الاثنين، 25 ديسمبر 2017

حكم القنوت في صلاة الصبح ؟

القنوت في صلاة الصبح سنة مؤكدة جزى الله من أحياها
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وصلاة الله وسلامه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وعلى مَن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
إحدى السنن المؤكدة التي تحارب بشدّة وكأنها معصية قبيحة هي القنوت في صلاة الفجر .
وكثير من الذين يحاربونها هم غير متعلمين ، ومسوقون بدافع التعصب المذهبي لمذهب الحنبلية من حيث لا يشعرون ، فيظنون أنهم متّبعون للكتاب والسنة والسلف الصالح ، وغيرهم مبتدعة يتّبعون أهواءهم ، علماً بأن كثير من المسائل الفرعية الخلافية هم فيها مخالفون للسنّة ، والصواب مع مخالفيهم ، ولكن التعصب الذميم لا يتركهم يبصرون !
والمشكلة تكبر مع مثقفين لا يملكون العلم الشرعي ، فيظنون أن أولئك المتعصبون الحنابلة هم على الصواب ، فترى مثقف خريج كلية يتبع مَن لا يعرف أن يكتب إسمه ، وهذا يدل على إحكام المؤامرة على هذا الدين ، وأن هناك مَن يعمل في الخفاء ليل نهار لتشويه هذا الإسلام العظيم !
لم يختلف الفقهاء في أصل مشروعية القنوت كما توهم البعض.
فذهب الحنفية (رحمهم الله) إلى أن القنوت في الوتر واجب في جميع العام .
وهو سُنَّة عند الحنابلة (رحمهم الله) ولا قنوت عندهما في الفجر إلا وقت حصول النازلة ، فقال الحنابلة(رحمهم الله) يُكْرَهُ في الصبح، وقال الحنفية (رحمهم الله) الْقُنُوتُ فِي الْفَجْرِ بِدْعَةٌ .
بينما ذهب الشافعية والمالكية (رحمهم الله) إلى أن القنوت في الفجر سُنَّة في جميع العام، ويكره الْقُنُوت فِي الوِتْرِ إلاّ في النصف الأخير من شهر رمضان، لأنَّ القنوتَ عندهم في صلاةِ الفجرِ ولم يثبت عندهم في الوتر، أي بخلاف رأي الحنفية والحنابلة .
وقال عليّ بن زياد من المالكية بوجوب القنوت في الصّبح، فمن تركه فسدت صلاته .
بعض أقوال الإمام الشافعي ، رحمه الله ، في القنوت في صلاة الفجر :
قال ، رحمه الله : إن القنوت مسنون في صلاة الصبح دائماً . وأما غيرها فله فيه ثلاثة أقوال الصحيح المشهور أنه إن نزلت نازلة كعدوّ وقحط ووباء وعطش وضرر ظاهر في المسلمين ونحو ذلك قنتوا في جميع الصلوات المكتوبة وإلّا فلا ( عون المعبود 4 / 222 ) .
وقال ، رحمه الله تعالى : فأما القنوت فمحفوظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل أهل بئر معونة وبعده ، ولم يحفظ أحدٌ عنه تركه .
وقال ايضاً ، رحمه الله : فأما الذي أرى بالدلالة أنه ترك القنوت في أربع صلوات, دون الصبح
وهو ، رحمه الله تعالى ، يرى أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم ترك اللعن في القنوت ولم يترك القنوت فيقول : فهذا الذي ترك, فأما القنوت في الصبح, فلم يبلغنا أن النبي صلي الله عليه وسلم تركه.
وقال أيضاً : فأما في الصبح , فلا أعلمه ترك القنوت في الصبح قط , فيقنت كل مصل في الركعة الآخرة منها , بعد الركوع . اهـ
قال البيهقي :
وإلى هذا المعني كان يذهب عبد الرحمن بن مهدي, ومحله من الحديث لا يخفى .
وقال أيضاً ، رحمه الله: وترك القنوت في الصلوات, سوى القنوت في الصبح, لا يقال له ناسخ، وإنما يقال ناسخ ومنسوخ لما اختلف، فأما القنوت في غير الصبح فمباح أن يقنت, وأن يدع, لأن رسول الله صلي الله عليه وسلم لم يقنت في غير الصبح قبل قتل أهل بئر معونة, ولم يقنت بعد قتل أهل بئر معونة في غير الصبح, فدل على أن ذلك دعاء مباح, كالدعاء المباح في الصلاة , لا ناسخ ولا منسوخ ا هـ .
قال بعض أهل العلم :
فقد زعم أُناس أن القنوت في صلاة الصبح بدعة وأن مذهب الشافعية في هذه المسألة غير موافق للسنة ، بناء على حديث الصحابيّ الجليل أنس بن مالك وغيره رضي الله عنهم : (( أنّ النّبيّ قنت بعد الركوع شهراً يدعو على قوم ثم تركه )) ، وذهب هذا الزاعم إلى أن حديث أنس رضي الله عنه الذي فيه : (( لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا )) ضعيف .
والجواب على ذلك :
أن حديث أنس : (( لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا )) حديث صحيح ، صححه جماعات من أكابر الحفاظ ، وهو غير معارض للحديث الصحيح : (( قنت شهراً يدعو على قوم ثم تركه )) وذلك لأن معنى ذلك أنه ترك الدعاء على القوم في القنوت ولم يترك القنوت بدليل قول أنس بن مالك رضي الله عنه وهو راوي كل من الحديثين كما في سنن البيهقي وغيره بسند صحيح : (( قنت شهراً يدعو عليهم ثم تركه فأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا )) وهذا الذي قررناه هو قول جماعة من أئمة الحديث ونقله البيهقي في سننه ( 2 / 201 ) عن عبدالرحمن بن مهدي حيث قال : (( إنما ترك النّبيّ صلى الله عليه وسلم اللعن )) . اهـ أي لم يترك القنوت وإنما ترك لعن القوم فيه وسياق جميع الأحاديث يثبت ذلك .
( فصل ) في عرض الأحاديث لتوضيح ذلك :
1 ) روى البخاري ( فتح 2 / 490 ) ومسلم بنحوه ( 1 / 469 ) : من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
(( إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الركوع شهراً ، أُراه كان بعث قوماً يقال لهم القرّاء زهاء سبعين رجلاً إلى قوم من المشركين دون أولئك ، وكان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد ، فقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً يدعو عليهم )) .
2 ) وفي البخاري أيضاً ( فتح 2 / 490 ) ومسلم بنحوه ( 1 / 469 ) عن أنس بن مالك رضي الله عنه :
(( قنت النّبيّ صلى الله عليه وسلم شهراً يدعو على رعل وذكوان )) .
3 ) وروى الإمام مسلم في صحيحه ( 1 / 469 / حديث رقم 304 ) عن أنس بن مالك :
(( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهراً . يدعو على أحياء من أحياء العرب ثم تركه )) .
قلت : هذا الحديث صريح في أنه صلى الله عليه وسلم ترك الدعاء على القوم ، فيستفاد من ذلك أن لفظة (( تركه )) تعود على لعن القوم لا على أساس القنوت في صلاة الصبح .
4 ) ويشهد لهذا المعنى ويؤيده أيضاً رواية مسلم في صحيحه ( 1 / 468 / برقم 298 ) : عن محمد قال : قلت لأنس : هل قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح ؟ قال : نعم ، بعد الركوع يسيراً .
5 ) وروى البزار ( كشف الأستار 1 / 269 ) عن أنس :
(( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت حتى مات ، وأبو بكر حتى مات ، وعمر حتى مات )) قال الحافظ نور الدين الهيثمي في مجمع الزوائد ( 2 / 139 ) : رجاله موثقون . قلت : وهو متصل صحيح .
فمن هذه الأحاديث يتضح ما قررناه وهو أنه لا معارضة بين حديث :
(( قنت شهراً ثم تركه )) وبين حديث : (( لم يزل يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا )) والقاعدة الأصولية ناصّةٌ على وجوب الجمع بين الأدلة إن أمكن ، وهنا أمكن بوضوح ، وبذلك قال الحافظ البيهقي في سننه ( 2 / 201 ) ونقله عن الحافظ عبدالرحمن بن مهدي سيد الحفاظ ، كما نعته الذهبي في سير الأعلام ( 9 / 192 ) .
6 ) وعن أنس بن مالك قال :
(( ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا )) رواه الإمام أحمد في مسنده ( 3 / 162 ) وانظر الفتح الرباني ( 3 / 302 ) والبزار ، قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ( 2 / 139 ) ورجاله موثقون . والبيهقي ( 2 / 201 ) ونقل تصحيحه عن الحاكم وأقرّه . والدارقطني ( 2 / 39 ) وعبدالرزاق المصنف ( 3 / 110 ) وابن أبي شيبة ( 2 / 312 ) والبغوي في شرح السنة ( 3 / 124 ) قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح المهذب (( المجموع )) ( 3 / 504 ) : حديث صحيح رواه جماعة من الحفاظ وصححوه وممن نص على صحته : الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي البلخي ، والحاكم أبو عبد الله في مواضع من كتبه والبيهقي ، ورواه الدارقطني بأسانيد صحيحة . اهـ .
7 ) عن العوام بن حمزة قال : سألت أبا عثمان عن القنوت في الصبح بعد الركوع قلت : عمن ؟ قال عن أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله تعالى عنهم )) رواه البيهقي في سننه ( 2 / 202 ) وقال هذا إسناد حسن .
8 ) وعن عبدالله بن معقل قال : (( قنت عليٌّ رضي الله عنه في الفجر )) رواه البيهقي في سننه ( 2 / 204 ) وقال : هذا عن عليٍّ صحيح مشهور .
ولقد ضعّف بعضهم حديث أنس بن مالك رضي الله عنه : (( ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا )) بأبي جعفر الرازي الذي رواه عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك .
1 - قد نقلوا قول مَن جرحه ولم ينقلوا كلام مَن وثّقه وعدّله .
2 – ضعف حديث أبي جعفر الرازي خاص في روايته عن مغيرة .
فإن قالوا : من المقرر في المصطلح أنه إذا تعارض جرح مفسّر مع توثيق فتقديم الجرح المفسّر هو المعتمد .
قيل : ليس ذلك على إطلاقه ، فكم من ثقة تكلّم بعض الحفاظ فيه بما لا يوجب ترك حديثه ، والإمام الذهبي صنّف كتاباً خاصّاً في هذه المسألة سمّاه (( معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الردّ )) والإمام البخاري نفسه متكلّم فيه كما في كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم بل متروك عنده لأجل مسألة اللفظ وهو جرح مفسّر لكنه مردود وإن جاء عن أئمة كبار .
ونقْل قول ابن حبان : يحدّث بالمناكير عن المشاهير ، لا يوجب ترك حديث أبي جعفر الرازي وعدم الإحتجاج به ، لأنهم عنوا بالمناكير أحياناً كثيرة مجرّد التفرّد كما قال الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح ( 392 ) في ترجمة بريد بن عبد الله .
ولنعرض ترجمة بريد هذا كما ذكرها الحافظ في مقدمة الفتح لنتأمّلها ، وهو من رجال الستة ، قال الحافظ :
وثقه ابن معين والعجلي والترمذي وأبو داود وقال النسائي ليس به بأس وقال مرّة ليس بذلك القوي ، وقال أبو حاتم ليس بالمتين يكتب حديثه ، وقال ابن عدي : صدوق وأحاديثه مستقيمة وأنكر ما روى حديث إذا أراد الله بأُمّة خيراً قبض نبيّها قبلها مع ذلك فقد أدخله قوم في صحاحهم . وقال أحمد روى مناكير . قلت : إحتجّ به الأئمة كلهم ، وأحمد وغيره يطلقون المناكير على الأفراد المطلقة . اهـ كلام الحافظ من هدي الساري ( 392 ) .
ثم لا عبرة بتجريح ابن حبان بشكل عام وخصوصاً إن عارض توثيق أمثال يحيى بن معين وعلي المديني وأمثالهم .
قال الحافظ الذهبي في الميزان ( 1 / 274 ) في ترجمة أفلح بن سعيد المدني : وقال ابن حبان : يروي عن الثقات الموضوعات ، لا يحل الإحتجاج به ولا الرواية عنه بحال . قلت : إبن حبان ربما قضب الثقة حتى كأنه لا يدري ما يخرج من رأسه . اهـ كلام الذهبي .
وقال الذهبي في الميزان ( 1 / 290 ) في ترجمة أيوب بن عبدالسلام :
إن ابن حبان صاحب تشنيع وشغب . اهـ وكذا قال في ترجمة عارم في الميزان نحو هذا وردّ على تجريح ابن حبان ، فتأمل .
نقلوا عن الإمام أحمد أنه ضعّف أبا جعفر الرازي ، ولم يذكروا أنه قال فيه أيضاً : صالح الحديث
ونقلوا عن ابن المديني في أبي جعفر الرازي أنه كان يقول فيه : كان يخلّط . ولم ينقلوا قوله بتمامه حيث قال ابن المديني عنه : هو ثقة عندنا وكان يخلّط فيما روى عن مغيرة . اهـ أنظر تهذيب التهذيب ( 12 / 60 ) وهذا الحديث – حديث القنوت – لم يروه أبو جعفر عن مغيرة بل رواه عن معاذ بن أنس .
ثم إن الحديث قد صححه الإمام الشافعي وهو مذهبه ، وصححه الحاكم والبيهقي كما في سننه ( 2 / 201 ) ، وصححه الإمام النووي في الأذكار وفي المجموع ( 3 / 504 ) حيث قال : حديث صحيح رواه جماعة من الحفاظ وصححوه وممن نص على صحته : الحافظ أبو عبدالله البلخي . . . اهـ قلت : وكذا صححه أو حسنه البغوي في شرح السنة بإقراره الحاكم . وكذلك صححه شيخ الحافظ ابن حجر وهو الحافظ ابن الملقن في تحفة المحتاج ( 1 / 303 – 304 ) وكذلك الحافظ الحازمي في الاعتبار ص ( 98 ) حيث قال : حديث صحيح أبو جعفر الرازي الذي في سنده ثقة ، وقال صاحب الإمام بعد أن خرجه : في إسناده أبو جعفر الرازي وقد وثقه غير واحد . اهـ قلت : فابن دقيق العيد ممن صححه أيضاً وقال ابن الملقن : قال ابن الصلاح : هذا حديث قد حكم بصحته غير واحد من حفاظ الحديث .
وثق ابا جعفر الرازي أكابر الحفاظ وفصّلوا جهة الضعف في حديثه وبيّنوها ، وهي روايته عن مغيرة ، وهذا الحديث الذي نحن بصدده لم يروه عن مغيره وإنما رواه عن معاذ بن أنس ، ولنذكر قول مَن وثقه :
قال الإمام أحمد : صالح الحديث .
وقال ابن معين : كان ثقة خراسانياً ، وقال مرّة أخرى : ثقة وهو يغلط فيما يروي عن مغيرة .
وقال علي بن المديني : يخلّط فيما روى عن مغيرة ، كان عندنا ثقة .
وقال ابن عمار الموصلي : ثقة .
وقال أبو حاتم : ثقة صدوق صالح الحديث .
وقال ابن سعد : كان ثقة .
وقال الحاكم : ثقة .
وقال ابن عبد البر : هو عندهم ثقة عالم بتفسير القرآن .
وقد قطع القول فيه وبتّه الحافظ ابن عدي في الكامل ( 5 / 1895 ) فلخص قول مَن وثقه وقول مَن جرحه فقال :
ولأبي جعفر الرازي أحاديث صالحة مستقيمة يرويها ، وقد روى عنه الناس وأحاديثه عامتها مستقيمة وأرجو أنّه لا بأس به . اهـ .
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح المهذب ( 3 / 504 ) :
( فرع ) في مذاهب العلماء في إثبات القنوت في الصبح :
مذهبنا أنه يستحب القنوت بها سواء نزلت نازلة أو لم تنزل ، وبهذا قال أكثر السلف ومن بعدهم أو كثير منهم ، وممن قال به أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان وعلي وابن عباس والبراء بن عازب رضي الله عنهم رواه البيهقي عنهم بأسانيد صحيحة ، وقال به من التابعين فمن بعدهم خلائق ، وهو مذهب ابن أبي ليلى والحسن ابن صالح ومالك وداود . اهـ كلام الإمام النووي .
وورد عن أبي بكر وعمر وعثمان أنهم لم يقنتوا ، ولكن صح عنهم بأسانيد صحيحة أنهم قنتوا ، وقد تقرر في الأصول أن المثبت مقدّم على النافي .
قال الشيخ الألباني رحمه الله ( صفة الصلاة ، الطبعة التاسعة ، ص 170 ) : والمثبت مقدم على النافي كما هو معروف عند العلماء . اهـ . إنتهى بتصرف يسير .
والقنوت في صلاة الصبح ليس سنة عند الشافعية فقط ، بل هو سنة أيضاً عند المالكية .
والقنوت في صلاة الفجر ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وبعض الصحابة والتابعين:
ففي المصنف لابن أبي شيبة من الأدلة ما يلي:
1/ عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في الفجر والمغرب.
2/ عن عطاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت في الفجر.
3/ عن عبد الله بن معقل قال: قنت في الفجر رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأبو موسى.
ولهذه الأدلة وغيرها يرى مشروعيته كثير من أهل العلم كالمالكية والشافعية، ففي المدونة الكبرى:
وقال مالك في القنوت في الصبح: كل ذلك واسع قبل الركوع وبعد الركوع، وقال مالك: والذي آخذ به في خاصة نفسي قبل الركوع. انتهى
وقال الإمام الشافعي في الأم: ولا قنوت في شيء من الصلوات؛ إلا الصبح إلا أن تنزل نازلة فيقنت في الصلوات كلهن إن شاء الإمام. انتهى
وكان عروة لا يقنت في شيء من الصلاة ولا في الوتر، إلاّ أنه كان يقنت في صلاة الفجر. وعن عبد الله بن شداد: (صليت خلف عمر، وعليّ ، وأبي موسى فقنتوا في صلاة الصبح). (صلاة الوتر لمحمد بن نصر المروزي1/95).
بعد كل هذه الأدلة والنقاشات هل تظن أن متعصبي الحنابلة سيستسلمون ويقرون بمشروعية وسنية القنوت في صلاة الصبح ؟ لا أظن – وإن كنت أتمنى ذلك – بل سيردوّن ويجادلون ليثبتوا أصحية مذهبهم تحت غطاء اتباع الكتاب والسنة والسلف الصالح وهم لا يشعرون !
ومع كل هذا نفرض جدلاً أن القنوت في صلاة الصبح بدعة وليس سنة ، نفرض ذلك بأنه بدعة ! فما هي أقوال أئمة وعلماء الذين ينكرون سنيّته ويعتبرونه بدعة ، إذا صلى خلف إمام يقنت في صلاة الفجر ؟ :
قال الحافظ ابن تيمية ، رحمه الله ( 208 - / 124 - الفتاوى الكبرى ) :
[ ولهذا ينبغي للمأموم أن يتبع إمامه فيما يسوغ فيه الاجتهاد فإذا قنت قنت معه وإن ترك القنوت لم يقنت فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ إنما جعل الإمام ليؤتم به ] وقال : [ لا تختلفوا على أئمتكم ] وثبت عنه في الصحيح أنه قال : [ يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطأوا فلكم وعليهم ] ألا ترى أن الإمام لو قرأ في الأخيرتين بسورة مع الفاتحة وطولهما على الأوليين : لوجبت متابعته في ذلك فأما مسابقة الإمام فإنها لا تجوز
فإذا قنت لم يكن للمأموم أن يسابقه : فلا بد من متابعته ولهذا كان عبد الله بن مسعود قد أنكر على عثمان التربيع بمنى ثم إنه صلى خلفه أربعا فقيل له : في ذلك ؟ ! فقال : الخلاف شر وكذلك أنس بن مالك لما سأله رجل عن وقت الرمي فأخبره ثم قال : إفعل كما يفعل إمامك والله أعلم ] .
فالذي لا يقنت خلف الإمام الذي يقنت ، ولا يرفع يديه ولا يُؤمِّن على دعاء الإمام فهو عاصٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومخالف لهديه وسنته صلى الله عليه وسلم كما يُفهم من قول الحافظ ابن تيمية الذي يرى أن القنوت في غير النوازل بدعة ! !
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
امام المسجد الذي اصلي فيه يقنت دوما في صلاة الصبح ( اي في كل يوم ) فقال له بعض الإخوة انت مبتدع لإنك مللازم للقنوت والدعاء في صلاة الصبح
فقال لهم امام المسجد لست مبتدعا لإن القنوت وارد
فأرجو الإفادة وبارك الله فيكم
السلام عليكم أخي محمدين السيد وبعد فقد اطلعت على ما كتبت من قول امام مسجدكم على أن القنوت في صلاة الصبح وارد وهذا قول صحيح ثابت واليك بعض الادلة التي ساقها أحد طلبة العلم عندنا ردا على من قال ببدعية دعاء القنوت .
( إن مسألة القنوت في صلاة الفجر وفي غيره؛ مسألة اختَلف فيها أهل العلم والتصنيف منذ القديم، ومن اللائق عند التفصيل في مثل هذا؛ أن يكون الكلام بأسلوب أدب الخلاف في فروع الفقه المعروفة، ولا يصل إلى التبديع والتضليل والتحذير و... لأن هذا يثير الفتن بين أفراد المجتمع المسلم، كما أنه يخالف منهج أهل الحديث، وقد قال ابن القيم - رحمه الله - في مسألة القنوت كلاما رائعا حُق له أن يُكتب بماء الذهب، وهو:
• قال الإمام ابن القيم - رحمه الله-: "... فأهلُ الحديث متوسطون بين هؤلاء وبين من استحبه عند النوازل وغيرها، وهم أسعدُ بالحديث من الطائفتين، فإنهم يقنُتون حيثُ قنت رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، ويتركُونه حيث تركه، فيقتدون به في فعله وتركه،ويقولون: فِعله سنة، وتركُه سنة، ومع هذا فلا يُنكرون على من داوم عليه، ولا يكرهون فعله، ولا يرونه بدعة، ولا فاعِلَه مخالفاً للسنة، كما لا يُنكِرون على من أنكره عند النوازل، ولا يرون تركه بدعة، ولا تارِكه مخالفاً للسنة، بل من قنت، فقد أحسن، ومن تركه فقد أحسن..." {زاد المعاد: ج 1 / ص 115، طبعة دار التقوى: 1999م}.
ثم واصل كلامه في ذكر أمثلة مما يصوغ فيه الخلاف ويعتبر، إلى أن قال في الصفحة نفسها: "... فإذا قلنا: لم يكن مِن هديه المداومةُ على القنوت في الفجر، ولا الجهرُ بالبسملة، لم يدلَّ ذلك على كراهية غيره، ولا أنه بدعة، ولكن هديه صلى الله عليه وسلم أكملُ الهدي وأفضلُه، والله المستعان".
فالإمام ابن القيم رغم أنه يُقرر - قبل هذا الكلام الذي أوردتُه وبعده - أن الأولى ترك المداومة على القنوت، وأنَّه إنما شُرع في النوازل، فإنه يورد المسألة بفقه وعلم وأدب... إذ العلم والأدب إذا اجتمعا في امرئ يأبيان عليه أن يخاطِب المخالفَ في فروع الفقه بعبارات التجريح التي لا مسوغ لها...
هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى فإنه وإضافة إلى ما قرره ابن القيم من أن الخلاف معتبر وأنه لا يبدع القائل به؛ فإن الكثير من أهل العلم بل كبار من العلماء يستحبون القنوت في الفجر، إما قبل أو بعد الركوع وأدلة ذلك ما يلي:
• قال الحافظ ابن عبد البر - رحمه الله -: "وأما الفقهاء الذين دارت عليهم الفتيا في الأمصار فكان مالك، وابن أبي ليلى، والحسن بن حي، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وداود، يرون القنوت في الفجر. قال الشافعي وأحمد: بعد الركوع، وقال مالك: قبل الركوع..." {الاستذكار: ج 2 / ص 294، طبعة دار الكتب العلمية 2002م}.
ثم أورد قول الأحناف بعدم القنوت في الفجر واختلافهم في فعله إذا قنت الإمام... إلى أن قال: "وقال أبو يوسف: يَقنت ويَتبع الإمام" { ج 2 / ص 294 }. وكل هذا أورده في معرض الكلام عن قنوت الفجر والمداومة عليه.
• قال ابن قدامة المقدسي - رحمه الله -: " وَقَالَ مَالِكٌ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَالشَّافِعِيُّ: يُسَنُّ الْقُنُوتُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، فِي جَمِيعِ الزَّمَانِ". [ لأن أنساً قال : } ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا . رواه الإمام أحمد في " المسند " ، وكان عمر يقنت في الصبح بمحضر من الصحابة وغيرهم { { المغني: ج 2 / ص 585 طبعة دار عالم الكتب 1997م}
• قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله ( يقصد به الإمام أحمد بن حنبل) " .. فلِمَ ترخص إذاً في القنوت قبل الركوع، وإنما صح الحديثُ بعد الركوع؟ فقال: القنوت في الفجر بعد الركوع، وفي الوتر يُختار بعد الركوع، ومن قنت قبل الركوع، فلا بأس، لفعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، واختلافهم، فأما في الفجر، فبعد الركوع" { زاد المعاد: ج 1 / ص 118، طبعة دار التقوى: 1999م}. ) أرجو أن تفيدك والله المستعان .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، رحمه الله :
ثم إذا كان الإنسان مأموماً هل يتابع هذا الإمام فيرفع يديه ويؤمن معه، أم يرسل يديه على جنبيه؟
* والجواب على ذلك أن نقول: بل يؤمن على دعاء الإمام ويرفع يديه تبعاً للإمام خوفاً من المخالفة.
وقد نص الإمام أحمد رحمه الله على أن الرجل إذا ائتم برجل يقنت في صلاة الفجر، فإنه يتابعه ويؤمن على دعائه، مع أن الإمام أحمد رحمه الله لا يرى مشروعية القنوت في صلاة الفجر في المشهور عنه، لكنه رحمه الله رخص في ذلك؛ أي في متابعة الإمام الذي يقنت في صلاة الفجر خوفاً من الخلاف الذي قد يحدث معه اختلاف القلوب.
* وهذا هو الذي جاء عن الصحابة رضي الله عنهم، فإن أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه في آخر خلافته كان يتم الصلاة في منى في الحج، فأنكر عليه من أنكر من الصحابة، لكنهم كانوا يتابعونه ويتمون الصلاة. ويذكر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قيل له: يا أبا عبد الرحمن كيف تصلي مع أمير المؤمنين عثمان أربعاً ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر، ولا عمر يفعلون ذلك؟ فقال رضي الله عنه: "الخلاف شر".
وسئل الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ، رحمه الله :
السائل: أحيانا نصلي وراء مثل هؤلاء الناس الذين يقنتون مداومة فترى أن بعض الإخوة لا يرفعون أيديهم ولايؤمنون وراءه فما حكم ذلك ؟
الشيخ : هذا طبعا لايجوز لانه يخالف قوله عليه السلام كما نذكر دائما وأبدا ( إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه ) فينبغي متابعة الإمام في مثل هذه المسائل الخلافية بين العلماء قديما فضلا عن ذلك حديثا فيتابع هذا الإمام ولو كان المتابع لا يرى شرعية في ذلك فيما لو صلى لنفسه هذا هو الجواب
موقع الشيخ الألباني
فالذي لا يرفع يديه في قنوت الفجر خلف الإمام هومخالف لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك لا يجوز كما يقول الشبخ الألباني !
وقال الشيخ ربيع المدخلي :
إذا صلى الإمام وقنت فاقنت معه، مخالفة الإمام للمأموم حتى لو يرى أن صلاة الإمام ليست بصحيحة في مذهبه؛ هي صحيحة في مذهب هذا الإمام ولكنها ليست صحيحة عندك؛ صلّ وراءه، الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالصلاة وراءه وقال:(يُصَلُّونَ لَكُمْ فَإِنْ أَصَابُوافَلَكُمْ وَإِنْ أخطؤوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ ) أخرجه البخاري برقم (662) من حديث أبي هريرة
فتصلّ وراءه .
كان السلف؛ يعني جاء الرشيد إلى الحج ونزل في المدينة واحتجم، وسأل مالكا:احتجمت هل أصلي بدون وضوء ؟ قال : نعم صلّ، فصلى بالناس ولم يتوضأ من الحجامة .
عند الأحناف الحجامة تنقض الوضوء، فقيل لأبي يوسف : كيف صليت وراء الرشيد وهو احتجم ولم يتوضأ ؟ قال : سبحان الله، أمير المؤمنين!
ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام : أنك تصلي وراء الإمام إذا كنت تختلف أنت وإياه في قضية؛ ترى أنّ عنده باطل، صلاته ليست صحيحة لكن هو عنده أصول وعنده أدلة؛ يرى أن صلاته صحيحة، فصلّ وراءه ولو كنت لا ترى صحة صلاته فصلّ وراءه، إلا إذا تأكدت أنه لم يتوضأ؛ قال لك : أنا لا أتوضأ وأصلي بدون وضوء ! فصلاته باطلة عندك وعنده . اهـ
فالذي لا يرفع يديه ولا يقنت خلف الإمام الذي يقنت فهو مخالف لأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم حسب قول الشيخ ربيع المدخلي !
وكذلك يقول الشيخ صالح الفوزان .
ويسن القنوت في اعتدال ثانية الصبح؛ لقول أنس: (ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا)، صححه الحاكم والبيهقي [2/ 201] وأحمد [3/ 162] والدارقطني [2/ 39] وجماعة من الحفاظ، وعمل به الخلفاء الراشدون.
وأما كونه بعد الركوع .. فقال البيهقي: إنه رواته أكثر وأحفظ، فهو أولى
ولقد جمعنا أقوال العلماء والأئمة في هذا الموضوع ، وكذلك أقوال مَن هم ثقة عند المنكرين ويعتبرونهم من أئمة العلم والفقه في هذا العصر أمثال ( الشيخ العثيمين والشيخ الألباني والشيخ ربيع المدخلي ) والشيخ الفوزان معهم . هذا فضلاً عن الحافظ ابن تيمية والحافظ ابن القيّم وغيرهما لسببين رئيسيين :
1 – حتى نثبت أن القنوت في صلاة الصبح دائماً قد قال به إمامان من أئمة الفقه وهما : الإمام مالك والإمام الشافعي ، رحمهما الله تعالى ، وذهب إليه مذهبان من المذاهب الأربعة ؛ المالكية والشافعية .
ولا يظن أحد أن القنوت في صلاة الفجر دائماً هو بدعة بالإتفاق !
2 – حتى نعلم علم اليقين أن الذين لا يرفعون أيديهم ولا يؤمّنون على دعاء الإمام الذي يقنت هم مبتدعة قد خالفوا قول وهدي وسنة النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وخالفوا أقوال العلماء جميعاً ! فلا ندري مَن هو قدوتهم ؟ وليس هناك غير الشيطان قد يفرح ويعجبه تصرفهم هذا !
وليعلموا هم أيضاً أنهم مبتدعة ، ليس لهم أيّ إمام في ذلك غير وساوس ومكائد الشيطان !
ونحن نعلم علم اليقين أن إثارة هذه المواضيع الإجتهادية الإختلافية هي من مكائد ومؤامرات خصوم هذا الدين لإشغال المسلمين بأمور صغيرة وإبعادهم عن الأمور الكبيرة العظيمة من نشر هذا النور والهداية للعالمين ، وقص أظافر الفاسدين والمفسدين .
ولطالما إبتعدنا عن هذه الأمور وإثارتها ، فاستطاع الخصوم أن يستغلوها ويجيشوا جيوش ممن هم مستواهم التعليمي دون المستوى المطلوب ، فسلّحوهم ببعض الأمور المذهبية الخلافية ، فحفظوها بدون فهم وإدراك وذهبوا ينشرونها بين الناس باسم الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح ، ويحاربون المسلمين ويشغلونهم بها عن الغايات والأهداف العظيمة فاطمأنَّ الخصم وارتاح واستمر في تنفيذ منهج الشيطان الذي توعد به عندما قال كما ذكره الله تعالى : ( فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ )
وما هم إلا بمثابة قول الحجاج لكاتبه وقد مدحته ليلى الأخيلية فقالت :
إذا هبط الحجاج أرضاً مريضة تتبع أقصى دائها فشفاها
شفاها من الداء العضال الذي بها غلام اذا هز القناة سقاها
فلما أتمت القصيدة ، قال لكاتبه : إقطع لسانها ، فجاء ذاك الكاتب المغفل بالموسى .
فقالت له : ويلك إنما قال أجزل لها العطاء .
ثم ذهبت إلى الحجاج فقالت : كاد والله يقطع مقولي .

فماذا يحدث لو لم نقنت في صلاة الفجر ؟
قال عليّ بن زياد من المالكية بوجوب القنوت في الصّبح، فمن تركه فسدت صلاته !
الْبَابُ اَلسَّادِسُ فِي السَّجْدَاتِ
قال الغزالي: وَهِيَ ثَلاَثةٌ: الأُولَى سَجْدَةُ السَّهْوِ، وَهِيَ سُنَّةٌ عِنْدَ تَرْكِ التَّشَهُّدِ الأَوَّلِ أَوِ الجُلُوسِ فِيهِ أَوِ القُنُوتِ . . ,. [ العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير : عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم، أبو القاسم الرافعي القزويني (المتوفى: 623هـ) المحقق: علي محمد عوض - عادل أحمد عبد الموجود : دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان الطبعة: الأولى، 1417 هـ - 1997 م ]
أي يسجد المصلي سجدتي السهو عند ترك القنوت في صلاة الفجر !
( وهذا كما قال: جملته أن القنوت في صلاة الصبح مستحب إذا رفع رأسه من الركعة الثانية، فإن تركه عامدًا أو ناسيًا سجد للسهو، وبه قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وأنس رضي الله عنهم، والحسن ومالٌك وابن أبي ليلى والحسن بن صالح والأوزاعي. [ بحر المذهب (في فروع المذهب الشافعي) : الروياني، أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل (ت 502 هـ) المحقق: طارق فتحي السيد : دار الكتب العلمية ]
حسب أقوال بعض علماء المذهبين ( المالكية والشافعية ) : القنوت في صلاة الصبح واجب تفسد الصلاة بدونه ، والشافعية قالوا : يسجد للسهو بتركه .
وماذا قال الذين لا يؤمنون بسنية القنوت في صلاة الصبح دائماً ؟ إذا صلى من لا يؤمن بسنية القنوت في صلاة الصبح دائماً وراء إمام يقنت فيها دائماً ، هل عليه حرج أن يرفع يديه ويُؤمِّن على دعائه ؟
قال الشيخ ابن باز ( وهو لا يؤمن بسنية القنوت في صلاة الصبح دائماً ) : لكن لو صليت خلف إمام يقنت فلا حرج لأنه له قول وله شبهة وقد جاء في بعض الأحاديث الضعيفة ، فلو صليت خلفه فلا حرج عليك ، ولو قنتَّ معه وأمّنت معه لا حرج . موقع الشيخ ابن باز
وماذا قال الشيخ الألباني فيمن لا يرفع يديه ولا يؤمِّن على دعاء الإمام في قنوت الصبح ؟
قال : هذا طبعا لايجوز لانه يخالف قوله عليه السلام كما نذكر دائما وأبدا ( إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه ) فينبغي متابعة الإمام في مثل هذه المسائل الخلافية بين العلماء قديما فضلا عن ذلك حديثا فيتابع هذا الإمام ولو كان المتابع لا يرى شرعية في ذلك فيما لو صلى لنفسه .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، رحمه الله :
ثم إذا كان الإنسان مأموماً هل يتابع هذا الإمام فيرفع يديه ويؤمن معه، أم يرسل يديه على جنبيه؟
* والجواب على ذلك أن نقول: بل يؤمن على دعاء الإمام ويرفع يديه تبعاً للإمام خوفاً من المخالفة.
وقد نص الإمام أحمد رحمه الله على أن الرجل إذا ائتم برجل يقنت في صلاة الفجر، فإنه يتابعه ويؤمن على دعائه، مع أن الإمام أحمد رحمه الله لا يرى مشروعية القنوت في صلاة الفجر في المشهور عنه، لكنه رحمه الله رخص في ذلك؛ أي في متابعة الإمام الذي يقنت في صلاة الفجر خوفاً من الخلاف الذي قد يحدث معه اختلاف القلوب.
* وهذا هو الذي جاء عن الصحابة رضي الله عنهم، فإن أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه في آخر خلافته كان يتم الصلاة في منى في الحج، فأنكر عليه من أنكر من الصحابة، لكنهم كانوا يتابعونه ويتمون الصلاة. ويذكر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قيل له: يا أبا عبد الرحمن كيف تصلي مع أمير المؤمنين عثمان أربعاً ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر، ولا عمر يفعلون ذلك؟ فقال رضي الله عنه: "الخلاف شر".
فالفريقان متفقان على صحة الصلاة مع القنوت ، ولكنهم اختلفوا في صحة صلاة الصبح بدون قنوت ! فبعض المالكية قالوا : صلاته فاسدة ، يعني غير صحيحة ! وقال الشافعية : يسجد سجود السهو ! فماذا يأمر العقل والمنطق في هذه الحالة ؟
إذا فرغ المصلي من صلاته وجلس في مصلاه الذي صلى فيه فإن الملائكة تستغفر له ، كما جاء في
الحديث الذي رواه البخاري (445) ومسلم (649) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ ، مَا لَمْ يُحْدِثْ ، تَقُولُ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ) .
وفي رواية لهما : (مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ )) .
وما رواه الترمذي في جامعه (3474) من حديث أبي ذر – رضي الله عنه - أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : " من قال في دبر صلاة الفجر- وهو ثان رجليه - قبل أن يتكلم لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات كتبت له عشر حسنات ومحيت عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات وكان يومه ذلك كله في حرز من كل مكروه وحرس من الشيطان ولم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم إلا الشرك بالله " قال أبو عيسى : " هذا حديث حسن غريب صحيح " . وقال الألباني – رحمه الله - : " حسن لغيره " .
عن أبي أُمامة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن قرأ آية الكرسي دُبُرَ كلِّ صلاة لم يمنعْه من دخولِ الجنَّة إلاَّ أن يموت))، رواه النسائيُّ والطبراني، وزاد في \رواية: و﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1]، وإسناد الروايتين على شرْط الصحيح
قال الألباني في قراءة آية الكرسي دبر الصلاة : صحيح . أنظر السلسة الصحيحة - مختصرة (972)،
وعن كعْب بن عُجْرةَ - رضي الله عنه - عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مُعقِّبات لا يخيب قائلُهنَّ أو فاعلهنَّ دُبرَ كلِّ صلاة مكتوبة: ثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة )) أخرجه مسلم - 596
عن أبي هُرَيرةَ - رضي الله عنه - أنَّ فقراء المهاجرين أَتَوا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقالوا: ذهَب أهل الدُّثُورِ بالدَّرجات العُلى والنعيم المقيم، قال: ((وما ذاك؟)) قالوا: يُصلُّون كما نُصلِّي ويصومون كما نصوم، ويتصدَّقون ولا نتصدَّق، ويعتقون ولا نعتق، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أفلاَ أُعلِّمكم شيئًا تُدركون به مَن سبَقَكم وتسبقون به مَن بعدَكُم، ولا يكون أحدٌ أفضلَ منكم إلا مَن صنَع مثل ما صنعتم؟)) قالوا: بلى يا رسولَ الله، قال: ((تُسبِّحُونَ وتَحْمدُون وتُكبِّرُونَ دُبُرَ كلِّ صلاة ثلاثًا وثلاثين مرَّة))، قال أبو صالح: فرجَع فقراءُ المهاجرين إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقالوا: سَمِع إخواننا أهل الأموال بما فعَلْنا ففعلوا مثلَه! فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ذلك فضلُ الله يُؤتيه مَن يشاء))[4]، وفي رواية لمسلِم قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن سبَّح في دُبَر كلِّ صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا ثلاثين، وكبَّر الله ثلاثًا وثلاثين، فتِلك تِسعة وتسعون، ثم قال تمامَ المائة: لا إله إلَّا الله وحْدَه لا شريكَ له، له الملك وله الحمد، وهو على كلِّ شيءٍ قدير - غُفِرت له خطاياه وإنْ كانتْ مثلَ زبد البحر))[ 5
أخرجه البخاري رقم (843) ـ الفتح (2/378)، ومسلم (595) [4]
أخرجه مسلم (597). [5]
رابط الفديو على يوتيوب
https://www.youtube.com/watch?v=s_KvTWw8Dv8