الخميس، 26 يوليو 2018

مسألة السلام على اهل الكتاب?!

مسألة السلام على اهل الكتاب
ملاحظة/
1-المسألة ليست مختلف فيه لانه لو عرفنا سبب ورود الحديث لزال الاشكالية.
2-ضروري جدا اذا اردنا ان نشرح حديثا فيجب ان نراجع اولا كتب اسباب ورود الحديث،فكما ان للقرآن اسباب النزول فكذلك للأحاديث اسباب الورود.
3-ركز على كلمة ( إنا غادون )و، ( إني راكب غداً إلى يهود ) لان هذا هو سبب ورود الحديث الشريف
والأن لنقرأ الحديث بتمامه
حدثنا وكيع عن عبد الحميد بن جعفر عنيزيد بن أبي حبيب عن مرثد عن أبي نضرة الغفاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا غادون إلى يهود فلا تبدءوهم بالسلام ، فإن سلموا فقولوا : وعليكم .
- نعم يجوز للمسلم أن يحيّي غير المسلم بلفظ السلام، روي هذا القول عن ابن عبّاس وابن مسعود أبي أمامة وابن محيريز وعمر بن عبد العزيز وسفيان بن عيينة والشعبي والأوزاعي والطبري، واختار هذا القول السيد رشيد رضا في تفسير المنار والشيخ الشنقيطي في أضواء البيان؛والا فلا يعقل ان يخالف كبار الصحابة كأبن عباس وابن مسعود وغيرهم قول الرسول(ص)
ونحن نؤيّد هذا القول بناءً على الآيات الكريمة التي تأمر بالسلام بشكل مطلق ومنها:
- قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا أو تسلّموا على أهلها" ( النور:26)
- قوله تعالى: "وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه، وقالوا: لنا أعمالنا ولكم أعمالكم، سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين" ( القصص:25)
- قوله تعالى: ".. وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا: سلاماً"
( الفرقان:63)
- قوله تعالى: "وقيله يا ربّ إنّ هؤلاء قوم لا يؤمنون، فاصفح عنهم وقل: سلام فسوف يعلمون" ( الزخرف : 88)
- قوله تعالى: "قال: سلام عليك سأستغفر لك ربّي إنّه كان بي حفياً"( مريم : 47)
- وكذلك الأحاديث الصحيحة التي تأمر بالسلام بشكل مطلق أيضاً أي تجاه جميع الناس:
(.. وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) متّفق عليه.
- (لمّا خلق الله آدم، قال اذهب فسلّم على أولئك النفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيّتك وتحيّة ذريّتك. فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليكم ورحمة الله) متّفق عليه.
- (أفشوا السلام..) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح، وابن حبّان في صحيحه.
- أما الحديث الصحيح الذي اعتمد عليه جمهور العلماء حتى قالوا بكراهية التحية لغير المسلم بالسلام أو حرمتها فهو قوله صلى الله عليه وآله وسلّم: (لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام..) رواه مسلم. فهو يتعلّق بحالة حرب كانت قائمة. يؤيّد ذلك روايات أخرى للحديث كما قلنا وهي صحيحة أيضاً: (إنا غادون على يهود، فلا تبدأوهم بالسلام) رواه أحمد والطبراني بسند رجاله رجال الصحيح. وكان هذا يوم غزو بني قريظة. وفي رواية ثانية لأحمد: (إني راكب غداً إلى يهود، فلا تبدأوهم بالسلام..) وهو صحيح كما جاء في الفتح الرباني. ونقل العسقلاني في فتح الباري رواية البخاري في الأدب المفرد والنسائي أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال: (إني راكب غداً إلى اليهود فلا تبدأوهم بالسلام) وهذا كان اثناء الحرب لان لايعقل ان تذهب لقتال العدو وتقول له(السلام عليكم)يعني انت في سلام وبالمقابل تقاتله.
هذا الرأي (وهو جواز إلقاء التحية على غير المسلم بلفظ السلام) والذي قال به جمهور كبير من العلماء داخل المذاهب وخارجها يتأكّد بالنسبة إليك لوجودك خارج ديار الإسلام في حالة سلم، وضمن ما يعتبر ميثاقاً مع البشر الذين تعيش معهم سواء كنت من أهل تلك البلاد أو مقيماً فيها. وذلك لأنّ مهمّتك في هذه الحالة الدعوة. وإنّ الابتداء بالتحيّة من أخلاق الدعاة .
- أما إذا حيّاك غير المسلم بلفظ السلام، فإنّ الردّ عليه يصبح واجباً لقوله تعالى: (وإذا حييتم بتحيّة فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها) ( النساء :86) فندب إلى الفضل وأوجب العدل، والعدل في التحيّة تقتضي أن يردّ عليه نظير سلامه كما قال ابن القيّم (أحكام أهل الذمّة).
راجع في هذا الموضوع كتب التفسير للآيات المشار إليها وخاصة تفسير القرطبي – والمنار لرشيد رضا – وراجع كتب شرح الأحاديث وخاصة : فتح الباري بشرح صحيح البخاري وشرح النووي على صحيح مسلم والفتح الرباني على مسند الإمام أحمد، وأحكام أهل الذمّة لابن القيّم .
جزاكم الله كلّ خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

صبغ الشعر باللون الاسود حلال أم حرام ؟!

مسألة صبغ الشعر باللون الاسود
فيه اربعة اقوال
1 القول الاول/
التحريم ( الشافعية في المذهب، وهو اختيار جماعة منهم ورجحه النووي، إلى حرمة صبغ شعر اللحية والرأس بالسواد) ورحم الله الإمام النووي،فقد كان تقيا ورعا شديدا على نفسه،وكأنما اراد ان يحمل عامة المسلمين على ورعه وتقواه،فخالف جل أصحابه الذين قالوا بكراهية الخضاب بالسواد كراهة تنزيهية.واستدلو على تحريمه بحديث ابي قحافة ولكن حديث ابي قحافة واقعة عين لاعموم لها،فقد يكون فيها من الخصوصية ماليس لغيرها.وهذا واقع فعلا،فإن مثل أبي قحافة في سنه،وقد بلغ من العمر مبلغا لايليق به أن يخضب بالسواد.واستدلو ايضا بحديث
ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يكون قوم في آخر الزمان يخضبون بهذا السواد، كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة»فقد ذكره ابن الجوزي والحافظ القزوينى في الاحاديث الموضوعة وإن نازعهما آخرون في ذلك.ولكن المبالغة في الوعيد التى اشتمل عليها الحديث(لايريحون رائحة الجنة)من دلائل التشكيك عند اولى الابصار.
2 القول الثاني/
كراهة تنزيهية وهذا عند الحنفية والمالكية والحنابلة وقول عند الشافعية واستدلوا بفعل الصحابه وجمعوا بين النهي عن الخضاب بالسواد وبين فعل الصحابة على أن النهي ليس للتحريم، ولو كان للتحريم لما خضب جمع من السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
3 القول الثالث/
الجواز وهذا اختيار جماعة من التابعين وهو قول في المذهب الحنفي واستدلو بحديث
(أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم) بخاري ومسلم/؛ فبأيِّ شيء صبغ الرجل فقد امتثل الأمر
4القول الرابع/
انها من سنن العادات والعرف قال به بعض المعاصرين(قال السيد محمد رشيد رضا في تفسير المنار ج 9ص317)مثال ماشدد به بعضهم من ذلك صبغ الشيب بالسواد،وهو من الأمور العادية المتعلقة بالزينة المباحة،إذ لاتعبد فيه ولا حقوق لله ولا للناس.
وانا(واعوذ بالله من كلمة أنا)اميل الى القول الرابع وان لا يؤدي بصبغه الى التدليس وخداع الناس والا بنيته وفعله هذا يحرم لان فيه حقوق الآخرين والله اعلم، والقاعدة العامة وهي عدم الإنكار في المسائل الاجتهادية التي وقع فيها الخلاف.
والله اعلم

حكم إسبال الازار لغير خيلاء ؟!

آخر الأخبار


( إسبال الازار) 
عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ: المَنَّانُ الذِي لاَ يُعْطِي شَيْئًا إِلاَّ مَنَّهُ، وَالمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالحَلِفِ [الفَاجِرِ]، وَالْمُسْبِلُ إِزَارَهُ». رواه مسلم
وفي رواية أخرى عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَيْضًا: «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاَثَ [مِرَارًا]، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا، مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «المُسْبِلُ، وَالمَنَّانُ، وَالمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالحَلِفِ الْكَاذِبِ»
فما المراد بالمسبل هنا؟
هل هو كل من أطال إزاره ولو كان ذلك على سبيل العادة التي عليها قومه , دون أن يكون من قصده كِبْرٌ أَوْ خُيَلاَءٌ؟
الحديث الذي ورد في " صحيح البخاري " من حديث أبي هريرة: «مَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِي النَّارِ»
وورد في " النسائي " بلفظ «مَا تَحْتَ الكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِي النَّارِ»
والمعنى: ما كان دون الكعبين من قدم صاحب الإزار المسبل , فهو في النار , عقوبة له على فعله , فكنى بالثوب عن بدن لا بسه .
ولكن الذي يقرأ جملة الأحاديث الواردة في هذا الموضوع يتبين له ما رجحه النووي وابن حجر وغيرهما: أن هذا الإطلاق محمول على ما ورد من قيد (الخُيَلاَءِ) فهو الذي ورد فيه الوعيد بالاتفاق.
ولنقرأ هنا ما ورد في الصحيح من هذه الأحاديث.
روى البخاري في (بَابُ مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ مِنْ غَيْرِ خُيَلاَءَ) من حديث عبد الله بن عمر , عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , قال: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ»
قال أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ إِزَارِي يَسْتَرْخِي، إِلاَّ أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ! فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَسْتَ مِمَّنْ يَصْنَعُهُ خُيَلاَءَ» .
وروى في الباب نفسه من حديث أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ وَنَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُسْتَعْجِلاً، حَتَّى أَتَى المَسْجِدَ ... ».
وروى في (بَابُ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الخُيَلاَءِ) عن أبي هريرة: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ [يَوْمَ القِيَامَةِ] إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا» .
وعن أبي هريرة أيضًا قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ أَبُو القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ، تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ، مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ، إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ».
وعن ابن عمر ـ ونحوه عن أبي هريرة أيضًا: «[بَيْنَا] رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ، إِذْ خُسِفَ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلَّلُ فِي الأَرْضِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ» .
وقد روى مسلم حديث أبي هريرة هذا والذي قبله , وروى حديث ابن عمر من جملة طرق منها سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُذُنَيَّ هَاتَيْنِ، يَقُولُ: «مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ لاَ يُرِيدُ بِذَلِكَ إِلاَّ المَخِيلَةَ، فَإِنَّ اللهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ» , ففي الرواية ذكر قيد (الخُيَلاَءِ) بطريق الحصر الصريح (لاَ يُرِيدُ بِذَلِكَ إِلاَّ المَخِيلَةَ) فلم يدع مجالاً لمتأول.
قال النووى في شرح حديث المسبل إزاره
وأما قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (المُسْبِلِ إِزَارَهُ) فمعناه المرخي له الجار طرفه خيلاء , كما جاء مفسرًا في حديث الآخر «لاَ يَنْظُرُ اللهُ، [يَوْمَ القِيَامَةِ]، إِلَى مَنْ يَجُرُّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ» وَالخُيَلاَءُ: الكِبْرُ: وهذا التقييد بالجر خيلاء يخصص عموم المسبل إزاره ويدل على المراد بالوعيد من جره خيلاء , وقد رخص النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذلك لأبي بكر الصديق - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وقال: لست منهم إذ كان جره لغير الخيلاء.
وقال الحافظ ابن حجر في شرحه للأحاديث التي رواها البخاري في الوعيد على إسبال الإزار وجر الثوب:
«وَفِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ: أَنَّ إِسْبَالَ الإِزَارِ لِلْخُيَلاَءِ كَبِيرَةٌ وَأَمَّا الإِسْبَالُ لِغَيْرِ الخُيَلاَءِ فَظَاهِرُ الأَحَادِيثِ تَحْرِيمُهُ أَيْضًا لَكِنِ اسْتُدِلَّ بِالتَّقْيِيدِ فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ بِالخُيَلاَءِ عَلَى أَنَّ الإِطْلاَقَ فِي الزَّجْرِ الوَارِدِ فِي ذَمِّ الإِسْبَالِ مَحْمُولٌ عَلَى المُقَيَّدِ هُنَا فَلاَ يَحْرُمُ الجَرُّ وَالإِسْبَالُ إِذَا سَلِمَ مِنَ الخُيَلاَءِ.
يؤكد هذا الاتجاه في تقييد الإسبال المتوعد عليه بقصد الخيلاء: أن الوعيد المذكور في الأحاديث وعيد شديد , حتى جعل (المُسْبِلَ) أحد ثلاثة «لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» وحتى إن النبي - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - ليكرر ذلك الوعيد ثلاثًا , مما جعل أبا ذر من هول الوعيد المتكرر يقول: «خَابُوا وَخَسِرُوا!، مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟!» وهذا كله يدل على أن عملهم من موبقات الذنوب , وكبائر المحرمات. وهذا لا يكون إلا في الأشياء التي تمس (المصالح الضرورية) التي جاءت الشريعة لإقامتها والحفاظ عليها: في الدين والنفس والعقل والعرض والنسب والمال. وهي المقاصد الأساسية لشريعة الإسلام.
ومجرد تقصير إزار أو ثوب هو داخل في باب (التحسينات) التي تتعلق بالآداب والمكملات , التي بها تجمل الحياة , وترقى الأذواق , وتتعمق مكارم الأخلاق , أما إسباله وتطويله ـ مجردًا من أي قصد سيء ـ فهو أليق بوادي المكروهات التنزيهية.
إنما الذي يهم الدين هنا , ويوجه إليه أكبر العناية هو النيات والمعاني القلبية وراء السلوك الظاهري. الذي يهتم الدين بمقاومته هنا هو: الخيلاء والعجب والكبر والفخر والبطر , ونحوها , من أمراض القلوب وآفات الأنفس , والتي لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة منها.
فهذا مما يؤيد كل التأييد تقييد الوعيد الشديد الوارد في الإسبال بمن قصد الخيلاء , كما دلت عليه الأحاديث الأخرى.
ومعنى آخر , يضاف إلى ما قلناه , وهو: أن أمر اللباس يخضع في كيفيته وصورته إلى أعراف الناس وعاداتهم , التي تختلف أحيانًا باختلاف الحر والبرد , والغنى والفقر , والقدرة والعجز , ونوع العمل , ومستوى المعيشة , وغير ذلك من المؤثرات.
والشارع هنا يخفف عن الناس القيود , ولا يتدخل لا في حدود معينة لمنع مظاهر السرف والترف في الظاهر , أو قصد البطر والخيلاء في الباطن , ونحو ذلك مما هو مفصل في موضعه.والله اعلم.
المصادر:
فتح الباري شرح صحيح البخاري
صحيح مسلم بشرح النووى

اللحية اعفائها سنة مؤكدة فمن حلق لحيتة لاينكر عليه ومن اطلق لحيته لاينكر عليه


• من سنن الفطرة إعفاء اللحية ،
وهذه سنة بالرجال.وقد حرص الاسلام في آدابه لاسيما في سنن الفطرة:الا يتدخل في فطرة الله التى ميزت بين الرجل والمرأة،وجعلت لكل منهما خصائص جسمية وعصبية تلائم وظيفته في الحياة.ولهذا ميز الله تعالى الرجل باللحية والشارب:ليتناسب ذلك مع رجولته وخشونته ومهمته في الحياة،ولم يعط ذلك للمرأة :ليتناسب ذلك مع أنوثتها وفطرتها واعدادها لحياة الزوجية والأمومة،ومن هنا يجب أن يبقى الرجل رجلا والمرأة امرأة كما خلقهما الله ولا نذيب الحواجز الفطرية بينهما فيتأنث الرجل أو يتخنث وتسترجل المرأة،وفي هذا جاء الحديث يلعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال وينهى الرجل أن يلبس لبسة المرأة والمرأة أن تلبس لبسة الرجل.
1لاتوجد نص قطعي الدلالة اوظني في القرآن حول مشروعية اعفاء اللحية او حلقها.
2لاتوجد نص واحد في الاحاديث النبوية قطعي الدلالة تفيد التحريم حول حلق اللحية
3مسالة حلق اللحية او اعفائها ليس من امور العقيدة وانما من مسائل الفقهية(الفرعية)
4نعم توجد احاديث صحيحة في البخاري ومسلم تحثنا على(مخالفة اليهود والنصارى)والمخالفة لاتعني التحريم والا فأننا نتفق في كثير من امور حياتنا اليومية معهم ولا ينكره احد حتى من علمائنا المشهورين بأتباعهم منهج السلف
5لأن هناك احاديث اخرى صحيحة تحثنا فيه الرسول على مخالفة غيرنا ولكن بعض الصحابة لم يعملو بهذه المخالفة ولم ينكر عليهم الرسول منها(امر الرسول باحفاء الشوارب مخالفة للكفار رواه البخارى
ومع ذلك كان عمر بن الخطاب يترك شاربه لدرجة انه كان يفتله اذا غضب(موطأ)
ومن ذلك ايضا
قول الرسول صلوا فى نعالكم ولا تشبهوا باليهود رواه فى المعجم الكبير
وقد اجمع الفقهاء على اباحة الصلاة بدون نعال(ومن ذلك ايضا
نهى الرسول عن اتخاذ المحاريب فى المساجد كما يفعل النصارى فى كنائسهم
ولم يقل احد بكراهة ذلك ولا بحرمته بل وقع الاجماع فى مشارق الارض ومغاربها على اباحة ذلك
ومن ذلك ايضا
نهى الرسول عن تشييد المساجد وزخرفتها كما يفعل اليهود والنصارى فى كنائسهم
ومع ذلك نجد ان الفقهاء اجمعوا على استحباب ذلك وصرح الامام السبكى بجواز الزخرفة بالذهب والفضة فى كتابه قناديل المدينة
ومن ذلك ايضا
نهى الرسول عن الصلاة وقت غروب الشمس ووقت طلوعها لان الكفار يصلون فى هذا الوقت
ومع ذلك نجد ان الفقهاء اجمعوا على كراهة ذلك وليس تحريمه
ومن ذلك ايضا
ونهى عن التمايل فى الصلاة لانه من فعل اليهود ولم يقل احد بتحريم ذلك
ومن ذلك ايضا
نهى الرسول عن حلق القفا لانه من فعل المجوس
واجمعوا انه مكروه
فأذا اليهود والنصارى قامو بأعفاء اللحية وحفو الشوارب فهل ياترى نخالفهم ونحلق لحانا
فمخالفة اليهود والنصارى ليست واجبه وانما مستحبه
6ليس هناك اجماع حول حرمة حلق اللحية لانه لو كان هناك اجماع لما حصل الخلاف بين المذاهب وبأخص خلاف داخل المذهب الواحد حول حلق اللحية(ومما يوهّن دعوى الإجماع أن المعتمد في المذهب الشافعي هو الكراهية لا التحريم. وليس للإمام الشافعي نص في المسألة ولا أحد من أصحابه، لكن هذا ما حرره المتأخرون بناءً على أصول المذهب. أما ادعاء ابن الرفعة (معاصر لابن تيمية) بأن الشافعي نص في كتاب "الأم" على التحريم، فهو غلطٌ منه في الفهم. فكلام الشافعي في "جراح العمد" عن الحلق: «وهو وإن كان في اللحية لا يجوز...». وكلمة لا يجوز قد تعني الكراهة كذلك، فلذلك لم يره محققوا الشافعية نصاً في التحريم. والحليمي (ت403) الذي ربما يكون أول من قال بالتحريم من الشافعية، قد سبقه الخطابي (ت388) وقد قال بكراهة الحلق وندب التوفير في "معالم السنن". والفتوى عند الشافعية المتأخرين تكون على ما قرره الرافعي والنووي، وابن حجر والرملي. وقد ذكر الغزالي (505هـ) في "إحياء علوم الدين" (1|142) خصال مكروهة في اللحية
وفي هذا الاطار شرع إعفاء اللحية للرجل،حتى يتميز عن المرأة فهي أدل على تمام الرجولة وكمال الفحولة ولهذا ذهب بعض العلماء الى اعتبار إعفائهاط أمرا واجبا وحلقها حراما.وذهب آخرون إلى اعتبار اعفائها سنة وحلقها مكروها،فالحنفية اختلفو فمنهم من قال بسنيتها وهو الأوفق لأصول مذهبهم،ومنهم من قال بوجوبها،وكذلك اختلف المالكية،فمنهم من قال بكراهة حلقها ومنهم من قال بحرمته.أما الشافعية فالمعتمد عندهم هو الكراهة،كما جاء عن شيخى المذهب:الرافعى والنووى.والمعتمد عن الحنابلة:وجوب الإعفاء وإن عبر بعضهم بأنه سنة.
يقول العلامة ابن حجر في "شرح العباب"، "قال الشيخان -الرافعي والنووي- يُكرَه حلق اللحية". وهذا هو رأي القاضي عياض من المالكية حيث يقول في "إكمال المعلم"، "ويكره حلقها وقصها". ويقول الإمام شمس الدين عبد الرحمن بن قدامة المقدسي المعروف بابن أبي عمر في "الشرح الكبير على متن المقنع"، "ويستحب إعفاء اللحية"
وذهب بعض مشايخ العصر إلى اعتبار إعفائها سنة من سنن العادات،التى تتغير بتغير الزمان والمكان والعرف،فأجازوا لأنفسهم ولغيرهم حلقها بلا كراهة.مثل الشيخ شلتوت في فتاوى والشيخ محمد ابو زهرة في كتابه(اصول الفقه)
ولست مع الذين قالوا بالوجوب ولا الذين قالوا بأنها من سنن العادات وأرى انها سنة مؤكدة كما جاء في احاديث(سنن الفطرة)ففى الصحيحين عن ابن عمر قال:قال رسول الله(ص)أنهكوا الشوارب،وأعفوا اللحى.
وكذلك في الصحيحين ان النبي(ص)قال(خالفوا المشركين:وفروا اللحى،وأحفوا الشوارب.
والإعفاء كما قال الخطابي وغيره هو:توفيرها وتركها بلا قص:كره لنا قصها كفعل الأعاجم.قال:وكان من زى كسرى قص اللحى،وتوفير الشوارب.
والذين ذهبو الى وجوب إعفاء اللحية وحرمة حلقها،احتجوا بالامر النبوى الوارد بالاعفاء والأصل في الامر:الوجوب الا أن يصرفه عنه صارف.
(ملاحظة قيمة)
ودلالة الامر على الوجوب مطلقا فيها خلاف ذكره علماء الاصول،مثل الزركشي في(البحر المحيط)والراجح منها الرأي الذي يقول:أن ماجاء في القرآن فالاصل انه للوجوب وما جاء في السنة فالاصل أنه للندب والاستحباب.
ولعل كتاب (رياض الصالحين)للامام النووى ومن تتبع أبواب الاستحباب فيه وأبواب الكراهة،تبين له أنه اعتمد الأمر النبوى للاستحباب والندب كما جعل مجرد النهى دالا على الكراهة،أما الوجوب في الامر أو التحريم في النهى فلا يكون الا بقرينة وهذا واضح لكل من يقرأ(الرياض)بتأمل
ويؤكد هذا هنا:أنه جاء في شأن يتعلق بالزى الذي يتأثر كثيرا بأعراف الناس واختلاف بيئاتهم وظروفهم،ولايقال قد اكد الوجوب الأمر بمخالفة المشركين فقد جاء نحو هذا في قوله(ص)أن اليهود والنصارى لايصبغون(أى الشيب)فخالفوهم.متفق عليه
فعليه/ان حلق اللحية مكروه وان اعفائها سنة مؤكدة فمن حلق لحيتة لاينكر عليه ومن اطلق لحيته لاينكر عليه لان(المختلف فيه لا انكار فيه)فأذا كان هناك سنة وادى الى التفرقة بين الاخوة فترك السنة اولى(وقال بعضهم بوجوت ترك هذه السنة) من تطبيقه حتى لايؤدي الى اسقاط فرض وهو الاخوة الاسلامية.
اما مسألة قصها فهذا بحث آخر
فأن اصبت فهذا من توفيق الله وان اخطأت فهذا مني ومن شيطاني.
المراجع
فتح الباري شرح البخاري
صحيح مسلم بشرح النووي
نيل الاوطار للشوكاني
معالم السن للخطابي
فقه الاسلامي وادلته
الاختبارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية
احياء علوم الدين
مراتب الاجماع لأبن حزم
تحفة المحتاج
فقه الطهارة القرضاوي
المفصل عبدالكريم زيدان
البحر المحيط للزركشي

سنة الجمعة القبلية - سنة أم بدعة ؟!



سنة الجمعة القبلية من الأمور الفرعية في الدين وليست من الأمور العقائدية فلا يستوجب أن تُجعل نقطة خلاف ونزاع بين المسلمين؛ إذ إنَّ البعض أخذ يشدد في إنكارها والنهي عن صلاتها أكثر من تشديده على المنكرات المتفق على تحريمها بدافع الهوى والتشهي لا بدافع الوقوف على القول الحق والراجح.
عدم وجود خلاف بين فقهاء المذاهب الاربعة في اصل استحباب الصلاة قبل الجمعة فالكل متفق على صلاة سنة قبل الجمعة او سنة مطلقة وهنا جرى الخلاف على مذهبين :
المذهب الاول:
تنوى سنة مطلقة وبهذا قال اكثر الحنابلة وبعض الشافعية.
المذهب الثاني:
تنوى سنة جمعة وبه قال اكثر فقهاء المذاهب الاربعة وهو قول الثوري وابن مبارك.
دليل المذهب الاول
واحتجوا لذلك بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يخرج من بيته يوم الجمعة فيرقى المنبر ثم يؤذن بلال بين يديه فإذا فرغ بلال من أذانه قام عليه السلام فشرع في الخطبة من غير أن يفصل هو أو أصحابه بصلاة سنة بين الأذانين والخطبة ولم يكن في عهده عليه السلام إلا الأذان الثاني
والجواب عن هذا من وجوه:
الوجه الاول: أن هذا لا يدل على نفي صلاة قبل الجمعة بل ينفي الصلاة بين خروج النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين الخطبة ونفي الصلاة بعد خروجه لا يدل على أنه لم يصَلّ بعد الزوال وقبل الجمعة سنة؛ إذ من المحتمل أنه صلاها في بيته قبل خروجه كما هو شأنه في بقية الرواتب حيث كان يصليها غالباً في بيته ولا سيما قد ورد في أدلة الجمهور أنه كان يصلي البعدية في بيته فكذا القبلية.
وقد روى مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت كان يصلي في بيته قبل الظهر أربعاً ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل فيصلي ركعتين، وكان يصلي بالناس المغرب ثم يدخل فيصلي ركعتين، ويصلي في الناس العشاء ويدخل بيتي فيصلي ركعتين... الحديث".
فإن قيل فكيف تثبت صلاته قبل خروجه؛ إذ لا يدل خروجه من بيته ثم يرتقي المنبر على أنه صلى في بيته كما لا يدل على عدم صلاته.
قالو ان ادلة المثبتين على ثبوت صلاته لها في بيته -صلى الله عليه وسلم- تدل على ذلك.
وأيضاً: بما روى أحمد والترمذي وحسنه بل صححه الشيخ أحمد شاكر عن عبد الله بن السائب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي أربعاً بعد أن تزول الشمس قبل الظهـر ويقول: ((هذه سـاعة تفتح فيها أبواب السمـاء فأُحِبُّ أن يصعد لي فيها عمل صالح))
وفي رواية للإمام أحمد: (أدْمَنَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أربع ركعات عند زوال الشمس)، والعلة هي أن أبواب السماء تفتح في تلك الساعة، فهل أنها تفتح في جميع الأيام وتغلق بعد زوال يوم الجمعة؟ وما الفرق بين يوم الجمعة وغيره؟
الوجه الثاني: أدلة الجمهور التي بمجموعها تثبت سنة قبلية للجمعة أدلة مثبتة، وما جاء به مخالفوهم دليل ينفي فعلى فرض دلالتها على نفي السنة ومساواتها لأدلة الجمهور في القوة، فإن المثبت مقدم على النافي كما هي القاعدة الأصولية في الترجيح.
الوجه الثالث: إن قياس الجمعة على صلاة العيدين في عدم وجود سنة قبلية للعيد قياس مع الفارق؛ لأن الجمعة فرض يمكن أن يكون قبلها وبعدها سنة، أما صلاة العيدين فإنها سنة مؤكدة على أرجح الأقوال فكيف تكون للسنة المؤكدة سنة قبلية أو بعدية مثلها.
الوجه الرابع: إن تشريع الأذان الأول في عهد سيدنا عثمان -رضي الله عنه- كان باتفاق المسلمين فأصبح الأذان مشـروعاً فلا بد من شمول هذا الوقت بالسنة المطـلوبة بقولـه -صلى الله عليه وسلم- : ((بين كل أذانين صلاة))، ولذلك يقول الإمام ابن تيمية في الفتاوى: (ويتوجه أن يقال: هذا الأذان لما سنه عثمان واتفق المسلمون عليه صار أذاناً شرعياً وحينئذ فتكون الصلاة بينه وبين الأذان الثاني جائزة حسنة وليست سنة راتبة كالصلاة قبل المغرب، وحينئذ فمن فعل ذلك لم ينكر عليه ومن ترك ذلك لم ينكر عليه وهذا أعدل الأقوال)
المذهب الثاني:
ذهب جمهور الفقهاء إلى القول بأنها سنة مؤكدة راتبة قبل الجمعة منهم معظم فقهاء المذاهب الأربعة وابن مسعود، وابن عباس، وابن الزبير، والثوري، والنخعي، وابن المبارك.
واستدلوا بما يأتي:
1- ما رواه عبد الله بن الزبير أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما من صلاة مفروضـة إلا وبين يديها ركعتان)) رواه ابن حبان وصححه. فهذا العموم يشمل فريضة الجمعة ولا يوجد دليل لتخصيصها من هذا الحديث.
2- ما رواه ابن ماجـه والطبراني في معجمه الكبيـر عن ابن عبـاس -رضي الله عنهما- قال: (كَانَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- يَرْكَعُ مِنْ قَبْلِ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا لاَ يَفْصِلُ فِى شَىْءٍ مِنْهُنَّ) وهذا الحـديث ضعيف.
قال النووي فيه: (وهو حديث باطل اجتمع فيه هؤلاء الأربعة: وهم ضعفاء ومبشر وضاع صاحب أباطيل) والأربعة هم بقية بن الوليد عن مبشر بن عبيد عن حجاج بن أرطاة عن عطية العوفي.
إلا أن متن هذا الحديث قد رواه أبو الحسن الخلعي في فوائده بإسناد جيد كما يقول الزين العراقي في طرح التثريب من طريق أبي إسحاق عن عاصم بن حمزة عن علي -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وكذا رواه بهذا الإسناد الطبراني في الأوسط عن علي -رضي الله عنه- ثم إنه يقوى بالأثر الآتي:
3- بما روى عبد الرزاق بسند صحيح عن ابن مسعود أنه كان يصلي قبل الجمعة أربعاً وبعدها أربعاً، وروى مثله الطبراني عن أبي إسحاق عن ابن مسعود، ورواه الترمذي وابن أبي شيبة أيضاً
4- روى عبد الرزاق عن الثوري عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي قال كان عبد الله –أي ابن مسعود– يأمـرنا أن نصلي قبل الجمعة أربعـاً وبعدها أربعاً. ورواه الطبراني أيضاً عن طريق عبد الرزاق وغيره
فإن قيل: إن في إسناده عطاء بن السائب وهو ثقة إلا أنه اختلط. يقال: إن هذه الرواية عن الثوري وهو قد سمع من عطاء قبل اختلاطه باتفاق المحدثين.
وبهذين صح عن ابن مسعود أنه صلى أربعاً قبل الجمعة وأمر بها ولا شك أن فعل وقول الصحابي في أمور لا تقبل الاجتهاد له حكم الرفع.
5- قد يستدل لثبوتها بما يرويه البخاري عن عبد الله بن مغفل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((بين كل أذانين صلاة)) فإنه يشير إلى وجود صلاة بين الأذان الأول والأذان الثاني وليس ذلك إلا السنة القبلية للجمعة.
فإن قيل إن الأذان الأول لم يكن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينما قال الحديث. قلنا: إنه شرع بسنة سيدنا عثمان وأقره الصحابة عليه دون وجود منكر فصار إجماعاً ولا شك أن أي سنة يسنها الخلفاء الراشدون تعد مقرة من قبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القائل: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي))...الحديث.
6- إثبات السنة قبل الجمعة من فقه الإمام البخاري؛ لأن فقهه منطوٍ في عناوين صحيحه حيث جاء العنوان (باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها) فهو ذكر القبلية فيه ولم يذكرها في الحديث استناداً إلى المبدأ الذي سار عليه في صحيحه أنه لا يكتب فيه كل صحيح إلا ما ثبت أن الراوي قد عاصر والتقى بمن روى عنه.
فلعله قد ثبت لديه دليل ثبوتها ولكن الدليل لم يكن بالدرجة التي التزمها في صحيحه، وإليك نص الحديث: عن ابن عمر -رضي الله عنه- : (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين في بيته وبعد العشاء ركعتين، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين).
قال ابن حجر في فتح الباري: " وقال ابن التين لم يقع ذكر الصلاة قبل الجمعة في هذا الحديث، فلعل البخاري أراد إثباتها قياساً على الظهر. انتهى
وبعد هذا لم يبق أي مجال لمن ينكر وجود سنة قبل صلاة الجمعة، وأوصي الأخوة المتحاملين عليها بتخفيف الحملة على مثل هذه الأمور الخلافية حرصاً على وحدة المسلمين
والله اعلم .