شهادة المرأة في عقد النكاح

شيخنا: هل يجوز شرعا شهادة المرأة على عقد الزواج ؟ جزاكم الله خيرا
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

وكذلك قبول شهادتها في الرضاعة لحديث عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ رضي الله عنه، في صحيح البخاري ؛ أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ، قَالَ: فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى عليه الصلاة والسلام فَأَعْرَضَ عَنِّي، قَالَ: فَتَنَحَّيْتُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، قَالَ: ((وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنْ قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا))، فَنَهَاهُ عَنْهَا . الا الحنفية فقد قالوا لا تُقبل شهادة النساء منفردات في الرضاع.
واختلف العلماء الذين اوجبوا الشهادة في النكاح (ما عدا المالكية الذين اشترطوا الاشهار والاعلان ولم يشترطوا الشهادة) في شهادة المرأة على عقد النكاح على قولين :

وذلك لقوله سبحانه و تعالى: { وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ }[الطلاق: من الآية2] ، فقد أمر الله تعالى في الرجعة بشاهدين وهي أخف حالاً من عقد النكاح كان ذلك في النكاح أولى.
وقوله عليه الصلاة والسلام : ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)) [رواه البيهقي من حديث عمران وعائشة ، والامام الشافعي في مسنده, وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 7557 ].

قال الامام ابن قدامة المقدسي في المغني [7/10 ] : (وَلَا يَنْعَقِدُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ. وَهَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ. وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ قَالَ: إذَا تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ نِسْوَةٍ، لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ، فَهُوَ أَهْوَنُ. فَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا رِوَايَةٌ أُخْرَى فِي انْعِقَادِهِ بِذَلِكَ. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَيُرْوَى عَنْ الشَّعْبِيِّ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَانْعَقَدَ بِشَهَادَتِهِنَّ مَعَ الرِّجَالِ، كَالْبَيْعِ . وَلَنَا، أَنَّ الزُّهْرِيَّ قَالَ: مَضَتْ السُّنَّةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا تَجُوزَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ، وَلَا فِي النِّكَاحِ، وَلَا فِي الطَّلَاقِ. رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ، فِي الْأَمْوَالِ ).

هو ما ذهب اليه جمهور العلماء من اشتراط الذكورة في شهود عقد النكاح وانه لا يصح النكاح الا بشاهدي عدل ذكور، وهذا القول احوط وفيه خروج من الخلاف ، والاحتياط يكون شرعا في الفروج والمال والدماء. والله تعالى اعلم
