بسم الله الرحمن الرحيم
? ? :
إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله: }يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون{، }يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا{، }يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما{...
أما بعد فإن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار...ثم أما بعد:
ما هي القضية ؟!
لمذا كتبنا كتاب (الخطوط العريضة لأصول أدعياء السلفية...) ؟
هذه خلاصة الخطوط.
لم يتصد أحد ممن كتبنا فيه الخطوط لكتابة رد علمي مكتوبا عليها، وإنما تصدى للرد زميل كريم ظهر من كتابه أنه لم يعرف اصول هذه الطائفة، ولا تابع عملها ولاردود علماء الدعوة عليهم.
& هانحن ندخل مع الأخ مبارك بن سيف الهاجري في حوار هادئ أيضا كما أراده.
كنت قد جمعت ما جعله بعض طلاب العلم المعاصرين اصولا في الدين والصقوها ونسبوها إلى سلف الأمة وادعوا أنها أصول المنهج السلفي، وأن السلفي لا يكون سلفيا إلا إذا اعتقدها وتبناها، ومن هذه الأصول:
(إيجاب معرفة الأخطاء التي وقع فيها العلماء والتحذير منها)...
و(أن كل من وقع في بدعة فهو مبتدع)...
و(كل من وقع في الكفر فهو كافر)...
و(أن من حكم عليه بالبدعة وجب هجرانه)،
و(أن كل جماعات الدعوة إلى الله في الوقت الحاضر هي جماعات بدع وضلالات،
وأنها امتداد للفرق القديمة الخارجة عن الإسلام)...
و(أن كل عالم أو داعية وقع في بدعة وجب إهدار كل حسناته وتنفير الناس منه،
وعدم الاستفادة من أي خير يقدمه للمسلمين،
ولا يجوز ذكره بخير حتى لا "يلمع" ويغتر به المسلمون).
وزعم بعضهم أن:
(الجهاد في سبيل الله اليوم قد أوصد بابه وسقط التكليف به حتى يخرج إمام يجمع المسلمين جميعا)!!...
و(أن من قاتل اليوم عدوا من الكفار فهو منتحر غاد إلى عذاب الله)!...
و(أنه لا يجوز إزعاج حاكم من حكام الأرض بموعظة أو نصيحة إلا أن يسر ذلك إسرارا)...
و(أنه يجب تطبيق المقولة المأثورة: دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله)...
و(أن هذه يجب تطبيقها على واقعنا الآن)...
و(أنه لا يجوز تقلد ولاية أو وزارة في الحكومات الحاضرة
لأن الفصل بين الحكم والإسلام قد اصبح امرا مقضيا)...
و(أنه لا يجوز مقاومة اليهود والنصارى وأعداء الأمة بأي مقاومة،
بل ولا مجرد التفكير في حربهم وإرهابهم لأن سيطرتهم على المسلمين قد أصبحت أمرا لا مفر منه،
ولا طاعن عليه)!!
و(أنه يجب الاستسلام لهذه المقادير حتى يكشفها الله من عنده) !!...
و(أنه لا يجوز للمسلم اليوم أن ينظر في أحوال أمته، ولا يعلم شيئا عن واقعها
ولا أن يتبصر بشيء من مآسيها ونكباتها
لأن معرفة ذلك لا تكون إلا بقراءة الجرائد والصحف والمجلات والاستماع إلى الإذاعات الأجنبية،
وكل هذا اتباع لسبيل غير المؤمنين، ووقوع في شراك الكافرين)!!
وحتى لا يصعق مسلم مما أسرد من أفكار هذه المجموعة وأصولها، ويظن أنني أفتري أو أبالغ، أقول: إي والله هذه هي اصولهم وما دونوه بأيديهم وزعموا أن هذه هي أصول المنهج السلفي!!، وكان مما قالوه أيضا وأصلوه
(أن كل جماعة من المسلمين اجتمعت على خير ودعوة وسمت نفسها بأي تسمية ((جمعية - لجنة - جماعة - هيئة - حزب...الخ) فهي جماعة بدعة وشر قد خالفت سلف الأمة الذين لم يعرفوا هذه الطريقة قط...)
(وعلى هذا الأساس فكل جماعات الدعوة إلى الله جماعات بدعية مفرقة للأمة يجب حربها والقضاء عليها...)، و(أن السلفي الداعي إلى الله لا يجوز أن يعمل في إطار أي تجمع قط ولو سمى هذا التجمع جماعة أو جمعية أو لجنة أو هيئة أو أي مسمى من المسميات، وإلا كان ضالا مبتدعا)!!
وأصلوا كذلك (أن جميع وسائل الدعوة توقيفية شأنها شأن أسماء الله وصفاته، وأصول الدين من صلاة وصوم وزكاة لا يجوز الأخذ بأية وسيلة جديدة للدعوة مهما كانت هذه الوسيلة) وعلى هذه الأصول حرموا دخول المسلم في (النقابات المهنية، والاتحادات الطلابية، والمجالس التشريعية...الخ) !!
ولما قام أفراد هذه المجموعات في تطبيق هذه الأصول إذا بهم يبدعون عددا كبيرا من الدعاة إلى الله، ويضللون جماعات الدعوة إلى الله القائمة جميعها، ويمنعون الشباب الملتزم من معرفة شيء عن واقع أمتهم، وإذا تكلم داعية في أي خطر يهدد الأمة من اليهود والنصارى، أو المنافقين والعلمانيين رموه بالبدعة والخروج عن منهج السلف واهتمامه بالسياسة !! وتركه للدين، ورتبوا على ذلك إهدار كل عمله وجهاده واستحلال عرضه، واتهامه في دينه من باب (ألحق به كل بلية) !!
وانصرفت مجموعات من شباب الإسلام إلى حرب الدعاة إلى الله، وقدموا ذلك على حرب أعداء الإسلام وشرعوا يجدون ويجتهدون للوقوف على سقطة من سقطات الدعاة إلى الله عز وجل من أجل جرحهم وإسقاط عدالتهم، بل تكفيرهم وإخراجهم من الدين أحيانا...
لما رايت ذلك كله، ورأيت تصدي علماء الإسلام والسنة على الحقيقة من أمثال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - مفتي المملكة العربية السعودية - والمحدث العلامة محمد ناصر الدين الألباني، وسماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، والعلامة الشيخ ابن جبرين، وفضيلة الشيخ ابن قعود، وفضيلة الشيخ عبد الله الغنيمان، والعلامة بكر أبو زيد، وشيخنا وأستاذنا عبد الرحمن بن عبد الخالق لهذه الطائفة الجديدة...جمعت الأصول التي أصلها أصحاب هذا الاتجاه الجديد في السلفية، وأقاموا على أساسه الولاء والبراء مع غيرهم وصنفوا على ضوئه الناس، فكانت هذه الأصول الثلاثون التي جمعناها في الطبعة الأولى ثم إحدى وخمسين في الطبعة الثانية، وذلك من باب التحذير من هذه الأصول الفاسدة، وبيان أنها ليست من أصول أهل السنة والجماعة كما يدعون، وليست أيضا من أصول المنهج السلفي كما يقولون، وكان وقع هذه الكتاب على أصحاب هذه الأصول وقع الصاعقة، فبهتوا لما رأوا أصولهم أمام أعينهم، وأنها تخالف أصول أهل السنة والجماعة حقا، ولم نرد أن نفضحهم بأعيانهم حتى يعود من يعود منهم إلى الحق، وتنسى هذه الأصول الفاسدة التي لو اعتنقت واتبعت لأفسدت حال المسلمين.
وللأسف أنه لم يتصد أحد ممن وضع هذه الأصول للرد على هذا الكتاب الذي سميناه (الخطوط العرضية لأصول ادعياء السلفية الجديدة)، ولكن كتب أخونا مبارك بن سيف الهاجري رسالة سماها (حوار هادئ مع الأخ...) ضمنها اعتراضات شكلية لا طائل تحتها.
وقد أتاح هذا الحوار لنا فرصة ثانية لإلقاء الضوء على هذه الأصول، وبيان القائلين بها، وذكر شيء من أقوالهم...
وهانحن ندخل حوارا خادئا أيضا مع أخينا مبارك بن سيف ليعلم أن هذه الأصول التي نسبناها للقوم هي أصولهم وليست سقطات كما يظن، وأنهم يقيمون عليها الولاء والبراء، فمن وافقهم في أصولهم فهو سني سلفي، ومن خالفهم بدعوه وحاربوه وهجروه، واستحلوا منه ما يستحل المسلم من الكافر، وزادوا هم على ذلك.
وقد رتبت حواري مع الأخ مبارك إلى وقفات حيث نقف عند كل شبهة أوردها ونذكر ما فيها وأدلتنا فيما قلناه وسطرناه.
والله نسأل أن تكون هذه الوقفات، وهذا الحوار مما يجلي الحقائق ويعري أصول هذه الجماعة، ويزيل عن أعينهم الغشاوة ويردهم إلى الحق.
كتبه
د. عبد الرزاق بن خليفة الشايجي
الكويت في غرة ربيع الأول سنة 1416هـ
الوقفة الأولى
الأخ مبارك بن سيف جهل هذه الطائفة ولذلك استنكر كتاب الخطوط العريضة
& قال الأخ مبارك : " فهلا كشف الشايجي عن هذه الطغمة الباغية …" وأقول هذه الوقفات هي وفاء وإجابة لطلبه فأقول:
يبدو أن الأخ مبارك بن سيف – رعاه الله – يجهل هذه الطائفة ولا يعرف عنها إلا بعض الأخطاء والسقطات، ولم يطلع على فكرها كله ، ولا عرف الأخطار التي تهدد أمة الإسلام بعامه ، والسلفيين والدعوة السلفية بخاصة من نشأة هذه المجموعة بينهم ، وانتسابهم إلى المنهج السلفي وادعائهم أن أصولهم المبتدعة هذه هي أصول أهل السنة والجماعة ، ومن أجل جهل الأخ مبارك بن سيف بهذه الطائفة قال في رسالته التي سماها ( حوار هادئ مع الأخ الدكتور عبدالرزاق بن خليفة الشايجي ) قال :
" فهلا كشف الشايجي عن هذه الطغمة الباغية ، وهؤلاء الأدعياء فأظهر أسماء خمسة أو ستة أو سبعة أو أقل أو أكثر من كبارهم وأئمتهم المتفقين على هذه الأصول العظيمة .." ( الحوار / 40 )
ونقول للأخ مبارك بن سيف :
أولا: إن لك يا أخي مبارك ما أردت ، فإن الأئمة الأعلام الذين ذكرنا أسمائهم آنفا قد حذروا منهم تحذيرا ، وقد جمعنا نحن كثيرا من الغث الساقط الذي قالته هذه الطائفة وجعلته أصلا للسلفية ، وسنقدمها للعالم اجمع ولأئمة الإسلام ( لتكون فضيحة هذه الطائفة على رؤوس الأشهاد ، ويرمون بالبدعة على لسان الأئمة الأعلام ) وليكون لك بذلك الشكر فإن ( الدال على الخير كفاعله ).
فأبشر فسنضع لك وللعالم كله أقوال هذه الطائفة بنصوص كلامها أمام كل أصل من الأصول الثلاثين التي جمعناها عنهم ، بل وسنزيد بعض الأصول الجديدة مما أحدثوه فانتظر صدور ذلك عنو قريب إن شاء الله تعالى !!
وإن كنت عجلا فارجع إلى شريط الفرسان الثلاثة لتطرب سمعك بنصوص أقوالهم ومن أفواههم .
وسيطلع العالم ويدهش كيف تصدر هذه الأقوال ممن يدعي نصرة السنة و السلف !! وسيكون كل قول موثقا من مصدره ، ولتعلم يا أخ مبارك أننا لا نلقي الكلام على عواهنه.
ثانيا: نحن نعذرك – يا أخي مبارك – في أنك تجهل أمر هذه الطائفة التي حذر منها العلماء وبينوا انحرافهم وزيفهم ، وخطأ منهجهم ، وذلك بالرغم م شهرة ذلك وانتشاره ولكن يبدو أنك كنت مشغولا ببحث الدكتوراه، وهذا على كل حال أمر تعذر به ، وهنيئا لك ( شهادة الدكتوراه ) ، ونسأل الله أن يجعلها لك لا عليك ، ولكننا ندعوك وقد تصديت للدفاع عن هذه الطائفة وأنت تجهلهم أن تعرف أصولهم ، وأن تنضم إلى ركب علماء الدعوة السلفية في التحذير من شرهم وبدعتهم ، وسنوفر لك الوقت والجهد بأن نضع بين يديك مجموعة كبيرة من أقوالهم البدعية وشرحا من كلامهم أنفسهم لأصولهم التي أصلوها ، وذلك في طبعتنا الثالثة إن شاء الله لكتاب (الخطوط العريضة) … وقد عبت علينا في طبعته الأولى فأبشر فسنضع لك أقوالهم وأسماءهم وذلك لقطع عذرك في القعود عن التحذير من هذه المقالات والأصول الفاسدة.
ثالثا: لاشك عندنا أنك تجهل هذه الطائفة بدليل أنه مع اشتهارها وكتابة أهل العلم فيها غلا أن حالك كحال من لم يسمع ، ولم يقرأ شيئا ثم إنك قد سقطت في كتابك بما يعده هؤلاء بدعة عظيمة وخروجا من منهج السلف وهو استشهادك بأقوال الشيخ الدكتور سفر الحوالي مستحسنا لها ومادحا له ، ومثنيا عليه . وهذه كبيرة من الكبائر عند هذه المجموعة لأن مثل الشيخ سفر الحوالي عندهم مبتدع ضال أخطر من اليهود والنصارى ، ولا يجوز ذكر محاسنه ، ولا الاستشهاد بكلامه ، ومن ذكر محاسن المبتدع عندهم فهو مبتدع مثله .. فأنت يا أخ ( مبارك ) مبتدع عند هذه الطائفة ومع ذلك تدافع عنها ، واسأل أقربهم إليك : هل ذكر أمثال الشيخ سفر الحوالي بخير يعد بدعة أم لا ؟!
فإن قالوا بدعة ( صدقوك ) وإن قالوا لا فهي ( تقية ) – وللأسف – التقية من مذهبهم …
ولذلك نقول للأخ مبارك : بارك الله فيك لقد تطوعت للرد عن جماعة أنت مبتدع عندهم وستكون من ضحاياهم كما كان غيرك ممن مدحوه عند موافقته ثم بدعوه عند مخالفتهم ..
أما الجواب الصريح في أسمائهم وتعريتهم فاشتهارهم باسم أهل المدينة ، وأهل الكوفة ، وأهل خراسان مغن عن ذكر أشخاصهم وأعيانهم لندع فرصة العودة والرجوع إلى الحق وغلا سنجلي لك الحقائق في القريب العاجل.
ومثل هؤلاء مالك وللدفاع عنهم ؟ وقد جبنوا جميعا أن يدافعوا عن أنفسهم ، وأن يذكروا خطئا واحدا في كتابي ( الخطوط العريضة ) أو إنني كذبت عليهم في أصل واحد مما أصلوه .. ثم جئت أنت – هداك الله – يا أخ مبارك لتقول ( وأين هذه الطغمة الباغية ، والطائفة التعيسة ؟!)
الوقفة الثانية
لست أول المصنفين في هذه المجموعة ولا أول من حذر من بدعتهم أول من حذر من هذه الفتنة سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز – مفتي المملكة العربية السعودية – في بيانه التاريخي الصادر بتاريخ (17/6/1414هـ).
&للمشايخ ابن عثيمين، وابن جبرين، وابن قعود، وابن غنيمان كلمات تكتب بماء الذهب في التحذير من هذه الفتنة.
&لم يكتب في بيان حقيقة هذه الطائفة الجراحة خير من الشيخ بكر أبو زيد - حفظه الله - ، وكتابه (تصنيف الناس بين الظن واليقين) لا يقدر بثمن.
&بيان طلاب العلم الذي صدر في الكويت، وتقريظ سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز له حلقة عظيمة في الرد على هذه الطائفة.
لم أكن أول المحذرين من هذه الطائفة بل أنا تابع لمشايخ الدعوة السلفية الذين حذروا من هذا الانحراف في فهم منهج السلف الصالح، فقد تكلم في هذا سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، مفتي المملكة العربية السعودية، وسماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، وفضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين، وفضيلة الشيخ عبد الله بن قعود، وفضيلة الشيخ عبد الله الغنيمان، والمحدث العلامة محمد ناصر الدين الألباني، وشيخنا وأستاذنا عبد الرحمن عبد الخالق، ولجميع هؤلاء الأفاضل بيانات وأشرطة ومراسلات وكتب.
لقد كان أول المصنفين فيهم سماحة الشيخ الوالد عبد العزيز بن عبد الله بن باز الذي كتب بيانه المشهور وهذا نصه:
"الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته إلى يوم الدين أما بعد:
فإن الله عز وجل يأمر بالعدل والإحسان وينهى عن الظلم والبغي والعدوان، وقد بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بما بعث به الرسل جميعا من الدعوة إلى التوحيد، وإخلاص العبادة لله وحده، وأمره بإقامة القسط ونهاه عن ضد ذلك من عبادة غير الله، والتفرق والتشتت والاعتداء على حقوق العباد، وقد شاع في هذا العصر أن كثيرا من المنتسبين إلى العلم والدعوة إلى الخير يقعون في أعراض كثير من إخوانهم الدعاة المشهورين ويتكلمون في أعراض طلبة العلم والدعاة والمحاضرين، يفعلون ذلك سرا في مجالسهم، وربما سجلوه في أشرطة تنشر على الناس وقد يفعلونه علانية في محاضرات عامة في المساجد وهذا المسلك مخالف لما أمر الله به رسوله من جهات عديدة منها:
أولا: أنه تعد على حقوق الناس من المسلمين، بل خاصة الناس من طلبة العلم والدعاة الذين بذلوا وسعهم في توعية الناس وإرشادهم وتصحيح عقائدهم ومناهجهم، واجتهدوا في تنظيم الدروس والمحاضرات، وتأليف الكتب النافعة.
ثانيا: أنه تفريق لوحدة المسلمين وتمزيق لصفهم، وهم أحوج ما يكونون إلى الوحدة والبعد عن الشتات والفرقة وكثرة القيل والقال فيما بينهم، خاصة وأن الدعاة الذين نيل منهم هم من أهل السنة والجماعة المعروفين بمحاربة البدع والخرافات والوقوف في وجه الداعين إليها، وكشف خططهم وألاعيبهم، ولا نرى مصلحة في مثل هذا العمل إلا للأعداء المتربصين من أهل الكفر والنفاق او من أهل البدع والضلال.
ثالثا: أن هذا العمل فيه مظاهرة ومعاونة للمغرضين من العلمانيين والمستغربين وغيرهم من الملاحدة الذين اشتهر عنهم الوقيعة في الدعاة، والكذب عليهم والتحريض ضدهم فيما كتبوه وسجلوه، وليس من حق الأخوة الإسلامية أن يعين هؤلاء المتعجلون أعداءهم على إخوانهم من طلبة العلم والدعاة وغيرهم.
رابعا: إن في ذلك إفسادا لقلوب العامة والخاصة ونشرا وترويجا للأكاذيب والإشاعات الباطلة وسببا في كثرة الغيبة والنميمة، وفتح أبواب الشر على مصاريعها لضعاف النفوس الذين يدابون على بث الشبه وإثارة الفتن ويحرصون على إيذاء المؤمنين بغير ما اكتسبوا.
خامسا: أن كثيرا من الكلام الذي قيل لا حقيقة له وإنما هو من التوهمات التي زينها الشيطان لأصحابها وأغراها بها وقد قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا...الآية"، والمؤمن ينبغي أن يحمل كلام أخيه المسلم علىأحسن المحامل وقد قال بعض السلف: لا تظن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا.
سادسا: وما وجد من اجتهاد لبعض العلماء وطلبة العلم فيما يسوغ فيه الاجتهاد فإن صاحبه لا يؤاخذ به، ولا يثرب عليه إذا كان أهلا للاجتهاد فإذا خالفه غيره في ذلك كان الأجدر أن يجادله بالتي هي أحسن حرصا على الوصول إلى الحق من اقرب طريق، ودفعا لوساوس الشيطان وتحريشه بين المؤمنين، فإن لم يتيسر ذلك ورأى أحد أنه لا بد من بيان المخالفة فيكون ذلك بأحسن عبارة وألطف إشارة، ودون تهجم أو تجريح أو شطط في القول قد يدعو إلى رد الحق أو الإعراض عنه، ودون تعرض للأشخاص أو اتهام للنيات أو زيادة في الكلام لا مسوغ لها، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في مثل هذه الأمور: "ما بال أقوام قالوا كذا وكذا"
فالذي انصح به هؤلاء الأخوة الذين وقعوا في اعراض الدعاة ونالوا منهم أن يتوبوا إلى الله تعالى مما كتبته أيديهم، أو تلفظت به ألسنتهم مما كان سببا في إفساد قلوب بعض الشباب وشحنهم بالأحقاد والضغائن، وشغلهم عن طلب العلم النافع، وعن الدعوة إلى الله بالقيل والقال، والكلام عن فلان وفلان، والبحث عما يعتبرونه أخطاء للآخرين وتصيدها وتكلف ذلك.
كما أنصحهم أن يكفروا عما فعلوه بكتابة او غيرها مما يبرؤون فيه انفسهم من مثل هذا الفعل ويزيلون ما علق بأذهان من يستمع إليه من قولهم، وأن يقبلوا على الأعمال المثمرة التي تقرب إلى الله وتكون نافعة للعباد وأن يحذروا من التعجل في إطلاق التكفير أو التفسيق أو التبديع لغيرهم بغير بينة ولا برهان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما)) (متفق على صحته)
ومن المشروع لدعاة الحق وطلبة العلم إذا أشكل عليهم أمر من كلام أهل العلم أو غيرهم أن يرجعوا إلى العلماء المعتبرين ويسألوهم عنه، ليبينوا لهم جلية الأمر ويوقفوهم على حقيقته ويزيلوا ما في أنفسهم من التردد والشبهة عملا بقول الله عز وجل في سورة النساء: "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا"
والله المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين جميعا، ويجمع قلوبهم وأعمالهم على التقوى وأن يوفق جميع علماء المسلمين وجميع دعاة الحق لكل ما يرضيه وينفع عباده، ويجمع كلمتهم على الهدى ويعيذهم من أسباب الفرقة والاختلاف وينصر بهم الحق ويخذل بهم الباطل إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه
ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الرئيس العام
لإدارة البحوث العلمي و والإفتاء والدعوة والإرشاد"
وصدر هذا البيان بتاريخ(17/6/1414هـ)..وهذا البيان العظيم وثيقة تاريخية، وشاهد باق، وكلمات من نور نطق بها من هو بمنزلة الإمام العام للمسلمين جميعا في هذا العصر..وقد نصح - حفظه الله - لهؤلاء الذين جعلوا عملهم وشغلهم هو الحط من شأن الدعاة إلى الله ونبزهم بالألقاب السيئة، وتحذير الناس منهم أن يتقوا الله ولا يكونوا عونا ( للعلمانيين، والمستغربين، وغيرهم من الملاحدة ) على إخوانهم في الدين والعقيدة.
ولكن الذين صدر هذا البيان واعظا ومذكرا لهم، اتهموا صاحب البيان في السر(1)، وأظهروا خلاف الحق زاعمين أن هذا البيان ليس صادرا من اجلهم، وأن الشيخ لا يعنيهم، وكأنهم ليسوا هم من يقوم في كل مكان بسب الدعاة وشتمهم، وتجريحهم بل وتكفيرهم وتفسيقهم، وبعهذا حرموا انفسهم من هذه الموعظة البليغة التي أسداها لهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، وحرموا أنفسهم كذلك من التمسك بالأصول السلفية الحقيقية، ومنهج أهل السنة والجماعة حقا لا تزييف في الحكم على الرجال والطوائف.
ثم لما كثرت أراجيف هؤلاء المبطلين على عدد من الدعاة بأعيانهم واتهامهم بالخروج واتلمروق، والجهل والبعد عن منهج أهل السنة والجماعة، وتلقيبهم بالسرورية، والقطبية، والاخوانية...وقيل فيهم (هم أشر من اليهود والنصارى)...كثر السؤال عنهم لدى أئمة الدعوة السلفية، فكان مما أجاب به فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين - عضو هيئة كبار العلماء - في شريط مسجل له برقم (1883) نشر تسجيلات صوت الحق الإسلامية:
"فنحن نقول لهؤلاء - أي لطائفة الجراحين - فرق بينكم وبينهم أي قياس يحصل بين الاثنين بين من ينصحون المسلمين ويوجهونهم ويرشدونهم، وبين من لم يظهر منهم أية أثر ولا نفع بل صار ضررهم أكثر من نفعهم حيث صرفوا جماهير وأئمة وجماعات عن هؤلاء الأخيار، وأوقعوا في قلوبهم حقدا للعلماء، ووشوا بهم، ونشروا الفساد،ونشروا السوء، وأفسدوا ذات البين التي أخبر النبي r أن فساد ذات البين هي الحالقة، لو يظهر لهم أثر فنحن نسائلهم ونقول لهم:
أقلـوا عليـهم لا أبا لأبيكـم *** من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا
متى عملتم مثل أعمالهم؟ متى نفعتم مثل نفعهم؟ متى أثرتم مثل تأثيرهم؟ ويحكم…سوءكم وشركم وضرركم على إخوانكم الذين يعتقدون مثل ما تعتقدون، ويدعون إلى الله تعالى، أنتم كالذين قال فيهم أحد العلماء:
متى كنتم أهلا لكل فضيلة متى كنتم حربا لمن حاد أو كفر
متى دستم رأس العدو بفيلق وقنبـلة أو مدفع يقطع الأثر
تعيبون أشياخا كرما أعـزة جهابذة نور البصيرة والبصر
فهم بركـات للبلاد وأهلها بهم يدفع الله البلايا عن البشر
وهذه كلمات من نور نطق بها هذاالحبر العظيم والشيخ الجليل، ولكن هل نفعهم ذلك؟ بل رموا الشيخ بالميل إلى القطبية والسرورية...الخ
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن أن بعض طلاب العلم العائدين من المدينة بدأوا في الوقيعة ببعض المشايخ وأنهم - أي المشايخ - مخالفون لمذهب السلف الصالح وأنه لا يجوز الاستماع إلى أشرطتهم فقال:
"أرى أن مثل هذا العمل عمل منكر وأنه لا يجوز أن يفرقوا بين العلماء بدون حق، وأذكر من المشايخ الذين تقدم السائل بأسمائهم فأنا لا أعرف عنهم إلا خيرا. وهم من إخواننا الذين لا نسيء الظن بهم ونرى أن من ذمهم فعليه أن يتقي الله، وأن ينظر في الأمر الذي ذمهم من أجله، وأن يتدبر فيما يقولون، وفيما يدعون إليه، فإن كان حقا فهو المطلوب، وإن كان خطا فقد يكون الخطأ عنده ولا عندهم، فحين يتكلم عنهم ويبحث فإن الحق ضالة المؤمن أينما كان"انتهى(1)
ولا شك أن أكثر هؤلاء العلماء تصنيفا في هذه المجموعة، وأعمقهم علما بأصولهم الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد - حفظه الله - الذي جمع أصولهم وعرف مقاصدهم، وأدرك أخطار منهجهم فكتب فيهم كتابا فريدا جامعا سماه (تصنيف الناس بين الظن واليقين) وأكتفي هنا بنقل بعض هذه العبارات، وقد جمعت جميع ما ذكرته أنا في كتابي:
1) يقول - حفظه الله - في هذه المجموعة التي سماها (القطيع):
"وإذا علمت فشوّ ظاهرة التصنيف الغلابة، وأن إطفاءها واجب، فاعلم أن المحترفين لها سلكوا لتنفيذها طرقا منها:
إنك ترى الجراح القصاب كلما مر على ملأ من الدعاة اختار منهم (ذبيحا) فرماه بقذيفة من هذه الألقاب المرة تمرق من فمه مروق السهم من الرمية، ثم يرميه في الطريق ويقول: أميطوا الأذى عن الطريق فإن ذلك من شعب الإيمان!!
وترى دأبه التربص والترصد: عين للترقب وأذن للتجسس، كل هذا للتحريش وإشعال نار الفتن بالصالحين وغيرهم.
وترى هذا "الرمز البغيض" مهموما بمحاصرة الدعاة بسلسلة طويل ذرعها، رديء متنها، تجر أثقالا من الألقاب المنفرة والتهم الفاجرة، ليسلكهم في قطار أهل الأهواء، وضلال أهل القبلة، وجعلهم وقود بلبلة وحطب اضطراب!!
وبالجملة فهذا (القطيع) هم أسوأ "غزاة الأعراض بالأمراض والعض بالباطل في غوارب العباد، والتفكه بها، فهم مقرنون بأصفاد: الغل، والحسد ، والغيبة، والنميمة، والكذب، والبهت، والإفك، والهمز، واللمز جميعها في نفاذ واحد.
إنهم بحق (رمز الإرادة السيئة يرتعون بها بشهوة جامحة، نعوذ بالله من حالهم لا رعوا)" (التصنيف/22-23)
فانظر رعاك اللهكيف وصف هذه الطائفة (بالقطيع) وهم كذلك لأن لهم شيخا كبيرا أو شيخين وباقيهم من حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام تجد أحدهم يجرح كل دعاة الأرض من المسلمين شرقا وغربا وهو لم يقرأ له كتابا ولم يعرف له عقيدة!!
وانظر كيف وصف أمراضهم من الغل، والحسد، والغيبة، والنميمة، والكذب، والبهت، والإفك، والهمز، واللمز، وأنهم قد جمعوا ذلك في نفاذ واحد، وان عمل هؤلاء القطيع هو تمزيق أجساد الدعاة إلى الله...
2) ويقول أيضا فيهم الشيخ بكر أبو زيد رعاه الله وسدده:
"وكم جرت هذه المكيدة من قارعة في الديار بتشويه وجه الحق، والوقوف في سبيله، وضرب للدعوة من حدثاء الأسنان في عظماء الرجال باحتقارهم وازدرائهم، والاستخفاف بهم وبعلومهم، وإطفاء مواهبهم، وإثارة الشحناء والبغضاء بينهم، ثم هضم لحقوق المسلمين في دينهم، وعرضهم، وتحجيم لانتشار الدعوة بينهم بل صناعة توابيت، تقبر فيها أنفاس الدعاة ونفائس دعوتهم...انظر كيف يتهافتون على إطفاء نورها فالله حسبهم" (التصنيف/24)
3) وقال أيضا - حفظه الله - :
"ولا يلتبس هذا الأصل الإسلامي بما تراه مع بلج الصبح وفي غسق الليل من ظهور ضمير أسود وافد من كل فج استعبد نفوسا بضراوة، أراه - تصنيف الناس - وظاهرة عجيب نفوذها هي (رمز الجراحين)، أو (مرض التشكيك وعدم الثقة) حمله فئام غلاض من الناس يعبدون الله على حرف، فألقوا جلباب الحياء، وشغلوا به أغرارا التبس عليهم الأمر فضلوا، وأضلوا، فلبس الجميع أثواب الجرح والتعديل، وتدثروا بشهوة التجريح، ونسج الأحاديث، والتعلق بخيوط الأوهام، فبهذه الوسائل ركبوا ثبج تصنيف الآخرين للتشهير والتنفير والصد عن سواء السبيل" (التصنيف/29)
4) وقال العلامة بكر أبو زيد:
"ويا لله كم صدت هذه الفتنة العمياء عن الوقوف في وجه المد الإلحادي، والمد الطرقي، والعبث الأخلاقي، وإعطاء الفرصة في استباحة أخلاقيات العباد، وتأجيج سبل الفساد والإفساد إلى آخر ما تجره هذه المكيدة المهينة من جنايات على الدين، وعلى علمائه، وعلى الأمة وعلى ولاة أمرها، وبالجملة فهي فتنة مضلة، والقائم بها (مفتون) و(منشق) عن جماعة المسلمين" (التصنيف/29)
5) وقال أيضا - حفظه الله -:
"وفي عصرنا الحاضر يأخذ الدور في هذه الفتنة دورته في مسالخ من المنتسبين إلى السنة المتلفعين بمرط ينسبونه إلى السلفية - ظلما لها - فنصبوا أنفسهم لرمي الدعاة بألسنتهم الفاجرة المبنية على الحجج الواهية، واشتغلوا بضلالة التصنيف" (التصنيف/28)
وقال متوجا ذلك القول البليغ في هذه المجموعة:
"ولكن بلية لا لعًا لها، وفتنة وقى الله شرها حين سرت في عصرنا ظاهرة الشغب هذه إلى ما شاء الله من المنتسبين إلى السنة ودعوى نصرتها، فاتخذوا (التصنيف بالتجريح) دينا وديدنا فصاروا إلبا إلى أقرانهم من أهل السنة وحربا على رؤوسهم وعظمائهم، يلحقونهم الأوصاف المرذولة، وينبذونهم بالألقاب المستشنعة المهزولة حتى بلغت بهم الحال أن فاهوا بقولتهم عن أخوانهم في الاعتقاد والسنة والأثر (هم أضر من اليهود والنصارى) و(فلان زنديق)...
وتعاموا عن كل ما يجتاب ديار المسلمين، ويخترق آفاقهم من الكفر والشرك، والزندقة والإلحاد، وفتح سبل الإفساد والفساد، وما يفد في كل صباح ومساء من مغريات وشهوات، وأدواء وشبهات تنتج تكفير الأمة وتفسيقها، وإخراجها نشأ آخر منسلخا من دينه، وخلقه...
وهذا الانشقاق في صف أهل السنة لأول مرة حسبما نعلم يوجد في المنتسبين إليهم من يشاقهم، ويجند نفسه لمثافنتهم، ويتوسد ذراع الهم لإطفاء جذوتهم، والوقوف في طريق دعوتهم، وإطلاق العنان يفري في أعراض الدعاة ويلقي في طريقهم العوائق في عصبية طائشة" (التصنيف/39-40)
وأكتفي بهذه النقول من كتاب شيخنا بكر أبو زيد - حفظه الله -، وهذا كلام ينبغي أن يكتب بماء الذهب، ويتعلمه المسلمون في كل مكان، ووالله لوددت أن يكون هذا الكتاب العظيم تذكرة لكل طالب علم في هذا العصر.
هذا وقد نقلت ما تقدم عن العلماء ليعلم الجميع أن القضية كلها ليست من اختراعاتي، ولاهي أوهام مفتراة، ولم نكن جميعا في حلم مزعج هنا في الكويت حتى جاءنا ذلك الفاضل الذي نكن له - والله - كل احترام، ليوقظنا من (الكابوس) كلا.
هذا ولست أزعم أن من تقدم من العلماء علموا كل ما كتبته في الخطوط عن الطائفة المنشقة، لكني أردت أن أبين أنهم تحسسوا منهم الشر ورأو فيهم الفتنة فحذروا منهم...فلست أول المحذرين.
وفي الكويت:
لقد عشنا قبل ان أكتب كتاب (الخطوط العريضة)، ظاهرة التصنيف بالهوى، والتجريح المتخبط المخبول، بكل نتنها وقبحها، الذي وصفه العلامة بكر أبو زيد وصفا أبلغ وأقسى من وصفي.
ورأينا كيف نصبوا مشانق التجريح لمن أرادوا تحطيمه، وسعوا بأساليب لا تستقيم في خلق مسلم سويّ الأخلاق لتشويه سمعة الدعاة الذين لم يعرف الناس عنهم إلا الخير، وملأوا قلوب الأحداث بالأحقاد على الدعاة والمصلحين وطلبة العلم ممن يخالفونهم في قضاياهم المريضة، وجمعوا زلات عفا عليها الزمن، قد مضى على بعضها أكثر من خمس وعشرين سنة، إمعانا في أذى المسلمين من أهل السنة، مع الألفاظ البذيئة الفظة مثل: فلان (خبيث)، وفلان خنيث (بالنون)، وفلان (سروري كذاب)، وفلان (قطبي منحرف)، وذاك (اخونجي هالك)، وافضحوا هذا (الخبيث عدو السلفية).
وجلسوا لذلك كله في بيوت الله، يلقون إلى عامة الناس ما تفوه به أفواههم من هذه الآثام، وسجلت السمعيات لتوثق هذا كله، ونشر في بعضها أسرار مؤتمنة بأمانة المجالس، وأمور لا يليق بالعقلاء، ولا في شيم الرجال ذكرها على الملأ، فضلا أن يكون ذلك في مكبرات الصوت وعلى مآذن المساجد.
وارتقى بعضهم إلى الصحف اليومية وأطلق هناك العنان للسان، يفري ما يفري ليصدق على كذبته أنها (تبلغ الآفاق)، وطاروا فرحين بما يصنعون، يعدونه من بيان الحق، والانتصار للسنة، وفضح أهل البدع، وحشروا لهذه الصنيعة، صنيعة السوء، كل حدث لم يحسن بعد أحكام الطهارة، وحملوه أعباء الذود عن المنهج والعقيدة والسنة والسلفية، فإذا بلغ إلى أن يقول في الشيخ الفلاني (سروري) وذاك (قطبي)، والجماعات (فرق ضالة)، فقد بلغ فقربوه وأدنوه وصار يقال (فلان على المنهج !! من إخواننا !!).
ثم لم يكتفوا بما تقدم بل نقلوا فتنتهم حتى بلغوا بها النساء!! وما للنساء وهذا؟!! فأخذت قضاياهم تعتلج ثم ولا تنفذ، وتكبكبن في هذا الضياع، وصارت (البنية) التي لم يمض على دخولها (كلية الشريعة) من أساطين الجرح والتعديل!! تقوم مناهج الدعاة والجماعات، وتتفنن في (تصنيف أعضاء هيئة التدريس)، ووظفت خبرتها في المطبخ، فالشوكة والسكين للجرح!! وصناعة (السلطات) نفعتها في جمع الدعاة من جميع الجماعات في طبق واحد، والحكم عليهم (بحامض الليمون)!! وأما نار (الفرن) فهذه ليذوق أهل البدع من (القطبية) و(السرورية) وبال أمرهم جزاء ما يفعلونه في ولاة الأمور!
أرأيت يا أخي كيف وصل بنا الحال مع دعاة التصنيف بالهوى، والمدعين بأن هذه هي السلفية (الحقة) !!
يا قوم كفى !! والله لقد بلغت الأمور مبلغا يثري الغثيان، فإن أبيتم فاتركوا النساء وما خلقن له، ولا تفضحونا في عقلاء الناس.
نعم لقد عشنا ذلك كله، وصار جزءا من حياة شباب الصحوة والمقبلين على الهداية والتوبة كل يوم، والقوم لا يفرقون بين حديث عهد بتوبة وصلاح، يريد تقوية إيمانه وإصلاح قلبه وتعلم فروضه العينية، فقد جاء مثخنا بجراح الفساد والإفساد المنتشر في كل مكان هنا، وبين الراسخين في العلم، الأمر واحد عندهم.
وإن تعجب فعجب والله أي عجب، أن يحفظ مثل هذا التائب بين ظهرانيهم أخطاء وزلات علماء من بلاد بعيدة، قبل ن يحفظ قصار السور، ويتعلم معانيها، وصارت هذه ظاهرة منتشرة، أرعبت من في قلبه خير وغيرة على الإسلام والمسلمين.
وبالجملة فالشجن كثير، وقد ابتلينا بهم، فولّد ذلك كله كتاب (الخطوط العريضة)، ليلقى بعض ما في الصدر المكمد من النفثات التي قد تريحه، كما صنع العلامة بكر أبو زيد لما أفزعته الظاهرة نفسها، فألقى تلك الجوهرة الدرية (تصنيف الناس بين الظن واليقين).
فقال الشيخ ربيع بن هادي المدخلي في رده على هذا الكتاب العظيم:
"ولعل ذلك يساعدك مساعدة قوية في إدراك فداحة ما آل إليه أمرك بكتابة (تصنيف الناس بين الظن واليقين) وهجومك الشرس على من يكافح وينافح الباطل والضلال وأهلهما، ويستميت في إعلاء كلمة الحق ونصرها في خطابك هذا فلم تكتف بمجرد التخذيل كما وصفت بل ذهبت إلى أبعد من ذلك وهو الذب والدفاع عن الباطل وأهله بحرقة وعنف، وإذا أردت أيها الأخ أن تعرف حقيقة الأمر وجليته فاعرف جيدا من هم الذين يفرحون ويأشرون ويبطرون بكتاباتك الأخيرة؟ إنهم الحزبيون أهل البدع والأهواء فهم والله زبائنك اليوم، فواحسرتاه عليك إن تماديت في هذا المضمار الخطير راكبا متن عمياء وضاربا في مجاهل البيداء)(1)
وكان كتاب (تصنيف الناس) لبيان خطورة التصنيف بالهوى، وبيان خطر ذلك على أهل السنة والجماعة، وتمزيق وحدة صفهم، فجعله الشيخ ربيع دفاعا عن المبتدعين الضالين!! فقال: "ولكن عن طريق الحزبيين القطبيين وإخوانهم من أهل البدع الضالين" (الحد الفاصل/3)
& الخطوط حلقة في هذه السلسلة الذهبية:
وهكذا ليعلم الأخ مبارك بن سيف أن الخطوط العريضة حلقة في هذه السلسلة الذهبية من تحذيرات وبيانات.
الفتنة تأتي إلى الكويت:
ثم انتقلت هذه الفتنة إلى الكويت وحملها السفهاء مدفوعين من المختفين وراءهم...وابتدأ التصنيف، وجلس الصغار ليتكلموا في الكبار، فاتهم شيخنا الشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق وعلى صفحات الجرائد بأنه يكفر المسلمين، وأنه إرهابي، وأنه خارجي وأنه سروري، وأنه قطبي، وأنه وأنه...
واتهم أخينا الشيخ ناظم بن سلطان، وأخينا الشيخ محمد الحمود، وأخينا الشيخ حامد العلي وغيرهم بأنهم من السرورية...وما أدراك (ما السرورية) إنها فرقة باطنية ضالة قطبية خارجية زنديقية...الخ.
واتهمت أنا (الشايجي) مع هؤلاء بالتبع...وزادوا في اتهامي اتهاما لأنه بد (للشايجي) من الخصوصية والتفرد!!
وتنادت مجموعة من طلاب العلم وكتبوا بيانا حول هذه الأحداث ووقعوه...وكان وقع هذا البيان على هذه الطائفة وقع الصاعقة فكيف يجتمع ثلاثة وثلاثون من طلاب العلم في الكويت على نبذ هذه الأفكار الضالة(1)...فقالت طائفة الجراحين في البيان: (هذا البيان يشم منه رائحة التكفير - هكذا - وقد كتبه السروريون) !!
وقام مجموعة من الأخوة الذين وقعوا على البيان ببادرة منهم فأرسلوا البيان لسماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - مفتي المملكة العربية السعودية - وكتب سماحة الشيخ ردا على هذا البيان بعد أن قرأ عليه...وهذا نص تقريظ سماحته لهذا البيان:
"من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الإخوان الكرام الشيخ محمد بن عبد الله الهاجري، والشيخ عبد الهادي بن حمد المري، والشيخ بسام الشطي، والشيخ رياض بن منصور الخليفي، وبقية الإخوان إلى نهايتهم الشيخ حاي بن سالم الحاي...وفقهم الله لما فيه رضاه وزادهم من العلم والإيمان ونصر بهم الحق آمين...
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد...
فقد اطلعت على الكلمة التي صدرت بعنوان (بيان وتوضيح من طلبة العلم حول بعض ما يجري في ساحة الدعوة في الكويت) وعلمت ما تضمنته من النقول الجيدة عن شيخ الإسلام ابن تيمية، والعلامة ابن القيم، والشيخ عبد الرحمن بن حسن، وغيرهم من أهل العلم فألفيتها نقولا طيبة قد وقعت في محلها وهكذا ما أضفتم إليها من الكلمات الطيبة كل ذلك في محله في بيان العقيدة السلفية وأنها اتباع الكتاب والسنة الصحيحة وما أجمع عليه سلف الأمة، مع الحذر مما يخالف ذلك مع بيان كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والموقف الشرعي من الحاكم والآداب الشرعية في الدعوة إلى الله I ، واحترام العلماء، والحذر من التشنيع عليهم بغير حق وبيان حكم الهجر وما فيه من التفصيل إلى غير ذلك مما أوضحتم في البيان المذكور من الأحكام الشرعية والمناهج المرعية في التأدب مع العلماء وفي داب الدعوة إلى الله وبيان أن غلط العالم في بعض المسائل إذا كان من أهل السنة والجماعة لا يوجب التشنيع عليه، بل تجب المناصحة لأن هدف أهل العلم من أهل السنة والجماعة هو بيان الحق وقد يجتهد العالم فيخطئ ويغفر له خطؤه ويحصل له أجر الاجتهاد، وفيما شرع الله من التناصح والتعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والصبر عليه حل جميع المشاكل، وبقاء القلوب على صفائها وإغاظة الأعداء وعدم تمكينهم من تفريق المسلمين، وإيقاع الشحناء بينهم...
فجزاكم الله خيرا وبارك فيكم ونفع ببيانكم وثبتنا وإياكم على الهدى وأعاذنا وإياكم وجميع المسلمين من مضلات الفتن ونزغات الشيطان إنه جواد كريم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية
ورئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد" رقم 994/خ بتاريخ : (7/5/1415هـ)
وكانت هذه التزكية الفريدة لسماحة شيخنا عبد العزيز بن باز شهادة ناصعة على سلامة المنهج الذي يسير فيه طلبة العلم في الكويت.
والعجب أن سماحة الشيخ لم يجد هذه الرائحة للتكفير التي شمها القوم من البيان وقالوا عن البيان أنه (يشم منه رائحة التكفير) !!
وأخيرا نسأل الأخ مبارك بن سيف أين كنت عن كل هذه الأحداث في ساحة الدعوة حتى تسأل في حوارك وتقول: (فهلا كشف الشايجي عن هذه الطغمة الباغية، وهؤلاء الأدعياء) ؟ (الحوار/40)
وتقول أيضا: (فيا عبد الرزاق هل هذه الطائفة التعيسة - أدعياء السلفية والمتسترة باسمها، والمتدثرة برداء أهل السنة والجماعة…الخ)
وتقول: (والشايجي لم يصنف هذه الطائفة فحسب بل كشف عن أصولها، أقول لعله وصل إلى هذه المنزلة، منزل الأئمة الأعلام بفضل ميزان عصري حساس) (الحوار/41)
وأقول: إنني فيما صنعت لم أجمع إلا الأصول الباطلة التي دونتها هذه المجموعة، والتي كشف عوارها، وبين انحراف منهجها مشايخ الدعوة السلفية وعلماؤها: ابن باز، وابن عثيمين، والألباني، وبكر أبو زيد، وابن قعود، وابن جبرين، والغنيمان، وعبد الرحمن بن عبد الخالق، وغيرهم...فلست أول من كشف عن هذه الطائفة بل كان عملي التدوين لا الكشف، وجمعت الخطوط العريضة لفكرهم المريض الذي نسبوه إلى السلفية.
&الخطوة التالية - إن شاء الله تعالى - شرح الخطوط العريضة:
وقال مبارك بن سيف:
"فهلا كشف الشايجي عن هذه الطغمة الباغية، وهؤلاء الأدعياء فأظهر أسماء خمسة، أو ستة، أو سبعة، أو أقل أو أكثر من كبارهم وأئمتهم المتفقين على هذه الأصول العظيمة، وهم كلمة إجماع عن أتباعهم، فعرض ذلك على الإمامين ابن باز، وابن عثيمي... وبهذا تكون فضيحة هذه الطائفة على رؤوس الأشهاد ويرمون بالبدعة على لسان الأئمة الأعلام" (الحوار/40)
ونقول للأخ مبارك بن سيف:
لك ما أردت، فإن الأئمة الأعلام الذين ذكرنا كلامهم آنفا قد حذروا منهم تحذيرا، وقد جمعنا نحن كثيرا من الغث الساقط الذي قالته هذه المجموعة وجعلته أصولا للسلفية وسنقدمها للعالم أجمع ولأئمة الإسلام (لتكون فضيحة هذه الطائفة على رؤوس الأشهاد، ويرمون بالبدعة على لسن الأئمة الأعلام)، ويكون لك بذلك الشكر فإن (الدال على الخير كفاعله)!!
الوقفة الثالثة
لم نذكر أصلا لهم إلا ما جعلوه هم أصلا
ادعى الأخ مبارك بن سيف أنني جعلت (سقطات) هؤلاء القوم وزلاتهم (أصولا) ، والحال أنني لم أجعل (أصلا) إلا ما ادعوا هم أنه ( أصل من أصول أهل السنة والجماعة ) وكذلك ما جعلوه امتحانا للناس واختبارا لهم وعقدوا عليه الولاء و البراء ، فمن وافقهم فيه جعلوه (سنيا) ومن قال بغيره جعلوه (بدعيا) كامتحانهم للناس في وسائل الدعوة أتوقيفية أم لا ؟ وفي مشروعية الجماعات الدعوية فمن قال بمشروعيتها (بدعوه) ، ومن قال لا (سننوه) !! ، وامتحانهم للناس في الجماعات الدعوية ( السنية ) فمن قال هي جماعات (بدعية) وشر ، يجب حربها والقضاء عليها جعلوه (سنيا) ، ومن قال فيها خير أو شر ، وأنهم يمدحون لما أحسنوا فيه ، ويقومون فيما اخطأوا فيه ، ويدعي لهم الخير جعلوه (مبتدعا) ضالا …
وامتحانهم للناس في سيد قطب – رحمه الله – وكتبه ، فمن قال بما قال به الشيخ ربيع: (إنها كتب بدع وضلالات ، وإن سيد قطب رجل من أخطر أهل البدع)، بل (أنه لم يترك بدعة إلا واحتواها ، ولا أصلا للإسلام إلا و هدمه) – هكذا نصا – و (إنه يجب حماية شباب الأمة وعقيدتها من كتب هذا الرجل وفكره المدمر) (الحد الفاصل / 145)
وأنه (يجب حظر هذه الكتب) و (أن هذه مسألة المسائل) وما بين القوسين منقول بنصه (الحد الفاصل/145)
من قال بهذه الأقوال كان هو (السني السلفي)، ومن قال بما قال به علماء الإسلام وأئمة الأنام في هذه الكتب أنها كتب خير لا تخلو من أخطاء ينبه عليها ، ولا يكفر قائلها .. كما قال سماحة الشيخ ابن باز ، والمحدث ناصر الدين الألباني ، والعلامة بكر أبو زيد وغيرهم كان (مبتدعا ضالا يجادل عن المبتدعة بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير)، أو كان جاهلا بحال سيد قطب لا يؤخذ بقوله ..
فهذه بعض أصولهم ، وأنا لم أجعل شيئا من أصولهم إلا ما نصوا عليه صراحة أنه أصل من أصول السنة ..
أو كان قولا لهم يوالون عليه ويعادون عليه ، ويخرجون من السنة به من خالفهم فيه ، ويدخلون في السنة من وافقهم عليه …
وقد ظن الأخ مبارك بن سيف – أنني جمعت (سقطات) لهم وجعلتها (أصولا) والحال أنني لم أجمع (سقطاتهم) لأجعلها (أصولا) وإنما جمعت ما جعلوه هم أصلا في الدين والسنة ، وذكرت أنه أصل باطل ليس من أصول أهل السنة ..
وقد عجبت أن يستدرك أخي مبارك بن سيف على أنني جعلت ما ليس أصلا ثم هو يقول :
" طعنه في النيات بالظن والتخمين ، كتابه جله قائم على هذا الأصل الأصيل " (الحوار / 22) !!
فأقول : إن الأخ مبارك جعل الطعن في النيات أصلا أصيلا ، ولم أطعن في نياتهم بحمد الله ، وأنكر عليّ أن أجعل أصولا ما جعلته هذه الطائفة المنشقة الجراحة أصولا فهذا مثال واحد ، وأقرب ما في البال وأصبح ما في الباب ، وبقية السجع … ( على أن الحوار حار إلى صاحبه )
الوقفة الرابعة
هل حقا كنت متشائما عند نقدي لهذه الطائفة ؟
& هل حقا كنت متشائما عند نقدي لهذه الطائفة ؟
& سم لنا جماعة دعوية سلمت من تصنيفهم، أو داعيا مشهورا لم يجرحوه !!!
قال الأخ مبارك بن سيف في حواره الهادئ!!:
"العاشر: لا يعرف الشايجي من الدعاة أبدا إلا من جمعت مثالبه، وسقطاته.
الحادي عشر: وكذلك لا يعرف من الجماعات الدعوية إلا من جمعت زلاتها وأخطاؤها.
فدل هذان الأصلان على نظرة تشاؤم يتمتع بها الشايجي، فليس في الوجود داعية أو جماعة إسلامية سلمت من نقد هذه الطائفة المارقة عن الدين في نظره.
انظر مثلا لقوله (ص/16): (وأمروا بهجر كل الدعاة والجماعات)...فما أدري ما تدل عليه كلمة (كل) عند الشايجي؟!
واظر قوله (ص/17): (وقد دخل كثير من العلماء وطلبة العلم في الجماعات الدعوية من أجل تصحيح مسارها، ونشر العقيدة الصحيحة بين أفرادها).
الثاني عشر: وفي نفس الوقت فالشايجي لا يعرف جماعة دعوية قائمة على بدعة فهو لم يقيد، ولم يخصص.
عجبا لهذا الرجل، كيف جمع هذه المفارقات" (الحوار/ 22-23) والجواب:
1) أما كونهم لم يدعوا جماعة إسلامية إلا وافتروا عليها، فهذا لا يحتاج إلى برهان، بل هم يفخرون بأنهم أهل القيام بذلك، ولم يفضح هذه الجماعات إلا هم في زعمهم، ولم يستثنوا أحدا إلا أنفسهم.
قول الأخ مبارك بن سيف (نظرة تشاؤم) ليس هنا موضع للتشاؤم وإنما هو حكاية واقع هذه الطائفة، وما هم مبتلون به واقع ملموس، فأين التشاؤم، والشؤم محرم شرعا إلا ما استثني على خلاف بين اهل العلم في معنى الاستثناء، وهو يكون في ظن وقوع الشر من أمور مخصوصة بغير حجة شرعية ولا عقلية، وإنما مجرد الوهم، أما ما وقع من الشرور وانتدب له من يبينه ويحذر منه فما دخل التشاؤم هنا والقوم قد أخذوا على أنفسهم فضح جميع الجماعات الدعوية في كل مكان، واقرأ واسمع كلامهم عن جماعة التبليغ، والإخوان، والقطبية، والسرورية، والإنقاذ...الخ.
وأنا أقول للأخ مبارك: سم لي واحدا من العلماء المعاصرين، والدعاة المشهورين لم يقع عليه تصنيف هذه الطائفة ولم يعطوه لقبا من ألقابهم المشهورة: (حزبي، إخونجي، قطبي، سروري، تبليغي هالك، خبيث، مبتدع ضال، رأس الضلالة، زنديق...الخ)
3) وأما قوله: "وفي نفس الوقت فالشايجي لا يعرف جماعة دعوية قائمة على بدعة فهو لم يقيد ولم يخصص" (الحوار /23)
فقد استثنيت في مواضع وخصصت في مثل:
أ - (إلا من رحم الله) (الخطوط/ 16)
ب - و (بعض أفراد الجماعات الدعوية) (الخطوط/17)
ثم أين صرحت بأنني لا أعرف جماعة دعوية قائمة على بدعة، وهل مجرد الذهول عن التقييد والتخصيص في مواضع مخصوصة يجيز مثل هذه النسبة الصريحة (لا يعرف جماعة دعوية قائمة على بدعة)!!
وهذا يدل على تساهل (صاحب الحوار) في نسبة الأقوال والمذاهب وعدم التقيد بمنهجية علمية، وهوو ما اخذه علي فليتنبه لهذا...ثم إنني قلت (وقد دخل كثير من العلماء وطلبة العلم في الجماعات الدعوية من أجل تصحيح مسارها ونشر العقيدة الصحيحة بين أفرادها) (الخطوط/17)
فهذا تصريح واضح بوجود البدعة والانحراف وما هو خلاف العقيدة الصحيحة في أفراد من الجماعات الإسلامية، وأن القيام بتصحيح ذلك عمل محمود والقائم به من العلماء وطلبة العلم في الجماعات موجود.
4) والحق أن المفارقات كانت في ذهن أخي مبارك بن سيف وليس في كتابنا (الخطوط العريضة).
الوقفة الخامسة
الأمر لا يحتاج إلى جهد جهيد لجمع هذه الشماطيط والرد على تلك الأغاليط
قال الأخ مبارك بن سيف في ( حواره الهادئ ):
" ومن أول الطوائف والفرق التي شمر الشايجي فجمع أصولها ، وكشف أهدافها ، هي هذه الطائفة المزعومة واشتغل بهم دون غيرهم من الروافض المعاصرين ونحوهم من أهل البدع الكبرى ، فلم يظهر لنا أساليبهم وطرقهم العصرية ، لا سيما وقد ظهرت مخترعات حديثة استغلها أهل البدع في نشر أهدافهم …
ولو أن الشايجي اشتغل بهؤلاء ، لما تفرغ لهذه الطائفة الدعية على السلفية بزعمه .
بل لو اشتغل الشايجي – وهو هو – بالعلمانية والعلمانيين ، وعلى قوله : ( بنو علمان ) لما وجد وقتا ليستحم ، فضلا أن يرد على أحد من أهل القبلة " (الحوار/26-27). والجواب:
1) أما الاستحمام فسيجد كل مسلم يا أخي مبارك – إلا أهل الأعذار – وقتا لذلك يوم الجمعة على أقل الأحوال.
2) ويبدو أن الأخ مبارك ظن أن الرد على هذه الطائفة يأخذ وقتا طويلا ، هيهات إنما هي سويعات وسط زحمة الحياة ، لأن غاية قضاياهم تخبطات ساقطة لا تروج إلى على من قل علمه وضعفت بصيرته كما ذكرت ذلك في آخر ( الخطوط العريضة ).
وإنما هي شماطيط وأغاليط ، جعلوها أصولا في الدين ( ومنهجا ) لأهل السنة وكما قال الشيخ بكر أبو زيد ( اشغلوا ساحة الدعوة بالنزهات ).
وعلى سبيل المثال كتاب ألفه زعيم هذه الطائفة قد تجاوز مائتي ( 200 ) صفحة نقض بأربع ( 4 ) ورقات، وشريط مسجل سمي ( بالفرسان الثلاثة ) لم تتعد مدته الساعة والنصف حوى بعض تلك الأصول ومجموعة من تناقضات أرباب هذه الأصول نسف مجموعة من منظري هذا الفكر المتهالك عندنا في الكويت ، وجعلهم حديث الناس ، وهم كما قال الشيخ بكر أبو زيد (اشغلوا ساحة الدعوة بالنزهات).
3) و والله ما التفت إليهم بعد الانشغال التام بالصدام مع (بني علمان) وغيرهم إلا عندما تعالت ضوضاؤهم وأفزعتنا الأشرطة التي فيها ذكر قوائم المنشغلين بالدعوة في الكويت وتصنيفهم والطعن فيهم واحدا واحدا ، ثم يسأل محاضرهم وفارسهم في التكفير والتبديع : هل نسينا أحدا ؟ ذكرونا يا أخوان ! وصار كلما جاء داعية إلى البلد ليساهم في دفع مسيرة الدعوة الإسلامية صنف حتى صنف بعض الأفاضل من تلامذة الشيخ الألباني وصدر فيه شريطان ، بعد زيارة قصيرة زار فيها الكويت للدعوة … فبالله هل مثل هؤلاء يسكت عنهم ؟
4) ولولا أنهم كثيرو الشغب والضوضاء ويلبسون على صغار طلاب العلم ، وقد تسببوا في ترك كثير من المبتدئين للدين ، ولم يسلم من لسانهم الأموات ولا الأحياء من الدعاة والمصلحين لما انشغلنا بهم ..
5) لقد ألف الشيخ ربيع بن هادي المدخلي مجموعة من الكتب في سيد قطب – رحمه الله – كفره فيها من بضعة عشر وجها حيث زعم أنه من القائلين:
* بوحـــــدة الوجــــود .
* ومن المناديـن بتحكيم غير شرع الله.
* ومن الطاعنين في أصحاب رسول الله.
* والســــابين لأنبيـــاء الله.
* وأنه من أخطــــر أهل البدع.
* وأنه قتل كما قتل الجعد بن درهم وغيره على الزندقة ، ولم يقتل على الإسلام. (الحد الفاصل/122)
وأرسل بعض هذه الكتب إلى كل من يظن أنه يؤيد قوله من العلماء فلم يجد من يكتب له سطرا واحدا في التأييد ، والدخول فيما دخل فيه من التعدي والظلم والتكفير والتضليل !!
ثم رد عليه العلامة بكر أبو زيد بأربع ورقات فكانت هذه الورقات الأربع التي لم تنشر في كتاب(1) كافية في إبطال كل هذه الكتب التي حولت هذه العظائم والمفتريات.
ولو أن بعض الصغار تناقلوا كتب الشيخ ربيع لما كلف أحد نفسه بالرد عليها لأنها من الكذب الممجوج ، والتحامل والظلم ، وهي – على كل حال – تطبيق لهذه الأصول الباطلة
الوقفة السادسة
اخ مبارك بن سيف في حيص بيص !!
لم دافعت عن من لم تعرف أحوالهم واقوالهم؟
هؤلاء القوم يكيلون بكيلين، ويبدعون بالهوى ويحرمون على غيرهم ما يبيحونه لأنفسهم !!
قال الأخ مبارك بن سيف في (حواره):
"الرابع والعشرون: لم يكتف الشايجي بظاهر هذه الطائفة السلفية، بل ادعى معرفته بنياتهم وقلوبهم.
فهذه الطائفة الغريبة لا بد أنها من السلفيين قريبة ومشتبهة بهم أيما اشتباه، ولذا ما فتئ الشايجي يضرب على هذا الوتر، لإخراجهم من السلفية طعنا في النيات، ودعوى بمعرفة السرائر والخفيات". وإليك بعض أقواله:
1) أدعياء السلفية الجديدة.
2) فهذه هي الخطوط العريضة لفكر جديد يتستر باسم السلفية ويتدثر برداء أهل السنة والجماعة، يراد به هدم كل عمل دعوي قائم، وإبطال فريضة الجهاد في سبيل الله.
3) الأصل العام الذي يقوم على فكر أدعياء السلفية الجديدة.
4) وقد تساهل أصحاب هذا الفكر الجديد المتدثر باسم السلفية فرجع على الشايجي ما رمى به هذه الطائفة، من أنهم لم يكتفوا بظاهر المسلم، بل ادعوا معرفتهم بالنيات والقلوب.
فوقع بما حذرنا منه فصرنا في حيص بيص !!" (الحوار/35) والجواب:
1) لقد أوقعت نفسك يا أخي مبارك في حيص بيص منذ إقدامك على الدفاع عمن لم تعرف أحوالهم، ولم تقرأ أصولهم ! ولم تعرف أربعة أو خمسة منهم، وظننت أنهم طائفة لا وجود لها، والحال أن أئمة الدعوة في وقتنا الحاضر قد حذروا من فعلهم وأقوالهم...وقد ملأت هذه الطائفة الأرض صراخا وهراء وخزعبلات، وما سموه أصولا لأهل السنة والجماعة، وامتحنوا الناس به...
وإذا كنت مشغولا ببحث الدكتوراه...فلماذا تتصدر وتتقدم للدفاع عمن لم تعرف...وتظن أنك إذا لم تعرفهم فهم غير موجودين !!! ألم تعلم أن عدم العلم بالشيء ليس علمابالعدم. هذا أولا.
2) وثانيا أوقعت نفسك في (حيص بيص) أيضا، بأن ذكرت في (حوارك) ما يعده هؤلاء بدعة لا تغتفر وهو ثناؤك على من بدعوه وثناؤك علي، واعتذارك لي، ودخولك في حوار هادئ (حسب زعمك) معي...علما بأنني أسمع فتوى تدور في أوساطهم وهم معجبون بها بأنني (لا يجوز التحاور معي)، و(أنني مبتدع ضال) بل (شيطان مارد)، و(يوصى طلاب كلية الشريعة وطالباتها بأن لا يأخذوا درسا عندي لأنني من شر أهل البدع) و(أنني دخلت في السلفية لضربها)...ولذلك فأنت عندهم من أجل ذلك لا تطبق أصل الولاء والبراء...
ولست أدري هل سيبدعونك بعد كتيبك هذا بناء على أصلهم في الولاء والبراء !! أم سيوازنون بين حسناتك في الرد عنهم، وسيئاتك في موالاتي (وأنا مبتدع عندهم) ودخولك في حوار معي (وهذا لا يجوز عندهم) ؟!!
فإن بقوا على موالاتك فقد خالفوا أصولهم لأنهم لا يؤمنون بمبدأ الموازنة، وأن المسلم إذا أحسن يقبل إحسانه، وإذا أساء ترد أساءته، وهم لا يقبلون هذا الأصل ويعتبرونه من أصول أهل البدع…وهذا (حيص بيص آخر).
لو قرأت يا أخي مبارك هذا، وقرأت دفاع علماء الإسلام وأئمة السنة الحقيقين عن الجماعات الدعوية ورجال الإسلام في وجه هذه الطغمة لعرفت حجم المشكلة...فلو قرأت دفاع سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في وجه هؤلاء وهم يريدون - في زعمهم - اقتلاع جماعة التبليغ من الأرض، ومنع نشاطها وإبطال جهودهم ودعوتهم، لرأيت عجبا !!
ولو قرأت بيان سماحة الشيخ ابن باز في دفاعه عم العلماء والمشايخ الذين وصفوا بالسرورية والحزبية والقطبية...وقول الشيخ ربيع عن هذا البيان بعد صدوره (لقد طعن ابن باز السلفية طعنة خبيثة)(1)..
فجعل الشيخ ربيع بن هادي أصوله الفاسدة هذه في الحكم على الرجال هي السلفية، وجعل ابن باز طاعنا لها عندما نهى عن تصنيف الناس بغير حق، ومحاولة منع دروسهم وعملهم الدعوي بموجب هذا التصنيف الفاسد.
ولو قرأت ما كتبه العلامة بكر أبو زيد في هذه الطائفة حيث سماها (بالجراحين)...وكيف تعرض بعد ذلك وما زال لسهامهم وتصنيفهم فقد بدعوه بعد هذا الكتاب وبعد أن كانوا يقولون فيه: (هو حبرنا وعالمنا وسيدنا...) إذا بهم ينقلبون عليه ويقولون (هو شرنا...) وهو (ممن يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير) (الشيخ ربيع بن هادي في الحد الفاصل/137)
ولو قرأت ما كتبه العلامة بكر أبو زيد نصحا للشيخ ربيع في حكمه على سيد قطب وأنه قد اتهم سيد قطب بالعظائم واتهمه بغير دليل، وحمل الكلام ما لا يحتمل، وكفر بغير مكفر !! واتهم علماء الإسلام جميعا بالجهل بحقيقة سيد قطب منذ ثلاثين سنة ...الخ
ولو قرأت دفاع علماء الإسلام المعاصرين من أمثال المحدث الألباني، والفقيه ابن عثيمين، والشيخ ابن قعود، والشيخ ابن جبرين، وغيرهم وغيرهم، وتحذيهم من هذه الطائفة النابتة...لما تحيرت الآن وأخرجت كتيبا تقول فيه: سم أربعة أو خمسة من هؤلاء...وأين هذه الطائفة التعيسة؟! وحقا لقد وقعت في (حيص بيص) منذ أقدمت على الدفاع عن هؤلاء...
وكان مثلك مثل من يتقدم للدفاع عن متهم، ثم هو يشرع في الدفاع ولما يعرف حقيقة المتهم، ولا فتش وسأل المدعي بأدلة إثبات المجرم...
ولو أنك يا أخي مبارك قرأت كتاب (منهج أهل السنة في نقد الرجال والكتب والطوائف) للشيخ ربيع بن هادي المدخلي(1) لعلمت أول أصول هذه الطائفة النابتة وأخطرها، وهو أن المسلم الصالح العامل من أهل السنة والجماعة إذا زل في سقطه ولو خطأ أو سهوا فإنه يؤخذ بسقطته وخطئه، ويبدع بكل سقطة وقعت منه - ولو سهوا - وبكل خطأ بدر منه ولو رجع عنه...
ثم قرأت تطبيقات هذه القاعدة في الكتب التي ألفها الشيخ ربيع بن هادي في سيد قطب - رحمه الله – وكيف أنه لما طبق عليه هذه الأصول خرج بأنه كافر من وجوه عديدة بعدد أخطائه وسقطاته، وانه قتل على الزندقة ولم يقتل على الإسلام، وأنه كان رجلا من أخطر أهل البدع، وأن كتبه يجب أن تحرق وتباد وأنه لم يترك بدعة إلا واحتواها ولا أصل من أصول الإسلام إلا هدمه...وأن من دافع عن هذا الرجل فهو مبتدع ضال يدافع عن أهل الباطل بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير...
ولو قرأت يا أخي مبارك كتاب (هي السلفية نسبة وعقيدة ومنهجا)(1) للشيخ محمد إبراهيم شقرة، والفروع الصغيرة لهذا الكتاب منها:
- رؤيــة واقعيــــة للجماعات الدعويـــة.
- العمل الجماعي بين التجمع الحزبي، والتعاون الشرعي.
- فــــقــــه الــــواقــــــع.
وهذه الكتب لعلي حسن على عبد الحميد الحلبي(1)…لعلمت أصول هذه السلفية المستحدثة وهي (لا جهاد لأنه لا إمام !! ودع ما لقيصر لقيصر وما لله لله !! ولا تنظروا في واقع، ولا تعرفوا ما يدور حولكم لأن هذا حرام !! ولا تعترضوا على يهود أو نصارى لأن هذا قدركم !! ولا تجتمعوا لنصرة الإسلام سرا أو علنا ولا في أي صورة من الصور: (حزبا، أو جماعة، أو لجنة، أو هيئة، أو جمعية) لأن هذه فرقة وليست من الدين ؟! ومخالفة لسبيل المؤمنين - هكذا والله يقولون - !!
والعجب يا أخي مبارك أنهم نسبوا كل ذلك إلى فعل السلف ومنهج السلف، وليتهم سكتوا بعد ذلك بل جعلوا كل خارج عن أصولهم القاصرة هذه خارجا عن منهج سلف الأمة، بل خارج عن إجماع المسلمين، واستدلوا بلا حياء على إفكهم هذا بقوله تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا{ !!
فهل هذه الأصول الخاطئة هي سبيل المؤمنين ومن خالفها كان مصيره جهنم !!
وبعد هذا أقول: لم أحكم على نياتهم، ولعلهم يظنون عند أنفسهم أنهم يحسنون صنعا بذلك وأنهم يذبون عن سنة رسول الله أهل الأهواء في ظنهم وزعمهم، والله حسيبهم...
ولكنني أشك أن لكثير منهم مقصدا حسنا في ذلك فإن كثيرا من هؤلاء انقلب من الضد إلى الضد...فترى أحدهم يمدح (جماعة التبليغ) مثلا حتى يجعلها مثالا للدعوة إلى الله، وأن السلفيين في العالم يجب أن يتعلموا من أخلاقهم وإخلاصهم، وشمائلهم ونظامهم وزهدهم في السياسة والمناصب والدنيا(1)، ثم إذا به هو نفسه ينقلب تماما فيحكم عليهم بأنهم شر الخلق والخليقة، وأنهم ضلال مبتدعون، مفسدون يجب قطعهم من الأرض وتطهير الأرض منهم !!
- ونجد آخرين من هؤلاء كان يعجب بجهاد سيد قطب مثلا، وبلاء الإخوان المسلمين في التصدي للعلمانية والكفر، والسياسات الفاجرة، ويقول في مثل سيد قطب: (ما أظن أحدا أخلص لله في هذا العصر مثله)(2) ثم إذا به ينقلب تماما فيجعل سيد قطب هو بلاء العصر، وفتنة الدنيا، ورجل المؤامرات، وأخطر مبتدع عرفته الأرض، وأنه يجب تطهير الأرض كلها منه، ومن فكره وكتبه.
- ونجد آخرين كانوا على عهد قريب من أتباع (جهيمان بن سيف العتيبي) والقائلين بمقالاته في تكفير الحكومات بلا استثناء، وتضليل علماء الإسلام، ووجوب تغيير جميع المنكرات بالقوة...ثم نجد هؤلاء أنفسهم قد أصبحوا ينادون بأن من أمر مجرد أمر بمعروف أو نهى عن منكر فهو (خارجي)، وأنه لا يجوز حركة ولا سكون - في الدعوة – إلا بأمر السلطان...فسبحان مقلب القلوب !!
- ونجد بعض هؤلاء كان يرى وجوب العمل للإسلام ووجوب التعاون لنصرة الدين ثم إذا به يفتي (كل من تعاون مع غيره بأي صورة من صور التعاون فهو مبتدع...)
- ثم نجد أنهم يكيلون في تبديعهم وحكمهم وتصنيفهم بكيلين، ويحكمون في كل قضاياهم وأصولهم بحكمين مختلفين: فالذي يبدع يختار من جملة المبتدعة !!
فالتبديع بالهوى وليس البدعة !! فترى اثنين أو ثلاثة أو أكثر يشتركون في نظرهم ببدعة واحدة ولكن القوم يختارون من يبدعونه، ويتركون من يسبب لهم تبديعه الشنعة والفضيحة، ويبدعون الضعيف ولا يبدعون القوي !!
وهذا وغيره كثير يجعلنا نشك في صدق كثير من هؤلاء فيما أصلوه وجعلوه دينا لهم...
والأدهى من ذلك أنهم يبدعون في السر من لا يبدعونه في العلانية، ويحرمون التحزب، وهم قد أسسوا أشد الجماعات تحزبا للأقوال والرجال !!ويحرمون التجمع والجماعة والعمل المنظم إلا لهم !!
والعمل السياسي والانتخابات، والوسائل الجديدة كل هذا حرام على غيرهم حلال لهم...
فأي طائفة هذه التي جمعت كل هذه المنكرات ؟!
وهذا جميعه سنكتبه إن شاء الله وبحوله مفصلا بأدلته ونقوله في شرح (الخطوط العريضة) بطبعته الثالثة.
ومع كل هذا فنحن لا نتهم نياتهم وإنما نحكم على ظاهرهم ونقول: إن هذه السلفية التي تلبسوا بها ليست هي منهج سلف الأمة في قليل ولا كثير...وأنه سلفية حادثة تسمت باسم السلفية ولسيت منها في شيء، فوجب تعريفها وفضح من وراءها، وبيان خطوطها، وازدواجية منهجها وحقدها الذي دفعها للتشهير والمخالفة، مع احترامنا لبعض المغرر بهم ممن عمل تحت لوائهم