أقوال العلماء في سفر المرأة بغير محرم
اختلف العلماء في مسألة سفر المرأة بغير محرم إلى عدة أقوال:
1 - منهم من قال يحرم مطلقا ولو في الحج دون استثناء أي حالة
2 - منهم من استثنى الحج والهجرة من ديار الكفر لديار الإسلام
4 - ومنهم من استثنى حتى المرأة الشابة إن كان معها نسوة مؤمنات ثقات في السفر وهو قول مالك
5 - ومنهم من اكتفى بامرأة حرة مؤمنة تكون معها في السفر ليستثنيها من حكم التحريم وهو قول الشافعي
6 - ومنهم من أجاز لها السفر بغير محرم إن كانت مع قوم عدول وهو اختيار الأوزاعي
7 - ومنهم من أجاز لها السفر مع مسلم لا بأس به وهو قول ابن سيرين
8 - ومنهم من استثتنى من ذلك أمن الطريق وهو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية كما ذكره عنه ابن مفلح، وابن تيمية يقسم السفر لنوعين [سفر طاعة وسفر معصية] ورخص للمرأة أن تسافر وحدها إن كان الطريق آمنا في الحج ثم زاد فقال [وهذا متوجه في كل سفر طاعة].
9 - منهم من اكتفى باشتراط الطريق الآمن في السفر من أجل شيء مستحب كحج التطوع أو العمرة وهذا قول للشافعي نقله عنه الكرابيسي
10 - ومن فقهاء الشافعية من أصحاب الشافعي من أجازوا سفر المرأة لوحدها بغير محرم ولا قوم يرافقونها ولا نسوة يرافقنها ولا حتى امرأة ترافقها ولو في سفر جائز [أي غير واجب ولا مستحب] كالزيارة والتجارة، أي أنهم اشترطوا فقط أمان الطريق.
#قلت_صهيب: بناء على ما سبق فإن الأقوال المرتبة ما بين القول الرابع إلى القول العاشر كلها تجيز للسائلة جواز سفرها ودراستها وإقامتها حيث تحقق فيها شرط السفر مع قوم ونسوة وأمن الطريق وأن السفر سفر طاعة وهو لطلب العلم النافع وإن كان علما تجريبيا.
ولا ننسى أن هذه الأقوال قالها علماء كان السفر في زمانهم على الأقدام أو ركوبا على البهائم والأحاديث المانعة لهذا السفر وردت بألفاظ عديدة أقل مدة فيها السفر لمسيرة يوم ووردت يومان ووردت ثلاثة أيام ولا شك أن السفر بتلك الطريقة كان خطيرا جدا ومع ذلك وضع العلماء استثناءات ورخصا فكيف بعصرنا الذي يستغرق السفر بضع ساعات أو أقل في مراكب مريحة وآمنة ولم يُعرف أن النساء يتعرضن للاعتداء في الطائرات والحافلات وإنما قد تقع في الفخ من استدرجت بمكيدة ليس لها علاقة بالسفر ولو كانت في مدينتها.
ويجب التنبيه على أن الفقهاء الذين اختلفوا في استثناءاتهم يتفقون على تعليل الحكم بالخوف على المرأة من الطمع فيها و الاعتداء ولما خالف الإمام النووي الإمامَ الباجي في استثنائه المرأة غير الشابة لم يخالفه في أصل العلة التي استدل بها وإنما خالفه في انتفاء العلة عن المرأة غير الشابة قائلا ((وهذا الذي قاله الباجي لا يوافق عليه، لأن المرأة مظنة الطمع فيها، ومظنة الشهوة ولو كانت كبيرة، وقد قالوا: لكل ساقطة لاقطة. ويجتمع في الأسفار من سفهاء الناس، وسقطهم من لا يترفع عن الفاحشة بالعجوز وغيرها، لغلبة شهوته وقلة دينه ومروءته، وخيانته، ونحو ذلك. والله أعلم)) [شرح النووي لمسلم] إذًا فحتى أصحاب القول الأشد في المسألة لم يخالفوا في أصل الاستثناء بانتفاء العلة وإنما لم يروا انتفاءها في تلك الاستثناءات وإلا فإنهم يتفقون على أن الحكم معلل بما سبق ذكره وأن الحكم المعلل يدور مع علته تحققا وانتفاء.
فعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: ((بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة ثم أتاه آخر فشكا قطع السبيل فقال: يا عدي هل رأيت الحيرة؟ قلت: لم أرها وقد أنبئت عنها. قال: فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله، قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله)) [رواه البخاري 3400]
وفي رواية قال ((من صنعاء إلى حضرموت)). ووردت رواية عن الراعي الذكر ووردت عن الأنثى أيضا كلاهما فيه ذكر للسفر من صنعاء إلى حضرموت.
والظعينة هي المرأة ويقال الهودج [إشارة للهودج الذي يوضع فوق الجمل فتدخله المرأة عند السفر].
#الخلاصة: ما أميل إليه هو جواز سفرك من أجل دراستك وكذلك إقامتك هناك:
أولا لأن السفر في الأصل ممنوع عن مسيرة الأقدام أو راكبة على المواشي في العراء فإن قلنا إنه حكم معلل فقد انتفت علته مع وجود الأمان وإن قلنا إنه حكم تعبدي فإنه يلزم منه عدم القياس عليه فالقياس يكون في الكلية المتواطئ على علّيتها والحكم التعبدي لا علة فيه وهنا يقال إنما حُرّم السفر الذي مسيرته أكثر من يوم أو يومين أو ثلاثة أيام أما استغراق بضع ساعات فغير مشمول في النص أساسا، والممنوع سفر المسيرة فيخرج منه سفر الطيران أو المراكب الحديثة لأنها ليست من السفر الذي نُهي عنه، ففي كلا الحالتين يجوز هذا السفر سواء قلنا إنه معلل [وهو معلل بالفعل] أو سلمنا جدلا بأنه تعبدي [ولا نسلم بذلك حقيقة] كما أن 6 أقوال للعلماء تنطبق على تجويز الحالة المذكورة في السؤال حتى ولو كانت مسافرة على الأقدام أو على دابة مسيرة ثلاثة أيام فكيف مع اختلاف وسائل النقل الحديثة ؟ وحتى الأقوال المتبقية يتفق العلماء فيها على علية الحكم بتأمين المرأة وإن خالفوا في تنزيل الحكم على الواقع.
كتبه #صهيب_بوزيدي