السبت، 20 يوليو 2019

حكم قص الأظافر أو حلق الشعر في الأيام العشر من ذي الحجة.

حكم قص الأظافر أو حلق الشعر في الأيام العشر من ذي الحجة.
السؤال: ما حكم الأضحية لغير الحاج؟ وهل هناك شروط خاصة يجب اتباعها وذلك عند نية الأضحية ؟
جواب فضيلة الشيخ:
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..

الأضحية سنة مؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ضحى عليه الصلاة والسلام عن نفسه بكبشين أملحين أقرنين، عنه وعن آل بيته، قال: اللهم هذا عن محمد وآله وضحى عمن لم يضح من أمته صلى الله عليه وسلم.
ويقول الإمام أبو حنيفة: إن الأضحية واجب، والواجب عنده فوق السنة ودون الفرض، فيرى أنها واجب على ذوي اليسار، والسعة، الحديث " من كان عنده سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا" فأخذ من هذا أنها واجبة. فإن لم يثبت وجوبها فهي سنة مؤكدة وفيها فضل عظيم.
ووقتها يبدأ من بعد صلاة العيد، أسبق صلاة عيد في البلد، بعدها تشرع الأضحية، وقبل ذلك لا تكون أضحية، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من ذبح قبل صلاة العيد أن يعتبر شاته شاة لحم، ليست شاة نسك، وليست شاة عبادة قربة.. حتى لو تصدق بها كلها، فإنه يكتب له ثواب الصدقة ولا يكتب له ثواب الضحية؛ لأن التضحية عبادة، والعبادات إذا حد الشارع لها حدًا، ووقت لها ميقاتًا، لا ينبغي أن نتجاوزه أو نتقدم عليه، كالصلاة، هل يجوز أن تصلي الظهر قبل وقتها ؟ لا يجوز؛ كذلك الأضحية لها وقت معين.
هناك بعض الناس في بعض البلاد يذبحون في ليلة العيد، وهذا خطأ، وتضييع للسنة وتضييع لثواب الأضحية، وإذا عرف عليه أن يعيد الأضحية، خاصة إذا كان عليه نذر؛ فيجب عليه وجوبًا أن يعيد، فيبدأ من بعد صلاة العيد.
ويجوز أن يذبح في يوم العيد نفسه، وفي ثاني يوم وفي ثالث يوم العيد.. بل هناك قول بالجواز في رابع أيام العيد.. آخر أيام التشريق، والأولى أن يذبح إلى الزوال، فإذا جاء وقت الظهر ولم يذبح، يؤخر لليوم الثاني، وبعض الأئمة يقولون: حتى بعد ذلك يصح الذبح ليلا ونهارًا؛ ولهذا أرى أنه ليس من الضروري أن يذبح الناس كلهم في أول يوم العيد، حيث يكون هناك زحمة على الذبح، فيمكن أن يؤخر بعض الناس الذبح إلى اليوم الثاني أو الثالث، فيكون بعض الناس بحاجة إلى اللحم، فيستطيع أن يوزع في اليوم الثاني أو الثالث على أناس لعلهم يكونون أحوج إلى اللحم من أول أيام العيد. هذا هو وقت الأضحية.
وما يجزئ في الأضحية هو: الإبل والبقر والغنم؛ لأنها هي الأنعام، فيصح أن يذبح أيًا من هذه الأصناف. والشاة عن الواحد، والمقصود بالواحد: الرجل وأهل بيته. كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: هذا عن محمد وآله، وقال أبو أيوب: كنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يذبح الرجل عن نفسه وأهله شاة واحدة، حتى تباهي القوم فصاروا إلى ما ترى. فهذه هي السنة.
وبالنسبة للبقر والإبل، فيكفي سبع البقرة أو سبع الناقة عن الواحد، فيستطيع أن يشترك سبعة أشخاص في البقرة، أو في الناقة، بشرط ألا تقل البقرة عن سنتين والناقة عن خمس سنوات، والماعز عن سنة، والضأن عن ستة أشهر. الضأن الجذع، أباح النبي عليه الصلاة والسلام ذبحه ولو كان عمره ستة أشهر، واشترط أبو حنيفة أن يكون سمينًا، وإلا أتم السنة. هذا ما يجزئ في الأضحية.
وكلما كانت أسمن وأحسن كان ذلك أفضل؛ لأنها هدية إلى الله عز وجل.. فينبغي على المسلم أن يقدم إلى الله أفضل شيء، أما أن يجعل لله ما يكره.. فلا؛ ولهذا لا يجوز أن يضحي بشاة عجفاء هزيلة شديدة الهزال، أو عوراء بين عورها، أو عرجاء بين عرجها، أو ذهب أكثر قرنها، أو كانت أذنها مشوهة، أو ذات عاهة أيًا كانت هذه العاهة.. لا ! إنما ينبغي على المسلم أن يقدم الشيء النظيف لأنه - كما قلت - هدية إلى الله سبحانه وتعالى.. فليتخير العبد ما يهديه إلى ربه.. وذلك من الذوق السليم، والله سبحانه لن يناله لحومها ولا دماؤها، ولكن يناله التقوى منكم.
هل يتصدق بثمن الضحية؟
أما أيهما أولى: الصدقة بثمن الضحية أم الذبح؟
أما بالنسبة للحي، فإن الذبح أولى؛ لأن الذبح شعيرة وقربة إلى الله عز وجل (فصل لربك وانحر) فنحن ننحر اقتداء بسنة أبينا إبراهيم، وتذكيرًا بذلك الحدث الجليل، حدث التضحية.
إبراهيم حين جاءه الوحي في الرؤيا، بأن يذبح ولده إسماعيل واستجاب لهذا الوحي، وذهب إلى ابنه وفلذة كبده، إسماعيل بكره الوحيد الذي جاءه على الكبر، وعلى شوق وفي غربة، فبعد هذا كله، وبعد أن رزقه الله، وبشره بغلام حليم، وبلغ معه السعي، وأصبح يرجى منه، جاءه الوحي عن طريق الرؤيا الصادقة ليذبحه إنه امتحان.. وامتحان عسير.. على أب في مثل هذه السن، وفي مثل هذه الحال، وفي ولد ذكر نجيب حليم، وبعد أن بلغ معه السعي، في سن أصبح يرجى منه، كل هذا ويأتيه الأمر الإلهي: اذبحه! يريد الله أن يختبر.. قلب خليله إبراهيم، أما زال خالصًا لله عز وجل؟ أم أصبح متعلقًا مشغولاً بهذا الولد؟
هذا هو البلاء المبين.. والامتحان الدقيق العسير، ولكن إبراهيم نجح في الامتحان، ذهب إلى ابنه، ولم يرد أن يأخذه على غرة، ولا على غفلة، ولكن بصره بالأمر وقال له:"يابني إني أرى في المنام إني أذبحك، فانظر ماذا ترى" (الصافات: 102) ولم يكن في روعة موقف الوالد إلا موقف الولد فإنه لم يتمرد، ولم يتردد، بل قال في ثقة المؤمن وإيمان الواثق:"يا أبت افعل ما تؤمر" (نفذ ما لديك من أوامر) "ستجدني إن شاء الله من الصابرين" (الصافات: 103) كلام يشيع منه الإيمان والقوة والتواضع والتوكل على الله.
لم يجعلها بطولة أو ادعاء للشجاعة، بل علق ذلك على المشيئة (ستجدني - إن شاء الله - من الصابرين ) رد الأمر إلى الله، ووكله إليه سبحانه وتعالى، فهو الذي يهب الإنسان اليقين، يمنحه الصبر، ويهبه قوة الأعصاب، "فلما أسلما" (الصافات: 103) أسلم الوالد ولده، وأسلم الولد عنقه، "وتله للجبين" صرعه إلى جبينه، وأراد أن ينفذ ما أمر به، جاءته البشرى، "أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا هو البلاء المبين . وفديناه بذبح عظيم" (الصافات: 104 -107) جاءه جبريل بالكبش، وقال له: اذبح هذا بدلاً عن ابنك؛ فأصبحت سنة في هذا اليوم؛ نضحي تذكيرًا بهذا الحدث.
الأمم دائمًا تحاول أن تخلد أحداثها، وتجسد ذكرياتها العظيمة وتحتفل بأيام مجدها.. يوم الاستقلال.. يوم الجلاء.. يوم النصر.. إلخ؛ فكذلك هذا اليوم من أيام الله، من أيام الإنسانية، من أيام الإيمان هذا يوم بطولة خالدة، خلده الله بشعيرة الأضحية.. فالمسلم يضحي بهذا اليوم، وذلك سنة وهو أفضل من التصدق بثمنها؛ لأنه لو تصدق كل الناس بثمن أضاحيهم، فمعنى ذلك أن هذه الشعيرة تموت، والإسلام يريد أن يحيها، فلاشك أن الذبح أفضل، ولكن هذا في حق الحي، وهو من يضحي عن نفسه وعن أولاده.
ولكن إذا كان للإنسان ميت، ويريد أن يهدي إليه في قبره ثوابًا، فماذا يصنع؟ هل يذبح؟ أم يتصدق بالثمن؟
القول الذي أرجحه وأرتاح إليه، أنه في البلد الذي تكثر فيه الذبائح ويكون الناس في غني عن اللحم، يكون في هذه الحالة التصدق بثمن الأضحية عن الميت أفضل؛ لأن الناس كلهم عندهم لحوم، وكلهم مستغنون يوم العيد وفي اليومين التاليين له، ولكن لعل أكثرهم بحاجة إلى دراهم يشتري بها ثوبًا لابنته، أو لعبة لابنه، أو حلوى لأطفاله أو غير ذلك، فهم في حاجة إلى من يوسع عليهم في هذه الأيام المباركة أيام العيد وأيام التشريق؛ فلهذا تكون الصدقة عن الميت أفضل من الضحية في مثل هذه البلاد.
أما في البلاد التي يقل فيها اللحم، ويكون الناس في حاجة إلى اللحوم، ففي هذه الحالة، إذا ضحى الإنسان عن الميت ووزع لحم الأضحية عن ميته يكون أفضل. هذا هو الذي أختاره في هذه الناحية.
ثم هناك أمر آخر، وهو أن الميت تشرع الصدقة عنه بإجماع المسلمين، لم يخالف فيها أحد، فهنا أمران لم يخالف فيهما مذهب: الصدقة عن الميت، والدعاء والاستغفار له، أما ما بعد ذلك مثل: أن تقرأ عنه القرآن، أو تذبح عنه، أو غير ذلك، وكل هذه الأمور فيها خلاف.
ولذا فالمتفق عليه خير من المختلف فيه؛ ولهذا أقول :بالنسبة للحي، الأفضل أن يذبح عن نفسه وأهله، وبالنسبة للميت، إذا كان البلد في حاجة إلى اللحم يذبح عن الميت ويضحي عنه، وإذا كان البلد في غير حاجة إلى اللحم؛ فالأولى أن يتصدق بالثمن.
وطبعًا، من حيث توزيع الأضحية، معلوم أن الأولى توزيعها أثلاثًا، ثلث يأكله الإنسان، هو وأهل بيته (فكلوا منها) وثلث لجيرانه من حوله، وخاصة إذا كانوا من أهل الإعسار أو ليسوا من أهل السعة، وثلث للفقراء.. ولو فرض أنه تصدق بها كلها، لكان أفضل وأولى، على شرط أن يأخذ منها قليلاً للسنة والتبرك، كأن يأكل من الكبد أو من سواها، ليصدق عليه أنه أكل منها، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وكما كان يفعل أصحابه. والله أعلم

تخريج الحديث " لأَنْ يُطْعَن فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ ...." ، وحكم مصافحة المرأة الشابة او العجوزة

تخريج الحديث
" لأَنْ يُطْعَن فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ ...." ،
قمنا بجمع طرقه ، و نقد رجاله ، فمن له تعليق أو استدراك ، فليتحفنا به غير مأمور ، و جزاكم الله خيرا .عن مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ ، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لا تَحِلُّ لَهُ " .
حديث منكر
أخرجه الروياني في مسنده (1283) ، و الطبراني في المعجم الكبير (486) و (487) كلاهما من طريق شداد بن سعيد الراسبي عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير عن معقل بن يسار مرفوعا بلفظ : " لأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ ، و في رواية " رجل " بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لا تَحِلُّ لَهُ " .
قلت : و فيه أبو طلحة شداد بن سعيد الراسبي و هو صدوق يخطئ .
وثقه أحمد بن حنبل و أبو بكر البزار و ابن شاهين و النسائي و زهير بن حرب و يحيى بن معين ، و قال البخاري : ضعفه عبد الصمد بن عبد الوارث ، و قال ابن عدي : ليس له كثير حديث ولم أر له حديثا منكرا وأرجو أنه لا بأس به ، و قال أبو أحمد الحاكم و البيهقي : ليس بالقوي ، و قال العقيلي :صدوق في حديثه بعض الشيء له غير حديث لا يتابع عليه ، و قال ابن حبان : ربما أخطأ ، و قال الدارقطني : يعتبر به ، و قال ابن حجر : صدوق يخطئ .
و أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (ج 4/ ص 374/ رقم 5455) فقال : أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد ثنا الأسفاطي ثنا سعيد بن سليمان النشطي ( و صوابه النشيطي ) ثنا شداد بن سعيد أبو طلحة الراسبي عن الجريري عن أبي العلاء عن معقل بن يسار قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :" لأن يكون في رأس رجل مشط من حديد حتى يبلغ العظم خيرا من أن تمسه امرأة ليست له بمحرم " .
قلت : و فيه :
1- سعيد بن سليمان النشطي و هو ضعيف الحديث .
قال عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي حاتم: سمعت أَبِي يَقُول: لا نرضى سَعِيد بْن سُلَيْمَان النشيطي وفيه نظر ، و قال أيضا: سألت أبا زُرْعَة عنه فَقَالَ: نسأل الله السلامة فقلت: صدوق فَقَالَ: نسأل الله السلامة وحرك رأسه وقال: ليس بالقوي وقال أَبُو عُبَيْد الآجري: سألت أبا دَاوُد عَنْ سَعِيد بْن سُلَيْمَان النشيطي فَقَالَ: لا أحدث عنه
و قال الدارقطني : تكلموا فيه ، و قال الذهبي : صويلح الحديث ، و قال ابن حجر في التقريب : ضعيف .
2- سعيد بن إياس الجريري البصري : و هو ثقة الا أنه قد أختلط .
3- شداد بن سعيد الراسبي و هو صدوق يخطىء ، و قد سبقت ترجمته
ثم وجدت له شاهد حسن و لكنه مرسل ، أخرجه سعيد بن منصور في سننه (2168- تحقيق الأعظمي) ، و أبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (ج1/ ص 360 / رقم2493) ، و أبو نعيم الأصبهاني في "الطب النبوي" (511) ، من طريق هشيم بن بشير السلمي عن داود بن عمروالأودي عن عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأن يفرع رأس الرجل فرعا يخلص الفرع إلى عظم رأسه خير له من أن تضع امرأة يدها على رأسه لا تحل له ولأن يبرص الرجل برصا يخلص البرص الى عطفه وساعديه خيرا له من أن تضع امرأة يدها على ساعده لا تحل له .
قلت : و هذا إسناد حسن مرسل ، هشيم بن بشير ثقة يدلس إلا أنه صرح بالسماع فأنتفى تدليسه ، و داود بن عمرو الأودي و هو صدوق حسن الحديث .
ثم وجدت علة للحديث مانعة لتحسين الحديث أو تصحيحه ، و هي المخالفة ، فأن شداد بن سعيد الراسبي قد خولف ، خالفه بشير بن عقبة فأوقفه ، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (ج 4 / ص 15 / رقم 17310 ) ، فقال : حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ , عَنْ بَشِيرِ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ : حدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ , عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ : لأَنْ يَعْمِدَ أَحَدُكُمْ إلَى مِخْيَطٍ فَيَغْرِزُ بِهِ فِي رَأْسِي أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ تَغْسِلَ رَأْسِي امْرَأَةٌ لَيْسَتْ مِنِّي ذَاتَ مَحْرَمٍ.قلت : و بشير بن عقبة و هو الناجي البصري أوثق منه ، فقد وثقه أحمد بن حنبل و عمرو بن علي الفلاس و يحيى بن معين و مسلم بن ابراهيم الدورقي و الذهبي و ابن حجر ، و قال أبو حاتم الرازي : صالح الحديث .
قلت : فتبين لنا مقدار خطأ شداد بن سعيد الراسبي ، فأنه قد رواه مرفوعا ، و أخطأ في متنه ، و أن رواية بشير بن عقبة الناجي هي الصواب .
والخلاصة
وهذا الحديث معلول من وجهين:
1) لحال شداد بن سعيد، وليس بمتقن، ولذا وصفه الحافظ في (التقريب) بأنه صدوق يخطئ، وقد تفرد بهذا اللفظ مرفوعاً، ومثله لا يحتمل تفرده لو لم يخالف، فكيف وقد خالف، وهو الوجه الآتي:
2) أن ابن أبي شيبة أخرج في المصنف (4/15ح 17310) من طريق بشير بن عقبة، عن أبي العلاء، عن معقل موقوفاً عليه من قوله بلفظ: "لأن يعمد أحدكم إلى مخيط فيغرز به في رأسي، أحب إلي من أن تغسل رأسي امرأة ليست مني ذات محرم".
3) وبشير بن عقبة ثقة أخرج له الشيخان، فهو أثبت، وأحفظ من شداد بن سعيد، وفي هذا قرينة ظاهرة أن شداداً قد أخطأ في الحديث من جهتين في رفعه، وفي لفظه، وأن المحفوظ عن أبي العلاء هو ما حدث به بشير عن معقل موقوفاً عليه باللفظ المذكور، والله أعلم.
4) وقد قال المنذري في (الترغيب 2/657)، والهيثمي في (المجمع 4/326): رجاله ثقات، رجال الصحيح، ولا يلزم من ذلك تصحيحه كما لا يخفى.
5) ويغني عن الحديث في دلالته قول عائشة (رضي الله عنها): لا -والله- ما مست يد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يد امرأة قط إلا امرأة يملكها. رواه البخاري (6674)، ومسلم (3470)، والترمذي (3228)، وابن ماجة (2866)، وأحمد (23685)، وغيرهم عن أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها)، والله أعلم.
تتمه لابد منها
حكم مصافحة المرأة الشابة:
ذهب عامة أهل العلم من أتباع المذاهب الأربعة إلى تحريم مصافحة المرأة الأجنبية الشابة غير الشوهاء بدون حائل حتى وإن أمن الشهوة، وإليك كلام بعض أهل العلم في ذلك :
مذهب الحنفية:
في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي: "ولا يجوز له أن يمس وجهها, ولا كفيها, وإن أمن الشهوة؛ لوجود المحرم، وانعدام الضرورة والبلوى.. وهذا إذا كانت شابة تشتهى، وأما إذا كانت عجوزًا لا تشتهى فلا بأس بمصافحتها ومس يدها؛ لانعدام خوف الفتنة". (6/18)
مذهب المالكية:
ذهب المالكية إلى تحريم مصافحة المرأة الأجنبيّة سواء كانت بشهوة أو بغيرها، وسواء كانت شابة أو عجوزًا؛ أخذًا بعموم الأدلة المثبتة للتحريم.
"ولا تجوز مصافحة المرأة: أي الأجنبية وإنما المستحسن المصافحة بين المرأتين لا بين رجل وامرأة أجنبية". (حاشية الصاوي على الشرح الصغير 11/279)
مذهب الشافعية:
المفهوم من كلام الشافعية حرمة مصافحة الأجنبية مطلقاً ولو كانت عجوزاً، وعندهم وجه بجواز المصافحة بشرط وجود الحائل -وليس مباشرة - وشرط أمن الفتنة.
قال النووي: "وقد قال أصحابنا: كل من حرم النظر إليه حرم مسه. وقد يحل النظر مع تحريم المس، فإنه يحل النظر إلى الأجنبية في البيع والشراء والأخذ والعطاء ونحوها. ولا يجوز مسها في شيء من ذلك". (المجموع 4/515)
وقال في موطن آخر: "وقد قال أصحابنا كل من حرم النظر إليه حرم مسه، بل المس أشد، فإنه يحل النظر إلى الأجنبية إذا أراد أن يتزوجها ولا يجوز مسها". (الأذكار 228)
مذهب الحنابلة:
ذهب الحنابلة إلى عدم جواز مصافحة المرأة الأجنبية الشابة، أما العجوز فتجوز مصافحتها، "ولا تجوز مصافحة المرأة الأجنبية الشابة" لأنها شر من النظر، أما العجوز فللرجل مصافحتها على ما ذكره في الفصول والرعاية وأطلق في رواية ابن منصور تكره مصافحة النساء.
قال محمد بن عبد الله بن مهران: "سُئل أبو عبد الله عن الرجل يصافح المرأة قال: لا ، وشدد فيه جداً، قلت: فيصافحها بثوبه، قال: لا. قال رجل: فإن كان ذا رحم قال: لا ، قلت: ابنته، قال: إذا كانت ابنته فلا بأس". (كشاف القناع 2/154)
فالحاصل أنه لم يخالف أحد من أهل العلم المتقدمين من أصحاب المذاهب فيما نعلم في تحريم مس المرأة الأجنبية الشابة غير الشوهاء ومصافحتها بدون حائل.
أدلة تحريم مس المرأة الأجنبية ومصافحتها:
1. امتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن مصافحة النساء حال المبايعة. فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى النبي صلى الله عليه وسلم يمتحنهن بقول الله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ{ إلى آخر الآية. قالت عائشة: فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات فقد أقر بالمحنة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقررن بذلك من قولهن، قال لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انطلقن فقد بايعتكن". لا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط غير أنه بايعهن بالكلام، والله ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء إلا بما أمره الله يقول لهن إذا أخذ عليهن: "قد بايعتكن" كلامًا".
قال الحافظ بن حجر: "قوله: (قد بايعتكِ كلاماً) أن يقول ذلك كلامًا فقط لا مصافحة باليد، كما جرت العادة بمصافحة الرجال عند المبايعة".
وقال الإمام النووي: "قولها: (والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط غير أنه يبايعهن بالكلام) فيه أن بيعة النساء بالكلام من غير أخذ كف، وفيه أن بيعة الرجال بأخذ الكف مع الكلام، وفيه أن كلام الأجنبية يباح سماعه، وأن صوتها ليس بعورة، وأنه لا يلمس بشرة الأجنبية من غير ضرورة كتطبيب وفصد".
2. عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كُتب على ابن آدم نصيبه من الزنى مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه".
يقول الإمام النووي: "معنى الحديث: أن ابن آدم قُدِّر عليه نصيب من الزنى، فمنهم من يكون زناه حقيقيًّا بإدخال الفرج في الفرج الحرام، ومنهم من يكون زناه مجازًا بالنظر الحرام، أو الاستماع إلى الزنى وما يتعلق بتحصيله، أو بالمس باليد بأن يمس أجنبية بيده أو يُقَبِّلها". (16/206)
وقد فسر ابن عباس رضي الله عنه (اللمم) في قوله تعالى: }الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ{ بهذا الحديث.
3. ما رواه الطبراني عن معقل بن يسار يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له"، وفي لفظ آخر عنده: "لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له". (معجم الطبراني الكبير 486)
قال المنذري: رواه الطبراني والبيهقي، ورجال الطبراني ثقات رجال الصحيح، وقال الهيثمي: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح، انتهى. (مجمع الزوائد 4/598) وهو وإن كان متكلم في صحته فإن معناه يوافق الأدلة الأخرى. وهو لايصح كما اسلفنا
4. أن مصافحة الأجنبية ذريعة إلى الافتتان بها فمن غير السائغ أن يُحَرِّم الشارع شيئًا، ثم يجعل الأسباب المؤدية إليه والمغرية به مباحة، ولا يرتاب أحد سَوِيّ في أن لمس الرجل شيئًا من بدن الأجنبية كما هو الحال في المصافحة ذريعة إلى الافتتان بها، وبما أن المصافحة كذلك فإنها تَحْرُم؛ لأنها مقدمة ووسيلة للافتتان بالمرأة.
5. أن الإسلام قد حرَّم النظر إلى الأجنبية بغير سبب مشروع، فمن باب أولى اللمس؛ لأن النظر أقل من اللمس، واللمس أعظم أثرًا في النفس من مجرد النظر، فاللمس فيه بعث للشهوة وتحريكها فوق ما في النظر.
إذن فقياس منع اللمس على منع النظر من باب قياس الأولى وقياس الأولى هو: ما كان الفرع فيه أولى بالحكم من الأصل؛ لقوة العلة فيه، مثل: قياس الضرب على التأفيف، بجامع الإيذاء، فإن الضرب أولى بالتحريم من التأفيف؛ لشدة الإيذاء، واللمس أبلغ من النظر قطعًا، يقول الإمام الرملي الشافعي في شرحه للمنهاج: "(ومتى حرم النظر حرم المس); لأنه أبلغ في إثارة الشهوة إذ لو أنزل به أفطر, بخلاف ما لو نظر فأنزل فإنه لا يفطر".
6. اتفاق أهل العلم على تحريم مصافحة الشاب للأجنبية الشابة غير الشوهاء بدون حائل ولو من غير شهوة، ولم أظفر بأحد قال بجواز ذلك من أهل العلم المتقدمين من أصحاب المذاهب المتبوعة والخلاف حادث في هذه العصور .
مما قد يفهم خطأً:
يفهم بعض الناس بعض الأحاديث أو النصوص عن أهل العلم بطريقة غير صحيحة ومن ذلك.
• حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانت الأمَة مِن إماء أهل المدينة لتأخذ بِيدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت .
فالمراد منه الأخذ المعنوي وهو الرفق والانقياد وهذا ما ذكره شراح الحديث وهو المفهوم من السياق.
قال الحافظ ابن حجر: "والمقصود من الأخذ باليد لازمُه، وهو الرفق والانقياد، وقد اشتمل على أنواع من المبالغة في التواضع؛ لذكره المرأة دون الرجل، والأمة دون الحرة..وهذا دليل على مزيد تواضعه وبراءته من جميع أنواع الكبر صلى الله عليه وسلم". (فتح الباري 10/490 بتصرف)
• ما جاء في الصحيحين والسنن عن أنس أيضًا: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من القيلولة) عند خالته خالة أنس أم حرام بنت ملحان زوج عبادة بن الصامت، ونام عندها، واضعًا رأسه في حجرها وجعلت تفلي رأسه...".
فهذا محمول على أن أم حرام كانت من محارمه صلى الله عليه وسلم, لاسيما وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يزور أختها أم سليم ويمكث عندها.كما ذكر ابن عبد البر:" قال ابن وهب : أم حرام إحدى خالات النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة ؛ فلذلك كان يَقِيل عِندها، ويَنام في حِجرها، وتَفْلِي رأسه". ثم قال:" لولا أنها كانت منه ذات محرم ما زارها ولا قام عندها" . (الاستذكار 5/125)
أو هو محمول على أنه من خصائصه صلى الله عليه وسلم جواز ذلك لقوله تعالى : }النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ{ وفي قراءة أُبيّ وابن مسعود: وهو أبٌ لَهم. وهي قراءة تفسيرية .
لا سيما مع الإجماع على عدم جواز النوم مع وضع الرأس في حجر الأجنبية.
• أما قول بعض الشافعية (نهاية المحتاج 6/191): "ويجوز للرجل دلك فخذ الرجل بشرط حائل وأمن فتنة، وأُخِذ منه حِلُّ مصافحة الأجنبية مع ذينك"
فهو مع كونه قولاً مرجوحاً فهو مشروط بأمرين وجود الحائل وليس المماسة المباشرة مع اشتراط أمن الفتنة.
• وأما ما يروى عن الإمام أحمد من الكراهة مطلقاً فهو يعني كراهة مصافحة المحارم أيضاً لا سيما مع ثبوت تشدد الإمام في المصافحة.
قال المرداوي: "ومنها كره الإمام أحمد رحمه الله مصافحة النساء وشدد أيضاً حتى لمحرم , وجوزه لوالد". (الإنصاف 8 / 32)
لا يصافح وهو المعصوم
(ورسول الله صلى الله عليه وسلم عندما يمتنع عن مصافحة النساء مع أنه المعصوم فإنما هو تعليم للأمة وإرشاد لها لسلوك طريق الاستقامة، وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الطاهر، والفاضل الشريف الذي لا يشك إنسان في نزاهته وطهارته، وسلامة قلبه لا يصافح النساء ويكتفي بالكلام في مبايعتهن مع أنّ أمر البيعة أمر عظيم الشأن فكيف يباح لغيره من الرجال مصافحة النساء مع أنّ الشهوة فيهم غالبة، والفتنة غير مأمونة، والشيطان يجري فيهم مجرى الدم).(روائع البيان للصابوني 2/ 264)
حكم مصافحة العجوز:
العجوز التي لا تُشتهى ولا ترجو نكاحاً وهي التي ليس عليها جناح أن تضع ثيابها كما قال تعالى: }وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{.
اختلف في حكم مصافحتها للرجل على أقوال:
1. عدم جواز مصافحتها مطلقاً وهو مذهب المالكية ورواية في مذهب الحنابلة.
2. جواز مصافحتها بحائل بين اليدين إذا أمنت الفتنة، وهو وجه عند الشافعية.
3. جواز مصافحتها بدون حائل إذا أُمِنت الفتنة من الطرفين، وهو مذهب الحنفية ورواية في مذهب الحنابلة.
والخلاف في المسألة قوي ولكن الراجح عدم جواز مصافحة العجوز بدون حائل، أما مع الحائل فالأمر أهون، وذلك لعدة أمور:
• عدم الدليل على جواز المصافحة مع ورود الدليل على جواز وضع الثياب والأصل هو منع المس.
• لا يمكن قياس المس والمصافحة على النظر لأن المس أعظم.
• لم يثبت عن أحد من الصحابة أثر صحيح في مصافحتهم للعجائز وإنما رويت في ذلك آثار لم تثبت.
هل تكون المصافحة ضرورة؟
يشعر كثير من المسلمين في الخارج بالحرج الشديد إذا مدت إليه امرأة أجنبية يدها لمصافحته أو تشعر المرأة المسلمة بالخجل إذا مد الرجل يده.
وربما ادعى بعضهم الاضطرار إلى مصافحة المدرسة أو الطالبة التي معه في المدرسة أو الجامعة أو الموظفة في العمل أو في الاجتماعات واللقاءات التجارية وغيرها.
والحقيقة أنه ليس في الأمر ضرورة ولا حاجة وما كان في مصافحة الأجنبية من مصلحة فهي مصلحة ألغاها الشارع بتحريم المصافحة.
فعلى المسلم أن يتغلب على نفسه وشيطانه ويكون قوياً في دينه، والله لا يستحيي من الحق.
ويمكن للمسلم أن يعتذر بلباقة وأن يبين السبب في عدم المصافحة، وأنه لا يقصد الإهانة، وإنما تنفيذاً لأحكام دينه وهذا سيكسبه -في الغالب- احترام الآخرين ولو حصل استغراب في بادئ الأمر.
حكم السلام والتحية بين الرجل والمرأة:
يجوز السلام على المرأة المسلمة الأجنبية ابتداء ورداً بدون مصافحة مع عدم الفتنة لجواز حديثها معه بدون ريبة (انظر مسألة كلام المرأة وصوتها).
قال المرداوي في الإنصاف (8/320): "وإرسال السلام إلى الأجنبية وإرسالها السلام إليه -أي إلى الأجنبي- لا بأس به للمصلحة وعدم المحذور".
ويلاحظ أنه لا يجوز ابتداء الكافرة بالسلام كما سيأتي (راجع السلام على الكافر) ولكن يجوز تحيتها ورد سلامها ورد تحيتها إذا أمنت الفتنة.

رد الشبهات حول سيد قطب من كتبه المشهورة !

* تكفير المجتمعات الإسلامية.
* سب الصحابة.
* الثورة والإخوان.

تكفير المجتمعات الإسلامية
أثارت "السلفية الجامية المدخلية" حول فكر العلاّمة سيد قطب - رحمه الله - شبهة أنه يُكفر المجتمعات الإسلامية، واعتبرت بغض ولعن سيد منهجاً أصيلاً في دعوتهم.
فهل كان فعلاً سيد قطب يُكفر المجتمعات الإسلامية ؟
لسيد قطب حوالي 26 مؤلفاً في حوالي ستة آلاف صفحة، لم يذكر فيها مرة واحدة أن المجتمعات الإسلامية هي مجتمعات "كفر وردة" بل استخدم لفظ الجاهلية على الأوضاع التي تخالف التصور الإسلامي أو التي تناقض الشريعة الإسلامية.. ولفظ الجاهلية ورد في القرآن والسنة، ففي القرآن قوله تعالى: { حكم الجاهلية، حمية الجاهلية، ظن الجاهلية } وفي السنة عتاب النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: "إنك أمرؤ فيك جاهلية" وقال للمهاجرين والأنصار: "ما بال دعوى الجاهلية.. دعوها فإنها منتنة".
فالجاهلية وصف قرآني لحالة مضادة لما يُريده الإسلام، وقد تكون هذه الحالة كلها جاهلية، أو فيها بعض الجاهلية، أو فيها مظاهر يسيرة من الجاهلية.. وكان قطب - رحمه الله - يستخدم لغة (تشخيصية تحليلية)، وليس لغة (الإدانة والحكم)، فهو لم يقل مرة واحدة "يُستتاب، فإن تاب وإلا قُتل" التي يرددها البعض بعد كل رأي له ! ولم يتحدث أبداً عن أن المجتمعات الإسلامية تجري عليها أحكام أهل الردة..
بل لم يكن مشروع قطب هذا من الأساس، والحيثية والدافع التي جعلت قطب يخوض في مسألة "الجاهلية" هو أنه بعد فشل التجربة الإخوانية بعد 1954م، حاول قطب صياغة مشروعاً جديداً مستفيداً من تجربة الإخوان، ومن ظروف الشعب المصري خاصة، والشعوب الإسلامية عامة، ورأى أن البداية لا بد أن تكون من "العقيدة" والدعوة إلى "حاكمية الشرع" بعدما ضاع التصور عن هذا الشرع بفعل الهجمة العلمانية التي استمرت من الحملة الفرنسية حتى ثورة يوليو، وقد ضاع هذا المفهوم، وانحسر الإسلام في زوايا المسجد، كان مشروع قطب، هو إخراج هذا الإسلام من ساحة المسجد إلى ساحة الحياة، وقد سبقه لذلك الداعية الفذ حسن البنا رحمه الله، إلا أن قطب اتجه إلى التأصيل الفكري الذي كان البنا قد بدأ في صياغته في مقاله الأخير: "معركة المصحف.. أين حكم الله؟" رأى قطب أن البداية هي البداية الأولى للأمة المسلمة.. "القاعدة الصلبة" التي تربي المجتمع على أسس العقيدة الصحيحة بطريقة معاصرة ومواجهة للحياة وليس بطريقة تقليدية - جاهلة واقعها - ولا منعزلة، ولا متوافقة مع الأوضاع التي تخالف أو تحارب الشريعة؛ ومن هنا كانت دعوة قطب أو مشروعه التغيري الثوري.
فحتى جمال عبدالناصر الذي خان قطب وحكم عليه بالإعدام، وأفسد في مصر ما لا يعلم مداه إلا الله.. كان وصف قطب له بـ "الطاغية".. ووصف الأوضاع التي أنشأها بأنها "مخالفة لشرع الله". فحتى عبد الناصر لم يقل عنه قطب إنه كافر.
وقد فهم البعض لحداثة سنه، أو حمية وضغط وفحش نظام يوليو أن سيد قطب يُكفر المجتمعات لا سيما بعد موجة الإلحاد والانحلال الخلقي التي حصلت في مصر في تلك الفترة فقال قطب بكل وضوح: " إننا لم نُكفر الناس وهذا نقل مشوه إنما نحن نقول: إنهم صاروا من ناحية الجهل بحقيقة العقيدة، وعدم تصور مدلولها الصحيح، والبعد عن الحياة الإسلامية، إلى حال تشبه حال المجتمعات في الجاهلية، وإنه من أجل هذا لا تكون نقطة البدء في الحركة هي قضية إقامة النظام الإسلامي، ولكن تكون إعادة زرع العقيدة والتربية الأخلاقية الإسلامية.. فالمسألة تتعلق بمنهج الحركة الإسلامية أكثر مما تتعلق بالحكم على الناس!" [لماذا أعدموني] وكان دوماً يردد العقيدة والأخلاق قبل الشريعة والنظام، وكان يقول: "نحن دعاة لا قضاة".
فهل يمكن بعد كل ذلك أن نقول إن قطب يُكفر المجتمعات الإسلامية؟!!
صحيح إن من جاء بعد قطب ولم يفهم منهجية البحث عنده، ولم يفهم ما قاله.. اتخذ من ثورة قطب الفكرية والروحية وسيلة للغلو في التكفير لا سيما بعد إدخال بعض كتب التراث السلفية في هذا الأمر وخلط المنهج "التحليلي التشخيصي" عند قطب مع المنهج الفقهي الذي فيه "الإدانة والحكم" مما زاد من حدة التكفير عند بعض الشباب، مع ضغط السجن وموجة الإلحاد ومحاربة الحركة الإسلامية، وهذا بالطبع قطب ليس مسؤولاً عنه، بل مسؤولاً عنه من فهم على هواه، أو لم يفهم على الوجه الصحيح. [راجع مقال:منهجية البحث عن سيد قطب ]
***
عملت السلفية المدخلية على إشاعة هذه الافتراءات عن قطب، ومن الأهمية أن نقول هنا من الذي كفّر المجتمعات الإسلامية..
أول من كفّر جمال عبد الناصر هي الدولة السعودية لِما كان من خصومة سياسية بينهما، ونشرت جريدة عكاظ السعودية على صدر صفحتها الأولى وبالخط العريض "عبدالناصر كافر بالإجماع" !



 وهذا نوع من أنواع "التكفير السياسي" مثل تكفير شيعة اليمن، والشهادة بإسلام شيعة المنطقة الشرقية ( فهم إخوة الوطن ) !!.
أما الذي كفّر المجتمعات الإسلامية واستحل دمائها وأموالها.. وخاض في تلك الدماء فهو الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله وغفر له - فقد كان ينعت علماء المسلمين حوله بقوله: "علماء المشركين"! ولا يفتأ أن يردد هذا القول، فيقول في كتابه الشهير "كشف الشبهات":
-          "والعامي من الموحدين يغلب الألف من علماء هؤلاء المشركين".
-          "وما ذكرت لي أيها المشرك [يقصد الشرك المُخرج من الملة] من القرآن أو كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - لا أعرف معناه، ولكن أقطع أن كلام الله لا يتناقض، وأن كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يخالف كلام الله. وهذا جواب جيد سديد، ولكن لا يفهمه إلا من وفقه الله".
-          "أعداء الله لهم اعتراضات كثيرة على دين الرسل يصدون بها الناس عنه منها قولهم: نحن لا نشرك بالله بل نشهد أنه لا يخلق ولا يرزق ولا ينفع ولا يضر إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا - عليه السلام - لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضراً فضلاً عن عبد القادر أو غيره ولكن أنا مذنب، والصالحون لهم جاه عند الله وأطلب من الله فجاوبه ما تقدم وهو: إن الذين قاتلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقرون بما ذكرت، ومقرون أن أوثانهم لا تدبر شيئا، وإنما أرادوا الجاه والشفاعة".
-          "وللمشركين شبهة أخرى يقولون: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنكر على أسامة قتل من قال: (لا إله إلا الله)... فيقال لهؤلاء المشركين الجهال".
-          "فإن عرف التوحيد [يقصد ترك التوسل والتبرك والشفاعة] ولم يعمل به فهو كافر معاند كفرعون وإبليس وأمثالهما، وهذا يغلط فيه كثير من الناس، ويقولون هذا حق، ونحن نفهم هذا ونشهد أنه الحق، ولكنا لا نقدر أن نفعله، ولا يجوز عند أهل بلدنا إلا من وافقهم، أو غير ذلك ولم يدر المسكين أن غالب أئمة الكفر يعرفون الحق ولم يتركوه إلا لشيء من الأعذار". 

وكتبه طافحة بالغلو في تكفير المسلمين، والحكم عليهم بالردة، ومحاربتهم محاربة أهل الردة..
وجاء أبناؤه من بعده - أئمة الدعوة النجدية - فكفّروا الدولة العثمانية، وكفروا أهل مصر، وكفروا من حولهم من القرى، وكفروا "إخوان من طاع الله" - وهم كانوا على منهج ابن عبدالوهاب وإخوة لهم - كفّروهم واستحلوا دمائهم لما خالفوا ابن سعود.
وليس هذا فحسب.. بل جعل الشيخ ابن عبدالوهاب التكفير منهج حياة، وأخرج قاعدة جعلها من نواقض الإسلام: "من لم يُكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم فهو كافر" ويقصد بالمشركين: المسلمين! وهذه القاعدة أنشأت سلسلة معقدة من التكفير، وأفسدت عقول الشباب بهوس التكفير.
وتم اختزال عقيدة التوحيد في "هدم القبور، والغلو في التكفير" !
ولا ننكر مظاهر الشرك التي كانت موجودة في عصر الشيخ ابن عبد الوهاب - ولا يخلو مجتمع من مظاهر الجاهلية عندما يمرض ويبتعد عن الإسلام - ودور حركته في القضاء عليها، والإصلاح الذي كان ينشده.. ولكن نحن نستنكر الطريقة التي تم بها علاج هذا المرض، ونستنكر قتاله أهل القبلة كقتال المرتدين.. ونستنكر أن تكون هناك نفعية سياسية من وراء الفتاوى والقتال.
على أن الشيخ ابن عبد الوهاب - رحمه الله - يستنكر التوقف في التكفير والقتال أيضاً !! وإن أقررنا بوجود مظاهر الشرك، وضرورة تعليم الناس صحيح الدين، فهو لا يقبل إلا "التكفير والقتال" فهذا مقتضى الإقرار بوجود الشرك؛ فيقول: "وسمعتم قول المشركين: الشرك عبادة الأصنام، وأما الصالحون فلا. وسمعتم قولهم: لا نريد إلا من الله، لكن نريد بجاههم. وسمعتم ما ذكر الله في جواب هذا كله.

وقد منّ الله عليكم بإقرار علماء المشركين بهذا كله، سمعتم إقرارهم أن هذا الذي يُفعل في الحرمين والبصرة والعراق واليمن، أن هذا شرك بالله... ولكنهم يجادلونكم اليوم بشبهة واحدة، فاصغوا لجوابها. وذلك أنهم يقولون: كل هذا حق. نشهد أنه دين الله ورسوله، إلا التكفير والقتال. والعجب ممن يخفى عليه جواب هذا! إذا أقروا أن هذا دين الله ورسوله، كيف لا يكفر من أنكره، وقتل من أمر به وحبسهم؟!... واعلموا أن الأدلة على تكفير المسلم الصالح إذا أشرك بالله، أو صار مع المشركين على الموحدين، ولو لم يشرك، أكثر من أن تحصر، من كلام الله وكلام رسوله، وكلام أهل العلم كلهم." [الرسائل الشخصية للشيخ]
ولو كان قتالهم على المُلك، أو قتال المسلمين كقتال أهل البغي، أو قتال من أجل توحيد الجزيرة... إلخ، لوسعنا السكوت على ذلك، فمعروف للجميع قضية الصراع على الملك، وتلك أمة قد خلت.. ولكن الإنكار عليهم جاء من أجل قضية جعلهم قتالهم كقتال النبي - صلى الله عليه وسلم - لكفار قريش، والخوف من تأثر الشباب بالغلو والتنظير الموجود في كتبهم في هذا الأمر، مما أفسد هذا الغلو كثير من تجارب وفرص تحرير الأمة، فلا نحمل تجاه الشيخ غلاً ولا بغضاء، إن ما يهمنا هو استقامة فكر الشباب المسلم في قضية خطيرة مثل هذه. [ راجع مقال: تكفير المتوقف في التكفير ]
ولما كانت شرعية الدولة السعودية قائمة على "الدعوة الوهابية" فقد أصبح لها الحصانة ضد النقد، وضد الإنكار.. رغم أن كتبهم طافحة بهذا التكفير، ولما جاء عصر البترول، وانتشرت السلفية السعودية بمصر وغيرها، جاءت وحولها هالة من التقديس؛ فكانت المحاباة وشهادة الزور على دين الله.
فحذّرت السلفية من كتب قطب التي تحمل مشروع التغيير والثورة، بزعهم أنها تدعو إلى تكفير المجتمعات الإسلامية، ودعت إلى كتب أئمة الدعوة النجدية الطافحة بالتكفير، والمتفاخرة بقتل المسلمين بزعم أنهم طوائف شرك وردة؛ فأي الفريقين أحق بالنكير إن كنتم صادقين؟!!
*     *      *

سب الصحابة
أثارت السلفية المدخلية - وغيرهم - فرية أن الأستاذ سيد قطب - رحمه الله - يطعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وللأسف صدّق كثير من المسلمين هذه الفرية، وفي كل مرة يُذكر فيها اسم الأستاذ سيد - عند البعض - يتساءلون: هل كان سيد قطب يسب الصحابة ؟! لِما لمكانة الصحابة عندنا أهل السنة من الرفعة والفضل.
فهل كان بالفعل سيد قطب يسب الصحابة؟!
ورد في كتاب "العدالة الاجتماعية"، وكتاب "كُتب وشخصيات" نقداً لاذعاً لمعاوية بن أبي سفيان - وكان الحديث في كتاب العدالة عن الاستبداد والملك العضوض وسياسة المال، والحديث في كتاب "كُتب وشخصيات" عن الانتصار لسياسة عمر وعلي رضي الله عنهما، في مقابل تخطئة معاوية وعمرو بن العاص، والمقارنة بين القيم الأخلاقية والسياسة النفعية -  ومن هنا جاءت الفرية بأن قطب يسب الصحابة رضوان الله عليهم.
طريقة قطب في الكتابة:
كان قطب - رحمه الله - يستخدم "الأسلوب الفكري" في الكتابة، بمعنى أنه يقرأ مثلاً عن فترة معينة من التاريخ من مصادرنا السُنية المشهورة والمعلومة.. ثم بعد ذلك يستخلص منها رؤية معينة تُفيد في الموضوع الذي يتحدث عنه، مثل حديثه في كتاب العدالة عن فترة الخلافة الراشدة والملك العضوض، ومنها ما جاء ذكره عن معاوية.. ويمضي يستكمل باقي الفكرة التي يشرحها للقارئ، دون أن يُثقل عليه بكثرة النقولات عن كتب التاريخ، فهو لا يتبع "الأسلوب التحقيقي" في نقل كل كلمة يقرأها ويعزوها إلى مصادرها.. وهذا أمر يُريح القارئ الذي يبحث عن الفكرة والصواب، ولكنه من جانب آخر يجعل الطريق سهلاً لمن يريد الطعن في كلامه، دون كبير عناء، فيأتي الناس من بعد ذلك ويظنون أن قطب افترى كلامه هذا من رأسه، وتكلم بغير علم !.
موقف قطب من الصحابة:
عقد قطب - رحمه الله - في كتابه الشهير "معالم في الطريق" فصلاً كاملاً بعنوان: "جيل قرآني فريد" يقصد جيل الصحابة، فيعتبر هؤلاء الصحابة جيلاً متميزاً لأنه قد خلع كل تصورات الجاهلية، وتلقى تعليمات القرآن كمنهج للعمل والحياة، فكانت هذه هي النشأة الفريدة لهذا الجيل الذي حمل رسالة الإسلام، وفتح الله به القلوب والبلاد.
ولكن قطب ليس لديه النظرة المتطرفة في تقديس الرجال، وهو يُفرق بين كبار الصحابة المُتخرجون من المدرسة النبوية، وبين الطلقاء المؤلفة قلوبهم، وموقف قطب هذا ليس شاذاً عن رأي كبار علماء أهل السنة قديماً وحديثاً.
مفهوم الصحبة:
طبقاً لهذا الحديث الشريف: عَنْ أَنَسٍ بن مالك، قَالَ: كَانَ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ كَلَامٌ، فَقَالَ خَالِدٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: تَسْتَطِيلُونَ عَلَيْنَا بِأَيَّامٍ سَبَقْتُمُونَا بِهَا ! فَبَلَغَنَا أَنَّ ذَلِكَ ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " دَعُوا لِي أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنْفَقْتُمْ مِثْلَ أُحُدٍ أَوْ مِثْلَ الْجِبَالِ ذَهَبًا، مَا بَلَغْتُمْ أَعْمَالَهُمْ " [مسند أحمد/ 13400 | إسناده متصل ، رجاله ثقات ، رجاله رجال البخاري]
و"عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ }، قَالَ: قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى خَتَمَهَا، وَقَالَ: " النَّاسُ حَيْزُ، وَأَنَا وَأَصْحَابِي حَيْزُ [ مسند أحمد/ 10783 | إسناده متصل ، رجاله ثقات ، رجاله رجال الشيخين، مصنف بن أبي شيبة/ 37926 ]
فيُفرق قطب - رحمه الله - بين أهل الصحبة الخاصة من المهاجرين والأنصار، وأهل بدر، وأهل بيعة الرضوان، وبين غيرهم ممن جاء بعد الحديبية، وغيرهم من طبقة الطلقاء والمؤلفة قلوبهم.
فليس كل من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - أو صحبه صحبة يسيرة هو أهل الصحبة الخاصة الواردة في الحديث، فهذا خالد بن الوليد - سيف الله المسلول - يقول له النبي صلى الله عليه وسلم "لا تسبوا أحداً من أصحابي" فما بالنا بمن هو دون خالد، وبمن جاء بعد خالد ؟
وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المنافقين والخونة :"حتى لا يتحدث الناس أن محمداً وضعه يده في أصحابه يقتلهم" فمعنى الصحبة يُستخدم بمعنى الصحبة الخاصة، ويستخدم بمعنى رجل من رعية الأمة، وليس هنا محل التحقيق والتتبع للكلمة كما وردت في الأحاديث المرفوعة.
الموقف من معاوية بن أبي سفيان:
يعتبر قطب - رحمه الله - وفق ما فهمه من الحديث، ووفق تفسيره للآية "والسابقون الأولون" - وما جاء في سياقها - أن معاوية ليس من أصحاب الصحبة الخاصة، وليس قطعاً ممن قال فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم - "دعوا لي أصحابي" ويتعمد البعض قطع هذا الحديث عن سياقه، وموضوعه.. حتى يظن الناس أن معنى الصحبة هنا عاماً، وليس خاصاً !.
لماذا اتخذ قطب هذا الموقف من معاوية؟
وفقاً لمصادرنا التاريخية والحديثية السُنية نجد الآتي:
إن معاوية من الطلقاء المؤلفة قلوبهم.. أسلم عام الفتح أي بعد حوالي إحدى وعشرين سنة من الهجرة، وكان أول من بدل سنة النبي صلى الله عليه وسلم في أمر السياسة والمال، وحوّل الخلافة الراشدة إلى الملك العضوض، وكان هو رأس الفئة الباغية التي قتلت عمار بن ياسر رضي الله عنه، وأول من سَن سب ولعن عليّ بن أبي طالب - كرّم الله وجهه ورضي عنه - على المنابر، رغم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي: "لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق" [رواه مسلم، وذكره أبو نعيم الأصفهاني في كتابه "صفة النفاق ونعت المنافقين"].
وقد تعجب البعض من كيف يصير معاوية خليفة على المسلمين.. فعَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: تَعْجَبِينَ لِرَجُلٍ مِنَ الطُّلَقَاءِ يُنَازِعُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ فِي الْخِلافَةِ ؟ قَالَتْ: "وَمَا يَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ، هُوَ سُلْطَانُ اللَّهِ جل جلاله يُؤْتِيهِ اللَّهُ الْبَرَّ وَالْفَاجِرَ، وَقَدْ مَلَكَ فِرْعَوْنُ أَهْلَ مِصْرَ أَرْبَعِ مِائَةِ سَنَةٍ " [ سير أعلام النبلاء للذهبي ج1، ص 365 ، ذكره ابن كثير 8 / 131 نقلا عن ابن عساكر بإسناده عن أبي داود الطيالسي بهذا الإسناد ]
وهذه جملة من الأحاديث الواردة في شأنه:
- "ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار" [ حديث متواتر مروي من إحدى وثلاثين طريقاً ].
- "أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية".
- "تنقض عرى الإسلام عروة عروة أولهن نقضاً الحكم".
- "أما معاوية فصعلوك". [رواه مسلم ]
- "لا أشبع الله بطنه" قالها النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما رد معاوية ابن عباس ثلاث مرات عندما أرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعاوية ليأتيه.
- وفي صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - " هَذَا ابْنُ عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ وَنَقْتُلَ أَنْفُسَنَا" [صحيح مسلم/1847، مسند أحمد/ 6467، صحيح ابن حبان/ 5961]
فكان قطب - رحمه الله - يكتب من هذه الخلفية التي يظن أن القارئ إما على إطلاع بها، أو إذا أراد التأكد من صحة موقف قطب.. فالطريق إلى كتب التاريخ والسنن معروف.
فهل بعد كل ذلك يمكن أن نقول إن قطب كان يسب الصحابة.. هكذا بإطلاق دون بيان حقيقة الأمر، وخلفيته، وتفصيلاته، وبيان المقصود بمن هم هؤلاء الصحابة؟! لا شك أن هذا افتراء كبير.
وبقي سؤال: هل موقف قطب هذا من معاوية موقفاً صحيحاً أم لا؟
في هذا المقال نحن فقط نرد فرية أن قطب كان يسب الصحابة، أما التحقيق في مسألة معاوية فهو طويل ومعقد ومتشعب لا يصلح الحديث عنه في هذا المقال، وقد أفردت له مبحثاً طويلاً في كتاب "أمراض الاستبداد" - تحت الإعداد - لأن الشبهات عنه فوق ما يتصور البعض، فقد جعلت البعض يرد الأحاديث المتواترة بضربة واحدة "لا يصح"!! وجعلت البعض يحذف اسم معاوية من الأحاديث ويسميه بـ "فلان"، وجعلت البعض يقطع ويحذف أجزاء من الأحاديث عن سياقها عمداً.. في خيانة علمية واضحة، وجعلت البعض يستدرك على حكم النبي صلى الله عليه وسلم، وجعلت البعض يُزور في طبعات كتب التاريخ، ليحذف ما لا يتوافق مع هواه !!.
والسلفية تستميت في الدفاع عن معاوية، وتطلق أحكام التشيع والرفض على كل من يمس جناب معاوية، وربما التكفير بالتبع !
والسلفية لديها هذه الحالة من الهوس مع معاوية وربما ذلك بسبب: (1) النكاية في الشيعة لأنهم يطربون لأي شيء يُدين معاوية. (2) ولأن معاوية إمام الملك العضوض، وبعض السلفية تعشق الشرعنة للاستبداد والظلم، وتُأصل له، وهذا أمر تحبه الملوك. (3) واعتقاد البعض أن الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم تجعل صاحبها من أهل العصمة والقداسة، وصاحبها لا يخطئ أبداً، ومهما أخطأ.. فله المثوبة في الآخرة !!.
***
إن قطب في كتابة العدالة الاجتماعية، كان يحاول الدفاع عن منهج الإسلام، وعدله، وأرى أنه قد أبدع في هذا الكتاب بما لم يسبق له أحد في عصره.. وفي كتابه "كتب وشخصيات" كان ينتصر لموقف عمر رضي الله عنه من قضية الشورى، وينتصر لموقف علي كرّم الله وجهه في معاركه ضد معاوية والملك العضوض.. ويقارن بين السياسة النظيفة، والسياسة الميكافيلية.
فتقبل الله عن سيد أحسن ما عمل، وجزاه الله خيراً عن الإسلام والمسلمين.
*     *      *

الثورة والإخوان
نشأ قطب - رحمه الله - نشأة دينية، فأتم حفظ القرآن الكريم وهو في الحادية عشر من عمره، وفي بداية مشواره الفكري تأثر بكتابات الأستاذ عباس العقاد - رحمه الله - وكان مدافعاً عنه وعن حزب الوفد، ويُنسب إلى سيد قطب بعض المقالات المثيرة للجدل في هذه الفترة، وقد اطلعت على بعضها، فإن كانت صحيحة النسبة إليه فهي باطل محض لا نرضى به، ولا نتابع عليه.. فهناك من يقول إنه تأثر - كغيره - بالتيارات الغربية السائدة في عصره، وإن كانت كذباً عليه لطبيعة نشأته الدينية.. فالأولى بنا إحسان الظن.
كانت كتابات قطب أدبية في البداية، ثم بدأ في التحول للفكر الإسلامي في الأربعينيات من القرن الماضي، ويبدو لي من كتابات تلك الفترة أن قطب كان يريد أن يكون الإسلام هو الفكر والحضارة البديلة عن الحضارة الرأسمالية، والحضارة الشيوعية الاشتراكية، فكَتب العدالة الاجتماعية في الإسلام في (1949 م)، والسلام العالمي والإسلام (1951م) وسبقهما بكتاب التصوير الفني في القرآن (1945م)، وكتاب مشاهد القيامة (1947م).
انتدب قطب لبعثة إلى أمريكا بعد كتابه العدالة الاجتماعية، ليطلع على المناهج التربوية هناك، وفي تلك الأثناء قُتل الداعية الفذ حسن البنا - رحمه الله - وتعجب قطب من فرحة الصحف الغربية بمقتله، وعرف أن وراءه شيئاً كبيراً، وقد قرر الاتصال بالإخوان عندما يعود.
في فترة الشيخ البنا كان مصر يتنازعها عدة تيارات، أخطرها التيار الشيوعي، فقد أُسس الحزب الشيوعي المصري سنة 1922م على يد اليهودي جوزيف زورنتال، وكتابات النصراني الملحد سلامة موسى، وكان مشروع الحزب: حقوق العمال والفلاحين، إنشاء النقابات العمالية، الإلحاد، الإباحية. والتيار الوطني ومشروعه: التحرر من الاستعمار، الاقتصاد الوطني، الحياة النيابية السليمة. ومشروع البنا:الحكومة الإسلامية، والدولة الإسلامية. والمشروع الملكي: الحفاظ على العرش، وإقامة التوازنات مع باقي القوى. ومشروع الاستعمار:إيجاد قوة بديلة تنوب عنه في إدارة شؤون المنطقة، والحفاظ على مصالح الاستعمار، وقهر الشعوب لتظل تابعة ذليلة، وضمان تبعية الجيش - والقوى السياسية المؤثرة - للاستعمار بعد رحيله.
ولما استفحل خطر الإخوان، انقلب القصر عليهم، وتم اغتيال البنا - رحمه الله - في وسط القاهرة ! كان حسن البنا يسير في اتجاهات عدة.. أولها: بناء القاعدة الشعبية بالدعوة من خلال اللقاءات والمؤتمرات والرسائل، وكانت هناك جوعة دينية وروحية لهذه الروح الجديدة للإسلام، بعد أن كان الإسلام محصوراً في الزوايا، وصرخات الدراويش، وزيارة الأضرحة. والاتجاه الثاني: الاستعداد للمواجهة مع النظام فكّون التنظيم الخاص، وكون كيانات موازية وموالية له في الجيش والشرطة، وكان يمضي في بناء هذا الكيان.والاتجاه الثالث: الموازنات السياسية مع القصر تارة، ومع الأحزاب تارة أخرى.
ولكن للأسف الشديد قُتل البنا في أخطر مرحلة كانت تمر بها جماعة الإخوان، وهي مرحلة النضج واكتمال الثمرة، وكان مقتله هدفاً لقوى الاستعمار المحلي والدولي لا سيما بعد النجاحات الخطيرة التي قدمها الإخوان في حرب فلسطين.
في هذه الفترة، كان يتم التحضير للثورة أو ( انقلاب يوليو 1952 ) وكان جمال عبد الناصر عضواً في جماعة الإخوان، ويبدو أنه كان هناك تنظيمين في الجيش؛ الأول: يتبع البنا، والثاني: تم إنشاءه بعد تردد الإخوان في الانقلاب على القصر والذي سُمي بالضباط الأحرار، وهذا التنظيم داخل الجيش كان لا بد أن يعتمد على شعبية وقوة الإخوان في نجاح الانقلاب، لأن هؤلاء الضباط لا ثقل سياسي لهم، ولا هم من أصحاب الرتب الرفيعة داخل الجيش.
شارك الإخوان في انقلاب يوليو، فعبد الناصر يعتبراً فرداً منهم، في هذه الأثناء كان كتاب العدالة الاجتماعية يعتبر هو المنهج الذي يفترض أن تسير عليه الثورة لأنها عدالة من المنظور الإسلامي، وليس من المنظور الشيوعي أو الرأسمالي، وكان للكتاب احترام كبير عند ضباط الثورة.
كان قطب مستشاراً لمجلس قيادة الثورة للشؤون الثقافية والعمالية، وكان يحضر اجتماعات مجلس قيادة الثورة، وبعد أن انفصل عبد الناصر عن الإخوان، وأنشأ "هيئة التحرير" كان قطب سكرتيراً عاماً مساعداً لهذه الهيئة التي سيطر عليها التوجه الشيوعي فيما بعد. [ الحزب الشيوعي تحول إلى الاشتراكية، ثم بعد ذلك أصبح ينادي بالعلمانية والدولة المدنية واليسارية والديمقراطية ]
كان قطب مفعماً بالثورة، مدافعاً عنها في بداية الأمر، وفي سنة 1953 م بدأ قطب يستشعر خطر احتواء الثورة عن طريق أمريكا، وبُعدها عن التوجه الإسلامي الوطني الذي كان يجب أن تسير فيه، وفي هذه الفترة أو بعدها بقليل تم بأمر من الاتحاد السوفيتي تحويل القيادات والكوادر الشيوعية للدخول في نظام يوليو، بعد أن كانوا في السجون. وهكذا تحولت الثورة من التوجه الإسلامي إلى التوجه الشيوعي. فهل كان عبد الناصر يضمر هذه النية من البداية؟ هل اضطر حفاظاً على عرشه أن يفعل ذلك؟ هل كان يخدع الجميع؟ لا ندري.. لكن المهم أن الثورة مضت في طريق إهلاك مصر.
التحق قطب بالإخوان سنة 1953م وكان المفكر الإسلامي صاحب المكانة الرفيعة سيما بعد سلسلة الكتب التي تحمل روح الثورة الإسلامية، والمفعمة بالحيوية والصدق والإيمان بقدرة الإسلام على أن يخلق حضارة جديدة لا شرقية ولا غربية.. بل إسلامية خالصة، فتقلد قطب - في جماعة الإخوان - منصب رئيس نشر الدعوة، وكان رئيساً لتحرير جريدة الإخوان المسلمين.
لو بقي قطب في هيئة التحرير الناصرية كان سيصبح وزيراً للمعارف أو رئيساً للإذاعة المصرية، ولكنه اختار الإخوان، بعد تحول الثورة عن توجهها الإسلامي.
كان عبد الناصر يُدرك قوة الإخوان جيداً، ويعرف قواعدها وكوادرها بصورة متكاملة، فقرر القضاء عليهم، وعلى كل القوى التي يمكن أن تشكل أي تهديد له.. فكان حادث المنشية سنة (1954م) والذي ضُرب فيه الإخوان ضربة قاتلة، وطعنة نافذة ! وقضى قطب في السجن عشر سنوات بسبب انضمامه للإخوان.
في هذه الفترة بدأ قطب في صياغة مشروعه، وتحليل أسباب الفشل، وما وصلت إليه الحركة الإسلامية من حالة، كان قطب يريد أن يسير على خط البنا الأصيل والواقعي في نفس الوقت، ولكن باستثناء "التوازنات السياسية" أو الدخول في اللعبة السياسية المحلية في هذا الوقت. كان يريد ترسيخ الاتجاه التربوي الصلب على أساس من العقيدة متين، وحماية هذه الدعوة بالقوة حتى لا يتم الاعتداء عليها كما حصل في 48، 54 م، وبدأ كتاباته المعروفة في ذلك، وحاول إنشاء حركة جديدة من ركام الإخوان المتناثر في السجون.
كان نسيج الإخوان التنظيمي ليس على تجانس واحد، فقد توجس البعض خوفاً من حركة قطب وكتاباته، وكانت القيادات لا سيما الأكاديمية منها تعشق لعبة "التوازنات السياسية، وعدم الصدام" وتجعل من محاولات البنا السير بسفينة الإخوان وسط حقول الألغام هذه، وما قاله للملك أو للأحزاب منهجاً للحركة والفكر.. الأمر الذي أدى إلى كوارث خطيرة فيما بعد.
كان قطب يُمثل الاتجاه الثوري داخل الجماعة، وكانت بعض قيادات الإخوان تمثل التيار المهادن المُسالم.. ويقولون: "هذا هو منهج البنا الذي لا نحيد عنه أبداً".
لم يكتمل مشروع قطب، ولم ينجح.. فقد تم القضاء عليه قبل أن يبدأ، وكانت المخابرات على علم بما يحدث، فكانت الضربة الثالثة للإخوان، وكان ما يُعرف بتنظيم (1965م) وتم إعدام قطب بتهمة محاولة قلب نظام الحكم.
بقي قطب يُمثل للإخوان معضلة.. فقد أصبح رمزاً إسلامياً، وشهيداً - بإذن الله - مات من أجل دعوته، ولكن مكتب الإرشاد يرفض منهج قطب في التغيير، فهم يريدون الحفاظ على اسم قطب، ويريدون البراءة من فكر قطب !.
وانفرط عقد الإخوان الفكري، فلم يحسم البنا القضية للإخوان من حيث المبدأ، ولم يكتمل مشروع قطب، فاتخذ الإخوان طريق المهادنة والمسالمة مع النظام، دون محاولة تقويضه أو إنشاء الكيانات التي تُحضر لثورة جديدة عليه، فصار الإخوان جزءاً من النظام، وأصبح أبرز ثمة للفكر الإخواني - بعد موت عبدالناصر وخروجهم من السجون - هو "التناقض والتردد" ثمة أصيلة نستطيع أن نراها في كل حركتهم، فهم مع الجماهير الثائرة ضد الظلم والفساد، ومع النظام الذي يُنشأ هذا الظلم والفساد، مع الأحزاب المعارضة، ومع الأحزاب الحاكمة، مع تثوير الجماهير، وضد الثورة !!.
فعمل الإخوان على تجميد مشروع قطب، وتحنيط اسمه ليكون رمزاً فقط، ومضى الإخوان في لعبة السياسة مع نظام السادات، ومبارك، والمجلس العسكري ثم انقلاب يوليو 2013 م الذي مثل أحد أخطر الضربات للإخوان، وللحركة الإسلامية. وحتى الآن هم لم يحسموا جواب الأسئلة المصيرية في حركتهم، فإن سألتهم ما الذي كان يجب عمله قبل ثورة يناير وبعدها، وما الذي يجب عمله قبل الانقلاب، وبعده، وقبل مجزرة رابعة وبعدها.. أعياك البحث أن تجد جواباً شافياً، وإن حصلت على جواب ما، خرج بيان ينقضه في اليوم التالي !!.
كان أخطر ما تربى عليه أبناء الحركة الإسلامية هو "الجمود والتقليد" سواء في فكر البنا أو فكر قطب - أو غيرهما - الجميع لديه حالة من الكسل الفكري، وهذا الأمر تشجعه جميع القيادات الإسلامية هي فقط تريد الطاعة العمياء، والتقليد.. لم تربِ أبناءها تربية قيادية تعيش روح شخصية البنا أو قطب ليهضموا هذه التجارب الفريدة والمعاصرة في ذات الوقت، ويحملوا شعلة الريادة دون الجمود على موقف هنا أو هناك كان في ظروف خاصة، ومرحلة معينة، محكومة قطعاً بالجو والحالة التي نشأت فيها.
***
وإنا نأمل في ميلاد جيل جديد للحركة الإسلامية، يستوعب دروس الماضي، ويواجه بكل شجاعة الأمراض والانحرافات التربوية التي حصلت، وقبل هذا وذاك يخلع عن عنقه سلاسل التعصب، ويقوم بالشهادة لله، والقيام بالقسط؛ فهذه هي الخطوة الأولى على الطريق الصحيح.
[راجع - لاحقاً إن شاء الله - كتيب: انحرافات تربوية في الحركة الإسلامية]