البيان في دخول الجن جسد الإنسان
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا
رسول الله أما بعد :
لا اعلم هل انتهت كل مشاكل وقضايا
المسلمين وصراع العالم معهم ولم يتبقى سوى صراع الجن معهم ،تخصص بعض القنوات
الفارغة ساعاتا لتقديم حلقات عن دخول الجن جسم الإنسان وتزوج الجن من الإنسان
ويخرج أصحاب اللحى الطويلة الذين لم يأتو من العلم ولم يتعلموا بل اكتفوا بالقراءة
فقط للنصوص والحكم على ظاهرها ،يتهكموا على العلماء ويرموهم بالاعتزال والتشيع
وينحازون لرأى واحد ،يخرجوا ويأكدوا على دخول الجن جسم الإنسان ويلغوا إعمال العقل
والطب ،وطبعا هناك من يصطاد في الماء العكر لتحقيق رغباته بذهاب المرضى إليه
ليعالجهم والعجيب أنهم يدعون تمسكهم بمنهج السلف الصالح أيضا في ذلك الأمر وسنرد
على هذا بعون الله ومدده .
عليه جن كافر ،ولد في يوم مولدها جن و
كبر يحبها ويريد زواجها والا فيقتلها ، وكم طاردتنا وسائل الإعلام المقروءة
والمرئية بقصص زواج وهمية بين رجل وامرأة من عالم الجن أو بين جني وامرأة من عالم
الإنس، وكيف أن الجن يسيطر على عواطف الزوجة ويصرفها عن زوجها ليعيش هو معها.
هذه الأفكار والكلمات تسيطر على عقول
كثير من المسلمين في علاقة الجن بالإنسان، حيث يعتقد هؤلاء أن الجن يدخل جسد
الإنسان ويسيطر عليه ويوجه سلوكياته ويتحكم في تصرفاته، بل يعتقد البعض أن الجن
يتزوج من الإنس، هذه الأوهام يرفضها الإسلام و علماءه واسمحوا لي كي أثير وارد على
شبهات هذه القضية الغريبة العجيبة بالحجة والمنطق عسى أن يغير هذا الكلام شيئا من
الواقع المؤلم الذي نعيشه الآن .
معنى المس واللمس :
=============
يعتقد أصحاب الفكر الخرافي إن هذا
متلبس بالجن مستندين على بعض الآيات التي يظنون ومنها قوله تعالى (الَذِينَ
يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إلاَّ كَمَا يَقُومُ الَذِي يَتَخَبَّطُهُ
الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ) فالمس لا يعني التلبس ولا يعني المس الحقيقي مثل (لَّا
يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) كناية عن فهم حقيقته ومداركه وكنهه ،فالمس لا
يعني بحال التلبس المادي والحقيقي .قال الإمام الراغب في معنى " المَسَ
" في القرآن:" المسُ يقال فيما يكون معه إدراكٌ بحاسة اللمس ،وكُني به
عن النكاح ، فقيل : مَسَها وماسَها " فنحن لا نرى المرابين متلبسين ممسوسون
إنما هو على وجه التشبيه، فالشيطان لا يصرع الإنسان على الحقيقة ,فهي كقولنا (ركب
رأسه الشيطان)فهل هذه على الحقيقة أم المجاز ؟
قال ابن قدامة في المغني: "ليس
بصحيح، فإن كل شيء لاقى شيئاً فقد مسه".
قال الشيخ عبد الوهاب بن فيروز في
حاشية الروض نقلا عن بعض العلماء:"واعلم أن كثيرا من الفقهاء غالب استعمالهم
على أن "المس" باليد و"اللمس" أعم منه،لأنه يكون باليد وغيرها
من البدن، فيقولون غالبا مس الذكر لأنه مخصوص باليد، ويقولون: لمس المرأة لأنه لا
يخص باليد، بل بجميع البشرة. انتهى
و قال بن رشد في المقدمات الممهدات
:" فلا يقال لمن مس شيئا قد لمسه إلا أن يكون قد مسه ابتغاء معنى يطلبه من
حرارة أوبرودة أو صلابة أو رخاوة أو علم حقيقة قال الله عز وجل( ولو نزلنا عليك
كتاباً فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين)،ألا ترى أنه
يقال تماس الحجران ولا يقال تلامس الحجران لما كان الإرادة والطلب مستحيلة عليهما
.
وختاما فقد جاء في الموسوعة الفقهية
الكويتية ما نصه:"وَالْفَرْقُ بَيْنَ اللَّمْسِ وَالْمَسِّ : أَنَّ الْمَسَّ
الْتِقَاءُ الْجِسْمَيْنِ ، سَوَاءٌ كَانَ لِقَصْدِ مَعْنًى أَوْ لاَ ،
وَاللَّمْسُ هُوَ الْمَسُّ لِطَلَبِ مَعْنًى " ، فَاللَّمْسُ أَخَصُّ مِنَ
الْمَسِّ ....إذن فالمس يعني هنا الوسوسة والاضطراب والسير على غير الهدى وهذا
بسبب حالة الاضطراب التي يعيشها بين علمه بالحرمة وواقعه الذي يمارسه ،أو حالة
الهيجان التي تنتابه نتيجة تنامي رأس المال حاله حال كثير من الناس أثناء تغير
الأسهم في البورصة حالة هيجان واضطراب وصراع نفسي بسبب الجشع والطمع والثوران
واللهث نحو المزيد ،ومن ثم جعلوا ذلك عندما يلقون الله فيحاسبهم على جشعهم وظلمهم،
وقال البعض إن سبب الصرع مس الشيطان كما هو ظاهر التشبيه، وقد ثبت عند أطباء هذا
العصر أن الصرع من الأمراض العصبية التي تعالج كأمثالها بالعقاقير وغيرها من طرق
العلاج الحديثة، وقد يعالج بعضها بالأوهام.
الله تعالى يقول على لسان نبيه أيوب
حينما ناجى ربه(أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) ،فهل سيدنا
أيوب قد متلبس بالجن ؟ وإذا كان الجن يركب الإنسان ويتحكم به فمعنى ذلك عليه سلطان
بينما الشيطان نفسه يقر(ومَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ)،إذن العلاقة
علاقة وسوسة بالتزيين للإنسان والقرار النهائي يبقى لدى الإنسان و قوة إيمانه و
سيطرته التامة لذلك الإنسان ملوم في طاعة الشيطان قال الله تعالى (إِنَّمَا
يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ
تَعْلَمُونَ) ، وقال على شأنه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا
خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ
يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي
مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ
عَدُواًّ شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ
القَوْلِ غُرُوراً) ، قال الإمام القرطبى في " يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول
غرورا" عبارة عما يوسوس به شياطين الجن إلى شياطين الإنس وسمي وحيا لأنه إنما
يكون خفية، وجعل تمويههم زخرفا لتزيينهم إياه ومنه سمي الذهب زخرفا وكل شيء حسن
مموه فهو زخرف "....(زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
ومثله( تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ
الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ) .
إن الإمام الطوسي (ت460هــ) يقول:وقوله
(لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) قال ابن عباس، وسعيد بن
جبير، والحس،ومجاهد، وقتادة:"إن قيامهم هذه الصفة يكون يوم القيامة: إذا
قاموا من قبورهم، ويكون ذلك إمارة لأهل الموقف على أنهم أكلة الربا، وقوله (يتخبطه
الشيطان) مثل عند أبي علي الجبائي لا حقيقة على وجه التشبيه بحال من تغلب عليه
المرة السوداء، فتضعف نفسه ويلج الشيطان بإغوائه عليه فيقع عند تلك الحال ويحصل به
الصرع من فعل الله، ونسب إلى الشيطان مجازاً لما كان عند وسوسته .... فإذا ثبتنا
التلبس فانه يجب أن نسقط عن التكليف وإلا في ذلك ظلم للإنسان حيث يفقد القدرة على
الاختيار،إلا أن القرآن يقرر (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ
اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ
لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ
تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ
بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ
الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) ،فإذا كان الشيطان وهو أب الجن ليس له من
سلطان وإن وظيفته الوسوسة والدعوة فكيف ببقية الجن أن يفعلوا أكثر منه ويتحكمون في
الإنسان؟
الوسواس و الوسوسة :
وهنا سؤال يُطرح نفسه وهو ما معنى
الوسوسة؟ هل الوسوسة تعني أن يدخل الشيطان الصدور؟
يقول القرطبي في تفسيره عن معني
الوسوسة "وَالْوَسْوَسَة:الصَّوْت الْخَفِيُّ ،وَالْوَسْوَسَة: حَدِيث
النَّفْس .
فالآية التي تقول (الَّذِي يُوَسْوِسُ
فِي صُدُورِ النَّاسِ) تُحمل على المعنى لا الواقع ،بدليل إن الآية التي بعدها
(مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ) ،وهنا يقول العقل إن الإنسان عندما يوسوس لإنسان
يدخل داخل صدره ،ومثل هذا قول سيدنا الرسول ص (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى
الدم)، فإن القصة التي ورد فيها تشرح المراد منه قالت صفية زوجة رسول الله ص: كان
رسول الله معتكفا فأتيته أزوره ليلا فحدثته ثم قمت إلى بيتي، فقام النبي ص يمشي
معي مودعا (وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد) فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا
النبي أسرعا فقال لهما: على رسلكما (أي تمهلا) إنها صفية بنت حيي قالا: سبحان الله
يا رسول الله قال:"إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم فخشيت أن يقذف في
قلوبكما شيئا أو قال شرا".
وظاهر الحديث كما يوضح الشيخ الغزالي
أن الرسول يريد منع الوسوسة التي قد يلقيها الشيطان عندما يرى مثل هذا المنظر، ومع
أن الصاحبين أنكرا واستعظما أن يجري في نفسيهما شيء من ظنون السوء بالنسبة للمعصوم
عليه الصلاة والسلام، فإن النبي أراد منع هذه الوسوسة، ومن هنا فلا صلة للحديث
باحتلال الشيطان لجسم الإنسان.
فالشيطان ليس فيروسا يسري داخل مجرى
الدم وإنما هو كناية عن ملازمته، كما يقول الإنسان لصاحبه أو صديقه: أنت في قلبي
وفي عيني فهل معنى ذلك انه فعلا في قلبه وعينه ؟
العجب إنهم يروون في صحيح مسلم (إذا
تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فيه فإن الشيطان يدخل) إلا إذا حُمل على المجاز،وكذلك
ما يُروى في البخاري (إذا استيقظ - أراه - أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر
ثلاثا،فإن الشيطان يبيت على خيشومه،ومثله أكل الشيطان مع الإنسان حال عدم التسمية
فهو على المعنى لا الحس فالجن ليس فيرس يدخل جسد الإنسان ويتحكم فيه عن بعد وقرب
ثم كيف أن ضرب المريض يقع على الجني نفسه ويؤذيه ،ثم إننا لم نسمع ولم نقرأ إن
سيدنا رسول الله أو الصحابة الأطهار قد قرؤوا القرآن على متلبس ليخرجوا جنيا أو
ضرب وخنق أو أشعل بخورا ،وما يُنسب له (ﷺ) ( اخرج عدو الله أنا رسول الله) لم يرد
في الصحيح وان ورد فيه كلام فما بالنا ربما كان يقول سيدنا للمرض الذي الم بالصبي
.
وطبعا اشهر من تكلم في هذا الأمر هو
الشيخ بن تيمية ولذلك فان أتباعه يتحسسون هذا الكلام ويجعلونه كلام الجمهور ،ما
يقوله الشيخ ابن تيمية (أن الإنس قد يؤذون الجن بالبول عليهم،أو بصب ماء حار،أو بقتلٍ
ونحو ذلك،دون أن يشعروا ، فيجازي الجن حينئذ فاعل ذلك من الإنس بالصرع كلام غريب
اى نعم أرشدنا سيدنا رسول الله إلى احترام خصوصية الجن وذلك بذكر الحديث الطويل
الذي يهمنا منه الآن " فقال: لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم
أوفر ما يكون لحما وكل بعرة علف لدوابكم فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا
تستنجوا بهما فإنها طعام إخوانكم" .
قال الإمام الشافعي من قال إنه يرى
الجن فاسق لا تقبل شهادته لأنه يناقض قول الله تعالى:" إنه يراكم هو وقبيله
من حيث لا ترونهم".
الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام
سلطنة عمان، يقول عن هذا الامر "ان ما يقال حول دخول الجن إلي جسم الإنسان ما
هو إلا ضرب من الخيال ومزايدة من ضعاف النفوس الذين يستعبدهم الخوف ، علينا أن
نؤمن قبل كل شيء أن الجن هم شريحة من الخلق كالإنس, وأنهم بأنفسهم مُعرَضون لما
يُعرض له الإنس من الخوف والأمن والصحة والسقم وجميع الأحوال التي يتعرض لها
الإنسان, إذ الجن ليسوا كالملائكة, وليسوا أيضا كالحيوانات، هم شريحة مُكلَفة
تضطلع بأمانة العبادة، عبادة الله تعالي بدليل النص القرآني الصريح (وَمَا
خَلَقْتُ الْجِنَ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ* مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ
رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَ اللَهَ هُوَ الرَزَاقُ ذُو
الْقُوَةِ الْمَتِينُ) وهم يأكلون ويشربون ويتناسلون وقد نص القرآن الكريم علي
أنهم لا يملكون شيئاًً ما يعود إلي أمور البشر, فالله سبحانه وتعالي يحكي عن الجن
أنفسهم عن المؤمنين أنهم قالوا (وَأَنَهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ
بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً) (الجن:6), الرجال من الإنس الذين
كانوا يعوذون برجال من الجن ما زادوهم إلا رهقا, يعني كونهم يعوذون بهم وتركوا
العياذ بالله, ولجأوا إلي العياذ بالجن أدي بذلك إلي أن زادتهم الجن رهقا.وقال ان
هؤلاء الذين يتشبثون بالجن ويعوذون بهم ويرجعون إليهم لن يزيدوهم إلا رهقا بدليل
هذا النص" .
يرد د مبروك عطية الأستاذ في جامعة
الأزهر على من يعتقدون أن الجن يدخل جسد الإنسان فيقول:"يستند بعض الناس في
ادعاءاتهم بالمس إلى الآية الكريمة في سورة البقرة (فيتعلمون منهما ما يفرقون به
بين المرء وزوجه) ولا يتوقفون أمام الآية اللاحقة لها (وما هم بضارين به من أحد
إلا بإذن الله) ومعلوم أن أول الآية (واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك
سليمان)،فهي تتحدث عن زمان مضى في عهد نبي سبق، أما في عهد سيدنا محمد عليه أفضل
الصلاة والسلام فالآية من سورة "فصلت" فيها العلاج كله وهي قوله
تعالى:"وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله" فاليقين أننا إذا قلنا
نعوذ بالله من الشيطان فإن شر الشيطان يذهب كله.
وينتهي د. مبروك عطية إلى القول بأنه
لم يرد عن علماء المسلمين عبر العصور المتعاقبة أن الجن يلبس الإنسان أو يؤذيه، أو
أن هناك آيات يمكنها علاج هذه الادعاءات، وما نراه من بعض الذين يزعمون أن الجن
يركب أجسادهم ما هو إلا وساوس شيطان وأمراض نفسية تحتاج إلى أطباء لا إلى دجالين.
عملية نصب تثبت نفسها :
يذهب البعض وهو مريض بالصرع إلى بعض
هؤلاء الدجالين أو المدعين أنهم يعالجون بالقرآن فيجلسه في غرفة وربما كان معه
محرم وربما لا وهنا تأتى عملية الصرع العادية وذلك بسبب تشغيل القرآن بصوت عالي
جدا داخل الحجرة ويذهب في أذن المريض ويكرر بصورة مستفزة بعض الأدعية مما يجعل
المريض يضيق خلقه وتأتى له نوبة الصرع بشكل طبيعي ويبدأ في الهياج وربما يكسر ما
حوله وهنا يأتي دور الدجال إما أن ينهال عليه ضربا وينتهي ذلك بموت المريض وهنا
أتسائل هل يموت الجن ؟، أو بقول الكلمات المعتادة اخرج اخرج أقسمت عليك بالله تخرج
وطبعا الجهل دائما هو القائد لكل حمق فربما نرى بعض المسلمين يذهبوا إلى الكنائس
لإخراج الجن بحجة انه مسيحي والله إن هذا لكلام مضحك جدا .التغلب على الوساوس وهنا
يبرز السؤال المهم: مادام الجن لا يدخل جسد الإنسان ولا سلطان له على المسلم إلا
بالوساوس والإغواء ،ففكيف نتغلب على وساوس الشيطان ونحمي أنفسنا منه؟
يقول د. نصر فريد واصل مفتي مصر
الأسبق: الشيطان لا سلطان له على إنسان يؤدي الواجبات الدينية كما ينبغي ويؤمن
بالله حق الإيمان، ويدرك أن إرادة الإنسان محررة من كل هذه الخرافات التي يروج لها
البعض، ومن فضل الله تعالى ورحمته بعباده المؤمنين أنه بشرهم أنهم متى أخلصوا له
العبادة والطاعة. وأدوا ما كلفهم به بإحسان وخشوع، فإن الشيطان لا يستطيع أن يؤثر
فيهم أو أن يمسهم بسوء.
وقد اعترف إبليس بذلك في آيات منها
قوله تعالى: “قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك
منهم المخلصين قال هذا صراط علي مستقيم إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك
من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين ) .
وهناك شيء أولى بالمتدينين والموهومين
بهذه الخرافات أن يعلموه وهو أن شياطين الإنس والجن تنتشر في كل مكان، وتحاول
الإيقاع بكل إنسان، والاستعاذة منها واجبة ونافعة وقد أمر الله بها نبيه (وقل رب
أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون) وكان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول:" أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه
ونفثه"
ومن أدعيته عليه الصلاة
والسلام:"اللهم إني أعوذ بك من الهرم، ومن الغرق، وأعوذ بك أن يتخبطني
الشيطان عند الموت"،هذا هو المسلك السليم الذي يجب أن يتبعه كل مسلم بدلا من
ترديد أوهام وخرافات ما أنزل بها من سلطان .
واختم بتساءل طريف للشيخ الغزالي
قائلا: هل العفاريت متخصصة في ركوب المسلمين وحدهم؟ لماذا لم يشك ألمان أو
يابانيون من احتلال الجن لأجسادهم؟ إن سمعة الدين ساءت من شيوع هذه الأوهام بين
المتدينين وحدهم، فالعلم المادي اتسعت دائرته ورست دعائمه، فإذا كان ما وراء
المادة سوف يدور في هذا النطاق فمستقبل الإيمان كله في خطر، ولذلك واجبنا أن نبحث
علل أولئك الشاكين من سيطرة الجن على أجسادهم بروية، ولنرح أعصابهم المنهكة، ولا
معنى لاتهام الجن بما لم يفعلوا.
وفى النهاية أعود وأوصى نفسي والمسلمين
بأن يأخذوا ويتتبعوا أثار العلم والعلاج الطبي السليم ،والتمسك بالشريعة والسنة
المطهرة وكلام العلماء الثقات والتدين النقي الخالي من الأوهام وعدم الانصياع وراء
من يدعون أنفسهم علماء والتحصن بالذكر في كل الأوقات وان نسأل أنفسنا دائما أليس
الله بكاف عبده ؟