الاثنين، 12 يونيو 2017

من هو الشهيد وماهي أصل كلمة الشهادة ؟؟


 
يعني كثر الحديث عن مصطلح الشهيد في القنوات الفضائية 
وخلطوا بين الشرع والدين واستخدام مصطلح الشهادة في السياسة
فقد اصبحنا كلنا من المتقين في الشهادة فقط ؟ ، أما ماعدا ذلك فالتقوى هو من كل شيء حلال ؟؟
والنبش في المحرمات هو فصل الخطاب !!
فهذا من الدواعش يرهب الناس باسم الشهادة في سبيل الله !!!
وهذا من عصائب أهل الحق يغتال ويغتصب باسم الشهادة في سبيل الحسين ؟
وهذا اليساري يستشهد في سبيل المبدأ؟
وذاك الكوردستاني يستشهد دفاعاً عن القومية و الوطن .....
وهناك الذي يسلب ويستشهد في سبيل النهب !!!!
المهم الكل يغني بمواويل الشهادة 
والكل يظن أنه في الجنة وغيره في النار 
وكل هؤلاء شهداء بالمفهوم السياسي
فكيف نفهم الحقيقة بالمفهوم الديني الآخروي فقط

من هو الشهيد وماهي أصل كلمة الشهادة ؟؟

كثر الحديث عن مصطلح الشهيد في الآونة الأخيرة واصبح مدار جدال حول هذا المصطلح 

وهنا أود الذكر بأن تأثر البعض بالتنويريين وفلاسفتهم في علم الكلام وترجمتهم للمصطلحات القرآنية ترجمة لغوية فقط غير مبالين للمعنى الشرعي للمصطلح مع العمل على قطع الصلة بين التراث التاريخي لحركة الاسلام والتراث الفقهي مع المرويات قطعاً تاماً و التي تعد كنوزاً تراثية لايمكن تهميشها أو نفيها بحجة بطلانها لما جرت عليه من تدليس أو تحريف أو من باب التنظير للأمور من خلال البعد اللفظي فقط لمعاني كل كلمة قرآنية حسب اللغة العربية التي أيضاً سيكون لنا فيها مقال.
وهذا لايعني أننا ننفي إنتقادنا لهذا التراث بل نحن مع غربلته ونساند الذين يعملون بجد لتنقيح وغربلة هذا التراث وتصفيته من الاخبار المدسوسة المناقضة لصريح الدين او التي كانت أسير ثقافات مغلوطة اصبحت مع مرور الزمن جزءأً من الواقع وتم تقديسه ليصبح جزأً من
الدين !

فهناك مافي الفقه والمرويات ما أكل عليه الزمن وشرب ففيه الغث والسمين واصبح واجب التجديد حسب قوانين الرقي الحضاري الذي نشهده وحسب المفاهيم القرآنية العظيمة التي تعري كل بيان لاينسجم مع روحه ومقاصده العليا لكن لسنا مطلقاً مع العبث المعرفي الذي من خلالها تعمل على قطع أوصال معاني قرآنية يراد بترها واستصغارها بحجة عدم ذكرها صراحة في القرآن .......
ومنها مصطلح الشهيد ! 

الذي سنقوم ببيان هذا المصطلح العظيم وسنسلط الاضواء على هذه الكلمة من خلال رؤية المجددين الذين يربطون المعاني العظيمة في القرآن الكريم مع المفهوم التاريخي الصحيح للكلمة والذي ينسجم مع رسائل البيان الرباني الخالد

فمن هو الشهيد ؟
الشهيد لغة في القرآن جاء بمعنى : الإخبار، والحضور، والعلم، واليمين. و«الشهيد» لغة: من يؤدّي الشهادة، والحاضر، والذي لايغيب عن علمه شيء.
وهناك فرق بين الشهيد والشاهد في القرآن 

فالشهيد:
هو سامع الحدث ومبصره وحاضره، فالذي يحضر ويسمع عقد بيع بين متبايعين فهو شهيد وليس شاهداً.
والشهيد مفرد جمعه شهداء.

اما الشاهد
فهو من علم ودرى بالخبر من دون حضور. ثم حلله واستنتج منه بفضل خبراته النتائج. فمراسلوا القنوات الفضائية مثلاً شهداء، أما الذين يشاهدون التلفزيون ويسمعون الخبر فهم شاهدون. فلا بد لوجود الشاهدين أن يسبقه وجود شهداء. مثاله قوله تعالى 
(… وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِين ).

والشهادة والشهداء، جاء معناها الاصطلاحي مُسْتَقىً مما أضفاه الإسلام على كثير من الألفاظ والتعابير العربيّة معاني دلاليّة جديدة تضاف إلى معانيها اللغويّة، فعادت لفظة الشهادة تُعْطِي معنى «السبيل إلى تحقيق المنزلة الكريمة والمكانة العالية التي وعدها الحق تبارك وتعالى لمن قُتِلَ وهو يجاهد في سبيله، نصرةً لدينه، وإعلاءً لكلمته» وصارت لفظة «الشهيد» تعطي معنى «كل من قُتِلَ أو مات وهو يجاهد في سبيل الله، مُقْبلاً غيرُ مُدْبِرٍ، صابرًا ثابتًا، مُحْتَسِبًا أجرَه عند الله تعالى»

وأول استخدام لمصطلح الشهادة بمعناه الإسلامي الاصطلاحي كان في غزوة «بدر»، وإن كان هناك شهداء سبقوا هذه المعركة، مثل «سُمَيَّة» أُمّ عمار بن ياسر – رضي الله عنهما – وهي أول شهيد في الإسلام؛ حيث قتلت قبل غزة «بدر» وقبل الهجرة والإذن بالقتال.

والمعنى الحقيقي للشهيد لايعني الذي قُتل في سبيل الله فقط مع عِظَم عمله بل يشمل الاحياء أيضاً كما بينه الله تعالى في الاية المباركة 
قال تعالى: ( وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً )
فكلّ مسلم و مسلمة هم [ شـهداء ] و لو ماتوا موتاً طبيعـيّاً لكن ضحوا بأقصى مايمتلكون من إمكانات ومنها مايضحي بأغلى ماعنده فيقدم نفسه ودمه في سبيل الله و اعلاء كلمة الله 

فالشهادة كما هي مبينة في الآية تعني مرتبة من مراتب من أنعم الله تعالى عليهم، والشهيد هو من بلغ المكانة التي تجعل شهادته معتمدة عند رب العالمين عندما يضحي بما يمتلك في اي سبيل من سبل الله لتحقيق المقاصد الدينية وسبيل الله يتضمن كل القيم والمبادئ والمثل العليا الإسلامية، فمن قُتل دفاعا عن الحق أو للمطالبة بالقسط والعدل وكان مؤمنا فهو شهيد.لأنه ضحى بنفسه في حالات الضرورة التي تقتضي ذلك وقتله في هذا السبيل سيرتقي به الى مرتبة الشهيد الحيّ بنفسه عند ربه حياة حقيقية تكاد تكون حسية 
(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ )

ولايجوز التحجج بأنه لم يذكر مصطلح الشهيد في 
هذه الآية لأن بيان شهادته بأنه شهيد هو دمه الذي سال ،، وتضحيته الحقيقة والخالصة الذي جعله يفدي بنفسه بحيث يُقتل في سبيل الله ،،
المهم كل من امتلك صفة الشهيد سيعوض بعد انتقاله إلي عالم البرزخ بنوع من الحياة الخاصة التي تجعله مطلعا على أحوال طائفة من الناس وشهيداً عليهم، 

وللعلم أن الرسول الأعظم هو الشهيد على أمته وهو الشهيد على شهداء الأمم.(كذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ)

إن مرتبة الشهادة هي من المراتب الإنسانية العليا ويصل اليها الفرد عندما يحدث فيه من الصلاح الرباني العالي بعد أن مرَّ بمرحلة التزكية الصحيحة عندما يتعرف على ربه ويصل الى مقامات التعرف الرباني ومن مقومات هذا المقام أن يكون عارفاً وعالماً ومستيقضاً لمجريات الأمور لينال مرتبة اليقضة الربانية والوعي في الدنيا وأيضاً في عالم البرزخ متنعمين برزق رباني .

والشهادة هي مقام من المقامات التي يصل اليه الانسان عندما يصل معيار عمله في الإصلاح بجد وعزم لتحقيق المقصد الديني عابراً لحدود الصلاح الذاتي الى إصلاح الكيانات الانسانية سواءً كانت في حدود أسرة أو المجتمع والوطن الذي يعيش لتصل الى الأمة وقيامه بكل ما يمكنه من أعمال ذات نفع مثل الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتصدي لأهل الظلم والبغي والقيام بالقسط والدفاع عن المستضعفين.

والشهادة يستحقها أيضاً العلماء المؤمنون المخلصون والصادقون في نياتهم الذين ضحوا بالملذات العابرة وعرضوا أنفسهم للمخاطر لتحقيق اكتشاف جديد ينفع الناس أو يخفف عنهم آلامهم دينية كانت أم دنيوية الغرض منها عمارة الأرض .

والجدير بالذكر أن الله سبحانه وتعالى يختار الشهداء في سبيله؟
قال الله تعالى
( وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء )
أي لايبدوا في نظر الناس من حوله أنه يستحق هذه المرتبة العالية ومايقوم به من أعمال ظاهرة 
لكن هناك ماهو شيء دفين في نفوس هؤلاء يعلمه الحكيم العليم ؟
يتمثل في حبهم للقيم العليا ورفضهم للظلم والطغيان وعملهم الدؤوب لكي تكون المصلحة الكلية غالبة على المصلحة الجزئية وتفانيهم من أجل قيمة نبيلة يؤثرون بها على أمور شخصية وأنانية النفس المتمثلة في الشح والحرص الذاتي التي هي ديدن النفوس
وقد لايدكون هم هذه الميزة التي يمتلكون هم ذلك 
فتتجلى هذا المقام لهم مع مرور الزمان والايام ويشهد عليه الوقائع والاحداث ....

وللعلــــم 
فإن كل وسائل الدعوة الى الله سلمية ولا يجوز الاعتداء على أحد بحجة نشر الاسلام وماالى ذلك من المفاهيم
أو يكون آلة لتمرير مشاريع إجرامية باسم الدين!!
فهو سيكون قد خسر الخسران المبين 
لكن من قُتل من أجل الدفاع عن حقوقه التي شرعها الله له فهو شهيــد
ومن قُتل دفاعاً عن داره أو أهله أو ماله أو عرضه فهو شهيــد 
والوطن كما هو معلوم في هذا العصر هو الجامع والحامي للدور والاهل والعرض والمال 
فمن قُتل دون وطنه فهو شهيد