من خصائص الجامية بكل فروعها؛ مدخليةً كانت أم غيرها من فروعها؛ تسفيه خصومهم ورميهم بما ليس فيهم ولا يتورّع الواحد منهم أن يُلصق بمخالفه تهمةً قد لا ينجو من حسابها يوم القيامة أبدا.
ومن كثرة تأثيرهم في عوام الناس من الملتحين صار كثيرٌ منهم يتهم الشيخ القرضاوي والشيخ ولد الددو والشيخ الشعراوي بالجهل والضلال، بل زاد بعضهم على ذلك ووصف الشيخ القرضاوي بالك*لب العاوي وألف فيه كتابا كاملا
بمثل هذا العنوان.
وتناقل الكتابَ جهلة المداخلة ولم يقرؤوا منه سوى عنوانه، ثم أنكر عليهم أناسٌ فلم ينكروا سوى عنوانه، وأنا بدوري أريد أن أكتب سلسلةً أرد فيها على محتوى هذا الكتاب بالردود العلمية المجردة، ليعلم القراء الكرام حقيقة مقبل الوادعي (رحمه الله على كل حال) ويعلموا أنه لا فرق بينه وبين ربيع المدخلي إلا في بعض التفاصيل التي لا تؤثر.
أقول ذلك، لأن هذه الشخصية ضخمها المداخلة كثيرا حتى صار خصوم المداخلة من السلفيين أنفسهم يهابونها ويخشون الرد عليها، فإن قيل "هل سبب ذلك هو اقتصاره على الطعن في الإخوان المسلمين دون سائر الخصوم السلفيين؟ قلنا بل لقد تطاول على الشيخ الحويني أيضا ووصفه بالمبتدع وحذر من القراءة له رغم أنه سلفي، فلماذا السكوت عنه ؟ هل ورّث مقبل الوادعي مدرسة معتدلة أم ورّث لنا المدرسة الحجورية التي انفلقت من رحم المدرسة المدخلية كما انفلق منها اليوم المصعفقة والصعافقة القدماء والمغمغمين والواضحين والمتباعدة والصعافقة الجدد (وهذه ألقاب وصفوا بها بعضهم بعضا ليست من عندي).
#ملاحظة: لا أحتاج إلى التذكير بأن دفاعي عن الشيخ القرضاوي بخصوص هذا الكتاب لا يعني أني موافق له في كل صغيرة وكبيرة كما أني لا أوافق أي عالم مهما كانت مكانته لدي على كل شيء فما من إنسان إلا ويؤخذ من كلامه ويُردّ إلا الأنبياء عليهم السلام، ولكني أدافع عنه فيما ظُلم فيه وأبيّن للناس مكانته العلمية الحقيقية التي حاول المداخلة طمسها، والقرضاوي عند أهل الاختصاص سواء وافقوه أم خالفوه عالم مجتهد قضى أكثر من 80 سنة في العلم إذ بدأه منذ طفولته وعمره الآن يقارب التسعين أو يزيد.
#الحلقة_1_إساءات_مقبل_الوادعي_للعلامة_القرضاوي (بقلم صهيب بوزيدي) "الجزء الأول من الحلقة 1"
من أراد تجاوز المقدمة فليبدأ بما بعدها مباشرة
وقبل أن أرد على الكتاب صفحةً صفحة ومقولة بمقولة مع الإعراض عما حشاه في كتابه من الكلام في غير موضوعه ككلامه عن الشيوعيين في اليمن وعلى مختلف الناس الذين لا تربطهم صلة بالقرضاوي ولا أدري ما سبب تطرقه إلى ذكر سيرتهم، فإني قررت أن يكون أول مقالٍ لي في هذا الموضوع تجميع كل إساءاته للشيخ القرضاوي وغيره من العلماء في اقتباساتٍ من نصّ كلامه دون أي تعديل عليها ثم التعليق على بعضها بكلام مفصول عن كلامه، وذلك لكي لا يظهر لنا أصحاب الورع البارد أو لنقل أصحاب العين الواحدة الذين ينكرون علي نقد الكاتب ولو من غير سب وشتمّ له في الوقت الذي يسكتون عن سبابه وشتمه وإساءاته وكلامه الذي قاله فيه مما لا يُقال إلا في الكفار، ثم أتطرق بعد ذلك إلى المواضيع الواضحة التي لا تحتاج في الرد عليها إلى كثيرٍ من التفاصيل وبعد الفراغ منها أنتقل إلى المواضيع التي تحتاج إلى دقةٍ علمية قد امتاز بها الشيخ القرضاوي وكانت غائبة عن مهاجمه مقبل الوادعي، وبذلك يتضح المستوى العلمي والأدبي الحقيقي لكل من الرجلين بما لا يدع مجالا للشك أو الريبة فيما انتقدناه على الكتاب من باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ((انصر أخاك ظالما أو مظلوما)) فننصر القرضاوي مظلوما وننصر جماعة مقبل الوادعي وهم ظالمون بأن نكفهم عن ظلمهم وقد جمعت هذه الأقوال بنفسي من الكتاب دون استعانة بمحرك البحث وإنما بالقراءة المجردة له وحاولت التجاوز عن كثير من الإساءات حتى لا أطيل في النقل واقتبست أهمها متجنبا التكرار قدر ما استطعت وكذلك متفاديا للآيات والأحاديث التي نزلت في الكف*ار والمنافقين فأنزلها مقبل على القرضاوي بغير وجه حق.
1 - قوله: "إسكات الك*لب العاوي يوسف بن عبداالله القرضاوي" (المصدر: عنوان الكتاب و الصفحة: 5 و
2 - وقال "هذه الأدلة تحتم على المسلمين، وعلى علماء أهل السنة حفظهم االله تعالى أن يقوموا بواجبهم في الرد على المبتدعة، وإنني أحمد االله سبحانه وتعالى فقد ردوا على الصابوني وضاع وماع، وردوا علـى الطحان وطحنوه، وردوا على الترابي فألصقوا أنفه بالتراب، وأرغموا أنفه، وما قام أهل السنة على مبتدع وردوا عليـه ، إلا ذل وهـان" (المصدر: الصفحة: 4 - 5 - 26)
3 - وقال "أولئك الذين تنكروا لدين االله، فإن االله سبحانه وتعالى يذلهم.........إذا أهان االله شخصاً؛ لو نفَخته الإذاعات، وكذلك أيضا الصحافة أو غيرها، ما نفعه ذلك، وصار كلام الإذاعات والصحافة وبقية وسائل الإعلام صار نبا*حاً، وقد أُلح علـي في الـرد علـى القرضاوي مراراً، حتى سمعت ما لا يجوز أن يسكت عنه، فبـدأت بالرد على هذه السلسلة الأولى" (المصدر: الصفحة: 5)
4 - وقال "وسميت الرد (إسكات الك*لب العاوي يوسف بن عبداالله القرضاوي)، سيقول بعض الحزبيين عالمٌ من العلماء وسميته: كل*با عاوي! أمّا هذه فكبيرة يا أبا عبدالرحمن، عالم من العلماء! ومفتي قطر!" (المصدر: الصفحة 5 - 6)
#ملاحظة_حول_النقطة_4: و"أبا عبد الرحمن" كنية مقبل الوادعي، أي أنه يقول بأن الاعتراض على تسميته للقرضاوي بالك*لب العاوي سيصدر من بعض الحزبيين، أي إما أن تقبل كلامه في وسبابه وشتمه وإما أن يصنفك حزبيا.
5 - وقال: "كف*رت يا قرضاوي أو قاربت، القرضاوي هذا هو الذي يقول عبدالمجيد الزنداني: لا أعلمه إلا مجاهداً.
مجاهد ولكن؟ لنصر الشبهات على الإسلام" (المصدر: الصفحة 7 -
6 - وقال: "بإذن االله تعالى سيخرج كتاب بهذا العنوان:
(إسكات الكل*ب العاوي يوسف بن عبداالله القرضاوي ).
وبعد ذلك يأتي عقيل المقطري لا بارك االله فيه، ويحتفـل بيوسـف القرضاوي، كما احتفل بمحمد سرور" (المصدر: الصفحة:
7 - وقال: "صاحبك الزنداني يأتي كلية الإيمان، وقد أصبح
منبوذاً، فلم تنفعه حزبيته ، ولم تنفعه تجارته، ويتمنى: يـا ليـت لي الشعبية التي كانت عندي، ولو كنت فقيراً، فأنت يا قرضاوي أيضاً بإذن االله تعالى ستُطرد من قطر؛ لأن قطر دولة مسلمة، وقد أوقفت الطحان لما رأت العلماء يردون عليه، أوقفته وأسكتته، قطر من أحسن البلاد الإسلامية، ما يصبرون على هذا المُلَبِّس الذي قد ظهر ضـلاله وفساده وإفساده" (الصفحة:
8 - وقال: "والقرضاوي عالم السوء، الذي يقول فيـه وفي
أمثاله نبينا محمد صلَّى اللَّه علَيه وعلى آله وسلَّم <أَخوف ما أَخاف على أُمتي الْأَئمةُ الْمضلُّونَ> رواه أبو داود من حديث ثوبان. ويقول أيضا: <أَخوف ما أَخاف علَى أُمتي مناف*ق عليم اللِّسان> وأنا أظن أن الشيطان تفرغ ليوسف القرضاوي؛ يلقي في قلبه هـذه الوساوس" (الصفحة: 9)
9 - وقال: "بحمد االله قد صار أصحابك في اليمن مفلسين" (الصفحة 9)
10 - وقال "القرضاوي والترابي يا عبد المجيد الزنداني يعتبرون هلكى إن لم يرجعوا إلى االله عز وجل. دعونا من الحزبية،" (الصفحة 9)
11 - وقال عن الزنداني "أنت وأصحابك مطعون فيكم؛ لأنكم تحرفون الكلم عن مواضعه، ملبّس كذ*اب هل بلغتكم الأشرطة أنني تكلمت في عرضه؟ الجـواب : لا، وهذه الأشرطة موجودة لكن التلبيس ما بقي من زمن قديم معهم إلا التلبيس. من زمن وهم يعرفون عجزهم وإفلاسهم من العلم، وأنهم محتاجون إلى ذلك، ولا يستطيعون أن يواجهوا" (الصفحة 10)
11 - وقال "ماذا مع عبد المجيد الزنداني؟ معه: الأرض تدور. والشـمس ثابتـة، الإعجاز العلمي في القرآن لعله أخذه من بعض الأطباء، وإلا فهـو صيدلي، أخذه من بعض كتب الأطباء، يجب عليه أن يأتي ويـدرس عند أهل السنة: لا ينال العلم مستحٍ ومتكبر. ما شاء االله رئيس كلية الإيمان!" (الصفحة 11)
#ملاحظة_حول_النقطة_11: واضحٌ جدا خطاب التعالي والتكبر وبغير وجه حق، فيطلب من الشيخ الزنداني أن يأتيه ليتعلم عنده ويطعن في علمه لأنه يقول بدوران الأرض على الشمس ولا أظن الزنداني يقول بثبوت الشمس إذ دوران الأرض حولها لا يعني أنها ثابتة فقد تدور حول نجم آخر أو حول الثقب الأسود ومن قرأ للزنداني علم أنه ليس مما يخفى عليه مثل ذلك، وجهود الزنداني في الدفاع عن الإسلام وإثبات نبوة النبي صلى الله عليه وسلم هي التي يستفيد منها المسلمون لا جهود السب والشتم التي نراها عند مقبل وسائر المداخلة، ونلاحظ منذ بداية كلامه عن الزنداني ظهور غيرة شديدة إن لم أقل حسدًا شديدا فيتكلم عن أمواله تارة وعن مناصبه تارة وكأنه يحسده عليها وإلا فما دخل أمواله ومنصب شغله في الموضوع الذي يريد مهاجمته فيه ؟.
12 - وقال: "ونرجع إلى القرضاوي، زارني زائرون من الجزائـر فقـالو ا: أتانـا القرضاوي ومحمد الغزالي إلى الجامعة، والشباب والشـابات يئنـون ويتألمون من الاختلاط، فقال القرضاوي: على المرأة أن تتعلم؛ أنا قد أرسلت واحدة من بناتي إلى الخارج، وواحدة تدرس في الكويـت -أظنه كان باقياً في الكويت- وواحدة في كذا وكذا المسألة دعوة إلى الضلال، وتلبيس على الطلبة والطالبات الجزائريين، وبحمد االله فهموا قصده الخب*يث، وكر*هوه ونفروا عنه" (الصفحة 12)
#ملاحظة_حول_النقطة_12: وبسبب هذا الميراث الذي تركه مقبل لمدرسته طعن الحجوري وأتباعه وهم رواد مدرسته من بعده في رأس المداخلة فركوس لأنه أجاز الدراسة في الجامعة، فهم يحرمون على الرجال والنساء معا الدراسة في الجامعة، بل وإن نظرنا في أدلتهم فتحرم عليهم بمجرد بلوغهم أي بعد الابتدائية مباشرة، حتى إذا جهّلوهم وأخرجوهم من المدارس صاروا معهم كالقط*عان الجه*لة يطيعون من غير قدرة علمية على النقد، ثم يعيّرون من خرج منهم عن طاعته بأنه لم يدرُس في الجامعات كما فعل ربيع المدخلي الذي أثنى عليه مقبل الوادعي في أكثر من موضع، رغم أن مقبل نفسه على الأقل لا يضع أي قيمة لهذه الشهادات مع أنه متحصل على شهادات جامعية أغلبها فخرية غير حقيقية، ولم يكتف بقول هذا الرأي الذي تسبب بالتشجيع على التسرب المدرسي بل راح يطعن فيمن يشجع المسلمين على الدراسة والتعلم، وليت شعري، لو ترك كل المسلمون الجامعات والتزموا بمثل هذه الفتاوى أترانا نرجع للعصر الحجري ليرضى عنا أم ماذا ؟ الله يأمرنا بإعداد العدة وما استطعنا من قوة وعصرنا هذا عصر العلم والتكنلوجيا لا عصر القوة البدنية، ومقبل يدعو الناس لترك الدراسة، وهذا هو جوهر الفرق بين فقهِ المتخلفين وفقه العلماء الواعين الذين ينظرون إلى مستقبل الأمة نظرة واقعية عميقة لا نظرة سطحية نتائجها كارثية.
13 - قال " لابد من أشرطة تخرج بين المسلمين وكتب، ويطحن كما طُحن الطحان (إقامة البرهان علـى ضلال عبدالرحيم الطحان). بعض الشباب في مصر يشترون الكتب ويتعجبون من هذا العنوان ما هذا؟ الداعية الكبير عبدالرحيم الطحان! والوادعي يقول: إنه ض*ال! والحمد الله هدأت المسألة" (الصفحة 12)
#ملاحظة_حول_النقطة_13: كذلك أتباع مقبل اليوم يتعجبون من هذه السلسلة ويقولون (مقبل الوادعي يرد عليه صهيب ؟ ثم ستهدأ المسألة) إلا أن الفرق بيننا أني أرد عليه بأسلوب علمي أكاديمي محترم وهو يردّ على غيره بالسب والشتم.
14 - قال "أصحاب جمعية الحكمة لا بارك االله فيهم، من اليمن يقولون: الطحان عالم وفاضل، وله أخطاء كغيره" (الصفحة 12 - 13)
#ملاحظة_حول_النقطة_14: لم يكتفِ مقبل بسب الطحّان وشتمه وإنما دعا على الذين يصفونه بالعالم الفاضل بألا يبارك الله فيهم، حتى مع تسليمهم الحقيقي بوجود أخطاء له كغيره، أي أنه يعمل بالقاعدة المدخلية "من لم يبدع المبتدع فإنه مبتدع" بلا اشتراط شروطّ ولا انتفاء موانع بل بدل أن يدعو لهم بالهداية على الأقل مع أنهم لم يرتكبوا أي ذنب بخصوص قولهم هذا ذهب يدعو عليهم بألا يبارك الله فيهم، ولعله لا يدعو بمثل هذا الدعاء على من فعل في الأمة الأفاعيل، بل لقد ثبت في كتابه مدحٌ غزير لحاكم اليمن فسبحان من جعل على نفس اللسان السباب للعلماء تلك الطراوة والليونة مع الحكام.
15 - قال "يجب أن تسـتحي دولة قطر على نفسها، وأن تطرد ذلكم الرجل الفا*سد المف*سد" (الصفحة: 13)
-يقصد بالفا*سد المف*سد الشيخ القرضاوي وسبحان من جعل الوادعي يمدح قطر ويذمها في نفس الكتاب ونفس المجال-
16 - قال "ويقول القرضاوي: إن بعض النساء خير من كثير من حكام المسلمين، والصحيح أن هذه جـرأة علـى حكام المسلمين" (ص: 15)
-ثم ذهب مقبل يمدح حاكم اليمن ويصفه بالألمعي ويدعو له بالخير وأن يصرف عنه كل سوء ويدعو على كل من وقف في وجهه ثم قال "نحن لا نقول: ما عنـده جور، وما عنده ظلم، لكن الرجل ألمعي، ذكي إلى النهاية" ثم عاد ليدعو له بكل خير ويقول "ولا نقول كما يقول القرضاوي: إن بعض النساء تستطيع أن تدبر الأمور أحسن من حكام المسلمين." قلت -صهيب- لاحظوا كيف حرّف مقبل كلام القرضاوي إذ قال القرضاوي "خير من كثيرٍ من حكام المسلمين" كما نقله مقبله بنفسه ثم ذهب يقوله ما لم يقله فقال "أحسن من حكام المسلمين" ليعمم ذلك على سائر الحكام وفي الكلام الأول تقييدٌ والثاني إطلاقٌ فتنبه إلى الفرق، كما أنه جعل الجرأة على حكام المسلمين ضلالا يستحق صاحبه أن يوصف بالكل*ب وإلا فلماذا أدرجه ضمن كتابه هذا إلا لأنه يراه من أسباب سبه له.
17 - قال: "ومن أباطيل القرضاوي التي تكاد أن تنشق لها الأرض، وتكاد أن تظلم الدنيا بسببها قوله: نحن لا نقاتل إسرائيل من أجل الإسـلام ، ولكن نقاتلها من أجل الاحتلال.
فأقول: لعل الرجل قد أصبح مختلاً، بل فيه دسائس تدل على خبث، وإلا كنا نقول: لعله قد أصبح مختلطاً، ويوجد من يكتب على لسانه، فإن هذا ممكن؛ لأن هذا كلام لا يقوله عامي" (ص: 16 - 17)
#ملاحظة_حول_النقطة_17: سيأتي الرد مفصلا على هذه النقطة في موضعها ولكن بحسب عقيدة مقبل فإن الكا*فر يُقا*تل لمجرد كف*ره حتى ولو كان مسالما أو معاهدا أو ذميا أو ممن تجب فيه الدعوة وقد ضرب بذلك المثل الأسوأ في الدا*عشية والإره*اب المعاصر ثم يزعم الجامية والمداخلة بعد ذلك أنهم يحاربون الإره*اب والمصيبة أن رسلان نشر مقطعا يرد فيه على من سماهم بالخوا*رج ليشرح لهم حديث "أمرتُ أن أقاتل الناس..." بأن معناه قت*ال من يصد عن سبيل الله أو يكون معتديا وليس معناها قتا*ل كل من ليس مسلما، وأقوال العلماء في هذا الباب لا تحصى قد أجمع بعضها عند بلوغي هذا الموضع ويكفيني قول الله ((لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم)) وقوله ((من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)) وقوله ((لكم دينكم ولي دين)) وقوله ((لا إكراه في الدين)) وقوله ((ولو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعا أفأنت تكره الناس حتى أن يكونوا مؤمنين)) أما كلام مقبل فمعناه أن الإسلام دين إكراه وإره*اب وإجبار للناس على التزامه بالقوة فلا حجة فيه وإنما يفرض نفسه بالقوة كما هو حال دين فرعون وأبي جهل والنمرود وكف*ار الأخدود الذين أكرهوا الناس على دينهم، وبهذا المعتقد يبرر مقبل اعتداء الكف*ار على المسلمين لو قدروا عليهم إذ كيف يمكن أن يُنكر عليهم ما نريد نحن فعله بهم ؟
وصدق من قال (رضينا بالهم والهم ما رضي بنا) فرغم أن القرضاوي هو الأولى بالإنكار على مقبل في مثل هذه النقطة إلا أن مقبل بادر بالإنكار عليه وليته التزم بأدب الخلاف بل ذهب يطعن ويسب ويتهمه بالخرف والاختلال العقلي وينسب الكلام لغيره، وليت شعري مادمت تنسب الكلام لغيره فلماذا تسبه وتشتمه ومعذور بالجنون حسب ادعائك كما أنك برأته من كتابة مثل هذا وجعلته مكتوبا على لسانه، فهل مثل هذا تسبه بكل تلك الشتائم ؟
18 - قال: "فالرجل أعمى بصيرة، وإننا إن شاء االله، سـنتتبع رؤوس الإخـوا ن المسلمين واحداً واحداً، ما نذهب إلى هؤلاء الغثاء، حتى لو كتبوا في الجرائد غثاءً، ما نبالي بهم، ولا نلتفت إليهم" (ص: 19)
19 - قال: "فأنت يا زيد الشامي كلامك هراء، ولا نبالي به والحمد الله" (ص: 19)
20 - قال: "كم طالباً خرج على يديك يا عبد المجيد الزنداني؟ وكم طالباً علـى يديك يا عبد المجيد الريمي؟ وكم طالباً خرج على يديك يـا محمـد المهدي الش*رير الكا*ذب؟" (ص: 22)
21 - قال: "يجب أن يحجر على يوسف القرضاوي، حتى يختبره طبيب نفسـي ، يخشى أن يكون قد غسل دماغه أع*داء الإسلام، وأصـبح يهـوس ، وهكذا أمثال القرضاوي يجب أن يحجر عليه، مثل عبد المجيد الزنداني،
يجب أن يحجر عليه، حتى يتوب إلى االله عز وجل" (ص: 24)
#ملاحظة_حول_النقطة_21: مادام أعد*اء الإسلام هم الذين غسلوا دماغه فلماذا تسبه وكدت أن تكفّ*ره ؟ وكل هذا الكلام لأن القرضاوي مدح الجماعات الإسلامية الموجودة اليوم وصار مقبل يرد عليه بكل سطحية "ديننا فيه جماعة واحدة لا جماعات" وذهب يستدل بأحاديث جاءت في الإمام وجماعة المسلمين وهي تنطبق على عصر الخلافة عندما كانت الأمة موحدة يحكمها حاكم واحد، ومعلوم أن القرضاوي يتكلم عن واقع عصرنا وهو افتراق الدول الإسلامية وقيام كل جماعة دعوية في دولة معينة وبعض الجماعات تختلف مع بعضها في بعض الأفكار والآراء والمذاهب فأراد لم شملهم فأثنى على جهودهم جميعا فهو الذي يريد جعل الجماعات جماعة واحدة فذهب مقبل يطعن فيه بسبب هذا فوا عجبا.
22 - قال: "إذا كانوا يعالجون الناس فهم مرضى: أيها الناس ازهدوا في الـدنيا؟ وأنت أين تجارتك؟ هذا كلام عبد المجيد الزنداني، ازهدوا في الدنيا، واتقوا االله، وقدموا لإخوانكم المجا*هدين، وأنت من أين لـك هـذه التجارة الكبيرة؟ فالمسألة لصوصية، وبنوك سويسرا وغيرها، لسـنا نبرئ أنفسنا ولسنا نقول: ما في اليمن إلا عبد المجيد يأخذ، نعم فيـه غيره يأخذ."
#ملاحظة_حول_النقطة_22: يتهم الوادعي هنا الزنداني كذبا وزورا بسرقة الما*ل ومعلوم أن هذا قذف إن لم يكن له بينة فعقابه عند الله شديد "أي عقوبة هذا الفعل بغض النظر عن الفاعل عينه" وهل مجرد رزق الله لرجل داعية إلى الله أو عالمٍ يجعله بالضرورة سار*قا ؟ أهذا هو البرهان على أن ماله حرام؟ يعني يجب على الداعية أن يغوص في الفقير وإلا كان لصا ؟ وما علاقة التجارة والمال بالزهد ؟ ألم يكن عثمان رضي الله عنه غنيا ومثله كثير من الصحابة ؟ ثم يقول بكل ثقة في غيره يأخذ وليس الوحيد الذي يأخذ، قلت: سبحان الله ما أجرأه على أعراض الناس، والمصيبة أنه وصف في بداية كتابه الزنداني بالك*ذاب لأنه اتهمه بالطعن في عرضه، وقال مقبل "أين طعنت في عرضك ؟" وهذا الذي قاله مقبل في نفس الكتاب أليس طعنا في الأعراض ؟ أم أنه يجهل أن العرض غير مقتصر على الجانب الجنسي وحده وإنما هو عام في كل ما يؤذى به الإنسان ؟
23 - قال: "أما بعد: فتكميلاً لسلسلة (إسكات الك*لب العاوي يوسـف بـن عبداالله القرضاوي) ذلك الرجل الذي يعرض الإسلام للانتقـادات ، ويساوم بالإسلام، والذي أزرى بدين الإسلام عند أعدائه، ونبذ عزة الإسلام .......يوسف القرضاوي في بدء أمره كانت به غيرة على الإسلام، كما في ترجمته من كتاب المجذوب (علماء ومفكرون عرفتهم)، ومن أسرة عريقة في الإسلام، وأراد الآن أن يطعن في الإسلام" (ص: 26)
قلت صهيب: لاحظوا: يقول "أراد الآن أن يطعن في الإسلام" يعني لم يقل حتى إن لازم قوله الطعن في الإسلام بل قال "أراد" أي أنه قصد ذلك، فإن كان كذلك فهل يكون إلا كاف*را ؟ فما الذي يمنعه من تكف*يره بعينه مادام كذلك ؟
24 - قال: "إن شاء االله نبدأ في الرد على الرجل الخ*طير، الذي يعتبر من أخ*طر الإخوان المفل*سين، وهو: صلاح الصاوي، فإن شـاء االله فليترقب هو ومن يدعوه إلى اليمن، فليترقبوا شريط أو أشـرطة : (الكاوي لدماغ صلاح الصاوي) بإذن االله تعالى، أما هذا القرضاوي فيقول كلاماً يسلي به على مل*حد، أو على زند*يق، أو على يهو*دي، أو نصر*اني، ويزداد المسلمون كرا*هية للقرضاوي، إن أناساً يزعجهم أن تنشر سنة رسول االله صلى االله عليه وعلى آله وسلم وأن يـدافع عنها، فهم مستعدون أن يدافعوا بل مستميتون في سبيل الدفاع عن باطلهم.......وأذكرهم بقول الله تعالى ((الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ نسوا الله فنسيهم))...."(ص: 27)
قلت صهيب: فمن ينزعج من انتشار سنة النبي صلى الله عليه وسلم إلا من كان كاف*را بل قد يكون الكاف*ر المحايد غير منزعج بانتشار السنة ويكون محترما لأديان الآخرين فمن ينزعج منها غير الكا*فر المحا*رب المعادي للإسلام أفهذا هو الوصف الذي يليق إطلاقه على عالمٍ من علماء المسلمين إن لم نقل أحد أبرز العلماء المعاصرين الشيخ الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي الذي حفظ القرآن سنة 1937 ميلادي ومنذ ذلك الوقت وهو منشغل بالعلم إلى يومنا هذا ؟ 84 سنة في الانشغال بالعلم والدعوة والتأليف والتدريس، هل هذه حال من يك*ره انتشار سنة النبي صلى الله عليه وسلم ويريد الط*عن في الإسلام ؟ لو قيل مثل هذا الكلام في أنجلينا مركل رئيسة وزراء ألمانيا لكان ظلما لها لأنها رغم كف*رها إلا أنها لا تكره انتشار السنة ولا تهتم لانتشارها من عدمه فكيف يقال في مثل الشيخ القرضاوي ؟
ثم لم يكتف بذلك فذهب ينزل عليهم آية نزلت في المنافقين فأسقطها عليهم.
25 - قال: "إن المسألة والخصام الذي بيننا وبـين الإخـوان المسـلمين ، لا تستطيع حكومة أن تفصله، ولا يستطيع شيخ قبيلة أن يفصله" (ص 28)
قلت صهيب: لعل حقد ربيع المدخلي نفسه على الإخوان المسلمين لم يبلغ هذه الدرجة.
26 - قال: "نعم يا عبد المجيد الزنداني نبشرك، وقد يأتي من باب قـول االله عـز وجل: ﴿ فَبشرهم بِعذَابٍ أَليمٍ ﴾، نبشرك أن الأشرطة الآن في أرض الحرمين؛ يسمعها المشايخ الذين يظنون أنك سني، وأنا الأشرطة الآن ستصل إلى بريطانيا، وإلى أمريكا، وإلى الإمارات، وإلى جميع الـبلاد الإسلامية، دع عنك أنها ستكْتب كتاباً، ويبقى عاراً عليك ما دامت السموات والأرض" (ص: 29)
قلت صهيب: كل هذا الكلام لأن الزنداني حضر لمهرجان نسائي وقيل حرسته امرأة، يعني تذهب إلى فندق مثلا فتكون الحراسة للنساء يكون ذلك ذنبا ثم استدل مقبل بحديث ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم قائلا (ليت رجلا من المسلمين يحرسني) ومعلوم أنه هنا استدل بمفهوم المخالفة من نوع مفهوم اللقب وهو ليس حجة أبدا إلا عند الصيرفي والدقاق وجماعة من الأحناف والإباضية وذلك لأن النبي ودّ أن يحرسه رجل من المسلمين لأن الحراسة في الغالب تكون للرجال فهم أقدر على دفع اللصوص أو الأعداء نظرا لقوتهم الجسدية وليس معناه تحريم حراسة المرأة ما لم يكن فيه خلوة كأن تحرس باب الفندق في الأسفل وأنت في الطابق الأربعين، أين المشكل هنا؟ وكل هذا الكلام من أساسه مبني على القيل والقال والدليل عليه أن مقبل استدل على صحة الخبر بعدم تكذيب الجرائد المؤيدة للزنداني له
27 - قال "ونتحدى أيضاً جريدة الصحوة الك*ذابة أن تنشر تك*ذيباً للخبر الذي قلناه مـن أن امرأة حرست عبد المجيد الزنداني، وأن هذا ك*ذب، نريد صـراحة أن يعلم نساء إب اللاتي حضرن أن عبد المجيد كذ*اب، وإلا فانشروا أن عبد المجيد يقول: أتوب إلى االله عز وجل من حراسة النساء" (ص: 30)
قلت صهيب: ولا أدري ما علاقة الكذ*ب بهذا الموضوع أصلا ؟ يعني هو اتهم الرجل بشيء وشنع عليه به ثم يرميه بالك*ذب لأنه لم يتب من هذا الشيء الذي قد لا يسلّم له لا بوقوعه ولا بحرمته.
28 - قال: "يا قرضاوي قَر*ض االله لسانك........يا خسارتاه يا قرضاوي، خسرت نفسك، وخسرت عمرك،" (ص: 31)
29 - قال: " ثم بعد ذلك تفتري على الله سبحانه وتعالى، وعلى كتاب االله، وتظن أن كلامك هذا سينفُق على الناس؟ لا، في الزوايا خبايا، وسـيكون عـاراً عليـك والله المستعان"
30 - قال: "آسف آسف آسف على من يزعم أنه أعرف النـاس بعلم الواقع وهو أج*هل الناس بالواقع. لو سألت عجوزاً من عجائز أهل دماج ما قَرأَت ولا كَتبت: كيف اليه*ود والنص*ارى؟ تقول: هم أعداء الإسلام، دع عنك لو سـألت عجوزاً من عجائز فلسطين، وقد رأت فتك اليه*ود بهم، أو من عجائز البوسنة والهرسك، عجوز أفقه من مفتي قطر، مفتي قطر أج*هل مـن حم*ار أهله، هل يوجد أحد يجهل زحف أعداء الإسلام على الإسلام والمسلمين؟.....أقول: وإن كان هو يحفظ القرآن؛ لأن االله نزّل مـن لا يعمل بعلمه مترلة الجا*هل" (ص: 39)
قلت صهيب: وهذا من تقويل مقبل الشيخ القرضاوي ما لم يقله وليّ عنق كلامه ليخرجه عن مفهومه ومناطه إذ حمل تأصيل القرضاوي العام في موضوع أهل الكتاب المسالمين لا المعادين فذهب مقبل ليستدر العواطف ويزايد على الشيخ القرضاوي في قضية اليه*ود فيتهمه بالجه*هل بالواقع ثم أساء الأدب معه فجعله أج*هل من حمار أهله، ومعلوم أن القرضاوي أكثر العلماء نصرة للقضية الفلسطينية والحركة الإسلامية المج*اهدة بالسلاح "حم*اس وكتا*ئب عز الدين القس*ام هناك تعتبره المرجع الديني الأول لها وهي حركة تجا*هد الصها*ينة بالسل*اح لا بالكلام الفا*رغ، واليوم حا*رب أردوغان الصلي*بيين الأرمن وحرر منهم أذربيجان المسلمة، في الوقت الذي نجد فيه أتباع الجامية المدخلية وهم بقايا من يشيد بالوادعي لا يقفون إلا في صف التط*بيع مع الصه*اينة أو الحرب على الجماعات الدينية التي تقف في وجههم.
فمن دون كل الناس صار الجامية يزايدون على القرضاوي والإخوان في موضوع الجه*اد "ما شاء الله"، وإنما كلام القرضاوي عن غير المعتدين ويوجد اليوم في اليه*ود من هم ضد الصه*يونية ويناصرون القضية الفلسطينية وأولئك هم الذين أخذوا صورة مع القرض*اوي والتعاون معهم على القضية أولى من استعانة أمر*يكا وهي دولة محاربة بالسعودية في حرب الخليج التي باركها معظم الشيوخ الذين يثني عليهم مقب*ل ولا يطعن فيهم.
31 - قال: "فالذي لا يعمل بعلمه يعد جا*هلاً، وإني أرجو من المسـئولين في قطـر ، أن يعزلوه وأن يأتوا لهم بِمفْتٍ لهم من أرض الحرمين، أو بمفتٍ لهم من العلماء الأفاضل، فدولة قطر تعتبر من أحسن الحكومات، لا يد*نسها هـذا الرجل المم*سوس" (ص: 40)
قلت صهيب: كأنه يدعوهم إلى أن يجعلوا منه مفتيا لهم أو يجعلوا أحد الجامية المستوردين من السعودية مفتيا لهم، ويريد منهم عزل القرضاوي الذي يعتبره مدنّ*سا لقطر ومعلوم أن المسلم لا ينجس كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، بل وصفه بالممس*وس ولو كان ممسو*سا لكان معذورا بالم*س، ثم يعود مجددا ليثني على قطر بعد أن طعن فيها من بعد ثنائه الأول عليها وفي نفس الكتاب.
32 - وهو يرد على تجويز القرضاوي الحوار مع أهل الكتاب وغير المسلمين، قال مقبل: "أفلست كتبك الأولى يا قرضاوي....أعداء الإسلام الحوار معهم يكون بالعلماء، الذين يقدرون الإسـلام ويعتزون بالإسلام، ما يكون الحوار بالانهزاميين الذين بهرتهم حضارة أوربا، أولئك سيعرضون الإسلام للذل، ويعرضون الإسلام للمهانة، فلا بد أن يكونوا من علماء السنة من أمثال الشيخ ابن باز حفظه االله تعالى، والشيخ الألباني حفظه االله تعالى، من أمثال هـذين
العالمين الفاضلين الجليلين، أما أنت فقد عـرف موقفـك ، وأنـك انهزامي، فلا نثق بك ولا نعتمد عليك، وإنني أحمد االله، فقد أصـبح الشباب متبرمين منك، ومن كتاباتك ومن دعوتك، لعلك قد بلغت من العمر نحو ستين سنة أو نحو ذلك، فالأولى بك أن تعتزل وتبقـى في بيتك حتى يخرج الشيطان من رأسك، وإذا خرج الشيطان الـذي يوسوس لك من رأسك، فلا بأس أن تختلط بالمسلمين وتجالسـهم ، أنت محتاج إلى من يعالجك.
وغير تقي يأمر الناس بالتقى *** طبيب يداوي والطبيب مريض
ما أحوجك أنت إلى من يعظك وترجع إلى االله سبحانه وتعالى، وتتبرأ مما كتبت في الصحف، وما كتبت في كتبك الزائغة، واالله المستعان" (ص: 41 - 42)
قلت صهيب: كيف يعرض كلام القرضاوي هذا مع الأقوال التي يريد الرد عليها والتي من أجلها وص*فه بالكلب العاوي فلما لم يجد حجة يرد بها عليه صار يقول له (هذا يفعله العلماء لا أنت)، فأولا لم يزعم القرضاوي أن الحوار مع الكف*ار من واجبه وحده ولا تكلم عن نفسه وثانيا: القرضاوي أعلم بكثير من مقبل الوادعي وفي باب النقاش مع غير المسلمين فهو أقدر من الألباني وابن باز على ذلك لأنهما اقتصرا في علمهما على المنقول ونقاش الكف*ار لا يكون ملزما لهم بالنقل الذي يلزمنا، فلا يمكن أن تستدل على الكا*فر من الكتاب والسنة وإنما ينبغي أن تناقشه في العقل والتجربة والاقتصاد والسياسة والأنظمة الحضارية، ناهيك عن كون القرضاوي في مجال الفقه نفسه أقوى بكثير من الألباني وابن باز، أو لنقل على الأقل "لا يُسلّم لك بأنهما أقوى منه" وحتى ولو سلمنا جدلا بذلك فلا يعني اقتصار الأمة على اثنين ليجادلا 7 ملايير من الذين كف*روا، ومعلوم أنه جاء من غير العرب من أسلم على أيديهم الملايين كمثل ذاكر نايك وأحمد ديدات رغم أنهما لم يتوسعا في الفقه أو الحديث كما توسع القرضاوي، ولمن لا يعرف القرضاوي فالرجل موسوعي في علم الشريعة فهو محيط بكل جوانبه واختصاصاته وإن كنتُ مخالفا له في بعض تفاصيل العقيدة التي أجزم أنه لا تفرق بيننا فيها إلا بعض مصطلحاتها، والتي لم يخرج فيها عن أقوال كثير من العلماء ولا معصوم إلا الأنبياء.
33 - قال: "سأقرأ آية إذا قرأت وغلطت فردوا علي: وما آتاكم حسن البنا فاتبعوه، وما نهاكم عنه فانتهوا، حق أم باطل؟ باطل، فالمسكينمغرور بحسن البنا: نتعاون فيما اتقنا فيه ويعذر بعضنا بعضـا فيمـا اختلفنا فيه، قاعدة من وضعها؟ وضـعها صـوفي قبـوري ، يـأتي بالمتناقضات" (ص:43 - 44)
قلت صهيب: كان هذا رد مقبل على القرضاوي لأن صحفية أمريكية قالت له "بالنسـبة لأناس مثلي؛ يدرسون ويحاولون التعلم يختلط عليهم الأمر، حيـث توجد حركات إسلامية كثيرة؟ ما هو الإسلام الصحيح؟ وهل هناك أي محاولات على طريق الحركات الإسلامية المختلفة، لكي تجتمـع على كلمة سواء بحيث تصبح حركة إسلامية واحدة؟" فأجابها القرضاوي بأن معظم الأصول يتفق عليها المسلمون ويختلفون حول مسائل فرعية -قلت صهيب: (وهذا كلام ابن تيمية والزركشي وغيرهما) ثم قال القرضاوي قاعدة نتعازن على ما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ثم قال "ومن هنا دعوت في كثير من كتبي إلى أنه لا مانع من تعدد الجماعات العاملة للإسلام، وأن نتحدث باسمه، وأن يكون أكثر جماعة، وأكثر من حركة، كل ما في الأمر ألا يحاول بعضها أن يهدم بعضها الآخر، أو يجرح بعضها بعضا، إنما ينسـقون فيما بينهم، يتعاونون في المواقف المصيرية في القضايا الكـبرى مثـل قضية البوسنة" وهنا أقول سبحان الله مقبل الذي زعم أن القرضاوي أج*هل من العجائز بفقه الواقع وأجه*ل من حم*ار أهله كما سبق بيانه وذلك لأنه زعم أنه يجهل قضية المسلمين في البوسنة والهرسك ذهب ينقل بنفسه في كتابه كلام القرضاوي الذي يحث المسلمين على التغاضي عن خلافاتهم الفرعية للالتفات نحو قضايا المسلمين الكبرى المصيرية كالبوسنة والهرسك، ثم يعود هذا المقبل الوادعي ليطعن فيه بسبب دعوته المسلمين إلى الاتحاد في قضيتهم وهو الذي طعن فيه لأنه جعل لفظ الجماعة جماعات متعدد ؟ فليت شعري من المتناقض الآن أحسن البنا أم مقبل الذي يتناقض أكثر من مرة في نفس الكتاب.
34 - قال مقبل "الصحفية أفقه وأفقه وأفقـه من يوسف القرضاوي، أنا أشهد لها أنها فقيهة، االله أعلم أهي مسلمة
أم ليست مسلمة، فالظاهر أنها مسلمة ترغب أن يتوحد المسـلمون، وهذا يرغب أن يُفرَّق المسلمون. نتكلم على مسألة واحده لعلها تغني وهي: مسألة تعدد الجماعات: نتحدى القرضاوي وعبدالمجيد الزنداني وصلاح الصـاوي أن يـأتوا بحديث واحد في تعدد الجماعات، يكون صحيحاً عن النبي صلى االله عليه وعلى آله وسلم؛ ما يكون من بضاعة جماعة التبليغ، الذين هم حطَّاب ليل، عبد المجيد الزنداني قد عرف أنه منبوذ من أهل السـنة، فما بقي إلا جماعة التبليغ هؤلاء" (ص: 44)
قلت: سبحان من خلق إنسانا يجعل صحفية أمريكية مجهولة العين والحال مسلمة وفقيهة بل أفقه ثلاث مرات من القرضاوي عالِم الأمة في الوقت الذي يصف فيه القرضاوي بالجهل، وهو الذي ما فهم كلامه أصلا بل فهمه بالمقلوب، فالقرضاوي يتكلم عن واقع اختلاف الجماعات اليو وهو يسعى إلى توحيد الصف وهذا المقبل يتهمه بالسعي إلى تفريق الصف وصارت الصحفية الأمريكية هي الفقيهة التي تسعى لتوحيد الصف ويقول "أشهد لها أنها فقيهة"، فانظروا ما أسهل الشهادة عندهم للناس بالفقه ولو لم يتثبتوا من دخولهم الإسلام بل إن المتابع للقاء كاملا يكاد يجزم أنها ليست مسلمة وإنما تستفسر عن الإسلام بل ربما تحاول إيراد الشبهات على القرضاوي كما أورد بعضهم الشبهات على ذاكر نايك من خارج الإسلام يريدون (لنفترض أن هناك من يريد الدخول في دينكم، ففي أي جماعة سيدخل وأنتم متفرقون) فهذه شبهة ضد الإسلام ليس لها جواب سوى ما أجاب به القرضاوي "أي أن الله يغفر لمن اجتهد فأخطأ إن قصد الحق فلا يخافنّ من الضلال بغير قصد وإنما العبرة بالسعي إلى رفع كلمة الله والاتحاد على الكليات المتفق عليها مع عدم الإنكار في المسائل المختلف عليها.
فانظروا إلى سؤال الصحفية وجواب الشيخ القرضاوي عليه وانظروا كيف يغرد مقبل الوادعي خارج الموضوع وخارج السرب وما أظنه فهم لا السؤال ولا الجواب وليس كلامي سبا له ولا شتما وإنما لم أجد أفضل من هذا التعبير لأصفه به إذ هو واضح جلي من خلال جوابه، ثم لم يكتف بذلك فطعن في جماعة التبليغ جملة وتفصيلا.
بينما يرد مقبل الوادعي على القرضاوي ويسبه ويشتمه لأنه أجاز للنساء المشاركة في الانتخابات لمواجهة المنتخبات العلمانيات والمتحللات اللاتي سينتخبن العلمانيين.
وبينما يطالب مقبل الشيخ الألباني وابن باز بالرد على القرضاوي ........"ويطالب ربيع المدخلي بذلك ووصفه بأنه من علمائه الأفاضل الذين يحبهم في الله وهذه هدية للناس الذين يقولون بأن مقبل الوادعي بريء من المدخلية".
بينما يفعل مقبل الوادعي كل ذلك أحب أن أنبهكم لمسألة تق*صم ظه*ور أتباعه من المداخلة وغيرهم ((الألباني وابن باز اللذان طالبهما بالرد على القرضاوي في هذا الموضع بالذات كانا يجيزان الانتخابات)).
فهل كان ذلك خافيا على مقبل الوادعي ؟ أقول: لم يكن يعلمه في البداية فلما علمه قال ((لا نقلدهما وفتواهما أض*لت الناس وهي خطأ وندعوهما أن يتقيا الله في هذه الفتوى)).
لكن هل وصف فتواهما المطابقة لفتوى القرضاوي بأنها تثير في النفس الرغبة بالتقيؤ ؟ وهل وصف كلامهما بالمنتن ؟ هل قال بأن الرد عليهما خير من العبادة النافلة ؟ هل وصف كلامهما بأنه تلبيس إبل*يس ؟ هل وصف كلا منهما بالمم*سوخ ؟ هل استدل عليهما بأحاديثٍ نزلت في المنا*فقين والأئمة المض*لين ؟ هل أطلق عليهما تلك الأوصاف التي أطلقها على القرضاوي أم أنها الحزبية المق*يتة التي يدعي التحذير منها في أول كتابه؟ فنفس الكلام الذي يصدر من الشيوخ الذين يرتضيهم هو الذي قاله القرضاوي فلماذا التفريق في الموقف بين المتماثلين ؟
استكمالا لسلسلة الرد على كتاب مقبل الوادعي الذي سبَّ فيه الشيخ يوسف
القرضاوي أقف عند ما اعتبره مقبل الوادعي من ضلا*لات القرضاوي التي توجب عليه وصفه بالك*لب العاوي بإدراجه هذه المسألة في كتابه المعنون بذلك عموما كما أنه سبه وشتمه بسبب فتواه في هذه المسألة أيضا فهل يلتزم مقبل الوادعي بمبدئه فيسب عائشة رضي الله عنها أيضا أم أنه سيكيل بمكيالين ويكتفي بتخطئتها مضطرا إلى التزام الأدب في نفس الوقت الذي لا يكتفي فيه بتخطئة القرضاوي بل يهاجمه ويسبه ويضلله بسبب نفس الرأي الذي رأته عائشة رضي الله عنها ولم ينكر أحد من الصحابة عليها خروجها لمجرد خروجها من البيت وإنما كان محل الخلاف في قضية عثمان رضي الله عنه وموضوع الصدام مع علي بن أبي طالب رضي الله عن الجميع، وردا على هذه الكارثة التي جاء بها مقبل الوادعي وجب توضيح النقاط التالية:
#أولا: لم يزعم أحد أن عائشة رضي الله عنها معصومة ولكننا نعلم قطعا أن فهم الصحابة للآية مقدّم على فهم مقبل الوادعي ومن كان مثله والسلفية التي ينتسب إليها الوادعي قائمة على شعار (الرجوع للكتاب والسنة على فهم سلف الأمة) فلما رجع القرضاوي إلى الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة عارضه مقبل وسبه وشنع عليه واتهمه بالضلال دون أن يتجرأ على سحب نفس الحكم على من اختارت نفس الخيار وهي عائشة رضي الله عنها وجموع الصحابة والتابعين الذين كانوا معها في القافلة، ومن الشتائم التي وجهها مقبل الوادعي للقرضاوي بسبب فتواه بجواز خروج المرأة من بيتها للحاجة قوله:
1 - قال مقبل : ((أف لك ثم أف ٍّ، تستدل بالباطل على الباطل)) (ص: 53 من كتابه)
2 - وقال: ((السكرتيرة سكرتيرة الدكتور يغلق عليها
الباب، وهو وهي في الحجرة. ماذا حدث يا قرضاوي في مصر، وماذا يحدث في الـيمن وغيرهـا بسب الخلوة، في الدوائر الحكومية والمستشفيات وغيرها، اتـق االله، اتق االله، أسأل أن يريح المسلمين من فتاويك الزا*ئغـة)) (ص: 53) قلت صهيب "ولا أدري أين أجاز القرضاوي الخلوة، الرجل أجاز خروج المرأة للحاجة وفق الضوابط الشرعية فهل أجاز الخلوة حتى يلزمه بها ؟ بل قال القرضاوي باللفظ في نفس الكلام الذي نقله مقبل ليرد عليه ((ممـا يعتـبره الكثيرون إجماعاً على مشروعية العمل خارج البيت للمرأة بشروطه)) فلاحظوا قوله (بشروطه) فهل أجاز القرضاوي الخلوة ؟ بل قال القرضاوي في كتابه (فقه الأسرة وقضايا المرأة): ((من الوسائل التي حرَّمها الإسلام خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية عنه، وهي التي لا تكون زوجة له، ولا إحدى قريباته التي يحرم عليه زواجها حرمة مؤبدة، كالأم والأخت، والعمة والخالة، وبنت الأخ وبنت الأخت، كما سنذكر بعد. وليس هذا فقدانًا للثقة بهما أو بأحدهما، ولكنه تحصين لهما من وساوس السوء، وهواجس الشر، التي من شأنها أن تتحرك في صدريهما، عند التقاء فحولة الرجل بأنوثة المرأة، ولا ثالث بينهما. وفي هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يخلوَنَّ بامرأة ليس معها ذو محرم منها، فإن ثالثهما الشيطان"......)) إلى آخر كلام القرضاوي الذي نقل فيه الأدلة الشرعية على ذلك.
فهل بقي لمقبل الوادعي بعد ذلك شيء من الإنصاف ؟ الرجل يقوّل الرجل ما لم يقله ويلزمه بغير ما يلتزم به ثم يبدعه ويسبه بناءً على تقويله ما لم يقله متبعا في ذلك مغالطة رجل القش إذ ينسب إليه قولا لا يقوله ثم يرد عليه ليوهم الناس أنه على حق في رده عليه.
3 - قال مقبل الوادعي وأنقل كلامه نصا بأخطائه اللغوية كما في الكتاب ((ما أدري ما أقول؟ يكاد الشخص أن يت*قيأ من هذا الكلام المن*تن؛ أم يرد عليه؟ خِ*بت وخسرت تدعوا* المسـلمات العفيفـات للخروج من بيوتهن لنصرة الطاغوتية، من أين أتتنا الانتخابات؟ مـن قِبل أعداء الإسلام.)) (ص: 54) والصحيح لغة أن يقول (تدعو) بدل (تدعوا) لأنه يتكلم عن المخاطب المفرد لا الجمع.
قلت صهيب: أيعقل أن يصف مقبل الوادعي كلام القرضاوي بالكلام المن*تن الذي يكاد يتق*يأ عند قراءته ثم يدعو عليه (خِب*ت وخسرت) حتى إذا استدل القرضاوي بخروج عائشة من بيتها قال (ليست معصومة ولا يستدل بها وهي مخطئة)؟ فلو تتبعنا لازم كلامه لكان فعلها رضي الله عنها أيضا منت*نا يثير القيء في النفس ثم تكون عندها مستحقة لما دعا على القرضاوي به لأن المسألة واحدة!.... هنا قد يقال (لكن الشقّ الثاني الذي أثار غضبه غير مقتصر على مجرد خروج المرأة من بيتها وإنما فيه مشاركتها في الانتخابات أيضا مما يوجب عليه الشدة بشكل يختلف عن حال عائشة التي خرجت ولكن ليس للانتخابات) فأقول، والرد على ذلك من وجهين:
الأول: إن عائشة بحسب تأصيلات مقبل الوادعي المعروفة فعلت ما هو أشد عنده من الانتخابات وهو الخروج على الحاكم بالسيف كما زعم (وهي لم تخرج على علي أصلا وسيلي تفصيل قضية خروج عائشة للصلح في الفقرات التالية لكنه نسب إليها ذلك فيلزمه قوله).
الثاني: إن الألباني وابن باز قد أجازا الانتخابات للمسلمين جميعا ولم يستثنوا في ذلك النساء وقد خالفهم مقبل الوادعي وقال (ليسا بمعصومين وفتواهما أضلت الناس) لكنه في هذا الكتاب يدعوهما إلى الرد على القرضاوي في مسألة الانتخابات نفسها، وقد سبه وشتمه كما ترون فهل يُقبل منه الاكتفاء بقوله (لا نقلد الألباني ولا ابن باز) وهو الذي لم يكتفِ بذلك مع القرضاوي بل زاد فسبه وشتمه وبدعه وضلله وكاد أن يكفّره إذ قال (كف*رت يا قرضاوي أو قاربت) وقال (لا ألوم من يكف*ره ولا أنكر عليه ولكني لا أكفره) ثم وصفه بالضلال وغير ذلك من الشتائم، فلو كان مقبل الوادعي صادعا بالحق للزمه أن يفعل مع عائشة ومن معها من الصحابة والألباني وابن باز نفس الذي فعله مع القرضاوي أو يفعل مع القرضاوي ما فعله مع أولئك الذين لم يتجرأ على الطعن فيهم تصريحا وإن كان كلامه منسحبا عليهم لزوما "وحاشَ أن يستحق أي منهم تلك الأوصاف التي أطلقها على القرضاوي فيما وافقوه فيه وإنما هذا لازم له وحده كي يطرد قوله مع لوازمه".
#ثانيا: عائشة رضي الله عنها ليست معصومة نعم، ولكن أيعقل ألا تفهم عائشة آية نزلت في أزواج النبي وهي أفضلهن بل هي أحب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم جميعا، أحب إليه من أبي بكر وعمر وعثمان فضلا عن علي، وهي التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم (وفضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام) وهي أكثر النساء تحديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم وتحتل المرتبة الثانية بين الرجال بعد أبي هريرة رضي الله عنه، فهل يُعقل أن عائشة بكل بساطة لم تفهم الآية التي نزلت فيها وهي تلميذة رسول الله صلى الله عليه وسلم شخصيا ؟ أخذت منه العلم بغير وسيط ومات وهو في حجرها، أعائشة تجهل معنى الآية ويعلمها مقبل الوادعي ؟ فعلا لقد ارتقيت مرتقى صعبا يا مقبل.
وكما سبق وذكرت "حتى المخالفون لعائشة لم يخالفوها في موضوع خروجها من البيت وإنما خالفوها كما خالفوا الصحابة الرجال الذين كانوا معها في القافلة (ليست قضية خروج المرأة من بيتها وإنما هي قضية الخلاف السياسي بين الصحابة حول مقتل عثمان رضي الله عنه وموضوع القصاص له) وإلا فهل حاربها علي لمجرد خروجها من بيتها حتى ولو لم تكن هناك تلك الإشكالية السياسية ؟ ومنه فإن الصحابة عُرف فيهم من فهم المسألة على فهم عائشة ولم يعرف فيهم من أنكر عليها، أما عدم خروج سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فليس عدم خروج من بيوتهن وإنما عدم خروج على علي بن أبي طالب.
#ثالثا: يزعم المداخلة والجامية بمن فيهم مقبل أن كل من خرج على الحاكم المسلم فهو خار*جي من كلا*ب أهل النار، ثم قال (إنها مخطئة في خروجها على علي بن أبي طالب) ولاحظوا أنه قال (على) ولم يقل (عن) لأن الخروج عن الحاكم معناه عدم الالتزام بطاعته دون محاربته أما الخروج عليه فيكون بشنّ الحرب والانقلاب عليه، ولكي لا يصدع المداخلة رؤوسنا في مثل هذا الكلام أخبرهم بأن الألباني نفسه يقر بهذا التفصيل.
والسؤال الآن: هل عائشة رضي الله عنها خار*جية من كلا*ب أهل النار لأنها خرجت على ولي الأمر أم أن عليا رضي الله عنه يستحق الخر*وج عليه أكثر من بشار الأسد وغيره ممن يصف المداخلة الخارجين عليهم بالخو*ارج؟.
#رابعا: قد ظلم مقبل الوادعي عائشة لما اتهمها بالخروج على علي بن أبي طالب والصواب أنها ذهبت للبصرة وكان علي في المدينة ولم تخرج عائشة إلى البصرة بنية قتال علي إذ لم يكن فيها أصلا، وإنما خرجت للصلح بين المسلمين الذين اختلفوا في أمر قت*لة عثمان هناك فمنهم من أراد تعجيل القصاص ومنهم من أراد انتظار قرار علي بن أبي طالب رضي الله عن كل الصحابة ولعن المناف*قين قتلة عثمان الذين تسببوا بهذه الحرب والدليل على نفاقهم قول النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان (إذا أرادك المنافقون على أن تنزع لباسا ألبسك الله إياه فلا تفعل) وقال (بشره بالجنة على فتنة تصيبه فيصبر..فقال عثمان أصبر إن شاء الله).
ومعلومٌ أن قتلة عثمان بعد أن استولوا على الحكم بقتله نصبوا علي بن أبي طالب حاكما نظرا لشعبيته، فرفض علي تنصيبهم بادئ الأمر حتى أشار عليه الصحابة بقبول المنصب خشية أن تذهب الخلافة كلها بأيدي القت*لة، ولكن هؤلاء القت*لة المجر*مين المنا*فقين سيطروا على مفاصل الدولة فكان قائد جيش علي بن أبي طالب هو مالك بن الأشتر وهو من الخارجين على عثمان وكذلك تولوا الولايات والمناصب الحساسة فلم يكن بإمكان كثيرٍ من المسلمين الوثوق في قرارات علي حتى مع ثقتهم به وذلك لأن المنا*فقين سيطروا على مفاصل الخلافة وقد فصّل ابن تيمية ذلك جيدا في كتابه منهاج السنة في رده على كتاب منهاج الكرام للحلي ابن مطهر الراف*ضي الإثنا*عشري.
والشاهد من هذه النقطة أن عائشة لم تخرج على علي بن أبي طالب بل خرجت نحو البصرة للصلح وهو الذي لحق بها مع جيشه ولم يكن عندها جيش أصلا لتقاومه وإنما ذهبت مع قافلةٍ ليس فيها من الس*لاح إلا ما يصدون به قطاع الطرق واللصوص، فلما وصل إليها أرادوا عقد صلحٍ بينهما إلا أن المنا*فقين الذين جاؤوا معه في جيشه لم يرضوا بذلك الصلح فباشروا المعركة فجروا إليها الطرفين، ولما سالت الدماء ولأن الصدّيقة بنت الصدّيق شديدة الورع والخوف على دماء المسلمين بكت وقالت (ليتني ما خرجت) فلم تقصد (ليتني ما خرجت من بيتي وإنما قصدت "ليتني ما خرجت في هذا الشأن") رغم أنها رضي الله عنها كانت على صواب في خروجها ولكن النساء الصالحات عموما يكثرن من اللوم على أنفسهن حتى ولو لم يخطئن، ألا ترون المرأة اليوم إذا خرج ولدها للعب ثم أصابته شاحنة فقت*لته تجدها تبكي وتقول لنفسها (ليتني ما تركته يخرج، كل ذلك بسببي) رغم أنها لم تخطئ وإنما لم تكن تعلم الغيب لذلك لم تعلم ما سيجري بسبب ذلك.
#خامسا: بغض النظر عن خروج عائشة رضي الله عنها من بيتها فقد ثبت أن أختها أسماء بنت أبي بكر وكانت زوجة للزبير داومت على الخروج من بيتها لتسقي الماء من مكان بعيد وصادفها النبي صلى الله عليه وسلم فعرض عليها أن يُقلّها ويوصلها إلى بيتها فتذكرت غيرة الزبير رضي الله عنه فاعتذرت عن ذلك، فلما أبلغت الزبير قال (والله لأنا أغير عليك من المشي وحدك من قدومك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) وذلك لأنه يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم درعها وحصنها وهو الذي يحميها من كل شر يصادفها في الطريق وحاشَ أن يكون هو الخطر الذي يُخاف منه، ولكن الشاهد من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على أسماء خروجها وكانت النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يخرجن والنصوص في ذلك أكبر من حصرها في مقال واحد، فجاء مقبل الوادعي ومن كان مثله ليفهموا من الآية ما لم يفهمه النبي صلى الله عليه وسلم شخصيا وحاشَ لله.
#سادسا: لو أكمل مقبل الوادعي تدبر الآية لفهم المقصود منها فقد قال تعالى ((وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى)) فلو كان مفهوم القرار في البيت عدم الخروج منه مطلقا فعلى أي أساس أمرهن الله بعدم التبرج ؟ ألا يتبرجن في البيت مثلا أم بعد الخروج من البيت ؟.
إذًا فمعنى الآية عدم خروجهن لغير الحاجة وليس كما قال مقبل (إلا الضرورة) ووجب التفريق بين الحاجة والضرورة، فالضرورة أشد قيدا بكثير من الحاجة، فنقول (لا يُشرب الخمر إلا للضرورة) أي خشية الهلاك أو ما يقاربه، لكن الحاجة لا تكون لمجرد خشية الهلاك فقد يدخل في الحاجة كل من الترويح عن النفس والذهاب لبيت أهلها أو الذهاب للعمل أو التسوق أو الدراسة، والدليل على ذلك أن النساء لو حرم عليهن الخروج من البيت مطلقا لحرم عليهن السفر ولن يشترط عندئذ وجود المحرم لأنه يكون ممنوعا لذاته حتى ولو بمحرم إلا للضرورة، فهل يحرم على المرأة السفر إلا للضرورة ؟.
ثم إن الآية رغم نزولها في نساء النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن عائشة فهمتها على هذا النحو ولم يعرف لها مخالف، وانظروا في أمهات كتب التفسير ستجدون الخروج مقرونا بالحاجة لا الضرورة.
ومع ذلك فهذه الآية أساسا نزلت خصيصا في نساء النبي صلى الله عليه وسلم لذلك ابدأت الآية بقول الله ((يا نساء النبي لستن كأحد من النساء....)) ثم انتهت الآيات بقوله ((إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)) فالتخصيص وارد في الآية نفسه فلا يُحمل على غيرهن إلا بقرينة خارجية وإلا فما الفائدة من قول الله (لستن كأحد من الناس) ولماذا لم يختم قوله تعالى بمثل أن يقول (ليذهب عنكن الرجس أيتها المؤمنات) وقال (عنكم) لأن الضمير يعود على كلمة (أهل) وهي كلمة مذكرة وإن خوطبت بها النساء كما أن كلمة (الإبل) مؤنثة وإن خوطب بها الجِمال ثم حصر الكلام في أهل البيت دون غيرهن.
نعم يكون الاقتداء بنساء النبي صلى الله عليه وسلم فيما اختصهم الله من أوامرٍ فضيلة لكنه لا يكون واجبا، وقد اختص الله نساء النبي بغير هذه الأحكام فقال تعالى (
يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما)) فهذه خاصة بنساء النبي صلى الله عليه وسلم وقال أيضا ((لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج الآية)) وقال ((وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا)) ولا يجادل اثنان في كون هذه الآية خاصة بنساء النبي صلى الله عليه وسلم ولا تُعمم على غيرهن.
وبذلك يتضح جيدا أن مقبل الوادعي لم يكتفِ بعدم فهم المسألة جيدا وإنما ذهب يشنع على القرضاوي ويسبه بسبب قوله بجواز خروج المرأة من بيتها للحاجة.
----
استكمالا لسلسلة الرد على كتاب مقبل الوادعي الذي سماه (إسكات
..........يوسف القرضاوي) ولأني أحاول المزج بين الردود المكتوبة والمنطوقة أرد اليوم على مسألة من المسائل الخمسة عشر التي جعلها مقبل سببا لوصفه القرضاوي بما سبه به في عنوان كتابه كما شتمه في كل صفحة من كتابه، فمن بين هذه المسائل المسألة رقم خمسة وهي ما عنونه في فهرسه بقوله (دعوة القرضاوي إلى الحوار مع أهل الكتاب) فتخيلو حجم هذه الضلالة الكبيرة المهلكة التي اقترفها القرضاوي في نظر مقبل الوادعي وقد ذكّرتني باعتباره قول القرضاوي (خديجة رضي الله عنها أول صوت ارتفع في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم) ضلالة كبيرة جعلته يبدأ بها في كتابه وقد كان رده عليها (وهل هي التي جعلته نبيا؟) وكأن الرجل لا يكاد يفقه قولا، فلا يفرق بين من يقول (نصرت النبي) وبين القول بأنها جعلته نبيا فيجعلهما شيئا واحدا بفهمه الذي لا أدري من أين أتى به ثم يجعلها ضلالة عظمى يحاسب عليها الرجل ويسبه بسببها، فكذلك النقطة الخامسة، من يسمعه يظن الرجل قد جاء بباطل محض بيّن لا مرية فيه، وأمامكم في الصور المصورة كلام القرضاوي المنقول ثم تعقيب مقبل الوادعي عليه حتى لا أضطر لإعادة كتابته هنا وأقتصر في النقاط التالية على الرد عليه.
#الرد_الأول: الأدلة على دعوة الله المسلمين إلى محاورة أهل الكتاب كثيرة منها ما هو خاص بهم ومنها ما هو عام في غيرهم من الكف_ار.
الدليل على جواز محاورة أهل الكتاب خاصة قول الله تعالى ((وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ))
فالله يقول ((ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن)) ومقبل الوادعي يجعل دعوة القرضاوي إلى محاورة أهل الكتاب ضلالا وإفلاسا ودلّ على ذلك أنه اختار هذه المسألة للرد عليها وجعلها في فهرس كتابه وصنفها المسألة الخامسة من أصل 15 مسألة هي كل محتوى كتابه الذي عنونه بالسب والشتم للقرضاوي، فإن كان قول القرضاوي حقا فلماذا يورد هذه المسالة ويرد عليها أساسا وإن كان يعتبرها ضلالة فكيف تكون كذلك والله أمر بها فهل الله يأمر بالضلال والعياذ بالله ؟
#الدليل_الثاني: قال الله عز وجل ((قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنجِيلُ إِلَّا مِن بَعْدِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65) هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُون)).
فدلت هذه الآيات على أن الله يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يدعو أهل الكتاب إلى كلمة سواء (أي إلى المقدمات المشتركة) ثم ينطلق منها ليثبت النتيجة المختلف عليها وهي (ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله) ثم لام الله أهل الكتاب لأنهم يحاجّون فيما ليس لهم به علم ولم يلمهم في محاججتهم فيما لهم به علم فقال (ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلمَ تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) والسؤال هنا (من هم الذين حاججهم أهل الكتاب فيما لهم به علم ثم فيما ليس لهم به علم ؟ أليسوا هم المسلمين ؟ وكيف تمت هذه المحاججة بينهما لولا وجود حوارٍ بينهما ؟ فهل كان المسلمون على ضلال وإفلاسٍ لما حاججوا أهل الكتاب ؟.
#الأدلة_العامة_في_سائر_الكف_ار: قال الله تعالى فيمن هو أوضح ضلالا وكف^را من أهل الكتاب وهو فرعون ((اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)) فأمرهم بأن يقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى وقال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية ((هذه الآية فيها عبرة عظيمة ، وهو أن فرعون في غاية العتو والاستكبار ، وموسى صفوة الله من خلقه إذ ذاك ، ومع هذا أمر ألا يخاطب فرعون إلا بالملاطفة واللين ، كما قال يزيد الرقاشي عند قوله : ( فقولا له قولا لينا ) : يا من يتحبب إلى من يعاديه فكيف بمن يتولاه ويناديه ؟
وقال وهب بن منبه : قولا له : إني إلى العفو والمغفرة أقرب مني إلى الغضب والعقوبة .
وعن عكرمة في قوله : ( فقولا له قولا لينا ) قال : لا إله إلا الله ، وقال عمرو بن عبيد ، عن الحسن البصري : ( فقولا له قولا لينا ) أعذرا إليه ، قولا له : إن لك ربا ولك معادا ، وإن بين يديك جنة ونارا .
وقال بقية ، عن علي بن هارون ، عن رجل ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن النزال بن سبرة ، عن علي في قوله : ( فقولا له قولا لينا ) قال : كنه .
وكذا روي عن سفيان الثوري : كنه بأبي مرة .
والحاصل من أقوالهم أن دعوتهما له تكون بكلام رقيق لين قريب سهل ، ليكون أوقع في النفوس وأبلغ وأنجع ، كما قال تعالى : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) الآية [ النحل : 125 ] .
قوله ( لعله يتذكر أو يخشى ) أي : لعله يرجع عما هو فيه من الضلال والهلكة ، ( أو يخشى ) أي : يوجد طاعة من خشية ربه ، كما قال تعالى :
( لمن أراد أن يذكر أو يخشى ) فالتذكر : الرجوع عن المحذور ، والخشية : تحصيل الطاعة .
وقال الحسن البصري في قوله ( لعله يتذكر أو يخشى ) يقول : لا تقل أنت يا موسى وأخوك هارون : أهلكه قبل أن أعذر إليه)) انتهى كلام ابن كثير من (تفسيره لسورة طه الآية 44)
#الرد_الثاني: قال مقبل الوادعي وهو يرد على استدلال القرضاوي بقول الله عز وجل ((قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ)) على أن الله حاور إبليس رغم أنه أكثر الناس كف_را وعد_اوة لله فردّ عليه مقبل الوادعي بردٍّ يذكرني بضعاف المحاورين من الشيعة حيث كنا نستدل عليهم بنصٍّ معين فلا يناقشوننا في نفس ذلك النص بل يحاولون القفز إلى نصٍّ غيره دون أدنى محاولة للربط بين النص الأول والثاني، فلا يحاولون توجيه الكلام المذكور في النص المستدل عليهم به وإنما يلجؤون إلى نصوص أخرى دون أن يبينوا (أهي نصوص مقيدة للنص الأول أم ناسخة أم مخصصة له) فهمّهم الهروب والقفز إلى الأدلة التي يظنون أنها تخدمهم دون أن يردوا على الأدلة التي تنقضهم، فكذلك فعل مقبل الوادعي، رد على القرضاوي قائلا "أفلست كتبك الأولى يا قرضاوي، قال الله في شأن إبليس ((فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين)).
فهل تطرق مقبل الوادعي إلى النص الذي استدل به القرضاوي وحاول أن يشرحه بخلاف ما فهمه القرضاوي منه ؟ لم يفعل ذلك، وإنما أتاه بنص آخر لا يعارض ما ذهب إليه القرضاوي أصلا ويمكن للفقيه والمفسر الجمع بينه وبين النص الأول بكل سهولة ولكن مشكلة الوادعي في فقدانه لعلوم الآلة الخاصة بالاستنباط ومن مستواه الذي نجده في كتابه نكاد نجزم أنه لم يدرس شيئا في أصول الفقه أو فروعه، فإن كان قد درس وانتهى لمثل هذا الفهم فمعناه أن قرأ من غير أن يفهم، وإلا أفلا يعلم الفرق بين اختلاف التنوع واختلاف التضاد ؟ ألا يمكن عنده الجمع بين حقيقة محاورة الله لإبليس وحقيقة طرده له من رحمته بعد إقامة الحجة عليه وامتناع إبليس عن الخضوع له إذ أن السياق الكامل كما يلي: قال الله ((قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ (78) قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (80) إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ))
فنلاحظ أن الله أول الأمر حاور إبليس وسأله واستدل عليه بما يلزمه فقال ((ما منعك أن تسجد لما خلقتّ بيدي)) فألزم الله إبليس بحجةٍ دامغة وهي أن آدم أفضل من إبليس لأن آدم خلقه الله بيديه بينما لم يخلق الله إبليس بيديه، فردّ عليه إبليس كما نقل الله لنا ((قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين)) فحاول إبليس هنا أن يتهم الله بالخطأ في حكمه على آدم بأنه أفضل من إبليس رغم علمه بأن علم الله تام وأنه الحق الذي لا يقول باطلا والعدل الذي لا يحكم بظلم وهو الله الصادق الذي لا يكذب ومع أن الله بين له أن شرف خلق الله لآدم بيديه أعظم من شرف المادة التي صُنع بها كلٌّ منهما كما أن الله عرض أسماءً على آدم فسماها له بينما عجز عن ذلك كل من الملائكة وإبليس الذي كان حاضرا معهم ويعلم إبليس بأن الله هو الذي لا يجوز الاعتراض على قضائه وقدره ومع ذلك دفعه الجحود والاستكبار إلى أن يعصي الله معاندا له في حكمه مخطّئا له وكأنه يعلم ما لا يعلمه الله نفسه فكان بذلك من الكافرين الذين قامت عليهم الحجة فاستحق بعدها حكم الله ((فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين)) وبالرغم من ذلك لم يكن ذلك مانعا لله من أن يجيب دعاء إبليس الأخير له إذ قال ((قال رب أنظرني إلى يوم يبعثون * قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم)) فرغم أن كفر إبليس أحبط عمله الصالح الذي كان يعمله قبله إلا أن الله قبل دعاءه الأخير "ولعله قبل ذلك منه جزاءً بما كان يفعله إبليس من عملٍ صالحٍ قبل كفره أو أنظره ليعلم إبليس أنه ليس مظلوما وأنه مستحق لعذاب جهنم إذ أن خطأه الأول لم يكن خطأه الأخير وإنما كان بداية لمزيد من المعاصي والكفر التي تجعله بالفعل مستحقا لجهنم، أو لعل الله أراد من إبليس أن يقضي وقتا في المعصية يفوق الوقت الذي عاشه في الطاعة حتى يكتمل بذلك استحقاقه لجهنم وهذه كلها احتمالات من عندي والله أعلم بسبب قبوله هذا الدعاء من أك_فر الكا_فرين إبليس رأس الشيا_طين، وإنما يكفينا من هذا كله البرهان على أن الله حاور إبليس وقبل دعاءه حتى من بعد طرده له من رحمته فما الذي جعل مقبل الوادعي يرد كلام القرضاوي ويصفه بالمفلس؟.
#الرد_الثالث: قال مقبل الوادعي ((أعد_اء الإسلام الحوار معهم يكون بالعلماء الذين يقدرون الإسلام ويعتزون بالإسلام......إلى أن قال: كأمثال الشيخ ابن باز والشيخ الألباني .........إلى أن قال: فأنت لا نعتز بك ولا نثق بك))
والجواب على كلامه هذا من عدة أوجه:
#الوجه_الأول: هل كل من كان غير مسلمٍ كان عدوا للإسلام بالضرورة ؟ القرضاوي تكلم عن أهل الكتاب ولم يتكلم عن أعد_اء الإسلام لكن مقبل استبدل هذه العبارة بتلك مما يدل على أنه يفهم من مصطلح (أهل الكتاب) أنهم أعد_اء للإسلام بلا تقييد ولا تخصيص والرد عليه يكون في عدة نقاط:
1 - ليس كل من كان كتابيا أو كاف_را يكون عدوا للإس_لام فالك_فار ينقسمون إلى قسمين (كف_ار محاربون وكف_ار مسالمون) والدليل على هذا التقسيم قول الله: (( لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (
إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ))
أ - قسّم الله الكفار إلى مقاتلين وغير مقاتلين.
ب- أمر الله ببرّ القسم الأول ونهى عن تولّي القسم الثاني فجعل التولّي مرادفا للبر إذ استعمله في السياق مكان تلك الكلمة كما استعمل العبادة مكان الدعاء في قوله ((وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) فلم يقل (يستكبرون عن دعائي وإنما قال عن عبادتي ليجعل الدعاء هو العبادة في هذا الموضع) كذلك في الآية الأولى استعمل الله لفظ (تبروهم) مع الذين لم ينههم الله عن برهم وهم غير المقاتلين فلما وصل إلى المقاتلين قال (إنما ينهاكم الله .....أن تولّوهم) فدل ذلك على أن تولّي غير المعتدين وغير المقاتلين جائز لأنه نهى عن المقاتلين دون غيرهم.
ج- لم يكن الله ليأمر ببر من يأمر بعداوته فإن البر والعداوة والبغضاء لا يجتمعان، إذ أن البر لا يكون إلا بقدرٍ معين من المحبة، وقد استدل أحد المشايخ الفضلاء على نقيض ذلك بحديث البغي التي سقت كلبا فشكر الله برها له فأدخلها الجنة فقال الشيخ (ما فعلته البغي هنا هو البر وليس المودة) ثم قال ضاحكا (وإلا فإيه المودة لي بينها وبين الكلب؟) فقلت -صهيب- لا يصلح استدلال الشيخ الفاضل هنا لأن البر لا يكون إلا بمودة وليس شرطا في المودة ما صوره الشيخ على أنه علاقة غرامية حتى يستبعدها الناس بين المرأة والكلب، وإنما المودة قد تكون عطفا والعطف لا يكون إلا بحبٍّ لذاك المعطوف عليه فيُحبّ له الخير ولا يُحب له الخير إلا إن كان له ولو قدر ضئيل من حبه، ثم إن الله مثلا أجاز الزواج من الكتابيات فكيف يجيز للرجل الزواج من الكتابية ثم يحرم عليه حبها ؟ أم أن المتوقع أن يتزوجها ثم في ليلة عرسه يقول لها (تعالي يا عدو*ة الإسلام يا أبغ_ض خلق الله إلى قلبي) وفي الصباح تقول له صباح الخير فيقول لها (لا تحاوريني ولا تكلميني أما تعلمين أن مقبل الوادعي جعل الحوار مع أهل الكتاب طمعا في هدايتهم من ضلالات القرضاوي ؟ فكيف به يفعل معي لو سمع أني أحاورك في الشؤون الدنيوية كأمور البيت والأولاد وليت شعري كيف لو سمع ما نقوله في الأوقات الأدعى للمودة منها إلى البغضاء) وعند النوم تقول له (أحلاما سعيدة) فيرد عليها (لعن_ة الله عليك يا عدوة الإسل_ام).
ومعلوم أن الله عز وجل قال ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)) فلاحظوا قول الله ((وجعل بينكم مودة ورحمة)) فنصّ ذلك على المودة بين الزوجين والله الذي شرّع هذا هو الذي شرّع الزواج من الكتابية في قوله ((وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ))، فلو كانت مودة أهل الكتاب محرمة بلا تقييد ولا تخصيص لما أجاز الله للمسلم الزواج من الكتابية مع تحقق المودة في هذا الزواج.
2 - ومعلوم أن الله قال لنبيه ((إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)) والآية نزلت في أبي طالب الذي مات كا_فرا إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم بنص القرآن يحبه وذلك لأنه لم يكن محاربا بل كان كا_فرا مسالما بل مناصرا للنبي صلى الله عليه وسلم فوجب التفريق بين الأمرين.
3 - قال الله عز وجل ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ۙ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ۚ تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ ۚ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ))
فهذه الآية دلت على أن الله وصف بالأع_داء من أخرج النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين من ديارهم وقال ((إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداءً ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء)) فدل على أنه يتكلم عن الكفار المحاربين لا المسالمين.
4 - أما قول الله ((ا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)) وقوله ((لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ)) فهذه نصوص مطلقة تُحمل على النصوص المقيّدة لها مما سبق ذكره من الآيات ومعلوم في أصول الفقه حمل المطلق على المقيّد والعام على الخاص في النصوص الشرعية فيكون المقصود هم المحاربون من الكف_ار والمعتدون لا المسالمون.
5 - القرآن لا يخالف الواقع، وواقعنا يقول بأن هناك الكثير من اليهود والنصارى الذين أسلموا بعد سماعهم محاضرات الدعاة المسلمين وفاضت أعينهم من الدمع مما يدل على أنهم كانوا قبل إسلامهم من المغرر بهم أو من الذين اتبعوا الدين الذي ولدوا عليه ولم تكن الحجة قد قامت عليهم وهم على دياناتهم السابقة وكثير منهم كانوا طيبين يدافعون عن المسلمين، وقد رأينا من الي_هود من خرج في مظاهرات ضد دولة إسرا_ئيل وينكرون عليها جرا_ئمها ضد الفلسطينيين كما ينكرون عليهم احت_لال فلسطين ويتمنون سقوط هذه الدولة من أساسها وهؤلاء هم الذين شاهدنا القرضاوي يلتقط صورا معهم، وقام المغرضون باستغلال جهل الناس بهويتهم حتى ينشروها ويشوهوا بها صورة القرضاوي ليصوروه على أنه عميل للص_هاينة رغم أنه أكثر من تكلم في القضية الفلسطينية في هذا العصر لدرجة أن عدنان إبراهيم وهو فلسطيني قال (أنا فلسطيني ومع ذلك لم أدافع عن القضية الفلسطينية بقدر ما دافع عنها الشيخ القرضاوي) وليس استدلالي بكلام الدكتور عدنان إبراهيم ها هنا معناه تصحيح منهجه أو اختياراته الفكرية أو العقائدية أو حتى السياسية فمعلومٌ عني أن أقواله إذا كانت في الغرب فأقوالي في الشرق وإنما استدللت بكلامه لأنه فلسطيني مشهور وليس من جماعة الإخوان المسلمين ومع ذلك يصف دفاع القرضاوي عن القضية الفلسطينية بأنه أشد من دفاعه هو عنها بل قال (قد دافع عنها أكثر مما دافع عنها الفلسطينيون أنفسهم) قلت صهيب "فإن قيل إن في فلسطين من يق_اتل الصه_اينة بالسلاح وهم حم_اس ومن معها قلنا إن هؤلاء أنفسهم يعترفون بأن القرضاوي من أهم مرجعياتهم الدينية والفكرية إن لم نقل إنه الأولى على الإطلاق".
فمن التدليس أن يزايَد على القرضاوي في هذا الموضوع بالذات من رضي بالاستعانة بأمريكا لضرب العراق وهو ما سيلي الكلام عنه في النقاط التالية.
#الوجه_الثاني: تناقض مقبل الوادعي في قوله فمن جهة عدّ كلام القرضاوي على أنه ض_لال إذ أورده في كتابه للرد عليه ووصفه بالمفلس وذهب يستدل عليه بزجر الله لإبليس ليبطل كلامه في دعوته للحوار مع النصارى ثم من جهة أخرى يقول له (يحاورهم علماء السنة ولا يحاورهم من كان مثلك) فكأنه هنا قد أقره في أصل الحوار بين المسلمين وأهل الكتاب إلا أنه يرفض أن يكون الحوار صادرا من القرضاوي وإنما يريد له أن يكون صادرا من ابن باز والألباني وذلك لأن القرضاوي الذي وقف في وجه إسرا_ئيل وكل عدوانٍ على المسلمين وأفتى بالج_هاد ضدهم بقدر ما يمكن للمج_اهد أن يجا_هد به في نظره من المنبطحين الانهزاميين المنبطحين بينما الشيخ الألباني الذي أفتى للفلسطينيين بالخروج من فلسطين وتركها للي_هود المحتلين وابن باز الذي أفتى للسعودية بالقت_ال في صف أمريكا ضد العراق فهؤلاء هم غير المنبطحين الذين يجب عليهم محاورة الكف_ار.
ولست أقصد بكلامي هذا الطعن في أي من الشيخين وإنما من باب إلزام المخالف المتعجرف المتطاول على الناس ظلما وجب علينا أن نعامله بمثل عقليته حتى يعلم أنه لو استعملها لكان الأولى به أن يُسقط الألباني وابن باز ففتواهما في الواقع العملي أشد إفراحا للي_هود والنصارى من فتوى القرضاوي التي يخصصها لعوام أهل الكتاب الذين يريد دعوتهم إلى الإسلام حتى يكونوا معنا في صفنا ويهتدوا لنور الله ويكون سببا في دخولهم الجنة وهذا هو أصل الإسلام فقال تعالى ((قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين)) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله فلأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم) وقوله (بلغوا عني ولو آية).
فكيف لعاقل أن يصف من يدعو المسلمين إلى الحوار مع النصارى بأنه منبطح لهم ومنهزم ويعرض الإسلام للذل والمهانة بينما من يدعوهم بتسليم فلسطين للي_هود والاستعانة بأمريكا لضرب العراق هو الذي لا يعرض الإسلام للذل والمهانة ؟ أم أن الكلمات عنده مصطلحات لا يفكر في معانيها أصلا ؟.
وبغضّ النظر عن الاعتذار للشيخين الألباني وابن باز في فتواهما أو موقفنا منهما سواء كان موافقا أم مخالفا فإننا نعلم يقينا أن إسر_ائيل سعيدة جدا بفتوى الشيخ الألباني لو عُممت فلا شيء أفضل عندها من خروج كل الفلسطينيين من فلسطين طواعية وترك الأرض لهم مجانا بلا جهد ولا عناء وكذلك أمريكا سعيدة جدا بفتوى استعانتها بالسعودية لضرب العراق حيث حققت مآربها ودمرت خطرا حقيقيا كان يقف في وجهها وتخلصت من أقوى جيش في الدول العربية المسلمة وقد كان مصنفا على أنه رابع أقوى جيش في العالم، فأزالت هذه العقبة من طريقها من خلال محاصرتها مع السعودية وغيرها لمدة 13 سنة حتى أنهكتها ليكون موعد الاحت_لال الرسمي سنة 2003.
فنحن نعتذر للشيخين بأنهما اجتهدا سواء أخطءا أم أصابا ولكن لابد من أن نتفق على أن فتواهما كانت في صالح الي_هود والنصارى المحار_بين لا المسالمين، فبحسب منطق مقبل الوادعي فهما أولى بوصفهما بما وصف به القرضاوي وإن كنا نبرئهما من مثل هذا الوصف.
#الوجه_الثالث: هل قال القرضاوي في كلامه بأن الحوار مع أهل الكتاب يجب أن يكون معه هو خصيصا حتى يرد عليه مقبل بقوله (الحوار لا يكون مع الانهزاميين ....إلى غاية قوله فأنت لا نثق بك ولا نعتمد عليك) ؟ القرضاوي قال (نحن) ولم يقل (أنا) فهو تكلم عن المسلمين جميعا في مقابل أهل الكتاب فقال إن الله دعا المسلمين لمحاورة أهل الكتاب وقال نحن مأمورون بمحاورتهم ولم يحصر الحوار في نفسه بل جعله عاما لكل المسلمين وبناءً على هذه المقدمة المهمة نسأل مقبل الوادي لو كان حيا (ما معنى ردك أصلا ؟ وما الغرض منه ؟ أليس كلامك كله تغريدا خارج السرب ؟ استنكرت على القرضاوي استدلاله بالآية على جواز الحوار ثم ناقضت نفسك فأجزته للألباني وابن عثيمين ثم استنكرت أن يكون هو المحاور لهم وهو لم يختص نفسه بمحاورتهم أصلا بل تكلم عن المسلمين جميعا فعلى أي شيء تعترض تحديدا ؟ ولماذا ذكرت هذه النقطة في كتابك أصلا ؟ من يقرأ عنوان كتابك يظنك تأتي بطوامٍّ كارثية للرجل ثم إذا دخلنا لمضمونه وجدناك غير فاهم لما تعترض عليه ولا ما تعترض به عليه فكأنه كتاب للاعتراض من أجل الاعتراض فحسب، وليته كان بأدب ولكنه مجموعة من الشتائم الفوضوية في شيء يسمى كتابا.
#الوجه_الرابع: إن القرضاوي من كبار علماء هذه الأمة وله من العلم بالشريعة والواقع والاقتصاد والمنطق والفلسفة والاطلاع على ديانات الآخرين ما يؤهله لخوض مناظرات مشرفة مع المخالفين ويمكن لكل عاقل أن يتابع مناظرته القديمة مع العلمانيين حيث كان مطلعا على أدق تفاصيل الاقتصاد "حتى ارتفاع ونزول العملات في مختلف البلدان" فكان يناقشهم في أحكام الشريعة ويقارن بينها وبين الأحكام العلمانية ويقارن بين واقع الدول العلمانية ما بين نجاحٍ وفشل حتى بين أن السر في نجاح الدول ليست العلمانية نفسها وإنما قوة بعض المناطق واستدل على ذلك بضعف دول علمانية أخرى رغم التزامها بها أكثر من الدول الناجحة وكان الحوار قويا جدا لا أحسب من كان مثل مقبل الوادعي قادرا على الصمود فيه ولو لعدة دقائق "خاصة بهذا المنطق" بل إن مقبل الوادعي يعجز عن محاورة أي شخص خارج نطاق السلفية فضلا عن نطاق الإسلام فبماذا يحاوره ؟ هل يتقن مقبل المنطق أو الفلسفة ؟ هل يتقن أصول الاستدلال ؟ هل يريد مناقشة غير المسلمين بالمنطق الهزيل الذي رأيناه في كتابه هذا ؟ هل من أسلوب النقاش أن تذهب لمن تناظره فتصفه أول الأمر بأنه عد_و الإسلام وتعبر له عن مشاعر البغضاء التي تحملها تجاهه ثم تكلمه عن ضلال من يدعو للحوار معه ؟ ثم لكي لا تبدو أمام أتباعك انهزاميا ولتظهر له عزة الإسلام تشبعه سبا وشتما وربما تقوم لضربه والتفل في وجهه كما فعل ربيع المدخلي الذي تشيد به في كتابك مع من حاول مناقشته ؟ والله لو تصدر من كان مثل مقبل لمناقشة غير المسلمين لتسبب بخروج المسلمين من الإسلام لا بدخول غيرهم فيه وذلك للكمية الفكرية المشوهة الهائلة التي يحملها في نفسه وقد رأينا كيف تعامل مع واحد من كبار علماء المسلمين المعاصرين فما عساه يفعل في مناقشة غير المسلمين ؟.
#الوجه_الخامس: قال مقبل بأن المؤهلين لخوض المناظرات مع من سماهم بأعد_اء الإسلام هما الشيخ ابن باز والشيخ الألباني.
والسؤال: هل منعهما أحد من مناظرة الك_فار ؟ قد ناظرهم واقعيا القرضاوي والزنداني وغيرهما من الذين تسبهم فهل تصدر واحد من الذين ترتضي منهجهم لمحاورتهم أصلا ؟ فما معنى أن تقول (يناظرهما أمثال ابن باز والألباني) وكل الناس يعلمون أن الأبواب كانت مفتوحة لهما لكي يناظرا من يشاءان ومع ذلك لم يفعلا ذلك؟ من يسمعك يظن القرضاوي قد حبسهما ومنعهما من ذلك واحتكره لنفس.
الشيخ الألباني نفسه لما تكلم عن الشيخ أحمد ديدات رحمه الله قال بأنه قام بواجب عجزنا نحن عن القيام به أو قصرنا نحن ولم نقم به.
ولا نلوم الشيخين على عدم محاورتهما لأهل الكتاب فكل ميسر لما خلق له، ولكن اللوم على من يريد إقحامهما فيما لم يقتحماه بإرادتهما.
وبعيدا عن الكذب على أنفسنا: هل كان الشيخ ابن باز مثلا قادرا على مناظرة الملحدين أو النصارى أو الهندوس وهو غير متدرب على غير العلم النقلي ؟ لا شك أن من يتصدر لمناظرة غير المسلمين يحتاج للآلة العقلية والتجريبية وربما حتى فقه الواقع العالمي ودراسة الاقتصاد وغير ذلك، لأنه لن يحاجج الكافر بقول الله وقول الرسول صلى الله عليه وسلم وهو لا يؤمن بهما أصلا فهذا من الاستدلال الدائري الممتنع.