الاثنين، 12 يونيو 2023

هل صح عن النبي انه قال : إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ مَعاليَ الأُمورِ ، و أَشرافَها ، و يَكرَهُ سَفْسافَها ؟

 

- إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ مَعاليَ الأُمورِ ، و أَشرافَها ، و يَكرَهُ سَفْسافَها
الراوي : الحسين بن علي بن أبي طالب | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 1890 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
   

إنَّ اللهَ جميلٌ يحبُّ الجمالَ ، ويحبُّ مَعاليَ الأمورِ ، ويكرهُ سَفسافَها
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة
الصفحة أو الرقم: 4/167 | خلاصة حكم المحدث : إسناده لا بأس به في الشواهد

أَرْشَدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه إلى مَعالِي الأُمورِ في الأقوالِ والأفعالِ، وحذَّرَها مِن رَذائلِها، كما في هذا الحَديثِ، حيثُ يَقولُ: "إنَّ اللهَ جميلٌ"، أي: إنَّ اللهَ سُبحانه جَميلُ الذَّاتِ والأفعالِ، وله صِفاتُ الجَمالِ والكَمالِ، "يُحِبُّ الجَمالَ"، أي: ويُحِبُّ مِن عِبادِه الاتِّصافَ بالجَمالِ في كلِّ شُؤونِهم، ويُحِبُّ أنْ يَرى أثَرَ نِعمتِه على عبْدِه مِن غَيرِ إسرافٍ ولا مَخيلةٍ، "ويُحِبُّ مَعاليَ الأُمورِ"، أي: يحبُّ الأمورَ عاليةَ الشأنِ ورفيعةَ القدْرِ التي ترفعَ قدْرَ صاحبِها، مِثلَ: عِزَّةِ الإيمانِ وقوَّتِه، والامتثالِ لله والرَّسولِ، "ويَكرَهُ سَفْسافَها"، أي: رَديئَها وحَقيرَها والتوافهَ التي تُنبئُ عن الخِسَّةِ والدناءةِ، وعدمِ المروءةِ، مِثلَ: الإصرارِ على الذُّنوبِ، والغِيبَةِ والنميمةِ، وتدَخُّلِ المرءِ فيما لا يَعنِيه. والاهتمامُ بالمَلبسِ، والمأكلِ، والمشرَبِ، وحُسْنِ المظهر في حُدودِ الشرعِ ليس مِن سَفْسافِ الأمورِ، لكن لا يَنبغي أنْ يكونَ ذلك أكبرَ همِّ المسلمِ، أو يَصِلَ به إلى حَدِّ التَّرفِ والإسرافِ، أو يكونَ على حِسابِ دِينه وأخلاقِه.
وفي الحديثِ: إثباتُ صِفةِ الحُبِّ للهِ سُبحانَه وصِفةِ الكُرهِ كذلِك.
وفيه: الحَثُّ على الاتِّصافِ بالجَمالِ المادِّيِّ والمعنويِّ.
وفيه: الإرشادُ إلى الحِرصِ على فِعْلِ معالي الأمورِ في الدِّينِ والحياةِ، والابتعادِ عن الأفعالِ الدَّنيئةِ.

حكم قصر الصلاة في مِنى للحاج ؟

 قصر الصلاة في مِنى للحاج

💥
السؤال: شيخنا هل يقصر ويجمع الحاج الصلاة في مِنى في يوم التروية وفي أيام التشريق؟ أم عليه الاتمام؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
👈فقد اجمعت الامّة الاسلامية على وجوب الاقتداء في مناسك واعمال الحج بالنبيّ -صلى الله عليه وسلم- ووجوب متابعته في المناسك كلها، لقوله -صلى الله عليه وسلم- في صحيح مسلم وغيره : ((خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ)).
يعني " تعلموا مني أحكام حجكم وعمرتكم فافعلوا مثل ما أفعل"، وهذا خطاب لمن كان معه من الصحابة الكرام، ولمن يأتي بعده إلى يوم القيامة، فيجب على كل حاج أو معتمر أن يقتدي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في أداء المناسك كلها.
👈ومن هذه المناسك التي يجب ان يقتدي بها الحاج هي قصر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - للصلاة في منى في يوم التروية وايام التشريق من غير جمع، فلا تلازم بين الجمع والقصر في السفر، فقد يجمع المصلي ولا يقصر، وقد يقصر ولا يجمع، مع العلم أن القصر سنة، والجمع رخصة ، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - في صحيح البخاري: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)).
وقد اختلف الفقهاء في علة قصر الصلاة في مِنى هل كان لأجل النسك -أي لأنه من أعمال الحج- أم كان لأجل السفر؟ على قولين :
👈القول الاول: انه لأجل النسك ، وهو مذهب المالكية وقول عند الشافعية وقول عند الحنابلة وهو قول اكثر اهل العلم.
لأنه لم يثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر من صلى خلفه بعرفة ومزدلفة ومنى من المكيين أن يتموا الصلاة كما أمرهم أن يتموا لما كان يصلى بهم بمكة أيام فتح مكة حين قال لهم: ((أَتِمُّوا صَلاَتَكُمْ، فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ)).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى [26/170]: (وبهذا قال أكثر الفقهاء كالشافعي وأحمد إن قصر الصلاة بعرفة ومزدلفة ومنى وأيام التشريق لا يجوز إلا للمسافر الذي يباح له القصر عندهم .... وذهب طوائف من أهل المدينة وغيرهم منهم مالك وطائفة من أصحاب الشافعي وأحمد كأبي الخطاب في عبادته الخمس إلى أنه يقصر المكيون وغيرهم وأن القصر هناك لأجل النسك، والحجة مع هؤلاء أنه لم يثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر من صلى خلفه بعرفة ومزدلفة ومنى من المكيين أن يتموا الصلاة كما أمرهم أن يتموا لما كان يصلى بهم بمكة أيام فتح مكة حين قال لهم: "أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر"، فإنه لو كان المكيون قد قاموا لمّا صلوا خلفه الظهر فأتموها أربعا ثم لمّا صلوا العصر قاموا فأتموها أربعا ثم لمّا صلوا خلفه عشاء الآخرة قاموا فأتموها أربعا، ثم كانوا مدة مقامه بمنى يُتمّون خلفه لما أهمل الصحابة نقل مثل هذا).
👈القول الثاني: ان علّة القصر هي السفر، وهو قول الامام الشافعي وقول للإمام احمد. ومذهب الحنفية ان علة القصر للسفر، والجمع في عرفة ومزدلفة للنسك .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله تعالى- في مجموع فتاويه : (أما العلة: فقال جماعةٌ: إنها النُّسُك، وقال جماعةٌ: إنها السفر، ولكن التعليل بالسَّفر لا يتمشَّى على رأي الجمهور؛ لأن الجمهور يرون المسافة يومًا وليلةً، وليس بين مكة وبين المشاعر إلا الشيء اليسير.
فالصواب أن نقول: علينا أن نتبع السّنةَ ونأخذ بها، أما العلَّة فإلى الله تعالى، سواء كانت العلةُ النُّسك، أو غير ذلك، العلة والحكمة لا نعلمها، الله أعلم، فعلينا أن نتمسَّك بما دلَّ عليه شرعنا، وما دلَّت عليه سنة نبينا- عليه الصلاة والسلام-، ويكفينا هذا، أما العلة والحكمة فالله أعلم؛ لأنَّ القول بأنه من أجل النُّسك محل نظرٍ، والقول بأنه من أجل السَّفر محل نظرٍ، ولكن علينا أن نفعل ما أقرَّه نبينا – صلى الله عليه وسلم- من كونه أقرَّ أهل مكة ولم يمنعهم من قصرٍ، ولا من جمعٍ، ويكفينا هذا والحمد لله).
👍المفتى به:
من السُّنة على الحاج أن يقصر الصلاة في وقتها بمنى في اليوم الثامن، وفي أيام التشريق، من غير جمع بين الصلوات، إقتداءا بالنبيّ – صلى الله عليه وسلم- وهذا هو الراجح من أقوال أهل العلم دون الخوض في علّة ذلك فالله اعلم بها، وهو فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- والكثير من الصحابة الكرام والتابعين من السلف الصالح.
فالسُّنة للحجاج في منى أن يصلوا كل صلاة في وقتها ؛ قصرا بلا جمع ، إلا المغرب والفجر : فلا يُقصران ؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بالناس بمنى وعرفة ومزدلفة قصرا كما تواتر ذلك عنه في صفة حجه -عليه الصلاة والسلام-، ولم يثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر من صلى خلفه بعرفة ومزدلفة ومنى من المكيين أن يتمّوا الصلاة كما أمرهم أن يتمّوا لمّا كان يصلى بهم بمكة أيام فتحها.
واما مَن أخذ من الحجاج بالقول الثاني فأتم الصلاة بمنى، فإن صلاته صحيحة ولا يلزمه إعادتها. والله تعالى أعلم.
د. ضياء الدين عبدالله الصالح