الجمعة، 4 أغسطس 2023

تعرف الى تحريفات الألباني العقدية !

 

تحريفات الألباني العقدية

blogs الألباني

عندما تتحول العصبية للعالم إلى عقبة في طريق الحركة الإسلامية، تعوقها عن الريادة والقيادة للمجتمع، فيحيل التسليم الأعمى لتقريراته وتنظيراته بينهم وبين الوصول إلى تغيير حقيقي. ويزيد الطين بله إذا امتدت يد هذا العالم أو الداعية إلى النصوص بالتحريف لينصر قضية (ولو كانت صحيحة)، فهو في هذه الحالة قد كتب على نفسه الجرح والنقد. فمن بدهيات علم التصنيف وأبجدياته أن يلتزم المصنف بالأمانة العلمية وجوبًا، إذ أن صيانة علوم الشريعة مبناه على الصدق، إذ لو كذب نقلة الشريعة فمن يصدق إذن.

الأمانة العلمية هي رأس مال المصنفين

قال السجزي: كل مدع للسنة، يجب أن يطالب بالنقل الصحيح بما يقوله، فإن أتى بذلك علم صدقه، وقبل قوله، وإن لم يتمكن من نقل ما يقوله عن السلف، علم أنه محدث زائغ، وأنه لا يستحق أن يصغى إليه، أو يناظر في قوله. أهـ (الأشباه والنظائر). يقول العلامة بكر أبوزيد: يجب على طالب العلم فائق التحلي بالأمانة العلمية في الطلب والتحمل والعمل والبلاغ والأداء. فإن فلاح الأمة في صلاح أعمالها وصلاح أعمالها في صحة علومها وصحة علومها في أن يكون رجالها أمناء فيما يروون أو يصفون فمن تحدث في العلم بغير أمانة فقد مس العلم بقرحة ووضع في سبيل فلاح الأمة حجر عثرة.

الألباني وتحريف النصوص العقدية

والشيخ الألباني رحمة الله عليه رغم ما له من جهود في إحياء السنة، إلا أنه لم يسلم من الوقوع في هذه الآفة (التدليس) خاصة في نصوص العقيدة، مما حدا بكثير من أهل العلم للتصدي له ونصحه في حياته، إلا أنه لم يذكر عنه تراجع أو تصحيح لما أقترفه من جناية في حق نفسه وحق الأمة، فامتدت يده لنصوص سلفية فحرفها نصرة لمذهبه، مما أكد رأي مخالفيه من كونه متهم بالإرجاء. وسأسرد أربعة نماذج لتحريفات النصوص العقدية موضحا الغرض منها بالمقارنة بين أصل النقل وموضحا خطورة هذا التحريف.

 

التحريف الأول:

حرف الألباني قول الحافظ في الفتح وبدل كلمة (المصلين) ب(المسلمين) نصرة لمذهبه في عدم تكفير تارك الصلاة معولا على (أن الصلاة عمل والأعمال الصالحة كلها شرط كمال)

تحريف الشيخ الألباني في كتابه حكم تارك الصلاة لقول الإمام بن القيم في كتابه الصلاة (أن الكفر نوعان: كفر عمل وكفر جحود وعناد) إلى: قد أفاد – رحمة الله (أن الكفر نوعان: كفر عمل وكفر جحود و(اعتقاد)، وذلك في كتابه (حكم تارك الصلاة ص 37 دار الجلالين بالرياض)، وفي (السلسلة الصحيحة حديث 3054 ج7 ص134). لكن ما خطورة تبديل الشيخ الألباني لقول الإمام بن القيم؟ 

هو بهذا التحريف يجعل الكفر المخرج من الملة فقط ما كان مشروطا باعتقاد، ولم يفرِّق الشيخ -رحمه الله- بقيد الاعتقاد أو الاستحلال الاعتقادي.. بين ترك الفرائض وركوب المحارم، فكلاهما عنده سواء، وهذا يخالف تقريرات أهل السنة. قال سفيان بن عيينة: المرجئة سموا ترك الفرائض ذنباً بمنزلة ركوب المحارم وليس سواءً لأنن ركوب المحارم متعمداً من غير استحلال معصية، وترك الفرائض من غير جهلٍ ولا عُذْر كُفْر  وخلاف ما أجمع عليه أهلُ السُّنة والجماعة في أنَّ الكفر يكونُ بالقول أو الفعل أو الاعتقاد أو الشك أو الترك.

التحريف الثاني:
تحريفه فيما ينقله عن شارح العقيدة الطحاوية أبي العز الحنفي ونسب إليه مالم يقله، في قوله (نقل عن أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، (أن الذنب أي ذنب كان هو كفر عملي لا اعتقادي)، وأن الكفر عندهم على مراتب كفر دون كفر كالإيمان عندهم) (العقيدة الطحاوية شرح وتعليق الألباني، المكتب الإسلامي 1398 هـ، صـ 40 ــ 41). وبمراجعة (شرح العقيدة الطحاوية) على تحقيقات العلامة أحمد شاكر وتحقيق بشير عيون، والتركي والأرنؤط تبين أن الشارح لم يقل ذلك البته. وحاصل كلام الألباني أن أي ذنب كان لا يكفر فاعله إلا أن يستحله استحلالا قلبيا اعتقاديا، فإن لم يستحله كان كفراً أصغر.

والألبـاني لم يكن أمينـا في النقل عن ابن أبي العز الذي لم يقل هذا الكلام، وإنما وصف ابن أبي العز الكفر الأصغر (كفر دون كفر) بالكفر العملي فقال: (ولهذا امتنع كثير من الأئمة عن إطلاق القول بأنا لا نكفر أحداً بذنب، بل يقال لا نكفرهم بكل ذنب كما تفعله الخوارج) (شرح العقيدة الطحاوية صـ 355 ــ 356). هذا كلام الشارح فتأمل الفرق؟!

التحريف الثالث:
تحريفه في النقل عن بن حجر في فتح الباري نصرة لمذهبه فقال: في (حكم تارك الصلاة ج1 ص160 – والصحيحة ج7 ص 149). ويعجبني بهذه المناسبة ما نقله الحافظ في (الفتح) (12 / 300) عن الغزالي أنه قال: (والذي ينبغي الاحتراز منه: التكفير ما وجد إليه سبيلا فإن استباحة دماء(المسلمين) المقرين بالتوحيد خطأ والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك دم لمسلم واحد). ونص كلام الحافظ في الفتح: وقال الغزالي في كتاب التفرقة بين الإيمان والزندقة والذي ينبغي الاحتراز عن التكفير ما وجد إليه سبيلا فإن استباحة دماء (المصلين) المقرين بالتوحيد خطأ والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك دم لمسلم واحد.

فحرف الألباني قول الحافظ في الفتح وبدل كلمة (المصلين) ب(المسلمين) نصرة لمذهبه في عدم تكفير تارك الصلاة معولا على (أن الصلاة عمل والأعمال الصالحة كلها شرط كمال) وهذا بدعا من القول يخرج عن محل الخلاف في تارك الصلاة عند أهل السنة ولم يقل به أحد من السلف.

التحريف الرابع:
حرّف كلام شارح العقيدة الطحاوية ونسب إليه قوله (فعلينا الاجتهاد في الاستغفار (والتربية) وإصلاح العمل) (الطحاوية تحقيق الألباني طبعة المكتب الإسلامي، صـ 47)، وفي أصل الشرح كلمة (التوبة) لا (التربية)، والغريب أنه في طبعه حديثة بعد وفاة الشيخ كتب في الهامش: وهم الشيخ في النقل. ولو (وهم الشيخ) ما علق في الهامش وبني على هذا التحريف أنه لا يجب الخروج على الحكام المعاصرين بل الواجب الاشتغال بالتربية، (بصرف النظر عن جواز الخروج أو عدمه بحسب وصف الواقع).

فمن أجل التربية حرف الألباني كلمة التوبة إلى التربية، والتربية عنده تعني: التربية القائمة على التصفية، فلا بد من الأمرين معاً، التصفية والتربية، فإن كان هناك نوع من التصفية فهو في العقيدة. أهـ (موسوعة الألباني في العقيدة ج6 ص13). فلا تتم التربية إذا بلا تصفية في العقيدة (فهل تتم تصفية العقيدة بتحريف النصوص البين والتلاعب في أقوال أهل العلم)؟

لا يدفعنا التعصب وحب الشيخ والتقليد له أو لغيره لتعطيل العقل وإنكار ما ثبت من تحريفاته يقينا
لا يدفعنا التعصب وحب الشيخ والتقليد له أو لغيره لتعطيل العقل وإنكار ما ثبت من تحريفاته يقينا

خطورة هذه التحريفات

ترجع خطورة هذه التحريفات في أنها تقول وكذب متعمد وهذا لا يجوز لآحاد طلبة العلم الصغار فضلا عن العلماء، قال ابن حزم (فاعلموا أن تقويل القائل ــ كافراً كان أو مبتدعاً أو مخطئاً ــ ما لا يقوله نصاً كَذِبٌ عليه، ولا يحل الكذب على أحد)، (الفصل، لابن حزم، جـ 5 صـ 33). وهـذه الأخطـاء تطعن في عدالة الألباني وتجعل الثقة لا تقوم بتقريراته العقدية خاصة، ويجعل الاعتماد على كتبه محل نظر. قال البخاري (تركت عشرة آلاف حديث لرجل فيه نظر، وتركت مثلها أو أكثر منها لغيره لي فيه نظر) (هدي الساري، صـ 481).

وقد يستغرب البعض ما سبق، فأقول لا تستغربوا فقد نقل الشيخ الالباني مئات النقول في تضعيف الأحاديث لكون صاحبها مدلس مثل: الحسن البصري وهو من هو الذي وصفه أبو حامد الغزالي بأنه: أشبه الناس كلاما بكلام الأنبياء، وأقربهم هديا من الصحابة. وكان غاية في الفصاحة، تتصبب الحكمة من فيه، فهل شيخنا الألباني يبلغ مكانته؟ ومثله في تراجم الأفاضل ومنهم: محمد بن حازم الضرير (أبو معاوية) ت سنة 113هـ قال ابن حيان كان حافظًا متقنًا ولكن كان مرجئًا خبيثًا، وقال أبو داود، كان رئيس المرجئة بالكوفة. فالذين لا يتقبلون هذه الحقيقة هل يرون أن الشيخ الألباني – رحمه الله وغفر الله لنا وله – أحفظ وأعلم من أبي معاوية؟ مع حفظه وإتقانه؟

 

فلا يدفعنا التعصب وحب الشيخ والتقليد له أو لغيره لتعطيل العقل وإنكار ما ثبت من تحريفاته يقينا، فقد قال بن الجوزي في تلبيس إبليس: "اعلم أن المقلد عَلَى غير ثقة فيما قلد فيه وفي التقليد إبطال منفعة العقل لأنه إنما خلق للتأمل والتدبر وقبيح بمن أعطي شمعة يستضيء بِهَا أن يطفئها ويمشي فِي الظلمة واعلم أن عموم أصحاب المذاهب يعظم فِي قلوبهم الشخص فيتبعون قوله من غير تدبر بما قَالَ وهذا عين الضلال لأن النظر ينبغي أن يكون إِلَى القول لا إِلَى القائل.