السؤال: شيخنا؛ متى يشرع التكبير المطلق والجهر به في عشر ذي الحجة والتكبير المقيد في الاضحى ؟ جزاكم الله خيرا
الجواب : الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد:
فقد ذهب العلماء الى ان التكبير في العشر من ذي الحجة وفي العيدين على ثلاثة اقسام:
1- التكبير المطلق: وهو الذي لا يتقيد بشيء ، فيُسن دائماً ، في الصباح والمساء ، قبل الصلاة وبعد الصلاة ، وفي كل وقت ويكون من أول العشر إلى نهاية أيام التشريق وهو غروب شمس الثالث عشر من ذي الحجة.
2- التكبير المُقيَّد : فيبدأ من بعد صلاة الفجر من يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق على الصحيح ، وهو مقيد بأدبار الصلوات المكتوبة، وهو خاص بعيد الأضحى وهذا لغير الحاج ، وأما الحاج فيشتغل في حال إحرامه بالتلبية حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر ، وبعد ذلك يشتغل بالتكبير ، ويبدأ التكبير عند أول حصاة من رمي الجمرة المذكورة ، وإن كبر مع التلبية فلا بأس ، لقول أنس رضي الله عنه في صحيح البخاري : ( كان يلبي الملبي يوم عرفة فلا ينكر عليه ، ويكبر المكبر فلا ينكر عليه ) ، ولكن الأفضل في حق المُحرِم هو التلبية ، وفي حق غير المُحرِم هو التكبير في الأيام المذكورة.
والتكبير المطلق والمقيد يجتمعان في أصح أقوال العلماء في خمسة أيام، وهي: يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق الثلاثة، وأما اليوم الثامن وما قبله إلى أول الشهر فالتكبير فيه مطلق لا مقيد.
3- التكبير غير المُقيَّد : هو التكبير في عيد الفطر، حيثُ يبدأ من غروب الشمس من ليلة الفطر، وحتى خروج الإمام إلى الصلاة.
وقد ذهب أكثر اهل العلم الى مشروعية التكبير المطلق والجهر به في الايام العشر من ذي الحجة، واحتجوا بما ياتي:
1- قوله تعالى: { لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ }. الحج :28. وهذه الأيام هي الأيام العشر عند جمهور المفسرين.
2- قوله تعالى: { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ }. البقرة: 203. وهذه الأيام هي أيام التشريق الثلاثة .
3- قول النبيّ عليه الصلاة والسلام : ((أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل )) رواه مسلم .
4- ما روى الامام البخاري في صحيحه تعليقا عن ابن عمر وأبي هريرة -رضي الله عنهما-: (أنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما) وكان عمر بن الخطاب وابنه عبدالله -رضي الله عنهما- : (يكبران في أيام منى في المسجد وفي الخيمة ويرفعان أصواتهما بذلك حتى ترتج منى تكبيرًا).
وروي عن النبي عليه الصلاة والسلام وعن جماعة من الصحابة التكبير في أدبار الصلوات الخمس من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم الثالث عشر من ذي الحجة.
5- حديث ابن عمر -رضي الله عنهما – قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : ((مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ؛ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَ التَّحْمِيدِ)).رواه الامام احمد.
قال القاضي أبو يعلى الحنبلي:( التَّكْبِيرُ فِي الْأَضْحَى مُطْلَقٌ وَمُقَيَّدٌ؛ فَالْمُقَيَّدُ عَقِيبَ الصَّلَوَاتِ. وَالْمُطْلَقُ فِي كُلِّ حَالٍ فِي الْأَسْوَاقِ، وَفِي كُلِّ زَمَانٍ. وَأَمَّا الْفِطْرُ فَمَسْنُونُهُ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ) [المغني لابن قدامة المقدسي2/273 ].
قال الحافظ ابن رجب : (وروى جعفر الفريابي، من رواية يزيد بن أبي زياد، قال: رأيت سعيد بن جبير وعبد الرحمن بن أبي ليلى ومجاهدا - أو اثنين من هؤلاء الثلاثة - ومن رأينا من فقهاء الناس يقولون في أيام العشر: "الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد". وروى المروزي، عن ميمون بن مهران، قال: أدركت الناس وإنهم ليكبرون في العشر، حتى كنت أشبهه بالأمواج من كثرتها، ويقول: إن الناس قد نقصوا في تركهم التكبير. وهو مذهب أحمد، ونص على أنه يجهر به"( . [فتح الباري 6/112].
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى 24/20 : ( أصح الأقوال في التكبير الذي عليه جمهور السلف والفقهاء من الصحابة والأئمة: أن يكبر من فجر عرفة إلى آخر أيام التشريق عقب كل صلاة ) .
الخلاصة:
التكبير المطلق والمقيد والجهر به من افضل العبادات والقربات في الايام العشر من ذي الحجة، ويكون التكبير المطلق الذي لا يختص بوقت ومكان من أول العشر إلى نهاية أيام التشريق وهو غروب شمس الثالث عشر من ذي الحجة.
واما التكبير المقيد، فيبدأ من بعد صلاة الفجر من يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق على الصحيح ، وهو مقيد بأدبار الصلوات المكتوبة، وهو خاص بعيد الأضحى وهذا لغير الحاج.
والأمر في صيغ التكبير واسع، وذلك لعدم وجود نص ثابت عن النبيّ عليه الصلاة والسلام يحدد صيغة معينة، وما دام الأمر كذلك فللمسلم أن يكبر بأي صيغة من صيغ التكبير التي وردت عن السلف الصالح ومنها : ((اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، واللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وللَّهِ الحمدُ)). والله تعالى اعلم
د. ضياء الدين عبدالله الصالح