الجمعة، 18 نوفمبر 2022

ما حكم التهنئة أو الدعاء بيوم الجمعة واستخدام عبارة: "جمعة مباركة"؟

 السؤال:

ما حكم التهنئة أو الدعاء بيوم الجمعة واستخدام عبارة: "جمعة مباركة"؟

الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الإتيان بتهنئة أو دعاء لم يرد عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ليس ممنوع شرعاً، بل هو من الأمور المباحة في ديننا إن لم يكن فيهما ما يخالف الشرع، فلا يشترطُ في كلِّ دعاء أن يرد به نصّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، بل ورد الدعاء من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة مطلقاً من أي قيد، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} البقرة/186؛ فلا حرج في أي صيغة أو تخصيصها بوقتٍ أو زمانٍ معين، ولا يجوز وصف ذلك بالبدعة أو بالحرمة لاندراجه تحت أصل الدعاء العام، ومن جملة هذه الأدعية الدعاء للآخر بأن تكون جمعته مباركة أو طيبة، ويقصد بذلك أن يبارك الله له في هذه الجمعة، مع كون هذا اليوم يوماً مباركاً، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا) رواه مسلم.
كما أنّ يوم الجمعة من أعياد المسلمين الأسبوعية، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "يوم جمعة، ويوم عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيدٌ" رواه الطبري في [جامع البيان].
لذا لا نرى حرجاً بمثل هذا الدعاء، بل هو من الدعاء الطيب الذي يزيد أواصر الأخوة والمحبة بين المسلمين، لكن ينبغي الحذر من نسبة هذا الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لم يرد عنه نصاً. والله تعالى أعلم.

أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء .. ما حكم التلفظ بالنية جهراً في الصلاة ؟

 أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء .. ما حكم التلفظ بالنية جهراً في الصلاة ؟


ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنّ التلفظ بالنية مستحبّ؛ وذلك لتذكير اللسان القلب فتكون النية عن استحضار حقيقي، جاء في [نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 1/ 457] من كتب الشافعية: "والنية بالقلب إجماعاً، فلا يكفي نطق بها مع غفلة قلبه عنها، وهذا جار في سائر الأبواب، ولا يضره لو نطق بخلاف ما في القلب، كأن نوى الظهر وسبق لسانه إلى العصر، ويندب النطق بالمنوي قبيل التكبير؛ ليساعد اللسان القلب ولأنه أبعد عن الوسواس".
وقد ثبت استحباب التلفظ بالنية بالحج بالتلبية من حديث أنس رضي الله عنه قال: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم (يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا)، قَالَ بَكْرٌ: فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: «لَبَّى بِالْحَجِّ وَحْدَهُ» فَلَقِيتُ أَنَسًا فَحَدَّثْتُهُ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ أَنَسٌ: مَا تَعُدُّونَنَا إِلَّا صِبْيَانًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا) أخرجه البخاري.
ولذلك قاس بعض العلماء استحباب التلفظ بالنية في الوضوء والصلاة على الحجّ، قال ابن حجر الهيتمي عند قول الإمام النووي (ويندب النطق قبيل التكبير): "ليساعد اللسان القلب وخروجاً من خلاف من أوجبه وإن شذّ، وقياساً على ما يأتي في الحج المندفع به التشنيع بأنه لم ينقل" [تحفة المحتاج في شرح المنهاج 2/ 12].
جاء في [الدر المختار وحاشية ابن عابدين 1/ 127] من كتب الحنفية: "والجمع بين نية القلب وفعل اللسان هذه رتبة وسطى بين من سنّ التلفظ بالنية ومن كرهه لعدم نقله عن السلف والتسمية كما مرّ عند غسل كل عضو، وكذا الممسوح والدعاء بالوارد عنده أي عند كل عضو".
ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنّ التلفظ بالنية مستحبّ؛ وذلك لتذكير اللسان القلب فتكون النية عن استحضار حقيقي، جاء في [نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 1/ 457] من كتب الشافعية: "والنية بالقلب إجماعاً، فلا يكفي نطق بها مع غفلة قلبه عنها، وهذا جار في سائر الأبواب، ولا يضره لو نطق بخلاف ما في القلب، كأن نوى الظهر وسبق لسانه إلى العصر، ويندب النطق بالمنوي قبيل التكبير؛ ليساعد اللسان القلب ولأنه أبعد عن الوسواس".
وقد ثبت استحباب التلفظ بالنية بالحج بالتلبية من حديث أنس رضي الله عنه قال: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم (يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا)، قَالَ بَكْرٌ: فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: «لَبَّى بِالْحَجِّ وَحْدَهُ» فَلَقِيتُ أَنَسًا فَحَدَّثْتُهُ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ أَنَسٌ: مَا تَعُدُّونَنَا إِلَّا صِبْيَانًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا) أخرجه البخاري.
ولذلك قاس بعض العلماء استحباب التلفظ بالنية في الوضوء والصلاة على الحجّ، قال ابن حجر الهيتمي عند قول الإمام النووي (ويندب النطق قبيل التكبير): "ليساعد اللسان القلب وخروجاً من خلاف من أوجبه وإن شذّ، وقياساً على ما يأتي في الحج المندفع به التشنيع بأنه لم ينقل" [تحفة المحتاج في شرح المنهاج 2/ 12].
جاء في [الدر المختار وحاشية ابن عابدين 1/ 127] من كتب الحنفية: "والجمع بين نية القلب وفعل اللسان هذه رتبة وسطى بين من سنّ التلفظ بالنية ومن كرهه لعدم نقله عن السلف والتسمية كما مرّ عند غسل كل عضو، وكذا الممسوح والدعاء بالوارد عنده أي عند كل عضو".
وجاء في [كشاف القناع عن متن الإقناع 1/ 87] من كتب الحنابلة: "يستحب التلفظ بها سراً وهو المذهب قدمه في الفروع، وجزم به ابن عبيدان، والتلخيص وابن تميم وابن رزين، قال الزركشي هو أولى عند كثير من المتأخرين".
أما دعوى أنّ التلفظ بالنية بدعة ضلالة بدليل أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة الكرام أنه تلفظ بالنية قبل الصلاة أو الوضوء، فهذا الكلام فيه مجازفة كبيرة واتهام لعلماء المسلمين، وتضليل لعموم المسلمين، ولا يجوز الحكم بالتضليل في مسألة فقهية فرعية، خاصة أن جمهور العلماء قالوا بجواز التلفظ بالنية.
قال ملا علي القاري رحمه الله: "وقيل: لا يجوز التلفظ بالنية فإنه بدعة، والمتابعة كما تكون في الفعل تكون في الترك أيضاً، فمن واظب على فعل لم يفعله الشارع، فهو مبتدع. وقد يقال: نسلم أنها بدعة لكنها مستحسنة استحبها المشايخ للاستعانة على استحضار النية لمن احتاج إليها، وهو عليه الصلاة والسلام وأصحابه لما كانوا في مقام الجمع والحضور لم يكونوا محتاجين إلى الاستحضار المذكور" [مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 1/42]. والله تعالى أعلم.
وجاء في [كشاف القناع عن متن الإقناع 1/ 87] من كتب الحنابلة: "يستحب التلفظ بها سراً وهو المذهب قدمه في الفروع، وجزم به ابن عبيدان، والتلخيص وابن تميم وابن رزين، قال الزركشي هو أولى عند كثير من المتأخرين".
أما دعوى أنّ التلفظ بالنية بدعة ضلالة بدليل أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة الكرام أنه تلفظ بالنية قبل الصلاة أو الوضوء، فهذا الكلام فيه مجازفة كبيرة واتهام لعلماء المسلمين، وتضليل لعموم المسلمين، ولا يجوز الحكم بالتضليل في مسألة فقهية فرعية، خاصة أن جمهور العلماء قالوا بجواز التلفظ بالنية.
قال ملا علي القاري رحمه الله: "وقيل: لا يجوز التلفظ بالنية فإنه بدعة، والمتابعة كما تكون في الفعل تكون في الترك أيضاً، فمن واظب على فعل لم يفعله الشارع، فهو مبتدع. وقد يقال: نسلم أنها بدعة لكنها مستحسنة استحبها المشايخ للاستعانة على استحضار النية لمن احتاج إليها، وهو عليه الصلاة والسلام وأصحابه لما كانوا في مقام الجمع والحضور لم يكونوا محتاجين إلى الاستحضار المذكور" [مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 1/42]. والله تعالى أعلم.

وقفات مع (ولاية المتغلب)

 (ولاية المتغلب)

.
شاهدت قبل قليل مقابلة لأحد أعلام الفكر المعاصر حول قول الفقهاء بولاية المتغلب.
وإثراء للموضوع أحببت أن ألفت اهتمام المهتمين بهذه المسألة للنظر في النقاط الآتية:
١-إن قول الفقهاء بولاية المتغلب ليس معناه أننا نعفي المتغلب من الإثم، خاصة إذا اقترف في طريقه للتغلب مظالم من قتل واضطهاد وتكميم للأفواه ومصادرة للحريات، فهذا لا ينبغي أن يكون محل خلاف أصلا، فالولاية هذه نافذة سياسة وقضاء وليست نافذة (ديانة).
٢-إن قول الفقهاء بولاية المتغلب هو قول بموازنة المصالح والمفاسد، وليس قولا بحق المتغلب الشرعي، حيث لم تكن في السابق وسيلة لتغيير الحاكم المتغلب إلا استخدام القوة، وهذه الوسيلة قد تهلك الحرث والنسل، وتدخل البلاد في حروب أهلية مدمرة، فتكون المخاطر أكبر بكثير من وجود حاكم متسلط إذا كان هذا الحاكم المتغلب يحافظ على البلاد ووحدتها وهيبتها، كما عرف ذلك في تاريخنا الطويل، حيث لم يكن الحكام عملاء ولا مفسدين أو متآمرين، بخلاف ما نراه اليوم.
٣-إن البديل عن (التغلب) إنما هو الشورى، وتحقق الشورى بمعناها الشمولي والدقيق في تلك الأزمنة شبه متعذر، فلو أردت مثلا أن تجمع آراء الأمة المسلمة من المشرق إلى المغرب فإنك تحتاج إلى سنوات، وحتى لو اقتصرت الشورى على أهل العلم والرأي (أهل الحل والعقد) فإن هؤلاء موزعون في الأمصار من الأندلس إلى مصر إلى الشام وبغداد واليمن والهند، فكيف نجمع أصواتهم؟ ولذلك كانت فكرة وجود قوة متغلبة تحسم الخلاف والانقسام مقبولة إلى حد ما، ولو كان عند فقهائنا القدامى الوسائل المتيسرة اليوم لما قالوا بذلك القول، والله أعلم. فلا ينبغي محاكمة تاريخنا الإسلامي بأدوات العصر ومعاييره.
٤-إن هناك قيما أخرى وحقوقا لا تحصى بعضها يتعلق بحياة الناس وأمنهم، وبعضها يتعلق بضمان ممتلكاتهم وأسباب رزقهم، وبعضها يتعلق بثروات البلاد، وغير ذلك وهذه كلها لا ينبغي أن نعرضها للضياع والفوضى بتغليب جانب (حق المشاركة في اختيار الحاكم) إذا كان هذا الحق من شأنه أن يعرض كل هذه الأشياء للضياع، فالموازنة هنا مطلوبة، وللفقهاء أقوال تفصيلية في هذه الموازنة لا ينبغي إهمالها. وأدعو هنا لمراجعة كتاب (غياث الأمم) للإمام الجويني رحمه الله.
.
أقول هذا لأني رأيت بعض الكتاب والناشرين قد بنوا على ذلك القول تصورات غير صحيحة عن فقهنا وفقهائنا، كالقول بأن قيمة الحرية مثلا لم تكن معروفة في تراثنا حتى جاء بها الغربيون اليوم! وهذا كلام باطل واستنتاج خاطئ، وموقف فقهائنا من الظلم والظالمين أكبر من أن يكون محل خلاف أو نقاش.
.
د محمد عياش الكبيسي