الوعي واللاوعي في الاختلاف والخلاف والصراع وامكانية التعايش المشترك ( مقال يستحق القراءة )
المختار العبيدي احمد
ان من الطبيعي ان يختلف الناس في اصولهم والوانهم واعراقهم وكذلك من الطبيعي ان يختلف الناس وان كانوا من اصل او لون او عرق واحد في ميولهم واندفاعاتهم لسد حاجاتهم واشباع غرائزهم وكذلك من الطبيعي ايضا اختلاف الناس في ادراكهم وفهمهم في النظرة الى الوجود (العقيدة) بل من الطبيعي ايضا اختلاف ادراكهم وفهمهم لنفس النظرة للوجود . فالناس شعوبا وقبائل والوانا واعراق وعادات وتقاليد وتاريخ واذواق وهكذا خلقهم الله تعالى
. والناس ايضا بفطرتها تندفع الى اشباع ميولها ورغباتها وهي مختلفة بهذه الميول والرغبات وبالتالي مختلفة في الاندفاعات والناس كذلك تبحث عن ادراك للوجود (العقيدة) وهي مختلفة في هذه الادراكات بل حتى تختلف في فهم نصوص العقيدة الواحدة نفسها . وعلى هذا فالاختلاف طبيعي بين البشر فهم ليسوا متطابقين كالملائكة التي خلقها الله تعالى مسيرة (مجبرة على الطاعة) .
فمن المحال تطابق الناس 100% فقد يكون تطابقهم 50% او 70% او 90% لكن من المحال تطابقهم 100% في ادراكهم وأفعالهم واندفاعاتهم وفطرتهم . فقد يكون الناس متطابقين في مفاهيهم عن الاشياء مثل النار محرقة والماء والخمر سائل وهو يروي ولحم الضان ولحم الخنزير يشبع والبيع والتجارة والربا مربح وان معاشرة الذكر والانثى مشبع للغريزة لكنهم مختلفين في الحكم على هذه الاشياء ومختلفين في اقدامهم واحجامهم على فعل الاشباع لميولهم وسد حوائجهم ، والاختلاف هو بسبب العقيدة اي فهم الوجود والنظرة اليه اي العقيدة التي تحكم على الاشياء والافعال وتحدد الخير والشر فيهما . ان اختلاف العقائد بين الناس من المؤكد انه سوف يلقي بظلاله على اختلاف الحكم على الاشياء والافعال وتحديد الخير والشر والمصالح والمفاسد .
فالاختلاف يبدا بالعقيدة مرورا بفهم الاختلاف في الاعراق والالوان وصولا الى الاختلاف في ادراك وفهم النصوص ضمن العقيدة الواحدة والاختلاف طبيعي اما فطري كماهو حال اللون والعرق او اختلاف في الادراك والفهم حتى ضمن العقيدة الواحدة . فالناس تختلف في الاصل والعرق والقومية لكنهم برغم هذا الاختلاف يتطابقون بالصفة الانسانية وقد يتوسع التطابق بينهم في حالة تطابق فهمهم وادراكهم للوجود اي حملهم لنفس الاعتقاد فهو من المؤكد سوف يقلل من اختلافهم الفطري في العرق واللون والقومية والعادات والتقاليد ويزيد من تطابقهم في الحكم على الاشياء والافعال وتحديد الخير والشر والمصالح والمفاسد .
اما الاختلاف ضمن العقيدة الواحدة فهو في فهم وادراك النصوص ولاسيما النصوص الظنية الدلالة ، فهذا الاختلاف موجود وقائم فمثلا اختلف المهاجرون والانصار حتى في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في فهم نص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن عبد الله بن عمر قال ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال :
“من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر ، فلا يُصلينَّ العصر إلاّ في بني قُريظة” (البخاري و مسلم) . فمنهم من سارع بالتوجه الى بني قريظة وادى الصلاة وفهم ان المراد بالامر هو الاسراع بالوصول الى الهدف لا تأخير الصلاة ومنهم من نفذ بما ورد في النص ولم يصلي الا في بني قريظة وحصل الاختلاف هذا والرسول صلى الله عليه وسلم بينهم والوحي ينزل عليه فالمهاجرون والانصار لم يختلفوا على امر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوصول الى الهدف في الوقت المحدد وكذلك لم يختلفوا على تادية الصلاة فهي فرض عليهم
. لكن كان اختلافهم في فهم النصوص وهذا وارد وطبيعي نتيجة لاختلاف ادراك الناس وتفاوت عقولهم . فالنصوص لاسيما ان كانت ظنية الدلالة فهي تستدعي بذل الجهد والاجتهاد في فهمها وتفسيرها وقد تتعدد الافهام والاجتهادات في النص الظني الواحد شريطة امتلاكها قواعد فهم النص والاجتهاد فيه فتصبح جميع هذه الافهام (المذاهب) صحيحة . فالاختلاف موجود وعلينا ان نقر به ولكن علينا بالمقابل ان نبقيه ضمن دائرة الاختلاف في الرأي وعدم توسيعه الى خلاف او صراع وعداء والا اصبح العيش ضمن اي تجمع بشري مستحيل لأن حال الناس مختلفين في فطرتهم واندافاعهم وفي ادراكهم فاذا كان اختلافهم سيولد الصراع بينهم فلسوف تصبح الحياة مليئة بالصراع والحروب . فالسؤال الذي يطرح نفسه : هل تتوفر امكانية في ظل هذا الاختلاف للتعايش المشترك ؟
ان اي تجمع بشري يقوم على التجمع الغريزي اي نفس اللون والعرق ونفس العقيدة ونفس الطائفة والمذهب ولايتقبل الآخرمن المؤكد انه ينتج مجتمع لا واعي منحط . وبالمقابل فإن اي تجمع بشري قائم على عدة اعراق وعدة عقائد وعدة مذاهب ويتعايش بسلام فمن المؤكد انه مجتمع واعي وراقي لأنه قادر على التعايش المشترك برغم هذه الاختلافات . فالوعي واللاوعي هما اللذان يحددان امكانية التعايش وهما اللذان يحددان امكانية تقليل الاختلاف وعدم توسعه الى خلاف وصراع وعداء وسفك دماء . فالوعي هو قبول التعايش مع الآخر برغم الاختلاف لكن ضمن احكام العقيدة في حالة كون الآخر يحمل عقيدة مختلفة اما كان يحمل نفس العقيدة فالاختلاف يصبح جزئي وليس اساسي وتصبح امكانية التعايش معه واجبة وقبوله واجب تفرضه العقيدة . فالمسلمون تعايشوا مع اليهود والنصارى في ظلال دولة الاسلام فبرغم عدم انتماء اليهود والنصارى لعقيدة الاسلام لكن كان انتماؤهم لدولة الاسلام سياسيا منحهم الحقوق وفرض عليهم الواجبات فنتج عنه تعايش المسلمين مع اليهود والنصارى في حياة كريمة وبسلام وبسلم اهلي على ارقى مايكون .
اما اللاوعي فهو عدم تقبل الآخر المختلف في العقيدة او اللون والعرق بل وحتى المختلف في فهم نصوص العقيدة الواحدة فسرعان مايتم توسيع الاختلاف الى خلاف وصراع وعداء وسفك دماء وانعدام اي امكانية للتعايش المشترك وفقدان للسلم الاهلي ووقوع حروب اهلية . ان الاشكالية الكبرى هي ليست في عدم امكانية التعايش ووقوع الصراع بل الاشكالية الكبرى تكمن في وجود جهات خارجية تستثمر الاختلاف وتسعى الى توسيعه الى خلاف ثم الى صراع وعداء ودماء لينتج عن ذلك استحالة التعايش المشترك وبالتالي توظف حالة الصراع هذه لتمرير الجهات الخارجية لمشاريعها بالهيمنة بمزيد من النهب للثروات والتحكم بمصير ومستقبل هذه المجتمعات ومصيرها ووجودها . ففي حالة المجتمع الواعي يعمل الوعي على احكام وغلق وسد اي ثغرة قد تنفذ منها هذه الجهات الخارجية حتى لوكانت الاطراف في هذا المجتمع في حالة صراع كما حدث في الصراع بين امير المؤمنين علي مع معاوية رضي الله عنهما فلقد حاولت الجهات الخارجية وهم الروم النفاذ من ثغرة هذا الصراع فبعث قيصر الروم الى معاوية يعرض عليه العون في صراعه مع امير المؤمنين علي وكان قصد الروم هو الهيمنة على الامة الاسلامية من خلال هذا الصراع والعمل على تفتيتها وتقسيمها واضعافها ثم القضاء والاجهازعليها ، فكان الوعي على اشده فجاء رد معاوية له وهو (اراك تهز بذيلك ان لم تقعد لأصطلحت انا وابن عمي ثم نقدم اليك )
وكان الوعي اشد عند امير المؤمنين علي كرم الله وجهه الشريف حين قال (لو فعلها بنو الاصفر لكنت جنديا في جيش معاوية) اي اترك الخلاف والاختلاف واتخلى عن الحكم والخلافة واصطلح واتفق مع ابن عمي بل اكون جنديا في جيشه . فالوعي هو عدم السماح لأي جهة خارجية ان تنفذ من اي اختلاف او خلاف او صراع لأن تدخل اي جهة خارجية من المؤكد انه ليس في مصلحة طرفي الصراع ، بل من المؤكد ان غاية من يسعى الى التدخل هو التحكم في طرفي الصراع من اجل تمرير مصالحه ومشاريعه التي تهدد وجود الطرفين المتصارعين .
لكن حالة اللاوعي التي تمر بها الامة الاسلامية اليوم فتحت الابواب مشرعة للتدخل الخارجي الذي استغل خلافاتنا ابشع استغلال بل قام بتوسيع الاختلاف الى خلاف وصراع من خلال وسائله واساليبه القذرة في الاعلام في اثارة الكراهية والحقد الغل واثارة المظلومية من المذهب الآخر والتعصب المذهبي بواسطة بعض المغيبين عن الوعي من الخطباء او من يسمون زورا وبهتانا علماء دين ومراجع دينية وكذلك من خلال المفكرين المتضبعين بالثقافة الغربية والسياسيين ومن العرقيين الانفصاليين من الاحزاب والشخصيات ودعاة الانفصال في اثارة التعصب العرقي ومن خلال عملائه من الشخصيات التي تربت على فتات موائده ومن خلال القيام بأعمال اجرامية قذرة لتاجيج الصراع وصب الزيت على النار وهو مايتعارف عليه اليوم (بالطرف الثالث) او من خلال (شيطنة الخصم) من خلال القيام باعمال لا اخلاقية ولصقها بأحد اطراف الصراع لتسقيطه اخلاقيا وفكريا وكل ذلك من اجل استمرار الصراع والتحكم به ليحصل التدمير الذاتي للأمة او صراع الذات وهو ان تقوم الامة بتدمير نفسها بايديها من اجل ان نجاح الجهات الخارجية في تمرير مصالحها ومشاريعها في الهيمنة والتحكم بمصائرنا وبلداننا وثرواتنا . فما يحصل اليوم من صراع مذهبي هو من باب تدمير الذات وكذلك مايحصل من صراع سياسي بين احزاب سياسية هو تدمير الذات ومايحصل من صراع عرقي وانفصال ودعوى للاقاليم هو من باب تدمير الذات ، وماحصل من تظلم من النظام في العراق ماقبل الاحتلال كان المستفيد منه الجهات الخارجية التي احتلت البلد بذريعة هذه المظلومية ، وكذلك ماحصل من تظلم من القذافي استثمرته الجهات الخارجية لتهيمن على ثروات ليبيا وكذلك ماحصل من تظلم في سوريا استثمرته جهات خارجية عملت على تحطيم البنى التحتية والقاعدة الصناعية واللحمة الاجتماعية في سورية لتمرر مشاريعها بالدم السوري ، وكذلك ماحصل من تظلم من الدولة العثمانية استثمره الانكليز والفرنسيين ليقسموا بلادنا بسايكس بيكو وليصيغوا حياتنا ونمط معيشتنا على اساس عقيدتهم فصل الدين عن الحياة وليضعوا ايديهم على ثرواتنا .
ان المؤكد ان هناك حالات مظلومية وألم وامتعاض من الوضع السابق ماقبل احتلال العراق بسبب الحروب والحصار لكن السؤال من الذي استفاد من هذا الالم والمظلومية الشعب العراقي ام الامريكان فيما جرى ؟ وكذلك في ليبيا من المؤكد ان هناك مظلومية وألم ومعاناة لكن هل استفاد الشعب الليبي من هذا الألم ام من وضع يده على ثروات ليبيا وهم اعضاء حلف الناتو الانكليز والفرنسيين ؟ وكذلك مايجري في سورية هل استفاد منه الشعب السوري ؟ وكذلك الشعب المصري وكذلك اليمني . وكذلك دعاة القومية العربية الذين ادعوا المظلومية من الاتراك في الدولة العثمانية هل استفادوا من مظلوميتهم ام استفاد منه الانكليز والفرنسيين ؟ وكذلك كان هناك مظلومية للمسلمين في البوسنة والهرسك وكوسوف من قبل الصرب لكن من الذي استثمر دمائهم في خدمة مشاريعه واشعال نار القومية في البيت الاوروبي الموحد ؟ . أليسوا الامريكان الذين تذرعوا بجرائم الابادة الجماعية للمسلمين ليمرروا مشاريعهم في الهيمنة على الاتحاد الاوروبي والنيل من هذا الاتحاد والحيلولة دون قيامه كقطب منافس لقطبية امريكا المنفردة في قيادة العالم ؟ .
من المؤكد ان جميع هؤلاء لم يستفيدوا من هذه المظلوميات بل استفادت الجهات الخارجية التي تدخلت من اجل مصالحها ومشاريعها بذريعة المظلومية هذه فهي كانت الثغرة للتدخل الخارجي ؟
ان لسان حال هذه الشعوب هو التغيير بسبب هذه المظلومية لكن الواقع الحاصل ان هذه الشعوب انتقلت من مظلومية الى مظلومية اكبر واستبدال الظالم بالظالم وليس الانتقال والتغيير من المظلومية الى العدل .
ان الغرب خبير وفنان في استثمار الخلاف والمظلومية والفساد ودعوات التغيير وهو محترف في توظيفها لخدمة مشاريعه ومصالحه لكي ينتقل من الهيمنة الجزئية البسيطة الى الهيمنة الكلية الكبرى . فثرواتنا كانت بالامس بايدينا نعم لم تكن بالمطلق وكانت هناك هيمنة خارجية بنسبة 10% او 20% لكن الحاصل اليوم هو الهيمنة الكلية فالجهات الخارجية تتحدث عن امتلاكها نسبة 50% ان كانت صادقة في ادعائها فلقد قدرت قيمة الاستثمارات من النفط العراقي بقرابة 185 مليار دولار لصالح الجهات الخارجية التي تدعي الآن امتلاكها لنسبة من هذه الثروات التي هي من نعم الله علينا .
فالوعي يتمثل في النقاط التالية :
1. حصر الاختلاف باعتبار وجوده طبيعي وعدم توسيعه الى خلاف وهذا يستدعي رفع مستوى الوعي .
2. عدم توسيع الخلاف ان وقع الى صراع وعداء وسفك دماء .
3. تجريم السماح للتدخل الخارجي وعدم ترك اي ثغرة او باب لاستثمار الخلاف من قبل اي جهة خارجية .
4. اعتبار الانتماء السياسي للدولة وهو الانتماء الذي بموجبه توزع الحقوق وتفرض الواجبات هو الحل لاي اختلاف او خلاف او مشكلة او صراع فهو الانتماء الاساس وهو الاهم وهو الاول وهو فوق كل انتماء مذهبي او عرقي او مناطقي او قبلي بل وحتى عقدي وان هذا الانتماء له قدسية كقدسية العرض والشرف للانسان لأن خراب البلدان والاوطان انما تتم عبر ضرب هذا الانتماء كما حصل في الدولة العثمانية وكما حصل في العراق ويحصل الآن في سورية .
بذلك تحصل المناعة السياسية والحصانة لدى الأمة ، فالاختلاف بين الشيعة والسنة موجود وهو ليس محل نقاش وانكاره مجافاة للحقيقة لكن يجب رفع مستوى الوعي بين السنة والشيعة بعدم توسيع هذا الاختلاف الى صراع وبتجريم السماح لأي جهة خارجية بالتدخل وعدم السماح لأي جهة خارجية لأختراق ثغرة هذا الاختلاف واستثماره وتوسيعه الى صراع كما حدث في الصراع بين امير المؤمنين علي ومعاوية رضي الله عنهما .
ومع الاقرار بوجود الاختلاف بين السنة والشيعة لكن : هل ان نسبة الاختلاف كبيرة جدا بحيث تصبح امكانية التعايش مستحيلة ؟ اذا كانت كذلك اي مستحيلة فكيف تعايش السنة والشيعة لما يزيد عن الف سنة متجاورين متصاهرين ؟!!. ان امكانية او استحالة التعايش بين السنة والشيعة بحاجة الى نقاش وبحث وحوار عقلاني وهادئ وودي مع التجرد من الماضي وعقد التاريخ والتسامي فوق الجراح ودون الخوض في تفاصيل الاختلاف لان الخوض سوف يزيد الاختلاف ويحوله الى خلاف وصراع والمراد والمطلوب من النقاش والبحث هو تقليل الخلاف والاختلاف والصراع واحتوائه . في امريكا توجد اختلافات اكثر من الاختلافات بين السنة والشيعة بأضعاف مضاعفة بين السود والبيض وبين الكاثوليك والبروتوستانت والارثذوكس وبين الهنود الحمر سكان القارة الاصليين وبين الوافدين اليها وبين المتدينين والملحدين وبين الاديان كلها وبين الاعراق والالوان المتعددة فكما هو معروف ان امريكا قامت منذ تاسيسها على جذب الابداع والمبدعين من شتى الاسقاع والبقاع . فمن يمتلك القدرة ومن يتجرأ على استثمار هذه الخلافات وتحويلها الى صراع بين مكونات الشعب الامريكي ؟ .
ان من المؤكد ان الشعب الامريكي لم يتدنى بعد الى مستوى الانحطاط وغياب الوعي لكي يسمح لجهات خارجية بالتدخل واستثمار خلافاته وكذلك حال الشعب الفرنسي والانكليزي والروسي فهذه الشعوب واعية على مصالحها اشد الوعي . اما في اوروبا العصور الوسطى فلقد كانت حالة اللاوعي هي السائدة كان الخلاف كبيرا بين الكاثوليك والارثذوكس والبروتوستانت وقد تحول هذا الخلاف الى صراع وعداء وحروب ومذابح لكن عندما استحضر الوعي في اوروبا بعد الثورة الفرنسية والنهضة والحداثة فبرغم بقاء الخلافات التي من غير الممكن ازالتها لكن تم التقليل من تاثيرها وتحجيمها لتبقى خلاف فقط والحيلولة دون تحولها الى صراع او عداء او مواجهة وكذلك عدم السماح لأي جهة خارجية تقوم بأستثمارها كما حصل في حرب البلقان عندما حاولت امريكا استثمار الصراع في كوسوفو بين مسلمي كوسوفو والاختراق من ثغرة مظلومية المسلمين والابادة الجماعية التي تحصل لهم من قبل الصرب لتشعل نار القومية والصراع الديني في البيت الاوروبي لكن اوروبا وشعوبها كانت واعية لذلك فلم تسمح لأمريكا تمرير مشاريعها وقامت باحتواء الازمة من خلال مشاركتها بحرب البلقان عام 1999 لتحول بمشاركتها هذه دون اتفرد امريكا بصياغة الوضع مابعد الحرب .