الخميس، 6 ديسمبر 2018

الْبِدْعَةُ الْـمَحْمُودَة : بَعْضُ مُحْدَثَاتِ الْإِمَام أَحْمَد_بْن_حَنْبَل؟!

أَوَّلاً: اسْتِحْبَابُ جَمْع الْأَهْلِ لِلْدُّعَاءِ عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآن؟!...وَخَتْم الْقُرْآن لَيْلَة 27 مِنْ رَمَضَان فِي صَلاَةِ الْتَّرَاوِيح؟!...مَعَ اسْتِحْبَاب الاِتْيَانِ بِدُعَاءِ خَتْمِ الْقُرْآنِ دَاخِلَ صَلاَةِ الْتَّرَاوِيحِ بِكَيْفِيَّةٍ مُحْدَثَةٍ لَـمْ تَرِد فِي دَلِيلٍ خَاصٍّ؟!...
جَاءَ فِي مَسَائِلِ الْإِمَامِ أَحْمَد بْن حَنْبَل رِوَايَة أَبِي دَاود الْسِّجِسْتَانِي (ت:275هـ): ((رَأَيْتُ أَحْمَدَ يَسْجُدُ فِي ﴿ص﴾ خَلْفَ إِمَامِهِ فِي الْتَّرَاوِيحِ، وَفِي: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾ عِنْدَ: ﴿لاَ يَسْجُدُونَ﴾[الانْشِقَاق:21]، وَفِي: ﴿اقْرَأْ﴾، وَخَتَمَ بِهِ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ رَفَعَ الْإِمَامُ يَدَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَرَفَعَ الْنَّاسُ وَأَحْمَدُ مَعَنَا فَقَامَ سَاعَةً يَدْعُو ثُمَّ رَكَعَ، وَكَانَ ذَلِكَ عَنْ رَأْيِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فِيمَا أُخْبَرْتُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، وَشَهَدْتُّهُ يَأْمُرُهُ بِذَلِكَ، وَيُخَاوِضُهُ فِيهِ.
سَمِعْتُ أَحْمَدَ قِيلَ لَهُ: زَعَمَ الزُّبَيْرِيُّ أَنَّهُمْ إِذَا خَتَمُوا الْقُرْآنَ رَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ وَدَعَوْا فِي الْصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُهُمْ بِمَكَّةَ يَفْعَلُونَهُ وَسُفْيَانُ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَوْمَئِذٍ حَيٌّ -يَعْنِي فِي قِيَامِ رَمَضَانَ-))(1)...
وَقَالَ عَبْدُ الله بْنُ الإِمَام أَحْمَد بْن حَنْبَل (ت:290هـ): ((سَأَلْتُ أَبِي عَنِ الْدُّعَاءِ عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآن قَائِمًا أَوْ قَاعِداً؟، فَقَالَ: يُقَالُ: إِنَّ أَنَسًا كَانَ يَجْمَعُ عِيَالَهُ عِنْدَ الْـخَتْمِ. قَالَ أَبِي: وَكَانَ الْـمعْتَمر بْن سُلَيْمَان إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْتِمَ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمَاعَة، أَرَاهُ قَالَ: يَدْعُو أَوْ يَدْعُونَ، يَعْنِي إِذَا خَتَمَ.
قُلْتُ لِأَبِي: يَدْعُو إِذَا قَرَأَ: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾[سُورَة الْنَّاس] أَوْ يَبْتَدِئ مِنْ الْبَقَرَةِ، فَقَالَ: إِذَا خَتَمَ الْقُرْآنَ دَعَا))(2)...
وَقَالَ فَقِيهُ الْحَنَابِلَة مُوَفَّق الْدِّين ابْن قُدَامَة الْـمَقْدِسِي: (("فَصْلٌ: فِي خَتْمِ الْقُرْآنِ": قَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَقُلْتُ: أَخْتِمُ الْقُرْآنَ، أَجْعَلُهُ فِي الْوِتْرِ أَوْ فِي الْتَّرَاوِيحِ؟ قَالَ: اجْعَلْهُ فِي الْتَّرَاوِيحِ، حَتَّى يَكُونَ لَنَا دُعَاءً بَيْنَ اثْنَيْنِ. قُلْت كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: إذَا فَرَغْتَ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ فَارْفَعْ يَدَيْكَ قَبْلَ أَنْ تَرْكَعَ، وَادْعُ بِنَا وَنَحْنُ فِي الْصَّلَاةِ، وَأَطِلْ الْقِيَامَ. قُلْتُ: بِمَ أَدْعُو؟ قَالَ: بِمَا شِئْتَ. قَالَ: فَفَعَلْت كَمَا أَمَرَنِي، وَهُوَ خَلْفِي يَدْعُو قَائِمًا، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْت أَحْمَدَ يَقُولُ فِي خَتْمِ الْقُرْآنِ: إذَا فَرَغْت مِنْ قِرَاءَةِ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [سُورَة الْنَّاس] فَارْفَعْ يَدَيْكَ فِي الْدُّعَاءِ قَبْلَ الرُّكُوعِ. قُلْتُ: إلَى أَيِّ شَيْءٍ تَذْهَبُ فِي هَذَا؟ قَالَ: رَأَيْتُ أَهْلَ مَكَّةَ يَفْعَلُونَهُ، وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يَفْعَلُهُ مَعَهُمْ بِمَكَّةَ.
قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ: وَكَذَلِكَ أَدْرَكْتُ الْنَّاسَ بِالْبَصْرَةِ وَبِمَكَّةَ. وَيَرْوِي أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي هَذَا شَيْئًا، وَذُكِرَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ))(3)...
ثَانِيًا: تَخْصِيصُ وَقْتٍ لِخَتْمِ الْقُرْآنِ فِي الْصَّيْف وآخَر فِي الْشِّتَاءِ؟!...
جَاءَ فِي مَسَائِلِ الْإِمَامِ أَحْمَد بْن حَنْبَل رِوَايَة أَبِي دَاود الْسِّجِسْتَانِي: (("بَابُ: مَتَى يَخْتِمُ الْقُرْآنَ". قُلْتُ لِأَحْمَدَ: قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: "إِذَا كَانَ الْشِّتَاءُ فَاخْتِمْ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَإِذَا كَانَ الْصَّيْفُ فَاخْتِمْهُ فِي أَوَّلِ الْنَّهَارِ"، فَرَأَيْتُ كَأَنَّهُ: أَعْجَبَهُ"))(4)...
ثَالِثًا: تَخْصِيصُ دُعَاءٍ مُحْدَثٍ عِنْدَ الْشُّرُوع لِلْسَّفَر؟!...
جَاءَ فِي "مَنَاقِبِ الْإِمَامِ أَحْمَد بْن حَنْبَل لِلْحَافِظ ابْن الْجُوزِي: ((عَنِ الْقَاسِم بْن الْحُسَيْن الْوَرَّاق قَالَ: أَرَاد رَجُلٌ الْخُرُوجَ إِلَى طَرْسُوسٍ، فَقَالَ لِأَحْمَد: زَوِّدْنِي دَعْوَةً فَإِنِّي أُرِيدُ الْخُرُوج، فَقَالَ لَهُ: قُلْ: "يَا دَلِيلَ الْحَيَارَى، دُلَّنِي عَلَى طَرِيْقِ الْصَّادِقِيْنَ، وَاجْعَلْنِي مِنْ عِبَادِكَ الْصَّالِحِيْنَ". قَالَ: فَخَرَجَ الْرَّجُل، فَأَصَابَتْهُ شِدَّة وَانْقَطَعَ عَنْ أَصْحَابِهِ، فَدَعَا بِهَذَا الْدُّعَاء فَلَحِقَ أَصْحَابَهُ، فَجَاءَ إِلىَ أَحْمَد فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ أَحْمَد: اُكْتُمْهَا عَلَيَّ))(5)...
وَفِي عَمَلِ الْإمَام أَحْمَد بْن حَنْبَل جُمْلَة مِنَ "الْبِدَعِ!" الْـمَحْظُورَةِ وفْق مَنظُور أَدْعِيَاءِ الْسَّلَفِيَّةِ:
(أ‌) تَخْصِيصُ دُعَاءٍ مُحْدَثٍ بِـمَوْطِنٍ "الْشُّرُوع لِلْسَّفَر" لَـمْ يَرِد فِي تَخْصِيصِهِ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ مِنْ دَلِيلٍ خَاصٍّ!: ((...فَإِنِّي أُرِيدُ الْخُرُوج، فَقَالَ لَهُ: قُلْ: "يَا دَلِيلَ الحَيَارَى..."))...
(ب‌) لاَ حَرَجَ فِي تَبْلِيغ هَذَا الْإِحْدَاث!: ((زَوِّدْنِي دَعْوَةً))...
رَابِعًا: لاَ بَأْسَ بِاجْتِمَاع الْنَّاس فِي الْـمَسَاجِد لِلْذِّكْرِ وَالْدُّعَاءِ عَشْيَّة يَوْمِ عَرَفَة؟!...
قَالَ فَقِيهُ الْحَنَابِلَة مُوَفَّق الْدِّين ابْن قُدَامَة الْـمَقْدِسِي: ((فَصْلٌ: قَالَ الْقَاضِي: وَلَا بَأْسَ بِالتَّعْرِيفِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِالْأَمْصَارِ. وَقَالَ الْأَثْرَمُ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ التَّعْرِيفِ فِي الْأَمْصَارِ، يَجْتَمِعُونَ فِي الْمَسَاجِدِ يَوْمَ عَرَفَةَ، قَالَ: أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ، قَدْ فَعَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَرَوَى الْأَثْرَمُ، عَنْ الْحَسَنِ، قَالَ: أَوَّلُ مَنْ عَرَّفَ بِالْبَصْرَةِ ابْنُ عَبَّاسٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ: أَوَّلُ مَنْ فَعَلَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ، وَبَكْرٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ: كَانُوا يَشْهَدُونَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ عَرَفَةَ. قَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِهِ، إنَّمَا هُوَ دُعَاءٌ وَذِكْرٌ لِلَّهِ. فَقِيلَ لَهُ: تَفْعَلُهُ أَنْتَ؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَلَا. وَرُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ حَضَرَ مَعَ الْنَّاسِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ))(6)...
حَبْر الْأُمَّة الْصَّحَابِي سَيِّدنَا عَبْد الله بْن عَبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَسْتَحْسِنُ إِحْدَاث كَيْفِيَّة -لاَ تُصَادِم الأُصُول- فِي الْتَّعَبُّدِ بِالْأَمْصَارِ وَيُوقِّتُ لَهَا بِعَشِيَّةِ عَرَفَة، مَعَ أَنَّ هَذَا الْتَّعَبُّد الْقَائِمِ عَلَى تَخْصِيصِ مِثْل هَذَا الاِجْتَمَاع بِهَذَا الْتَّوْقِيت لَـمْ يَرِد فِي دَلِيلٍ خَاصٍّ!. والإِمَام أَحْمَد بْن حَنْبَل لاَ يَجِدُ غَضَاَضَة فِي الْتِزَام هَذَا الْأَمْر؟!...
خَامِسًا: كِتَابَةُ الْتَّعَاوِيذ وَتَخْصِيصهَا بِكَيْفِيَّة لَـمْ تَرِد وَالْتَّبَرُّك بِذَلِكَ؟!...
قَالَ عَبْدُ الله بْنُ الإِمَام أَحْمَد بْن حَنْبَل (ت:290هـ): ((رَأَيْتُ أَبِي يكْتُبُ الْتَّعَوِيذَ لِلَّذِي يَفْزَعُ وَالْـحُمَّى لِأَهْلِهِ وَقَرَبَاتِهِ، وَيَكْتُبُ لِلْمَرْأَةِ إِذَا عَسُرَ عَلَيْهَا الْوِلاَدَة فِي جَامٍ أَوْ شَيْءٍ لَطِيفٍ، وَيَكْتُبُ حَدِيثَ ابْن عَبَّاسٍ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ عِنْدَ وُقُوعِ الْبلَاءِ، وَلَمْ أَرَهُ يَفْعَلُ هَذَا قَبْلَ وُقُوعِ الْبَلَاءِ، وَرَأَيْتُهُ يُعَوِّذُ فِي الْمَاءِ وَيُشْرِبْهُ الْمَرِيْضَ، وَيَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ مِنْهُ...وَرَأَيْتُهُ غَيْر مَرَّةٍ يَشْرَبُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ يَسْتَشفِي بِهِ وَيَمْسَحُ بِهِ يَدَيْهِ وَوَجهَهُ))(7)...
وَكُلُّ هَذَا لَـمْ يَرِد فِي دَلِيلٍ خَاصٍّ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّـم...
سَادِسًا: قَالَ الْحَافِظُ الْذَّهَبِي: ((قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: كَانَ أَبِي يُصَلِّي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثَلاَثَ مَئَةِ رَكْعَةٍ. فَلَمَّا مَرِضَ مِن تِلْكَ الأَسْوَاطِ، أَضْعَفَتْهُ، فَكَانَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مَائَةً وَخَمْسِيْنَ رَكْعَةً))(8)...
وَهَذَا فِيهِ تَخْصِيص صَلاَة اللَّيْل بِعَدَدٍ لَـمْ يُخَصِّصهُ الْشَّارِع الْحَكِيم...
سَابِعًا: تَخْصِيص ذِكْرٍ بِإِقَامَةِ الْصَّلاَة مَعَ رَفْع الْأَيْدِي حِينَهَا لِلْدُّعَاءِ؟!...وَاسْتِحْبَاب الْدُّعَاء لِلْمُؤَذِّن فِي مَوْطِنٍ لَـمْ يَرِد بِهِ تَخْصِيصٌ؟!...
قَالَ الْحَسَنْ الْأَنْمَاطِي: ((رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه إِذَا أُقِيمَتِ الْصَّلاَةُ رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَدْ قَالَ الْـمُؤَذِّنُ: "لاَ إِلَه إِلاَّ اللَّه" فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْحَقُّ الْـمُبِينُ"))(9)...
وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَب الْحَنْبَلِي: ((وَقَدْ نَقَلَ الْـمَرُّوذِيُّ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد أَنَّهُ كَانَ: إِذَا أَخَذَ الْـمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ رَفَعَ يَدَيْهِ وَدَعَا))(10)...
وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَب الْحَنْبَلِي أَيْضًا: ((وَاسْتَحَبَّ أَحْمَدُ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَبْسُطَ يَدَيْهِ وَيَدْعُو عِنْدَ قَوْلِهِ: "حَيَّ عَلَى الْصَّلاَةِ"، وَقَالَ: رَأَيْتُ يَزِيدَ بْن هَارُونَ يَفْعَلُهُ وَهُوَ: حَسَنٌ. يَعْنِي لِـمَا وَرَدَ مِنْ اسْتِحْبَابِهِ الْدُّعَاءَ عِنْدَ الْأَذَان، وَفِيهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مَرْفُوعَةٌ وَمَوْقُوفَةٌ))(11)...
وَهَذَا تَخْصِيصٌ لَـمْ يَرِد فِي دَلِيلٍ خَاصٍّ...
ثَامِنًا: تَحْدِيدُ صُورَةٍ مُحْدَثَةٍ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآن عَلَى الْأَمْوَاتِ؟!...
قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: ((سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: "إذَا دَخَلْتُمْ الْمَقَابِرَ فَاقْرَءُوا آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَثَلَاثَ مَرَّاتٍ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [سُورَةُ الْإِخْلاَص] ثُمَّ قُولُوا: اللَّهُمَّ إنَّ فَضْلَهُ [يَعْنِي ثَوَابَهُ] لِأَهْلِ الْمَقَابِرِ"))(12)...
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ أَيْضًا: ((سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: "إذَا دَخَلْتُمْ الْمَقَابِرَ فَاقْرَءُوا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَالْـمُعَوِّذَتَيْنِ وَ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [سُورَةُ الْإِخْلاَص]، وَاجْعَلُوا ثَوَابَ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْـمَقَابِرِ فَإِنَّهُ يَصِلُ إِلَيْهِمْ))(13)...
وَكُلُّ هَذَا تَخْصِيصٌ بِكَيْفِيَّةٍ وَتَحْدِيدُ عَدَدٍ بِلاَ دَلِيلٍ خَاصٍّ...
تَاسِعًا:...الخ؟!
وخِتَامًا، فَمَنْهَج الْإِمَام أَحْمَد وَاضِحٌ فِي أَنَّهُ لاَ يَعْتَبِرُ كُلّ مُحْدَثٍ بِدْعَة ضَلاَلَة؟!...فَالْبِدْعَة مَا عَارَضَ الْأُصُول لاَ مَا لَـمْ تُعْهَد صُورَتهُ فِي الْعَصْر الْنَّبَوِي....
قَالَ حَافِظُ الْدُّنِيَا ابْن حَجَر الْعَسْقَلاَنِي: ((وَالْبِدْعَةُ أَصْلُهَا مَا أُحْدِثَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ، وَتُطْلَقُ فِي الشَّرْعِ فِي مُقَابِلِ السُّنَّةِ فَتَكُونُ: مَذْمُومَةً، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ مِمَّا تَنْدَرِجُ تَحْتَ مُسْتَحْسِنٍ فِي الشَّرْعِ فَهِيَ: حَسَنَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا تَنْدَرِجُ تَحْتَ مُسْتَقْبَحٍ فِي الشَّرْعِ فَهِيَ: مُسْتَقْبَحَةٌ، وَإِلَّا فَهِيَ مِنْ قِسْمِ الْمُبَاحِ، وَقَدْ تَنْقَسِمُ إِلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ))(14)...
وَاللهُ الْـمُوَفِّق...
_____________
(1) مَسَائِلُ الْإِمَامِ أَحْمَد رِوَايَة أَبِي دَاوُد سُلَيْمَان بْن الْأَشْعَث الْسِّجِسْتَانِي (ص:29-93) رَقْم: (450-451)، تَحْقِيق: أَبِي مُعَاذ طَارِق بْن عَوَض الله بْن مُحَمَّد، الْنَّاشِر: مَكْتَبَةُ ابْن تَيْمِيَّة، الْطَّبْعَة الْأُوْلَى: 1420هـ-1999م
(2) كِتَابُ مَسَائِل الْإِمَام أَحْمَد بْن حَنْبَل "ت:241هـ" رِوَايَة ابْنه: عَبْد الله "ت:290هـ" (2/299-300) رَقْم: (423-424-425)، تَحْقِيق وَدِرَاسَة: الْدُّكْتُور عَلِي سُلَيْمَان الْـمهنا، تَوْزِيع: مَكْتَبَة الْدَّار بِالْمَدِينَةِ الْـمُنَوَّرَةِ، الْطَّبْعَة الْأُوْلَى: 1406هـ-1986م
(3) الْـمُغْنِي لاِبْن قُدَامَة الـحَنْبَلِي (3/608)، دَار عَالَم الكُتُب: الْرِّيَاض، الْطَّبْعَةُ الْثَّالِثَة: 1417هـ-1997م
(4) مَسَائِلُ الْإِمَامِ أَحْمَد رِوَايَة أَبِي دَاوُد سُلَيْمَان بْن الْأَشْعَث الْسِّجِسْتَانِي (ص:93) بِرَقْم: (455)، تَحْقِيق: أَبِي مُعَاذ طَارِق بْن عَوَض الله بْن مُحَمَّد، الْنَّاشِر: مَكْتَبَةُ ابْن تَيْمِيَّة، الْطَّبْعَة الْأُوْلَى: 1420هـ-1999م
(5) مَنَاقِب الإِمَام أَحْمَد بْن حَنْبَل لِلْحَافِظ ابْن الْجُوزِي (ص:395-396)، دَار هجْر، الطَّبْعَة الثَّانيَة: 1409هـ
(6) الْـمُغْنِي لاِبْن قُدَامَة الـحَنْبَلِي (3/295)، دَار عَالَم الكُتُب: الْرِّيَاض، الْطَّبْعَةُ الْثَّالِثَة: 1417هـ-1997م
(7) كِتَابُ مَسَائِل الْإِمَام أَحْمَد بْن حَنْبَل "ت:241هـ" رِوَايَة ابْنه: عَبْد الله "ت:290هـ" (3/1345-1347)، تَحْقِيق وَدِرَاسَة: الْدُّكْتُور عَلِي سُلَيْمَان الْـمهنا، تَوْزِيع: مَكْتَبَة الْدَّار بِالْمَدِينَةِ الْـمُنَوَّرَةِ، الْطَّبْعَة الْأُوْلَى: 1406هـ-1986م
(8) سِيَرُ أَعْلاَمِ الْنُّبَلاَءِ لِلْحَافِظ الْذَّهَبِي (11/212)، أَشْرَفَ عَلَى تَحْقِيقِ الْكِتَابِ وَخَرَّجَ أَحَادِيثَهُ: شُعَيْب الْأَرْنَؤُوط، مُؤَسَّسَةُ الْرِّسَالَة، الْطَّبْعَة الْأُوْلَى: 1402هـ-1982م
(9) طَبَقَاتُ الْحَنَابِلَةِ لِلْقَاضِي أَبِي يَعْلَى الْحَنْبَلِي (1/371)، حَقَّقَهُ وَقَدَّمَ لَهُ وَعَلَّقَ عَلَيْهِ: الْدُّكْتُور عَبْد الْرَّحْمَن الْعُثَيْمِين، الْأَمَانَة الْعَامَّة لِلاِحْتِفَالِ بِمُرُورِ مَائَة عَامٍ عَلَى تَأْسِيسِ الْـمَمْلَكَة الْسُّعُودِيَّة، طَبْعَة: 1419هـ-1999م
(10) فَتْحُ الْبَارِي شَرْح صَحِيحِ الْبُخَارِي لِلْحَافِظ ابْنِ رَجَب الْحَنْبَلِي (5/259)، الْنَّاشِر: مَكْتَبَةُ الْغُرَبَاءِ الْأَثَرِيَّة - الْـمَدِينَة الْـمُنَوَّرَة، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1417هـ-1996م
(11) فَتْحُ الْبَارِي شَرْح صَحِيحِ الْبُخَارِي لِلْحَافِظ ابْنِ رَجَب الْحَنْبَلِي (5/258)، الْنَّاشِر: مَكْتَبَةُ الْغُرَبَاءِ الْأَثَرِيَّة - الْـمَدِينَة الْـمُنَوَّرَة، الْطَّبْعَةُ الْأُوْلَى: 1417هـ-1996م
(12) طَبَقَاتُ الْحَنَابِلَةِ لِلْقَاضِي أَبِي يَعْلَى الْحَنْبَلِي (2/224)، حَقَّقَهُ وَقَدَّمَ لَهُ وَعَلَّقَ عَلَيْهِ: الْدُّكْتُور عَبْد الْرَّحْمَن الْعُثَيْمِين، الْأَمَانَة الْعَامَّة لِلاِحْتِفَالِ بِمُرُورِ مَائَة عَامٍ عَلَى تَأْسِيسِ الْـمَمْلَكَة الْسُّعُودِيَّة، طَبْعَة: 1419هـ-1999م
(13) الْـمَصْدَر الْسَّابِق: طَبَقَاتُ الْحَنَابِلَةِ لِلْقَاضِي أَبِي يَعْلَى الْحَنْبَلِي (2/224)
(14) فَتْح البَارِي شَرْح صَحِيح الْبُخَارِي لِحَافِظ الدُّنْيَا ابْن حَجَر العَسْقَلاَنِي (4/253)، الْـمَكْتَبَةُ الْسَّلَفِيَّة.
ياسين بن ربيع

#البدعةُ_الـمحمُودة: #بعضُ_مُحدثات_الإمام_الشّافعي؟!

#البدعةُ_الـمحمُودة#بعضُ_مُحدثات_الإمام_الشّافعي؟!
أوّلاً: أمر الـمُؤذّن بقول: "الصّلاة جامعة" ونحوه في الأعياد وما جُمع النّاس لهُ من صلاة؟!...
قال الإمامُ الشّافعيُّ: ((ولا أذان إلّا للمكتُوبة، فإنّا لم نعلمهُ أُذّن لرسُول اللّه صلّى اللّهُ عليه [وآله] وسلّم إلّا للمكتُوبة، وأُحبُّ أن يأمُر الإمامُ المُؤذّن أن يقُول في الأعياد وما جُمع النّاسُ لهُ من الصّلاة: "الصّلاةُ جامعةٌ" أو: إنّ الصّلاة...، وإن قال: "هلُمّ إلى الصّلاة" لـم نكرههُ، وإن قال: "حيّ على الصّلاة" فلا بأس))(1)...
وهذا من الإمام الشّافعي إحداثٌ لـهيئة أذان بقصد جمع النّاس لصلاةٍ من غير المكتُوبة، لـم تُعهد صُورتها هكذا في العصر النّبوي...
ثانيًا: الجهر بالنّيّة عند الصّلاة مع تخصيصها بذكرٍ لـم يرد؟!...
قال ابن الـمُقرئ: ((أخبرنا ابنُ خُزيمة، ثنا الرّبيعُ قال: "كان الشّافعيُّ إذا أراد أن يدخُل في الصّلاة، قال: بسم اللّه، مُوجّهًا لبيت اللّه مُؤديًّا لفرض اللّه -عزّ وجلّ- اللّهُ أكبرُ"))(2)...
وفي الطّبقات الكُبرى للتّاج السُّبكي: ((وقال ابنُ خُزيـمة أيضًا: حدّثنا الرّبيعُ قال: كان الشّافعيُّ إذا أراد أن يدخُل في الصّلاة قال: بسم الله، مُتوجّهًا لبيت الله، مُؤدّيًّا لعبادة الله))(3)...
وهذا من الإمام الشّافعي إحداثٌ لهيئةٍ لـم ترد في دليلٍ خاصٍّ، تتناول الجهر بالنّيّة عند الصّلاة مع تخصيصها بذكرٍ لـم يُعهد في العصر النّبوي...
ثالثًا: الصّلاةُ على النّبيّ صلّى اللّهُ عليه وآله وسلّم مع التّسمية على الذّبيحة؟!...
قال الإمامُ الشّافعيُّ: ((والتّسميةُ على الذّبيحة "باسم اللّه"، فإذا زاد على ذلك شيئًا من ذكر اللّه عزّ وجلّ فالزّيادةُ خيرٌ، ولا أكرهُ مع تسميته على الذّبيحة أن يقُول: "صلّى اللّهُ على رسُول اللّه"، بل أُحبُّهُ لهُ، وأُحبُّ لهُ أن يُكثر الصّلاة عليه، فصلّى اللّهُ عليه في كُلّ الحالات؛ لأنّ ذكر اللّه عزّ وجلّ والصّلاة عليه إيمانٌ باللّه تعالى وعبادةٌ لهُ يُؤجرُ عليها إن شاء اللّهُ تعالى من قالها))(4)...
وهذا فيه إحداثُ زيادة صيغةٍ "الصّلاة عليه صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم" إلى ذكرٍ واردٍ في موطنٍ خاصٍّ...
رابعًا: إحداثُ هيئةٍ في التّعبُّد لـم تُعهد عند وداع الحاجّ لبيت الله الحرام؟!...
قال الإمامُ الشّافعيُّ: ((وأُحبُّ لهُ إذا ودّع البيت أن يقف في المُلتزم، وهُو بين الرُّكن والباب فيقُولُ: "اللّهُمّ إنّ البيت بيتُك، والعبد عبدُك، وابنُ عبدك، وابنُ أمتك، حملتني على ما سخّرت لي من خلقك حتّى سيّرتني في بلادك، وبلّغتني بنعمتك حتّى أعنتني على قضاء مناسكك، فإن كُنت رضيت عنّي فازدد عنّي رضًا، وإلّا فمن الآن قبل أن تنأى عن بيتك داري، هذا أوانُ انصرافي إن أذنت لي غير مُستبدلٍ بك ولا ببيتك ولا راغبٍ عنك ولا عن بيتك، اللّهُمّ فاصحبني بالعافية في بدني، والعصمة في ديني، وأحسن مُنقلبي، وارزُقني طاعتك ما أحييتني". وما زاد إن شاء اللّهُ تعالى أجزأهُ))(5)...
خامسًا: تخصيصُ دُعاءٍ مُحدثٍ عند دفن الميّت؟!...
قال الإمامُ الشّافعيُّ: ((وإذا وُضع الميّتُ في قبرٍ قال من يضعُهُ: "بسم اللّه، وعلى ملّة رسُول اللّه صلّى اللّهُ عليه [وآله] وسلّم"، وأُحبُّ أن يقُول: "اللّهُمّ أسلمهُ إليك الأشحّاءُ، قامُوا على ورثه من ولده وأهله وقرابته وإخوانه، وفارق من كان يُحبُّ قُربهُ، وخرج من سعة الدّار والحياة إلى ظُلمة القبر وضيقه، ونزل بك وأنت خيرُ منزُولٍ به، إن عاقبتهُ عاقبتهُ بذنبه، وإن عفوت فأنت أهلُ العفو. اللّهُمّ أنت غنيٌّ عن عذابه، وهُو فقيرٌ إلى رحمتك. اللّهُمّ اُشكُر حسنتهُ، وتجاوز عن سيّئته، وشفّع جماعتنا فيه، واغفر ذنبهُ، وافسح لهُ في قبره، وأعذهُ من عذاب القبر، وأدخل عليه الأمان، والرُّوح في قبره"))(6)...
سادسًا: القول باستجابة الدُّعاء في ليالٍ بعينها من دُون طلب دليلٍ خاصٍّ؟!،...والقول أيضًا باستحباب إحياء ليلة العيد بالذّكر والدُّعاء في الـمساجد وغيرها من دُون طلب دليلٍ تفصيليٍّ؟!...
جاء في كتاب الأُمّ للإمام الشّافعيُّ: ((العبادةُ ليلةُ العيدين: أخبرنا الرّبيعُ قال: أخبرنا الشّافعيُّ قال: أخبرنا إبراهيمُ بنُ مُحمّدٍ قال: أخبرنا ثورُ بنُ يزيد، عن خالد بن معدان، عن أبي الدّرداء قال: "من قام ليلة العيد مُحتسبًا لم يمُت قلبُهُ حين تمُوتُ القُلُوبُ".
(قال الشّافعيُّ) رحمةُ اللهُ عليه: وبلغنا أنّهُ كان يُقالُ: "إنّ الدُّعاء يُستجابُ في خمس ليالٍ: في ليلة الجُمُعة، وليلة الأضحى، وليلة الفطر، وأوّل ليلةٍ من رجبٍ، وليلة النّصف من شعبان".
أخبرنا الرّبيعُ قال: أخبرنا الشّافعيُّ قال: أخبرنا إبراهيمُ بنُ مُحمّدٍ قال: "رأيت مشيخةً من خيار أهل المدينة يظهرُون على مسجد النّبيّ صلّى اللّهُ عليه [وآله] وسلّم ليلة العيد، فيدعُون ويذكُرُون اللّه، حتّى تمضي ساعةٌ من اللّيل". وبلغنا أنّ ابن عُمر كان يُحيي ليلة جمعٍ، وليلةُ جمعٍ هي ليلةُ العيد؛ لأنّ صبيحتها النّحرُ. 
(قال الشّافعيُّ) رضي اللهُ عنهُ: وأنا أستحبُّ كُلّ ما حُكيت في هذه اللّيالي من غير أن يكُون فرضًا))(7)...
سابعًا: التزامُ صُورةٍ للعبادة لـم يلتزمها الـمُصطفى صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم؟! وليس عليها من دليلٍ خاصٍّ غير عُمُومات النُّصُوص؟!...
قال ابن أبي حاتم الرّازي: ((أخبرنا أبُو الحسن، أخبرنا أبُو مُحمّدٍ، ثنا الرّبيعُ بنُ سُليمان المُراديُّ المصريُّ؛ قال: "كان الشّافعيُّ يختمُ القُرآن في شهر رمضان ستّين مرّةً؛ كُلُّ ذلك في صلاةٍ"))(8)...
وجاء في "مناقب الشّافعي" للحافظ البيهقي: ((أخبرنا أبُو عبد الرّحمن السُّلمي، قال: سمعتُ علي بن عُمر الحافظ، يقُولُ: سمعتُ أبا بكر النّيسابُوري، قال: سمعتُ الرّبيع بن سُليمان: قال: "كان الشّافعيُّ يختمُ في كُلّ شهرٍ ثلاثين ختمةً، وكان يختمُ في شهر رمضان ستّين ختمةً، سوى ما يقرأُ في الصّلاة"))(9)...
ثامنًا:...
الأم للشافعي (1/ 131)
(قال الشافعي) : ولو قال مع: آمين رب العالمين وغير ذلك من ذكر الله كان حسنا لا يقطع الصلاة شيء من ذكر الله
تاسعا :...الخ
وختامًا، فالإمام الشّافعي لا يذُّمُّ كُلّ مُحدثٍ، إذ البدعةُ الـمذمُومةُ هي ما يُخالفُ الأُصُول الشّرعيّة، وليس: ما لـم يُعهد بصُورته في عهد النُّبُوّة؟!...وقد أوضّح الإمام الشّافعي نفسه هذا الـمنهج كما نقل الحافظ ابن حجر العسقلاني فقال: ((قال الشّافعيُّ: "البدعةُ بدعتان: محمُودةٌ ومذمُومةٌ، فما وافق السُّنّة فهُو: محمُودٌ، وما خالفها فهُو: مذمُومٌ" أخرجهُ أبُو نُعيمٍ بمعناهُ من طريق إبراهيم بن الجُنيد عن الشّافعيّ، وجاء عن الشّافعيّ أيضًا ما أخرجهُ البيهقيُّ في مناقبه قال: "المُحدثاتُ ضربان: ما أُحدثُ يُخالفُ كتابًا أو سُنّةً أو أثرًا أو إجماعًا، فهذه: بدعةُ الضّلال، وما أُحدثُ من الخير لا يُخالفُ شيئًا من ذلك، فهذه: مُحدثةٌ غيرُ مذمُومةٍ".انتهى))(10)...
واللهُ الـمُوفّق
___________________
(1) الأُمُّ للإمام مُحمّد بن إدريس الشّافعي (2/501)، تحقيق الدُّكتُور: رفعت فوزي عبد الـمُطّلب، دار الوفاء للطّباعة والنّشر والتّوزيع-الـمنصُورة، الطّبعة الأُولى: 1422هـ-2001م
(2) الـمُعجم لابن الـمُقرئ (ص:121) رقم: (336)، مكتبةُ الرُّشد – الرّيّاض، الطّبعة الأُولى: 1419هـ-1998م
(3) طبقاتُ الشّافعيّة الكُبرى (2/139)، تحقيق: د.محمُود مُحمّد الطّنّاحي - د.عبد الفتّاح مُحمّد الحلُو، هجر للطّباعة والنّشر والتّوزيع، الطّبعة الثّانية:1413هـ
(4) الأُمُّ للإمام مُحمّد بن إدريس الشّافعي (2/621)، تحقيق الدُّكتُور: رفعت فوزي عبد الـمُطّلب، دار الوفاء للطّباعة والنّشر والتّوزيع-الـمنصُورة، الطّبعة الأُولى: 1422هـ-2001م
(5) الأُمُّ للإمام مُحمّد بن إدريس الشّافعي (2/575)، تحقيق الدُّكتُور: رفعت فوزي عبد الـمُطّلب، دار الوفاء للطّباعة والنّشر والتّوزيع-الـمنصُورة، الطّبعة الأُولى: 1422هـ-2001م
(6) الأُمُّ للإمام مُحمّد بن إدريس الشّافعي (2/633-634)، تحقيق الدُّكتُور: رفعت فوزي عبد الـمُطّلب، دار الوفاء للطّباعة والنّشر والتّوزيع-الـمنصُورة، الطّبعة الأُولى: 1422هـ-2001م
(7) الأُمُّ للإمام مُحمّد بن إدريس الشّافعي (2/485-486)، تحقيق الدُّكتُور: رفعت فوزي عبد الـمُطّلب، دار الوفاء للطّباعة والنّشر والتّوزيع-الـمنصُورة، الطّبعة الأُولى: 1422هـ-2001م
(8) آدابُ الشّافعي ومناقبه لابن أبي حاتم الرّازي (ص:74)، دار الكُتُب العلميّة: بيرُوت-لُبنان، الطّبعة الأُولى: 2003م-1424هـ
(9) مناقبُ الشّافعي للحافظ البيهقي (1/279)، تحقيق: السّيّد أحمد صقر، مكتبةُ دار التُّراث – مصر، الطّبعة الأُولى: 1390هـ-1970م
(10) فتحُ الباري شرح صحيح البُخاري: (13/253)، الـمكتبةُ السّلفيّة

من قال ان مولد بدعة ..!!

المولد في حقيقته نشاط اجتماعي قصد به جلاء القلوب مما أصابها من الصدأ، فكان أسلوباً غير مباشر يهدف إلى تحقيق خيرات لا محظور من إقرارها: من إطعام وصدقة وإنشاء شيء من الأشعار في المدائح النبوي والزهدية الباعثة إلى فعل الخير، بالإضافة إلى ما فيه من تلاوة وصلاة على النبي( صلى الله عليه وسلم )، وإظهار السرور بمولده، وشكر الله على إبرازه ومنته به علينا وما ينجم عن ذلك من امتلاء القلوب بالخشية وتذلل الوجوه بالضراعة ، ورفع الأيدي بالرجاء، واشتغال الألسن بالدعاء، وانكسار النفوس بالتذلل، وصدق الآمال في أرحم الراحمين .
وصرف النية إلى تحقيق هذه الأهداف يصرف هذا الاجتماع إلى قربى إلى الله شأن جميع أعمال المسلم التي لم توضع للتعبد بها تصرفها النية إلى قربى .
ومن زعم أنه تحصل منكرات في هذا الاجتماع فليوجه نقده إلى ما يحدث إن صدق لا إلى أصل الاجتماع في هذة المناسبة الكريمة الذي تتحقق فيه أعمال مشروعة وأهداف خيرة .
وبقي بعد هذا أن نبين هدفهم من جعل المولد من العبادات التي تحتاج إلى توقيف من الشارع :
فهم يريدون بادعاء ذلك التنصل من أن يطالبهم أحد بإيراد الأدلة على تحريمه وبدعيته بزعم أنه داخل في العبادات التي تحتاج إلى توقيف فلا يكون جائزاً، بل مسلوك في سلك بدع الضلالة إلا أن يسوق المجيز دليلاً على إخراجه منها كما يدعون .
وهذا الأسلوب منهم هو من باب قلب الأمور، لأن تحريم ما لم يرد تحريمه بدليل هو من أسباب الضلال. وإن من لا يملك الدليل على التحريم ينطبق عليه ما ورد فيمن حللوا وحرموا من عند أنفسهم .
أما من زاول أمراً لم يوضع للتعبد به ولا يشتبه به ولم ينه عنه فلا يقال: إنه اتخذ ديناً، ولا إنه يحتاج إلى توقيف ، وإنما تصيره النية قربى شأن جميع أعمال المسلم الأخرى التي لم يضعها الله للتعبد بها تصير قربى إن نوى بها التقرب إلى الله كما في الحديث: "أيأتي أحدنا شهوته وله فيها أجر" .
وحسب الجمهور احتياطاً في قبول الجديد بعد العهود الأولى أن يندرج تحت مصلحة مناسبة، وذلك عند عدم النص أو الإجماع، وأن لا تكون معارضة لنص أو أصل شرعي .
وإقامة ذكرى المولد لا تضاد أصلاً من أصول الشرع ولا دليلاً من دلائله .
وعلى فرض أنه من الأمور المبتدأة بعد العهود الأولى فإنه يكون من القسم المقبول بالإطلاق اللغوي .
وما يتلى فيه من ذكر مولده ومعجزاته وشمائله وفضائله مما يحيي في القلوب القدوة الحسنة والعظة ويذكر بمنة الله به ( صلى الله عليه وسلم ) على الأمة، وما وصل إليها من أنواع الخير من طريقه فيغرس ذلك كمال محبته ( صلى الله عليه وسلم ) ، وكمال الإيمان به، والمحافظة على تعظيمه ( صلى الله عليه وسلم ) وشكره تعالى على هذه المنة العظيمة، وكل تلك الأمور من الضروريات التي ترجع إلى حفظ الدين ، فمن لم يجد سنداً صحيحاً ودليلاً ناهضاً على درجه في المحدث وبدعة الضلالة التي أطلقها الشرع على محدث يصادم نصاً أو أصلاً شرعياً لا على كل عمل مبتدأ لا يعارض شيئاً من ذلك فعليه أن لا يجزأ على الله بتحريم شيء لا دليل على تحريمه.
وسيأتيك في البحث التالي أنهم استدلوا على تحريمه ودرجه في بدعة الضلالة بما لا دليل فيه على ذلك .

هل صحيح ان لاحتفال بمولده صلوات ربى وسلامه عليه بدعة ولا يجوز الاحتفال ..!

كثر الكلام في هذا الموضوع فخرج علينا بعض الناس الذين يدعون أنهم من أهل السلف الصالح .. والسلف الصالح برئ منهم. يقولون بان الاحتفال بمولده صلوات ربى وسلامه عليه بدعة ولا يجوز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف. وفي هذا الموضوع سنرد الأدلة التي ستنهي الجدال في هذا الموضوع وكما قلت لكم في البداية خير الكلام ماقل ودل. لذلك لن أطيل على حضراتكم. وسأذكر بعض الأدلة القليلة والتي لم يستطع أي وهابي أن يرد عليها. نبدأ على بركه الله.
بدايةً أول من احتفل بمولد المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الملك المظفر أبو سعيد كوكوبوري وليس كما يقول البعض أن أول من احتفل هم الفاطميون. وارجع الى البداية والنهاية /الجزء الثالث عشر/ ثم دخلت سنة ثلاثين وستمائة
أولاً من القرآن الكريم:
1. دليل من القرآن للرّدّ عمّن يحرّمون الاحتفال بمولد خير البريّة صلّى الله عليه وسلّم. يقول الله سبحانه وتعالى في سورة يونس (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا). الله أمرنا أن نفرح يفضله ورحمته، وأيّ فضل وأيّ رحمة أنزلها الله لعباده أفضل من خلق محمّد صلّى الله عليه وسلّم وبعثته رسولاً نبيّاً للعالمين، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ). إذاً فالفرح بفضل الله ورحمته أمر مذكور في القرآن، ومن رحمة الله بعثة محمّد عليه الصّلاة والسّلام، إذاً أقول أين الحرام في ذلك والمسلمون في كلّ الدّنيا يفرحون لولادة خير البريّة الّذي هو من رحمات ربّ العالمين. الحمد لله على نعمة العقل السّليم. 
2. إن القرآن الكريم يثني على أولئك الذين أكرموا النبي وعظموا شأنه وبجلوه إذ يقول: (فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الأعراف 157. إن الأوصاف التي وردت في هذه الآية والتي استوجبت الثناء الإلهي هي: آمنوا به - وعزروه - ونصروه - واتبعوا النور الذى أنزل معه - فهل يحتمل أحد أن تختص هذه الجمل بزمن النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟؟ الجواب: لا، فإن الآية لا تعني الحاضرين في زمن النبي خاصة، فعندئذ من القطعي أن لا تختص جملة (عزروه) بزمان النبي، أضف إلى ذلك أن القائد العظيم يجب أن يكون موضعاً للتكريم والاحترام والتعظيم في كل العهود والأزمنة، فهل إقامة المجالس لإحياء ذكريات: المبعث أو المولد النبوي وإنشاء الخطب والمحاضرات والقصائد والمدائح إلا مصداقاً جلياً لقوله تعالى: (وَعَزَّرُوهُ) والتي تعني أكرموه وعظموه.
3. قال سبحانه: (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) المائدة 114. فسيدنا عيسى عليه السلام اتخذ نزول المائدة السماوية والبركة الإلهية عيداً لأنه سبحانه أكرمه وأكرم تلاميذه بهذه المائدة، فإذا كانت المائدة السماوية سبباً لاتخاذ يوم نزولها عيداً فلماذا لا يجوز أن نتخذ يوم المولد النبوي الذي هو يوم البركة ويوم نزول المائدة المعنوية عيداً ؟؟؟!!!! هل يستطيع أن يدعي أحد أن وجود رسول الله صلى الله عليه وسلم وما جاء به من شريعة عظيمة خالدة، أقل بركة من المائدة التي نزلت على المسيح عليه السلام وتلاميذه؟
ثانياً من السنة:
1. جاء في «صحيح مسلم»: [حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن المثنى قالا: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن غيلان بن جرير سمع عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة الأنصاري، رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سئل عن صيامه ليوم الاثنين فقال: (ذَلِكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ)، فإنه صلى الله عليه وسلم كان يعظم يوم مولده، ويشكر الله تعالى فيه على نعمته الكبرى عليه، وتفضله عليه بالوجود لهذا الوجود، إذ سعد به كل موجود. وهذا في معنى الاحتفال به، إلا أن الصورة مختلفة ولكن المعنى موجود سواء كان ذلك بصيام، أو إطعام طعام، أو اجتماع على ذكر، أو صلاة على النبي، أو سماع شمائله الشريفة.
2. بنص السنة احتفال الصحابة شعراً بمولد النبي في حياته: روى البيهقي والطبراني والحاكم وذكرها القاضي عياض في الشفا، وابن القيم في الزاد، وابن كثير في السيرة أن خريم بن أوس بن حارثة بن لام يقول: هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفه من تبوك فسمعت العباس بن عبد المطلب يقول: يا رسول الله إني أريد أن أمتدحك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قل لا يفضض الله فاك) فأنشد يقول:
من قبلها طبت في الظلال وفي * مستودع حيث يخصف الورق
ثم هبطت البلاد لا بشر * أنت ولا نطفة ولا علق
بل نطفة تركب السفين وقد * ألجم نسراً وأهله الغرق
تنقل من صالب إلى رحم * إذا مضى عالم بدا طبق
حتى احتوى بيتك المهيمن من * خندق علياء تحتها النطق
وأنت لما ولدت أشرقت الأر * ض فضاءت بنورك الأفق
فنحن في ذلك الضياء وفي * ذلك النور وسبل الرشاد يخترق
قال الحافظ ابن حجر في الأمالي حديث حسن، ومن هذا الحديث نرى أن الصحابة رضى الله عنهم احتفلوا بالمولد النبوي الشريف ولكن بطريقة أخرى.
3. أن المولد اشتمل على اجتماع وذكر وصدقة، ومدح وتعظيم للجناب النبوي فهو سنة، وهذه أمور مطلوبة شرعاً وممدوحة، وجاءت الآثار الصحيحة بها وبالحث عليها. جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم عند قفوله من بعض غزواته، فقالت: إني كنت نذرت إن ردك الله سالماً أن أضرب على رأسك بالدف، فقال لها صلى الله عليه وسلم: (أوفى بنذرك) .. الحديث مشهور، ولا شك أن الضرب بالدف من أنواع الفرح، والنبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالوفاء بنذرها لما كان سبب ذلك فرحها بسلامته، فكذلك من أحدث احتفالات مباحاً عند فرحه بزمن ولادته صلى الله عليه وسلم، من غير التزام ولا نذر.
ثالثاً الإجماع ورأي علماء الأمة:
1. أن المولد أمر استحسنه العلماء والمسلمون في جميع البلاد، وجرى به العمل في كل صقع، فهو مطلوب شرعاً للقاعدة المأخوذة من حديث ابن مسعود الموقوف: (ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح) أخرجه أحمد. ويرى الفقهاء في أن الإجماع يصح أن يكون وجهاً شرعياً واعتباره دليلاً من أدلة الأحكام الشرعية، ودليل صحة الإجماع قوله تعالى (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً) النساء 115، يقول ابن رشيد: لأن الله توعد باتباعهم غير سبيل المؤمنين فكان أمراً واجباً باتباع سبيلهم، وبقوله صلى الله لعيه وسلم: (لا تجتمع أمتي على ضلالة) فالإجماع مستند إلى كتاب أو سنة أو قياس يرجع إلى أحدهما. وقد أجمع الصحابة والتابعون وتابع التابعين على مشروعية الاحتفال بالمولد. ونذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر رأي أبي بكر الصديق رضى الله عنه: كانت وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، ومراعاة لهذه المناسبة، تمنى أبو بكر أن تكون وفاته يوم الاثنين: وهذا من مراعاة المناسبات والتبرك بها، والاحتفال بالمولد النبوي من هذا المعنى. فقد روى البخاري في باب الجنائز: باب موت يوم الاثنين عن عائشة قالت: دخلت على أبى بكر رضي الله عنه فقال: في كم كفنتم النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: في ثلاث أثواب بيض سحولية، ليس فيها قميص ولا عمامة، وقال لها: في أي يوم توفي النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت يوم الاثنين. قال: فأي يوم هذا؟ قالت يوم الاثنين، قال: أرجو فيما بيني وبين الليل.. الحديث. قال القسطلاني: وترجى الصدّيق رضي الله عنه أن يموت يوم الاثنين لقصد التبرك وحصول الخير، لكونه عليه السلام توفي فيه فله مزية على غيره من الأيام بهذا الاعتبار. فهل يعترض المعترضون على أبي بكر، لمراعاة هذه المناسبة؟ كما يعترضون على أصحاب الموالد الذين يراعون أيضاً هذه المناسبة؟.
2. رأي الحافظ السخاوي: "إن عمل المولد حدث بعد القرون الثلاثة ثم لا زال أهل الإسلام لسائر الأقطار يعملون بالمولد ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم". المواهب اللدنية – 1 – 148 - طبعة ما يسمى المكتب الإسلامي.
3. قالَ الحافِظُ السيوطِيُّ عندَما سُئِلَ عَنْ عَمَلِ المولِدِ الشريفِ في رسالَةٍ سَمَّاها "حُسْنَ المقصِدِ في عَمَلِ المولِدِ" قالَ، واسمَعُوا جيدًا: "أَصْلُ عَمَلِ المولِدِ الذِي هو اجْتِمَاعُ الناسِ وقراءَةُ مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرءَانِ ورِوَايةُ الأخبارِ الوَارِدَةِ في مَبْدَإِ أَمْرِ النَّبِيِّ وما وَقَعَ في مَوْلِدِهِ مِنَ الآياتِ، ثُمَّ يُمَدُّ لَهُمْ سِمَاطٌ يَأْكُلونَهُ وَيَنْصَرِفُونَ مِنْ غَيرِ زِيادَةٍ على ذَلِكَ هو مِنَ البِدَعِ الحسنَةِ التِي يُثَابُ عليهَا صاحِبُهَا لِمَا فيهِ مِنْ تَعظيمِ قَدْرِ النَّبيِّ وإِظْهَارِ الفَرَحِ والاسْتِبْشَارِ بِمَوْلدِهِ الشريفِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ".
وهذا والله أعلم