السبت، 26 يونيو 2021

الفهم الآخر والنظرة الأخرى إلى اللحية !

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

        الحمد لله رب العالمين ، وصلاة الله وسلامه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

 

        أما بعد :

        فهذه رسالة قصيرة حول مسألة اللحية ، سميتها ( الفهم الآخر والنظرة الأخرى إلى اللحية ) جمعت فيها ، ونقلت أقوال العلماء والفقهاء ، الذين خالفوا فهم البعض ، وفهموا من أوامر اللحية غير ما فهمه البعض ، وقصدي منها ؛ أن أخفف من شدة التعصب لرأي وفهم معين للمسألة . ومحاولة لإزالة الحقد والبغضاء من قلوب المتشددين والمتعصبين لأفهام وآراء معينة ، وكأن هذه الأفهام والآراء هي سنة رسول الله r ، لايجوز مخالفتها ، ومَن خالفها فقد خالف السنة وخالف رسول الله r ، وبناء على ذلك الفهم وآراء رجال هذا العصر ، طعنوا في العلماء الذين لا يوافقونهم في فهمهم واجتهادهم ، بل أوقدوا نار الحقد والعداوة والبغضاء لمسلمين مرابطين في خندق الدفاع عن الإسلام ورسول الله بدمائهم وأرواحهم .

        وأقول هذه محاولة ، لأنني متيقن لو أنني آتي بكل آية أو دليل فلا يقتنع أولئك المتشددين ، ولا يأخذون بهذه الأقوال والأفهام طالما أنها لم تأتهم من جماعتهم ، ومن رؤساء حزبهم .

        ولكن حسبي أنني أعرض أعمال بعض الصحابة ، رضوان الله عليهم ، وأقوال بعض الأئمة والعلماء من سلفنا الصالح ، رحمهم الله تعالى ، في هذا الموضوع ليكون الجميع على بيّنة .

        وذلك لأن هناك مَن لاينقل إلا ما يوافق رأيه ، فأردت أن أن أنقل الرأى الآخر أيضا .

        وعسى ولعل البعض يريد – فعلاَ – إرضاء الله تعالى ، ويبحث عن الحقيقة والحق من أين خرج . ولكل من يتبع الحق كتبت هذه الرسالة القصيرة ، أسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقا ، ويرزقنا اتباعه ، ويرينا الباطل باطلا ، ويرزقنا اجتنابه ، ويغفر لنا زلاتنا ، ويهدينا الصراط المستقيم  .أل أأأأأأأ            

 

        1 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ [1] .

        2 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ: «أَمَرَ بِإِحْفَاءِ الشَّوَارِبِ، وَإِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ» [2] .

 

                                                           

سبب ورود الحديث

        [ أخرج ابن النجار في تاريخه عن ابن عباس قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد من العجم قد حلقوا لحاهم وتركوا شواربهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خالفوا عليهم فحفوا الشوارب واعفوا اللحى ".

وأخرج ابن سعد عن عبيد الله بن عبد الله قال: جاء مجوسي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعفى شاربه وأخفى لحيته فقال له: " من أمرك بهذا "؟ قال : ربي.

قال: " لكن ربي أمرني أن أحفى شاربي وأعفي لحيتي ".

وأخرج أبو القاسم بن بشر في أماليه عن أبي هريرة: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مجوسي قد حلق لحيته وأعفى شاربه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ويحك من أمرك بهذا "؟ قال: أمرني به كسرى.

قال: " لكن أمرني ربي عز وجل أن أعفى لحيتي وأن أحفي شاربي " ] [3] .

       

        لقد أمر النبيّ r هنا بمخالفة المشركين ، حيث كانوا يتركون شواربهم ، ويحلقون لحاهم .

        والظاهر أن هذا الأمر كان من تقاليدهم الدينية ، وأن حاكمهم – الذي كانوا يقدّسونه وينظرون إلى بيوتهم وسلالتهم بعين القداسة والتعظيم – هو الذي أمرهم بهذا ، فأمر النبيّ r الصحابة بمخالفتهم .

بدليل ما جاء [ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عبد الله بن عُتْبَةَ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْمَجُوسِ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم : قد حَلَقَ لِحْيَتَهُ , وَأَطَالَ شَارِبَهُ , فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : مَا هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا فِي دِينِنَا ، قَالَ : فِي دِينِنَا أَنْ نَجُزَّ الشَّارِبَ ، وَأَنْ نُعْفِيَ اللِّحْيَةَ ] [4] .

        ولا نفهم من هذه الأحاديث ؛ أن يتركوا لحاهم تطول بدون أخذ شيء منها ، ولا فهم الصحابة منها ذلك .

        وخير من ينفّذ أوامر النبيّ r ويطبقها ، هم الصحابة ، رضوان الله تعالى عليهم ، ثم التابعون ، وأتباعهم بإحسان ، رحمهم الله تعالى .

        قال الإمام البخاري ، رحمه الله ، في صحيحه :

        [  وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَجَّ ، أَوِ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ ] [5] .

 

        قال الحافظ ابن كثير ، رحمه الله تعالى ، في اختصاره لكتاب ابن الصلاح ( علوم الحديث ) :

        [  وحاصل الأمر: أن ما علقه البخاري بصيغة الجزم فصحيح إلى من علقه عنه ] [6] .

        قال الحافظ ابن حجر العسقلاني ، رحمه الله :

        [  هُوَ مَوْصُولٌ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إِلَى نَافِعٍ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظ كَانَ بن عُمَرَ إِذَا حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجٍّ أَوْ عَمْرَةٍ أَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ ] [7] .

        فهذا عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما كان يأخذ من لحيته ، وهو من شدة اتباعه للنبيّ r ، حتى في الأمور العادية والطبيعية ، وليست الشرعية ، كان الناس يظنون أنه مجنون !

        (  عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: لَوْ نَظَرْتَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ إِذَا اتَّبَعَ أَثَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقُلْتَ: هَذَا       مَجْنُونٌ ) [8] .

        (  كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا رَآهُ أَحَدٌ كَأنَ بِهِ شَيْءٌ مِنَ اتِّبَاعِهِ آثَارَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) [9] .

        (  عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: لَمْ يَكُنْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - أَحَدٌ أَحْذَرَ إِذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا أَلَّا يَزِيدَ فِيهِ وَلا يُنْقِصَ مِنْهُ وَلا وَلا مِنْ عبد الله بْنُ عُمَرَ ) [10] .

        (  عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا كَانَ أَحَدٌ يَتْبَعُ آثَارَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَنَازِلِهِ كَمَا كَانَ يَتْبَعُهُ ابن عمر ) [11] .

        ويأتي ناس بعد أربعة عشر قرن ، فيعتبر نفسه أعلم من الصحابة ، ويعتبر عمل الصحابي عبد الله بن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنهما ، وهديه في اللحية خطأ ومخالفاً لهدي النبيّ r !

يقول أحدهم : (  أما ما سمعتم من بعض الناس أنه يجوز تقصير اللحية خصوصاً ما زاد على القبضة، فقد ذهب إليه بعض أهل العلم فيما زاد على القبضة، وقالوا: إنه يجوز أخذ ما زاد على القبضة استناداً إلى ما رواه البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنه كان إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما زاد أخذه . ولكن الأولى الأخذ بما دل عليه العموم في الأحاديث السابقة فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستثن حالاً من حال ) .

        علما بأن عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما ، كان من أشد الناس اتباعا للنبيّ r في هديه ، ولاسيما مسألة اللحية . وهذا أمر لا يحتاج إلى برهان ، ولكن ماذا نفعل مع أناس يدّعون أنهم من أتباع السلف ، وأنهم لا يأخذون إلا من الكتاب والسنة ، وليس هذا فقط ، بل ( يأخذون  الكتاب والسنة بفهم الصحابة ) !

        قال الشيخ الألباني ، رحمه الله :

[ فيجب على الدعاة السلفيين بخاصة أن يبينوا لهؤلاء أن الدعوة السلفية تتميز على سائر الدعوات بأنها تفهم الكتاب والسنة ، على ما كان عليه سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين وأتباعهم ، كما جاء في الحديث المتوارث عن النبيّ r القائل :  ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )

        فنحن نضم إلى الكتاب والسنة منهج السلف الصالح ، وهذه الضميمة ليست محدثا كما قد يتوهم كثير من الناس وإنما هو المنصوص عليه بالكتاب والسنة ، أما الكتاب فقوله تعالى : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )

        وأما السنة فهناك حديثان مشهوران ، أحدهما حديث الفرقة الناجية وهو معروف ولا حاجة لسوقه بلفظه وإنما نسوق منه ما هو موضع الشاهد ، وهو قوله عليه السلام حينما سئل عن الفرقة الناجية فأجاب r : هي التي ما أنا عليه وأصحابي .

        والحديث الآخر حديث الخلفاء الراشدين وقوله عليه السلام في حديث العرباض بن سارية . . فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي . إلى آخره . ففي هذا الحديث بيان سبيل المؤمنين الذي ذكر في الآية السابقة ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين ) .

        فإذاً الدعاة يجب أن يدندنوا حول هذه الضميمة المميزة لدعوة الحق والمظهرة للفرقة الناجية على الفرق الأخرى وهي أنهم يكونون على ما كان عليه السلف الصالح ] [12] .

        وهذا كلام جميل ، ولكن مع الأسف لايعمل به كثير من أتباع الشيخ ومحبيه !

        ويقول أحد المتشددين :

        (  و المسلم صحيح الإسلام الذي يريد النجاة من فتن الدنيا وعذاب الآخرة عليه أن يتمسك بالأصول الثلاثة المعصومة ويعمل بها بعيداً عن الشهوات والشبهات وهي أقصر الطرق إلى الجنة وهي الدليل المعتبر عند أهل السنة والجماعة الفرقة الناجية والطائفة المنصورة التي تمسكت بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام " ما أنا اليوم عليه وأصحابى " وهذه الأصول هي آية محكمة من كتاب الله وحديث صحيح ثابت عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم وفقه الصحابة وفهم الكتاب والسنة بفهم أفهم الناس وأعلم الناس بمراد الله ورسوله ففهم الصحابة مقدم على فهم غيرهم وإجماع الصحابة مقدم على إجماع غيرهم رضي الله عنهم وألحقنا بهم ورزقنا حسن القصد وحسن الفهم والتشبه بهم  ) .

        وهذا كلام جميل جدا وممتاز ، ولكنه مجرد كلام ، لا أثر له في واقعهم ! !

        إن هؤلاء الذين يطعنون في عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما ، يظنون أنه يتبع الهوى في لحيته ، ويخالف النبيّ r حبا للدنيا ، واتباعا للهوى !

        يقول أحدهم : (  وحدّ اللحية - كما ذكره أهل اللغة - هي شعر الوجه واللحيين والخدين، بمعنى أن كل ما على الخدين وعلى اللحيين والذقن فهو من اللحية، وأخذ شيء منها داخل في المعصية أيضاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أعفوا اللحى .. " وأرخوا اللحى .. " " ووفروا اللحى ... ". وأوفوا اللحى .. " وهذا يدل على أنه لا يجوز أخذ شيء منها، لكن المعاصي تتفاوت فالحلق أعظم من أخذ شيء منها، لأنه أعظم وأبين مخالفة من أخذ شيء منها، وهذا هو الحق، والحق أحق أن يُتَّبع، وتساءل مع نفسك ما المانع من قبول الحق والعمل به إرضاءً لله وطلباً لثوابه؟ فلا تقدم رضا نفسك وهواك والرفاق على رضا الله، قال تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) .

        ولم يكن عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما ، من الذين يتبعون الهوى ورضا النفس والرفاق !

        (  عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا وَمَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا إِلَّا وَقَدْ مَالَتْ بِهِ الدُّنْيَا أَوْ مَالَ بِهَا إِلَّا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ» . . . عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّ مِنْ أَمْلَكِ شَبَابِ قُرَيْشٍ عَنِ الدُّنْيَا لَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ ) [13] .

        فكان ابن عمر ، رضي الله عنهما ، يتبع النبيّ r في هديه .

        (  عَنِ ابْنِ جُرَيْجِ ، يَعْنِي عُبَيْدَ بْنَ جُرَيْجٍ ، قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ : رَأَيْتُكَ تُصَفِّرُ لِحْيَتَكَ ، قَالَ : إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ ، قُلْتُ : وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ هَذِهِ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ ، قَالَ : إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَلْبَسُهَا وَيَسْتَحِبُّهَا وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا ) [14] .

        (  عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ كَانَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالْخَلُوقِ ، وَيُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كَانَ يُصَفِّرُ ) [15] .

        فهو ، رضي الله عنه ، كان متبعا وليس مبتدعا !

        وكان عليّ بن أبي طالب t يأخذ من لحيته مما يلي وجهه [16] .

        وعليّ t كان من الخلفاء الراشدين الذين شهد النبيّ r باتباعهم سنته !

        وكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ t يَقْبِضُ عَلَى لِحْيَتِهِ ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا فَضَلَ عَنِ الْقُبْضَةِ.

        ومن المعروف أن أباهريرة t قد صاحب النبيّ r ليل نهار ، في الحضر والسفر .

        وكان جابر t يأخذ من لحيته .

        وكذلك جابر بن عبد الله ، رضي الله عنهما ، قد صاحب النبيّ r في حضره وسفره .

وقال عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ [17] ، رحمه الله : كَانُوا يُحِبُّونَ أَنْ يُعْفُوا اللِّحْيَةَ إلاَّ فِي حَجٍّ ، أَوْ عُمْرَةٍ ، وَكَانَ إبْرَاهِيمُ يَأْخُذُ مِنْ عَارِضِ لِحْيَتِهِ.

وكان الإمام طاووس [18] ، رحمه الله ،  يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ ، وَلاَ يُوجِبُهُ.

وقال الْحَسَنِ [19] ، رحمه الله ، : كَانُوا يُرَخِّصُونَ فِيمَا زَادَ عَلَى الْقُبْضَةِ مِنَ اللِّحْيَةِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهَا.

وكَانَ الْقَاسِمُ [20] ، رحمه الله ، إذَا حَلَقَ رَأْسَهُ أَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ

عَنْ أَبِي هِلاَلٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ الْحَسَنَ ، وَابْنَ سِيرِينَ [21] فَقَالاَ : لاَ بَأْسَ بِهِ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ طُولِ لِحْيَتِك.

وعَنْ إبْرَاهِيمَ [22] ، قَالَ : كَانُوا يُبَطِّنُونَ لِحَاهُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ عَوَارِضِهَا [23] .

وروي عن عمر أنه رأى رجل قد ترك لحيته حتى كثرت فأخذ بحديها ثم قال: ائتونى بجلمين [24] ثم امر رجلا فجز ما تحت يده ثم قال: اذهب فأصلح شعرك أو أفسده، يترك أحدكم نفسه حتى كأنه سبع من السباع [25] .

وها هو الخليفة الراشد عمر بن الخطاب t ، يأخذ رجلا من الذين تركوا لحيتهم بدون أخذ شيء منها ويعتبره كأنه سبع من السباع  فيأمر غيره بجز مازاد من تحت يده !

فكل هؤلاء الصحابة – وفيهم خليفتين راشدين – وغيرهم من التابعين وأتباعهم ، كل هؤلاء لا يفهمون ولا يعرفون سنة النبي r ، ويعرفها مَن جاء بعدهم بأربعة عشر قرن !

علما بأن أمر اللحية ليس من الأمور النظرية التي تحتاج إلى تأمل واجتهاد واستنباط وإعمال فكر ، بل يحتاج فقط النظر إلى وجه رسول الله r !

وبهذه المناسبة ، أقول : إن تعريف اللحية ، وحدّها ، لم يأخذه المتشددون لا من الكتاب ( القرآن ) ولا من السنة ، بل أخذوه من كتب اللغة !

وقد استنبط الحافظ ابن عبد البر ، رحمه الله ، من عمل ابن عمر ، رضي الله عنهما ، جواز الأخذ من اللحية في غير وقت الحج .

فقال ، رحمه الله :                                   

[  وفي أخذ بن عُمَرَ مِنْ آخِرِ لِحْيَتِهِ فِي الْحَجِّ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْأَخْذِ مِنَ اللِّحْيَةِ فِي غَيْرِ الْحَجِّ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرُ جَائِزٍ مَا جَازَ فِي الْحَجِّ لِأَنَّهُمْ أُمِرُوا أَنْ يَحْلِقُوا أَوْ يُقَصِّرُوا إِذَا حَلُّوا مَحَلَّ حَجِّهِمْ مَا نهوا عنه في حجهم ] .

وقرر بما أن ابن عمر ، رضي الله عنهما ، هو راوي حديث الإعفاء فهو أعلم بمعناه :

[ وبن عُمَرَ روى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أعفوا اللحا وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَعْنَى مَا رَوَى فَكَانَ الْمَعْنَى عِنْدَهُ وَعِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ الْأَخْذُ مِنَ اللِّحْيَةِ مَا تَطَايَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ] .

ثم ذكر عن غيره من الصحابة والتابعين مَن أخذ من لحيته ، فقال ، رحمه الله :

[ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ مَا يَلِي وَجْهَهُ . . .

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ عَوَارِضِ لِحَاهُمْ

وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ يَأْخُذُ مِنْ عَارِضِ لِحْيَتِهِ

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ مِنَ اللِّحْيَةِ ما فضل عن القبضة

وعن بن عُمَرَ مِثْلُ ذَلِكَ

وَعَنِ الْحَسَنِ مِثْلُهُ

وَقَالَ قَتَادَةُ مَا كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ طُولِهَا إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنَ العارضين

كل ذلك من كتاب بن أَبِي شَيْبَةَ بِالْأَسَانِيدِ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي الْخُشَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي سفيان قال حدثني بن أبي نجيح عن مجاهد [26] قال رأيت بن عُمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ قَالَ لِلْحَجَّامِ خُذْ مَا تَحْتَ الْقَبْضَةِ

858 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ [27] كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ دَعَا بِالْجَلَمَيْنِ فَقَصَّ شَارِبَهُ وَأَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَبَ وَقَبْلَ أَنْ يُهِلَّ مُحْرِمًا ] .

ثم استحسن عمل سالم بن عبد الله ، رحمه الله ، فقَالَ [ هَذَا أَحْسَنُ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ الشَّعْرَ يَطُولُ وَيَسْمَحُ وَيَثْقُلُ فَتَأَهَّبَ لِذَلِكَ وَقَدْ فعل رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي الطِّيبِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ مَا يَدْفَعُ عَنْهُمْ رِيحَ عَرَقِ أَبْدَانِهِمْ هَذَا وَاضِحٌ وَالْقَوْلُ فِيهِ تَكَلُّفٌ لِوُضُوحِهِ ] .

واستنبط من عمل ابن عمر ، رضي الله عنهما ، جواز الأخذ من اللحية فقال :

[ وَفِيهِ أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ مِنْ لِحْيَتِهِ وَذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ يُؤْخَذُ مَا تَطَايَرَ مِنْهَا وَطَالَ وقبح ] [28] .

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني ، رحمه الله :

[  قَوْلُهُ وَوَفِّرُوا اللِّحَى أَمَّا قَوْلُهُ وَفِّرُوا فَهُوَ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ مِنَ التَّوْفِيرِ وَهُوَ الْإِبْقَاءُ أَيِ اتْرُكُوهَا وَافِرَةً وَفِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ أَعْفُوا . . . وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَرْجِئُوا وَضُبِطَتْ بِالْجِيمِ وَالْهَمْزَةِ أَيْ أَخِّرُوهَا وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِلَا هَمْزٍ أَيْ أَطِيلُوهَا وَلَهُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَوْفُوا أَيِ اتْرُكُوهَا وَافِيَةً قَالَ النَّوَوِيُّ وَكُلُّ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ] . ثم قال ، رحمه الله :

[ قَوْله وَكَانَ بن عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ هُوَ مَوْصُولٌ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إِلَى نَافِعٍ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظ كَانَ بن عُمَرَ إِذَا حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجٍّ أَوْ عَمْرَةٍ أَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ مِقْدَارُ الْمَأْخُوذِ ] .

 ثم ذكر قول الإمام الْكرْمَانِي ، رحمه الله :

[ لَعَلَّ بن عُمَرَ أَرَادَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ فِي النُّسُكِ فَحَلَقَ رَأْسَهُ كُلَّهُ وَقَصَّرَ مِنْ لَحَيَّتِهِ لِيَدْخُلَ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ وَخَصَّ ذَلِكَ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ وَفِّرُوا اللِّحَى فَحَمَلَهُ عَلَى حَالَةٍ غَيْرِ حَالَةِ النُّسُكِ ] .

ثم قال :

 [ الَّذِي يظْهر أَن بن عُمَرَ كَانَ لَا يَخُصُّ هَذَا التَّخْصِيصَ بِالنُّسُكِ بَلْ كَانَ يَحْمِلُ الْأَمْرَ بِالْإِعْفَاءِ عَلَى غَيْرِ الْحَالَةِ الَّتِي تَتَشَوَّهُ فِيهَا الصُّورَةُ بِإِفْرَاطِ طُولِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ أَوْ عَرْضِهِ ] .

ثم ذكر قول الإمام الطبري ، رحمه الله :

 [ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ فَكَرِهُوا تَنَاوَلَ شَيْءٍ مِنَ اللِّحْيَةِ مِنْ طُولِهَا وَمِنْ عَرْضِهَا وَقَالَ قَوْمٌ إِذَا زَادَ عَلَى الْقَبْضَةِ يُؤْخَذُ الزَّائِد ثمَّ سَاق بِسَنَدِهِ إِلَى بن عُمَرَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ وَإِلَى عُمَرَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِرَجُلٍ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ فَعَلَهُ وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِسَنَدٍ حَسَنٍ قَالَ كُنَّا نُعَفِّي السِّبَالَ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عَمْرَةٍ وَقَوْلُهُ نُعَفِّي بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ أَيْ نَتْرُكَهُ وَافِرًا وَهَذَا يُؤَيّد مَا نقل عَن بن عُمَرَ فَإِنَّ السِّبَالَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ سَبَلَةَ بِفَتْحَتَيْنِ وَهِيَ مَا طَالَ مِنْ شَعْرِ اللِّحْيَةِ فَأَشَارَ جَابِرٌ إِلَى أَنَّهُمْ يُقَصِّرُونَ مِنْهَا فِي النُّسُكِ ] .

ثم قال الحافظ ابن حجر ، رحمه الله :

[  ثُمَّ حَكَى الطَّبَرَيُّ اخْتِلَافًا فِيمَا يُؤْخَذُ مِنَ اللِّحْيَةِ هَلْ لَهُ حَدٌّ أُمْ لَا فَأَسْنَدَ عَنْ جَمَاعَةٍ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَخْذِ الَّذِي يَزِيدُ مِنْهَا عَلَى قَدْرِ الْكَفِّ وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ طُولِهَا وَعَرْضِهَا مَا لَمْ يُفْحِشْ وَعَنْ عَطَاءٍ نَحْوُهُ قَالَ وَحَمَلَ هَؤُلَاءِ النَّهْيَ عَلَى مَنْعِ مَا كَانَتِ الْأَعَاجِمُ تَفْعَلُهُ مِنْ قَصِّهَا وَتَخْفِيفِهَا قَالَ وَكَرِهَ آخَرُونَ التَّعَرُّضَ لَهَا إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عَمْرَةٍ وَأَسْنَدَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ وَاخْتَارَ قَوْلَ عَطَاءٍ وَقَالَ إِنَّ الرَّجُلَ لَوْ تَرَكَ لِحْيَتَهُ لَا يَتَعَرَّضُ لَهَا حَتَّى أَفْحَشَ طُولُهَا وَعَرْضُهَا لَعَرَّضَ نَفْسَهُ لِمَنْ يَسْخَرُ بِهِ ] .

ثم ذكر قول القاضي عياض ، رحمه الله ، فقال :

[ وَقَالَ عِيَاضٌ يُكْرَهُ حَلْقُ اللِّحْيَةِ وَقَصُّهَا وَتَحْذِيفُهَا وَأَمَّا الْأَخْذُ مِنْ طُولِهَا وَعَرْضِهَا إِذَا عَظُمَتْ فَحَسَنٌ بَلْ تُكْرَهُ الشُّهْرَةُ فِي تَعْظِيمِهَا كَمَا يُكْرَهُ فِي تَقْصِيرِهَا . . . وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ عَنِ الْغَزَالِيِّ وَهُوَ فِي ذَلِكَ تَابِعٌ لِأَبِي طَالِبٍ الْمَكِّيِّ فِي الْقُوتِ قَالَ يُكْرَهُ فِي اللِّحْيَةِ عَشْرُ خِصَالٍ خَضْبُهَا بِالسَّوَادِ لِغَيْرِ الْجِهَادِ وَبِغَيْرِ السَّوَادِ إِيهَامًا لِلصَّلَاحِ لَا لِقَصْدِ الِاتِّبَاعِ وَتَبْيِيضُهَا اسْتِعْجَالًا لِلشَّيْخُوخَةِ لِقَصْدِ التَّعَاظُمِ عَلَى الْأَقْرَانِ وَنَتْفُهَا إِبْقَاءً لِلْمُرُودَةِ وَكَذَا تَحْذِيفُهَا وَنَتْفُ الشَّيْبِ وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ تَحْرِيمَهُ لِثُبُوتِ الزَّجْرِ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا وَتَصْفِيفُهَا طَاقَةً طَاقَةً تَصَنُّعًا وَمَخِيلَةً وَكَذَا تَرْجِيلُهَا وَالتَّعَرُّضُ لَهَا طُولًا وَعَرْضًا عَلَى مَا فِيهِ مِنَ اخْتِلَافٍ وَتَرْكُهَا شَعِثَةً إِيهَامًا لِلزُّهْدِ وَالنَّظَرُ إِلَيْهَا إِعْجَابًا وَزَادَ النَّوَوِيُّ وَعَقْدُهَا لِحَدِيثِ رُوَيْفِعٍ رَفَعَهُ مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ فَإِنَّ مُحَمَّدًا مِنْهُ بَرِيءٌ الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ قِيلَ الْمُرَادُ عَقْدُهَا فِي الْحَرْبِ وَهُوَ مِنْ زِيِّ الْأَعَاجِمِ وَقِيلَ الْمُرَادُ مُعَالَجَةُ الشَّعْرِ لِيَنْعَقِدَ وَذَلِكَ مِنْ فِعْلِ أَهْلِ التَّأْنِيث تَنْبِيه أنكر بن التِّين ظَاهر مَا نقل عَن بن عُمَرَ فَقَالَ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ يَقْتَصِرُ عَلَى قَدْرِ الْقَبْضَةِ مِنْ لِحْيَتِهِ بَلْ كَانَ يُمْسِكُ عَلَيْهَا فَيُزِيلُ مَا شَذَّ مِنْهَا فَيُمْسِكُ مِنْ أَسْفَلِ ذَقْنِهِ بِأَصَابِعِهِ الْأَرْبَعَةِ مُلْتَصِقَةٍ فَيَأْخُذُ مَا سَفَلَ عَنْ ذَلِكَ لِيَتَسَاوَى طُولُ لِحْيَتِهِ قَالَ أَبُو شَامَةَ وَقَدْ حَدَّثَ قَوْمٌ يَحْلِقُونَ لِحَاهُمْ وَهُوَ أَشَدُّ مِمَّا نُقِلَ عَنِ الْمَجُوسِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُصُّونَهَا ] [29] .

وقد نقل الإمام البيهقي ، رحمه الله ، عن الإمام الحليمي ، رحمه الله ،  أن الأمر بعفو اللحية ليس على إطلاقه ، بل له حد معين ، وهذا الحد يبينه ويؤخذ عن الصحابة ، فهم يفسرون العفو عمليا ، فقال ، رحمه الله :  

[  قَالَ الْحَلِيمِيُّ ، رَحِمَهُ اللهُ : فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِعَفْوِ اللِّحَى حَدٌّ وَهُوَ مَا جَاءَ عَنِ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْبِضُ عَلَى لِحْيَتِهِ فَمَا فَضَلَ عَنْ كَفِّهِ أَمَرَ بِأَخْذِهِ، وَكَانَ الَّذِي يَحْلِقُ رَأْسَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِأَمْرِهِ، وَيَأْخُذُ عَارِضَيْهِ وَيُسَوِّي أَطْرَافَ لِحْيَتِهِ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَأْخُذُ بِلِحْيَتِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا يُجَاوِزُ الْقَبْضَةَ . . . فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ، قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ دُونَ فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ. وَرَوَاهُ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ وَقَالَ: أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ فَمَدَّهَا، فَإِذَا بَقِيَ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْ طُولِهَا أَخَذَهُ ] [30] .

وقال الإمام ابن بطال ، رحمه الله :                 

[  وقال الطبرى: إن قال قائل: ماوجه قوله عليه السلام: (أعفوا اللحى) وقد علمت أن الإعفاء الإكثار، وأن من الناس من إن ترك شعر لحيته اتباعًا منه لظاهر هذا الخبر تفاحش طولا وعرضًا، وسمج حتى صار للناس حديثًا ومثلا؟ قيل: قد ثبت الحجة عن النبى عليه السلام على خصوص هذا الخبر وأن من اللحية ماهو محظور إحفاؤه وواجب قصه على اختلاف من السلف فى قدر ذلك وحده، فقال بعضهم: حد ذلك أن يزداد على قدر القبضة طولا، وأن ينتشر عرضًا فيقبح ذلك، فإذا زادت على قدر القبضة كان الأولى، جزّ مازاد على ذلك، من غير تحريم منهم ترك الزيادة على ذلك ]. ثم قال :

[ وروي عن عمر أنه رأى رجلا قد ترك لحيته حتى كثرت فأخذ بحديها ثم قال: ائتونى بجلمين ثم امر رجلا فجز ما تحت يده ثم قال: اذهب فأصلح شعرك أو أفسده، يترك أحدكم نفسه حتى كأنه سبع من    السباع ] .

ثم ذكر بعض الصحابة الذين أخذوا من لحيتهم فقال :

[ وكان أبو هريرة يقبض على لحيته فيأخذ مافضل، وعن ابن عمر مثله ].

ثم ذكر الرأي الآخر ، والوجهة الأخرى فقال :

[ وقال آخرون: يأخذ من طولها وعرضها مالم يفحش أخذه، ولم يحدوا فى ذلك حدًا ] .

ثم ذكر ، رحمه الله ، ما فهمه هو فقال :

[ غير أن معنى ذلك عندى - والله أعلم - مالم يخرج من عرف الناس ] . فقد حكّم العرف في ذلك .

ثم ذكر الأئمة الذين ذهبوا إلى الأخذ من اللحية فقال ، رحمه الله :

 وروي عن الحسن أنه كان لا يرى بأسا أن يأخذ من طول لحيته وعرضها ما لم يفحش الأخذ منها، وكان إذا ذبح أضحيته يوم النحر أخذ منها شيئًا. وقال عطاء: لا بأس أن يأخذ من لحيته الشىء القليل من طولها وعرضها إذا كثرت ] .

ثم ذكر السبب في قولهم ذلك فقال :

[ وعلة قائلى هذه المقالة: كراهية الشهرة فى اللبس وغيره فكذلك الشهرة فى شعر اللحية ] . ثم ذكر رأيا آخر فقال :

[ وكان آخرون يكرهون الأخذ من اللحية إلا فى حج أو عمرة، وروي ذلك عن ابن عمر وعطاء وقتادة ] . ثم ذكر ، رحمه الله ، ما يراه هو الصواب فقال :

[ والصواب أن يقال: إن قوله عليه السلام: (أعفوا اللحى) على عمومه إلا ماخص من ذلك، وقد روى عنه حديث فى إسناده نظر أن ذلك على الخصوص، وأن من اللحى ماالحق فيه ترك إعفائه، وذلك ماتجاوز طوله أو عرضه عن المعروف من خلق الناس وخرج عن الغالب فيهم، روى مروان بن معاوية، عن سعيد بن أبى راشد المكى، عن أبى جعفر محمد بن على قال: (كان رسول الله يأخذ اللحية، فما طلع على الكف جزه) ، وهذا الحديث وإن كان فى إسناده نظر فهو جميل من الأمر وحسن من الفعال ] [31] .

وبهذه المناسبة أود أن أذكر هنا ، أن ذلك المتشدد الذي نقلت قولا من أقواله فيما مضى ، قد أورد حديثا لتقوية مذهبه ، هذا النقل يضعه في قفص الإتهام ، فلا أدري بماذا يخرج نفسه منه ؟ ! وهو يدّعي أنه من أتباع الكتاب والسنة ، وأنه لا يأخذ ولا يحتج إلا بالأحاديث الصحيحة !

قال : [ وأخرج الخطيب عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يأخذ أحدكم من طول لحيته ) ] !

لاشك أن جماعته وحزبه يثقون به – وإن كان أكثرهم لا يقرأون ولا يكتبون – فهم يأخذون بما يقول بدون تدقيق ولا مراجعة !

مع أنه قد ارتكب عدة محظورات في نقله هذا :

1-   الحديث الذي أورده حديث موضوع ، وليس حديثا ضعيفا ! ولا يحتج بالأحاديث الموضوعة !

2-   لم يبين درجته ، ولم يذكر أنه حديث موضوع ! فإن كان لا يدري فتلك مصيبة ! وإن كان يدري فالمصيبة أعظم ! علما بأن الخطيب –  الذي نقل عنه – قد ذكر حال الحديث !

قال الحافظ ابن الصلاح ، رحمه الله :

[  اعْلَمْ أنَّ الحديثَ الْمَوْضُوْعَ شَرُّ الأحاديثِ الضَّعِيْفَةِ ، ولاَ تَحِلُّ رِوَايَتُهُ لأحَدٍ عَلِمَ حَالَهُ في أيِّ معنًى كَانَ إلاَّ مَقْرُوناً ببيَانِ وَضْعِهِ ] [32] .

وقال الحافظ ابن كثير ، رحمه الله ، عن الأحاديث الموضوعة :

[  فلا تجوز روايته لأحد من الناس، إلا على سبيل القدح فيه، ليحذره من يغتر به من الجهلة والعوام والرعاع ] [33] .

[  بدليل ما أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه 1/ 7 وغيره من حديث سمرة بن جندب والمغيرة بن شعبة

-رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( مَنْ حدّث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين )). ] [34] .

3 – إنه حذف من الحديث ما ينقض عليه دعواه ! والحديث الموضوع الذي استدل به هو بتمامه :

(  لا يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مِنْ طُولِ لِحْيَتِهِ وَلَكِنْ مِنَ الصُّدْغَيْنِ ) ! ! يعني يجوز الأخذ من اللحية ؛ من الصدغين ! والمتشدد من الذين يرون عدم جواز الأخذ من اللحية !

وهذا الحذف هو من التدليس والخداع الذي لا يجوز !

بيان حال الحديث الذي استدل به

قال الخطيب :

[  أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ المحسن المعدّل، حَدَّثَنَا أَبُو غَانِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ، حدّثنا محمد بن مخلد العطار، حدثنا أحمد بن الْوَلِيدِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَلَدِيُّ قَالا:

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، حَدَّثَنَا عُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مِنْ طُولِ لِحْيَتِهِ وَلَكِنْ مِنَ الصُّدْغَيْنِ  »

. قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن مخلد: هذا أَحْمَد بْن الوليد المخرميّ يسوى فلسا ] [35] .

 [  انظر الحديث في: الموضوعات 3/52. والفوائد المجموعة 198. وتنزيه الشريعة 2/274. واللآلئ المصنوعة 2/144. والكامل 5/2018 ] [36] .

[  قَالَ ابْن مخلد: هَذَا أَحْمَد بْن الْوَلِيد لَا يساوى فلسًا، وَقَالَ ابْن عَدِي: إِبْرَاهِيم ابْن الْهَيْثَم كذبه النَّاس ] [37] .

[  في السند أيضاً عفير بن معدان وهو واه ] [38] .

وقد قال الحافظ ابن كثير ، رحمه الله :

[  والواضعون أقسام كثيرة: منهم زنادقة.

ومنهم متعبدون يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، يضعون أحاديث فيها ترغيب وترهيب، وفي فضائل الأعمال، ليعمل بها.

وهؤلاء طائفة من الكرَّامية وغيرهم، وهم من أشر ما فعل هذا، لما يحصل بضررهم من الغرر على كثير ممن يعتقد صلاحهم، فيظن صدقهم، وهم شر من كل كذاب في هذا الباب ] [39] .

وقال الإمام المناوي ، رحمه الله :

[  فيكره الأخذ من اللحية واختلف السلف فيما طال منها فقيل لا بأس أن يقبض عليها ويقص ما تحت القبضة كما فعله ابن عمر ثم جمع من التابعين واستحسنه الشعبي وابن سيرين وكرهه الحسن وقتادة والأصح كراهة أخذ ما لم يتشعث ويخرج عن السمت مطلقا ] [40] .

والغريب أن البعض يرى في فعل ابن عمر ، رضي الله عنهما ، خلافا لأمر النبيّ r ! ! ومن أين استنبط ذلك ؟ والجواب : أنه استنبط ذلك من رواية ابن عمر نفسه ! ! !

وكأنه هو أعلم بمعنى ما رواه ابن عمر من ابن عمر نفسه رضي الله عنهما !

وكأنه هو أعلم بالسنة من الخليفتين الراشدين ؛ عمر بن الخطاب وعليّ بن أبي طالب ، والصحابي راوي حديث اللحية ؛ ابن عمر ، وأبي هريرة ، وجابر ، رضي الله عنهم ، أو هو أعلم من الحسن ، وعطاء ، وابن سيرين ، والقاسم ، وإبراهيم ، و . . . و . .  وغيرهم ، رحمهم الله تعالى .

وبعضهم بدل أن يفسر الحديث بعمل راويه ، يذهب فيحكم بمخالفة الراوي لروايته ! وليس هناك مخالفة !

نعم لو كان الحديث ينص على أن النبيّ r قد قال : لا تأخذوا من اللحية شيئاً ، لقلنا : نعم هناك مخالفة ، ولكن لايوجد هذا النص ، فمن أين جاءت هذه المخالفة ، والحكم على أولئك الصحابة بالمخالفة والخطأ ؟ !

وهناك غرض آخر من رسالتي هذه ، وهو ما أردت أن أبيّن فيها : أن قول النبيّ r : ( أعفوا ) ، ليس معناه أنه لايجوز أخذ شيء من اللحية ، وتركها على غاربها ! بدليل أعمال الصحابة والتابعين وأتباعهم وأقوالهم ، رضي الله تعالى عنهم ، ورحمهم الله .

وإذا جاز أخذ ما زاد على القبضة منها ، فمعنى ذلك أن كلمة ( أعفوا ) ليست على إطلاقها ! أي خرج الإحتجاج بها على عدم جواز الأخذ منها ، وهو المطلوب !  

 

إستئناس

وأود هنا أن أستأنس بأقوال الشيخ الألباني ، رحمه الله ، في هذا الموضوع ، ولا سيما لأتباعه ومحبيه ؛ الذين يثقون بعلمه ويعتبرونه محدث العصر .

قال ، رحمه الله :

[  السنةَ التي جرى عليها عملُ السلف من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين إعفاءُ اللحية إلا ما زاد على القبضة؛ فيُقصَ، وتأييد ذلك بنصوص عزيزة عن بعض السلف، وبيان أن إعفاءها مطلقاً هو

من قبيل ما سماه الإمام الشاطبي بـ (البدع الإضافية) ] [41] .

وقال ، رحمه الله :

[  نعم ثبت ذلك عن بعض السلف، وإليك المتيسر منها:

1- عن مروان بن سالم المقفع قال:

" رأيت ابن عمر يقبض على لحيته فيقطع ما زاد على الكف ".

رواه أبو داود وغيره بسند حسن؛ كما بينته في " الإرواء " (920) ،و" صحيح

أبي داود " (2041) .

2 - عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا أفطر من رمضان وهو يريد الحج، لم

يأخذ من رأسه ولا من لحيته شيئا حتى يحج.

وفي رواية:

أن عبد الله بن عمر كان إذا حلق في حج أوعمرة أخذ من لحيته وشاربه.

أخرجه مالك في " الموطأ " (1/353) .

وروى الخلال في " الترجل " (ص 11 - المصورة) بسند صحيح عن مجاهد قال: رأيت

ابن عمر قبض على لحيته يوم النحر، ثم قال للحجام: خذ ما تحت القبضة.

قال الباجي في " شرح الموطأ " (3/32) :

" يريد أنه كان يقص منها مع حلق رأسه، وقد استحب ذلك مالك رحمه الله، لأن

الأخذ منها على وجه لا يغير الخلقة من الجمال، والاستئصال لهما مثلة ".

3 - عن ابن عباس أنه قال في قوله تعالى: " وليقضوا تفثهم ":

" التفث: حلق الرأس، وأخذ الشاربين، ونتف الإبط، وحلق العانة، وقص

الأظفار، والأخذ من العارضين، (وفي رواية: اللحية) ، ورمي الجمار،

والموقف بعرفة والمزدلفة ".

رواه ابن أبي شيبة (4/85) وابن جرير في " التفسير " (17/109) بسند صحيح.

4 - عن محمد بن كعب القرظي أنه كان يقول في هذه الآية: " ثم ليقضوا تفثهم "

، فذكر نحوه بتقديم وتأخير، وفيه:

وأخذ من الشاربين واللحية ".

رواه ابن جرير أيضا، وإسناده صحيح، أوحسن على الأقل.

5 - عن مجاهد مثله بلفظ:

" وقص الشارب ... وقص اللحية ".

رواه ابن جرير بسند صحيح أيضا.

6 - عن المحاربي (وهو عبد الرحمن بن محمد) قال: سمعت رجلا يسأل ابن جريج عن

قوله: " ثم ليقضوا تفثهم "، قال:

" الأخذ من اللحية ومن الشارب ... ".

7 - في " الموطأ " أيضا أنه بلغه:

أن سالم بن عبد الله كان إذا أراد أن يحرم، دعا بالجملين، فقص شاربه وأخذ من

لحيته قبل أن يركب، وقبل أن يهل محرما.

8 - عن أبي هلال قال: حدثنا شيخ - أظنه من أهل المدينة - قال:

رأيت أبا هريرة يحفي عارضيه: يأخذ منهما. قال: ورأيته أصفر اللحية .

رواه ابن سعد في " الطبقات " (4/334) .

قلت: والشيخ المدني هذا أراه عثمان بن عبيد الله، فإن ابن سعد روى بعده

أحاديث بسنده الصحيح عن ابن أبي ذئب عن عثمان بن عبيد الله قال:

رأيت أبا هريرة يصفر لحيته ونحن في الكتاب.

وقد ذكره ابن حبان في " الثقات " (3/177) ، فالسند عندي حسن. والله أعلم.

قلت: وفي هذه الآثار الصحيحة ما يدل على أن قص اللحية، أوالأخذ منها كان

أمرا معروفا عند السلف، خلافا لظن بعض إخواننا من أهل الحديث الذين يتشددون في

الأخذ منها، متمسكين بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: " وأعفوا اللحى "، غير

منتبهين لما فهموه من العموم أنه غير مراد لعدم جريان عمل السلف عليه وفيهم من

روى العموم المذكور، وهم عبد الله بن عمر، وحديثه في " الصحيحين "،

وأبو هريرة، وحديثه عن مسلم، وهما مخرجان في " جلباب المرأة المسلمة " (ص

185 - 187/ طبعة المكتبة الإسلامية) ، وابن عباس، وحديثه في " مجمع الزوائد

" (5/169) .

ومما لا شك أن راوي الحديث أعرف بالمراد منه من الذين لم يسمعوه من النبي

صلى الله عليه وسلم، وأحرص على اتباعه منهم. وهذا على فرض أن المراد بـ (الإعفاء)

التوفير والتكثير كما هو مشهور، لكن قال الباجي في " شرح الموطأ "

(7/266) نقلا عن القاضي أبي الوليد:

" ويحتمل عندي أن يريد أن تعفى اللحى من الإخفاء. لأن كثرتها أيضا ليس بمأمور

بتركه، وقد روى ابن القاسم عن مالك: لا بأس أن يؤخذ ما تطاير من اللحية وشذ

. قيل لمالك: فإذا طالت جدا؟ قال: أرى أن يؤخذ منها وتقص. وروي عن

عبد الله بن عمر وأبي هريرة أنهما كانا يأخذان من اللحية ما فضل عن القبضة ".

قلت: أخرجه عنهما الخلال في " الترجل " (ص 11 - مصورة) بإسنادين صحيحين،

وروى عن الإمام أحمد أنه سئل عن الأخذ من اللحية؟ قال:

كان ابن عمر يأخذ منها ما زاد على القبضة، وكأنه ذهب إليه. قال حرب: قلت له

: ما الإعفاء؟ قال: يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كان هذا عنده

الإعفاء.

قلت: ومن المعلوم أن الراوي أدرى بمرويه من غيره، ولا سيما إذا كان حريصا

على السنة كابن عمر، وهو يرى نبيه صلى الله عليه وسلم - الآمر بالإعفاء -

ليلا نهارا. فتأمل.

ثم روى الخلال من طريق إسحاق قال:

" سألت أحمد عن الرجل يأخذ من عارضيه؟ قال: يأخذ من اللحية ما فضل عن القبضة.

قلت: حديث النبي صلى الله عليه وسلم:

" احفوا الشوارب، وأعفوا اللحى "؟

قال: يأخذ من طولها ومن تحت حلقه. ورأيت أبا عبد الله يأخذ من طولها ومن

تحت حلقه " ] .

ثم قال بعد ذلك مباشرة :

[  قلت: لقد توسعت قليلا بذكر هذه النصوص عن بعض السلف والأئمة؛ لعزتها، ولظن

الكثير من الناس أنها مخالفة لعموم: " وأعفوا اللحى "، ولم يتنبهوا لقاعدة

أن الفرد من أفراد العموم إذا لم يجر العمل به، دليل على أنه غير مراد منه،

وما أكثر البدع التي يسميها الإمام الشاطبي بـ (البدع الإضافية) إلا من هذا

القبيل، ومع ذلك فهي عند أهل العلم مردودة، لأنها لم تكن من عمل السلف،

وهم أتقى وأعلم من الخلف، فيرجى الانتباه لهذا فإن الأمر دقيق ومهم ] [42] .

واعتبر ، رحمه الله ، أن من لم يأخذ من لحيته فقد خالف السلف ، رحمهم الله تعالى ، فقال :

[  فإنه قد خالف السلف، ومنهم إمام السنة

أحمد بن حنبل؛ فقد روى الخلال في "كتاب الترجل ": قال: أخبرني حوب،

قال: سئل أحمد عن الأخذ من اللحية؟ قال:

كان ابن عمر يأخذ منها ما زاد على القبضة. وكأنه ذهب إليه. قلت له: ما

(الإعفاء) ؟ قال: يروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: كان هذا عنده الإعفاء.

أخبرني محمد بن أبي هارون: أن إسحاق حدثهم قال: سألت أحمد عن

الرجل يأخذ من عارضيه؟ قال: يأخذ من اللحية ما فضل عن القبضة. قلت:

فحديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

"أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى"؟ قال: يأخذ من طولها ومن تحت حلقه ورأيت

أبا عبد الله يأخذ من طولها ومن تحت حلقه، وروى ابن هاني مثله في "مسائله "

(2/151/1848) .

قلت: ثم قال الخلال: أخبرني عبيد الله بن حنبل قال: حدثني أبي قال:

قال أبو عبد الله: ويأخذ من عارضيه، ولا يأخذ من الطول، وكان ابن عمر يأخذ

من عارضيه إذا حلق رأسه في حج أو عمرة، لا بأس بذلك.

فأقول: هذا الرواية شاذة؛ إن لم أقل: منكرة عن الإمام أحمد، من ناحيتين:

الأولى: في قول أحمد: "ولا يأخذ من الطول ". فإنه مخالف لرواية حرب

لاسحاق المتقدمتين، ولعل ذلك من عبيد الله بن حنبل؛ فإنه غير معروف بالرواية؛

فإن الخطيب لما ذكره في "التاريخ " (10/347) لم يزد على أن ذكر ما في هذا

الإسناد، فقال:

"حدث عن أبيه، سوى عنه أبو بكر الخلال ".

فمثله لا يحتج به بما تفرد به، فكيف إذا خالف؟!

والأخرى: في قوله في أثر ابن عمر: وكان يأخذ من عارضيه "؛ فإنه مخالف

لزيادة فِي حَدِيثِ ابن عمر في "الصحيحين ":

"خالفوا المشركين، ووفروا اللحى، وأحفوا الشوارب ".

وهو مخرج في "الإرواء" (1/119) ، وزاد البخاري في رواية (5892 - فتح) .:

"وكان ابن عمر إذا حج أو اعتمر؛ قبض على لحيته، فما فضل؛ أخذ".

فهذا هو الصحيح عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وعن أحمد أيضاً. وله عَنْ ابْنِ عُمَرَ طريق

أخرى، رواها ابن أبي شيبة (8/563) ، وابن سعد (4/178) . وله عنده طرق أخرى.

ثم روى الخلال، ومن قبله ابن أبي شيبة عن أبي زرعة بن جرير قال:

"كان أبو هريرة يقبض على لحيته، ثم يأخذ ما فضل عن القبضة".

وإسناده صحيح على شرط مسلم.

قلت: والآثار السلفية بهذا الماس كثيرة؛ حتى قال منصور عن إبراهيم:

" كانوا يأخذون من جوانبها، وينظفونها. يعني: اللحية ".

أخرجه ابن أبي شيبة (8/564) ، والبيهقي في "شعب الإيمان " (5/220/

6438) بإسناد صحيح عن إبراهيم، وهو: ابن يزيد النخعي، وهو تابعي فقيه

جليل، قال الذهبي في "الكاشف ":

كان عجباً في الورع والخير، متوقياً للشهرة، رأساً في العلم، مات سنة

(96) كهلاً ".

قلت: فالظاهر أنه يعني من أدركهم من الصحابة وكبار التابعين وأجلائهم،

كالأسود بن يزيد - وهو خاله - وشريح القاضي، ومسروق وأبي زرعة - وهو الراوي

لأثر أبي هريرة المذكور آنفاً - وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، والآثار في الباب

كثيرة؛ بل إن بعضهم جعل الأخذ من اللحية من تمام تفسير قوله تعالى في

الحُجَّاج: {ثم ليقضوا تفثهم} ، فقال محمد بن كعب القرظي:

"رمي الجمار، وذبح الذبيحة، وأخذ من الشاربين واللحية والأظفار".

أخرجه ابن جرير بسند جيد عنه.

ثم روى عن مجاهد مثله. وسنده صحيح.

ومجاهد، ومحمد بن كعب من أجلة التابعين المكثرين من الرواية عن ترجمان

القرآن عبد الله بن عباس، والآخذين العلم عنه والتفسير، ولعلهما تلقيا منه تفسير

آية الحج هذه؛ فقد قال عطاء: عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ أنه قال في قوله: {ثم ليقضوا

تفئهم} ، قال:

"التفث: حلق الرأس، وأخذ من الشاربين، ونتف الإبط، وحلق العانة، وقص

الأظفار، والأخذ من العارضين، ورمي الجمار، والموقف بعرفة والمزدلفة ".

أخرجه ابن جرير أيضاً، وإسناده صحيح.

ورواه ابن أبي شيبة من طريق أخرى عن عطاء بن أبي رباح قال:

"كانوا يحبون أن يعفوا اللحية؛ إلا في حج أو عمرة. وكان إبراهيم يأخذ من

عارض لحيته ".

وإسناده صحيح أيضاً.

وإذا عرفت ما تقدم من هذه الآثار المخالفة لحديث الترجمة؛ فالعجب كل

العجب من الشيخ التويجري وأمثاله من المتشددين بغير حق، كيف يتجرأون على

مخالفة هذه الآثار السلفية؟! فيذهبون إلى عدم جواز تهذيب اللحية مطلقاً؛ ولو

عند التحلل من الإحرام، ولا حجة لهم تذكر سوى الوقوف عند عموم حديث:

" ... وأعفوا اللحى"، كأنهم عرفوا شيئاً فات أولئك السلف معرفته، وبخاصة

أن فيهم عبد الله ابن عمر الراوي لهذا الحديث؛ كما تقدم، وهم يعلمون أن الراوي

أدرى بمرويه من غيره، وليس هذا من باب العبرة بروايته لا برأيه؛ كما توهم البعض،

فإن هذا فيما إذا كان رأيه مصادماً لروايته، وليس الأمر كذلك هنا كما لا يخفى على

أهل العلم والنهى؛ فإن هؤلاء يعلمون أن العمل بالعمومات التي لم يجر العمل بها

على عمومها هو أصل كل بدعة في الدين، وليس هنا تفصيل القول في ذلك،

فحسبنا أن نذكر بقول العلماء وفي مثل هذا المجال؛ "لو كان خيراً؛ لسبقونا إليه ".

أضف إلى ما تقدم أن من أولئك السلف الأول الذين خالفهم أولئك المتشددون

ابن عباس ترجمان القرآن الذي يحتجون بتفسيره؛ إذا وافق هواهم، بل وجعلوه في

حكم المرفوع؛ ولو لم يصح السند به إليه، كما فعلوا بما روي عنه في تفسير قوله

تعالى: {يدنين عليهن من جلابيبهن} قال: "يبدين عيناً واحدة"  ! ثم تراهم

هنا لا يعبأون بتفسيره لآية (التفث) هذه، مع ثبوته عنه وعن جمع من تلامذته،

وقول ابن الجوزي في "زاد المسير" (5/426 - 427) : بأنه أصح الأقوال في تفسير

الآية. والله المستعان.

ثم رأيت في "الموطأ، (1/353 - 354) : عن مالك: أنه بلغه عن سالم بن

عبد الله؛ كان إذا أراد أن يحرم؛ دعا بـ (الجَلْمَيْن) ، فقص شاربه، وأخذ من لحيته

قبل أن يركب، وقبل أن يهل محرماً ] [43] .

ثم ذكر الشيخ رأي أحدهم الذي إعتبر عمل ابن عمر مخالفا لهدي النبيّ وسنته r ، فرد عليه فقال :

[  قال (ص 14) : "ورخص بعض أهل العلم في أخذ ما زاد على القبضة؛ لفعل ابن عمر". وعلق عليه، فقال:

"الحجة في روايته لا في رأيه؛ ولا شك أن قول الرسول وفعله أحق وأولى بالاتباع من قول غيره أو فعله؛ كائناً ما كان"!

فأقول: نعم؛ لكن نصب المخالفة بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن عمر خطأ؛ لأنه ليس

هناك حديث من فعله أنه كان - صلى الله عليه وسلم - لا يأخذ من لحيته. وقوله:

"وفروا اللحى"؛ يمكن أن يكون على إطلاقه، فلا يكون فعل ابن عمر مخالفاً له، فيعود الخلاف بين العلماء إلى فهم النص. وابن عمر - باعتباره راوياً له - يمكن أن يقال: الراوي أدرى بمرويه من غيره، لا سيما وقد وافقه على الأخذ منها بعض السلف كما تقدم، دون مخالف له منهم فيما علمنا. والله أعلم.

ثم وقفت على أثر هام يؤيد ما تقدم من الأخذ، مروياً عن السلف؛ فروى البيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 263/ 1) : أخبرنا أبو طاهر الفقيه: حدثنا أبو عثمان البصري: حدثنا محمد بن عبد الوهاب: أنبأنا يعلى بن عبيد: حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم قال:

كانوا يأخذون من جوانبها وينظفونها. يعني: الليحة.

قلت: وهذا إسناد جيد؛ من فوق البصري كلهم ثقات من رجال "التهذيب".

وأما أبو عثمان البصري؛ فهو عمرو بن عبد الله؛ كما في ترجمة محمد بن عبد الوهاب - وهو الفراء النيسابوري - من "التهذيب". وقد ذكره الحافظ الذهبي في وفيات سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة، وسمى جده "درهماً المطوعي"، ووصفه بأنه:

"مسند نيسابور" في كتابه "تذكرة الحفاظ" (4/ 847) .

وأما أبو طاهر الفقيه؛ فهو من شيوخ الحاكم المشهورين الذين أكثر عنهم في "المستدرك"، وشاركه في الرواية عنه تلميذه البيهقي؛ واسمه: محمد بن محمد ابن محمش الزيادي، أورده الذهبي في "التذكرة" أيضاً في وفيات سنة عشر وأربع مئة، ووصفه بأنه:

"مسند نيسابور العلامة". وله ترجمة في "طبقات الشافعية" للسبكي (3/ 82) ] [44] .

فإذا كان الشيخ الألباني ، رحمه الله ، قد أخطأ في تصحيح كل هذه الآثار عن السلف ، رحمهم الله تعالى ، فمعنى ذلك عندهم ؛ أنه ليس فقط ليس بمحدث العصر ، بل ليس بمحدث أصلاً ، فلا يجوز أن يقال له محدث ، وهو ليس بخطأ واحد ولا إثنين ولا ثلاثة ، بل هو خطأ على طول الخط ! !

 

 

إختلاف العلماء في حلق اللحية

إختلف العلماء في حلق اللحية على ثلاثة آراء :

1 – التحريم :

[ نص كثير من الفقهاء على تحريم حلق اللحية مستدلين بأمر الرسول بإعفائها ، والأصل في الأمر الوجوب ، وخاصة أنه علل بمخالفة الكفار ومخالفتهم واجبة .

ولم ينقل أحد من السلف أنه ترك هذا الواجب قط ] [45] .

وقال الذين يوجبون اللحية :

[  إن توفيرها مأمور به والأصل في الأمر أن يكون للوجوب إلا لصارف يصرفه عنه ولا يوجد هذا الصارف كما أن مخالفة المشركين واجبة ، والنتيجة ان توفير اللحية أي إعفاءها واجبة ، ومما رتبوه على القول بوجوب إعفاء اللحية ما نقله ابن قدامة في المغني : أن الدية تجب في شعر اللحية عند أحمد بن حنبل ، وأبي حنيفة والثوري ، وقال الشافعي في ذلك : فيه حكومة عدل ] [46] .

وقبل أن نمضي في عرض الآراء وأدلتها نود ان نناقش بعض ما ورد آنفا :

أ – ليس كل أمر يفيد الوجوب  فـ[ صيغة الامر ترد لمعانٍ كثيرة منها الوجوب والندب والاباحة والتهديد والارشاد والتأديب والتعجيز والدعاء وغير ذلك من المعاني ]  .

[  الوجوب – مثل قوله تعالى ( أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول ) .

الندب – مثل قوله تعالى ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ) .

الاباحة – مثل قوله تعالى ( وإذا حللتم فاصطادوا ) .

التهديد – مثل قوله تعالى ( إعملوا ما شئتم ) .

الارشاد – مثل قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدَين إلى أجل مسمى فاكتبوه ) .

التأديب – مثل قوله عليه السلام لعبد الله بن عباس وكان صغيرا ( كل مما يليك ) .

التعجيز – مثل قوله تعالى ( فأتوا بسورة من مثله ) .

الدعاء – مثل قوله تعالى ( ربي اغفر لي ولوالدي ) .

الإمتنان – مثل قوله تعالى ( كلوا مما رزقكم الله ) .

الإكرام – مثل قوله تعالى ( أدخلوها بسلام ) .

الإهانة – مثل قوله تعالى ( ذق إنك أنت العزيز ) ] [47] .

[ ولورود صيغة الأمر في هذه المعاني الكثيرة ، حصل الاختلاف فيما أريد بالأمر من معنى على وجه الحقيقة ، وبتعبير آخر اختلف العلماء في المعنى الذي وضعت له صيغة الأمر عند تجردها عن القرائن الدالة على المعنى المراد . والاتفاق حاصل على أن صيغة الأمر ليست حقيقة في جميع هذه المعاني ، فهي مجاز في غير الوجوب والندب والاباحة . فالاختلاف إذن في هذه المعاني الثلاثة  بمعنى هل الأمر وضع في الأصل للدلالة على هذه المعاني الثلاثة أو على بعضها أو على واحد منها بعينه ؟

قال بعض العلماء ان الأمر مشترك بين هذه المعاني الثلاثة بالاشتراك اللفظي فلا يتبين المعنى المراد إلا بمرجح كما هو الشأن في اللفظ المشترك .

وقال آخرون الأمر مشترك بين الإيجاب والندب فقط اشتراكا لفظيا ولابد من مرجح لتعيين واحد منهما .

وقال آخرون ، ومنهم الغزالي ، لا ندري أهو حقيقة في الوجوب فقط أو في الندب فقط أو فيهما معا بالاشتراك ، فلا حكم للأمر عند هؤلاء أصلا بدون القرينة إلا التوقف حتى يتجلى المطلوب بالأمر لأنه من قبيل المجمل لازدحام المعاني فيه .

أما عامة العلماء ، فقالوا ، ان الأمر حقيقة في واحد من هذه المعاني عينا من غير اشتراك ولا إجمال ، بمعنى ان الأمر وضع في الأصل للدلالة على معنى واحد من هذه المعاني الثلاثة ، فدلالته على هذا المعنى دلالة حقيقية مستمدة من أصل الوضع ، وفيما عدا هذا المعنى الواحد مجاز . واختلف هؤلاء في هذا المعنى الواحد المراد . فقال بعض أصحاب مالك انه الإباحة لأنه لطلب وجود الفعل وأدناه المتيقنة إباحته .وقال جمع – وهو أحد قولي الشافعي – إنه الندب ، لان الأمر وضع لطلب الفعل فلابد من رجحان جانبه على جانب الترك وأدناه الندب لاستواء الطرفين في الاباحة فلا يصار إليها .

وقال الجمهور انه الوجوب . أي ان الامر المطلق وضع للدلالة على الوجوب ، فهو حقيقة فيه مجاز في غيره ، فلا يصار إلى غير الوجوب إلا بقرينة ، فإن كانت القرينة تدل على الندب كان موجب الأمر ومقتضاه الندب . وإن كانت القرينة دالة على الاباحة كان موجب الأمر الاباحة وهكذا . وهذا القول هو الصحيح . وعلى أساسه يجب أن تفهم النصوص وتستنبط الأحكام ] [48]  .

ب – هنا [ الامر لا يدل على الوجوب جزما ، وإن علل بمخالفة الكفار ، وأقرب المثل على ذلك هو الأمر بصبغ الشيب مخالفة لليهود والنصارى . فإن بعض الصحابة لم يصبغوا ، ودل هذا على أن الأمر للإستحباب ] [49] .

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه :

 قال النبي صلى الله عليه و سلم ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم ) [50] .

ومع هذا الأمر الصريح ، والذي يشبه حديث الأمر باعفاء اللحية ، لم يصبغ بعض كبار الصحابة وجمع من السلف الصالح ، لا لأنهم خالفوا النبيّ t كما يدّعي ويتهمهم بعض من لايستحي ! بل لأنهم لم يفهموا الوجوب من ذلك الأمر ، بل فهموا منه الاستحباب !

[ كَانَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يُغَيِّرُ شَيْبَهُ.

40325 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَا: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: رَأَيْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ، وَرَأَيْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ لَا يُغَيِّرُ الشَّيْبَ، وَكَانَ نَقِيَّ الْبَشَرَةِ، نَاصِعَ بَيَاضِ الشَّيْبِ، حَسَنَ اللِّحْيَةِ، لَا يَأْخُذُ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدَعَهَا تَطُولُ.

40326 - قَالَ يَحْيَى: وَرَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ كِنَانَةَ [51] ، وَمُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ نَافِعٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ وَهْبٍ، وَأَشْهَبَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا يُغَيِّرُونَ الشَّيْبَ، قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ شَيْبُ ابْنِ وَهْبٍ، وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَشْهَبَ بِالْكَثِيرِ.

40327 - أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ ; أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بِمَكَّةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بِشْرٍ ; مُحَمَّدُ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ الدُّولَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ بِكَارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمَاجِشُونِ، قَالَ: قَالَ بَعْضُ وُلَاةِ الْمَدِينَةِ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ: أَلَا تَخْضِبُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ: لَمْ يَبْقَ عَلَيْكَ مِنَ الْعَدْلِ إِلَّا أَنْ أَخْضِبَ !.

40328 - وَحَدَّثَنِي خَلَفٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَاسِمٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بِشْرٍ الدُّولَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: رَأَيْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ لَا يَخْضِبُ، فَسَأَلَتْهُ عَنْ تَرْكِهِ الْخِضَابَ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عَلِيًّا كَانَ لَا يَخْضِبُ.

40329 - وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَابْنُ أَبِي نَجِيحٍ لَا يَخْضِبُونَ، وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالسَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، لَا يَخْضِبُونَ، كُلُّهُمْ أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ  ] [52] .

ج – أما أنه لم ينقل عن أحد من السلف حلق اللحية . فصحيح [ ولعل ذلك لأنه لم تكن بهم حاجة لحلقها  ، وهي عادتهم ] [53] .

فللعرف والعادة وقعها وحكمها ، و [ العرف والعادة في الاصطلاح : لفظان مترادفان على معنى واحد ، فالعرف : ما استقرت النفوس عليه ، بشهادة العقول ، وتلقته الطبائع بالقبول ، والعادة : ما استمر الناس عليه على حكم العقول ، وعادوا إليه مرة بعد أخرى ، وإلى هذا ذهب الجرجاني ، وابن عابدين ، وعلي حيدر ( شارح مجلة الأحكام العدلية )   . . . ]

        و[ يمكن أن نعرِّف العرف الذي نبحث في اعتباره دليلاً من أدلة الأحكام الشرعية بأنه : ما اعتاده جمهور الناس ، وألفوه من فعل شاع بينهم ، أو لفظ استقروا على إطلاقه على معنى خاص ، بحيث لا يتبادر عند سماعه غيرُه ] [54] .

[  وفي هذا يقول ابن عابدين : (( كثير من الاحكام تختلف باختلاف الزمان ؛ لتغير عرف أهله ، أو لحدوث ضرورة ، أو لفساد أهل الزمان )) ] [55] .

والعرف والعادة تتغير بتغير الزمان والمكان [  فبعض البلاد إذا جلس الرجل في مجالس الرجال فمد رجليه سقطت مروءته، وبعضها لا يكون كذلك، فنرجع إلى المروءة في نفس البلد ] .

و[  إذا كان أهل البلد قد جرت عادتهم بتغطية الرأس فمشى في تلك البلد حاسر الرأس عُد ذلك في تلك البلد مُسقطاً لمروءته، لا في البلد الأخرى التي يُشتهر فيها حسر الرأس ] .

و[  قد تكون في بلدك لا تأكل أبداً في الشارع لكن عندما يأتي الإنسان إلى مكة يجد الناس يأكلون مثلاً في الشارع عند المطاعم أو نحوها فيأكل معهم، فهذا لا يُنقص مروءتهم؛ لأن هذا يختلف كما ذكرت لكم باختلاف البلدان ] [56] .

[  فاستعمال المروءة : هو فعل ما يجملّه ويزينه واجتناب ما يدنسه ويشينه " وهذا ليس مرجعه - في الغالب - إلى الشرع وإنما مرجعه الى العادة .

فكون الرجل يخرج وهو حاسر الرأس فليس معيباً في كثير من البلاد الاسلامية الآن لكن في هذه البلاد فقد كان معيباً ، وأما الآن فليس معيباً بتلك الدرجة... بينما كانوا في زمن قديم يستعيبون أن يخرج الرجل بلا مشُلح ] [57] .

قد يقول قائل : ولكن النبيّ r قد نص على اللحية . فنقول : ليس النبيّ r فقط ، بل قد ينص القرآن الكريم – وهو الدستور الخالد إلى يوم القيامة – لفظاً ، لا يقصد منه البقاء ، بل كان متداولاً حين نزول القرآن الكريم ، وذلك – على سبيل المثال – لفظ : الجلباب – وهو ﺛﻮب ﺧﺎرجي إضافي كاﻟﻌﺒﺎءة أو اﻟﻤﻼءة وﻧﺤﻮها – وكلفظ : الخيل .

قال تعالى : (  يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا  ) [58] .

وقال تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ  ) [59] .

فـ[  اﻟﺠﻠﺒﺎب ﻟﻴﺲ ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ ذاﺗﻪ، وﻟﻜﻦ اﻟﻤﻬﻢ هو اﻟﻠﺒﺎس اﻟﺴﺎﺑﻎ اﻟﺴﺎﺗﺮ، ﻟﻜﻞ ﻣﺎ أﻣﺮ ﷲ ﺑﺴﺘﺮﻩ، أيّاً كان اﺳﻤﻪ أو ﺷﻜﻠﻪ، ﻓﻬﺬﻩ وﺳﻴﻠﺔ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼف اﻟﺒﻴﺌﺎت واﻷزﻣﺎن ] .

[  إن اﻟﻘﺮﺁن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻗﺪ ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ، ﻷﻧﻬﺎ هي اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ واﻟﻤﻌﻤﻮل ﺑﻬﺎ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻧﺰوﻟﻪ، ﻻ ﻟﻴﺘﻌﺒّﺪﻧﺎ ﺑﺎﺗﺨﺎذها أﺑﺪ اﻟﺪهر، ﻓﺈذا وﺟﺪ ﻣﺎ هو ﻣﺜﻠﻬﺎ أو ﺧﻴﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻼ ﺣﺮج ﻓﻲ ﺗﺮكها واﺗﺨﺎذﻩ، وﻳﻜﻔﻲ أن أﺿﺮب ﻣﺜﻼً ﻗﻮل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ: (( وأﻋﺪّوا ﻟﻬﻢ ﻣﺎ اﺳﺘﻄﻌﺘﻢ ﻣﻦ ﻗﻮّةٍ وﻣﻦ رﺑﺎطٍ اﻟﺨﻴﻞ ﺗﺮهبون ﺑﻪ ﻋﺪوّ ﷲ وﻋﺪوّكم )) (اﻷﻧﻔﺎل :60 )، ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻧﺺ ﻋﻠﻰ رﺑﺎط اﻟﺨﻴﻞ ﻷﻧﻪ إﺣﺪى اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻘﻮﻳﺔ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ، وﻻ ﺣﺮج ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ، وﻗﺒﻞ ﻋﺼﺮﻧﺎ، إذا ﻣﺎ أﻋﺪوا ﺑﺪل رﺑﺎط اﻟﺨﻴﻞ، رﺑﺎط اﻟﺪﺑﺎﺑﺎت واﻟﻤﺪرﻋﺎت وﻏﻴﺮها، ﻣﺎ داﻣﺖ ﺗﺤﻘﻖ اﻟﻬﺪف اﻟﺬي أوﻣﺄت إﻟﻴﻪ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﺮﻳﻤﺔ، وهو إرهاب أﻋﺪاء ﷲ وأﻋﺪاء اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ.

وﻣﺜﻞ هذا ﻳﻘﺎل ﻓﻲ ﻟﺒﺲ اﻟﺠﻠﺒﺎب ﻓﻴﻤﻜﻦ أن ﻳﺴﺘﺒﺪل ﺑﻪ أي ﻟﺒﺎس ﺁﺧﺮ ﻣﺎ دام ﻳﺤﻘﻖ اﻟﻬﺪف اﻟﺬي أﺷﺎرت إﻟﻴﻪ اﻵﻳﺔ كذﻟﻚ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ:

(( ذﻟﻚ أدﻧﻰ أن ﻳﻌﺮﻓﻦ ﻓﻼ ﻳﺆذﻳﻦ )) (اﻷﺣﺰاب : 59 ).

وإذا كان ﻣﺜﻞ هذا وﻗﻊ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺁن اﻟﺬي ﻃﺎﺑﻌﻪ اﻟﺸﻤﻮل واﻟﺨﻠﻮد، ﻓﺈن وﻗﻮع أﻣﺜﺎﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ أكثر وأكثر، ﻷن ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ هو ﺗﺸﺮﻳﻌﻲ، وﻣﺎ هو ﻏﻴﺮ ﺗﺸﺮﻳﻌﻲ، وﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ هو ﺗﺸﺮﻳﻊ ﺧﺎص، وﻣﺎ هو ﺗﺸﺮﻳﻊ ﻋﺎم، وﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ هو ﺛﺎﺑﺖ داﺋﻢ، وﻣﺎ هو ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﺘﻐﻴﺮ ﺑﺘﻐﻴﺮ ﻣﻮﺟﺒﺎﺗﻪ وأﺳﺒﺎﺑﻪ ] [60] .

 

2 – الكراهة :

أ – [ الخطابي من الشافعية قال : (( كُرِهَ لَنَا قَصُّهَا كَفِعْلِ الْأَعَاجِمِ )) ] [61] .

ب – [ أبو طالب المكي في (( قوت القلوب )) والغزالي اللذان ذكرا عشر خصال في اللحية ، فكرها منها نتفها في أول طلوعها ، وتخفيفها بالموس إيثاراً للمرودة واستصحاباً للصبا وحسن الوجه ] [62] .

ج – [ القاضي عياض قال : (( يكره حلق اللحية وقصها وتحذيفها ، وأما الأخذ من طولها وعرضها إذا عظمت فحسن ، بل تكره الشهرة في تعظيمها كما يكره في تقصيرها )) ] [63] .

د – عن عطاء قال : (( وكره آخرون التعرض لها إلاّ في حج أو عمرة )) [64] .

هـ - ما قاله الطبري عن قوم ذهبوا إلى ظاهر الحديث فكرهوا تناول شيء من اللحية ومن طولها ومن عرضها [65] .

و – الدكتور يوسف القرضاوي قال – بعد أن استعرض مذاهب الفقهاء والعلماء التي تتردد بين القول بالتحريم والكراهية والإباحة : (( ولعل أوسطها وأقربها وأعدلها هو الذي يقول بالكراهة . . . )) [66] .

وفي الأصول : الكراهة تزول بأدنى حاجة .

قال الإمام ابن حزم ، رحمه الله : [  والكراهة نهي بتخيير في الفعل إلا أن على تركه ثوابا وليس في فعله أجر ولا إثم وذلك نحو ترك كل تطوع . . . ] [67] .

        وقد قال رسول الله r : ((  مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ، وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ )) [68] .

 

 

 

 

 

 

 



[1] صحيح البخاري ، كتاب اللباس ، باب تقليم الأظفار ، حديث : 5553 ، ( 5 / 2209 ) .

[2] صحيح مسلم ، كتاب الطهارة ، باب خصال الفطرة ،حديث : 53 ، ( 1 / 222 ) .

[3] اللمع في أسباب ورود الحديث : عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ)، بإشراف: مكتب البحوث والدراسات في دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة: الأولى، 1416 هـ / 1996 م ( 1 / 79 ) .

[4] مصنف إبن أبي شيبة ط السلفية  ( 8 / 379 ) .

[5] صحيح البخاري ، كتاب اللباس ، باب تقليم الأظفار  ، حديث : 5553 ، ( 5 / 2209 ) .

[6] اختصار علوم الحديث : أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)، المحقق: أحمد محمد شاكر : دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة: الثانية ) ( 1 / 33 – 34 ) .

[7]فتح الباري شرح صحيح البخاري : أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي : دار المعرفة - بيروت، 1379، رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي، قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه: محب الدين الخطيب، عليه تعليقات العلامة: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ) ( 10 / 350 ) .

[8] معرفة الصحابة : أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني (المتوفى: 430هـ) ، تحقيق: عادل بن يوسف العزازي : دار الوطن للنشر، الرياض ، الطبعة الأولى 1419 هـ - 1998 م ) ( 3 / 1707 – 1709 ) .

[9] الطبقات الكبرى : أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع الهاشمي بالولاء، البصري، البغدادي المعروف بابن سعد (المتوفى: 230هـ) ، تحقيق: محمد عبد القادر عطا : دار الكتب العلمية – بيروت ، الطبعة الأولى، 1410 هـ - 1990 م ) ( 4 / 105 – 110 ) .

[10] نفس المصدر السابق .

[11] نفسه .

[12] فتاوى الشيخ الألباني – عكاشة عبد المنان ص 127- 128 ( الشريط العشرون بعد المائة السادسة ) .

[13] معرفة الصحابة للأصبهاني - تحقيق: عادل بن يوسف العزازي  ( 3 / 1707 – 1709 ) .

[14] الطبقات الكبيرلابن سعد ( 1 / 377 ) .

[15] المصدر السابق .

[16] مُصنف ابن أبي شيبة : أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي الكوفي (159 ـ 235 هـ)، تحقيق : محمد عوامة.   ( 8 / 374 – 376 ) .

[17] روى عن العبادلة وغيرهم . كان ثقة فقيها عالما كثير الحديث ، من أئمة الأمصار وأجلاء الفقهاء . مات بمكة سنة 114 وقيل غيره . ( تهذيب التهذيب ج 7 ص 199 وطبقات الفقهاء للشيرازي ص 69 ومشاهير علماء الأمصار ص 81 وخلاصة تهذيب التهذيب الكمال ص 226 ) .

[18] أبو عبد الرحمن طاووس بن كَيْسان اليماني ، سمع زيد بن ثابت وعائشة وأبا هريرة وابن عباس وطائفة . كان رأساً في العلم والعمل . وكان شيخ أهل اليمن وبركتهم ومفتيهم له جلالة عظيمة ، وكان كثير الحج . مات بمكة . ( تذكرة الحفاظ ج 1 ص 90 وتهذيب التهذيب ج 5 ص 8 )

[19] الحسن البصري ابن يسار ، مولى الأنصار . سيّد التابعين في زمانه بالبصرة ، رأى عليّاً وطلحة وعائشة . قال ابن سعد : كان جامعا عالما رفيعا فقيها ثقة مأمونا عابدا ناسكا كثير العلم فصيحا جميلا وسيما . مات سنة 110 هـ . ( تهذيب التهذيب ج 2 ص 263 وميزان الإعتدال ج 1 ص 527 وتذكرة الحفاظ ج 1 ص 71 ومشاهير علملء الأمصار ص 88 ووفيات الأعيان ج 2 ص 69 وطبقات ابن سعد ( دار صادر ) ج 7 ص 156 ) .

[20] القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، أبو محمد ، روى عن أبيه وعمته عائشة والعبادلة ، قال ابن عيينة : كان القاسم أفضل أهل زمانه . توفي سنة 101 وقيل غيره . ( طبقات الفقهاء للشيرازي ص 59 وتهذيب التهذيب ج 8 ص 333 وتذكرة الحفاظ ج 1 ص 96 رقم 88 ) .

[21] محمد بن سيرين الأنصاري ، أبو بكر بن أبي عمرة ، البصري ، ثقة ثبت عابد ، كبير القدر ، مولى أنس بن مالك ، مات سنة 110 هـ ) .

[22] إبراهيم" بن يزيد بن قيس بن الأسود بن عمرو بن ربيعة بن ذهل النخعي ، أبو عمران الكوفي الفقيه . . . قال العجلي: "رأى عائشة رؤيا وكان مفتي أهل الكوفة وكان رجلا صالحا فقيها متوقيا قليل التكلف ومات وهو مختف من الحجاج", وقال الأعمش: "كان إبراهيم خيرا في الحديث" وقال الشعبي: "ما ترك أحدا أعلم منه" وقال ابن معين: "مراسيل إبراهيم أحب إلي من مراسيل الشعبي . ( تهذيب التهذيب ج 1 ص 177 ) .

[23] أنظر في كل ذلك : مُصنف ابن أبي شيبة : أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي الكوفي (159 ـ 235 هـ)، تحقيق : محمد عوامة.   ( 8 / 374 – 376 ) .

[24] الجَلْم: مصدر جَلَم الجزور يجلمها جَلْمًا، إذا أخذ ما على عظامها من اللَّحْم, ويقال: أخذ جلمة الجزور، أي أخذ لحمها أجمع, ويقال: قد أخذ الشيء بجلمته بإسكان اللام، إذا أخذه أجمع, وقد جَلَم صوف الشاة، إذا جزَّه, والجَلَمُ: الذي يُجزُّ به . (إصلاح المنطق : ابن السكيت، أبو يوسف يعقوب بن إسحاق (المتوفى: 244هـ) ، المحقق: محمد مرعب : دار إحياء التراث العربي ، الطبعة: الأولى 1423 هـ , 2002 م ( 1 م 50 ) . جلم الصوف جزه القاموس 1407 .هامش (فقه اللغة وسر العربية : عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

المحقق: عبد الرزاق المهدي ، الناشر: إحياء التراث العربي ، الطبعة: الطبعة الأولى 1422هـ - 2002م ) ( 1 م 56 ) .

[25] شرح صحيح البخارى لابن بطال : ابن بطال أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك (المتوفى: 449هـ) ، تحقيق: أبو تميم ياسر بن إبراهيم

دار النشر: مكتبة الرشد - السعودية، الرياض ، الطبعة: الثانية، 1423هـ - 2003م ( 9 / 146 – 147 ) .

[26] مجاهد بن جبر المكي ، أبو الحجاج المخزومي مولاهم .روى عن علي وسعد بن ابي وقاص والعبادلة الأربعة وغيرهم . روى عنه أيوب وعطاء وعكرمة وآخرون . قال مجاهد : (( قرأت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات ، أقف عند كل آية ، أسأله فيم نزلت ، وكيف كانت ؟ . . وهو مكي تابعي ثقة . مات سنة 101 هـ وقيل غيره بمكة وهو ساجد . ( تهذيب التهذيب ج 10 ص 42 وتقريب التهذيب ج 2 ص 229 ومشاهير علماء الأمصار ص 82 ) .

[27] قال بن المسيب كان عبد الله أشبه ولد عمر به وكان سالم أشبه ولد عبد الله به وقال مالك لم يكن أحد في زمان سالم بن عبد الله أشبه من مضى من الصالحين في الزهد والفضل والعيش منه وقال الأصمعي عن ابن أبي الزناد كان أهل المدينة يكرهون اتخاذ أمهات الأولاد حتى نشأ فيهم القراء السادة علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله ففاقوا أهل المدينة علما وتقي وعبادة وورعا فرغب الناس حينئذ في السراري وقال علي بن الحسن العسقلاني عن ابن المبارك كان فقهاء أهل المدينة سبعة فذكره فيهم قال وكانوا إذا جاءتهم المسألة دخلوا فيها جميعا فنظروا فيها ولا يقضي القاضي حتى يرفع إليهم فينظرون فيها فيصدرون وقال مالك كان ابن عمر يخرج إلى السوق فيشتري وكان سالم دهره يشتري في الأسواق وكان من أفضل زمانه وقال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه أصح الأسانيد الزهري عن سالم عن أبيه =   =( تهذيب التهذيب – ابن حجر العسقلاني ( 30 / 437 ) . وهذا دليل على جواز الأخذ من اللحية في غير وقت الحج ، إضافة إلى ما فعله جده عمر بن الخطاب t بذلك الرجل الذي كان يشبه سبع من السباع ، وكان في غير وقت الحج .

[28] أنظر في أقواله تلك : الاستذكار : أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى: 463هـ) ، تحقيق: سالم محمد عطا، محمد علي معوض الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت ، الطبعة الأولى، 1421 – 2000 ( 4 / 317 – 318 ) .

[29] أنظر في كل تلك الأقوال : فتح الباري شرح صحيح البخاري : أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي : دار المعرفة - بيروت، 1379 ، رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي ، قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه: محب الدين الخطيب ، عليه تعليقات العلامة: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ( 10 / 350 – 351 ) .

[30] شعب الإيمان : أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر البيهقي (المتوفى: 458هـ) ، حققه وراجع نصوصه وخرج أحاديثه: الدكتور عبد العلي عبد الحميد حامد ، أشرف على تحقيقه وتخريج أحاديثه: مختار أحمد الندوي، صاحب الدار السلفية ببومباي – الهند ، الناشر: مكتبة الرشد للنشر والتوزيع بالرياض بالتعاون مع الدار السلفية ببومباي بالهند ، الطبعة: الأولى، 1423 هـ - 2003 م ( 8 / 411 – 414 ) .

[31] شرح صحيح البخارى لابن بطال : ابن بطال أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك (المتوفى: 449هـ) ، تحقيق: أبو تميم ياسر بن إبراهيم : مكتبة الرشد - السعودية، الرياض ، الطبعة الثانية، 1423هـ - 2003م ( 9 / 146 – 147 ) .

[32] معرفة أنواع علوم الحديث : عثمان بن عبد الرحمن، أبوعمرو، تقي الدين المعروف بابن الصلاح (المتوفى: 643هـ) ، المحقق: عبد اللطيف الهميم - ماهر ياسين الفحل : دار الكتب العلمية ، الطبعة الأولى : 1423 هـ / 2002 م ( 1 / 201 ) .

[33] الباعث الحثيث إلى إختصار علوم الحديث ، ص 78 .

[34] هامش المصدر السابق .

[35] تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي : أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي الخطيب البغدادي (المتوفى: 463هـ) : دار الكتب العلمية – بيروت ، دراسة وتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا ، الطبعة الأولى، 1417 هـ ) ( 5 / 396 ) .

[36] هامش المصدر السابق للمحقق .

[37] الموضوعات : جمال الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ) ، ضبط وتقديم وتحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان ، الناشر: محمد عبد المحسن صاحب المكتبة السلفية بالمدينة المنورة ، الطبعةالأولى ، جـ 1، 2: 1386 هـ - 1966 م ، جـ 3: 1388 هـ - 1968 م ) ( 3 / 52 ) .

[38] هامش كتاب الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة : محمد بن علي بن محمد الشوكاني (المتوفى: 1250هـ)  ، المحقق: عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني : دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان  ( 1 / 198 ) .

[39] الباعث الحثيث ، ص 78 .

[40] فيض القدير شرح الجامع الصغير : زين الدين محمد المدعو بعبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري (المتوفى: 1031هـ) ، الناشر: المكتبة التجارية الكبرى – مصر ، الطبعة الأولى، 1356 ( 1 / 198 ) .

[41] سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة : أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم، الأشقودري الألباني (المتوفى: 1420هـ) : دار المعارف، الرياض - الممكلة العربية السعودية ، الطبعة الأولى، 1412 هـ / 1992 م )            ( 5 / 5 ) .

[42] سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 5 / 375 – 380 ) .

[43] سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 13 / 439 – 443 ) .

[44] سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 11 / 785 – 787 ) .

[45] الحلال والحرام في الإسلام – دكتور يوسف القرضاوي – ص 86

[46] بيان للناس من الأزهر الشريف ، عن : الاختلافات الفقهية لدى الاتجاهات الاسلامية المعاصرة – محمد عبدالطيف محمود – ص 340 .

[47] الوجيز في أصول الفقه – الدكتور عبد الكريم زيدان – ص 242 .

[48] المصدر السابق – ص 242 – 244 .

[49] الحلال والحرام – القرضاوي – ص 86 – 87 .

[50]  متفق عليه : صحيح البخاري - كتاب اللباس - باب الخضاب – حديث : 5559 ، ( 5 / 2210 ) . وصحيح مسلم - كتاب اللِّبَاسِ وَالزِّينَةِ - بَابٌ فِي مُخَالَفَةِ الْيَهُودِ فِي الصَّبْغِ . حديث : 80 ، ( 3 / 1663) .

[51] عثمان بن كِنانة الفقيه، أبو عَمْرو المدنيُّ، (الوفاة: 181 - 190 هـ) ، مولى آل عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قال يحيى بن بُكَير: لم يكن في حلْقة مالك أضبط ولا أدرس من ابن كِنانة، وكان ممّن يخصّه مالك بالإذن عند اجتماع النّاس عليه على بابه.  وقال ابن عبد البر: كان من الفقهاء، وليس له في الحديث ذِكْر. (تاريخ الإسلام وَوَفيات المشاهير وَالأعلام : شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ) ، المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف : دار الغرب الإسلامي الطبعة الأولى، 2003 م ( 4 / 923 ) ) .

[52] الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار وشرح ذلك كله بالإيجاز والإختصار. : أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري القرطبي 368هـ - 463هـ ، تحقيق: عبدالمعطي امين قلعجي : دار قتيبة - دمشق | دار الوعي – حلب الطبعة: الأولى 1414هـ - 1993م ) ( 27 / 85 فما بعده) .

[53] الحلال والحرام ، ص 87 .

[54] أصول الأحكام وطرق الاستنباط في التشريع الاسلامي – الاستاذ الدكتور حمد عبيد الكبيسي – ص 156

[55] نفس المصدر السابق ، ص 164 .

[56] دروس الشيخ حمد الحمد : حمد بن عبد الله بن عبد العزيز الحمد، مصدر الكتاب: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية (            http://www.islamweb.net   9 / 38 ) .

 

[57] علماء المملكة  32 / 6

[58] سورة الأحزاب : 59 .

[59] سورة الأنفال : 60 .

[60] الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف – الدكتور يوسف القرضاوي ، ص 122 وما بعدها.

[61] المجموع شرح المهذب للنووي  1 / 342 ( عن الإختلافات الفقهية . . .    ص 336 ) .

[62] السابق جـ 1 ص 343 – 344 ، وذكر هذا النووي في شرح صحيح مسلم ، جـ 2 ص 152 ، والحافظ ابن حجر في فتح الباري ، جـ 11 ص 543 ، وفي نيل الأوطار ، جـ 1 ص 150 ( عن الاختلافات الفقهية . . .  ص 336 ) .

[63] فتح الباري ، جـ 11 ص 542 ، وانظر : صحيح مسلم بشرح النووي ، جـ 2 ص 153 ( عن الاختلافات الفقهية . . . ص 337 ) .

[64] انظر السابق ، جـ 1 ص 524 ( عن المصدر السابق ص 337 ) .

[65] أنظر : فتح الباري ، جـ 11 ص 542 ( عن نفس المصدر السابق ص 337 ) .

[66] الحلال والحرام في الإسلام : د يوسف القرضاوي ، ص 82 ، عن ( الاختلافات الفقهية ص 337 ) .

[67] الإحكام في أصول الأحكام : أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري (المتوفى: 456هـ) : دار الحديث – القاهرة، الطبعة الأولى، 1404 ( 1 / 44 ) .

[68] صحيح مسلم ، كتاب الْفَضَائِلِ ، بَابُ تَوْقِيرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَرْكِ إِكْثَارِ سُؤَالِهِ عَمَّا لَا ضَرُورَةَ إِلَيْهِ، أَوْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَكْلِيفٌ وَمَا لَا يَقَعُ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ، حديث : 130 ، ( 4 / 1830 ).