الثلاثاء، 2 مايو 2023

لو سمحت افهم هذه النقاط العشرة جيدًا:

 لو سمحت افهم هذه النقاط العشرة جيدًا:

1- الشرك وعبادة القبور وهمٌ لا يوجد في أرض الواقع؛ فإن أكبر وأشنع مخالفة ممكن أن يفعلها زائر مشاهد الأولياء والصالحين هي السجود لقبره، ومع ذلك فلا يوجد مسلم - قديما ولا حديثا - مهما بلغ به الجهل يسجد لقبر عبادةً له من دون الله، حتى نكفره؛ وقد اتفقت كلمة علماء الإسلام (إلا من شذ) على أن السجود للقبر تعظيما حرام وليس كفرًا أو شركًا، فيجب تعليمه وإرشاده ونهيه، لا تكفيره وإخراجه من الملة!!
2- معنى اتخاذ القبور مساجد: هو اتخاذ القبر نفسه وجعله مكانا للسجود؛ تعظيمًا وعبادةً لصاحب القبر، أو جعل القبر قبلة دون القبلة المشروعة، كما يفعل أهل الكتاب؛ حيث يتوجّهون بالصلاة إلى قبور أحبارهم ورهبانهم (راجع كل شروح كتب السنة ومنها فتح الباري 1/525 وشرح النووي 5/13)
3- الصلاة في مسجد سيدنا الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة والسيد البدوي وغيرها جائزة باتفاق المذاهب الأربعة وجميع فقهاء المسلمين المعتبرين سلفًا وخلفًا؛ لأن اتصال المسجد بضريح نبي أو صالح، غيرُ داخل في أحاديث النهي عن اتخاذ القبور مساجد أصلًا.
4- لا يوجد في بلاد المسلمين شرقا وغربا مسجد مبني على قبر معروف وظاهر، لأن كل القبور المعروفة والمشاهد محاطة بمقصورة (فكرة الضريح) تمنع أي أحد أن يصلي عليه أساسا؛ فهي مساجد متصلة بضريح نبي أو صالح، وليست مساجد مبنية على القبور.
5- التوسل هو قول القائل: اللهم إني أسألك بحق النبي أو بجاهه، أو بحق فلان من الصالحين أو بجاهه ونحو ذلك؛ وهي مسألة فقهية فروعية، وليس مسألة صوفية ولا عقدية.
6- القول المعتمد في المذاهب الفقهية الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة أن التوسل جائز ومشروع (راجع بالتفصيل أقوال المذاهب الأربعة في الموسوعة الفهية الكويتية ج14 ص156)
7- الأدلة منها: حديث عثمان بن حُنيف في توسل الأعمى، وهو حديث صحيح متفق على صحته بين المحدثين، ولا يوجد عالم مطلقا (قبل ابن تيمية) حمله على تخصيصه بحياة النبي صلى الله عليه وسلم فقط، وقد ثبت وقوع التوسل في عهد سيدنا عمر بن الخطاب حينما ذهب بلال بن الحارث المزني إلى قبره عليه الصلاة والسلام، والقصة صحيحة ثابتة كما بينا ذلك من قبل.
8- لا يوجد عالم من السلف أو الخلف حرم التوسل (قبل ابن تيمية)، وحتى ابن تيمية نفسه نقل عنه تلميذه ابن كثير ( في البداية والنهاية 18/74) أنه تراجع عن قوله في تحريم التوسل.
9- من أراد أن يتوسل فليتوسل ومن لم يرد فلا حرج ولا إثم ولا أي شيء عليه، لأنه في النهاية أمر جائز ومشروع فليس فرضًا ؛ فالهدف الرئيس هو غلق أبواب فتنة التبديع والتضليل والتكفير والتي رفع لواءها المنتسبون والمتأثرون بالتيارات السلفية المعاصرة.
10- ومن ثم فلا يجوز بأي حال من الأحوال تبديع أو تضليل - فضلا عن الحكم بالشرك على - من يتوسل بالأنبياء والصالحين، ويصلي في مساجدهم ويزور مشاهدهم، ولْيعلم (هذا المبدّع أو المضلّل أو المكفّر) أنه على خطر عظيم لسَيره بسيرة الخوارج الأولين؛ من حيث الاعتداءُ على العقائد وإكْفار الموحدين!!!.
..........

جكم لفظ (سيدنا) محمد ﷺ:

 //لفظ (سيدنا) محمد ﷺ://

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «أنا سيد ولد آدم» أخرجه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال ﷺ: «أنا سيد الناس يوم القيامة» متفق عليه.
فالنبي ﷺ هو سيد الأولين والآخرين، وسيد الخلق أجمعين اتفاقًا.
والأدب أن نقول "سيدنا محمد" ولا نقول "محمد"
ولا أن نتحرج فنقول "نبينا محمد" تهربًا من قول: "سيدنا محمد"
أما قوله ﷺ: "السيد هو الله"
فإن السيد الخالق هو الله تعالى، سيد على كل خلقه ومن سواه عبيده. وهناك سيادات أخرى مجازية للمخلوقات على بعضها، قال تعالى: (أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) [آل عمران: 39] فذكر أن يحيى عليه السلام سيدٌ.
عن سليمان بن موسى قال: «لكل شيء سيد، وسيد المجالس مستقبل القبلة»
أما حديث "السيد هو الله"
فإن ذلك كان في بداية الرسالة لقوم حديثي عهد بإسلام، لهم رؤساء وملوك وأكابر يعظمونهم، وينقادون لأمرهم، ويسمونهم السادات كما حكى القرءان عن ذلك: (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) [الأحزاب: 67]
فكانوا يظنون أن سيادة النبوة والإسلام هي كسيادة الجاهلية التي كانوا يعرفونها، وعندما نزل الوحي مخبرًا (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات: 13] وفقه المسلمون الفرق بين الجاهلية والإسلام، والإيمان والكفر، والتقوى والفسوق، ونزل الوحي يعلمهم الأدب مع رسول الله ﷺ عرفوا الفرق بين سيادة الجاهلية وبين سيادة الإسلام والتقوى والإيمان
فقال ﷺ: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر)،
وقال ﷺ: (قوموا إلى سيدكم) يعني سعدًا بن معاذ،
وقال ﷺ: (فاطمة سيدة نساء العالمين)،
وقال ﷺ: (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة في الجنة)
وقال ﷺ: (أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة في الجنة)
وقال ﷺ: (علي سيد في الدنيا وسيد في الآخرة)
ولا يمكن أن يتناقض رسول الله ﷺ لأنه معصوم (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)
وفهم الصحابة رضوان الله عليهم ذلك، فقال سيدنا عمر رضي الله عنه: (أبو بكر سيدُنا وأعتق سيدَنا) يعني بلالًا رضي الله عنه،
وغير هذا كثير من النصوص الثابتة في السيادة.
وقد ورد في بعض النصوص أنه ﷺ قال: (أنا سيد الناس يوم القيامة)
وإنما ذكر يوم القيامة لأن ذلك اليوم يوم حق، وتظهر سيادته ﷺ على كل الخلائق، خاصة للذين كذبوه وكفروا به ونازعوه السيادة في الدنيا.
فقال رسول الله ﷺ: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر»
وحديث لاتطروني كما اطرت النصارى عيسى بن مريم حيث انه قالوا انه ابن الله وهل قال شخص مسلم في سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلّم مثل ما قاله النصارى لا والله .
إظهارًا لفضله على من سواه يوم القيامة.
*فتأدَّبوا مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

.رأى تلميذ ابن تيمية في #البناء_على_القبور:

 .رأى تلميذ ابن تيمية في #البناء_على_القبور:

قال تلميذ ابن تيمية أيضا #الإمام_ابن_مفلح_الحنبلي في الفصول : القبة والحظيرة في التربة - يعني على القبر - إن كان في ملكه فعل ما شاء ، وإن كان مُسَبَّلة كره ، للتضييق بلا فائدة .
قال ابن القيم الحنبلي : ما أعلم تحت أديم السماء أعلم في الفقه على مذهب أحمد من ابن مفلح . انتهى .
وفي شرح التوربشتي على المصابيح : وقد أباح السلف البناء على قبور المشايخ والعلماء المشهورين ليزورهم الناس وليستريحوا بالجلوس فيه . انتهى .
وفي شرح زين العرب على المصابيح أيضا : قد أباح السلف البناء على قبور العلماء المشهورين والمشايخ المعظمين ليزورها الناس ويستريحوا إليها بالجلوس في البناء الذي على قبورهم مثل الرباطات والمساجد . انتهى .
البناء أيضا :
قال في شرح البهجة : وفي كراهة كتابة اسم الميت عليه نظر ، بل قال الزركشي : لا وجه لكراهة كتابة اسمه وتاريخ وفاته ، خصوصا إذا كان من العلماء ونحوهم . انتهى .
ص الشيخ أحمد عمر
سلسلة #فتاوي_وهابية والرد عليها

#قراءة_الفاتحة_عند_عقد_الزواج_جائزة_شرعا ؟

 سلسلة #فتاوي_وهابية والرد عليها


قراءة الفاتحة في استفتاح الدعاء أو اختتامه أو في قضاء الحوائج أو في بداية مجالس الصلح أو في عقد النكاح أو غير ذلك من مهمات الناس...
وفي الأصول أن المطلق يجري على إطلاقه حتى يثبت في الشرع ما يخصِّصه، فإذا شرع جل وعز أمرا على سبيل الإطلاق أو العموم فلا يجوز تقييده ولا تخصيصه بوجه دون وجه إلا بدليل، وإلا أدى ذلك إلى تضييق ما وسَّعه الشارع الحكيم وإبطال العمل بعمومات النصوص...
١- قول الله تعالى يقول: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ [الحجر: 87].
٢- والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «﴿الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُه» رواه البخاري من حديث أبي سعيد بن المُعَلَّى رضي الله عنه.
ويقول لجابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «يَا جَابِرُ، أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ سُورَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقُرْآنِ؟» قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «فَاتِحَةُ الْكِتَابِ»، قال راوي الحديث: وأحسبه قال: «فِيَها شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ» رواه البيهقي في "شعب الإيمان".
٣- ويقول صلى الله عليه وآله وسلم: «أُمُّ الْقُرْآنِ عِوَضٌ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَيْسَ غَيْرُهَا مِنْهَا عِوَضٌ» رواه الدارقطني والحاكم من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
٤- هذه الخصوصية للفاتحة هي التي حَمَلَتْ سيدَنا أبا سعيد الخدريَّ رضي الله عنه على الرقية بها دون أن يبتدئه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالإذن أو يعهد إليه بشيء في خصوص الرقية بها وقراءتها على المرضى، فلما أخبر النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم بما فعل لم يُنكِر عليه ولم يجعل ما فعله مِن قَبِيل البدعة، بل استحسنه وصوَّبه وقال له: «وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ» متفق عليه، وفي البخاري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لهم: «قَدْ أَصَبْتُم».
#وجاء_عن_الصحابة الحثُّ على قراءة الفاتحة في بعض المواضع مع عدم ورود نص بخصوصه في ذلك..
٢- وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ في "الثَّوابِ" عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: "إِذَا أَرَدْتَ حَاجَةً فَاقْرَأْ بِفَاتِحِةِ الْكِتَابِ حَتَّى تَخْتِمَهَا. تُقْضَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ."[الدُّر المنثور في التفسير المأثور للحافظ السيوطي (1/24].
وعلى ذلك جرى فعل السلف الصالح من غير نكير، فأخرج أبو الشيخ في "الثواب" عن عطاء رحمه الله تعالى أنه قال: "إذا أردتَ حاجةً فاقرأ بفاتحة الكتاب حتى تختمها تُقْضَى إن شاء الله".
٣- قال العلامة مُلا علي القاري في "الأسرار المرفوعة" (ص: 253، ط. مؤسسة الرسالة): [وهذا أصلٌ لِمَا تعارف الناس عليه مِن قراءة الفـاتحة لقضاء الحاجات وحصول المهمات] اهـ.
كتبه مولانا أحمد عبد الكريم الأزهري حفظه الله ورعاه
باختصار
قد تكون صورة ‏نص‏
كل التفاعلات:
أنت و١٠٤ أشخاص آخرين

حكم قراءة الفاتحة على روح الميت

 


 --حكم قراءة الفاتحة على روح الميت--
روى الحافظ النووي عن الإمام الشافعيّ رضي الله عنه أنه قال: ويستحب أن يُقرأ عند الميّت شىء من القرءان وإن ختموا القرءان عنده كان حسنًا. وهذا فيه ردّ على الذين يحرّمون قراءة القرءان على الميّت المسلم
قال النووي في الأذكار: {أجمع العلماء على أن الدعاء للأمواتِ ينفعهم ويصلهم ثوابه واحتجوا بقولــه تعالــى: (والذين جاءو من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان) [سورة الحشر]}.
روى الطبراني في المعجم الكبير عن عبد الرحمن ابن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال: {قال لي أبي يا بني إذا أنا مِت فألحدني فإذا وضعتني في لحدي فقل: ’’بسم الله وعلى ملة رسول الله ثم سُنَّ عليّ الثرى سَنَّا ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها فإني سمعت رسول الله يقول ذلك} ذكره الحافظ اللهيثمي في مجمع الزوائد .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال سمعت النبي يقـول: إذا مات أحدكم فلا تحبسُوه وأسرعوا به إلى قبره وليقرأ عند رأسه بفاتحة الكتاب وعند رجليه بخاتمة البقرة في قبره ا.هـ أخرجه الطبراني بإسناد حسن.
وروى مسلم والبخـاري أن رسـول الله مر بقبرين فقال: يعذبان وما يعذبان في كبير ثم قال بلى كان أحدهما لا يستتر من بوله وكان الآخر يمشـي بالنميمـة ثم دعا بجـريدة )عرق نخل) فكسرها كِسرتين فوضع على كل قبر منهما كسرة فقيل له: {يا رسـول الله لم فعلـتَ هــذا} قـال: لعله يخفف عنهما ما لم يَيْبَسا أو قال إلى أن يَيْبَسا.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: {استحب العلماء قراءة القرآن عند القبر لهذا الحديث لأنه إذ كان يرجى التخفيف بتسبيح الجريد فتلاوة القرآن أولى وقراءة القرآن من إنسان أعظمُ وأنفعُ من تسبيح العود وقد نفع القرآنُ بعضَ من حصل له ضرر في حال الحياة فالميت كذلك}.
ومن هنا أخذ المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها قراءة الفاتحة في مجالس العزاء وعند ذِكر الميت رجاءَ أن يصل الثوابُ للميت والله لم يحرم الميت المؤمن من الانتفاع بصدقة أو قراءة ولدٍ أو أخٍ صالح وعلى وهذا حمل السيوطي قول الله تعالى: (والذين ءامنوا واتّبعتهم ذريتهم بإيمـــان) وقوله تعالى: (أبآؤكم وأبناؤكم لا تَدْرون أيهم أقربُ لكم نفعاً) [سورة النساء

حكم سماع الموسيقى واستعمال الآلات الموسيقية

 

حكم سماع الموسيقى واستعمال الآلات الموسيقية

قول السائل: أنهم خصصوا حصصا للأناشيد الدينية والوطنية وتعليم السلوكيات بمصاحبة الأورج لفصول الحضانة والصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية؛ لصغر هذه المرحلة واحتياجها للترفيه، ثم فوجئوا بالاعتراضات على ذلك من داخل المعهد وخارجه حتى وجدوا بعض التلاميذ يجعلون أصابعهم في آذانهم امتثالا لأمر آبائهم بأن الموسيقى حرام بل وطلبوا الخروج من الفصل أثناء حصص الأناشيد، كما اعترض أيضًا محفظو المعهد.

فما هو الحكم الشرعي في ذلك؟

الموسيقى: علم يعرف منه أحوال النغم والإيقاعات، وكيفية تأليف اللحون، وإيجاد الآلات، وتطلق كذلك على الصوت الخارج من آلات العزف. "الموسوعة الفقهية الكويتية 38/ 168 حرف الميم معازف".

ومسألة سماع الموسيقى مسألة خلافية فقهية ليست من أصول العقيدة وليست من المعلوم من الدين بالضرورة، ولا ينبغي للمسلمين أن يفسق بعضهم بعضا ولا أن ينكر بعضهم على بعض بسبب تلك المسائل الخلافية، فإنما ينكر المتفق عليه ولا ينكر المختلف فيه، وطالما أن هناك من الفقهاء من أباح الموسيقى وهؤلاء ممن يعتد بقولهم ويجوز تقليدهم، فلا يجوز تفريق الأمة بسبب تلك المسائل الخلافية، خاصة وأنه لم يرد نص في الشرع صحيح صريح في تحريم الموسيقى، وإلا ما ساغ الخلاف بشأنها، وعمدة القائلين بالتحريم وهم الجمهور ظواهر بعض الآيات القرآنية الكريمة التي حملها جماعة من المفسرين على الغناء والمزامير كقوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ﴾ [لقمان: 6].

وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ[٣]﴾ [المؤمنون: 3]. وقوله تعالى: ﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ﴾ [الإسراء: 64].

ومن السنة حديث أبي عامر أو أبي مالك الأشعري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف» رواه البخاري في الصحيح معلقا... إلى غير ذلك من الأحاديث في هذا المعنى، وذهب كثير من المحققين من أهل العلم من الصحابة فمن بعدهم إلى أن الضرب بالمعازف والآلات ما هو إلا صوت: حسنه حسن وقبيحه قبيح، وأن الآيات القرآنية ليس فيها نهي صريح عن المعازف والآلات المشهورة، وأن النهي في حديث البخاري إنما هو عن المجموع لا عن الجميع، أي أن تجتمع هذه المفردات في صورة واحدة، والحر هو الزنا، والحرير محرم على الرجال، فالمقصود النهي عن الترف وليس المقصود خصوص المعازف، وقد تقرر في الأصول أن الاقتران ليس بحجة، فعطف المعازف على الزنا ليس بحجة في تحريم المعازف، وأن الأحاديث الأخرى منها ما لا يصح ومنها ما هو محمول على ما كان من المعازف ملهيا عن ذكر الله أو كان سببا للفواحش والمحرمات، فالصحيح منها ليس صريحا والصريح منها ليس صحيحا، وهذا مذهب أهل المدينة، وهو مروي عن جماعة من الصحابة كعبد الله بن عمر وعبد الله بن جعفر وعبد الله بن الزبير وحسان بن ثابت ومعاوية وعمرو بن العاص -رضي الله عنهم-، ومن التابعين القاضي شريح وسعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح والزهري والشعبي وسعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وكان لا يحدث حديثا حتى يضرب بالعود، وغيرهم، قال إمام الحرمين في النهاية: "نقل الأثبات من المؤرخين أن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- كان له جوار عوادات -أي يضربن بالعود- وأن ابن عمر -رضي الله عنهما- دخل عليه وإلى جنبه عود، فقال: ما هذا يا صاحب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-؟ فناوله إياه، فتأمله ابن عمر فقال: هذا ميزان شامي، قال ابن الزبير: يوزن به العقول". اهـ، وعلى هذا المذهب ابن حزم وأهل الظاهر وبعض الشافعية ومنهم الأستاذ أبو إسحاق الشيرازي والماوردي والروياني وأبو منصور البغدادي والرافعي وحجة الإسلام الغزالي وأبو الفضل بن طاهر القيسراني والإمام عز الدين بن عبد السلام وشيخ الإسلام تقي الدين بن دقيق العيد وعبد الغني النابلسي الحنفي... وغيرهم، وقد صنف في إباحة الآلات والمعازف جماعة من أهل العلم: كابن حزم الظاهري في رسالته في السماع، وابن القيسراني في كتاب "السماع"، والأدفوي في "الإمتاع بأحكام السماع"، وأبي المواهب الشاذلي المالكي في "فرح الأسماع برخص السماع"، وغيرهم كثير، وممن صرح بإباحة الآلات والمعازف حجة الإسلام الغزالي -رحمه الله- حيث قال: "اللهو معين على الجد، ولا يصبر على الجد المحض والحق المر إلا نفوس الأنبياء -عليهم السلام-، فاللهو دواء القلب من داء الإعياء والملال؛ فينبغي أن يكون مباحا، ولكن لا ينبغي أن يستكثر منه، كما لا يستكثر من الدواء، فإذا اللهو على هذه النية يصير قربة، هذا في حق من لا يحرك السماع من قلبه صفة محمودة يطلب تحريكها، بل ليس له إلا اللذة والاستراحة المحضة، فينبغي أن يستحب له ذلك؛ ليتوصل به إلى المقصود الذي ذكرناه، نعم، هذا يدل على نقصان عن ذروة الكمال، فإن الكامل هو الذي لا يحتاج أن يروح نفسه بغير الحق، ولكن حسنات الأبرار سيئات المقربين، ومن أحاط بعلم علاج القلوب ووجوه التلطف بها لسياقتها إلى الحق علم قطعا أن ترويحها بأمثال هذه الأمور دواء نافع لا غنى عنه". إحياء علوم الدين للإمام الغزالي 2/ 226 المطبعة الأزهرية.

وكذلك سلطان العلماء العز ابن عبد السلام نقل عنه أن الغناء بالآلات وبدونها قد يكون سبيلا لصلاح القلوب فقال: "الطريق في صلاح القلوب يكون بأسباب من خارج، فيكون بالقرآن وهؤلاء أفضل أهل السماع، ويكون بالوعظ والتذكير، ويكون بالحداء والنشيب، ويكون بالغناء بالآلات المختلف في سماعها كالشبابات، فإن كان السامع لهذه الآلات مستحلا سماع ذلك فهو محسن بسماع ما يحصل له من الأحوال وتارك للورع لسماعه ما اختلف في جواز سماعه". التاج والإكليل للعبدري المالكي 2/ 62 دار الفكر، وقال الشيخ ابن القماح: "سئل الشيخ عز الدين بن عبد السلام عن الآلات كلها، فقال: مباح، فقال الشيخ شرف الدين التلمساني: يريد أنه لم يرد دليل صحيح من السنة على تحريمه، يخاطب بذلك أهل مصر، فسمعه الشيخ عز الدين فقال: لا، أردت أن ذلك مباح".

فرح الأسماع برخص السماع لأبي المواهب الشاذلي، ونقل القرطبي في الجامع لأحكام القرآن قول القشيري: "ضرب بين يدي النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يوم دخل المدينة، فهم أبو بكر بالزجر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: «دعهن يا أبا بكر، حتى تعلم اليهود أن ديننا فسيح»، فكن يضربن ويقلن: نحن بنات النجار، حبذا محمد من جار"، ثم قال القرطبي: "وقد قيل إن الطبل في النكاح كالدف، وكذلك الآلات المشهرة للنكاح يجوز استعمالها فيه بما يحسن من الكلام ولم يكن فيه رفث". تفسير القرطبي 14/ 54، ونقل الشوكاني في نيل الأوطار في باب ما جاء في آلة اللهو أقوال المحرمين والمبيحين وأشار إلى أدلة كل من الفريقين، ثم عقب على حديث «كل ما يلهو به الرجل المسلم باطل إلا رميه بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته أهله فإنهن من الحق» بقول الغزالي: قلنا قوله -صلى الله عليه وآله وسلم-: «باطل» لا يدل على التحريم، بل يدل على عدم الفائدة، ثم قال الشوكاني: "وهو جواب صحيح؛ لأن ما لا فائدة فيه من قسم المباح"، وساق أدلة أخرى في هذا الصدد من بينها حديث من نذرت أن تضرب بالدف بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إن رده الله سالما من إحدى الغزوات، «وقد أذن لها -صلى الله عليه وآله وسلم- بالوفاء بالنذر والضرب بالدف». رواه الترمذي وصححه من حديث بريدة -رضي الله عنه-، فالإذن منه يدل على أن ما فعلته ليس بمعصية في مثل ذلك الموطن، وأشار الشوكاني إلى رسالة له عنوانها "إبطال دعوى الإجماع على تحريم مطلق السماع". نيل الأوطار 8/ 118، وقال ابن حزم: "إن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» فمن نوى استماع الغناء عونا على معصية الله تعالى فهو فاسق، وكذلك كل شيء غير الغناء، ومن نوى به ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله عز وجل وينشط نفسه بذلك على البر فهو مطيع محسن، وفعله هذا من الحق، ومن لم ينو طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه، كخروج الإنسان إلى بستانه متنزها وقعوده على باب داره متفرجا". المحلى لابن حزم 7/ 567.

ونخلص في كل ما سبق إلى أن الغناء بآلة -أي مع الموسيقى- وبغير آلة مسألة ثار فيها الجدل والكلام بين علماء الإسلام منذ العصور الأولى، فاتفقوا في مواضع، واختلفوا في أخرى، اتفقوا على تحريم كل غناء يشتمل على فحش أو فسق أو تحريض على معصية؛ إذ الغناء ليس إلا كلاما فحسنه حسن، وقبيحه قبيح، وكل قول يشتمل على حرام فهو حرام، فما بالك إذا اجتمع له الوزن والنغم والتأثير؟! واتفقوا على إباحة ما خلا من ذلك من الغناء الفطري الخالي من الآلات والإثارة، وذلك في مواطن السرور المشروعة، كالعرس وقدوم الغائب أيام الأعياد ونحوها، واختلفوا في الغناء المصحوب بالآلات، والذي نرجحه ونميل إلى القول به هو جواز استعمال المعازف وسماعها بشرط اختيار الحسن وعدم الاشتغال بما يلهي عن ذكر الله تعالى أو يجر إلى الفساد أو يتنافى مع الشرع الشريف؛ إذ ليس في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- ولا في معقولهما من القياس والاستدلال ما يقتضي تحريم مجرد سماع الأصوات الطيبة الموزونة مع آلة من الآلات، بل الفطرة النقية تستملح الأصوات الجميلة وتستعذبها، حتى قيل إن قرار ذلك في الفطر مرده إلى خطاب الله سبحانه لبني آدم في عالم الذر عندما أخذ العهد عليهم بقوله: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ [الأعراف: 172].

وهذا هو ما نراه أوفق لعصرنا، وينبغي في هذا المقام التنبيه على عدة نقاط:

 1- جواز التخير من مذاهب المجتهدين والأئمة المتبوعين فإن مسائل الشرع الشريف على قسمين: قسم انعقد الإجماع عليه وأصبح معلوما من الدين بالضرورة سواء أكان مستنده قطعي الدلالة في الأصل أم صار كذلك بإجماع الأمة على حكمه، وهذا القسم لا تجوز مخالفته؛ لأنه يشكل هوية الإسلام، والقدح فيه قدح في الثوابت الدينية المستقرة.

والقسم الثاني: هو تلك المسائل التي اختلف أهل العلم في حكمها ولم ينعقد عليها الإجماع، فالأمر فيها واسع، واختلافهم فيها رحمة، ويجوز للمسلم أن يأخذ بأي الأقوال فيها.

2- الإنكار يكون في المجمع عليه: فقد ذكر العلامة السيوطي في الأشباه والنظائر: "أنه لا ينكر المختلف فيه وإنما ينكر المجمع عليه"، وهذا يعني أن المسألة إذا اختلف فيها أهل المذاهب الفقهية فلا يصح لأهل مذهب أن ينكروا على أهل مذهب آخر؛ لأن المسألة مختلف فيها.

3- التفريق بين حد الفقه والحكم وبين حد الورع: فقد اتفقت كلمة الفقهاء على أن حد الورع أوسع من حد الحكم الفقهي؛ وذلك لأن المسلم قد يترك كثيرا من المباح تورعا، ولكن هذا لا يعني أن يلزم غيره بذلك على سبيل الوجوب الشرعي فيدخل في باب تحريم الحلال، ولا أن يعامل الظني المختلف فيه معاملة القطعي المجمع عليه فيدخل في الابتداع بتضييق ما وسعه الله ورسوله -صلى الله عليه وآله وسلم-، بل عليه أن يلتزم بأدب الخلاف كما هو منهج السلف الصالح في المسائل الخلافية الاجتهادية.

4- سلطة ولي الأمر في أن يأخذ في المسائل الخلافية بما يراه محققا للمصلحة: فمن المعلوم أن كل راع مسؤول عن رعيته، وأن المسؤولية والسلطة وجهان لعملة واحدة، وقد أناط الشرع الشريف هذه الرعاية بالمصلحة، فلولي الأمر المسلم أن يتخير في الأمور الاجتهادية ما يراه محققا للمصلحة، وأن يلزم من هم في رعايته بذلك.

وبناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فما فعله المعهد ويفعله من مصاحبة الأورج للأناشيد وصعود التلاميذ للفصول على الموسيقى هو أمر جائز شرعًا لا حرمة فيه، وليس للمسلم أن يتهم إخوانه بالخروج عن الشرع الشريف في أمر وسع سلفنا الصالح الخلاف فيه، بل عليه أن يلتزم بأدب الخلاف وأن لا ينكر مذهبا أخذ به طائفة كبيرة من أهل العلم ممن لا يبلغ المنكر معشار درجتهم وليس هو أتقى لله تعالى منهم ولا أكثر منهم ورعا واتباعا للمصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم-.

والله سبحانه وتعالى أعلم.


المبادئ:-
1- مسألة سماع الموسيقى مسألة خلافية فقهية ليست من أصول العقيدة وليست من المعلوم من الدين بالضرورة.

2- اتفق العلماء على تحريم كل غناء يشتمل على فحش أو فسق أو تحريض على معصية، واتفقوا على إباحة ما خلا من ذلك من الغناء الفطري الخالي من الآلات والإثارة.

3- عمدة القائلين بالتحريم -وهم الجمهور- ظواهر بعض الآيات القرآنية الكريمة التي حملها جماعة من المفسرين على الغناء والمزامير.

4- ذهب كثير من المحققين من أهل العلم من الصحابة فمن بعدهم إلى أن الضرب بالمعازف والآلات ما هو إلا صوت حسنه حسن وقبيحه قبيح.

5- تقرر في الأصول أن الاقتران ليس بحجة.

6- الذي نرجحه ونميل إلى القول به هو جواز استعمال المعازف وسماعها بشرط اختيار الحسن وعدم الاشتغال بما يلهي عن ذكر الله تعالى أو يجر إلى الفساد أو يتنافى مع الشرع الشريف.

7- إنما ينكر المتفق عليه ولا ينكر المختلف فيه.

8- اتفقت كلمة الفقهاء على أن حد الورع أوسع من حد الحكم الفقهي؛ وذلك لأن المسلم قد يترك كثيرا من المباح تورعا.

9- لولي الأمر المسلم أن يتخير في الأمور الاجتهادية ما يراه محققا للمصلحة، وأن يلزم من هم في رعايته بذلك.

10- ما يفعله المعهد أو المدرسة من مصاحبة الأورج للأناشيد، وصعود التلاميذ للفصول على الموسيقى هو أمر جائز شرعًا لا حرمة فيه.

11- ليس للمسلم أن يتهم إخوانه بالخروج عن الشرع الشريف في أمر وسع سلفنا الصالح الخلاف فيه.
 

حكم سماع الأغاني ! فتوى العلامة الدكتور يوسف القرضاوي

  السؤال: يحرم بعض الناس سماع الأغاني - أيًا كان لونها- مستدلين بقوله تعالى: " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوًا أولئك لهم عذاب مهين".







واحتجوا بأن بعض الصحابة قالوا: إن لهو الحديث في الآية هو الغناء، كما يحتجون بآية أخرى هي قوله تعالى:(وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه) والغناء من اللغو فهل هذا الاستدلال بالآيتين صحيح؟ وما رأيكم في سماع الأغاني؟

أفتونا في هذه المسألة الخطيرة، فإن الناس تنازعوا تنازعًا شديدًا وفي حاجة إلى حكم بيِّن وقول فصل، ولكم منا الشكر ومن الله الثواب .

فتوى العلامة الدكتور يوسف القرضاوي:

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اتبعه إلى يوم الدين، وبعد:

مسألة الغناء بآلة (أي مع الموسيقى) وبغير آلة، مسألة ثار فيها الجدل بين فقهاء المسلمين منذ الأعصر الأولى ، فاتفقوا في مواضع، واختلفوا في أخرى.. اتفقوا على تحريم كل غناء يشتمل على فحش أو فسق أو تحريض على معصية، إذ أن الغناء ليس إلا كلامًا فحسنه حسن وقبيحه قبيح. وكل قول يخالف أدب الإسلام فهو حرام ، فما بالك إذا اجتمع له الوزن والنغم وقوة التأثير؟

واتفقوا على إباحة ما خلا من ذلك في مواطن السرور المشروعة كالعرس، وقدوم الغائب وأيام الأعياد، وقد وردت في ذلك نصوص صحيحة صريحة. واختلفوا فيما عدا ذلك اختلافًا بينًا، فمنهم من أجاز كل غناء بآلة وبغير آلة بل اعتبره مستحبًا، ومنهم من منعه بآلة وأجازه بغير آلة، ومنهم من منعه منعًا باتًا، بل عده حرامًا.

والذي نفتي به ونطمئن إليه من بين تلك الأقوال: إن الغناء - في ذاته - حلال فالأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نص صحيح بحرمتها، وكل ما ورد في تحريم الغناء فهو إما صريح غير صحيح أو صحيح غير صريح. ومن ذلك الآيتان المذكورتان في السؤال.

فأما الآية الأولى (ومن الناس من يشتري لهو الحديث) لقمان:6 الخ . فقد استدل بها بعض الصحابة والتابعين على حرمة الغناء وخير جواب لنا عن تفسيرهم هذا ما ننقله عن الإمام ابن حزم في المحلى: قال: لا حجة في هذا لوجوه: أحدهما أنه لا حجة لأحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم. والثاني أنه قد خالفهم غيرهم من الصحابة والتابعين.

والثالث أن نص الآية يبطل احتجاجهم، لأن الآية بها وصف (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم، ويتخذها هزوًا) وهذه صفة من فعلها كان كافرًا بلا خلاف، ولو أن امرءاً اشترى مصحفًا ليضل به عن سبيل الله ويتخذها هزوًا لكان كافرًا، فهذا هو الذي ذمه الله تعالى، وما ذم قط عز وجل من اشترى لهو الحديث ليتلهى به، ويروح نفسه، لا ليضل عن سبيل الله تعالى. وكذلك من اشتغل عن الصلاة عامًدا بقراءة القرآن أو بقراءة السنن أو بحديث يتحدث به أو بغناء أو بغير ذلك فهذا فاسق عاص لله تعالى، ومن لم يضيع شيئًا من الفرائض اشتغالا بما ذكرنا فهو محسن. أهـ .

وأما الآية الثانية (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه)القصص:55 فالاستدلال بها على حرمة الغناء غير سليم أيضا، فإن الظاهر من الآية أن اللغو هو سفه القول من السب والشتم ونحو ذلك. وبقية الآية تنطق بذلك، قال تعالى (وإذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم . سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) فهي شبيهة بقوله تعالى في عباد الرحمن:(وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا) .

ولو سلمنا أن اللغو في الآية يشمل الغناء لوجدنا الآية تستحب الأعراض عن سماعه وتمدحه وليس فيها ما يوجب ذلك. وكلمة اللغو ككلمة الباطل تعني ما لا فائدة فيه، وسماع ما لا فائدة فيه ليس محرمًا ما لم يضيع حقًا أو يشغل عن واجب.

روي عن ابن جريج أنه كان يرخص في السماع فقيل له : أيؤتى به يوم القيامة في جملة حسناتك أو سيئاتك؟ فقال: لا في الحسنات ولا في السيئات لأنه شبيه باللغو، وقال تعالى:(لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم).

قال الإمام الغزالي:"إذا كان ذكر اسم الله تعالى على الشيء عن طريق القسم من غير عقد عليه ولا تصميم والمخالفة فيه على أن لا فائدة فيه-لا يؤاخذ به، فكيف يؤاخذ بالشعر والرقص؟"

على أنا نقول: ليس كل غناء لغوًا، أنه يأخذ حكمه وفق نية صاحبه، فالنية الصالحة تجعل اللهو قربة والمزح طاعة، والنية الخبيثة تحبط العمل الذي ظاهره العبادة وباطنه الرياء (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم)

وننقل هنا كلمة جيدة قالها ابن حزم في المحلى ردًا على الذين يمنعون الغناء قال:"واحتجوا فقالوا: أمن الحق الغناء أم من غير الحق؟ ولا سبيل إلى قسم ثالث" وقد قال الله تعالى(فماذا بعد الحق إلا الضلال) الفرقان:63

فجوابنا وبالله التوفيق: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل أمرئ ما نوى) فمن نوى باستماع الغناء عونًا على معصية الله تعالى فهو فاسق، وكذلك كل شيء غير الغناء، ومن نوى به ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله عز وجل، وينشط نفسه بذلك على البر فهو مطيع محسن، وفعله هذا من الحق. ومن لم ينو طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه كخروج الإنسان إلى بستان متنزهًا ، وقعوده على باب داره متفرجًا وصبغة ثوبه لازورديًا أو أخضر أو غير ذلك، ومد ساقه وقبضها وسائر أفعاله . (المحلى)

وأما الأحاديث التي استدل بها المحرمون فكلها مثخنة بالجراح، لم يسلم منها حديث دون طعن في ثبوته أو دلالته أو فيهما معًا. قال القاضي أبوبكر بن العربي في كتابه "الأحكام": لم يصح في التحريم شيء، وكذا قال الغزالي وابن النحوي في العمدة، وقال ابن حزم: كل ما روي فيها باطل موضوع.

وإذا سقطت أدلة التحريم بقي الغناء على الإباحة الأصلية، فكيف وقد جاءت نصوص ثابتة تفيد حل الغناء. نكتفي منها بما ورد في الصحيحين أن أبا بكر دخل على النبي في بيت عائشة وعندها جاريتان تغنيان فانتهرهما أبو بكر وقال: أمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال النبي عليه السلام: (دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد) ولم يرد ما ينهى عن الغناء في غير العيد، وإنما المعنى أن العيد من المواطن التي يستحب فيها إظهار السرور بالغناء وغيره من اللهو البريء.

ولكن لا ننسى في ختام هذه الفتوى أن نضيف إليها قيودًا لابد من مراعاتها:

( أ ) فلابد أن يكون موضوع الأغنية مما يتفق وتعاليم الإسلام وآدابه..

فالأغنية التي تقول: "الدنيا سيجارة و كأس" مخالفة لتعاليم الإسلام الذي يجعل الخمر رجسًا من عمل الشيطان ويلعن شارب "الكأس" وعاصرها وبائعها وحاملها وكل من أعان فيها بعمل.

والأغنية التي تمجد صاحب "صاحبة العيون الجريئة" أغنية تخالف أدب الإسلام الذي ينادي كتابه: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم)، (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن)..ويقول رسول الله: (يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وعليك الثانية) وهكذا ..

(ب) ثم إن طريقة الأداء لها أهميتها، فقد يكون الموضوع لا بأس به، ولا غبار عليه، ولكن طريقة المغني أو المغنية في آدائه بالتكسر في القول، وتعمد الإثارة، والقصد إلى إيقاظ الغرائز الهاجعة، وإغراء القلوب المريضة -ينقل الأغنية من دائرة الحلال إلى دائرة الحرام من مثل ما يسمعه الناس ويطلبه المستمعون والمستمعات من الأغاني التي تصرخ بـ "ياه" و "يوه" "ييه" الخ.

ولنذكر قول الله لنساء النبي: ( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض).

(جـ) هذا إلى أن الدين حرم الغلو والإسراف في كل شيء حتى في العبادة، فما بالك بالإسراف في اللهو وشغل الوقت به ولو كان مباحًا، أن هذا دليل على فراغ القلب والعقل من الواجبات الكبيرة والأهداف العظيمة، ودليل على إهدار حقوق أخرى كان يجب أن تأخذ حظها من وقت الإنسان المحدود، وما أصدق وأعمق ما قاله ابن المقفع: "ما رأيت إسرافًا إلا وبجانبه حق مضيع".

( د ) على أن المستمع -بعد الحدود التي ذكرناها- يكون فقيه نفسه، فإذا كان الغناء أو نوع خاص منه يستثير غريزته، ويغريه بالفتنة ويسبح به في شطحات الخيال الحسي فعليه أن يتجنبه ويسد الباب الذي تهب منه رياح الفتنة على قلبه ودينه وخلقه فيستريح ويريح.

ولا ريب أن هذه القيود قلما تتوافر جميعًا في أغاني هذا العصر بكمها وكيفها وموضوعها وطريقة أدائها والتصاقها بحياة أقوام بعيدين كل البعد عن الدين وأخلاقياته و مثله. فلا ينبغي للمسلم التنويه بهم، والمشاركة في نشر ذكرهم، وتوسيع نطاق تأثيرهم إذ به يتسع نطاق إفسادهم.

ولهذا كان الأولى بالمسلم الحريص على دينه أن يأخذ بالعزيمة لنفسه وأن يتقي الشبهات وينأى بنفسه عن هذا المجال الذي يصعب التخلص فيه من شائبة الحرام إلا ما ندر.

ومن أخذ بالرخصة فليتحر لنفسه وليتخير ما كان أبعد عن مظان الإثم ما استطاع، وإذا كان هذا في مجرد (السماع) فإن الأمر في (الاحتراف) بالغناء يكون أشد وأخوف، لأن الإندماج في البيئة "الفنية" كما تسمى خطر شديد على دين المسلم يندر من يخرج منه سالمًا معافى..

وهذا في الرجل، أما المرأة فالخطر منها وعليها أشد، ولذا فرض الله تعالى عليها من التصون والتحفظ والاحتشام في لبسها ومشيتها وكلامها ما يباعد الرجال من فتنتها وما يباعدها من فتنة الرجال ويحميها من أذى الألسن وشره الأعين وطمع القلوب المريضة كما قال تعالى: (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) وقال: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) .

واحتراف المرأة المسلمة للغناء يعرضها لأن تَفتن أو تُفتن ويورطها في محرمات قلما تستطيع التغلب عليها من الخلوة بالأجنبي للتلحين أو التسجيل أو التعاقد أو غيرها، ومن الاختلاط بالرجال الأجانب عنها اختلاطًا لا تقره الشريعة، بل الاختلاط بالنساء المتبرجات "المتحررات" من المسلمات بالوراثة ومن غير المسلمات هو محرم أيضًا .

حكم الموسيقى دار الإفتاء

 حكم الموسيقى دار الإفتاء

للأزهر مكانته الكبيرة على مستوى مصر ومستوى الوطن العربي كله، وعن طريق الأزهر يتم نشر التعاليم الإسلامية ونشر الفتاوى المختلفة في جميع أمور الحياة خصوصًا في الأمور التي عليها خلاف، ويعتبر رأي الأزهر مسلم به فلا يمكن الجدال بعده.


وللأزهر صفحة على الفيسبوك ومن خلالها يقوم بعمل بث مباشر لتوعية الناس على القضايا التي خلاف وغيره، ومن خلال بث قام به الدكتور محمد عبد السميع وهو يمسك منصب أمين الفتوى بدار الأفتاء المصرية، وتحدث خلال البث عن  حكم الموسيقى وقال:


إن هناك نوعان من الموسيقى وهما:


ما هو حرام وليس عليه جدال


كالأغاني التي تحتوي على كلام محرم ومذموم ، أو الأغاني التي تثير الفتنة أو التي تترك آثار سلبية أو التي تدعو لفعل الفواحش.

ما هو جائز


كالأغاني الوطنية أو الأغاني الدينية أو الأغاني التي تحتوي على كلمات مهذبة وجميلة، واستدل بأغنية لأم كلثوم اسمها لسه فاكر فهي تشرح حالة القلب في غياب الحبيب بكلمات راقية.

وهذا الحزن الذي يكون في القلب بعد فقد من يحب هي حالة إنسانية، وبالتالي فهي غير محرمة.

وقال الشيخ محمود شلبي أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية:



أن هناك خلاف بين الفقهاء فهناك من حرمها نهائي وله أدلة، وهناك من أجازها لأنه يعتبر صوت وأن قبيحه قبيح وحسنه حسن.


والحرام الذي يكون في الأغاني يأتي من العري الذي يصاحب الأغنية أو دعوة الأغنية على شيء فاسد أو شرب الخمر عند استماعها، فالحرام من المنكرات التي تصاحب الأغنية.


حكم الموسيقى الشعراوي

الشيخ الشعراوي من المشهورين في تفسير القرآن الكريم، وله مكانة كبيرة في قلوب جميع المسلمين، فكان قريب منهم ويقدم تفاسير بطريقة ليست معقدة بل بسيطة تصل إلى الجميع وبأسلوب سلس وممتع. وله فتوى في حكم الموسيقى حيث قال:


أن الغناء ليس حرام، على الرغم من أن الشيخ لا يحب الاستماع إلى الموسيقى، ولكن أجاز سماع الأغاني بشروط وقال أن الأغاني الوطنية التي تثير النفوس وقت الحروب مطلوبة وأن المرأة التي تغني لطفلها الصغير لكي يهدأ أو ينام مثلًا ليس به شيء، وهذه أمور مقبولة.



وقد قال الشيخ أن بعض من العلماء قالوا أنه يمكن الغناء في الأعراس لكي يدخلوا الفرحة للعروس، وكذلك أمر النبي بالغناء في الأعياد لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق(نحن في يوم عيد، وابعثوا للمغنين حتى يغنوا).


وقد فسر الشيخ الشعراوي الآية الكريمة (وَمِنَ الْنَآسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيِث)، بأن اللهو المقصود هو ما يلهيك عن واجباتك تجاه الله،


فمثلا العمل وقت الصلاة فيعتبر العمل هنا لهو لأن الصلاة محددة بوقت معين أما العمل فلا، وكذلك الغناء لا يجوز سماعها في وقت مطلوب منك شيء تجاه الله فما عدا ذلك يعتبر حسن.


وكان مجمل حديث الشيخ الشعراوي رحمه الله أن الغناء ليس حرام، فيكون حرام إذا أخرج الإنسان من وقارة واحترامه.

لماذا لا يقوم أردوغان بإعلان الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة بحد السيف؟!

 يتساءلون ويُرسلون لي بسؤالهم: لماذا لا يقوم أردوغان بإعلان الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة بحد السيف؟!






== لكل من يطالب أردوغان بإقامة جمهورية إسلامية أو إعلان الخلافة وتطبيق الشريعة بحد السيف، نقول هي أمنيتنا وأمنية الكثيرين في العالمين العربي والإسلامي! لكن، هذه النظرة سطحية وغير واقعية، ولكي ندرك مدى سطحيتها وبعدها عن الموضوعية نطالع بعض معطيات الواقع: * درس من تجربة نجم الدين أربكان رحمه الله -هو معلم أردوغان الأول، لم يراعِ موازين القوى في الواقع التركي، وتسرع في قراراته، قامت المحكمة الدستورية بحل حزبه لثلاث مرات متتالية؛ فكان هذا درسًا بليغًا قاسيًا لأردوغان الذي أدرك كقائد لحزب إسلامي وسط محيط متلاطم من العلمانية الممتدة بأذرعها في كل المؤسسات المدنية والعسكرية أنه إذا استخدم طريقة أربكان فإنه سيحرث البحر أو يبحث عن الماس في جوف الصحاري إن لم يستخدم الحنكة والذكاء السياسي! * تجربة مندريس القاسية – هو الشهيد عدنان مندريس رئيس الوزراء التركي في الخمسينيات. – أعاد الأذان بالعربية. – سمح بتعليم اللغة العربية وقراءة القرآن الكريم وتدريسه في جميع المدارس حتى الثانوية. – أنشأ 10 آلاف مسجد. – فتح 25 ألف مدرسة لتحفيظ القرآن. – أنشأ 22 معهدًا في الأناضول لتخريج الوُعّاظ والخطباء وأساتذة الدين. – سمح بإصدار المجلات والكتب التي تدعو إلى التمسك بالإسلام والسير على هديه. – أخلى المساجد التي كانت الحكومة السابقة تستعملها مخازن للحبوب وخانات للخيول وأعادها لتكون أماكن للعبادة. – فرض الرقابة على الأدوية والبضائع التي تصنع في إسرائيل. – وقف ضد العدوان الثلاثي وطرد السفير الإسرائيلي سنة (1956م(. لكن، التجربة لم تدم.. 👇🏻 ففي صباح 27 أيار/ مايو عام 1960، تحرك الجيش التركي بدباباته ومصفحاته وقام بانقلاب عسكري برئاسة الجنرال جمال جورسيل وأحال الانقلابيون 235 جنرالًا وخمسة آلاف ضابط بينهم رئيس الأركان إلى التقاعد، وتم واعتقال رئيس الوزراء وتم الحكم عليه بالإعدام. الأتاتوركية: اقتنع أتاتورك بأن كفاحه يجب أن يتوجه إلى الإسلام فهو منافسه الأكبر وعدوه الأول والأخير، يقول أوركا مؤلف كتاب (أتاتورك): (كان يعتقد منذ صغره أنه لا حاجة إلى الله؛ لأنه اسم غامض خداع مجرد من كل حقيقة، وكان لا يؤمن إلا بالمشاهد المحسوسة، وكان يرى أن الإسلام قد جنى على تركيا جناية كبرى وألحق بها خسائر فادحة، وأنه لا وجود للإله)! ويقول أوركا في موضع آخر من نفس الكتاب: (لم يكن سرًا أن مصطفى كمال لا يدين بدين؛ لذلك، كان شائعًا بين الناس أن الخلافة ستلغى لا محالة، وقد فزع الناس حين شاع أن كمال رمى المصحف على رأس شيخ الإسلام الذي كان من كبارعلماء الإسلام وشخصية محترمة). ولذلك، انطلق أتاتورك بكل قوته يكمل التحطيم الشامل والتدمير الكامل، فقرر أن فصل تركيا عن ماضيها العريق وإزالة جميع الأنقاض التي تحيط بها هو الخطوة الأولى. وفي 3 آذار سنة 1924، قدم مشروعه الذي تحولت به الدولة العثمانية إلى دولة تركية، وألغى منصب الخليفة. كان ذلك في الواقع ضربة قاضية في كبد الإسلام وإصابه في القلب للأمة جمعاء! ولتدمير التراث العثماني، عمد أتاتورك إلى تحويل حروف الهجاء مكان إحراق الكتب، فأصبحت الذخائر الكلاسيكية النفيسة كالكتب الفارسية والعربية والتركية لا تتناولها أيديهم؛ بل أصبحت أجنبية مبهمة منغلقة لا تبلغها مداركهم. ثم تولى التبشير المسيحي إكمال مهمة أتاتورك في تحطيم ما تبقى في استئصال الجيل عن أصوله وجذوره الحضارية إلى أن يشاء الله ويقيض للأمة من يعيدها إلى جادة الصواب. *نعود للسؤال: لماذا لا يقوم أردوغان بإعلان الخلافة والحكم بالشريعة الإسلامية؟ -طيب ..هل سيسمح له الجيش التركي العلماني الذي أعدم سلفه مندريس؟ وهل دستور الدولة الذي ينص أن تركيا دولة علمانية يسمح له بالاقتراب من الإسلام ؟ وتلك هي ملامح الواقع المر أولًا: أردوغان ورث تركة علمانية ثقيلة وتبعية مطلقة للغرب، ورث 600 معاهدة مع الغرب وحلف الناتو، ورث عشرات القواعد التجسسية الأمريكية المجهزة بأحدث الأجهزة الإلكترونية السرية ومواقع الرادارات والبث اللاسلكي وفك الشيفرة، والتي لا يسمح لتركي الدخول أو الاقتراب حتى جنرالات الجيش! ثانيًا: أردوغان ورث دولة عميقة بكل أذرعها الضاربة في الجامعات ورؤساء الجامعات وعمدائها ومؤسسة التعليم العالي التي تشرف على ما يقارب 100 جامعة؛ حيث تقوم بتصفية الأساتذة الذين يحملون اتجاهات إسلامية، والمؤسسات المدنية القوية المعادية لكل ما يمت للإسلام بصلة والنقابات اليسارية والعلمانية والشيوعية! ثالثًا: أردوغان ورث وسائل الإعلام القوية من صحف ومجلات وإذاعات وقنوات تلفزيونية متعددة، والمحاكم بمختلف مستوياتها ودرجاتها حتى الوصول إلى المحكمة الدستورية العليا التي هي أعلى محكمة في تركيا، والتي أصبحت من أدوات القمع والاستبداد في يد العلمانيين المتطرفين! رابعًا: أردوغان ورث أخطر مؤسسة في الدوله العميقة وهي المؤسسة السرية (كلاديو) التي يقف وراءها حلف الناتو، وهي منظمات عسكرية مسلحة متدربة على الاغتيالات والتفجيرات للمقاومة وحرب العصابات فيما لو احتلت تركيا من قبل الاتحاد السوفييتي، ومع أن هذه المنظمات ألغيت بعد انهياره عام 1989؛ إلا أنها بقيت نشطة جدًا في تركيا وكثيرًا ما تقوم بعمليات إرهابية دموية! خامسًا: أردوغان ورث دولة مركبة ومعقدة من أعراق وإثنيات متعددة ترك وكرد وأرمن وأذريين وعرب، ومن أديان مختلفة متناقضة مسلمين وعلويين ومسيحيين ويهود. سادسًا: أردوغان ورث مؤسسة عسكرية عريقة في الانقلابات والإعدامات منذ عام 1960عندما أعدمت رئيس الوزراء التركي عدنان مندريس. سابعًا: الغرب المتآمر الذي يعتبر تركيا وريثة العثمانيين العدو التاريخي الأبدي له لن يعدم ألف وسيلة للتآمر والخديعة، ما دام أنه يسيطر على المنظمات الدولية ويملك ترسانة عسكرية هائلة ولديه منظومة استخباراتية وتجسسية. == طيب يا إحسان .. هل أردوغان خليفة المسلمين أو سلطان عثماني؟ -أردوغان هو رئيس وزراء ورئيس دولة يشكل المسلمون فيها 99%، لكن دستورها علماني، ولكنه أعاد تركيا وأمجادها العريقة الماضية ويفتخر بأسلافه من آل عثمان هو وحزبه أصحاب التجربة الإسلامية الرائدة التي قفزت بتركيا إلى ترتيب 16 اقتصاديًا و6 عسكريًا في العالم، ورفع قيمة الليرة التركية من صفر إلى النصف أمام الدولار وارتفعت نسبة الحجاب بين المسلمات إلى 92% وترتدي زوجته وابنتاه الحجاب! أما موضوع أنه خليفة وسلطانا للمسلمين.. فهو ليس كذلك، ولم يطرح نفسه كخليفة او كسلطان ولا يقبل أصلا أن يصفه أحد بهذا.. هو سلطان الأتراك ووليّ أمرهم وقائدهم .. ومُلهِمُنا .. أوَلم تُحارب تركيا دُولا إسلامية وجماعات إسلامية باسم القضاء على الإرهاب؟ دخولها في أي تحالف ومشاركتها في أي حرب ضد أي أحد يُهدد أمنها الداخلي ولو كان يرفع راية الإسلام، هو دخول ضرورة أم أن عليها أن تستسلم للعمليات الإرهابية بما أن الحزام الناسف حول خصر "مُوحّد" يرفع راية التوحيد ولا يدري فيما يُقاتل ومن أجل من ولماذا؟! هل تُخضع له رقبتها مثلا؟ أم تسمح له بالتفجير والتخريب؟! أوليست مسؤولة عن رعيّتها وتأمين سلامة أراضيها وشعبها؟ *أما التحالفات فهي أحيانا قسرية لارتباطها بمئات المعاهدات مع حلف الناتو، وليس لأردوغان الصلاحيات الدستورية السهلة او اليسيرة في إزالتها حاليًا! هل تركيا عميلة لإسرائيل؟ كيف يمكن لأردوغان أن يكون عميلًا لإسرائيل وهو الذي هاجم بيريز في منتدى دافوس الاقتصادي ونعته (بقاتل الأطفال والنساء في فلسطين)، وهو الذي أرسل أسطول الحرية لمؤازرة أهل غزة وأجبر إسرائيل على الاعتذار والتعويض بعد ضربها لسفينة مرمرة! تركيا هي من أوائل الدول التي طردت السفير الإسرائيلي في حروب غزة الثلاث، وإن اقوى مظاهرات شعبية في العالم كانت أمام السفارة الإسرائيلية في أنقرة، ومنذ سنوات حتى فترة قريبة، كانت تركيا في أقل مستويات التمثيل الدبلوماسي الدنيا! وعلاقتها بإسرائيل الاحتلالية حاليا أو إيران التي لا تقل دموية عن إسرائل.. لا نُبرّرها ولا نُجملّها بل كتبنا ضدها وتبرّأنا منها ولكن لا يعني ذلك نسف كل الفضائل التي صدرت عن أردوغان وفريقه.. هل أردوغان لديه جنون العظمة ويتصرف بدكتاتورية؟ نعم.. أردوغان لديه (جنون العظمة)؛ ولذلك، رأيناه يبكي على أطفال غزة وفلسطين وعلى ابنة البلتاجي وعلى ضحايا الزلزال الأخير كالطفل وأمام الفضائيات العالمية! هل هذا التصرف يليق بدكتاتور لديه جنون العظمة! ما أسخف الاتهام، وما أوقح الذي يُوجّه هذه التُهمة وهو عبدٌ لسيّده ومليكه أو لقائد حزبه او فصيله.. هل حزب العدالة والتنمية حزب فاسد كما تقول المعارضة؟ لايمكن لأحد أن يقبل بالفساد، لكن أثبتوا أولًا أن هناك فسادًا بوسائل قانونية نزيهة والدليل القطعي الثبوت، ولماذا سكتم عن الفساد إلاعند الانتخابات؟ ما أسهل الاتهام وما أصعب الإثبات! أردوغان متهم أنه وسع صلاحيات الاستخبارات التركية على حساب الجيش التركي! نعم صحيح، ولكن ينبغي العلم بأن تركيا تسعى لإقامة حلف إقليمي من 8 دول إسلامية، وأن أمريكا زعيمة الشر في العالم ومن يشايعها ويناصرها يسنون مُداهم لنحر تركيا وهدم مشروعها الريادي وتجربتها النهضوية المذهلة وإسقاطها قبل أن تستفيق وتنتبه شعوب الجوار المنكوبه المنهوبة! أردوغان اتهمته المعارضة أنه قام بنقل ضباط الشرطة والقضاة واستبدالهم للتغطية على الفساد! ما أقدم عليه يجب أن يحسب له لا عليه؛ لأنه يدل على وعيه ووضوح رؤيته تجاه الدولة العميقةـ وأنه إذا لُدِغ من جحر ماينبغي أن يلدغ مرة أخرى، فنقل القضاة وضباط الشرطة إلى مدن وأقاليم بعيدة ليؤدوا مهمتهم من غير ظلم ولا تآمر على أمن الدولة وهذا من صلاحياته أيضًا، هذا أردوغان وليس مرسي يا انقلابيين! أردوغان دكتاتوري وقمعي وضد الحرية الإعلامية والدليل إغلاقه لموقعي تويتر ويوتيوب! أردوغان مع الحرية المسؤولة وليس مع الحرية المُنفلتة، ما قام به أردوغان هو لحماية أعراض الناس وخصوصياتهم والمحافظة على كراماتهم من العبث والتشويه والاتهام دون دليل واضح، وأغلقها عبر حكم قضائي قاطع! أردوغان تواصل مع إدارة تويتر ويوتيوب لحذف الحسابات المسيئة والتي تنتهك الخصوصية لازدواجية المعايير والنفاق الدولي، فهم يغضون الطرف عن مكان ويضعون العدسات المكبرة آلاف المرات على مكان آخر! أردوغان متهم أنه دمر سوريا ونهب مصانع حلب! لا نعرف من الذي خرب سوريا وحول مدنها إلى لينينغراد وقصفها بالطائرات والبراميل المتفجرة وقتل 250 ألف سوري و10 ملايين لاجئ، هل هو المقاوم الممانع الذي ورث الملك عن أبيه في نظام جمهوري، أم هو المنحاز إلى قضايا الشعوب العربية وعلى رأسها فلسطين الذي قبّل أيادي أطفال سوريا والذي حتى لم يسمح بتسميتهم لاجئين؛ بل سماهم (ضيوف تركيا)! من الذي نهب مصانع حلب المدمرة؟ أليس هو النظام القمعي الدكتاتوري المجرم الذي أطلق ميليشيات حزب الله وفيلق غدر المرتزقة قاطعي الرؤوس؛ فالقاتل المجرم لا يُستكثر عليه الكذب، واللص لا يستبعد عنه التزوير والافتراء، ولا يستغرب من مغتصب أن يجادل بالباطل ليدحض الحق! == في النهاية أقول: رغم كلّ التناقضات التي تصدر عن الحكومة التركية أحيانًا ولضغوطات كثيرة واعتبارات أكبر، فلن ننسى أن الطيب أردوغان واحد من العظماء الذين أخذوا على عاتقهم مسؤولية النهوض لإحياء الإسلام في روح وتركيبة المجتمع التركي والتصدي للتيار العلماني الجارف المكتسح الذي كاد يسلخ الشعب التركي المسلم عن تاريخه ودينه وإسلامه بمنتهى الحكمة والذكاء.