السبت، 21 سبتمبر 2019

*هل التسبيح يرد القدر؟*

سبِّح قبل أن تتحسّر على تسبيحه :
 *هل التسبيح يرد القدر؟*
قرأت شيئاً لفت نظري فأحببت أن الفت نظرك إذا أتممت ما سوف تقرؤه ونحن غافلون
تتبعت التسبيح في القرآن فوجدت عجباً، وجدت أن
التسبيح يرد القدر كما في قصة يونس عليه السلام قال تعالى " فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون "
وكان يقول في تسبيحه "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " .
والتسبيح هو الذكر الذي كانت تردده الجبال والطير مع داود عليه السلام قال تعالى " وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير " .
التسبيح هو ذكر جميع المخلوقات قال تعالى " ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض " .
ولما خرج زكريا عليه السلام من محرابه أمر قومه بالتسبيح قال " فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا "
ودعا موسى عليه السلام ربه بأن يجعل أخاه هارون وزيرا له يعينه على التسبيح والذكر قال " واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا " .
ووجدت أن التسبيح ذكر أهل الجنة قال تعالى " دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام "
والتسبيح هو ذكر الملائكة قال تعالى " والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في اﻷرض" .
حقا التسبيح شأنه عظيم وأثره بالغ لدرجة أن الله غير به القدر كما حدث ليونس عليه السلام .
اللهم اجعلنا ممن يسبحك كثيرا ويذكرك كثيرا.
فسبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.
هاتين الظاهرتين ( التسبيح والرضا النفسي )
لم تكونا مرتبطتين في ذهني بصورة واضحة، ولكن مرّت بي آية من كتاب الله كأنها كشفت لي سرّ هذا المعنى، وكيف يكون التسبيح في سائر اليوم سببًا من أسباب الرضا النفسي ؛
يقول الحق تبارك وتعالى:
"وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمسِ وقبل غروبها ومن آناءِ الليل فسبّح وأطراف النهار لعلّك ترضى"
لاحظ كيف استوعب التسبيح سائر اليوم ..
قبل الشروق وقبل الغروب وآناء الليل وأول النهار وآخره
ماذا بقي من اليوم لم تشمله هذه الآية بالحثّ على التسبيح !
والرضا في هذه الآية عام في الدنيا والآخرة .
وقال في خاتمة سورة الحجر: "ولقد نعلم أنه يضيق صدرك بما يقولون * فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين"
فانظر كيف أرشدت هذه الآية العظيمة إلى الدواء الذي يُستشفى به من ضيق الصدر والترياق الذي تستطبّ به النفوس .
ومن أعجب المعلومات التي زودنا بها القرآن أننا نعيش في عالم يعجّ بالتسبيح :
"ويسبح الرعد بحمده"
"وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير"
"تسبح له السماوات والأرض ومن فيهن، وإن من شيءٍ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم"
سبحانك يارب ..ندرك الآن كم فاتتنا كثير من لحظات العمر عبثًا دون استثمارها بالتسبيح !
جعلنا الله وإياكم أحبتي من المسبحين الله كثيرآ .. آمين
مرروها لأحبابكم وضاعفو أجوركم وسيكون في صحائفكم تسبيحكم وتسبيحهم إن شاء الله ...
*اَسعَدَ اللهُ أَوْقَاتَكًمْ بِذِكْر اللهِ وَتَسبِيحِه..*

مقال غاية في الروعة :

مقال غاية في الروعة :
  
_ الإسلام الإيراني..دين طائفي يندب ويلطم على زوال إمبراطورية هشمت أوصالها سيوف العرب.
_لن يسمح صانع القرار السياسي في البيت الأبيض بسقوط النظام الإيراني وإنهاء هذا العبث في دولنا العربية.. أما مانشاهده اليوم من معارك إعلامية بين واشنطن وطهران لا يتجاوز الحرب الكلامية.. وهو يأتي ضمن خطة أمريكية الغاية منها تركيع نظام طهران وتوظيف الملالي أمريكيا.
_ فإذا كانت أمريكا تحرص فقط على أمن إسرائيل.. فإن إيران ستعطيهم ذلك مقابل السماح لها لتكملة عربدتها في المنطقة لأن الهدف الإيراني هو تدمير العرب والإسلام.
_ دون أدنى شك أن إيران اليوم بتعاونها الغير معلن مع إسرائيل وبتخطيط أمريكي، تخطوا خطوات هامة لتعزيز تواجدها العسكري في منطقة الشرق الأوسط..حيث تعتبر إيران منطقة الخليج العربي قلب العالم وأحد مسارح القوة الإيرانية وأنه مركز استراتيجي في تخطيط النظام الأمني في المنطقة.
_وإذا ماسلمنا بعداء إيران لإسرائيل احتياطيا ؟ فلربما هنالك توظيف شيطاني يقتضي أن تحدث حرب بينهما لكي تنتهي الى نتائج كارثية على شعوبنا التي ستكون على رؤوسنا وفي ساحتنا حتما. أما إيران فلن تقصف إسرائيل طبعا ولن تجرأ إطلاقا على إثارة غضب أمريكا وبعض دول الغرب المتصهينة،بل سيكون دور إيران في هذه الحرب تدمير كل القدرات العسكرية للعرب وجميع المواقع الحيوية والبنية التحتية لدول الخليج ولن تتورع عن تدمير مكة المشرفة وهدم الكعبة.
تشهد العلاقات الأمريكية_ الإيرانية منذ زمن طويل جدلا واسعا لكثير من الباحثين والسياسيين.. هذه العلاقة المشبوهة التي حيرت الرأي العالمي وأنتجت ردود أفعال وآراء ونظريات وبحوث يمكن أن تكون وما زالت أغلبها لتصل إلى نتيجة واحدة وهي احتمالية سقوط النظام الإيراني.. بل أن البعض تكهن حتى في توقيت تغيير النظام. لكن الحقيقة تقول" إن ديناميكية الصراع بين واشنطن وطهران تدخل في تدوير عجلات اقتصاد تصدير السلاح والسيطرة على البترول".
كيف نقرأ السياسة:
كما ذكرت في أحدة مقالاتي السابقة.. فإن البحر تتلاطم أمواجه على السطح، بينما بعمق أمتار يسبح السمك وتعيش الكائنات بهدوء تام.. هكذا تقرأ السياسة.
لكن الأخطاء تفرض حالتها ضمن سلسلة معقدة وخفيّة من الإجراءات، وأفدح الأخطاء تلك التي تنتج عن الحسابات الخاطئة أو التي لم تضع وزنا لديناميكيّة التحولات التاريخيّة وغضب الطبيعة. لعلّ الفرضيّة الخاطئة التي تم اعتمادها في تقييم العلاقات الأمريكية_ الإيرانية من خلال الحرب الإعلامية بين واشنطن وطهران؟ لكن ما يجري في الخفاء تسعين بالمائة من مجريات الأحداث الحقيقية، وعشرة بالمائة فقط يترشح للظاهر، لأن السياسة تقرأ من نتائج الحدث وليس في سياقه. لكن الحقيقة التاريخية التي يجب أن نؤمن بها هي.. لايمكن حسم إشكالية النزاع بين الدول العربية وإيران، لأن المخطط المرسوم يقتضي تنفيذه على مراحل الذي يتضمن أن يتم توسيع التدخل الإيراني في الدول العربية من خلال حروب محسومة النتائج بتدبير قوى دولية لها مصالح بذلك، بمعنى آخر يمكن أن نعتبر أن إيران موظفة لمشروع دولي سياسي وعسكري، ومن هذا الاعتبار علينا أن ندرك الظرف التاريخي الذي شهد ومازال صراعا محتدما بين العرب والفرس، ولا نتجاهل المتغيرات الطارئة على مستوى السياسة الدوليّة وتبدل موازين القوى لكي نحدد قيمة ووزن إيران الجيو السياسي والاستراتيجي عالميّا وإقليميّا على ساحة الشرق الأوسط. وسيبقى موضوع العلاقات الأمريكية_ الإيرانية وتداعياته على منطقة الشرق الأوسط عموما والدول العربية بالتحديد، متأرجحا بين شعوب تمزقها الخلافات الطائفية والمذهبية وتعاني من الظلم والفقر والاستبداد بما يسمح ويوفر فرصة لتمرير المخططات وتنفيذ المشاريع على حساب وجودها. وفي الجانب الآخر قد ينظر حلفاء إيران أو المفتونين بإيران.. إن إيران أصبحت قوى عظمى وإن أمريكا وحلفائها قد فشلوا بحماية أمن الخليج، وبات البديل (الفارسي)، هو أكثر ضمانا لحفظ أمن الخليج.. لكنهم.. يتناسون أن من أمن العقاب وأخذ الضمانات من الدول الكبرى ساء التصرف وأباح لنفسه بأن يلعب دورا إقليميا أكبر من حجمه، وهذا ما ينطبق على إيران جملة وتفصيلا، لأن حكومة طهران لا تستطيع أن تحرك مركبا شراعيا خارج حدودها دون ذلك الضوء الأخضر لها، ليبدو في النهاية وكأن إيران هي من ترسم حدود العالم.
مما لاشك فيه أن إيران عدو للعرب والإسلام قطعا..ولكي لا تختلط المفاهيم فالإسلام الإيراني بمجمله تراث إيراني صفوي يرتدي ثياب الولاء لأهل بيت الإمام علي عليه السلام رضي الله عنه وأرضاه، ليس أكثر من ذلك قط. وكما ذكرنا في المقدمة، أن الإسلام الإيراني..دين طائفي يندب ويلطم على زوال إمبراطورية هشمت أوصالها سيوف العرب، فكيف يمكن لمنظرين المشروع الصهيوني أن يتجاهلون حقيقة التناقض الديني المتشبع بالحقد القومي لمشروع الخميني الذي يفوق الصهيونية في عداء العرب؟ وهل يفوتهم التخطيط والتنسيق مع من يقاسمهم هدف تدمير العرب؟ أمّا لأي مستوى وحدود؟ هذا تفرضه شروط الغدر واللصوصيّة والسياسات الغير أخلاقية التي تتقاسمها إيران وأمريكا إقليميّا وعالميّا..ولمن يريد التزود بالمعلومات يمكنه أن يراجع" ملفات إيران جيت أو وثائق ويكيليكس والبنود السرية لاتفاقية التعاون المشترك خمسة زائد واحد حول السلاح النووي الإيراني، والاتفاقية السرية جدا التي وقعها أحمدي نجاد مع بايدن في بغداد والتي بموجبها تتعهد إيران بحماية المصالح الأمريكية في العراق بعد انسحاب القوات الأمريكية مقابل تسليم العراق لإيران والسماح لها بالتغيير الديموغرافي وضرب المقاومة العراقية نيابة عن أمريكا تحت مسمى الإرهاب".
أخيرا.. سنبقي ما نسبته 3 بالمائة من القناعة بعداء إيران لإسرائيل احتياطيا ؟

💡مقال جدير بالقراءة💡

💡مقال جدير بالقراءة💡
 نشرت الصحف في 8 سبتمبر الجاري خبراً عن قيام سيدتين غير محجبتين (إيفا جاندين، وآن سوفي) بإمامة عشرات المصلين في صلاة اختلط فيها الرجال بالنساء بصالة مكتظة في العاصمة الفرنسية باريس.
حصلت السيدتان المذكورتان على تمويل يسمح لهما باستئجار الصالة وإلقاء خطب دينية وإمامة الصلاة مرة كل شهر على مدى سنة.
وصرحت السيدة إيفا جاندين وهي تبدأ نشاطها بالقول: إنها "لحظة مهمة بالنسبة لـ(إسلام فرنسا)، خصوصاً لكون هذه الصلاة من شأنها أن تضمن المساواة بين النساء والرجال في الديانة الإسلامية".
وفي قاعة الصلاة المختلطة، كانت خطبة الجمعة باللغة الفرنسية، يتم ترجمتها إلى العربية بانتظام.
بعض النسوة المصليات ارتدين الحجاب، والبعض الآخر لا يرتدين الحجاب، بمن فيهم السيدتان اللتان تقومان بالخطابة والإمامة، فقد ارتدت إحداهن تنورة طويلة والثانية بنطلون جينز.
السيدتان إيفا جنادين وآن سوفي- مونيسني اعتنقتا الإسلام في وقت سابق، وتريدان منذ عدة سنوات أن تقدما ما تسميانه "إسلاماً تقدمياً ومتحرراً" على أرض الواقع.. و تقول آن سوفي- مونيسني تعليقاً على ما قامت به مع زميلتها: "اليوم ومع هذه الصلاة الجماعية المختلطة الأولى من نوعها، يتحقق هذا الأمر"، وتزعم أنه "لا يوجد في الدين الإسلامي ما يمنع المرأة من أن تؤمّ الصلاة بالرجال والنساء"!
وفي حديث سابق مع صحيفة "القدس العربي"، أوضحت صاحبة هذا المشروع، السيدة كاهنة بهلول، أنها صاحبة الفكرة مع زميلها فاكر كورشان، أستاذ الفلسفة ومؤسس جمعية "من أجل إحياء الفكر المعتزلي"، وأن ذلك يأتي "انطلاقاً من رفضنا للواقع الحالي للمساجد في فرنسا التي تعكس إسلاماً متزمتاً لا يقبل التأويل لقراءة النصوص التراثية".
واعتبرت كاهنة بهلول أن "هناك تمييزاً كبيراً بحق المسلمات، بحيث لا يسمح لهن بالدخول إلى قاعات الصلاة الرئيسية، ويجدن أنفسهن معزولات في قاعات ضيقة لا تصلح للصلاة.. وزعمت أن العديد من المسلمين في فرنسا لا يجدون تناغماً مع الخطاب الحالي المقدم في المساجد، الذي يقوم على الفكر التقليدي(!) الذي عفا عليه الزمن!
وتضيف: "فيما يخص الإمامة، سأتولاها أنا بالتناوب مع زميلي كورشان. وسنقوم بالشيء نفسه بخصوص خطبة الجمعة التي ستكون هي الأخرى بالتناوب".
وتجدر الإشارة إلى أن هناك مشروعاً لإطلاق أول مسجد في باريس تتولى فيه الإمامة سيدة، ويسمح باختلاط النساء والرجال، مع حرية ارتداء الحجاب أو عدمه، وقد اختار أصحاب الفكرة للمسجد المنتظر اسم "مسجد فاطمة"!
سبقت هذه المحاولة محاولات مشابهة في كل من السويد وإيطاليا حيث قامت بعض النساء بالإمامة والخطابة، ولكن محاولاتهن قد فشلت.
وهناك سؤال أوّلى: من الذي يموّل هذه المحاولات مالياً ويشجّع عليها؟ ولماذا الإسلام بالذات، مع أن النصرانية أو اليهودية لا نجد فيها مثل هذه المحاولات، وشرح الدين بهذه الطريقة التقدمية التحررية كما يسميها أصحابها، ولم تكن هناك "قسيسة" في الكنيسة أو "حاخامة" في الكنيس أو "كاهنة" في المعبد البوذي؟
لاريب أن هناك أيد ملوثة تشجع هذه المحاولات وتمولها، وإذا لاحظنا الإشارة في كلام السيدتين الفرنسيتين عن الفكر المعتزلي، وربطنا بينها وبين ما يقال في العالم العربي عن بعث الفكر المعتزلي، وتصويره بأنه الفكر العقلاني، بينما غيره هو الفكر الرجعي السلفي التقليدي الجامد، أدركنا لماذا الإصرار على تقديم إسلام غير الذي جاء به الوحي والسنة الشريفة.. إنها محاولة تبشيرية لتشكيل إسلام فرنساوي، مثل محاولة تشكيل إسلام أمريكي من قبل، يقدم الرقص والغناء والسيارة لكزس على أساسيات الحياة الاجتماعية من علم وعمل معرفة؟
ما علاقة العبادات التي تكون بين العبد وربه بقيم العقلانية والتحررية والتقدمية والليبرالية الاشتراكية وغيرها؟ إنهم ينكرون على الإسلام أن يكون له شأن بالسياسة والمجتمع، ويحصرونه بين أربعة جدران، فلماذا يدخلون بين هذه الجدران بمبادئهم السياسية والفكرية؟ إنهم يردّدون ليل نهار أن الإسلام ليس سياسة مع أنه كله سياسة، وحين يدخل الإسلام المسجد للصلاة يقحمون السياسة فيه.
لماذا؟
لقد ابتهج العلمانيون في بلاد العرب بهذه النسخة من الإسلام الفرنساوي وباركوها، وصفقوا لها، لأنها من وجهة نظرهم تعبّر عن تطوير للإسلام، وتأقلم مع العصر، ولكنهم لم يطلبوا من النصارى واليهود والوثنيين تطوير معتقداتهم.
إن علمنة المسلمين في فرنسا وأجيالهم الجديدة، والداخلين في الإسلام من الفرنسيين، تعبير عن موروث بغيض من التعصب والكراهية، (الإسلامو فوبيا) ، وقد عبر عنه الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي بمخططه الذي سماه الإسلام الفرنساوي l’islam de France " ، وغايته الصريحة، هي القضاء على الإسلام في بلاده من خلال إلغاء الهوية الإسلامية.
لا أحد في فرنسا يستطيع أن يغير تقاليد الكهنوت، أو يجعل سيدة تقود القداس يوم الأحد، أو تقوم بطقوس الغفران والحرمان، ولكن القوم في حربهم ضد الإسلام لا يتورعون عن العبث بالقرآن الكريم وتأويله على هواهم، والإطاحة بما اتفقت عليه الأمة منذ عصر المبعث، ومخالفة العبادات التي اصطلح عليها المسلمون. ويحسبون بعد ذلك أنهم حققوا التقدم والاستنارة والتحرر؟!
المفارقة أن دعاة العلمانية في فرنسا والغرب، لا يتقبلون أن يعبرّ المسلمون عن إسلامهم، يسمحون لليهود والبوذيين والسيخ والهندوس وغيرهم أن يمارسوا طقوسهم بالطريقة التي تروقهم، ولكنهم يضيقون بشعائر الإسلام، ويصرون على التدخل فيها، وإلا فإن العدوان على المسلمين والمسلمات صار أمراً عادياً في بلاد التنوير والحرية! في الوقت الذي أعلنت فيه الإمامتان عن خطتهما الشائهة، نشرت وكالة الأناضول خبراً عن تعرض محجبة، الأربعاء 11/9/2019م، لطعنة بالسكين أمام زوجها وابنيها في بلدة سوريل كومتال، جنوبي فرنسا.. وقالت صحيفة لوباريزيان الفرنسية، إن السيدة المحجبة أصيبت بجروح بالغة ونقلت إلى المستشفى.
هكذا يتعاملون مع المسلمات المحجبات، بالطعن ومحاولات القتل، ناهيك عن المضايقات في العمل والشواطئ والمواصلات والمدارس، ويبشرنا بعضهم في بلادنا أن العلمانية بإسلامها الفرنساوي ستجعلنا في مصاف الدول المتقدمة. يا حسرة على العباد!
المؤلم حقاً أن يكون هناك بعض من بني جلدتنا يتسمون بأسماء إسلامية، ويصرون على نقل الإسلام الفرنساوي أو الأمريكي إلى بلادنا، وتتاح أمامهم سبل النشر والتعبير دون قيود أو سدود، فيرددون مزاعم مستهلكة، ويلحون عليها دون أن تتاح لعلماء الإسلام أن يردوا على مزاعمهم ويفندوها بدليل النقل ودليل العقل.
ما معنى الإصرار مثلا على تحميل الإسلام مسئولية ظلم المرأة، واستخدام السيف في الدعوة، ووضع الحضارات القديمة في مواجهة حضارة الإسلام وعطائه؟
لقد كان الإسلام أول من كرّم المرأة، وأنقذها من الوأد، وجعل لها ذمة مالية مستقلة، وهو ما لا يتوفر للمرأة في الغرب، والإسلام لم ينتشر أبدا بحد السيف، بدليل بسيط، وهو أن أكبر دولة إسلامية في العالم وهي إندونيسيا لم تطأها قدم مجاهد مسلم بل انتشر الإسلام فيها عن طريق التجار والمسافرين، ثم إن الحضارة الإسلامية هي حضارة الأخلاق والعمل والإتقان، وقامت على منهج التوحيد وليس الوثنية وعبادة الأشخاص.
إن الإسلام الفرنساوي الذي يتم تجنيد بعض المنسوبين إلى الإسلام لنشره، والدعوة إليه، لا يمثل الدين الحق، ولا يعبر عن إيمان حقيقي أو اقتناع بمنهجه وتشريعاته وآدابه. الإسلام مرجعيته الأولى: الكتاب والسنة وإجماع الأمة، عدا ذلك تخريب وعدوان على دين رب العالمين. وصدق الله تعالى:
"قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا" (الكهف: 103 - 105).

شريعتنا شريعة الرحمة والحضارة ولكن ..

شريعتنا شريعة الرحمة والحضارة ولكن ..
تعد الرحمة واحدة من الأركان المُؤَسِسة لمنظومتنا القيمية .. وتمتد تجلياتها في جوانب حياتية متعددة، منها رحمة الأستاذ لطلبته من خلال بناء علاقة أبوية مبنية على العطف والحنان، ومنها رحمة مدير المؤسسة لمعيته، من خلال بناء فريق عمل متجانس يتجاوز الروتين، ويقدم خدمة مجتمعية سَلِسَلة، ويعمل بروح التعليمات لا بحرفيتها، ومنها علاقة الموظف مع مراجعيه من خلال القيام بواجبه الوظيفي على أساس مصلحة المراجع والإشفاق عليه ، ومنها علاقة المفتي بسائليه من خلال تقديم الرؤية الفقهية المنسجمة مع الواقع، المتسقة مع القواعد، المنبثقة من مقاصد التشريع.
مازال الكثير من الناس يتصور أن الشريعة تلاحق الناس في حركاتهم وسكناتهم بل وحتى في خلجات نفوسهم، فلا مكان للرخصة في قاموسهم، ولامكان للتخفيف فيما يعرض عليهم في حالات معينة، ولا أثر للرحمة في قسمات الأحكام وواقع السلوك.
إن العديد من الأحكام التي تسبح في مخيالنا هي أحكام فرضها العرف أوالمجتمع أو الظرف التاريخي، ولم تفرضها الشريعة، فالمرأة المعتدة في تصور الكثير يجب عليها أن تبقى حبيسة جدران أربعة طوال أربعة أشهر وعشرا، والرجل الطاعن في السن الذي يعاني من أمراض الدنيا لابد أن يأتي بواجبات الحج بنفسه، وإلا فإن حجه ناقص! كما ويتصور البعض أن الرق مازال موجودا في أروقة الشريعة، وأنه لمَّا ينتهِ بانتهاء موجباته العالمية، وأن الأصل في العلاقة مع غير المسلم هو البراء والقطيعة.. الى ما لا حصر له من الصور والجزئيات.
الحقيقة أن الخلل فينا لا في شريعتنا، الخلل في عرض أحكام المنظومة التشريعية، لقد طغى الخطاب الوعظي الذي يُغَلِّب جانب الترهيب، فأنتج إنسانا خائفا من لقاء ربه، واستفحل الخطاب الشكلي الذي يتعامل من النصوص على أنها قوالب خالية من المقصد والروح، فأنتج فقها عقيما لا يتسق مع الفطرة، وساد الخطاب التخديري الذي يخدر المتلقي ويقول له: "أن لنا الآخرة ولغيرنا الدنيا"، فأنتج إنسانا خارج السياق الحضاري.
وبسبب هذه الثقافة ساد تصور عند قطاعات غير قليلة بأن المتخصص في الشريعة هو إنسان خارج عن العصر، بعيد عن إشكاليات المجتمع، قاصر عن فهم تعقيدات الحياة التي زحفت إليها العولمة، وقيم الحداثة؛ لأن الصورة المرسومة في مخيالهم لهذا المتخصص أنه جاثم على ركبتيه وبيده سبحته، وكلما سئل عن أمر يقول: لا يجوز !
آن الأوان أن نخرج من هذا الأفق الضيق، ونعلم بأن لنا شريعة تنطوي على قيم في أعلى سلم الرقي، وشريعة واقعية تتعاطى مع المتغيرات من خلال مناهج معرفية قادرة على الاستجابة للعصر، آن الأوان أن نغادر تلك التصورات التي خيمت على عقولنا، وأن ننفتح على العصر ونحن متسلحون بكليات الوحي ( كتابا وسنة ) .