الأحد، 10 مايو 2020

رسالة الى الاشعث الاغبر

رسالة الى الاشعث الاغبر ( ٢ )

وَحدكَ أيها الأشعث الأغبر فَهمتَ المعادلة..
وحدكَ رأيتَ الملكَ عارياً..
وحدكَ كَشَفتَ فأرَ السَّدِ، ودابةَ المِنسَأة، وتسويلَ نَفْسِ السامري!!
لم يخدعك بريقُ الديمقراطية الزائف، ولا زهوُ القومية الكاذب، ولا شعاراتُ الوطنية الجوفاء.. رأيتَ (سايكس) يرسم أعلامَنا في عشرين دقيقة لنرفعها نحن مائة سنة ونموت من أجلها فرحين بوهم الدولة.. رأيتَ (كوكس) يضرب في القلب ويرسم حدودَ جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم وأرواحُ الأنصار- الذين أنفوا أن يعطوا ثلثَ تمورِ المدينة لأمثالهم من العرب- تَزفرُ في البقيع غضباً على الذين أعطوا الطارفَ والتليدَ لأعدائهم من العجم.. رأيتَ خَلفَ كل عسكري (مايلز كوبلاند) يصنع زعيماً خالداً ذِكْرُهُ في الهزائم والنكسات.. رأيتَ تحت كل عمامة سوداء خمينياً أسودَ القلبِ يرفع رايات الحسين على رماح قد ارتوت من دماء الحسين!!
رأيتَ في كلِ حَاكمٍ لِصاً، وفي كل حُكومةٍ عصابة، وفي كل دولةٍ خَرابة، وفي كل مستشرقٍ جاسوساً، وفي كل مركزِ أبحاثٍ حصانَ طروادة، وفي كل حمامةِ سَلامٍ أباتشي، وفي كل غُصنِ زيتونٍ مِشطَ رصاص، وفي كل تمثال حريةٍ فروةَ رأسٍ منزوعةً لهنديٍّ أحمر!!
رأيتَ ورأوا أنكَ رأيت.. فَهِمتَهُم وفَهِمُوك.. حتى إذا كَبُرَ عليهم مقامُك وتذكيرك بآية السيف استيأسوا منك فأجمعوا أمرهم وشركاءَهم وخَلصوا نجياً؛ قال كبيرُهم: خارجي.. ثم انطلقت أبواقُ السوء تصم آذان العامة، ودارت رحى الأكاذيب تطحنُ عقولَ الخاصة.. وإذ أنت بين الأبواق والرحى واسطةُ عِقدٍ في سلسلة ذهبية من الذين قال الله فيهم:" وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين".
الله يحب الصابرين؛ فلا تيأس!!
لا يأسَ اليومَ ولا مَخِيْلَةَ غداً.. اليومَ أمرٌ وغداً أمورُ!!
لَمْلِم جِراحَكَ واعصف بمجزرة أخرى..
الحِكمةُ الآن ليست ضالة المؤمن؛ بل القنبلة!!
قَاتِلْ للأَمرِ ولا تُقاتل للنصر- مَنْ قَاتَل للنصر فكأنما اشترط على الله، واللهُ لا يُشتَرَطُ عليه- فإن أدركتَ النصرَ فقد نَعِمتَ في الدنيا بتنفيذ أمره، وإن عُوجلتَ دونه فقد نَعِمتَ في الآخرة لتنفيذ أمره.. ومَا على مُتقلبٍ بين نعيمين بأساء!!
"ما لا تستطيع إنجازه بالعنف تستطيع إنجازه بعنفٍ أكبر"!!
هكذا يقول الروس وهكذا يفعلون، هكذا يفكر الأمريكان وهكذا يفعلون، هذه هي الدنيا؛ بُنيت على المدافعة وقامت على الصراع.. من العبث أن تُكَلِّفَهَا ضِدَ طباعها ومن الحمق أن تقضي عمرك في العبث!!
العظيمُ الذي قال له عَمُّه:" تباً لكَ سائرَ هذا اليوم، ألهذا جمعتنا".. هو نفسه صلى الله عليه وسلم الذي قال أبو سفيان لِعَمِّه بعد سنوات:" لقد صار ملكُ ابنِ أخيكَ عظيماً"!!
والصِدِّيقُ الذي منعوه عِقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُرسل لهم أبا ذر ليناقشهم بالحكمة والموعظة الحسنة، بل أرسل لهم سيفَ اللهِ ليفتتح المجزرة!!
ومُستَكبرٍ لم يَعرفِ اللهَ ساعةً
رأى سَيفَه في كَفِّهِ فَتَشَهَّدا
هكذا قال سيدُ شعراء الدنيا قديماً.. وأقدم منه قول أبي مسلم الخراساني (صاحب الدولة العباسية) حين جاءه كتاب عبد الحميد (كاتب الدولة الأموية)؛ فخشي على نفسه من بلاغة عبد الحميد (حين كانت البلاغةُ تقتلُ أهلَ العقول)؛ فضرب الكتابَ بسيفه قبل أن يقرأه، ثم أنشأ يقول:
محا السيفُ أسطارَ البلاغة وانتحى
عليكَ ليوثُ الغابِ من كل جانبِ
لم يقل الخراساني شعراً قبله ولا بعده.. كان بيتاً يتيماً قاله ذات حزم، ثم يَتَّم بعده آلافَ الأطفال لأن آباءَهم لم يكونوا على استعدادٍ لفهم طبيعة السنن الربانية في صُعودِ الدول وسقوطها!!
آخر الدواء الكي..
وما نيلُ المطالب بالتمني
ولكن تؤخذ الدنيا غِلابا
الأمويون، العباسيون، العثمانيون، الفاطميون، الأيوبيون، المماليك، الأغالبة، الأدارسة، البويهيون، السلاجقة.. لن تَجدَ دولةً قامت وتسلطنت إلا بالسيف وعلى السيف؛ يستوي في ذلك الدول الكافرة والدول المسلمة.. التغيير الجذري لا يتم إلا بالقوة؛ سواء أكان تغييراً من باطلٍ إلى حق أم من حقٍ إلى باطل..
الحقُ والباطلُ- واقعياً- نسبيان إلى الحد الذي يجعلهما كعجين الصلصال؛ تُشَكِّلُهُمَا يدُ القوة كيف شاءت!!
حَقُّ القوةِ يُغَيِّر..
قُوةُ الحقِ تُدِيم..
فإذا بَهَتت شُعلةُ الحقِ في نفوس أصحابها جَرَتْ عليهم سُنّةُ التداول بقوةٍ ناشئةٍ تجعلهم أثراً بعد عَين وشَواهِدَ بَعد مَشَاهِد.. وهكذا دواليك حتى يأتي أمر الله!!
لا شيء بين مشرقيها ومغربيها سوى هذا؛ فلا يستخفنك الذين يسارعون فيك "يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة".. لقد ارتضوا الوهم وتوهموا الرضا فأركسهم الله في الذل؛ "ومن يُرد اللهُ فتنته فلن تملك له من الله شيئا".
السُلطةُ أداتك لتحقيق غايتك؛ فاحرص على طلبها حرصك على تحقيق التوحيد بإخلاص العبودية؛ فإنهما لا يثبتان إلا بالسنان بعد اللسان.. وخل عنك وهم الواهمين الذين قالوا- طمأنةً لكلاب الحراسة- : "نريد أن نُحكَمَ بشرع الله لا أن نَحكُمَ بشرع الله"؛ فدارت بهم دواماتُ الوهم حتى لم يبق شرعٌ في الدنيا إلا حكمهم عدا شرع الله!!
إذا أردتَ إصلاحَ العالم فَسَاهِم في تسريع انهياره!!


------------

في بدايات القرن العشرين اشترك (مكماهون)، و(لورنس)، و(كوكس) في إنشاء صحوات ومفاحيص جزيرة العرب وأجزاءٍ من العراق والشام.. ثم استلم الفِرَاشَ بعدهم (جون فيلبي)، و(جون غلوب، أبو حنيك) وأمثالهما؛ حتى صارت تلك الصحواتُ دولاً، وأولئك المفاحيصُ حكاماً.. وتطاول عليناً الأمدُ فنسينا أنَّ الولدَ للفِرَاشِ وللعاهرِ الحجر!!
وفي بدايات القرن الحادي والعشرين أنشأ (بتريوس) و بريمر صحوات العراق كما أنشأ (جون ماكين) مفاحيص الشام.. وكما تباكى بعض أوباش العرب قديماً على لورنس يتباكى بعض أوباشهم حديثاً على ماكين!!
ولو جَازَ أن نعتذرَ لمفحوص بعذرٍ لاعتذرنا للمفاحيص الأوائل بغلبة الجهل والأمية على عامتهم لا خاصتهم.. فبأي شيءٍ نعتذر للمفاحيص الأواخر وهم يرون أنفسهم مثقفين وفلاسفة!!
لا فرق بين قناتي (الجزيرة) و(العربية) إلا كالفرق بين عاهرة الفنادق وعاهرة الحواري؛ كلتاهما تتنافسان على ذات الفاجر في ذات الفِرَاش!!
احذروا الخداعَ والمخادعين.. فإن الدروشة أنستنا التقاطَ الحجر للعاهر، وحرقَ الفِرَاشِ بالعاهرة!!
هل فهمتم الآن معنى قول سيد ولد آدم صلى لله عليه وسلم:" تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله، ثم فارس فيفتحها الله، ثم تغزون الروم فيفتحها الله، ثم تغزون الدجال فيفتحه الله"؟!!
ولا والله لا أعرف ترتيباً استراتيجياً للفتح أصوب نظراً ولا أعظم إعجازاً من هذا؛ فإن جزيرة العرب- التي سيطر عليها سِتُّ صحواتٍ بِستِّةِ مفاحيص يسمونها دولاً وحكاماً- هي البَدء والمنتهى؛ لا تُفتح فارس ولا الروم إلا بمشاركة أبناء جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم الذين سينعتقون قريباً إن شاء الله من قيودِ هذه الصحوات وعروش أولئك المفاحيص!!


=========



ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏نص مفاده '‏أذابته فرنسا في الزيت المغلى عالم الجزائر الشيخ العربي التبسي رحمه الله‏'‏‏
 

هل تعرف من هو العالم الجزائري الجليل الذي أُذيب في الزيت المغلي، العالم الذي لا قبر له ؟

إنه الأسد الشجاع، فخر المسلمين وشعب الجزائر الذي تحمل في سبيل الله ما تنوء عن حمله الجبال.

إنه الشيخ العربى التبسى أحد شيوخ المالكية وأعمدة الإصلاح في الجزائر، وأمين عام جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، تخرج من جامعة الزيتونة بتونس سنة 1914 ثم رحل إلى القاهرة عام 1920 ودرس العلوم الشرعية في الجامع الأزهر.

عاد الشيخ رحمه الله إلى الجزائر عام 1927م ليبدأ نشاطه الدعوي، حيث استطاع بث الدعوة الإصلاحية، وعند اندلاع الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي سنة 1954 كان يدعمها ويحرض الناس على الجهاد في سبيل الله ويتواصل مع المجاهدين ويحثهم على الثبات، وقد حاول الكثير من أصدقاء الإمام رحمه الله إقناعه بالخروج من الجزائر بعد أن أصبح هدفا ضخما وواضحا للفرنسيين، فكان جوابه دائما : إذا كنا سنخرج كلنا خوفا من الموت فمن يبقى مع الشعب ؟

بل نقل آخرون عنه أنه قال :
"لو كنت في صحتي وشبابي ما زدت يومًا واحدًا في المدينة، ولأسرعت إلى الجبل فأحمل السلاح وأقاتل مع المجاهدين".

قد علم المستعمرون أن الشيخ العربي التبسي يتمتع بشعبية كبيرة وأنه مؤيد للجهاد وأحد محركي القواعد الخلفية له، فأرسلوا إليه عن طريق إدارتهم في الجزائر عدة مبعوثين للتفاوض معه بشأن الجهاد ومصيره ، وبعد رفضه المستمر للتفاوض باسم الأمة وأن عليهم التفاوض مع المجاهدين فقط، رأى المستعمرون أنه من الضروري التخلص منه، ولم يستحسنوا اعتقاله أو قتله علنا لأن ذلك سوف يزيد من حماس الأمة للجهاد ومن حقدها على المستعمر، فتم خطفه ، و قد نقل المجاهد أحمد الزمولي عن إبراهيم البوسعادي الذي كان ضمن تشكيلة القبعات الحمر وحضر معهم يوم اختطاف الشيخ من بيته، كما حضر مراحل إعدامه وكان منظر الإعدام سببا في التحاقه بالمجاهدين كما ذكر، وجاء في هذه الرواية ما يلي :

"وقد تكفل بتعذيبه فرقة الجنود السنغاليون في الجيش الفرنسي والشيخ بين أيديهم صامت صابر محتسب لا يتكلم إلى أن نفذ صبر "لاقايارد" -قائد فرقة القبعات الحمر الفرنسية.

وبعد عدة أيام من التعذيب جاء يوم الشهادة حيث أعد للشيخ قدر كبير مليئ بزيت السيارات والشاحنات العسكرية والاسفلت الأسود وأوقدت النيران من تحتها إلى درجة الغليان والجنود السنغاليون يقومون بتعذيبه دون رحمة وهو صابر محتسب ، ثم طلب منهم لاقايارد حمل الشيخ العربي فحمله أربعة من الجنود السنغاليين وأوثقوا يديه ورجليه ثم رفعوه فوق القدر المتأجج وطلبوا منه الاعتراف وقبول التفاوض وتهدئة الثوار والشعب ، والشيخ يردد بصمت وهدوء كلمة الشهادة " لا إله إلا الله محمد رسول الله.

ثم وضع قدميه في القدر المتأججة فأغمي عليه ،ثم أنزل شيئًا فشيئًا إلى أن دخل بكامله فاحترق وتبخر وتلاشى



=