الأربعاء، 10 يناير 2018

دراسة سن عائشة رضي الله عنها .. عند الزواج .. كم كان سنها عند الزواج؟!

دراسة سن عائشة عند الزواج
يحاول أعداء الإسلام النيل من المسلمين بالتشكيك مرة في القرآن ، ومرة في السنة، ولكن المسلمين أدركوا خبث نية المستشرقين، مما جعل المستشرقين يُجَنِّدوا من لا دين له من المسلمين ، والمفتونين بالغرب، ليروجوا لباطلهم وإفكهم، حتى يكون القائل من جلدتنا، فينطلي كلامه على العوام وضعاف العلم من المسلمين، وغير المتخصصين في العلوم الشرعية، ومن به ضعف في إيمانه.


وسلك كثير من بني جلدتنا مسلك المستشرقين في الطعن على الإسلام، فهذا طه حسين كان بوقاً للمستشرقين، وكانت طريقته هي التشكيك في التراث.
وهذا الكاتب أيضا يحاول الطعن في الإسلام بالتشكيك في أهم كتابين بعد كتاب الله، ويأتي بقضية يتظاهر فيها بأنه يدافع عن الإسلام،
ويتظاهر بأنه يحقق الروايات ويجمع الأقول، وقد ذكرنا في مقالاتنا عن التعادل والترجيح بأن الذي ينظر في الأدلة ويُأول النصوص لابد أن يكون عالماً، حتى لا يَضِل ولا يُضِل.
أن يكون المتأول أهلاً لذلك: بمعنى أن يكون متمكناً من العلوم الشرعية من فقه وحديث وتفسير التي تمكنه من الجمع بين الدليلين المتعارضين بالتأويل.
قال الإمام النووي: وإنما يقوم بذلك غالباً الأئمة الجامعون بين الفقه والحديث، والأصوليون المتمكنون في ذلك، الغائصون على المعاني الدقيقة، الرائضون أنفسهم في ذلك.(شرح النووي على مسلم 1/35) (التعادل والترجيح بين الأدلة 5)
لكن عصرنا هو عصر الطعن في الإسلام، واتهامه بالتخلف والرجعية والإرهاب، وفتح الإعلام أبواقه لكل من أراد أن يطعن في الإسلام، واعطيت لهم مساحات واسعة في الإعلام، بل أن هناك قنوات في التلفاز لا تعمل شيء غير الطعن في الإسلام، وإثارت الغرائز والشهوات.
وكما قال الشاعر:
تعدو الذئاب على من لا كلاب له * وتتقي مربد المستأسد الحامي
وسنعرض كلام هذا الطاعن ونرد عليه.
حينما تظهر أصوات العقلاء لتدافع عن الرسول عليه الصلاة والسلام
هكذا يصف من يقدح في البخاري ومسلم بانه عاقل، مع أنه أحمقٌ جاهلٌ، فكل من أراد أن يطعن في هذين الكتابين، اللذين اهتما بهما العلماء إهتماماً كبيراً، بين شرح ونقد ودراسة للأسانيد، واستنباط للأحكام، وغير ذلك عبر أكثر من عشرة قرون، فمن ادعى أنه وقف على شيء لم يقف عليه علماء الشرع فهو واهم جاهل، وإن كان غير متخصص في العلوم الشرعية فهو أحمق أو مُغرِض خبيث.
مؤكدة بالتاريخ والروايات الموثقة عدم دقة الكثير من الروايات التى يأخذها البعض على الإسلام مثل رواية زواج النبى عليه الصلاة والسلام من السيدة عائشة وهى فى عمر تسع سنين، تواجهها تلك العقبة المقدسة التى تقول بقدسية المناهج الفقهية القديمة، وكتب البخارى ومسلم، وتعصمها من الخطأ.
أين الروايات الموثوفة إذا كنت تطعن في أوثق الكتب وأوثق الروايات، وقد أجمعت الأمة على صحة ما في البخاري ومسلم إلا أحرف يسيرة انتقدها الدار قطني، والأمة في مجملها معصومة، والإجماع حجة عند أهل الإسلام. فقد تعرض كتابي البخاري ومسلم للنقد والتفنيد، من علماء جهابذة، واستقر رأي الأمة على التسليم بصحتها، ولا يضر أن يعترض عليهما بعض الحاقدين على الإسلام، أو الطاعنين في الدين، أو من سار على دربهم بلا وعي ممن ينتسبون إلى الإسلام، فالإجماع حجة عليهم
وترفض أى محاولة للاجتهاد فى تصحيح روايتها حتى ولو كانت محل شك، فهى العلوم وحيدة زمانها، والتى لا تقبل التجديد ولا الإضافة ولا الحذف ولا التنقيح ولا التعقيب ولا حتى النقد.ً
للإجتهاد أصول وقواعد، والإجتهاد جائز شرعاً، لكن من أراد أن يجتهد فلابد له من علوم وضوابط، وليس كل من قرأ كتاباً جاز له الاجتهاد، وليس من الاجتهاد رد الإجماع، أو تقديم الروايات الضعيفة أو الباطلة على الروايات التي أجمعت الأمة على صحتها.
ولو كانت محل شك ... محل شك ممن؟ من الطاعنين على الإسلام، وإذا كانت أصح الروايات محل شك، فمن أين يأتي اليقين وأنت تشكك في أصح الأحاديث، وتريد منا أن نشك معك في أصح كتابين بعد كتاب الله، وعلى أي رواية تعتمد، على الرواية التي توافق ما تريد ولو كانت باطلة!!
وكذا هو الحال مع الرواية ذائعة الصيت التى يكاد يعرفها كل مسلم, والتى جاءت فى البخارى ومسلم, أن النبى (صلى الله عليه وسلم) وهو صاحب الخمسين عاما قد تزوج أم المؤمنين (عائشة) وهى فى سن السادسة, وبنى بها-دخل بها- وهى تكاد تكون طفلة بلغت التاسعة,
واضح في كلامه التهكم والسخرية، ولست أدري ممن يسخر أمن النبي صلى الله عليه وسلم أم من البخاري ومسلم لأنهما رويا هذه الأحاديث، أم يسخر من كل رجال السند الذين نقلوا هذا الكلام، أم من الأمة التي تلقت كتابي البخاري ومسلم بالقبول.
أما قوله طفلة فهذا جهل، فالجارية تعد امرأة إذا حاضت، أياً كان عمرها عنئذ، ولسنا ملزمين بما يُرَوّج له في عصرنا من أن الطفولة إلى سن كذا أو المراهقة من سن كذا، فمن يقولون عنه مراهق ، في سلفنا كان يقود الجيوش، ويفتح البلدان، والحيض من علامات البلوغ، فإن حاضت فهي امرأة.
وإلى عهد قريب كانت الأسر في الريف تزوج البت بمجرد بلوغها، فلماذا تنتظر، لم يكن تعليم أو جامعة أو تحديد سن الزواج في القوانين، وسن البلوغ يختلف من شعب إلى شعب ومن مكان على مكان.
وفي فتح الباري لابن رجب (4/ 133)
إذا أطلقت المرأة لم يرد بها إلا البالغ، والصغيرة لا تسمى امرأة في الحال؛ ولهذا قَالَتْ عَائِشَة: إذا بلغت الجارية تسع سنين فَهِيَّ امرأة.
وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَيْضَ بُلُوغٌ فِي حَقِّ النِّسَاءِ
وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا أَنَّهُ رَأَى جَدَّةً بِنْتَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً وَأَنَّهَا حَاضَتْ لِاسْتِكْمَالِ تِسْعٍ وَوَضَعَتْ بِنْتًا لِاسْتِكْمَالِ عَشْرٍ وَوَقَعَ لَبِنْتِهَا مِثْلُ ذَلِكَ فتح الباري لابن حجر (5/ 277)
وهى الرواية التى حازت ختم الحصانة الشهير لمجرد ذكرها فى البخارى ومسلم.
هذا كلام من لا يعرف من هو البخاري ومدى علمه وحفظه وتدقيقه، لكن ختم الحصانة كان من قبول الأمة لكتابي البخاري ومسلم، وهو إجماع لا ينقض، ولا يجوز له مخالفته، وهو هنا يسخر ويتهكم على البخاري ومسلم، وعلى الأمة كلها بما فيهم كافة العلماء الذين روا أو شرحوا أو تكلموا على هذه الرواية.
وقوله لمجرد ذكرهما في البخاري ومسلم، نعم الحديث الذي رواه البخاري ومسلم لمن يعرف شرطهما، وكيف جمعا الحديث؛ سلَّم لهما، ومن جهل قدرهما، وجهل قدر نفسه، وظن انه مساوٍ لهما أو افضل منهما فهو ضالٌ مفتون.
رغم أنها تخالف كل ما يمكن مخالفته, فهى تخالف القرآن
هل رواية البخاري ومسلم في سن عائشة رضي الله عنها تخالف القرآن؟ أين في القرآن ذلك؟ ولماذا لم تأتِ بآية؟ أم هو التهويل لنقبل ما تقوله من هراء وتضليل، هو يحاول أن يخدع العوام بقوله أن هذه الروايات تخالف القرآن، فهل تعرض القرآن لعمر عائشة رضي الله عنهان هذا يوضح نيتة، وسوء سريرته .
والسنة الصحيحة
وما معرفتك يا هذا بالسنة الصحيحة، وأنت تطعن في البخاري ومسلم، وهل السنة الصحيحة هي ما توافق ما تدعيه، لقد وضع العلماء ضوابط وشروط لصحة الحديث اتفقوا على خمسة منها، هي اتصال السند وعدل الرواة وضبط الرواة وعدم الشذوذ وعدم العلة، فهل لديك ضوابط لقبول المرويات، أم تختار ما يوافق هواك وتدعي صحته لذلك؟
وتخالف العقل والمنطق والعرف والعادة
عقل من؟ فقد مرت هذه الأحاديث على من هم أكثر عقلا، وأغزر علماً، وقبلوها، لقد قبلت الأمة هذه الأحاديث فهل تتهم عقول الأمة؟ هذا لا يقوله إلا مفتون زين له الشيطان أنه عالم
والخط الزمنى لأحداث البعثة النبوية.
هذا في ظنك الناتج عن سوء فهمك، وسوء ظنك، وسنبين ذلك.
والرواية التى أخرجها البخارى جاءت بخمس طرق للإسناد وبمعنى واحد للمتن-النص- ولطول الحديث سنورد أطرافه الأولى والأخيرة التى تحمل المعنى المقصود, (البخارى - باب تزويج النبى عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها-3894): حدثنى فروة بن أبى المغراء: حدثنا على بن مسهر، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضى الله عنها قالت: «تزوجنى النبى صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين، فقدمنا المدينة،... فأسلمتنى إليه، وأنا يومئذ بنت تسع سنين».
هذه رواية البخاري، فهل هناك رواية معارضة لها تقول انه صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي ابن ثمانية عشر عاماً كما يدعي؟؟؟ لا توجد رواية تحدد سن عائشة رضي الله عنها إلا هذه الروايات، ولا معارض لها، فبماذا تعارض روايات البخاري ومسلم؟
بالاستناد لأمهات كتب التاريخ والسيرة المؤصلة للبعثة النبوية
وهل يعارض أحاديث البخاري ومسلم بما جاء في كتب التاريخ والسير؟؟؟؟ هذا لا يقول به أحد عنده مسكة من علم، فكتب التاريخ لا تحقق الروايات، ولا تدقق في الأسانيد، وهل رواية البخاري ومسلم تعارض برواية في كتب التاريخ قد لا يعرف لها إسناد؟ سبحانك هذا بهتان عظيم. هذه النقطة هي بداية التضليل، والتلبيس، فهو يريد أن يَرُدُّ الصحيح بما لم يثبت.
( الكامل- تاريخ دمشق - سير اعلام النبلاء - تاريخ الطبرى - البداية والنهاية - تاريخ بغداد - وفيات الأعيان, وغيرها الكثير).
هذا الكلام يفضحه، ويبين جهله، فكتاب تاريخ دمشق، وسير أعلام النبلاء وتاريخ بغداد، ووفيات الأعيان ليست كتب تاريخ، إنها كتب تراجم، فهو لا يعرف الكتب، ولا يعرف موضوعها، وظن بجهله أن تاريخ دمشق او تاريخ بغداد هي كتب تاريخ لما في اسمها من كلمة تاريخ.
وإنما سميت بذلك لأنه يذكر تاريخ وفيات من ترجم لهم، فتاريخ دمشق مثلاً يترجم لأهل دمشق ولكل من دخلها من الصحابة والتابعين واتباع التابعين والعلماء، والأمراء، فليست كتب تاريخ كما يريد أن يوهم العوام، ويبين أنه مطلع، وأن كلامه من كتب التاريخ.
تكاد تكون متفقة على الخط الزمنى لأحداث البعثة النبوية كالتالى: البعثة النبوية استمرت (13) عاما فى مكة, و(10) أعوام بالمدينة, وكان بدء البعثة بالتاريخ الميلادى عام (610م), وكانت الهجرة للمدينة عام (623م) أى بعد (13) عاما فى مكة, وكانت وفاة النبى عام (633م) بعد (10) أعوام فى المدينة.
لست أدري ما دخل التاريخ الميلادي هنا، ولعل في هذا دليل أنه ينقل عن مستشرق.
النبي صلى الله عليه وسلم لحق بالرفيق الأعلى في ربيع الأول سنة 11 هـ، أما قولهم مكث في المدينة عشر سنوات لأن دخوله صلى الله عليه وسلم المدينة كان في ربيع الأول أيضاً.
قال ابن حجر في الفتح عن التأريخ:
كَانَتْ الْقَضَايَا الَّتِي اُتُّفِقَتْ لَهُ وَيُمْكِن أَنْ يُؤَرَّخ بِهَا أَرْبَعَة : مَوْلِده وَمَبْعَثه وَهِجْرَته وَوَفَاته ، فَرَجَحَ عِنْدهمْ جَعْلهَا مِنْ الْهِجْرَة لِأَنَّ الْمَوْلِد وَالْمَبْعَث لَا يَخْلُو وَاحِد مِنْهُمَا مِنْ النِّزَاع فِي تَعْيِين السَّنَة.
ولست أدري بأي منطق يريد ان يجعل الأمر المختلف فيه قاضياً على حديث البخاري وفيه نص صاحبة الواقعة، ولا حديث يخالفه
والمفروض بهذا الخط المتفق عليه
أثبتا الخلاف فيه، فلا يكون متفق عليه، ولو قال الراجح لكان مقبولاً
أن الرسول تزوج (عائشة) قبل الهجرة للمدينة بثلاثة أعوام، أى فى عام (620م), وهو ما يوافق العام العاشر من بدء الوحى، وكانت تبلغ من العمر (6) سنوات, ودخل بها فى نهاية العام الأول للهجرة أى فى نهاية عام (623م), وكانت تبلغ (9) سنوات, وذلك ما يعنى حسب التقويم الميلادى أى أنها ولدت عام (614م), أى فى السنة الرابعة من بدء الوحى حسب رواية البخارى، وهذا وهم كبير.
قال شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر في فتح الباري (7/ 225) وهو يتكلم عن خديجة رضي الله عنها:
تُوُفِّيَتْ قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ بِثَلَاثِ سِنِينَ أَوْ قَرِيبٍ من ذَلِك ونكح النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ بَعْدَ مُتَوَفَّى خَدِيجَةَ وَعَائِشَةُ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنَى بهَا بعد مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ وَهَذَا السِّيَاقُ لَا إِشْكَالَ فِيهِ. انتهى بحروفه
فأين الوهم أيها المفتون، وانظر إلى قول ابن حجر لا إشكال فيه.
نقد الرواية تاريخيا:
1 - حساب عمر السيدة (عائشة) بالنسبة لعمر أختها (أسماء بنت أبى بكر-ذات النطاقين-): تقول كل المصادر التاريخية السابق ذكرها إن (أسماء) كانت تكبر (عائشة) بـ(10) سنوات.
ليس هذا الكلام في كل المصادر التي ذكرها، ولكن في بعضها، وهي روايات صحيحة
كما تروى ذات المصادر بلا اختلاف واحد بينها, أن (أسماء) ولدت قبل الهجرة للمدينة بـ (27) عاما, ما يعنى أن عمرها مع بدء البعثة النبوية عام (610م) كان (14) سنة, وذلك بإنقاص من عمرها قبل الهجرة (13) سنة وهى سنوات الدعوة النبوية فى مكة, لأن (27-13= 14سنة).
راجعت المصادر التي ذكرها، وغيرها من المصادر فلم أقف على مصدر واحد يعيّن سنة ميلاد أسماء رضي الله عنها، والعرب لم تكن تؤرخ لميلاد شخص، ولكن كانت تؤرخ لوفاته، حتى ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم مختلف فيه كما ذكرنا، والذي ينظر في كتب التاريخ والتراجم، يرى أن كتب التاريخ عندما تذكر احداث أي سنة يذكرون من توفي في هذه السنة ولا يذكرون من ولد فيها، كذلك كتب التراجم تذكر وفاة الشخص ولا تذكر سنة ميلاده، لأنه يكون مجهولاً في الغالب، فقوله أن المصادر تقول أن أسماء ولدت قبل الهجرة بـ 27 عاماً إفتراء وكذب. وسأبين من أين اتى بهذا الكلام.
وكما ذكرت جميع المصادر بلا اختلاف أنها أكبر من (عائشة) بـ (10) سنوات, إذن يتأكد بذلك أن سن (عائشة )كان (4) سنوات مع بدء البعثة النبوية فى مكة, أى أنها ولدت قبل بدء الوحى بـ (4) سنوات كاملات, وذلك عام (606م), ومؤدى ذلك بحسبة بسيطة أن الرسول عندما نكحها فى مكة فى العام العاشر من بدء البعثة النبوية كان عمرها (14) سنة, لأن (4+10=14 سنة), أو بمعنى آخر أن (عائشة) ولدت عام (606م), وتزوجت النبى (620م), وهى فى عمر (14) سنة وأنه كما ذُكر بنى بها-دخل بها- بعد (3) سنوات وبضعة أشهر» أى فى نهاية السنة الأولى من الهجرة وبداية الثانية، عام (624م), فيصبح عمرها آنذاك (14+3+1= 18سنة كاملة), وهى السن الحقيقية التى تزوج فيها النبى الكريم (عائشة).
نقول له ثبت العرش ثم انقش، لا تبنِ على شيء لم يثبت، اثبت عمر أسماء، ثم ابني عليه، هذه واحدة.
والثانية: أنه ليس هناك نص على أن أسماء كان عمرها آنذاك 27 عاماً.
والثالثة: ولو كان هناك نص في كتب التاريخ كما زعم، لرددناه بحديث البخاري ومسلم لأنه أرجح لعدة أمور: أن حديث عائشه هي صاحبة القصة، ولأن حديثها أعلى سنداً، ولشهرة رواته، وتقدم إسلام الراوي، ولأن حديثها نص وكلامه استنباط، ولو بحثت ستجد أن حديث عائشة يترجح من كل الوجوه، فكيف يمكن ان يكون هذا الكلام معارضاً له، فضلاً عن أن يترجح عليه.
هذا كلام من لم يتعلم العلم، أو يكون إنسان مغرض يريد الطعن في الإسلام، فهو يرجح المرجوح ليس بالطرق العلمية ولكن لمجرد أن يوافق ما يريد أن يقوله
2 - حساب عمر (عائشة) بالنسبة لوفاة أختها(أسماء-ذات النطاقين): تؤكد المصادر التاريخية السابقة بلا خلاف بينها أن (أسماء) توفيت بعد حادثة شهيرة مؤرخة ومثبتة، وهى مقتل ابنها (عبد الله بن الزبير) على يد (الحجاج) الطاغية الشهير, وذلك عام (73هـ), وكانت تبلغ من العمر (100)سنة كاملة, فلو قمنا بعملية طرح لعمر( أسماء) من عام وفاتها (73هـ), وهى تبلغ (100) سنة فيكون ( 100-73=27 سنة) وهو عمرها وقت الهجرة النبوية.
هذا حساب من لا يعرف طرق الجمع بين الروايات، أو من يريد الطعن في الإسلام، انظر ما قاله الذهبي في تاريخه يا من تزعم المعرفة بكتب التاريخ وأنت لا تميز بين كتب التاريخ وكتب التراجم.
جاء في تاريخ الإسلام ت تدمري (5/ 354)
قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: كَانَتْ أَكْبَرَ مِنْ عَائِشَةَ بِعَشْرِ سِنِينَ.
قُلْتُ: فَعُمْرُهَا على هذا إحدى وتسعون سنة.
وَأَمَّا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ فَقَالَ: عَاشَتْ مِائَةَ سَنَةٍ وَلَمْ يَسْقُطْ لَهَا سِنٌّ.
هذا كلام الحافظ الذهبي فإذا حسبت على ما قاله الذهبي فيكون91عمرها – 73عام من الهجرة يكون عمرها وقت الهجرة 18 عام، ويكون عمر عائشة وقت الهجرة 8 أعوام، هذا قول عالم منصف، يعلم أي رواية تقدم، فلا تظن أنك انتبهت إلى من لم يعرفه غيرك.
وفي الاستيعاب في معرفة الأصحاب (4/ 1782)
كانت أسماء بنت أبي بكر تحت الزُّبَيْر بْن العوام، وَكَانَ إسلامها قديمًا بمكة، وهاجرت إِلَى المدينة وهي حامل بعَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْر، فوضعته بقباء.
قلت: وهذا أقرب إلى العقل، وعبد الله هو أول مولود في الإسلام بعد الهجرة، فعلى قولك إنها تزوجت وعمرها25 أو 26 عاماً، وهذا غير معقول في ذلك الزمان، حتى إلى زمن قريب في كثير من البلدان، لأن البنت كانت تتزوج بمجرد أن تبلغ، وإلى زمن قريب حتى مع القوانين التي تمنع الزواج قبل سن محدد، كانوا في الريف يحدد السن تقريبياً وتتزوج البنت، فإذا علمت أن أسماء أول من تزوجها هو الزبير فيبعد ان يكون أول زواج البنت في هذا السن المتأخر بالنسبة لذلك الزمان.
وذلك ما يتطابق كليا مع عمرها المذكور فى المصادر التاريخية, فإذا طرحنا من عمرها (10) سنوات- وهى السنوات التى تكبر فيها أختها (عائشة)- يصبح عمر (عائشة) (27-10=17سنة) وهو عمر (عائشة) حين الهجرة, ولو بنى بها - دخل بها - النبى فى نهاية العام الأول يكون عمرها آنذاك(17+1=18 سنة) وهو ما يؤكد الحساب الصحيح لعمر السيدة (عائشة) عند الزواج من النبى.
قد أثبتا عمرها بالحساب كما ذكر الذهبي، ثم إن عائشة أدرى بنفسها وهي صاحبة القصة، وكلامها صريح في ذلك فيقدم على الاستنتاج والحساب وَقد ذكروا أن إِقَامَة النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - بِمَكَّة بعد النُّبُوَّة عشر سِنِين، وَقيل: ثَلَاث عشرَة سنة، وَقيل: خمس عشرَة.
وفي عيون الأثر (2/ 368)، والإصابة في تمييز الصحابة (8/ 232)
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بِنْتُ سَبْعِ سِنِينَ، وَبَنَى بِي، وَأَنَا بِنْتُ تِسْعٍ، وَقُبِضَ عَنِّي، وَأَنَا بِنْتُ ثَمَانِ عَشْرَةَ. رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ النَّسَائِيِّ
وفي الإصابة في تمييز الصحابة (8/ 231) في ترجمة عائشة رضي الله عنها.
وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر الكنانية، ولدت بعد المبعث بأربع سنين أو خمس، فقد ثبت في الصّحيح أنّ النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم تزوجها وهي بنت ست، وقيل سبع، ويجمع بأنها كانت أكملت السّادسة ودخلت في السّابعة، ودخل بها وهي بنت تسع، وكان دخوله بها في شوال في السنة الأولى
وما يعضد ذلك أيضا أن (الطبرى) يجزم بيقين فى كتابه (تاريخ الأمم) أن كل أولاد (أبى بكر) قد ولدوا فى الجاهلية, وذلك ما يتفق مع الخط الزمنى الصحيح, ويكشف ضعف رواية البخارى، لأن (عائشة) بالفعل قد ولدت فى العام الرابع قبل بدء البعثة النبوية.
هذا محض افتراء وكذب، فلم يجزم، ولم يقل حتى بدون جزم أن كل أولاد أبي بكر ولدوا في الجاهلية، لأن من أولاده من ولد في المدينة، وهذا كلام الطبري في تاريخه بحروفه.
تاريخ الطبري (3/ 425)
ذكر أسماء نساء أبي بكر الصديق رحمه اللَّه حدث علي بْن مُحَمَّد، عمن حدثه ومن ذكرت من شيوخه، قال: تزوج أبو بكر في الجاهلية قتيلة- ووافقه على ذلك الواقدي والكلبي- قالوا: وهي قتيلة ابنة عبد العزى بْن عبد بْن أسعد بْن جابر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي، فولدت له عبد اللَّه وأسماء وتزوج أيضا في الجاهلية أم رومان بنت عامر بْن عميرة بْن ذهل بْن دهمان بْن الحارث بْن غنم بْن مالك ابن كنانة- وقال بعضهم: هي أم رومان بنت عامر بْن عويمر بْن عبد شمس بْن عتاب بْن أذينة بْن سبيع بْن دهمان بْن الحارث بْن غنم بْن مالك بْن كنانة- فولدت له عبد الرحمن وعائشة. فكل هؤلاء الأربعة من أولاده، ولدوا من زوجتيه اللتين سميناهما في الجاهلية.
وتزوج في الإسلام أسماء بنت عميس وكانت قبله عند جعفر بْن أبي طالب، وهي أسماء بنت عميس بْن معد بْن تيم بْن الحارث بْن كعب ابن مالك بْن قحافة بْن عامر بْن ربيعة بْن عامر بْن مالك بْن نسر بْن وهب اللَّه بْن شهران بْن عفرس بْن حلف بْن أفتل- وهو خثعم- فولدت له مُحَمَّد بْن أبي بكر.
وتزوج أيضا في الإسلام حبيبة بنت خارجة بْن زيد بْن أبي زهير، من بني الحارث بن الخزرج، وكانت نسأ حين توفي أبو بكر، فولدت له بعد وفاته جارية سميت أم كلثوم.انتهـى
هذا كلام الطبري بحروفه، ولا يفهم منه ما يدعيه هذا الكذاب، من أن أولاده كلهم ولدوا في الجاهلية، فغاية ما فيه أن أولاده هؤلاء من الزوجتين اللتين تزوجهما في الجاهلية، وقد تزوج أسماء بنت عميس في الإسلام، وليس فيه أي دلالة أو إشارة من قريب أو بعيد أن أولاده ولدوا في الجاهلية، وإنما ولدت عائشة في الإسلام من زوجته التي تزوجها في الجاهلية، فأين ذلك من افتراءه وكذبه.
3 - حساب عمر (عائشة) مقارنة (بفاطمة الزهراء) بنت النبى: يذكر (ابن حجر) فى (الإصابة) أن (فاطمة) ولدت عام بناء الكعبة, والنبى ابن (35) سنة, وأنها أسن-أكبر- من عائشة بـ (5) سنوات, وعلى هذه الرواية التى أوردها (ابن حجر) مع أنها رواية ليست قوية, ولكن على فرض قوتها
هذه رواية لا يعتد بها، ولا تقاوم أحاديث البخاري، وكيف يعترض بما لم يثبت على أقوى الأحاديث، وما اتفق عليه البخاري ومسلم، هذا لا يقول به أصغر طلاب العلم، وما معنى على فرض قوتها، هل هذا كلام يصح الاستدلال به، هو يطعن على أصح الأحاديث بهذه الرواية الضعيفة لأنها توافق هواه، وتساعده فيما أراد، فهو غير منصف في بحثه وفي كلامه، لكنه يتعلق بأي شيء ليصل لهدفه الخبيث.
نجد أن (ابن حجر) وهو شارح (البخارى), يكذب رواية (البخارى) ضمنيا, لأنه إن كانت (فاطمة) ولدت والنبى فى عمر (35) سنة, فهذا يعنى أن (عائشة) ولدت والنبى يبلغ (40) سنة, وهو بدء نزول الوحى عليه, ما يعنى أن عمر (عائشة) عند الهجرة كان يساوى عدد سنوات الدعوة الإسلامية فى مكة وهى (13) سنة, وليس (9) سنوات,
وهذا كلام ابن حجر في الإصابة بحروفه، في ترجمة فاطمة رضي الله عنها
الإصابة في تمييز الصحابة (8/ 263)
واختلف في سنة مولدها، فروى الواقديّ، عن طريق أبي جعفر الباقر، قال: قال العبّاس: ولدت فاطمة والكعبة تبنى، والنّبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم ابن خمس وثلاثين سنة، وبهذا جزم المدائنيّ.
ونقل أبو عمر عن عبيد اللَّه بن محمد بن سليمان بن جعفر الهاشمي- أنها ولدت سنة إحدى وأربعين من مولد النّبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم. وكان مولدها قبل البعثة بقليل نحو سنة أو أكثر، وهي أسنّ من عائشة بنحو خمس سنين.
وعلى هذه الرواية يكون مولد عائشة رضي الله عنها سنة 4 من المبعث أو 5 على اعتبار أن النبي صلى الله عليه وسلم نُبِّئ على رأس الأربعين، وفاطمة ولدت وعمره صلى الله عليه وسلم 41 عاماً وبعدها عائشة بخمس سنوات، فيكون عمره صلى الله عليه وسلم 46، فإذا علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم لحق بالرفيق الأعلى عن عمر يناهز 63 عاماً فيكون عمر عائشة رضي الله عنها في ذلك الوقت 63- 46= 17 وهو نحو ما ذكرته عائشة رضي الله عنها، ويكون عمرها وقت الهجرة8 أعوام لأن النبي صلى الله عليه وسلم توفي سنة 11 هـ، ودخل بعائشة بعد نحو عام من الهجرة فيكون عمرها 9 أعوام، وهذا يؤكد رواية عائشة المتفق عليها، والحقيقة أن رواية الصحيحين لا تحتاج لشيء يؤكدها، لكننا أردنا أن نبين كذب هذا المدعي، فأين تكذيب ابن حجر للبخاري، إنه يُكَذِّبك أنت
فإذا قلت أن فاطمة ولدت قبل البعثة بأقل من عام، وهي أسن من عائشة بنحو خمس سنوات، فيكون عمر عائشة وقت الهجرة نحو8 سنوات، وبنى بها النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة بنحو عام فيكون عمرها نحو 9 سنوات، وهو يوافق رواية الصحيحين
وقد أوردت هذه الرواية فقط لبيان الاضطراب الشديد فى رواية البخارى.
المضطرب عند أهل العلم هُو الَّذي يُروَى على أوجهٍ مُخْتلفةٍ مُتَقَاربة متعادلة، لا يترجح بعضها على بعض، فإن رُجِّحت إحدى الرِّوايتين بحفظ راويها، أو كثرةِ صُحْبتة المَرْوي عنه، أو غير ذلك، فالحُكم للرَّاجحة، ولايَكُون مُضْطربًا، وتكون الرواية المرجوحة شاذة أو منكرة.
فالرواية الضعيفة لا تقدح في الرواية الصحيحة، فهو يتكلم بجهل، ويريد أن يحكم على الروايات ويدعي الاجتهاد وهو لم يتعلم العلم، ، فإن الروايات الضعيفة لا تقضي على الروايات الصحيحة، فكيف بما اتفقت الأمة على صحته.
نقد الرواية من كتب الحديث والسيرة:
1 - ذكر (ابن كثير) فى (البداية والنهاية) عن الذين سبقوا بإسلامهم: «ومن النساء... أسماء بنت أبى بكر وعائشة وهى صغيرة فكان إسلام هؤلاء فى ثلاث سنين ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يدعو فى خفية, ثم أمر الله عز وجل رسوله بإظهار الدعوة», وبالطبع هذه الرواية تدل على أن (عائشة) قد أسلمت قبل أن يعلن الرسول الدعوة فى عام (4) من بدء البعثة النبوية, يما يوازى عام (614م), ومعنى ذلك أنها آمنت على الأقل فى عام (3) أى عام (613م), فلو أن (عائشة) على حسب رواية (البخارى) ولدت فى عام (4) من بدء الوحى, معنى ذلك أنها لم تكن على ظهر الأرض عند جهر النبى بالدعوة فى عام (4) من بدء الدعوة, أو أنها كانت رضيعة, وهذا ما يناقض كل الأدلة الواردة, ولكن الحساب السليم لعمرها يؤكد أنها ولدت فى عام (4) قبل بدء الوحى أى عام (606م), ما يستتبع أن عمرها عند الجهر بالدعوة عام (614م), يساوى (8) سنوات وهو ما يتفق مع الخط الزمنى الصحيح للأحداث, وينقض رواية البخارى.
لا توجد هذه الرواية لا عند ابن كثير ولا عند غيره، وهو محض افتراء، وكذب وبهتان، وبفرض وجودها فهي رواية باطلة لأنها تناقض الروايات الصحيحة التي تتكلم عن أول من اسلم، ثم إنه يبني عليها ويحسب دون أن يثبت وجودها فضلاً عن صحتها.
2 - أخرج البخارى نفسه ( باب - جوار أبى بكر فى عهد النبى) أن (عائشة) قالت: «لم أعقل أبوى قط إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله طرفى النهار بكرة وعشية، فلما ابتلى المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا قِبَلَ الحبشة», ولا أدرى كيف أخرج البخارى هذا, فـ (عائشة) تقول إنها لم تعقل أبويها إلا وهما يدينان الدين, وذلك قبل هجرة الحبشة كما ذكَرَت, وتقول إن النبى كان يأتى بيتهم كل يوم, وهو ما يبين أنها كانت عاقلة لهذه الزيارات, والمؤكد أن هجرة الحبشة، إجماعا بين كتب التاريخ كانت فى عام (5) من بدء البعثة النبوية ما يوازى عام (615م), فلو صدقنا رواية البخارى أن عائشة ولدت عام (4) من بدء الدعوة عام (614م), فهذا يعنى أنها كانت رضيعة عند هجرة الحبشة, فكيف يتفق ذلك مع جملة (لم أعقل أبوى) وكلمة أعقل لا تحتاج توضيحا, ولكن بالحساب الزمنى الصحيح تكون (عائشة) فى هذا الوقت تبلغ (4 قبل بدء الدعوة، + 5 قبل هجرة الحبشة = 9 سنوات) وهو العمر الحقيقى لها آنذاك.
عمدة القاري شرح صحيح البخاري (12/ 123)
(وهما يدينان الدّين) أَي: يطيعان الله، وَذَلِكَ أَن مولدها بعد الْبَعْث بِسنتَيْنِ، وَقيل: بِخمْس، وَقيل: بِسبع، وَلَا وَجه لَهُ لإجماعهم أَنَّهَا كَانَت حِين هَاجر النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بنت ثَمَان، وَأكْثر مَا قيل أَن مقَامه بِمَكَّة بعد الْبَعْث ثَلَاث عشرَة سنة، وَإِنَّمَا يَصح خمس على قَول من يَقُول: أَقَامَ ثَلَاث عشرَة سنة، وسنتين على قَول من يَقُول: أَقَامَ عشرا بهَا، وَتَزَوجهَا وَهِي بنت سِتّ، وَقيل: سبع، وَبنى بهَا وَهِي بنت تسع، وَمَات عَنْهَا وَهِي بنت ثَمَانِي عشر سنة، وَعَاشَتْ بعده ثَمَان وَأَرْبَعين سنة.
هذا قول البدر العيني في شرح هذا الحديث
إن عائشة رضي الله عنها عندما أدركت الأشياء وعقلت وجدت أبواها مسلمين، وهي تحكي ما حدث لبيها من قريش، ولم تقل أنها كانت شاهدة على هذه الحادثة، فقد يحكي الإنسان ما حدث في الهجرة مثلا، ولا يعني ذلك أنه كان حاضراً وقتها. وليس في الحديث أن ذلك كان قبل الهجرة إلى الحبشة، ولا أن خروج أبي بكر الصديق مهاجراً كان وقت الهجرة إلى الحبشة، وإنما سياق الحديث يدل على أنه كان قبل الهجرة إلى المدينة المنورة بزمن قصير.
3 - أخرج الإمام (أحمد) فى (مسند عائشة): «لما هلكت خديجة جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون فقالت: يا رسول الله ألا تتزوج, قال: من، قالت: إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا, قال: فمن البكر قالت: أحب خلق الله إليك عائشة ابنة أبى بكر», وهنا يتبين أن (خولة بنت حكيم) عرضت البكر والثيب-المتزوجة سابقا-, على النبى فهل كانت تعرضهن على سبيل جاهزيتهن للزواج, أم على أن إحداهما طفلة يجب أن ينتظر النبى بلوغها النكاح, المؤكد من سياق الحديث أنها تعرضهن للزواج الحالى بدليل قولها (إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا) ولذلك لا يعقل أن تكون عائشة فى ذاك الوقت طفلة فى السادسة من عمرها, وتعرضها (خولة) للزواج بقولها (بكرا).
هذا كلام مرسل لا ترد الأحاديث الصحيحة بمثل ذلك، وما ثبت بيقين، لا يزال بمثل هذه الشبهاتن فليس في هذا الكلام دليل يقاوم ما ثبت في الصحيحين، بل إن هذا الحديث فيه دلالة على صغر سن عائشة رضي الله عنها، لأنه صلى الله عليه وسلم تزوج سودة وبنى بها، بينما أخَّرَ البناء بعائشة إلى ما بعد الهجرة
4 - أخرج الإمام (أحمد) أيضا عن (خولة بنت حكيم) حديثا طويلاً عن خطبة عائشة للرسول، ولكن المهم فيه ما يلى: «قالت أم رومان: إن مطعم بن عدى قد ذكرها على ابنه, ووالله ما وعد أبو بكر وعدا قط فاخلفه... لعلك مصبى صاحبنا», والمعنى ببساطة أن (المطعم بن عدى) وكان كافرا قد خطب (عائشة) لابنه (جبير بن مطعم) قبل النبى الكريم, وكان ( أبو بكر) يريد ألا يخلف وعده, فذهب إليه فوجده يقول له لعلِّى إذا زوجت ابنى من (عائشة) يُصبى أى (يؤمن بدينك), وهنا نتوقف مع نتائج مهمة جدا وهى: لا يمكن أن تكون (عائشة) مخطوبة قبل سن (6) سنوات لشاب كبير- لأنه حارب المسلمين فى بدر وأحد- يريد أن يتزوج مثل (جبير), كما أنه من المستحيل أن يخطب (أبو بكر) ابنته لأحد المشركين وهم يؤذون المسلمين فى مكة, مما يدل على أن هذا كان وعدا بالخطبة, وذلك قبل بدء البعثة النبوية حيث كان الاثنان فى سن صغيرة، وهو ما يؤكد أن (عائشة) ولدت قبل بدء البعثة النبوية يقينا.
يريد بأي شكل أن يشكك في رواية البخاري، فمرة يكذب، ومرة يستدل بالكلام على غير معناه، وهنا يحاول أن يجد أي ثغرة لينفث سمه، أما جبير بن مطعم فكان رجلاً سيداً في قومه، وهو الذي جاء ليفاوض النبي صلى الله عليه وسلم في أسارى بدر.
أما قوله من المستحيل ان يخطب أبو بكر ابنته لأحد المشركين، فنقول له إن ذلك كان بمكة، ولم يكن ذلك محرماً. وإنما نزل التحريم بعد الهجرة.
وقوله وهم يؤذون المسلمين بمكة دليل على أنه لم يدرس التاريخ جيداً ولا يعرف عمن يتكلم
ففي سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 95) في ترجمة جبير بن مطعم
وَكَانَ أَبُوْهُ هُوَ الَّذِي قَامَ فِي نَقْضِ صَحِيْفَةِ القَطِيْعَةِ، وَكَانَ يَحْنُو عَلَى أَهْلِ الشِّعْبِ، وَيَصِلُهُم فِي السِّرِّ. وَلذَلِكَ يَقُوْلُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ بَدْرٍ: (لَوْ كَانَ المُطْعِمُ بنُ عَدِيٍّ حَيّاً، وَكلَّمَنِي فِي هَؤُلاَءِ النَّتْنَى، لَتَرَكْتُهُم لَهُ) أخرجه البخاري 6 / 173 في الخمس. فقد كان جبير بن مطعم وأبوه يصلون المسلمين حتى عندما حاصرتهم قريش في شِعب أبي طالب.
فالنبي صلى الله عليه وسلم يذكر مطعم بن عدي بالخير رغم أنه مات كافراً، وأعجب من ذلك فقد رثاه حسان بن ثابت رضي الله عنه عندما مات في مكة قبل بدر. سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 95)
5 - أخرج البخارى فى (باب- قوله: بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر) عن (عائشة) قالت: «لقد أنزل على محمد [ بمكة، وإنى جارية ألعب «بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ», والمعلوم بلا خلاف أن سورة (القمر) نزلت بعد أربع سنوات من بدء الوحى بما يوازى (614م), فلو صدقنا رواية البخارى تكون (عائشة) إما أنها لم تولد أو أنها رضيعة حديثة الولادة عند نزول السورة, ولكن (عائشة) تقول (كنت جارية ألعب) أى أنها طفلة تلعب, فكيف تكون لم تولد بعد؟ ولكن الحساب المتوافق مع الأحداث يؤكد أن عمرها عام (4) من بدء الوحى، عند نزول السورة كان (8) سنوات، كما بينا مرارا وهو ما يتفق مع كلمة (جارية ألعب).
فتح الباري لابن حجر (7/ 184)
وَالرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا بِمَكَّةَ لَمْ يَقُلْ فِيهَا وَنَحْنُ وَإِنَّمَا قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ بِمَكَّةَ يَعْنِي أَنَّ الِانْشِقَاقَ كَانَ وَهُمْ بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرُوا إِلَى الْمَدِينَةِ
فغاية ما في الحديث أن انشقاق القمر حدث قبل الهجرة، وليس فيه تحديد زمن، ولم يحدد أحد زمن ذلك بأنه كان بعد المبعث بكذا سنة، وعائشة رضي الله عنها كان عمرها عند الهجرة ثماني سنين فهي تعقل ما يجري حولها، أمر آخر فقد تكون هذه الآية والساعة أدهى وأمر تأخر نزولها عن بداية السورة، فلا حجة له في التعلق بها. فهي تذكر نزول الآية، ولم تذكر انشقاق القمر على فرض صحة ما ادعاه من زمن انشقاق القمر.
6 - أخرج البخارى ( باب- لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها) قال رسول الله: «لا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا يا رسول الله وكيف إذنها قال أن تسكت», فكيف يقول الرسول الكريم هذا ويفعل عكسه, فالحديث الذى أورده البخارى عن سن أم المؤمنين عند زواجها ينسب إليها أنها قالت كنت ألعب بالبنات - بالعرائس - ولم يسألها أحد عن إذنها فى الزواج من النبى, وكيف يسألها وهى طفلة صغيرة جداً لا تعى معنى الزواج, وحتى موافقتها فى هذه السن لا تنتج أثرا شرعيا لأنها موافقة من غير مكلف ولا بالغ ولا عاقل.
هذا كلام واضح البطلان، فهو يريد أن يطبق أحكام الإسلام التي شرعت في المدينة على ما كان في مكة قبل نزولها، فأي بهتان ، وأي فرية أعظم من ذلك، لقد نزلت هذه الأحكام بعد زواج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة.
نقد سند الرواية:
سأهتم هنا ببيان علل السند فى رواية البخارى فقط:
جاء الحديث الذى ذكر فيه سن (أم المؤمنين) بخمس طرق وهى:
حدثنى فروة بن أبى المغراء: حدثنا على بن مسهر، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة. حدثنى عبيد بن إسماعيل: حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه. حدثنا معلى بن أسد: حدثنا وهيب، عن هشام بن عروة، عن عائشة.حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة.حدثنا قبيصة بن عقبة: حدثنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن عروة.
وكما نرى ترجع كل الروايات لراو واحد وهو (عروة) الذى تفرد بالحديث عن أم المؤمنين (عائشة) وتفرد بروايته عنه ابنه (هشام), وفى (هشام) تكمن المشكلة, حيث قال فيه (ابن حجر) فى (هدى السارى) و(التهذيب): «وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: كان مالك لا يرضاه، بلغنى أن مالكا نقم عليه حديثه لأهل العراق، قدم-جاء- الكوفة ثلاث مرات، قدمةً -مرة- كان يقول: حدثنى أبى، قال سمعت عائشة، وقدم-جاء- الثانية فكان يقول: أخبرنى أبى عن عائشة، وقدم-جاء- الثالثة فكان يقول: «أبى عن عائشة».
والمعنى ببساطة أن (هشام بن عروة) كان صدوقا فى المدينة المنورة, ثم لما ذهب للعراق بدأ حفظه للحديث يسوء, وبدأ (يدلس) أى ينسب الحديث لغير راويه, ثم بدأ يقول (عن) أبى، بدلا من (سمعت أو حدثنى), والمعنى أنه فى علم الحديث كلمة (سمعت) أو (حدثنى) هى أقوى من قول الراوى (عن فلان), والحديث فى البخارى هكذا يقول فيه (هشام) عن (أبى) وليس ( سمعت أو حدثنى), وهو ما يؤيد الشك فى سند الحديث, ثم النقطة الأهم أن الإمام (مالك) قال: إن حديث (هشام) بالعراق لا يقبل, فإذا طبقنا هذا على الحديث الذى أخرجه البخارى لوجدنا أنه محقق, فالحديث لم يروه راو واحد من المدينة بل كلهم عراقيون ما يقطع أن (هشام بن عروة) قد رواه بالعراق, بعد أن ساء حفظه ولا يعقل أن يمكث (هشام) بالمدينة عمرا طويلا, ولا يذكر حديثا مثل هذا ولو مرة واحدة, لهذا فإننا لا نجد أى ذكر لعمر السيدة (عائشة) عند زواجها بالنبى فى كتاب (الموطأ) للإمام مالك, وهو الذى رأى وسمع (هشام بن عروة) مباشرة بالمدينة, فكفى بهاتين العلتين للشك فى سند الرواية فى البخارى، وذلك مع التأكيد على فساد متنها - نصها - الذى تأكد بالمقارنة التاريخية السابقة.
يكفي في توثيق هشام بن عروة أنه من رجال الصحيحين، ولكننا ننقل قول أهل العلم في هشام بن عروة الذي يطعن فيه هذا المفتون:
هشام بن عروة بن الزبير كان ثقة. الثقات للعجلي ط الباز (ص: 459)
ونقله الخطيب البغدادي تاريخ بغداد وذيوله ط العلمية (14/ 40)
الطبقات الكبرى ط العلمية (5/ 375) وَكَانَ ثِقَةً ثَبَتًا كَثِيرَ الْحَدِيثِ حُجَّةً.
التاريخ الكبير للبخاري بحواشي محمود خليل (8/ 193)
رَوَى عَنه الثَّوريُّ، ومالك بْن أَنَس، وشُعبة، وابْن عُيَينَة.
الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (9/ 64)
قلت ليحيى بن معين هشام بن عروة أحب إليك عن أبيه أو الزهري عنه؟ فقال: كليهما، ولم يفضل.
نا عبد الرحمن قال سئل ابى عن هشام ابن عروة فقال: ثقة امام في الحديث.
التعديل والتجريح , لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح (3/ 1171) قَالَ أَبُو حَاتِم هُوَ ثِقَة إِمَام فِي الحَدِيث.
وفيات الأعيان (6/ 80) وكان هشام أحد تابعي المدينة المشهورين المكثرين في الحديث، المعدودين من أكابر العلماء وجلة التابعين
أما دعوى أنه ساء حفظه في العراق، فهي دعوة لا دليل عليها، واتهام باطل يشغب به على الرواية التي قبلها العلماء، ولم يطعن احد من جلة العلماء على حفظه، وروايته، فهل هو أعلم بعروة من كبار علماء الجرح والتعديل، سبحانك هذا بهتان عظيم.
هذا آخر ما كتبته على ضيق والوقت وكثرة المشاغل، والله من وراء القصد.
وكتبه أبو معاذ محمد عبد الحي عوينة المصري
بندا آتشيه - إندونيسيا

ادله عقليه ونقليه لجواز الغناء في الاسلام

ادله عقليه ونقليه لجواز الغناء في الاسلام


السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
هذه فتوي استند بها الشيخ اسامه حافظ وقال
هذه مسألة من المسائل التي أثارت كثيراً من الضجيج في أوساط الشباب وبالغوا فيها مبالغات وصلت إلى أن عد بعضهم السماع من الكبائر كالشرك بالله وعقوق الوالدين ووالوا وعادوا الناس على أساس من قربهم أو بعدهم عن السماع ووصفوا فاعله بالفسق والفجور رغم أن هذه المسألة من الفروع المختلف فيها وأن مرتكبها حتى لو قلنا بالتحريم لا يوصف بفسق أو فجور لأنها من الصغائر على حد قول سلطان العلماء العز ابن عبد السلام إلا أن الضجيج المثار حولها صار أشد وأكبر من كثير من الكبائر المتفق علبها كالغيبة والنميمة وغيرها .
يقول العز ابن عبد السلام: "وإذا قلنا بتحريم الأغاني والملاهي فهي من الصغائر دون الكبائر ".
ولذلك سنحاول أن نتناول هذه القضية بشئ من التفصيل لنبين نظرة سلفنا الصالح لهذا الموضوع وأقوالهم فيه .
بداية نقول أن العلماء اتفقوا على تحريم الغناء الذى يشجع على الفسق والفجور وتحسينه فى أعين الناس أو الأغانى التى تدعو لهدم قيم الدين أو تمجيد الإنحراف والمنحرفين ومنافقة الظالمين إلى غير ذلك من صور الغناء الفاسد والذى هو حال أكثر الغناء فى هذه الأيام .
وكذا اتفقوا على إباحة الغناء البدائي دون آلة موسيقية أو معازف فى مواطن الفرح والسرور المشروعة كالعرس والعيد ومواطن الحث على العمل والجهاد وحفز الهمم وحداء المسافر وغيرها من مواطن الخير ، وقد نقل الغزالى الإجماع على جواز هذا النوع من الغناء وكذا نقله ابن الطاهر عن الصحابة والتابعين ونقله ابن قتيبة إجماعاُ لأهل الحرمين.
قال الماوردى :"لم يزل أهل الحجاز يرخصون فيه فى أفضل أيام السنة المأمور فيها بالعبادة والذكر " .
ويقول النووى : " هذا مثله ليس بحرام ولا يجرح الشاهد " .
ويقول ابن حجر الهيثمى : "فهذا إذا سلم المغنى به من فحش وذكر محرم كوصف الخمور والقينات لا شك فى جوازه ولا يختلف فيه وربما يندب إليه إذا نشط على فعل الخير كالحداء فى الحج والغزو ومن ثم ارتجز الرسول صلى الله عليه وسلمهو وأصحابه فى بناء المسجد وحفر الخندق " .
قال ابن عبد البر :"لا خلاف فى إباحة الحداء واستماعه ".
قال ابن حجر الهيثمى :"ولسنا نحرم مطلق السماع ولا نعتقد أن ما تفعله الأولياء –يعنى رجال الصوفية – من ذلك كله إسفاف وضياع ".
ما عدا ذلك اختلف فيه العلماء خاصة ما صاحبه فيها المعازف ولأن الأصل فى الأشياء الإباحة كما هو مذهب جمهور الأصوليين ،فإننا نبدأ بطرح ومناقشة أدلة المانعين : 
فقد استدلوا بتفسير بعض الآيات وبأحاديث وبأقوال بعض الصحابة وبنصوص لبعض العلماء الاثبات. 
أما الأيات فنذكر منها:
قوله تعالى:"ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله ويتخذها هزوا " . قال ابن عباس: هو الغناء. وكذا قال ابن مسعود.وغيره:
قوله تعالى:" وأنتم سامدون ". قال ابن عباس هو الغناء بلغة حمير ". 
قوله تعالى :" واستفزز من استطعت منهم بصوتك " . قال ابن عباس الغناء والمزامير واللهو. وقال الضحاك صوت المزمار ، وقد اعترض المعترضون . 
أن هذه النصوص ليست صريحة في المقصود وأن أقوال الصحابة في تفسيرها لا حجية فيها وأن من قال بحجيتها قال بسقوط هذه الحجية إن اختلفوا وما أكثر ما اختلفوا في ذلك، وأن من أدرج الغناءفى اللهو المحرم أو صوت الشيطان وغير ذلك إنما يقصد تخصيصه بما حرم منها وإلا فهناك من اللهو الحلال والغناء الحلال ما أجمع المسلمون على مشروعيته وأمر به النبي صلى الله عليه وسلممما أشرنا إليه من قبل. هذه بعض اعتراضات القائلين بالإباحة.. ولا يخفى أن الاستدلال بهذه الآيات الظنية لايصلح دليلا في المسألة مستقلاً لعدم صراحته في الموضوع.
واستدلوا بمجموعة من الأحاديث لم يصح منها شئ ولا تقوم بأي منها حجة وقد يكون أقرب هذه الأحاديث حديث البخاري المعلق "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف..." ولن نتحدث عن تعليق البخاري للحديث وروايته بصيغة التمريض أو اختلاف بعض علماء الجرح والتعديل في رواته ولن نذكر كلاماً حول ما يثار من إضطراب في سنده أو متنه ذكره أهل هذا الفن وإنما سنكتفي بمناقشة دلالته إذ ذكروا أن في الحديث ما يدل على تحريم المعازف بفحوى الخطاب إذ أنه يعني أنهم يستغرقون استغراقهم في الحلال فكأنه ليس بحلال والحقيقة أن الحديث يتحدث عن مجلس لهو يجتمع فيه صور مختلفة من الترف كالحرير والفروج والخمر ومعهم المعازف وقد لا يعني النص إنفراد كل منهم بالحرمة على كل الأحوال فالحرير مباح للنساء ولمن أصابته حكة وفي الحرب والفروج مباحة في الزوجات والسراري وفي بعض الروايات الخز بدلاً من الحر والخز حلال عند أكثر العلماء ، فكذا المعازف منها ما هو حلال ومنها ما هو حرام ولعل النص فيما حرم منها أو محرم لمصاحبته للمحرمات سابقة الذكر ، هذا كما يقول الشيخ رشيد رضا 
والقصد أنه ليس جازماً في التحريم ولا يصلح وحده في حسم هذه المسألة مع ما سنسوقه من أدلة المبيحين.
هذا إذا سلمنا بصحة الحديث وإلا فقد قال الفكهاني :"لم أعلم في كتاب الله ولا السنة حديثاً صريحاً في تحريم الملاهي وإنما هي يؤتنس بها لا أدلة قاطعة "وبمثل قوله قال الغزالي وابن حزم وغيرهما .
ثم إنهم قد احتجوا بأقوال للصحابة. ورغم أن الأصوليين اختلفوا في حجية قول الصحابي في التحليل والتحريم إلا أن من قال بحجيته قال أن الصحابة إذا اختلفوا لا يكون قول أحدهم حجة على صاحبه فكيف وأقوال المبيحين و أفعالهم أكثر و أوثق من حيث ثبوتها من أقـوال المحرمين، ونسوق لذلك بعض الأمثلة : 
فالصحابى الجليل عبد الله بن جعفر الذى قال فيه النبى :" اشبهت خلقى وخلقى " . وقال فيه :" اللهم بارك له فى صفقة يده ". يقول عنه الحافظ الذهبي :"إنه كان يستمع الغناء وكان يصوغ الألحان لجواريه " ، وذلك فى زمن على ابن أبى طالب ومعاوية وعمرو ابن العاص وغيرهم ، وذكر عن ابن عبد البر مثل ذلك وكذا فى المستدرك"أن سماعه للغناء مشهور مستفيض " وذكرت قصص كثيرة عن سماعه وعن شرائه للقيان المغنيات وكانت صفقات مباركة لدعاء النبى له . 
وذكر أيضاُ ممن سمع المعازف عبد الله ابن عمر ومعاوية وعمرو ابن العاص وابن الزبير ذكرهم الشوكانى فى كتابه (إبطال دعوى الإجماع ) والبغدادى الشافعى والفاكهى فى( أخبار مكة) .
وقال إمام الحرمين نقلاُ عن صاحب أخبار مكة "أن الأثيات من أهل التاريخ نقلوا أنه كان لعبد الله بن الزبير جوار عوادات " ،وأن ابن عمر دخل عليه فرأى عوداُ فقال ما هذا يا صاحب رسول الله فناوله إياه فتأمله ابن عمر وقال هذا ميزان شامى فقال بن الزبير : توزن به العقول " ، وذكر أبو عمرو الأندلسى أن عبد الله بن عمر دخل على عبد الله بن جعفر فوجد عنده جارية فى حجرها عود فقال لابن عمر هل ترى بذلك بأساُ قال لا بأس به .
وقد حكى الماوردى قصة طويلة حول سماع معاوية وعمرو بن العاص الغناء على العود عند عبد الله بن جعفر .
هذه بعض نماذج من الصحابة أجازوا الغناء وسمعوه على المعازف وما أكثر من فعل ذلك من الصحابة .
وقد استأنس المانعون بأقوال لطائفة من العلماء الأثبات تقول بالتحريم .. ورغم أنه لا حجية لأحد بعد رسول الله إلا أن المبيحين يسوقون من أقوال العلماء كثيراُ من النصوص نسوق منها :
ذكر ابن عبد البر فى التمهيد ونقل الكتانى فى التراتيب الإدارية أن علم الموسيقى كان فى الصدر الأول عند من يعلم مقداره من أجل العلوم ولم يكن يتناوله سوى أعيان العلماء وأشرافهم.
وقال الإدفوى :"لم يختلف النقلة فى نسبه الضرب بالعود إلى أشهر المحدثين وأوثقهم وأكثرهم رواية بالمدينة" كما قال الإمام البخارى الذى أخرج له الجماعة فى صحاحهم إبراهيم بن سعد الزهرى . 
سئل مالك عن اللهو يكون فيه البوق فقال:" إن كان كبيراُ مشتهراُ فإنى أكرهه وإن كان خفيفاُ فلا بأس به" . ذكر فى حاشية الخراشى على مختصر الخليل .
وقد ذكر أبو منصور البغدادى الشافعى أن شريحاُ وسعيد بن المسيب وعطاء والزهرى والشعبى قالوا بجوازه .
وذكر الإدفوى أن عمر بن عبد العزيز كان يسمع من جواريه قبل الخلافة ونقل بن قتيبة ذلك عن قاضى المدينة سعد بن إبراهيم.
وذكر الرويانى عن القفال أن مذهب مالك إباحة الغناء .
وقد ترجم الحافظ فى الإصابة لزينب وذكر أنها كانت تغنى بالمدينة وترجم لحمامة المغنية من جوارى الأنصار .
وذكر بن الطاهر أنه إجماع أهل المدينة ونسب للأوزاعى أنه مذهب أهل المدينة .
وحكى الماوردى فى الحاوى إباحة العود عند بعض الشافعية وحكاه ابن الطاهر عن الشيرازى صاحب المهذب . وحكاه الإسنوى عن الماوردى .
وحكاه الإدفوى عن العز بن عبد السلام وعن أبى بكر بن العربى وقال أبو بكر بن العربى لم يصح فى التحريم شئ .
وقال الغزالى إن قول الشافعـى يشبه البـاطل لا يدل على التحريم بل يدل على عدم الفائدة .
هذه نماذج عاجلة من أقوال العلماء الذين أجازوا السماع .
بقيت أدلة المبيحين وهم مع غياب أدلة محرمة لا يحتاجون لإستدلال لأن الأصل فى الأشياء الإباحة و أن عدم وجود الدليل المانع يعيدنا إلى أصل العفو .. إلا أن وجود أدلة الجواز مع عدم وجود المانع يكون أقوى فى الدلالة . 
الدليل الأول :
حديث البخارى ".....لقد أوتيت مزماراُ من مزامير آل داوود " .فشبه صوته فى تلاوتة القرآن بالمزمار وما كان ليشبهه بشئ مذموم محرم فليس لنا مثل السوء .
الدليل الثانى :
وفى صحيح البخارى عن عائشة: أن أبا بكر دخل عليها والنبى عندها يوم فطر أو اضحى وعندها قينتان تغنيان بما تعازفت الأنصار يوم بعاث فقال: أبو بكر مزمار الشيطان مرتين فقال: دعها يا أبا بكر إن لكل قوم عيداُ وإن عيدنا هذا اليوم .هذه إحدى روايات هذه القصة فى البخارى ذكر أن اللتين كانتا تغنيان قينتان والقينة هى نوع خاص من الإماء احترفن الغناء ومن عجب أن يستدل الناس بقول أبى بكر مزمار الشيطان ولا يستدل برد الرسول صلى الله عليه وسلم عليه وسكوته عن غنائهما فى حضرته .
الدليل الثالث :
عن أحمد والنسائى والطبرانى وغيرهم عن السائب بن يزيد أن إمرأة جاءت إلى رسول الله قال:" يا عائشة تعرفين هذه قالت لا يا نبى الله قال هذه قينة بنى فلان تحبين أن تغنيك فغنتها ....." قال الإدفوى سنده صحيح وكذا قال الشوكانى فى النيل .
الدليل الرابع :
وعن أحمد والبخارى فى تفسير آية "وإذا رأوا تجارة أولهواُ " بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الجمعة رأى الصحابة تجارة ومعها لهو كما زعم مقاتل ، فقال: إن التجارة كانت لدحية بن خليفة قبل أن يسلم وكان معها طبل فانصرفوا وتركوا رسول الله قائماُ....... .
والشاهد فيه انه مع وجود المعازف في هذا اللهو فانه اكتفي بان انكر عليهم انصرافهم عن الجمعة .
الدليل الخامس : 
في الصحيح حديث الانصارية التي تزوجت فقال صلى الله عليه وسلم لعائشة :"هلا بعثتم معها جارية تضرب بالدف وتغنى "...ما كان معكم لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو ".
وقد ثبت غناء الجوارى والضرب علي الدف صبيحة زواج الربيع بنت معوذ ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وقد أصلح لهن بعض ألفاظ الشعر .
ومن عجب أن يتخلص البعض من حصار هذه النصوص بأن يستثنى الدف بالإجازة وكأن الأصل فى الأشياء الحرمة ثم يزيد الأمر تضييقاُ بأنه الدف المصمت الذى لا جلاجل فيه ولا أدرى من أين جاءوا بأن الدفوف ساعتها كانت بدون جلاجل وما هو الفارق بين الدف وبين غيره من الآلات أو بين غيره من آلات الإيقاع كالطبل وغيرها .
وعليه فالغناء عندهم قد يكون مباحاُ ،ولكن قد يطرأ عليه شئ من خارجه يجعله حراماُ لغيرها سواء فى قول المغنى من فحش وتشبيب وخمريات، أو دعوة للفجور، أو فى شخص المغنى من تبرج أو تكسر وميوعة ،أو فى المغنى له كأن يكون فى مجلس فساد فيه خمر وزنا ومعها الغناء والمعازف،أو قد يكون فى موضع الغناء أو زمانه كأن يكون فى أعياد المشركين أو نشر البدعة ، وهنا يدخل الغناء الحرمة للعارض لا لأصل الغناء وهذا هو الشائع فى كثير مما يغنى اليوم والذى دفع البعض للتشدد فى أحكام الغناء والمعازف باعتباره يفتى فيما عمت به البلوى واشتهر حتى صار هو الأصل .
والذى تطمئن إليه النفس فى هذا الأمر :
ـ أن الغناء بدون موسيقى مثل الأناشيد الشائعة الآن حلال لا نزاع فيه بين فقهاء السلف .
ـ أن الغناء بالموسيقي ان كان خاليا عن محرمات عارضة او كان يدعو الي قيمة صحيحة او يحفز الهمم ويرتقي بالأخلاق .
ان النشرات والبرامج الجادة التي قد تصاحبها الموسيقي لاشيٍ في سماعها حتي لمن يقولون بالحرمة لأن الموسيقي هنا ليست مقصودة بالسماع .
ان برامج الأطفال التعليمية التي تصاحبها الموسيقي لاشئ فيها.
في النهاية ان مسالة الموسيقي من المسائل المختلف فيها خلافا معتبرا بين العلماء لا حرج علي من تبني فيها أيا من الرأيين ولا يصح الإنكار علي من خالف فيها ذلك أن النصوص الموجودة فيها ليست كافية لحسم القول بالحرمة بل الأقرب القول بالجواز ولا يفوتنا ان ننبه الي انها ككل مباح يشترط ألا تشغل عن الواجبات الشرعية وألا يفرط فيها وينشغل بها عن أمور دينه ودنياه وألا يصاحبها محرم من المحرمات التي أشرنا إليها وألا تدعو الي قيم مناقضة للدين ورحم الله بن دقيق العيد فقد ساق نخبة من أسماء الصحابة الذين أباحوا الغناء بأسانيده وقال :"ذكرنا هذه الجملة من الحجة لما بلغنى من إنكار جاهل بمعرفة الآثار وما درج عليه المهاجرون والأنصار ".
ونختم بما ختم به الشوكانى رسالته القيمة إبطال وعدى الإجماع فى تحريم مطلق السماع " إن السماع بآلة وغيرها من مواطن الخلاف بين أئمة العلم ومن المسائل التى لا ينبغى التشديد فى النكير على فاعلها وهذا الغرض هو الذى حملنا على جمع هذه الرسالة لأن فى الناس من يزعم لقلةعرفانه بعلوم الإستدلال وتعطى جوابه عن الدراية بالأقوال إن تحريم بالآلة ونحوها من القطعيات المجمع على تحريمها وقد علمت أن هذه فرية ما فيها مرية وجهالة بلا محالة وقصر باع بغير نزاع ".
بقى أن نسوق أسماء بعض الكتب التى ناقشت أدلة المانعين ومحصلتها مبينة ضعفها عن حسم القول بالحرمة وأن الأصل هنا هو الجواز .
إبطال دعوى الإجماع فى تحريم مطلق السماع للشوكانى .
إفتناص السوائح. ابن دقيق العيد.
إيضاح الدلالات للنابلسى .
رسالة السماع . العز بن عبد السلام.
الرخصة فى السماع . ابن قتيبة .
كتاب السماع . ابن طاهر المقدسى.
الرخصة فى الغناء والطرب . الحافظ الذهبى .
هذا بالإضافة لإحياء علوم الدين للغزالى والمحلى لابن حزم فقد تعرضا لهذا الموضوع وناقشوها مناقشة علمية مستفيضة .
هذا والله أعلم .

نقض ادله تحريم الغناء

نقض ادله تحريم الغناء



يستدل "المحرمون" للغناء، بقوله جل شأنه
"ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله" 
..وقالوا: اللهو هو "الغناء" وقد أقسم على ذلك ابن مسعود.
قال "المجيزون" : هل علم ابن مسعود حكماً شرعياً لم يعلمه الرسول صلى الله عليه وسلم؟!..إذا قلتم: نعم .. فقد عارضتم قوله جل شأنه "اليوم أكملت لكم دينكم" . وإذا قلت: لم يمت الرسول إلا وقد بين رسالته على التمام، وجعل الناس على البيضاء ليلها كنهارها..قلنا: إذن، ليس لسيدنا عبدالله بن مسعود ولا لغيره أن يستدرك على شريعة رسول الله
كيف وقد ندب الرسول "للغناء" كما في الصحيح " 7/28" من حديث عائشة "يا عائشة ما كان معكم من لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو".. وفي حديث بريدة "الترمذي رقم:3691": "خرج الرسول "صلى الله عليه وسلم" في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء ، فقالت: يا رسول الله، إني نذرت إن ردك الله سالماً أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، فقال لها رسول الله "إن كنت نذرت فاضربي"."وسنده صحيح ".
وهذا "تجويز" من النبي للغناء وإلا ما أجاز "نذرها". وما جاء في الصحيح "2/20" من حديث عائشة قالت "دخل علي رسول الله وعندي جاريتان، تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي، فأقبل عليه رسول اله فقال "دعهما" ".. وهذا دليل على جواز الغناء وإلا ما أجازه النبي في بيته ..والعيد لا يحلل حراما، ولا يحرم حلالاً.. ولم يصب "ابن تيمية" _رحمه الله_ وتابعه _"كالعادة"_ بعض من المتأخرين حينما قال" الرسائل2/319" : "وأعجب من هذا من استدل على إباحة السماع المركب من الهيئة الاجتماعية، اجتماع البنتين الصغيرتين وهما دون البلوغ عند امرأة "صبية" في يوم عيد".
والجواب: أن عائشة لم تكن صبية _أي صغيرة_ حين غنت الجاريتان عندها فتمام الحديث: "وكان يوم عيد يلعب فيه السودان بالدرق والحراب. وقول النبي لها "هل تشتهين ، تنظرين؟" ..قلت: نعم فأقامني خلفه.. مما يعني أن هذه الحادثة بعد نزول آية الحجاب في السنة السادسة.. وكان قدوم وفد الحبشة إلى المدينة في السنة السابعة، فيكون عمر السيدة عائشة رضي الله عنها قد تجاوز الخمس عشرة سنة! وهي سن التكليف "الفتح3/96-97" ..بل جعل النبي صلى الله عليه وسلم مغنية محترفة تغني لعائشة. عن السائب بن يزيد "أن امرأة جاءت إلى رسول الله، فقال: "يا عائشة ، أتعرفين هذه؟" قالت : لا ، يا نبي الله ، فقال: "هذه قينة بني فلان تحبين أن تغنيك؟" قالت: نعم ، قال: فأعطاها طبقاً ، فغنتها" صحيح أخرجه أحمد "3/449" ، والنسائي"رقم74"..
ويستدل "المحرمون" بما أخرجه البخاري "معلقاً" من حديث أبي عامر أو أبو مالك الأشعري؟! :" ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر ، والحرير ، والخمر ، والمعازف" ..
قال "المجيزون" : إن هذا الحديث لا حجة فيه.. فقد ضعفه "البخاري" نفسه حينما علقه .. قال ابن حجر في الفتح "1|188": "وقد ادعى ابن مندة أن كل ما يقول البخاري فيه "قال لي" فهي إجازة، وهي دعوى مردودة. بدليل أني استقريت كثيراً من المواقع التي يقول فيها في "الجامع": "قال لي" فوجدته في غير الجامع يقول فيها: "حدثنا". والبخاري لا يستجيز في الإجازة إطلاق التحديث، فدل على أنها عنده من المسموع. لكن سبب استعماله لهذه الصيغة: ليفرق بين ما بلغ شرطه وما لا يبلغ". فتعليق "البخاري" لهذا الحديث إشارة منه إلى ضعف في سنده.. وقد صدق ، ففي سنده "عطية بن قيس الكلابي" ضعفه أبو حاتم "6/383 الجرح والتعديل" .. وقال الذهبي في ميزان الاعتدال "8/158" : "قال ابن حزم : مجهول" وعلى تساهل البزار قال في "كشف الأستار" "1|106": "لا بأس به" وهي كلمة تنزله عن درجة الثقة.. والاضطراب في اسم راوي الحديث أتى من "عطية" ،لأن الطرق التي ليس فيها عطية_ على ضعفها_ لم يكن فيها اضطراب باسم الراوي ..وهكذا يكون عطية بن قيس على ضعفه قد "تفرد" لفظ المعازف وتحريمها.. على فرض قبول دلالة الاقتران على التحريم ..وخروج حكم المعازف بأحاديث أخرى تفيد "جوازها" ..قال الشيخ "محمد الأمين" : "وأما ما زعمه البعض من أن مسلم قد احتج به، فقد تتبعت أحاديثه فلم أجده قد تفرد بأي حديث منها. وبقي حديث #477 عن أبي سعيد الخدري، فقد توبع في الحديث التالي #478 عن ابن عباس. فإن البخاري ومسلم يخرجان للمليّن حديثه ما علموا بالقرائن أنه ضبطه. والقرينة هنا واضحة أنه وافق الثقات من طريق آخر بنفس المتن، فأخرج له مسلم متابعته. ولو كان ثقة عند مسلم، لأخرج له حديثه المعازف في صحيحه. ولو كان ثقة عند البخاري لأخرج البخاري حديثه ولم يكتف بتعليقه."
قال الإمام المالكي "ابن العربي" في "أحكام القرآن 3/9" : " وكل حديث يروى في التحريم، أو آية تتلى فيه، فإنه باطل سنداً، باطل معتقداً، خبراً وتأويلاً "..وكذا قال الإمام ابن حزم ..والحافظ "القيسراني" في رسالته بالسماع.. وجمع من العلماء. فهذا ابن أبي سلمة الماجشون، ثقة فقيه محدّث، كان يعلم الغناء ويتخذ القيان. يقول الخليلي في الإرشاد "عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون مفتي أهل المدينة.. يرى التسميع ويرخص في العود".و يوسف بن يعقوب بن أبي سلمة‏. من كبار فقهاء المدينة ومحدثيها الثقات. قال ابن أبي خيثمة عن ابن معين "لا بأس به. كنا نأتيه، فيحدثنا في بيت وجوار له في بيت آخر يضربن بالمعزفة_وهو العود انظر لسان العرب _". و قال الخليلي"ثقة، عمّر حتى أدركه علي بن مسلم، وهو وإخوته يرخصون في السماع، وهم في الحديث ثقات".
وأما ما روي عن أنس مرفوعاً "من جلس إلى قينة فسمع منها، صب الله في أُذنيه الآنك يوم القيامة" ..فحديث ضعيف في سنده "أبو نعيم الحلبي" وهو ضعيف ..قال الإمام أحمد "العلل ، رواية المروذي رقم:255": "حديث باطل"..قال الدارقطني _فيما حكاه ابن حجر عن "غرائب مالك" "لسان الميزان5/349": "تفرد به أبو نعيم عن ابن المبارك، ولا يثبت ذلك عن مالك، ولا عن ابن المنكدر"!
وبذلك يتبين أن سماع "الأغاني" أحل من أكل "الفقع"_لمن يشتهيه طبعاً_ ..غير ما ثبت من فوائده "الطبية" والنفسية التي لا يطعن فيها إلا مكابر أو جاهل.

ادله جواز الغناء في السنه واقوال الصحابه

ادله جواز الغناء في السنه واقوال الصحابه

Image result for ‫الغناء حلال‬‎

أولا: أدلتهم من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-:
1-عن عائشة قالت إن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تدففان وتضربان وفي رواية تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث والنبي صلى الله عليه وسلم متغش بثوبه فانتهرهما أبو بكر فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه فقال دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد وفي رواية يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا. متفق عليه.
وجه الدلالة من الحديث بطرقه ورواياته:
أن هناك غناء مصحوبا بضرب الدف قد وقع من الجاريتين وفي بيت النبوة وأن عائشة سمعته وكذلك النبي –صلى الله عليه وسلم- وقد أنكر على أبي بكر انتهاره للجاريتين.

وقال بعض المانعين: إن الجاريتين كانتا صغيرتين ولا يوجد في النص ما يدل على ذلك بل إن غضب أبي بكر وانتهاره لهما وقوله ما قال وتخريقه الدفين في بعض الروايات كل هذا يدل على أنهما لم تكونا صغيرتين فلو صح ذلك لم تستحقا كل هذا الغضب والإنكار من أبي بكر إلى هذا الحد الذي ذكرته الروايات.
وقال بعض المانعين: جاء في بعض الروايات في وصف الجاريتين بقوله "وليستا بمغنيتين".
وهذا في الواقع لا يدل على أكثر من أنهما غير محترفتين أي ليستا من القيان اللائي يتكسبن بالغناء ولكنهما غنتا وضربتا بالدف فقد وقع منهما الغناء والضرب بالدف وليس كل مغن محترف.

وقال بعض المانعين: الحديث يدل على إباحة الغناء بمناسبة العيد فبقى ما عدا العيد على المنع.
الرد من وجهين:
أولهما:أن العيد لا يباح فيه ما كان محرما إنما يتوسع فيه في بعض المباحات كالتزين وأكل الطيبات ونحوها.
ثانيهما: أن العيد يستحب فيه إدخال السرور على النفس وعلى الناس فيشعر الناس فيه بالبهجة والفرح ويقاس على العيد كل مناسبة سارة ولو كانت مجرد اجتماع الأصدقاء على طعام أو نحوه.

2-روى البخاري عن الربيع بنت معوذ قالت: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل علي صبيحة بني بي فجلس على فراشي كمجلسك مني فجعلت جويريات يضربن بدف لهن ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر إلى أن قالت إحداهن وفينا نبي يعلم ما في الغد فقال دعي هذه وقولي الذي كنت تقولين.
وفي رواية ابن ماجة عن الحسن المدني قال كنا بالمدينة يوم عاشوراء والجواري يضربن بالدف ويتغنين فدخلنا على الربيع بنت معوذ فذكرنا ذلك لها فقالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة عرسي وعندي جاريتان يتغنيان وتندبان آبائي الذين قتلوا يوم بدر وتقولان فيما تقولان وفينا نبي يعلم ما في غد فقال أما هذا فلا تقولوه ما يعلم ما في غد إلا الله.
وصحح الألباني هذه الرواية الأخيرة في سنن ابن ماجة برقم 1897 والتي أضافت ضربهم الدفوف في يوم عاشوراء.
3-روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا عائشة ما كان معهم من لهو ؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو.
وعن عائشة قالت كانت عندي جارية من الأنصار زوجتها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة ألا تغنين ؟ فإن هذا الحي من الأنصار يحبون الغناء . رواه ابن حبان في صحيحه
وعن ابن عباس قال أنكحت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أهديتم الفتاة قالوا نعم قال أرسلتم معها من يغني قالت لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الأنصار قوم فيهم غزل فلو بعثتم معها من يقول ( أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم) رواه ابن ماجة
حسنه الألباني في غاية المرام برقم 398 وفي تحريم آلات الطرب ص 133 وفي الإرواء برقم 1995 .
4-عن بريدة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت يا رسول الله إني نذرت إن ردك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى . فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا". فجعلت تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب ثم دخل علي وهي تضرب ثم دخل عثمان وهي تضرب ثم دخل عمر فألقت الدف تحت أستها ثم قعدت عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشيطان ليخاف منك يا عمر إني كنت جالسا وهي تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب ثم دخل علي وهي تضرب ثم دخل عثمان وهي تضرب فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدف .رواه أحمد والترمذي وصححه.
وصححه الألباني في الصحيحة برقم 2261 وغيرها.
يقول الشيخ القرضاوي: والقائلون بالتحريم يخصون مثل ذلك من عموم الأدلة على المنع.
أما المجوزون فيستدلون به على مطلق الجواز لما سلف وقد دلت الأدلة على أنه لا نذر في معصية الله فالإذن منه –ص- لهذه المرأة بالضرب يدل على أن ما فعلته ليس بمعصية في ذلك الموطن.

5-عن عامر بن سعد قال دخلت على قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاري في عرس وإذا جوار يغنين فقلت أي صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بدر يفعل هذا عندكم ؟ فقالا اجلس إن شئت فاسمع معنا وإن شئت فاذهب فإنه قد رخص لنا في اللهو عند العرس . رواه النسائي.
وصححه الألباني في المشكاة برقم 3159 وحسنه في سنن النسائي برقم 3383 
وقد توقف بعضهم عند كلمة "رخص لنا" في الحديث ليأخذ منها أن الأصل هو المنع وأن الرخصة جاءت على خلاف الأصل وهي مخصوصة بالعرس فتقتصر عليه.
ونسى هؤلاء أن مثل هذا التعبير يأتي فيما يراد به التيسير ولازمه في أمر كان يتوقع فيه التشديد والمنع.
فهو من باب قوله تعالى: "فلا جناح عليه أن يطوف بهما" مع أن الطواف فرض أو ركن.

6- روى النسائي عن السائب بن يزيد أن امرأة جاءت إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فقال: يا عائشة أتعرفين هذه؟ قالت لا يا نبي الله . فقال هذه قينة بني فلان تحبين أن تغنيك قالت نعم قال فأعطاها طبقا فغنتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد نفخ الشيطان في منخريها.
قال الأدفوي: وسنده صحيح وكذا قال الشوكاني والكتاني.
وصححه الألباني في الصحيحة برقم 3281 

يقول الشيخ القرضاوي:دل هذا على إباحة الغناء من القينة لأنه-ص- لا يأذن في حرام.
كما يدل على وجود القينات المغنيات في العصر النبوي ولم ينكر وجودهن.
ودل على إباحة الغناء في غير العيد وفي غير العرس على خلاف ما يقوله دعاة التحريم.

7-وأخرج النسائي وغيره عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح".
وحسنه الترمذي وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي ورجح الألباني أنه حسن فقط انظر الإرواء برقم 
1994
ثانيا أقوال الصحابة وأفعالهم -رضوان الله عليهم-:
1-عبد الله بن جعفر:
قال ابن عبد البر في الاستيعاب (2/276) :كان عبد الله لا يرى بسماع الغناء بأسا.
وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (3/456) ترجمة 93:
"كان –أي عبد الله- وافر الحشمة كثير التنعم وممن يستمع الغناء".

وقال العلامة الأدفوي في كتابه الإمتاع:
"وأما عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فسماع الغناء عنه مشهور مستفيض نقله عنه الفقهاء والحفاظ وأهل التاريخ الأثبات… "

2-عبد الله بن الزبير وبلال بن رباح :
قال أبو نعيم في أماليه :
حدثنا محمد بن علي ثنا محمد بن الحسن بن قتيبه ثنا ابن أبي السري ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن هشام بن عروة عن وهب بن كيسان قال سمعت عبدالله بن الزبير يترنم بالغناء وقال ما سمعت رجلا من المهاجرين إلا وهو يترنم .

ورواه البيهقي وابن دقيق العيد بسنديهما عنه.
وروى نحوه الفاكهي في "أخبار مكة" (3/27) بسند صحيح بلفظ :
« وأي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أسمعه يتغنى بالنصب » ؟!

وعن وهب بن كيسان قال : قال عبد الله بن الزبير - وكان متكئا - : " تغنى بلال "
قال : فقال له رجل : " تغنى ؟ " فاستوى جالسا ثم قال :
وأي رجل من المهاجرين لم أسمعه يتغنى النصب ؟ 

قال الألباني في تحريم آلات الطرب :
رواه عبد الرزاق ( 19741 ) مختصرا والبيهقي ( 10 / 230 ) والسياق له وإسناده صحيح على شرط الشيخين .

وقال الجديع في كتابه :
(أثر صحيح أخرجه البيهقي (10/225)، و عبد الرازق في "المصنف"(11/5-6) ، و الفاكهي (3/27 رقم:1735) بإسناد صحيح).

3-حمزة بن عبد المطلب:
ثبت في صحيح مسلم (4/658) أنه كان عنده قينة تغنيه.

4-عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف :
روى البيهقي في سننه (5/68) أن الحارث بن عبد الله بن عياش أخبر أن عبد الله بن عباس أخبره أنه بينا هو يسير مع عمر رضي الله عنه في طريق مكة في خلافته و معه المهاجرون و الأنصار ، فترنم عمر رضي الله عنه ببيت ، فقال له رجل من أهل العراق ليس معه عراقي غيره : غيرك فليقلها يا أمير المؤمنين ، فاستحيا عمر رضي الله عنه من ذلك و ضرب راحلته حتى انقطعت من الموكب .
والشاهد: لعل استحياء عمر –رضي الله عنه- بسبب لفظ قاله في ترنمه وإلا لقال له العراقي: غيرك فليفعلها.
وقد رواها الحافظ ابن طاهر بسنده وقال فيها: وإسناد هذه الحكاية كالأخذ باليد أي في الصحة.
قال الجديع : (أثر صحيح أخرجه البيهقي (5/69) بإسناد صحيح)

وروى كذلك (10/224) عن الزهري قال : قال السائب بن يزيد :
بينا نحن مع عبد الرحمن بن عوف في طريق الحج و نحن نؤم مكة ، اعتزل عبد الرحمن رضي الله عنه الطريق ، ثم قال لرباح بن المغترف : غننا يا أبا حسان ، وكان يحسن النصب ، فبينا رباح يغنيهم أدركهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته ، فقال : ما هذا ، فقال عبد الرحمن : ما بأس بهذا نلهو ونقصر عنا ، فقال عمر رضي الله عنه : فإن كنت آخذا فعليك بشعر ضرار بن الخطاب .

جود إسناده الألباني في تحريم آلات الطرب ص 129.
وقال الجديع : (أثر صحيح أخرجه البيهقي (10/224) و ابن عساكر في "تاريخه" (24/400) بإسناد صحيح).

وَرَوى عَبدُالرحمن بن حاطبِ بن أبي بَلْتَعَةَ، قالَ:
خَرَجْنا مَعَ عُمَرَ بن الخطابِ في الحج الأكبَرِ، حتى إذا كُنا بالروحاءِ ، كَلمَ القَومُ رَباحَ بنَ المغتَرِفِ، وَكانَ حَسَنَ الصوت بغِناءِ العَرَبِ ، فَقالُوا: أسمِعنا يا رَباحُ، وَقَصر عَنا المسيرَ، قالَ: إني أفرَقُ من عُمَرَ، فكلَمَ القَومُ عُمَرَ، فَقالُوا: إنا كلمنا رَباحاً يُسمِعُنا وبُقصرُ عنا المسيرَ، فأبى إلا أن تأذَنَ لهُ، فَقالَ: يا رَباحُ، أسمِعْهُم، وقصر عنهُم المسيرَ، فإذا أسحَرْتَ (بلغت وقت السَحَر) فارْفَع. قالَ: وَحَدا لهُم من شِعرِ ضِرارِ بن الخطَّابِ، فرَفَعَ عَقيرَتَهَ يتغنى وهُم مُحرِمُونَ.

قال الجديع : (أثر حسن أخرجه الخطابي في "غريب الحديث"(1/658))
قال القاضي المعافى بن زكريا في كتابه (الجليس الصالح) :
حدثنا محمد بن الحسين بن دريد ، قال أخبرنا أبو حاتم، عن أبي عبيدة، عن يونس، قال: جاء عبد الرحمن بن عوف إلى باب عمر بن الخطاب فسمعه وهو يتمثل في بيته:
وكيف مقامي بالمدينة بعدما … قضى وطرا منها جميل بن معمر
قال القاضي أبو الفرج: ويروي كيف ثوائي بالمدينة، ثم قال: يا يرفأ! من بالباب؟ قال: عبد الرحمن بن عوف، قال: أدخله، فلما دخل قال: أسمعت؟ قال: نعم قال: إنا إذا خلونا في منازلنا قلنا ما يقول الناس. قال القاضي أبو الفرج: هذا جميل بن معمر الجمحي من مسلمة الفتح، قتل على عهد عمر، وليس بجميل بن عبد الله بن معمر العذري الشاعر.

قلت : ومحمد بن الحسين بن دريد هذا وقع في كتاب المتفق والمفترق للخطيب البغدادي باسم : محمد بن الحسن بن دينار وقد روى الخطيب الأثر من الطريق السابق والله اعلم.
قال ابن الأثير في أسد الغابة :
وروى محمد بن يزيد هذا الخبر، فقلبه، فجعل المتغني: عمر، والداخل عبد الرحمن، والزبير أعلم بهذا الشأن.
أخرجه أبو عمر وأبو موسى، وزاد أبو موسى في نسبه، فقال: جميل بن معمر بن الحارث بن معمر بن حبيب، والأول أصح.

وَعَن أسلَمَ مَولى عُمَرَ بنِ الخطابِ، قالَ: سَمِعَ عُمَرُ رَجُلاً يَتَغنى بفَلاة مِنَ الأرضِ (وفىِ رِوايَة: وَهُوَ يَحدو بغِناءِ الركبانِ)، فَقالَ: الغِناءُ من زادِ الراكبِ.
قال الجديع : (أثر حسن أخرجه البيهقي (10/68) بإسناد حسن)
5-سعد بن أبي وقاص:
روى ابن قتيبة بسنده إلى سليمان بن يسار أنه سمع سعد بن أبي وقاص يتغنى بين مكة والمدينة فقال سليمان: سبحان الله أتفعل هذا وأنت محرم؟ فقال سعد: يا ابن أخي وهل تسمعني أقول هجرا؟
الرخصة في السماع لابن قتيبة ونقله عنه في الإمتاع ص 96 والتراتيب الإدارية للكتاني (2/134) وإيضاح الدلالات ص 13 

6-أبو مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري وزيد بن ثابت وقرظة بن كعب الأنصاري:
روى البيهقي بسنده عن الزهري أنه سمع أبو مسعود وهو على راحلته وهو أمير الجيش رافعا عقيرته يتغنى النصب.
السنن الكبرى للبيهقي (10/225) .

وروى الحاكم (1/201) والنسائي (6/135) : أنه كان مع زيد بن ثابت وقرظة بن كعب الأنصاري في عرس لهم وجوار يتغنين فلما سئلوا؟ أجابوا:أنه قد رخص لهم في الغناء في العرس.
(الروايتان جزء من حديث صحيح أخرجه النسائي و الطبراني و الحاكم و غيرهم)
7-بلال بن أبي رباح:
روى البيهقي (10/225) وعبد الرزاق (11/5) بسنديهما إلى عبد الله بن الزبير قال :تغنى بلال وكان متكئا فقال له رجل:تغني؟فاستوى جالسا ثم قال: وأي رجل من المهاجرين لم أسمعه يتغنى النصب؟!
وصححه الألباني في تحريم آلات الطرب ص 128

8-عبد الله بن الأرقم:
روى البيهقي بسنده إلى الزهري قال:أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أباه أخبره أنه سمع عبد الله بن الأرقم رافعا عقيرته يتغنى.
قال عبد الله بن عتبة:ولا والله ما رأيت رجلا قط ممن رأيت وأدركت أراه قال:كان أخشى لله من عبد الله بن الأرقم.

قال الجديع : (أثر صحيح أخرجه البيهقي (10/225) بإسناد صحيح)
9-عامر بن الأكوع وسلمة بن الأكوع:
روى الشيخان وغيرهما حدثنا عبد الله بن مسلمة : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن يزيد بن أبي عبيد ، عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال :
خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ، فسرنا ليلاً ، فقال رجل من القوم لعامر : يا عامر ألا تسمعنا من هنيهاتك؟ وكان عامر رجلاً شاعراً حداء ، فنزل يحدو بالقوم يقول :
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فاغفر فداء لك ما اتقينا وثبت الأقدام إن لاقينا
وألقين سكينة علينا إنا إذا صيح بنا أبينا
وبالصياح عولوا علينا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من هذا السائق ) . قالوا : عامر بن الأكوع ، قال : ( يرحمه الله ) . قال رجل من القوم : وجبت يا نبي الله ، لولا أمتعتنا به….الحديث.

10-عبد الله بن عمر:
روى ابن قتيبة بسنده أنه كان يدعو عبد الله بن أسلم وخالد بن أسلم فيغنيان له. (الإمتاع ص 10)

وذكر ابن حزم بسنده إلى ابن سيرين إن رجلا قدم المدينة بجوار فنزل على عبد الله بن عمر وفيهن جارية تضرب فجاء رجل فساومه فلم يهو منهن شيئا قال : انطلق إلى رجل هو أمثل لك بيعا من هذا قال : من هو ؟ قال : عبد الله بن جعفر فعرضهن عليه فأمر جارية منهن فقال : " خذي العود " فأخذته فغنت فبايعه ثم جاء إلى ابن عمر . . . إلى آخر القصة .
على اختلاف في اسم الآلة التي عزفت بها وصحح إسناده ابن حزم وغلب على ظن الشيخ الألباني أنه صحيح كما قال في رسالته في تحريم آلات الطرب ص 103

11-البراء بن مالك:
روى أبو نعيم والحاكم بسنديهما إلى أنس بن مالك قال: كان البراء بن مالك رجلا حسن الصوت فكان يرجز لرسول الله –صلى الله عليه وسلم-.
صححه الحاكم ووافقه الذهبي.

12-أنجشة:
روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه و سلم كان له حاد جيد الحداء ، و كان حادي الرجال ، و كان أنجشة يحدو بأزواج النبي صلى الله عليه و سلم ، فلما حدا أعنقت الأبل ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم : ويحك يا أنجشة رويداً سوقك بالقوارير .

13-حسان بن ثابت:
جاء في السير للذهبي عن الأَصْمَعِيُّ، وَغَيْرُهُ: عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ خَارِجَةَ بنِ زَيْدٍ، قَالَ:
كَانَ الغِنَاءُ يَكُوْنُ فِي العُرَيْسَاتِ، وَلاَ يَحْضُرُهُ شَيْءٌ مِنَ السَّفَهِ كَاليَوْمِ، كَانَ فِي بَنِي نُبَيْطٍ مَدْعَاةٌ، كَانَ فِيْهَا حَسَّانُ بن ثَابِتٍ، وَابْنُهُ - وَقَدْ عَمِيَ - وَجَارِيَتَانِ تُنْشِدَانِ:
انْظُرْ خَلِيْلَيَّ بِبَابِ جِلِّقَ هَلْ * تُؤْنِسُ دُوْنَ البَلْقَاءِ مِنْ أَحَدِ
أَجْمَالَ شَعْثَاءَ إِذْ ظَعَنَّ مِنَ الـ * ـمَحْبِسِ بَيْنَ الكُثْبَانِ وَالسَّنَدِ
فَجَعَلَ حَسَّانُ يَبْكِي، وَهَذَا شِعْرُهُ، وَابْنُهُ يَقُوْلُ لِلجَارِيَةِ: زِيْدِيْ.
وَفِيْهِ:
يَحْمِلْنَ حُوْرَ العُيُوْنِ تَرْفُلُ فِي الرَّ * يْطِ حِسَانَ الوُجُوْهِ كَالبَرَدِ
مِنْ دُوْنِ بُصْرَى وَخَلْفَهَا جَبَلُ الثَّلْـ * ـجِ عَلَيْهِ السَّحَابُ كَالقِدَدِ
وَالبُدْنُ إِذْ قُرِّبَتْ لِمَنْحَرِهَا * حِلْفَةَ بَرِّ اليَمِيْنِ مُجْتَهِدِ
مَا حُلْتُ عَنْ عَهْدِ مَا عَلِمْتِ وَلاَ * أَحْبَبْتُ حُبِّي إِيَّاكِ مِنْ أَحَدِ
أَهْوَى حَدِيْثَ النُّدْمَانِ فِي وَضَحِ الفَجْـ * ـرِ وَصَوْتَ المُسَامِرِ الغَرِدِ
فَطَرِبَ حَسَّانُ، وَبَكَى. (2/521)

وجاء في رسالة الشوكاني (إبطال دعوى الإجماع ص2) عن صالح بن حسان الأنصاري قال: كانت عزة الميلاء مولاة لنا وكانت عفيفة جميلة وكان عبد الله بن جعفر وابن أبي عتيق وعمر بن أبي ربيعة يغشونها في منزلها فتغنيهم وكان حسان معجبا بعزة الميلاء وكان يقدمها على سائر قيان المدينة.
وجاء في الكامل للمبرد وذكره الزبيدي في شرح الإحياء وقال:ذكر ذلك أيضا صاحب التذكرة الحمدونية وابن المرزبان (7/569) عن خارجة بن زيد قال: دعينا إلى مأدبة فحضرنا وحضر حسان بن ثابت وكان قد ذهب بصره ومعه ابنه عبد الرحمن فجلسنا جميعا على مأدبة فلما فرغ الطعام أتونا بجاريتين مغنيتين إحداهما: ربعة والأخرى عزة الميلاء فجلست وأخذت بمزهريهما وضربتا ضربا عجيبا وغنتا بشعر حسان:
فلا زال قصر بين بصرى وجلق عليه من الوسمى جود ووابل.

فأسمع حسان يقول: قد أراني هناك سميعا بصيرا وعيناه تدمعان فإذا سكتتا سكنت عينه وإذا غنتا بكى! وكنت أرى عبد الرحمن ابنه إذا سكنتا يشير إليهما أن غنيا!
14-معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص:
روى ابن قتيبة بسنده: أن معاوية سمع عند ابنه يزيد الغناء على العود فطرب لذلك.

15-أسامة بن زيد:
روى البيهقي (10/224) وكذلك عبد الرزاق (11/5) بسنده عن الزهري عن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: رأيت أسامة بن زيد جالسا في المجلس رافعا إحدى رجليه على الأخرى رافعا عقيرته قال: حسبته قال:يتغنى النصب.

وصححه الألباني في "تحريم آلات الطرب" ص 128 وقال:إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وفي رواية أخرى عند البيهقي: أنه رأى أسامة بن زيد في مسجد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- مضجعا رافعا إحدى رجليه على الأخرى يتغنى النصب.
قال الجديع : (أثر صحيح أخرجه البيهقي (10/225) و ابن عبد البر في "التمهيد" (22/197) و إسناده صحيح)
قال مسلم بن الحجاج: والحديث كما قال القوم غير معمر. ذيل بهذا القول البيهقي على الحديث .
وانظر كذلك التراتيب (2/134).

16-عمران بن حصين:
روى البخاري في الأدب المفرد عن مطرف بن عبد الله قال:صحبت عمران من الكوفة إلى البصرة فقل منزل بنزلة إلا أنشدنا فيه الشعر وقال إن في معاريض الكلام لمندوحة عن الكذب.
صححه الألباني في صحيح الأدب المفرد برقمي 857 و885

ثالثا: أقوال التابعين وأفعالهم -رضوان الله عليهم-:
1-سعيد بن المسيب:
روى ابن عبد البر: أنه سمع الغناء واستلذ به وضرب برجله وقال: هذا والله ما يلذ سماعه.
نقله عنه الشوكاني في النيل (8/106) والأدفوي ص 106 وأورد القصة كذلك ابن الجوزي في تلبيس إبليس ص 251 وابن السمعاني في الذيل والطبراني.

وروى ابن سعد في الطبقات (5/134) والذهبي في السير (4/241) أن سعيد بن المسيب كان يرخص لبنته في الكبر –يعني في الطبل الكبير- المدور المجلد من وجهين.
2-القاضي شريح:
نقل القاضي أبو منصور البغدادي في مؤلفه السماع قال: كان يصوغ الألحان ويسمعها من القيان.

وقال الغزالي في الإحياء (2/249) والشوكاني في النيل (8/106):
كان يسمع الغناء ويعزف الألحان وكان يصوغ الألحان ويميز بين البسيط والمديد والخفيف.

3-الشعبي:
نقل القاضي أبو منصور البغدادي قال: كان يقسم الأصوات إلى الثقيل الأول وإلى الثقيل الثاني وما بعدهما من المراتب.
نقله عنه أبو منصور النابلسي في إيضاح الدلالات ص 17 والشوكاني في النيل (8/106).

وذكر الحافظ ابن طاهر في كتابه (صفوة التصوف) بسنده أن الشعبي مر بجارية تغني:
فتن الشعبي لما….
فلما رأت الشعبي سكتت.
فقال الشعبي قولي:رفع الطرف إليها.
وساقه ابن السمعاني بأسانيده.

4-عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق المعروف بابن أبي عتيق:
روى الأستاذ أبو منصور البغدادي (نقله عنه النابلسي في إيضاح الدلالات ص 17) بسنده أنه:
رغم كونه فقيها ناسكا كان يعلم القيان الغناء وسماعه كثير مشهور لا يختلف فيه أهل الأخبار بالأسانيد الجياد وكان كثير البسط والخلاعة مع فقه وزهد ونسك وعبادة.
يقول الشيخ القرضاوي:لا يقصد بالخلاعة ما هو شائع اليوم من الميل إلى الفسق والفجور وإنما يقصد بها التبسط في اللهو والتوسع في رفاهية العيش.

وقال الزبير بن بكار في الموفقيات:
حدثتنا طيبة مولاة فاطمة بنت عمر بن مصعب بن الزبير عن أم سليمان بنت نافع أن ابن أبي عتيق دخل على جارية بالمدينة فسمعها تغني لابن سريج:
ذكر القلب ذكره أم زيد والمطايا بالشهب شهب الركاب
وبنعمان طاف منها خيال يا لقومي من طيفها المنتاب
عللته وقربته بوعد ذاك منها إلى مشيب الغراب
بت في نعمه وبات وسادي بين كف حديثة بخضاب

فسألها ابن عتيق أن تعيده فأبت فخرج من عندها وركب نجيبا فقد مكة وأخذ ابن سريج وأدخله حماما وهيأه ثم جاء به إليها وقال:هذا يغني أحب أن تسمعني منه وتسمعيه قالت:نعم فأمر بالغناء فغنى أبياتا ذكرها الزبير فسألته أن يعيدها فقال له ابن أبي عتيق:خذ نعليك. أتعرفين ابن سريج؟……
ونقل مذهبه في هذا الشوكاني في النيل (8/106).
5-عطاء بن أبي رباح:
روى البيهقي عن ابن جريج أنه سأل عطاء عن الغناء بالشعر؟ فقال: لا أرى به بأسا ما لم يكن فحشا.
السنن الكبرى (10/225) والفتح (/539)

ونقل ابن قتيبة عن عطاء :أنه ختن ولده وعنده الأبجر يغني.
نقله عنه الشوكاني في النيل (8/106) وصاحب إيضاح الدلالات ص 18
وقد روى هذا الفاكهي في أخبار مكة (3/23) مع زيادة في القصة.

وقال الغزالي: وكان لعطاء جاريتان يلحنان فكان إخوته يستمعون إليهما.
الإحياء (2/248) وذكره ابن الجوزي في تلبيس إبليس ص 234.

وقال الأستاذ أبو منصور: إنه كان يقسم الأصوات إلى الثقيل الأول وإلى الثقيل الثاني وما بعدهما من المراتب.
وروى ابن قتيبة بسنده إلى إبراهيم المخزومي قال:أرسلني أبي إلى عطاء بن أبي رباح أسأله عن مسألة فأتيته فوجدته في دار العقبى وعليه ملحفة معصفرة فقالوا له:يا أبا محمد لو أذنت لنا أرسلنا إلى العريض وابن سريج فقال:افعلوا ما شئتم…فيعثوا إليهما فحضرا وغنيا وعطاء يسمعهما حتى إذا مالت الشمس قام إلى منزله.

6-عمر بن عبد العزيز:
روى ابن قتيبة أنه كان قبل الخلافة يسمع من جواريه خاصة ولا يظهر منه إلا الجميل وربما صفق بيديه وتمرغ على فراشه طربا وضرب برجليه.
انظر النيل (8/106) وإيضاح الدلالات ص 18

وقد أثبت أمثال الذهبي في السير (5/370) وتاريخ الإسلام (5/19) والمزي في تهذيب الكمال (3/1551) وابن حجر في تهذيب التهذيب (11/311) أنه إبان إمرته على المدينة كان يجالس ويأنس بيعقوب بن دينار الماجشون المشهور بتعليم الغناء واتخاذ القيان.
7-يعقوب بن دينار بن أبي سلمة "أبو يوسف الماجشون":
روى الذهبي في السير(5/370) وتاريخ الإسلام (5/19) والمزي في تهذيب الكمال (3/1551) وابن خلكان في وفيات الأعيان (6/276) وابن حجر في تهذيب التهذيب (11/388) عن مصعب بن عبد الله قال: كان يعلم الغناء ويتخذ القيان ظاهرا أمره في ذلك مع صدقه في الرواية.

وقال مصعب الزبيري: إنما سمي الماجشون لكونه كان يعلم الغناء ويتخذ القيان وكان يجالس عروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز في إمرته للمدينة.
وأورد ابن خلكان بعض أسماء المعازف التي كان يستعملها ومنها الكبر والبربط.
8-وقد نقل الشوكاني في النيل (8/105-106) عن عدد آخر من التابعين مثل سالم بن عمر وعبد الرحمن بن حسان وخارجة بن زيد وسعيد بن جبير ومحمد بن شهاب الزهري وإبراهيم بن سعد الزهري وطاوس بن كيسان.
وعن ابن السمعاني: أنه –أي طاوس- رخص في الغناء.
9-عكرمة مولى عبد الله بن عباس:
ذكر الذهبي في السير (5/27) قال: قال يزيد بن هارون قدم عكرمة البصرة فأتاه أيوب وسليمان التيمي ويونس فبينا هو يحدثهم إذ سمع صوت غناء فقال: امسكوا ثم قال: قاتله الله لقد أجاد.
فأما سليمان ويونس فما عادا إليه وعاد إليه أيوب فأحسن أيوب.

10-سالم بن عبد الله بن عمر:
ذكر الحافظ ابن طاهر بسنده أن سالم سمع الغناء من أشعب وساقه ابن السمعاني بأسانيده في أوائل الذيل.

11-سعيد بن جبير:
ذكر ابن طاهر بسنده عن امرأة عمرو بن الأصم قالت: مررنا ونحن جوار بسعيد بن جبير ومعنا جارية تغني ومعها دف وهي تقول:
لئن فتنتني فهي بالأمس أفتنت سعيدا فأضحى قد قلى كل مسلم
وألقى مفاتيح القراءة واشترى وصال الغواني بالكتاب المنمنم.

فقال سعيد:تكذبين تكذبين!!
ورواه الفاكهي في تاريخ مكة وابن السمعاني في الذيل.

12-سعد بن إبراهيم:
حكاه عنه ابن حزم وابن قدامة الحنبلي وغيرهم


رابعا: أقوال تابعي التابعين ومن بعدهم وأفعالهم -رحم الله الجميع-:
*قال الشوكاني في النيل (8/105):
فيما نقله عن ابن النحوي: فهم قوم لا يحصون.

*وذكر منهم الشيخ عبد الغني النابلسي في إيضاح الدلالات عن ابن قتيبة ص 18 في الرخصة:
عبد الملك بن جريج وهو من العلماء الحفاظ والفقهاء العباد المجمع على عدالته وجلالته وكان يسمع الغناء ويعرف الألحان ويميز بين البسيط والمديد والخفيف وكان يسمع الغناء فتسيل دموعه على لحيته ثم يقول: إن من الغناء لما يذكر بالجنة.

ونقل ذلك عن الإمام الغزالي في الإحياء (2/249) وذكر ذلك أيضا الأستاذ أبو منصور.
قال صاحب التذكرة الحمدونية:قال داود المكي: كنا في حلقة ابن جريج وهو يحدثنا وعنده جماعة منهم عبد الله بن المبارك وجماعة من العراقيين إذ مر به مغن فقال له: أحب أن تسمعني فقال له:إني مستعجل فألح عليه فغناه فقال له: أحسنت أحسنت ثلاث مرات ثم التفت إلينا فقال:لعلكم أنكرتم فقالوا: إنا ننكره في العراق فقال:ما تقولون في الرجز يعني الحداء؟ قالوا: لا بأس به. قال: وأي فرق بينه وبين الغناء!
*أما محمد بن علي بن أبي طالب فقال ابن قتيبة: أنه سئل عن الغناء فقال: ما أحب أن أمضي إليه ولو دخل علي ما خرجت منه ولو كان في موضع لي فيه حاجة ما امتنعت من الدخول.
*أما محمد بن سيرين فقد روى ابن أبي شيبة عن ابن عون قال: كان في آل محمد (يعني ابن سيرين) ملاك (أي زواج) فلما أن فرغوا ورجع محمد إلى منزله قال لهن (أي للنساء): أين طعامكن؟ قال ابن عون:يعني الدف.
*وأما عبيد الله بن الحسن: فكان من مذهبه إباحة الغناء اتفقت النقلة على ذلك ونصب الفقهاء الخلاف عنه فيه وممن حكاه عنه الساجي في كتابه في الخلاف وابن المنذر في الإشراف والقاضي أبو الطيب وغيرهم.
*إسحاق بن إبراهيم الموصلي:
ترجم له الذهبي في السير (11/118-121)فقال:
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، ذُو الفُنُوْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَيْمُوْنٍ التَّمِيْمِيُّ، المَوْصِلِيُّ، الأَخْبَارِيُّ، صَاحِبُ المُوْسِيقَى، وَالشِّعْرِ الرَّائِقِ، وَالتَّصَانِيْفِ الأَدَبِيَّةِ، مَعَ الفِقْهِ، وَاللُّغَةِ، وَأَيَّامِ النَّاسِ، وَالبَصَرِ بِالحَدِيْثِ، وَعُلُوِّ المَرْتَبَةِ.

وبعد أن ذكر شيوخه وتلاميذه وبعض وقائع حياته وثناء العلماء عليه قال:
عَنْ إِسْحَاقَ: أَنَّهُ كَانَ يَكرَهُ أَنْ يُنسَبَ إِلَى الغِنَاءِ، وَيَقُوْلُ: لأَنْ أُضرَبَ عَلَى رَأْسِي بِالمَقَارِعِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُقَالَ عَنِّي: مُغَنِّي.
وَقَالَ المَأْمُوْنُ: لَوْلاَ شُهْرَةُ إِسْحَاقَ بِالغِنَاءِ، لَوَلَّيْتُهُ القَضَاءَ.

وفي ترجمته في تاريخ بغداد (6/338-345):
حدثني أبو سعيد مسعود بن ناصر السجزي حدثنا علي بن أحمد بن إبراهيم السرخاباذى حدثنا أحمد بن فارس بن حبيب حدثني محمد بن عبد الله الدوري بمدينة السلام حدثني علي بن الحسين بن الهيثم حدثنا الحسين بن علي المرداسى قال حدثنا حماد بن إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال قال لي أبي قلت ليحيى بن خالد أريد ان تكلم لي سفيان بن عيينة ليحدثنى أحاديث فقال نعم إذ جاءنا فأذكرنى قال فجاءه سفيان بن عيينة فلما جلس أومأت الى يحيى فقال له يا أبا محمد إسحاق بن إبراهيم من أهل العلم والأدب وهو مكره على ما تعلمه منه فقال سفيان ما تريد بهذا الكلام فقال تحدثه بأحاديث قال فتكره ذلك فقال يحيى أقسمت عليك إلا ما فعلت قال نعم فليبكر الى قال فقلت ليحيى افرض لي عليه شيئا فقال له يا أبا محمد افرض له شيئا قال نعم قد جعلت له خمسة أحاديث قال زده قال قد جعلتها سبعة قال هل لك ان تجعلها عشرة قال نعم قال إسحاق فبكرت اليه واستأذنت ودخلت فجلست بين يديه واخرج كتابه فأملى علي عشرة أحاديث فلما فرغ قلت له يا أبا محمد ان المحدث يسهو ويغفل والمحدث أيضا كذلك فان رأيت أن اقرأ عليك ما سمعته منك قال اقرأ فديتك فقرأت عليه وقلت له أيضا ان القارىء ربما اغفل طرفه الحرف والمقروء عليه ربما ذهب عنه الحرف فانا في حل ان أروى جميع ما سمعته منك قال نعم فديتك أنت والله فوق ان تستشفع أو يشفع لك فتعال كل يوم فلوددت ان سائر أصحاب الحديث كانوا مثلك

وقال: حدثنا حسن بن علي المقنعى عن محمد بن موسى الكاتب قال أخبرني يوسف بن يحيى بن علي المنجم عن أبيه عن جده عن إسحاق قال بقيت دهرا من دهرى اغلس في كل يوم الى هشيم أو غيره من المحدثين فاسمع منه ثم اصير الى الكسائي أو الفراء أبو بن غزالة فاقرا عليه جزءا من القرآن ثم آتى الى منصور زلزل فيضاربنى طريقين أو ثلاثة ثم آتى عاتكة بنت شهدة فآخذ منه صوتا أو صوتين ثم آتى الأصمعي وأبا عبيدة فأناشدهما وأحدثهما وأستفيد منهما ثم اصير الى أبي فاعلمه ما صنعت ومن لقيت وما أخذت وأتغدى معه فإذا كان العشى رحلت الى أمير المومنين الرشيد.
وانظر كامل ترجمته في تاريخ بغداد.
*إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري (شيخ الشافعي وقد روى له الجماعة):
روى الخطيب البغدادي في تاريخه (6/84) أنه سئل عن الغناء فأفتي بتحليله وأتاه بعض أصحاب الحديث ليسمع منه أحاديث الزهري فسمعه يتغنى فقال لقد كنت حريصا على أن أسمع منك فأما الآن فلا سمعت منك حديثا أبدا فقال إذا لا أفقد إلا شخصك علي وعلى أن حدثت ببغداد ما أقمت حديثا حتى أغني قبله وشاعت هذه عنه ببغداد فبلغت الرشيد فدعا به فسأله عن حديث المخزومية التي قطعها النبي صلى الله عليه وسلم في سرقة الحلى فدعا بعود فقال الرشيد أعود المجمر قال لا ولكن عود الطرب فتبسم ففهمها إبراهيم بن سعد فقال لعله بلغك يا أمير المؤمنين حديث السفيه الذي آذاني بالأمس وألجأني إلى أن حلفت قال نعم ودعا له الرشيد بعود فغناه
يا أم طلحة إن البين فد أفدا قل الثواء لئن كان الرحيل غدا
فقال الرشيد من كان من فقهائكم يكره السماع قال من ربطه الله قال فهل بلغك عن مالك بن أنس في هذا شيء قال لا والله إلا أن أبي أخبرني أنهم اجتمعوا في مدعاة كانت في بني يربوع وهم يومئذ جلة ومالك أقلهم من فقهه وقدره ومعهم دفوف ومعازف وعيدان يغنون ويلعبون ومع مالك دف مربع وهو يغنيهم
سليمى أجمعت بينا
فأين لقاؤها أينا
وقد قالت لأتراب
لها زهر تلاقينا
تعالين فقد طاب
لنا العيش تعالينا
فضحك الرشيد ووصله بمال عظيم.

*المنهال بن عمرو الأسدي مولاهم الكوفي:
وهو ثقة من رجال الحديث المعروفين وكان حسن الصوت وكان له لحن يقال له: وزن سبعة.
وكان يأذن لبناته بضرب الطنبور.
قال شعبة بن الحجاج: أتيت منزل المنهال فسمعت منه صوت الطنبور فرجعت ولم أسأله.
قال ابن أبي حازم بعد ذكر هذه الحكاية: فإن هذا ليس بجرح إلا إن تجاوز إلى حد التحريم ولم يصح ذلك عنه وجرحه بهذا تعسف ظاهر.
ذكر ذلك كله ابن عدي في الكامل (6/233) والذهبي في الميزان (4/193) وابن حجر في تهذيب التهذيب (10/319).وقال الألباني في تحريم آلات الطرب: وإسناده إلى شعبة صحيح.
وقال الذهبي: وهو لا يوجب غمز الشيخ وقال مثله الحافظ ابن حجر.

*سفيان بن عيينة:
ذكر ذلك عنه الشيخ الماوردي في "الحاوي" (2/548).
وكذلك نقل عنه الحافظ الزبير بن بكار –وهو تلميذه- في الموفقيات (نقله عنه الحافظ النابلسي في إيضاح الدلالات ص 22) في قصة قدوم ابن جامع مكة بمال كثير فقال سفيان لأصحابه: علام يعطي ابن جامع هذه الأموال؟ قالوا :على الغناء .
قال:ما يقول؟ قالوا: يقول:
أطوف بالبيت مع من يطوف وأرفع من مئزري للعمل
وأسجد بالليل حتى الصباح وأتلوا من المحكم المنزل

قال: أحسن وأصلح ثم ماذا؟ قالوا: يقول:
عسى فارج الهم عن يوسف يسخر لي ربة المحمل
قال:أفسد الخبيث ما أصلح لا سخرها الله له.
وساقه المبرد في الكامل إلا أنه قال: حلالا حلالا.
*الحافظ إياس بن معاوية:
روى ذلك عنه الفاكهي في أخبار مكة (3/24) بإسناد حسن: حدثنا محمد بن إدريس بن عمر قال: ثنا الحميدي قال: ثنا سفيان عن هشام بن حجير عن إياس بن معاوية قال: إنه ذكر الغناء فقال: هو بمنزلة الريح يدخل من هذه ويخرج من هذه.
قال سفيان: يذهب إلى أنه لا بأس به.

* وقد ذكر الحافظ ابن دقيق العيد في كتابه "اقتناص السوانح" نبذة من ذلك وساق بأسانيده عن الصحابة رضوان الله عليهم ممن قدمنا ذكره ثم قال:
بعد ذكرنا هذه الجملة من الحجة لما بلغني من إنكار جاهل بمعرفة الآثار وما درج عليه المهاجرون والأنصار..
إلى قوله سئل محمد بن كعب القرظي: ما حد الخزلان؟ فقال:أن يقبح الرجل ما كان مستحسنا ويستحسن ما كان قبيحا (انظر إيضاح الدلالات ص22).

*وقال الشوكاني في رسالته في السماع ص 18:
إن السماع بآلة وغيرها من مواطن الخلاف بين أهل العلم ومن المسائل التي ينبغي التشديد في النكير على فاعلها.
وهذا الغرض هو الذي حملنا على جمع هذه الرسالة لأن في الناس من يزعم لقلة عرفانه بعلوم الاستدلال وتعطل جوابه عن الدراية بالأقوال: إن تحريم الغناء بآلة وغيرها من القطعيات المجمع على تحريمها.
وقد علمت أن هذه الفرية ما فيها مرية وجهالة لا محالة وقصر باع بغير نزاع.
فهذا هو الأمر الباعث على جمع هذه المباحث:
لما لا يخفى على عارف أن رمي من ذكرنا من الصحابة والتابعين وتابعيهم وجماعة من أئمة المسلمين بارتكاب محرم قطعا من أشنع الشنع وأبدع البدع وأوحش الجهالات وأفحش الضلالات فقصدنا الذب عن أعراضهم الشريفة والدفع عن هذا الجناب للعقول السخيفة..أ.هـ

*ويقول ابن كنانة في شرح الخرشي على خليل (3/304): تجوز الزمارة والبوق التي لا تلهي كل اللهو.
ويقول الونشريسي في المعيار (11/108): لما سئل عن الضرب بالطار المزنج والأكف؟ هل ذلك مما يجوز سماعه أو هو مكروه أو محرم.
فأجاب:الطار المزنج والضرب بالأكف لا يقال في ذلك إنه حرام بمجرده إلا أن يقترن به محرم فيحرم بسبب ما صحبه لكن ضرب الأكف من باب اللهو يفتقر ذلك في العرس الذي أباح الشرع فيه بعض اللهو وأما في غير ذلك فهو لعب ولهو ولا يتعاطى ذلك مهتم بدينه أ.هـ

*مسعود الكاساني الحنفي:
جاء في بدائع الصنائع (9/4030) أنه قال في شهادة المغني:
و إن كان يفعل ذلك مع نفسه لدفع الوحشة لا تسقط عدالته لأن ذلك مما لا بأس به ، لأن السماع مما يرقق القلوب ، لكن لا يحل الفسق به .
و أما الذي يضرب شيئاً من الملاهي فإنه ينظر إن لم يكن مستشنعاً كالقصب و الدف و نحوه لا بأس به و لا تسقط عدالته ، و إن كان مستشنعاً كالعود و نحوه سقطت عدالته ، لأنه لا يحل بوجه من الوجوه .

*الإمام أبو حنيفة:
نقل ابن قتيبة في الرخصة: عن الإمام أبي حنيفة أنه كان له رجل وكان في كل ليلة يغني وكان يستمع إليه وذات مرة فقد صوته فسأل عنه؟ فقيل: إنه وجد بالليل فسجن فلبس أبو حنيفة عمامته وتوجه إلى الأمير ابن عيسى فشفع فيه فأخرج من سجنه. أ.هـ باختصار. وذكرها ابن عبد ربه في العقد الفريد وكذلك أوردها بزيادات كثيرة الحافظ أبو محمد عبد الواحد بن علي التميمي المراكشي صاحب كتاب (المعجب في أخبار أهل المغرب)

يقول الشيخ عبد الغني النابلسي في إيضاح الدلالات ص 20 بتصرف:
تضمنت الحكاية أنه كان يستمع ومع ذلك لم ينكر عليه وما ذلك إلا لأن الغناء مباح وإلا فمقام المفتي والمرشد لا يقر على الخطأ ويشفع لأهله وما ورد عن أبي حنيفة بخلافه يحمل على الغناء المقترن بشئ من الفحش أو المنكر جمعا بين القول والفعل. وذكر هذه الفائدة الكمال الأدفوي في الإمتاع.

حكى صاحب التذكرة الحمدونية أنه سئل هو وسفيان الثوري عن الغناء فقالا: ليس من الكبائر ولا من أسوأ الصغائر.
*الإمام مالك بن أنس:
قال القرطبي في تفسيره (14/55): حكى عنه –أي عن مالك- زكريا الساجي أنه كان لا يرى بالغناء بأسا.
قال الونشريسي في المعيار (11/80): قال معن بن عيسى: أتى ابن سرجون الشاعر إلى مالك وقال له :قلت شعرا وأردت أن تراه وتسمعه فقال مالك: لا –وظن أنه هجاه- فقال: لتسمعنه فقال:هات فأنشده:

سلوا مالك المفتي عن اللهو والغنا وحب الحسان المعجبات العواتك
فيفتيكم أني مصيب وإنما أسلي هموم النفس عني بذلك
فهل محب يكتم الحب والنوى أثام وهل في صحة المتهالك
قال:فضحك مالك وكان قليل الضحك.

وقال مالك: إن اللهو الخفيف مثل الدف والكبر فإني أراه خفيفا. قاله ابن القاسم والخرشي على مختصر خليل (3/304) وانظر التمهيد لابن عبد البر (10/180).
ونقل الشوكاني عن القفال أن مالكا أباح الغناء والمعازف.
وحكى الإباحة عنه أبو القاسم القشيري والأستاذ أبو منصور وغيرهما.

ويقول الزبيدي في الإتحاف (7/575) بعد أن ذكر أنه سأل فضلاء المالكية عن نص عن مالك في الحرمة فأخبروه أنه لا يوجد فقال ما ملخصه:
وبالجملة:فإذا لم يكن له نص في المسألة فما استنبطوه غير متجه إذ هو محتمل وما نقل عنه بالإسناد أنه سئل عنه فقال: إنما يفعله عندنا الفساق محتمل وأنه لا يجوز: محمول على غناء يقترن به منكر ونحوه جمعا بين النقول التي قدمناها التي هي صريحة وأيضا فقوله: إنما يفعله عندنا الفساق محتمل أن الذين نعهدهم أو نعرفهم يسمعونه عندنا وصفهم كذا فلا يدل على التحريم كما إذا قلت: ما قولك في المتفرجين في البحر؟ فتقول: إنما يفعله عندنا أهل اللعب والفساد فلا دلالة على تحريم فرجة البحر.

*الإمام الشافعي:
يقول في الأم (6/209): إذا كان يرضى بالغناء لنفسه كان مستخفا وإن لم يكن محرما بين التحريم.
وقال الإمام الغزالي في الإحياء: ليس تحريم الغناء من مذهبه أصلا.

وقال يونس بن عبد الأعلى: سألت الشافعي رحمه الله عن إباحة أهل المدينة للسماع؟ فقال:لا أعلم أحدا من علماء الحجاز كره السماع إلا ما كان منه في الأوصاف فأما الحداء وذكر الأطلال والمرابع وتحسين الصوت بألحان الشعر فمباح. ذكره الزبيدي في شرح الإحياء (2/284).
*الإمام أحمد:
يقول ابن الجوزي في تلبيس إبليس ص 221 :
وقد روينا أن أحمد سمع قوالا عند ابنه صالح فلم ينكر عليه . فقال له صالح : يا أبت أليس كنت تنكر هذا ؟ فقال : إنما قيل لي أنهم يستعملون المنكر فكرهته ، فأما هذا فإني لا أكرهه .
قال المصنف رحمه الله : قلت ، وقد ذكر أصحابنا عن أبي بكر الخلال وصاحبه عبد العزيز إباحة الغناء .

وقال بن عقيل في كتابه المسمى بالفصول: صحت الرواية عن أحمد أنه سمع الغناء عن ابنه صالح وذكر ذلك شارح المقفى.
*ترجم البخاري في صحيحه باب سنة العيدين لأهل الإسلام حيث جعل الغناء يوم العيد من سنن الإسلام كما فعل ذلك وقاله رسول الله –ص-.
وترجم الإمام مسلم باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد.
وعددا في صحيحيهما من تلك السنن: غناء الجاريتين في بيت رسول الله –ص-عند عائشة.
,وترجم الحافظ النسائي في سننه "باب الرخصة في الاستماع إلى الغناء وضرب الدف يوم العيد" وترجم في النكاح ب"اللهو والغناء عند العرس".
,وترجم ابن ماجة "باب إعلان النكاح"وذكر الضرب الدف ثم ترجم "باب الغناء والدف".
,ترجم البيهقي في السنن الكبرى باب ما لا ينهى عنه من اللعب وباب لا بأس باستماع الحداء ونشيد الأعراب كثر أو قل.
,ترجم الحاكم في مستدركه بعنوان :"رخصة الغناء في العرس" رواه عنه ابن الجوزي قال: وقد أنبأنا زاهر بن طاهر قال أنبأنا أبو عثمان الصابوني وأبو بكر البيهقي قالا أنبأنا الحاكم أبو عبد الله النيسابوري قال : أكثر ما التقيت أنا وفارس بن عيسى الصوفي في دار أبي بكر الابريسمي للسماع من هزارة رحمها الله فإنها كانت من مستورات القوالات .
وعزاه ابن الجوزي لكتاب "تاريخ نيسابور".

والله اعلم