- سعـــــــــــــة الأمــــــــــــــــــر لجــــــواز القيمـــــــة في زكــــاة الفطــــر...
- يقول العز بن عبد السلام:
(إن الشريعة كلها مصالح إما درء مفاسد وإما جلب مصالح)
(قواعد الأحكام:1/9
- ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
(إن الشريعة الإسلامية جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها) منهاج السنة: 1/147
- ويقول ابن القيم :
(الشريعة مبناها وأساسها على الحِكَم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها ومصالح كلها وحِكَم كلها)
إعلام الموقعين:3/1.
- ويقول الشاطبي:
(إنها ـ أي الشريعةـ وضعت لمصالح العباد)
ولو قال قائل:
(إن الدين كله إنما هو جلب مصالح الناس ودرء المفاسد عنهم لكان صادقا (
وقد صدق من قال :
( شرع الله مصلحة كله، فحيثما كانت المصلحة فثَم شرع الله.)
- وقيل في الأصل ( لا إنكار في مسائل الاجتهاد )
وقيل كذلك (المسائل الخلافية لا يجوز فيها أمر بمعروف ولا نهي عن منكر ) --------------------------------------------------------------------------
ومع نهاية شهر رمضان الكريم تتجدد معارك الجدل الوهمية الزائفة حول إخراج صدقة الفطر طعاما أم قيمة نقدية ...
هذا الصراع القديم المتجدد الذي تدور رحاه بين أتباع مدرستين من مدارس أهل السنة مدرسة النص والأثر ومدرسة القصد والنظر ...
يعبر بحق عن أزمة مفاهيم يعيشها بعض ا بناء هذه الأمة ... والذين يجهلون كيفية تعاملهم مع الخلاف في قضايا الفروع التي لها نصوصا صحيحة غير صريحة أو نصوصا ضنينة الدلالة و المفهوم أو نصوصا لها أكثر من تفسير ...
- ان هذا الاختلاف القائم منذ العهد النبوي بين المدرستين كان إثراء لفقه الاختلاف وكان تعامل الصحابة والسلف والأئمة معه تعاملا ايجابيا ...
و رغم اختلافهم فإنهم لم يتنازعوا بينهم ولم يهجر بعضهم بعضا بل لم يزدهم هذا الخلاف إلا حبا وأخوة لأنهم فهموا وأدركوا أن خلافهم هذا وتعدد فهمهم واستنباطهم انما هو رحمة بالأمة الإسلامية لا عذاب لها وقصة اختلاف الصحابة في أداء صلاة العصر في بني قريضة معروفة وهي تعبر بحق عن أدب الخلاف الراقي بينهم ....
- أما حالنا اليوم وللأسف ...
فقد صار هذا الاختلاف سبيلا للتفسيق والتبديع و التضليل بل تعداه إلى التكفير والإخراج من دائرة السنة ...
وإن المتتبع لحال الشباب الملتزم اليوم يرى هذا الشقاق والخلاف الحاصل وخاصة تلك الآراء التي تفرق وتمزق أوصال هذه الأمة التي أثقلت بجراحات كبرى من قبل أبناءها قبل أعداءها ...
إنها حرب طاحنة لا فائز فيها ولا منتصر إلا أعداء الأمة الذين يريدون إضعاف شوكتها وطمس هويتها و تمزيق وحدتها .....
ومازاد الأمر سوء والطين بلة هو نصرة بعض أهل العلم المتعصبين لهذا الرأي أو ذاك فأصبحوا يغذون هذا الاختلاف ويجعلونه أهم أمر بالنسبة لهم و قد سار في ركبهم البائس اليائس بعض الشباب الذين ابتلاهم الله بالجمود في الفكر و السذاجة في الفهم والشذوذ في المواقف والغرور في النفس والزهد في العلم و البذاءة في القول والكلم ...
- إن الجمود في فهم النصوص الشرعية تنتج عنه معارك وخصومات خطيرة تجعل من الاختلاف في الفرعيات وفهم النصوص الضنية الدلالة معركة خاسرة وتجعل من الطوائف المتناحرة تخالف قول الله تعالى ( إنما المؤمنون إخوة ) وتخالف قول نبيه عليه الصلاة والسلام ( المسلم أخو المسلم ) .....
وعليه يجب على المسلم الورع السوي أن يجعل من هذا الخلاف إثراء للفقه ومساحة للرحمة والتيسير على الأمة ...
ويجب عليهم أن يكونوا أهل عدل وخلق وان يتركوا هذه النصوص وتفسيرها إلى أهل العلم والاستنباط والنظر كي يعلموهم ويبينوا لهم مقاصد الشرع ومستجدات الواقع ...
ويجب أن يسع الجميع القول المأثور :
(ألا يستقيـــــــــــــم أن نكــــــــــــــون إخوانا وإن لم نتفـــــــــــق في مسألــــــــــــــة )
- ------------------------------------------------------------------------- زكـــــــــــــــاة الفطــــــــــــــــــــــــر :
… صدقُةٌ مقدرة شرعاً تخرج قبل صلاة العيد
- سميت بزكاة الفطر لأنها تؤدى عند إتمام شهر رمضان
فهي زكاة الإفطار، أو صدقة عيد الفطر ...
وتسمى زكاة الأبدان لأنها تتعلق بالأشخاص ...
- مشروعيتـــــــــــــــــــــــــــــــــــها:
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما انه قال :
(فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات )
يروي الإمام النووي في المجموع عن وكيع بن الجراح -وهو محدث العراق وشيخ الشافعي – أنه قال :
( زَكَاةُ الْفِطْرِ لِشَهْرِ رَمَضَانَ كَسَجْدَتِي السَّهْوِ لِلصَّلاةِ، تَجْبُرُ نُقْصَانَ الصَّوْمِ كَمَا يَجْبُرُ السُّجُودُ نُقْصَانَ الصَّلاةِ ).
فزكاة الفطر مطهرة للنفْس من أدرانها، من الشُّحِّ وغيره من الأخلاق الرديئة، وتكميلاً للأجْر، وتنمية للعمل الصالح، وتطهيرًا للصيام ممَّا قد يؤثِّر فيه وينقص ثوابَه من اللغو والرَّفَث ونحوهما ......
ومثلها كمثل النوافل التي تجبر النقص والسهو في صلاة الفرض ...
إضافة إلى ذلك فإنها إطعام للفقراء ومشاركتهم فرحة العيد و اغناءهم عن السؤال و مواساتهم وإدخال السرور عليهم في يوم يسر المسلمون فيه ...
- حكمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــها :
- القــــــــــــــــــــــــــول الأول :
- انـــــــــــــــها واجـــــــــــــــب :
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن زكاة الفطر واجبة على كل مسلم ،وذلك لما ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال:
(فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على كل حر، أو عبد، ذكر أو أنثى من المسلمين)
والوجوب هو قول جمهور العلماء الشافعية والحنفية والحنابلة وقول عند المالكية فقد اخذوا بهذا الحديث وفسروا قوله فرض بمعنى أوجب ...
-القـــــــــــــول الثانــــــــــي :
- أنــــــــها سنـــــــــــــــــــــــة :
وهو قول عند المالكية والشافعية وقال به بعض الظاهرية ، وابن اللبان ، وقال به الأشهب ابن علية والأصم ، وقال الخراشي في شرح مختصر خليل ” (لا يقاتل أهل بلد على منع زكاة الفطر .. لأنه قيل القول بسنيتها وفسروا فرضها إنا معناها قدرها ووقتها، لأن الفرض يكون بمعنى التقدير والتوقيت ...
ومن جملة ما استدل به من ذهب إلى أن زكاة الفطر سنة مؤكدة وليست واجبة ،
ما روي عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال :
(جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أهل نجد ، ثائر الرأس ، يُسمَع دوي صوته ، ولا يُفقه ما يقول ، حتى دنا ، فإذا هو يسأل عن الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ” خمس صلوات في اليوم والليلة ” فقال : هل عليَّ غيرها ؟ قال : ” لا ، إلا أن تطوَّع ” قال : رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم “وصيام رمضان ” قال : هل عليَّ غيره ؟ قال : ” لا، إلا أن تطوَّع ” قال : وذكر له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الزكاة ، قال : هلي علي غيرها ؟ قال : ” لا ، إلا أن تطوَّع ” قال : فأدبر الرجل وهو يقول : والله لا أزيد على هذا ولا أنقُص ، قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ” أفلح إن صدق )
وقالوا : وصدقة الفطر ليست داخلة تحت الزكاة المفروضة ، بدليل الحديث الذي فرَّق بين الزكاة وصدقة الفطر ................
- الأحاديــــــــــــث الواردة فـــــــــي وجـــــــــــوب زكــــــــاة الفطـــــــــــر :
1- عن ابن عمر رضي الله عنه انه قال : (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير) [متفق عليه].
2- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (كنا نعطيها زمن النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من زبيب، أو صاعاً من أقط) [متفق عليه].
3- عن ابن عباس رضي الله عنه: (فَرَضَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - زَكَاةَ الفِطرِ طُهرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعمَةً لِلمَسَاكِينِ، مَنْ أدَّاهَا قَبلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقبُولَةٌ، وَمَن أدَّاهَا بَعدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ) [رواه أبو داود].
4- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (وكان طعامنا يومئذٍ الشعير والزبيب والتمر والأقط) [صحيح البخاري.
- يستنبــــــــــــــــط مــــن هــــــــــذه الاحاديــــــــــــث ما يلـــــــــــــــي :
أ - فرض النبيّ صلى الله عليه وسلم في زكــاة الفطر ونصّ على : التمر ، والشعير فقط ...
ب – ذكر الصحابيّ الجليل أبو سعيد الخدريّ وفسّر الطعام ، الــذي كانوا يخرجونه في زكــاة الفطـــر ، في زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم : انه الشعير والزبيب والأقط والتمر ، فقــــــــط .
ج-عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث و طعمــــة للمساكين) .
--------------------------------------------------------------------------
- أراء وتســــــــــــــــــــــــــــــــاؤلات :
- لم ينص النبيّ عليه الصلاة والسلام لا على الرز ولا على العدس ، ولا على غيرهما .
- ولم ينص كذلك على قوت البلـــد ، ولا يوجد لفظ ( قوت البلد ) في الأحاديث النبوية .
- ولعلمكم أن الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ وَالتَّمْرُ لم يصبحوا الآن من طعام أو قوت أهل البلد .
- أمــــــــــــــــــــــــــــــر آخـــــــــــــــــــــــــــــر . . .
- لو رجعنا إلى كتاب لسان العرب أو غيره من كتب شرح معاني وكلمات اللغــــــــــــة لوجدنا أن لكلمة (طعمــــــــــــــــــــة ) معان كثيرة ومتعددة ومنها على سبيل الاختصار :
- لفـــــــــــــــظ ( الطعمـــــــــــة ) يطلـــــــــــق علـــــــى :
- الطعـــــــــام – الـــــــــرزق – الإتـــــــــاوة – الخـــــراج – الغنيمــــة – الكســــب . . .
- وجاءت في السنـــــــــــــة بمعنى : -العمــــــــــــــل -الكســــــــــــــــــب و الثمــــــــــــن ...
- عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة يعطى بها في الدنيا ويجزى بها في الآخرة وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها )
- عن جابر، عن النبي ﷺ أنه نهى عن ثمن الكلب وقال طعمة جاهلية. وهنا سمي الثمن طعمة .
- وهكذا يتضح للقارئ ان هذه الكلمة لا تخص الطعام فقط بل تتعداه الى غيره كما رأينا .
ولو أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم تخصيصها بهذا المعنى لذكر ذلك بكلمة لا تعطي هذه المعاني المتعددة .
- لذلـــــك نقـــــول للذيــــن يدّعـــــون التقيــــّد بالنصـــــــوص :
- من أين جئتم بوجوب إخراج الرز والعدس و الحمص وغيره ؟
- من أين جئتم بهذا المصطلح ( قوت البلـــــــــــد ) ؟
- لما ذ ا تحصرون مصطلح ( طعمة ) في الطعام و لها معان كثيرة في اللغــــــــــــــة والسنـــــــــــــة ؟
- هل الصاع من هذه الأطعمة له نفس القيمة النقدية في زماننا هذا ؟
- لماذا تبيحون القيمة في هـــــــدي الحــــــج و القيمة في زكـــــاة الأنعـــــــام وتحرمونــــــــــــــها في زكـــــــــاة الفطـــــــر ؟
- بصراحة انتم لا تتقيدون بالنص بل اجتهدتم في إباحة أنواع أخرى من الطعام والتي لم تكن موجودة في زمن النبي عليه الصلاة والسلام وقد أنكرتم على غيركم إنكارا فاحشا لأنهم يرون جواز إخراج القيمة في صدقة الفطر .....
- سنتجاوز ذلك ونحاول في هذا البحث أن نتطرق إلى أقوال المجيزين للقيمة من علماء السلف والخلف حتى نبين الحقائق ونجلي الأوهام وندحض الشبهات ونبين لبعض الظاهرية أن في الأمر سعة وان المسلم مخير بين الأيسر له والأنفع للفقير . . .
--------------------------------------------------------------------------
- الدليل على آداء صدقة الفطر قيمة عند علماء السلف والخلف عليهم رحمة الله تعالى له عدة اجتهادات من بينها :
1. اجتهــــاد بالقيــــاس علـــى ركــــن الزكــــــاة :
- قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه لما بعثه إلى اليمن: (خذ الحَبَّ من الحَبِّ، والشاة من الغنم، والبعير من الإبل، والبقر من البقر) وهو صريح في دفع الأعيان، لكن معاذاً رضي الله عنه فهم قصد الزكاة، ولم يتعامل مع النص على أنه تعبدي غير معلل فقال لأهل اليمن: ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس (أنواع من الأقمشة) في الصدقة مكان الشعير والذرة؛ فإنه أهون عليكم وأنفع لمن بالمدينة، وقد أقرَّه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك....
ولئن جاز الاجتهاد في أمر الزكاة وهى الأعلى جاز من باب أولى في زكاة الفطر وهي الأدنى.
- حدثنا محمد بن عبدالله قال: حدثني أبي قال: حدثني ثمامة أن أنسًا -رضي الله عنه- حدّثه أن أبا بكر -رضي الله عنه- كتب له التي أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم: « ومن بلغت صدقته بنت مخاض وليست عنده وعنده بنت لبون فإنها تقبل منه ويعطيه المصدِّق عشرين درهمًا أو شاتين، فإن لم يكن عنده بنت مخاض على وجهها وعنده ابن لبون فإنه يقبل منه وليس معه شيء »
- وهــــــذه الأحاديث والآثار دالّةٌ على اعتبار القيمة في إخراج الزكاة، فأثر معاذ ظاهر في الدلالة أما حديث خالد بن الوليد فقد أجاز النبي صلى الله عليه وسلم له أن يحاسب نفسه بما حبسه فيما يجب عليه فدلّ على جواز إخراج القيمة، وكذلك حديث زكاة بهيمة الأنعام هو صريح في جواز أخذ القيمة بدلاً من الواجب.
- صح عن سيدنا معاوية وصحابته رضي الله عنهم انهم أجازوا إخراج نصف صاع من القمح لأنهم رأوه معادلاً في القيمة للصاع من التمر أو الشعير .
2- اجتهــــــــــــــاد واستنبــــــاط مـــــن النــــــــــــــص :
روى الإمام البخاري رضي الله عنه في صحيحه أن النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال للنساء يوم عيد الفطر: (تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ) قال البخاري: فَلَمْ يَسْتَثْنِ صَدَقَةَ الفَرْضِ مِنْ غَيْرِهَا . قال ابن حجر في الفتح: وعلى غير عادة البخاري في مخالفته للأحناف أن اتفق معهم في إخراج صدقة الفطر نقوداً، وفي جواز إخراج العوض في الزكاة وبوب البخاري باباً سماه "باب العرْض"
3. إتبـــــــاع لكثـــــــرة القائليــــن بجـــواز القيمــــة :
- الامام ابو حنيفة يقول بجواز إخراج القيمة في الزكاة وقد أحصى الشيخ الحبيب بن طاهر قائمة بأسماء الفقهاء الذين قالوا بالقيمة ومنهم : - عمر بن الخطاب- وابنه عبد الله بن عمر- وعبد الله بن مسعود- وعبد الله بن عبّاس- ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم أجمعين .
- قال أبو إسحاق السبيعي من الطبقة الوسطى من التابعين وهو من فقهاء الكوفة ومحدثيها وقد أدرك سيدنا عليا وبعض الصحابة رضي الله عنهم - قال: أدركتهم ـ يعني الصحابة ـ وهم يعطون في صدقة رمضان الدّراهم بقيمة الطّعام. (مصنف ابن أبي شيبة: 3/174، وعمدة القارئ: 9/8).
- عمر بن عبد العزيز وقد أدرك كبار الصحابة ولم يعارضه احد في رأيه . عن قرّة قال: جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز في صدقة الفطر: نصف صاع عن كلّ إنسان أو قيمته نصف درهم.
- الحسن البصري، قال: لا بأس أن تعطى الدّراهم في صدقة الفطر،
- طاووس بن كيسان، وسفيان الثوري. (مصنف ابن أبي شيبة: 3/174، وموسوعة فقه سفيان الثوري: 473، وفتح الباري: 4/280).
- عطاء بن رباح
– اسحاق بن رهوية ...
- من فقهاء المذاهب أبو عمرو الأوزاعي، وأبو حنيفة النعمان وفقهاء مذهبه، وأحمد بن حنبل في رواية عنه، والإمام البخاري، وشمس الدين الرملي من الشافعية، ومن المالكية: ابن حبيب وأصبغ وابن أبي حازم وابن وهب، وقال الشيخ العلامة أحمد الصاوي المالكي في حاشيته على الشرح الصغير لأقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك: "الأظهر الإجزاء لأنّه يسهل بالعين سدّ خلّته في ذلك اليوم".
- شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله :
قال في مجموع الفتاوى : "وأما إذا أعطاه القيمة ففيه نزاع: هل يجوز مطلقاً؟ أو لا يجوز مطلقاً؟ أو يجوز في بعض الصور للحاجة، أو المصلحة الراجحة؟ على ثلاثة أقوال ـ في مذهب أحمد وغيره ـ وهذا القول أعدل الأقوال" يعني القول الأخير.
وقال في موضع آخر: "وأما إخراج القيمة للحاجة، أو المصلحة، أو العدل فلا بأس به"
- العلامةعبد الوهاب الشعراني في كتابه القيِم: “الميزان“ عند ترجمته لزكاة الفطر، حيث قال:(وأَما من جوز إخراج القيمة فوَجْهُه أن الفقراء يصِيرون بالخيار بين أن يشتري أحدهم حبا أو طعاما مهيأ للأكل من السوق، فهو مخفف من هذا الوجه على الأغنياء والفقراء ) .
- الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى يقول: أداء القيمة أفضل لأنه أقرب إلى منفعة الفقير فإنه يشتري به للحال ما يحتاج إليه, والتنصيص على الحنطة والشعير كان هو الأصل لأن البياعات في ذلك الوقت بالمدينة ... أما في ديارنا البياعات تجري بالنقود, وهي أعز الأموال فالأداء منها أفضل - المبسوط 3/107، 108 .
- العلامة أحمد بن الصديق الغماري الذي ألف رسالته المشهورة المهمة والمفيدة في هذا الباب، والتي أسماها: (تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال) ذكر فيها اثنين وثلاثين دليلاً ووجهًا لمشروعية إخراج زكاة الفطر مالاً...
- الشيخ مصطفى الزرقا، وله بحث مطوَّلٌ نصر فيه القول بجواز إخراج المال في صدقة الفطر..
- الإمام محمّد الطاهر بن عاشور - كما في الفتاوى التونسية 2/734- إلى ذلك حيث قال : " يجوز إخراج قيمة الصاع على قول ابن دينار وابن وهب وأصبغ من أصحاب مالك رحمهم الله ، وهو الذي اختاره ابن رشد في البيان .
- شيوخ الإفتاء ومنهم احمد حماني وعلي المغربي وَعَبد الرحمن الجيلالي والشيخ محمد الشريف قاهر و الشيخ محمد بوخبزة المغربي والطاهر بن عاشور و غيرهم رحمهم الله تعالى جميعا ...
- ومن الاحياء الشيخ العلامة يوسف القرضاوي الشيخ عثمان الخميس و الحافظ حسن محمد الددو الشنقيطي و الدكتور علي محي القرة داغي والشيخ صادق الغرياني مفتي ليبيا والشيخ عبد الله المطلق عضو هيئة الافتاء السعودية والشيخ العلامة عبد الملك السعدي وكثير من أهل الورع والعلم والاستنباط والنظر حفظهم الله ...
وهذا ما جرى به العمل في أغلب مجالس وهيئات الإفتاء العلمية والشرعية في الدول العربية و الإسلامية منذ سنين خلت .
4. اجتهـــــاد بالنظـــــر إلــــى المقصــــــد :
- شُرعت زكاة الفطر لمقصد وهو طهرة للصائم من الرفث واللغو، وطعمة للفقراء والمساكين و اغناء لهم عن ذل السؤال في هذا اليوم. اذن فالمقصد هو أن يشعر الفقير بفرحة العيد مثل الغني، والفقير اليوم يحتاج أن يشتري لأولاده الملابس الجديدة وهدايا العيد، ولا يصح فيها اليوم غير المال، وقد يأخذ الفقير الطعام ويبيعه بأبخس الأثمان فيكون الاغناء للتجار على حساب الفقراء، وبوسع الفقير أن يشتري حبوبا بالمال دون خسارة، ولا يسعه أن يحصل على المال إن أخذ حبوبا إلا بالخسارة. . .
- ومن الملاحظ كذلك أن الرافضين لدفع القيمة لم يتقيدوا بحرفية النص بل ذهبوا إلى ضرورة إخراج أطعمة أخرى وهم يقولون أنها من غالب قوت البلد، وهذا إقرار بالتعليل والتقصيد والاجتهاد والفرق أننا قلنا بالخروج عن الأصناف الواردة في الحديث إلى المال، وهم قالوا بالخروج عنها إلى غالب طعام أهل البلد ...
--------------------------------------------------------------------------
وأخيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر . . .
إِن إدْخال السرور على الناس قيمة عالية من قيم الاسلام العظيمة وقد ينال المرء لأجله أَعْظَمَ الْجَزَاءِ وأَوْفَرَهُ ....
يقول تبارك وتعالى ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم )
و يقول عليه الصلاة والسلا م: (أَحَبُّ النَّاسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعْمالِ إلى الله عزَّ وجلَّ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ على مُسْلِمٍ، تَكْشِفُ عنه كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنهُ دَيْناً، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعاً، ولأَنْ أَمْشي مَعَ أخٍ في حَاجَة؛ أحَبُّ إليَّ مِنْ أنْ أعْتَكِفَ في هذا المسجِدِ -يعني مَسجدَ المدينَةِ- شَهْراً)
وَفِي رِوايَةٍ أُخْرَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إِدْخَالُكَ السُّرُورَ عَلَى مُؤْمِنٍ أَشْبَعْتَ جَوْعَتَهُ، أَوْ كَسَوْتَ عُرْيَهُ، أَوْ قَضَيْتَ لَهُ حَاجَةً )
يقول إمام دار الهجرة مالك رحمة الله عليه أحب الأعمال إلي إدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَا نَذَرْتُ نَفْسِي أَنْ أُفَرِّجَ كُرُباتِ الْمُسْلِمِينَ".
وعليـــــــــــــه فمن أعطى الطعام فقد أوفى ومن أعطى القيمة فقد أجزأ والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل .