الاثنين، 18 يونيو 2018

الخلاف في الجهر بالبسملة عند قراءة الفاتحة في الصلاة


في الطهارة والصلاة | الخلاف في الجهر بالبسملة عند قراءة الفاتحة في الصلاة
س: أنا إمام مسجد، شافعي المذهب، وهذا يجعلني أجهر بالبسملة عند قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية. كما أني أدعو بدعاء القنوت بعد القيام من الركعة الثانية في صلاة الصبح، كما هو مذهب الشافعي. ولما كان أكثر الذين يصلون خلفي حنابلة، فإنهم يعترضون على صلاتي بهذه الصورة. فهل يجوز لي أن أتنازل عن مذهبي من أجل الأكثرية التي تصلي بالمسجد؟. أم يجب على المصلين أن يتبعوا مذهبي لأني إمامهم؟.
إمام مسجد - الدوحة.

ج: رغم أني أرجح مذهب الحنابلة في المسألتين المذكورتين في السؤال، لأدلة لا مجال لذكرها هنا. أرى أن حدة الاختلاف على مثل هذه الأمور الاجتهادية لا تجوز. لأن الخلاف في مثل هذه القضايا يدور بين الجائز والأفضل، لا بين الجائر والممنوع، ولكل رأي فيها دليل ووجهة.
ولقد رووا عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه صلى الصبح بغير قنوت عندما زار بغداد، بلد الإمام أبي حنيفة وأصحابه، مراعاة لهم (1). وهو لون من أدب الأكابر حتى مع الموتى، ونظرتهم الواسعة السمحة إلى آراء المخالفين.
أما تعصب كل ذي مذهب لمذهبه، وإنكاره على مخالفيه في مثل هذه المسائل الاجتهادية، فليس هذا من شأن أهل العلم والتحقيق، ولا من أخلاق سلف هذه الأمة. وإنما هو من شأن أهل الجهل والعصبية. ولا غرو إذا أنكره أكابر العلماء وأدانوه وخاصة من الحنابلة.
قال العلامة ابن الجوزي - وهو حنبلي - في كتاب " السر المصون ": " رأيت جماعة من المنتسبين إلى العلم يعملون عمل العوام. فإذا صلى الحنبلي في مسجد شافعي تعصب الشافعية، وإذا صلى الشافعي في مسجد حنبلي وجهر بالبسملة تعصب الحنابلة. وهذه مسألة اجتهادية " والعصبية فيها مجرد أهواء يمنع عنها العلم ".
وقال في شرح غاية المنتهى:
" من أنكر شيئًا من مسائل الاجتهاد، فلجهله بمقام المجتهدين وعدم علمه بأنهم أسهروا أجفانهم، وبذلوا جهدهم ونفائس أوقاتهم في طلب الحق، وهم مأجورون لا محالة أخطأوا أو أصابوا، ومتبعهم ناج، لأن الله شرع لكل منهم ما أداه إليه اجتهاده، وجعله شرعًا مقررًا في نفس الأمر. كما جعل الحل في الميتة للمضطر، وتحريمها على المختار، حكمين ثابتين في نفس الأمر للفريقين بالإجماع، فأي شيء غلب على ظن المجتهد، فهو حكم الله في حقه وحق من قلده " (2).
ونقل عن ابن تيمية في الفتاوى المصرية قوله:
"مراعاة الائتلاف هي الحق، فيجهر بالبسملة أحيانًا لمصلحة راجحة، ويسوغ ترك الأفضل لتأليف القلوب، كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم بناء البيت من خشية تنفيرهم.
نص الأئمة كأحمد على ذلك في البسملة ووصل الوتر وغيره مما فيه العدول من الأفضل إلى الجائز، مراعاة للائتلاف أو لتعريف السنة، أو أمثال ذلك، والله أعلم" (3).
ويشير بترك بناء البيت إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه لعائشة " لولا قومك حديثو عهد بجاهلية، لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم " (4).
وهذا العلامة ابن القيم يتحدث في " زاد المعاد " عن القنوت في صلاة الصبح، بين من أنكره مطلقًا - في النوازل وغيرها - واعتبره بدعة، وبين من استحبه مطلقًا في النوازل وغيرها، ويرجح أن هديه صلى الله عليه وسلم هو القنوت عند النوازل، كما دلت عليه الأحاديث، وأن هذا ما أخذ به فقهاء الحديث، فهم يقنتون حيث قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتركونه حيث تركه فيقتدون به في فعله وتركه، ويقولون: فعله سنة، وتركه سنة. مع هذا فلا ينكرون على من داوم عليه، ولا يكرهون فعله، ولا يرونه بدعة، ولا فاعله مخالفًا للسنة، كما لا ينكرون على من أنكره عند النوازل ... إلخ، بل من قنت فقد أحسن ومن تركه فقد أحسن.
قال: وركن الاعتدال (أي من الركوع) محل للدعاء والثناء، وقد جمعهما النبي صلى الله عليه وسلم فيه. ودعاء القنوت ثناء ودعاء فهو أولي بهذا المحل. وإذا جهر به الإمام أحيانًا ليعلم المأمومين فلا بأس بذلك.
فقد جهر عمر بالاستفتاح ليعلم المأمومين، وجهر ابن عباس بقراءة الفاتحة في صلاة الجنازة ليعلمهم أنها سنة. ومن هذا أيضًا جهر الإمام بالتأمين.
" وهذا من الاختلاف المباح، الذي لا يعنف فيه من فعله ولا من تركه. وهذا كرفع اليدين في الصلاة وتركه، وكالخلاف في أنواع التشهدات، وأنواع الآذان والإقامة، وأنواع النسك (يعني الحج) من الإفراد والقران والتمتع.
" وليس مقصدنا إلا ذكر هديه صلى الله عليه وسلم فإنه قبلة القصد، وإليه التوجه في هذا الكتاب، وعليه مقدار التفتيش والطلب. وهذا شيء والجائز الذي لا ينكر فعله وتركه شيء. فنحن لم نتعرض في هذا الكتاب لما يجوز، ولما لا يجوز، وإنما مقصودنا فيه هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يختاره لنفسه، فإنه أكمل الهدي وأفضله. فإذا قلنا: لم يكن من هديه المداومة على القنوت في الفجر ولا الجهر بالبسملة، لم يدل ذلك على كراهية غيره، ولا أنه بدعة ولكن هديه أكمل الهدي وأفضله ". (زاد المعاد ج 1ص 144) ا. هـ.
وأكثر من ذلك أن للمأموم أن يصلي وراء إمامه، وإن رآه يفعل ما ينقض الوضوء، أو يبطل الصلاة في نظره هو - أي المأموم - مادام هذا سائغًا في مذهب الإمام.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (5):
" المسلمون متفقون على جواز صلاة بعضهم خلف بعض، كما كان الصحابة والتابعون ومن بعدهم من الأئمة الأربعة، يصلي بعضهم خلف بعض، ومن أنكر ذلك فهو مبتدع ضال مخالف للكتاب والسنة وإجماع المسلمين ".
" وقد كان في الصحابة والتابعين ومن بعدهم من يقرأ بالبسملة، ومنهم من لا يقرأ بها، ومع هذا، كان بعضهم يصلي خلف بعض، مثلما كان أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وغيرهم يصلون خلف أئمة أهل المدينة من المالكية، وإن كانوا لا يقرؤون بالبسملة لا سرًا ولا جهرًا ".
" وصلى أبو يوسف خلف الرشيد وقد احتجم، وأفتاه مالك: لا يتوضأ، فصلى خلفه أبو يوسف ولم يُعد ".
" وكان أحمد بن حنبل يرى الوضوء من الحجامة والرعاف. فقيل له: فإن كان إمامي قد خرج منه الدم ولم يتوضأ، أصلي خلفه؟ فقال: كيف لا تصلي خلف سعيد بن المسيب ومالك؟ قال: " وفي هذه المسألة صورتان ":
إحداهما: ألا يعرف المأموم أن إمامه فعل ما يبطل صلاته، فهنا يصلي المأموم خلفه باتفاق السلف والأئمة الأربعة وغيرهم، وليس في هذا خلاف متقدم.
الثانية: تيقن المأموم أن الإمام فعل ما لا يسوغ عنده، مثل أن يمس ذكره، أو النساء لشهوة، أو يحتجم أو يفصد، أو يتقيأ، ثم يصلي بلا وضوء - فهذه فيها نزاع مشهور. وصحة صلاة المأموم هو قول جمهور السلف، وهو مذهب مالك، وهو قول آخر في مذهب الشافعي وأبي حنيفة. وأكثر نصوص أحمد على هذا.
وهذا هو الصواب. (" الفواكه العديدة في المسائل المفيدة " في الفقه الحنبلي ج 2 ص 181) ا. هـ.
بعد هذا البيان نستطيع أن نقول للإمام صاحب السؤال: إنك لو تنازلت عن مذهبك في الجهر بالبسملة وقنوت الفجر من أجل الأكثرية التي تصلي خلفك من الحنابلة فلا جناح عليك.
وكذلك نقول لجماعة المأمومين خلفه من الحنابلة: إنكم إذا صليتم خلف إمام يخالفكم في هاتين المسألتين أو غيرهما، فلا حرج عليكم وقد نقلت عن أئمة الحنابلة خاصة ابن الجوزي وابن تيمية وابن القيم، ما يريح الضمائر ويطمئن الخواطر. والحمد لله رب العالمين.
_____
هوامش :
(1) - الجواهر المضية (2/ 433).
(2) مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (1/ 664).
(3) مختصر الفتاوى المصرية (ص: 52).
(4) - متفق عليه: واه البخاري في الحج (1583)، ومسلم في الحج (1333).
(5) تراجع هذه النقول في الفتاوى الكبرى لابن تيمية (2/ 317).
---------------------
فتاوى معاصرة (ج1) 
فتاوى الإمام يوسف القرضاوي 

التيار المدخلي.. النشأة والتوظيف

التيار المدخلي.. النشأة والتوظيف

وفقا لبعض الباحثين فإن الظهور العلني لتيار المداخلة كان في المملكة العربية السعودية إبان حرب الخليج الثانية 1991 والتي كانت نتيجة لغزو العراق تحت حكم صدام حسين للكويت.

وهو تقريبا الطرح نفسه الذي قدمه الدكتور عجيل النشمي الذي أكد أن الجامية أو المدخلية فرقة ظهرت حوالي سنة 1411-1990 في المدينة المنورة علي يد الشيخ محمد أمان الجامي الهرري الحبشي، والشيخ ربيع بن هادي المدخلي، فالأول مختص في العقيدة، والثاني مختص في الحديث، وقد أثنى عليهما العلماء بادئ الأمر منهم الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ صالح الفوزان قبل أن يروجوا لفكرهم القائم على عدة مبادئ خاطئة ومنها بخاصة مبدأ التجريح للعلماء الكبار، وهذا الذي أورث جفوة بينهم وبين أقرانهم من أهل العلم.

 وكان الظهور العلني لهم على مسرح الأحداث، إبان حرب الخليج، حيث برزوا -وفقا لبعض الباحثين- كفكر مضاد للمشايخ الذين استنكروا دخول القوات الأجنبية، وأيضا كانوا في مقابل هيئة كبار العلماء، والذين رأوا في دخول القوات الأجنبية مصلحة، إلا أنهم لم يجرموا من حرَّم دخولها، أو أنكر ذلك، فجاء المداخلة أو الجامية واعتزلوا كلا الطرفين، وأنشأوا فكرا خليطا، يقوم على القول بمشروعيّة دخول القوات الأجنبية، وفي المقابل يقف موقف المعادي لمن يحرّم دخولها، أو أنكر على الدولة ذلك.

وقد أشارت ورقات بحثية أن هذا الفكر المدخلي دخيل على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولم يعرف تاريخ المسلمين له نظيرا، حيث أن المنتمين لهذا المذهب المحدث يقومون بالبحث في أشرطة العلماء والدعاة، ويتصيدون المتشابه من كلامهم وما يحتمل الوجه والوجهين، ثم يجمعون ذلك في نسق واحد، ويشهرون بالشخصية المستهدفة ويفضحونها، محاولين بذلك إسقاطها وهدرها.

ومن خلال الدعم المقدم لهم إقليميا ودوليا؛ فقد استطاعوا في بداية نشوء مذهبهم جذب كثير من الشباب وشغلهم بالقيل والقال، والتهام لحوم العلماء والدعاة، كما تمكنوا أيضا من تحقيق الأهداف المسطرة لهم استراتيجيا.

وجدير بنا ها هنا التذكير أن وثائق مراكز الدراسات الغربية شددت على تعاون أجهزة الاستخبارات مع حاملي الفكر المدخلي، ودعمهم وفتح الباب أمامهم، لأنهم يقومون بنفس الدور الذي كانت تقوم به بعض الفرق الصوفية الموالية للاحتلال، ويقفون حجر عثرة أمام الحركات الإسلامية برمتها، ويستصنمون منهجهم إلى درجة التقديس، ويقلدون بعض رموزهم تقليدا أعمى؛ ولا مكانة لديهم لباقي العلماء لأنهم بالنسبة لهم ضالون مبتدعون مارقون..

وبعد أن عاثت هذه الفرقة في الأمة فسادا؛ وتمكنت من التفريق بين صفوف أبنائها، ولم تترك عالما ولا شيخا ولا داعية له أثر ودعوة، إلا وصنفته وشهرت به؛ لم  تسلم هي الأخرى من تجرع السم الذي نفثه في جسد الأمة؛ فهي تعرف انقسامات كبيرة وخلافات حادة بين منظريها ورؤوسها، وبين حين وآخر ينشق فصيل ويعلن الحرب على بقية الطائفة، ويقوم بعد ذلك تباعا بتبديعها وتضليلها وفق الأصول والقواعد المنهجية التي نشأوا وتربوا عليها.

 وفي مقاله: (خطر الفكر المدخلي على وحدة المغرب العقدية)؛ كشف الباحث عبد الله مخلص أن من جالس أصحاب هذا الفكر سيدرك حتما درجة الغلو التي بلغوها وخطرهم على المجتمع برمته، وأن السلطات المغربية تلعب بالنار حين تسمح لأصحاب هذا الفكر ببناء أعشاش لهم بين أبناء المجتمع المغربي، وأنهم وإن كانوا يعلنون الطاعة العمياء لولاة الأمور ويوالونهم موالاة تامة، فإنهم على الطرف الآخر يشكلون خطرا كبيرا على مكونات المجتمع الأخرى ووحدته العقدية والمذهبية.

إضافة إلى ذلك فإن الغلو في مولاتهم للحكام بالطريقة التي يقدمونها لا يجب الاطمئنان إليها بتاتا، فالغلو في أي شيء عاقبته وخيمة، ويكفي لبيان ذلك أن الخوارج الذين قاتلوا عليا رضي الله عنه يوم النهروان، ابتدؤوا ببدع صغيرة منحصرة في الغلو في جانب (الذكر) لينتهوا بالغلو في (سفك الدماء)، أما هؤلاء فقد ابتدؤوا بالغلو في أعراض العلماء والدعاة والعاملين لخدمة الإسلام؛ والله وحده يعلم بما سينتهي هذا الفكر الذي يمـَكَّن له في زمن تضييق كبير على السلفيين خاصة والإسلاميين عامة.

لا تخطئ عين المتابع توظيف المداخلة المنحرف للنصوص الشرعية، وإخراجهم للقواعد العلمية عن إطارها، ولآثار العلماء عن سياقها، واستعمالهم المفرط للغة التعالي والكبر ضد من يعتبرونهم مخالفين خارجين عن المنهج، وعدم ورعهم في إطلاق عبارات السب والشتم، والتحذير والتحريض، والرمي بالبدعة والضلال والمروق؛ والاحتقار والرغبة الكبيرة في سحق الآخرين.

وهذه سمة عامة للمداخلة أينما وجدوا سواء في المغرب أو أوربا أو الجزائر أو مصر أو العراق أو الشام أو السعودية، مع الإشارة إلى أن هذا الفكر لا يحظى بتاتا بالقبول في الحجاز -موطن نشأته-، وقد حذر منه جل علماء المملكة العربية السعودية، بما فيهم أعضاء هيئة كبار العلماء.

مداخلة المغرب

كغيرهم من المداخلة في باقي العالم الإسلامي والغربي أيضا؛ فهم لا يعيرون اهتماما لعلماء بلدهم، ولا للمؤسسات الدينية الرسمية، وارتباطهم الوثيق موصول ببعض الأفراد في الحجاز لا يحظون بالقبول بتاتا في بلدهم كما أن الدورات التي يقيمونها ويستقطبون لها رؤوسهم في المغرب أو خارجه؛ ويرفعون فيها شعار العلم وكتب أهل العلم، ويسمونها بأسماء علماء أو حكام مغاربة كدورة السلطان محمد بن عبد الله العلوي، فوفق الباحث عبد الله مخلص، فلا يجب أن يدفعنا ذلك إلى التردد في التحذير من هذا الفكر الذي انتشر كالنار في الهشيم بسبب إحسان بعض العلماء الظن بأتباع هذه الجماعة في بداياتها، ليدركوا بعد ذلك أن الخرق اتسع على الراتق، وأن المداخلة أصبحوا خنجرا مسموما في ظهر الدعاة إلى الله تعالى.

فأصل العلم خشية الله تعالى؛ كما قال إمام السنة أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، وإن قادت معلومات علمية متناثرة من هنا وهناك وهنالك إلى صناعة قوالب من هذا الشكل فلا مرحبا بها، فخير للإنسان أن يقيم دينه بالمحافظة على الفرائض والسنن فقط، من التنمر بالعلم، ونشر ثقافة الحقد والكراهية، والحكم على المسلمين دون بينة أو برهان.اهـ

منهج غلاة التبديع في الحكم على العلماء والدعاة والأعيان

لمنهج أهل التبديع والتفسيق قواعد وأصول معروفة مشهورة؛ وقد فصل القول فيها الشيخ أبو الحسن مصطفى السليماني، وهو يعد من الباحثين المتخصصين في مجال الفرق، وله مؤلف كبير يقع في مجلدين بعنوان “الدفاع عن أهل الاتباع”، كشف فيه منهج غلاة التبديع المنتسبين للسلفية (زورا وبهتانا)، وبين جملة من أصولهم وقواعدهم التي يعلنون عنها تارة بلسان المقال وتارة بلسان الحال.

وقد عرف المنتمون لهذه الفرقة المحدثة بـ:

– الغلو في التبديع والتفسيق والتأثيم، بل والغلو أيضًا في التكفير، فترى من سلك هذا المسلك يحكم بالبدع العظمى على الأبرياء، ويرمي بالأحكام الجائرة الفظة على من لا يستحق عشر معشار ذلك، بل ربما رموا بذلك من هو أولى بالحق منهم، ومن هو أهدى سبيلاً، وأقوم قيلاً، ويضع شيخ هذه الطائفة القاعدة، ثم لا يجرؤ على العمل بمقتضاها -أحياناً- ويأتي غيره ممن هو أكثر جرأة، وأقل علماً وورعاً؛ فيعمل بمقتضى ذلك، فيكفر المسلمين، وفيهم السني البريء، ومنهم المبتدع الجاهل، ومنهم المبتدع المتبصر، ومعلوم ما ورد في ذم تكفير مسلم أو لعنته بغير حق.

– أتباع هذا المنهج المحدث مولعون بتصيد وجمع الأخطاء التي تصدر ممن يخالفهم -ولو في أمر يسير، بل وقد يكون الحق مع مخالفهم- فيطيرون بها في الآفاق، وينشرونها في كل حدب وصوب، للتشهير بمن يخالفهم، وتنفير الناس عنه، حتى يخلو لهم الجو، زاعمين أن هذا من باب تحذير المسلمين من أهل البدع، ومن باب الجرح والتعديل!! فصدق من قال:

لقد هزلت حتى بدا من هزالها***كُلاها وحتى سامها كل مفلس

ـ إذا كانت الكلمة من مخالفهم تحتمل معنى صالحا، وآخر سيئا؛ حملوها على المعنى السيئ، بزعم أنهم أعرف بمخالفيهم، وأن مخالفيهم أهل مراوغة ولف ودوران، بل صرح بعضهم متهمًا مخالفيه: بأنهم أهل زندقة.

ـ كما أنهم يحملون كلام خصمهم -الداعي إلى السنة الصافية- مالا يحتمل، وهذا أمر مشهور عند من يعرف حالهم بإنصاف.

ـ استخدامهم عبارات فظّة غليظة جافية في مخالفيهم من أهل السنة، كقولهم: (فلان أخبث أو أكذب من اليهود والنصارى)، أو(أخبث من هو على وجه الأرض)، أو(أضل أهل البدع)، أو(أتى بما لم يَدُر في خلد الشيطان منذ تاريخ البشرية)، ودع عنك قولهم: (دجال، وكذاب، وفاجر، وأفاك أثيم، ومراوغ، ومخادع، وماكر، وعدو للسنة، ومحارب للسلفيين الكبار منهم والصغار، وخبيث مخبث، ومائع، ومميع، وضال مضل، ومبتدع خبيث، وكذاب أشر، وأحد الدجاجلة، والروافض أفضل منه، واليهود والنصارى أهون منه، ولو خرج الدجال لركض وراءه فلان وأتباعه، أو لو ادعى رجل الربوبية أو النبوة لركض وراءه فلان وأتباعه، وزائغ، وحزبي ضال، وحزبي متستر، ودسيسة، ومدسوس في الصف لتدميره، ومُجنَّد من قبل الأعداء لهدم السلفية، وساقط، وتافه، وصاحب دنيا…) إلخ ما في هذا القاموس العفن.

ـ أنزلوا أنفسهم -بلسان الحال- منـزلة ليست لهم، فمن وقع في خطأ، وشنَّعوا عليه، فعرف خطأه، وتراجع عن قوله بلسان عربي مبين، وأعلن ذلك ما استطاع إلى ذلك سبيلاً؛ اتهموه بأنه كذاب مراوغ في توبته، ولا تصح توبته إلا بين أيديهم، وبالألفاظ التي يُملونها هم عليه، والله عز وجل يقول: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، ولم يجعل التوبة لفلان أو لفلان!!

ـ وبذلك -وغيره- أنزلوا أنفسهم منـزلةَ الوصي على الدعوة، وأن طلاب العلم والدعاة إلى الله في جميع الأقطار بمنـزلة القاصر، الذي يتصرف فيه وصيُّه، فمن حكموا له بالسلفية؛ فقد فاز ورشد!! ومن تحفّظوا في حقه بهذا الحكم؛ فهو على شفا جُرُفٍ هار، ويشار إليه بأصابع الاتهام، والخوف عليه من السقوط!! ومن صرحوا في حقه بأنه ليس سلفيًا؛ فتهوي به الريح في مكان سحيق، وذلك عند هؤلاء المقلدة الذين ضلوا الطريق!!

– عدم تمييزهم لأنواع مسائل الخلاف، فتراهم لا يفرقون بين مسائل الاجتهاد، ومسائل العقوبات، ومسائل الأصول، ومن خالفهم ولو في سنة من السنن، أو في تقدير المصالح والمفاسد وإن كانوا متفقين على الحكم في الجملة، أو خالفهم في تزكية شخص أو جرحه؛ رموه بأنه مميع، وأمثلة ذلك يطول المقام بذكرها، وتراهم يبدُعون من لم يقع في بدعة أصلاً، إنما خالفهم فيما لم يعرفوا غيره، وإن كان الحق مع مخالفهم !!

ـ وَضْع قواعد مخترعة، ما أنزل الله بها من سلطان، وإخراج السلفيين بسببها من دائرة السلفية، وإلحاقهم بركب أهل البدع، فمن ذلك قولهم: من نزل ضيفًا في بيت حزبي؛ فيُلحق به، ومن التمس عذرًا لحزبي -ولو في أمر حق- فهو مميع، ومن لم يهجر فلانًا؛ فيُلحق به، وكذا من لم يهجره؛ فهو كذلك، وهكذا وقولهم: من ذكر حسنة مبتدع -ولو كان ذلك أحيانًا لحاجة شرعية- فهو مميع، وقائل بالموازنات.

– ومن قواعدهم أن من اشتغل بتحصيل العلوم الشرعية، دون رد على الجماعات؛ فليس بسلفي، أو مائع، أو في سلفيته نظر، لا سيما إذا عارض شيئًا من أحكام هذه الطائفة الجائرة!!

– ومن قواعدهم الفاسدة: أن من استشهد بكلام -وهو حق- من كلام أحد المخالفين؛ فهو مميع، وملمِّع لأهل الباطل، ومدافع عن أهل البدع، ومن قال: المسلم يُحب ويبغض على حسب ما فيه من خير وشر؛ فهو مميع، ومن أهل الموازنات، وإخواني أو قطبي.

– ومن قواعدهم: أن من خالفهم ولو في شيء يسير مما يسمونه هم “مسائل المنهج” فزكى رجالاً جرحوه، أو رأى المصلحة في غير ما يرون، أو نحو ذلك؛ قالوا: هذا أضر على الدعوة من الحزبي الظاهر، لأن الحزبي الظاهر يحذره الناس، أما هذا فموضع ثقة عند الناس، فيكون ضرره أكبر.

وهكذا كلما كان المخالف لهم -مع بقائه على السنة في الواقع- أكثر صلاحاً وعلماً وفضلاً وجاهاً منفعاً؛ كلما كان أضر على الإسلام وأهله وكلما كان التحذير منه أكبر، وكلما كان المخالف متهتكاً مشهوراً بالضلالة؛ كلما كان أهون وأخف؛ فبين هذا الفكر شبه وبين فكر من يقتلون أهل الإسلام، ويدَعون أهل الأوثان، والله المستعان.

علماء السلفية يتبرؤون من الفكر المدخلي وغلوه وتطرفه


يحاول المنتسبون إلى الطائفة المدخلية إلصاق انحرافهم المنهجي والسلوكي ببعض المؤسسات الدينية وعلماء ورموز الدعوة السلفية؛ من أمثال الشيخ الألباني وابن عثيمين والفوزان واللحيدان.. علما أن هؤلاء العلماء بعيدون كل البعد عن غلو الفكر المدخلي وتطرفه، ومنهجية تعاملهم مع الجماعات الإسلامية الفاعلة مناقضة تماما لما عليه المداخلة من أتباع “ربيع” و”رسلان” و”الرضواني” وغيرهم، كما أن نظرتهم لتغيرات الواقع وحراك الشعوب لا علاقة له من قريب أو بعيد بما عليه الطائفة المدخلية؛ قليلة العلم؛ ضعيفة الوعي؛ ضيقة الأفق.

وحتى نبين هذه الحقيقة نقدم في هذه الورقة بعض أقوالهم ومواقفهم اتجاه جماعات وأشخاص يصر المداخلة على شيطنتهم.

الألباني والإخوان المسلمون:

قال العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني لما سئل عن حسن البنا (إمام جماعة الإخوان) رحمه الله الجميع: “حينما كانت مجلة (الإخوان المسلمون) تصدر في القاهرة، كان الأستاذ سيد سابق بدأ ينشر مقالات له في فقه السُّنَّة، هذه المقالات التي أصبحت بعد ذلك كتابًا ينتفع فيه المسلمون الذين يتبنَّون نهجنا من السير في الفقه الإسلامي على الكتاب والسنة، هذه المقالات التي صارت فيما بعد كتاب (فقه السنة) لسيد سابق، كنتُ بدأت في الاطِّلاع عليها، وهي لمّا تُجمع في الكتاب، وبدت لي بعض الملاحظات، فكتبتُ إلى المجلة هذه الملاحظات، وطلبتُ منهم أن ينشروها فتفضلوا، وليس هذا فقط؛ بل جاءني كتاب تشجيع من الشيخ حسن البنا (رحمه الله).

وكم أنا آسَف أن هذا الكتاب ضاع مني ولا أدري أين بقي! ثم نحن دائمًا نتحدث بالنسبة لحسن البنا -رحمه الله- فأقولُ أمام إخواني وأمام جميع المسلمين: لو لم يكن للشيخ حسن البنا -رحمه الله- من الفضل على الشباب المسلم سوى أنه أخرجهم من دور الملاهي في السينمات ونحو ذلك والمقاهي، وكتَّلهم وجمَّعهم على دعوة واحدة، ألا وهي دعوة الإسلام؛ لو لم يكن له من الفضل إلا هذا لكفاه فضلاً وشرفًا. هذا نقوله معتقدين، لا مرائين، ولا مداهنين”.

اللحيدان وحماس وحراك الشعوب:

تفاعلا مع التغيرات الكبيرة التي تشهدها المنطقة؛ والثورات التي اندلعت في سوريا، وصف عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية الشيخ صالح اللحيدان الحكومةَ السورية بـ”الفاجِرة الخبيثة الخطيرة الملحدة” ودعا “للجهاد” لإسقاط الرئيس بشار الأسد، داعيا أيضا إلى تنحِّي الرئيس اليمني علي عبد الله صالح وتسليم سلطاته.

ودعا اللحيدان -حينها- في تسجيل صوتي نُشِر على موقع (يوتيوب): “الشعب السوري للجدّ والاجتهاد في مقاومة النظام السوري حتى لو ذهب ضحايا”، وقال: “أرجو الله أن يوفّق السوريون إلى أن يَجِدّوا ويجتهدوا في مقاومة هذه الدولة الفاجرة الخبيثة الخطيرة الملحدة”.

وعلل ذلك بأنه: “يرى في مذهب مالك أنه يجوز قتل الثلث ليسعد الثلثان، فلن يقتل من سوريا ثلثها إن شاء الله”.

وختم حديثه بقوله: “نسأل الله أن يعاجل الفاجر بعقوبة ماحقة، وأن تتشفى صدور المسلمين هناك وأن يكون ذلك سبب صلاح أهل سوريا جميعا”.

كما دافع الشيخ اللحيدان الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء السعودي عن حركة حماس والشيخ أحمد ياسين رحمه الله فقال: “من لم يفعل فعل أولائك لا يحق أن ينتقصهم”، وقال: اشتهر عنه -أي الشيخ ياسين- الخير والثبات وإغاظة اليهود ومن وراءهم، وقد قُتل قتلة بشعة أسأل الله أن يجعله في عليين، وتنقصهم هو ومن يقاتل اليهود لا يدل على خير من المتنقص وإنما يدل على جهل بالحقائق أو عن هوى، والمسلم ينبغي أن يتجنب هذا وهذا..

ومواقف الشيخ صالح اللحيدان الذي يستدل به المداخلة والعاملون في “البصيرة”؛ تعد من كبائر الأمور عند المنتمين لهذه الفرقة، وتبريره للثورة على نظام بشار لا يمكن وصفهم عندهم سوى بفعل الخوارج، أما ثناؤه على حركة حماس والشهيد أحمد ياسين فهو صنيع “الدواحس”؛ وذلك وفق ما ورد في قاموس مصطلحاتهم التصنيفية التي لا تنتهي.

الفوزان: “المداخلة” كذبوا علينا

 وفيما يخص الشيخ الدكتور صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء؛ فقد عرى المداخلة؛ وكشف بكل وضوح منهجهم وطريقة تلبيسهم على الناس؛ حيث قال:

(بعض الإخوان سامحهم الله، يصير عندهم هوى على أحد، أو بغض لأحد من طلبة العلم أو من العلماء، فيسألونك عن سؤال أنت تجيب عليه، هم يركبونه على ذلك الشخص وأنك تعنيه، فيقولون قال فلان في فلان كذا وكذا، أنت ما طرأ عليك فلان ولا فلان ولا علان، أنت تجيب على سؤال فقط. هم يركبونه ويقولون هو قصده فلان، قصده الطائفة الفلانية ويدبلجون في الأشرطة ويألفون كتب، بأن فلان قال في فلان كذا وأجاب عن كذا.

وقصدهم بهذا الإفساد بين الناس والتحريش بين طلبة العلم وإيقاع العداوة بين طلبة العلم؛ فنحن نحذركم ونعيذكم بالله من هذه الخصلة… ألا تغتروا بها أو تنطلي عليكم، احذروا منها غاية الحذر).

وقال في مجلس آخر: (الانشغال بعيوب الناس والتنفير من العلماء ومن طلبة العلم ومن الدعاة إلى الله، هذه فتنة، لا يجوز العمل بها، ولا متابعة من يعمل بها، الواجب التناصح بين المسلمين، (الدين النصيحة)، الواجب التعاون على البِر والتقوى، الواجب العمل بالعلم. وأما أن ننشغل بِفلان وفلان وعلان، وننفر، هذه غيبة، والغيبة كبيرة من كبائرِ الذنوب، ولا تصلح شيئا، هذه تشتت، وتفسد، من رأينا عليه خطأ أو نقصا، نناصحه، إمّا بالكتابة له، وإما بالمشافهة له، وأما أننا نجلس ونغتابه، هذا حرام، ويترتب عليه تفريق المسلمين وتنفير الناس عن طلبة العلم، ولا يجوز هذا العمل أبدا.

وهم كذبوا علينا وعلى غيرنا، يقولون: هذه طريقة فلان، لا، نحن نحذر من هذا في محاضراتنا، في كتبنا، نحذر من هذه الطريقة)اهـ.

اللجنة الدائمة للإفتاء: تبديع العلماء وتفسيقهم من أعظم الظلم والإثم ومن أسباب الفتن

جاء في فتوى قديمة للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز وعضويّة كلّ من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ والشيخ عبدالله بن عبد الرحمن الغديان والشيخ بكر بن عبد الله أبوزيد والشيخ صالح بن فوزان الفوزان:

“..سأل المستفتي سؤالا هذا نصه: نسمع ونجد أناسا يدعون أنهم من السلفية، وشغلهم الشاغل هو الطعن في العلماء واتهامهم بالابتداع وكأن ألسنتهم ما خلقت إلا لهذا، ويقولون نحن سلفية، والسؤال يحفظكم الله: ما هو مفهوم السلفية الصحيح، وما موقفها من الطوائف الإسلامية المعاصرة؟ وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء إنه سميع الدعاء”.

وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأنه: إذا كان الحال كما ذكر فإن الطعن في العلماء ورميهم بالابتداع واتهامهم مسلك مردود ليس من طريقة سلف هذه الأمة وخيارها، وإن جادة السلف الصالح هي الدعوة إلى الكتاب والسنة، وإلى ما كان عليه سلف هذه الأمة من الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين لهم بإحسان بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن مع جهاد النفس على العمل بما يدعو إليه العبد، والالتزام بما علم بالضرورة من دين الإسلام من الدعوة إلى الاجتماع والتعاون على الخير، وجمع كلمة المسلمين على الحق، والبعد عن الفرقة وأسبابها من التشاحن والتباغض والتحاسد، والكف عن الوقوع في أعراض المسلمين، ورميهم بالظنون الكاذبة ونحو هذا من الأسباب الجالبة لافتراق المسلمين وجعلهم شيعا وأحزابا يلعن بعضهم بعضا، ويضرب بعضهم رقاب بعض -ثم استشهدت اللجنة بالآيات والأحاديث- ثم قالت:

الوقوع في العلماء بغير حق تبديعا وتفسيقا وتنقصا، وتزهيدا فيهم كل هذا من أعظم الظلم والإثم، وهو من أسباب الفتن، وصد المسلمين عن تلقي علمهم النافع وما يحملونه من الخير والهدى وهذا يعود بالضرر العظيم على انتشار الشرع المطهر، لأنه إذا جرح حملته أثر على المحمول.

فالواجب على المسلم التزام أدب الإسلام وهديه وشرائعه، وأن يكف لسانه عن البذاء والوقوع في أعراض العلماء، والتوبة إلى الله من ذلك والتخلص من مظالم العباد. اهـ

قناة «البصيرة» منبر إعلامي للترويج للفكر المدخلي

 مباشرة بعد أن هبت رياح الربيع العربي على العالم الإسلامي وصعد الإسلاميون؛ في عدد من الدول إلى سدة الحكم؛ فقد أثر (غلاة الجرح والتبديع)، حيث قرروا حينها عدم مناصرة ولاة أمورهم الجدد؛ بدعوى أن من (السياسة ترك السياسة).

لكن ومباشرة عقب الخريف العربي والانقلاب على الحكومة المنتخبة في مصر بالذات استيقظ المداخلة من سباتهم الربيعي وركنوا إلى الذين ظلموا، وبذلوا وسعهم وعملوا قصارى جهدهم ليبرروا جرائم الانقلاب، وأكثر من ذلك سعوا إلى مهاجمة كل من أنكر هذا المنكر البواح، خاصة من «الإسلاميين»؛ فخصصت قناة «البصيرة» التي يديرها المتطرف المصري عبد الرزاق الرضواني، حلقات متتالية لمهاجمة العلماء والدعاة في مصر والخليج والعالم العربي، ولم يسلم من ألسنتهم الحداد لا قراء الحرم وعلمائه ودعاته، ولا علماء الشام والعراق، ولا علماء المغرب العربي أيضا، فكل هؤلاء بالنسبة لهم «كلاب» و«خوارج ضالون» و«منحرفون عن المنهج»!!!

كما خصصت «البصيرة» الطائفية التي تحرض على الحقد والكراهية حلقات خاصة بالمغرب أسمتها (مكر الإخوان بالمغرب لزوال الحكم الملكي)، هاجمت من خلالها عددا من الشخصيات السياسية والعلمية والفكرية المغربية البارزة، وكالت لهم من التهم ما تنوء بحمله الجبال.

ودعا المثير للجدل عبد الرزاق الرضواني في برنامجه المذكور كلا من رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ووزير العدل مصطفى الرميد وحكومة العدالة والتنمية إلى التبرؤ من فكر الإخوان وفكر حسن البنا كي يصبحوا وفق قوله (كـْوَيِّسين)!!!

فالشيخ الرضواني لعصبيته المفرطة؛ أو ربما لجهله واقتحامه موضوعات لا قبل له بها يزري بنفسه، ويدفع من ابتلي بمتابعة حلقاته إلى فرك عينيه وربما قرص جلده بأصبعيه ليتأكد هل هو غارق في عالم الأحلام أم هو فعلا في أم عالم الشهادة؟!

فإذا كان المداخلة الذين ينشطون في المغرب يصدعون رؤوس الناس بطاعة ولاة الأمور، ويعدُّون انتقاد بعض قراراتهم خروجا بالكلمة، فكيف سوغوا لأنفسهم أن يحرضوا شخصا من خارج أرض الوطن على الكلام عن الملك محمد السادس بطريقة غاية في الوقاحة؟! بعد أن أمدوه بوريقات وأغروه وحفزوه ليحشر أنفه في شأن داخلي للمغرب لا علم ولا شأن له به..

ألا يعد هذا -وفق القواعد التي يتحاكم إليها “المداخلة”- خروجا على ولاة الأمور، وتواطؤا مع جهات خارجية ضد مصالح الوطن واستقراره؟

هذا وتبقى الرسالة الإعلامية التي تقدمها “البصيرة” تطرح أكثر من علامة استفهام؛ خاصة وأنها القناة “الإسلامية” الوحيدة التي سمح لها بالعمل والبث من داخل مصر التي استولى عليها السيسي وزبانيته.

قصيدة أدعياء السـلفـيـة

بقلم الشاعر أ. رافع بن علي الشهري

قُـلْ للـدَّعِيّ الذي لا يعـرفُ الأدَبَـا***لاتـدَّعي نهـجَ أسـلافٍ لـنا.. كَـذِبَـا

فأنتَ عن منهجِ الأسلاف مُنْحَرِفٌ***مثْلُ انحرافِ الذي مِنْ شَرْقِنَا غَرَبَا

أسْلافُنا يـا دَعِـيَّ العِـلْـم مـرجِعُـنـا***وأنتَ أعْـرضت عـمّا قـيلَ أو كُـتِبَا

أنـتَ الـذي بـدّلَ الإرْجَـاءُ مَـذْهَـبَهُ***فانـزاحَ من قلْبِهِ عِـلْـمٌ قـدْ اكْـتَـسَـبَا

أجّجْتَ بالحقْدِ حَرْباً ضدّ شِرْعَتِنَا***وضدّ من علّمَ القرآنَ.. واحْـتَـسَـبَا

عاديتَ أهلَ التُّقَى والعِلْمِ قاطبةً***وأنتَ مَنْ يعْشَقُ الأهواءَ والـطَـرَبَـا

ما كـنـتَ يوماً بـأمـرِ الله داعـيةً***بلْ ناقـمٌ تَـلْـمـزُ الأعْـلامَ والـنُـجُـبَـا

عشِقْتَ (لِبْرالَ) مفتوناً ومُنْدَهِشاً***وصرتَ من عِشْقِهِ تُعْطِيهِ ماطَلَـبَا

وَقَـفْـتَ حامٍ لـهُ في كُـلِّ نـاحـيـةٍ***ولـم تـقــلْ أنَّـهُ فــي غَــيّـهِ ذَهَــبَـا

أطَعْـتَهُ طـاعةً عـمـياءَ.. مُفْـتَـخِرَا***حتى تَحوَّلْـتَ حقاً.. خَـلْـفَـهُ ذَنَـبَا

جعـلـتَ نَفْـسَكَ للتغـريـبِ زامِـلَـةً***فـكـلُّ مـن شـاءَ مِنْ أقزامِهِ رَكِبَا

وقـفـتَ ضدّ الدعـاةِ اليوم مُفْـتَرِياً***لِتَحْجُبَ الحـقَّ يا مَنْ خابَ وانقلَبَا

الحـقُّ فـي قِـمَّـة العلـياءِ نشْهَـدُهُ***والحـقُّ يا جاهِلَاً بالحـقِّ ما حُجِـبَـا

إنَّ الـدعـاةَ نجـومٌ لـنْ تَـطُـولَهُمُ***مـنْ ذا يُـلامِـسُ حـقّـاً كَـفُّـهُ الشُهُبَا؟!

إنَّ الـدعــاةَ لـدِيِنِ اللهِ حـامـيــةٌ***تحْمِي الثغورَ وأنتَ الـيومَ مَـنْ هَرَبَا

أنتَ الجبانُ الذي في الزَحْفِ نفْقِدُهُ***لقَدْ شَجَبْتَ جِهَادَ الدفْعِ.. إنْ وَجَبَا

حكم صيام ستٍ من شوال

حكم صيام ستٍ من شوال 
السؤال: شيخنا ما حكم صيام ستة أيام من شوال بعد العيد ؟ فإنني سمعت في بعض القنوات مَن يقول انها مكروهة!. وجزاكم الله خيرا.
الجواب: الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
فقد اختلف الفقهاء في حكم صيام ستة ايام من شوال بعد انقضاء شهر رمضان على ثلاثة أقوال:


القول الأول: مشروعة ويستحب صيامها، وهو قول ابن عباس -رضي الله عنهما-، والشعبي، وطاووس، وميمون بن مهران، عبدالله بن المبارك، وإسحاق بن راهويه، وهو مذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والحنابلة وبعض فقهاء الحنفية من المتأخرين وبعض علماء المالكية.
وقد استدلوا بالحديث الذي رواه أبو أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((منْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْر)) رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. 
قال الامام النووي في شرحه على مسلم : (فيه دلالة صريحة لمذهب الشافعي وأحمد وداود وموافقيهم في استحباب صوم هذه الستة) .
وقد فسّر النبي – صلى الله عليه وسلم- معنى صيام الدهر بقوله : (( جَعَلَ اللهُ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، الشَّهْرُ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الشَّهْرِ ، تَمَامُ السَّنَةِ )) رواه النسائي وابن ماجة وصححه الالباني ، ورواه ابن خزيمة بلفظ : ((صيام شهر رمضان بعشرة أمثالها وصيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة )) ، ولقوله تعالى : مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا [الانعام :160] .
قال الامام المباركفوري الحنفي في تحفة الاحوذي [3/403] : (قول من قال بكراهة صوم هذه الستة باطل مخالف لأحاديث الباب، ولذلك قال عامة المشايخ الحنفية بأنه لا بأس به ) .
قال الامام النووي في المجموع [6/379 ] : (قال أصحابنا: يستحب صوم ستة أيام من شوال لهذا الحديث، قالوا: ويستحب ان يصومها متتايعة في أول شوال فإن فرقها أو أخرها عن أول شوال جاز وكان فاعلا لأصل هذه السنة، لعموم الحديث وإطلاقه وهذا لا خلاف فيه عندنا، وبه قال أحمد وداود).
قال الامام ابن قدامة المقدسي في المغني [3/176] : (ومن صام شهر رمضان، وأتبعه بست من شوال، وإن فرقها، فكأنما صام الدهر) وجملة ذلك أن صوم ستة أيام من شوال مستحب عند كثير من أهل العلم. روي ذلك عن كعب الأحبار، والشعبي، وميمون بن مهران وبه قال الشافعي وكرهه مالك).
وقالوا: إنّ من فوائد صيام ستّة ايام من شوال هو تعويض النّقص الذي حصل في صيام الفريضة في رمضان، إذ لا يخلو الصائم من حصول تقصير أو ذنب يؤثر في صيامه، وقد ثبت ان يوم القيامة يُؤخذ من النوافل لجبران نقص الفرائض، كما قال -صلى الله عليه وسلم- : ((إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الصَّلَاةِ قَالَ يَقُولُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ لِمَلَائِكَتِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ انْظُرُوا فِي صَلَاةِ عَبْدِي أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا قَالَ انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ قَالَ أَتِمُّوا لِعَبْدِي فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ ثُمَّ تُؤْخَذُ الْأَعْمَالُ عَلَى ذَلِكُمْ)) رواه أبو داود وأحمد وصححه الالباني.
القول الثاني: كراهة صيام ستة أيام من شوال ، لئلا يظن وجوبها، وهو قول الإمام مالك، وقولٌ عند الحنفية. 
عن يحيى بن يحيى في الموطأ قال: (سمعتُ مالكاً يقول في صيام ستة أيام بعد الفطر من رمضان: إنه لم يرَ أحداً من أهل العلم والفقه يصومها، ولم يبلغني ذلك عن أحدٍ من السلف، وإن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته وأن يلحق برمضان ما ليس منه أهل الجهالة والجفاء لو رأوا في ذلك رخصة عند أهل العلم ورأوهم يعملون ذلك). 
والظاهر انه كره متابعتها بعد العيد حتى لا يُظن أنها من رمضان فيأتي زمان يعتقد الناس أنها كالفرض والواجب فكان من باب سد الذرائع ومن أصول الامام مالك التي بنى عليه مذهبه القول بسد الذرائع ، فكان يقول بالمنع من الصيام على هذا الوجه سداً للذريعة ، وقيل إنه كان يكره تتابعها ، وهي أن يصومها ستاً سرداً وراء بعضها حتى لا يعتقد انها فرض.
وفي التاج والإكليل لمختصر خليل لابي عبدالله المواق المالكي [3/330] : ( قال مطرف: إنما كره مالك صيام ستة أيام من شوال لذي الجهل لا من رغب في صيامها لما جاء فيها من الفضل، قال المازري عن بعض الشيوخ: لعل الحديث لم يبلغ مالكا، ومال اللخمي لاستحباب صومها). 
واحتجوا كذلك بقولهم : أنه لم يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صام هذه الأيام، ولم يثبت كذلك عن أهل المدينة شيءٌ من ذلك الصيام. 
وأُجيبَ عنه: ليس من شرط السّنة ثبوتها بالقول والفعل، بل من السّنةِ ما ثبت بفعله - صلى الله عليه وسلم -ولم يرد ترغيبٌ فيه بالقول كالاعتكاف فإنه ليسَ في فضله حديثٌ صحيح، ولكنه مسنونٌ قطعا لمواظبته - صلى الله عليه وسلم- على فعله.
ومن السنة ما يثبتُ بالقول دون الفعل، وقد يتركه النبي -صلى الله عليه وسلم - لعارض أو لبيان جواز الترك كصلاة الضحى، ففي الصحيح أن عائشة -رضي الله عنها - أخبرت أنها لم تره صلى الله عليه وسلم يُسبحها، مع أن الأحاديث المرغبةَ فيها في غاية الصحة. فلعل تركه لصيامها من هذا الباب. 
ومع ذلك فقد كان الامام مالك يصومها، قال مطرف بن عبدالله وهو من كبار علماء المالكية : ( كان مالك يصومها في خاصة نفسه، قال: وإنما كره صومها لئلا يلحق أهل الجاهلية ذلك برمضان فأما من يرغب في ذلك لما جاء فيه فلم ينهه) [تهذيب سنن ابي داود لابن القيم 1/479] .
وقال الامام ابن عبد البر المالكي في الاستذكار [3/372 ] : ( وَأما صِيَامُ السِّتةِ الأيامِ مِنْ شَوالٍ عَلى طَلَبِ الفضْلِ وَعَلى التأْوِيلِ الَّذِي جَاءَ بِهِ –حديث- ثَوْبان رضي الله عنه فَإِنَّ مَالِكاً لا يكْرَهُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ؛ لأنَّ الصوْمَ جُنةٌ وَفَضْلُهُ مَعْلُومٌ ).
وقال الامام الشوكاني في نيل الأوطار [4/306 ]: ( وقال أبو حنيفة ومالك: يكره صومها، واستدلا على ذلك بأنه ربما ظُنّ وجوبها ......... وأيضاً يلزم مثل ذلك في سائر أنواع الصوم المرغب فيها ولا قائل به، واستدل مالك على الكراهة بما قال في الموطأ من أنه ما رأى أحداً من أهل العلم يصومها، ولا يخفى أن الناس إذا تركوا العمل بسنة لم يكن تركهم دليلاً ترد به السنة).
القول الثالث: كراهة صيام ستِّ شوال متتابعة وجواز صيامها متفرقة، وقد قال بذلك بعض فقهاء المالكية، وأبو يوسف صاحب أبي حنيفة، وغيره من فقهاء الحنفية.
وقد استدلَّ أصحاب هذا الرأي بأن صيام شوال يُكره متتابعاً خشية أن يعتقد بعض الجُهَّال أنّ هذه الأيام هي من شهر رمضان فيكون ذلك من باب التشبُّه بالنصارى. 
قال الامام ابن عابدين في رد المحتار على الدر المختار [2/435] : (والمختار أنه لا بأس به، لأن الكراهة إنما كانت لأنه لا يؤمن من أن يعد ذلك من رمضان ، فيكون تشبها بالنصارى، والآن زال ذلك المعنى)
وقال الامام الكاساني في بدائع الصنائع[ 2/78 ] : (محل الكراهة أن يصوم يوم الفطر، ويصوم بعده خمسة أيام، فأما إذا أفطر يوم العيد ثم صام بعده ستة أيام فليس بمكروه بل هو مستحب وسنة) .
قال الامام اللكنوي الحنفي في عمدة الرعاية بتحشية شرح الوقاية [3/309] : ( وتفريقُ صومِ السِتَّةِ في شوالٍ أبعدُ عن الكراهة والتَّشبُّهِ بالنَّصارى).
وقال الامام فخر الدين الزيلعي الحنفي في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ [1/332] : (صوم ست من شوّال عن أبي حنيفة وأبي يوسف كراهته وعامة المشايخ لم يروا به بأساً واختلفوا فقيل : الأفضل وصلها بيوم الفطر وقيل : بل تفريقها في الشهر , وجه الجواز أنه قد وقع الفصل بيوم الفطر، فلم يلزم التشبه بأهل الكتاب ووجه الكراهة أنه قد يفضى إلى اعتقاد لزومها من العوام لكثرة المداومة، ولذا سمعنا من يقول يوم الفطر نحن إلى الآن لم يأت عيدنا أو نحوه فأما عند الأمن من ذلك فلا بأس لورود الحديث). 
المفتى به: 
هو ما ذهب اليه الجمهور اصحاب القول الاول من مشروعية واستحباب صيام ستة ايام من شوال بعد انقضاء العيد ، لصحة ما احتجوا به من الحديث الصحيح، ويجوز صيامها متتابعة ومتفرقة في أول شوال أو وسطه أو آخره.
قال الامام ابن قدامة في المغني:[3/103] : ( فلا فرق بين كونها متتابعة أو متفرقة في أول الشهر أو في آخره لأن الحديث ورد بها مطلقاً من غير تقييد ) . 
كما ويجوز أن يصام من شوال الاثنين والخميس وأيام البيض بنية الست من شوال، ويسمى عند الفقهاء بالتشريك، أي انه إذا كان ذلك الجمع في الوسائل، أو مما يتداخل صح التشريك بينهما ، لان المقصود هو حصول الصيام في الشهر، فيجوز الجمع في النية بين أنواع التطوع في الصيام وفي الصلاة . وقد بينا ذلك مفصلا في فتوى التشريك بين العبادات. والله تعالى اعلم
د. ضياء الدين الصالح