُ في تقرير أحكام النوازل وبناء المواقف على اعتبارات شرعية، وهو لم يحقق ما تقتضيه أصولُها وقواعدُها من الفقه والاستنباط , مع أنها قد تكون مواقف تُعدُّ بحق فواصلَ في تاريخ الأمةِ. 
إن مِنْ نَقْصِ الفقه في دين الله أن يصير الناظر أو المتكلم إلى مسألة مفصلةٍ قد جمع العلماء حكمها ودليلها، قاصيها ودانيها ؛ فيمعن النظر ويطيل النَّفَس في التحصيل، وربما تكلَّف بعضُهم فوقَ قدر المسألة عند العلماء، لكنه حين يصير إلى قولٍ في موقف أو قضية عامة مركبةٍ معقدةٍ يأخذها بظاهر من النظر، وقليلٍ من الاعتبار، ويهجم عليها بلا تردد ولا رويّة، حتى إن قضايا النوازل تصبح مادةً لحديث كل أحدٍ في أسبابها ومفاصلها ومآلاتها، ويصدق هنا قول ابن عمر - رضي الله عنهما - لبعض أهل العراق : ما أسألَكم عن الصغيرة ! وأجرأكم على الكبيرة !
والغريب أن مسائل النوازل حين تكون من جنس المسائل المفصلة التي تكلم فيها الفقهاء لا يقع فيها استعجال في الغالب ؛ لتجردها عن المقارنات العامة، ولقرب شبهها بالمسائل المفصَّلة المعروفة عند الفقهاء، لكن حين تكون النازلة حدثاً عاماً ،وتكون مادتها مركبةً من مؤثرات شتى , فكأن هذه المؤثرات جردت عنها هيبة الشريعة ؛ فيصير القول فيها - عند كثير من العامة وبعض الخاصة - من جنس القول في المسائل المبنية على توسعة الشريعة وبحبوحتها , والتي يدرك فِقْهَهَا جمهورُ أهل الإسلام , ويفوت على هؤلاء ما يقتضيه الموقف من الأثر المتعلق بحقوق الأمة الكلية وضروراتها التي جاءت الشريعة بحفظها وتحصيلها. 
إن الموقف - هنا - يجب أن يكون محصلاً من أدلة الشريعة بحق، مبنياً على قواعد الهدى والرحمة التي بُعث بها عليه الصلاة والسلام. 
في الصحيحين من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : "لما حَصَرَ رسول – صلى الله عليه وسلم - الطائف فلم يَنَلْ منهم شيئاً ؛ قال : (إنّا قافلون غداً إن شاء الله) فَثَقُل عليهم , وقالوا : نذهب ولا نفتحه، فقال: (اغدوا على القتال) فَغَدَوا ؛ فأصابهم جراحٌ , فقال : (إنا قافلون غداً إن شاء الله) فأعجبهم، فضحك رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وفي لفظ "فتبسم". 
وفي هذا الحديث من الفقه أن بعض النفوس المؤمنة - لصدق يقينها - تتطلب مقام الصبر والبلاء في ذات الله , ولا يلزم أن يكون هذا الأمر مقصوداً للشريعة، ومعلومٌ أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - أكمل تحقيقاً لمقام الجهاد والصبر، والصدق من غيره , لكن لكمال علمه لم تغلب عليه حال واحدة، بل واءم ووازن بين الأحوال المقارنة للموقف، فراعى مصلحة الجهاد وراعى حق أصحابه -رضي الله عنهم- وراعى قوتهم وتحملهم في هذا الموقف الخاص. 
إن الكثير من الحوادث والنوازل يكون لها أبعاد قريبة يدركها كل أحد، ويتكلم فيها العالِمُ وغيره، وهذه من الوضوح والإحكام بحيث لا تكون محل تردد، لكنها لا تستأثر بالحكم والبتِّ ؛ لأن ثمة جوانب أخرى ترفع المسألة عن كونها من الفرعيات اليسيرة، وتتطلب أن يَلْزَمَ المسلمُ جانبَ التحوُّطِ والهيبة والورع حمايةً لدينه وتقواه، ورعايةً لحقوق الأمة ومصالحها، وحاضرها ومستقبلها.  

المقـولة الثانية

مفهوم الاجتهاد في الموقف الشامل ,

وأدب أهل الاجتهاد فيه

حقيقة الاجتهاد في النوازل هي: رَدُّ حُكمِ النَّازِلَةِ إِلَى قَضَاءِ اللهِ وَرَسُولِهِ. وهذا مقامٌ يختصُّ - بتمامِ الفقهِ فيهِ - أهلُ العلم بالشريعة، وقد تستدعي كثيرٌ من النوازل العلمَ بما يلابسها ويقارنها من الأحوال التي لا تنفك عنها، فالحكمُ على الشَّيء فرعٌ عن تصوُّرِه وهذه من قواعد النظر المسَلَّمَةِ. 
من هنا فإن تجريد الحدث عن لوازمه وارتباطاته من المعارف والأحوال ؛ يُعدُّ نقصاً في التصور , ينتج عنه تأخرُ الحكم عن مرتبة الصحة. ومما يعرض لبعض الناظرين استعمالُ ما هو من مفصل الأدلة ؛ لتخريج النازلة على أحد الفروع المقولة لدى الفقهاء في مصنفاتهـم، وهذا - من حيث الأصل - هو من الاجتهاد المناسب؛ لكن محل المؤاخذة حين يستعمل في حكم الحوادث العامة المعقدة والتي تتنازعها مؤثرات وموادُّ عديدة ؛ فيجردها الناظرُ من كل ذلك , ويُخرّجُها مع فرع فقهي مخصوص - وربما كان من موارد الخلاف بين الفقهاء - ثم يجعل هذا منتهى البحث والنظر. 
ولعل هذا أثرٌ للقصور عن تحصيل فقه المقاصد , ومراعاته في اعتبار الأحكام. 
 إنّّه وإن حَسُنَ اعتبارُ الفروع والتخريج على المناسب منها في النوازل ؛ فإنه لا بد مع ذلك من اعتبار قواعد الشريعة وأصولها المذكورة في كلام الله ورسوله , ومعاقد إجماع أهل العلم. 
بل يتحقق لكل عارفٍ أن الاعتبار الثاني أصل في أحكام النوازل العامة والاجتهاد فيها.   
ومعلوم أن من مادة أصول الفقه والقواعد الفقهية المقولة في كتب هذا الفن ما هو من موارد الاجتهاد والنظر, وهذا يستدعي أنه وإن أمكن اعتباره ؛ فإن هذا لا يعني قصر التحصيل منه. 
لهذا ترى في سنة الخلفاء الراشدين وأئمة الفقه والحديث العناية بتحقيق هذا الاعتبار فيما يعرض لهم من النوازل. 
في الصحيح عن ابن عباس: أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام, حتى إذا كان بسرغ لقيه أهلُ الأجناد (أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه) فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام. قال ابن عباس : فقال عمر : ادع لي المهاجرين الأولين ؛ فدعوتهم. فاستشارهم وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام , فاختلفوا، فقال بعضهم : قد خرجتَ لأمر , ولا نرى أن ترجع عنـه.   وقال بعضهم : معك بقية الناس وأصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء.
فقال : ارتفعوا عني, ثم قال : ادع لي الأنصار. فدعوتهم له، فاستشارهم فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم.  
فقال ارتفعوا عني, ثم قال : ادع لي من كان هاهنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح، فدعوتهم فلم يختلف عليه رجلان؛ فقالـوا : نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء.
فنادى عمر في الناس! إني مصبح على ظهر ؛ فأصبحوا عليه.  
فقال أبو عبيدة بن الجراح : أَفِرَاراً من قدر الله ؟!
فقال عمر : لو غيرُك قالها يا أبا عبيدة ! ـ وكان عمر يكره خلافه ـ  نعم ! نفرُّ من قدر الله إلى قدر الله. 
وقد صدَّقت رواية عبد الرحمن بن عوف المرفوعة هذا الاجتهاد الراشدي. وفي هذا الأثر من الفقه:
1-   أَخْذ أمور العامة بعزمٍ وتأمل ومراجعة. 
2-   قبول اختلاف المجتهدين في النوازل ؛فإن المهاجرين والأنصار - وهم مادة الصحابة ومقدموهم - اختلفوا، ولم يحفظ بينهم في هذا الاختلاف تذامٌّ ولا تطاعن ولا تضييق لمقام الاجتهاد. وكأن أهل الشوكة والصبر فيهم كانوا يميلون إلى المضيِّ وعدم الرجوع، وأهل الفقه - في الجملة - يميلون إلى الرجوع، وهؤلاء أعرف بمقام الشريعة، والأولون غلب عليهم تعظيم مقام الإرادة والعزم في نصرة الإسلام بالسيف. 
3-   وفيه ترك الرَهَقِ الذي لا يُستطاع , وعدم ابتلاء بقية أهل العلم والإيمان والجهاد بـه، وقريب من هذا المعنى سبق في خبر حصار الطائف.  
وهذا الأثر وأمثاله، يدلُّ على أن تحصيل الموقف الشرعي لابد أن يتحقق في صاحبه ديانةٌ وعلمٌ وفقهٌ وأناة ؛ فإن مقام الديانة يدفع الظلم، ومقام العلم يدفع الجهل، وهما موجبا الخطأ، قال الله تعالى : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (الأحزاب:72). كما قرر هذا المعنى في الآية الإمام ابن تيمية - رحمه الله -.
والقول في مواقف الأمة من أعظم الأمانة التي تنوء بحملها الجبال، وإن من تقوى القلوب ألا يتحدث في المواقفِ العامةِ من لم يَزِنْ قولَه بميزان الشريعة اعتباراً لقول الله - تعالى - : (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (الزخرف: من الآية86) قال غير واحد : الحق : الصدق.
إنه لا يكفي لموافقة الشريعة أن يكون الموقف مبنياً على مقام الصدق وحسن الإرادة دون أن يتحقق له مقام العلم والمعرفة؛ فإن مقام العلم هو الذي يحقق موافقة مراد الشريعة وليس مقام الإرادة.
ولهذا أمر الله تعالى باعتبار العلم عند الحوادث والنوازل، كما قال سبحانه: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (النساء: من الآية83), وأولو الأمر هم:  أهل الإدارة والحكم,  ويدخل فيه أهل الفقه في الدين, وهم أولو العقل والفهم, كما ذكره ابن جرير عن بعض متقدمي العلماء. 
إن مما يَفُوتُ على كثير من العامة وبعض الخاصة عدمَ تحقيق الرد إلى الله والرسول. ولئن كان مظنوناً في جملتهم حسن القصد وصلاح النية في المواقف التي يتخذونها في حاضر الأمة وغابرها، وهذا من فضل الله ورحمته، إلا أن التقصير في تحقيق العلم والفقه، ونقص قيمة الوعي، وسلامة التفكير، هو من موارد الفتنة وموجبات الفساد.
ومن له حظٌّ من العلم والاجتهاد في تقرير أحكام الشريعة في هذه النوازل لا يصلح أن يكون فقهه ومدركه من جنس فقه العامة ومدركهم وبصرهم ؛ فإن الله تعالى قال : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)(الزمر: من الآية9) بل هذه درجةٌ مخصوصةٌ من العلم , شأنها كما قال الإمام الشافعي في الرسالة : هذه درجة من العلم ليس تبلغها العامة، ولم يكلفها كل الخاصة، ومن احتمل بلوغها من الخاصة فلا يسعهم كلهم كافة أن يعطلوها، وإذا قام بها من خاصّتهم من فيه الكفاية لم يحُرج غيره مِنْ تركها إن شاء الله، والفضل فيها لمن قام بها لا من عطلها. 
ومما يعرض لبعض أهل الاجتهاد في النوازل المبالغةُ في منازعة من يخالفه من ذوي العلم والدين، وهذا من ضعف الفقه ؛ فإن اختلاف المجتهدين في مثل هذا أمر تفرضه حال الحدث ومادته وطبيعته، مع تفاوت الأفهام والمدارك والعلوم, وكثير من مؤاخذة بعض القائمين بما هو من العلم والاجتهاد في المواقف العامة هو عند التحقيق من غوائل النفس وضعف علمها وصدقها، وليس تُوجِب مثلَ هذا أصولُ الشريعة ونصوصها، وترى أن الواقع فيه لا يسعه أن يُعامل رأيه أو اجتهاده بالطريقة التي يستعملها هو مع غيره من أهل العلم والدعوة ممن هم في كثير من الأحوال أعلم منه بهذه المقامات وأحوالها وأظهر  فقهاً. فهذا من أسباب مثل هذا التزاحم في العذر والسعة, وإن كان الغالب على مثل هذه الأحوال أنها مركبة من جملة من المؤثرات.
ومن أسباب هذا التضييق لمقام الاجتهاد أن يكون الحدث مركباً من مواد شتى، ويكون منه وجه محكم ظاهر يعرفه العامة والخاصة ويعتبرونه، فَيَقْصُرُونَ الأمر على هذا الوجه البيِّن ولا يلتفتون إلى سواه. 
وهذا يقع كثيراً أن يردَّ أكثرُ العامَّة، بل وبعض الخاصة، الأمرَ إلى جانب من جوانبه الصحيحة والبيّنة، ولكنهم يقصرون الأمر عليه، ولا يتفطنون إلى الجوانب الأخرى التي خفيت عليهم.   
ويكون سبب هذا الرد والقصر :
1-   إما إلفٌ تحقّقَ اعتيادُه.  
2-   أو مفهوم معين اقتضاه نوع من العلم. 
3-   أو التخصص. 
4-   أو الولاء والتجمع. 
5-   وربما كان من سبب هذا أن يكون هذا المعنى- الذي قصر الأمر على اعتباره- لا يحسن الناظر إلا هو, وهو مادته وقوامه الذي يمكنه التحرك فيه , فهذه حال قاصرة في الفقه؛ ولهذا ترى أن أهل العلم والفقه والتحقيق يقع لهم شمول في النظر واعتبار لمقاصد الشريعة فيعتبرون هذا النظر وغيره.
وأهل العلم والاعتبار يقع لهم نظر آخر، لمحل آخر من هذا الحدث , لا يدركه العامة، وهذا من أسرار قوله سبحانه : (يَسْتَنْبِطُونَهُ) (النساء: من الآية83)  فإن الاستنباط يكون فيه نوع معالجة وجهد، فهو من خصائص أولي العلم الذين يدركون جوانب من الأمر يغيب إدراكها أو استحضارها عن غيرهم. 
إن الوجه المحكم في الشريعة الذي لا تنفك عامة الأحداث عنه؛ يجب أن يبقى لحمة أهل الإسلام, وعصمة اجتماعهم، لكن يبقى لخاصتهم حقُ النظر في إحكام الموقف وتسديده على وفق قواعد الشريعة، التي جاءت بتحقيق المصالح ودرء المفاسد. 
وهنا نظر من الفقه، وهو أن يكون الحكم المستنبط باجتهاد دقيق لا يفطن له كل أحد، قد لا تظهر مناسبته عند بعض العامة، بسبب الحكم الآخر الظاهر المحكم، فيظن من يظن أن ذلك النظر الدقيق المستنبط يقتضي التفريط في الوجه المحكم أو مناقضته , وليس الأمر كذلك عند من له علم وفقه. 
وقد جاء في السنة قصة صلح الحديبية المخَرَّجة في البخاري وغيره في سياق طويل، وكيف أن الشروط التي قبلها – صلى الله عليه وسلم - وإن رأى فيها بعض الصحابة، بل بعض خواصهم وأكابرهم مفارقة لمقام الجهاد وعلو المؤمنين، لكنه كان الخير والحق والصواب، وسماه الله فتحاً (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) (الفتح:1) , وهذه السورة نزلت مرجِعَه - عليه الصلاة والسلام - من الحديبية، وهم يخالطهم الحزن والكآبة، كما ثبت في صحيح مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه. 
ومن فاضل فقه الصحابة في هذا الوجه الذي قد يراه منافياً للوجه المحكم  ما جاء في الصحيحين وغيرهما في غزوة مؤتة، فقد روى البخاري وغيره عن أنس أن النبي – صلى الله عليه وسلم - نعى زيداً، وجعفراً، وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم  فقال: (أخذ الراية زيد ؛ فأصيب ثم أخذ جعفر ؛ فأصيب , ثم أخذ ابن رواحـة ؛ فأصيب، وعيناه تذرفان، حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله , حتى فتح الله عليهم). 
وأهل العلم وإن اختلفوا في تفسير هذا الحرف الآخر، إلا أن من أرجح الأقوال أن الفتح المذكور تحيُّزُ خالدٍ بالمسلمين عند عدوهم، وسواء فُسر هذا الحرف بهذا, أو به وبغيره, أو حتى بغيره ؛ فإنه يُعلم بالإجماع أن تحيز خالد بالمسلمين كان محموداً , وقد أقره الرسول – صلى الله عليه وسلم - وامتدحه وإن كان هذا لم يظهر مبدأ الأمر لبعضهم. 
وفي الحديث من الفقه أن مقام حسن القصد والصبر وبذل النفس لا يحكم وحده سائر المواقف، بل هذه الشريعة جاءت بمراعاة القواعد الشمولية العامة، وهذا من فقه خالد لمقاصد الجهاد، مع أنه من أكثر أهل الإسلام تحقيقاً لفقه الجهاد، وفقه المقاصد اللازمة والمتعدية، وهما حرفان من المقاصد فيهما فقه جامع، فيقع في المقاصد اللازمة قصد الدرجات والشهادة والبر وإصلاح النفس واحتسابها في ذات الله، ويقع في المقاصد المتعدية بسط الإسلام، بسط هدايته، وسلطانه، وتديين الناس لرب العالمين، ورفع الظلم عن المظلومين من أجناس الكفار؛ لأن شريعة الإسلام لا بد أن تكون أرحم بالناس من سائر شرائع  الأرض إلى غير ذلك .
ومن أخص ما يجب على أهل الإسلام ألا يتخذوا العلم بغياً بينهم؛ فإن الوحي نزل ليردَّ الناس إليه ويجتمعوا به على الحق، وسائر وجوه الحق لا تظهر لكل أحد، ويقع فيها ما هو من موارد النـزاع المُقَرّ في الشريعة. 

المقـولة الثالثة

 حقيقة الخلاف الذي أقرَّتْهُ الشريعة

الناظر في آيات القرآن الكريم يجد أن الله – عز وجل - ذكر الخلاف والنزاع في مورد الذم كثيراً , وذكره -أحياناً- على أنه حال تعرض للمؤمنين كما في قوله – عز وجل - : (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) (النساء: من الآية59)، وقولـه – عز وجل - : (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) (الشورى: من الآية10)، وهذه الحال العارضة المقبولة هي التي تقع بين علماء الأمة من الصحابة فَمَن بعدهم، ومثل هذا لا يوجب الذم، ولا الطعن، ولا التأثيم، باتفاق العلماء. 
فإن من عُلم منه الاجتهاد السائغ لا يجوز أن يُذكر على وجه الذم والتأثيم، حتى لو عُلم خطؤه، فإن الله قد غفر له هذا الخطأ، وأصل اجتهاده محمود في الشريعة، وهو متردد بين أجر وأجرين، كما ثبت في حديث عمرو بن العاص – رضي الله عنه - المتفق على صحته. 
وتحريم الطعن والذم لا يوجب قبول الخطأ، ولا ترك البيان , كما قرر هذا المعنى وبسطه غيرُ واحـد , ومنهم الإمام ابن تيمية. 
وليس من شرع الله، ولا قَدَرِه أن يتفق علماء الأمة في سائر مواضع الاجتهاد، فمَن لم يقدر لهذا المقام قَدْرَه ؛ فقد اتخذ العلم بغياً، وهذا من أعظم أسباب الفساد الذي وقع لأهل الكتاب , وخرجوا به عن حقيقة الإسلام الذي بُعث به جميع المرسلين، ولهذا قال – عز وجل - : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (آل عمران:19). 
 وإذا كان المجتهدون يُؤمرون بالتَّعَاذر، وعدم الطعن على المخالف؛ فكيف بالعامة الذين لا اجتهاد لهم أصلاً، وإنما فاضِلُهم هو مقلد لأهل العلم !!
إن الخلاف المبني على مقام الديانة والعلم (أعني اختلاف أهل الاجتهاد المعتبر في الأمة) إذا تحولت الآراء المتعددة فيه إلى ولاءات خاصة، ومفهومات للحزبية والطائفية ؛ فإنه يخرج بذلك عن كونه رحمة ومتابعة لحكم الله ورسوله ؛ ليكون تمزيقاً لأهل الإسلام، ورجوعاً إلى أمور الجاهلية، واتباعاً لسنة أهل الكتاب المنحرفين عن هدي أنبيائهم. 
ومما يجب على أهل العلم فقهه وتعليمه للناس ألا تستباح قواعد الشريعة ومقاصدها بالمخالفة والرد؛ لتأويلٍ يستعمله ناظر، ولو كان حسن القصد والإرادة. 
ومما يعلمه المتأمل أن جمهور البغي الذي يحصل في الأمة هو بسبب تأويل سائغ عند أصحابه، ولكنهم تحللوا به من عواصم الشريعة، ومحكماتها لمعنى غلب في نفوسهم، تزيده الغَيْرة، وينقصه العلم. 
وإذا كان كل عامل صادق في هذه الأمة يعنيه أمر اجتماعها والتفافها، وترك التنازع والاختلاف المذموم بين خاصتها، خصوصاً في أزمنة الضائقة والضعف وتسلط العدو، فإن من المعلوم قدراً وشرعاً أن هذا الاتفاق لا يكون باتحاد القول والنظر، والاجتهاد في مفردات المسائل وآحادها، إذ هذا لم يقع لأبي بكر وعمر والراشدين، بل لم يقع للخيرة من أ صحاب محمد – صلى الله عليه وسلم - حال حياته، إذ اختلفوا في تفسير هذا الحرف (لا يُصَلِيَنَّ أحدٌ العصرَ إلا في بني قريظة).
ومعظم المسائل التي اختلف فيها من بعدهم في أبواب الفقه، أو التفسير، أو غيرهما، فإنما قَفَوا بذلك أثرهم، وكان لهم متبوع من الصحابة رضي الله عنهم. 
وهذا الاختلاف راجع إلى اختلاف في قدر العلم وسعته، أو اختلاف في تكوين العقل ومدركه وحدته، أو اختلاف في الطبع وما يغلب على المرء من الحال والمزاج، أو اختلاف في الموقف والظرف المحيط بالمجتهد . . كما أن الله – عز وجل - جعل شريعته وكتابه على مقتضى قواعد اللغة التي يكون فيها ما هو قطعي الدلالة، وما ليس كذلك، وما هو مفسر وما هو مجمل، وما هو محكم وما هو متشابه، وما هو ناسخ وما هو منسوخ، ولو شاء لجعلها حرفاً واحداً لا يختلف عليه الناس، غير أنه – عز وجل - أنزلها لناس خلقهم وهو أعلم بهم (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الملك:14)، ولهذا جمع – عز وجل - بين هذين المعنيين في قوله تعالى : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (الأعراف: من الآية54)، فهو الخالق المالك المتصرف، وهذا من معنى الربوبية، وهو الإله المعبود الآمر الناهي، وهذا من معنى الألوهية. 
والموقف الذي أوجبته الشريعة أن يعتصم أهل الإسلام بالمنهج الشرعي في فقه الخلاف السائغ، وأن يسعهم ما وسع الموفقين من أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم - وسلف هذه الأمة من التوسعة في العذر، وحفظ مقام الأخوة الدينية، وإحسان الظن، وترك البغي والتسلط، وأن يعتصموا بعصم الإسلام الجامعة، ولا يتفرقوا بموجب الاجتهادات الخاصة، والآراء المتنازعة، ولهذا قال سبحانه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (آل عمران :102-103)
 فالأخوة الدينية: لفظ جامع ينتظم كل من صح له عقد الإسلام كائناً ما كان خطؤه، فمن كَمُلَ له الإسلام والإيمان كَمُلت له حقوق الأخوة، و إلا قدر له من هذه الحقوق والتولِّي بقدره. 
وهي لا ترتبط بالموافقة، أو المخالفة في رأي، أو مذهب، أو اجتهاد إذا كان من المسائل التي يسوغ فيها الخلاف. 
ولهذا جاء في الآية بعدها قوله – عز وجل - : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (آل عمران:105)
 وهاهنا تجد النهي عن التفرق مطلقاً، فالتفرق مذموم بإطلاق، حتى جاء في الحديث الذي رواه أبو داود عن أبي ثعلبة الخشني ما يدل على النهي عن التفرق الحسي فضلاً عن المعنوي، حيث قـال – رضي الله عنه - : كان الناس إذا نـزلوا منـزلاً تفرقوا في الشعاب والأودية فقال – صلى الله عليه وسلم - : (إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان) فلم ينـزل بعد ذلك منـزلاً إلا انضم بعضهم إلى بعض حتى يقال : لو بسط عليهم ثوب لعمهم.  وهذا المعنى كثير التردد في الكتاب العزيز، خصوصاً حين الحديث عن الأمم الكتابية وما عرض لها في دينها. 
أما عن الاختلاف فلم يرد النهي مطلقاً، بل مقيداً يتبين به أن ثمةَ خلافاً مردوداً، وخلافاً مقبولاً؛ ولهذا قال هاهنا : (وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ) (آل عمران: من الآية105) , فهذا الاختلاف في موضع الذم ؛ لأنه إعراض عن البينات والهدى، واتباع للهوى، وفي مواضع أخرى رَبْطُ الاختلاف بالبغي والعدوان. 
والمطلوب أن يكون ثمةَ اتفاقٌ على الأصول، والمحكمات في الشرع الذي جاءت جمهرة نصوص الكتاب والسنة بتقريرها، وتوافر العلماء عليها خلفاً عن سلف وهو محل الإجماع الثابت المستقر. 
ثم يكون الاتفاق على طريقة التعامل مع الخلاف ؛ بحيث لا يخرج عن إطاره، ولا يؤثر على حقوق الإخاء الديني بين خاصة المسلمين وعامتهم، ولا ينتج تفرقاً مذموماً وبغياً بين المؤمنين، ولا يمنع من الرد والنصيحة والبيان وإظهار الحجة دون أن يكون ذلك ملزماً، أو أن يظن به صاحبه أنه حسمٌ لمادة الخلاف. 
إننا كثيراً ما نتوجع على الوحدة الضائعة، ونقصد بهذا أن يجتمع الناس على ما نظن وما نرى، وهذا ما لم يتوفر للخاصة من أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم -، وأئمة السلف الصالح، ولكن في الأزمات الحادة التي تضرب الأمة تمس الحاجة إلى نوع من التأليف، وتجاوز الحظوظ الشخصية، ومقابلة السيئة بالحسنة، والاشتغال بالعمل الجاد المثمر. 
وهذا رجل جاهلي من إياد، وهو لقيط بن يعمر يشخّص الحال، ويصف الدواء وصف الذي فاته نور الهداية، لكن لم يفته درك العقل والتجربة، ومناسبتها ما نراه اليوم من المكر الغربي الذي تجاوز حد التخمين ؛ ليصبح حقيقة واقعة :
بل أيّها الراكبُ المزْجِي عَلَى عَجلٍ
أبلغ إياداً, وخَلِّلْ في سَرَاتِهِمُ
يا لَهْفَ نفسي إن كانت أموركُمُ
ألا تـخافون قوماً لا أبالكم
فهم سِراعٌ إليكم بين مُلْتَقِطٍ
لو أن جَمْعَهُمُ رامَوا بِهَدَّتِهِ
في كل يوم يَسُنُّون الحِرَابَ لكم
خُرْزاً عيونهم كأن لحظهم
لا الحرثُ يشغلهم بل لا يرون لهم
وأنتم تحرُثُون الأرض عن سفهٍ
وتلبسون ثيابَ الأمن ضَاحِيَةً
وقد أظلكم من  شطر ثَغركم
مالي أراكم نيامـا في بُلَهْنِيَةٍ[1]
فاشفوا غليلي برأي منكم حسنٌ
قوموا قياماً على أمشاط أرجلكم
يا قومُ ! إنَّ لكم من عزّ أولكم
يا قومُ! لا تأمنوا إن كنتم غيراً
هو الجلاء الذي يجتث أصلَكم
هذا كتابي إليكم والنذير معا
لقد بذلت لكم نصحي بلا دخلٍ


نحـو الجزيـرةِ مُرْتَـاداً ومُنتـَجِعا
إِنِّي أرى الرأي -إن لم أُعْص- قد نَصَعَا
شتى, وأُحكِم أمـرُ الناس فاجتَمَعَا
أمسَوا  إليكم كأمثـال الدَّبَا سُرُعَا
شَوكاً, وآخر يجنى الصَّابَ والسَّلَعَا
شُمَّ الشَّمَارِيـخِ مِنْ ثَهْلان لانْصَدَعَا
لا يهجعون إذا ما غـافلٌ هَجَعَا
حريقُ نار ترى منه السَّنَا قِـطَعَا
من دون  بَيْضَتِكُم رِيَّاً ولا شِبَعَا
في كل مُعْتَمَلٍ تبغـون مُزْدَرَعـَا
لا تجمعون وهذا الليثُ قد جَمعَا
هولٌ لـه ظُلَمٌ تغشاكم قِطَعَا
وقد ترون شهاب الحرب قد سَطَعَا!
يضحي فؤادي له ريّانَ قَدْ نَقَعَا
ثم افزعوا قد  ينال الأمن من فَزِعَا
إرثاً أحاذر أن يودي فينقطعا
على نسائكم كِسرى وما جمعـا
فشمروا واستعدوا للحروب مَعَا!
فمن رأى مثل ذا رأياً ومن سمعا!
فاستيقظوا إن خير العلم ما نَفَعَا



المقـولة الرابعة

الموازنة بين القصد والولاء، وبين الفقه والتصور

القصد والولاء هو من باب الإرادة والعمل، والفقه والتّصور هو من باب العلم والمعرفة. 

وكلا البابين من الإيمان، فإن الإيمان قول وعمل , كما قـرره سلف هذه الأمة وأصّلوه، وهما من معتبر الشريعـة في اتخاذ الحكم والموقف، ولا بد فيهما من الموازنة. 
فالإرادة إذا تجردت عن العلم تحصل منها نوع مخالفة للشريعة وأحكامها.  
والعلم إذا تجرد عن الإرادة أو جرى معه نوع تقصير فيها ؛ تحصل نوع مخالفة للشريعة من وجه آخر. 
والناظرون من أهل الإسلام اليوم  لهم مقام محمود في بابي الإرادة والعلم بحمد الله، ولكن ما يقع فيه شيء من الفوت والقصور لبعضهم هو الموازنة وضبط الاعتدال بين الولاء والتصوّر، أو بين الفقه والقصد، أو بين العلم والعمل. 
فترى بعض المواقف ناتجة عن أثر الولاء الذي هو بذاته حق، وهو أحد أوجه الحكم في الحدث أو النازلة، ولكنه لا يستقل ولا ينفرد به، ومن هنا يكون الحكم المستعمل فيه حكماً ولائياً عاطفياً , ليس فيه مادة تناسبه من الفقه والعلم والتصور اللازم شرعاً. 
وترى مواقف أخرى تعتبر بالعلم والفقه فحسب، وتقصر عن مقام الإرادة والولاء فيدخل بذلك على الحكم قصور وتأخر عن موافقة الشرع. 
وبيان هذا المعنى أن علم الشريعة مبني على الرحمة، والرحمة من مقامات الإرادة ؛ ولهذا قال تعالى لما ذكر قصة موسى والخضر عليهما السلام : (فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) (الكهف:65)، فجمع بين مقام العلم والفقه، وبين مقام الرحمة التي هي من الإرادة. 
ولهذا كانت الكتب المنـزلة على الأنبياء مشتملة على هذا التركيب والتوازن بين الولاء والتصور، كما في قوله سبحانه : (ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ) (الأنعام:154)
وقال عن كتاب نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم - : (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ وَإِنَّه لَهُدَى وَرَحْمَةً لِلمُؤمِنِينَ) (النمل:76)؛ فجمع بين كشف الاختلاف الذي جرى لبني إسرائيل، وهو العلم، وبين الرحمة، وهذا في القرآن كثير، وهو معبر عنه في مواضع بالهدى ودين الحق، أي : العلم النافع والعمل الصالح , كما فسره بذلك كثير من السلف والأئمة. 
والموازنة بين الإرادة وبين العلم في تقرير الحكم وضبط الموقف في النوازل والمسائل العارضة من التحقيق لأدب الشريعة والاتباع لآثار الرسل، ولهذا كان محمد – صلى الله عليه وسلم -  رحمة للعالمين، ووصف الكتاب بالرحمة في غير موضع، مع أنه هدى ونور. 
إن في بعض النفوس ميلاً إلى الشوكة والمنعة والتحريب والنكاية، وربما غلب عليها لذلك باب الإرادة والفعل، فلا يرى إلا ما اقتضته طبيعته، ويغفل عن غيره من أوجه النظر. 
وفي بعض النفوس ميل إلى العلم والمعرفة والنظر ؛ فيعرض لها من الأحوال المترتبة على ذلك ما يناسبها، وتقصر أو تغفل عما سواه، مما هو من مراد الشريعة. 
وفي بعض النفوس ميل إلى القوة والشدة، وفي أخرى ميل إلى الضعف والسلامة.  .. وهكذا. 
ومعلوم أن تجريد النفوس عن ميلها الفطري ليس مقدوراً عليه في الجملة، ولا مناسبـاً؛ ولذلك جاءت الشريعة بالأمر بالموازنة بين ما هو حق بذاته، والأمر بدفع ما ليس بحق، فإنه يعرض للنفس في باب العلم، وفي باب الإرادة ما هو نــوع شـبهة أو تأويل، والله تعالى خلق النفوس وسوّاها، وألهمها فجورها وتقواها.
وإذا كان من المقرر في الشريعة النهي عن اتخاذ العلم بغياً بين أهله ولو كان قول الباغي معتبراً موافقاً في الأصل، إلا أن البغي زيادة طارئة مذمومة. 
فكذلك من باب أولى أن الشرع يمنع اتخاذ أحوال النفوس المختلفة بين بني آدم سبباً للبغي والعدوان.
وكما أن من الناس من يبغي بما معه من العلم المصدق، فإن منهم من يبغي بما معه من أحوال النفس وطبائعها، وقد تكون بعض هذه الأحوال محمودة في الجملة كالقوة أو الشجاعة أو الصبر أو الكرم، لكن لا يلزم أن تكون محمودة في كل الموارد، ولا يجوز أن يبغي بها صاحبها على من ليس من أهلها. 
وبعض الناس قد يبغي بما معه من القول الذي هو من باب الظن والاحتمال، وليس من العلم المصدق. 
ومثله من يبغي بما معه من أحوال النفس التي ليست محمودة في الشريعة، فضلاً عن البغي ببعض الظلم والهوى. 
وإذا تقرر -كما ألمحنا - ذم الله تعالى لمن اتخذ العلم الصادق الذي بعث الله به رسله بغيـاً على غيره، فغيره أولى بهذا الذم وأجدر. 
والبغي له صور وأمثال، وهو من المعاني التي يعرفها الناس، وليس تخفيها الحروف ولا صيغة الكلام..
ولهذا كان من فقه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - الذي تلقاه عنه أئمة الإسلام وفقهاء السنة ألا يُتحدث ببعض العلم المأثور لمن قل فقهه , وتأخرت رتبته. 
قال الإمام البخاري -رحمه الله - : (باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه) ثم أورد حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال النبي – صلى الله عليه وسلم -  : (يا عائشة لولا قومك حديث عهدهم ـ قال ابن الزبير : بكفر ـ لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين: باب يدخل الناس , وباب يخرجون) ثم بوب البخاري رحمه الله (باب : من خص بالعلم قوماً دون قوم، كراهية ألاّ يفهموا) ثم ساق قول علي -رضي الله عنه- : (حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله ؟ !). 
وذكر الحافظ أن المراد بما يفهمونه، ثم ذكر أثر ابن مسعود المروي في صحيح مسلم : ما أنت محدثاً قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة. 
ثم ذكر عن أحمد ومالك وأبي يوسف، ومن قبلهم عن الصاحب الحافظ أبي هريرة ما يعزز هذا المعنى. 
ولعل من لطيف فقه هذا الباب أن المرء قد يفرح بما يوافقه في باب من أبواب العلم، ومثله الفعل والإرادة، فيحجبه ذلك عما هو أوسع وأنفع، ويحمله ذلك على بطر الحق وغمط الناس، والموفَّق من وفقه الله. 

المقــولة الخامسة

التفاضل في التكليف

من المتحقق أن سائر تكاليف الشريعة داخلة في مسمى الإيمان وحقيقته؛ فإن الإيمان: قول وعمل. يعم سائر القول الشرعي , وسائر العمل الشرعي، وهذا مفهوم متفق عليه بين الصحابة – رضوان الله عليهم -.
وثمة حقيقة في هذا الباب هي: أن المكلفين يتفاضلون في التكليف, أي: في الأمر والنهي، وهذا التفاضل تارة يكون سببه خاصاً, وتارة يكون عاماً، وتارة يكون لازمـاً , وتارة يكون متعدياً؛ فإن الله خلق بني آدم , وجعلهم درجات فيما آتاهـم, وابتلاهم حسب هذا الخلق والتقدير ؛ ولهذا قال – عز وجل - : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (الأنعام:165)، وإذا تحقق هذا القدر؛ فإن من الفقه في المواقف العامة اعتبار تفاضل التكليف في الأمر الواحد , فإن ما وجب على هذا لا يلزم بالضرورة أن يجب على كل أحد يُقَدَّرُ في الظن أنه مساوٍ له , فضلاً عمن عُلِمَ تفاوته معه في الحال والشأن. 
وفقه تفاضل التكليف يحصل بقدر من الاعتدال والوسطية؛ فإنّه يتكون عنه تحقيقٌ لشمولية التكليف, ومراعاة مجموعة مقاصد الشريعة , وليس القصر على غرض واحد.
وحصول التعددية في القول والعمل المحصَّل من شمولية الشريعة -هو المستوعب لمساحات التفكير والعمل التي تتطلب مشاركة يقدمها الإسلاميـون وأهل الدعـوة ؛حتى لا يحاصروا أنفسَهم  في دائرة واحدة , ويراهنوا عليها تحت حساباتٍ قد تكون خاسرة.   وحين يعيش هؤلاء هذا الضيقَ؛ تجد أنه ربما وقع نوعٌ من المراهنة على أقدارٍ هي من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله – عز وجل -, وهو راجع إلى مشيئته وحكمته. 
وحين نعتبر هذا المعنى في تفاضل التكليف؛ فمن اللازم ألاّ يُفتات على الشريعة بإيجاب ما لم يتحقق إيجابُه على المسلمين, أو نوع منهم. والأقدار الربانية التي يُبتلى بها أهل الإسلام تُدفع بما تأذن به الشريعـةُ وليس بما يُفرض مناسبـاً لدفعهـا, ولو كان فيه من التخطِّي لحدود الشرع والعقل؛ فإن قصدَ مقام الدفع للشرِّ قد يقع معه كثيٌر من البغي والعدوان؛ لأن النفس مائلة إلى هذا بطبعها؛ مما يستدعي تمام التحري والعدل والقصد والتسليم بقصور إرادة العبد عن دفع الفساد في الأرض من كل وجه؛ فإن هذا قَدَرٌ ماضٍ في الناس بما كسبت أيديهم، وترى أن من الإيمان بقدر الله - الإيمان بعلمه بما سيكون؛ فإرادته وخلقه متصل بعلمه وعن هذا مضى القدر بما هو كائن وجاء مثل قوله  - عز وجل - : (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم:41). 
 ويدخل تحت هذا الباب : أن سائر أحكام الشريعة معلقة بالاستطاعة , وعند فقدها يرفع التكليف, وهذا تراه معروفاً في المسائل اللازمة , لكن قد يخفى على كثيرين طردُه في الأحوال المتعدية، وأصله محل إجماع ظاهر. 
فتحقيق شرط الاستطاعة وفقهها في اعتبار المشروع من أقوم الفقه وأنفعه؛ فإنه من المعلوم: أن غير المقدور عليه ليس من موارد التكليف الشرعي. ومن اعتبار الفقه بالتكليف الموازنة بين القضاء الشرعي والقضاء القدري , وأن الأحكام الشرعية لا تجرد عن اعتبار السنن الكونية القدرية، لكن ليس من الفقه والصواب تحصيل هذا بمحض هذا ؛ ولهذا ثبت التكليف فيما عُلم مُضِيُّ القدر بخلافه من جهة كون التكليف جاء مشاعاً في مورد من الإمكان لا يلزم عليه معارضة القضاء الشرعي للقضاء الكوني.   ومن المعلوم عند علماء السنن أنه: ليس ثمة تلازم بين الإرادة الشرعية والإرادة الكونية القدرية. ومن فقه هذا أن ما عُلم بالاجتهاد من القضاء الشرعي لا يُجزم بلزوم مطابقة القضاء القدري له؛ فإن القضاءَ القدريَّ غيبٌ محضٌ مبنيٌّ على العلم المطلق والحكمة الشاملة , وهذا من خصائص الربوبية ومقامات التوحيد التي ربما غلط من غلط في الافتيات عليها. حينما يفرض التلازم بين (الحق، والنصر) يُقدّم كثيرون معادلة : أنّ هذا حق.   إذن : لابد من مشاهدة النصر وفي مدى عمرنا المحدود، ورؤيتنا الخاصة؛ لأن الحق منصور. وهذا التصور لا يستطيع التفريق بين المفاهيم المبدئية والمفاهيم التطبيقية. إن مبدأ (الحق منصور) قدر مؤكد، لكن يتأخر الإدراك لماهية هذا المبدأ التي هي الشكل التطبيقي لماهية (الحق )، وماهية (النصر). هنا معنى مهم يجب أن ندركه : (القيم المبدئية) ليست هي (المحاولة التطبيقيـة لهذه القيم) هذا قدر تكليفي, تحته دراسة واسعة لمدى شرعية الموقـف في الأمر نفسه، وليس خياراً نُصِرُّ عليه, ونُلِحّ على اعتباره.
قد نستطيع الإلحاح على الناس أن تصرفنا شرعي , لكن من المهم أن ندرك: أنه قد لا يكون كذلك من كل وجه، وهذه أول عقبة مانعة من النصر لحقيقة يسيرة : أنه ليس ثمةَ حق فليس ثمةَ نصر. هذا شكل من الخلل، أيضاً من المهم أن نعي حقيقة النصر وماهيته وأشكاله وصوره، وأن السنن الكونية قضاء لله سبحانه، وليست استجابة لاجتهاداتنا حتى لو كنا صادقي النية والعمل؛ فأمر الكون ومصلحته حكم لله وحده، ولا يحيط بعلمه إلا هو، وهذا يستدعي ألاّ نعطي مواعدات ونبوآت للناس مقابل الامتثال لاجتهادٍ رأيناه.
إن الرسل - عليهم الصلاة والسلام - لم يتجاوزوا إلى رسم الوعد الذي يختصر خيارات الذات, ويجعل الإنسان انتظارياً خلاصيا.
هذه غفلة عن حكمة الاستخلاف في الأرض، والأنبيــاء - عليهم السلام - كانوا يأمرون الناس بالتقوى ويعدونهم بالجنة، وفي الرسالة الخاتمة كان الوعد بتمكين الدين ذاته لا غير. 
إننا نحتاج إلى ترتيب المفاهيم التي نعرفها، وإلى فقهها باعتدال، وأن نستقرىء المنهج الشرعي في بناء الذات, والتخلص من حاكمية الطباع ؛ لنحقق العبودية لله وحده.

 

فهرس

الموضوع                                                        الصفحة

3
مقدمة
6
المقولة الأولى:  مفهوم الفقة وغرض الفقيه
11
المقولة الثانية: مفهوم الاجتهاد في الموقف الشامل وأدب أهل الاجتهاد فيه.
24
المقولة الثالثة : حقيقة الخلاف الذي أقرته الشريعة.
34
المقولة الرابعة : الموازنة بين القصد والولاء وبين الفقه والتصور.
41
المقولة الخامسة : التفاضل في التكليف
47
الفهرس
* * *


(1)    بُلهنية : النعيم والرخاء .