الخميس، 12 سبتمبر 2024

صحيح الأحاديث التي ‌يَشْمَئِزُّ لسمـاعها عبدة الطَّواغيت*

• عَنْ أُمِّ الْحُصَيْنِ ‌الْأَحْمَسِيَّةِ -رضي الله عنها- أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهُوَ يَقُولُ: «إِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ مُجَدَّعٌ ‌أَسْوَدُ ‌يَقُودُكُمْ ‌بِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى؛ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا»، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ بَلَّغْتُ»؟ [رواه مسلم وابن حبان في "صـحيحيـهـمـا"، والترمذي، وابن ماجه، والنسائي، وأحمد في "مسنده"، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"، وابن أبي شيبة في "مصنفه"، وابن أبي عاصم في "السنة"، والطبراني في "المعجم الكبير"، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين"، وهبة الله الطبري اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"].

وفي رواية أخرى لـمسلم والنسائي وأحمد في "مسنده" بلفظ: «وَلَوِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ ‌عَبْدٌ ‌يَقُودُكُمْ ‌بِكِتَابِ اللهِ؛ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا».
وفي رواية لأحمد في "مسنده" والترمذي والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" بلفظ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا اللهَ، وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ ‌مُجَدَّعٌ؛ فَاسْمَعُوا لَهُ ‌وَأَطِيعُوا ‌مَا ‌أَقَامَ ‌فِيكُمْ ‌‌لَكُمْ كِتَابَ اللهِ عز وجل». قال الترمذي: ((حديث حسن صحيح))، وقال الحاكم ((حديث صحيح الإِسناد)).
وفي رواية لابن ماجه وابن أبي شيبة في "مصنفه" بلفظ: «إِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعٌ؛ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا مَا ‌قَادَكُمْ ‌بِكِتَابِ اللَّهِ».
• وعَنْ رَافِعِ بْنِ عَمْرٍو الطَّائِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: شَهِدْتُ أَبَا بَكْرٍ -رضي الله عنه- وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ: «مَنْ ‌وَلِىَ ‌مِنْ ‌أَمْرِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ ‌يَقُمْ ‌فِيهِمْ ‌بِكِتَابِ ‌الله؛ ‌فَعَلَيْهِ ‌بَهْلَةُ ‌الله»، قال شريك: "يَعْنِي: لَعْنَةَ اللهِ" [رواه أبو القاسم عبد الله البَغَوي في "معجم الصحابة"، والطبراني في "المعجم الكبير"، والخطيب البغدادي في "موضح أوهام الجمع والتفريق" وفي "المتفق والمفترق"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد": ((رواه الطَّبراني، ورجاله ثقات))].
• وعَنْ ‌مُصْعَبِ ‌بْنِ ‌سَعْدٍ قَالَ: ‌سَمِعْتُ ‌عَلِيًّا -رضي الله عنه- ‌عَلَى ‌الْمِنْبَرِ يَقُولُ: «حَقٌّ ‌عَلَى ‌الإِمَامِ ‌أَنْ ‌يَحْكُمَ ‌بِمَا ‌أَنْزَلَ ‌اللَّهُ، ‌وَأَنْ ‌يُؤَدِّيَ ‌الأَمَانَةَ، ‌فَإِذَا ‌فَعَلَ ذَلِكَ؛ فَحَقٌّ عَلَى ‌النَّاسِ ‌أَنْ ‌يَسْمَعُوا، وَأَنْ يُطِيعُوا، وَأَنْ يُجِيبُوا إِذَا دُعُوا» [رواه ابن خزيمة في "صحيحه" (وفق ما ذكره ابن حجر العسقلاني بإسناده وسماعه عن ابن خزيمة في "إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة")، ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"، وأبو عبيد في "الأموال"، وسعيد بن منصور، وابن جرير الطبري في "تفسيره"، وأبو بكر الخَلَّال في "السنة"، وابن المنذر في "تفسيره"، وابن أبي حاتم في "تفسيره"، وابن عبد البر المالكي في "الاستذكار"].
• وعَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصُّبْحَ ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ فَقَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا مُجَدَّعًا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ ‌مِنْكُمْ ‌فَسَيَرَى ‌اخْتِلَافًا كَثِيرًا، ‌فَعَلَيْكُمْ ‌بِسُنَّتِي ‌وَسُنَّةِ ‌الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، فَتَمَسَّكُوا بِهَا، ‌وَعَضُّوا ‌عَلَيْهَا ‌بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» [رواه ابن حبان في "صحيحه"، وأحمد في "مسنده"، والدارمي، وابن ماجه، وأبو داود، والترمذي، وابن أبي عاصم في "السنة"، والبزار في "مسنده"، والطبراني في "المعجم الكبير"، والآجُرِّيّ في "الشريعة" وفي "الأربعون حديثا"، وابن بَطَّةَ في "الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة"، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين"، وأبو نعيم الأصبهاني في "المسند المستخرج على صحيح مسلم" وفي "معرفة الصحابة"، وابن عبد البر المالكي في "‌جامع ‌بيان ‌العلم وفضله"، قال الترمذي: ((حديث حسن صحيح))، وقال الحاكم: ((حديث صحيح ليس له علة))، وقال البَزَّار: ((حديث ثابت صحيح))، وفق ما رواه عنه ابن عبد البر ووافقه عليه، وقال: ((هو كما قاله ‌البزار -رحمه الله- حديث عرباض حديث ثابت))، وقال أبو نعيم الأصبهاني في مقدمة كتابه "الضعفاء": ((حديث جيد صحيح من حديث الشاميين))، وكذلك قال بمثله في مقدمة كتابه "المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم"، وقد فصَّل في بيان ذلك وطرقه ورواياته، وقال الجَوْرَقَانِيّ الهَمَذَانِيّ في كتابه "الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير": ((حديث صحيح ثابت مشهور))، وقال ضياء الدين المقدسي الحنبلي في "اتباع السنن واجتناب البدع": ((حديث صحيح))، وقال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى": ((حديث ‌صحيح في السنن))، وقال ابن المُلَقِّن في "البدر المنير": ((الحديث صحيح))، وقال ابن حجر العسقلاني في "موافقة الخبر الخبر في تخريج أحاديث المختصر": ((حديث صحيح رجاله ثقات))].
وفي رواية أخرى لأبي نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"، والحارث في "مسنده" (وفق ما ذكره الهيثمي عن الحارث في "بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث"، وما ذكره البوصيري عن الحارث في "إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة") بلفظ: «أَنْ ‌تَتَّقُوا ‌اللَّهَ، ‌وَتَتَّبِعُوا ‌سُنَّتِي ‌وَسُنَّةَ ‌الْخُلَفَاءِ مِنْ بَعْدِي ‌الْهَادِيَةَ ‌الْمَهْدِيَّةَ، ‌وَعَضُّوا ‌عَلَيْهَا ‌بِالنَّوَاجِذِ، وَاسْمَعُوا لَهُمْ وَأَطِيعُوا، وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ».
• و‌عَنْ ‌أَنَسِ ‌بْنِ ‌مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ ‌رَغِبَ ‌عَنْ ‌سُنَّتِي؛ ‌فَلَيْسَ ‌مِنِّي» [رواه البخاري ومسلم وابن حبان في "صحاحهم"].
• وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنهمـا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ ‌رَغِبَ ‌عَنْ ‌سُنَّتِي؛ ‌فَلَيْسَ ‌مِنِّي» [رواه ابن خزيمة في "صحيحه"، وأحمد في "مسنده"، وابن أبي عاصم في "السنة"، وهبة الله الطبري اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"، والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه"].
• وفي رواية أخرى لأحمد في "مسنده" بلفظ: «فَمَنْ اقْتَدَى بِي؛ ‌فَهُوَ ‌مِنِّي، ‌وَمَنْ ‌رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي؛ فَلَيْسَ مِنِّي» [قال الهيثمي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد": ((رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح))].
• وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ سَيَلِي أَمْرَكُمْ مِنْ بَعْدِي رِجَالٌ يُطْفِئُونَ السُّنَّةَ، ‌وَيَعْمَلُونَ ‌بِالْبِدْعَةِ -أو قال: وَيُحْدِثُونَ بِدْعَةً-، وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا»، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ -ضي الله عنه-: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ بِي إِذَا أَدْرَكْتُهُمْ؟ كَيْفَ أَفْعَلُ؟ قَالَ: «تَسْأَلُنِي يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ كَيْفَ تَفْعَلُ»؟! «لَا طَاعَةَ ‌لِمَنْ ‌عَصَى اللَّهَ»، قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ... [رواه ابن ماجه، وأحمد في "مسنده"، والطبراني في "المعجم الكبير"، والبيهقي في "دلائل النبوة" وفي "السنن الكبرى"، قال الذَّهَبي في "المهذب في اختصار السنن الكبير": ((إِسناده صالح))].
• وعَنْ ‌عَبْدِ ‌اللهِ ‌بْنِ ‌عُمَرَ -رضي الله عنهمـا- عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ ‌حَقٌّ مَا لَمْ ‌يُؤْمَرْ ‌بِالْمَعْصِيَةِ، ‌فَإِذَا ‌أُمِرَ ‌بِمَعْصِيَةٍ؛ ‌فَلَا ‌سَمْعَ ‌وَلَا ‌طَاعَةَ» [رواه البخاري ومسلم وابن الجارود في "صـحاحهم"، ورواه ابن خزيمة في "صحيحه" (وفق ما ذكره ابن حجر العسقلاني بإسناده وسماعه عن ابن خزيمة في "إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة")].
‌• وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «‌طَاعَةُ ‌الْإِمَامِ حَقٌّ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ عز وجل، ‌فَإِذَا ‌أَمَرَ ‌بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ؛ ‌فَلَا ‌طَاعَةَ لَهُ» [رواه تمام في "فوائده"، والخطيب البغدادي في "المتفق والمفترق"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"].
• وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رضي الله عنه- قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَيْشًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلاً، فَأَوْقَدَ نَارًا، فَقَالَ: ادْخُلُوهَا، فَأَرَادَ نَاسٌ أَنْ يَدْخُلُوهَا، وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا فَرَرْنَا مِنْهَا فَلَا نَدْخُلُهَا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا: «لَوْ ‌دَخَلْتُمُوهَا ‌لَمْ ‌تَزَالُوا ‌فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، وَقَالَ لِلآخَرِينَ خَيْرًا، وَقَالَ: «أَحْسَنْتُمْ، ‌لَا ‌طَاعَةَ ‌فِي ‌مَعْصِيَةِ اللهِ، ‌إِنَّمَا ‌الطَّاعَةُ ‌فِي ‌الْمَعْرُوفِ» [رواه البخاري ومسلم وابن حبان في "صـحاحهم"].
• وعَنْ عَلِيٍّ -رضي الله عنه- أيضاً قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «‌لَا ‌طَاعَةَ ‌لِبَشَرٍ ‌فِي ‌مَعْصِيَةِ اللَّهِ» [رواه ابن خزيمة في "صحيحه" (وفق ما ذكره ابن حجر العسقلاني بإسناده وسماعه عن ابن خزيمة في "إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة")، ورواه ابن حبان في "صحيحه"، وأحمد في "مسنده"، وابن أبي شيبة في "مصنفه"، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"، وأبو يعلى في "مسنده"].
وفي رواية أخرى لأحمد في "مسنده" بلفظ: «‌لَا ‌طَاعَةَ ‌لِمَخْلُوقٍ ‌فِي ‌مَعْصِيَةِ اللهِ عز وجل».
‌ وفي رواية أخرى لأبي يعلى في "مسنده" وابن المبارك في "مسنده" بلفظ: «لا ‌طَاعَةَ ‌لأَحَدٍ ‌في ‌مَعْصِيَةِ اللهِ».
• وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلْقَمَةَ بْنَ مُجَزِّرٍ الْمُدْلِجِيَّ عَلَى بَعْثٍ، وَأَنَا فِيهِمْ، فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا عَلَى رَأْسِ غَزَاتِنَا، أَوْ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، اسْتَأْذَنَتْهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْجَيْشِ؛ فَأَذِنَ لَهُمْ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللهِ بْنَ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسٍ السَّهْمِيَّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ، وَكَانَتْ فِيهِ دُعَابَةٌ، فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَعَ مَعَهُ، فَبَيْنَا نَحْنُ فِي بعض الطَّرِيقِ نَزَلْنَا مَنْزِلاً، فَأَوْقَدَ الْقَوْمُ نَارًا يَصْطَلُونَ بِهَا، أَوْ يَصْنَعُونَ عَلَيْهَا صَنِيعًا لَهُمْ، إِذْ قَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ حُذَافَةَ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْكُمُ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَأَنَا آمُرُكُمْ بِشَيْءٍ، أَلَا فَعَلْتُمُوهُ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَإِنِّي أَعَزِمُ عَلَيْكُمْ بِحَقِّي وَطَاعَتِي إِلَاّ تَوَاثَبْتُمْ فِي هَذِهِ النَّارِ، قَالَ: فَقَامَ نَاسٌ حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُمْ وَاثِبُونَ فِيهَا، قَالَ: أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ، إِنَّمَا كُنْتُ أَضْحَكُ مَعَكُمْ -أو قَال: فَإِنَّمَا كُنْتُ أَمْزَحُ مَعَكُمْ-، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ ‌أَمَرَكُمْ ‌مِنْهُمْ ‌بِمَعْصِيَةٍ؛ ‌فَلَا ‌تُطِيعُوهُ» [رواه ابن خزيمة في "صحيحه" (وفق ما ذكره ابن حجر العسقلاني بإسناده وسماعه عن ابن خزيمة في "إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة")، ورواه ابن حبان في "صحيحه"، وابن ماجه، وأحمد في "مسنده"، وابن أبي شيبة في "مصنفه"، وأبو يعلى في "مسنده"، قال البوصيري في "مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه": ((إسناد صحيح))].
• وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ -رضي الله عنه- أنَّه أراد أن يُذَكِّر الْحَكَمَ بْنَ عَمْرٍو الْغِفَارِيَّ -رضي الله عنه- بهذا الحديث والواقعة، وَكِلَاهُمَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عِمْرَانُ لِلْحَكَمِ -رضي الله عنها-: أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا ‌طَاعَةَ ‌لِأَحَدٍ ‌فِي ‌مَعْصِيَةِ اللهِ»؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ عِمْرَانُ: لِلَّهِ الْحَمْدُ، أَوِ اللهُ أَكْبَرُ... [رواه ابن خزيمة في "صحيحه" (وفق ما ذكره ابن حجر العسقلاني بإسناده وسماعه عن ابن خزيمة في "إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة")، ورواه أحمد في "مسنده"، وابن أبي شيبة في "مسنده" وفي "مصنفه"، والبزار في "مسنده"، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"، والرُّوياني في "مسنده"، والطبراني في "المعجم الكبير" وفي "المعجم الأوسط"، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين"، والقُضَاعِيّ في "مسند الشهاب"، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"، وابن عبد البر المالكي في "الاستذكار"، وهذا اللفظ لأحمد وابن أبي شيبة والرُّوياني والطبراني وأبي نعيم، قال الحاكم: ((حديث صحيح الإِسناد))، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد": ((‌رواه ‌أحمد ‌بألفاظ، ‌والطبراني ‌باختصار... ورجال أحمد رجال الصحيح.))، وقال أيضاً: ((رواه البزار، والطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، ورجال البزار رجال الصحيح))، وقال ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري": ((سنده قوي))].
وفي رواية أخرى للطبراني في "المعجم الكبير"، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة"، والقُضَاعِيّ في "مسند الشهاب"، وابن خزيمة في "صحيحه" (وفق ما ذكره ابن حجر العسقلاني عن ابن خزيمة) بلفظ: «لَا ‌طَاعَةَ ‌لِمَخْلُوقٍ ‌فِي ‌مَعْصِيَةِ ‌الْخَالِقِ».
• وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهمـا- أَنَّهُ قَالَ: نَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}، فِي عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ السَّهْمِيِّ، ‌إِذْ ‌بَعَثَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ» [رواه البخاري ومسلم وابن الجارود في "صـحاحهم"].
• وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهمـا- أيضاً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ‌وَأُولِي ‌الْأَمْرِ ‌مِنْكُمْ}، قَالَ: «أُولِي الأَمْرِ: أَهْلَ الْفِقْهِ وَالدِّينِ، وَأَهْلَ طَاعَةِ اللَّهِ، الَّذِينَ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ مَعَانِيَ دِينِهِمْ، ‌ويأمرونهم ‌بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهُوهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ؛ فَأَوْجَبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ طَاعَتَهُمْ عَلَى الْعِبَادِ» [رواه الحاكم في "المستدرك على الصحيحين"، وابن المنذر في "تفسيره"، وابن أبي حاتم في "تفسيره"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"، وذكره هبة الله الطبري اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"].
• وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ‌وَأُولِي ‌الْأَمْرِ ‌مِنْكُمْ}، قَالَ: «أُولُو الْفِقْهِ، أُولُو الْخَيْرِ» [رواه الحاكم في "المستدرك على الصحيحين"، وابن أبي شيبة في "مصنفه"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"، وابن أبي حاتم في "تفسيره"، والآجُرِيُّ في "أخلاق العلماء"، قال الحاكم: ((حديث صحيح له شاهد، وتفسير الصحابي عندهما [أي: عند البخاري ومسلم] مسند))].
• وعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- قَالَ: بَايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، ‌فَلَقَّنَنِي، فَقَالَ: «فِيمَا اسْتَطَعْتَ، ‌وَالنُّصْحَ ‌لِكُلِّ ‌مُسْلِمٍ» [رواه البخاري ومسلم وابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان في "صـحاحهم"، والدارمي، وأبو داود، الترمذي، والنسائي، وأحمد في "مسنده"، وغيرهم... وهذا اللفظ للبخاري ومسلم وأحمد والنسائي].
وفي رواية أخرى للبخاري وأحمد في "مسنده": عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ قَالَ: سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ قَامَ يَخْطُبُ يَوْمَ تُوُفِّيَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِاتِّقَاءِ اللهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَالْوَقَارِ، وَالسَّكِينَةِ، حَتَّى يَأْتِيَكُمْ أَمِيرٌ، فَإِنَّمَا يَأْتِيكُمُ الْآنَ. ثُمَّ قَالَ: اسْتَعْفُوا لِأَمِيرِكُمْ، فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ الْعَفْوَ. ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: أُبَايِعُكَ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم واَشْتَرَطَ عَلَيَّ: «‌وَالنُّصْحِ ‌لِكُلِّ ‌مُسْلِمٍ»، فَبَايَعْتُهُ عَلَى هَذَا، وَرَبِّ هَذَا الْمَسْجِدِ إِنِّي لَكُمْ لَنَاصِحٌ جَمِيعًا. ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَنَزَلَ.
وفي رواية أخرى لأحمد في "مسنده" والنسائي والطبراني في "المعجم الكبير" وأبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" والبيهقي في "السنن الكبرى" وابن عبد البر المالكي في "التمهيد": عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رضي الله عنه- قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ ‌يُبَايِعُ ‌النَّاسَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ابْسُطْ يَدَكَ حَتَّى أُبَايِعَكَ، وَاشْتَرِطْ عَلَيَّ، فَأَنْتُ أَعْلَمُ بِالشَّرْطِ مِنِّي، قَالَ: «أُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ ‌تَعْبُدَ ‌اللهَ لَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، ‌وَتُنَاصِحَ ‌الْمُسْلِمَ، ‌وَتُفَارِقَ ‌الْمُشْرِكَ». قال أبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء" عن هذه الرواية للحديث: ((ثابت صحيح)).
• وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهمـا- أَنَّهُ فِي آخِرِ خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- لَـمَّا كَان بِمِنًى فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ؛ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي سَمِعْتُ فُلَانًا يَقُولُ: لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ لَقَدْ بَايَعْتُ فُلَانًا. فَغَضِبَ عُمَرُ، ثُمَّ قَالَ -رضي الله عنه-: «إِنِّي إِنْ شَاءَ اللهُ لَقَائِمٌ الْعَشِيَّةَ فِي النَّاسِ، فَلَأُحَذِّرَنَّهُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْتَصِبُوا ‌الْمُسْلِمِينَ ‌أَمَرَهُمْ»، فَقَالَ ‌عَبْدُ ‌الرَّحْمَنِ ‌بْنُ ‌عَوْفٍ -رضي الله عنه-: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَفْعَلْ، فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ، فَإِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى مَجْلِسِكَ إِذَا قُمْتَ فِي النَّاسِ، وَأَنَا أَخْشَى أَنْ تَقُومَ فَتَقُولَ فِيهِمُ الْيَوْمَ مَقَالَةً يُطَيِّرُهَا عَنْكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ، وَأَنْ لَا يَعُوهَا، وَأَنْ لَا يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا، فَأَمْهِلْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ، فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ، فَتَخْلُصَ بِأَهْلِ الْفِقْهِ وَأَشْرَافِ النَّاسِ، فَتَقُولَ مَا قُلْتَ وَأَنْتَ مُتَمَكِّنًا، فَيَعِي أَهْلُ الْعِلْمِ مَقَالَتَكَ، وَيَضَعُونَهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا، فَقَالَ عُمَرُ: «أَمَا وَاللهِ إِنْ شَاءَ اللهُ لَأَقُومَنَّ بِذَلِكَ أَوَّلَ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ»، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي عَقِبِ ذِي الْحِجَّةِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَزَالَتِ الشَّمْسُ، طَلَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه-، فَلَمَّا ارْتَقَى الْمِنْبَرَ أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي أَذَانِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ أَذَانِهِ، قَامَ عُمَرُ ‌فَخَطَبَ ‌النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ فِيمَا قَالَ ‌فِي ‌خُطْبَتِهِ: «...وَلَيْسَ مِنْكُمْ مَنْ تُقْطَعُ الْأَعْنَاقُ إِلَيْهِ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ، مَنْ ‌بَايَعَ ‌رَجُلًا ‌عَنْ ‌غَيْرِ ‌مَشُورَةٍ ‌مِنَ ‌الْمُسْلِمِينَ؛ فَلَا ‌يُبَايَعُ ‌هُوَ ‌وَلَا ‌الَّذِي ‌بَايَعَهُ؛ ‌تَغِرَّةً ‌أَنْ ‌يُقْتَلَا...» [رواه البخاري وابن حبان في "صـحيحيـهـمـا"، وأحمد في "مسنده"، والبزار في "مسنده"، وعبد الرزاق في "مصنفه"، وابن أبي شيبة في "مصنفه"، والنسائي في "السنن الكبرى"، وهبة الله الطبري اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"، وابن ‌شَبَّة في "‌تاريخ ‌المدينة" مختصراً].
وفي رواية أحمد بلفظ: «...فَمَنْ ‌بَايَعَ ‌أَمِيرًا ‌عَنْ ‌غَيْرِ ‌مَشُورَةِ ‌الْمُسْلِمِينَ؛ ‌فَلا ‌بَيْعَةَ ‌لَهُ، ‌وَلا ‌بَيْعَةَ لِلَّذِي بَايَعَهُ، ‌تَغِرَّةَ ‌أَنْ ‌يُقْتَلا».
وفي رواية ابن حبان بلفظ: «...أَلَا وَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ فُلَانًا قَالَ: لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ، بَايَعْتُ فُلَانًا. فَمَنْ ‌بَايَعَ ‌أَمِيرًا -أو امْرَأً-‌ مِنْ ‌غَيْرِ ‌مَشُورَةٍ ‌مِنَ ‌الْمُسْلِمِينَ، ‌فَإِنَّهُ ‌لَا ‌بَيْعَةَ ‌لَهُ، ‌وَلَا ‌لِلَّذِي بَايَعَهُ...».
وفي رواية ابن أبي شيبة في "مصنفه" والنسائي بلفظ: «إِنَّهُ ‌لَا ‌خِلَافَةَ ‌إِلَّا ‌عَنْ ‌مَشُورَةٍ».
وفي رواية أخرى للنسائي بلفظ: «وَإِنَّهُ ‌لَا ‌خِلَافَةَ ‌إِلَّا ‌عَنْ ‌مَشُورَةٍ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ ‌بَايَعَ ‌رَجُلًا ‌عَنْ ‌غَيْرِ ‌مَشُورَةٍ، لَا ‌يُؤَمَّرُ ‌وَاحِدٌ ‌مِنْهُمَا ‌تَغِرَّةً ‌أَنْ ‌يُقْتَلَا». قَالَ شُعْبَةُ: قُلْتُ لِسَعْدٍ: "مَا ‌تَغِرَّةً ‌أَنْ ‌يُقْتَلَا"؟ قَالَ: "عُقُوبَتُهُمَا أَنْ لَا ‌يُؤْمَرَ ‌وَاحِدٌ ‌مِنْهُمَا"، هكذا جاء لفظ النسائي، وشعبة وسعد المذكورين فيها، هما أحد رواة سند هذا الحديث من طريق النسائي.
وفي رواية ابن ‌شَبَّة في "‌تاريخ ‌المدينة" بلفظ: «‌لَا ‌بَيْعَةَ ‌إِلَّا ‌عَنْ ‌مَشُورَةٍ».
• وعَنْ ‌عُمَرَ ‌بْنِ ‌الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- أيضاً قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى إِمَارَةِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ ‌الْمُسْلِمِينَ؛ ‌فَلَا ‌يَحِلُّ لَكُمْ إِلَّا أَنْ تَقْتُلُوهُ» [رواه عبد الرزاق في "مصنفه"، وابن ‌شَبَّة في "‌تاريخ ‌المدينة"، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف"، والخطابي في "غريب الحديث"].
• وعَنْ ‌عَبْدِ ‌اللهِ ‌بْنِ ‌عُمَرَ -رضي الله عنهمـا- قَالَ: دَخَلَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه حِينَ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنهم، وَكَانَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ رضي الله عنه غَائِبًا بِأَرْضِهِ بِالسَّرَاةِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ عُمَرُ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: «إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ لَكُمْ فِي أَمْرِ النَّاسِ فَلَمْ أَجِدْ عِنْدَ النَّاسِ شَقاقًّا فِيكُمْ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ شَيْءٌ، فَإِنْ كَانَ شِقَاقٌ فَهُوَ مِنْكُمْ، وَإِنَّ الْأَمْرَ إِلَى سِتَّةٍ: إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَطَلْحَةَ، وَسَعْدٍ، ثُمَّ إِنَّ قَوْمَكُمْ إِنَّمَا يُؤَمِّرُونَ أَحَدَكُمْ أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ، فَإِنْ كُنْتَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ يَا عُثْمَانَ، فَلَا تَحْمِلَنَّ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَلَا تَحْمِلَنَّ أَقَارِبَكَ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى شَيْءٍ يَا عَلِيُّ، فَلَا تَحْمِلَنَّ بَنِي هَاشِمٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ»، ثُمَّ قَالَ: «قُومُوا فَتَشَاوَرُوا، ثُمَّ أَمِّرُوا أَحَدَكُمْ»، فَقَامُوا يَتَشَاوَرُونَ. ‌قَالَ ‌عَبْدُ ‌اللَّهِ ‌بْنِ ‌عُمَرَ: فَدَعَانِي عُثْمَانُ رضي الله عنه مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ لِيُدْخِلَنِي فِي الْأَمْرِ، وَلَمْ يُسَمِّنِي عُمَرُ، وَلَا وَاللهِ مَا أُحِبُّ أَنِّي كُنْتُ مَعَهُمْ، عِلْمًا مِنْهُ بِأَنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا قَالَ أَبِي، وَاللهِ لَقَلَّمَا سَمِعْتُهُ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِشَيْءٍ قَطُّ إِلَّا كَانَ حَقًّا، فَلَمَّا أَكْثَرَ عُثْمَانُ دُعَائِي قُلْتُ: أَلَا تَعْقِلُونَ، تُؤَمِّرُونَ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَيُّ؟ فَوَاللهِ لَكَأَنَّمَا أَيْقَظْتُ عُمَرَ رضي الله عنه مِنْ مَرْقَدٍ، فَدَعَاهُمْ عُمَرُ؛ فَقَالَ -رضي الله عنه-: «أَمْهِلُوا، فَإِنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ، فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ صُهَيْبٌ مَوْلَى بَنِي جُدْعَانَ ثَلَاثَ لَيَالٍ، ثُمَّ تَشَاوَرُوا، ثُمَّ أَجْمِعُوا أَمَرَكُمْ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَاجْمَعُوا أَشْرَافَ النَّاسِ وَأُمَرَاءَ الْأَجْنَادِ، فَأَمِّرُوا أَحَدَكُمْ، فَمَنْ ‌تَأَمَّرَ ‌مِنْكُمْ ‌مِنْ ‌غَيْرِ ‌مَشُورَةٍ ‌مِنَ ‌الْمُسْلِمِينَ؛ ‌فَاضْرِبُوا ‌عُنُقَهُ» [رواه البيهقي في "السنن الكبرى"، وابن سَعْد في "الطبقات الكبرى"، وعبد الرزاق في "مصنفه"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"، قال ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري": ((أخرجه ابن سعد بإسناد صحيح))].

*** الجزء الثاني ***
• وعَنْ ‌عَبْدِ ‌اللهِ ‌بْنِ ‌عُمَرَ -رضي الله عنهمـا- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ عز وجل؛ ‌فَقَدْ ‌ضَادَّ ‌اللَّهَ ‌فِي ‌أَمْرِهِ، وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ؛ فَلَيْسَ بِالدِّينَارِ وَلَا بِالدِّرْهَمِ، وَلَكِنَّهَا الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ، وَمَنْ ‌خَاصَمَ ‌فِي ‌بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ؛ ‌لَمْ ‌يَزَلْ ‌فِي ‌سَخَطِ ‌اللهِ ‌حَتَّى ‌يَنْزِعَ، وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ؛ أَسْكَنَهُ اللهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ» [رواه أحمد في "مسنده" -واللفظ له-، وأبو داود، والطبراني في "المعجم الكبير" وفي "المعجم الأوسط"، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين"، وأبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء"، والبيهقي في "السنن الكبرى" وفي "شعب الإيمان"، قال الحاكم: ((حديث صحيح الإسناد))، وقال المنذري في "الترغيب والترهيب": ((رواه أبو داود... والطبراني بإسناد جيد نحوه، وزاد في آخره: «وَلَيْسَ بِخَارِجٍ» ورواه الحاكم مطولا ومختصرا، وقال في كل منها: "صحيح الإسناد"))، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد": ((رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، ورجالهما رجال الصحيح، غير محمد بن منصور الطوسي؛ وهو: ثقة))، وحكم ابن قيم الجوزية في "إعلام الموقعين عن رب العالمين" على إسناد أحمد بأنه جيد، وحكم ابن المفلح في "الآداب الشرعية والمنح المرعية" على إسناد أبي داود بأنه صحيح].
وفي رواية الطبراني في "المعجم الكبير" وفي "المعجم الأوسط"، وأبي نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" بلفظ: «...وَمَنْ ‌أَعَانَ ‌فِي ‌خُصُومَةِ ‌بَاطِلٍ؛ ‌لَمْ ‌يَزَلْ ‌فِي ‌سَخَطِ ‌اللهِ ‌حَتَّى ‌يَنْزِعَ، وَمَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ؛ ‌فَقَدْ ‌ضَادَّ ‌اللهَ ‌فِي ‌أَمْرِهِ، وَمَنْ بَهَتَ مُؤْمِنًا أَوْ مُؤْمِنَةً؛ حَبَسَهُ اللهُ فِي رَدْغَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ وَلَيْسَ بِخَارِجٍ»، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد": ((رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، ورجالهما رجال الصحيح، غير محمد بن منصور الطوسي؛ وهو: ثقة)).
وفي رواية أخرى مختصرة لابن ماجه بلفظ: «مَنْ ‌أَعَانَ ‌عَلَى ‌خُصُومَةٍ ‌بِظُلْمٍ -‌أَوْ ‌يُعِينُ ‌عَلَى ‌ظُلْمٍ-؛ ‌لَمْ ‌يَزَلْ ‌فِي ‌سخَطِ ‌اللهِ ‌حَتَّى ‌يَنْزِعَ».
وفي رواية أخرى مختصرة للحاكم وصححها أيضاً بلفظ: «مَنْ ‌أَعَانَ ‌عَلَى ‌خُصُومَةٍ ‌بِغَيْرِ ‌حَقٍّ؛ كَانَ ‌فِي ‌سَخَطِ ‌اللَّهِ ‌حَتَّى ‌يَنْزِعَ».
• وعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ تِسْعَةٌ، وَبَيْنَنَا وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ: «أَتَسْمَعُونَ»؟ قُلْنَا: سَمِعْنَا، مَرَّتَيْنِ، قَالَ: «اسْمَعُوا، إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ ‌يَكْذِبُونَ ‌وَيَظْلِمُونَ، فَمَنْ ‌دَخَلَ ‌عَلَيْهِمْ، ‌فَصَدَّقَهُمْ ‌بِكَذِبِهِمْ، ‌وَأَعَانَهُمْ ‌عَلَى ‌ظُلْمِهِمْ؛ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ، وَلَيْسَ بِوَارِدٍ عَلَيَّ الْحَوْضَ، وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ ‌يُصَدِّقْهُمْ ‌بِكَذِبِهِمْ، ‌وَلَمْ ‌يُعِنْهُمْ ‌عَلَى ‌ظُلْمِهِمْ؛ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَسَيَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ» [رواه ابن حبان في "صحيحه"، والترمذي، والنسائي، وأحمد في "مسنده"، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين"، وابن أبي شيبة في "مسنده" وفي "مصنفه"، وأبو يعلى في "معجمه"، وابن أبي عاصم في "السنة"، والطبراني في "المعجم الكبير" وفي "المعجم الأوسط" وفي "المعجم الصغير"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، وابن عبد البر في "التمهيد"، قال الترمذي: ((حديث صحيح غريب))، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد": ((رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات))، وقال ابن حجر العسقلاني في "الأمالي الحديثية الـمطلقة" من "المجلس 137" بعد أن رواه بإسناده: ((حديث صحيح))].
وفي رواية لأبي يعلى في "معجمه" بلفظ: «أَلَا إِنَّهُ سَيَكُونُ ‌أُمَرَاءُ ‌يَكْذِبُونَ ‌وَيَظْلِمُونَ، فَمَنْ ‌غَشِيَ ‌أَبْوَابَهُمْ، ‌وَصَدَّقَهُمْ ‌بِكَذِبِهِمْ، ‌وَمَالَأَهُمْ ‌عَلَى ‌ظُلْمِهِمْ؛ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَا أَنَا مِنْهُ، وَمَنْ لَمْ ‌يَغْشَ ‌أَبْوَابَهُمْ، وَلَمْ ‌يُصَدِّقْهُمْ ‌بِكَذِبِهِمْ، وَلَمْ ‌يُمَالِئْهُمْ ‌عَلَى ‌ظُلْمِهِمْ؛ فَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ مِنِّي، وَهُوَ يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ».
• وفي رواية أخرى للطبراني في "المعجم الكبير": أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «إِنَّهَا سَتَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ مِنْ بَعْدِي يَعِظُونَ بِالْحِكْمَةِ عَلَى مَنَابِرَ، فَإِذَا نَزَلُوا اخْتَلَسْتَ مِنْهُمْ، وَقُلُوبُهُمْ أَنْتَنُ مِنَ الْجِيَفِ، فَمَنْ ‌صَدَّقَهُمْ ‌بِكَذِبِهِمْ، ‌وَأَعَانَهُمْ ‌عَلَى ‌ظُلْمِهِمْ؛ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ، وَلَا يَرِدُ عَلَى الْحَوْضِ، وَمَنْ لَمْ ‌يُصَدِّقْهُمْ ‌بِكَذِبِهِمْ، ‌وَلَمْ ‌يُعِنْهُمْ ‌عَلَى ‌ظُلْمِهِمْ؛ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَسَيَرِدُ عَلَى الْحَوْضِ»، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد": ((رواه الطبراني، ورجاله ثقات)).
• وعَنْ ‌حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ -رضي الله عنهمـا- عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّهَا سَتَكُونُ عَلَيْكُمْ ‌أُمَرَاءُ ‌يَظْلِمُونَ ‌وَيَكْذِبُونَ، ‌فَمَنْ ‌صَدَّقَهُمْ ‌بِكَذِبِهِمْ، ‌وَأَعَانَهُمْ ‌عَلَى ‌ظُلْمِهِمْ؛ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ، وَلَنْ يَرِدَ عَلَيَّ الْحَوْضَ، وَمَنْ لَمْ ‌يُصَدِّقْهُمْ ‌بِكَذِبِهِمْ، ‌وَلَمْ ‌يُعِنْهُمْ ‌عَلَى ‌ظُلْمِهِمْ؛ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَسَيَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ» [رواه أحمد في "مسنده"، والبزار في "مسنده"، وابن أبي عاصم في "السنة"، والطبراني في "المعجم الكبير" وفي "المعجم الأوسط"، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد": ((رواه أحمد، والبزار، والطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، وأحد أسانيد البزار رجاله رجال الصحيح، ورجال أحمد كذلك))، وقال ابن حجر العسقلاني في "الأمالي الحديثية الـمطلقة" من "المجلس 137" بعد أن رواه بإسناده: ((حديث صحيح))].
• وعَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ -رضي الله عنه- قَالَ: كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ بَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، نَنْتَظِرُ أَنْ يَخْرُجَ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ، إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «اسْمَعُوا»، فَقُلْنَا: قَدْ سَمِعْنَا، ثُمَّ قَالَ: «اسْمَعُوا»، فَقُلْنَا: قَدْ سَمِعْنَا، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَقَالَ: «إِنَّهُ سَيَكُونُ من بَعْدِي أُمَرَاءُ، فَلَا ‌تُصَدِّقُوهُمْ ‌بِكَذِبِهِمْ، وَلَا ‌تُعِينُوهُمْ ‌عَلَى ‌ظُلْمِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ ‌صَدَّقَهُمْ ‌بِكَذِبِهِمْ، ‌وَأَعَانَهُمْ ‌عَلَى ‌ظُلْمِهِمْ؛ لَمْ يَرِدْ عَلَيَّ الْحَوْضَ» [رواه ابن حبان في "صحيحه"، وأحمد في "مسنده"، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين"، وابن أبي عاصم في "السنة"، والطبراني في "المعجم الكبير"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، قال الحاكم: ((‌حديث ‌صحيح ‌على ‌شرط ‌مسلم))، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد": ((رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح، خلا عبد الله بن خباب؛ وهو: ثقة))، وقال ابن حجر العسقلاني في "الأمالي الحديثية الـمطلقة" من "المجلس 138" بعد أن رواه بإسناده: ((حديث حسن))].
• وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رضي الله عنهمـا- أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: «يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ، أُعِيذُكَ بِاللهِ -أو أَعَاذَكَ اللهُ- مِنْ ‌إِمَارَةِ ‌السُّفَهَاءِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا ‌إِمَارَةُ ‌السُّفَهَاءِ؟ قَالَ: «أُمَرَاءُ يَكُونُونَ بَعْدِي، لَا يَقْتَدُونَ بِهَدْيِي، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ؛ فَأُولَئِكَ لَيْسُوا مِنِّي، وَلَسْتُ مِنْهُمْ، وَلَا يَرِدُونَ عَلَيَّ حَوْضِي، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ؛ فَأُولَئِكَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ، وَسَيَرِدُونَ عَلَيَّ حَوْضِي» [رواه ابن حبان في "صحيحه"، وأحمد في "مسنده"، وعبد الرزاق في "مصنفه"، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين"، وأبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء"، والبيهقي في "دلائل النبوة" وفي "الآداب" وفي "شعب الإيمان"، قال الحاكم: ((حديث صحيح الإسناد))، وقال المنذري في "الترغيب والترهيب": ((رواه أحمد -واللفظ له- والبزار، ورواتهما محتج بهم في الصحيح...))، وقال مثله أحمد ابن حجر الهيتمي في "الزواجر عن اقتراف الكبائر"، وقال نور الدين الهيثمي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد": ((رواه أحمد، والبزار... ورجالهما رجال الصحيح))، وقال ابن حجر العسقلاني في "الأمالي الحديثية الـمطلقة" من "المجلس 136" بعد أن رواه بإسناده: ((حديث صحيح))].
• وعن عَبْسٍ الْغِفَارِيِّ -رضي الله عنه- (ويقال له أيضاً: "عَابِسٍ" بـمد حرف العين) صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي ‌أَخَافُ أَنْ يُدْرِكَنِي ‌سِتٌّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُهُنَّ: «الْجَوْرُ فِي الْحُكْمِ، وَالتَّهَاوُنُ بِالدِّمَاءِ، وَإِمَارَةُ ‌السُّفَهَاءِ، وَقَطِيعَةُ ‌الرَّحِمِ، وَكَثْرَةُ ‌الشُّرَطِ، وَيُقَدَّمُ الرَّجُلُ لَيْسَ بِأَفْقَهِهِمْ وَلَا بِخَيْرِهِمْ لِيُغَنِّيَهُمْ بِالْقُرْآنِ» [رواه أحمد في "مسنده"، وابن أبي شيبة في "مصنفه"، وابن أبي الدنيا في "العقوبات"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"، والطبراني في "المعجم الكبير" و"المعجم الأوسط"، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"، والبيهقي في "شعب الإيمان" و"البعث والنشور"، وابن عبد البر في "التمهيد"، وهذا اللفظ لابن أبي عاصم والطبراني وأبي نعيم، قال ابن عبد البر في "التمهيد": ((حديثٌ مشهورٌ رُوِي عن عَبْسٍ الغِفارِيِّ من طُرُقٍ، قد ذكرناها في كتاب "البيان عن تلاوة القرآن". والحمد لله))، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد": ((...وأحد ‌إسنادي "‌الكبير" [أي: "المعجم الكبير" للطبراني] رجاله رجال الصحيح))].
وفي رواية أخرى للطبراني في "المعجم الكبير" أنه قال -رضي الله عنه-: إِنِّي أُبَادِرُ خِلَالًا سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَكُنَّ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَتَخَوَّفْهُنَّ عَلَى أُمَّتِهِ: «‌إِمَارَةُ ‌السُّفَهَاءِ، وَكَثْرَةُ الشُّرَطِ، واسْتِخْفَافٌ بِالدَّمِ، وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ، وَنَشْوٌ يَنْشَأُ يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ، يُقَدِّمُونَ الرَّجُلَ لَيْسَ بِأَفْقَهِهِمْ فِي الدِّينِ وَلَا بِأَعْلَمِهِمْ، وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُمْ وَأَعْلَمُ، يُقَدِّمُونَهُمْ لِيُغَنِّيَهُمْ غِنَاءً».
• وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنهما- قَالَا: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ ‌عَلَيْكُمْ ‌أُمَرَاءُ سُفَهَاءُ، يُقَدِّمُونَ -أو يُقَرِّبُونَ- شِرَارَ النَّاسِ، وَيَظْهَرُونَ بِخِيَارِهِمْ، وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ؛ فَلَا يَكُونَنَّ عَرِيفًا وَلَا شُرْطِيًّا وَلَا جَابِيًا وَلَا خَازِنًا» [رواه ابن حبان في "صحيحه"، وأبو يعلى في "مسنده"، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد": ((رواه ‌أبو ‌يعلى، ‌ورجاله ‌رجال ‌الصحيح، ‌خلا ‌عبد ‌الرحمن ‌بن ‌مسعود؛ وهو: ثقة))].
• وعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: أَتَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّا ‌نَجْلِسُ ‌إِلَى ‌أَئِمَّتِنَا هَؤُلَاءِ، فَيَتَكَلَّمُونَ بِالْكَلَامِ نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ ‌الْحَقَّ ‌غَيْرُهُ؛ ‌فَنَصْدُقُهُمْ، ‌وَيَقْضُونَ ‌بِالْجَوْرِ؛ ‌فَنُقَوِّيهِمْ عَلَيْهِ ‌وَنُحَسِّنُهُ ‌لَهُمْ، فَكَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: «يَا ابْنَ أَخِي كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ‌نَعُدُّ ‌هَذَا ‌النِّفَاقَ، فَلَا أَدْرِي كَيْفَ هُوَ عِنْدَكُمْ» ؟! [رواه الطبراني في "المعجم الكبير"، والبيهقي في "السنن الكبرى" وفي "شعب الإيمان"، وأبو يعلى في "مسنده"، وابن بَطَّةَ في "الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة"، والفريابي في "صفة النفاق وذم المنافقين"، وأبو نعيم الأصبهاني في "صفة النفاق ونعت المنافقين"، والحارث في "مسنده" (وفق ما ذكره الهيثمي في "بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث"، وغيره)، وهذا اللفظ للطبراني والبيهقي، قال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة": ((رواه الحارث بن أبي أسامة بسند صحيح))].
وفي رواية أبي يعلى والحارث وابن بَطَّةَ وأبي نعيم: أن ابن عُمَر-رضي الله عنهما- قال له: «أَمَّا نَحْنُ مَعْشَرَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكُنَّا ‌نَعُدُّ ‌هَذَا ‌نِفَاقًا، فَمَا أَدْرِي مَا تَعُدُّونَهُ أَنْتُمْ»؟!
• وعَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ أُنَاسٌ لِابْنِ عُمَرَ: إِنَّا ‌نَدْخُلُ ‌عَلَى ‌سُلْطَانِنَا، فَنَقُولُ لَهُمْ خِلَافَ مَا نَتَكَلَّمُ إِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِمْ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: «كُنَّا ‌نَعُدُّهَا ‌نِفَاقًا» [رواه البخاري في "صحيحه"، وغيره].
• وعَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ: قِيلَ لِابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: إِنَّا ‌نَدْخُلُ ‌عَلَى ‌أُمَرَائِنَا فَنَقُولُ الْقَوْلَ، فَإِذَا خَرَجْنَا قُلْنَا غَيْرَهُ، فَقَالَ: «كُنَّا نَعُدُّ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النِّفَاقَ» [رواه ابن ماجه، وأحمد في "مسنده"، والنسائي في "السنن الكبرى"، وابن أبي الدنيا في "الصمت وآداب اللسان"، وابن بَطَّةَ في "الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة"، وأبو نعيم الأصبهاني في "صفة النفاق ونعت المنافقين"، قال البوصيري في "مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه": ((إسناد صحيح رجاله ثقات))].
• وعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- لَقِيَ نَاسًا ‌خَرَجُوا ‌مِنْ ‌عِنْدِ ‌مَرْوَانَ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ جَاءَ هَؤُلَاءِ؟ قَالُوا: ‌خَرَجْنَا ‌مِنْ ‌عِنْدِ ‌الْأَمِيرِ مَرْوَانَ. قَالَ: «وَكُلُّ ‌حَقٍّ ‌رَأَيْتُمُوهُ؛ ‌تَكَلَّمْتُمْ بِهِ وَأَعَنْتُمْ عَلَيْهِ، وَكُلُّ مُنْكَرٍ ‌رَأَيْتُمُوهُ؛ ‌أَنْكَرْتُمُوهُ ‌وَرَدَدْتُمُوهُ ‌عَلَيْهِ»؟ قَالُوا: لَا وَاللهِ، بَلْ يَقُولُ مَا يُنْكَرُ، فَنَقُولُ: قَدْ أَصَبْتَ أَصْلَحَكَ اللهُ، فَإِذَا ‌خَرَجْنَا ‌مِنْ ‌عِنْدِهِ ‌قُلْنَا: قَاتَلَهُ اللهُ، مَا أَظْلَمَهُ، وَأَفْجَرَهُ، قَالَ عَبْدُ اللهِ -رضي الله عنه-: «كُنَّا بِعَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ‌نَعُدُّ ‌هَذَا ‌نِفَاقًا، لِمَنْ كَانَ هَكَذَا» [رواه أحمد في "مسنده"].
• وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَدْخُلُ عَلَى ذِي السُّلْطَانِ وَمَعَهُ دِينُهُ، ‌فَيَخْرُجُ ‌وَمَا ‌مَعَهُ ‌مِنْ ‌دِينِهِ شَيْءٌ»، قِيلَ: لِمَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ ‌يُرْضِيهِ ‌بِمَا ‌يَسْخَطُ اللَّهُ عز وجل عَلَيْهِ» [رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"، وهَنَّاد في "الزهد"، وابن بَطَّةَ في موضعين في "الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة"].
• وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ شَرَّ النَّاسِ ‌ذُو ‌الْوَجْهَيْنِ: الَّذِي يَأْتِي ‌هَؤُلَاءِ ‌بِوَجْهٍ، ‌وَهَؤُلَاءِ ‌بِوَجْهٍ» [رواه مالك في "الموطأ"، والبخاري ومسلم وابن حبان في "صـحاحهم"].
• وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أيضاً: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَنْبَغِي ‌لِذِي ‌الْوَجْهَيْنِ ‌أَنْ ‌يَكُونَ ‌أَمِينًا عِنْدَ اللَّهِ» [رواه أحمد في "مسنده"، والبخاري في "الأدب المفرد"، والبزار في "مسنده"، وابن أبي الدنيا في "الصمت وآداب اللسان"، والـخَرَائِطِيّ في "مساوئ الأخلاق" وفي "اعتلال القلوب"، والبيهقي في "السنن الكبرى" وفي "شعب الإيمان" وفي "الآداب"].
• وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: «لَيُوَطِّنَنَّ الْمَرْءُ نَفْسَهُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ كَفَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا لَمْ يَكْفُرْ، وَلَا يَكُونَنَّ ‌أَحَدُكُمْ ‌إِمَّعَةً»، قِيلَ: وَمَا الْإِمَّعَةُ؟ قَالَ -رضي الله عنه-: «الَّذِي يَقُولُ: أَنَا مَعَ النَّاسِ»، قَالَ -رضي الله عنه-: «إِنَّهُ لَا إِسْوَةَ فِي الشَّرِّ» [رواه ابن بَطَّةَ في "الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة"-واللفظ له-، وابن حزم في "الإحكام في أصول الأحكام"].
وفي رواية أخرى لأبي داود في "الزهد"، والـخَرَائِطِيّ في "مساوئ الأخلاق" وفي "اعتلال القلوب": أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَال: «لَا يَكُونَنَّ أَحَدُكُمْ ‌إِمَّعَةً»، قَالُوا: وَمَا الْإِمَّعَةُ؟ قَالَ: «الَّذِي يَجْرِي مَعَ كُلِّ ‌رِيحٍ».
وفي رواية أخرى للطبراني في "المعجم الكبير"، وأبي نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء": أنه قَالَ -رضي الله عنه-: «لَا يَكُونُ ‌أَحَدُكُمْ ‌إِمَّعَةً»، قَالُوا: وَمَا الْإِمَّعَةُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: «يَقُولُ إِنَّمَا أَنَا مَعَ النَّاسِ، إِنِ اهْتَدَوُا اهْتَدَيْتُ، وَإِنْ ضَلُّوا ضَلَلْتُ»، قَالَ -رضي الله عنه-: «أَلَا لَيُوَطِّنُ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ عَلَى إِنْ كَفَرَ النَّاسُ أَنْ لَا يَكْفُرَ».
• وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- أيضاً قَالَ: «إِذَا وَقَعَ النَّاسُ ‌فِي ‌الشَّرِّ؛ فَقُلْ: لَا ‌أُسْوَةَ لِي بِالشَّرِّ» [رواه الطبراني في "المعجم الكبير"، وابن حزم في "الإحكام في أصول الأحكام"].
• وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- أيضاً قَالَ: «أَلَا لَا يُقَلِّدَنَّ أَحَدُكُمْ دِينَهُ رَجُلًا، فَإِنْ آمَنَ آمَنَ، ‌وَإِنْ ‌كَفَرَ ‌كَفَرَ، فَإِنْ كُنْتُمْ لَا بُدَّ مُقْتَدِينَ -لَا مَحَالَةَ-؛ فَلْيُقَلِّدِ الْمَيِّتَ، وَيَتْرُكَ الْحِيَّ، فَإِنَّ الْحِيَّ لَا تُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ» [رواه أبو داود في "الزهد"، والطبراني في "المعجم الكبير"، وهبة الله الطبري اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"، وأبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد": ((رواه الطَّبرانيُّ في "الكبير"، ورجاله رجال الصَّحيح))].
• وعَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ: «قَامَ رَجُلٌ يُثْنِي عَلَى أَمِيرٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ، فَجَعَلَ الْمِقْدَادُ -رضي الله عنه- يَحْثِي فِي وَجْهِهِ التُّرَابَ، وَقَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ ‌نَحْثِيَ ‌فِي ‌وُجُوهِ ‌الْمَدَّاحِينَ التُّرَابَ» [رواه مسلم في "صحيحه"، والبخاري في "الأدب المفرد"، والترمذي، وابن ماجه، وأحمد في "مسنده"، وقال الترمذي: ((حديث حسن صحيح))].
وفي رواية أخرى لـمسلم في "صحيحه" وأبي داود: ‌أَنَّ ‌الْمِقْدَادَ ‌بْنَ ‌الْأَسْوَدِ -رضي الله عنه- قال: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ ‌الْمَدَّاحِينَ؛ فَاحْثُوا ‌فِي ‌وُجُوهِهِمُ ‌التُّرَابَ».
• وعَنْ ‌عَبْدِ ‌اللهِ ‌بْنِ ‌عُمَرَ -رضي الله عنهمـا- قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «احْثُوا فِي أَفْوَاهِ -أو فِي وجُوهِ- ‌الْمَدَّاحِينَ التُّرَابَ» [رواه ابن حبان في "صحيحه"، والطبراني في "مسند الشاميين"، وابن المقرئ في "معجه"، وتمام في "فوائده"، وأبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء"، وضياء الدين عبد الواحد المقدسي في "الأحاديث الجياد المختارة الزائدة على ما في الصحيحين"، قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى": ((...تصحيح الحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد ‌المقدسي في "مختاره" خير من تصحيح ‌الحاكم، فكتابه في هذا "الباب" خير من كتاب ‌الحاكم بلا ريب عند من يعرف الحديث...))].
• وعَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا ‌بَكْرٍ الصِّدِّيقَ -رضي الله عنه- وَهُوَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، فَحَمِدَ اللهَ عز وجل وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تَقْرَؤُونَ هَذِهِ الْآيَةَ، وَتَضَعُونَهَا عَلَى غَيْرِ مَا وَضَعَهَا اللهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ‌لَا ‌يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [سورة المائدة: الآية 105]، وَإِنَّا سَمِعْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ، فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ؛ أَوْشَكَ أَنْ ‌يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ» [رواه ابن حبان في "صحيحه"، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والنسائي في "السنن الكبرى"، وأحمد في "مسنده" بطرق كثيرة متعددة، وأبو بكر الحُمَيْدي في "مسنده"، والبزار في "مسنده"، وأَبو يَعْلى في "مسنده"، وابن أبي الدنيا في "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وفي "العقوبات"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"، والبيهقي في "السنن الكبرى" وفي "شعب الإيمان"، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"، وضياء الدين عبد الواحد المقدسي في "الأحاديث الجياد المختارة الزائدة على ما في الصحيحين"، قال الترمذي: ((حديث حسن صحيح))، وقال النووي في "رياض الصالحين": ((رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة))، وقال أيضاً في كتابه "الأذكار": ((وروينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه بأسانيد صحيحة))، وقال ابن المفلح في "الآداب الشرعية والمنح المرعية" عن إسناده: ((صحيح))].
وفي رواية أخرى لابن أبي الدنيا وأبي يَعْلى وابن حبان بلفظ: ...إِنَّ النَّاسَ يَضَعُونَ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى غَيْرِ مَوْضِعِهَا، أَلَا وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ الْقَوْمَ إِذَا ‌رَأَوُا ‌الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ، وَالْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغَيِّرُوهُ؛ عَمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ».
وفي رواية أخرى لابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" بلفظ: ...فَإِنَّمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يَكُونُ الْمُنْكَرُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمٍ لَا يُغَيِّرُونَهُ؛ إِلَّا أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ عز وجل بِعِقَابٍ».
وفي رواية أخرى لأبي داود بلفظ: وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ ‌فِيهِمْ ‌بِالْمَعَاصِي، ثُمَّ يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرُوا، ثُمَّ لَا يُغَيِّرُوا، إِلَّا يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ مِنْهُ بِعِقَابٍ».
‌وفي رواية أخرى لابن أبي الدنيا في "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ‌أَنَّ ‌أَبَا ‌بَكْرٍ ‌الصِّدِّيقَ-رضي الله عنه- قال: «...لَتَأْمُرُنَّ ‌بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ ‌الْمُنْكَرِ؛ أَوْ لَيُسَلِّطَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ شِرَارَكُمْ، ثُمَّ لَيَدْعُوَنَّ خِيَارُكُمْ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ، وَاللَّهِ ‌لَتَأْمُرُنَّ ‌بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ ‌الْمُنْكَرِ؛ أَوْ لَيُعَاقِبَنَّكُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِعِقَابٍ».
• وعَنْ ‌جَرِيرِ ‌بْنِ ‌عَبْدِ ‌اللهِ الْبَجَلِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَكُونُ فِي قَوْمٍ يَعْمَلُ فِيهِمْ ‌بِالْمَعَاصِي، يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرُوا عَلَيْهِ فَلَا يُغَيِّرُوا؛ إِلَّا ‌أَصَابَهُمُ اللهُ بِعِقَابٍ قَبْلَ أَنْ يَمُوتُوا» [رواه ابن حبان في "صحيحه"، وأبو داود، وابن ماجه، وأحمد في "مسنده"، وسعيد بن منصور، وابن أبي الدنيا في "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" وفي "العقوبات"، ‌وابن ‌وضَّاح القرطبي المالكي في "البدع والنهي عنها"، وأَبو يَعْلى في "مسنده"، والطبراني في "المعجم الكبير"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"، وهذا اللفظ لأبي داود وابن حبان ‌وابن ‌وضَّاح وسعيد بن منصور والطبراني].
وفي رواية أخرى‌ لابن ‌وضَّاح بلفظ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكُونُ فِي الْقَوْمِ يَعْمَلُ ‌بِالْمَعَاصِي، هُمْ أَكْثَرُ مِنْهُ وَأَعَزُّ، لَوْ شَاءُوا أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ، فَيُدَاهِنُونَ وَيَسْكُتُونَ؛ فَيُعَاقَبُونَ بِهِ».
وفي رواية أخرى‌ للطبراني في "المعجم الكبير" بلفظ: «مَا مِنْ قَوْمٍ يَكُونُ فِيهِمْ مَنْ يَعْمَلُ ‌بِالْمَعَاصِيِ، هُمْ أَكْثَرُ مِنْهُ وَأَعَزُّ، فيدهنُونَ وَيَسْكُتُونَ، فَلَا يُغَيِّرُونَ؛ إِلَّا أَصَابَتْهُمْ فِيهِ عُقُوبَةٌ».
• وعَنْ ‌حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ -رضي الله عنهمـا- أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، ‌لَتَأْمُرُنَّ ‌بِالمَعْرُوفِ، ‌وَلَتَنْهَوُنَّ ‌عَنِ ‌المُنْكَرِ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ، ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ» [رواه الترمذي، وأحمد في "مسنده"، والبيهقي في "السنن الكبرى" وفي "شعب الإيمان"، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"، قال الترمذي: ((حديث حسن))].
• وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رضي الله عنهمـا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّهُ ‌أُمَّةً لَا ‌يُؤْخَذُ ‌لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ»؟! [رواه ابن حبان في "صحيحه"، وابن ماجه، وابن أبي الدنيا في "الأهوال"، وأَبو يَعْلى في "مسنده"، ‌وابن ‌وضَّاحٍ القرطبي المالكي في "البدع والنهي عنها"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، قال الذهبي في "العلو للعلي الغفار": ((إسناده صالح))، وقال ابن المُلَقِّن في "خلاصة البدر المنير": ((رواه ابن ماجه من رواية جابر بإسناد على شرط مسلم لا جرم صححه ابن حبان))، وقال ابن المُلَقِّن أيضاً في "البدر المنير": ((...جميع رجاله احتج بهم مسلم في "صحيحه"...))].
• وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا ‌قُدِّسَتْ ‌أُمَّةٌ لَا يُعْطَى الضَّعِيفُ فِيهَا حَقَّهُ غَيْرَ مُتَعْتِعٍ» [رواه ابن ماجه، وابن أبي شيبة في "مصنفه"، وأَبو يَعْلى في "مسنده"، قال المنذري في "الترغيب والترهيب": ((رواه أبو يعلى، ورواته رواة الصَّحيح))، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد": ((رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصَّحيح))].
• وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللهَ عز وجل لَا ‌يُقَدِّسُ ‌أُمَّةً لَا يُعْطُونَ الضَّعِيفَ مِنْهُمْ حَقَّهُ» [رواه الطبراني في "المعجم الكبير" وفي "المعجم الأوسط"، وأبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء"، وقد حكم المنذري في "الترغيب والترهيب" وابن حجر الهيتمي في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" بأن إسناده جيد، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد": ((رواه الطَّبراني في "الكبير" و"الأوسط"، ورجاله ثقات))].
• وعَنْ مُعَاوِيَةَ -رضي الله عنه- وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنهمـا- أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يُقَدِّسُ اللَّهُ ‌أُمَّةً لَا يُقْضَى فِيهَا بِالْحَقِّ، ‌وَيَأْخُذُ ‌الضَّعِيفُ حَقَّهُ مِنَ الْقَوِيِّ غَيْرَ مُضْطَهَدٍ» [رواه الطبراني في "مسند الشاميين" وفي "المعجم الكبير"، وأبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء"، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد": ((رواه الطَّبراني، ورجاله ثقات))].
وفي رواية أخرى للطبراني في "مسند الشاميين" وأبي نعيم: أَنَّهُمَا -رضي الله عنهمـا- سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا قُدِّسَتْ ‌أُمَّةٌ لَا يُقْضَى فِيهَا بِالْحَقِّ، ‌فَيَأْخُذُ ‌ضَعِيفُهَا حَقَّهُ مِنْ قَوِيِّهَا غَيْرَ مُتَعْتَعٍ».
‌• وعَنْ ‌بُرَيْدَةَ ‌الْأَسْلَمِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا ‌قُدِّسَتْ ‌أُمَّةٌ -أَوْ كَيْفَ ‌تُقَدَّسُ ‌أُمَّةٌ- لَا يَأْخُذُ ضَعِيفُهَا حَقَّهُ مِنْ شَدِيدِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُتَعْتَعٍ»؟! [رواه البزار في "مسنده"، والطبراني في "المعجم الأوسط"، والبيهقي في "السنن الكبرى" وفي "الأسماء والصفات"، قال الذهبي في "المهذب في اختصار السنن الكبير": ((إسناده صالح))].
• وعَنْ قَابُوسَ بْنِ مُخَارِقٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا ‌قُدِّسَتْ ‌أُمَّةٌ لَا يُؤْخَذُ فِيهَا للضَّعِيفِ حَقُّهُ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ» [رواه الطبراني في "المعجم الكبير" وفي "المعجم الأوسط"، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد": ((رواه الطَّبراني في "الكبير" و"الأوسط"، ورجاله ثقات))].
• وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ خَطيبًا، فَكَانَ فِيمَا قَالَ: «لَا ‌يَمْنَعَنَّ ‌أَحَدَكُمْ ‌مَخَافَةُ ‌النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِالْحَقِّ إِذَا رَآهُ، أَوْ شَهِدَهُ، أَوْ سَمِعَهُ، أَوْ عَلِمَهُ» [رواه ابن حبان في "صحيحه"، وأحمد في "مسنده" بطرق كثيرة متعددة، وابن ماجه، والترمذي، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"، وأبو يعلى في "مسنده"، وابن أبي الدنيا في "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، والطبراني في "المعجم الصغير" وفي "المعجم الأوسط"، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين"، والقُضَاعِيّ في "مسند الشهاب"، وأبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء"، والبيهقي في "السنن الكبرى" وفي "شعب الإيمان"، وابن عبد البر في "التمهيد" وفي "الاستذكار"، قال الترمذي: ((حديث حسن))، قال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة": ((رواه مسدد بسند رواته ثقات))، وقال ابن حجر العسقلاني في "الأمالي الحديثية الـمطلقة" من "المجلس 120" بعد أن رواه بإسناده: ((حديث ‌صحيح))، وقد صحَّحه من عدة طرق وروايات له، فصحَّح بعض رواياته التي من طريق أحمد وأبو داود الطيالسي، وحسَّن رواياته التي من طريق الترمذي وابن ماجه والحاكم، وذكر أن الحديث من بعض روايات أحمد صحيح على شرط صحيح مسلم].
وفي رواية أخرى لأحمد وأبي داود الطيالسي وأبي يعلى والحاكم والقُضَاعِيّ والبيهقي بلفظ: «‌...مَهَابَةُ ‌النَّاسِ...».
وفي رواية أخرى -أيضاً- لأحمد وابن ماجه والترمذي وابن أبي الدنيا والطبراني في "المعجم الصغير" وفي "المعجم الأوسط" بلفظ: «...هَيْبَةُ النَّاسِ...».
وفي رواية أخرى لأحمد وأبي يعلى والطبراني في "المعجم الأوسط" بلفظ: «...رَهْبَةُ النَّاسِ...».
وفي رواية أخرى لأبي يعلى بلفظ: «لا ‌يَمْنَعَنَّ ‌أَحَدَكُمْ مَخَافَةُ رَجُلٍ، أَوْ مَخَافَةُ بَشَرٍ، ‌أَنْ ‌يَتَكَلَّمَ ‌بِالحْقِّ إذَا رَآهُ، أَوْ عَلِمَهُ».
وفي رواية أخرى لأحمد بلفظ: «وَمَا شَيْءٌ أَفْضَلَ مِنْ كَلِمَةِ عَدْلٍ ‌تُقَالُ ‌عِنْدَ ‌سُلْطَانٍ ‌جَائِرٍ، فَلَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ اتِّقَاءُ النَّاسِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالْحَقِّ إِذَا رَآهُ أَوْ شَهِدَهُ».
• وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أيضاً -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ ‌جَائِرٍ ‌أَوْ ‌أَمِيرٍ جَائِرٍ» [رواه أحمد في "مسنده"، وأبو داود، وابن ماجه، والترمذي، وأبو بكر الحُمَيْدي في "مسنده"، وأبو يعلى في "مسنده"، والطبراني في "مكارم الأخلاق"، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين"، والقُضَاعِيّ في "مسند الشهاب"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، وهذا اللفظ لأبي داود والقُضَاعِيّ، قال الترمذي: ((حديث حسن غريب من هذا الوجه))، ووافقه على تحسينه وأيده عليه ابن دقيق العيد في "شرح الإلمام بأحاديث الأحكام"، وقال: ((والأمر كما قال...))، وقال ابن حجر العسقلاني في "الأمالي الحديثية الـمطلقة" في "المجلس 122" وفي "المجلس 131": ((حديث حسن))].
• وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عِنْدَ رَمَيْتِهِ الْجَمْرَةِ الْأُولَى، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ -أو قال: أَيُّ ‌الْجِهَادِ ‌أَحَبُّ إِلَى اللهِ-؟ فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُجِبْهُ، فَلَمَّا رَمَى الْجَمْرَةَ الثَّانِيَةَ -الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى-، عَرَضَ لَهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَسَكَتَ عَنْهُ وَلَمْ يُجِبْهُ، فَلَمَّا رَمَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْجَمْرَةِ الثَّالِثَةِ -جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ-، وَوَضَعَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ لِيَرْكَبَ، قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ»؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: هَا أَنَا ذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «‌أَفْضَلُ ‌الْجِهَادِ مَنْ قَالَ ‌كَلِمَةَ ‌حَقٍّ ‌عِنْدَ ‌ذِي ‌سُلْطَانٍ ‌جَائِرٍ» [رواه أحمد في "مسنده"، وابن ماجه، والرُّوياني في "مسنده"، وابن حبان في "الثقات"، والطبراني في معاجمه الثلاث "المعجم الصغير" و"المعجم الأوسط" و"المعجم الكبير"، والقُضَاعِيّ في "مسند الشهاب"، والبيهقي في "السنن الكبرى" وفي "شعب الإيمان"، وابن عبد البر في "التمهيد" وفي "الاستذكار"، والخطيب البغدادي في "تلخيص المتشابه في الرسم"، وأبو محمد الحسين البغوي في "تفسيره" وفي "شرح السنة"، قال البغوي في "شرح السنة": ((حديث حسن))، وقال المنذري في "الترغيب والترهيب": ((رواه ابن ماجة بإسناد صحيح))].
وفي رواية أحمد بلفظ: «كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ».
وفي رواية أخرى لأحمد والبيهقي في "السنن الكبرى" بلفظ: «كَلِمَةُ حَقٍّ ‌تُقَالُ ‌لِإِمَامٍ ‌جَائِرٍ».
وفي رواية أخرى للطبراني في "المعجم الكبير" بلفظ: «أَحَبُّ الْجِهَادِ إِلَى اللهِ ‌كَلِمَةُ ‌حَقٍّ ‌تُقَالُ ‌لِإِمَامٍ ‌جَائِرٍ».
• وعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ: أَيُّ ‌الْجِهَادِ ‌أَفْضَلُ؟ قَالَ: «كَلِمَةُ ‌حَقٍّ ‌عِنْدَ ‌سُلْطَانٍ ‌جَائِرٍ» [رواه أحمد في "مسنده"، والنسائي، وأبو القاسم عبد الله البَغَوي في "معجم الصحابة"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، وضياء الدين عبد الواحد المقدسي في "الأحاديث الجياد المختارة الزائدة على ما في الصحيحين"، قال المنذري في "الترغيب والترهيب": ((رواه النسائي بإسناد صحيح))، وقال النووي في "رياض الصالحين": ((رواه النسائي بإسناد صحيح))، وقال أبو المظفر منصور السمعاني في "تفسيره": ((وقد صَحَّ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «‌أَفْضَلُ ‌الْجِهَادِ ‌كَلِمَةُ ‌حَقٍّ ‌عِنْدَ ‌سُلْطَانٍ ‌جَائِرٍ»...))].
وفي رواية البغوي والبيهقي بلفظ: «كَلِمَةُ ‌عَدْلٍ ‌عِنْدَ ‌إِمَامٍ ‌جَائِرٍ».
وفي رواية أخرى لأحمد وضياء الدين المقدسي بلفظ: «كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ».
• وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَمْ يَكُنْ نَبِيُّ قَطُّ إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَتَّبِعُونَ أَمْرَهُ وَيَهْتَدُونَ بِسُنَّتِهِ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ أُمَرَاءٌ، يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ، يُغَيِّرُونَ السُّنَنَ، وَيُظْهِرُونَ الْبِدَعَ، ‌فَمَنْ ‌جَاهَدَهُمْ ‌بِيَدِهِ؛ ‌فَهُوَ ‌مُؤْمِنٌ، ‌وَمَنْ ‌جَاهَدَهُمْ ‌بِلِسَانِهِ؛ ‌فَهُوَ ‌مُؤْمِنٌ، ‌وَمَنْ ‌جَاهَدَهُمْ ‌بِقَلْبِهِ؛ ‌فَهُوَ ‌مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ» [رواه مسلم وابن حبان في "صـحيحيـهمـا"، والبزار في "مسنده"، وابن بَطَّةَ في "الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة"، وابن مَنْدَه في كتابه "الإيمان"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، وروى أحمد في "مسنده" بعضه، وهذا "اللفظ" لابن بَطَّة، قال ابن مَنْدَه: ((حديث صحيح... ولا علة له))].
وفي رواية لمـسلم بلفظ: «مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ، يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ، ‌فَمَنْ ‌جَاهَدَهُمْ ‌بِيَدِهِ؛ ‌فَهُوَ ‌مُؤْمِنٌ، ‌وَمَنْ ‌جَاهَدَهُمْ ‌بِلِسَانِهِ؛ ‌فَهُوَ ‌مُؤْمِنٌ، ‌وَمَنْ ‌جَاهَدَهُمْ ‌بِقَلْبِهِ؛ ‌فَهُوَ ‌مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ ‌الْإِيمَانِ ‌حَبَّةُ ‌خَرْدَلٍ».
وفي رواية لابن حبان والبزار بلفظ: «سَتَكُونُ أُمَرَاءُ مِنْ بَعْدِي، ‌يَقُولُونَ ‌مَا ‌لَا ‌يَفْعَلُونَ، ‌وَيَفْعَلُونَ ‌مَا ‌لَا ‌يَؤْمَرُونَ، ‌فَمَنْ ‌جَاهَدَهُمْ ‌بِيَدِهِ؛ ‌فَهُوَ ‌مُؤْمِنٌ، ‌وَمَنْ ‌جَاهَدَهُمْ ‌بِلِسَانِهِ؛ ‌فَهُوَ ‌مُؤْمِنٌ، ‌وَمَنْ ‌جَاهَدَهُمْ ‌بِقَلْبِهِ؛ ‌فَهُوَ ‌مُؤْمِنٌ، ‌لَا ‌إِيمَانَ ‌بَعْدَهُ».
وفي رواية أخرى لـمحمد بن مخلد العطار البغدادي وَابْنُ ‌عَسَاكِرَ في "تاريخ دمشق" بلفظ: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا إِلا وَلَهُ حَوَارِيُّونَ، فَيَمْكُثُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ مَا شَاءَ اللَّهُ يَعْمَلُ فِيهِمْ بِكِتَابِ اللَّهِ عز وجل وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا انْقَرَضُوا كَانَ مِنْ بَعْدِهِمْ أُمَرَاءٌ، يركبون رؤوس الْمَنَابِرِ يَقُولُونَ مَا تَعْرِفُونَ وَيَعْمَلُونَ مَا تُنْكِرُونَ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ أُولَئِكَ؛ فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ يُجَاهِدُهُمْ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ؛ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ بِلِسَانِهِ؛ فَبِقَلْبِهِ، ‌وَلَيْسَ ‌وَرَاءَ ‌ذَلِكَ ‌إسلام».
• وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَكُونُ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ خُلَفَاءُ يَعْمَلُونَ بِكِتَابِ اللهِ، وَيَعْدِلُونَ فِي عِبَادِ اللهِ، ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَ الْخُلَفَاءِ مُلُوكٌ، يَأْخُذُونَ بِالثَّأْرِ، وَيَقْتُلُونَ الرِّجَالَ، وَيَصْطَفُونَ الْأَمْوَالَ، فَمُغَيِّرُ بِيَدِهِ، وَمُغَيِّرُ بِلِسَانِهِ، وَمُغَيِّرُ بِقَلْبِهِ، ‌لَيْسَ ‌وَرَاءَ ‌ذَلِكَ ‌مِنَ ‌الْإِيمَانِ شَيْءٌ» [رواه البيهقي في "دلائل النبوة" والخطيب البغدادي في "المتفق والمفترق"].
• وعَنْ ‌حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ -رضي الله عنهمـا- قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا تَسْأَلُونِي؟ فَإِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْر، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ، أَفَلَا تُسْأَلُونَ عَنْ مَيِّتِ الْأَحْيَاءِ»؟ فَقَالَ -رضي الله عنه-: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَا النَّاسَ مِنَ الضَّلَالَةِ إِلَى الْهُدَى، وَمِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِيمَانِ، فَاسْتَجَابَ لَهُ مَنِ اسْتَجَاب، فَحَيِيَ بِالْحَقِّ مَا كَانَ مَيْتًا، وَمَاتَ بِالْبَاطِلِ مَنْ كَانَ حَيًّا، ثُمَّ ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ، فَكَانَتِ الْخِلَافَةُ عَلَى مَنَهَاجِ النُّبُوَّةِ، ثُمَّ يَكُونُ مُلْكًا عَضُوضًا؛ فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُنْكِرُ بِقَلْبِهِ وَيَدِهِ وَلِسَانِهِ، وَالْحَقَّ اسْتَكْمَلَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُنْكِرُ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ، كَافًّا يَدَهُ، وَشُعْبَةً مِنَ الْحَقِّ تَرَكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُنْكِرُ بِقَلْبِهِ، كَافًّا يَدَهُ وَلِسَانَهُ، وَشُعْبَتَيْنِ مِنَ الْحَقِّ تَرَكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُنْكِرُ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ؛ فَذَلِكَ مَيِّتُ الْأَحْيَاءِ» [رواه أبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء"، قال محمد عمرو عبد اللطيف (المتوفى: 1429هـ) في "تبييض الصحيفة": ((إسناده قوى متصل))].
وفي رواية أخرى أنه: قِيلَ لِحُذَيْفَةَ -رضي الله عنه-: مَا ‌مَيِّتُ ‌الْأَحْيَاءِ؟ قَالَ: «الَّذِي لَا يُنْكِرُ الْمُنْكَرَ بِيَدِهِ وَلَا بِلِسَانِهِ وَلَا بِقَلْبِهِ» [رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"، وابن الصواف في "فوائده"، والبيهقي في " شعب الإيمان"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"].
• وعَنْ ‌حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ -رضي الله عنهمـا- أيضاً قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «‌تُعْرَضُ ‌الْفِتَنُ ‌عَلَى ‌الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، ‌فَأَيُّ ‌قَلْبٍ ‌أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، ‌وَأَيُّ ‌قَلْبٍ ‌أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ ‌نُكْتَةٌ ‌بَيْضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ الْقُلُوبُ عَلَى قَلْبَيْنِ: أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا، لَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ. وَالْآخَرُ أَسْوَدُ ‌مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ ‌مُجَخِّيًا -وَأَمَالَ كَفَّهُ-، لَا ‌يَعْرِفُ ‌مَعْرُوفًا، ‌وَلَا ‌يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا ‌أُشْرِبَ ‌مِنْ ‌هَوَاهُ»، قَالَ أَبُو خَالِدٍ: فَقُلْتُ لِسَعْدٍ: يَا أَبَا مَالِكٍ، مَا أَسْوَدُ ‌مُرْبَادًّا؟ قَالَ: شِدَّةُ الْبَيَاضِ فِي سَوَادٍ، قَالَ: قُلْتُ: فَمَا الْكُوزُ ‌مُجَخِّيًا؟ قَالَ: مَنْكُوسًا. [رواه مسلم في "صـحيحه"، وأحمد في "مسنده"، وأبو عَوانة في مستخرجه "المسند الصحيح المخرج على صحيح مسلم"].
• وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ ‌الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلَاةُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ، وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ، فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ.
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ -رضي الله عنه-: فَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَرَجْتُ مَعَ ‌مَرْوَانَ -وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ- فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمُصَلَّى إِذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ، فَإِذَا ‌مَرْوَانُ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَجَبَذْتُ بِثَوْبِهِ، فَجَبَذَنِي، فَارْتَفَع؛َ فَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقُلْتُ لَهُ: غَيَّرْتُمْ وَاللَّهِ، فَقَالَ: أَبَا سَعِيدٍ قَدْ ذَهَبَ مَا تَعْلَمُ، فَقُلْتُ: مَا أَعْلَمُ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا لَا أَعْلَمُ، فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَجَعَلْتُهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ [رواه البخاري ومسلم وابن حزيمة في "صـحاحـهم"].
وفي رواية مسلم وابن خزيمة ‌أَنَّ ‌أَبَا ‌سَعِيدٍ ‌الْخُدْرِيَّ -رضي الله عنه- قَالَ: ...فَلَمْ تَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى كَانَ ‌مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، فَخَرَجْتُ مُخَاصِرًا ‌مَرْوَانَ حَتَّى أَتَيْنَا الْمُصَلَّى، فَإِذَا كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ قَدْ بَنَى مِنْبَرًا مِنْ طِينٍ وَلَبِنٍ، وَإِذَا ‌مَرْوَانُ يُنَازِعُنِي يَدَهُ، كَأَنَّهُ يَجُرُّنِي نَحْوَ الْمِنْبَرِ، وَأَنَا أَجُرُّهُ نَحْوَ الْمُصَلَّى، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ مِنْهُ؛ قُلْتُ: أَيْنَ الِابْتِدَاءُ بِالصَّلَاةِ؟ فَقَالَ ‌مَرْوَانُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، تُرِكَ مَا تَعْلَمُ. فَرَفَعْتُ صَوْتِي: كَلَّا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَأْتُونَ بِخَيْرٍ مِمَّا أَعْلَمُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ.
• ففي هذا الحديث الصحيح المتفق عليه؛ قد أنكر الصحابي الجليل أبو سعيد ‌الـخُدْرِيّ -رضي الله عنه- باليد واللسان معاً على الأمير مروان بن الحكم الذي كان -يَوْمَئِذٍ- والي المدينة الـمنوَّرة إنكاراً جهرياً معلناً ظاهراً صريحاً شديداً في مشهد عام أمام الـملأ وعامة الناس عند اجتـمـاعهم يوم العيد، مع أن هذا المنكر المذكور يعتبر منكراً جزئياً وبدعة فرعية، ومع أن الذي وقع منه هذا المنكر حاكم يتحاكم إلى ما أنزل الله على رسوله من الكتاب والسنة ويقر بالانقياد لهمـا والرد إليهما ويظهر تعظيمه للإسلام ومعالمه وشعائره وحرصه على نشرها بين عامة الناس...
وقد تكرر وقوع هذا المنكر المذكور في "الحديث الصحيح" من مروان، فقام إليه رجل مرة أخرى؛ فأنكره عليه بلسانه إنكاراً جهرياً معلناً في حضرة عامة الناس عند اجتماعهم يوم العيد، فأقره أبو سعيد ‌الـخُدْرِيّ -رضي الله عنه-، بل وأظهر موافقته له أمام الـملأ وكرر تصريح إنكاره لهذا المنكر مرة أخرى وأيَّد فعل الرجل وإنكاره بـحجة نبوية محكمة وقاعدة كلية عامة سمعها من النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي قد أتاه الله تعالى جَوَامِع الكلم وفَوَاتِحَه وخَوَاتِمَه واخْتُصِرَ له الحديث اخْتِصَارًا، كما ثبت ذلك في "الحديث الصحيح الصريح" التالي:
• وعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ -رضي الله عنه- قَالَ: أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْعِيدِ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ؛ فَقَالَ: يَا مَرْوَانُ، خَالَفْتَ السُّنَّةَ، الصَّلَاةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، وَمَدَّ بِهَا صَوْتَهُ، فَقَالَ مَرْوَانُ: قَدْ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ يَا أَبَا فُلَانٍ، فَقَامَ أَبُو سَعِيدٍ ‌الْخُدْرِيُّ -رضي الله عنه-؛ فَقَالَ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا؛ فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ؛ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ؛ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» [رواه مسلم وابن حبان في "صـحيحيـهـمـا"، وأحمد في "مسنده"، وأبو داود، وابن ماجه، والنسائي، وابن مَنْدَه في كتابه "الإيمان" بأسانيد وطرق متعددة، وقال ابن مَنْدَه: ((هذه أسانيد مجمع على صحتها على رسم الجماعة... ولا علة لها))].
وفي رواية للنسائي بلفظ: «مَنْ رَأَى مُنْكَرًا فَغَيَّرَهُ بِيَدِهِ؛ ‌فَقَدْ ‌بَرِئَ، ‌وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِيَدِهِ فَغَيَّرَهُ بِلِسَانِهِ؛ ‌فَقَدْ ‌بَرِئَ، ‌وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِلِسَانِهِ فَغَيَّرَهُ بِقَلْبِهِ؛ فَقَدْ بَرِئَ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ».
وقد ثبت تكرر الإنكار أيضاً مرة أخرى من أبي سعيد ‌الـخُدْرِيّ -رضي الله عنه- على الأمير مروان إنكاراً جهرياً معلناً ظاهراً صريحاً أمام الـملأ عند اجتماعهم في يوم جنازة بسبب مخالفة أخرى جزئية فرعية خفية مكروهة كراهة تنزيه فقط... وهي حكم النهي عن الجلوس قبل أن توضع الجنازة بعد القيام لها لـمن تبعها وكان ماشياً معها... كما جاء خبر هذه "الواقعة" في "الحديث الصحيح" التالي:
• وعَنْ ‌سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا فِي ‌جَنَازَةٍ، فَأَخَذَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه بِيَدِ ‌مَرْوَانَ، فَجَلَسَا قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ، فَجَاءَ أَبُو ‌سَعِيدٍ رضي الله عنه، فَأَخَذَ بِيَدِ ‌مَرْوَانَ فَقَالَ: ‌قُمْ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَانَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: صَدَقَ. [رواه البخاري في "صـحيحه"].
فـمحل الإنكار في هذه "الواقعة"؛ هو: الجلوس قبل أن توضع الجنازة لـمن تبعها، وليس محل الإنكار؛ هو: ترك القيام لها، فهذا حكم آخر لم يقعوا فيه، فإنهم لم يتركوا القيام للجنازة، وإنما جلسوا قبل أن توضع... وهذه "المخالفة المذكورة" ليست بـمنكر محرم ولا معصية محضورة قطعاً، لأن الصحابي الجليل أبو هريرة -رضي الله عنه- كان حاضراً ولم ينكر هذه "المخالفة المتعلقة بأحكام الجنائز" وسكت عنها وجلس بنفسه قبل أن توضع الجنازة بعد القيام لها، ثم بعد ذلك أقرَّ -رضي الله عنه- أبو سعيد ‌الـخُدْرِيّ -رضي الله عنه- على إنكاره لها لـمَّا سُئل عن ذلك وصدَّقه ولم يخالفه، فدلَّ دلالة قطعية على أن فعل هذه "المخالفة المتعلقة بأحكام الجنائز" ليست بمحرمة، ومع هذا كله؛ فقد أنكر أبو سعيد -رضي الله عنه- هذه "المخالفة المكروهة"؛ مما يدل دلالة قطعية على مشروعية الجهر بإنكار المنكر علناً حتى ولو كان المنكر مكروه كراهة تنزيه وحتى ولو كان صاحب المنكر أميراً...
وقد ثبت تكرر الإنكار أيضاً مرة أخرى من أبي سعيد ‌الـخُدْرِيّ -رضي الله عنه- على الأمير مروان إنكاراً فعلياً عملياً أمام الـملأ عند اجتماعهم في يوم جمعة بسبب مخالفة أخرى جزئية فرعية خفية مكروهة كراهة تنزيه فقط، بل بسبب مسألة مختلف فيها في ذلك بين العلماء من السلف والخلف... كما جاء خبر هذه "الواقعة" في "الحديث" التالي الذي صححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم:
• وعَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ: أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ ‌الْخُدْرِيَّ دَخَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ يَخْطُبُ، فَقَامَ يُصَلِّي، فَجَاءَ الحَرَسُ لِيُجْلِسُوهُ، فَأَبَى حَتَّى صَلَّى. فَلَمَّا انْصَرَفَ ‌مَرْوَانُ، أَتَيْنَاهُ، فَقُلْنَا لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، إِنْ كَادُوا لَيَقَعُوا بِكَ. فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ -رضي الله عنه-: مَا كُنْتُ لِأَتْرُكَهُمَا بَعْدَ شَيْءٍ رَأَيْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم... [رواه ابن خزيمة في "صـحيحه"، والترمذي، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين"، قال الترمذي: ((حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق، وقال بعضهم: إذا دخل والإمام يخطب، فإنه يجلس ولا يصلي، وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة. والقول الأول أصح))، وقال الحاكم: ((حديث صحيح على شرط مسلم))].
• وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: «إِنَّهُ سَيَكُونُ ‌أُمَرَاءُ ‌يَدَعُونَ ‌مِنَ ‌السُّنَّةِ ‌مِثْلَ ‌هَذِهِ -يَعْنِي مَفْصِلَ الْأُنْمَلَةِ-، ‌فَإِنْ ‌تَرَكْتُمُوهَا ‌جَعَلُوهَا ‌مِثْلَ ‌هَذِهِ، ‌فَإِنْ ‌تَرَكْتُمُوهَا ‌جَاءُوا ‌بِالطَّامَّةِ ‌الْكُبْرَى» [رواه الطبراني في "المعجم الكبير"، وابن بَطَّةَ في "الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة"، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين"، وهبة الله الطبري اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، قال الحاكم: ((حديث صحيح على شرط الشيخين))، وقال نور الدين الهيثمي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد": ((رواه الطبراني، ورجاله ثقات))].
وفي رواية الحاكم في "المستدرك" بلفظ: «يَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ ‌يَتْرُكُونَ ‌مِنَ ‌السُّنَّةِ ‌مِثْلَ ‌هَذَا -وَأَشَارَ إِلَى أَصْلِ إِصْبَعِهِ-، وَإِنْ ‌تَرَكْتُمُوهُمْ ‌جَاءُوا ‌بِالطَّامَّةِ ‌الْكُبْرَى، وَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ أُمَّةٌ إِلَّا كَانَ أَوَّلُ مَا يَتْرُكُونَ مِنْ دِينِهِمُ السُّنَّةُ، وَآخِرُ مَا يَدَعُونَ الصَّلَاةُ، وَلَوْلَا أَنَّهُمْ يَسْتَحْيُونَ مَا صَلُّوا».
• يُتبع في الأجزاء القادمة -إن شاء الله تعالى-...

التدليس في قولهم: إن أول من احتفل بالمولد النبوي الشريف؛ هم العُبيديون الفاطميون الشيعة!

 التدليس في قولهم: إن أول من احتفل بالمولد النبوي الشريف؛ هم العُبيديون الفاطميون الشيعة!


من جملة التدليس الذي ابتلي به هؤلاء النابتة، لتنفير الناس من الاحتفال بالمولد النبوي الشريف؛ زعمهم أن أول من أحدث الاحتفال به الدولة العُبيدية الفاطمية الشيعية، وللرد على هذا الزعم نقول:
أولا: هذا رأي من جملة آراء ثلاثة للعلماء والمؤرخين، وقد ذكره المقريزي في [الخطط] والقلقشندي في [صبح الأعشى]، في احتفالات الشيعة، ولم يذكرا أنهم أول من أحدثوه، وإنما استنبط ذلك من كلامهما بعض المعاصرين، والإنصاف العلمي يقتضي ذكر جميع الآراء، والموازنة بينها.
ثانيا: أما الرأي الثاني فهو ما ذكره العلامة المؤرخ أبو شامة في كتابه [الباعث على إنكار البدع والحوادث] من قوله: "إن من أحسن ما ابتُدع في زمانه؛ ما كان يُفعل في مدينة إِرْبِل من الاحتفال بالمولد النبوي، وكان أول من فعل ذلك بالموصل؛ الشيخ عمر بن محمد المَلَّا، أحد الصالحين المشهورين، وبه اقتدى في ذلك صاحب إربل".
والشيخ عمر بن محمد الملا؛ إمام من أئمة أهل السنة والجماعة، وهو مُعين الدين أبو حفص عمر بن محمد بن خضر الإربلي (أو الأردبيلي) الموصلي، المعروف بالمَلاَّء المتوفى سنة 570 هـ.
قال سبط ابن الجوزي: "سمي الملَّاء؛ لأنه كان يملأ تنانير الآجُرّ، ويأخذ الأجرة فيتقوَّت بها، ولا يملك من الدنيا شيئاً".
وهو شيخ الموصل في عهده، ويوصف في الكثير من المصادر التاريخية بالزاهد العابد الصالح!
وله أخبار مع الملك الصالح العادل نور الدين محمود بن زنكي، وقد كان زنكي يحسن الظن بالملَّاء، حتى إنه أوصى أن لا يبرم أحد في الموصل شيئا حتى يُعلموا به الملَّاء!
وكان نور الدين إذا وصل إلى الموصل؛ لا يأكل إلا من الملَّاء، وفي رمضان كان يعد الشيخ الإفطار لنور الدين وهو لا يخرج عن الثريد والرقاق، ويفطر معه كل يوم!
صنف الملَّاء كتابا اسمه "وسيلة المتعبدين في سيرة سيد المرسلين" أو "وسيلة المتعبدين إلى متابعة سيد المرسلين".
فيرى أبو شامة أن المَلَّاء هو أوّل من أحدث الاحتفال بالمولد النبوي، وكان يحتفل به سنويا بحضور الشعراء والأمراء في زاويته!
وهو - كما ترى - من الصالحين العابدين الزاهدين، من أهل السنة، ونور الدين بن زنكي الذي كان يحبه ويقربه من أعظم ملوك الإسلام!
وذكر ياسين العمري في [منية الأدباء] أن مرقده "خارج سور الموصل عند المقابر، على طريق الواردين إلى دجلة، ويزار"، كما يوجد في الموصل محلة تدعى محلة (الشيخ عمر) نسبة إلى جامع الشيخ عمر الملا، وقد نُقل رفاته إلى (الجامع النوري) في محرم 1394 هـ / شباط 1974 م على إِثْر إضافة المسجد إلى الطريق!
وأما الرأي الثالث في أول من أحدث الاحتفال بالمولد النبوي الشريف؛ فهو - فيما ذكر الإمام السيوطي وهو مؤرخ - أن أول من احتفل بالمولد - بشكل كبير ومنظم - هو حاكم إِرْبِل (في شمال العراق حاليًا)؛ الملك المظفَّر أبو سعيد كُوْكَبْرِي بن زين الدين علي بن بُكْتْكِين، من كبار أهل السنة الصلحاء، وأحد الملوك الأمجاد، والكبراء الأجواد، وكانت له آثار حسنة.
قال ابن خَلِّكان في ترجمة الحافظ أبي الخطاب ابن دِحية، من تاريخه المسمى [وَفَيَات الأعيان]: "كان من أعيان العلماء، ومشاهير الفضلاء، قدم من المغرب، فدخل الشام والعراق، واجتاز بإربل سنة أربع وستمائة، فوجد ملكها المعظَّم، مظفَّر الدين بن زين الدين؛ يعتني بالمولد النبوي، فعمل له كتاب (التنوير في مولد البشير النذير)، وقرأه عليه بنفسه، فأجازه بألف دينار".
فانظر: كيف أن أحد أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء - وهو أبو الخطاب بن دحية؛ أقره على عمله، بل وألَّف له مولدا، وقرأه عليه بنفسه، وأجازه به!
وقال الحافظ الذهبي في ترجمته، في [سِيَر أعلام النبلاء]: "وكان محبا للصدقة، له كل يوم قناطير خبز يفرِّقها، ويكسو في العام خَلْقًا، ويعطيهم دينارا ودينارين، وبنى أربع خَوَانِك للزَّمْنَى والأَضِرَّاء، وكان يأتيهم كل اثنين وخميس، ويسأل كل واحد عن حاله، ويتفقده، ويباسطه، ويمزح معه، وبنى دارا للنساء، ودارا للأيتام، ودارا لِلُّقَطَاء، ورتَّب بها المراضع، وكان يدور على مرضى البيمارستان، وله دار مُضيف ينزلها كل وارد، ويعطى كل ما ينبغي له، وبنى مدرسة للشافعية والحنفية، وكان يمد بها السماط - المائدة - ويحضر السماع كثيرا، لم يكن له لذة في شيء غيره!

وكان يمنع من دخول مُنْكرٍ بلده، وبنى للصوفية رباطين، وكان ينزل إليهم لأجل السماعات، وكان في السنة يَفْتَكُّ أسرى بجملة، ويُخرج سبيلا للحج؛ ويبعث للمجاورين بخمسة آلاف دينار، وأجرى الماء إلى عرفات!
وأما احتفاله بالمولد؛ فيقصر التعبير عنه، كان الخلق يقصدونه من العراق والجزيرة، وتُنصب قِباب خشب له ولأمرائه، وتُزيَّن، وفيها جوق المغاني واللعب، وينزل كل يوم العصر، فيقف على كل قبة ويتفرج، ويعمل ذلك أياما، ويُخرج من البقر والإبل والغنم شيئا كثيرا، فتُنحر، وتُطبخ الألوان، ويَعمل عِدَّة خِلَع للصوفية، ويتكلم الوعاظ في الميدان، فينفق أموالا جزيلة، وقد جمع له ابن دحية [كتاب المولد]، فأعطاه ألف دينار.
وكان متواضعا، خَيِّرًا، سُنِّيًّا، يحب الفقهاء والمحدِّثين، وربما أعطى الشعراء، وما نُقل أنه انهزم في حرب، وقد ذكر هذا وأمثاله ابن خَلِّكاَن، واعتذر من التقصير!". انتهى النقل عن الحافظ الذهبي.

وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه المسمى [البداية والنهاية]: "أما صاحب إربل فهو الملك المظفر أبو سعيد كُوْكَبْري بن زين الدين علي بن بُكْتُكِين، أحد الأجواد، والسادات الكبراء، والملوك الأمجاد، له آثار حسنة، وقد عَمَّر الجامع المُظَفَّري بسفح قاسيون .. وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول، ويحتفل به احتفالا هائلا.
وكان - مع ذلك - شهما، شجاعا، فاتكا، بطلا، عاقلا، عالما، عادلا، رحمه الله، وأكرم مثواه.
وقد صنَّف الشيخ أبو الخطاب ابن دحية له مجلدا في المولد النبوي سماه: (التنوير في مولد البشير النذير)، فأجازه على ذلك بألف دينار!
وقد طالت مدته في المُلْك، في زمان الدولة الصلَاحية، وقد مات وهو محاصر عكا محمود السيرة والسريرة!
قال السبط - يعني: سبط ابن الجوزي -: "حكى بعض من حضر سِمَاط - مائدة - المظفر، في بعض الموالد، كان يمد في ذلك السماط خمسة آلاف رأس مشوي، وعشرة آلاف دجاجة، ومائة ألف زبدية، وثلاثين ألف صحن حلوى!
قال: "وكان يحضر عنده في المولد أعيان العلماء والصوفية، فيخلع عليهم - يعني: الهدايا - ويُطْلق لهم، ويعمل للصوفية سماعا - يعني: الأناشيد والمدائح النبوية - من الظهر إلى الفجر، ويرقص بنفسه معهم - يعني: يظهر التواجد عند السماع - وكانت له دار ضيافة للوافدين من أي جهة على أي صفة، وكانت صدقاته في جميع القُرَب والطاعات على الحرمين وغيرهما، ويَفْتَكُّ من الفرنج في كل سنة خلقًا من الأسارى!
حتى قيل: إن جملة من استفكَّه من أيديهم ستون ألف أسير!
قالت زوجته ربيعة خاتون بنت أيوب - وكان قد زوَّجه إياها أخوها صلاح الدين، لمَّا كان معه على عَكَّا -: كان قميصه لا يساوي خمسة دراهم، فعاتبته بذلك، فقال: لبسي ثوبا بخمسة، وأتصدق بالباقي؛ خير من أن ألبس ثوبا مثمنا، وأدع الفقير المسكين!
وكان يصرف على المولد في كل سنة ثلاثمائة ألف دينار، وعلى دار الضيافة في كل سنة مائة ألف دينار، وعلى الحرمين والمياه بدرب الحجاز ثلاثين ألف دينار، سوى صدقات السر، رحمه الله تعالى، وكانت وفاته بقلعة إربل، وأوصى أن يحمل إلى مكة، فلم يتفق، فدفن بمشهد علي". انتهى النقل عن الحافظ ابن كثير.
فانظر إلى هذا الملك، الصالح، الخيِّر، المجاهد، الساعي في مصالح المسلمين، وكيف اتفق على صلاحه والثناء عليه جماعة المؤرخين، وهو من أهل السنة باتفاق، ومن توفيق الله أنه مات وهو مجاهد في سبيل الله، فرضي الله عنه جزاء تعظيمه لمولد المصطفى صلى الله عليه وسلم!

وبهذا يتبين لك حجم التدليس في زعمهم أن أول من احتفل بالمولد النبوي الشريف هم العبيديون الفاطميون الشيعة!
وقد حاول العلامة الشيخ محمد بخيت المطيعي، مفتي مصر الأسبق؛ أن يجمع بين القولين في كتابه [أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة والبدعة من الأحكام]، فقال: "نعم، قال السيوطي وغيره إن الأمير كوكبري هو أول من أحدثه، لكن ذلك مردود بما تقدم، ويمكن الجمع بين القولين بأن الأمير كوكبري هو أول من أقامه من أهل السنة، أو أول من أقامه بتلك الصفة التي ذكرها المؤرخون .. ومن ذلك تعلم أن مظفر الدين إنما أحدث المولد النبوي في مدينة إربل؛ فلا ينافي ما ذكرناه من أن أول من أحدثه بالقاهرة الخلفاء الفاطميون من قبل ذلك؛ فإن دولة الفاطميين انقرضت بموت العاضد بالله أبي محمد عبدالله بن الحافظ بن المستنصر، في يوم الاثنين، عاشر محرم سنة سبع وستين وخمسمائة، وما كانت الموالد تُعرَف في دولة الإسلام من قبل الفاطميين".
فقد أشار الشيخ المطيعي إلى عدة احتمالات يزول بها الإشكال في أول من أحدث الاحتفال، وهي أن الملك المظفر صاحب إربل هو أول من أحدثه من أهل السنة، أو على تلك الصفة العظيمة، أو في العراق.

وكذلك يقال: إن أول من أحدثه من أهل السنة مطلقا الشيخ الصالح عمر المَلَّا في الموصل، ثم نقله عنه الملك المظفر صاحب إربل في شمالي العراق، لكن على صفة عظيمة، واهتمام بالغ!
والحاصل: أن الأولية هنا ليست مطلقة، بل نسبية، وعلى كل حال؛ فهذه المسألة التشغيبية؛ لا قيمة لها، وليست ذات بال، مع قيام أدلة أخرى على مشروعية الاحتفال، وتواتر علماء الإسلام من أهل السنة عليه، في كل عصر ومصر، في مصر والشام والعراق وفلسطين والمغرب والأندلس، وغيرها من أقطار الإسلام وعواصمه الكبرى، ومعلوم أن الأمة لا تجتمع على ضلالة، وأن الفعل إذا أقره العلماء، وأفتى به الفقهاء، وعملوا به؛ خرج من دائرة البدعة إلى دائرة السنة، ومن دائرة الحرمة إلى دائرة الحل، وبالله التوفيق.

بقلم : محمد إبراهيم العشماوي
أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر الشريف.