أحيانًا قد يشك الإنسان في بعض المبادئ الرئيسية المكوّنة لأعمدة الآلية التي يقوم عليها العالم بأسره. فمِن المتوقع أن تصفنَ في أحد الجدران يومًا ما لتقول لنفسك لمَ واحد زائد واحد يساوي اثنان؟! لمَ ليس شيء آخر، مثلًا واحد زائد واحد يساوي إجاصة!
لمَ الغيوم تمطر للأسفل بدلًا من الأعلى! لمَ لا تذهب للأعلى وتضيع في الفضاء السحيق الواسع! التساؤل هذا كان واردًا قبل قانون الجاذبية لكن بمجرّد أن ضرب نيوتن ضربته لم يعد أحد يفتح فمه لكي ينكر ذلك، وكل مَن ينكر هذه القوانين الثابتة التي قامت عليها علوم بحد ذاتها هو إنسان يجب عليه أن يتحسس العضو الذي يفكر به، فالعقل بريء من أن يتقاعد في مثل هكذا مواقف.
وبالحديث عن تقاعد العقل عن أداء وظيفته، يبرز لدينا مجموعة من البشر الذين لا يزالون يؤمنون بالخرافات وينكرون الحقائق الصلبة. بشر لا يزالون يؤمنون بأنّ واحد زائد واحد قد يساوي إجاصة!
نعم، إنّهم أولئك الذين يؤمنون بأنّ الأرض مسطحة، وأنّ الكروية هي فكرة اخترعتها ناسا، ولو أردنا أن نعرف ما السبب في إيمانهم الأعمى هذا لما استطعنا الوصول إلى كثير من الأسباب التي في مقدمتها الجهل، وفي آخر قائمتها الجهل أيضًا!
المشكلة هنا أنّ الأرض المسطحة هي نموذج بدون حدود، أصحابها يؤمنون بتسطيحها من كلا الجانبين إلى ما لا نهاية، وقبل أن يستمر هذا العته إلى ما لا نهاية لا سيما أنّ البعض يدلّل كلامه بدلائل ويفسّر أخطاء ناسا على أنّها تخفي الحقيقة! يجب أن نتكلم بشكل موجز وسريع عن بعض الأمور التي تؤكد أنّ الأرض كروية.
الخسوف القمري
علامة بسيطة وسهلة ولا تحتاج لكثير من الدقة حتى تكتشفها. عندما يحدث أي خسوف للقمر، وبالتالي تكون الأرض في المنتصف بين الشمس والقمر، تؤدي هذه العملية لتكوّن ظل للأرض على سطح القمر فيما يعرف بخسوف القمر.
هذا الظل – ظل الأرض – يرسم على القمر شكل مستدير واضح يمكن لأي شخص أن يراه عند حدوث الخسوف، الأمر الذي يُشير إلى أن الأرض ذات شكل كروي وليست مسطحة.
الرؤية العلوية تكون أبعد
حاول أن تقف على أعلى شجرة وانظر للأفق من أمامك. بعدها انزل للأسفل وانظر للأفق مرة أخرى، ستلاحظ أنّ الرؤية من أعلى ستعطيك مدى أبعد ومجال نظر أوسع وأكبر من المدى الذي تحصّله في الأسفل، ويعود السبب في ذلك إلى أنّ الأرض كروية محدبة.
لو كانت الأرض مسطحة لكانت الرؤية من أعلى نفس مقدار الرؤية من أسفل، فالأمر يعود لانحناء الأرض في الشكل الكروي، فلا تسطيح ولا تكعيب هنا أيضًا.
المناطق الزمنية، الليل والنهار
أثناء قراءتك لهذا المقال قد يكون التوقيت في القاهرة الثامنة مساءً، وفي سوريا التاسعة، وفي الولايات المتحدة الخامسة صباحًا وفي الصين توقيت آخر مُخالف لكل هذه التواقيت التي ذكرناها. وهكذا في جميع بلدان العالم، تُشرق الشمس على أحدهم فيكون لها توقيت ما وتغرب عن جانب آخر فيكون هناك توقيت آخر مخالف.
هذا الاختلاف في الأزمنة لا يمكن تفسيره إلّا في حال الأرض الكروية، ودورانها حول محورها الخاص، فعندما تكون الشمس مشرقة في طرف يكون الطرف الآخر مظلم، وهذا ما يؤدي لحدوث فرق في التواقيت والأزمنة وفقًا لاختلاف المناطق على امتداد مساحة اليابسة.
صور من الفضاء
على مدار 60 سنة مضت، أُطلقت الكثير من الأقمار الصناعية والمركبات التي تحمل رواد الفضاء إلى الأعلى. البعض منهم عاد من هناك والبعض لا يزال، وفي جميع الصور التي تم التقاطها بواسطة هؤلاء الرواد كانت تشير إلى كروية الأرضية التي لا تقبل الشك.
انحناء الأرض أمر مرئي لا يمكنك إلّا أن تراه بأم عينك، ومن الأمثلة الحديثة على صور رواد الفضاء لدينا ما تم التقاطه بواسطة الرائد سكوت كيلي، والذي كتبنا فيما سبق مقال كامل عنه، يمكن أن تقرأه من هنا.
وبالحديث عن الصور من محطة الفضاء الدولية. منذ حوالي عام قامت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا بعمل فيديو لبث فضائي مُباشر من محطة الفضاء الدولية، وناقش رائد الفضاء المسؤول عن البث كل التعليقات والإشكالات التي صرّح بها المتابعون.
الجميل في الموضوع أنّ أحد المصريين سأله من باب “ليطمئن قلبي” السؤال التالي “إذا ممكن تلف وشك ناحية الأرض نشوف إذا كانت مدورة ولا مسطحة؟” وبالفعل كان ذلك، فما هي إلّا لحظات حتى قام رائد الفضاء بإدارة الكاميرا لتظهر أنّ الأرض كروية مدورة بشكل واضح لا يقبل الشك.
أمّا هذا التعليق … فلا تعليق!
