الأربعاء، 13 مارس 2019

ما صحة حديث (لكع بن لكع) ؟ وكم لفظ رُوِي فيه ؟ وما شرحه ؟



( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ أَسْعَدَ النَّاسِ بِالدُّنْيَا لُكَعُ ابْنُ لُكَعٍ ).
من علامات الساعة: تغلب أهل الخسة واللؤم والفساد على البلاد، فيتملكونها بالقهر والغلبة ، ويسوسون الناس بالجهل والهوى، ويكون هذا الصنف من الخلق



ما صحة حديث (لكع بن لكع) ؟ وكم لفظ رُوِي فيه ؟ وما شرحه ؟


الاجابة :الحمد لله
روى الترمذي (2209) ، وأحمد (23303) عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ أَسْعَدَ النَّاسِ بِالدُّنْيَا لُكَعُ ابْنُ لُكَعٍ)

وحسنه الترمذي، وصححه الألباني في “صحيح الترمذي”.

وقوله : ( لُكَعُ ابْنُ لُكَعٍ ) هو اللئيم الخسيس، في ذات نفسه ، وفي حسبه ونسبه، قال في “النهاية” (4/ 268):

” اللُّكَع عِنْدَ الْعَرَبِ: العَبد، ثُمَّ اسْتُعمِل فِي الحُمق والذَّم. يُقَالُ للرجُل: لُكَعُ، وَلِلْمَرْأَةِ لَكَاعِ. وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ فِي النِّدَاءِ، وَهُوَ اللَّئيم. وَقِيلَ: الوَسخ، وَقَدْ يُطْلق عَلَى الصَّغِيرِ، فإنْ أُطْلِق عَلَى الْكَبِيرِ أُرِيد بِهِ الصَّغيرُ العلم والعقل ” انتهى .

وقال الطحاوي رحمه الله :

” لَا اخْتِلَافَ فِي تَأْوِيلِهِ عِنْدَ الْعَرَبِ أَنَّهُ الْعَبْدُ أَوِ اللَّئِيمُ ” انتهى من”شرح مشكل الآثار” (5/ 295)

وقال المناوي :

” أَي لئيم أحمق دنئ ، ابْن لئيم أحمق دنئ ” انتهى من “التيسير” (2/ 498) .

وقال ابن بطال رحمه الله:

” يعنى العبيد والسَّفَلة من الناس ” انتهى من “شرح صحيح البخارى” (1/ 116)

وقال القاري رحمه الله :

” أَيْ: لَئِيمُ ابْنُ لَئِيمٍ، أَيْ: رَدِيءُ النِّسَبِ دَنِيءُ الْحَسَبِ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ لَهُ أَصْلٌ وَلَا يُحْمَدُ لَهُ خُلُقٌ ” انتهى من “مرقاة المفاتيح” (8/ 3362) .

وقوله : (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ أَسْعَدَ النَّاسِ بِالدُّنْيَا)

قال المناوي رحمه الله :

” أي: أحظاهم بطيباتها ” انتهى من “فيض القدير” (6/ 417) .

وقال الصنعاني رحمه الله :

أي: حتى تصير الدنيا ، من مالها ورياستها وجاهها ، للكع ابن لكع، أي يصير رؤوس الناس اللئام ، لحقارة شأنها عند الله تعالى، ولأنه يقل الكرام ، وتغلب اللئام، وهو من أعلام النبوة ” انتهى من “التنوير” (11/ 96)

ومثله ما رواه الإمام أحمد (8320) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى تَصِيرَ لِلُكَعِ ابْنِ لُكَعٍ ) وحسنه محققو المسند.

وروى الإمام أحمد أيضا (23651) عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” يُوشِكُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الدُّنْيَا لُكَعُ بْنُ لُكَعٍ ” وصححه محققو المسند.

وعند البخاري (4777) ، ومسلم (10) واللفظ له ، في حديث جبريل : ( … وَإِذَا رَأَيْتَ الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الصُّمَّ الْبُكْمَ مُلُوكَ الْأَرْضِ، فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا )

قال الحافظ رحمه الله :

” قَوْله: ( الصُّمُّ الْبُكْمُ ) : قِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ ، مُبَالَغَةً فِي وَصْفِهِمْ بِالْجَهْلِ، أَيْ لَمْ يَسْتَعْمِلُوا أَسْمَاعَهُمْ وَلَا أَبْصَارَهُمْ فِي الشَّيْءِ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ ، وَإن كَانَت حواسهم سليمَة .

قوله: ( رُؤُوس النَّاسِ ) : أَيْ مُلُوكُ الْأَرْضِ ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : الْمَقْصُودُ الْإِخْبَارُ عَنْ تَبَدُّلِ الْحَالِ بِأَنْ يَسْتَوْلِيَ أَهْلُ الْبَادِيَةِ عَلَى الْأَمْرِ ، وَيَتَمَلَّكُوا الْبِلَادَ بِالْقَهْرِ، فَتَكْثُرُ أَمْوَالُهُمْ وَتَنْصَرِفُ هِمَمُهُمْ إِلَى تَشْيِيدِ الْبُنْيَانِ وَالتَّفَاخُرِ بِهِ . وَقَدْ شَاهَدْنَا ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ .

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ : ( لَا تَقُومَ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونُ أَسْعَدَ النَّاسِ بِالدُّنْيَا لُكَعُ ابْنُ لُكَعٍ ) وَمِنْهُ : ( إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ -أَيْ أُسْنِدَ- إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرُوا السَّاعَةَ ) ” انتهى مختصرا من”فتح الباري” (1/ 123)

والحاصل:

أن من علامات الساعة: تغلب أهل الخسة واللؤم والفساد على البلاد، فيتملكونها بالقهر والغلبة ، ويسوسون الناس بالجهل والهوى، ويكون هذا الصنف من الخلق : هم أسعد الناس بالدنيا، وأعظمهم حظا فيها ، ومكانة عند أهلها ؛ وذلك لدروس معالم النبوة ، وانتشار الجهل ، وذهاب العلم والعلماء والصلحاء ، أو ندرتهم .

وينظر السؤال رقم : (91794)

والله تعالى أعلم.