((هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ)) [آل عمران: 138]
لا يجوز الخروج عن الحاكم الفاجر ولا العاصي، لأن الخروج عليه سيتسبب بنتائج غير محسوبة على الشعب الغلبان أصلاً، والسند الشرعي جاهز درء المفاسد أولى من جلب المصالح.
لا يجوز الدعوة إلى النفير العام لا من هيئة علماء مسلمين، ولا من جماعات تخرج لتحتكر الدين لنفسها كما يتهمونها لأن ذلك سيخلق فوضى والسند الشرعي جاهز درء المفاسد أولى من جلب المصالح.
لا يجوز الرد على اﻹساءة المتكررة بحق رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم، لأن ذلك سيتسبب بردة فعل عكسية على أبناء الجاليات في الدول الغربية والسند الشرعي جاهز درء المفاسد أولى من جلب المصالح.
أصبح تعطيل الأحكام الشرعية تحت بند درء المفاسد أولى من جلب المصالح.
حينما يتم اختزال القواعد الفقهية، والآيات الشرعية لمصلحة العدو فاعلم أنك في زمن الغربة التي تحدث عنها رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة
والتسليم،وتأكدْ أنك تعيش في عهد الرويبضة الذي تختل فيه القيم وتُزور فيه المفاهيم.ألا ترون معي،أن هذه القاعدة الشرعية أصبحت الشماعة التي يُنتصر فيها لغير المسلمين ويُبرر من خلالها كل التخاذل الحاصل في الأمة،وكل التقاعص.
لقد تم احتكار وإعادة تفصيل هذه القاعدة ابتداءً لمصلحة الحاكم المُتخاذل عن نُصرة قضايا المسلمين، ولمصالح فُجار العالم الذين يعتدون على نسيج الأمة ولمصلحة أمريكا، وروسيا،وكل من جاء لحرب الإرهاب.
الإرهاب الذي أصبحنا نحن وأعدائنا نتحد في تعريفه ونقف في مواجهته معاً، ونحن صُم بُكم.
سأحاول أن أبحث معكم عن المخارج لهذه القاعدة لعلي أصل إلى مخرج مُقنع أوافق من خلاله الذين يروجون لهذه القاعدة لعلي أُقنع نفسي بهذا التخاذل الذي يحصل.
لو سلمنا بضرورة التحكم إلى هذه القاعدة الآن، وآمنا من خلالها بضرورة ترك الحال على ما آل إليه عبر ما يقرُب القرن، دفعاً للضرر الذي سينجم عن أي تغيير بدعوى تغيير مجريات المعركة، وظهور قوى كبرى تتحكم.
لو سلمنا ً بذلك جدلاً، وقبلنا بكل الأمور التي ترتبت على ذلك من ذُل، وهوان وضعف، ورضينا باستمرار العبودية خوفاً وحرصاً على حياة رخيصة تزداد رُخصاً يوم بعد يوم حتى أصبح الضعف والرخص هما العنوان.
لو سلمنا بذلك والشعوب طبعاً أغلبها مُسلِمْ بأي شيئ حرصاً على حياة، وأية حياة حتى لو كانت بلا لون، أو رائحة، أو طعم، لأنها شعوب مُغيبة أصلاً عن واقعها.
هذه الشعوب التي ما أسهل أن تُسلِمْ بأي شيئ دون أن تفهم، لأنها فقدت بوصلتها منذ زمن بعيد، وحالها هذا ليس حديث عهد في نهجها وإنما هي حياة قديمة عمرها بعمر حكام النكسات.
سأحاول أن أسلِمْ بما يُفتي به علماء الزمن الذين دشنوا عصر الغربة عندما صاروا في ركب السلطان بأن درء المفاسد أولى من جلب المصالح.
اقرأ أيضا: حوار الأديان وحرية الرأي في مواجهة الجهاد !
سأتخيل أن هناك مفاسد لم تحدث أو لم يُكشف النقاب عنها بعد الأولى درئها حرصاً على هذه الحياة، سأحاول أن أُسلِمْ أن حرص علماء السلطان على دماء المسلمين هو الدافع لهذا التخاذل لأنهم يُؤمنون أن حُرمته أشد من حُرمة الكعبة لعلي أبرر لهم تخاذلهم في نصرة الجهاد.
سأحاول أن أعذر تسامحهم على حساب دماء أطفال وأبرياء، من بني جلدتهم ولكنهم ليسوا أبنائهم عندما أفتوا بعدم جواز الرد بالمثل في حروب الغزو الجوي العصرية لأنه لا يجوز أن ننجر لقتل أطفال الأعداء ولو قتلوا أطفالنا، ولا نُدمر بيوتهم ولو دمروا بيوتنا، ولا نستبيح طائراتهم ولو استباحت طائراتهم أجوائنا بالقصف والدمار لأننا مسلمين، والمسلم يترفع عن الإساءة بالمثل حتى تشعر وكأن الموضوع شجار عائلي بين أبناء الجسد الواحد التنازل والتسامح به أولى وليست معركة حق وباطل بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، أو تظن بفتوى التسامح تلك وكأن المُسلم خُلق ليطأطأ رأسه لأعدائه، أو أن الإسلام جاء وهمُه أن ترضى عنه البشرية.
سأحاول أن أغلق عيني عن ضوابط تلك القواعد الشرعية وأنا أقلكُمْ علماً بالاحكام الشرعية، وسأعتبر نفسي لا أعلم في المفارقات التي تحصل بين حروب نشر الدعوة وبين حروب الصائل والدفع، ولن أبحث فيما يجوز في حروب الاحتلال التي تأتي لتعتدي عليك في بيتك والتي يجوز فيها ما لا يجوز في غيرها ثم ان هذه الحروب التي لا تخضع عند الأعداء للأخلاق كيف لنا نحن المسلمين المحاصرين من الداخل والخارج أن نُخضعها لميزان الحكمة بعيداً عن حُكم الله.
(وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) [النجل:126]
ولماذا تصرون على تفعيل آيات وأحاديث التسامح بدل آيات القوة والعزة في زمن لا يعرف به عدونا إلا البطش والتنكيل، وأنا كمسلم أعلم أبجديات الحذر في المعركة وأنه لا ينبغي من ذلك أن أحرص على قتل الأبرياء منهم كما يحرصون على قتل الأبرياء منا، ولكنها حرب لا يًحدها حد أخلاقي عندهم، فلما أحدها أنا بحد الضعف لكي يزداد الذبح تجاه أبنائي بفتوى مني ولكي أتسامح على حساب الأبرياء والضعفاء.
أيها العلماء الذين تعلمتم العلم ولكنكم لا تعلمون، سأغمض عيني،وأسلِمْ بما تفتون،لعلي أستريح مثلكم، ويا ليتني أستطيع أن أبْقي عيني مُغلقة لإسترحت من عناء المشهد، لكن المشكلة اني بمجرد استيقاظي من غفلتي التي تفرضها علي ظروف الحياة، أجد أن المشهد فظيع ومروع، ويزداد تعقيداً يومآ بعد يوم بفعل فتواكم، المشهد لا يُدلل على أن حُرمة الدم محفوظة في ديار المسلمين حتى أتعلق بتلك الحُرمة تجاههم بل دمائنا مستباحة بأرخص اﻷثمان.
أرى أن المشهد يُدينكم بالنفاق لأنه إنْ كان درء المفاسد أولى من جلب المصالح يصلُح لكي يُدلل به على التخاذل الحاصل أو للطعن من خلاله بمن يذودون عن أعراضنا فلن تصلح تلك القاعدة إلا إذا كانت المفسدة المترتبة من جلب المصلحة أقل من حجم المصلحة المترتبة، أو مُوازية لها كما جاء في شروطها بعكس الواقع الذي تستندون عليه.
فالواقع يقول ان المفاسد يصعُب حصرها، والوقوف عليها،ويُبرهن على أن ترك المصلحة العظمى وهي الجهاد جلب مفاسد أعظم من كل المصالح لأنه لم تبقى مفسدة واحدة إلى وحلت على الأمة بسبب ترك الجهاد وتعطيله.
مفاسد على كل المستويات مفاسد يصعب حصرها أو السيطرة عليها
ثم إن الغاية التي تم الاستدلال بها للترويج لتلك القاعدة إنما هي غاية شيطانية ليس للإسلام فيها أية مصلحة مع أن هذه القواعد إنما وُجدت لمصلحة الإسلام وليس لمصلحة أعدائه، بل أصبحت هذه القواعد يتم تخريجها وفق هوى الحاكم ونزولاً عند رغبات أولئك الحُكام الدنيوية التي يحاربون بها الله ورسوله لكي ينسى الناس الجهاد الذي لا يتوافق ودُنياهم التي يتكالبون عليها، فهذه قاعدة عندما يتم استخدامها في غير محلها تأتي وكأنها تنتصر لفرد على شعوب بأكملها ولرغبات شيطانية على قيم ومبادئ ربانية، ورغم ذلك لم تُحقق مصالح دُنيوية للشعوب رغم تنازلهم عن الجهاد،فلا هُم بذلك نجوا بإسلامهم،ولا هُم نجوا من بطش الحاكم، ولا هُم حققوا حقن الدماء التي يزعمون حرصهم عليها.
وبذلك إقرار أخر للعبودية تحت سيادة الحاكم، لأني أقر بذلك التخاذل بجبروت الحاكم، وأحقيته في ممارسة الطاغوت ضد الشعوب، ألا ترون أنه ومن خلال فتواكم هذه تم الانقضاض على الجهاد بفتوى شرعيه لا مصلحة للإسلام بها، وقد تم من خلال هذه الفتوى ختم الجهاد بختم الإرهاب، ومن ثم يجب ملاحقة كل من يدعو إلى الجهاد بتهمة الإرهاب، وأية مصلحة ستحقق يُمنع فيها الانتصار لأحكام الله ،ولا ينتفع منها إلا أفراد وعصابات منتشرة هنا وهناك.
وعلى الجانب الآخر لو سلمنا جدلاً بصلاحية هذه القاعدة حالياً كما يُنادي بذلك علماء الشيطان وبما أنهم أصبحوا أهل الفتوى لأولياء الشيطان الرجيم، أليس الأولى أن لا يحارب الإرهاب بهذه الطريقة الهمجية التي أتت على الأخضر واليابس في العراق، وسوريا بحُجة الحرب على الإرهاب من نفس الباب الذي تستندون عليه وهو باب درء المفاسد أولى من جلب المصالح، وخاصة أن في محاربته قتل للأبرياء والأطفال وتشريد للشعوب.
فلِمّ لا تقاس هذه القاعدة على حرب الإرهاب في سوريا والعراق كما يؤتى بها كل حين لحرب الإرهاب الإسلامي، لماذا لا يخرج هؤلاء العلماء في هيئة علماء المسلمين ويستدلون بهذه القاعدة أمام العالم في حربهم ضد الإرهاب ويقولون أيها العالم الفاجر درء المفاسد في سوريا والعراق أولى من حرب الإرهاب عليها، لأن هذه الحروب غير متكافئة ولا تجني إلا الدمار على الأطفال والأبرياء.
أيها العالم ارحموا الأطفال والنساء والصغار والكبار.
أيها العالم إن كان الإرهاب عصابة فلا تستحق كل هذه الحرب الكونية اﻹبادية على شعوب بأكملها.
أيها العالم درء المفاسد بحماية أرواح الأبرياء أولى من جلب مصلحة مُحاربة عصابة كما تدعون.
أيها العالم فك الحصار عمن يموتون جوعاً في مضايا والزبداني أولى من حرب الإرهاب في العراق أم أن أعينكم لا ترى إلا إرهاب المجاهدين وأذكركم أيها العلماء أنكم ارتكبتم الجُرم مرتين، المرة الأولى بالسكوت على الحاكم الخارج عن شرع الله المُوالي لغير الله بفتوى عدم جواز الخروج عن الحاكم الظالم وكأن غاية الوجود في هذه الدنيا أصبحت هي الحرص على الحياة بأي ثمن وليس إقامة شرع الله في الأرض،أو أن الخوف من الحاكم الظالم المُوالي لليهود والنصارى أولى من الخوف من الله، والجُرم الآخر أن في عدم جواز الخروج عليه إقرار بواقع فاجر فيه حرب على الله ورسوله.
أيها العالم إن كان الإرهاب عصابة فلا تستحق كل هذه الحرب الكونية اﻹبادية على شعوب بأكملها.
أيها العالم درء المفاسد بحماية أرواح الأبرياء أولى من جلب مصلحة مُحاربة عصابة كما تدعون.
أيها العالم فك الحصار عمن يموتون جوعاً في مضايا والزبداني أولى من حرب الإرهاب في العراق أم أن أعينكم لا ترى إلا إرهاب المجاهدين وأذكركم أيها العلماء أنكم ارتكبتم الجُرم مرتين، المرة الأولى بالسكوت على الحاكم الخارج عن شرع الله المُوالي لغير الله بفتوى عدم جواز الخروج عن الحاكم الظالم وكأن غاية الوجود في هذه الدنيا أصبحت هي الحرص على الحياة بأي ثمن وليس إقامة شرع الله في الأرض،أو أن الخوف من الحاكم الظالم المُوالي لليهود والنصارى أولى من الخوف من الله، والجُرم الآخر أن في عدم جواز الخروج عليه إقرار بواقع فاجر فيه حرب على الله ورسوله.
وفي ذلك مخالفة لسنن الله في الكون وهي خلافة الإنسان لله في الأرض من أجل إعمارها وفق قانون الله .
والمخالفة الثالثة وليست الأخيرة أن من سنن الله أنه لا يُديم للظالم حال لأن الله توعده بالانتقام منه ولو بعد حين لأن ما زاد عن حده لابد أن ينقلب ضده، ولابد أن يحصل البركان نتيجة تفشي الظلم فكيف إذا كان الظلم حرب على الإسلام وأهله.
أيها العلماء إنكم تطالبون الشعوب بفتاويكم هذه بالحد دون الأدنى من العيش الغير الكريم حتى يستريح الحاكم وحاشيته،حتى لو عاشت الشعوب بلا إسلام وفي هذا دعوة على السكوت على الردة الكبرى.
أيها العلماء سُكوتكم كان أولى من الاستدلال بالقواعد الفقهية لكي يستتب الأمن لمن جاء ليحكم في ظل احتلال،وتحت فتوى شرعية تضللون بها العباد، سكوتكم أولى من تبرير من سوف تُسألون عنه يوم القيامة.
انتم تسببتم في تغييب الشعوب عن معركتهم، وتسببتم بضياعها في قبول الدنية وتسببتم في فقدان البوصلة عند هذه الشعوب التائهة الضائعة، وكل ذلك من خلال آيات القرآن الكريم ظُلماً وزوراً في تحريف مباشر لها.
وأخيراً النتائج المحصلة من فتوى درء المفاسد أولى من جلب المصالح هي رفع الراية البيضاء في ديار المسلمين والاستسلام لأعدائهم والتمكين للمحتل حتى تبقى ديار المسلمين تحت سيطرة الأعداء وبرعاية أمريكية إسرائيلية.
والله لولا سُنة التمحيص الإلهية التي يتأخر النصر بسببها حتى لا يستتر منافق وراء هذا الدين العظيم وحتى يميز الله الخبيث من الطيب وحتى ينجلي الحق ببياضيه بعيداً عن سواد الباطل لبقي الحق مُغمغماً لا أبلجا بفعل فتواكم، ولهدمت بيع وصلوات يُذكر بها اسم الله ولن ينجو أحد منكم حتى يجري الله عليه التمحيص ليعلم الله الذين صدقوا وليعلم الكاذبين.
((ولِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ* أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)) [آل عمران:141-142]