الثلاثاء، 19 سبتمبر 2023

الاهتمام بالمولد النبوي وليلة القدر

إخواني الكرام لاتسمعوا لكل هب ودب
( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )
لمن يريد أن يطلع اكثر على أدلة المجيزين للإحتفال بالمولد النبوي لينقر على هذا الهاشتاك





طعام مولد حلال زلال



تحريم الحلال جرم عظيم لقوله ﷺ: «إن محرم الحلال كمحل الحرام»
(17) قالوا: حلوى المولد وطعامه حرام
✍الجواب:
▪ إطعام الطعام مستحب وحضت عليه الشريعة كما قال تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا)[سورة الإنسان: 8-9]، وقال تعالى: (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ)[سورة البلد: 14-16]، وقال رسول الله ﷺ: «اتقوا النار ولو بشق تمرة» [متفق عليه]، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله ﷺ: أي الإسلام خير؟ قال :«تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» [متفق عليه]، وقال رسول الله ﷺ: «أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» [أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح]، وقال رسول الله ﷺ: «أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، تكشف عنه كربة، أو تطرد عنه جوعًا، أو تقضي عنه دينا» [صحيح أخرجه الطبراني]، وقال رسول الله ﷺ: «خياركم من أطعم الطعام» [صحيح أخرجه أحمد وابن حبان وغيرهما]، وغير ذلك من النصوص الدالة على استحباب إطعام الفقراء والمساكين.
▪ الأصل في الأشياء الحل والإباحة ما لم يرد نص صحيح وصريح بالتحريم.
▪ الحرام من الطعام هو ما حرمه الله عز وجل في كتابه العزيز كالدم المسفوح، ولحم الخنزير، وما أهل لغير الله به، والمنخنقة، والمتردية، والنطيحة، وما أكل السبع إلا ما ذكيتم، والخمر، وما حرمه رسول الله ﷺ في سنته كذي الناب من السباع وذي المخلب من الطيور.
▪ إن تحريم الحلال جرم عظيم لقوله ﷺ: «إن محرم الحلال كمحل الحرام» [رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح]
▪ استحسن طعام المولد علماء الجمهور مثل الإمام أبي شامة المقدسي، والإمام الحافظ الذهبي، والإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني، والإمام الحافظ السيوطي، وغيرهم من أكابر أهل العلم.
▪ تقدم في هذه السلسلة بيان مشروعية الإحتفال بالمولد النبوي الشريف استنادًا على أصول شرعية متينة.
▪ يمكن النظر إلى التمر والرطب على أنها كانت تمثل الحلوى على أيام الصحابة رضوان الله عليهم، فعندما يصومون يوم الأثنين بمناسبة ذكرى ميلاد النبي ﷺ كانوا يفطرون على هذه الحلوى. واليوم فإن من يصوم الإثنين يفطر على التمر والرطب، وأيضًا على العصائر التي إذا جمدتها صارت حلوى صلبة.
▪ كون أن حلوى الأطفال تكون على شكل دمى فليس في ذلك حرج لأن دمى الأطفال في صورة بشر أو حيوان أمر مباح على مذهب الجمهور، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: (قدم رسول الله ﷺ من غزوة تبوك أو خيبر، وفي سهوتها ستر فهبت ريح، فكشفت ناحية الستر عن بناتي. ورأى بينهن فرساً له جناحان من رقاع. فقال: «ما هذا الذي أرى وسطهن؟» قالت: فرس. قال: «ما هذا الذي عليه؟» قالت: جناحان. قال: «فرس له جناحان؟» قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلاً لها أجنحة؟ قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه) [رواه أبو داود والنسائي]
والسهوة: ما يكون شبيهًا بالرف الذي توضع فيه الأشياء.
▪ إذا كان طعام الذين أوتوا الكتاب حلال أيكون طعام المسلم فرحًا برسول الله حرامًا؟ هذه مبالغة في الجفوة مع النبي ﷺ وتحريض صريح بغضه والجفاء معه في حين أن العكس هو المطلوب، خاصة في هذه العصور المتأخرة.
🌹اللهم صلِّ وسلم على الذات المحمدية وانفحنا ببركتها واهدنا إلى الرشاد🌹


المولد النبوي ليست بدعة



لا تغالطوا الناس بمقولة
( هل إحتفل النبي صلى الله عليه و سلم و هل إحتفل صحابته الكرام رضي الله عنهم...) ،
لأن هذه المغالطة سوف تجني عليكم ، فكم من المسائل و النوازل و الأمور التي لم يفعلها النبي صلى الله عليه و سلم و لا صحابته الكرام صراحة على حسب فهمك و طريقة نظرك ،
لكنها ثبتت نظرا على حسب فهم من قال بها ممن خالفك ، بل عدت سننا و مصلحة واجبة إجماعا بين علماء المسلمين سلفا و خلفا ، و لمن يسأل عن أمثلة ذلك من باب التحدي!!
جوابه : إذا كنت لا تعرف هذه الأمثلة المعروفة و المشهورة بين طلبة العلم المبتدئين فكيف لك الحديث في مسألة الإحتفال بالمولد النبوي الشريف و التي تعد من مسائل الخلاف بين العلماء المنتهين !!! فاعرف قدرك و لا تتجاوز حدك فتكشف عورك و جهلك ، و ابدأ البحث بإنصاف في مسائل الخلاف ،
و تأكد بأن المقدمات الخاطئة تؤدي إلا نتائج مثلها بل أسوء منها لو أعملنا منهجك الذي اتبعته في النظر ، و في مسألة بحثنا هذه ستنتج غلطا عقديا و فقهيا و منهجيا كارثيا ، و حسبك منه تبديع جِلة من علماء المسلمين منهم محدثون و فقهاء قالوا بجواز الإحتفال ، فلا تتعجل و تعلم قبل أن تتكلم بارك الله فيك..!

ما هو الفرق بين العبادة والطاعة والقربة؟

 لا أدري كيف يتجرأ مسلم على التقدم للإفتاء في دين الله تعالى وهو لا يملك أدوات الافتاء ولا حتى (ألف باء) أصول الفقه ولا يسير على منهج فقهي من مناهج المدارس الفقهية الأربعة ؟!!

ومن هذه الأدوات الأساسية: فهم التعاريف والمصطلحات التي سيبني عليها الأحكام، للوصول الى تصور صحيح للمسائل، وإلا وقع هذا المتصدر فيما لا تحمد عواقبه، وهو يظن نفسه -واهما- أنه يحسن صنعا في دين الله تعالى ..
ومن هذه التعاريف والمصطلحات الأولية .. التفريق بين العبادة والطاعة والقربة .
فمعلوم تجدد المعارك الشرسة في كل عام حول المناسبات التي تهم المسلمين ، وعلى سبيل المثال مناسبة المولد النبوي، الذي ينظر اليه البعض على انها بدعة لأنها - بنظره- ( عبادة ) لم يفعلها النبي عليه الصلاة والسلام .
ومن هنا يقع هذا المتصدر في خطأ الحكم على المسلمين بالتفسيق والتبديع وربما التكفير لأن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة وصاحبها في النار .. فبدل أن يكون مصلحا يصبح تكفيريا ..
فما هو الفرق بين العبادة والطاعة والقربة؟
- العبادة في اللغة تدور حول معاني التذلل والخضوع .
- والطاعة هي موافقة الأمر طوعا، أو هي الانقياد والموافقة.
- والقربة هي القيام بالطاعة ، كما ذكر ابن الكمال. او هي ما يُتقَرَّبُ به إِلى الله تعالى من أَعمال البِرِّ والطَّاعَةِ والجمع : قُرَبٌ ، وقُرُباتٌ .
قال تعالى:
(قل أطيعوا اللهَ والرّسول ) . آل عمران 32
( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) 183 ال عمران .
الفرق بين الألفاظ الثلاثة في الاصطلاح:
قال ابن عابدين نقلاً عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في التفريق بين القربة والعبادة والطاعة:
القربة: فعل ما يثاب عليه بعد معرفة من يتقرب إليه به، وإن لم يتوقف على نية. (تعيين النية).
والعبادة: ما يثاب على فعله، ويتوقف على نية .
والطاعة: فعل ما يثاب عليه يتوقف على نية أو لا، عرف من يفعله لأجله أو لا.
فنحو الصلوات الخمس، والصوم، والزكاة، والحج من كل ما يتوقف على النية قربة، وطاعة، وعبادة.
وقراءة القرآن والوقف، والعتق، والصدقة ونحوها مما لا يتوقف على نية قربة، وطاعة، لا عبادة.
والنظر المؤدى إلى معرفة الله تعالى طاعة لا قربة ولا عبادة .
فالطاعة أعم من القربة والعبادة، والقربة أعم من العبادة .اه
أي: كل عبادة وقربة هي طاعة .
وكل عبادة هي طاعة وقربة .
ولكن .. ليس كل طاعة وقربة هي عبادة .
وعليه .. لا يكون العمل عبادة الا اذا تحققت فيه :
١- التذلل والخضوع تعظيما لله سبحانه .
٢- تحديد النية.
وإلا أصبح العمل ليس عبادة..
وبالأمثلة تتضح الصورة :
- السجود تذللا وخضوعا بنية التعظيم : عبادة ، فإن كان السجود لغير الله تعالى كان شركا .
السجود بغير التعظيم (كتعظيم الاله) ومن غير نية العبادة: ليست عبادة ولا شركا، بدليل سجود الملائكة لآدم وسجود اخوة يوسف ليوسف عليه السلام .. بل هو هنا طاعة لأن فيه امتثال لأمر الله تعالى . ( السجود لادم)
بينما سجود عباد الشمس مثلا للشمس تعظيما وتأليها: فهو عبادة شركية لأنها بنية التعبد.
- الامساك عن الطعام من الفجر الى المغرب بنية الصيام لله تعالى : عبادة .. وبالتالي هو أيضا قربة وطاعة لله.
- الامساك عن الطعام من الفجر الى المغرب امتثالا لتوجيهات الطبيب مثلا للمريض: ليس عبادة ولا شرك.. ولكن ان نوى صاحبها الحفاظ على صحته لتعينه على فرائض الاسلام أصبح امساكه قربة لله وطاعة لأمره بالتداوي .. ولكنه ليس عبادة .
فمع ان الفعل نفسه، ولكن (تعيين النية) هي التي حددت الحكم عليه.
- الوقوف أمام العلم في باحات المدارس أو في الجندية : ليس شركا ولا عبادة، لأنه ليس بنية التعظيم بتذلل وخضوع.
(وقد أخطأ الألباني في فتواه باعتبار هذا شركا).
- طاعة الوالدين أو المعلم أو مدير العمل أو خليفة المسلمين ...الخ: ليست عبادة ولا شرك، ولكن لو قصد فيه امتثال أمر الله في طاعة الوالدين ..مثلا .. أصبحت طاعة وقربة .. مع أنها ليست عبادة .
- استغاثة اللاجئ بهيئات الاستغاثة والمساعدة: ليس شركا ولا عبادة ... بينما الاستغاثة بالأصنام لجلب النصر والرزق فهو شرك.. ومع أن العمل نفسه الا أن النية هي التي تحدد الحكم .
- الطواف حول الكعبة: عبادة، الطواف حول الصنم تعظيما له: شرك، بينما طواف الجندي في المعركة حول الحجارة ليلوذ: ليس عبادة ولا شرك.. وان قصد نصرة الاسلام أصبح طوافه قربة وطاعة مع انه ليس عبادة .. فالذي فرق بين الحكم عليه مع تشابه الافعال هي النية .
ومن هنا نعلم خطأ الشيخ ابن عثيمين عندما قال في (القول المفيد): (الطاعة اذا كانت منسوبة لله فلا فرق بينها وبين العبادة فإن عبادة الله طاعته) .. فطاعة الله مثلا في القربات لي
س عبادة .. كما أشرنا آنفا ..
وهكذا ... المولد النبوي .. ليس عبادة ، بل هو من باب التقرب الى الله تعالى وطاعته بتعظيم وتوقير نبيه صلى الله عليه وسلم ... فلا يقال أن المولد من العبادات التي لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم .. ولا يقال أنه بدعة لأن العبادات توقيفية لايجوز الاجتهاد فيها ... لأن هذه الامور هي من القربات أو الطاعات وليس من العبادات ...
فيا أخي المسلم .. تعلم وتفقه .. ولا تتصدر وتتجرأ .. ولا تتابع ما عليه اهل الأهواء كالخوارج والوهابية لأن في فتاويهم تتداخل الأحكام بالأهواء والسياسة والمصالح الدنيوية .
واتق الله في نفسك .. وفي المسلمين .. وفي دين الله الذي لا تملك أنت ولا غيرك اختراع تشريع جديد فيه .
والله أعلم .

البدعة....قسمها العلماء الى مباحة و محرمة و مندوبة و مكروهة وواجبة......

 البدعة....قسمها العلماء الى مباحة و محرمة و مندوبة و مكروهة وواجبة......


البِدْعَةُ لُغَةً مَا أُحْدِثَ علَى غَيرِ مِثَالٍ سَابِقٍ، وشَرعًا المُحْدَثُ الذي لَم يَنُصَّ علَيهِ القُرءَانُ ولا الحدِيثُ.
وتَنْقَسِمُ إلى قِسْمَين كَما يُفهَمُ ذلكَ مِن حَديثِ عائِشَةَ رضِيَ الله عنْها قالَت: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أَحْدَثَ في أمْرِنا هَذا مَا لَيسَ منْهُ فَهُوَ رَدٌّ"، أي مَردُودٌ.
القسم الأول: البِدْعَةُ الحَسَنَةُ: وتُسَمَّى السُّنَّةَ الحسَنَةَ، وهي المُحدَثُ الذي يُوافِقُ القُرءانَ والسُّنَّةَ.
القِسْمُ الثَّاني: البدْعَةُ السَّيّئَةُ: وتُسَمَّى السُّنَّةَ السَّيّئةَ، وهي المُحْدَثُ الذي يُخَالِفُ القُرءانَ والحَدِيثَ.
وهَذا التَّقْسِيْمُ مَفْهُومٌ أيضًا مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بنِ عَبد الله البَجَليّ رَضيَ الله عنهُ، قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَنَّ في الإسلام سُنَّةً حسَنَةً فَلَهُ أجرُها وأجرُ مَن عَمِلَ بها بعدَهُ مِن غير أن يَنْقُصَ من أجُورِهم شَىءٌ، ومَن سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً سَيّئةً كانَ عليه وِزْرُها ووِزْرُ مَن عَمِلَ بِها مِنْ بَعْدِه مِن غَيرِ أن يَنْقُصَ مِن أَوزَارِهم شَىءٌ" رَواهُ مسلمٌ.
فَمِنَ القِسْم الأَوَّلِ: الاحْتِفَالُ بمَولِدِ النَّبي صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول، وأوَّلُ مَنْ أحدَثَهُ المَلِكُ المُظَفَّرُ مَلِكُ إرْبِل في القَرْنِ السَّابِع الهِجْرِيّ، وتَنْقيطُ التَّابعيّ الجليلِ يَحْيَى بنِ يَعْمَرَ المُصْحَفَ، وكانَ مِن أهْلِ العِلْمِ والتَّقْوى، وأقَرَّ ذَلِكَ العُلَماءُ مِن مُحَدّثينَ وغَيْرِهم واسْتَحْسَنُوهُ ولَم يكُن مُنَقَّطًا عِنْدَما أَمْلَى الرَّسُولُ علَى كتَبَةِ الوَحْي، وكذَلِكَ عُثمانُ بنُ عَفّانَ لمّا كتَبَ المصَاحِفَ الخَمْسَةَ أو السّتَّة لم تَكُن مُنَقَّطَةً، ومُنْذُ ذَلك التَّنقِيطِ لم يَزَل المُسلِمونَ على ذَلكَ إلى اليَوم، فَهلْ يُقالُ في هَذا إنَّه بِدْعَةُ ضَلالةٍ لأَنَّ الرَّسُولَ لَم يَفْعَلهُ؟ فإنْ كانَ الأمْرُ كذَلِكَ فليَتْركُوا هذِهِ المصَاحِفَ المُنَقّطَةَ أو لِيَكْشِطُوا هَذَا التَّنقِيْطَ مِنَ المَصَاحِفِ حتَّى تعودَ مجرَّدَةً كما في أيّامِ عُثمانَ. قالَ أبوبكر بنُ أبي دَاودَ صَاحِب السُّنَنِ في كِتَابِه المَصَاحِف: "أَوّلُ مَن نَقَطَ المَصَاحِفَ يَحيى بنُ يَعْمَرَ".اهـ، وهوَ مِنْ عُلَماءِ التَّابِعينَ رَوَى عَن عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ وغَيرِه.
ومِنَ القِسْمِ الثَّاني: المُحْدَثاتُ في الاعْتِقادِ كبِدْعَةِ المُعتَزِلَةِ والخوارِجِ وغَيْرِهم مِنَ الذينَ خَرجُوا عَمَّا كانَ علَيه الصَّحابةُ رِضْوانُ الله علَيْهم في المُعتَقَد، وكِتَابة (ص) أو (صلعم) بعدَ اسم النَّبي بدَلَ (صلى الله عليه وسلم) وقَد نَصَّ المُحدّثونَ في كتُبِ مُصْطَلَح الحَديثِ علَى أنَّ كِتَابةَ الصَّادِ مُجَرَّدةً مَكروهٌ، ومعَ هذَا لمْ يُحَرّمُوها بل فعَلُوها.
فَمِن أينَ لهؤلاءِ المُتَنَطّعينَ المُشَوّشِينَ أن يقولوا عن عَمَلِ المولدِ بدعَةٌ محرّمةٌ وعَن الصَّلاةِ على النَّبي جَهْرًا عقِبَ الأذانِ إنَّهُ بدعةٌ محرّمةٌ بدَعْوَى أن الرسولَ ما فعلَهُ والصَّحابةَ لم يفعَلُوهُ.
ومنه تحريف اسم الله إلى ءاه ونحوه كما يفعل ذلك كثير من المنتسبين إلى الطرق فإن هذا من البدع المحرَّمة.
قَالَ الإمامُ الشَّافِعيُّ رضيَ الله عنهُ: "المُحدَثاتُ مِنَ الأمُورِ ضَربانِ، أحَدُهُما مَا أُحدِثَ ممّا يُخَالِفُ كِتابًا أَو سُنَّةً أو إجْماعًا أَو أثَرًا، فَهذِه البِدْعَةُ الضّلالَةُ، والثّانِيةُ مَا أُحْدِثَ مِنَ الخَيرِ ولا يُخَالِفُ كِتَابًا أو سُنَّةً أو إجْماعًا، وهَذه مُحْدَثَةٌ غَيرُ مَذْمُومَةٍ"، رَواهُ البَيْهقيُّ بالإسْنادِ الصّحيح في كتابِه "مَنَاقِبُ الشَّافِعيّ".
-1 ما هي البدعة؟
2-ما أُحدث وكان مخالفًا للقرءان والحديث يسمى بدعة ضلالة وهو إما اعتقادي وإما عمليّ بيّن ذلك مع الأمثلة
3-اذكر ما أحدثه أهلُ العلمِ مما لا يخالفُ القرءانَ والحديثَ ؟
4-ما الدليل على أن البدعة تَنْقَسِمُ إلى قِسْمَين؟
5-ما هي البدعة الحسنة؟
6-ما هي البدعة السيئة؟
7-ما الدليلُ من القرءان على أنَّ البدعةَ منها ما هو حسن؟
8-ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم:" من أحدَثَ في أمرِنا هذا ما ليسَ منهُ فهو رد"؟
9-ما الدليل من الحديث على أن البدعة منها ما هو حسن؟
10-ما الدليل على أن البدعة الحسنةلا تدخل في حديث: وكلُّ محدثَةٍ بدعةٌ وكلُّ بدعةٍ ضلالةٌ"؟
11-تكلم عن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم.
12-ما الدليل على أن المصحف لَم يكُن مُنَقَّطًا عِنْدَما أَمْلَى الرَّسُولُ علَى كتَبَةِ الوَحْي؟
13-لِمَ قال عمر "نِعمَت البِدعَةُ هَذِهِ" ؟
14-ما الدليل على أن عثمان بن عفان أحدث أذانًا ثانيًا يوم الجمعة ؟
15-ما الدليل على أن الصّحابيَّ الجليلَ خبيب بن عديّ أحدَثَ صلاةَ ركعتينِ عند القتلِ ؟
16-ماذا قال النووي عن البدعة ؟
17-ماذا قال ابن عابدين عن البدعة ؟
18-ما الدليل على أن الوهابية متحكمينَ بآرائِهِم فما استحسنته نفوسُهُم أقرّوه وما لم تَستَحسِنهُ نفوسُهم أنكروهُ ؟
19-ماذا قال العلماء عن بدعة المعتزلة والخوارج ؟
20-تكلم عن الطرق التي أحدثها بعض أهل الله .
21-ما الدليل على جواز الصلاة على النبي؟
22-ماذا قال العلماء في تحريف اسمِ الله إلى ءاهٍ ونحوِه كما يَفعَلُ ذلكَ كثيرٌ من المنتسبينَ إلى الطُّرُقِ ؟
23-أذكر قول الشافعي في أن البدعة منها ما هو حسن ومنها ما هو سيىء.
24-ما هو الإجماع ؟
1 - ما هي البدعة؟
البِدْعَةُ لُغَةً مَا أُحْدِثَ علَى غَيرِ مِثَالٍ سَابِقٍ، وشَرعًا الشّىءُ المُحدَثُ الذي لم ينُصَّ عليهِ القرءانُ أي لم يُذكَر في القرءانِ ولا في الحديثِ.ثم هذا الأمر ينقسم إلى قسمين قسم يخالف ما نصَّ عليه الله ورسولُه وقسم لا يخالفه بل يوافقه في نظر أهلِ العلمِ.
2-ما أُحدث وكان مخالفًا للقرءان والحديث يسمى بدعة ضلالة وهو إما اعتقادي وإما عمليّ بيّن ذلك مع الأمثلة .
ما أحدث وكان مخالفًا للقرءان والحديث يسمى بدعة ضلالة وهو إما اعتقادي وإما عمليّ.
فالاعتقادي كعقيدةِ المشبهةِ القدماءِ والمُحْدَثِينَ من الكرّاميةِ من المشبهةِ القدماءِ والوهابية من المُحْدَثينَ والمعتزلةِ القدريةِ والخوارجِ المتقدمينَ منهم والمتأخرينَ كأتباعِ سيد قطب المُسَمَّيْنَ الجماعة الإسلامية فإن من الخوارجِ القدماءِ كان أناس يقال لهم البيهسية يقولون إذا حكم الملك بغير الشرعِ كفر وكفرَت الرعية مَن تابعه في الحكم ومَن لم يتابعه، وفرقة سيد قطب أحيَوْا في هذا العصر هذه العقيدة المبتَدَعة فاعتقدوا أن من حَكَمَ بغيرِ الشرعِ ولو في حكمٍ واحدٍ كفرَ والرعية التي تعيش تحت حكمهِ كفرت ولا يستثنون أحدًا إلا من قام ليثور عليه وعلى ذلك يستحلون قتل غيرهم كما تشهد عليهم أعمالهم في مصر والجزائر والشيشان وغير ذلك.
وكلٌّ من هؤلاء يتعلقون بآيات فهموها على غير وجهها وظنوا أن ما هم عليه حق موافقٌ للقرءانِ ولم يدروا أن القرءانَ ذو وجوه كما قال عمر رضي الله عنه تأتي الكلمةُ الواحدةُ لمعنَيَين ولأكثر من حيث لغةُ العربِ فبعض هذه المعاني يصحُّ تفسيرُ القرءانِ به والبعضُ الآخرُ لا يصحُّ تفسيرُ القرءانِ به، فهؤلاء الفرق أخذوا بالمعاني التي لا يصحُّ أن تكون مرادة أي مَرْضيَّة لله ورسوله.
وأما العملية فهي مثل بدعةِ المتشبهين بالصوفية صورةً بلا حقيقة فإنهم حرَّفوا اسمَ الله في مجالس الذكرِ يقولون ءاه ويعتبرون ءاه اسمًا لله حتى إن بعضَهم غَلَا فقال ءاه أقرب للفتوحِ من الله. فإن هذا العملَ مبتدعٌ لم يكن عند الصوفية القدماءِ، قال بعض هذه الفرقة الشاذلية هذا التحريف لم يكن عند شيخ الطريقة أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه وإنما أحدثه شاذلية فاس. ومن البدعةِ العمليةِ المحدثَةِ على خلافِ القرءانِ والحديثِ معاقبة مَن طبَعَ كتابًا ألفه غيره بدون إذنهِ بالتغريمِ أو الحبسِ يكتبونَ في النسخةِ التي يطبعها المؤلفُ أو من أذن له المؤلف "حقوقُ الطبعِ محفوظة للمؤلفِ أو الناشرِ" وهذه البدعةُ مخالفةٌ لكتابِ الله وسنةِ رسولهِ لم يفعلها أحدٌ من السلفِ ولا من الخلفِ إنما أُحدثت منذ نحو مائتي سنة تخمينًا اتباعًا للأوروبيين، ولو كان جائزًا لكان السلف أحوج للعمل به لأنهم كانوا يتعبون عند تأليفهم تعبًا كبيرًا. كان المؤلف يستعمل القلم الذي يبريه بيده كلما انكسرَ قلمٌ يبري غيرَه حتى إنه كان يتكوم عندهم من بُراية الأقلامِ شىءٌ كثيرٌ وكانوا يعملون الحبر بأيديهِم ومع ذلك لم يفعل أحدٌ منهم هذا الحَجْرَ. كانوا لا يعترضون على من استنسخ نسخًا من مؤلفاتهم للتجارة أو لغير ذلك، وقد احتج بعضُ هؤلاء المبتدعين من أهل عصرنا هذا بأنه أتعب أفكارَه في تأليفهِ.
3-اذكر ما أحدثه أهلُ العلمِ مما لا يخالفُ القرءانَ والحديثَ ؟
وأما ما أحدثه أهلُ العلمِ مما لا يخالفُ القرءانَ والحديثَ كإحداثِ المَحاريبِ المجوفةِ والمآذنِ وشَكْلِ القرءان ونَقْطِهِ فإنه أحدثه بعضُ العلماءِ ممن كان في القرنِ الأولِ كعمر بن عبد العزيز وابن يعمر وطرق أهل الله القادرية والرفاعية وغيرهما وعمل المولد فهذه سنة حسنة تدخل تحت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شىء" ومن عدّ هذه بدعة ضلالة فهو جاهل لا يعتد بكلامه وقد يحتج بعض هؤلاء بحديث: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ" ولم يدرِ أن معنى الحديث إحداث ما ليس من الدين أي ما لا يوافقه لأن ذلك مردود. هؤلاء يقال لهم المساجد مسجد الرسول وغيره ما كان له مِحراب مجوف في حياةِ رسولِ الله ولا كان له مئذنة وقد أُحدِثَ في ءاخرِ القرنِ الأولِ أَحدَثَ ذلك الخليفة الراشد عمر ابن عبد العزيز وأقره المسلمون على ذلك وأنتم لا تعترضون على ذلك بل توافقون فكيف تنكرون الطريقةَ والمولدَ وأمثال ذلك بدعوى أن هذا لم يُذكر في القرءانِ أو الحديثِ تُقِرون ما أعجبَكُم وتنفون ما لم يعجبكم بلا دليلٍ. وحديثُ "من سنَّ" إلخ أخرجه مسلمٌ أما الحديثُ الآخرُ "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" فأخرجه البخاري.
4-ما الدليل على أن البدعة تَنْقَسِمُ إلى قِسْمَين؟
تَنْقَسِمُ البدعة إلى قِسْمَين كَما يُفهَمُ ذلكَ مِن حَديثِ عائِشَةَ رضِيَ الله عنْها قالَت: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أَحْدَثَ في أمْرِنا هَذا مَا لَيسَ منْهُ فَهُوَ رَدٌّ"، أي مَردُودٌ. والحديث رواهُ البخارِيُّ ومسلمٌ، وفي رِوايةٍ لمسْلمٍ: "مَن عمِلَ عَملاً لَيْسَ عَليْهِ أمْرُنا فَهُوَ رَدٌّ". فأفهَمَ رسولُ الله بقوله: "ما ليسَ منهُ" أنَّ المحدَثَ إنَّما يكونُ ردًّا أي مردودًا إذا كانَ على خلافِ الشّريعةِ، وأنَّ المحدَثَ الموافِقَ للشّريعةِ ليسَ مردودًا.
وهَذا التَّقْسِيْمُ مَفْهُومٌ أيضًا مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بنِ عَبد الله البَجَليّ رَضيَ الله عنهُ، قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَنَّ في الإسلام سُنَّةً حسَنَةً فَلَهُ أجرُها وأجرُ مَن عَمِلَ بها بعدَهُ مِن غير أن يَنْقُصَ من أجُورِهم شَىءٌ، ومَن سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً سَيّئةً كانَ عليه وِزْرُها ووِزْرُ مَن عَمِلَ بِها مِنْ بَعْدِه مِن غَيرِ أن يَنْقُصَ مِن أَوزَارِهم شَىءٌ" رَواهُ مسلمٌ.
5-ما هي البدعة الحسنة؟
البِدْعَةُ الحَسَنَةُ: وتُسَمَّى السُّنَّةَ الحسَنَةَ، وهي المُحدَثُ الذي يُوافِقُ القُرءانَ والسُّنَّةَ.
6-ما هي البدعة السيئة؟
البدْعَةُ السَّيّئَةُ: وتُسَمَّى السُّنَّةَ السَّيّئةَ، وهي المُحْدَثُ الذي يُخَالِفُ القُرءانَ والحَدِيثَ.
7-ما الدليلُ من القرءان على أنَّ البدعةَ منها ما هو حسن؟
الدَّليلُ القرءانيُّ على أن البدعةَ منها ما هو حسنٌ قولُهُ تعالى: {وَجَعَلنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوُه رَأفَةً وَرَحمَةً وَرَهبَانِيَّةً ابتَدَعُوهَا مَا كَتَبنَاهَا عَلَيهِم إِلاَّ ابتِغَاءَ رِضوَانِ اللهِ ِِ} [سورة الحديد].
ففي هذه الآيةِ مدحُ المؤمنينَ من أمّةِ عيسى لأنّهم كانوا أهل رحمةٍ ورأفةٍ ولأنهم ابتدعوا الرَّهبانيّةَ وهي الانقطاعُ عن الشَّهواتِ المباحَةِ زيادةً على تجنبِ المحرماتِ حتَّى إنّهم انقطعوا عن الزّواجِ وتركوا اللّذائِذَ من المطعوماتِ والثّيابِ الفاخرةِ وأقبلوا على الآخرةِ إقبالا تامًّا.فقوله تعالى:{مَا كَتَبنَاهَا عَلَيهِم إِلاَّ ابتِغَاءَ رِضوَانِ اللهِ} فيه مدحٌ لهم على ما ابتدعوا أي ممَّا لم ينصّ لهم عليهِ في الإنجيلِ ولا قالَ لهم المسيحُ بنصّ منهُ افعلوا كذا، إنَّما هم أرادوا المبالغةَ في طاعةِ الله تعالى والتَّجردَ لطاعتِهِ بتركِ الانشغالِ بما يتعلَّقُ بالزّواجِ ونفقةِ الزوجةِ والأهلِ. ثم هؤلاءِ الذين مدحهم الله كانوا من أتباعِ عيسى على الإسلامِ مع التمسكِ بشريعةِ عيسى كانوا يبنونَ الصّوامِعَ أي بيوتًا خفيفةً من طينٍ أو من غير ذلكَ على المواضع المنعزلةِ عن البلدِ ليتجرَّدوا للعبادةِ، ثم جاءَ بعدَهم أناسٌ قلدوا أولئكَ مع الشّركِ أي مع عبادةِ عيسى وأمّهِ وتشبَّهوا بأولئكَ بالانقطاع عن الشهواتِ والعكوفِ في الصَّوَامِعِ لقولِهِ تعالى: {فَمَا رَعَوهَا حَقَّ رِعَايَتِها} [سورة الحديد] لأن هؤلاء ما التزموا بالرهبانيةِ الموافقة لشرعِ عيسى كما التزمَ أولئكَ السابقونَ، فيؤخَذُ من هذه الآيةِ أن مَن عَمِلَ عملًا لا يخالفُ الشرعَ بل يوافقهُ ليس بدعةً مذمومةً بل يُثَابُ فاعلُه ويسمَّى سنةً حسنةً وسنةَ خيرٍ، ويسمَّى بدعةً حسنةً أو بدعةً مستحبَّةً.
8-ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم:" من أحدَثَ في أمرِنا هذا ما ليسَ منهُ فهو رد"؟
قوله عليه الصلاة والسلام: "من أحدَثَ في أمرِنا هذا ما ليسَ منهُ" إشعارٌ بأنَّ من أحدَثَ ما هوَ منهُ أي ما هو موافقٌ لهُ فليس مردودًا، كما أحدَثَ عمرُ رضي الله عنه في التلبيةِ شيئًا زائدًا على تلبيةِ رسولِ الله، وتلبيةُ رسولِ الله هي: "لبيكَ اللهمَّ لبَّيكَ، لبيكَ لا شريكَ لكَ لبّيكَ، إنَّ الحمدَ والنعمةَ لكَ والمُلكَ لا شريكَ لكَ". فزادَ عمرُ: "لبيكَ اللهم وسعدَيكَ، الخيرُ في يديكَ، والعملُ والرَّغباءُ إليكَ"، فلم يعِبْ عليهِ أحدٌ من الصحابةِ لأنه زادَ على تلبيةِ رسولِ الله شيئًا يوافِقُها، وكذلكَ مَن بَعدَ الصحابةِ زادوا أشياءَ موافقةً للشرعِ ككتابةِ صلى الله عليه وسلم عند ذِكرِ اسمِ الرسول عَقبَه فإن الرسولَ لم يكتب صلى الله عليه وسلم عقبَ اسم محمدٍ في كتابهِ إلى هِرَقل وفي كتابهِ إلى كِسرَى وغيرِ ذلك ثم جَرَى عَمَلُ المسلمينَ على كتابةِ صلى الله عليه وسلم عقبَ اسمِهِ حتى إن هؤلاء الذين ينكرونَ على الناسِ البِدَعَ الحسنةَ من عَمَلِ المولِدِ في شهرِ ربيعٍ والصلاةِ على النبي جهرةً عقبَ الأذانِ يعملونَ هذه البدعَةَ أي كتابة صلى الله عليه وسلم عقبَ اسمِ محمد في مؤلفاتِهم فما لهم يناقضونَ أنفسَهُم يقولونَ: ما لم يفعلهُ رسولُ الله أو يأمرْ به نصًّا بدعةٌ محرمةٌ، وهم مرتكبونَ ما يعيبونه على الناسِ من ذلكَ. هذا الذي ذُكِرَ هنا بعضُ الأمثلةِ عن البدعةِ الحسنةِ ويتبيَّنُ من هذا أنَّ من خَالَفَ هذا فهو شاذٌّ مكابرٌ لأنَّ مؤدَّى كلامِهِ أنَّ الصّحابَةَ الذين بشَّرَهم رسولُ الله بالجنّةِ كعمرَ بنِ الخطَّابِ وعثمانَ بن عفَّان كانوا على ضلالٍ.
9-ما الدليل من الحديث على أن البدعة منها ما هو حسن؟
وأمّا الدليلُ من الحديثِ على أن البدعةَ منها ما هو حَسَنٌ فهو قولُهُ عليه الصَّلاةُ والسّلامُ: "من سنَّ في الإسلامِ سنّةً حسنةً فلهُ أجرُهَا وأجرُ من عَمِلَ بها".
فإن قيلَ: هذا معناهُ من سنَّ في حياةِ رسولِ الله أمَّا بعدَ وفاتِهِ فلا، فالجوابُ أن يُقالَ: "لا تثبُتُ الخصوصيَّةُ إلا بدليلٍ" وهنا الدّليلُ يعطي خلافَ ما يدَّعونَ حيثُ إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "من سنَّ في الإسلامِ"، ولم يَقُل من سنَّ في حياتي ولا قالَ من عَمِلَ عملاً أنا عملتهُ فأحياهُ، ولم يكن الإسلامُ مقصورًا على الزّمنِ الذي كانَ فيه رسول الله، فَبَطَلَ زَعمُهُم. فإن قالوا: الحديثُ سببهُ أن أناسًا فقراءَ شديدي الفَقرِ يلبسونَ النّمارَ جاؤوا فتمعَّرَ وجهُ رسولِ الله لما رأى من بؤسهم فتصدَّقَ الناسُ حتى جمعوا لهم شيئًا كثيرًا فتهلَّلَ وجهُ رسولِ الله فقال: "من سنَّ في الإسلامِ سنةً حسنةً فلهُ أجرُهَا وأجرُ من عَمِلَ بها"، فالجوابُ أن يُقالَ: العبرةُ بعمومِ اللفظِ لا بخصوصِ السببِ كما ذَكَرَ الأصوليونَ.
10-ما الدليل على أن البدعة الحسنةلا تدخل في حديث: وكلُّ محدثَةٍ بدعةٌ وكلُّ بدعةٍ ضلالةٌ"؟
أمّا الحديثُ الذي فيه: "وكلُّ محدثَةٍ بدعةٌ وكلُّ بدعةٍ ضلالةٌ" فلا يدخُلُ فيه البدعةُ الحسنةُ، لأنَّ هذا الحديثَ من العامّ المخصوصِ، أي أن لفظَهُ عامٌّ ولكنَّهُ مخصوصٌ بالبدعَةِ المخالِفَةِ للشّريعةِ بدليلِ الحديثِ الذي رواهُ مسلمٌ: "من سَنَّ في الإسلامِ سنةً حسنةً فلهُ أجرُهَا" الحديث، وذلكَ لأنّ أحاديثَ رسولِ الله تتعاضَدُ ولا تتناقَضُ، وذلكَ لأنّ تخصيصَ العامّ بمعنًى مأخوذٍ من دليلٍ نقليّ أو دليلٍ عقليّ مقبولٌ عند جميعِ العلماءِ، فلو تركَ ذلكَ لضاعَ كثيرٌ من الأحكامِ الشّرعيةِ ولحَصَلَ تناقضٌ بين النُّصوصِ، فأهلُ العِلمِ هم الذين يعرفونَ أنَّ هذا العموم مخصوصٌ بدليلٍ ءاخر عقليّ أو نقليّ.
11-تكلم عن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم.
المحدَثَاتُ التي توافِقُ الشريعةَ كانت في الصّحابةِ والتابعينَ ومن بعدَهم ووافقَ عليها العلماءُ في مشارِقِ الأرضِ ومغارِبِهَا، ومن هذه المحدَثاتِ الاحتفالُ بمولِدِ النَّبي صلى الله عليه وسلم الذي أحدَثَهُ الملكُ المظفَّرُ في أوائلِ السّتّمائةِ للهجرةِ وكان عالمًا تقيًّا شجاعًا ووافَقَهُ على ذلكَ العلماءُ والصّوفيةُ الصّادقونَ في مشارِقِ الأرضِ ومغارِبها منهم الحافظُ أحمدُ بن حجرٍ العسقلانيُّ وتلميذُهُ الحافظُ السَّخاويُّ وكذلك الحافظُ السّيوطيُّ، وللحافظِ السّيوطيّ رسالة سمَّاهَا: "حُسنُ المَقصِدِ في عَمَلِ المَولِدِ".
12-ما الدليل على أن المصحف لَم يكُن مُنَقَّطًا عِنْدَما أَمْلَى الرَّسُولُ علَى كتَبَةِ الوَحْي؟
مِنَ المُحدَثَاتِ الموافقةِ للشّريعةِ أيضًا تنقيطُ التَّابعيّ الجليلِ يحيى بن يَعمر المُصحَفَ، فالصّحابةُ الذين كتبوا الوحيَ الذي أملاهُ عليهم الرَّسولُ كانوا يكتبونَ الباءَ والتاءَ ونحوهما بلا نقطٍ.
وكانَ مِن أهْلِ العِلْمِ والتَّقْوى، وأقَرَّ ذَلِكَ العُلَماءُ مِن مُحَدّثينَ وغَيْرِهم واسْتَحْسَنُوهُ ولَم يكُن مُنَقَّطًا عِنْدَما أَمْلَى الرَّسُولُ علَى كتَبَةِ الوَحْي، وكذَلِكَ عُثمانُ بنُ عَفّانَ لمّا كتَبَ المصَاحِفَ الخَمْسَةَ أو السّتَّة لم تَكُن مُنَقَّطَةً، ومُنْذُ ذَلك التَّنقِيطِ لم يَزَل المُسلِمونَ على ذَلكَ إلى اليَوم، فَهلْ يُقالُ في هَذا إنَّه بِدْعَةُ ضَلالةٍ لأَنَّ الرَّسُولَ لَم يَفْعَلهُ؟ فإنْ كانَ الأمْرُ كذَلِكَ فليَتْركُوا هذِهِ المصَاحِفَ المُنَقّطَةَ أو لِيَكْشِطُوا هَذَا التَّنقِيْطَ مِنَ المَصَاحِفِ حتَّى تعودَ مجرَّدَةً كما في أيّامِ عُثمانَ. قالَ أبو بكر بنُ أبي دَاودَ صَاحِب السُّنَنِ في كِتَابِه المَصَاحِف: "أَوّلُ مَن نَقَطَ المَصَاحِفَ يَحيى بنُ يَعْمَرَ".اهـ، وهوَ مِنْ عُلَماءِ التَّابِعينَ رَوَى عَن عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ وغَيرِه.
13-لِمَ قال عمر "نِعمَت البِدعَةُ هَذِهِ" ؟
عمرُ بن الخطَّابِ رضي الله عنه جَمَعَ النّاسَ على صلاةِ التَّراويحِ في رمضانَ وكانوا في أيّامِ رسولِ الله يصلُّونها فُرَادَى وقالَ عُمَرُ عن ذلكَ: "نِعمَت البِدعَةُ هَذِهِ"، وقد روى ذلكَ عن عمرَ البخاريُّ في صحيحِهِ.
14-ما الدليل على أن عثمان بن عفان أحدث أذانًا ثانيًا يوم الجمعة ؟
عثمانُ بن عفّان أحدثَ أذانًا ثانيًا يومَ الجمعةِ ولم يكن هذا الأذانُ الثَّاني في أيّامِ رسولِ الله، وما زالَ النّاسُ على هذا الأذان الثَّاني يوم الجمعةِ في مشارِقِ الأرضِ ومغارِبِهَا، وقد روَى ذلكَ عن عثمانَ البخاريُّ في صحيحِه أيضًا.
15-ما الدليل على أن الصّحابيَّ الجليلَ خبيب بن عديّ أحدَثَ صلاةَ ركعتينِ عند القتلِ ؟
وكذلكَ أحدَثَ الصّحابيُّ الجليلُ خبيبُ بن عديّ صلاةَ ركعتينِ عند القتلِ، فقد رَوَى البخاريُّ في صحيحِهِ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنه قالَ: "فكانَ خبيبٌ أوَّلَ من سنَّ الرَّكعتينِ عندَ القَتلِ".
16-ماذا قال النووي عن البدعة ؟
قالَ النّوويُّ في كتابِ تهذيبِ الأسماءِ واللُّغاتِ ما نصُّهُ: "قال الإمامُ الشَّيخُ المجمَعُ على إمامتِهِ وجلالته وتمكُّنِهِ في أنواعِ العلومِ وبراعتِهِ أبو محمَّدٍ عبدُ العزيزِ بن عبد السَّلام رحمَه الله ورضيَ عنه في ءاخرِ كتابِ القواعِدِ: البدعةُ منقسمَةٌ إلى: واجبةٍ ومحرَّمةٍ ومندوبةٍ ومكروهةٍ ومباحةٍ. قالَ: والطَّريقُ في ذلكَ أن تُعرَضَ البدعَةُ على قواعِدِ الشَّريعةِ فإن دَخَلَت في قواعدِ الإيجابِ فهي واجبةٌ، أو في قواعدِ التَّحريمِ فمحرَّمةٌ، أو النَّدبِ فمندوبةٌ، أو المكروهِ فمكروهَةٌ، أو المباحِ فمباحةٌ" انتهى كلامُ النووي.
17-ماذا قال ابن عابدين عن البدعة ؟
قالَ ابن عابدين في رَدّ المحتارِ على الدُّرّ المُختَارِ ما نصُّهُ: "فقد تكونُ البدعَةُ واجبةً كنصبِ الأدلَّةِ للرَّدّ على أهلِ الفِرَقِ الضالَّةِ، وتعلُّمِ النَّحو المُفهِمِ للكتابِ والسُّنَّةِ، ومندوبةً كإحداثِ نحو رباطٍ ومدرسةٍ، وكلّ إحسانٍ لم يكن في الصَّدرِ الأوَّلِ، ومكروهةً كزخرفَةِ المساجِدِ، ومباحةً كالتَّوسُّعِ بلذيذِ المآكلِ والمشاربِ والثّيابِ" ا.هـ
18-ما الدليل على أن الوهابية متحكمينَ بآرائِهِم فما استحسنته نفوسُهُم أقرّوه وما لم تَستَحسِنهُ نفوسُهم أنكروهُ ؟
من جملةِ البِدَعِ المباحَةِ الأكلُ بالملاعِقِ فإنه في أيامِ الصحابَةِ ما كانوا يأكلونَ بها وكانوا يأكلونَ على الأرضِ ما كانوا يأكلونَ قاعدينَ على الكراسي ،وكتابة صلى الله عليه وسلم بعدَ كتابةِ اسمِ النبي لم تكن في أيامِ النبي فإنَّ الرسولَ لما كَتَبَ كتابًا إلى هِرقل كتبَ فيه "من محمدٍ عبدِ الله ورسولِهِ إلى هِرقل عظيمِ الرومِ"، من دونِ كتابةِ صلى الله عليه وسلم عقبَ اسم النبي كما أوردَهُ البخاريُّ في أولِ صحيحِهِ، فما للوهابيةِ لا يُنكرونَ هذا بل يفعلونَهُ كما يفعلهُ غيرُهم وينكرونَ أشياءَ كالمولِدِ والطريقةِ بدعوَى أن الرسولَ لم يفعلهُ، فظهرَ أنهم متحكمونَ بآرائِهِم فما استحسنته نفوسُهُم أقرّوه وما لم تَستَحسِنهُ نفوسُهم أنكروهُ ليسَ عندَهُم ميزانٌ شرعيٌّ.
19-ماذا قال العلماء عن بدعة المعتزلة والخوارج ؟
قد تكونُ البدعةُ نوعًا من أنواعِ الكُفرِ كبدعَةِ المعتزلةِ القائلينَ بأنّ العبدَ يَخلُقُ أفعالَهُ، والخوارجِ القائلينَ بكفرِ من سِوَاهُم، وغيرِهم مِن نحو هذه الفِرَقِ الضَّالَّة.
20-تكلم عن الطرق التي أحدثها بعض أهل الله .
من البِدَعِ الحَسَنَةِ الطُّرق التي أحدَثَها بعض الصّالحينَ ومنها الطرقُ التي أحدَثها بعضُ أهلِ الله كالرّفاعيَّةِ والقادريَّةِ وهي نحو أربعينَ، فهذه الطرقُ أصلُهَا بِدَعٌ حسنةٌ، ولكن شذَّ بعضُ المنتسبينَ إليها وهذا لا يَقدَحُ في أصلِهَا.
21-ما الدليل على جواز الصلاة على النبي؟
نقولُ بعونِ الله: ثَبَتَ حديثانِ أحدُهما حديثُ مسلمٍ: "إذا سَمِعتُم المؤذّنَ فقولوا مثلما يقولُ ثم صلّوا عليَّ"، وحديثُ: "من ذَكَرَني فليصلّ عليَّ" أخرجهُ الحافظُ أبو يعلى والحافظُ السَّخاويُّ في كتابهِ القول البَديع في الصلاةِ على النبي الشفيعِ، وقال: لا بأسَ بإسنادِهِ، فيؤخَذُ من ذلك أن المؤذّنَ والمُستَمِعَ كليهما مطلوبٌ منه الصلاةُ على النبي، وهذا يحصُلُ بالسّرّ والجَهرِ، فماذا تقولُ الوهابيةُ بعدَ هذا؟!.
فَمِن أينَ لهؤلاءِ المُتَنَطّعينَ المُشَوّشِينَ أن يقولوا عن عَمَلِ المولدِ بدعَةٌ محرّمةٌ وعَن الصَّلاةِ على النَّبي جَهْرًا عقِبَ الأذانِ إنَّهُ بدعةٌ محرّمةٌ بدَعْوَى أن الرسولَ ما فعلَهُ والصَّحابةَ لم يفعَلُوهُ.فإنهم قد حَرَّفوا الشريعةَ فكانَ من بِدَعِهم التي سَنَّها لهم محمدُ بن عبدِ الوهاب تحريمُ الصلاةِ على النَّبي جهرًا من المؤذّنِ عَقِبَ الأذانِ، وهم يبالغونَ في ذلكَ حتى قالَ أحدُهُم في الشامِ في جامِعِ الدَّقَّاقِ حين سَمِعَ المؤذنَ يقولُ الصلاةُ والسلامُ عليكَ يا رسولَ الله: هذا حرامٌ هذا كالذي ينكحُ أمَّهُ، بل أَمَرَ زعيمُهم محمدُ بن عبد الوهاب بِقَتلِ المؤذنِ الأعمَى الذي صَلَّى على النبي عَقِبَ الأذانِ جهرًا.
22-ماذا قال العلماء في تحريف اسمِ الله إلى ءاهٍ ونحوِه كما يَفعَلُ ذلكَ كثيرٌ من المنتسبينَ إلى الطُّرُقِ ؟
مِن البِدَعِ المحرَّمَةِ تحريفُ اسمٍ من أسماءِ الله كالذين يحرّفونَ اسمَ الله إلى ءاهٍ فإن ءاه ليسَ من أسماءِ الله بالاتّفَاقِ بل هو لفظٌ من ألفاظِ الأنين، والأنينُ ليسَ من أسماءِ الله، وما يرويهِ بعضُهم حديثًا وفيهِ أن الرسولَ قالَ عن مريضٍ يئنُّ "دعوهُ يئنُّ فإنَّ الأنينَ اسمٌ من أسماءِ الله" فهو مكذوبٌ على الرسولِ ولا يصحُّ نسبتُهُ إليهِ، قال تعالى:{وَللهِ الأَسمآءُ الحُسنَى فَادعُوهُ بِهَا} [سورة الأعراف].
23-أذكر قول الشافعي في أن البدعة منها ما هو حسن ومنها ما هو سيىء.
قَالَ الإمامُ الشَّافِعيُّ رضيَ الله عنهُ: "المُحدَثاتُ مِنَ الأمُورِ ضَربانِ، أحَدُهُما مَا أُحدِثَ ممّا يُخَالِفُ كِتابًا (أي القرءان) أَو سُنَّةً (أي الحديث) أو إجْماعًا (أي إجماع مجتهدي أمّةِ محمَّدٍ) أَو أثَرًا (أي أثر الصَّحابةِ، أي ما ثَبَتَ عن الصّحابةِ ولم يُنكر عندَهُم) فَهذِه البِدْعَةُ الضّلالَةُ، والثّانِيةُ مَا أُحْدِثَ مِنَ الخَيرِ ولا يُخَالِفُ كِتَابًا أو سُنَّةً أو إجْماعًا، وهَذه مُحْدَثَةٌ غَيرُ مَذْمُومَةٍ"، رَواهُ البَيْهقيُّ بالإسْنادِ الصّحيح في كتابِه "مَنَاقِبُ الشَّافِعيّ". وكلامُ الشَّافعي هذا يؤيّدُ ما ذكرنَاهُ من تقسيمِ البدعَةِ إلى قسمينِ.
24-ما هو الإجماع ؟
الإجماعُ معناهُ اتّفاقُ مجتهدي أمّةِ محمد على أمرٍ مِن أمورِ الدّينِ، فغيرُ المجتهدينَ هُنَا لا عبرةَ بِهِم فإن الإجماعَ يَثبُتُ بالمجتهدينَ، فالمجتهدونَ في عصرِ التّابعينَ إذا اتفقوا على شىءٍ فهو إجماعٌ حجةٌ كذلكَ في العصرِ الذي يليهِ إن اتَّفقَ مجتهدو ذلكَ العصرِ على شىءٍ هذا يُعَدُّ إجماعًا، كذلكَ الذين بعدَهُم.
الجمعة

ادلة مشروعية الإحتفال بمولده ﷺ.

 بسم الله


يستمر الخلاف بين (الوهابية) السلفية المعاصرة والصوفية كل عام حول مشروعية الإحتفال بمولده ﷺ، فالصوفيّة يرونه قربة والسلفيّة يرونه بدعة وحتى نصل إلى كلمة سواء فى هذه المسألة لابد من تحرير محل النزاع فى النقاط التالية:
1-حقيقة البدعة
2-مفهوم الإحتفال
3-لم يثبت عن النبى ﷺ.
- أمّا عن حقيقة البدعة فهي طريقة مبتدعة فى الدين تضاهي الطريقة الشرعية أي أن البدعة: إحداث عبادة لم ترد عن النبي ﷺ أو إحداث في العبادة المشروعة كجعل الظهر خمساً مثلاً فالبدعة بهذا المعنى مرفوض قولاً واحداً
ولكن هل كل ابتداع يكون ضلالة ؟
وللإجابة عن هذا السؤال لابد من النظر الفقهي العميق الى قوله صلى الله عليه وسلم:
"من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"
إذن المنع ليس فى مجرد الإحداث بل ينحصر أيضاً هل هذا الإحداث وفق قانون الشرع أم لا؟
فإن كان الشيء المحدث وفق قانون الشرع كان سنة حسنة و إن لم يكن وفق قانون الشرع كان سنة سيئة لقوله ﷺ:
"من سن فى الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن فى الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة"
فلو كان الأمر المحدث منصوصاً عليه فبم يحصل الأجر صاحب السنة الحسنة ويبوء بالورز صاحب السنة السيئة؟
- مفهوم الإحتفال فلابد من القول أن الإحتفالات المشتملة على مخالفات شرعية مرفوضة ومردودة على أصحابها أما الإحتفال المقصود هو ما يكون بتدارس سنته وسيرته ومناقبه وشمائله والصلاة والسلام عليه وما يصحب ذلك من مطعومات ومشروبات فهل الإحتفال بهذه الصورة مرفوض لأنه يكون في يوم مخصص لذلك؟
وللإجابة على هذا السؤال أقول: إن إجتماع الناس على ذكر مناقب النبي صلى الله عليه وسلم ومدارسة سنته من أجل القربات عند الله والنصوص فى ذلك كثيرة
وكذلك إجتماع الناس على الطعام والشراب أمر ندب إليه الشرع الشريف
إذاً المشكلة في تخصيص يوم والتخصيص إنما كان لمناسبة المولد لأن المولد النبوي الشريف كان فى ربيع الأول وربما كان هذا التخصيص من باب التعظيم.
- القول بأن الإحتفال بالمولد لم يرد عن النبي ﷺ أقول:
احتفل النبي صلى الله عليه و سلم بيوم مولده فكان يصوم فيه
فقد سُئل النبى ﷺ عن عبادة فأجاب بالولادة فكأن الفرح بيوم مولده عبادة
ولكن يجب القول أن الإحتفال بالمولد النبوي الشريف بصورته الحالية والخالية من المخالفات الشرعية لم يرد عن النبي ﷺ نعم .
وهنا لابد من تقرير هذه القاعدة الأصولية
"الترك لا يدل على النهي" وهذه قاعدة فصلها الشيخ الغماري فى رسالته الماتعة "حسن التفهم والدرك في مسألة الترك" فليس كل ترك يدل على النهي لأن النبي ترك الواجب فترك بناء الكعبة على قواعد إبراهيم عليه السلام خشية الفتنة فلو كان تركه صلى الله عليه وسلم نهياً ما أقدم عبدالله بن الزبير على بناء الكعبة المشرفة على قواعد إبراهيم عليه السلام بعد مشورته مع خالته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ولم يعارضه من كان معه من الصحابة
فإذا كان النبي ﷺ لم يحتفل بالصورة الحالية فلم يرد نهي عنها والترك لا يدل على النهي 🤷



وخلاصة القول👇
أقول:
للسلفيين ناصحاً اعتبروا الإحتفال بالمولد النبوي جائزاً كالإحتفالات بالأعياد الوطنية التى تقيهما تلك الدول التي تنتهج المنهج السلفي🤷
وأقول للصوفية احتفلوا إحتفالات خالية من المخالفات الشرعية حتى لا تعطوا الفرصة للآخرين من تبديعكم لما يرونه من إحتفالات مشتملة على مخالفات بينة.
رزقنا الله محبة نبيه وإتباع سنته والسير على نهجه ﷺ.
والله تعالى أعلى وأعلم.

أدلة مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف

 

أدلة مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين وآله وصحبه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين , وبعد
ذكر ابن تيميه عن محمد بن سيرين قال : " ثبت أن الأنصار قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قالوا : لو نظرنا يوماً فاجتمعنا فيه فذكرنا هذا الأمر الذي أنعم الله به علينا .. فقالوا : يوم السبت ، ثم قالوا : لا نجامع اليهود في يومهم ، قالوا : فيوم الأحد ، قالوا : لا نجامع النصارى في يومهم ، قالوا : فيوم العروبة وكانوا يسمون يوم الجمعة يوم العروبة ، فاجتمعوا في بيت أبي أمامة بن زرارة رضي الله عنه فذبحت لهم شاة فكفتهم " ..

قال ابن الحاج في توصله إلى دليل على تخصيص هذا اليوم للتذكير بنعم الله تعالى وإظهاراً للسرور بالمولد ، وشكراً لله تعالى على ما أكرم به من هذا الميلاد ، ولم لا ؟! أليس هم احتفلوا بيوم معين يشكرون الله به على ما أنعم عليهم ؟ فهذه بدعة حسنة ، وعمل المولد بدعة حسنة ، ونحن نعمله شكراً لله على هذه النعمة العظيمة ، وما هو هذا الأمر الذي أرادوا تذاكر ما أنعم الله به عليهم ومن ثمّ الاحتفال بأكل شاة ؟ أليس ذلك الأمر هو نعمة الإسلام وكفى بها من نعمة ؟ ومن أتانا بالإسلام ؟ أليس هو سيدّنا وحبيبنا محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟..

قال القاضي : وحيث أن خروج آدم في يوم الجمعة من الجنة سبب لوجود الذرية الذين منهم الأنبياء والأولياء وسبب للخلافة في الأرض وإنزال الكتب وقيام الساعة سبب تعجيل جزاء الأخيار وإظهار شرفهم فزعم أن وقوع هذه القضايا فيه لا يدل على فضله في حيز المنع قال القاضي: وقد عظم اللّه هذا اليوم ففرض على عباده أن يجتمعوا فيه ويعظموا فيه خالقهم بالطاعة لكن لم يبينه لهم بل أمرهم بأن يستخرجوه بأفكارهم وواجب على كل قبيل اتباع ما أدى إليه اجتهاده صواباً أو خطأ كما في المسائل الاجتهادية فقالت اليهود هو يوم السبت لأنه يوم فراغ وقطع عمل فإن اللّه فرغ من السماء والأرض فيه فينبغي انقطاعنا عن العمل فيه والتعبد وزعمت النصارى أنه الأحد لأنه يوم بدء الخلق الموجب للشكر والتعبد ووفق اللّه هذه الأمة للإصابة فعينوه الجمعة لأن اللّه خلق الإنسان للعبادة وكان خلقه يومها فالعبادة فيه أولى لأنه تعالى أوجد في سائر الأيام ما ينفع الإنسان وفي الجمعة أوجد نفس الإنسان والشكر على نعمة الوجود وروى ابن أبي حاتم عن السدي أنه تعالى فرض الجمعة على اليهود فقالوا يا موسى إن اللّه لم يخلق يوم السبت شيئاً فاجعله لنا فجعل عليهم وذكر الأبي أن في بعض الآثار أن موسى عين لهم الجمعة وأخبرهم بفضله فناظروه بأن السبت أفضل فأوحى إليه دعهم وما اختاروا.

ولمن يقول أن أول من احتفل هو الفاطميون وهم عبيديون زنادقة روافض أحفاد عبد الله بن سبأ اليهودي ولا يمكن أن يفعلوا ذلك محبة في رسول الله صلى الله عليه وسلم بل لغرض خفي ‍‍؟؟ إن القطع بأن هؤلاء هم أول من احتفلوا تجاهل عجيب للخلاف الثابت في ذلك . فينبغي عدم التعويل على هذا لأن أهل التاريخ ذكروا غيرهم ..

ومنهم الحافظ ابن كثير الذي قيل عنه أنه ذكر في البداية والنهاية أن الدولة الفاطمية هم أول من أحدث المولد النبوي .. إلى آخر القصة المعروفة ، والرأي الحقيقي لابن كثير في عمل الموالد النبوية ونشأته ما نصه : ( .. الملك المظفر أبو سعيد كوكبري ، أحد الأجواد والسادات الكبراء والملوك الأمجاد له آثار حسنة وكان يعمل المولد النبوي الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالاً هائلاً ؛ وكان مع ذلك شهماً شجاعاً فاتكاً ( أي بالأعداء ) عاقلاً عادلاً ، رحمه الله وأحسن مثواه وقد صنف الشيخ أبو الخطاب بن دحية له مجلداً في مولد البشير النذير، فأجازه على ذلك بألف دينار، وقد طالت مدته في الملك في زمان الدولة الصلاحية، وقد كان محاصراً عكا وإلى هذه السنة محمود السيرة والسريرة، قال السبط: حكى بعض من حضر سماط المظفر في بعض الموالد كان يمد في ذلك السماط خمسة آلاف رأس مشوي. وعشرة آلاف دجاجة، ومائة ألف زبدية، وثلاثين ألف صحن حلوى، قال: وكان يحضر عنده في المولد أعيان العلماء والصوفية...الخ" اهـ. البداية والنهاية لابن كثير - سنة 630هـ - ج12 ص287.

قال السخاوي: لم يفعله أحد من السلف في القرون الثلاثة، وإنما حدث بعد، ثم لا زال أهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن الكبار يعملون المولد، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم. قال ابن الجوزي: من خواصه أنه أمان في ذلك العام، وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام.

ومن الأدلة عليه
الأول : أنه تعبير عن الفرح والسرور بالمصطفى صلى الله عليه وسلم وقد انتفع به الكافر ولقد استدل الحافظ ابن حجر بما جاء في البخاري 9/146-3184 ، فتح الباري ج: 9 ص: 145
وذكر السهيلي أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال : لما مات أبو لهب رأيته في منامي بعد حول في شر حال فقال ما لقيت بعدكم راحة الا أن العذاب يخفف عني كل يوم اثنين قال وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد يوم الإثنين وكانت ثويبة بشرت أبا لهب بمولده فاعتقها .
ويقول في ذلك الحافظ شمس الدين محمد الدمشقي :
إذا كان هذا الكافـــــر جـــاء ذمه * بتبـت يداه في الجحيم مخلــدا
أتى أنه في يوم الاثنيـــن دائمــــاً * يخفف عنه للســرور بأحمــدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره * بأحمد مسرورا ومات موحدا

الثاني : أنه صلى الله عليه وسلم كان يعظم يوم مولده ، ويشكر الله تعالى فيه على نعمته الكبرى عليه ، وتفضله عليه بالوجود لهذا الوجود ، إذ سعد به كل موجود ، وكان يعبر عن ذلك التعظيم بالصيام كما جاء في حديث أبي قتادة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين ؟ فقال : (( فيه ولدت ، وفيه أُنزل عليَّ )) . رواه الامام مسلم في الصحيح في كتاب الصيام ..

الثالث : أن الفرح به صلى الله عليه وسلم مطلوب بأمر من القرآن من قوله تعالى : () قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ )) (يونس:58) فالله تعالى أمرنا أن نفرح بالرحمة والنبي صلى الله عليه وسلم أعظم رحمة قال الله تعالى : () وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )) (الانبياء:107) ..

الرابع : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلاحظ ارتباط الزمان بالحوادث الدينية العظمى التي مضت وانقضت ، فإذا جاء الزمان الذي وقعت فيه كان فرصة لنذكرها ، وتعظيم يومها ، لأجلها ولأنه ظرف لها .
وقد أصل صلى الله عليه وسلم هذه القاعدة بنفسه كما صرح البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم :" لما وصل إلى المدينة ورأى اليهود يصومون يوم عاشوراء سأل عن ذلك فقيل له : أنهم يصومون لأن الله نجى نبيهم وأغرق عدوهم فهم يصومونه شكراً لله على هذه النعمة فقال صلى الله عليه وسلم : نحن أولى بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه " وقد كان الحافظ ابن حجر أول من استدل على هذا الحديث في جواز المولد النبوي ولا يمكن لأي مسلم كائناً من كان أن يقدح في عقيدة الحافظ ابن حجر ..

الخامس : أن الاحتفال بالمولد لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم فهو بدعة ولكنها حسنة لا ندرجها تحت الأدلة الشرعية والقواعد الكلية ، فهي بدعة باعتبار هيئتها الاجتماعية ، لا باعتبار أفرادها لوجود أفرادها في العهد النبوي ..

السادس : أن المولد الشريف يبعث على الصلاة والسلام بقوله تعالى : () إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً )) (الأحزاب:56) وما كان يبعث على المطلوب شرعاً فهو مطلوب شرعاً ، فكم للصلاة عليه من فوائد نبوية
السابع : أن المولد الشريف ، يشمل على ذكر مولده الشريف ومعجزاته وسيرته والتعريف به ، أولسنا مأمورين بمعرفته ومطالبين بالاقتداء به . والتأسي بأعماله والإيمان بمعجزاته والتصديق بآياته وكتب المولد تؤدي هذا المعنى تمامًا .

الثامن : التعرض لمكافأته بأداء بعض ما يجب له علينا ببيان أوصافه الكاملة وأخلاقه الفاضلة ، وقد كان الشعراء يفدون إليه صلى الله عليه وسلم بالقصائد ويرضى عملهم ، ويجزيهم على ذلك بالطيبات والصلاة ، فإذا كان يرضى عمن مدحه شعراً ، فكيف لا يرضى عمن جمع شمائله الشريفة ، ففي ذلك التقرب له عليه السلام ، باستجلاب محبته ورضاه ، وقد ذكر الحافظ ابن سيد الناس في كتابه منح المدح مائة وبضع وسبعين من الصحابة مدحوا ورثوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبيات غاية في الروعة ومنها ماهو مشهور ... كهذا البيت :

وإن الرسول لنور يستضاء بــه * مهند من سيوف الله مسلول

روى الطبراني بسند صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قفل من تبوك - يعني وهو عائد من تبوك - قال له عمه العباس : يارسول الله أأذن لى أن امتدحك فقال له رسول الله : " قل لا يفضض الله فاك ياعم " فلم تسقط أسنانه حتى مات فأنشد ..

من قبلها طبت في الظـــلال وفي مستودع حيث يأفك الورق
ثم هبطت البلاد لا بشر أنت ولا نطفه ولا مضغـــــه ولا علـق
نطفــــــه تركب السفينــــة وقد الجم نســر وأهله الغـــرق
حتى احتوى بيتك المهيمــن من جلدت علــيّ دونها النطــــق
وأنت لمـــا ولدت أشرقــــت الأرض وضاءت بنــورك الأفــق
فنحن في ذلك النــور وذلك الضياء سبل الرشـــاد نختـــرق

[1706] وروى الشافعي أن عمر بن الخطاب في عهده دخل المسجد فوجد حسان بن ثابت ينشد الشعر في مدح الرسول .. فقال : حسان أشعر في مسجد رسول الله ؟ فقال : لقد أنشدته عند من هو خير منك ياعمر .. ثم التفت إلى أبو هريرة وقال : أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم أيده بروح القدس .. فقال: نعم ، فقال: فاتخذوا لحسان منبر في المسجد ينشد الشعر في مدح رسول الله " هذا دليل على أن الصحابه مدحوا رسول الله بعد وفاته ، واعتراض سيدنا عمر على الشعر لم يكن اعتراضاً على مدح رسول الله أو على الشعر إنما كان اعتراضاً على المكان الذي يُنشد فيه ، ألا وهو المسجد .. والله أعلم .

[2\192] من الطبقات الكبرى للزهري عن بكر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم فإذا أنا مت كانت وفاتي خيراً لكم تعرض علي أعمالكم فإذا رأيت خيراً حمدت الله وإن رأيت شراً استغفرت الله لكم )) ..

التاسع : أن معرفة شمائله ومعجزاته وارهاصاته تستدعي كمال الإيمان به عليه الصلاة والسلام وزيادة المحبة ، إذ الإنسان مطبوع على حب الجميل ، خَلقَاً وخُلُقاً ، علماً وعملاً ، حالاً واعتقاداً ولا أجمل ولا أكمل ولا أفضل من أخلاقه وشمائله صلى الله عليه وسلم ، وزيادة المحبة وكمال الإيمان مطلوبان شرعاً فما كان يستدعيهما مطلوب كذلك .

العاشر : أن تعظيمه صلى الله عليه وسلم مشروع ، والفرح بيوم ميلاده الشريف بإظهار السرور ووضع الولائم والاجتماع للذكر وإكرام الفقراء من أظهر مظاهر التعظيم والابتهاج والفرح والشكر لله ، بما هدانا لدينه القويم ، وما من به علينا من بعثه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ..

الحادي عشر : يُؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم في فضل يوم الجمعة ، وعد مزاياه ، وفيه خلق آدم تشريف الزمان الذي ثبت أنه ميلاد لأي نبي كان من الأنبياء عليهم السلام فكيف باليوم الذي ولد فيه أفضل النبيين والمرسلين .
ولا يختص هذا التعظيم بذلك اليوم بعينه بل يكون له خصوصاً ولنوعه عموماً مهما تكرر كما هو الحال في يوم الجمعة ، شكراً للنعمة وإظهاراً لمزية النبوة وكما يُؤخذ تعظيم المكان الذي ولد فيه نبي من أمر جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم بصلاة ركعتين ببيت لحم ثم قال له : أتدري أين صليت ؟ قال : لا ، قال : صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى وفيه اتباع لما جاء في القرآن من ذكر قصص ميلاد عدد من الأنبياء عليهم السلام ، كقصة مولد سيدنا موسى ويحيي وعيسى ومريم عليهم الصلاة والسلام جميعاً .... وهل يتأتى أن يذكر مولد هؤلاء الأنبياء وغيرهم ولا نذكر نحن مولد أفضل الأنبياء عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ؟؟؟ وليس في هذا تشبه باليهود والنصارى كما يقول بعض المعارضين .... !!!!

الثاني عشر : أن المولد أمر يستحسنه العلماء والمسلمون في جميع البلاد ، وجرى به العمل في كل صقع فهو مطلوب شرعاً للقاعدة المأخوذة من حديث ابن مسعود الموقوف : (( ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن ومارآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح )) أخرجه أحمد

الثالث عشر : أن المولد اجتماع ذكروصدقه ومدح وتعظيم للجناب النبوي فهو سنة ، وهذه أمور مطلوبة شرعاً وممدوحة ، وجاءت الآثار الصحيحة بها وبالحث عليها .

أن الله تعالى قال : ( وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ )) (هود: من الآية120) يظهر منه أن الحكمة في قص أنباء الرسل عليهم السلام تثبيت فؤاده الشريف بذلك ولا شك أننا اليوم نحتاج إلى تثبيت أفئدتنا بأنبائه وأخباره أشد من احتياجاته هو صلى الله عليه وسلم .

الرابع عشر: ليس كل مالم يفعله السلف ولم يكن في الصدر الأول ، فهو بدعة منكرة سيئة يحرم فعلها ويجب الإنكار عليها بل يجب أن يعرض ما أحدث على أدلة الشرع فما اشتمل على مصلحة فهو واجب أو على محرم فهو محرم ، وللوسائل حكم المقاصد ، وقد قسم العلماء البدعة إلى خمسة أقسام:

واجبة : كالرد على أهل الزيغ ، وتعلم النحو.
ومندوبة : كإحداث الربط والمدارس ، والأذان على المنابر وصنع إحسان لم يعهد في الصدر الأول.
ومكروه : كزخرفة المساجد ، وتزويق المصاحف .
ومباحة : كاستعمال المنخل ، والتوسع في المأكل والمشرب .
ومحرمة : وهي ما أحدث لمخالفة السنة ولم تشمله أدلة الشرع العامة ولم يحتو على مصلحة شرعية .

الخامس عشر: أما الحديثان التاليان للمصطفى صلى الله عليه وسلم : " كل محدثه بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار " ، " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد "

وقد فـُسرت من البعض أن كل الأولى لفظ عموم .. عموم في الدين والدنيا والثانيه خاصه في الدين!
ولكن ليست كل بدعة محرمة ولو كان كذلك لحرم جمع أبو بكر وعمر وزيد رضي الله عنهم القرآن وكتبه في المصاحف خوفاً على ضياعه بموت الصحابة القراء رضي الله عنهم ؟! ، ولحرم جمع عمر رضي الله عنه الناس على إمام واحد في صلاة التراويح مع قوله : " نعمت البدعة هذه " ؟! ، وحرم التصنيف في جميع العلوم النافعة ؟! ، ولوجب علينا حرب الكفار بالسهام والأقواس مع حربهم لنا بالرصاص والمدافع والدبابات ؟! ، وبناء الجامعات وتسميتها بهذا الإسم وتسمية الندوات والمحاضرات بهذا الإسم فإنه لم يذكر أن رسول الله أو أحداً من الصحابة سمى بهذا الإسم ، وزيادة الآذان الأول يوم الجمعة ؟! ، وزيادة سيدنا عبد الله بن عمر البسملة في أول التشهد ؟! ..

وقال شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني شارح صحيح البخاري : " وكل ما لم يكن في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم يسمى بدعة ، لكن منها ما يكون حسناً ومنها مايكون خلاف ذلك " أ . هـ
وقال الشافعي : " البدعة بدعتان : بدعة محمودة وبدعة مذمومة فما وافق السنة فهو محمود ، وما خالف السنة فهو مذموم . أ . هـ
وقال أيضاً : " ما أحدث وخالف كتاباً أو سنة أو اجماعاً أو أثراً فهو البدعة الضالة وما أحدث من الخير ولم يخالف شيئاً من ذلك فهو المحمود ". أ . هـ

فمن ثم قيد العلماء رضي الله عنهم حديث كل بدعة ضلالة بالبدعة السيئة ، ويصرح بهذا القيد ما وقع من أكابر الصحابة والتابعين من المحدثات التي لم تكن في زمنه صلى الله عليه وسلم . ونحن اليوم قد أحدثنا مسائل كثيرة لم يفعلها السلف وذلك كجمع الناس على إمام واحد في آخر الليل لأداء صلاة التهجد بعد صلاة التراويح ، وكختم القرآن فيها ، وكقراءة دعاء ختم القرآن وإطالته وكنداء المنادي بقوله صلاة القيام أثابكم الله ، فكل هذا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من السلف ، فهل يكون له بدعة ؟؟ أو يكون محرماً فعله ؟؟ !! ..

ومن الذين كتبوا في هذا المجال من كبار علماء الأمة وأثنوا على الموالد النبوية :
1- الحافظ محمد بن أبي بكر القيسي الدمشقي الشافعي المعروف بالحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي .
2- الحافظ عبد الرحيم المصري الشهير بالحافظ العراقي ومن كتبه المورد الهني في المولد السني .
3- الحافظ محمد القاهري المعروف بالحافظ السخاوي .
4- وقد صنف الإمام ابن كثير مولداً نبوياً طبع أخيراً بتحقيق الدكتور صلاح الدين المنجد .
5- الإمام الحافظ شمس الدين ابن الجزري وسمى كتابه عَرف التعريف بالمولد الشريف .
6- الإمام الحافظ ابن الجوزي .
7- الإمام الحافظ ابن حجر العسقلانى صاحب كتاب فتح الباري في شرح صحيح البخاري اثنى على الموالد وأنها خير ..
8- الحافظ الشريف الكتاني وكتابه اليمن والإسعاد بمولد خير العباد ..
9- الإمام ابن حجر الهيتمي كتاب النعمة الكبرى على العالم في مولد سيد ولد آدم .
10- وتكلم فيه الإمام ابن تيميه في فتاويه والحسيني والعدناني والبرزنجي والعروسي والنابلسي وغيرهم الكثير
11- والإمام السيوطي كتاب حسن المقصد في عمل المولد .
12 - والإمام النووي شارح صحيح مسلم وقد أثنى على من عمل المولد ..
13- وقد ألف ابن سيد الناس وهو من تابع التابعين وقرنه من أفضل القرون كتاب منح المدح ذكر فيه مائة وسبعين من الصحابة اشتركوا في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

بعد كل هذا أتعجب كثيرا ممن يأتي ويقول أن الأمة قد أجمعت على حرمة الاحتفال بمولده (عليه الصلاة والسلام) , فأين هو إجماع الأمة وأين آراء فقهاء المذاهب الأربعة على حرمة الاحتفال فأتوني بها إن كنتم صادقين !!!
وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم