الخميس، 20 ديسمبر 2018

ضربهم الله بالذل!


هل تعلم أن كل هزيمة نكابدها الآن هي أثر من آثار توقف الجهاد قبل أكثر من قرنين من الزمان على الأقل؟! وكلما توقفنا كلما زادت الفجوة العلمية والعسكرية والسياسية بيننا وبين عدونا، وكلما زادت كلما كانت عملية تضييقها أصعب وأصعب وأصعب، وكلما كان الثمن المدفوع فيها أفدح وأعلى وأكبر؟!
أمتنا الآن تدفع الثمن.. وستظل تدفعه حتى يعتدل بالجهاد ميزان القوة، فحينها تُعصم دماء أبنائها وتحفظ مدنها وقراها ومواردها!
نحن لا ندفع الثمن لأننا أخطأنا في حق النظام الدولي، أبدا.. نحن ندفع الثمن لأننا ضعفاء فحسب! العراقيون لم يستفزوا الأمريكان حتى احتلوهم، الإخوان في مصر اجتهدوا في سحب كل ذريعة لئلا يحدث انقلاب، حماس لم تسمع منها رغم كل الحصار كلمة سيئة في حق مصر أو السعودية أو الأردن (وهم رأس الحربة في حصارها وتجويعها وقتلها)، ولم تتبن الجهاد العالمي بل التزمت بالحدود ولم تتدخل في شأن دولة أخرى لكي لا تهيج على نفسها عداء جديدا.. المسلمون في بورما لم ينفذوا تفجيرات في البوذيين، المسلمون في إفريقيا الوسطى لم يهددوا نظام الدولة، المسلمون في تركستان الشرقية ممنوعون حتى من التعليم والعبادة ويُجبرون على تزويج المسلمة من الصيني.
وسيظل كل ضعيف يدفع الثمن من ضعفه ودمه حتى يقوى فتتغير المعادلة.  
في الخطبة الأولى للخليفة الأول أبي بكر الصديق، والتي كانت أصول النظام السياسي في الإسلام، قال أبو بكر: “لم يدع قوم الجهاد في سبيل الله، إلا ضربهم الله بالذلّ“.

أبو بكر شاهد عيان

كان أبو بكر شاهد عيان على تاريخ الإسلام منذ يومه الأول، عاش تكوين المجموعة المسلمة الأولى، ثم رأى وعاين فترة التعذيب والإيذاء والحصار، وأوذي في نفسه، وبذل ماله لتحرير المسلمين وإنقاذهم من التعذيب، ثم هاجر مع النبي ورأى نزول الوحي بالبشرى الكبيرة: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادّك إلى معاد}، وسمع النبي وهو يبشر سراقة بن مالك بأغرب بشارة: “كيف بك يا سراقة وقد لبست سواري كسرى؟!”
وبعد الهجرة نزل الإذن بالقتال، فكان أبو بكر ممن سمع هذه الآية: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ. الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌوَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ. الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}.
وتنفيذا لهذه الآية بدأت حركة الجهاد في الدولة المسلمة، وشهد أبو بكر المشاهد -أي: المعارك- كلها مع رسول الله، فشهد تطور حال جماعة المسلمين من الاستضعاف إلى التحرر، ومن التحرر إلى العزة والتمكن وفتح الأنحاء، حتى ختمت حياة رسول الله وقد جاءته الوفود تعلن البيعة والطاعة لقائد الدولة المسلمة، ومات رسول الله وهو يوصي بإنفاذ جيش أسامة الذي سيخرج لمقاتلة الروم: القوة العظمى في العالم آنذاك.
وهكذا منذ الآية الأولى التي نزلت للإذن بالقتال حتى اللحظة الأخيرة من حياة رسول الله كان الجهاد أصلا أصيلا من مهمات الأمة الإسلامية، تقوم به السلطة الشرعية وتنظم شؤونه، ولا يردُّها عنه ما تلقاه من الأذى فيه، تُقِيمه لتحرير الناس وإنقاذهم من سطوة وسلطة الباطل، ولحماية الدولة الإسلامية التي تقيم الدين وتحفظ الشريعة. وبالجهاد تحول المسلمون من مستضعفين في مكة لا يملكون دفع الأذى عن أنفسهم إلى الدولة القوية المهابة التي تأتيها القبائل طائعة مبايعة. هذا ما استوعبه أبو بكر والخلفاء الراشدون، وهذا ما سارت عليه سياستهم!

هل مجرد وجود الحق يكفي للهداية؟

لو أن الناس يهتدون بمجرد بيان الحق لما احتاج النبي أن يحمل السيف، بل ولما احتاج أحد من المصلحين أن يجاهد ويعاني، بل ولاختفى من التاريخ الإنساني كافة مظاهر العشيرة والعصبية والعائلة والقبيلة، ولما ظهر في الدنيا شيء اسمه “دولة” أو “امبراطورية” أو “نظام عالمي”. لو أن الناس يهتدون بمجرد بيان الحق لما احتاجت الدول إلى أجهزة أمن واستخبارات وجيوش، ولا كان في الدنيا سلاح وقتال وعساكر ومعدات حربية وأسلحة فتاكة. كانت أي مشكلة ستُحل بمجرد بيان الحق فيها!
لكن كل هذا ظهر، لأن الحقيقة أن مجرد بيان الحق للناس لا يعني اهتداؤهم إليه، الحقيقة ببساطة تقول أن مجرد “وجود” الحق وحده لا يكفي! والإنسان يعلم من نفسه وذاته أنه لا يلتزم بكل ما يعرف أنه الحق، بل ربما ارتكب الذنب والخطيئة والجريمة وهو يعلم أنه ذنب وخطيئة وجريمة. إن الذين لا يستسلمون لرغباتهم ويكبحون جماح أنفسهم وشهواتهم وطغيان نفسهم إنما هم القلة الفاضلة، بينما الكثرة الغالبة لا يردعها عن الخطيئة والجريمة إلا العجز والخوف من العاقبة والعقوبة.
الإنسان مسرح لمهمة الشيطان الذي قال {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ. ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}، والمفاجأة أن غالب البشر ينجح معهم الشيطان {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}، {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}.
فإذا كان ذلك في الإنسان نفسه، فهو في حالة الدول أشد وأخطر، إذ هي مظنة اجتماع الشهوات والرغبات والمطامح والمطامع، وشهوة المُلك والسلطة أقوى من شهوات الفرد بنفسه، وفي سبيل الملك يقتل الرجل ابنه أو أباه أو أخاه فضلا عن أبناء عمومته وأهل عشيرته، فأما قرار قتل الناس فهو أسهل ما يأخذه المتسلط تمكينا لحكمه وإرساء لملكه، وإذا كان قرار قتل الأقربين سهلا فكيف بالإغارة على الأباعد؟! وإذا كانت المؤامرة تدبر للتخلص من الأقوياء والأذكياء فكيف إذا كان الخصم ضعيفا مهيض الجناح سهل المأخذ؟! وإذا كانت رابطة الدم والعصبية وسنوات الوداد والوصال وأزمان العشرة والصحبة والفضل القديم، إذا كان كل ذلك لا يقف مانعا أمام رغبة فاسدة، فكيف نتوقع أن يكون الوعظ والبيان والنصح كافيا في تغيير الحال وردع المجرم وكبح جماح الفساد؟!

الجهاد علاج.. وآخر الدواء الكي

قد يبلغ الجرح من الفساد ما لا يكون له دواء إلا الكيّ، وقد يبلغ المرض من التمكن ما لا يكون علاجه إلا البتر، وكذلك الفساد في النفوس والعقول والأمم قد يبلغ حدا لا يصلح له إلا الحسم!
إن ضلال النفس قد يحمل على غرائب مدهشة؛ فإن هؤلاء الذين عبروا البحر بمعجزة كونية هائلة، بجسر تكون فعبروا عليه ثم تلاشى فأغرق عدوهم، هؤلاء لم يلبثوا إلا قليلا حتى قالوا {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} ولو لم يكن عندهم نبيهم الذي ردعهم بقوة وحسم لاتخذوا صنما وعبدوه في تلك اللحظة!
بل ذلك ما فعلوه حين غاب عنهم أياما {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ}، ولم ينفع معهم حينئذ وجود نبي الله هارون فلقد استضعفوه حتى أوشكوا أن يقتلوه، وما انتهى الباطل إلا حين أتى موسى النبي القوي المُهاب فحرق العجل ونسفه، ثم لم يكن علاجهم إلا بعقاب شديد {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ}.
هؤلاء الذين تمنوا عبادة صنم واتخذوا عجلا صنعوه بأيديهم، قالوا لنبيهم {يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً}، فانظر كيف اعتنقوا ما هو شديد البطلان ثم يمتنعون عن الإيمان بمن أنجاهم بالمعجزات وأنعم عليهم بالخيرات إلا أن يروه جهرة، ولم تكن العقوبة إلا حسما شديدا {فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ}.
وكم في ضلالات الناس من غرائب نراها صبحا وعشيا، لا سيما في زمان الإعلام الفاسد الذي يحيل الناس إلى كائنات عجيبة، يحبون من يقتلهم ويستبد بهم، ويبغضون من يكافح عنهم ويعمل لخدمتهم، وتنغلق عقولهم وقلوبهم أمام حقائق الحياة البسطية فلا يعرفون ما ينفعهم مما يضرهم، حتى لتبدو لهم أغلال الطغيان فخرا مجيدا، ويغدو من يحاول الخروج منها متمردا عنيدا!
تجد المرء يرى قتل الآلاف في يوم واحد عملا جميلا، بينما ردة فعل واهنة قتلت واحدا أو جرحت غير واحد (دفاعاً عن النفس) عملا إرهابيا مجرما! تراه لا يهتز لمذابح المسلمين في كل مكان بينما يهتز لعملٍ مُقاوِمٍ فيهتف ضد الإرهاب!! وعلى رغم أن المسلمين هم المُعتدى عليهم في كل مكان، وهم المستباحة دماؤهم فلا يكاد يرى إرهابا إلا هم، وتصل القناعة حدا يصير عقيدة راسخة تذهب دونها كل الحقائق، ومثالها ذلك الجندي الإنجليزي الذي قتل إفريقيا ثم نظر في دهشة إلى زملائه وصاح متعجبا “يا له من همجي؟! تصور أنه عضني وأنا أقتله”!
فإذا بلغ الضلال في النفوس إلى هذا الحد، فبأي شيء ينفع الوعظ والنصح وبيان الحق؟! {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ. وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ}.

ضرورة القوة للحق

قد يتبين الحق، لكن النفوس لا تقبله رغم اعترافها بأنه الحق. قد يكون لمجرد الكبر {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا}. وقد يكون لطغيان الشهوة {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}. وقد يكون لطغيان العادة {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ . قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ}.
وقد يكون اتباعا للمنافع التي ارتبطت بوجود الباطل والفساد {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا}، فانظر كيف اعترفوا أنه “الهدى”. وفي كل الأحوال، فما دام الحق ضعيفا فلن يستجيب له إلا أولئك القلة النادرة الفاضلة، فيما يكون الرد التلقائي على نحو قولهم:
  • {يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}.
  • {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}.
  • {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}.
  • {يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ}.
  • بل قد يبلغ التحدي والكبر مبلغا غريبا {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}.
وانظر إلى بني إسرائيل الذين شهدوا معجزات الله كيف لم ينضبط أمرهم إلا حين كانت تظللهم العقوبة، وذلك حين رفع الله فوقهم جبل الطور حتى كانوا يخشون إذا عصوا أن يقع عليهم، ثم لم يبلغوا شأنا إلا حين كانت أنبياؤهم ملوكهم كداود وسليمان عليهما السلام، وكما في الحديث: “كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي”.
أما حيث كان أنبياؤهم غير ذوي سلطان فلقد كان حالهم {كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ} وحيث لم يكن عليهم سلطان قاهر فقد بلغوا في الاستهزاء والاستخفاف أن قالوا {قُلُوبُنَا غُلْفٌ} أي مغلقة، بل تجرؤوا أن يقولوا لأمر الله {سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا}، وأن يحرفوا في دين الله ويجاهرون بالتحدي {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ}.
لكل هذا كان لابد للحق من قوة، وإلا حاربه أقوام وفيهم من يعرفون أنه الحق لمخالفته شهواتهم وعاداتهم ومصالحهم، ولقد كان أهل الكتاب يعرفون النبي كما يعرفون أبناءهم، وكان كفار قريش يعرفون في النبي الصدق والأمانة، لكنهم كذبوه وحاربوه وكادوا أن يقتلوه! فلولا أن وقفت للحق سيوف تحملها الألوف لما انتفع أهل الحق بمجرد حمله ولا أثمرت جهودهم في بيانه والدعوة إليه.

الجهاد: إجماع الخلفاء الراشدين

لقد رأى الراشدون في حياتهم نماذج الذين يرفضون الحق لأنه يضاد مصالحهم وشهواتهم، حتى أنهم لما جاءهم الحق الواضح من الصادق الأمين لم يتبعوه بل لقد ساوموه على ترك هذا الدين الذي يهدد سلطانهم بأن يعطوه ما شاء من الأموال أو يزوجوه ما شاء من النساء أو يمنحونه ما يشاء من السلطان، فلما أبى صلى الله عليه وسلم انهالوا على أصحابه بالتعذيب الشديد الذي وصل إلى القتل.
وقد علم الراشدون بما قرؤوه من كتاب الله وبما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم أن الجهاد ذروة سنام الإسلام، وذرورة السنام هي أعلى شيء فيه!
وقد تقرر الجهاد لحماية المؤمنين، فالضعفاء الذين لا قوة لهم يأكلهم المبطلون والمفسدون، يستعبدونهم ويضطهدونهم ويُخضعونهم لباطلهم وفسادهم، كما قال الله تعالى: “ومَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا“.
فالجهاد حماية للمسلمين، ولنقلهم من الاستضعاف والاستعباد إلى القوة والمكانة والسيادة، فالمسلمون بغير قوة لا مكان لهم في هذا العالم، فمن لا يستطيع الدفاع عن نفسه لا يستطيع أن يقرر شيئا لنفسه، والذي يختار الضعف يختار أن يكون فريسة للأقوياء من حوله.
والجهاد أيضا حماية لكل الضعفاء والمظلومين من البشر، ولهذا فهو عدو لكل الطغاة والمستبدين، وهذا ما كان يستوعبه سفراء الجهاد في تاريخنا، حيث قال ربعي بن عامر لرستم قائد الفرس قبيل المعركة الفاصلة في القادسية، هذه العبارات القوية الواضحة الفصيحة: “لقد ابتعثنا الله لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام”.
ولهذا فالمسلمون أعداء لكل طاغية ومستبد، وأنصار لكل مظلوم ومضطهد، وهم مشروع تحرر لأنفسهم وتحرير للبشر أجمعين. وقد فهم المحتلون هذا في ديننا فعملوا بكل جهودهم حين نزلوا إلى بلادنا على حذف الجهاد من عقول المسلمين، فلقد ادعى نابليون أنه مسلم وأنه صديق للسلطان العثماني لكي يتجنب إعلان المسلمين الجهاد عليه في مصر، وادعى الإنجليز أنهم لم ينزلوا محتلين وإنما كأصدقاء وأنهم يسلِّمون بحق السلطان العثماني في مصر، بل إن الإنجليز في الهند جعلوا بعض عملائهم قيادات لجماعات ومذاهب دينية تنبذ الجهاد وتتحدث عن السمع والطاعة لولي الأمر حتى لو كان الحاكم هو الاحتلال الأجنبي نفسه، أو كان واحدا من عملائه يحارب الإسلام صراحة.
ولا تزال مناهج التعليم ووسائل الإعلام في العالم الإسلامي -الذي ما يزال فعليا تحت هيمنة الاحتلال الأجنبي- تحذف الجهاد والمجاهدين وتطمس سيرتهم وتشوههم، وتتحدث عن هذه القيم كأنها “تطرف” و”إرهاب” و”تشدد” و”أصولية”.. إلى آخر هذه المصطلحات التي يُقصد بها نزع روح الجهاد من هذه الأمة.
وإذا نظرنا في صدر تاريخنا الإسلامي فسنجد أن النبي وصحابته الكرام جاهدوا لثلاثة أهداف على ثلاثة مراحل:
  1. جاهدوا لإنشاء الدولة المسلمة وتأمينها وحمايتها، كما هي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم منذ الهجرة إلى المدينة وحتى وفاته.. أحد عشر عاما من الجهاد المتواصل، لا تكاد تمضي سنة بغير غزوة كبرى أو غزوتين كبريين فضلا عن السرايا الصغيرة.
  2. ثم جاهدوا على وحدتها وضد تقسيمها، كما فعل أبو بكر رضي الله عنه ضد المرتدين ومانعي الزكاة، ثم كما جاهد علي رضي الله عنه وهو الإمام الشرعي ضد من امتنع عن بيعته -ولو متأولا- كي تظل الدولة المسلمة دولة واحدة.
  3. ثم جاهدوا لإنقاذ البشر من الطغيان والمظالم الواسعة المنتشرة في فارس والروم، ففتحوا البلاد الواسعة، وأنقذوا العبيد والمستضعفين من استبداد الملوك والقياصرة والأباطرة، وأقاموا لهم العدل، وهذا ما كان في عصر أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين.
لقد كان عصر الراشدين عصر الوحدة والفتوح، وكانت فتوحاتهم أعجب الفتوحات في التاريخ الإنساني كله، وهي الفتوح التي انبهر لها المؤرخون من غير المسلمين ، وبغير هذا الجهاد ما كان ليكون للإسلام دولة، وكنا نحن الآن نعبد الأصنام أو نعبد الخرافات والأوهام، أو نعبد الملوك والحكام. إن الجهاد روح هذه الأمة، وهو حامل رسالتها إلى البشر أجمعين.
فالجهاد من إجماعات الخلفاء الراشدين، فهي من سنتهم بل من أقوى سننهم إذ كلهم قام بها وقام عليها، ونحن الآن أحوج لهذا الجهاد من أي وقت آخر، فنحن تحت الاحتلال الأجنبي المباشر أو الاستبداد الأجنبي عبر طبقة الحكام التابعين للاحتلال.

موضع سجود السهو في الصلاة

السؤال: شيخنا ممكن أن تفصل لنا على راي المذاهب موضع سجود السهو في حالة النقص أو الزيادة او الشك في الصلاة قبل السلام ام بعده ؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعـد: 
فسجود السهو سّنة عند الائمة الثلاثة واكثر اهل العلم ، وهو واجب عند الحنفية ، وسببه اما زيادة او نقصان او شك ، وقد اختلف العلماء في موضع سجدتي السهو من الصلاة على عدة أقوال اهمها:
القول الأول : التفرقة بين الزيادة والنقص فيسجد للزيادة بعد السلام وللنقص قبله. وإلى ذلك ذهب الامام مالك وأصحابه، وهو قول للأمام الشافعي، ورواية ثانية عن الامام أحمد وبعض اصحابه ، وهو قول المزني، وأبي ثور من الشافعية . 
واستدلوا بما ياتي:
1- حديث عبد الله بن بحينة(رضي الله عنه):(( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين من الظهر لم يجلس بينهما، فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم سلم بعد ذلك)) متفق عليه .
قال الامام النووي في المجموع : (فيه دلالة واضحة ان النقصان في الصلاة يسجد له قبل السلام، ولأنه لإتمام الصلاة وجبر نقصانها).
2- حديث عبد الله بن مسعود(رضي الله عنه) قال:((صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا، فلما انفتل توشوش القوم بينهم، فقال: ما شأنكم قالوا: يا رسول الله هل زيد في الصلاة؟ قال :لا قالوا: فإنك قد صليت خمسا، فانفتل فسجد سجدتين ثم سلم، ثم قال إنما أنا بشر أنسى كما تنسون)) متفق عليه. وقوله:(( فسجد سجدتين ثم سلم)) فيه دلالة على أن الزيادة في الصلاة يُسجد لها بعد السلام.
3- حديث عائشة رضي الله عنها قالت :(( أن النبي صلى الله عليه و سلم سها قبل التمام، فسجد سجدتي السهو قبل أن يسلم، وقال من سها قبل التمام سجد سجدتي السهو قبل أن يسلم، وإذا سهى بعد التمام سجد سجدتي السهو بعد أن يسلم)) رواه الطبراني في الاوسط ، وفيه عيسى بن ميمون مختلف فيه ، وثقه حماد بن سلمة ، وقال عنه يحيى بن معين: ليس به بأس ، وضعفه الجمهور كما في تقريب التهذيب لابن حجر العسقلاني.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: (وحينئذ فأظهر الأقوال الفرق بين الزيادة والنقص وبين الشك مع التحري والشك مع البناء على اليقين . وهذا إحدى الروايات عن أحمد وقول مالك قريب منه وليس مثله فإن هذا مع ما فيه من استعمال النصوص كلها : فيه الفرق المعقول ؛ وذلك أنه إذا كان في نقص كترك التشهد الأول احتاجت الصلاة إلى جبر وجابرها يكون قبل السلام لتتم به الصلاة فإن السلام هو تحليل من الصلاة ، وإذا كان من زيادة كركعة لم يجمع في الصلاة بين زيادتين بل يكون السجود بعد السلام ؛ لأنه إرغام للشيطان بمنزلة صلاة مستقلة جبر بها نقص صلاته فإن النبي صلى الله عليه وسلم جعل السجدتين كركعة ، وكذلك إذا شك وتحرى فإنه أتم صلاته وإنما السجدتان لترغيم الشيطان فيكون بعد السلام ،ومالك لا يقول بالتحري ولا بالسجود بعد السلام فيه ، وكذلك إذا سلم وقد بقي عليه بعض صلاته ثم أكملها فقد أتمها والسلام منها زيادة والسجود في ذلك بعد السلام ؛ لأنه إرغام للشيطان ، وأما إذا شك ولم يتبين له الراجح فهنا إما أن يكون صلى أربعا أو خمسا فإن كان صلى خمسا فالسجدتان يشفعان له صلاته ليكون كأنه قد صلى ستا لا خمسا وهذا إنما يكون قبل السلام. فهذا القول الذي نصرناه هو الذي يستعمل فيه جميع الأحاديث لا يترك منها حديث مع استعمال القياس الصحيح فيما لم يرد فيه نص وإلحاق ما ليس بمنصوص بما يشبهه من المنصوص).
وقال الامام ابن قدامة المقدسي في المغني: (إنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم السجود قبل السلام ، وبعده في أحاديث صحيحة ، متفق عليها ، ففيما ذكرناه عمل بالأحاديث كلها ، وجمع بينها ، من غير ترك شيء منها ، وذلك واجب مهما أمكن ، فإن خبر النبي صلى الله عليه وسلم حجة يجب المصير إليه ، والعمل به ، ولا يترك إلا لمعارض مثله ، أو أقوى منه ، وليس في سجوده ، بعد السلام أو قبله ، في صورة ، ما ينفي سجوده في صورة أخرى في غير ذلك الموضع ).
قال الامام ابن عبد البر في الاستذكار: (واستعمال الأخبار على وجهها أولى من ادعاء النسخ ومن جهة النظر الفرق بين الزيادة والنقصان بين في ذلك لأن السجود في النقصان إصلاح وجبر ومحال أن يكون الإصلاح والجبر بعد الخروج من الصلاة، وأما السجود في الزيادة فإنما هو ترغيم للشيطان وذلك ينبغي أن يكون بعد الفراغ ، قال ابن العربي : مالك أسعد قيلا وأهدى سبيلا).
القول الثاني : أن سجود السهو كله قبل السلام .
وقد ذهب إلى ذلك من الصحابة: أبو سعيد الخدري، وابن عباس، ومعاوية ، وعبد الله بن الزبير -رضي الله عنهم- على خلاف في ذلك، ورواه الترمذي عن أكثر فقهاء المدينة وعن أبي هريرة(رضي الله عنه)، وبه قال الزهري، ومكحول، وابن أبي ذئب، والأوزاعي، والليث بن سعد، والامام الشافعي في الجديد وأصحابه، ورواية عن الامام أحمد وبعض اصحابه.
أدلة أصحاب هذا القول:
1- حديث عبد الله بن بحينة(رضي الله عنه):(( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين من الظهر لم يجلس بينهما، فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم سلم بعد ذلك)) متفق عليه.
2- حديث أبي سعيد الخدري(رضي الله عنه) قال:((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان)) رواه الامام مسلم.
3- حديث عبد الرحمن بن عوف(رضي الله عنه) قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(( إذا سها أحدكم في صلاته، فلم يدر واحدة صلى أو ثنتين، فليبن على واحدة، فإن لم يدر ثنتين صلى أو ثلاثا فليبن على ثنتين، فإن لم يدر ثلاثا صلى أو أربعا فليبن على ثلاث ،وليسجد سجدتين قبل أن يسلم)) صحيح رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد.
وجه الدلالة في الأحاديث: فيها دلالة على أن سجود السهو يكون كله قبل السلام، سواء كان سبب السجود شك أو زيادة أو نقصان.
القول الثالث: أن سجود السهو كله محله بعد السلام.
وهو قول جماعة من الصحابة وهم: علي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر، وعبد الله بن مسعود، وعمران بن حصين ،وأنس بن مالك، والمغيرة بن شعبة -رضي الله عنهم أجمعين- ، ومن التابعين أبي سلمة بن عبد الرحمن ، والحسن البصري، والنخعي ، وعمر بن عبد العزيز، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وهو قول سفيان الثوري ، والامام أبي حنيفة وأصحابه ، وقول للأمام الشافعي في القديم ، وهو مذهب الزيدية والامامية.
أدلة أصحاب هذا القول:
1- حديث أبي هريرة(رضي الله عنه) قال:((صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي، قال ابن سيرين: سماها أبو هريرة ولكن نسيت أنا، قال :فصلى بنا ركعتين ثم سلم، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان ووضع يده اليمنى على اليسرى وشبك بين أصابعه ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى، وخرجت السرعان من أبواب المسجد، فقالوا: قصرت الصلاة ،وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه، وفي القوم رجل في يديه طول يقال له ذو اليدين، قال يا رسول الله: أنسيت أم قصرت الصلاة ؟ قال: لم أنس ولم تقصر، فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ فقالوا: نعم، فتقدم فصلى ما ترك ثم سلم ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه وكبر)) متفق عليه.
وجه الدلالة في الحديث: انه (صلى الله عليه وسلم) سجد عن نقص في صلاته للسهو بعد السلام
2- حديث عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) قال النبيّ(صلى الله عليه وسلم) :((إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه ثم ليسلم، ثم ليسجد سجدتين))متفق عليه.
وجه الدلالة في الحديث: قوله :(( إذا شك أحدكم في صلاته)) عام في كل سهو نقصان أو زيادة ، فيسجد بعد السلام.
القول الرابع : أن محله بعد السلام إلا في موضعين فإن الساهي فيهما مخير . أحدهما من قام من ركعتين ولم يجلس ولم يتشهد ، والثاني أن لا يدري أصلى ركعة أم ثلاثا أم أربعا فيبني على الأقل ، ويخير في السجود. وإلى ذلك ذهب الظاهرية.
واحتجوا بما يأتي:
1- حديث عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) قال النبيّ(صلى الله عليه وسلم) :((إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب ،فليتم عليه ثم ليسلم ،ثم ليسجد سجدتين))متفق عليه.
قال الامام ابن حزم في المحلى : (فلو لم يرد غير هذه السُّنة، لم يجز سجود السهو الا بعد السلام ).
2- حديث عبد الله بن بحينة(رضي الله عنه):(( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين من الظهر، لم يجلس بينهما، فلما قضى صلاته سجد سجدتين، ثم سلم بعد ذلك)) متفق عليه .
الخلاصة والمفتى به :
هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من التفرقة بين الزيادة والنقصان فيسجد للزيادة بعد السلام، وللنقص قبله كما جاء في الأحاديث الصحيحة جمعا وعملا بها. 
وأما عند الشك ففيه تفصيل : فإذا شك في زيادة او نقصان وترجح عنده أحد الاحتمالين فإنه يسجد بعد السلام ، مثل شخص يصلّي الظهر فشكَّ في الركعة هل هي الثانية أو الثالثة لكن ترجَّح عنده أنها الثالثة، فإنه يجعلها الثالثة فيأتي بعدها بركعة ويسلِّم، ثم يسجد للسهو.
واذا شك ولم يترجح عنده أحد الاحتمالين فإنه يسجد قبل السلام ، مثل شخص يصلّي العصر فشكَّ في الركعة هل هي الثانية أو الثالثة، ولم يترجَّح عنده أنها الثانية أو الثالثة، فإنه يجعلها الثانية فيتشهَّد التشهُّد الأول، ويأتي بعده بركعتين، ويسجد للسهو ويسلِّم. والله تعالى اعلم. 
د.ضياء الدين الصالح