السبت، 3 يونيو 2023

موافقات ابن تيمية لفقه الشيعة الإمامية فيما خالف فيه مذهب الجمهور

 موافقات ابن تيمية لفقه الشيعة الإمامية فيما خالف فيه مذهب الجمهور 

ملخص الدراسة:

الخلاصةهذا البحث دعوة إلى جميع أتباع المذاهب الإسلامية من أهل السنة وغيرهم ، إلى التأمل في نتائجه ، والأخذ بنظر الاعتبار المنهج المعتدل والتسامح الفكري بين أبناء الدين الواحد ، وإن اختلفت وجهات النظر، ‏فالخلاف يبقى كما قيل : " لا يفسد للود قضية" ، ولا يحمل على التشنج في وجه المخالف ، ولا البعد عن التوسط والوسطية التي بعثت بها هذه الأمة. وكدليل على الوسطية في هذا ‏الشأن، اخترت الخوض في المسائل الفقهية التي خالف فيها ابن تيمية رأي جمهور أهل السنة ووافق فيها رأي الشيعة الإمامية . ولما كان ابن تيمية من أبرز الشخصيات التي دار ‏ويدور حول آرائه الجدل 0 ‏حتى نسبهُ المخاِلف له إلى التكفير ، والتعصب ، وعدم القبول بالآخر ، فصار مضرب المثل عند خصومه في التشدد ، ومعاداة المخالف ، ورفض جميع ما يصدر عنه . دفعني ذلك إلى التفتيش في زوايا آرائه في شتى فروع العلم الشرعي ، فوجدته يأخذ في فروع منها بآراء قد تخالف مذاهب ‏أهل السنة . ‏يقول الشيخ أبو زهرة :" ومع هذا التقدير الشامل والعلم الواسع لمذاهب الأئمة ومذاهب التابعين كان يُحَلق في سماء الكتاب والسنة غير مقيد إلا بنصوصهما ، ولقد أدت به هذه الدراسة إلى أن يخالف الأئمة الأربعة ومذاهب الجمهور لأنه راي السنة في غير ما قالوا ... وسنوضح أن ذلك الرأي الذي انتهى إليه في الطلاق والأيمان متلاق مع مذهب الشيعة الإمامية في جملته وفي بعض تفاصيله".


عبدالرحمن حمدي شافي العبيدي      

 (أستاذ)

دكتوراه في فقه مقارن

كتاب

موافقات ابن تيمية لفقه الشيعة الإمامية فيما خالف فيه مذهب الجمهور pdf

آراء فقهية شاعت مع أن أصحابها رجعوا عنها

  

آراء فقهية شاعت مع أن أصحابها رجعوا عنها

 1.معظم علماء الأمة الإسلامية وردت عنهم آراء شرعية في شتى مجالات العلوم الشرعية ثم عادوا عنها ، وهو أمر حدث في زمن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وإلى حد الآن ، وهو أمر طبيعي لا يمنعه مانع شرعي ولا عرفي .

2.عودة الفقيه عن رأي رآه ، دليل على إخلاص الفقيه ودقته ، وخشيته لله تبارك وتعالى ، ومؤشر على عدم إصراره على الخطأ الذي يكتشفه ، وربما هو واجب يحتمه تقوى الله ، فالفقيه مبلّغ عن الله تعالى حكمه للناس .

3.لابد أن يكون هناك سبب وجيه يدعو الفقيه إلى التراجع عن قوله ، كدليل لم يكن يعرفه ثم اطلع عليه ، أو تبين له ضعف دليله الأول ، وصحة دليل يعارضه ، لكن لابد أن يكون الدافع له على الرجوع دليلاً أقوى مما اعتمده في قوله الأول ، وأن لا يحمله على الرجوع هوى أو تعصب أو ميل عن الحق .

4.وإذا رجع المفتي أو الفقيه عن رأي رآه ، لم يعد ذلك قولاً له ، بل هو في حكم القول المنسوخ ، لاسيما إذا عُرف أن له رأياً ثانياً متأخراً عن ذلك الرأي ، وصرح بترك رأيه الأول ، أو قال : رجعت عنه ، أو أن الأصح هو قولي الثاني ، فإن لم يًعرف تاريخ أولهما ، أو لم ينص الفقيه على ترجيح أحد قوليه ، فيُعتد بالقولين عن ذلك الفقيه في تلك المسألة .

5.إذا ثبت رجوع الفقيه عن قوله ، ولم يكن غيره قال بذلك القول ، فلا يجوز للمقلد العمل به ، وعليه الرجوع عنه إن كان قد عمل به ما أمكن ذلك ، فإن تعذر الرجوع كأن تزوج بموجبه بامرأة وتم الدخول أو حصل له منها ولد ، فلا يلزمه فسخ النكاح إلا إذا كان الرأي يناقض دليلاً قطعياً كقرآن أو سنة متفق عليها أو إجماع مقظوع به فيجب الفسخ حينها . لكن يجوز للمقلد إن كان قادراً على التمييز بين الأدلة أن يصحح ما رجع عنه الفقيه إذا دلّ الدليل الصحيح عليه بشرط أن يوجد عالم آخر سبقه إلى القول بهذا الرأي ، حتى لا يكون مبتدعاً قولاً لم يسبقه إليه أحد .

6.اختلاف الأقوال المروية في بعض المذاهب عن شيخ المذهب محمول على وجود قولين له في المسألة في وقتين مختلفين ، كالشافعي في العراق ومصر ، وربما كان ذلك بسبب الخطأ في النقل والغلط من الرواة ، كما في أغلب الروايات عن أبي حنيفة وأحمد ، ففي هذين المذهبين إذا لم تصح رواية عن الفقيه تفيد تراجعه عن قوله ، وجب الأخذ بالأقوى من الدليلين ، لأن أئمة المذاهب نصوا على : أن مذاهبهم هي ما وافق الحديث الصحيح (إذا صح الحديث فهو مذهبي ).

7.الأرجح في عقوبة الخمر أنها كانت حداً بلغ أربعين جلدة بفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وما زاده الصحابة فيما بعد إنما كان تغليظاً في التعزير والتأديب ، في بعض الحالات على بعض الشاربين للخمر ، وليس حكماً عاماً للجميع ، ولذلك نجدهم سرعان ما عادوا عن ذلك إلى الأربعين ، لما تأكدوا أن العقوبة حد لا تجوز مجاوزته .

8.الأرجح أن الصحابة اتفقوا (لاسيما عمر وعلي رضي الله عنهما) على أن من تزوج امرأة في عدتها من زوج آخر فعليهما التأديب ، ويفرق بينهما إلى حين انتهاء عدة الأول ، ثم تعتد من الثاني أيضاً ، وإن شاءا تزوجا بعد ذلك ولا تحرم عليه مؤبداً كما هو مشهور ، لأن ذلك لم يصح عن عمر ، وعلى فرض صحته فقد ثبت رجوعه عنه ليتفق مع علي عليه .

9.الراجح أن أبا حنيفة رجع عن قوله : بأن نهاية وقت المغرب بغياب الشفق الأبيض ، وأن الذي استقر عليه رأيه هو بغياب الشفق الأحمر ، ولا يصح روايته عن أبي حنيفة على أنه رأي له . 

10.الراجح أن أبا حنيفة رجع عن النهي عن أكل لحم الخيل ، وقال بإباحتها .

11.الراجح عند أئمة المذاهب الثلاثة غير الحنفية أنهم رجعوا عن قولهم : إن علة الربا في النقدين ( مطلق الثمنية ) إلى القول بأنها : ( جوهر الثمنية ، أو الثمنية الغالبة ) . فلا يجوز البقاء على القول الأول لعدم وجود قائل به ، ولا يصح نسبته إلى الأئمة الثلاثة .

12.لا يجوز إفتاء من حلف بالطلاق بأن عليه كفارة يمين إذا نوى اليمين ، لأنه لم يقل بذلك أحد من أهل العلم سوى ابن تيمية ، ثم حرمها على نفسه ومنع غيره من القول بها .





عبدالرحمن حمدي شافي العبيدي      

 (أستاذ)

دكتوراه في فقه مقارن

آ