الجمعة، 29 مايو 2020

المداخلة والإخوان في الميزان

#المداخلة_والإخوان_في_الميزان
#ملاحظة: لا أتكلم عن الاخوان كتنظيم وحزب وانما أتكلم عن الهدف الذي أسست من أجله الجماعة // وهذا الهدف يعرفه المدخلي جيدا فلذلك يصف كلّ من خالفه بالإخواني سواء أكان ذاك المخالف من الذين ينتسبون إلى الإخوان أم لا // لذلك فإني أتكلم عن الإخوان المسلمين بحسب المفهوم المدخلي وهو مفهوم واسع يشمل حتى ابن جبرين وبكر ابا زيد وسفر الحوالي وسلمان العودة وغيرهم
#أولا_سبب_ظهور_كل_من_الفريقين
#سبب_نشأة_الإخوان

لا يتوفر وصف للصورة.

سبب نشأة الإخوان هو سقوط الدولة العثمانية سنة 1923 فأسس حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين سنة 1928 بهدف استعادة الخلافة الإسلامية ولذلك لم يُعرف الإخوان بعقيدة معينة تجمعهم فلا هم مجمعون على الأشعرية ولا السلفية وإنما يجمعهم هدف واحد ألا وهو (استعادة الحكم الإسلامي) أو بتعبير آخر (النهوض بالأمة الإسلامية) وبما أن هذا الهدف يتفّق عليه كل المسلمون بغض النظر عن اختلافهم في باب الأسماء والصفات أو المسائل الفقهية وحتى التعبّدية لم يشترط الاخوان مذهبا عقائديا أو فقهيا على من يريد الإنضمام أو الانتساب إليهم // وحتى من الناحية الفكرة يتقبّل الاخوان كل الأفكار والمحاولات التي يرون فيها أملا لتحقيق مشروعهم النهضوي فلا نجدهم يتّفقون على فكر واحد ولذلك نجد منهم من يختار موالاة السلطة ونجد من يختار المعارضة ونجد من يختار طريق الانتخابات ونجد من يشجع الثورات ومن لا يشجّعها ومنهم من يفضّل الرد على المخالفين ومنهم من يفضّل تجاهلهم ويبقى الشيء الوحيد الذي يجمع هؤلاء هو السعي للنهوض بالأمة الإسلامية ماداموا قد اجتمعوا على دين واحد ألا وهو الإسلام
#سبب_نشأة_المدخلية
يمكن أن نعرف ببساطة سبب نشأة التيار المدخلي إن نحن ركزّنا على اهتمامات هذا التيّار ويمكن تلخيصها فيما يلي:
1 - تمجيد الحكومة السعودية وعقد الولاء والبراء عليها فكل من والاها فهو السنّي الخالص وكل من عاداها فهو الضال المنحرف
2 - الدفاع بكلّ شراسة عن الحكام العلمانيين الذين تربطهم علاقة طيبة مع الحكومة السعودية وتحريم انتقادهم أو التحدث عن أخطائهم
3 - محاربة الإخوان المسلمين بكل أنواعهم سواء أكانوا منتسبين للإخوان أم من الذين يجمعهم مع الإخوان هدف النهوض بالأمة فلذلك نجدهم يصنفون مشايخ وعلماء سلفيين مع الإخوان المسلمين لا لشيء إلا لدندنتهم حول الحاكمية والفكر ومشاريع النهوض بالأمة // فبالنسبة للمداخلة يعتبر هؤلاء أشر خلق الله ولذلك قالوا فيهم ((أخطر أهل البدع / أخطر من اليهود والنصارى / أضر على الأمة من فرعون / أخطر من المسيح الدجال ...الخ)) فمن يخالط المداخلة يعلم علم اليقين أن عدوّهم الأول والأخير هم الإخوان المسلمون
4 - وانطلاقا من النقطة الثالثة يرى المداخلة وجوب محاربة الإخوان ولو كانوا حكاما فقال شيخهم رسلان ((فإذا جاءكم إخواني حاكما فحاربوه)) وشتم رسلان اردوغان وحاكم قطر بسبب ميولهم للإخوان حسب التصنيف المذكور آنفا
5 - القضاء على كل من يحاول النهوض بالأمة: فيطعنون في الدعاة الذين أسلم على أيديهم الآلاف والملايين من غير المسلمين وفي الدعاة الذين اهتدى على أيديهم ملايين المسلمين // يطعنون في كل من ترشّح في الانتخابات من الاسلاميين وفي كل من انتخب عليهم ويحرّمون ذلك حتى يسحبوا كل المتدينين من الساحة ليتركوها فارغة أمام العلمانيين الذّين يمجدونهم ويجعلونهم ولاة امور يحرم انتقاصهم وتناسوا أنهم وصلوا للحكم بالطريقة التي حرمها المداخلة على الاسلاميين ولم نسمع مدخليا يوما يصف السياسيين العلمانيين بالحزبيين مع أن العلمانيين ركبوا الاحزاب والانتخابات ايضا / كذلك يحرم المداخلة المناظرات ومحاججة الخصم ويكتفون بالهجر وذلك ما يجعل دعوتهم حبيسة دائرة مغلقة وبذلك يتم عقر الدعوة / ويحرمون انشاء الجمعيات سواء كانت خيرية اام اصلاحية ام دعوية // وبذلك يكون عملهم اغلاق كل طريق من شأنه تحسين اوضاع الامة الاسلامية سواء كان دعويا ام حراكيا ام سياسيا
6 - من يتابع اعلام السيسي والامارات والسعودية وسائر الاعلام العلماني الذي يناصر امريكا واسرائيل جهارا نهارا يجد أن سهامه وسهام المداخلة موجهة نحو هدف واحد // وها هو ترامب يعلن ان الاخوان جماعة ارهابية في الوقت الذي ترعى الحكومة السعودية (التابعة لامريكا) المداخلة بكل عناية وفي الوقت الذي تسجن فيه السعودية مئات العلماء
#ثانيا_المستوى_الفكري
#عند_الإخوان:
يجمع الإخوان المسلمون بين العلوم الدينية والعلوم الكونية فنجد منهم من برز في مجال الاعجاز العلمي (زغلول النجار مثلا) ومناظرة غير المسلمين (ذاكر نايك مثلا) كما أنهم خالطوا السياسة والإدارة فنجد منهم من وصل للحكم وأصلح الله به العباد والبلاد (أردوغان مثلا) وحتى عوام الإخوان أغلبهم دكاترة ومهندسين ومثقفين
#عند_المداخلة:
بالنسبة للمداخلة فلم يتجاوزوا بعد مرحلة (الأرض المسطحة والثابتة) والشمس التي يرون انها تدور على الأرض وأما في السياسة فكأنما يعيشون في كوكب آخر وفي كل مجالات الحياة تجدهم أكثر الناس تخلّفا ومعظمهم مطرودون من صفوف الإبتدائية والمتوسطة
#أعداء_كل_فريق
#أعداء_الإخوان: الكفار والعلمانيون المحاربون للإسلام
#أعداء_المداخلة: الذين يحاربون الكفار والعلمانيين
#نقطة_مهمة: سبب الحرب التي شنها ربيع المدخلي ومن معه على سيد قطب ليس ما وقع فيه من أخطاء في الشريعة وانما لأنه مفكّر كما أن مالك بن نبي مفكر ولأن المداخلة يستهدفون كل مفكّر نهضوي ذهبوا يصطادون من كلام سيد قطب ما يشوّهون به صورته حتى إذا ما نجحوا في ذلك أبعدوا الناس عن فكره وإلا فكم من شخص وقع فيما هو أشد مما وقع فيه سيد قطب ولم نسمع للمداخلة صوتا في انتقاده (خاصة ان كان علمانيا أو نصيرا لأمريكا)
الكاتب : صهيب بوزيدي

جمهور الفقهاء على إباحة إسبال الإزار بغير خيلاء

جمهور الفقهاء على إباحة إسبال الإزار بغير خيلاء
" إن القاعدة الأصولية هي حمل المطلق على المقيد وهي قاعدة مطردة في عموم نصوص الشريعة. والشارع الحكيم لم يقيد تحريم الإسبال – بالخيلاء – إلا لحكمة أرادها ولولا هذا لم يقيده. والأصل في اللباس الإباحة ، فلا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم . والشارع قصد من تحريم هذه اللبسة الخاصة قصد الخيلاء من الإسبال وإلا لبقيت اللبسة المذكورة على أصل الإباحة. وإذا نظرنا إلى عموم اللباس وهيئاته وأشكاله لم نجد منه شيئاً محرماً إلا وتحريمه له سبب وإلا فما معنى التحريم وما الغرض منه ، لذا فإن مفهوم الأحاديث أن من أسبل ولم يقصد بذلك الكبر والخيلاء ، فإنه غير داخل في الوعيد "ا.هـ .
وأضيف للفائدة بحث لأحد طلبة العلم حول نفس الموضوع :






جمهور الفقهاء على إباحة إسبال الإزار بغير خيلاء
أولا: الأحاديث التي فهم منها العلماء جواز الإسبال لغير خيلاء:
1-عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: “من جر ثوبه خيلاء لم ينظر اللَّه إليه يوم القيامة” ، فقال أبو بكر: يا رَسُول اللَّهِ إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: “إنك لست ممن يفعله خيلاء” رَوَاهُ البُخَارِيُّ تحت باب (من جر إزاره من غير خيلاء) فكأنه يرى الجواز، وروى مسلم بعضه.
2-وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَسَفَتْ الشَّمْسُ وَنَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُسْتَعْجِلاً حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ وَثَابَ النَّاسُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَجُلِّيَ عَنْهَا ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا وَقَالَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئاً فَصَلُّوا وَادْعُوا اللَّهَ حَتَّى يَكْشِفَهَا.(روا ه البخاري في باب من جر إزاره من غير خيلاء).
ثانيا: الآثار عن الصحابة والسلف التي تفيد جواز الإسبال لغير الخيلاء:
1-أخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود بسند جيد أنه كان يسبل إزاره فقيل له في ذلك فقال إني حمش الساقين.
2- وعن أبي إسحاق قال:رأيت ابن عباس أيام منى طويل الشعر، عليه إزار فيه بعض الإسبال، وعليه رداء أصفر.
قال الهيثمي:رواه الطبراني وإسناده حسن.‏
3-أخرج ابن أبي شيبة وعنه أبو نعيم في الحلية : (5/322) وابن سعد في الطبقات: (5/403) عن عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن عمرو بن مهاجر قال كان قميص عمر بن عبد العزيز ما بين الكعب والشراك.
4-قال البيهقي : وروينا عن عطاء بن أبي رباح أنه صلى سادلا وكأنه نسي الحديث أو حمله على أن ذلك إنما لا يجوز للخيلاء وكان لا يفعله خيلاء والله أعلم (سنن البيهقي الكبرى الجزء 2 ص 242).
5- إبراهيم بن يزيد النخعي – رحمه الله تعالى – :
أخرج ابن أبي شيبة في (( المصَنَّفِ )) (رقم :24845) قال : حدثنا ابن مهدي ، عن أبي عوانة ، عن مغيرة قال :” كان إبراهيم قميصُه على ظهر القدم” . إسناده صحيحٌ.
6- أيُّوب بن أبي تِميمَة السِّختِيَانيُّ – رحمه الله تعالى – :
أخرج الإمام أحمد في (( العلل )) – رواية ابنه عبد الله – ( رقم : 841 ) قال :حدثنا سليمان بن حرب ، قال : حدَّثنا حماد بن زيد ، قال :”أمرَنِي أيّوب أن أقطعَ له قميصاً قال : اجعلْه يضرِبُ ظَهْرَ القدم ، و اجعَلْ فَمَ كُمِّهِ شبراً “.
إسنادهٌ صحيحٌ .
ومن أقواله –رحمه الله- : “كانت الشهرة فيما مضى في تذييلها ، و الشهرة اليوم في تقصيرها“.
أخرجه معمر في (( جامعه )) (11/84) – و من طريقه عبد الرزاق في (( المصنف )) (11/84) ، و من طريقه أيضا : أخرجه ابن سعد في (( الطبقات ))(1) (7/248) و الدينوري في (( المجالسة )) ( 1919) و أبو نعيم في (( الحلية )) (3/7) و البيهقي في (( الشعب )) ( رقم :6243 ) – .
و لفظ الحلية : (( كان في قميص أيوب بعض التذييل فقيل له فقال : الشهرةُ اليومَ في التشمير )).
و لفظ ابن سعد : (( يا أبا عروة – هي كنيةُ معمرٍ – : كانت الشهرة فيما مضى في تذييلها ، فالشهرة اليوم في تشميرها )) .
و كما قال سفيان بن حسين لعمر بن علي بن مقدم : أتدري ما السمت الصالح ؟! ليس هو بحلق الشارب ! ، و لا تشمير الثوب ؛ و إنما هو: لزوم طريق القوم ، إذا فعل ذلك قيل : قد أصاب السَّمت ، وتدري ما الاقتصاد ؟! هو المشي الذي ليس فيه غلو ولا تقصير .
أخرجه ابن عبد البر في التمهيد ( 21/68) و سنده صحيح .
ثالثا: فهم أهل الحديث في كتبهم لهذه المسألة:
1-كما سبق أن أشرنا فقد عقد البخاري بابا في صحيحه بعنوانمن جر إزاره من غير خيلاء) وجاء فيه بالحديثين السابقين فكأن هذا مذهبه وهو أنه لا إثم على من جر ثوبه لغير خيلاء.
2- وفي كتاب المنهيات للحكيم الترمذي ص 7 :
وعامة الأحاديث التى جاءت عن جر الإزار، إنما تدل على أن النهى مع الشرط، قال : (من جر الإزار خيلاء)؛ فدل هذا على أن النهى عن جر الإزار إذا كان خيلاء.
حدثنا قتيبة عن سعيد، حدثنا مالك بن أنس، عن نافع وزيد بن أسلم وعبد الله بن زبير، كلهم يخبر عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر ثوبه خيلاء).
وحدثنا قتيبة،عن مالك،عن أبى الزناد، عن الأعرج، عن أبى هريرة،عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا ينظر الله إلى من جر إزاره بطراً).
فهذا الإسبال والجر للثوب إنما كره للمختال الفخور.
وروى عن ابن عباس رضى الله عنه أنه قال: كل ما شئت، والبس ما شئت، ما أخطأتك خصلتان: سرف ومخيلة.
وقد كان في بدء الإسلام المختال يلبس الخز، ويجر الإزار ويسبله؛ فنهوا عن ذلك.
وقد كان فيهم من يلبس الخز ويسبل الإزار فلا يعاب عليه، منهم أبو بكر رضى الله عنه؛ حيث قال:يا رسول الله، إنى رجل قليل اللحم فإذا أبرزت سقط إزارى على قدمى وقد قلت ما قلت? قال: (لست منهم يا أبا بكر). حدثنا بذلك أبى، حدثنا أحمد بن يونس، عن زهير، عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة)؛ فقال أبو بكر رضى الله عنه: بأبى أنت يا رسول الله، إن أحد شقى إزارى يسترخى إلا أن أتعاهد ذلك منه? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لست ممن يصنعه خيلاء).
……..
ثم قال:
حدثنا سفيان،حدثنا أبى،عن منصور، عن أبى وائل، قال: كان عبد الله يسبل إزاره، فقيل له؛ فقال: إني رجل حمش الساقين. قال سفيان: يعنى رقيق الساقين.
فقد وضح لنا أن سبب النهى إنما هو الخيلاء، فإذا علم من قلبه أنه مختال فليجتنب وكان في بدء الأمر رفع الإزار إلى أنصاف الساق تجنبا للخيلاء والمراءاة، وكذلك تشمير القميص، فلم يزل الناس في تبديل من سوء ضمائرهم، حتى صار ذلك تصنعا ومراءاة؛ فكان من شمر الإزار والقميص ممقوتا لسوء مراده.
وروى عن أيوب السختيانى رحمه الله: أنه طول قميصه له الخياط في ذلك؛ فقال: السنة اليوم في هذا الزى، أو كلاما هذا معناه.. كأنه ذهب إلى أنه إنما نهى عن طوله للخيلاء فشمروا. فاليوم صار التشمير مراءاة وتصنعا وتزيينا للخلق يختالون في الدنيا بالدين!! وروى أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله كان قميصه وجبته تضرب شراك نعليه.
3-وفي مسند أبي عوانة باب بعنوان بيان الأخبار الناهية عن جر الرجل إزاره بطرا وخيلاء والتشديد فيه والدليل على أن من لم يرد به خيلاء لم تكن عليه تلك الشدة.
4- وجاء في صحيح ابن حبان(2/281):
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا سلام بن مسكين، عن عقيل بن طلحة، قال: حدثني أبو جري الهجيمي قال:
أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت: يا رسول الله، إنا قوم من أهل البادية، فعلمنا شيئا ينفعنا الله به، فقال: ((لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تكلم أخاك، ووجهك إليه منبسط. وإياك وإسبال الإزار، فإنه من المخيلة، ولا يحبها الله. وإن امرؤ شتمك بما يعلم فيك، فلا تشتمه بما تعلم فيه، فإن أجره لك، ووباله على من قاله)) .
قال أبو حاتم: الأمر بترك استحقار المعروف أمر قصد به الإرشاد. والزجر عن إسبال الإزار زجر حتم لعلة معلومة، وهي الخيلاء، فمتى عدمت الخيلاء، لم يكن بإسبال الإزار بأس. والزجر عن الشتيمة، إذا شوتم المرء، زجر عنه في ذلك الوقت، وقبله، وبعده، وإن لم يشتم.
رابعا:أقوال شراح كتب الحديث في الأحاديث المطلقة بالوعيد والمقيدة له بقصد الخيلاء:
1- جاء في شرح صحيح مسلم للنووي:
‏هذا التَّقييد بالجرِّ خيلاء يخصِّص عموم المسبل إزاره، ويدلُّ على أنَّ المراد بالوعيد من جرّه خيلاء، وقد رخَّص النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم- في ذلك لأبي بكر الصِّدِّيق -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وقال: لست منهم إذ كان جرّه لغير الخيلاء.
ويقول:
أمَّا الأحاديث المطلقة: بأنَّ ما تحت الكعبين في النَّار، فالمراد بها: ما كان للخيلاء، لأنَّه مطلق، فوجب حمله على المقيَّد، واللهُ أعلم.
2- وجاء في فتح الباري لابن حجر:
قال شيخنا في ” شرح الترمذي ” ما مس الأرض منها خيلاء لا شك في تحريمه.
قال: ولو قيل بتحريم ما زاد على المعتاد لم يكن بعيدا، ولكن حدث للناس اصطلاح بتطويلها، وصار لكل نوع من الناس شعار يعرفون به، ومهما كان من ذلك على سبيل الخيلاء فلا شك في تحريمه، وما كان على طريق العادة فلا تحريم فيه ما لم يصل إلى جر الذيل الممنوع.
ونقل عياض عن العلماء كراهة كل ما زاد على العادة وعلى المعتاد في اللباس من الطول والسعة.
ويقول:
وفي هذه الأحاديث أن إسبال الإزار للخيلاء كبيرة، وأما الإسبال لغير الخيلاء فظاهر الأحاديث تحريمه أيضا، لكن استدل بالتقييد في هذه الأحاديث بالخيلاء على أن الإطلاق في الزجر الوارد في ذم الإسبال محمول على المقيد هنا، فلا يحرم الجر والإسبال إذا سلم من الخيلاء.
قال ابن عبد البر: مفهومه أن الجر لغير الخيلاء لا يلحقه الوعيد، إلا أن جر القميص وغيره من الثياب مذموم على كل حال.
وقال النووي: الإسبال تحت الكعبين للخيلاء، فإن كان لغيرها فهو مكروه، وهكذا نص الشافعي على الفرق بين الجر للخيلاء ولغير الخيلاء، قال: والمستحب أن يكون الإزار إلى نصف الساق، والجائز بلا كراهة ما تحته إلى الكعبين، وما نزل عن الكعبين ممنوع منع تحريم إن كان للخيلاء وإلا فمنع تنزيه، لأن الأحاديث الواردة في الزجر عن الإسبال مطلقة فيجب تقييدها بالإسبال للخيلاء انتهى.
والنص الذي أشار إليه ذكره البويطي في مختصره عن الشافعي قال: لا يجوز السدل في الصلاة ولا في غيرها للخيلاء، ولغيرها خفيف لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ا هـ، وقوله: ” خفيف ” ليس صريحا في نفي التحريم بل هو محمول على أن ذلك بالنسبة للجر خيلاء، فأما لغير الخيلاء فيختلف الحال، فإن كان الثوب على قدر لابسه لكنه يسدله فهذا لا يظهر فيه تحريم، ولا سيما إن كان عن غير قصد كالذي وقع لأبي بكر، وإن كان الثوب زائدا على قدر لابسه فهذا قد يتجه المنع فيه من جهة الإسراف فينتهي إلى التحريم، وقد يتجه المنع فيه من جهة التشبه بالنساء وهو أمكن فيه من الأول.انتهى ما ذكره الحافظ في الفتح.
3- وجاء في فيض القدير للمناوي:
(والمسبل إزاره) الذي يطوّل ثوبه ويرسله إذا مشى تيهاً وفخراً (خيلاء) أي يقصد الخيلاء بخلافه لا بقصدها ولذلك رخص المصطفى صلى اللّه عليه وسلم في ذلك لأبي بكر حيث كان جره لغير الخيلاء.
4- ويقول السندي في حاشيته على سنن النسائي في شرح حديث “ثلاثة لا يكلمهم الله… ومنهم المسبل“:
“المسبل” من الإسبال بمعنى الإرخاء عن الحد الذي ينبغي الوقوف عنده والمراد إذا كان عن مخيلة والله تعالى أعلم.
5-وفي الديباج للسيوطي (بتحقيق الحويني): (”المسبل إزاره” المرخي له الجار طرفيه “خيلاء” فهو مخصص بالحديث الآخر لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء وقد رخص صلى الله عليه وسلم في ذلك لأبي بكر حيث كان جره لغير الخيلاء) .
6- وقال الشوكاني في نيل الأوطار :-
الحديث يدل على تحريم جر الثوب خيلاء . والمراد بجره هو جره على وجه الأرض وهو الموافق لقوله صلى الله عليه وسلم : { ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار.
وظاهر التقييد بقوله : خيلاء , يدل بمفهومه أن جر الثوب لغير الخيلاء لا يكون داخلا في هذا الوعيد . قال ابن عبد البر : مفهومه أن الجار لغير الخيلاء لا يلحقه الوعيد إلا أنه مذموم .
قال النووي : إنه مكروه وهذا نص الشافعي . قال البويطي في مختصره عن الشافعي : لا يجوز السدل في الصلاة ولا في غيرها للخيلاء , ولغيرها خفيف , لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : إنك لست ممن يصنعه خيلاء حين رآه يتعاهد ثوبه برفعه عن الأرض.
وبهذا يحصل الجمع بين الأحاديث وعدم إهدار قيد الخيلاء المصرح به في الصحيحين .
وقد جمع بعض المتأخرين رسالة طويلة جزم فيها بتحريم الإسبال مطلقا , وأعظم ما تمسك به حديث جابر .
وأما حديث أبي أمامة الذي أخرجه الطبراني من حديث أبي أمامة قال : { بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لحقنا عمرو بن زرارة الأنصاري في حلة إزار ورداء قد أسبل , فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ بناحية ثوبه ويتواضع لله عز وجل ويقول : عبدك وابن عبدك وأمتك حتى سمعها عمرو فقال : يا رسول الله إني أحمش الساقين , فقال : يا عمرو إن الله تعالى قد أحسن كل شيء خلقه , يا عمرو إن الله لا يحب المسبل } . والحديث رجاله ثقات وظاهره أن عمرا لم يقصد الخيلاء , فغاية ما فيه التصريح بأن الله لا يحب المسبل , وحديث أبي بكر مقيد بالخيلاء وحمل المطلق على المقيد واجب. وأما كون الظاهر من عمرو أنه لم يقصد الخيلاء فما بمثل هذا الظاهر تعارض الأحاديث الصحيحة . والله أعلم.
ويقول أيضا:
فلا بد من حمل قوله ” فإنها المخيلة ” في حديث جابر بن علي أنه خرج مخرج الغالب , فيكون الوعيد المذكور في حديث الباب متوجها إلى من فعل ذلك اختيالا , والقول بأن كل إسبال من المخيلة أخذا بظاهر حديث جابر ترده الضرورة , فإن كل أحد يعلم أن من الناس من يسبل إزاره مع عدم خطور الخيلاء بباله , ويرده قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : ” إنك لست ممن يفعل ذلك خيلاء ” ، والحديث رواه الجماعة حيث قال صلى الله عليه وسلم : من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة , فقال أبو بكر : إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه , فقال : إنك لست ممن يفعل ذلك خيلاء } ففيه تصريح بأن مناط التحريم الخيلاء , وأن الإسبال قد يكون للخيلاء , وقد يكون لغيره .ا.هـ بتصرف .
خامسا: أقوال الأئمة الأعلام أصحاب المذاهب المتبوعة:
*الأحناف:
1-قال صاحب المحيط من الحنفية وروي أن أبا حنيفة رحمه الله ارتدى برداء ثمين قيمته أربعمائة دينار وكان يجره على الأرض فقيل له أولسنا نهينا عن هذا ؟ فقال إنما ذلك لذوي الخيلاء ولسنا منهم .
ذكره ابن مفلح في الآداب الشرعية وكذلك السفاريني في كتابه “غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب” وكلاهما حنبلي.
2- وقال النحلاوي في الدرر المباحة:” لا يجوز إسبال الثوب تحت الكعبين، إنْ كان للخيَلاء، والتكبر، وإلاّ جاز إلا أنّ الأفضل أن يكون فوق الكعبين..”.
*المالكية:
وممن ذكر ذلك من المالكية: سليمان بن خلف الباجي في كتابه المنتقى شرح الموطأ والنفرواي في الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني.
1- قال الباجي في المنتقى: وقوله صلى الله عليه وسلم الذي يجر ثوبه خيلاء يقتضي تعليق هذا الحكم بمن جره خيلاء، أما من جره لطول ثوب لا يجد غيره، أو عذر من الأعذار، فإنه لا يتناوله الوعيد.
2- وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
وفي المواهب(وهو أحد كتب المالكية) : ما كان من ذلك على سبيل الخيلاء فلا شكّ في تحريمه ، وما كان على طريق العادة فلا تحريم فيه ، ما لم يصل إلى جرّ الذّيل الممنوع منه .
3-وتقدم في شرح ابن حجر للأحاديث قول ابن عبد البر:
قال ابن عبد البر: مفهومه أن الجر لغير الخيلاء لا يلحقه الوعيد، إلا أن جر القميص وغيره من الثياب مذموم على كل حال.
4- وقد تعقب العراقي الشافعي ابن العربي المالكي حيث ذهب إلى تحريم الإسبال مطلقاً بخيلاء أو بغير خيلاء ، فقال العراقي : وهو مخالف لتقييد الحديث بالخيلاء.
*الشافعية:
1-ذكر البويطي في مختصره عن الشافعي قال: لا يجوز السدل في الصلاة ولا في غيرها للخيلاء، ولغيرها خفيف لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر :إنك لست ممن يصنعه خيلاء حين رآه يتعاهد ثوبه برفعه عن الأرض. ا هـ أفاده ابن حجر في الفتح.
2, 3, 4 – وقد قدمنا أقوال الإمامين النووي وابن حجر والسيوطي والمناوي –رحمهم الله-.
5, 6 ,7-وهناك أيضا من الشافعية غير هؤلاء من ذهب إلى ذلك منهم : شيخ الإسلام زكريا الأنصاري والإمام شهاب الدين الرملي والحافظ ابن حجر الهيتمي وغيرهم كثير.ذكر ذلك الدكتور عبد الله الفقيه المفتي في موقع الشبكة الإسلامية.
8- ويقول الحافظ العراقي في طرح التثريب :-
المستحب أن يكون الثوب إلى نصف الساقين ، والجائز بلا كراهة ما تحته إلى الكعبين ، فما نزل عن الكعبين فهو ممنوع ، فإن كان للخيلاء فهو ممنوع منع تحريم , وإلا فمنع تنزيه .
وأما الأحاديث المطلقة بأن ما تحت الكعبين في النار فالمراد به ما كان للخيلاء ; لأنه مطلق فوجب حمله على المقيد انتهى – يقصد أن النهي عن الإسبال جاء من غير تحديد لسبب الإسبال في الحديث ، إلا أننا وجدنا تقييد ذلك في حديث آخر بالخيلاء ، فيجب تقييد الحديث المطلق بهذا الحديث المقيد .ا.هـ بتصرف.
9- وجاء في سير أعلام النبلاء للذهبي:
أَنَّ المَرْأَةَ إِذَا كَانَتْ تَخْتَالُ فِي لُبْسِ الذَّهَبِ وَتَفْخَرُ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ، كَمَا فِيْمَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ.
قلت (الأزهري الأصلي): لا شك أن لبس الذهب للنساء حلال بين فمعنى كلام الذهبي هو جواز الإسبال لغير الخيلاء بمفهوم المخالفة.
*الحنابلة:
1-قال الإمام أحمد بن حنبل في رواية حنبل : جر الإزار إذا لم يرد الخيلاء فلا بأس به وهذا ظاهر كلام غير واحد من الأصحاب رحمهم الله .
وقال أحمد رضي الله عنه أيضا { ما أسفل من الكعبين في النار } لا يجر شيئا من ثيابه وظاهر هذا التحريم , فهذه ثلاث روايات .
ذكر ذلك ابن مفلح في الآداب الشرعية ونقله عنه السفاريني في غذاء الألباب.
2- جاء في الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي(حنبلي):
يكره أن يكون ثوب الرجل إلى فوق نصف ساقه,نص عليه.ويكره زيادته إلى تحت كعبيه بلا حاجة,على الصحيح من الروايتين.وعنه” ما تحتهما في النار” وذكر الناظم:من لم يخف خيلاء لم يكره والأولى تركه ,هذا في حق الرجل.
3- وذكر الراويات في ذلك أيضا ابن مفلح في الآداب الشرعية والسفاريني في غذاء الألباب وهاك نصهما:
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية :-قال ابن تيمية : السنة في الإزار والقميص ونحوه من نصف الساقين إلى الكعبين فلا يتأذى الساق بحر وبرد ولا يتأذى الماشي ويجعله كالمقيد ، ويكره ما نزل عن ذلك أو ارتفع عنه نص عليه – يقصد نص عليه أحمد بن حنبل .
وقال – يقصد أحمد بن حنبل – في رواية حنبل : جر الإزار إذا لم يرد الخيلاء فلا بأس به وهذا ظاهر كلام غير واحد من الأصحاب رحمهم الله .
وقال أحمد رضي الله عنه أيضا { ما أسفل من الكعبين في النار } لا يجر شيئا من ثيابه وظاهر هذا التحريم , فهذه ثلاث روايات ، ورواية الكراهية منصوص الشافعي وأصحابه رحمهم الله .
قال صاحب المحيط من الحنفية وروي أن أبا حنيفة رحمه الله ارتدى برداء ثمين قيمته أربعمائة دينار وكان يجره على الأرض فقيل له أولسنا نهينا عن هذا ؟ فقال إنما ذلك لذوي الخيلاء ولسنا منهم .
واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله عدم تحريمه ولم يتعرض لكراهة ولا عدمها . ا.هـ بتصرف .
,وقال السفاريني في كتابه “غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب“:
واستدل له برواية حنبل عن الإمام رضي الله عنه أنه قال عن جر الإزار : إذا لم يرد به خيلاء فلا بأس به , وهو ظاهر كلام غير واحد من الأصحاب كما في الآداب الكبرى للعلامة ابن مفلح . وقال صاحب المحيط من الحنفية : روي أن أبا حنيفة رحمه الله ارتدى برداء ثمين قيمته أربعمائة دينار , وكان يجره على الأرض , فقيل له : أولسنا نهينا عن هذا ؟ فقال : إنما ذلك لذوي الخيلاء , ولسنا منهم . قال في الآداب : واختار الشيخ تقي الدين عدم تحريمه , ولم يتعرض للكراهة , ولا عدمها .انتهى .
4- قال ابن قدامة : ويكره إسبال القميص والإزار والسراويل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر برفع الإزار، فإن فعل ذلك على وجه الخيلاء حرام.
5- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في شرح العمدة 4/363 : وهذه نصوص صريحة في تحريم الإسبال على وجه المخيلة، والمطلق منها محمول على المقيد، وإنما أطلق ذلك ؛ لأن الغالب أن ذلك إنما يكون مخيلة.
ثم قال: ولأن الأحاديث أكثرها مقيدة بالخيلاء فيحمل المطلق عليه، وما سوى ذلك فهو باقٍ على الإباحة، وأحاديث النهي مبنية على الغالب والمظنة.
ثم قال: وبكل حال فالسنة تقصير الثياب، وحدِّ ذلك ما بين نصف الساق إلى الكعب، فما كان فوق الكعب فلا بأس به، وما تحت الكعب في النار.
ويقول شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (22138): والفعل الواحد في الظاهر يثاب الإنسان على فعله مع النية الصالحة ويعاقب على فعله مع النية الفاسدة
وضرب عدة أمثلة ثم قال:
وكذلك اللباس فمن ترك جميل الثياب بخلا بالمال لم يكن له أجر ومن تركه متعبدا بتحريم المباحات كان آثما ومن لبس جميل الثياب إظهارا لنعمة الله واستعانة على طاعة الله كان مأجورا ومن لبسه فخرا وخيلاء كان آثما فإن الله لا يحب كل مختال فخور ولهذا حرم إطالة الثوب بهذه النية كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من جر إزاره خيلاء لم ينظر الله يوم القيامة إليه فقال أبو بكر يا رسول الله إن طرف إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال يا أبا بكر إنك لست ممن يفعله خيلاء وفى الصحيحين عن النبي أنه قال بينما رجل يجر إزاره خيلاء إذ خسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة فهذه المسائل ونحوها تتنوع بتنوع علمهم واعتقادهم (أي بحسب النية).
6- وممن نص على ذلك من الحنابلة أيضا: الرحيباني في مطالب أولي النهى شرح غاية المنتهى حيث يقول:
( وَحَرُمَ ) ، – وَهُوَ ( كَبِيرَةٌ ) لِلْوَعِيدِ الْآتِي بَيَانُهُ فِي الْخَبَرِ – ( فِي غَيْرِ حَرْبٍ إسْبَالُ ) شَيْءٍ مِنْ ( ثِيَابِهِ خُيَلَاءَ وَلَوْ عِمَامَةً وَسَرَاوِيلَ ) ؛ لِمَا رُوِيَ { أَنَّ النَّبِيَّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَى بَعْضَ أَصْحَابِهِ يَمْشِي بَيْنَ الصَّفَّيْنِ يَخْتَالُ فِي مِشْيَتِهِ قَالَ : إنَّهَا لَمِشْيَةٌ يَبْغَضُهَا اللَّهُ إلَّا فِي هَذَا الْمَوْطِنِ } وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْخُيَلَاءَ مَذْمُومٌ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ لِحَدِيثِ { مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إلَيْهِ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . ( فَإِنْ أَسْبَلَ ) ثَوْبَهُ ( لِحَاجَةٍ : كَسِتْرِ ) سَاقٍ ( قَبِيحٍ ، وَلَا خُيَلَاءَ وَلَا تَدْلِيسَ ) عَلَى النِّسَاءِ : ( أُبِيحَ ) . قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ : جَرُّ الْإِزَارِ وَإِسْبَالُ الرِّدَاءِ فِي الصَّلَاةِ ، إذَا لَمْ يُرِدْ الْخُيَلَاءَ فَلَا بَأْسَ ، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يُرِدْ التَّدْلِيسَ .
ومثله في كشف القناع عن متن الإقناع.
بل إنه في كثير من كتب الفقه الحنبلي ذكر أنه يكره إسبال ثوبه خيلاء وهو أحد الوجهين فما بالنا بغير الخيلاء؟!! . جزم به في الهداية ، و المذهب ، و المذهب الأحمد ، و المستوعب ، و الوجيز ، و الرعاية الصغرى ، و الحاويين ، و الفائق ، و إدراك الغاية ، و تجريد العناية ، وغيرهم . وقدمه في الرعاية الكبرى .
كتبها الشيخ عبدالله بن عبد الرحمن البسام رحمه الله في "توضيح الأحكام من بلوغ المرام" ( 6/246 ):
من هو الشيخ :
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=47207
مواضيع ذات صلة ..
الإسبال غير حرام إلا على من أراد الخيلاء.
https://fatawaeslam.blogspot.com/2018/11/blog-post_32.html
طرح العتاب في جواز إسبال الثياب.
https://fatawaeslam.blogspot.com/2018/11/blog-post_28.html
إنك لست ممن يفعله خيلاء
https://fatawaeslam.blogspot.com/2017/04/blog-post_49.html
حكم إسبال الإزار بغير خيلاء
https://fatawaeslam.blogspot.com/2017/04/blog-post_82.html

لاحديث دون فقه...

لاحديث دون فقه...
مشكلة ﻫﺆﻻء ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻔﻬﻤﻮﻥ ﻓﻰ اﻷﺛﺮ اﻟﻤﺮﻭي ﻓﻬﻤﺎ ﻣﺎ ، ﻓﺈﺫا ﺧﺎﻟﻔﻬﻢ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻗﺎﻟﻮا : ﺧﺎﻟﻒ اﻟﺮﺳﻮﻝ ـ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ . ﻻ ﻳﺎ ﻗﻮﻡ ﺇﻧﻪ ﺧﺎﻟﻒ ﻓﻬﻤﻜﻢ ﻟﻤﺮﻭﻳﺎﺗﻪ، ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻬﻤﻜﻢ ﺷﺮا ﻣﺴﺘﻄﻴﺮا ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻨﺔ ﻭﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻭاﻟﺪﻳﻦ ﻭﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ، ﻓﻤﻦ ﺣﻖ ﺃﻭلي اﻷﻟﺒﺎﺏ ﺃﻥ ﻳﺄﺧﺬﻭا ﻋﻠﻰ ﺃﻳﺪﻳﻜﻢ ﻭﻳﺤﺬﺭﻭا اﻟﻨﺎﺱ ﻣﻨﻜﻢ..!! ﻗﺎﻝ لي ﺻﺎحبي : ﺃﻭﺿﺢ ﻟﻨﺎ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻝ .
ﻗﻠﺖ : ﺃﻟﻒ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻳﺰﻋﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺷﻦ اﻟﺤﺮﺏ ﻋﻠﻰ اﻷﻋﺪاء ﻳﺘﻢ ﺩﻭﻥ ﺩﻋﻮﺓ ﺇﻟﻰ اﻹﺳﻼﻡ ﻭاﺳﺘﻨﺪ في ﻓﻬﻤﻪ اﻟﻤﻨﻜﻮﺭ ﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺒﺨﺎﺭي ﺃﻥ اﻟﺮﺳﻮﻝ ـ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ـ ﺃﻏﺎﺭ ﻋﻠﻰ بني اﻟﻤﺼﻄﻠﻖ ﻭﻫﻢ ﻏﺎﺭﻭﻥ ، أي اﺟﺘﺎﺡ ﺃﺭﺿﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺓ، ﻭﺃﻥ اﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﻟﻰ اﻹﺳﻼﻡ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻰ ﺻﺪﺭ اﻹﺳﻼﻡ؟ ﺛﻢ ﺃﺻﺒﺢ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻗﻄﺎﻉ ﻃﺮﻳﻖ ﻋﻨﺪ ﻫﺬا اﻷﺣﻤﻖ اﻟﺬﻯ ﻳﺪعي ﺃﻧﻪ ﻳﻘﺮﺭ ﻓﻘﻪ اﻟﺴﻠﻒ! ﺃﺻﺒﺤﻮا ﻳﻐﻴﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﺪاﺋﻬﻢ ﻫﻜﺬا ﺩﻭﻥ ﻧﺬﻳﺮ..!! ﻭاﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻧﻪ ـ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ـ ﺩﻋﺎ ﻭﺗﺮﻳﺚ ﻭﺃﻣﻞ اﻟﺨﻴﺮ ﻓﻰ اﻟﻨﺎﺱ، ﻓﻠﻤﺎ ﻭﺟﺪﻫﻢ ﺟﻤﻌﻮا اﻟﺠﻤﻮﻉ ﻟﻘﺘﺎﻟﻪ ﻟﻢ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻜﻤﻠﻮا ﻋﺪﺗﻬﻢ ﻓﺄﺧﺬﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺓ..!!
ﻭﺃﺧﺬ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﻨﺸﺮ ﺃﻥ اﻟﺰﻛﺎﺓ ﻻ ﺗﺆﺧﺬ ﺇﻻ ﻣﻦ اﻟﺤﺒﻮﺏ اﻟﺘﻰ ﺗﺪﺧﺮ، ﻗﻠﺖ ﻟﻪ: ﺇﻥ ﺃﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻳﻮﺟﺒﻬﺎ ﻓﻰ اﻟﻔﻮاﻛﻪ ﻭاﻟﻤﻮاﻟﺢ ﻭاﻷﺯﻫﺎﺭ ﻭاﻟﺸﺎﻯ ﻭاﻟﺒﻦ، ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﻨﺘﺞ اﻷﺭﺽ ﻣﻦ ﻗﻄﻦ ﻭﻣﻄﺎﻁ ﻭﻗﺼﺐ. اﻟﺦ.
ﻗﺎﻝ: اﻟﺴﻨﺔ ﻣﺎ ﻧﻘﻮﻝ، ﻭﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻓﻰ ﻣﻴﺪاﻥ اﻟﺴﻨﺔ ﻟﻴﺲ ﺑﺸﻰء! ﻗﻠﺖ: اﻟﺴﻨﺔ ﺃﻥ ﻧﺘﺮﻙ ﺯاﺭﻉ اﻟﺸﺎي ﻳﻜﺴﺐ ﻣﻦ ﻓﺪاﻧﻪ ﺃﻟﻒ ﺟﻨﻴﻪ ﻻ ﺯﻛﺎﺓ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﻧﺄﺧﺬ ﻣﻦ ﺯاﺭﻉ اﻟﺸﻌﻴﺮ اﻟﺬﻯ ﻻ ﻳﻜﺴﺐ ﻣﻦ ﻓﺪاﻧﻪ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﺟﻨﻴﻬﺎ ﺯﻛﺎﺓ؟! ﻗﺎﻝ: ﻧﻌﻢ، ﻫﺬﻩ ﻫﻰ اﻟﺴﻨﺔ..! ﻗﻠﺖ ﺳﺎﺧﺮا: ﺑﺪﻋﺔ ﺃﺑﻰ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺳﻨﺘﻜﻢ ، ﺇﻧﻜﻢ ﻭﺑﺎﻝ ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼﻡ ﺑﻬﺬا اﻷﺳﻠﻮﺏ. ﺇﻥ ﺃﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ اﻋﺘﻤﺪ ﻓﻰ ﻣﺬﻫﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﺮﺁﻥ ﻣﺤﻜﻢ... ﻭﻣﺎ اﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻫﻮﻯ! ﺭﺑﻤﺎ ﺗﺮﻙ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ـ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ـ ﺃﺧﺬ اﻟﺰﻛﺎﺓ ﻣﻦ اﻟﻔﻮاﻛﻪ ﻷﻧﻬﺎ ﻓﻰ ﻋﻬﺪﻩ ﺃﻭ ﻓﻰ ﺃﺭﺿﻪ ﻻ ﺗﻤﺜﻞ ﺛﺮﻭﺓ ﻣﺤﺘﺮﻣﺔ، ﺃﻣﺎ اﻟﻴﻮﻡ ﻭاﻟﺤﺼﺎﺋﻞ اﻟﺰﺭاﻋﻴﺔ ﻣﺎﻝ ﺧﻄﻴﺮ ﻓﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺮﻛﻬﺎ.. ﻭﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﺃﺭﻋﻰ ﻟﻠﺴﻨﺔ ﻣﻨﻜﻢ ، ﻭﺃﺩﺭﻯ ﺑﻤﻼﺑﺴﺎﺕ اﻷﺣﻜﺎﻡ . ﺇﻧﻜﻢ ﺗﺤﻔﻈﻮﻥ ﻣﺌﺎﺕ اﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺩﻭﻥ ﻭعي، ﻭاﻟﻘﻠﻴﻞ اﻟﺬي ﺣﻔﻈﻪ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﺃﺣﺴﻦ اﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻨﻪ...! ﻫﻨﺎﻙ ﺭﺟﻞ ﻳﻤﻠﻚ ﻣﺎﺋﺔ ﺑﻨﺪﻗﻴﺔ ﻭﻻ ﻳﺤﺴﻦ ﺇﺻﺎﺑﺔ اﻟﻬﺪﻑ ﺑﻮاﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ ، ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺃﺭاﺩ اﻟﻀﺮﺏ ﻓﻘﺘﻞ ﺑﺮﻳﺌﺎ، ﺃﻭ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴﻪ... ﺧﻴﺮ ﻣﻨﻪ ﻣﻦ ﻳﻤﻠﻚ ﺑﻨﺪﻗﻴﺔ ﻭاﺣﺪﺓ ﻳﺤﺴﻦ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ. ﺫاﻙ ﻣﺜﻠﻜﻢ ﻭﻣﺜﻞ ﺃبي ﺣﻨﻴﻔﺔ الذي ﺗﺘﻄﺎﻭﻝ ﻋﻠﻴﻪ...!
دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين للامام محمد الغزالي.

بين فقه الظاهر وفقه السنة البون شاسع !!

بين فقه الظاهر وفقه السنة البون شاسع !!
((ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻣﺪﻳﺮا ﻟﻠﻤﺴﺎﺟﺪ ﻭﺻﻴﺖ اﻟﺨﻄﺒﺎء ﻓﻘﻠﺖ: ﺇﺫا ﺭﺃﻳﺘﻢ ﻣﻦ ﺩﺧﻞ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺃﺛﻨﺎء اﻟﺨﻄﺒﺔ يصلي ﺭكعتي اﻟﺘﺤﻴﺔ ﻓﻼ ﺗﺠﻠﺴﻮﻩ،ﻭﺇﺫا ﺭﺃﻳﺘﻤﻮﻩ ﺟﻠﺲ ﺩﻭﻥ ﺻﻼﺓ ﻓﻼ ﺗﻨﻬﻀﻮﻩ ﻟﻠﺼﻼﺓ
ﻗﺎﻝ ﻟﻰ ﺃﺣﺪﻫﻢ: اﻟﺴﻨﺔ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻡ ليصلي ﻭﻳﺴﺘﻠﻔﺘﻪ اﻹﻣﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ! ﻗﻠﺖ ﺫاﻙ ﻣﺎ ﺭﺁﻩ اﻹﻣﺎﻣﺎﻥ اﻟﺸﺎفعي ﻭﺃﺣﻤﺪ ﻓﻰ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﻤﺮﻭﻯ ﻓﻰ ﻫﺬﻩ اﻟﻘﻀﻴﺔ. ﺃﻣﺎ اﻹﻣﺎﻣﺎﻥ ﻣﺎﻟﻚ ﻭﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻓﻴﻘﻮﻻﻥ ﻳﺠﻠﺲ ﻟﻴﺴﻤﻊ اﻟﺨﻄﺒﺔ، ﻭﻻ ﻳﻨﺸﻐﻞ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺸﺊ.! ﻳﻘﻮﻝ ﻣﺎﻟﻚ: ﻫﻜﺬا ﻭﺟﺪﻧﺎ اﻟﻨﺎﺱ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻓﻰ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻟﻨﺒﻮي ، ﻣﺘﻮاﺭﺛﻴﻦ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭاﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ، ﻓﻌﻤﻠﻬﻢ ﺃﺩﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻨﺔ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ اﻟﺒﺪﻭي اﻟﺬي ﺻﺢ ﺃﻥ اﻟﺮﺳﻮﻝ ﺃﻣﺮﻩ ﺑﺎﻟﺼﻼﺓ، ﻟﻌﻞ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻛﺎﻥ ﺛﻢ ﻧﺴﺦ ! ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ : ﺗﻠﻚ ﻭﻗﻌﺔ ﺣﺎﻝ ﻛﺎﻥ اﻟﺮﺟﻞ ﻓﻘﻴﺮا ﻳﺮﺗﺪي ﺃﺳﻤﺎﻻ ﺑﺎﻟﻴﺔ ﻓﺎﺳﺘﻮﻗﻔﻪ اﻟﺮﺳﻮﻝ ﻭﺣﺚ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺪﻗﺔ ﻟﻴﺴﺘﺪﺭ اﻟﻌﻄﻒ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭاﻷﺻﻞ ﺃﻥ اﻟﺨﻄﻴﺐ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻟﻴﺴﺘﻤﻊ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﻻ ﻟﻴﺸﺘﻐﻞ اﻟﺪاﺧﻠﻮﻥ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻟﺼﻼﺓ .
ﻗﺎﻝ لي ﻣﺤﺪثي: ﺇﻥ ﻇﺎﻫﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻊ ﺃﺣﻤﺪ ﻭاﻟﺸﺎفعي. ﻗﻠﺖ: ﻧﻌﻢ ﻭﻇﺎﻫﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻊ اﻟﺴﺎﺋﺮﻳﻦ ﺇﻟﻰ ﻗﺮﻳﻈﺔ ﺃﻻ ﻳﺼﻠﻮا ﻓﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ ! ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﺟﺢ اﻟﺼﻼﺓ ﻓﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ ، ﻭﻧﺤﻦ ﻓﻰ ﺗﻮﺻﻴﺘﻨﺎ ﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﻧﺮﻓﺾ اﻟﺘﻌﺼﺐ اﻟﻤﺬهبي ﻭﻧﻤﻨﻊ ﻓﺘﻨﺎ ﺳﺨﻴﻔﺔ . ﻣﻦ ﺗﺎﺑﻊ ﺃﺑﺎ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﻣﺎﻟﻜﺎ ﻓﻠﻴﺘﺒﻌﻬﻤﺎ، ﻭﻣﻦ ﺗﺎﺑﻊ اﻟﺸﺎﻓﻌﻰ ﻭﺃﺣﻤﺪ ﻓﻠﻴﺘﺒﻌﻬﻤﺎ..! ﻭﻣﺎﺯﻟﺖ ﺃﻭصي اﻟﺨﻄﺒﺎء ﺑﺬﻟﻚ، ﻭﺃﺭﻓﺾ اﻟﺰﻋﻢ ﺑﺄﻥ ﻧﺼﻒ اﻷﺋﻤﺔ ﺧﺎﻟﻒ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻮاﺭﺩﺓ ، ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﺎﻟﻒ ﻓﻬﻤﻨﺎ ﻟﻠﺴﻨﺔ اﻟﻮاﺭﺩﺓ ﻭﻟﻪ ﺣﻘﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻜﻮﺭ ، ﻭﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺃﺟﺮﻫﻢ ﺇﻥ ﺷﺎء اﻟﻠﻪ . ﻭﺃﺧﻴﺮا ﻗﻠﺖ ﻟﻤﺤﺪﺛﻰ: ﺇﻥ ﺩﻗﺔ اﻟﻔﻘﻪ ﻻ ﺗﺘﺎﺡ ﻟﻜﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﺻﺎﻟﺢ. ﺇﻧﻬﺎ ﻫﺒﺔ ﻳﺆﺗﻴﻬﺎ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺷﺎء. ﺃﺭﺃﻳﺖ اﻟﺨﻼﻑ اﻟﺬﻯ ﻧﺸﺐ ﺑﻴﻦ ﻋﻤﺮ ﻭﺑﻌﺾ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺣﻮﻝ اﻷﻗﻄﺎﺭ اﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ؟ ﻛﺎﻥ ﻫﺬا اﻟﺒﻌﺾ ﻳﺮﻳﺪ ﺗﺨﻤﻴﺴﻬﺎ ﻭﻓﻖ ﺁﻳﺔ اﻷﻧﻔﺎﻝ ، ﻭﻟﻮ اﺳﺘﺠﺎﺏ ﻋﻤﺮ ﻟﻪ ﻟﻮﻗﻒ اﻟﻔﺘﺢ اﻹﺳﻼﻣﻰ، ﻭﺗﺤﻮﻝ اﻟﻔﺎﺗﺤﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺇﻗﻄﺎﻋﻴﻴﻦ، ﻭاﻧﻬﺎﺭ ﺑﻨﺎء اﻹﺳﻼﻡ.. ﻭﻟﻜﻦ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺟﻌﻞ اﻟﺘﺨﻤﻴﺲ اﻟﺬﻯ ﻧﺼﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻵﻳﺔ في اﻷﻣﺘﻌﺔ ﻭاﻷﺳﻠﺤﺔ ﻭاﻷﻏﺬﻳﺔ ﻭﺷﺘﻰ اﻟﻤﻨﻘﻮﻻﺕ اﻟﻤﻐﻨﻮﻣﺔ ، ﺃﻣﺎ اﻷﺭﺽ اﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ ﻓﺒﻘﻴﺖ ﻷﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﻭﻭﺿﻌﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺿﺮاﺋﺐ ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﺪﻭﻟﺔ . ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻔﻘﻪ ﻭﺇﻥ ﺧﺎﻟﻒ ﻇﺎﻫﺮ اﻟﻨﺺ.. ﺇﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﻤﺢ ﺃﻥ يجيء ﻧﻔﺮ ﻣﻦ اﻟﺪﻫﻤﺎء ﻟﻴﺮﻓﻊ ﺧﺴﻴﺴﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﻛﺒﺎﺭ اﻷﺋﻤﺔ. ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ تختفي اﻟﻘﻤﻢ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺨﻨﺎ ﺧﻼﻝ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻗﺮﻧﺎ ﻓﻤﻦ ﻳﺒﺮﺯ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ؟! ﺃﻳﻦ اﻷﺩﺏ اﻟﺬﻯ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ـ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ـ اﻷﺧﺬ ﺑﻪ ﻓﻰ ﻗﻮﻟﻪ:"ﻟﻴﺲ ﻣﻨﺎ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳجلّ ﻛﺒﻴﺮﻧﺎ ﻭﻳﺮﺣﻢ ﺻﻐﻴﺮﻧﺎ ﻭﻳﻌﺮﻑ ﻟﻌﺎﻟﻤﻨﺎ ﺣﻘﻪ" ﺇﻥ اﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ـ ﺃﺧﻄﺄ ﺃﻡ ﺃﺻﺎﺏ ـ ﻣﻌﺬﻭﺭ ﻭﻣﺄﺟﻮﺭ ، ﻓﻠﻢ اﻟﺘﻄﺎﻭﻝ ﻭاﻹﻳﺬاء ؟ ﺛﻢ ﻣﻦ ﺃﻟﺰﻡ اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﺑﺮﺃي ﻣﻌﻴﻦ ﻟﻮاﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻷﻛﺎﺑﺮ؟ ﻟﻴﻜﻦ ﺃﻓﻘﻨﺎ ﻭاﺳﻌﺎ ﻭﺧﻠﻘﻨﺎ ﺃﻭﺳﻊ.))
دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين . الإمام محمد الغزالي

هؤلاء لا سلف ولا خلف

هؤلاء لا سلف ولا خلف
((••ﻭﺭﺃﻳﺖ ﻧﺎﺳﺎ ﺗﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺒﺪاﻭﺓ ﻳﻜﺮﻫﻮﻥ اﻟﻤﻜﺘﺸﻔﺎﺕ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻭﻻ ﻳﺤﺴﻨﻮﻥ اﻻﻧﺘﻔﺎﻉ ﺑﻬﺎ ﻓﻰ ﺩﻋﻢ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺣﻤﺎﻳﺔ ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻬﺎ، ﻭﻳﺮﻓﻀﻮﻥ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻰ اﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮﻥ ﻣﺜﻼ ﻷﻥ ﻇﻬﻮﺭ اﻟﺼﻮﺭﺓ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﺷﺔ ﺣﺮاﻡ، ﻭﻳﺘﻨﺎﻭﻟﻮﻥ اﻟﻤﻘﺮﺭاﺕ اﻟﻔﻠﻜﻴﺔ ﻭاﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﻬﺰء ﻭاﻹﻧﻜﺎﺭ، ﻭﻫﺆﻻء ﻓﻰ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﺳﻠﻒ ﻭﻻ ﺧﻠﻒ ، ﻭﺃﺩﻣﻐﺘﻬﻢ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺟﺪﻳﺪ.
••ﻭﺭﺃﻳﺖ ﻧﺎﺳﺎ ﻳﺘﺒﻌﻮﻥ اﻷﻋﻨﺖ اﻷﻋﻨﺖ ، ﻭاﻷﻏﻠﻆ اﻷﻏﻠﻆ ، ﻣﻦ ﻛﻞ ﺭﺃي ﻗﻴﻞ، ﻓﻤﺎ ﻳﻔﺘﻮﻥ اﻟﻨﺎﺱ ﺇﻻ ﺑﻤﺎ ﻳﺸﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻳﻨﻐﺺ ﻣﻌﺎﻳﺸﻬﻢ، ﻭﻳﺆﺧﺮ ﻣﺴﻴﺮﺓ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻓﻰ اﻟﺪﻧﻴﺎ ، ﻭﻳﺄﻭي ﺑﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﻛﻬﻮﻓﻬﺎ اﻟﻤﻈﻠﻤﺔ . ﻭﻫﺆﻻء ﺃﻳﻀﺎ ﻻ ﺳﻠﻒ ﻭﻻ ﺧﻠﻒ. ﺇﻧﻬﻢ ﺃﻧﺎﺱ ﻓﻰ اﻧﺘﺴﺎﺑﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﻋﻠﻮﻡ اﻟﺪﻳﻦ ﻧﻈﺮ، ﻭﺃﻏﻠﺒﻬﻢ ﻣﻌﺘﻞ اﻟﻀﻤﻴﺮ ﻭاﻟﺘﻔﻜﻴﺮ. ••ﻭﺭﺃﻳﺖ ﻧﺎﺳﺎ ﻳﺘﺒﻌﻮﻥ ﺇﻟﻐﺎء اﻟﺮﻗﻴﻖ ﺑﻌﻴﻮﻥ ﻛﺌﻴﺒﺔ! ﻗﻠﺖ ﻟﻬﻢ: ﺃﻻ ﺗﻌﺮﻓﻮﻥ ﺃﻥ ﻫﺆﻻء اﻟﻌﺒﻴﺪ ﻫﻢ ﺃﺣﺮاﺭ ﺃﻭﻻﺩ ﺃﺣﺮاﺭ اﺧﺘﻄﻔﺘﻬﻢ ﻋﺼﺎﺑﺎﺕ اﻟﻨﺨﺎﺳﺔ ﻣﻦ ﺃﻗﻄﺎﺭﻫﻢ ، ﻭﺑﺎﻋﺘﻬﻢ ﻛﻔﺮاﻧﺎ ﻭﻋﺪﻭاﻧﺎ ﻟﻴﻜﻮﻧﻮا ﻟﻜﻢ ﺧﺪﻣﺎ ، ﻭﻫﻢ ﻓﻰ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺳﺎﺩﺓ؟! ﻣﺎ اﻟﺴﻠﻔﻴﺔ التي ﺗﻘﺮ ﻫﺬا اﻟﺒﻼء؟ ﻭﻣﺎ ﻫﺆﻻء اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﺿﺎﻗﻮا ﺑﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﻴﺼﻞ ﻓﻰ ﺗﺤﺮﻳﺮﻫﻢ ، ﻭﺇﻟﻐﺎء ﺑﻴﻌﻬﻢ ﻭ ﺷﺮاﺋﻬﻢ ؟ ﺇﻥ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺸﻬﻴﺪ ﺃﻭﻟﻰ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻨﻬﻢ
••ﻭﺭﺃﻳﺖ ﻧﺎﺳﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ: ﺇﻥ ﺁﻳﺔ (ﻭﻗﺎﺗﻠﻮا ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻠﻪ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺎﺗﻠﻮﻧﻜﻢ ﻭﻻ ﺗﻌﺘﺪﻭا) ﻣﺮﺣﻠﻴﺔ. ﻓﺈﺫا ﺃﻣﻜﻨﺘﻨﺎ اﻟﻴﺪ ! ﻟﻢ ﻧﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ. ﻗﻠﺖ: ﻣﺎ ﻫﺬﻩ ﺳﻠﻔﻴﺔ. ﻫﺬا ﻓﻜﺮ ﻗﻄﺎﻉ ﻃﺮﻕ ﻻ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺩﻋﻮﺓ ﺷﺮﻳﻔﺔ ﺣﺼﻴﻔﺔ، ﻭﺃﻭﻟﺌﻚ ﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺗﺪﺭﻳﺲ اﻹﺳﻼﻡ ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻼﻣﺬﺓ ﺑﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﺪﻣﻮا ﻓﻰ اﻟﻤﺤﺎﻓﻞ اﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭاﻟﻤﺠﺎﻣﻊ اﻟﺪﻭﻟﻴﺔ .
••ﺇﻥ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼمي اﻵﻥ ﻣﺘﺨﻠﻒ ﺣﻀﺎﺭﻳﺎ ، ﻭﻣﻀﻄﺮﺏ ﺃﺧﻼﻗﻴﺎ ﻭاﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ﻭﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ، ﻭﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ اﻷﻣﻢ اﻟﻘﺎﺋﺪﺓ اﻟﺼﺎﻋﺪﺓ ﺃﻣﺪ ﺑﻌﻴﺪ. ﻫﺬﻩ اﻷﻣﻢ ﺗﻌﻠﻢ ﻇﺎﻫﺮا ﻣﻦ اﻟﺤﻴﺎﺓ اﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﺗﻔﺘﻘﺮ ﺇﻟﻰ ﺟﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮ ﻳﺬﻛﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﻟﻘﺎﺋﻪ. ﻭاﻹﺳﻼﻡ ﻭﺣﺪﻩ ﻫﻮ اﻟﻤﺎﻟﻚ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﻬﺎﺩﻳﺔ . ﻭلكي ﺗﺆدي ﺃﻣﺘﻪ ﺭﺳﺎﻟﺘﻬﺎ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻣﺮاﻥ: اﻷﻭﻝ: ﺃﻥ ﺗﻄﻮي ﻣﺴﺎﻓﺔ اﻟﺘﺨﻠﻒ اﻟﺤﻀﺎﺭي، ﻭاﻻﺿﻄﺮاﺏ اﻹﻧﺴﺎني اﻟﺬي ﻳﺸﻴﻨﻬﺎ ﻭﻻ ﻳﺰﻳﻨﻬﺎ. ﻭاﻟﺜﺎني: ﺃﻥ ﺗﺘﻘﺪﻡ ﺑﺸﺮﻑ ﻭﻛﻴﺎﺳﺔ ﻟﺘﻘﻮﻝ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻛﻠﻬﻢ: (ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎﺱ ﻗﺪ ﺟﺎءﻛﻢ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﻣﻦ ﺭﺑﻜﻢ ﻭﺃﻧﺰﻟﻨﺎ ﺇﻟﻴﻜﻢ ﻧﻮﺭا ﻣﺒﻴﻨﺎ) . ولكي ﻧﻨﺠﺢ في ﻋﻤﻠﻨﺎ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ نقتفي ﺁﺛﺎﺭ ﺳﻠﻔﻨﺎ . ﻭاﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻫﻨﺎ ﻋﻨﻮاﻥ ﻛﺒﻴﺮ ﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺃﺳﺎﺳﻬﺎ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺤﺮ اﻟﻤﻜﺘﺸﻒ اﻟﺪؤﻭﺏ.ﺇﻥ ﻫﺬا اﻟﻌﻘﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺭﻛﺐ ﻋﻦ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻰ اﻟﺬاﺕ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻭﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﺼﻔﺎﺕ، ﻛﺎﻥ ﻳﺤﺘﺮﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﻗﻒ. ﻭاﻟﻌﻠﻢ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻧﺠﺢ ﺃﻳﻤﺎ ﻧﺠﺎﺡ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺤﺚ ﻓﻰ اﻟﻤﺎﺩﺓ اﻟﺘﻰ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﺒﺤﺚ ﻓﻰ ﺭﺑﻬﺎ ـ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ـ ﻓﺄﻧﻰ ﻟﻪ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﻭﻻ ﻳﻘﺪﺭ؟!
- ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺫﻟﻚ ﻧﺮﻓﺾ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ اﻟﻜﻼﻣﻴﺔ، ﻭﻧﻘﺒﻞ اﻟﻤﺬاﻫﺐ اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ، ﻭﻧﻀﻊ اﻟﺸﺒﻜﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﻰ ﻳﺘﻄﻠﺒﻬﺎ اﻧﺘﻘﺎﻝ اﻟﺤﻴﺎﺓ ﻣﻦ ﻃﻮﺭ ﺇﻟﻰ ﻃﻮﺭ.
- ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺫﻟﻚ ﻧﻬﺶ ﻟﻠﺘﻘﺪﻡ العلمي ﻭﻧﻄﻮﻋﻪ ﻟﻨﺼﺮﺓ ﻣﺒﺎﺩﺋﻨﺎ ﻭﻣﺜﻠﻨﺎ.
- ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺫﻟﻚ ﻧﺮﻯ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﺯاﺣﺔ اﻟﺒﻠﻪ ﻭﺫﻭي اﻟﻌﻘﺪ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﻴﺎﺩﺓ اﻟﻔﻜﺮ الديني ، ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻏﺸﺎﻭاﺕ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺼﺎﺋﺮ ، ﻭﺣﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻀﻤﺎﺋﺮ.
- ﺇﻧﻨﺎ ﻣﺤﺘﺎﺟﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻓﻘﻬﺎء ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻰ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﻤﺎﻝ ﻭاﻟﺤﻜﻢ ، ﻭﻳﺮﻓﻀﻮﻥ ﺃﻥ ﻳﺴﺒﻘﻬﻢ اﻹﻟﺤﺎﺩ ﺇﻟﻰ اﺟﺘﺬاﺏ اﻟﺸﻌﻮﺏ اﻟﻔﻘﻴﺮﺓ ﻓﻰ ﻫﺬﻩ اﻟﻤﻴﺎﺩﻳﻦ اﻟﺨﻄﻴﺮﺓ. ﻭﻣﺤﺘﺎﺟﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻓﻘﻬﺎء ﻳﻬﻴﻤﻨﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺷؤﻮﻥ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭاﻹﻋﻼﻡ ﺑﺮﺣﺎﺑﺔ اﻹﺳﻼﻡ ﻭﺑﺸﺎﺷﺘﻪ ﻻ ﺑﺎﻟﺘﺰﻣﺖ ﻭاﻟﺘﻜﻠﻒ .ﺇﻥ اﻟﻔﻘﻪ الاسلامي ﻛﻤﺎ ﻗﺪﻣﻪ ﺳﻠﻔﻨﺎ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﻣﻌﺠﺰﺓ ، ﺃﻣﺎ اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼمي ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺪﻣﻪ اﻟﺒﻌﺾ اﻵﻥ ﻓﻬﻮ ﻳﻤﻴﺖ ﻭﻻ ﻳﺤﻴﻰ.))
دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين - محمد الغزالي .

رد قضيّة التكفير عند سيد قطب

رد قضيّة التكفير عند سيد قطب

لاالكاتب :   محمد المطر
رد قضيّة التكفير عند سيد قطب

قضية المفاصلة عند قطب هي المفاصل الشعورية التي لابد أن تنشأ تلقائياً في حس المسلم الملتزم تجاه من لا يلتزمون بأوامر الإسلام ولكنها ليست المفاصلة الحسية المادية

قطب وصف الأمة اليوم بالأمة الإسلامية رغم أنه يراها أمة تعيسة ولم تطبق أحكام الإسلام في واقعها فلم ينفِ عنها إسلامها

يرى أن مهمتنا ليست إصدار الأحكام على الناس ولكن تعريفهم بحقيقة: «لا إله إلا الله» لأن الناس لا يعرفون مقتضاها الحقيقي وهو التحاكم إلى شريعة الله

تطرقتُ في أكثر من مرة لقضية التكفير عند سيد قطب رحمه الله تعالى، وهذا الموضوع أُشبع نقاشاً في مؤلفات ومقالات كثيرة، وفي الإعادة إفادة، فقد اتفق الكثيرون من الأقرباء لسيد قطب وحتى بعض مخالفيه بأنه صاحب أسلوب أدبي رفيع، وموهم أحياناً بعباراته، وكذلك مصطلحات مجملة تحتاج إلى بيان.

سيد قطب بالاتفاق لم يقم بالتكفير عيناً لأشخاص أو مجتمعات أو دول، وهذا يحرر موطن النزاع أكثر بأن الخلاف لفظي وناتج عن فهم السياق والمواضع، الفهم الخاطئ للكلام المنزل أو البشري لا يستلزم حمل النصوص لجانب معين وينطبق هذا على سيد قطب؛ ففهم كلامه لنتيجة معينة لا يستلزم صحة الفهم، الآيات والأحاديث وأقوال السلف قد تفهم بطريقة خاطئة؛ فكيف بأقوال سيد قطب؟ حيث يتم استنتاج المعاني بالتحقيق والبحث العلمي الشامل، وأذكر أن الشيخ محمد أحمد الراشد قال لنا: إنهم تدارسوا كتب سيد قطب بالعراق مثلاً ولم يفهموا معاني تكفيرية، فلا يقاس فهم البعض على الحقيقة، وهنا أضع بعض الأقوال لعبارات أكثر وضوحاً لموقف سيد قطب من التكفير:

1- نقل المستشار عبدالله العقيل عن سيد قطب قوله: «إن مهمتنا ليست إصدار الأحكام على الناس، ولكن مهمتنا تعريفهم بحقيقة لا إله إلا الله؛ لأن الناس لا يعرفون مقتضاها الحقيقي وهو التحاكم إلى شريعة الله» (من كتاب «أعلام الحركة الإسلامية» لعبدالله العقيل، ص 652).

2- هنا يبين مبدأ استخدام القوة لفرض النظام الإسلامي في المكان الذي لا يطبقه، وها هو الشهيد يصف المجموعة التي تولى تربيتها عام 1965م، عندما تم اعتقاله تمهيداً لإعدامه: «لقد اتفقنا على مبدأ عدم استخدام القوة لقلب نظام الحكم وفرض النظام الإسلامي من أعلى؛ لأن المطالبة بإقامة النظام الإسلامي وتحكيم شريعة الإسلام ليست هي نقطة البدء، وإنما هي نقل المجتمعات ذاتها إلى المفهومات الإسلامية الصحيحة، وتكوين قاعدة إن لم تشمل المجتمع كله، فعلى الأقل تشمل عناصر وقطاعات تملك التوجيه والتأثير في اتجاه المجتمع كله إلى الرغبة والعمل في إقامة النظام الإسلامي» (كتاب «شبهات حول الفكر الإسلامي المعاصر» للمستشار سالم البهنساوي، ص 237، وكتاب «العبقري العملاق سيد قطب» ص 83 للأستاذ إبراهيم منير).

3- يكمل سيد قطب موضوع فرض النظام الإسلامي فيقول رحمه الله: «ولا بد إذاً أن تبدأ الحركات الإسلامية من القاعدة، وهي إحياء مدلول العقيدة الإسلامية في القلوب والعقول، وتربية مَن يقبل هذه الدعوة وهذه المفهومات الصحيحة تربية إسلامية صحيحة.. وعدم محاولة فرض النظام الإسلامي عن طريق الاستيلاء على الحكم قبل أن تكون القاعدة المسلمة في المجتمعات هي التي تطلب النظام الإسلامي؛ لأنها عرفته على حقيقته وتريد أن تحكم به...» (جريدة «المسلمون»، من مقالة بعنوان «لماذا أعدموني؟» ذكرت كلمات وكتابات له).

4- محمد قطب يتحدث عن أخيه ومفهومه للتكفير: «إن كتابات سيد قطب قد تركزت حول موضوع معين، هو: بيان المعنى الحقيقي لـ لا إله إلا الله، شعوراً منه بأن كثيراً من الناس لا يدركون هذا المعنى على حقيقته، وبيان المواصفات الحقيقية للإيمان، كما وردت في الكتاب والسُّنة، شعوراً منه بأن كثيراً من هذه المواصفات قد أُهمل، أو غفل الناس عنه! ولكنه مع ذلك حرص حرصاً شديداً على أن يبين أن كلامه هذا ليس مقصوداً إصدار أحكام على الناس، وإنما المقصود به تعريفهم بما غفلوا عنه من هذه الحقيقة، ليتبنوا هم لأنفسهم: إن كانوا مستقيمين على طريق الله كما ينبغي، أم أنهم بعيدون عن هذا الطريق، فينبغي إليهم أن يعودوا إليه».

ويضيف: ولقد سمعته بنفسي أكثر من مرة يقول: «نحن دعاة ولسنا قضاة»، إن مهمتنا ليست إصدار الأحكام على الناس، ولكن مهمتنا تعريفهم بحقيقة «لا إله إلا الله» لأن الناس لا يعرفون مقتضاها الحقيقي، وهو التحاكم إلى شريعة الله! كما سمعته أكثر من مرة يقول: «إن الحكم على الناس يستلزم وجود قرينة قاطعة لا تقبل الشك! وهذا أمر ليس في أيدينا، ولذلك نحن لا نتعرض لقضية الحكم على الناس، فضلاً عن كوننا دعوة ولسنا دولة، دعوة مهمتنا بيان الحقائق للناس، لا إصدار الأحكام عليهم.

أما بالنسبة لقضية المفاصلة، فقد بيَّن في كلامه أنها المفاصلة الشعورية، التي لا بد أن تنشأ تلقائياً في حس المسلم الملتزم، تجاه من لا يلتزمون بأوامر الإسلام، ولكنها ليست المفاصلة الحسية المادية؛ فنحن نعيش في هذا المجتمع، وندعوه إلى حقيقة الإسلام، ولا نعتزله! وإلا فكيف ندعوه؟

5- هنا يفرق سيد قطب بين العالم الإسلامي بشكل عام والمجتمع المطبق للشريعة ويقول: «وإن يوم الخلاص لقريب، وإن الفجر ليبعث خيوطه، وإن النور يتشقق به الأفق، ولن ينام هذا العالم الإسلامي بعد صحوته، ولن يموت هذا العالم الإسلامي بعد بعثه، ولن تموت العقيدة الحية التي قادته في كفاحه» («في ظلال القرآن» ج 2، ص 940)، فهل هذا كلام مَن يكفر الشعوب أم من يحرص عليها ويضع أمله فيها، ويعرف مواطن الضعف والقوة؟

6- سيد قطب يفرق بين الأمة المسلمة كديانة والأمة المطبقة للشريعة أيضاً: «وقد بهتت صورة الزكاة في حسِّنا وحسِّ الأجيال التعيسة من الأمة الإسلامية التي لم تشهد نظام الإسلام مطبقاً في عالم الواقع ولم تشهد هذا النظام يقوم على أساس التصور الإيماني والتربية الإيمانية» (الظلال في تفسير الآية 177 من سورة البقرة).

فالأستاذ سيد وصف الأمة اليوم بالأمة الإسلامية رغم أنه يراها أمة تعيسة ولم تطبق أحكام الإسلام في واقعها، فلم ينفِ عنها إسلامها.

7- هنا يبين سيد قطب بالتحقيق معه الفرق بين المسلم المنتمي للجماعة والمسلم العادي، ويؤكد أنه لا يكفِّر أحداً:

- س: فلم التمييز بين أفراد هذه الجماعة والمسلمين قاطبةً وهم جميعاً أصحاب عقيدة وأهداف وبرنامج؟

- أجاب: التمييز - في رأيي - ليس تمييز شخص على شخص، ولكن فقط باعتبار أن الجماعة ذات برنامج، وأن كل فردٍ مرتبط بهذا البرنامج لتحقيق الإسلام عملياً، وهذا هو وجه التمييز في رأيي (لماذا أعدموني؟).

8- الشيخ فيصل مولوي رحمه الله يذكر نصاً لسيد قطب يفرق بين الأمة والفرد وتطبيق الشريعة في تفسير قوله تعالى في سورة «الأنفال»: "وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ" (الأنفال:72)، يقول سيد قطب: «فهؤلاء الأفراد ليسوا أعضاء في المجتمع المسلم، ومن ثم لا تكون بينهم وبينه ولاية، ولكن هناك رابطة العقيدة»؛ فسيد قطب لم يحكم على هؤلاء المسلمين بالردة مع أنهم يعيشون خارج المجتمع المسلم، واحتفظ لهم بصحة العقيدة، وذلك هو الموقف الصحيح لأن الله تعالى وصفهم بالإيمان.

9- هنا يبين سيد قطب أن الأصل بالمسلم الإسلام بظاهره وهذا الكلام بسورة «النساء» وآخر سور فسرها قبل الإعدام رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: "وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً" (النساء:94)، يقول السيد رحمه الله: «يأمر الله المسلمين إذا خرجوا غزاة، ألا يبدؤوا بقتال أحد أو قتله حتى يتبينوا، وأن يكتفوا بظاهر الإسلام في كلمة اللسان، إذ لا دليل يناقض كلمة اللسان»؛ فيقول الشيخ فيصل مولوي: السيد يكتفي هنا بظاهر الإسلام في كلمة اللسان، ويعتبر الإنسان بذلك مسلماً معصوم الدمّ، ولو قلنا: إنّ سيد قطب يعتبر المؤذن مرتداً بمعنى الكفر واستباحة الدم، لكان هذا متناقضاً مع ما ورد في تفسير هذه الآية عند السيد قطب نفسه يرحمه الله.

كان فكر سيد قطب -رحمه الله- نقلة نوعية في المسار الفكري للصحوة الإسلامية عموما وللإخوان المسلمين خصوصا، وكان على الحركة (الأم) كما أسموها أن تحدد موقفها من هذه الأطروحات.. ووقفت القيادة التقليدية للإخوان في مصر من سيد وأفكاره موقفا رافضا مناوئا.. فقد كانت نظرياته في الحاكمية والولاء والبراء، والمفاصلة مع الجاهلية والتمايز في الهوية والمنهج.. مفرقا هاما كان على الإخوان أن يقرروا السير معه أو الافتراق عنه في ردة فعل تحيد بهم حتى عن ثوابت أساسية كان عليها المنهج عندهم. واختار الإخوان الطريق الثاني تجنبا للصدام مع السلطة وبدت آثار السجن والقمع والسياط جلية في ملامحهم الفكرية الجديدة، فقد كتب المرشد العام حسن الهضيبي كتابه الشهير (دعاة لا قضاة) ردا على كتاب (معالم في الطريق) وما حمله (في ظلال القرآن) من أفكار المواجهة والصدام مع الجاهلية التي يجسدها النظام السياسي القائم، وما يفرض على المجتمعات من تحول.. وهنا افترقت حركة الإخوان المسلمين والصحوة السياسية المعاصرة إلى مدرستين متمايزتين متناقضتين.. فجسد كتاب (المعالم) وفكر سيد عموما، فكر الحــاكمية والتمايز والمفاصلة، وبالتالي الحكم بالكفــر والـردة على أنظمة الحكم القائمة والدعوة الصريحة لجهــ ـادها ورسم معالم طريق هذا الجهـ ـاد.. وشكل كتاب (دعاة لا قضاة) كما يدل عنوانه المعبر، منهج الإخوان الجديد وبداية مسار التراجع الذي ابتدؤوه من حينها، وكانت خلاصة نظريته أن رواد الصحوة الإسلامية عبارة عن دعاة إلى الإسلام والإصلاح، وليسوا قضاة على الحكــام والناس وما هم فيه من أحوال، حتى يحكموا بانتمائهم للإسلام أو خروجهم عنه. وشكل هذا الكتاب أحد أهم مرتكزات الإرجاء السياسي المعاصر في الحركة الإسلامية الناهضة، حيث شملت شهادته بالإسلام للسلطات المـرتدة وأركانها في مصر وغيرها.

عدد المشاهدات 6116