الاثنين، 2 مارس 2020

💥ما حكم التطهر بماء زمزم ؟


 
السؤال: شيخنا كنت اتوضأ في العمرة بماء زمزم واغتسل به احيانا ، ولكن احدهم نهاني وقال: لا يجوز الوضوء والغسل بماء زمزم لأنه ماء مبارك، افتونا مأجورين.
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في جواز التطهر بماء زمزم على قولين :-
القول الاول: جواز الوضوء والغسل بماء زمزم، تبركاً وتشريفاً ولعدم ثبوت نهي فيه، ولأنه ماء طهور فأشبه سائر المياه .
وهـذا مذهـب جمهور الفقهاء، منهـم الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عند الحنابلة.
وكره الحنفية استعماله في إزالة الخبث حاشية [ابن عابدين 1/180].
وإزالة النجاسة بماء زمزم خلاف الأولى عند الشافعية [إعانة الطالبين 1/107]
ويحرم إزالة النجاسة فقط في قول في مذهب الحنابلة [الإنصاف 1/27، 29].
لان الحدث ليس فيه إهانة لماء زمزم؛ لأنه ماء طهور، لاقى بدنًا طاهرًا، بخلاف الخبث، فإن فيه إهانة، وهو ماء مبارك ليس كسائر المياه.
واحتج الجمهور بما يأتي :
1 – حديث انس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (( رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وحانت صلاة العصر فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوا فأُتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوضوء فوضع في ذلك الاناء يده وامر الناس ان يتوضؤوا منه فرأيت الماء ينبع من تحت اصابعه حتى توضؤا من عند اخرهم )) متفق عليه.
وجه الدلالة : ان الماء الشريف يجوز رفع الحدث به وماء زمزم مثله ماء شريف متبرك به فلا بأس برفع الحدث به .
2 –حديث علي بن ابي طالب -رضي الله عنه-: ((ان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- دعا بسجل من ماء زمزم فشرب منه وتوضأ)). [مسند الامام احمد ، السنن الكبرى للبيهقي، وحسّنه الشيخ الالباني في ارواء الغليل برقم 1124].
3 –حديث ابي ذر الغفاري-رضي الله عنه- : (انه ازال به الدم الذي ادمته قريش حين جرحوه) . رواه مسلم.
4 – ثبوت غسل اسماء بنت ابي بكر -رضي الله عنها- ولدها عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- حين قتل وتقطعت اوصاله بماء زمزم بمحضر من الصحابة وغيرهم ولم ينكر ذلك احد.
ووجه الدلالة في النصين واضح اذ لو كان هناك نهي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنكر الصحابة ذلك .
القول الثاني : يكره التطهر بماء زمزم لان ذلك ينافي التشريف والتكريم .
وهذا مذهب العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- حيث نقل عنه انه قال في ماء زمزم : (لا احلها لمغسل لكن لمحرم لشارب حل وبل) [رواه ابن أبي شيبة 1/ 36]. وهو رواية عن الامام احمد بن حنبل.
واُجيب : نهي العباس عن الاغتسال من ماء زمزم لعلة وهي تنزيه المسجد من التعري، او لقلة الماء وكثرة الشارب فيضيق ذلك على الناس، فلا يحمل النهي هنا للتحريم . ثم ان العباس -رضي الله عنه- لم يرفع التحريم للنبي عليه الصلاة والسلام فهو اذاً من قبيل الموقوف عليه .
👍المفتى به:
هو قول الجمهور بجواز الوضوء والغسل بماء زمزم ، وذلك لعدم ثبوت نهي عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، ولصحة ما استدل به الجمهور، وانه ماء طهور كسائر المياه ، وان شرفه لا يلزم منه التحريم، فهو كالماء الذي نبع بين اصابع النبي -صلى الله عليه وسلم- وتوضأ منه الناس .
وكذلك من المعلوم ان هاجر وابنها -عليهما السلام- لم تكن تستعمل ماءاً سواه وكذلك من نزل معها وبعدها من العرب، ( فشرع من قبلنا شرع لنا اذا لم يثبت في شرعنا ناسخ له على التعيين ) .
وكذلك لا يوجد دليل يمنع إزالة الخبث به، لكن إن وجد غيره في إزالة الخبث، فتركه أولى، وإن لم يوجد غيره، فلا مانع من إزالة الخبث به، بشرط ان يكون في مواضع الوضوء وليس من مبردات شرب الماء. والله تعالى اعلم .